إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

بحث متجدد في التورق و ربا العينة لثلة من المشايخ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [بحث] بحث متجدد في التورق و ربا العينة لثلة من المشايخ

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	ma_deeban1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	42.0 كيلوبايت 
الهوية:	196019


    المقدمة لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى
    بسم الله الرحمن الرحيم
    قال الشيخُ الإمامُ العالمُ العلامةُ شيخُ الإسلامِ بقيةُ السلفِ الكرامِ زينُ الدين أبو الفرجِ عبدُ الرحمن ابن الشيخ الإمام العالمُ العلامة شِهابِ الدين أحمد ابنِ الشيخ الإمام ابن رجب البغدادي الحنبلي - رحمه الله تعالى:
    الحمدُ للّه ربّ العالمين ، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله وصحبهِ أجمعين ، وسلم تسليما كثيرًا إلى يوم الدين .
    خرّج الإمامُ أحمدُ والنسائي والترمذي وابنُ حبانَ في )صحيحه( من حديث كعب بنِ مالكِ الأنصاريّ
    - رضى الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
    " ما ذِئْبانِ جَائِعَانِ أُرسِلاَ في غَنمٍ بِأفسدَ لَها مِنْ حِرْصِ المرءِ عَلْى المالِ والشَّرفِ لديِنِه "
    قال الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيح
    ورُوِيّ من وجهِ آخر عن النبي- صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عمرَ ، وابنِ عباسِ ، وأبو هريرةَ ، وأسامة بن زيدٍ ، وجابر ، وأبي سعيد الخدريِّ ، وعاصم بنِ عدي الأنصاريِّ - رضى الله تعالى عنهم أجمعين -
    وقد ذكرتها كلها مع الكلام عليها في )كتاب شرح الترمذي (
    ولفظُ حديث جابر - رضى الله عنه -: " ما ذئبان جائعان ضاريين باتا في غنمٍ بات رعاؤها بأفسد للناس من حب الشرف والمال لدين المؤمن "
    وفي حديثِ ابنِ عَباس: " حب المال والشرف " بدل ) الحرص (
    فهذا مثلٌ عظيمٌ جدًا ضربهُ النبيُ - صلى الله عليه وسلم - لفساد دين المسلم بالحرص على المال ، والشرف في الدنيا ، وأن فساد الدين بذلك ليسَ بدونِ فسادِ الغنمِ بذئبين جائعين ضاريين باتا في الغنم، وقد غاب عنها رعاؤها ليلًا ، فهما يأكلان في الغنم ويفترسانِ فيها.
    ]الشرح [
    الحمد لله ربِ العالمين ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادةً أرجو بها النجاة
    يوم الدين يوم يقوم الناسُ لرب العالمين ، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الناصح
    الأمين الذي ما ترك خيرًا إلا وبينه لأمته وحثهم عليه ، ولا شرًا إلا بينه وحذرهم منه
    فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد:
    فهذا الحديث حديثٌ عظيمٌ وسيأتى معنا بيانه وتفصيل الكلام فيه في هذه الرسالة النافعة
    الماتعة ونحنُ اخترنا هذه الرسالة لا عبث ، وإنما اخترنَاها عن قصد لنتذكر جميعًا هذا الأمر
    الخطير ألا وهو فساد الدين ، وفساد الدين له أسبابٌ إذا واقعها الإنسان فسد دينه وإذا هو
    اجتنبها وحذر منها فإن دينه يسلم له بأمر الله - تبارك وتعالى -.
    وفسادُ دين المسلم بسبب حرصه وحبه لهذين الأمرين ليس بأقل من فسادِ غنمٍ نام عنها
    رعاؤها وأرسل فيها ذئبانِ ضاريانِ جائعانِ ، فبالله عليكم ماذا تصورون أن تكون الحال ،
    ذئبان مفترسان جُوِِّعا، أصابهم الجوع ثم وجدت أغنام لا راعي لها أرسل فيها هذان الذئبان
    هما بطبعهما مفترسان ثم أنهم جائعان ثم وجدا هذه الغنيمة فكم سيسلم من هذا الغنم ،
    فهكذا حال الإنسان مع حبه للشرف والترأس والجاه بين الناس ، وهكذا حال الإنسان مع
    حبه للمال بين الناس ، فحبه للجاه والسؤددِ والشرف والقيادة ونحو ذلك بمنزلة ذئب ينهُش
    في دينه ، والذئبُ الآخر حبه للمال فهذا يأكل وهذا يأكل وغياب الراعي هو غفلةُ ذلك
    ومعلومٌ أنهُ لا ينجو من الغنم من إِفساد الذئبين المذكورين والحالة هذه إلا قليلٌ ، فأخبر
    النبى - صلى الله عليه وسلم - أن حرص المرءِ على المالِ والشرفِ: إفساده لدينه ليس
    بأقلِ من إفسادِ الذئبين لهذه الغنمِ ، بل إما أن يكون مساويًا وإما أكثر ، يشير إلا أنه لا
    يسلمُ من دين المسلم مع حرصه على المال والشَّرفِ في الدنيا إلا القليل.
    كما أنه لا يسلمُ من الغنمِ مع إفسادِ الذئبين المذكوريين فيها إلا القليل.
    فهذا المثل العظيم يتضمنُ غاية التحذير من شرِ الحرصِ على المالِ والشرفِ في الدنيا.
    العبد ، غيابُ الراعي هو غفلةُ ذلك الإنسان المسلم ، غفلته عن دينه أوتغافله في قبيل حصول
    التسود والترأس والجاه وفي سبيل حصول المال ، فيحصل بسبب ذلك الفساد العريض وسيأتي
    إن شاء الله تعالى الكلام على ذلك يقول – عليه الصلاة والسلام- ))مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ – وفي الزيادة في حديث جابر - ضَارِيَانِ أُرْسِلا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حُبِّ الشَّرَفِ وَالْمَالِ ، لِدِينِ الْمُؤْمِنِ (( فحينئذٍ أوجب هذا الحذر من التغافل في هذين البابين:
    باب السعي في طلب المال.
    وباب السعي في طلب الرئاسة والجاه.
    فعلى العبد أن يحاسب نفسه في هذين البابين أشد المحاسبة، حتى يسلم له دينه.
    وبقدر غفلته يصاب من دينه، كما هو الحال بالنسبة لراعي الغنم إذا غفل عنها، وأرسل فيها
    هذان الذئبان الجائعان الضاريان.
    ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان باستطاعته أن يقول: إن حب المال والجاه مفسدٍ
    لدين المسلم ، ولكنه - عليه الصلاة والسلام- عدل إلى ضرب المثل. والأمثال تزيد في تثبيت
    المعاني، وتزيد في إيضاحها، وفهمها، وأيضًا تزيد في حفظها. فإن المرء إذا ضَرَبَ المثل حُفِظ
    حتى لا يكاد يُنسى ، فالأمثال تُحفظ؛ فلهذا عمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى
    ضرب المثل هنا.
    وقد جاءت الأمثال عنه - عليه الصلاة والسلام- متعددة، حتى عُرف هذا النوع عند علماء
    الحديث بأمثال الحديث.
    وكتب فيه علماء الحديث - رحمهم الله- كتبًا مستقلة ، ذكروا فيها الأحاديث التي ضرب
    فيها الأمثال - عليه الصلاة والسلام-، مثل حديث النخلة وتشبيه المؤمن بها: ))مَثَلُ الْمُؤْمِنِ
    كَمَثَلِ النَّخْلَةِ(( و))مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ(( و))مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ
    الْهُدَى وَالْعِلْمِ ، كَمَثَلِ الْغَيْثِ(( و))مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا ، كَمَثَلِ قَوْمٍ
    اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا(( وهكذا بقية الأحاديث.
    فهذا النوع صنَّف فيه العلماء، علماء السنة، كتبًا عرفت بكتب أمثال الحديث، ومن أشهرها
    بين أيدينا كتابان مطبوعان:
    الكتاب الأول: أمثال الحديث للحافظ أبي الشيخ الأصبهاني -رحمه الله-.
    والكتاب الثاني: أمثال الحديث للقاضي الرَّامَهُرْمُزِي وكلاهما مطبوعان موجودان بين
    أيدينا، اعتنيا بهذا النوع من الحديث.
    فهذا الحديث من جملة هذه الأحاديث، شبه فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حرص
    المسلم على المال والشرف في الدنيا، وإفسادهما لدينه، بذئبين جائعين ضاريين، أرسلا في غنم
    نام عنها رعاؤها ، أو غاب عنها رعاؤها.
    وهذا كل من سمعه يحفظه، ويفهمه فهمًا لا لبس فيه، والمقصود منه التحذير من شر الحرص
    على المال.
    فإن الحرص على المال يجعل العبد لا يبالي عن وجوه تحصيله منه، ربما حصَّله من حرام وتأوَّل،
    فيفسد دينه وهو يتأوّل لأجل تحصيل المال، يقع في الغش وهو يتأوّل، ويبرر عمله لأجل
    تحصيل هذا المال، يقع في الخيانة وهو يتأول لتحصيل هذا المال، يخون الأمانة ويتأول، يقع في
    البيوع المحرمة ويحتال ويتأوّل، ويظن أن الله - جل وعلا- ينطلي عليه ذلك، كما قال ابن
    سيرين -رحمه الله تعالى- أو أيوب السختياني -نسيت الآن- حينما سئل عن بيع العِينَة:
    فقال: )دراهم بدراهم، بينهما حريرة، يخادعون الله كما يخادعون الصبيان، أما إنهم لو أتوا الأمر على بابه، لكان أهون(. يعني يجعل حريرة يبيعها بعشرة دراهم، فيشتريها الإنسان
    بعشرة، ثم يبيعها بثمانية، فتعود على الأول، فصورتها الظاهرة بيع، وهي في الحقيقة ربا، باع
    العشرة بثمانية، باع العشرة المؤجلة بثمانية حَالَّة، والواسطة بينها قطعة الحرير، وعُرفت هذه
    المسألة -مسألة بيع العينة- عند السلف ببيع الحَرِيرَة، فتجد كتب السلف التي تنقل الآثار
    المسندة عن التابعين وأتباعهم، يسمونها بيع الحريرة، فيقول دراهم بدراهم ، عشرة بثمانية ،
    بينهما حريرة ، يعني هل تظن أنك إذا وسطت هذه الحريرة والحقيقة هي الأولى تظن أن الأمر
    يمشي وينطلي على رب العالمين ، فلهذا يقول: " لو أتوا الأمر على بابه، لكان أهون" يعني
    وقع في الربا بيع العينة ، جرم واحد ، أما أنه يقع في هذا الجُرم ويحتال ويظن أن الحيلة تنطلي
    حتى على رب العباد فهذا جُرمٌ آخر وهو أشد وأعظم من الأول ، يخادعون الله – سبحانه
    وتعالى وهم في الحقيقة ما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ، عياذًا بالله من ذلك.
    وهكذا ، حبُ الإنسانِ للشرف الجاه الترؤس التسود على غيره يوقِعَهُ في فساد الدين وسيأتي
    إن شاء الله الكلام على ذلك كله في كلام الشارح ، والمقصود من هذا معشر الإخوة أن
    يحاسب المرء نفسه في هذين البابين ، وأن يحذر من الحرص على الدنيا على المال ، وأن يحذر
    من الحرصِ علي السيادة والشرف فلا يبعُ دينه لأجلِهِما وعليه أن يحفظ دينه ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا
    قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِِّإِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ))تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ ، تعِسَ عبدُ الخميلة إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ ، وَإِذَا شِيكَ فَلا انْتَقَشَ(( فعلى العبد أن يتقي الله في نفسه ويراقب ربه فلا يفسد عليه دينه في سبيل تحصيل شيءٍ من أمور الدنيا.
    الشيخ:
    ما ذئبانِ ضاريانِ ظلا في غنمٍ ، من ظل يظلُ إذا بقيَ.
    فأما الحرصُ على المال فهو نوعين:
    أحدهما: شدةُ محبةِ المالِ مع شدة طلبهِ من وجوهه المباحة ، والمبالغة في طلبه والجدِّ في تحصيلهِ واكتسابهِ من وجوهه مع الجهدِ والمشقةِ.
    وقد وردَ أن سبب الحديث كان وقوع بعض أفرادِ هذا النوع ، كما خرجه الطبرانيُ من
    حديث عاصم بن عديِّ ، قال ))"اشتريتُ" مائةَ سهم من سِهامِ خيبر ، فبلغ ذلك النبي -
    صلى الله عليه وسلم – فقال: مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ ظَلَّا في غنمٍ أَضَاعَهَا رَبُّهَابِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ طَلَبِ الْمُسْلِمِ الْمَالَ وَالشَّرَفَ لِدِينِهِ(( ولو لم يكن في الحرصِ على المالِ إلا تضييعُ العمرِ الشريفِ الذي لا قيمة له.
    الشيخ:
    ولكن فقرُ الدين ، نعم لأن هذا الذي ذكره هنا في الحقيقة هو بيت كامل لكنه ناقص ، أقرأ
    بالمطبوعة في الدورة نسخة الدورة
    من ينفق الأيام في جمع ماله مخافة فقرٍ فالذي فعل الفقرُ
    هذا هو الصحيح أما هذا فمقصور.
    ولو لم يكن في الحرصِ على المالِ إلا تضييعُ العمرِ الشريفِ الذي لا قيمة له ، وقد كان يمكنُ لصاحبه اكتساب الدرجات العلى والنعيم المقيم ، فضيعهُ بحرصِه في طلبِ رزقٍ مضمون ، مقسوم لا يأتيه إلا ما قُدِر وقسم ، ثم لا ينتفع به ، بل يتركه لغيره ويرتحل عنه ، ويبقى حسابُه عليه ونفعه لغيره فيجمعُ لمن لا يحمده ، ويقدمُ على من لا يعذرُه ، لكفي بذلك ذمًا للحرصِ. فالحريص يضيع زمانه الشريف ، ويخاطرُ بنفسه التى لا قيمة لها في الأسفار وركوب الأخطار ، لجمع مالٍ ينفع به غيره.
    كما قيل:
    من ينفق ولا يخشى الفقر فقد أمن الغنى ... ولكن فقرُ الدين من أعظم الفقرِ
    ]الشرح [
    هذا الجزء من كلام المؤلف – رحمه الله تعالى - في الكلام على الحرص ، وهذا الوجه الأول
    أو النوع الأول من نوعي الحرص أو من وجهي الحرص ، وهو محبته لتحصيل المال ، وهذا
    غريزة في ابن آدم حبُ المال غريزة في ابن آدم ، وشدةُ طلبِهِ له من الوجوه المباحة هذا ما
    قيل لبعض الحكماء: إن فلانًا جمع مالًا.
    فقال: فهل جمع أيامًا ينفقه فيها؟
    قيل لا قال: ما جمع شيئًا.
    وفي بعض الآثار الإسرائيلية: الرزقُ مقسوم والحريصُ محروم ،ابن آدم ، إذا أفنيتَ عمرَك
    في طلب الدنيا فمتى تطلب الآخرة.
    إذا كنت في الدنيا عنِ الخيرِ عاجزًا فما أنتَ في يومِ القيامةِ صانعُ
    قال بن مسعود - رضي الله تعالى عنه وأرضاه - اليقين أن لا ترضي الناس بسخط الله
    ولا تحسد أحدًا على رزق الله ، ولا تلوم أحدًا على ما لم يؤتِكَ الله ، فإن رزق الله لا
    يسوقه حرصُ حريص ولا يرده كراهةُ كاره ، فإن الله بقسطهِ وعلمهِ جعل الروحَ والفرحَ
    في اليقين والرضى ، وجعل الهمَّ والحزن في الشكِ والسخط.
    وقال بعض السلف:
    إذاكان القدرُ حقًا فالحرصُ باطل ، وإذا كان الغدرُ في الناسِ طباعًا فالثقة بكل أحدٍ عجزٌ
    ، وإذا كان الموتُ لكل أحد راصدًا فالطمأنينةُ إلى الدنيا حمق.
    كان عبد الواحد بن زيدٍ يحلفُ بالله: لحرصُ المرءِ على الدنيا أخوف عليه عندي من
    أعدى أعدائِه.
    وكان يقول: يا أخوتاه ، لا تغبطوا حريصًا على ثروة ولا سعة في مكسب ولا مالٍ
    وانظروا إليه بعين المقتِ له في اشتغاله اليوم بما يرديه غدًا في المعادِ ثم يبكي.
    دخل فيما، ما دخل في الوجوه المحرمة وإنما طلبه من الوجوه المباحة ، لكن الذم في شدة حرصه على طلب المال ، وإذهاب الأوقات الشريفة في تحصيل هذا المال فهذا هو وجه الذم ، لو لم يكن في هذا الباب أو هذا النوع الذي هو المباح لو لم يكن فيه إلا إضاعة العمر الشريف بأيامه ولياليه وساعاته في اكتساب الفاني والغفلة عن اكتساب الباقي من الأعمال الصالحات التي يرتفع بها عند الله الدرجات ، فيتعب نفسه في هذا الباب لكفى بذلك ذمًا ، لو لم يكن إلا تضيع العمر هو مباح لكن لو لم يكن في هذا المباح إلا تضيع الأعمار لكفى بذلك ذمًا ، فكيف به إذا حصّله وخرج من الدنيا ولم ينتفع منه بشيء لا أوقف منه وقفا ، ولا تصدق منه بصدقةٍ ولا بنى منه مسجدا ، ولا وصل فيه رحما ، ولا أعطى منه فقيرا ، ولا أغاث ملهوفا ، ثم حصله وانطلق منه خالي اليدين وتركه لغيره ، وربما جاء غيره ولم يحمده ، ولم يدعُ له ، ولم يبره منه بشيء هذا كله في وجهٍ حلال ، فحينئذٍ يعلم الإنسان العاقل أن هذا الشخص قد ضيع من العمر في اكتساب هذا المال ما ضيع بدون مقابل ، فهل مثل هذ يحمد ولّا يذم؟ أنا أسألكم يحمد ولّا يذم؟ يذم ، أنت مثلًا تطلبت مالًا لتبني بيتًا تستر به عورتك وعورة بنيك وبناتك وأزواجك لكن لما جاء المليون قلت لا ، أضارب به يزيد ، يزيد
    يزيد لا نبني بيت إن شاء الله أوسع من هذا أكبر من هذا ، الآن ننمي المال وخرجت من
    الدنيا ولم تملك شيئا فأي قيمة لهذا المال؟ ما زدت على أنك ما انتتفعت به في دنياك ثم تركته لورثةٍ من بعدك ربما لا يحمدُونك فيه ولا يبرونك فيه ولو كان الأمر هكذا لكن أهون أيضًا ، بل ربما استعان به هؤلاء ، إذا كانوا غير صالحين على معصية الله - تبارك وتعالى – فتكون أنت السبب في ذلك ، فحينئذٍ هذا الوجه وجهٌ مباح لكن ألا هو ، تحصيل المال ، حب المال غريزة الحرص على تحصيله هذا من حيث هو مباح لكن لو ما كان في هذا المباح إلا تضيع الساعات ، ساعات العمر والعمر شريف تضيعه وهو الذي لا يعدله شيء ، تضيعه في هذا الفاني لكفى بذلك ذما لك إذ أنت كلفت نفسك بالرزق المضمون لك عند الله – تبارك وتعالى - وتركت غير المضمون فالله - جل وعلا - كما جاء في حديث الصادق المصدوق قد تكفل للعبد برزقه ، حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق (( إن أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً ثُمَّ أَرْبَعِينَ عَلَقَةً (( الحديث وفيه قال ثم يرسل إليه الْمَلَك بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ ، ومن هذه الكلمات كتابة رزقه ، فالله - جل وعلا – قد كتب لك الرزق وضمنه.
    ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ
    مُبِينٍ﴾ فالله قد كتب لك الرزق وضمنه ، فأنت أتعبت نفسك في المضمون ولم تتعبها في تأمينها في ما لم يُضمن لك وهو اكتساب الخير الذي تنال به الدرجات العلى عند الله - تبارك وتعالى - من يضمن لك الجنة؟ لا أحد ، لكن الرزق قد ضمنه الله - جل وعلا- لك ، فأنت بهذا الوجه ضيعت عمرك في اكتساب شيءٍ قد ضُمن ، والحرص لا يأتي لك بشيء أكثر مما كُتب ، فعليك أن ترضى وألا تجهد نفسك بكثرة الأسفار وتضيع الليالي والنهار وركوب الأخطار ، والمخاطرة في الازدياد من هذا المال مع الغفلة عن اكتساب الطاعات التي ترتفع بها في الدرجات عند الله -تبارك وتعالى - فتترك هذا المال خلفك وما بنيت لك منه شيئًا أمامك ، لا شك أن العاقل لا يرضى بهذا لأن الله - سبحانه وتعالى - أوجدنا في هذه الدنيا وجعلها مزرعةً للآخرة ، فمن خرج منها ولم يزرع فيها شيئًا يحصده في الآخرة فهذا ليس بعاقل ، العاقل من زرع فيها ما يحصده يوم القيامة ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ والذي ألهاه المال والحرص على تحصيله على هذا النحو وإن كان تحصيله له مباحَ إلا أنه يذم على تضييع أوقات عمره من هذا النحو. قال - رحمه الله -:
    ويقول الحرص حرصان : فحرصٌ فاجع ، وحرصٌ نافعٌ
    فأما النافع: فحرص المرء على طاعة الله.
    وأما الفاجع: فحرص المرء على الدنيا مشغولٌ معذبٌ لا يسر ولا يلتذ بجمعه لشغله ، ولا
    يفرغُ من محبته للدنيا لآخرته ، كذلك لغفلته عما يدوم ويبقى.
    ولبعضهم في المعنى:
    لا تغبطن أخا حرصٍ على سعةٍ ... وانظر اليه بعين الماقتِ القالي
    إن الحريص لمشغولٌ بشقوته ... عن السرور بما يحوي من المال
    الشيخ:
    إن الحريصُ لمشغولٌ بثروته ، يعني بهذا عن السرورِ ، ))عندكم بثروته ، لا، الصحيح هذا
    مشغولٌ بشقوته ، (( هذا المال شقاء
    إن الحريص لمشغولٌ بشقوته عن السرور بما يحوي من المال.
    ]الشرح [
    هذا صحيح الحرصُ حرصان: حرصٌ فاجعٌ ، وحرصٌ نافع
    فالنافع هو الذي كما ذكر المصنف حرصُ المرءُ على طاعة الله ، وذلك باغتنام الأوقات
    والساعات في الباقيات والأعمال الصالحات.
    والفاجع هو الذي يفجع الإنسان به نفسه وهو حرصه على الدنيا فهو معذبٌ بها مشغولٌ بها
    لا تجد لديه وقتًا لراحته ، ولا وقتًا لعملٍ لآخرته ، يزدادُ من المال ولا يزدادُ من صالح الأعمال
    وأنشد آخر في المعنى
    يا جامعًا مانعًا والدهرُ يرمقهُ ... مفكرًا أيُ بابٍ منه يغلقُه
    جمعت مالًا ففكر هل جمعتَ له ... يا جامعَ المالِ أياما تفرقه
    المالُ عندك مخزونٌ لوارثهِ ... ما المالُ مالك إلا يومَ تنفقُه
    إن القناعةَ من يَحلْل بساحتِها ... لم ) ينل( في ظلِّها همّا يؤرقُه
    وكتب بعض الحكماءِ إلى أخٍ له كان حريصًا على الدنيا: أما بعد ؛ فإنك أصبحت حريصًا
    على الدنيا ، تخدمُها وهي تزجرك عن نفسها بالأعراضِ والأمراضِ والآفاتِ والعلل ،
    كأنك لم تر حريصًا محرومًا ، ولا زاهدًا مرزوقًا ، ولا ميتًا عن كثيرٍ ، ولا متبلغًا من الدنيا
    باليسيرِ.
    عاتب أعرابيّ أخاه على الحرصِ ، فقال له: يا أخي ، أنت طالبٌ ومطلوبٌ ، يطلبك من لا
    تفوتُه وتطلبُ أنت من قد كُفِيتَه ، كأنك يا أخي ألم ترَ حريصًا محرومًا ولا زاهدًا مرزوقًا.
    ، إذا سَلّم الإمام من العشاء في رمضان حرِصَ على أن لا يفوته زبون وترك التراويح وهي
    نصف ساعة ، وذهب وفتح متجره لتجارة الدنيا وربما ما جاءه في هذه النصف ساعة أحد ،
    ولكن فوت الخير العظيم الذي إذا وضع في قبره يتمنى ركعةً وسجدةً سجدها لله - تبارك
    وتعالى - فهذا الذي محبته للدنيا شغلته عن آخرته ، وغفلته عن الآخرة ضيعت عليه الاستفادة
    من حياته.
    ولهذا لا تغبط أصحاب الأموال ، فإنك أنت في راحة لا يجدونها هم ، فهو مشغولٌ بتحصيل
    هذا المال وتكثيره والمحافظة على ما بين يديه مسرورٌ بذلك في وقت ، ومغمومٌ به في أوقات ،
    مسرورٌ به في وقت حصول الازدياد ، ومغمومٌ به إذا فكر في ذهابه عنه ، فتجده لا يلتذ به
    ولا يرتاح بتحصيله ، فهذا في الحقيقة ما حصّل راحته ، بل حصل شقوته في دنياه وفي أخراه
    فالمال قد استعبده عياذًا بالله من ذلك والعاقل إذا نظر إلي هؤلاء ينظر إليهم بعين الرحمة
    والعطف وعين الشفقة ، وفي الحقيقة من اشتغل بطاعة الله - تبارك وتعالى - وأنفق أوقاته
