إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

«تفريغُ شرح كتاب الفتن من صحيح البُخاريّ / الدرس الثاني» لفضيلة الشيخ عبيد الجابري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [تفريغ] «تفريغُ شرح كتاب الفتن من صحيح البُخاريّ / الدرس الثاني» لفضيلة الشيخ عبيد الجابري

    «تفريغُ شرح كتاب الفتن من صحيح البُخاريّ»
    لفضيلة الشّيخ العلاّمة:
    عُبيد بن عبد الله الجابريّ -حَفِظَهُ اللهُ-


    تعليقاتٌ على «كتاب الفتن من صحيح البُخاريّ»ألقاها فضيلته في «جامع خليل بن سبعان وسارة سنبل» بمدينة الرّياض - عام 1433هـ


    تنبيه: كُنت قد فرّغتُ 3 أشرطة الأخيرة من شرح الشّيخ مُنذ أكثر من عام، والشّريط 1 كان قد فرّغهُ أحد الإخوة ولكن لم يُرسله لِي -أسألُ اللهَ أن يُوفِّقهُ-، فأحببتُ نشرَ التّفريغات عسَى اللهُ أن ينفَعَ بها إخواني، وعسى أن يتشجّع أحد الإخوة ويُفرِّغ لنَا الشّريط الأوّل، ومن وجد خطأ فَلْيُنبِّهْنِي، وجزاكُمُ اللهُ خيرًا.

    التّفريغ
    :


    يسرّ موقع ميراث الأنبياء أن يُقدّم لكم تسجيلاً لدرس في «شرح كتاب الفتن من صحيح الإمام البخاري»، ألقاه فضيلة الشّيخ العّلامة عبيد بن عبد الله الجابري -حفظه الله تعالى- ضمن فعاليات دورة علمية أقيمت في: «جامع خليل بن سبعان وسارة سنبل» بمدينة الرّياض عام ثلاثة وثلاثين وأربع مائة وألف هجرية.
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع به الجميع.

    الدّرس الثاني:

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    المتن:
    قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-:
    "باب قول النبيّ –صلّى الله عليم وسلّم-: من حمل علينا السّلاح فليس منّا"
    قال حدّثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- أنّ رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- قال:(مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا).
    حدّثنا محمد بن العلاء قال حدّثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى –رضي الله عنه- عن النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال:(مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا).
    قال حدّثنا محمد قال أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن همّام قال سمعت أبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال:(لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ).
    قال حدّثنا علي بن عبد الله قال حدّثنا سفيان قال قلت لعمرو: يا أبا محمد سمعت جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- يقول: (مَرَّ رَجُلٌ بِسِهَامٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا‏" قَالَ: نَعَمْ).
    قال حدّثنا أبو النعمان قال حدّثنا حمّاد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر –رضي الله تعالى عنه- (أَنَّ رَجُلاً، مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ بِأَسْهُمٍ قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا، فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا، لاَ يَخْدِشُ مُسْلِمًا‏).
    قال حدّثنا محمد بن العلاء قال حدّثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى –رضي الله تعالى عنه- عن النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا ـ أَوْ قَالَ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ ـ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ).

    الشّرح:
    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وليّ الصّالحين وربّ الطيّبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله -صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطّيّبين الطّاهرين وسلّم تسليمًا كثيراً-.

    حاصل ما دلّت عليه هذه الأحاديث:

    أوّلاً: حفظ كرامة المسلم والمحافظة على حُرمته، وإيضاح ذلك أنّه في الحديثين الأوّلين حذّر –صلّى الله عليه وسلّم- من حمل السّلاح على إخوانه من المؤمنين فقال:(ليس منّا)، وهذا الوعيد من صيغ النّهي الفرعية فيقتضي تحريم هذا الأمر، فحمل السّلاح يُقال فيمن اخترط سلاحه وجنّده وهيّأه للاعتداء على دماء المُسلمين وسفكها، وأمّا الأحاديث الأخيرة فهي مُتضمّنة وجوب حفظ أمن المُسلمين وذلكم أنّ النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- أمر المُسلم الذي يحمل نبالاً وسهاماً أن يضع كفّه على نصلها حتّى لا يخدش بأحد في المجامع العامّة كالأسواق والمساجد وحيث يتجمّع النّاس، وفي بعضها نهى –صلّى الله عليه وسلّم- عن الإشارة بالسّلاح وذكر العلّة وهي أنّه قد يكون الشّيطان ينزع بيده فيضرب المسلم بسلاحه وأنا أحفظ وقائع كثيرة في منطقتنا منها: أنّ رجلاً أخذ يُمازح أخًا له بالبُندقيّة ونسي أنّ فيها رصاصاً فضغط على ما يُسمّونه الزّناد فانطلقت الرّصاصة وأصابت أخاه فقتله؛ نعم.

