إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

سلسلة " وقفات مع أقوال السلف " لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [تفريغ] سلسلة " وقفات مع أقوال السلف " لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ

    بسم الله الرحمن الرحيم

    المشاركة الأصلية بواسطة أبو محمد فريد القبائلي مشاهدة المشاركة
    قد شرعنا في رفع هذه المقاطع القيمة على حساب شبكة الإمام الآجري على SoundCloud
    ◄ وهذا أول المقاطع [مقدمة عن أهمية أقوال السلف - فضائل ابن مسعود (رضي الله عنه)]: https://soundcloud.com/ajurry/ibn-mas3oud
    ◄ وسيتم إضافة المقاطع تبعا إلى هذه القائمة: https://soundcloud.com/ajurry/sets/w...-aqwal-assalaf
    نسأل الله أن يوفقنا لرفع هذه السلسلة كاملةً...
    الحمد لله الذي أنعم على عباده المتقين بالتوفيق إلى الطاعات ، وأنعم عليهم بقبولها منهم بعد التوفيق ، وأنعم عليهم بمجازاتهم عليها يوم العرض عليه .
    فالحمد لله الذي تفضل وأنعم وتكرّم ، وأعطى بغير حساب ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لا رب لنا سواه ، ولا معبود لنا غيره ، وأشهد أنّ محمدًا عبد الله ورسوله ، وصفيه وخليله ، نشهد أنه بلغ الرسالة, وأدّى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق الجهاد ، فلا خير إلا دلها عليه ، ولا شر إلا حذرها منه ، فتركها بعده – صلى الله عليه وسلم – على طريق واضح نَهْج بيّن ، لا يزيغ عنه بعده – صلى الله عليه وسلم – إلا هالك .
    اللهم صلّ على محمد كِفَاء ما أرشد وعلّم ، اللهم صلّ على محمد ، وعلى آل نبينا محمد ، وعلى زوجاته ، وعلى صحابة محمد ، صلّى الله عليه وسلِّم تسليمًا كثيرًا ، أما بعد :
    أهمية كلام سلف الأمة
    فإن من القصور الذي يعانيه الناس اليوم ، أنهم يعلمون كلام أهل العصر ، أو أهل العصور التي يعيشونها ، ويقصّرون في تتبع ومعرفة وتدبر كلام سلفنا الصالح ، وكلام السلف قليل كثير الفائدة ، وكلام الخلف كثير قليل الفائدة كماقال ذلك ابن رجب عبد الرحمن بن أحمد الحنبليّ – رحمه الله تعالى – في كتابه العظيم ” فضل علم السلف على علم الخلف ”
    وأساس ذلك : أن السلف كانوا إذا تكلموا اقتفوا في كلامهم أثر النبي – صلى الله عليه وسلم – ، والنبي – عليه الصلاة والسلام – كان يوجِز كلامه ، وقد أوتي جوامع الكلم ، وهي الكلمات القليلة التي تحوي المعانيَ الكثيرة ، فتجد صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لهم من الكلمات و لهم من الوصايا و لهم من الخطب ولهم من الرّسائل التي يوصي فيها بعضهم بعضًا ، ما هو قليل الكلمات ، قليل الحروف ، ولكن مَن تدبَّره وجد تحت كُل جملة العَجَب العُجاب ، مِن تفرُّع المعاني وكثرتها وقوتها .
    وصحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – طبقات ، ومنهم المهاجرون الذين أسلموا قديمًا ، وصحبوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في مكة ، ومن هؤلاء خاصَّةُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصاحِب نعليه ، وصاحب طَهُوره ، عبد الله بن مسعود الهذلي ، المتوفى سنة اثنتين وثلاثين للهجرة .
