إعـــــــلان

تقليص
1 من 4 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 4 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 4 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
4 من 4 < >

تم مراقبة منبر المسائل المنهجية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

تعلم إدارة شبكة الإمام الآجري جميع الأعضاء الكرام أنه قد تمت مراقبة منبر المسائل المنهجية - أي أن المواضيع الخاصة بهذا المنبر لن تظهر إلا بعد موافقة الإدارة عليها - بخلاف بقية المنابر ، وهذا حتى إشعار آخر .

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

عن إدارة شبكة الإمام الآجري
15 رمضان 1432 هـ
شاهد أكثر
شاهد أقل

تلخيص جهود شيخنا الإمام ربيع بن هادي -حفظه الله- السلفية في إبطال قواعد علي الحلبي البدعية للشيخ أبي عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمات المصري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] تلخيص جهود شيخنا الإمام ربيع بن هادي -حفظه الله- السلفية في إبطال قواعد علي الحلبي البدعية للشيخ أبي عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمات المصري

    تلخيص جهود شيخنا الإمام ربيع بن هادي -حفظه الله- السلفية

    في إبطال قواعد علي الحلبي البدعية

    للشيخ أبي عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمات المصري



    إن الْحَمد لله نَحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن مُحمَّدًا عبده ورسوله.

    ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]

    ﴿يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].

    ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70-71].

    أما بعد: فإن خير الحديث كلام الله وأحسن الهدي هدي محمد؛ وشر الأمور محدثاتُها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    وبعد، فهذا تلخيص لأهم جهود شيخنا الإمام ربيع بن هادي -حفظه الله- السلفية في إبطال أصول علي الحلبي البدعية.

    فأقول: لقد دامت نصائح شيخنا الإمام ربيع -حفظه الله- لعلي الحلبي حوالي عشر سنوات، كما أخبرنا بهذا شيخنا، وصبر الشيخ عليه وعلى كيده ومكره السيئ طوال هذه السنوات، لعلَّه أن يراجع المنهج الحق، لكن للأسف لم يزدد الحلبي إلا كبرًا وعنادًا.

    ومنه يدرك الفطن أن الحلبي يتبع هواه، ويرفض الإصلاح، ويزداد يومًا بعد يوم تشبثًا بطرق أهل الفساد والعناد والصد عن سبيل الله.

    واعلم -رحمك الله- أن علي الحلبي حلقة في سلسلة، يشد بعضهم بعضًا في التأصيلات الباطلة، وهذه السلسلة تشمل: عبدالرحمن عبدالخالق المصري، وأبا الحسن مصطفى بن إسماعيل المصري المأربي، وعدنان عرعور، والمغراوي المغربي.

    وقد لخص شيخنا -حفظه الله- في مقاله الماتع: "بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال.. رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي" (الحلقة الأولى) أبرز تأصيلاتهم الباطلة، والتي توالوا عليها ينصر بعضهم بعضًا {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}، فقال -حفظه الله: "ومن أصول هؤلاء الذين يلبسون لباس السلفية لحرب أهل السنة ومنهجهم:

    1- "نصحح ولا نجرح"، يوهمون الناس أنهم أهل ورع وإنصاف وهم بهذا الأصل مخالفون لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح القائم على كتاب الله وسنة رسوله ومناهضون لأهل الحديث والسنة وأصولهم في الجرح والتعديل من فجر تأريخهم إلى يومنا هذا والذين شحنت مؤلفاتهم في الجرح والتعديل وكتب الجرح الخاصة بالجرح لأهل البدع وغيرهم من الكذابين والمتهمين.

    ومناهضون لدواوين أهل السنة في نقد أهل البدع وبيان عقائدهم من جهمية ومعتزلة وخوارج ومرجئة وصوفية وغيرهم ينقدون ويجرحون طوائفهم وأعيان كثير منهم خاصة دعاتهم .

    2- ومن أصولهم: "المنهج الواسع الأفيح"، وهو كذلك مناهض لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح.

    ومخالف لتحذير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل الأهواء وحكمه على المحدثات بأنها شر الأمور.

    ومخالف لقوله -صلى الله عليه وسلم- :" "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ من قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حتى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قال فَمَنْ"([1]).

    ومخالف لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" "إن أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا في دِينِهِمْ على ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وان هذه الأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ على ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً يعني الأَهْوَاءَ كُلُّهَا في النَّارِ إلا وَاحِدَةً وهي الْجَمَاعَةُ.."([2]).

    فهذا الأصل أي المنهج الواسع يستوعب هذه الفِرَق الهالكة من حيث التأصيل، ومن حيث تطبيق هذه الفئة .

    فجماعة الإخوان المسلمين وهي تضم شر الفرق أهل سنة عندهم.

    وجماعة التبليغ وهي تجمع طرقاً وفرقاً عندهم أهل سنة.

    وسواد الأمة سلفيون.

    ودعاة وحدة الأديان وأخوة وحرية الأديان من أهل الاتباع.

    ومَن يطعن في نبي الله موسى ويسخر منه ويطعن في الصحابة ومنهم عثمان رضي الله عنهم جميعاً ويعطل صفات الله ويقول بالحلول ووحدة الوجود ويكفِّر الأمة من فجر تاريخها إلى الآن إلى ضلالات كبرى لا يجوز عندهم نقده وإطلاق البدعة عليه .

    ومن يذب عن السنة والتوحيد والأنبياء والصحابة والسلف عند أهل هذه الأصول غلاة وغثاء وأراذل وأقزام وشواذ ومنهجهم متآكل وهم مترصدون وغلاة وخوارج ومقلدون لفلان إلى أوصاف أخرى لا تصدر إلا من أمثال هذا الصنف .

    وإذا وصف أحدهم الصحابة بأنهم غثاء فلا يعتبر سباً، ويضعون لذلك قاعدة أن هذه اللفظة "غثاء" إذا صدرت من سني فلا تعتبر سباً، ولا يسلم منتقده وناصحه من الطعن والشتم والاتهامات.

    ويزيد بعض رؤسائهم اشتراط الإجماع على اعتبارها سباً، وإلا فليست بسب، فيا لها من مغالطات وسفسطات.

    3- ومن أصولهم لرد الحق والحجج والبراهين والثبات على الباطل أصل"لا يلزمني" الذي جعلوه جُنة يدفعون بها الحق، فمهما خالف أحدهم الحق لا يرجع عن هذه المخالفة مهما عظمت , ومهما ساءت مواقفهم وأصولهم ومهما دافعوا عن أنفسهم وعن أهل البدع والضلال بالباطل ومهما طعنوا في أهل السنة بالباطل والكذب ومهما يأت السلفي على أي مسألة بالأدلة والبراهين فلا يقبلونها بل يردونها بهذه (الجُنة) "لا يلزمني".

    4- ومن أصولهم "إذا حكمت حوكمت وإذا دعوت أُجرت"، وهذا الأصل صنو أصل "نصحِّح ولا نجرح".