    المتن:
    "باب قول النبيّ –صلّى الله عليم وسلّم-: لا ترجعوا بعدي كُفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض"
    قال حدّثنا عمر بن حفص قال حدّثني أبي قال حدّثنا الأعمش قال حدّثنا شقيق قال: قال عبد الله –رضي الله تعالى عنه- قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ).
    قال حدّثنا حجاج بن منهال قال حدثنا شعبة قال أخبرني واقد بن محمد عن أبيه عن ابن عمر –رضي الله عنهما- أنّه سمع النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: (لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ).
    قال حدّثنا مسدّد قال حدثنا يحيى قال حدثنا قرة بن خالد قال حدثنا ابن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة –رضي الله عنه- وعن رجل آخر هُو أفضل في نفسي من عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خطب النّاس فقال: (أَلاَ تَدْرُونَ أَىُّ يَوْمٍ هَذَا.‏ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ‏.‏ قَالَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ‏.‏ فَقَالَ ‏"‏ أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ ‏"‏‏.‏ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ‏.‏ قَالَ ‏"‏ أَيُّ بَلَدٍ، هَذَا أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ ‏"‏‏.‏ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ‏"‏‏.‏ قُلْنَا نَعَمْ‏.‏ قَالَ ‏"‏ اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ فَكَانَ كَذَلِكَ ـ قَالَ ـ لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ‏"‏‏.‏ فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ حُرِّقَ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ، حِينَ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ‏.‏ قَالَ أَشْرِفُوا عَلَى أَبِي بَكْرَةَ‏.‏ فَقَالُوا هَذَا أَبُو بَكْرَةَ يَرَاكَ‏.‏ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَحَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَوْ دَخَلُوا عَلَىَّ مَا بَهَشْتُ بِقَصَبَةٍ‏).
    قال حدثنا أحمد بن إشكاب قال حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه عن عكرمة عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- قال: قال النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم-: (لاَ تَرْتَدُّوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ).
    قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن علي بن مُدرك قال سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير عن جده جرير -رضي الله تعالى عنه- قال: قال لي رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- في حجّة الوداع: (اسْتَنْصِتِ النَّاسَ‏‏‏.‏ ثُمَّ قَالَ: لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ).

    الشّرح:
    أقول:
    أوّلاً: يجب أن يُعلم أنّ الإيمان أصل ذو شُعب وكذلك الكُفر أصل ذو شعب فكُلّ منهما له شُعب، فجميع شعب الإيمان فالطاعات كلّها شعب إيمان قوليّة أو عمليّة أو اعتقاديّة، وجميع المعاصي هي تحت هذا الأصل أنّ الكُفر ذو شعب فيها شعب كفر، لكن يجب كذلك أن يُعلن أنّ الكُفر كُفران:
    كُفر مُخرج من الملّة ومنه: الشّرك بالله وسبّ النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وسبّ دين الإسلام وسبّ الصّاحبة جميعًا كما تسلكه الرّافضة أو تقول أحيانًا أنّ عامّتهم فسقوا.

    ومن شعب الكُفر ما هو كفر أصغر ويُطلق على سبيل الزّجر والتخويف فالترجمة حاصلها أنّ اعتداء المُسلمين على بعضهم وحمل السّلاح من بعضهم على بعض هُو من شُعب الكُفر وهو من سمات الكُفّار، فالإسلام هُو محلّ أمن وطمأنينة وسكينة أمن على الدّين وعلى العرض وعلى النّفس وعلى المال أمن على كلّ شيء وفي الحديث الّصحيح: (المُسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، فالنبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- حذّر من ارتكاب ما يُصبح المُسلم به مشابهًا للكُفّار، فالكُفّار حياتهم كلّها فوضى اعتداء على النّفوس وعلى الأموال وعلى الأعراض على كلّ شيء هذا هو الأمر الثّاني.

    الأمر الثّالث: في قوله –صّلى الله عليه وسلّم-: (سبابُ المُسلم فُسوق وقتاله كُفر) هاتان الجملتان فيهما فائدتان:

    الفائدة الأولى: الرّدّ على المُرجئة وأظنّهم يعنون المُرجئة الغالية القائلين: لا يضرّ مع الإيمان ذنب، فالنبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وصف الاعتداء على المُسلم اعتداء باللّسان وهذا هُو ... فُسوق، اعتداء باليد والسّلاح هذا كُفر.

    الفائدة الثّانية: تأكيد ما سبق من زجر المُسلم عن الاعتداء على أخيه المُسلم وأنّ هذا الاعتداء يُروّع الآمنين، ويُشيع الفوضى من سلب ونهب وقطع طريق وانتهاك أعراض وحُرُمات. نعم.