    فضائل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
    عبد الله بن مسعود ، أو ابن أُمّ عبدٍ – كما كان – عليه الصلاة والسلام – يناديه ، كان ممن أسلم في مكّة ، وصحب الرسول – صلى الله عليه وسلم – في مكّة ، وسمع القرآن أوّل ما أنزل ، وحفظ القرآن ، حتى إنه كان يقول :"لو أنّي أعلم أنّ على الأرض أحد يعلم في كتاب الله جلّ وعلا أكثر ممّا أعلم تبلغه المطيّ لرحلت إليه "
    وكان يحفظ القرآن ، وكان أقرأ الصحابة – رضوان الله عليهم – وقد قال فيه – عليه الصلاة والسلام – : « مَنْ سرّه أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا طريًّا كَمَا أُنْزِلَ ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ». يعني عبد الله بن مسعود .
    قَالَ له عليه الصلاة والسّلام مرّة : « يا عبد الله اقْرَأْ عَلَيَّ القرآن » . قال : أَقْرَأُ عَلَيْكَ يا رسول الله ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ ، قَالَ : « إنِّي أحبُّ أن أسمَعه من غيري » . فَافتح عبد الله رضي الله عنه سُورَةَ النِّسَاءِ ، فمرّ حَتَّى أَتَى قوله جلّ وعلا ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا يومئذٍ يوَدُّ الذين كفروا وعصوا الرّسول لوْ تُسوّى بهم الأرْض ولا يَكْتُمون الله حديثا ﴾ [ النساء : 41 ] ، فقَالَ له النبي عليه الصلاة والسلام : « حَسْبُكَ الآنَ » يعني يكفي فقال عبد الله بن مسعود :". فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ."
    ابن مسعود وصّى به النبي – عليه الصلاة والسلام – ,وصّى الأمّة أن تأخذ بعهده ، وأن تقتفي أثره ، فقد صحّ عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما رواه الإمام أحمد والحاكم وغيرهما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : « تَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أمّ عبد ».
    يعني إذا عهد إليكم عهدا فتمسكوا به .
    وصح أيضًا عنه – عليه الصلاة والسلام – أنه قال : « رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد ».و صحّ عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنّه قال : "قد رضيت لكم ما رضي لكم ابن أمّ عبد "
    ولهذا كان ابن مسعود صاحب وصايا ، يوصي ووصاياه – كما أسلفت – جمعت بين الكلام القليل ، والمعاني الكثيرة ، وسيأتينا ما يدلّ على ذلك .
    كان وَرِعًا خاشعًا ، كان تلّاء للقرآن ، عاملًا به ، آمرًا به ناهيًا ، فهو الذي يقول إذا سمعت ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ فَأرْعهَا سَمْعَكَ ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ تُأمرُ به ، أَوْ شَرٌّ تُنهى عَنْهُ.
    وهو الذي يقول في أهل القرآن : يَنْبَغِي لصاحبِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إِذَا النَّاسُ نَائِمُونَ ، وَبِنَهَارِهِ إِذَا النَّاسُ مُفْطِرُونَ .
    وهو الذي أوصى في القرآن بقوله : لَا تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الدَّقَلِ ولَا تَهُذُّوه هَذِّ الشِّعْرِ ، ، قِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ ، وَحَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ.
    كان – رضي الله عنه – له أصحاب ، كان يوصيهم بوصايا حُفظت لنا ، وكان أصحابه على هيئته ، يترسمون خطاه ، ويهتدون بهديه ، وكان – رضي الله عنه – أشبه الناس هديًا وسمتا ودَلًّا بالنبي – صلى الله عليه وسلم – يعني أنه كان حريصًا على السنة ، ولهذا كان أشبه الناس بالنبي – عليه الصلاة والسلام – .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد فريد القبائلي; الساعة 25-Dec-2013, 04:45 PM.