    5- ومن أصولهم حمل المجمل على المفصل وهذا الأصل وضعه بعض العتاة للدفاع عن سيد قطب في الدرجة الأولى وتبناه أبو الحسن وحزبه للدفاع عن سيد قطب وأمثاله واستمر عليه سنوات ثم لما أحدث الفتنة العاصفة على أهل السنة قال : إن كان قائلها من أهل السنة ومن طلابهم وأنصارهم أو كما قال فيحمل المجمل على المفصل .

    وأتيناه بالأدلة وبأقوال جماهير العلماء أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم، وأقوالهم هي الحق.

    وحكى الشوكاني الإجماع على أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم ، فلم يرتدعوا عن باطلهم، ثم هم لا يطبقون هذا الأصل إلا على أقوالهم المفصلة الواضحة يجعلونها مجملة.

    ولا يطبقونه على خصومهم، بل يجعلون كلام خصومهم الواضح في الحق باطلاً وظلمًا وغلوًّا.

    وكتاباتهم مليئة بالظلم، ولا يرفعون رأساً بقول الله تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وهيهات أن يلتزموا هذه الآية وغيرها في وجوب العدل ولو مع الكفار وهم ملتزمون بقاعدة "لا يلزمني" .

    أقول: وكل ما سطرته هنا نملك عليه الأدلة والبراهين من أقوالهم ومؤلفاتهم.

    وقد هدم السلفيون هذه الأصول الباطلة بالأدلة والبراهين، ومع ذلك لا تزال هذه الفئة الضالة متشبثة بأصولها الباطلة.

    وهذه الفتن هم مثيروها ومطولوها ببغيهم وعدوانهم، وكلما انتهت فتنة من فتنتهم افتعلوا أخرى على امتداد سنوات.

    وهي فتن قد خططوا لها قبيل وفاة الشيخين ابن باز والألباني -رحمهما الله- وهذا التخطيط الإجرامي لإحداث الفتن وإسقاط العلماء، وربط الشباب والدعوة السلفية بأشخاصهم أمر ثابت، وعندنا وثيقة أطلعنا عليها بعض من يهمهم أمر الدعوة السلفية وعندنا شهود على هذا الربط وواقعهم أكبر شاهد على هذا الإسقاط وهذا الربط ومواقفهم وتأصيلاتهم وأعمالهم وولاآتهم لخصوم الدعوة السلفية واضحة.

    ومن مكايدهم ومكرهم أنهم يتباكون على الدعوة ويتباكون على العلماء الثلاثة ابن باز والألباني والعثيمين.

    وهذا بكاء التماسيح فهم من أشد الناس فرحاً بموتهم، والدليل على هذا مؤامرتهم على الدعوة وعلمائها وشبابها قبيل وفاة هؤلاء الأعلام.

    ثم تنفيذهم لهذه المؤامرة الدنيئة بعدوان وإثارة عدنان عرعور للفتنة في أوربا ووقوف الحلبي وأبي الحسن والمغراوي إلى جانبه.

    ثم ببغي المغراوي وعصابته على أهل السنة ووقوف هذه العصابة إلى جانبه.

    ثم ببغي أبي الحسن وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه ثم ببغي علي الحلبي وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه .

    كل هذا يعقبه ويرافقه صبر طويل ومناصحات من أهل السنة .

    فما من واحد إلا وصبرت عليه سنوات أناصحه باللطف رجاء لعودته إلى الحق وحرصًا على جمع الكلمة فلم ينجع هذا الصبر الطويل والأمل العريض؛ لأن وراء الأكمة ما وراءها.

    من ذلك ما سلف ذكره من تخطيط.

    ومنها- الدعم المالي من المؤسسات التي تشابههم في التخطيط والأهداف، وقبل ذلك وبعده الهوى والانحراف".اهـ

    قلت: ولما لم ينجع الصبر والمناصحة مع هؤلاء الخائنين للحق، توالت ردود شيخنا الربيع العلمية تدك حصون هؤلاء البدعية، وأضاءت صواعقه وشهبه المرسلة أوكارهم الخفية فبدت ظاهرة أمام جنود الحق فأوجعوهم بنصال سهامهم الأبية.

    وهذا بيان بأسماء ردود شيخنا السلفية العلمية على علي الحلبي وفرقته الردية:



    1. الحلبي يؤصل من قبل ثلاثين عاماً أصولاً ضد منهج السلف في الجرح والتعديل.

    2. الحلبي يُدَمِّر نفسَهُ بالجهل والعناد والكذب.

    3. جناية الحلبي على الإمام البخاري -رحمه الله- وتهويشه عليه.

    4. الحلبي يواصل تجنِّيه على الإمام البخاري وغيره.

    5. بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال: رد على المسمى بـِمختار طيباوي.

    6. الحلبي يؤيد وينشر أخطر أصول الجهمية.

    قلت: وإليك بعض عبارات شيخنا في هذه المقالات التي تبين ضلال الحلبي وانحرافه عن الصراط المستقيم صراط الفرقة الناجية والطائفة المنصورة:

    قال العلامة ربيع حفظه الله في مقاله: "علي الحلبي يدمر نفسه بالجهل والعناد": "فالسلفيون الصادقون الذين يحاربهم الحلبي وحزبه بالسفسطات وقلب الحقائق وجعل الحق باطلاً والباطل حقًّا، لا ينتقدون من أباطيلكم إلا ما سمعوه بأصواتكم، وما رأوه وقرؤوه هم والناس من مقالاتكم وتصريحاتكم، التي سجلتموها بأقلامكم، ونشرتموها في مؤلفاتكم ومنتدياتكم.

    وهذا بيان موجز للمصادر التي ردَّ عليها السلفيون من مصادركم.

    1- شريط مسموع بصوت علي الحلبي تضمَّن تأصيلات باطلة.

    وقد ردَّ عليه أخونا سعد الزعتري الفلسطيني، وبيّن ما في هذا الشريط من الجهل والضلالات في كتابه "تنبيه الفطين لتهافت تأصيلات "علي الحلبي" المسكين".

    فلم يستفد الحلبي من هذا الكتاب وما تضمّنه من الحق وإبطال الباطل، بل كابر وعاند كعادته الذميمة.

    2- كتاب "منهج السلف الصالح"، تأليف علي الحلبي، طُبع ونُشر، ووصل إلى أيدي كثير من الناس.

    ردَّ عليه الدكتور أحمد بازمول بالحق وبالحجج والبراهين، وبيّنَ ما فيه من أباطيل، فكابر الحلبي وعاند الحق وكابره، وما يدري المسكين أن هذا العناد وهذه المكابرة لا تزيده عند العقلاء الشرفاء إلا سقوطًا ومهانة، وما يدري المسكين أن الرجوع إلى الحق شرف ورجولة.

    3- كتاب "صد التشنيع برد ما صدر عن الشيخ ربيع من الإسقاط والتبديع"، تأليف علي الحلبي.

    وهذا الكتاب قائم على المغالطات وقلب الحقائق، وجعل المحق مبطلاً، والمبطل الفاجر مظلومًا، وهذه الأمور لا تصدر إلا من منهج فاسد وعقل كاسد.