    فيها ، يعلم علم اليقين أنه لا يساويه أحدٌ في اللذة التي يحس بها ولا شك لو لم يأتي من ذلك
    إلا:
    راحة النفس أولًا.
    ______________اجتماع الفكر ثانيًا.
    عدم الخوف ثالثًا.
    أداء الطاعات رابعًا.
    عدم غفلته عن الآخرة خامسًا.
    لو ما كان في هذا إلا هذه الأمور لكفى ذلك شرفا ، فصاحب الكفاف والقناعة هذه الأمور
    كلها عنده ، وصاحب الغنى هذه الأمور كلها مفقودة ، الغالب على أهل الغنى أن هذه
    الأمور كلها مفقودة عنده:
    راحة النفس لا تكاد تجدها عنده.
    راحة الفكر والذهن لا تكاد تجدها عنده.
    التفكير في الآخرة قليلًا ما تجده عند هؤلاء.
    وهكذا بقية ما ذكرنا ، لكن صاحب القناعة تجد هذه الأمور الخمسة كلها موجودة عنده ،
    يفكر في آخرته أكثر من دنياه فلهذا دينه دائمًا في سلامة يتعهده دائمًا الدرهم يدخل عليه
    يسأل من أين دخل ، وكيف دخل وبأى وجهٍ دخل ، بل وقبل أن يدخل عليه ، تجده يسأل
    هل هذا الوجه مما يجوز أن يكتسب منه أو مما لا يجوز ، وهكذا ، فتجد عنده القناعة حملته
    على هذا الخير على سلامة دينه ، وليعلم علم اليقين أن هذه الدنيا بفواجِعها ومصايبها وفتنها
    تحذره من أن يميل إليها ، ولكن المسكين لا يتعظ بذلك ، ولهذا أمير المؤمنين علي - رضي الله
    عنه - لما سُئِل أن يعِظ في الدنيا ، يعِظ أصحابه في الدنيا في أمر الدنيا ، قال لهم - رضي الله
    عنه - أتجوز أم أتسمح ، قالوا تجوز يعني اختصر " فقال: ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت
    الآخرة مقبلة ، ولكلٍ منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا"
    والعجب كل العجب أن تطلب من تركك وراء ظهره وهي الدنيا ، وتغفُل عمّن فتح لك
    ذراعيه أقبِل إلي وهي الآخرة ، هذا يدل على الحمق وسخف العقل وقلة البصيرة نسأل الله
    العافية والسلامة ، فإن الآخرة تطلبك ترحب بك والدنيا تزجرك قد ولت عنك مدبرة وأنت
    تتبع المدبر الذي لا يريدك وتترك الذي يريدك ويدعوك هذا أمرٌ عجيب ، وهذا من فعله يدل
    على ضعف عقله ومن رأى ما في الدنيا من النكبات والبلايا حريٌ به أن يتعظ عنها ولا يركن
    إليها.
    فَيا طَالِبَ الدُنْيَا الدَّنِيَّةَ جَاهِدًا ... أَلا اطْلبْ سِوَاهَا إنَّهَا لاَ وَفَا لَها
    فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِن حَرِيْصٍ ومُشْفِقٍ ... عَلَيْهَا فَلمْ يَظْفُر بِهَا أَنْ يَنَالَهَا
    لِيَلْهُوْا وَيَغْتَرُّوْا بَهَا مَا بَدَا لَهُمْ ... مَتَى تَبْلُغُ الحُلْقُوْمَ تَصْرِمْ جِبَالهَا
    ولا شك أنه إذا ما بلغ فيها الإنسان إلى مرحلةٍ يُسر بها ويرى أنه لا أحد مثله في الراحة نزل
    به الأجل ، أو إن كان دون ذلك نزل به المرض المفند المقعد الذي يفسد عليه لذته في هذه
    الحياة الدنيا فهي مياسرها عسر وسرورها حزن وكمالها نقص وربحها خسارة نسأل الله
    العافية والسلامة.
    فالمحروم من ركض خلفها والموفق من عرفها على حقيقتها وأخذ منها بلغته.
    ولا شك أن نصيحة الأعرابي في عتابه لأخيه موجزة وجميلة قال له: "ياأخي أنت طالب
    ومطلوب يطلبك من لا تفوته الذي هو الموت ما يفوته أحد يطلبك من لا تفوته يعني الموت
    لا يفوته أحد ، وتطلب أنت من قد كفيته يعني تطلب الدنيا والرزق والازدياد منها ثم ضرب
    له مثلا قال: كأنك لم تر حريصًا محرومًا يجري الليل والنهار ولا تجده إلا مدين يفوت
    الطاعات يفوت أوقات الخيرات ومجالس الخير ومجالس الذكر التي تنفعه في دينه ودنياه ويجري
    في هذه الدنيا ولا تراه إلا محروما مدين يساهم في هذه الشركة ويساهم في تلك الشركة
    ويخرج مع هذه التجارة ويدخل مع هذه التجارة ولا يحصل منها شيئًا لا تجده إلا محروما
    ولكن تجد آخر لا شأن له بشيء من ذلك قانع برزقه والكفاف الذي رزقه الله - جل وعلا
    - وتجده كافيًا نفسه حافظًا نفسه رزقه ماشٍ وحياته من أحسن الحياة ، فهذا الزاهد في الدنيا
    والراغب مرزوق ، وهذا الحريص محروم ، فهذا تذكير بكلمة عظيمة جدًا كأنك لم تر
    حريصًا محرومًا ، فلان يجري طول عمره وما حصل شيء هذا معناه لم تر حريصًا ، كأنك لم
    تر حريصًا على الدنيا محروم منها وكأنك لم تر زاهدًا فيها مرزوق منها اعتبر بهذا واتعظ بهذا
    فلا تتعب نفسك فيما قد ضمن لك وتضيع ما لم يُضمن لك.
    الشيخ وطالب:
    هكذا قد نعم
    كم من حريص طامع ... والحرص صيره ذليلا
    قال رحمه الله:
    وقال بعض الحكماء: أطول الناس غمًا الحسود ، وأهنؤهم عيشًا القنوعُ ، واصبرهم على
    الأذى الحريص ، وأخفضهم عيشًا أرفضهم للدنيا ، وأعظمهم ندامة العالم المفرط.
    ولبعضهم في هذا المعنى:
    الْحِرْصُ دَاءٌ قَدْ أَضَرَّ ... بِمَنْ تَرَى إِلا قَلِيلا
    كَمْ مِنْ عَزِيزٍ قَدْ ... صَيَّرَهُ الْحِرْصَ ذَلِيلا
    الْحِرْصُ دَاءٌ قَدْ أَضَرَّ ... بِمَنْ تَرَى إِلا قَلِيلا
    الْحِرْصُ دَاءٌ قَدْ أَضَرَّ ... بِمَنْ تَرَى إِلا قَلِيلا
    وهذا ساقط من هذه النسخة ، الحرص داء قد أضر.
    طالب:
    في كتاب الشيخ
    ونازح الدار لا ينفك مغتربا ... عن الأحبة لا يدرون بالحال
    بمشرق الأرض طورًا ثم مغربها ... لا يخطر الموت من حرص على بال
    ولغيره:
    كم أنتَ للحرص ... والأماني عَبدُ
    ليس يجدي الحرص ... والسعي إذا لم يكن جدُّ
    ليس لما قدره الله ... من الأمر بُدُّ
    ولأبي العتاهية يخاطب سلما الخاسر:
    تعالى الله يا سلم بن عمرو ... أذل الحرص أعناقَ الرجالِ
    ومن كلام المأمون: الحرص مفسدة الدين والمروءة.
    وأنشد شعرًا:
    حرص الحريص جنون ... والصبر حصن حصين
    إن قدر الله شيئًا ... فإنه سيكون
    ولغيره:
    حتى متى أنت في حل وترحال ... وطول سعي وإدبار وإقبال
    ونازح الدار لا ينفك مغتربا ... عن الأحبة لا يدرون ما حال
    بمشرق الأرض طورًا ثم مغربها ... لا يخطر الموت من حرص على بال
    ولو قنعت أتاك الرزق في دعة ... إن القنوع الغَنِىُّ لا كثرة المالِ
    الشيخ:
    )لذلك يصحح بالحال ، بالحال بدل ما الحال(
    ]الشرح [
    وهذا لا شك من تأمل كلام المصنف - رحمه الله - وجده واقعًا أطول الناس غمًا الحسود ،
    الحسود هو الذي يتمنى زوال الخير عن غيره نعوذ بالله من ذلك ، يتمنى زوال الخير عن الغير
    زوال النعمة عن المحسود فإذا لم تزل يبقى مغمومًا إذ يبقى الخير في يد الغير فنعوذ بالله من
    ذلك ، هذا يدل على خبث هذه النفوس ، لأنه لا يهنؤ إلا بزوال الخير عن غيره هذا هو
    الحسود أما المسلم فهو يغبط غيره يتمنى أن يحصل له من الخير مثل ما لغيره ،الحسود يتمنى
    زوال الخير عن الغير ، وأهنؤهم عيشًا القنوع قانع بما كتب الله - سبحانه وتعالى - له "نحن
    في راحة لو يعلمها الملوك وأبناء الملوك يقول عبدالله بن المبارك لجالدونا عليها بالسيوف" وهو
    القناعة أمر القناعة القناعة كنز عظيم إذا قنع العبد قنعه الله - جل وعلا - بما آتاه عاش عيشة
    هنية وحيا حياة رضية وأصبرهم على الأذى الحريص وهذا صحيح الحريص على الشيء هو
    الذي يتحمل الأذى وربما تحمل المهانة والمذلة في سبيل تحصيله ما يريد وأخفضهم عيشًا
    أرفضهم للدنيا ، يعني أقلهم حظًا في المعيشة والسعة من كان رافضًا للدنيا يعني معرضًا عنها ،
    تجده يكتفي بما يسد رمقه وحاجته في هذه الحياة الدنيا وهذا إذا كان قائما بحق الله - تبارك
    وتعالى - رافضًا لهذه الحياة الدنيا لئلا تشغله ويأخذ منها بلغة المسافر فهذا هو في الحقيقة
    الموفق ، وأعظمهم ندامة العالم المفرط لأنه يعلم ما عند الله - جل وعلا - ويقرأ ذلك في
    كتاب الله - جل وعز - ويقف عليه في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكنه فرط
    ولغيره:
    أيها المتعب جهدًا نفسه ... يطلب الدنيا حريصًا جاهدا
    لا لك الدنيا ولا أنت لها ... فاجعل الهمين هما واحدا
    ، فحينئذ يكون أعظم الناس ندامة لأنه ترك عن علم ، وفرط عن علم ، فحينئذ تشتد ندامته ،
    ما أوتي من جهل أوتي من علم وتغافل فتشتد ندامته بسبب أنه كان عالما لكنه ترك الأخذ
    بالحزم وحينئذ هذا الذي يكون أشد ندامة.
    فالعالم علمه يدله على الله تبارك وتعالى ويحثه على الاغتنام والمسارعة والمسابقة إلى الخيرات
    فإذا لم يكن كذلك كان علمه وبالًا عليه عياذًا بالله من ذلك اللهم إنا نعوذ بك من علم لا
    ينفع لأن الله - جل وعلا - قد مدح أهل العلم بقوله: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
    ] وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾]الزمر : 9
    وذكر قبل ذلك صفات هؤلاء في قوله: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ
    الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا
    ] الْأَلْبَابِ﴾]الزمر : 9
    فدل ذلك على أن العلم يحملُ أهله علي العملُ الصالح وعلى المسارعة إلى الخيرات والمسابقة
    إلى الطاعات ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ﴾ يخاف من أن ينزل به
    الأجل وهو لم يزدد من صالح العمل ﴿وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِِّه﴾ عظيم الأمل في الله - جل وعلا -
    محسنًا الظن بربه - تبارك وتعالى - ثم قال - جلّ وعلا - ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
    وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ﴾ فالذين يعلمون هم الذين يعملون ، الواجب أن
    يكون العمل عندهم أكثر لأن علمهم يوجب عليهم العمل يدلهم على الله - تبارك وتعالى-
    فإن قصروا فحينئذٍ يكونون أعظم الناس ندامةً لأنهم تركوا وما عملوا وقد علموا ما في هذه
    الدار التى أعدها الله – جل وعلا - لأوليائه وما في هذه الدار من الصغب والتعب والنصب ،
    وأنهم منتقلون عنها ومع ذلك خلدوا إليها، فلا شك أنهم أكثر الناس ندامةً نسأل الله على أن
    يحمينا وإياكم بفضله.
    ]الشرح [
    وهذا هو النوع الثاني إذا كان هذا الذي سمعناه كله في النوعِ الأول في المباح الذي يؤدي به
    إلى هذا النحو ، فاسمع إلى النوع الثاني المحرم ، نعوذ بالله من ذلك.
    قال - رحمه الله تعالى –: النوع الثاني من الحرصِ على المال.
    أن يزيد على ما سبق ذكره في النوع الأول ،حتى يطلب المال من الوجوه المحرمة.
    حتى يطلب المال من الوجوه المحرمة ويمنع حقوقه الواجبة ، فهذا من الشح المذموم .
    قال الله تعالى: ﴿ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
    وفي سننِ أبى داود عن عبد الله بن عمر عن النبى - صلى الله عليه وسلم – قال: ))اتَّقُوا
    الشُّحَّ ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، أَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا وَأَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ ، فَبَخِلُوا
    وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ ، فَفَجَرُوا((
    وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال ))اتَّقُوا الشُّحَّ ، فَإِنَّ
    الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ((
    قال طائفة من العلماء: "الشح هو الحرصُ الشديد الذي يحملُ صاحبه على أن يأخذ الأشياء
    من غير حلها ويمنعها من حقوقها "
    وحقيقته أن تشهدَ النفسُ إلى ما حرم الله ومنع منه ، وألا يقنع الإنسان بما أحل الله له من
    مالٍ أوفرجٍ أوغيرهما ، فإن الله تعالى أحل لنا الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس
    والمناكح وحرم تناول هذه الأشياء من غير وجوه حلها ، وأباح لنا دماء الكفار والمحاربين
    وأموالهم ، وحرم علينا ما عدا ذلك من الخبائث من المطاعم والمشارب ، والملابس والمناكح
    ، وحرم علينا أخذ الأموال وسفك الدماء بغير حلها.
    فمن اقتصر على ما أبيح له فهو مؤمن ، ومن تعدى ذلك إلى ما مُنع منه فهو الشحُ المذموم
    ، وهو منافٍ للإيمان .
    ولهذا أخبر النبى - صلى الله عليه وسلم - أن الشح يأمر بالقطيعة والفجور والبخل والبخلُ
    هو: إمساك الإنسان ما في يده.
    والشحُ: تناولُ ما ليس له ظلمًا وعدوانا من مالٍ أو غيره ، حنى قيل إن المعاصي كلها إثم .
    وبهذا فسر ابن مسعود وغيره من السلف الشح والبخل.
    ومن هنا يعلمُ معنى حديث أبي هريرة - رضى الله عنه وأرضاه - عن النبى - صلى الله عليه
    وسلم – أنه قال )) لا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ ، وَالإِيمَانُ فِي مُؤْمِنٍ((
    والحديث الآخر عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ))أفضل الإِيمَانِ الصَّبْرُ
    وَالسَّمَاحَةُ((
    ]الشرح [
    هذا الكلام الذي ذكره الشارح - رحمه الله - فيه تنبيهات عظيمة كلُ واحدةٍ منها حريةٌ بأن
    يُصغي لها المسلم لُبهُ.
    فالنوع الثاني من الحرص هو من وصف بمثل ما تقدم في الأول وزاد عليه ، أن يكون حريصًا
    مجتهدًا منفقًا أيامه ولياليه وساعات عمره في طلب المال حتى يصل إلى مرحلة أنه لا يبالي من
    أين حصّل هذا المال أمِن الوجوه المحرمة أوغير المحرمة ، ثم يزيدُ به الأمر مع هذا فيمنع حق الله
    تعالى فيه ، ويمنع الحقوق الأخرى الواجبة فيه فلا ينفق على من أوجب الله عليه النفقة عليه ،
    ولا يصل من أمر الله بوصله ، ولا يؤدي الزكاة ونحو ذلك ، فهذا الحرص على المال أوقع هذا
    الإنسان في المحرمات:
    أولًا: وقوعه في المحرمات في كسبه حيث اكتسبه من بعض الوجوه المحرمة.
    ثانيًا: وقوعه في المحرمات بمنعه أداء حقه فلم يؤدِ زكاةً ولا نفقةً واجبةً ولا نحو ذلك فهذا هو
    الشح المذموم قال - جل وعلا - ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
    والشح أعم من البخل وأوسع من البخل كما فسره العلماء وذكره الشارح - رحمه
    الله تعالى - لأجل ذلك حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما حذر الله منه قال -
    جلا وعلا - ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ والنبي - صلى الله عليه وسلم
    - يقول ))اتَّقُوا الشُّحَّ ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ
    وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ(( ولا شك أن البخل يكون بالمال أما الشح فهو أوسع منه كما في هذا
    الحديث.
    فهو الحرص الشديد على أخذ الأشياء من غير حلها سواء كانت مالًا أو غير مال ولذلك
    فسره الشارح بقوله - رحمه الله -: "أن تشره النفس إلى ما حرم الله ومنع منه، وأن لا يقنع
    الإنسان بما أحل الله له من مال أو فرج أو غيرهما".
    وبهذا يعلم الإنسان أن الشح أعم من البخل، البخل يكون في المال، والشح يكون في المال وفي
    غيره.
    فالشح يحمل على سفك الدماء، وارتكاب المحارم عياذًا بالله من ذلك ، ثم إن البخل كما قلنا
    في تفسيره مقتصر على أن تُمسك ما في يدك ، أما الشح فهو أوسع من ذلك بأن تمسك ما في
    يدك وتحاول أن تأخذ ما ليس لك ظلمًا وعدوانًا ، فتشح على الناس بما رزقهم الله - تبارك
    وتعالى - من خير، ولذلك الشح لا يمكن أن يكون عند المؤمن ما يجتمع مع الإيمان ، ما
    يجتمع الشح والإيمان كما في حديث أبي هريرة: ))لا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ ، وَالإِيمَانُ فِي مُؤْمِنٍ((.
    لِم؟ لأن الشح على هذا النحو على هذا التفسير ما يمكن يحملك على أن تستحل محارم الله -
    تبارك وتعالى - يحملك على أن تسفك دماء الناس ))اتَّقُوا الشُّحَّ ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ
    قَبْلَكُمْ(( ثم أخبر أنه حملهم على أنهم يستحلون إيش؟ ماحرم الله - تبارك وتعالى - الدماء
    والأموال، فأخذك لمال غيرك حرام وسفكك لدم غيرك حرام، فالشح هو هذا أن ترى الخير
    معه فتريد أن تنتزعه منه، فهو أعم من البخل أعم من البخل نسأل الله العافية والسلامة ، أما
    البخل فهو أن يضن الإنسان بما في يديه.
    فالعبد إذا حصّل المال وحرص على تحصيله ولم يبالِ من أين حصَّله من حلال أو حرام ثم منع
    منه الحقوق الواجبة، فهذا نسأل العافية والسلامة قد أوبق نفسه مرتين أهلك نفسه مرتين
    أفسد دينه مرتين:
    المرة الأولى: بطلبه لهذا المال من غير حله اكتسبه بالربا اكتسبه بالطرق المحرمة المكاسب المحرمة
    من بيع خمر أو مخدرات ونحو ذلك من الأمور المحرمة فالكسب المال من وجه حرام.
    الأمر الثاني: أنه منع حقوقه الواجبة فوقع فيما حرم الله عليه فأوبق نفسه وأفسد دينه من بابين
    كلها في المال وإلا لأ؟ كلها في المال فأفسد الدين بماله أليس كذلك، أفسد دينه بماله حين
    طلبه من الأوجه المحرمة، أفسد دينه بماله حينما منع منه الحقوق الواجبة، فوقع في ما حرم الله
    عليه تبارك وتعالى، منع الزكاة منع النفقة الواجبة ونحو ذلك، فحينها إذًا هذا المال أصبح
    مفسد لدينه، فهو كالذئب الذي يفسد هذه الأغنام فحرصه على هذا المال أفسد دينهم عياذًا
    بالله من ذلك، من هذين البابين باب الاستجلاب للمال وباب الإنفاق للمال عياذًا بالله من
    ذلك.
    ولعلنا نقف هنا ولنا عودٌ إلى ما بقي والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا محمد
    وعلى آله وصحبه أجمعين.
    الأسئلة:
    السؤال:
    هذا يقول أنا موظف في إحدى الشركات وأعمل نصف يومي في هذه الشركة وأصبر على
    ذلك في كثير من الأحيان وأحس أن وقتي جله قد ذهب فهل يعد ذلك من الحرص على المال
    أرشدوني وفقكم الله؟
    الجواب:
    ما دمت تعمل نصف النهار فالحمد لله بقي عندك النصف الآخر وهذا العمل مادام لا يؤدي
    إلى تضييع الواجبات والطاعات فالحمد لله على ذلك ، أنت تُحصل منه ما يقوم بحياتك ولا
    شيء عليك في ذلك.
    السؤال:
    يقول هل يؤجر من تاجر بمصالح الناس الدينية يعني في مصالح الناس مثل الكتب السلفية بنية
    نشر دين الله مع ربح المال؟
    الجواب:
    نعم إذا كان مقصده أن ينشر الكتب السلفية في بلده وفي قطره أو في العالم ، بحسب
    استطاعته ، ما مقصوده إلا أن يخرج هذه الكتب ولو أخرج منها مال فإن هذا المال هو الذي
    تطبع به هذه الكتب لا يمكن أن تطبع هذه الكتب إلا بالمال ، ولو حصل منها ربحًا يسيرًا فلا
    شك أنه يؤجر بإذن الله - تبارك وتعالى - لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - ))إِنَّمَا
    الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ(( ، بل هو داعٍ إلى الله بعمله هذا ، بنشره للكتب السلفية التي تدل الناس
    على الاعتقاد الصحيح وعلى المنهج الصحيح والطريق الصحيح إن شاء الله داعٍ إلى الله -
    تبارك وتعالى - بتجارته هذه ، وهذه التجارة هي النافعه إن شاء الله.
    السؤال:
    يقول ماهو الفقر عند السلف ؟
    الجواب:
    المراد بالفقر عند السلف قلة ذات اليد قلة ذات اليد ، الفقير والمسكين عرفهما أهل العلم قال
    - جل وعلا -:﴿يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ﴿ 51 ﴾أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ فالمسكين هو الذي لا يجد شيئًا
    ، والفقير هو الذي عنده شيء لكن ربما لايقوم بحاجته يكفي حاجته ، وأما الغني العالي فهذا
    الذي عنده ما يكفي وأهله وزياده والغني السافل يعني الأسفل منه هذا الذي عنده مايسد
    حاجته هذا غني ليس الغنى عن كثرة العرض الغنى الصحيح غنى النفس ، لكن الغني هو الذي
    عنده مايسد حاجته ولا يجعله محتاجًا إلى الآخرين.
    السؤال:
    وهذا يسأل يقول مالمقصود بسنده ، بقولهم سنده ثابت؟
    الجواب:
    إذا قال سنده ثابت يعني صحيح لكن حمله على العدول عن هذه العبارة ، عبارة صحيح معنى
    آخر ، قد يرد مطلق الثبوت يعني قد يكون حسنًا لذاته أولغيره ، أو يكون صحيحًا لغيره ،
    فهو ما أراد أن يدخل في التفاصيل قال هذا الحديث ثابت ، يعني صحيح ثبت عن رسول الله
    - صلى الله عليه وسلم - أراد المعنى اللغوي لا الاصطلاحي.
    السؤال:
    هذه سائلة تقول ماهي أقصى مدة للحمل التى إذا أُسقط الحمل فيها لا تعتبر المرأة نُفساء؟
    الجواب:
    هذا السؤال في صياغته شيء ، أما أقصى مدة للحمل أربع سنين هذا بناء على ظاهر السؤال
    ، ولكن الظاهر أن الأخت السائلة أو البنت السائلة تسأل عن المدة التي يجوز فيها الإسقاط ،
    إذا أُسقط الحمل لا تُعتبر نُفساء ، المرأة إذا أسْقطت فالسّقط لا يُطلق إلا على من تخلّق ، يقال
    فيه سِقط من تخلّق هذا يُقال عنه سِقط ولذلك يُصلّى عليه يُغسل هذا السّقط ويُصلّى عليه،
    لأنه يكون أربعة أشهر فما فوق، أربعون وأربعون وأربعون هذه كم؟ مئة وعشرين كم
    تكون؟ أربعة أشهر، فهذا بعدها يُؤمر الملك كما سُبق معنا في حديث الصادق المصدوق
    فينفخ فيه الروح ويُؤمر بكتابة الكلمات الأربع التي ذكرها رسول الله - صلى الله عليه