    المتن:
    "باب: تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم".
    قال حدّثنا محمد بن عبيد الله قال حدّثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة –رضي الله عنه- ح قال إبراهيم: وحدّثني صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سعيد بن المُسيّب عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-: (سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ).
    قال حدّثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزّهريّ قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنّ أبا هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-: (سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ).

    الشّرح:
    حاصل هذا أمران:
    الأمر الأوّل: عَلَم من أعلام نُبوّة مُحمّد –صلّى الله عليه وسلّم- وهو وقوع الفتن المُدلهمّة العظيمة التي يحار فيها الحليم.
    الثّاني: النّهي عن التّعرّض لهذه الفتن، وعلى من أدرك هذه الفتن أن يعتزلها كما سيأتي في حديث حُذيفة، ولا يُعرّض نفسه لها، يسلك سبيل السّلامة يفرّ بدينه وعرضه حتّى لا يقع في محذور يُفسد عليه دينه ودنياه، نعم.

    المتن:
    "باب: إذا التقى المسلمان بسيفيهما".
    قال حدّثنا عبد الله بن عبد الوهّاب قال حدّثنا حمّاد عن رجل لم يُسمّه عن الحسن قال خرجت بسلاحي ليالي الفتنة فاستقبلني أبو بكرة –رضي الله تعالى عنه- فقال: أين تريد، قلت: أريد نصرة ابن عمّ رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-، قال: قال رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-: (إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلاَهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ ‏"‏‏.‏ قِيلَ فَهَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ ‏"‏ إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ ‏"‏‏.‏ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لأَيُّوبَ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ يُحَدِّثَانِي بِهِ فَقَالاَ إِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْحَسَنُ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ‏.‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بِهَذَا).
    وقال مؤمّل: حدّثنا حمّاد بن زيد قال حدّثنا أيّوب ويونس وهشام ومعلّى بن زياد عن الحسن عن الأحنف عن أبي بكرة –رضي الله عنه- عن النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- ورواه معمر عن أيّوب ورواه بكّار بت عبد العزيز عن أبيه عن أبي بكرة –رضي الله عنه-.
    .وقال غندر: حدّثنا شعبة عن منصور عن ربعيّ بن حراش عن أبي بكرة –رضي الله عنه- عن النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- ولم يرفعه سفيان عن منصور.

    الشّرح:
    مراد البخاري بهذا السّياق إزالة ما كان من إبهام في الإسناد الأول عن الحسن عن رجل لم يُسمّه فدلّل –رحمه الله- أنّ هذا الحديث له طرق فيها تسمية ذلك الرّجل وهو الأحنف بن قيس –رحمه الله-.

    وحاصل ما دلّ عليه هذا الحديث:
    أوّلاً: تأكيد ما سبق من نهي المُسلم عن الاستشراف للفتن والتّعرّض لها، وفيه فوائد أخرى منها: أنّ نصيحة أبي بكرة هذه لمن أخبره أنّه يُريد نُصرة ابن عمّ رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- يعني علي بن أبي طالب على من خرج للمطالبة بدم عثمان، هذا يُشكل على ما أخرجه أحمد ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- عن النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنّه لم يكن نبيّ قبلي إلاّ كان حقًّا عليه أن يدلّ أمّته على خير ما يعلمه لهم وأن يُنذرهم شرَّ ما يعلمه لهم وإنّ أمّتكم هذه جُعل عافيتها في أوّلها وسيُصيب آخرها بلاء وأمور تُنكرون..) فذكر الحديث وفيه (ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده وثمرة فؤاده فَلْيُطعه إن استطاع) يعني مع القُدرة وهو نظير قوله –صلّى الله عليه وسلّم-: (إنّما الطّاعة بالمعروف)، (..فإن جاء آخر يُنازعه فاضربوا عُنق الآخر).

    والجواب عن هذا الإشكال أنّ المُطالبين للخليفة –رضي الله عنه وعنهم كذلك- لأنّهم أصلاً لم يُريدوا حربه ولم يُريدوا منازعته في إمامته وإنّما أرادوا أمرا آخرا وهو: حظّ الخليفة –رضي الله عنه وعنهم- أن يقتصّ من قتلة عثمان –رضي الله عنه- وهم السّبعيّة فالخروج غير موجود والقصّة كما في السّيرة أنّه لمّا اقترب الفريقان من الصُّلح أحسّ السّبعيّة بالخطر وأنهم أحيط بهم فاندسّوا تحت جُنح اللّيل بين الفريقين فصاروا يُطلقون النّار فاندلعت الحرب وهي غير مُرادة أبدًا هذا وجه.
    وجه آخر: هؤلاء الصّحابة والنبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- يقول:(إذا ذُكر أصحابي فأمسكوا) وقال:(لا تسبّوا أصحابي) إلى غير ذلكم من الأحاديث التي تدلُّ على وجوب سلوك الأدب مع الصّاحبة –رضي الله عنهم-.