    4- ثناء الحلبي على رسالة عمان بقوله: إنها شارحة للإسلام، وتمثل وسطيته، وثناء حزبه عليها، ودفاعهم عنها، كل ذلك مكتوب بأقلام الحلبي وحزبه ومنشور في منتدياتهم.

    5- ثناء الحلبي على مؤيدي رسالة عمان من روافض وصوفية وعلمانيين، وهم كثيرون، وشهادته لهم زوراً وبهتاناً بأنهم علماء ثقات وولاة أمناء، كتبَ هذا بقلمه وأعلنه.

    6- أسرفتَ في حرب السلفيين بالغلو، ويعلم الله ثم أهل الحق المنصفون أنهم برآء من الغلو، بل هم يحاربون الغلو، ومع هذا الظلم فقد برَّأت الغلاة فعلاً من هذا الوصف حيث برَّأت المذاهب الثمانية -ومنهم الروافض والخوارج والصوفية والزيدية- من التطرف، وهذا في مقال لك نشرته بعنوان "السلفية هي الوسط الشرعي المضاد للتطرف".

    وقال -حفظه الله- في مقاله " الحلبي يؤصل من قبل ثلاثين عاماً أصولاً ضد منهج السلف في الجرح والتعديل":

    "ومَنْ غيرك قال محارباً لمن يُبدِّع أهل الضلال:

    " ثم موقف عامة الطلبة إذا أجمع أهل العلم على تبديع واحد لا يسعهم أن يخالفوه".

    فاشترطتَ إجماع أهل العلم لقبول هذا الجرح.

    ومَنْ سبقك إلى هذا أيها المخترع.

    4- ومَنْ غيرك اشترط اتفاق العلماء لاعتبار كلمة غثائية سباً، تلك الكلمة الخبيثة التي أطلقها بعض أخدانك على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمَنْ سبقك إلى هذا الاشتراط الموغل في المكابرة والتمييع والتضييع؟؟".

    وقال العلامة ربيع في موطن آخر: "يا حلبي دع الكذب وقلب الحقائق، فأنت وحزبك البغاة المتمردون على الحق وأهله، وبغيكم وعدوانكم بدأ منذ عقدين من الزمان، بالحرب على أهل السنة، وعلى منهجهم وأصولهم وعلمائهم، فأسقطتم كثيراً من العلماء، وأصّلتُم الأصول الكثيرة الباطلة، وعلى رأس هذا الحزب عدنان عرعور والمأربي والحلبي، وخلال هذين العقدين من الزمن لم تعترفوا بحق، ولم ترجعوا عن باطل، ولم تكفوا عن البغي والفتن والأكاذيب والخيانات وقلب الحقائق، تلك الأمور التي يخجل منها غلاة أهل البدع الكبرى".

    وقال -حفظه الله-: "وضع الحلبي وحزبه أصولاً لاستيعاب الضلالات الكبرى وأهلها وحمايتها من الإدانات الإسلامية العادلة التي تدينها بأنها بدع وضلالات.

    مثل: "نريد منهجاً واسعاً أفيح، يسع أهل السنة، ويسع الأمة كلها".

    و"نُصحح ولا نُجرِّح"، أو "ولا نهدم".

    وفعلاً طبَّقوا هذين الأصلين وما جرى مجراهما، فحكم أحد رؤساء هذا الحزب للإخوان المسلمين الخليط العجيب من الصوفية بمختلف طرقها ومن الروافض بعجرها وبجرها ومن الخوارج بل ومن النصارى، بأنهم من أهل السنة.

    ولو تحالفوا مع الشيوعيين والبعثيين والليبراليين".

    وقول الحلبي: "والذي يظهرُ لي-والله أعلم-أن قولَ علمائنا-المشهورَ المتداوَلَ- :(ما آفةُ الأخبار إلا رواتُها) يُقصَدُ به -أصالةً-: ما قد يُخطئ في نقله (الرواةُ الثقاتُ)، لا غيرُهم!..إذ إنّ ( الرواةَ الضعفاءَ) –من جهة ضعفِهم- هم آفةٌ في أنفسِهم-أساساً-؛ سواءٌ أخبروا، أم لم يُخبروا، والتشكُّكُ في أخبارهم هو الأصلُ –بعكس الثقات–. فتأمّلْ..".

    أقول: -القائل الشيخ ربيع-:

    1- أثبت أولاً أن هذا من قول علمائنا المشهور المتداول.

    2- من أين عرفت أنهم يقصدون بهذا القول ما قد يخطئ في نقله الثقات، وأنت تقول في غير الثقات: "والتشكُّكُ في أخبارهم هو الأصلُ –بعكس الثقات–".

    فكيف يتركون الأصل ويدندنون حول أخبار الثقات كما يدندن الحلبي.

    ولماذا أغفلت أخبار الفساق الذين أمر الله بالتثبت في أخبارهم؟

    كان يجب أن تضع الآية الكريمة نصب عينيك لا أن تنساها وتعرض عنها، وتتناسى أقوال العلماء في معناها، لقد أسرفْتَ في التشكيك في أصول الجرح والتعديل وفي أخبار الثقات، ولهذا دلائله القاتلة".

    وقال الشيخ ربيع: "لقد صبر عليك ربيع وإخوانه طويلاً وطويلاً، سنوات وسنوات، وعلى مواقفك المناصر فيها للباطل وأهله والخاذل للحق وأهله.

    وبلغ بك العناد والتمادي إلى أن تبدأ بالهجوم على السلفيين وعلى منهج الجرح والتعديل، ثم افتتاح منتديات ما يسمى بـ"كل السلفيين"، وذلك دعوة منك لكل مبطل منحرف عن منهج السلف إلى حرب السلفية والسلفيين، والدفاع عن الضلالات الكبرى وأهلها، بطرق يخجل منها دعاة الضلالات الكبرى، ولقد رددنا على الروافض، فسكتوا، وعلى الصوفية فردّوا بأدب ثم سكتوا، ورددنا على أعيان الحزبيين، فسكتوا حياء وخجلاً من المكابرة والعناد، وأنت وحزبك لا تكلون ولا تملون من الهجمات الفاجرة، والردود الباطلة القائمة على أحط أنواع المكابرة والعناد، فما أصبركم على الباطل والمكابرة والعناد؛ الأمور التي برزتم فيها على أهل الأهواء.

    وقال الشيخ ربيع: "أقول باختصار: إن اختراعك أنت وحزبك للقواعد الباطلة السوأى أشهر من نار على علم، ومنها:

    1- "المنهج الواسع الأفيح".

    2- "ونُصحح ولا نُجرح".

    3- "وإذا حكمت حوكمت".

    4- والدعوة إلى التثبت لرد الحق.

    5- ومنها حمل المجمل على المفصل، الذي يصادم منهج أهل السنة وتطبيقاتهم التي ملأت المجلدات والذي أنكره جمهور أهل المذاهب، وذكر الشوكاني أنه مجمع على إبطاله.