  • #2
    رد: سلسلة &quot;وقفات مع أقوال السلف &quot; لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ

    الوصية الأولى :
    كان له أصحاب ، وهكذا العالم والدّاعي ، لا بد أن يتأثر به الناس ، و مع ذلك كان مُربّيًا ، حتى في إمامته وصحبته ، رآهم مرّةً يتبعونه ، ورأى العدد كَثُر رضي الله عنه ، فقال لهم كلمته التي هي فاتحة الكلمات التي سنتدَبّر فيها من كلمات ابن مسعود ، قال – رضي الله عنه – لهم : لَوْ تَعْلَمُونَ ذُنُوبِي مَا وَطِئَ عَقِبِي اثنان ، وَلَحَثَيْتُمْ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِيَ ،و لَوَدَدْتُ أَنَّ اللَّهَ غَفَرَ لِي ذَنْبًا مِنْ ذُنُوبِي ، وَأَنِّي دُعِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوْثَةَ" .أخرجه الحاكم وغيره
    يقول لأصحابه " لَوْ تَعْلَمُونَ ذُنُوبِي مَا وَطِئَ عَقِبِي اثنان " وفي رواية أخرى يقسم ويقول " واللهِ الذي لا إله غيره لو تعلمون علمي لحثيتم التّراب عَلَى رَأْسي " وهذه الكلمات مدرسة
    ولا شك ,لأنّ البروز في الناس متوقّع ، إذا تميّز أحد في الناس بشيء ، ربما عظّموه ، وربما مدحوه ، وربما تتابعوا خلفه يمشون ، والمرء كلما ازداد علمه بالله – جل وعلا – علم أنّ ذنوبه كثيرة , كثيرة , كثيرة .
    ولا عجب أن أوصى النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – أبا بكر – وهو أفضل هذه الأمّة من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الصدِّيق الذي قال فيه النّبي عليه الصلاة والسلام "لو وُزِن إيمان أبي بكر بإيمان الأمّة لرجح إيمان أبي بكر "
    علّمه النبي صلى الله عليه وسلّم أن يدعوَ آخر صلاته بدعاء فيقولَ فيه : « ربّي إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا ، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » القائل الموصِي النبي صلى الله عليه وسلم والموصَى أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه , « ربّي إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا ، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ َفاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ ».
    كلّما ازداد علم المرء بربّه ، خشي الله – جل وعلا – وخشي أن يطأ عقبه اثنان ، خشي أن يُعظّم في الخلق ، خشي أن يُرفع في الناس ، لأنه يعلم من الله جلّ وعلا وممّا يستحقّه الله جلّ وعلا ما يوقن بأنه لن يبلغ أن يوفي الله – جل وعلا – حقّه ، فيكون مقصرًّا في الشكر ، وذلك ذنب من الذنوب .
    قال ابن مسعود :" لَوْ تَعْلَمُونَ ذُنُوبِي مَا وَطِئَ عَقِبِي اثنان" ,يشتهر كثير من الناس ، فمنهم القارئ للقرآن ، يشتهر بحسن قراءته ، وبحسن صوته ، فيجتمع عليه النّاس ، منهم العالم الذي يشتهر بعلمه وبفتواه وبصلاحه وبورعه ، فيجتمع عليه الناس ، ومنهم الداعية يشتهر ببذله للناس ، ويجتمعون حوله بما هداهم الله – جل وعلا – به إلى الحقّ ، ويشتهر من يؤدّي الأمانة ، ويشتهر من يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر وهكذا .
    ومقام الشّهرة مقام مزِلّة عظيمة ، لهذا فإن ابن مسعود أوصى وصية على نفسه ، يبيّن فيها حاله ، ويبين فيها ما يجب أن يكون عليه كلّ من كان له تَبَع فيقول : " قال بن مسعود : لَوْ تَعْلَمُونَ ذُنُوبِي مَا وَطِئَ عَقِبِي اثنان ولحثيتم التراب على رأسي" .