    فإذن: نصيحة أبي بكرة –رضي الله عنه- لذلكم الرّجل ليس فيها معارضة للحديث الذي ذكرنا، نعم، تابع.

    (الشّيخ عبيد الجابري):
    دقيقة يا شيخ دقيقة تذكرت شيء، (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) هل التّثنية هُنا للعهد؟ أو للعموم؟ هذه "ال" هنا التي دخلت على المُثنّى للعموم استغراقية والمقصود: كلّ مسلمين سواء كانوا جماعتين أو كانوا فردين، والحديث فيه هذا الوعيد الشّديد أنّهما في النّار، وبيّن –صلّى الله عليه وسلّم- عِلّته فقال:(إنّه حريص على قتل صاحبه) يعني المقتول، فكلّ منهما إذًا يُريد أن يقتل أخاه ظُلْمًا، هذا وجه.

    وجه آخر: خُصَّ من عموم هذا الحديث الفئة الباغية فأيّت فئة تبغي على إمام المُسلمين القائم وتُنازعه في سلطانه بدعاوى هذه تُقاتل يقاتلها الإمام بمن معه حتّى تفيء يعني ترجع وتذعن للسّلطان فإذا أذعنت أُصلح بينهما، وهُنا: هل يُفرّق بين الخوارج والبُغاة؟ هذه يُنظر لها من وجهين:

    الوجه الأوّل: من حيث اللّغة فكلّ من شهر السّيف على الإمام وانتصب لحربه وتجنّد له فهو خارجي بمعنى الخروج العام العُرفي واللّغوي، ثُمّ يُفرّق بينهما فالخوارج تدّعي كُفره وقد تتوسّع وتدّعي كُفر من معه كما صنع أهل النهروان.

    أمّا البُغاة فهم لا يُكفّرونه وقد يُعلنون أنّه مُسلم لكن يدّعون عليه مظالم ويلقون شبهًا ولهذا قال أهل العلم: الإمام يُناظرهم إذا كان لهم راية يمكن الوصول إليها فإن ادّعوا مظلمة رفعها وإن ادّعوا شبهة كشفها فإن أذعنوا فهو المطلوب لا خير في حربهم وإن لم يُذعنوا فإنّه يُقاتلهم، نعم.

    المتن:
    "باب: كيف الأمر إذا لم تكن جماعة".
    قال حدّثنا محمد بن المثنى قال حدّثنا الوليد بن مسلم قال حدّثنا بن جابر قال حدّثني بسر بن عبيد الله الحضرمي أنّه سمع أبا إدريس الخولاني أنّه سمع حذيفة بن اليمان –رضي الله عنه- يقول: (كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ ‏"‏ نَعَمْ ‏"‏‏.‏ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ ‏"‏ نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ ‏"‏‏.‏ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ ‏"‏ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْىٍ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ ‏"‏‏.‏ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ ‏"‏ نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ‏"‏‏.‏ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا‏.‏ قَالَ ‏"‏ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ‏"‏‏.‏ قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ ‏"‏ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ‏"‏‏.‏ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ ‏"‏ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ).

    الشّرح:
    شاهد الترجمة الجملة الأخيرة (فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام..) قال: (..تلزم) قال: (تعتزل تلك الفرق كلّها) إلى آخر الحديث، هذا طريق السّلامة والنّجاة حينما يكون المسلمون نهبًا مُوزَّعين بين رايات كلّ تدّعي أنّها هي جماعة أهل الإسلام فماذا يصنع المسلم؟ يعتزلها كلّها، فإذا غلب الجماعة ونفذت كلمتها في المسلمين وأقاموا إمامهم دخل فيما دخل فيه النّاس، وإن لم ينكشف نجا بنفسه.

    وفي الحديث فوائد أخرى منها: فقه حذيفة –رضي الله عنه- في هذه المسائل المتنوّعة والسّرّ في ذلك -والله أعلم- أنّه –رضي الله عنه- روى في الفتن ما رواه غيره من الصّحابة –رضي الله عنهم- من ذلكم ما أخرجه عنه مسلم وغيره عن النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قال: (تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودًا عودًا فأيّ ما قلب أنكرها نُكت فيه نكتة بيضاء وأيّ ما قلب أُشربها –يعني: ألفها أحبها تشرف إليها- نكت فيه نكتة سوداء حتّى تعود –يعنى: القلوب- على أبيض مثل الصّفاء لا تضرّه فتنة مادام السّماوات والأرض وعلى مثل الكوز مجخّيًا لا يعرف معروفًا ولا يُنكر مُنكرًا إلاّ ما أُشرب من هواه) فسأل –رضي الله عنه- هذه المسائل لأخذ الحذر ولسلوك الأحوط والأبرى لدينه وعرضه فأجابه النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- عن كلّ مسألة بجوابها.