    6- و"لا يلزمني"؛ لرد الحق، والإمعان في العناد والمكابرة.

    وهذه التأصيلات منها ما اخترعه أبو الحسن ومنها ما اخترعه عدنان عرعور، ومنها ما اخترعه الحلبي.

    وكلها أُنشئت لحرب المنهج السلفي وأصوله".

    وقال العلامة ربيع في مقاله "علي الحلبي يواصل تجنيه على الإمام البخاري" : "ولكل قوم وارث، فللأنبياء ورثة في الصدق والإخلاص وحب الحق والذب عنه...الخ.

    ولأعدائهم وراث في الكذب والغش والرياء ومحاربة الحق، وتشويه أهله بالأكاذيب والاتهامات الظالمة والبغي، وهم كثر، ويصلون إلى اثنتين وسبعين فرقة.

    ومن أخطر الفِرق ومن أشدها حرباً على الحق وأهله علي الحلبي وفِرقته.

    فقد فاقوا كثيراً من الفِرق في الكذب والتلبيس وقلب الحقائق، وجعل الحق باطلاً والباطل حقاً، واختراع الأصول الباطلة، وما أكثر هذه الأنواع في محاربتهم للحق ودفاعهم عن الضلالات الكبرى وأهلها".

    - ومن أباطيل الحلبي وقلبه للحقائق ودعاواه الكاذبة.

    قوله: "وهو -في الحقيقة- إنما يدافعُ عن قاعدة (مشهورة!)من قواعده الباطلة المنكرة-هي تلكم التي تناقضُ بَدَهيات العقول ! وأساسيّات الشرع المنقول ! وتقريرات العلماء الفُحول!-:(رفض حمل المجمل على المفصل من غير كلام الله والرسول)!!!".

    أقول:

    1- إن قواعدك أنت وحزبك هي الباطلة، التي تناقض بدهيات العقول وأساسيات الشرع المنقول وتحريرات العلماء الفحول.

    2- هل تستطيع أن تأتي بنص هذه القاعدة؟، فإن عجزتَ عن أن تأتي بنصها عرف الناس أنك صاحب دعاوى باطلة.

    3- وردّ ربيع وغيره للقاعدة الباطلة: "حمل المجمل على المفصل"، وغيرها من القواعد الباطلة والضلالات والمنكرات إنما هو قائم على منهج صحيح وعلى نصوص الكتاب والسنة، الحاثة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسير على منهج الصحابة الكرام والعلماء الكبار، وقائم على أساسيات الشرع وتفاصيله ونصوصه.

    4- وكلامك هذا من أكذب الكذب، الذي لم تُسبق إليه.

    فردّ القاعدة الباطلة: "حمل المجمل على المفصل" لا يناقض بدهيات العقول، ولا أساسيات الشرع المنقول وتقريرات العلماء الفحول.

    بل هو قائم على بدهيات العقول، وأساسيات وتفاصيل الشرع المنقول، وتطبيقات العلماء الفحول.

    ثم قال: "ومن أنكر المنكرات: "حمل المجمل على المفصل"، فإنه ضد هذه النصوص القرآنية والنبوية وضد سبيل المؤمنين من الصحابة ومن اتبعهم بإحسان الذين قال الله -عزّ وجل- فيهم: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا).

    وهي تتضمن جعل الباطل حقاً، والمبطل محقاً، وتنـزيله منـزلة المعصوم.

    3- من تقريرات العلماء الفحول ما دوّنوه في كتب الجرح والتعديل التي امتلأت بجرح أهل البدع والضعفاء حتى من الصالحين نصحاً لله ولكتابه ولرسوله وللمؤمنين، ولم يحملوا مجملاتهم على مفصلاتهم، فهل خالف مؤلفوها وناقضوا بدهيات العقول وأساسيات الشرع المنقول وتقريرات العلماء الفحول؟!!".

    وقال: "فقول الحلبي القبيح ونقله هذا الكلام الخطير عن شيخ الإسلام في غلاة المرجئة واضحان كل الوضوح في أن الحلبي استهدف الإمام البخاري بالطعن الشنيع، وأنه يعتقد أن كلام البخاري من جنس كلام غلاة المرجئة، لا فرق بين كلامه وكلامهم، فسحقاً للجهل والإفك وأهلهما.

    فمن كذب الحلبي المكشوف قوله: "ذمّ شيخ الإسلام ابن تيمية -في مواضعَ من كتبه-قولَ من يقول :(المَعْرِفَة فِعلُ القَلْبِ)".

    فأين هذه المواضع التي ذمَّ فيها من يقول: " المَعْرِفَة فِعلُ القَلْبِ" وبيّن -رحمه الله- أنها من أقوال أهل البدع -من المرجئة" ؟

    فأنت تراه قد صرّح بأن قول البخاري من أقوال أهل البدع المرجئة، ثم ساق كلام شيخ الإسلام في المرجئة بل في غلاتهم، ومع هذا يقول كذباً: إن ربيعاً قال مثل قوله تماماً.

    فيا له من كذب مكشوف، ويا لها من جرأة على الإمام البخاري والإمام ابن تيمية –رحمهما الله-.

    وهات واحداً من أئمة الإسلام ذمَّ مثل هذا القول.

    فيا حلبي لقد نصحتك اللجنة الدائمة بأن تطلب العلم؛ لأنك في نظرهم جاهل متخبط.

    فما ازددت إلا تعالماً وتمادياً في جهلك إلى يومنا هذا، لا تُفرِّق بين الحق والباطل، بل لجهلك وهواك تجعل الحق باطلاً، وتحارب أهله، والباطل حقاً، فتمدحه وتدافع عنه.

    وكلام ابن عثيمين ما مدحته إلا لظنك السيئ أنه على منهجك الفاسد في حمل المجمل على المفصل، وحاشا ابن عثيمين أن يكون قد فَهم من كلام الإمام البخاري ما فهمتَهُ أنت، ولو فَهم فَهمك لبيّن ما فيه من موافقة قول غلاة المرجئة، ولكنه فَهم أن كلام البخاري حق، ومن صميم منهج أهل السنة، وشرحه له كشروحه لكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكلام العلماء البعيدة عن الإجمالات.

    ولكن لأن النصوص الواضحة قد لا يفهمها الجهال وصغار طلبة العلم يقوم بشرحها، ومن ذلك شرحه لكلام البخاري هذا.

    أيا حلبي قد أكثرت من التوثب والبغي على الحق وأهله، ولهذا التوثب والبغي انعكاسات خطيرة على أئمة السلف ومنهجهم وأصولهم".اهـ

    وقال -حفظه الله- في مقاله "الحلبي يؤيد وينشر أخطر أصول الجهمية": "وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنّما أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ".

    أخرجه أحمد في "مسنده" (5/27، وأبو داود في "سننه" حديث (4252)، والترمذي في "سننه" حديث (2229)، وابن ماجه في "سننه" حديث (3952).

    ومنهم الحلبي، ومَن ينصرهم على الضلالات والأصول الفاسدة؛ كعدنان عرعور وأبي الحسن المأربي.