    لا بدّ في من كان على شهرة ، أو كان ممّن ينظر إليه الناس, أن يحتقر نفسه دائمًا بينهم ، ويُظهر ذلك ، لا ليرتفع بينهم ، ولكن ليرتفع عند الله – جل وعلا – ومدار ذلك الإخلاص ، فإنّ من الناس مَن ربّما يزدري نفسه أمام الناس ليظهر بينهم ، وهذا من الشيطان ، ومنهم من يزدري نفسه بين النّاس والله – جل وعلا – مُطّلع على قلبه أنّه صادق في ذلك ، يخشى لقاء الله – جل وعلا – يخشى يوم يُوفّى ما في الصّدور ، يوم يُطَّلَع على ما في القلوب ، ولا تخفى على الله خافية .(ولا يكتمون الله حديثا)
    هذه عبرة من العِبر يتنبّه لها كل تابع ، وكلّ متبوع ، أما التّابع فيتنبه إلى أنّ هذا المتبوع يجب ألّا يُعَظَّم ، وإنما يستفاد منه بما يُبلّغ عن الله – جل وعلا – أو بما ينفع به الخلق ، وأما التّعظيم ، فإنما هو لله – جل وعلا – ثم لرسوله – صلى الله عليه وسلم – .
    أما بقية الخلق إذا صلحوا ، فلهم المحبّة في النّفس ، وينبغي على من اشتهر أن يكون دائمًا خاشعًا ذليلًا ، ذاكرًا ذنوبه ، ذاكرًا مقامه بين يدي الله ، ذاكرًا أنّه ليس بأهل أن يطأ عقبه اثنان, وأن يتبعه إثنان , ولهذا لمّا مُدح أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه بين النّاس وخطب بعد ذلك صحّ عنه فيما رواه أحمد وغيره أنّه قال رضي الله عنه : اللَّهُمَّ اجعلني " يقولها علنًا : "اللهمّ اجعلني خيرًا ممَّأ يظنّون ، وَاغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ" ينبّه النّاس أنّه عنده ذنوب حتّى لا يَغلو النّاس فيه .
    فهل يستقيم هذا مع ما نرى من أحوال ، يزيد فيها المعظَّم تعظيمًا لنفسه ، ويزيد فيها المعظِّم تعظيمًا لمن عظّمه واتبعه ليس هذا من هدي الصحابة – رضي الله عنهم – .
    عمر رضي الله عنه ربّما أعجبته نفسه وهو خليفة وهو الذي بعد أبي بكر رضي الله عنه في التبشير بالجنّة فأخذ يحمل الشيئ في السّوق على رأسه ليزدري نفسه حتى لا تتعاظم نفسه
    ومن أبواب الخطايا ، العُجب والتّعاظم ، أن يرى المرء نفسه معظّما .
    كان من السّلف الصالح من إذا أتى ليُلقي شيئا فرأى الناس اجتمعوا تركهم ، لمَ ؟ لأنّ صلاح نفسه ألزمُ عليه من صلاح الناس ، لمّا رأى هذا الجمع إجتمعوا ورأى أنّ نفسه بدأت تعالجه في أنّ هؤلاء حضروا و هؤلاء أنصتوا و هؤلاء فعلوا وأقبلوا عليه عالج نفسه بتركهم , سيقولون عنه ما يقولون لكن أهمّ الأمر أن يكون صالحا قلبه فيما بينه وبين ربّه وصلاح قلبك أهمّ من صلاح قلب غيرك .
    وينبغيعند ذاك مجاهدة النّفس في هذا المقام .
    فهذه الوصية من ابن مسعود ، حيث يقول : واللهِ الذي لا إله غيره لو تعلمون علمي لحثيتم التّراب عَلَى رَأْسي " هذه نرجو أن يتذكرها كلّ مَن كان له بعض شهرة بين الخلق ، معلّم ، أو عالم ، أو قارئ، أو آمر ناهي ،أو مسؤول في جهة أو أمير أو ملك , إلى آخره من أصناف النّاس ، ينبغي أن يكون مُزْدريًا لنفسه ، حتى لا يتعاظم قلبه عليه ، فيخسر في الدنيا والآخرة .
    هذه وصية وهي وصيّة بليغة ، تحتها معانٍ كثيرة ، وفيما ذكرنا إشارات ، وتحت الإشارات عبارات ، وتدبّر تجد ذاك .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد فريد القبائلي; الساعة 25-Dec-2013, 04:45 PM.