    الفائدة الثّانية: أنّ من حارب أهل الإسلام بمبادئ وأحكام وأفكار دخيلة على أهل الإسلام كاللّيبيرالية والبعثية وغيرها هم من المسلمين هم دعاة على أبواب جهنّم فَلْيحذر هؤلاء وَلْيتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى فإنّهم لا يُضلّون مسلمًا ولا مُسلمة إلاّ كان عليهم كفل الوزر، والنّجاة أن يعودوا إلى ما عليه جماعة المسلمين القائمة من الإسلام والسُّنّة والتوحيد وعدم نشر هذه الرّذائل بين المسلمين، نعم. ومنها: أنّ المُسلم يحذر كلّ ما كان غريبًا ممّا يفد عليه وعليه أن ينظر في كتاب ربّه فإن وجده أخذه فإذا لم يجده في الكتاب الكريم نظر في السُّنّة فإنّ السّنّة وحي مثل القرآن وهي تدلّ على ما يدلّ عليه القرآن كما سبق البارحة في أصول السّنّة، وإن لم يجده لا في كتاب ولا في سُنّة نظر في سيرة السّلف الصّالح من الصّحابة والتّابعين فإن كان من سمتهم وهديهم فهو خير فإذا لم يجده في هذه المسالك الثّلاثة تركه ورفضه هذا أبرأ لدينه وعرضه، نعم.

    والنّاس يُدركون هذا حسًّا وتجربة؛ فالمظاهرات والشّعارات الجاهلية من ديمقراطية ومن حرية حرية التعبير والدّولة المدنيّة التي تساوى فيها كلّ الطّوائف هذه من أين جاءت؟ هذه جاءت بها بعوث المسلمين الذين انتدبوا لتعلّم علوم يحتاجها المسلمون انتدب هؤلاء إلى المعسكر الغربي بزعامة أمريكا أو المُعسكر الشّرقي بزعامة روسيا والصّين فبدل أن يعودوا مُعلّمين لما يحتاجه أهلهم من العلوم التي لا بدّ لهم منها مثل: الهندسة والطّبّ والرّياضيّات وغيرها عادوا ضالين مُضلّين بهذه الشّعارات وبغيرها ممّا هو غريب على أهل الإسلام، نعم.

    المتن:
    "باب: من كره أن يُكثّر سواد الفتن والظّلم".
    قال حدّثنا عبد الله بن يزيد قال حدّثنا حيوة وغيره قال حدّثنا أبو الأسود وقال اللّيث عن أبي الأسود قال: (قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَنَهَانِي أَشَدَّ النَّهْىِ ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَأْتِي السَّهْمُ فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ، فَيَقْتُلُهُ أَوْ يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ‏.‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى﴿إنّ الذين توفّاهُمُ الملائكةُ ظالمي أنفسهم).

    الشّرح:
    أقول: هذه التّرجمة من حيث النظر المجرّد كأنّها تبعد شيئا عن مضمون الكتاب كتاب الفتن، لكن بالتّأمّل يظهر أنّها ذات علاقة وليست نادّة عن الكتاب، وهذا أوّلاً في عنوان التّرجمة: "باب: تكثير سواد الفتن والظّلم"، الفتن: مناصرة منه مناصرة أهل البدع والكفّار على المسلمين والظّلم كذلك يعمّ، لكن قد يكون بين المسلمين بغي بعضهم على بعض.

    الأمر الثّاني: أنّ ابن عبّاس –رضي الله عنهما- استشهد لما تضمّنه الحديث بآية....﴿إن الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها.. الآية، وذلكم أنّ اللّفظ أنّ العبرة بعموم اللّفظ لا بخصوص السّبب، فيستدلّ الصّحابة –رضي الله عنهم- على مثل هذا الذي ذكره ابن عبّاس في الحديث بهذه الآية للقاعدة الأصولية التي قدّمناها: (العبرة بعموم اللّفظ لا بخصوص السّبب) هذا وجه.

    وجه آخر: أن الذي يُناصر أهل الظّلم ويُشايعهم على إخوانه من أهل الإسلام هذا حين يموت يموت ظالمًا لنفسه والمفترض فيه أن يبتعد إن قدر على نصرة المظلوم على الظالم إذا لم يكن هناك حاكم يعني يسعى بالصلح يسعى بالتخويف يسعى بالرّدع ... أمّا القتال فلا الذي يردع بالقتال هُو الحاكم القائم بالمسلمين كما تقدّم في الفئة الباغية، نعم.