    ولقد دأب هذا الحلبي على نصرة الباطل والفتن من عهد طويل، فكلما أطلّت فتنة برأسها ضد الحق وأهله ركض إلى مناصرتها والذب عن أهلها.

    فهو المسكين ينصر الباطل إما بالتعمد مع علمه أنه باطل، وإما بالجهل بذلك.

    وسبب ذلك جهله بأصول السلف ومنهجهم، وبُعده عن أخلاقهم، ومَنْ جهل الحق عاداه.

    وقد رددتُ عليه أنا وغيري كثيرًا من جهالاته وضلالاته.

    فلا تزيده الردود العلمية السلفية إلا تيهًا وتماديًا في الباطل؛ لأن من طبعه ومنهجه الفاسد أن لا رجوع إلى الحق مهما ظهر الحق.

    ولا تراجع عن الباطل مهما وضح بطلانه وعظُم شره.

    ومن جهله وضلاله تأييده ونشره لأخطر أصول الجهمية في تعليقاته على كتاب "الحوادث والبدع" للطرطوشي.

    هذا، وليعرف القارئ أن كتاب الطرطوشي تحقيق وتعليق علي الحلبي ينتشر منذ ثلاثة وعشرين عاماً طُبع خلالها ثلاث طبعات في حدود علمي، فكم من القراء اغتر بهذه الأصول الجهمية التي يؤيدها الحلبي وينشرها.

    أولاً- من هذه الأصول الخطيرة إنكاره التعليل لأفعال الله وتشريعاته، ذلكم التعليل القائم على حكمة الله البالغة.

    لقد قال في (ص10) منتقداً للطرطوشي: "ومما يُنتقد على المؤلف -رحمه الله- شيئان:

    الأول: "أن أسلوبه في نقاشه ونضاله فيه تأثر بأسلوب المعتزلة، وذلك في بيانه الحكمَ في التشريع، وأن أقيسَتهُ فقهية...ولا يُؤمَن معها الزلل"(.

    الثاني: ضَعْفُه في علم الحديث، فتراه يستدل بروايات ضعيفة، وكثيراً ما يروي بالمعنى، فيقع له خللٌ ظاهر، أو يكون في عَزْوِهِ وَهَمٌ.

    وهذا وذاك لا يُنْقِص قيمةَ الكتاب، ولا يُقلِّل من قدره، فهو ذو مادة علمية جيدة متميزة".

    فهو هنا ينتقد الطرطوشي في بيانه الحِكَم في التشريع، فتشريع الله عند الحلبي خال من الحِكَم، وهذا مضاد لعشرات النصوص القرآنية على إثبات الحِكَم في تشريع الله وخلقه لمخلوقاته.

    وهذا الإنكار الصادر منه ناشئ عن جهله بمنهج السلف أو عن اعتقاد باطل ينطوي عليه هذا الرجل.

    وقوله: "وهذا وذاك لا يُنْقِص قيمةَ الكتاب، ولا يُقلِّل من قدره".

    نقول: هذا الكمال إنما هو عندك، أما عند أهل السنة فإنَّ ما تضمّنه هذا الكتاب من أصول باطلة تنقص قيمته إلى حد بعيد.

    ثانياً- غفلة الحلبي عن كلام يتعلق بالقدر.

    قال الطرطوشي -رحمه الله - وهو يتحدث عن بدع الفِرق الأربع: الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة وما تفرع عنها، حيث يرى أن كل البدع ترجع إلى بدع الفِرق الأربع.

    قال في (ص34): "وبيان ذلك بالمثال: أن القدرَ أصلٌ من أصول البدع، ثم اختلف أهلُهُ في مسائل من شُعب القدر، وفي مسائل لا تعلُّق لها بالقدر، فجميعهم متفقون أن أفعال العباد خَلْقٌ لهم من دون الله تعالى، ثم اختلفوا في فرع من فروع القدر".

    أقول: إن الإيمان بالقدر لأصل من أصول الإيمان عند أهل السنة.

    فقوله: "إن القدر أصل من أصول البدع". قد يفهم منه بعض الجهال، بل بعض طلاب العلم أن الإيمان بالقدر أصل من أصول البدع، وقد يتعلق به المكذبون بالقدر؛ لأن هذا الكلام صادر من عالم في نظرهم.

    ألا يدرك الحلبي بطلان هذا الكلام إن كان موجوداً في الأصل على هذه الصورة، فيصحح ذلك ببيان أن الكلام الصحيح في هذا السياق أن يقال: "إن إنكار القدر أصلٌ من أصول البدع"؛ لأنه ينافي الآيات القرآنية وينافي ما قرره رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في القدر أنه من أصول الإيمان، وعليه أهل السنة وسائر الفِرق غير القدرية.

    ثالثاً- تأييده لأخطر أصول الجهمية؛ ذلكم الأصل المؤدي إلى تعطيل أسماء الله الحسنى وصفاته العليا.

    قال الطرطوشي في (ص36) أثناء كلامه على الفِرق الضالة التي حذّر منها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه المشهور: "فإن كان أراد رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بتفرُّق أمته أصولَ هذه البدع التي تجري مجرى الأجناس للأنواع، والمعاقد للفروع؛ فلعلهم - والعلم عند الله - ما بلغوا هذا العدد إلى الآن؛ غير أن الزمان باق، والتكليف قائم، والخطوات متوقعة، وكل قرن عصرٍ لا يخلو إلا وتحدث فيه البدع.

    وإن كان أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- بالفِرَق كلَّ بدعةٍ حَدثتْ في دين الإسلام؛ مما لا يلائم أصول الإسلام، ولا تقبلها قواعده؛ من غير التفاتٍ إلى التقسيم الذي ذكرنا؛ سواء كانت البدع أنواعا لأجناس، أو كانت متغايرة الأصول والمباني - وهذا هو الذي أراده، والعلم عند الله -؛ فقد وُجِد من ذلك عدد كثير، أكثر من اثنين وسبعين.

    ووجه تصحيح الحديث - على هذا - أن يُخْرَج من الحساب غلاةُ أهل البدع، ولا يُعدُّون من الأمة ولا في أهل القبلة؛ كَنُفاة الأعْراضِ من القدرية؛ لأنه لا طريق لحدوثِ العالمِ وإثبات الصانع إلا بثبوت الأعراض، وكالحلولية، والمنصورية، وأشباههم من الغلاة".



    فماذا صنع الحلبي تجاه هذا الكلام؟

    علّق الحلبي على قول الطرطوشي: " ووجه تصحيح الحديث - على هذا - أن يُخْرَج من الحساب غلاة أهل البدع، ولا يُعَدُّون من الأمة ولا في أهل القبلة".

    علّق الحلبي على هذا الكلام في الحاشية بقوله: "وهذا تفريقٌ دقيق من المصنف –رحمه الله- بين "أهل السنة" و "أهل القبلة" وكثيراً ما يختلط هذان المعنيان في أذهان كثير من الناس، فتأمَّل".