    وسلم- فهذا إذا كان كذلك فإنه سِقط ، له الأحكام التي تجري للميت يُغسل ويُصلّى عليه،
    أما إذا كان دون ذلك فهذا إملاص إذا كان قطعة، علقة، مُضغة هذا لا يُعدُّ سِقطًا، وإنما هو
    إملاص ، والمرأة تعتبر معه نفساء ما كان الدم جاريًا، وأكثر مدة النفاس أربعين، إذا كانت
    تسأل الأخت السائلة عن هذا مدة النفاس أربعين.
    أكثره أربعون نصٌّ أثري أما أقلّهُ فلمْ يُقدرِ .
    السؤال:
    هذا يقول : يسأل عن كيفية التعامل مع أهل البدع كالإخوان والتبليغ ؟
    الجواب:
    التعامل معهم بالنصيحة لهم، وبيان الحق لهم، وبيان أنّ ما هم عليه طريقٌ خاطئ، لا طريقة
    الإخوان ولا طريقة التبليغ، فطريقة الإخوان طريقة الخوارج، وطريقة التبليغ طريقة المتصوفة،
    فلا طريقة هؤلاء ولا طريقة هؤلاء صحيحة، فعليك أن تبيّن لهم إن كان عندك من العلم ما
    يكفي أن تبين لهم البدع التي عندهم وهي موجودة في كتبهم ولله الحمد، وقد كفانا العلماء
    قد كتبوا في الرد عليهم وبيان ما عندهم من المخالفات فاقرأ هذه الكتب وانصح لهم .
    السؤال:
    تبقى لهم الحقوق السّتة من السّلام واتباع الجنائز، فهل هذا صحيح؟
    الجواب:
    أقول: السّلام حق للمسلم على المسلم، وإذا سلّم عليك أصبح واجبًا الرد، إلا في حال إذا
    أردت بيان حاله للناس حتى يحذروا ما هو عليه، إذا كان لك تأثير في الناس إذا رأوْك صنعت
    ما صنعت فانزجروا فنعم، فحينئذٍ لا تُسلّم عليهم لأن في ذلك مصلحة شرعية عظيمة جدًا ألا
    وهي زجر الناس عن ارتكاب البدعة التي ارتكبوها، وهجر أهل الأهواء والبدع على التأبيد
    حتى يتوبوا، قد نقل على هذا الإجماع علماء السنة - رحمهم الله تعالى-، كالبغوي وابن عبد
    البر وغيرهم، أما إذا كانت بدعتهم غليظة مكفرة كالجهمية فلا يرد عليهم السلام، بل ولا
    يُجابوا إن سلموا مثلهم الروافض فما قال أحمد -رحمه الله- حينما سُئل عن من كان له جار
    رافضي يسلم عليه، قال لا ولا ترد عليه إن سلمَ، والرد أوجب من الابتداء، فإن الابتداء سنة
    والرد واجب، فمن كانت بدعتهم كهؤلاء فلا يرد عليهم، نعم .
    السؤال:
    وهذا يقول فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    وعليكَ السلام ورحمة الله وبركاته.
    هل يبيع أصحاب معارض السيارات بشراء سيارة بثمنٍ مؤجل، ثم شراء المعرض السيارة من
    صاحبها بأقل من ذلك، هل هذا البيع من العينة؟
    الجواب:
    إن بعتها على صاحب المعرض، فنعم .
    كأن يبيعها عليك بستين ألفا ويشتريها منك بخمس وخمسين ألفا، ويدفع لك خمس وخمسين
    ألفا، وأنت تسدده كم ستين ألفا، فهذه الخمسة آلاف فارق ربا، فهي دراهم بدراهم بينها
    سيارة، سيارة في الظاهر، وإلا في الحقيقة أقرضك دراهم بدراهم أقرضك ستين وأعطاك
    خمس وخمسين وأنت تعيدها بعد ذلك ستين، نعم .
    السؤال:
    هذا يقول :
    يقول بعض طلبة العلم، أننا حين نتكلم عن الجماعات المنحرفة فإنا نتكلم عن أصولها
    وانحرافها ولا نتكلم أو نقصد الأفراد، فإن أفرادها متفاوتون منهم الجاهل ومنهم المتأوِّل
    ومنهم الخبيث والمقصود هو الجماعات .
    الجواب:
    لاشك، الكلام هذا صحيح حينما نتكلم بالحكم العام نتكلم على الجماعة، وأما أصحابها
    المنتمون إليها عمومًا يحكم عليهم بالبدعة، لكن عند التفصيل، وجود هذه الأصناف لابد أن
    تبين للإنسان هذه الجماعة وما هي عليه هل أنت تعلمها، هي على كذا وعلى كذا وعلى
    كذا، فإن بقيَّ على ذلك، فإنه ما المانع حينئذٍ من تبديعه، وقد علم البدع التي عندهم،
    وأعلمته بها، وأوقفته عليها ونقلتها له من كتبهم وبقي بعد ذلك لا شك أنه منهم نعم ، وإذا
    دافع عنهم فهذا أكثر وأكثر منهم، وإذا اعتذر لهم فهو منهم، لاشك ولا ريب .
    السؤال:
    هذا يقول :
    هل يجوز لامرأة كبيرة في السن هي من القواعد أن تذهب مع السائق لقضاء بعض الحوائج
    وتسافر معه؟
    الجواب:
    لا يجوز، أن تخلو بهِ، السائق ما هو محرم وكانت كبيرة في السن فإن الكبيرة في السن الله -
    جل وعلا- أباح لها وضع شيءٍ من اللباس عنها والستر، ألا وهو تغطية الوجه، قال - جل
    وعلا-: ﴿والْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ
    غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ﴾
    فسرها ابن عباس - رضي الله عنهما- بتغطية الوجه ونحو ذلك، فمثل هذا عُفيَّ عنها لأنها لا
    رغبة لها في النكاح ولا يرغبها الخُطاب حينئذٍ نعم لا بأس ، أما أن تسافر تذهب معه هذا لا
    يجوز بحال من الأحوال لعموم قوله – صلى الله عليه وسلم -: ))لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ
    وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ((
    السؤال:
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، جزاكم الله خيرا ، ما حكم الصلاة في مسجد يكون
    داخل سور المسجد قبرًا ليس داخل المسجد ، سؤالي ما حكم الصلاة في مسجدٍ يأتيه الكفار
    للتصوير؟
    الجواب:
    أمّا السّؤال الاوّل: وهو الصّلاة في مسجد يكون فيه قبرٌ لا يجوز أمّا إذا فُصل هذا الجزء منه
    ويكون مستقلا لا علاقة له به فنعم يجوز ، أما إذا كان هذا القبر داخل سور المسجد فلا شك
    أنّه لا تصِحّ الصّلاة فيه ، لأنّ وقت الحاجة وقت الزِّحام سيصلّي النّاس أين؟ سيصلّي النّاس
    داخل السور في فنائه فحينئذ فهو مسجد والحكم واحد سواء بُني عليه مثل هذا البناء أو بقي
    مُسَورًا خارج البناء المظلل ، لكن نقول إن كان المسجد أولا فيجب أن يُخرج هذا القبر منه ،
    وإن كان القبر أولًا فيجب أن يُهدم هذا المسجد وينظر إلى مكان آخرٌ ويبنى فيه المسجد
    والصّلاة فيه غير صحيحة والنبي - صلى الله عليه وسلم – قد نهى عن ذلك لقوله: ))فَلا
    تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ(( ومطلع الحديث ))لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ
    وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ألا فَلا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ
    ذَلِكَ(( فلا يجوز أن يُصَلّى في هذا المسجد الذي على هذا النحو وإذ صُلي فالصلاة غير
    صحيحة.
    وأمّا الصلاة في مسجد يأتيه الكفار للتّصوير ما دام ما في هذا المسجد مانع من قبر ونحوه فإنّه
    لا بأس من الصّلاة فيه لكن يُمنع الكفّار من أن يدخلوه للتصوير،هذه المساجد إنّما بُنيت كما
    قال النبي - صلى الله عليه وسلم –))للصلاة ولذكر الله ولقراءة القرآن(( لا يصلح فيها شيءٌ
    من الأذى ، والتّصوير أذى حرّمه رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ولعن أهله ، وأنا
    أسأل هؤلاء الذين يقولون هذا ما هو تصوير ، أنتم أنفسكم تقولون عن هذا الذي يأتي )
    مُصورٌ( إذًا فالعملية ما هي تصوير أَخرِجُوهاَ لنا من مادّة صَوَّرَ فتخرج خارج السُّور فنبحث
    فيها فالمادَّة صَوّر يُصوِّرُ تَصوِيرا اسم الفاعل مُصَوِر وفعله تَصوير المصدر فأنتم إذا سألتم يقول
    تَصوير، مُصوّر،إذًا إذَا كان هذا هو الاسم وهذا هو الفعل فكلام رسول الله - صلى اله عليه
    وسلم - أوضَحُ ما يكونُ في هذا.
    السؤال:
    يقول ذكر الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتابه إغاثة اللّهفان من مصائد الشّيطان
    الحِيَلُ في البيع ، فهل كل ما ذكره صحيح وضحوا لنا بارك الله فيكم؟
    الجواب:
    أنا ما أتذكّر ما الذي قاله لكنّ ضرب أمثلة كثيرة من التحايل في البيع ومنها التحايل على
    الربا – رحمه الله تعالى - ذكر ذلك وكلامه صحيح أما بالتفصيل أنا لا أتذكره الآن ، لكن
    إن رأيت أن تقرأه علينا لا بأس.
    السؤال:
    يقول امرأة اشتَرَت مصحفًا يُسمى مصحف القيام وتريد تبيع المصحف ؟
    الجواب:
    ما أعرف إيش مصحف القيام هذا ما هو؟ تعرفونه؟ على كل حال يجوز لها أن تبيع هذا
    وهي إنّما تبيع الطبع وتَكلُفَة الطّباعةِ وتَكلفَة التَجليدِ وأمّا كلام الله - تبارك وتعالى هذا
    معروف لا يباع.
    السؤال:
    يقول تعلمون الوضع في سوريا بارك الله فيكم وقد فوجئنا ببعض الشّباب الذين ينتمون إلى
    المنهج السَّلفي أنّهم أيدوا المظاهرات ووضعوا لها بعض الحجج والشّبه عندما أنكرنا عليهم
    وقلنا لهم أنّنا تكلّمنا مع الشّيخ صالح السّحيمي والرّجل فنَّد هذه الشّبهات ومنع المظاهرات
    وقد قمنا بالتكلم معه؟
    الجواب:
    على كلّ حال الكلام طويل.
    السؤال:
    يقول هل يجوز لنا أن نطَلَبُ فَتوَى موقّعة من الشّيخ؟
    الجواب:
    يجوز لكم إذا كان يقتنع لو طلبتم له فتوى موقّعة من الشّيوخ يجوز ما المانع من طلب ذلك.
    لكن الذي نُنبِّه عليه هو هذا الكلام في أوّل السّؤال وهو أنّ العلماء تكلّموا على المظاهرات
    أيّها الأخ السّائل وبيّنوا ما فيها من الشّر ومن الضرر الذي يلحق بالمسلمين بسببها والحكّامُ
    على صنفين:
    الصنف الأول: حاكم لم يخرج من الإسلام فهذا لا يجوز الخروج عليه مهمَا عصى مهمَا ظَلَم
    ، مهمَا فسق هو في نفسه ، ما دام في دائرة الإسلام فلا يجوز الخروج عليه وعصيانه وفجوره
    وظلمه عليه ، ونحن نستفيد من التفَافِ النّاس عليه تماسك المسلمين ووحدة صفّهم وصلاح
    حياتهم وأمور معيشتهم ، وقيام أمور دينهم هذا كله يأتي بسبب وجود هؤلاء الحكّام ، أمن
    السّبُل ، حماية الأعراض حماية الدّمَاء حماية الأموال قيام العبادات قيام الشّعائر ، هذا يحصل
    بسَبب وجود الحكام وإن جاروا وظلموا فلا يجوز الخروج عليهم وإن جاروا وظلموا.
    الصنف الثاني: وأما من كان كافرا فهذا يجوز الخروج عليه بشرط القدرة وبشرط عدم الضرر
    الذي يترتّب على إزالته ، إذا ترتّب على إزالته ضرر أكبر فهذا لا يجوز لأنّ في هذا تحصل
    الفِتَن تراق الدماء تُسفك الدّماء ، تُقطع الطّرق ، يَخاف النّاس تُنتهك الأعراض
    تُنتهك الحُرمات كما هو حال المسلمين اليوم ، كما قلنا هذا مرارا فمِثل هذا السّؤال الذي
    يذكره الأخ السّائل إنّما منع العلماء منه لأجل هذا ولا يشك أحد في كفر النُصيرية أبدًا
    وهكذا صاحب ليبيا حينما تكلّمنا وقلنا وتكلّم غيرنا إنّما الكلام عليه من باب دفع الشّرور
    التي نزلت ببلدان المسلمين ونراها لا تزال إلى الآن.
    فمِثل هذا إن ترتّب على إزالته ضرر عظيم ، والواجب عليهم أن يصبروا حتى يفتح الله -
    تبارك وتعالى - وهو خير الفاتحين، ما هو يأتِيَ آتٍ يقول هؤلاء يُدافعون عن الكفّار
    ويُدافعون عن الفجّار ويُدافعون عن الظّلمة هذا الكلام غير صحيح ، والكلام العاطفي غير
    صحيح ما يقبل، لكن كلام أهل العلم المبنيُّ على الأدلّةِ هو الذي يقبل فالنّبيّ - صلّى الله عليه
    وسلّم - نهانا عن الخروج على الحكّامِ المسلمين ما داموا مسلمين وإن جاروا وظلموا وإن
    ضربوا الظهر وأخذوا المال ، وأما من ليس مسلما فالعلماء قد بيّنوا أنّ الخروج عليه يجوز
    يشرط القدرة وعدم وجود ضرر أكثر ممّا هو موجود بوُجُودهِ.
    والله أعلم وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيِّنا محمّد وعلى آلهِ وصحبه أجمعين.__