    المتن:
    "باب: إذا بقي في حثالة من الناس".
    قال حدّثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان قال حدّثنا الأعمش عن زيد بن وهب قال حدّثنا حذيفة قال حدّثنا رسول الله –صلّى الله عليه وسلم- حديثين رأيتُ أحدهما وأنا أنتظر الآخر، قال حدّثنا أنّ: (أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ)، وحدّثنا عن رفعها قال:(يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى فِيهَا أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَىْءٌ، وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ فَيُقَالُ إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا‏.‏ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ، وَمَا أَظْرَفَهُ، وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَقَدْ أَتَى عَلَىَّ زَمَانٌ، وَلاَ أُبَالِي أَيُّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَىَّ الإِسْلاَمُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَىَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا).

    الشّرح:
    أقول: هذا الحديث أو هذان الحديثان يتضمنان:

    أوّلا: أنه من فضل الله ورحمته وسعة إحسانه على عباده أنّه علّمهم ما يُصلح دينهم ودنياهم بالقرآن وبالسُّنّة فعرفوا من القرآن وعرفوا من السُّنّة ومن ذلكم فقهوا الأمانة وأنّه يجب حفظها وأداؤها إلى أهلها، والأمانة قد تكون أمانة عاّمة وهي: حفظ الشّرع كلّه وأداء حقّ الله سبحانه وتعالى، وقد تكون أمانة خاصّة وهي: حفظ حقوق العباد وأداؤها كاملة كما قال تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا.

    ثانيا: من باب الابتلاء أنّ الأمانة تُرفع لكن رفعها شيئا فشيئا حتّى يصل الأمر إلى أنّه يوصف أناس بالجلد والظّرف والقوة وأنّه أمين وليس عنده إيمان يعني: تبقى عندهم شيء من الأمانة الخاصّة وليست الأمانة العامّة التي هي حفظ الدين والدنيا معًا.

    أمر ثالث: وهو: استغراب حذيفة –رضي الله عنه- من أهل زمانه لما يرى ما هم فيه من انقلاب حالهم وانحرافها عمّا كان يعهده منهم زمن النّبوّة فعدّ رجالاً هم أهل الأمانة، أنا أقول: يكف لو زماننا -رضي الله عنه-؟ الله أعلم بماذا يحكم! لوجد البدع والمحدثات والظّلم بل والكفريّات التي تبثّها الكتب الفكرية وبعض القنوات الفضائية والفساد الخلقي الذي يدعو إليه من يدعو بوسائل مختلفة، ثم أكّد هذا –رضي الله عنه- قال: (إن كان مسلمًا ردّه عليّ دينه) يعني المسلم الذي صدق في إسلامه الدّين يُعيده فيدع ما ركبه من الباطل والخيانة والكذب والظلم وغير ذلك، والنّصراني يردّه ساعيه يعني الوالي عليه يردعه ويردّه فيُؤدّي ما اؤتمن عليه لأنّ النّصراني ليس عنده دين لكن قد يُؤتمن على شيء يأتمنه بعض جيرانه من المسلمين على أمور فحين يريد أن يبخسها ويخون فيها ويُغطّيها ويخفيها فإنّ ساعيه الذي هو الوالي عليه القادر يردّه بالقوّة فيُؤدّي ما اؤتمن عليه، وقوله: (حثالة) أي: أناس مختلطون أهل الخير والصّلاح فيهم قِلّة والكثرة أراذل، نعم.

    المُلقي: أنتَ أحسن الله إليك.

    الشّيخ: طيّب، الحمد لله، هاتوا الأسئلة.

    المُلقي: أحسن الله إليكم وبارك الله فيكم، نستأذنكم في طرح بعض الأسئلة على فضيلتكم.

    الشّيخ: الله المُستعان، نسأل الله أن يجعلنا عند حُسنِ الظن.

    الأسئلة:

    السّؤال:
    يقول السّائل: أحسن الله إليكم؛ نحنُ بعض طلاّب العلم من روسيا وعندنا الأئمة يفعلون بعض البدع ونحن نرجع إليهم في عطلة الشّتاء لأجل الدّعوة إلى الله، فهل يجوز لنا أن نسكت عن أخطائهم لأنّنا لو تكلّمنا عن أخطائهم مُنعنا من الدعّوة؟