    أقول:

    1. إن كلام المؤلف لا يدل على ما فهمه الحلبي وقاله.

    إن كلام المؤلف لواضح في التفريق بين المسلمين سنيهم وبدعيهم وبين الغلاة، فقال عن الغلاة: " ولا يُعَدُّونَ من الأمة ولا في أهل القبلة".

    فهذا الكلام من الطرطوشي واضح في أنه لا يعد الغلاة من الأمة ولا من أهل القبلة، وليس كما قال الحلبي.

    2- أيّد الحلبي رد الطرطوشي على نفاة الأعراض تأييداً مطلقاً.

    وعلّق عليه في الحاشية بقوله: "وهم أصحاب "معمر" من المعتزلة، إذ قالوا: لا يجوز أن يخلق اللهُ عَرَضاً، ولا يوصف بالقدرة على خلق الأعراض".

    ولجهل الحلبي بمنهج السلف وبما يضاده من منهج الجهمية ومن تابعهم كالأشعرية والكلابية.

    أقول: بهذا الجهل المطبق أقرَّ قول الطرطوشي: " لأنه لا طريق لحدوث العالمِ وإثبات الصانع إلا بثبوت الأعراض".

    وهذا كلام باطل في غاية البطلان؛ لأنه ناشئ عن تقليد الجهمية أبعد فِرق الضلال عن كتاب الله وسنة رسوله.

    وما عليه الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان من الإيمان بالأدلة الكثيرة الشرعية والكونية، ومن فطرة الله خلقه على الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته وأنه فعّال لما يريد.

    لقد قادهم هذا الأصل الباطل إلى تعطيل أسماء الله الحسنى وصفاته العليا وأفعاله الدالة على حكمته والدالة على عظمته وجلاله وكماله، حتى ألحقوه بالمعدومات، وتابع الجهمية في التعلق بهذا الأصل الأشعرية والكلابية.

    فجرّهم هذا الأصل الباطل إلى تعطيل كثير من صفات الله وإلى تعطيل أفعاله القائمة على العلم والحكمة".اهـ

    قلت: وإن هذا التخليط من علي الحلبي يذكِّرني بحال ابن صياد الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ»، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا»، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، فَقَالَ: «اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ»، أخرجه البخاري (1354)، ومسلم (2924).

    وهذه القواعد المحدثة التي قعَّدها الحلبي فتحت أبواب شرور عظيمة على الأمة، ومهما كان فلن يعدو قدره، وسيذهب هو وقواعده البدعية إلى مزبلة التاريخ، كما حدث لأهل الأهواء على مرِّ القرون، ويبقى الحساب بين يدي الملك الغلاَّب.

    ومن قواعده البدعية أيضًا: قاعدة: "عدم تأثير مخالفة المنهج إذا صحت العقيدة وقويت، ولا يخرج عن السلفية"، كما في "المسألة الحادية عشرة: (بين العقيدة والمنهج) من كتاب منهج السلف الصالح (ص139).

    وهي تابعة لقواعده الباطلة الأخرى، والتي قعَّدها في كتابه "منهج السلف الصالح"، نحو:

    قاعدة: "لا نجعل خلافنا في غيرنا سببًا في للخلاف بيننا".

    وقاعدة: "اشتراط الإجماع في الجرح"، والتي ردَّ بها قاعدة الجرح المفسَّر مقدَّم على التعديل.

    وقاعدة: "عدم مصلحة هجر أهل الأهواء في هذا الزمان".

    وقاعدة: "لا يجب أن يكون انتساب الرجل إلى السلفية خالصًا كما أنه لا يجب انتساب الرجل إلى الإسلام خالصاً".

    وقد أثرت هذه القواعد البدعية في فئام، وإليك مثال واحد من هؤلاء المتأثرين بالحلبي، حيث قال في دفاعه وشرحه لهذه القاعدة البدعية الأخيرة: "أنا أسأل الناس هل يجب أن يكون الرجل مؤمنًا كامل الإيمان أم أن الرجل قد يكون مؤمناً وهو على شعبة من شعب النفاق على شعبة من شعب الكفر هذه هي فتنة الخوارج الكبرى أنهم جعلوا الإيمان كتلة واحدة جزءاً واحداً لا يتبعض وإنما أهل السنة جعلوا الإيمان ماذا ؟ شعبًا جعلوا الإيمان شعبًا قد يكون الرجل مؤمنًا وهو على شعبة من شعب الكفر كما جاء في الحديث: "إنك امرؤ فيك جاهلية"، وعليها أقول: لا يجب أن يكون انتساب الرجل للإيمان خالصاً بمعني هو أن يكون معتقداً بهذه الشعبة ليس كافراً بها، ولكن أنا اتكلم عن العمل فالرجل يعتقد أن سباب المسلم فسوق ولكن يفعل هل هذا انتسابه خالص للإيمان ؟ أم أن انتسابه ليس خالصاً كاملاً ؟ فهو هنا على شعبة من شعب الفسق من سب أخيه المسلم كذلك الأمر انتساب الرجل إلى السلفية لا يجب أن يكون خالصاً..".

    قلت: يعتبر كتابَيَ: "الكواشف الجلية للفروق بين السفلية والدعوات الحزبية البدعية"، و"الحدود الفاصلة بين أصول منهج السلف الصالح وأصول القطبية السرورية"، ردًّا مفصَّلاً في بيان بطلان هذه القاعدة.

    وأقول مذكِّرًا للقارئ الفطن على سبيل الإيجاز: إن إنزال قاعدة زيادة الإيمان ونقصانه على السلفية خلط في غير موضعه؛ حيث إن السلف الصالح ما تعاملوا بهذا الفهم المحدث حال حكمهم على أهل البدع.

    وإن كان بلا شك الوقوع في البدعة يؤثر في الإيمان بالنقصان، لكن مَن يقع في بدعة ظاهرة ليست خفية فإنه يتنزل عليه الحكم بالابتداع –أي يصير مبتدعًا-، وإن وافق المنهج السلفي في بقية المسائل، فالعبرة ليست بما وافق فيه إنما بما خالف فيه.

    وإن هذه القاعدة يترتب عليها إسقاط منهج التبديع؛ حيث إنه لا يوجد مبتدع إلا وله شيء من الموافقة للسنة والمنهج السلفي في بعض المسائل.

    فإذا قلت: العبرة بما يغلب عليه. قلت: وكيف نحدد هذا الغالب؟

    هل يكون بالنسبة المئوية، أم ماذا؟

    ولكن الصواب الذي كان عليه السلف، هو الاعتبار بنوعية المخالفة لا بكمها، أي العبرة بالكيف لا بالكم.

    ولنا الأسوة الكاملة في رسولنا صلى الله عليه وسلم في حكمه على الخوارج بالمروق من الدين رغم ما هم عليه من اجتهاد في العبادة وتلاوة القرآن، بل حكم عليهم بأنهم كلاب أهل النار، وأنهم شر الخلق والخليقة؛ فلم تشفع حسناتهم وموافقتهم للسنة في بعض المسائل في إلحاقهم بأهل السنة.