    الرابط http://ar.miraath.net/search/node/%D...B9%D8%A7%D9%86

  • #2
    رد: بحث متجدد لامر التور و ربا العينة لثلة من المشايخ

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	header_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	146.7 كيلوبايت 
الهوية:	172589
    التعريف بالشيخ رحمه الله تعالى

    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    /////////////////////////////////

    التورق


    ماالحكم فيمن اشترى بعض السلع من شخص بمبلغ معين لأجل مسمى، وباع هذه السلعفي نفس الوقت على شخص آخر بسعر أقل من سعر الشراء لحاجته للمال في ذلكالوقت؟

    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذه المعاملة يسميها بعض الفقهاء التورُّق، ويسميها بعض العامة (الوعدة)، وهي أن يشتري سلعة إلى أجل، ثم يبيعها بثمن أقل نقداً لحاجته إلى النقد، ليتزوج أو ليقضي ديناً عليه أو ليعمر سكناً له، أو غير ذلك من الأغراض، وهذه المعاملة لا بأس بها على الصحيح، وقد كرهها بعض أهل العلم ومنع منها لأنها في المعنى بيع نقود بنقود بواسطة السلعة، ولكن الصواب أنه لا حرج فيها، والناس محتاجون إلى هذه المعاملة لقضاء حوائجهم، وهي داخلة في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ.. الآية (282) سورة البقرة، فهي مداينة، إذا كان البائع عنده السلعة موجودة في ملكه وفي حوزته، ثم باعها إلى أجل معلوم أو بأقساط إلى آجال معلومة، فلا بأس بذلك، لكن ليس له أن يبيع ما ليس عنده، ثم يذهب فيشتريه، لا، إنما يبيع ما كان عنده في حوزته وفي قبضته، لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيم بن حزام لما سأله عن هذا، قال: (لا تبع ما ليس عندك)، لأن حكيماً سأله، قال يا رسول الله: إن الرجل يأتيني يريد السلعة وليست عندي فأبيعها عليه ثم أذهب فأشتريها، فقال له عليه الصلاة والسلام: (لا تبع ما ليس عندك)، وصح عنه عليه السلام أنه قال: (لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك)، فليس له أن يبيع سيارة أو غيرها لم يملكها، بل سوف يذهب فيشتريها، أما إذا كانت السيارة أو الخام أو الرز أو نحو ذلك في ملكه أو في حوزته في بيته أو في متجره أو في السوق، قد ملكه فلا بأس أن يبيعه إلى أجل مسمى أو إلى آجال، لا حرج في ذلك، ولا حرج على المشتري أن يبيعه أيضاً بأقل أو بأكثر، أو بالمساوي، إذا قبضه أيضاً هو المشتري، إذا قبضه وحازه وصار في ملكه ونقله من ملك البائع، فإنه يبيعه بعد ذلك على من يشاء، ولا يبيعه على من اشتراه منه، لا يبيعه عليه بل يبيعه على غيره، أما إذا باعه عليه بأقل من الثمن صارت مسألة العينة ولا تجوز، أما إن باعه على من باع عليه مثلما اشتراه به لأنها تغيرت الأحوال أو باع عليه بأكثر فلا بأس، لكن لا يبيعها على من اشتراه منه بأقل، فإن ذلك لا يجوز، لأنه بيع العينة، وهي أن يشتري سلعة بثمن في الذمة مؤجل ثم يبيعها على من اشتراها منه بأقل، فهذا هو عين الربا؛ لأنه حيلة على أن يأخذ دراهم، ...... بالدراهم الكثيرة إلى أجل، فلا يجوز، لكن إذا باع السلعة على غير من اشتراها منه، باعها في السوق، باعها على شخص آخر، بثمن نقد ليقضي حاجته فلا بأس بذلك.
    الرابط
    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه

    ////////////////////////////////////////////////////

    حكم بيع التورق؟
    التورق معاملة معروفة عند أهل العلم ، فيها خلاف بين أهل العلم ، والصواب أنه لا بأس بها ، فالمعاملة التي يسمونها التورق ، ويسميها العامة الوعدة، هي أن يبيع الإنسان سلعة على إنسان محتاج إلى أجل معلوم وهذا المشتري يبيعها بعد ما يقبضها يبيعها بنقد ويقضي بها حاجته من زواج أو قضاء دين أو بناء سكن أو غير ذلك ، فيأتي زيد وهو محتاج إلى عمرو وهو من التجار ، ويقول له : أريد سيارة أو أريد أكياس من رز أو من السكر أو كذا تبيعني إياها إلى أجل معلوم؟ فيقول : نعم ، فيتفقان على ثمن معلوم ، وعلى أقساط معلومة ، فيتم البيع على ذلك ، وهذا المشتري بعد ما يقبضها ويحوزها إليه يتصرف فيها كما يشاء ، يبيعها بثمن معجل حتى يقضي حاجته من زواج أو قضاء دين أو غير ذلك ، ولكن يقع في هذا أخطاء لهؤلاء ولهؤلاء، ينبغي التنبيه عليها ، بل يجب التنبيه عليها ، وقد نبهنا عليها كثيراً في هذا البرنامج وفي غيره ، وهي أن البائع قد يبيع ما ليس عنده ، تاجر قد يبيع سيارة ما هي بعند ، عند التجار، أو عند الشركات ، قد يبيع أكياس من الرز ما بعنده ، وبعد البيع يذهب يشتريها هذا لا يجوز ، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تبيع ما ليس عندك). وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. وجاءه حكيم بن حزام - رضي الله عنه - فقال : يا رسول الله الرجل يأتيني يريد السلعة فأبيعها عليه ثم أذهب فأشتريها ؟، قال: (لا تبيع ما ليس عندك): فالحاصل أن البائع قد يخطى ، والمشتري قد يخطى ، فالبائع قد يبيع ما ليس عنده ثم يذهب يشتري ، وهذا لا يجوز ، بل لا يبيع سيارة ولا أكياس ولا خام ولا كذا إلا إذا كان عنده في حوزته ، في ملكه ، في بيته ، في دكانه. والمشتري المحتاج ليس له أن يبيع أيضاً حتى يقبضه ، لا يبيع هذا الذي باع عليه، ولا يبيع وهي عنده ، بل يقبضها وينقلها إلى بيته ، أو إلى السوق إو إلى بيت فلان أو دكان فلان ، يعني ينقلها من بيت البائع ، من محل البائع ، ثم يتصرف بعد ذلك ، هكذا يجب على هذا وهذا ، فإذا باع أحدهم قبل أن يقبض هذا هو الذي لا يجوز ، وهو الذي يخل به كثير من الناس ، وتأتيه المشكلة من هذا الجانب، والله ولي التوفيق. إذا كان هناك اتفاق بين هذا البائع وبين المتورق أو الذي ..... إلى نقود بثلاثة عشر أو بخمسة عشر أو ما أشبه ذلك هل ترون جواز هذا؟ لا يضر ، الاتفاق غير مطلق، لا يتم البيع إلا بعد ذلك إلا بعد القبض والحوز ، لو جاء قال أنا أريد أشتري منك السلعة بعشرة بثلاث عشر أو بخمسة عشر واتفقا على ذلك هذا ما يتم فيه البيع هذا، وعد ، وتمهيد، لكن البيع الذي يتم بعدما يحوزها التاجر وتكون عنده في بيته السلعة ثم يبيعها عليه بعد ذلك ، يبيعها على الضارب بثمن معين ، وأقساط معلومة ، وأجل معلوم بعشرة بخمسة عشر أو أقل أو أكثر ليس له حد محدود ، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه في بعض تجهيز السرايا اشترى البعير ببعيرين إلى أجل معلوم. الحاصل أنه لا بأس أن يشتري منه إلى أجل معلوم بعدما يأخذ التاجر المال ، أما كونه يخاطبه قبل ذلك ، ويتفق معه على أن يشتري منه كذا وكذا ، لا بأس ، لكن لا يتم بيع لا هذا ولا هذا، لا لهذا ولا لهذا ، كل واحد له رأي أن يرجع، له أن يهون ، يعني عما عزم عليه ، حتى يتم البيع بعد شراء التاجر للسلعة ، أو بعد إحضارها في ملكه ، وبعد حوزتها وبعد ذلك يبيعها على الضارب ، فإذا تم البيع بعد ذلك لزم، بعد التفرق. إذاً الذي تحذرون منه الذي يشكو منه الناس ما هو سماحة الشيخ؟ بعض الناس يشكو من جهة زيادة الثمن ، وأن التاجر يبيع عليه بثمن رفيع ، بعض الناس يشكوا أن يبيع قبل أن يملك قبل أن يقبض ، فالذي يشتكى منه هو أن يبيع قبل أن يملك السلعة، أو المشتري يبيع قبل أن يقبضها ، فالتاجر ليس البيع حتى تكون عنده السلعة ، والمشتري من التاجر ليس له أن يبيع حتى يقبضها من التاجر أيضاً، أما الحد المحدود في الربح فليس له حد محدود ، والناس يختلفون ، منهم من يكون مليء ويسدد بدون تعب ولا أذى هذا التاجر يخفف عليه الزيادة والربح ، ولا يكثر عليه ، ومنهم من يخشى أنه يطول، أو لأجل بعيد ، وأنه ربما يماطل ، هذا هو الذي قد يزيدون عليه في الثمن بسبب طول الأجل، أو بسبب خوفهم التأخير.
    الجواب: التورق معاملة معروفة عند أهل العلم فيها خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا بأس بها،

    /////////////////////////////////////////////////////////

    حكم التصرف في المبيع قبل قبضه
    ما حكم بيع السلعة لزبون، وبعد ما يوافق على سعرها آتي بها من محل ثان وأنا متأكد من كسبي؟ وجهوني جزاكم الله خيراً. وقد صدر رسالته يقول: إني أحبكم في الله[1].

    أما المحبة في الله فنقول: أحبك الله الذي أحببتنا له؛ فالتحاب في الله من أفضل القربات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه))[2]، يعني: خوفاً من الله. كل هؤلاء يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم المتحابون في الله، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؛ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي))[3].
    جعلنا الله وإياكم وسائر إخواننا من المتحابين فيه سبحانه وتعالى.
    أما بيع السلع قبل أن تشتريها لا يجوز؛ فإنه لا يجوز أن يبيع الإنسان ما ليس عنده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك))[4]، وسأله حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: يا رسول الله: الرجل يأتيني يريد السلعة وليست عندي، فأبيعها عليه ثم أذهب فأشتريها، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تبع ما ليس عندك))[5].
    فأنت إذا أردت البيع، تشتري أولاً السلعة، فإذا قبضتها وحزتها وصارت عندك، تبيع بعد ذلك، وتقول لمن رغب إليك: اصبر حتى أشتريها، فإذا اشتريت السلعة وصارت عندك وصارت بحوزتك وقبضتها، تبيع على من شئت.

    [1] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في برنامج (نور على الدرب).
    [2] رواه البخاري في (الزكاة)، باب (الصدقة باليمين)، برقم: 1423.
    [3] رواه مسلم في (البر والصلة والآداب)، باب (فضل الحب في الله)، برقم: 2566.
    [4] رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص)، برقم: 6633، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1234، والنسائي في (البيوع)، باب (بيع ما ليس عند البائع)، برقم: 4611.
    [5] رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم: 14887، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1232، وابن ماجه في (التجارات)، باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم: 2187.
    مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد التاسع عشر
    [IMG]file:///C:\Users\ABDELS~1\AppData\Local\Temp\msohtml1\01\c lip_image001.jpg[/IMG]


    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    //////////////////////////////////////////////
    مسألة التورق
    نقصعلي فلوس حوالي عشرون ألف ريال، ولم أجد سلف، ورحت لواحد يعطي الدينة،يبيع علي عدد صناديق أقمشة ويقول: إنني بعدما اشتريت منه الصناديق قال: ضعيدك عليها، ووضعت يدي عليها، قال: هل عددتها؟ قلت: نعم، فقال صاحب الدكان،أو الذي باعها علي: هل تريد أن تبيعها في السوق، أو تبيعها على صحابالدكان؟ قال صاحب الدكان بنازل من رأس المال مائتين ريال، وعد لي صاحبالدكان المبلغ تسعة عشر ألف وثمان مائة ريال، وقال لي المدين: العشرين ألفتصبح عليك بمبلغ وقدره اثنان وعشرون ألفا، كل شهر يبلغ كذا وكذا التسديد،يقول: نريد أن نعرف صحة هذا البيع وهذا الشراء وفقكم الله، وهل هو منالربا؟

    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعـد : فهذه المسألة يسميها الفقهاء مسألة التورق ، وهي مشهورة عند العامة بالوعلة ، وهي ما إذا احتاج الإنسان إلى نقود لزواج ، أو لتعمير بيت ، أو لقضاء دين ، أو لأشباه ذلك ، ولم يجد من يقرضه ، فإنه يحتاج إلى أن يشتري سلعاً إلى أجل ثم يبيعها على الناس بنقد حتى يستفيد من النقد ، وهذا العقد فيه خلاف بين أهل العلم ، من أهل العلم من قال أنه لا يجوز لأنه دراهم بدراهم ، ولأن المقصود دراهم بدراهم يروى هذا عن عمر بن عبدالعزيز وجماعة. والقول الثاني أنه لا بأس به وأنه لا حرج فيه وهو من المداينة الشرعية التي قال الله - سبحانه- فيها : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [(282) سورة البقرة]. وهذا هو الصواب ، وهو داخل في قوله : وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ [(275) سورة البقرة]. فالصواب أن هذه المعاملة ، وهي معاملة التورق التي تسمى الوعذة صحيحة بالجملة ، لكن بشروط ، منها أن يكون البائع قد ملك السلعة ، .......... عند الناس ما يبيع إلا شيء قد ملكه وحاله في بيته وفي دكانه أو في السوق ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (لا تبع ما ليس عندك) وقال : (....... البيع ، ولا بيع ما ليس عندك). فليس له أن يبيع ما عند الناس كونه .... المشتري يعطيه للتجار ، لا ، بل يشتريه أول ، يحوزه ، فإذا حازه في بيته أو في السوق أو في دكانه بعد ذلك يبيع ، ثم المشتري الذي شراه لا يبيع على صاحب الدكان ولا غيره حتى يحوزه أيضاً ، حتى ينقله إلى السوق أو إلى بيته ، أو إلى دكانه ثم يبيع ، وبهذا يعلم أن هذه الصورة التي سأل عنها السائل غير صحيحة، وضع اليد على الصناديق ما يكفي ولا عده ما يكفي على الصحيح المعروف عند أهل العلم ، مجرد العد لا يكفي لابد من قبض لابد من استيفاء المبيع ، ولهذا ثبت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : (لا تبع ما ليس عندك). (لا يحل سلف وبيع ، ولا بيع ما ليس عندك). ونهى عليه الصلاة والسلام أن تبتاع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فالتاجر ممنوع أن يبيع ما ليس عنده ، وهكذا غيره من الناس حتى يحوزها إلى رحله ، قال ابن عمر: كنّا نشتري الطعام بزاداً على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكنّا نضرب إذا دنا في محلنا حتى ننقله إلى رحالنا . وفي لفظ : من أعلى السوق إلى أسفله ومن أسفله إلى أعلاه. والخلاصة أن هذا البيع الذي سأل عنه السائل لا يصح ؛ لأنه باع ما لم يقبض، باعه البائع شيء لم يقبضه، ثم هو باع على ........ ما لم يقبض فلا يصح ، لا يصح هذا البيع ، وليس للبائع إلا الدراهم التي سلمها له صاحب الدكان ؛ لأنها هي للبائع ، هي ثمن المثل ، فيعطيه ثمن المثل ، أو يرد عليه جنس ما شرى من السعلة التي شراها منه ، يعني شرى منه سلعةً معروفة ولم يقبضها القبض الشرعي فباعها قبل ذلك فليس له بيعها ، بيعها غير صحيح، وحينئذٍ فهي باقية في عصمته عليه أن يقبضها ويردها، يبيعها، يتصرف فيها حيث شاء ، والشخص الذي أعطاه الدراهم يرد عليه الدراهم فقط ، دراهمه، الذي أعطاه الدراهم يرد عليه بنفسها ، لأنه باعه شيء لم يقبضه ، والشخص المشتري للصناديق وأشباهه كالسكر وكالخام وأشبه ذلك هذا تبقى السلعة على حسابه فيرد قيمتها ذلك الوقت أو يردها إن كانت موجودة بعينها على بائعها. والحاصل أن البيع الأخير غير صحيح ؛ لأنه باع .....، والبيع الأول غير صحيح إذا كان باعه شيء لم يقبضه ، أما إن كان قد قبضه ونقله إلى دكانه أو السوق فيصح، لكن هذا الرجل ما قبض ، لا الأول ولا الآخر ، كلاهما ما قبض ، فقد باع شيئاً لم يقبضه فلا يصح، والبيع غير صحيح ، وليس للبائع إلا الدراهم التي سلمها المشتري الأخير، سلمها البائع الأخير،.... للمشتري الأخير لأنه اشتراها منه بنقد فله .......... الدراهم التي سلمها لصاحب الوعدة الذي هو صاحب التورق المحتاج ، فإذا كان مثلاً شراها من الأول مثلاً بألفين ثم باعها على صاحب الدكان بألف وستمائة فالذي يلزمه هو الألف والستمائة ؛ لأن ....... الألف والستمائة هي التي قبضها فيردها فقط، يردها على الذي باع عليه السلعة ............ صح..
    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    ////////////////////////////////////////////
    ما حكم بيع التورق
    ما رأيكم يا سماحة الشيخ في بيع التورق, وما حكمه، وما صفته؟

    بيع التورق لا بأس به على الصحيح، وصفته أن تشتري سلعة من زيد إلى أجل، ثم تبيعها بالنقد لحاجتك تشتري سيارة من زيد بأقساط معلومة ثم بعد قبضها تبيعها بالنقد حتى تتزوج أو توفي دين عليك أو تعمر بيتك أو ما أشبه ذلك هذا هو بيع التقسيط ويسمى التورق، ويسميه بعض الناس الوعدة بالواو والعين، ويسميه بعض الفقهاء التورق فهذا بيع التقسيط، فإن كان لغير البيع فإنه لا حرج عند الجميع، كونه اشترى السلعة إلى أجل لكن ليستعملها هذا جائز عند الجميع أو اشترى بيتاً للتقسيط ليسكنه هذا جائز عن الجميع لقول الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) فأباح الله المداينة، لكن الخلاف إذا اشتراه ليبيعه، اشتراه لأجل ليبيعه بالنقد حتى يستعمله في حاجته هذا يقال له بيع التورق، وبيع التقسيط للمبيع بالنقد هذا هو محل الخلاف، والصواب أنه لا حرج فيه ولو أنه للبيع ويسمى التورق ويسميه بعض العامة الوعدة فإذا اشتريت السيارة بأقساط معلومة، وقصدك أن تبيعها لتتزوج أو لتعمر بيتاً أو لتوفي دَيناً فهذا يسمى بيع التورق، وهو صحيح والصواب أنه لا بأس به لأنه داخل في قوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) وداخل في قوله سبحانه: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) وداخل في الأحاديث الصحيحة (البيعان بالخيار) إلى غيره.
    [IMG]file:///C:\Users\ABDELS~1\AppData\Local\Temp\msohtml1\01\c lip_image001.jpg[/IMG]


    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    ////////////////////////////
    حكم قبض المبيع وإخراجه من محل البائع ثم بيعه على البائع الأول
    أنا رجل أتعامل مع الناس بالمداينة، فإذا جاءني شخص يطلب مني ديانة بما يساوي خمسين ألف ريال؛ مثلاً من القهوة أو الهيل أو الرز، وهي ليست عندي، حينئذ أذهب وإياه للتاجر الذي عنده هيل أو قهوة أو رز - حسب رغبة طالب الديانة - فأشتري منه الرز أو القهوة أو الهيل؛ سعر الكيس بمائة ريال نقداً أو أكثر أو أقل، ثم أعدها، ثم أخرجها من دكانه في الشارع عند دكانه وأسلم للتاجر الدراهم، ثم أبيعها على طالب الديانة مؤجلاً لمدة سنة؛ سعر الكيس بمائة وخمسين أو بمائة وثلاثين أو أربعين - حسب الاتفاق بيني وبينه - وبعدها أكتب العقد بيني وبينه، ثم بعد ذلك يقوم الذي اشتراها مني ودينتها عليه ببيعها على التاجر نفسه الذي اشتريتها منه أنا بالدائن.
    فهل هذه المعاملة حلال أم لا؟ أفتوني؛ لأني أتعامل بها، وعندما قال لي صاحب خير: هذه المعاملة لا تجوز، توقفت عنها. وفقكم الله[1].

    هذه المعاملة لا حرج فيها؛ لكونك قبضت المبيع وأخرجته من محل البائع، ولا حرج على المشتري أن يبيع على الأول الذي باعه عليك، بعد قبضه إياها، ونقله من محله إلى محل آخر من السوق أو البيت إذا لم يكن هناك تواطؤ بينك وبين البائع الأول؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تبع ما ليس عندك))[2]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك))[3]، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم))[4].

    [1] سؤال شخصي مقدم لسماحته من الأخ / ع. أ. أ. من الأفلاج بالمملكة العربية السعودية.
    [2] رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم: 14887، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1232، وابن ماجه في (التجارات)، باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم: 2187.
    [3] رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص)، برقم: 6633، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1234، والنسائي في (البيوع)، باب (بيع ما ليس عند البائع)، برقم: 4611.
    [4] رواه أبو داود في (البيوع)، باب (في بيع الطعام قبل أن يستوفى)، برقم: 3499.
    مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد التاسع عشر


    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    /////////////////////////////////////////////////////
    حكم الزيادة في ثمن السلعة مقابل الأجل
    رجل استدان من رجل آخر مبلغ عشرة آلاف ريال، على أن يردها بعد مضي سنة من العقد بزيادة ألفي ريال، والعملية كالآتي:
    اشترى صاحب الدين سلعة بمبلغ عشرة آلاف ريال، وباعها على المدين باثني عشر ألف ريال، على أن يسددها كاملة بعد سنة من العقد، والشخص الثاني باعها على صاحب المحل بتسعة آلاف وثمانمائة ريال، علماً بأن الدائن استحوذ على البضاعة أولاً، ثم اتفق مع المدين على سداد المبلغ السابق.
    هل تصح طريقة الدائن مع المدين؟ وهل تصح طريقة المدين مع صاحب المحل؟ هل هذه المسالة تسمى التورق؟ أم هي حيلة من حيل الربا؟ - أعاذنا الله وإياكم من شره – أفتونا جزاكم الله خير الجزاء[1].