    تعليق


    • #3
      رد: سلسلة &quot; وقفات مع أقوال السلف &quot; لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ


      3- قول ابن مسعود رضي الله عنه: «إن المُؤمنَ يَرى ذَنبَهُ كأنَّهُ قاعد تحت جَبَل يَخافُ أن يَقَعَ عَليه وإنّ الفاجرَ يَرى ذُنوبَهُ كَذُباب مر عَلى أنفه فقال به هكذا»
      والوصية الثانية ، و الكلمة الثانية عن ابن مسعود ما رواه البخاري في صحيحه عنه – رضي الله عنه – ورواه مسلم أيضا ولم يخرّج لفظ كلام ابن مسعود قال رضي الله عنه : إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ . فَقَالَ بِهِ هَكَذَافذبَّه عنْهُ
      مقام النّاس في الذّنوب مقامان : مقام المؤمن يذنب ومقام الفاجر يذنب .
      المؤمن يعمل الطاعات وهو وَجِل ، قال –جلّ وعلا – ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [ المؤمنون : 60 ] ، مامعناها يعني الذين يصلّون ويتصدّقون ويزكّون ويصومون ، ويخافون ألاّ يُتَقَبَّل منهم .
      هذا في الطاعات ، فكيف إذا أذنب ذنبًا ، فكيف يكون حاله ؟ والجواب ما قاله ابن مسعود : إنّ المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل ، يخاف أن يقع عليه . وهذه الحال التي ينبغي أن نكون عليها ، أن نتعاظم أن نذنب في حقّ الله جلّ وعلا ,نذنب في التّفريط في الفرائض ، التّفريط في الصلوات ، التّفريط فيما يجب في الصيام ، التّفريط في أداء الزكاة ، التّفريط في أداء حقوق الخلق ، في المعاملات : في الكسب ، في الغشّ ، في أداء الأمانة ، في معاملة الأهل ، في معاملة الوالدين ، في عدم العقوق ، في الإتيان بالخيرات .
      إذا ازداد علمك فسترى أن لله – جل وعلا – عليك في كل لحظة ، تتحرّكها أمر ونهي إمّا أن يكون في عمل الجوارح ، وإمّا أن يكون في عمل اللّسان ، وإمّا أن يكون في عمل القلب ،
      في كل لحظة من حياتك فللّه – جل وعلا – عليك أمر ونهي ، حتى لو جلست ساكنًا فالقلب إمّا أن يتحرّك في معاصٍ ، معاصي القلوب من الكبر ، وظنّ السّوء ، وأن يدبّر أو يعمل عملا يرتّب له ممّا لا يجوز أو يفكّر ما ليس له من حق ّ أو إلى آخره , فإنّ هذه ذنوب إذا عمل بها بعد خاطر القلب ومنها ذنوب : ذنوب قلبيّة لولا لم يعمل مثل ترك التوكّل ، مثل ترك الصّبر ، مثل العُجب , مثل الرّياء إلى آخره .
      فلله – جل وعلا – عليك في كل تحريكة وتسكينة له عليك ، أمر ونهي ، ولا بدّ أن يقع منك غفلة ، وغفلة ,وغفلة ، فالمؤمن يكون خائفًا وَجِلًا ، يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، ولهذا يُحذّر النّاس من ذنوبه ، ومن أن يغترّوا به ، وأيضًا يحذر هو من أن يُختم له قبل أن يستغفر ، يحذر أن يكون من الموسَّدِين في الثرى قبل أن يُحدِث توبة واستغفارا .
      فلهذا يكون المؤمن مع هذا الخوف على حذر شديد ، يتبع ذلك الحذر كثرة الإستغفار ، ولهذا النبي – عليه الصّلاة والسّلام – كان يستغفر الله – جل وعلا – في اليوم واللّيلة أكثر من مائة مرة. وفي المجلس الواحد سبعين ، أو مئة مرة– عليه الصلاة والسلام – .