    فلم يطبق الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القاعدة البدعية عليهم، فلم يقل إنهم ينتسبون إلى السنة والسلفية انتسابًا مشوبًا ليس خالصًا !!

    وكذا صنيع أصحابه رضي الله عنهم بعده صلى الله عليه وسلم مع الخوارج والقدرية جرى على السنن نفسه.

    وجرى على هذا المنهج النبوي أئمة السلف الصالح.

    ولو تصفَّحنا مصنَّفات الجرح والتعديل لوجدنا عشرات الأمثلة عن أناس وطوائف بدَّعهم العلماء رغم انتحالهم السلفية في بعض المسائل.

    ولذا جاء في ضمن عنوان كتاب أبي جعفر العقيلي في "الضعفاء": "ومَن نُسب إلى الكذب ووضع الحديث ...وصاحب بدعة يغلو فيها ويدعو إليها، وإن كانت حاله في الحديث مستقيمة".

    قلت: فلو فرضنا أن رجلاً محدِّثًا، أي: يروي الأحاديث بالأسانيد، وهو حافظ لما يرويه، ولكنه على بدعة يدعو إليها ويخاصم عليها –وما أكثر هؤلاء-، فهذا لا يقال إنه له انتساب إلى أهل الحديث، ولكن انتسابه ليس خالصًا بسبب بدعته، بل نحكم كما حكم عليه أئمة السلف بالبدعة.

    ومن أمثلة هذا: الكلاَّبية، أتباع عبدالله بن سعيد بن كلاَّب، فقد بدَّعهم العلماء رغم موافقتهم السنة في بعض أصولهم، ولم يخالفوا إلا في مسألة إثبات الصفات الاختيارية التي تتعلق بمشيئة الله سبحانه، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في جامع الرسائل (2/4): "و"الْكلابِيَّة" وَمن وافقهم من "السالمية" وَغَيرهم يَقُولُونَ: " تقوم بِهِ صِفَات بِغَيْر مَشِيئَته وَقدرته؛ فَأَما مَا يكون بمشيئته وَقدرته: فَلَا يكون إِلَّا مخلوقا مُنْفَصِلا عَنهُ لَا يقوم بِذَات الرب".

    وهذا الإمام أحمد يبدع الحارث المحاسبي، ويعقوب بن شيبة رغم موافقتهما للسلفيين في بعض الأصول والمسائل، إلا أنهما وافقا جهمًا في بعض أصوله؛ فألحقهما الإمام أحمد بالجهمية، ولم يطبق عليهما هذه القاعدة البدعية.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في النبوات (1/269): "ومنهم من قال: بل فعل الربّ قديم أزليّ، وهو من صفاته الأزليّة؛ وهو قول قدماء الكلابيّة، وهو الذي ذكره أصحاب ابن خزيمة ما وقع بين ابن خزيمة والكلابية، لمّا وقع بينه وبينهم بسبب هذا الأصل، فكتبوا عقيدةً اصطلحوا عليها، وفيها: إثبات الفعل القديم الأزليّ.

    وكان سبب ذلك أنّهم كانوا كلابيّة يقولون: إنّه لا يتكلّم بمشيئته وقدرته، بل كلامه المعيّن لازمٌ لذاته أزلاً وأبدًا.

    وكان ابن خزيمة وغيره على القول المعروف للمسلمين وأهل السنّة: أنّ الله يتكلّم بمشيئته وقدرته، وكان قد بلغه عن الإمام أحمد أنّه كان يذمّ الكلابيّة، وأنّه أمر بهجر الحارث المحاسبي لما بلغه أنه على قول ابن كلاب، وكان يقول: حذِّروا عن حارث الفقير؛ فإنّه جهميّ. واشتهر هذا عن أحمد".

    وقال شيخ الإسلام في درء التعارض (2/6): "وكان الناس قبل أبي محمد بن كلاب صنفين، فأهل السنة والجماعة يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها، والجهمية من المعتزلة وغيرهم تنكر هذا وهذا، فأثبت ابن كلاب قيام الصفات اللازمة به، ونفى أن يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها.

    ووافقه على ذلك أبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري وغيرهما، وأما الحارث المحاسبي فكان ينتسب إلى قول ابن كلاَّب، ولهذا أمر أحمد بهجره، وكان أحمد يحذِّر عن ابن كلاَّب وأتباعه".

    وقال الذهبي رحمه الله في السير (12/47:"قال أبو بكر المروذي: أظهر يعقوب بن شيبة الوقف في ذلك الجانب من بغداد، فحذر أبو عبد الله منه، وقد كان المتوكل أمر عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان أن يسأل أحمد بن حنبل عمن يقلد القضاء، قال عبد الرحمن: فسألته عن يعقوب بن شيبة، فقال: مبتدع صاحب هوى.

    قال الخطيب : وصفه بذلك لأجل الوقف".

    قلت: فهذا موقف إمام السنة من الحارث ويعقوب بن شيبة، رغم أنهما على قاعدة علي الحلبي لهما انتساب إلى السلفية والعلم في ظاهر أمرهما، لكن انتسابهما ليس خالصًا.

    فأما الحارث فله دفاع عن السنة في بعض المواطن ضد الرافضة والمعتزلة، كما قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (8/211): "وللحارث كتب كثيرة في الزهد، وفي أصول الديانات والرد على المخالفين من المعتزلة والرافضةوغيرهما".

    وأما يعقوب بن شيبة، فقد أثنى عليه عدد من علماء الحديث برسوخ قدمه في علم علل الحديث، وأنه كان من كبار علماء هذا الشأن، حتى قال الحميدي كما في السير (18/590): "لو وُجد كلام يعقوب على أبواب الحمامات للزم أن يُقرَأ ويُكتب، فكيف وهو مسندٌ لا مثلَ له".

    فلو طبَّقنا قاعدة علي الحلبي على الحارث ويعقوب بن شيبة ما بدَّعناهما كما بدَّعهما الأئمة.

    بل إن كليهما أفضل عشرات المرات من رويبضة هذا الزمان الذين طبَّق عليهم علي الحلبي قاعدته البدعية.

    وبعض الجهلة قد ينزلون هذه القاعدة على سيد قطب وحسن البنا والمودودي؛ فلا يبدَّعونهم كما بدَّعهم أغلب أئمة العصر، وهذه هي حجة القطبيين ومَن شاكلهم.

    وثَمَّ أمثلة أخرى كثيرة لا يتسع المقام لاستقصائها.

    والناظر المتأمل في هذه القواعد البدعية التي اجتمع عليها الحلبي وأقرانه وأتباعه يدرك بلا أدنى ريب أنهم صاروا فرقة بدعية؛ حيث إنهم خالفوا الفرقة الناجية في معنى كلي وأصَّلوا قواعد بدعية تضاد القواعد الشرعية التي اتفق عليها السلف الصالح.