    هذه المسألة تسمى عند أهل العلم (مسألة التورق)، وهي: أن بيع الرجل غيره سلعة قد ملكها، وحازها بثمن معلوم إلى أجل معلوم، ثم يقبضها المشتري ويتصرف فيها بعد قبضه لها.
    والغالب أن ذلك من أجل حاجته للنقود، وهذا البيع على هذا الوجه جائز شرعاً - في أصح قولي العلماء - داخل في قوله تعالى: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[2]، وفي قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ[3] الآية.
    وليس للدائن أن يبيع على الراغب في الشراء سلعة عند التجار لم يشترها ولم يقبضها، بل ذلك باطل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك))[4]، وقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: ((لا تبع ما ليس عندك))[5].
    وإنما يجوز البيع في هذه المسألة – أعني (مسألة التورق) – بشرط أن يكون المال موجوداً لدى البائع وفي حوزته؛ ثم لا يجوز للمشتري أن يبيعه وهو عند الدائن، حتى يحوزه إلى ملكه أو إلى السوق، وليس له أن يبيعه على الدائن بأقل مما اشتراه منه؛ لأن ذلك يتخذ حيلة للربا.
    وبيعه على الدائن بأقل مما اشتراه منه غير صحيح، ويسمى هذا البيع (بيع العينة)، وهو من بيوع الربا، والله ولي التوفيق.

    [1] نشر في كتاب (فتاوى إسلامية)، من جمع الشيخ / محمد المسند، ج2، ص: 339.
    [2] سورة البقرة، الآية 275.
    [3]سورة البقرة، الآية 282.
    [4] رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص)، برقم: 6633، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1234، والنسائي في (البيوع)، باب (بيع ما ليس عند البائع)، برقم: 4611.
    [5] رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم: 14887، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1232، وابن ماجه في (التجارات)، باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم: 2187.
    مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد التاسع عشر

    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    /////////////////////////////////////////////////////////
    حكم شراء السلعة بالتقسيط من أجل بيعها والحصول على المال
    رجلما بحاجةٍ إلى نقود ولا يستطيع الاستدانة إلا أن يشتري حاجة بضعف ثمنها،ثم يبيعها كي يحصل على النقود، مثال على ذلك: أن رجلاً استدان سيارة ثمنهافي السوق (500) ألف ليرة، وعندما استدانها لمدة سنة اشتراها بـ (900) ألفليرة، ثم باعها بـ(500)، فهل هذا العمل جائز، علماً بأن كلام الناس قد كثرفي هذا، فمنهم من يقول: إنه ربا، ومنهم من يقول: إنه جائز، فما هو توجيهسماحتكم؟

    الصواب في ذلك أنه جائز، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم لا حرج في ذلك، وهذا يسمى بيع التقسيط، فإذا كانت السلعة عند البائع موجودة عنده قد حازها وملكها ثم باعها على إنسان بالدين بأقساطٍ معلومة ثم المشتري باعها بأقل ليقضي حاجته من زواجٍ أو غيره فلا حرج في ذلك، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن أهل بريرة باعوها بأقساط، بأعوها... بأقساط، كل سنة أربعون درهم، أوقية، تسع سنين بأقساط، واشترت عائشة نقداً، فالمقصود أن الأقساط أمر معروف حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بأس أن يشتري الإنسان السلعة بأقساط ثم يبيعها بنقد أقل لحاجته، للزواج أو لبناء مسكن أو لقضاء دين قد أشغله أهله أو ما أشبه ذلك، لكن يكون البائع قد ملك السلعة، قد حازها، قد صارت عنده هذه السلعة، مو يبيع شيء عند الناس، النبي قال: (لا تبع ما ليس عندك) وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك). ونهى عن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فيبيع سلعة قد ملكها وحازها لا بأس، أما أن يبيع ما عند الناس سلع عند الناس ثم يشتري هذا ما يجوز، والمشتري يشتري السلعة التي عند الإنسان الذي قد ملكها، يشتريها بأقساطٍ معلومة ثم إذا قبضها وحازها يبيعها بعد ذلك ويقضي حاجته، ولو بأقل، ولو بضعف، والنبي صلى الله عليه وسلم اشترى في بعض الغزوات اشترى البعير ببعيرين إلى إبل الصدقة، اللهم صلِّ عليه وسلم.

    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    ///////////////////////////////////////////
    معنى القبض الشرعي
    إذا اشترى شخص من آخر طعاماً إلى أجل، فهل يجوز له بيعه قبل قبضه؟ وما هو القبض الشرعي الذي جاء الحديث بالنهي عن البيع قبله؟ وهل إذا اشترى منه سلعاً من طعام أو غيره، وعدها وهي في محل التاجر. هل هذا يعتبر حيازة شرعية؟ وقد أفتى بعض طلبة العلم بجواز ذلك، فهل له حجة شرعية أم لا؟ وقد أصبح كثير من الناس يتعاطون ذلك، وربما تباع السلعة عدة مرات وهي في محل التاجر الأول، خصوصاً إذا كان سكراً أو أرزاً. أفتونا مأجورين، ووضحوا ذلك أثابكم الله؟[1]

    إذا اشترى شخص من آخر طعاماً أو سلعة أخرى بثمن حال أو مؤجل، فلا يجوز له بيعه قبل أن يقبضه؛ وذلك بحيازته إلى منزله أو متجره أو غير ذلك، ولا يكفي في القبض عدها وإبقاؤها في محلها دون حيازتها.
    ومن الأدلة على ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه نهى عن بيع الطعام حتى يستوفى))[2]، وفي لفظ: ((حتى يقبض))[3].
    وحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عند مسلم: (كنا نبتاع الطعام جزافاً، فيبعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه)[4].
    وحديثه في الصحيحين وغيرهما قال: (كانوا يتبايعون الطعام جزافاً فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى ينقلوه)[5]. وحديثه فيهما أيضاً قال: (رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتابيعون جزافاً – يعني الطعام – يضربون أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤوه إلى رحالهم)[6].
    وحديثه في سنن أبي داود والدار قطني والمستدرك وصحيح ابن حبان قال: (ابتعت زيتاً في السوق، فلما استوجبته لقيني رجل فأعطاني به ربحاً حسناً، فأردت أن أضرب على يده، فأخذ رجل من خلفي بذراعي، فالتفت فإذا هو زيد بن ثابت، فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم)[7].
    والحديث في إسناده محمد بن إسحاق، قال ابن القيم بعد أن ذكر الحديث؛ مستدلاً به على تعميم الحكم في الطعام وغيره: (وإن كان فيه محمد بن إسحاق فهو الثقة الصدوق). انتهى.
    وقال عنه الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب: (أحد الأئمة الأعلام حديثه حسن)، وقال الحافظ في الفتح: (ما ينفرد به محمد بن إسحاق، وإن لم يبلغ درجة الصحيح، فهو في درجة الحسن إذا صرح بالتحديث، وإنما يصحح له من لا يفرق بين الصحيح والحسن، ويجعل كل ما يصلح للحجة صحيحاً، وهذه طريقة ابن حبان ومن ذكره معه). انتهى.
    وقال شمس الحق العظيم أبادي في تعليقه على سنن الدارقطني: (الحديث أخرجه أبو داود بإسناد صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك وصححه، وقال في التنقيح: سنده جيد، فإن ابن إسحاق صرح بالتحديث) انتهى.
    قلت: قول الشيخ شمس الحق: أن ابن إسحاق صرح في رواية أبي داود بالسماع، فيه نظر، فقد راجعت السنن فلم أجده صرح بالسماع، فلعل ذلك وقع في نسخة الشيخ شمس الحق، ولكن رواه الإمام أحمد في المسند من طريق ابن إسحاق مختصراً، وصرح بالسماع. فالحديث جيد وصريح في الموضوع.
    على أن السلع - أياً كانت - لا يجوز بيعها قبل حيازتها، ومثله في إفادة العموم حديث حكيم بن حزام عند البيهقي بسند جيد؛ قلت: يا رسول الله إني أبتاع هذه البيوع، فما يحل لي منها وما يحرم؟ قال: ((يا ابن أخي لا تبع شيئاً حتى تقبضه))[8].
    ومما يدل على أن الحكم عام في الطعام وغيره، حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه))[9]، قال ابن عباس: (ولا أحسب كل شيء إلا مثله).
    وقد حكى الخطابي في (معالم السنن)، وابن المنذر - كما عزاه إليه ابن القيم في (تهذيب السنن) – الإجماع على عدم جواز بيع الطعام قبل قبضه.
    أما غير الطعام، فقد حكى الخطابي وكذا ابن القيم للعلماء فيه أربعة أقوال.
    رجح ابن القيم منها: القول بتعميم حكم المنع في الطعام وغيره؛ لحديث حكيم بن حزام، وزيد بن ثابت الدالين على ذلك، وقال: (إن النهي معلل بعدم تمام الاستيلاء، وعدم انقطاع علاقة البائع عنه؛ فإنه يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه، ويغره الربح، وتضيق عينه منه، وربما أفضى إلى التحيل على الفسخ ولو ظلماً، وإلى الخصام والمعاداة، والواقع شاهد بهذا.
    فمن محاسن الشريعة الكاملة الحكيمة: منع المشتري من التصرف فيه حتى يتم استيلاؤه عليه...) إلى آخر كلامه رحمه الله.
    وما تمسك به القائلون بالتفريق بين الطعام وغيره؛ من أن التنصيص على المنع جاء في الطعام في أغلب الأحاديث، لا يفيد حصر الحكم عليه، بل ذلك مع ما ورد في تعميم الحكم يدخل تحت القاعدة المشهورة، وهي: أن إثبات حكم العام لبعض أفراده لا يفيد قصره عليه، والله أعلم.
    ويؤيد ذلك - كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله: أن المنع إذا جاء في الطعام مع شدة الحاجة إليه، فمنعه في غير الطعام من باب أولى.
    أما إذا كان الطعام أو غيره بيع بالكيل أو الوزن، فإن قبضه يكون باكتياله أو وزنه؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله))[10]. انتهى.
    والمبيع بالوزن في معنى المبيع بالكيل، ولكن الأحوط والأكمل أن لا يتصرف المشتري فيما اشتراه بالكيل أو الوزن حتى ينقله إلى رحله؛ لعموم الأحاديث الصحيحة الكثيرة المخرجة في الصحيحين وغيرهما، المتضمنة نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يقبض.
    ولا شك أن القبض الكامل إنما يكون بالنقل والحيازة، لا بمجرد الكيل والوزن.
    والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.

    [1] سؤال مقدم إلى سماحته، فأجاب عنه عندما كان رئيساً للجامعة الإسلامية بالمدينة.
    [2] رواه مسلم في (البيوع)، باب (بطلان بيع المبيع قبل القبض)، برقم: 1528.
    [3] رواه البخاري في (البيوع)، باب (بيع الطعام قبل أن يقبض)، برقم: 2135.
    [4] رواه مسلم في (البيوع)، باب (بطلان بيع المبيع قبل القبض)، برقم: 1527.
    [5] رواه أبو داود في (البيوع)، باب (في بيع الطعام قبل أن يستوفى)، برقم: 3494.
    [6] رواه البخاري في (البيوع)، باب (من رأى إذا اشترى طعاماً جزافاً أن لا يبيعه)، برقم: 2137، ومسلم في (البيوع)، باب (بطلان بيع المبيع قبل القبض)، برقم: 1527.
    [7] رواه أبو داود في (البيوع)، باب (في بيع الطعام قبل أن يستوفى)، برقم: 3499.
    [8] رواه البيهقي في (البيوع)، باب (النهي عن بيع ما لم يقبض)، برقم: 10731.
    [9] رواه البخاري في (البيوع)، باب (الكيل على البائع والمعطي)، برقم: 2126، ومسلم في (البيوع)، باب (بطلان بيع المبيع قبل القبض)، برقم: 1526.
    [10] رواه مسلم في (البيوع)، باب (بطلان بيع المبيع قبل القبض)، برقم: 1528.
    مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد التاسع عشر
    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    ////////////////////////////////////////////////

    شراء سيارة بالتقسيط ومن ثم بيعها نقدا بأقل؟
    إذا شراها بالتقسيط إلى آجال معلومة والبائع قد ملكها وحازها ليست عند التجار بل قد ملكها وحازها في بيته أو دكانه أو نحو ذلك ثم باعها بآجال معلومة وأقساط معلومة فلا حرج أن بيعها المشتري بعد ذلك بما شاء، بأقل أو بأكثر، المقصود أن هذا دين لا يدخل في آية الدين، فلا حرج فيه، لكن بشرط أن يكون البائع قد حازها وملكها وصارت في قبضته وتم شراؤه لها ثم يبيع بعد ذلك على هذا الشخص، والمشتري أيضاً لا يبيعها حتى يحوزها أيضاً، حتى يحوزها ويملكها وينقلها إلى بيته أو إلى السوق ولا يبيعها وهي عند التاجر وفي بيت البائع؛ لأن الرسول نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، وقال لحكيم بن حزام: (لا تبع ما ليس عندك)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك)، والله المستعان .
    .
    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    /////////////////////////////////////////
    لا يكفي سند البيع بل لا بد من نقل السلعة
    يشتري بعض التجار البضاعة ثم لا يستلمها ولا يعاينها، بل يأخذ بها سند بيع وقبض للقيمة، ويتركها في مستودعات التاجر الأول الذي اشتراها منه، ثم يبيعها التاجر الثاني لغيره، وهي في مستودعات التاجر الأول، فما حكم ذلك؟[1]
    الجواب
    لا يجوز للمشتري بيع هذه البضاعة ما دامت موجودة في ملك البائع حتى يتسلمها المشتري، وينقلها إلى بيته أو إلى السوق؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحيحة في ذلك.
    منها: قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك))[2] أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.
    ولقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: ((لا تبع ما ليس عندك))[3] أخرجه الخمسة إلا أبا داود بإسناد جيد.
    ولما ثبت عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم))[4] رواه أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان والحاكم.
    وهكذا من اشتراها من المشتري، ليس له أن يبيعها حتى ينقلها إلى بيته أو إلى مكان آخر من السوق للأحاديث المذكورة.

    [1] نشر في كتاب (فتاوى إسلامية)، من جمع الشيخ / محمد المسند، ج2، ص: 383، وفي كتاب (فتاوى البيوع في الإسلام)، من نشر (جمعية إحياء التراث الإسلامي) بالكويت، ص: 31، 32.
    [2] رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص)، برقم: 6633، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1234، والنسائي في (البيوع)، باب (بيع ما ليس عند البائع)، برقم: 4611.
    [3] رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم: 14887، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1232، وابن ماجه في (التجارات)، باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم: 2187.
    [4] رواه أبو داود في (البيوع)، باب (في بيع الطعام قبل أن يستوفى)، برقم: 3499.
    مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد التاسع عشر
    http://www.binbaz.org.sa/mat/3923
    ///////////////////////////////////////////////
    حكم من يشتري سلعة بالتقسيط ثم يبيعها بثمن
    بعضالناس يحتاجون إلى مبالغ، ويذهبون يشترون سيارات بالتقسيط ثم يقومونببيعها كاش بسعرٍ أقل من الذي اشتروها به، فهل ذلك جائز أم أنه داخلٌ فيالربا؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.