      وهكذا كان حال الصّحابة ، هذا هو حال المؤمن ، حال الخوف وهو يخاف الذنوب ، ويرجو رحمة الله – جل وعلا – .
      أمّا الفاجر الذي يعمل بالمعاصي ، بلا حساب ، فيقع في الذّنوب الكبيرة كبائر الذّنوب ، و في الموبِقَات ، و في البدع ، وفي ترك السّنن ، وفي الأخذ بالرّأي ، وترك الأثر ، وغير ذلك من الذنوب وهو لا يشعر بها ، بل كأنّها ذباب مرّ على أنفه فقال به هكذا .
      المؤمن رحمه الله بأن الصّلاة إلى الصّلاة مُكَفِّرات لما بينهما ، ورمضان إلى رمضان مكفّرات لما بينهما ، والعمرة إلى العمرة مكفّرات لما بينهما ، لكن بشرط أن تُجْتَنَب الكبائر، كما قال – جلّ وعلا – ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾ [ النساء : 31 ] .
      فشرَط لتكفير السيئات أن تُجتنب الكبائر ، فالصّلاة إلى الصّلاة مكفّرة لكن هل كلّ صلاة مكفرة ؟ ليس كذلك بل من الصّلاة ما يفعلها العبد ولا تُكفّر ذنوبه ، كذلك من الصّيام ما يصومه العبد يعني من رمضان ولا يُكفّر ذنوبه و من العمرة ما لا يُكفَّر به الذّنوب ، فلكل عبادة من هذه العبادات شرط في أن تكفّر السيّئات ، فمثلًا في الصلاة ، ثبت عنه – عليه الصلاة والسلام – أنّه قال : « مَنْ صلّى الصَّلاة فَأَتَمَّ رُكوعها وسُجودها وخشوعها كانت لَهُ كَفَّارة فيما بينه وبين الصَّلاة الأُخرى ما اجْتنبت الكبائر "
      الوضوء تتقاطر مع الماء الذّنوب لكن كما قال عليه الصلاة والسلام فيما صحّ عنه: "منْ تَوضّأ كما أمره الله ».
      العمرة كذلك ولهذا من رحمة الله أن نوّع جعل الصلاة إلى الصلاة مكفّرات ، من النّاس مَن يبقى عليه شيئ، فلا تكفّرها صلاته ، فيكفّره رمضان ، من النّاس من لا يقوم له رمضان بالتّكفير ، فتكّفرها الجمعة إلى الجمعة ، ومنهم من لا تقوم له الجمعة ، فتأتي العمرة فتكفّر ما بينهما من الكبائر .
      فيكون المرء على وَجَل مِن فعل المعاصي ، فكيف إذا كان ما يفعل الكبيرة .
      من الكبائر :الزنا ، و شرب الخمر ، و الربا ، و السِّحر .
      وهذه يتنكّب عنها الصّالحون ، لكن ثَمّ كبيرة يغشاها الصالحون ، ومنهم من لا يشعر بها ، أويكون كما قال ابن مسعود في خصلة الفاجر كذباب مرّ على أنفه فقال به هكذا . وهذه الخصلة وقع فيها الأكثرون في هذا الزمن ، ألا وهي الغٍيبة ، والغيبة من الكبائر ، لأنّ الله – جل وعلا – قال ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [ الحجرات : 12 ] .
      قال العلماء : جعل الغيبة كأكل الميتة ، وأكل الميتة كبيرة ، فدل على أنّ الغيبة من الكبائر . و النّميمة والبهتان هذه من الكبائر ، فالغيبة : أن تذكر أخاك بما يكره .
      الصلاة إلى الصلاة مكفّرات ما اجتنبت الكبائر فهل نخاف أو نطمئنّ ؟ الله المستعان
      إذا لم تجتنب هذه الكبيرة ، فالصلاة إلى الصلاة ، ليست بمكفّرات ، فكيف إذا ازداد على الغيبة ، أن تكون بهتانًا ، الغيبة ذكرك أخاك بما يكره قالوا يا رسول الله : أَرَأَيْتَ إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : « إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّه. والبهتان أعظم إثمًا من الغيبة .