    الجواب:
    أنتَ يا بُنيّ لم تذكر بدعهم هل هي مكفّرة أو مفسّقة، لكن إن كانت مكفّرة فلا تصلّوا معهم حتّى تُناصحوهم في أنفسهم فإن انتصحوا فهم إخوانكم أنتم منهم وهم منكم لما هو معلوم أنّ المسلمين تحت روسيا كانوا ممسوخين أخيرًا تنفّس المسلمون الصّعداء فنجا منهم من نجا من البدع كان الكفر مفروض عليهم وقد بلغنا أنّ أناسًا في السّراديب يتدارسون القرآن ويتدارسون ما تيسّر من كتب السُّنّة ولهم سابر يعني استطلاعي على باب السّرداب، فإذا رأى المندوب الرّوسي أعطى إشارة فإذا دخل هذا المندوب وإذا هو يرى بين النّاس كتب ستالين و كارل ماركوس وغيرهم، نعم.
    أمّا إذا كانت مفسّقة فتقترب منهم وعلّموهم السّنّة علّموا المسلمين غيرهم وأنتم ردّوا البدع ولا تذكروا أسماء أهلها ردّوا البدع قدرَ المُكنة، فإذا حيل بينكم وبين ذلك بالقوّة فلا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها علّموا النّاس السُّنّة، نعم.

    السّؤال:
    أحسن الله إليكم، هذا سائل يقول: في قوله –صلّى الله عليه وسلّم-:"أدُّوا إليهم حقّهم" هل يدخل في هذا الحقّ دفع الضّريبة؟

    الجواب:
    الضّريبة هذه لها حالتان:

    الحالة الأولى: أن لا يكون لدى الدّولة المسلمة خزينة تُغطّي حاجات البلد ومصالحه من شقّ طرقات وإجراء مياه وكهرباء وغير ذلك، فلا مانع من أخذ ضريبة ينتفع بها البلد ولا تضرّ المواطن.

    الحالة الثّانية: أن تكون من باب الظّلم و......فعليكم بالصّبر، هذه ليس من حقّه لكن عليكم الصّبر، نعم.

    السّؤال:
    بارك الله فيكم، هذا سائل يقول: هل يُفهم من قول النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- في الفتن:"القاعد فيها خير من القائم" أنّ السّاكت في الفتن خير من المتكلّم فيها؟

    الجواب:
    لا شكّ، القاعد هذه تعبير في الغالب المقصود النّهي عن الاستشراف لها والتّعرّض، فالذي يسكت ويُؤدّي نصائح بقدر المكنة ينصح من استطاع نصحه لا بأس، نعم، فهو خير من المتكلّم الذي تكلّم بغير علم أو يُعرّض نفسه وغيره لما لا يُطيقون من ظلم الظّلمة، نعم.

    السّؤال:
    بارك الله فيكم، هذا السّائل يقول: أحسن الله إليكم: كيفَ نُفرّق بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر؟

    الجواب:
    أقول: أنا قدّمت آنفًا أنّ كلاّ من الإيمان له أصل وشعب، أزيد هنا فأقول: وذكرت أمثلة فأقول تعقيبًا على ما سبق: أنّ من شعب الكفر ما يُضادّ الإيمان بالكُلّيّة ولا يبقى معه من الإيمان شيء كسبّ الله وسبّ النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وسبّ دين الإسلام وسبّ الصّحابة هذا لا يبقى معه من الإيمان شيء، كذلك الذّبح إلى غير الله، التّقرّب إلى الجنّ وصالحي عباد الله من الإنس والجنّ هذا كفر لا يبقى معه شيء من الإيمان شيء، ومنها ما هو يعني يُنافي الكمال الواجب، بعض أهل العلم استخرج قاعدة يقولون: إذا عُرّف الكفر قالوا: هذا هو الكفر الأكبر، وإذا نُكّر فهو الكفر الأصغر والله أعلم، نعم.

    السّؤال:
    أحسن الله إليكم، هذا سائل يقول: كيف نربط –لعلّه يقصد: نجمع- بين قوله –صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) وبين قوله –صلّى الله عليه وسلّم-: (من قتل دون ماله فهو شهيد)؟

    الجواب:
    الفرق واضح يا بنيّ، بيّنه النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- في حديث أبي بكرة الذي أشرت إليه قال: (إنّه كان حريصًا على قتل صاحبه) يعني المقتول حريص على قتل صاحبه ظلمًا، أما الذي يقاتل دون ماله فهو لا يقاتل ظلما مُعتدى عليه، نعم.

    السّؤال:
    أحسن الله إليكم: هذا سائل يسأل عن طريق موقع ميراث الأنبياء يقول: هل يجوز لنا أن نُؤسّس في تونس جمعيّة لتحفيظ القرآن الكريم علمًا أنّها الطريقة الوحيدة المُيسّرة لنا؟

    الجواب:
    أقول: هذه الجمعيّة وغيرها ممّا يخدم الدّعوة إلى الله أو يخدم المصالح العامة لأهل الإسلام كعلاج المرضى وإغاثة المحتاجين من بني الإسلام لا مانع منها –إن شاء الله- لكن بعد استئذان وليّ الأمر القائم عن طريق الجهات المختصّة النّائبة عنه، نعم.