    لا حرج في ذلك، لأن الحاجة تدعو إلى هذا الأمر، الحاجة تدعو إلى مثل هذا الأمر، أن يشتري الإنسان السلعة كالسيارة بثمن مؤجل أقساطاً، لأنه في حاجة إلى أن يبيعها بعد ذلك، ويتزوج أو يقضي ديوناً عليه، أو يعمر سكناً له، أو يكمل سكناً له، أو ما أشبه ذلك، المقصود أن هذا لا بأس به، إذا اشترى سيارةً أو غيرها بأقساط لآجال معلومة، ثم باعها بأقل من ذلك بعد قبضها، إذا اشترى من مالكها التي هي عنده، إذا اشتراها من مالكها التي هي موجودة عنده، ثم باعها بعد قبضها وحوزها بثمنٍ أقل أو مماثل أو أكثر فلا حرج في ذلك، لأن الحاجة تدعو إلى هذا، ليس كل واحد يجد من يقرضه، فيبيع السيارة ونحوها ثم يتزوج أو يكمل عمارة بيته، أو يستعين بها في شيءٍ آخر.
    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    ///////////////////////////////////////////
    حكم قول بعني العشرة باثني عشر
    إذا أراد رجل أن يستدين من آخر هل يجوز له أن يقول: بعني العشرة باثني عشر؟ وهل يجوز أن يتفقا على مبلغ معلوم والسلعة ليست موجودة لدى التاجر؟ وما معنى حديث حكيم بن حزام: ((ولا تبع ما ليس عندك))؟[1]

    قول من يريد الاستدانة للدائن، بعني العشرة باثني عشر، معناه: بعني السلعة التي تساوي عشرة حالة باثني عشر مؤجلة، ومثل هذا القول بهذا المعنى لا بأس به؛ لأن العبرة بالمعاني، والبيع بثمن مؤجل أزيد مما تباع به السلعة نقداً جائز عند الجمهور، والأدلة الدالة على حل البيع تشمله.
    ويدل له - أيضاً - قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ[2].
    فإنه شامل لما كان فيه الثمن مساوياً للبيع نقداً، وما كان زائداً عنه.
    ويدل عليه - أيضاً - ما خرجه الحاكم والبيهقي - ورجاله ثقات - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة، قال: فكنت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة))[3]. ذكره الحافظ في (بلوغ المرام)، وهو صريح في هذه المسألة.
    وقد ألف في جواز ذلك العلامة الشوكاني رحمه الله رسالة ذكرها في كتابه (نيل الأوطار).
    وإذا كانت السلعة ليست في ملك الدائن أو في ملكه وهو عاجز عن التسليم، فليس له أن يبرم عقد البيع مع المشتري، وإنما لهما أن يتواطآ على السعر، ولا يتم بينهما بيع حتى تكون السلعة في حوزة البائع؛ لحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم))[4] خرجه أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان والحاكم.
    قال ابن القيم في (تهذيب السنن)، في شرح حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه: ((لا تبع ما ليس عندك))[5]، وقال: (وبيع ما ليس عنده، إنما نهى عنه لكونه غير مضمون عليه، ولا ثابت في ذمته، ولا في يده.
    فالمبيع لابد أن يكون ثابتاً في ذمة البائع أو في يده، وبيع ما ليس عنده ليس بواحد منهما، فالحديث باقٍ على عمومه).
    هذا بعض كلامه في (تهذيب السنن)، وانظر إيضاح معنى الحديث أيضاً في (زاد المعاد) لابن القيم، و(إعلام الموقعين) له أيضاً.

    [1] سؤال مقدم إلى سماحته، وأجاب عنه عندما كان رئيساً للجامعة الإسلامية بالمدينة.
    [2] سورة البقرة، الآية 282.
    [3] رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص)، برقم: 6557، وأبو داود في (البيوع)، باب (في الرخصة في ذلك)، برقم: 3357.
    [4] رواه أبو داود في (البيوع)، باب (في بيع الطعام قبل أن يستوفى)، برقم: 3499.
    [5] رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم: 14887، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1232، وابن ماجه في (التجارات)، باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم: 2187.
    مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد التاسع عشر
    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    ///////////////////////////////////////////////////////
    الزيادة في ثمن السلعة لأجل الأجل
    إذا كان عند رجل بضاعة، وطلب منه بعض الناس شراءها بأكثر من سعرها الحاضر إلى أجل معلوم، فما الحكم الشرعي في ذلك؟[1]

    يجوز عند أكثر العلماء؛ لقول الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ[2]. الآية، ولم يشترط سبحانه أن تكون المداينة بسعر الوقت الحاضر.
    ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وأهلها يسلمون في الثمار السنة والسنتين: ((من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم))[3]. متفق على صحته.
    ولم يشترط عليه الصلاة والسلام أن يكون ذلك بسعر الوقت الحاضر.
    وخرج الحاكم والبيهقي بإسناد جيد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل، فأمره أن يشتري البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة))[4]، والأدلة في هذا المعنى كثيرة.
    ولأن أمر التجارة في المداينة لا يستقيم إلا على ذلك؛ لأن التاجر لا يمكنه غالباً أن يبيع السلع إلى أجل بسعر الوقت الحاضر؛ لأن ذلك يكلفه خسائر كثيرة، ولأن البائع ينتفع بالربح والمشتري ينتفع بالإمهال والتيسير؛ إذ ليس كل أحد يستطيع أن يشتري حاجته بالثمن الحال، فلو منعت الزيادة في المداينة لنتج عن ذلك ضرر المجتمع، والشريعة الكاملة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها.
    ولا أعلم في هذه المسألة خلافاً يعول عليه، بل المعروف في كلام العلماء هو الجواز والإباحة، وهذا فيما إذا كان الشراء لحاجة الاستعمال والانتفاع.
    أما إذا كان المشتري اشترى السلعة إلى أجل ليبيعها بنقد؛ بسبب حاجته إلى النقد في قضاء الدين، أو لتعمير مسكن أو للتزويج ونحو ذلك، فهذه المعاملة إذا كانت من المشتري بهذا القصد، ففي جوازها خلاف بين العلماء. وتسمى عند الفقهاء (مسألة التورق)، ويسميها بعض العامة (الوعدة).
    والأرجح فيها الجواز، وهو الذي نفتي به؛ لعموم الأدلة السابقة، ولأن الأصل في المعاملات الجواز والإباحة، إلا ما خصه الدليل بالمنع، ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك كثيراً؛ لأن المحتاج - في الغالب - لا يجد من يساعده في قضاء حاجته بالتبرع ولا بالقرض، فحينئذ تشتد حاجته إلى هذه المعاملة؛ حتى يتخلص مما قد شق عليه في قضاء دين ونحوه.
    ولكن إذا أمكن المسلم الاستغناء عنها، والاقتصاد في كل ما يحتاج إليه إلى أن يأتي الله بالفرج من عنده، فهو أحسن وأحوط.
    ومما ينبغي التنبيه إليه: أنه ليس للبائع أن يبيع السلع التي ليست في حوزته، بل لا تزال في حوزة التجار حتى ينقلها إلى بيته، أو إلى السوق ونحو ذلك؛ لما ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كنا نشتري الطعام جزافاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيبعث إلينا النبي صلى الله عليه وسلم من يأمرنا ألا نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا)[5]. أخرجه البخاري.
    وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم))[6]. أخرجه أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان والحاكم.
    وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: يأتيني الرجل يريد السلعة ليست عندي، أفأبيعها عليه ثم أذهب فأشتريها؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تبع ما ليس عندك))[7]. أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح.

    [1] نشر في كتاب (فتاوى البيوع في الإسلام)، من نشر (جمعية إحياء التراث الإسلامي) بالكويت، ص: 38.
    [2] سورة البقرة، الآية 282.
    [3] رواه البخاري في (السلم)، باب (السلم في وزن معلوم)، برقم: 2241، ومسلم في (المساقاة)، باب (السلم)، برقم: 1604.
    [4] رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص)، برقم: 6557، وأبو داود في (البيوع)، باب (في الرخصة في ذلك)، برقم: 3357.
    [5] رواه البخاري في (البيوع)، باب (من رأى إذا اشترى طعاماً جزافاً أن لا يبيعه)، برقم: 2137، ومسلم في (البيوع)، باب (بطلان بيع المبيع قبل القبض)، برقم: 1526.
    [6] رواه أبو داود في (البيوع)، باب (في بيع الطعام قبل أن يستوفى)، برقم: 3499.
    [7] رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم: 14887، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1232، وابن ماجه في (التجارات)، باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم: 2187.
    مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد التاسع عشر
    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    //////////////////////////////////////////////////////////////////////
    الزيادة على المشتري في الثمن مقابل الأجل
    لي زبون يشتري مني بالدين إلى أجل، فإذا زدت عليه أكثر من ثمن المشترى بالحاضر، فهل يكون هذا من الربا أم لا؟[1]

    ليس هذا من الربا؛ لأن بيع التأجيل غير بيع الحاضر، وقد أجمع العلماء - فيما نعلم - على أنه يجوز بيع السلعة إلى أجل معلوم بأكثر من ثمنها الحالي، إذا كان المشتري يشتريها لحاجته إلى ذاتها، لا ليبيعها بالنقد من بائعها عليه أو شخص آخر، وأمثلة ذلك كثيرة منها:
    أن يشتري السيارة أو الدابة ليستعملها، أو الطعام ليأكله، أو الثياب ليلبسها، أو ما أشبه ذلك، ومن أدلة ذلك قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ[2]. الآية، ولم يشترط سعراً معلوماً.
    ومن أدلة ذلك: بيع السلم، وقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة والناس يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث، فقال صلى الله عليه وسلم: ((من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم))[3]، ولم يقل بسعر الحاضر.
    ومعلوم أن المسلم يسلم ماله أهل الحرث؛ رجاء الربح في المستقبل، فالمسلم ينتفع في المستقبل، والمسلم إليه ينتفع بالنقود في الحال، ولو اشترط في السلم أن يكون ذلك بالسعر الحالي، لم يقدم أحد إلى ذلك غالباً، فتتعطل مصلحة الجميع.
    ومن ذلك حديث عبد الله بن عمر: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتري البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة))[4].
    ولأن الربا إنما جاءت به الشريعة في أحوال مخصوصة ومعاملات مخصوصة، فلا يجوز أن يلحق بها غيرها إلا بنص خاص، وليس من معاملة الربا ولا من أحوال الربا أن نبيع السلعة من السيارات والدواب أو الملابس أو الأواني أو الطعام بنقد معلوم إلى أجل بأكثر من السعر الحالي، فيما نعلمه من الشرع المطهر، ولا فيما قرره أهل العلم.
    وإنما اشتبه الأمر في هذا على بعض الناس من المتأخرين، فظن أن هذه المعاملة من ربا النسيئة، وليس الأمر كذلك، وإنما ربا النسيئة: بيع الربوي بالربوي إلى أجل، أو من غير قبض، وإن لم يكن هناك ربح، كبيع النقود بالنقود من غير قبض، وكبيع الطعام بالطعام من غير قبض، وما أشبه ذلك من أحوال الربا.
    وأما بيع السلعة إلى أجل ثم شراؤها بأقل من ذلك نقداً، فهذه (مسألة العينة)، والصحيح الذي عليه الجمهور تحريمها.
    وذلك مثل: أن تبيع سلعة بمائة إلى أجل معلوم، ثم تشتريها من مشتريها منك بثمانين نقداً؛ لأن هذا في الحقيقة بيع ثمانين حاضرة بمائة إلى أجل، والسلعة حيلة بينهما، وهذا عين الربا.
    فأما إذا كان المشتري إنما اشترى السلعة منك ليبيعها على غيرك بالنقد لحاجته إليه، فهذه تسمى (مسألة التورق)، وقد ذهب الخليفة الراشد/ عمر بن عبد العزيز رحمه الله وجماعة إلى تحريمها، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
    وذهب آخرون -وهم الأكثر فيما أعلم- إلى حلها؛ لأنها داخلة في المداينة التي أباحها الله، ولأنها ليست وسيلة إلى الربا؛ لأن المشتري لا يبيع السلعة على الذي اشتراها منه، وإنما يبيعها على غيره، وليس هناك تواطؤ بين الثلاثة على هذه المعاملة.
    فأما إن كان هناك تواطؤ، فإنها تحرم كـ (مسألة العينة)؛ ولأن الفقير قد تدعوه الحاجة إلى هذه المعاملة، بل قد يضطر إليها لفقره، وعدم من يقرضه أو يتصدق عليه.
    وهذا القول أرجح - إن شاء الله - عند الحاجة إليها، أما عند الاستغناء عنها، فالأولى تركها خروجاً من خلاف العلماء، واحتياطاً للدين، وابتعاداً عن إشغال الذمة بما قد يشق تخليصها منه.
    وهذه مسائل مهمة أحببت بسطها لك لمسيس الحاجة إلى ذلك، وكثرة خوض الناس فيها بعلم وبغير علم.
    وأسأل الله لي ولكم ولسائر المسلمين التوفيق لما يرضيه، والفقه في دينه؛ إنه خير مسئول. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه.

    [1] استفتاء أجاب عنه سماحته، عندما كان نائباً لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
    [2] سورة البقرة، الآية 282.
    [3] رواه البخاري في (السلم)، باب (السلم في وزن معلوم)، برقم: 2241، ومسلم في (المساقاة)، باب (السلم)، برقم: 1604.
    [4] رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص)، برقم: 6557، وأبو داود في (البيوع)، باب (في الرخصة في ذلك)، برقم: 3357.
    مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد التاسع عشر
    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    ////////////////////////////////////////////////////
    الفرق بين مسألة التورق وبين نوعي الربا: الفضل والنسيئة
    من تعريف ربا النسيئة، أنه الزيادة في الشيء مقابل التأجيل، فما مدى انطباق هذا الشيء على دينة الأكياس والسيارات، المعمول بها الآن بدلاً من القرض الحسن؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.

    الربا هو: أن يأخذ شيئاً بجنسه مع الزيادة، هذا هو ربا الفضل؛ كصاع بصاعين من جنس واحد أو درهم بدرهمين، سواء كان حالا أو مؤجلاً.
    وإن كان دينا بدين، صار ربا الفضل والنسيئة جميعاً، فإذا أخذ دراهم وزيادة، فهذا ربا الفضل - سواء كان يداً بيد أو نسيئة -.
    وأما مسألة التورق فليست من هذا الباب، وهي: أخذ سلعة بدراهم إلى أجل، ثم يبيعها هو بنقد في يومه أو غده أو بعد ذلك، على غير من اشتراها منه.
    والصواب حلها؛ لعموم الأدلة، ولما فيها من التفريج والتيسير، وقضاء الحاجة الحاضرة.
    أما من باعها على من اشتراها منه فهذا لا يجوز، بل هو من أعمال الربا، وتسمى: (مسألة العينة)، وهي محرمة؛ لأنها تحيّل على الربا، وهو: بيع جنس بجنسه متفاضلاً - نسيئة أو نقداً -.
    أما التورق فلا بأس به - كما تقدم - وهو: شراء سلعة من طعام أو سيارة أو أرض أو غير ذلك، بدراهم معدودة إلى أجل معلوم، ثم يبيعها على غير من اشتراها منه بنقد ليقضي حاجته من زواج أو غيره.

    الجواب: الربا هو: أن يأخذ شيئًا بجنسه مع الزيادة، هذا هو ربا الفضل؛ كصاع بصاعين من جنس واحد

    /////////////////////////////////////////////////////

    حكم البيع إلى أجل وبيع التورق والعينة والقرض بفائدة
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، أما بعد:
    فقد سئلت عن: حكم بيع كيس السكر ونحوه بمبلغ مائة وخمسين ريالاً إلى أجل، وهو يساوي مبلغ مائة ريال نقداً؟[1]