      وهذه من النّاس من يغتاب ، ويتكلّم بلسانه ، ولا يخاف ، كذباب مر ّعلى أنفه ، فقال به هكذا ، وهي أكثر ما تكون في الصالحين .
      قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " إنّ الصّالحين يجتنبون كبائر الذّنوب مثل الزّنا وشرب الخمر والسّرقة ولكنّهم يقعون في ذنوب اللّسان والقلب , يتعاظم بقلبه , يتجبّر ,يتكبّر , يمرّ به أحد فيستصغر ذاك ويعظّم نفسه ولو علم الحقيقة لربّما كان ذلك ازدراه أعظم عند الله جلّ وعلا منه , فالمرء ينبغي أن يكون حسيبا على نفسه
      يجلس النّاس مجالس طويلة يغتابون فيها ، والغيبة درجات ، وأعظمها أن يغتاب من له الحقّ عليه : من أهل العلم ، ومن الوالدين ، ونحو ذلك ,"إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّه" والله المستعان.
      هذه ذنوب, فتأمّل هذه الكلمة ، ولا تغترَّ بأنّك صاحب طاعة ، وتنظر إلى نفسك وأنّك وأنّك ولا تحسّ بالذّنوب التي تغشاها وأنت لا تشعر لقصور علمك أمّا الرّجل إذا علم , أمّا المسلم أو المسلمة إذا علمت أمر الله فإنّه سيكون في القلب الخشية {إنمّا يخشى الله من عباده العلماء} ,فإذا أذنب ذنبا كان القلب وجلاً خائفا لا يدري ما الله جلّ وعلا يصنع فيما فعل من الذّنب الذي قد يكون ذنبا لسانيّا وقد يكون ذنبا قلبيّا وقد يكون ذنبا من ذنوب الجوارح .
      إذن هذه الوصيّة مدارها على أن تعظّم أمر ذنبك ولا تخفّف أمر الذّنب فإذا عظَّمته ، و كأنك قاعد تحت جبل ، تخشى أن يقع عليك ، فإنّك ستسعى إلى طلب المغفرة ، ستسعى إلى التوبة ، ستسعى إلى مفارقة الذنوب ، وأن تُلِظَّ لله – جل وعلا – أن يعفو عنك ويتسامح وهذه عبادات تلو العبادات .

      تعليق


      • #4
        رد: سلسلة &quot; وقفات مع أقوال السلف &quot; لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ

        ومن كلمات ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه قال : اعْتَبِرُوا النَّاسَ بِأَخْدَانِهِمْ, فَإِنَّ الْمَرْءَ لَا يُخَادِنُ إِلَّا مَنْ يُعْجِبُهُ .
        وهذا مأخوذ من قول النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح ، المروي في السنن : « المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم مَن يُخالل ».
        صحيح كما قال ابن مسعود ,المرء لا يخادن إلا من يُعجبه , يعجبه في تصرّفاته ، يعجبه في عقله ، يعجبه في تفكيره ، فإذا رأيت أحدًا يخادن أحدًا ، يعني صار صديقا له , فصار ملازمًا له ، محبًا له ، فاعتبر هذا بذاك ، فإن : « الأرواح جنود مُجَنَّدة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تَنَاكَر منها اختلف ». فاعتبروا النّاس بأخدانهم ، وهذا يدلّ على ذاك .
        فمن جهة الأعمال ، إذا رأيت من يغشى المعاصي والكبائر ، ورأيت من يصاحبه ويلازمه ، فاعتبره بذاك ، واخْشَ عليه أن يكون مثل صاحبه ، لأنّه إمّا أنّه لم يعلم بفعل صاحبه ، وإما أنه علم فرضي ، ومن علم بالمعصية فرضيها ، كان شريكًا لصاحبها في الإثم ، في الألسنة إذا وجدت أن فلانًا سبّابًا شتّامًا ، كثير الغيبة ، كثير الوقيعة ، وتجد أنّ فلانًا ، كثير الصحبة له ، لا يخالفه ، ولا ينهاه ، ولا يفارقه ، فاعلم أنّه شبيه به ، رضي بصنيعه .