    قد قال الشاطبي في الاعتصام (ص415): "وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقًا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلِّي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة، لا في جزئي من الجزئيات، إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعًا، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية؛ لأن الكليَّات تقتضي عددًا غير قليل، وشاذها في الغالب أن لا يختص بمحل دون محل، ولا بباب دون باب".اهـ

    قلت: وما أشبه حال علي الحلبي وأبي الحسن وعدنان عرعور والمغراوي وعبدالرحمن عبدالخالق وأضرابهم من أهل الأهواء المعاصرين بالمتكلمين القدامى الذين تركوا الحديث والآثار وأقبلوا على القواعد الكلامية الفلسفية فضلوا وأضلوا، وقد قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/96): "أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ ولا يعدون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء وإنما العلماء أهل الأثر والفقه ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم".

    وما أصدق عبارات ابن القيم في إعلام الموقعين (4/131) في بيان حال هؤلاء المبتدعة، حيث قال: "وَإِنْ أَنْصَفْتَهُمْ لَمْ تَقْبَلْ طَبِيعَتُهُمْ الْإِنْصَافَ، وَإِنْ طَلَبْته مِنْهُمْ فَأَيْنَ الثُّرَيَّا مِنْ يَدِ الْمُلْتَمِسِ، قَدْ انْتَكَسَتْ قُلُوبُهُمْ، وَعَمِيَ عَلَيْهِمْ مَطْلُوبُهُمْ، رَضُوا بِالْأَمَانِيِّ، وَابْتُلُوا بِالْحُظُوظِ، وَحَصَلُوا عَلَى الْحِرْمَانِ، وَخَاضُوا بِحَارَ الْعِلْمِ لَكِنْ بِالدَّعَاوَى الْبَاطِلَةِ وَشَقَاشِقِ الْهَذَيَانِ، وَلَا وَاَللَّهِ مَا ابْتَلَّتْ مِنْ وَشَلِهِ أَقْدَامُهُمْ، وَلَا زَكَتْ بِهِ عُقُولُهُمْ وَأَحْلَامُهُمْ، وَلَا ابْيَضَّتْ بِهِ لَيَالِيهِمْ وَأَشْرَقَتْ بِنُورِهِ أَيَّامُهُمْ، وَلَا ضَحِكَتْ بِالْهُدَى وَالْحَقِّ مِنْهُ وُجُوهُ الدَّفَاتِرِ إذْ بُلَّتْ بِمِدَادِهِ أَقْلَامُهُمْ، أَنْفَقُوا فِي غَيْرِ شَيْءٍ نَفَائِسَ الْأَنْفَاسِ، وَأَتْعَبُوا أَنْفُسَهُمْ وَحَيَّرُوا مَنْ خَلْفَهُمْ مِنْ النَّاسِ، ضَيَّعُوا الْأُصُولَ فَحُرِمُوا الْوُصُولَ، وَأَعْرَضُوا عَنْ الرِّسَالَةِ، فَوَقَعُوا فِي مَهَامِهِ الْحَيْرَةِ وَبَيْدَاءِ الضَّلَالَةِ.

    وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْعِصْمَةَ مَضْمُونَةٌ فِي أَلْفَاظِ النُّصُوصِ وَمَعَانِيهَا فِي أَتَمِّ بَيَانٍ وَأَحْسَنِ تَفْسِيرٍ، وَمَنْ رَامَ إدْرَاكَ الْهُدَى، وَدِينِ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ مِشْكَاتِهَا فَهُوَ عَلَيْهِ عَسِيرٌ غَيْرُ يَسِيرٍ".

    وقال الذهبي في السير (10/547): "هَذَا غَايَةُ مَا عِنْدَ هَؤُلاَءِ المُتَقَعِّرِينَ مِنَ العِلْمِ، عِبَارَاتٌ وَشَقَاشِقُ لاَ يَعْبَأُ اللهُ بِهَا، يُحَرِّفُوْنَ بِهَا الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه قَدِيْماً وَحَدِيْثاً، فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الكَلاَمِ وَأَهْلِهِ".

    وقال -رحمه الله- في السير في ترجمة الأَعْيَنُ أَبي بَكْرٍ مُحَمَّد بنُ الحَسَنِ بنِ طَرِيْفٍ (12/120): "قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ أَبِي، وَقَالَ: إِنِّي لأَغْبِطُهُ، مَاتَ وَمَا يَعرِفُ إِلاَّ الحَدِيْثَ، لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ كَلاَمٍ".

    قال الذهبي: "هَكَذَا كَانَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ، لاَ يَرَوْنَ الدُّخُوْلَ فِي الكَلاَمِ، وَلاَ الجِدَالَ، بَلْ يَسْتَفْرِغُونَ وُسْعَهُم فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالتَّفَقُهِ فِيْهِمَا، وَيَتَّبِعُونَ، وَلاَ يَتَنَطَّعُونَ".

    وقال الذهبي في ترجمة أَبي ذَرٍّ الهَرَوِيّ عَبْد بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ (ت343هـ) - رَاوي (الصَّحِيْح) عَنِ الثَّلاَثَةِ: المُسْتَمْلِي، وَالحَمْوِيِّ، وَالكُشْمِيْهَنِيِّ- في السير (17/557): "أَخذ الكَلاَمَ وَرَأْيَ أَبِي الحَسَنِ عَنِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ الطَّيِّب، وَبثَّ ذَلِكَ بِمَكَّةَ، وَحمله عَنْهُ المغَاربَةُ إِلَى المَغْرِب، وَالأَنْدَلُس، وَقبل ذَلِكَ كَانَتْ عُلَمَاءُ المَغْرِب لاَ يدخُلُوْنَ فِي الكَلاَم، بَلْ يُتْقِنُوْنَ الفِقْهَ أَوِ الحَدِيْثَ أَوِ العَرَبِيَّةَ، وَلاَ يَخُوْضُون فِي المعقولاَتِ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الأَصِيْلِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِيّ، وَأَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَمَكِّيٌّ القَيْسِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَالعُلَمَاءُ".

    وقال ابن القيم في بدائع الفوائد (4/150): "فهذه حجج الرب تبارك وتعالى على بطلان ما نسبه إليه أعداؤه والمفترون عليه فوازن بينها وبين حجج المتكلمين الطويلة العريضة التي هي كالضريع الذي لا يسمن ولا يغني من جوع فإذا وازنت بينهما ظهرت لك المفاضلة إن كنت بصيرا ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا فالحمد لله الذي أغنى عباده المؤمنين بكتابه وما أودعه من حججه وببيانه عن شقاشق المتكلمين وهذيانات المتهوكين فلقد عظمت نعمة الله تعالى على عبد أغناه بفهم كتابه عن الفقر إلى غيره {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}".اهـ

    والله المستعان وعليه التكلان.

    وكتب

    أبو عبدالأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصري

    عصر الأربعاء 19 من ذي القَعدة 1434ه





    [1] - أخرجه البخاري حديث (7320)، ومسلم حديث (2669).

    [2] - أخرجه أحمد (4/102)، وأبو داود في "سننه" حديث (4597).



    المصدر : سحاب السلفية .
يعمل...
X