    السّؤال:
    بارك الله فيكم، هذا سائل يقول: أقرضت شخصًا مبلغا من المال وهو خارج المملكة وذلك عن طريق حوالة بنكيّة دفعتها للبنك بالرّيال ووصلته في بلده بالدّولار وحوّلها إلى جنيه كي يستفيد منها فبأيّ عملة يُسدّد لي؟

    الجواب:
    يُسدّدك بالرّيالات وهي لن تصل إليك إلاّ بالدّولارات لكن ما المعادلة هنا؟! فمثلا ألف ريال ألفين ريال عشرة آلاف كم تساوي دولارًا فحوّلها إليك بهذا، هذا لابدّ منه ضرورة.

    السّؤال:
    أحسن الله إليكم، يقول: ما رأي فضيلتكم فيمن يستدلّ بخروج بعض السّلف عن الحكّام أنّها –مسألة الخروج- مسألة خلافيّة؟ وهل صحيح أنّه حصل إجماع بعد خروج بعض السّلف؟

    الجواب:
    النّهي عن الخروج على الحاكم القائم على أهل الإسلام برًّا وهو منهم برّا منهم أو فاجرًا هذا مُجمعٌ عليه دلّت عليه السّنة متواترًا، وأجمع عليه الأئمة، وهذا من تلبيسات إبليس على من جنّدهم لحرب أهل السُّنّة.

    فأوّلاً: يجب تحكيم السُّنّة لا تحكيم مسالك الرّجال وإن بلغوا في الإمامة مبلغًا والفقه والعلم، السّنّة هي الحاكمة وليس محكومًا عليها.

    ثانيًا: ليس أحد معصوم من الخطأ بعد رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-؛ إجماع الأمة معصوم من الخطأ أما الأفراد يقع منهم، الخلفاء الراشدون الأربعة زكّاهم النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- فأوصى بسُنّتهم قال: (عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي).

    الأمر الثّالث: أنّ الذين خرجوا ندموا ورجعوا واعترفوا بخطئهم من ذلك: الحسن البصري خرج في فتنة ابن الأشعث وكذلك الشّعبي وغيرهم فندموا فبعضهم عفا الله عنه الحجاج وبعضهم لم يعف عنه لكنهم ندموا على هذا، نعم.

    السّؤال:
    أحسن الله إليكم، هذه سائلة تقول: رجل يريد أن يُسافر إلى بلاد أوربية من أجل الترفيه ويريد زوجته أن تسافر معه فهل تجيبه لذلك أم تمتنع من أجل الفتن؟

    الجواب:
    أقول: أوّلاً نحن ننصح المسلمين بأن لا يُسافروا إلى أوربا ولا غيرها من الدّول الكافرة سواء كانت شرقية أو غربية من أجل التّرفيه، وإنّما إذا سافر يُسافر إلى التجارة أو صلة رحم أو علم يُنتفع به ينتفع به أهل الإسلام أمّا التّرفيه فكل ما فيها فتن وبلايا وغرس الشهوات والإغراء بها.

    بالنّسبة لزوجه إذا أرغمها فهي تسافر معه من أجل إعفافه وكَسر جماحه وكبحه عن الشّهوات المبثوثة المشاعة هناك أرجو أنها إذا سافرت من أجل هذا فهي مأجورة، وإن كانت تمكّنت من إقناعه وتركها فهذا أسلم لها، نعم.

    السّؤال:
    أحسن الله إليكم، هذا سؤال عن طريق موقع ميراث الأنبياء يقول السّائل فيه: بعض الشّركات تقوم بما يُسمّى: الاقتراع ويتمّ السّحب والفائز بهذا السّحب يفوز بعمرة مجّانيّة فهل تجوز المشاركة في مثل هذا؟

    الجواب:
    هذه المسألة الحقيقة يعني ما فهمت مقصود السّائل منها؛ هل هذا بين موظّفيها؟ فيعني تجري قرعة فتُعمر من فاز بها أو هي لعموم النّاس ثم إذا كانت لعموم النّاس فهل هي مبنيّة على دفع نقود معيّنة؟ شراء مثلا سلعا هذه ينظر لها من جميع الأوجه ولعلّي أجيب عليها بعد العشاء –إن شاء الله تعالى- ذكّروني يا شيخ حينما ننتهي من درس أصول السُّنّة و أنا أستأذنكم الآن.اهـ

    الملقي: نعم، بارك الله فيكم وحفظكم الله.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
    وللاستماع إلى الدّروس المباشرة والمسجّلة والمزيد من الصّوتيات يُرجى زيارة موقع ميراث الأنبياء على رابط: www.miraath.net وجزاكم الله خيرًا.

    فرّغه أخوكم:/
    أبو عبد الرحمن أسامة

    ونشرَ التّفريغ يوم: 17 / صفر / 1435هـ

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
يعمل...
X