        في العقول , النّاس يتقاربون في العقول ، وفي التّفكيرات ، فإذا وجدت في عقل أحدهم محبة للعلم ، ووجدت من يصاحبه ، فتعلم أنّ مَن يصاحبه محبٌّ للعلم ، وإن لم يكن من أهل العلم .
        إذا وجدت من يصاحب صاحب السنّة ، فتعلم أنّه صاحب سنّة ، لأنه كما قال ابن مسعود : اعتبروا النّاس بأخدانهم .
        وإذا وجدت مَن يُصاحب أهل الأثر ، فهو مُحِبّ للأثر ولأهله ، وإذا وجدت من يصاحب أهل الرأي ، ويلزمهم ، فتعلم أنه محبٌّ لهم ، وأنّ له حكمهم ، من أحَبّ السُّنة صَحب أهلها ، ومن أحبّ المحْدَثَاتِ صَحِبَ أهْلَها ،والمرء على دين خليله كما قال عليه الصلاة والسلام .
        فهذه وصية ، وما وراء هذه الوصيّة بعد الإعتبار أن تعتبر نفسك ,ليس المقصود أن تحكم على الناس ، ولكن هذه عبارة لطيفة من ابن مسعود حيث قال "اعتبروا النّاس بأخدانهم " لكن إذا أردت أن تعتبر النّاس ، فلا بد أن تعتبر نفسك قبل أن تعتبر الناس .
        ولكن من النّاس من لا يحبّ أن يُواجه بالنّصيحة والوصيّة ,ولكن جعله ابن مسعود رضي الله عنه جعل هذا الموصى حكما لغيره وإذا تأمّل وجد في العبارة أن يحكم على نفسه .
        فاعتبر نفسك بأخدانك ، فإنّ المرء لا يُخادن إلا من يعجبه ، إذا كان كذلك ، فتأمّل نفسك ، ومن تصاحب ، هل تصاحب أهل الطاعة ، أم أهل المعصية ؟
        إذا وجدت من يأنس لأهل العصيان ، ولو كان ظاهره الطاعة ، ففي الغالب أنّ نفسه من داخلها تنازعه إلى العصيان ، ولو من طرْف خفي .
        وإذا وجدت من يصاحب أهل العلم وجدت أنّ نفسه تنازعه إلى العلم ولو لم يكن من طلبته , وإذا وجدت نفسك تصاحب أهل السنّة فمعنى ذلك أنّ قلبك محبّ لها ,وإذا وجدت نفسك تصاحب أهل المحدثات ، وأهل الغيبة ، وأهل النّميمة ، وأهل الوقيعة ، فتعلم أنّ المرء على دين خليله ، فإذن تبدأ مع نفسك بالإصلاح .كلمة ابن مسعود هذه لنفسك ولغيرك .
        وهذه وصية تربوية جامعة دعوية ، وكلٌّ حسيب نفسه ، والله – جل وعلا – يقول مخبرًا عن قول بعضهم يوم القيامة ﴿ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾ [ الفرقان : 28 ] .
        اتّهم الرأي ، وعليك بالسّلامة , واطلب السّلامة ولا تأخذ نفسك بالأمانيّ ، بل كن على حذر ، وكن طالبًا للسلامة ، لا طالبًا للهو واللعب ، فإنّ الحياة ليست مدّتها كافية للهو واللعب ، وإن غَشِي اللهوَ واللعبَ الأكثرون ، وإنّما هي – لمن عقل – ميدان فقط لطاعة الله – جل وعلا – ولا تنْسَ نصيبك من الدنيا .

        تعليق

        يعمل...
        X