    عن ذلك أن هذه المعاملة لا بأس بها؛ لأن بيع النقد غير بيع التأجيل، ولم يزل المسلمون يستعملون مثل هذه المعاملة، وهو كالإجماع منهم على جوازها.
    وقد شذ بعض أهل العلم، فمنع الزيادة لأجل الأجل، وظن ذلك من الربا. وهو قول لا وجه له، وليس من الربا في شيء؛ لأن التاجر حين باع السلعة إلى أجل، إنما وافق على التأجيل من أجل انتفاعه بالزيادة، والمشتري إنما رضي بالزيادة من أجل المهلة، وعجزه عن تسليم الثمن نقداً، فكلاهما منتفع بهذه المعاملة.
    وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على جواز ذلك؛ وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشاً، فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل.
    ثم هذه المعاملة تدخل في عموم قول الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ[2] الآية.
    وهذه المعاملة من المداينات الجائزة، الداخلة في الآية المذكورة، وهي من جنس معاملة بيع السلم؛ فإن البائع في السلم يبيع من ذمته حبوباً أو غيرها مما يصح السلم فيه بثمن حاضر، أقل من الثمن الذي يباع به المسلم فيه وقت السلم؛ لكون المسلم فيه مؤجلاً والثمن معجلاً، فهو عكس المسألة المسئول عنها، وهو جائز بالإجماع.
    وهو مثل البيع إلى أجل في المعنى، والحاجة إليه ماسة، كالحاجة إلى السلم، والزيادة في السلم مثل الزيادة في البيع إلى أجل سببها فيهما تأخير تسليم المبيع في مسألة السلم، وتأخير تسليم الثمن في مسألة البيع إلى أجل.
    لكن إذا كان مقصود المشتري لكيس السكر ونحوه، بيعه والانتفاع بثمنه، وليس مقصوده الانتفاع بالسلعة نفسها، فهذه المعاملة تسمى مسألة (التورق)، ويسميها بعض العامة (الوعدة).
    وقد اختلف العلماء في جوازها على قولين:
    أحدهما: أنها ممنوعة أو مكروهة؛ لأن المقصود منها شراء دراهم بدراهم، وإنما السلعة المبيعة واسطة غير مقصودة.
    والقول الثاني للعلماء: جواز هذه المعاملة لمسيس الحاجة إليها؛ لأنه ليس كل أحد اشتدت حاجته إلى النقد يجد من يقرضه بدون ربا؛ لدخولها في عموم قوله سبحانه: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ[3]، وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ[4]، ولأن الأصل في الشرع حل جميع المعاملات، إلا ما قام الدليل على منعه، ولا نعلم حجة شرعية تمنع هذه المعاملة.
    وأما تعليل من منعها أو كرهها؛ بكون المقصود منها هو النقد، فليس ذلك موجباً لتحريمها ولا لكراهتها؛ لأن مقصود التجار غالباً في المعاملات، هو تحصيل نقود أكثر بنقود أقل، والسلع المبيعة هي الواسطة في ذلك، وإنما يمنع مثل هذا العقد، إذا كان البيع والشراء من شخص واحد - كمسألة العينة -؛ فإن ذلك يتخذ حيلة على الربا، وصورة ذلك: أن يشتري شخص سلعة من آخر بثمن في الذمة، ثم يبيعها عليه بثمن أقل ينقده إياه.
    فهذا ممنوع شرعاً؛ لما فيه من الحيلة على الربا، وتسمى هذه المسألة (مسألة العينة)، وقد ورد فيها من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهما ما يدل على منعها.
    أما مسألة التورق - التي يسميها بعض الناس (الوعدة) - فهي معاملة أخرى، ليست من جنس مسألة العينة؛ لأن المشتري فيها اشترى السلعة من شخص إلى أجل، وباعها من آخر نقداً من أجل حاجته للنقد، وليس في ذلك حيلة على الربا؛ لأن المشتري غير البائع.
    ولكن كثيراً من الناس في هذه المعاملة، لا يعملون بما يقتضيه الشرع في هذه المعاملة؛ فبعضهم يبيع ما لا يملك ثم يشتري السلعة بعد ذلك، ويسلمها للمشتري، وبعضهم إذا اشتراها يبيعها وهي في محل البائع، قبل أن يقبضها القبض الشرعي، وكلا الأمرين غير جائز؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيم بن حزام: ((لا تبع ما ليس عندك))[5]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك))[6]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه))[7]، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (كنا نشتري الطعام جزافاً، فيبعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ينهانا أن نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا)[8]، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضاً: ((أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم))[9].
    ومن هذه الأحاديث وما جاء في معناها، يتضح لطالب الحق أنه لا يجوز للمسلم أن يبيع سلعة ليست في ملكه ثم يذهب فيشتريها، بل الواجب تأخير بيعها حتى يشتريها ويحوزها إلى ملكه.
    ويتضح أيضاً أن ما يفعله كثير من الناس؛ من بيع السلع وهي في محل البائع قبل نقلها إلى ملك المشتري أو إلى السوق أمر لا يجوز؛ لما فيه من مخالفة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولما فيه من التلاعب بالمعاملات، وعدم التقيد فيها بالشرع المطهر، وفي ذلك من الفساد والشرور، والعواقب الوخيمة ما لا يحصيه إلا الله عز وجل. نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق للتمسك بشرعه، والحذر مما يخالفه.
    أما الزيادة التي تكون بها المعاملة من المعاملات الربوية: فهي التي تبذل لدائن بعد حلول الأجل؛ ليمهل المدين وينظره، فهذه الزيادة هي التي كان يفعلها أهل الجاهلية، ويقولون للمدين قولهم المشهور: إما أن تقضي وإما أن تُربي، فمنع الإسلام ذلك، وأنزل الله فيه قوله سبحانه: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ[10].
    وأجمع العلماء على تحريم هذه الزيادة، وعلى تحريم كل معاملة يتوصل بها إلى تحليل هذه الزيادة، مثل أن يقول الدائن للمدين: اشتر مني سلعة - من سكر أو غيره - إلى أجل، ثم بعها بالنقد، وأوفني حقي الأول، فإن هذه المعاملة حيلة ظاهرة على استحلال الزيادة الربوية التي يتعاطاها أهل الجاهلية، لكن بطريق آخر غير طريقهم.
    فالواجب تركها والحذر منها، وإنظار المدين المعسر حتى يسهل الله له القضاء، كما أن الواجب على المدين المعسر أن يتقي الله، ويعمل الأسباب الممكنة المباحة لتحصيل ما يقضي به الدين، ويبرئ به ذمته من حق الدائنين.
    وإذا تساهل في ذلك، ولم يجتهد في أسباب قضاء ما عليه من الحقوق، فهو ظالم لأهل الحق، غير مؤد للأمانة، فهو في حكم الغني المماطل، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مطل الغني ظلم))[11]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((لي الواجد يحل عرضه وعقوبته))[12]، والله المستعان.
    ومن المعاملات الربوية - أيضاً -: ما يفعله بعض البنوك وبعض التجار؛ من الزيادة في القرض؛ إما مطلقاً، وإما في كل سنة شيئاً معلوماً.
    فالأول: مثل أن يقرضه ألفاً، على أن يرد إليه ألفاً ومائة، أو يسكنه داره أو دكانه، أو يعيره سيارته أو دابته مدة معلومة، أو ما أشبه ذلك من الزيادات.
    وأما الثاني: فهو أن يجعل له كل سنة أو كل شهر ربحاً معلوماً، في مقابل استعماله المال الذي دفعه إليه المقرض - سواء دفعه باسم القرض، أم باسم الأمانة - فإنه متى قبضه باسم الأمانة للتصرف فيه، كان قرضاً مضموناً، ولا يجوز أن يدفع إلى صاحبه شيئاً من الربح، إلا أن يتفق هو والبنك أو التاجر على استعمال ذلك المال على وجه المضاربة، بجزء مشاع معلوم من الربح لأحدهما والباقي للآخر، وهذا العقد يسمى أيضاً (القراض) وهو جائز بالإجماع؛ لأنهما قد اشتركا في الربح والخسران، والمال الأساسي في هذا العقد في حكم الأمانة في يد العامل، إذا تلف من غير تعد ولا تفريط لم يضمنه، وليس له عن عمله إلا الجزء المشاع المعلوم من الربح المتفق عليه في العقد.
    وبهذا تتضح المعاملة الشرعية والمعاملة الربوية، والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
    الرئيس العام لإدارات البحوث
    العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
    عبد العزيز بن عبد الله بن باز

    [1] فتوى صدرت من مكتب سماحته بتاريخ 2/5/1392هـ، ونشرها فضيلة الشيخ / عبد الله بن جار الله الجار الله في كتابه: (من أحكام الفقه الإسلامي) في عام 1411هـ، ونشرت في (مجلة البحوث الإسلامية) بالمدينة المنورة.
    [2] سورة البقرة، الآية 282.
    [3] سورة البقرة، الآية 275.
    [4] سورة البقرة، الآية 282.
    [5] رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم: 14887، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1232، وابن ماجة في (التجارات)، باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم: 2187.
    [6] رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص)، برقم: 6633، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1234، والنسائي في (البيوع)، باب (بيع ما ليس عند البائع)، برقم: 4611.
    [7] رواه البخاري في (البيوع)، باب (الكيل على البائع والمعطي)، برقم: 2126، ومسلم في (البيوع)، باب (بطلان بيع المبيع قبل القبض)، برقم: 1526.
    [8] رواه مسلم في (البيوع)، باب (بطلان بيع المبيع قبل القبض)، برقم: 1526.
    [9] رواه أبو داود في (البيوع)، باب (في بيع الطعام قبل أن يستوفى)، برقم: 3499.
    [10] سورة البقرة، الآية 280.
    [11]رواه البخاري في (الحوالات)، باب (الحوالة وهل يرجع في الحوالة)، برقم: 2287، ومسلم في (المساقاة)، باب (تحريم مطل الغني)، برقم: 1564.
    [12] رواه البخاري معلقاً في( الاستقراض)، باب (لصاحب الحق مقال)، والنسائي في (البيوع)، باب (مطل الغني)، برقم: 4689.
    مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد التاسع عشر

    الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، أما بعد: فقد سئلت

    /////////////////////////////////////////////

    اسئلة للشيخ ابن باز رحمه الله تعالى و الجواب في الروابط التحتية


    لا يجوز بيع السيارة ونحوها حتى تنقل من محل البيع الأول
    نشره Anonymous يوم جمع, 12/26/2008 - 21:00.


    سماحة الوالد المفتي العام للملكة العربية السعودية - وفقه الله -.


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


    أفيد سماحتكم أنه يوجد لي ابنة خال – أخت زوجتي – أقامتني مكانها بدون وكالة شرعية،
    وأقوم بشراء سيارات لها من أحد المعارض، وأحجزها في جهة من المعرض، وأستلم أوراق
    الجمرك ومفاتيحها، أو أشتري لها قطع أراضٍ ، ثم بعد ذلك أقوم بعرضها على إخواني أو
    أحد زملائي أو جيراني، أو إذا كنت في حاجة اشتريتها أنا.


    فأما إن كنت أريد بيعها على إخواني، قام أحدهم بالاتصال عليها والتفاوض معها في
    السعر المؤجل، وبعد ذلك يتم البيع عليهم. وأما إن كنت أرغب الشراء أنا، اتصلت عليها
    كذلك، وتفاوضت معها في السعر المؤجل.


    وأما إن كان المشتري غيري أو إخواني فأقوم بالتفاهم معها أنا في السعر المؤجل، وبعد
    ذلك أبيعها عليه.


    لذا أرجو من سماحتكم إفتائي في ذلك؛ لأكون على بينة من أمري، جزاكم الله عني وعن
    المسلمين خير الجزاء
    [1].
    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    /////////////////////////////////////////////

    لا يكون القبض بالكلام، بل لابد من نقل السلعة
    نشره Anonymous يوم جمع, 12/26/2008 - 21:00.


    من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم / أ. ع. ن - وفقه الله،
    آمين -.


    سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:


    فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ بدون - وصلكم الله بهداه - وما تضمنه من الأسئلة
    كان معلوماً، وهذا نصها وجوابها، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر إخواننا لإصابة
    الحق في القول والعمل؛ إنه خير مسئول.


    رجل صاحب ثروة يعامل بعض الناس المحتاجين، يأخذ منه مثال عوض ألف ريال بألف ومائتين
    إلى الدور، ويذهب هو إلى السوق ويشتري من صاحب الدكان العوض المطلوب، ويقبضه ويسلم
    قيمته لصاحب الدكان، وبعد ذلك يأتي صاحب الطلب للعوض وينظر في العوض، ويقول له صاحب
    المال: إذا ترغب هذا العوض بكذا فاقبض وإذا لم ترغب فأنت حر، فيقبض العوض ويكتب
    عليه
    [1].
    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله


    للبحث اكثر في مسائل البيع للشيخ بن باز رحمه الله تعالى
    الموقع الرسمي للشيخ ابن باز رحمه الله

    تعليق


    • #3
      رد: بحث متجدد لامر التور و ربا العينة لثلة من المشايخ


      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	top-1.gif 
مشاهدات:	1 
الحجم:	31.6 كيلوبايت 
الهوية:	172595

      التعريف بالشيخ رحمه الله تعالى
      نبذة مختصرة عن
      العلاّمة محمد بن صالح العثيمين
      1347 – 1421هـ
      نسبه ومولده: هو صاحب الفضيلة الشيخ العالم المحقق, الفقيه المفسّر, الورع الزاهد، محمد ابن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن آل عثيمين من الوهبة من بني تميم. ولد في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1347هـ في عنيزة – إحدى مدن القصيم – في المملكة العربية السعودية. نشأته العلمية: ألحقه والده – رحمه الله تعالى – ليتعلم القرآن الكريم عند جدّه من جهة أمه المعلِّم عبد الرحمن بن سليمان الدامغ – رحمه الله -, ثمَّ تعلَّم الكتابة, وشيئًا من الحساب, والنصوص الأدبية في مدرسة الأستاذ عبدالعزيز بن صالح الدامغ – حفظه الله -, وذلك قبل أن يلتحق بمدرسة المعلِّم علي بن عبد الله الشحيتان – رحمه الله – حيث حفظ القرآن الكريم عنده عن ظهر قلب ولمّا يتجاوز الرابعة عشرة من عمره بعد. وبتوجيه من والده – رحمه الله – أقبل على طلب العلم الشرعي، وكان فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – يدرِّس العلوم الشرعية والعربية في الجامع الكبير بعنيزة, وقد رتَّب اثنين(1) من طلبته الكبار؛ لتدريس المبتدئين من الطلبة, فانضم الشيخ إلى حلقة الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع ـ رحمه الله ـ حتى أدرك من العلم في التوحيد, والفقه, والنحو ما أدرك. ثم جلس في حلقة شيخه العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله, فدرس عليه في التفسير, والحديث, والسيرة النبوية, والتوحيد, والفقه, والأصول, والفرائض, والنحو, وحفظ مختصرات المتون في هذه العلوم. ويُعدّ فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – هو شيخه الأول؛ إذ أخذ عنه العلم؛ معرفةً وطريقةً أكثر مما أخذ عن غيره, وتأثر بمنهجه وتأصيله, وطريقة تدريسه، واتِّباعه للدليل. وعندما كان الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان – رحمه الله – قاضيًا في عنيزة قرأ عليه في علم الفرائض, كما قرأ على الشيخ عبد الرزاق عفيفي – رحمه الله – في النحو والبلاغة أثناء وجوده مدرّسًا في تلك المدينة. ولما فتح المعهد العلمي في الرياض أشار عليه بعضُ إخوانه(2) أن يلتحق به, فاستأذن شيخَه العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – فأذن له, والتحق بالمعهد عامي 1372 – 1373هـ. ولقد انتفع – خلال السنتين اللّتين انتظم فيهما في معهد الرياض العلمي – بالعلماء الذين كانوا يدرِّسون فيه حينذاك ومنهم: العلامة المفسِّر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي, والشيخ الفقيه عبدالعزيز بن ناصر بن رشيد, والشيخ المحدِّث عبد الرحمن الإفريقي – رحمهم الله تعالى -. وفي أثناء ذلك اتصل بسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله -, فقرأ عليه في المسجد من صحيح البخاري ومن رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية, وانتفع به في علم الحديث والنظر في آراء فقهاء المذاهب والمقارنة بينها, ويُعدُّ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – هو شيخه الثاني في التحصيل والتأثُّر به. ثم عاد إلى عنيزة عام 1374هـ وصار يَدرُسُ على شيخه العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي, ويتابع دراسته انتسابًا في كلية الشريعة, التي أصبحت جزءًا من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة, حتى نال الشهادة العالية.
      تدريسه: توسَّم فيه شيخه النّجابة وسرعة التحصيل العلمي فشجّعه على التدريسوهو ما زال طالبًا في حلقته, فبدأ التدريس عام 1370هـ في الجامع الكبير بعنيزة. ولمّا تخرَّج من المعهد العلمي في الرياض عُيِّن مدرِّسًا في المعهد العلمي بعنيزة عام 1374هـ. وفي سنة 1376هـ توفي شيخه العلاّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله تعالى – فتولّى بعده إمامة الجامع الكبير في عنيزة, وإمامة العيدين فيها, والتدريس في مكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع؛ وهي التي أسسها شيخه – رحمه الله – عام 1359هـ. ولما كثر الطلبة, وصارت المكتبة لا تكفيهم؛ بدأ فضيلة الشيخ - رحمه الله – يدرِّس في المسجد الجامع نفسه, واجتمع إليه الطلاب وتوافدوا من المملكة وغيرها حتى كانوا يبلغون المئات في بعض الدروس, وهؤلاء يدرسون دراسة تحصيل جاد, لا لمجرد الاستماع, وبقي على ذلك, إمامًا وخطيبًا ومدرسًا, حتى وفاته – رحمه الله تعالى -. بقي الشيخ مدرِّسًا في المعهد العلمي من عام 1374هـ إلى عام 1398هـ عندما انتقل إلى التدريس في كلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, وظل أستاذًا فيها حتى وفاته- رحمه الله تعالى -. وكان يدرِّس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج ورمضان والإجازات الصيفية منذ عام 1402هـ , حتى وفاته – رحمه الله تعالى-. وللشيخ – رحمه الله – أسلوب تعليمي فريد في جودته ونجاحه, فهو يناقش طلابه ويتقبل أسئلتهم, ويُلقي الدروس والمحاضرات بهمَّة عالية ونفسٍ مطمئنة واثقة, مبتهجًا بنشره للعلم وتقريبه إلى الناس. آثاره العلمية: ظهرت جهوده العظيمة – رحمه الله تعالى – خلال أكثر من خمسين عامًا من العطاء والبذل في نشر العلم والتدريس والوعظ والإرشاد والتوجيه وإلقاء المحاضرات والدعوة إلى الله – سبحانه وتعالى -. ولقد اهتم بالتأليف وتحرير الفتاوى والأجوبة التي تميَّزت بالتأصيل العلمي الرصين, وصدرت له العشرات من الكتب والرسائل والمحاضرات والفتاوى والخطب واللقاءات والمقالات, كما صدر له آلاف الساعات الصوتية التي سجلت محاضراته وخطبه ولقاءاته وبرامجه الإذاعية ودروسه العلمية في تفسير القرآن الكريم والشروحات المتميزة للحديث الشريف والسيرة النبوية والمتون والمنظومات في العلوم الشرعية والنحوية. وإنفاذًا للقواعد والضوابط والتوجيهات التي قررها فضيلته – رحمه الله تعالى – لنشر مؤلفاته, ورسائله, ودروسه, ومحاضراته, وخطبه, وفتاواه ولقاءاته, تقوم مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية – بعون الله وتوفيقه - بواجب وشرف المسؤولية لإخراج كافة آثاره العلمية والعناية بها. وبناءً على توجيهاته – رحمه الله تعالى – أنشئ له موقع خاص على شبكة المعلومات الدولية (3)، من أجل تعميم الفائدة المرجوة – بعون الله تعالى – وتقديم جميع آثاره العلمية من المؤلفات والتسجيلات الصوتية.
      أعماله وجهوده الأخرى: إلى جانب تلك الجهود المثمرة في مجالات التدريس والتأليف والإمامة والخطابة والإفتاء والدعوة إلى الله – سبحانه وتعالى – كان لفضيلة الشيخ أعمال كثيرة موفقة منها ما يلي: ·عضوًا في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من عام 1407هـ إلى وفاته. ·عضوًا في المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في العامين الدراسيين 1398 – 1400هـ. ·عضوًا في مجلس كلية الشريعة وأصول الدين بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم ورئيسًا لقسم العقيدة فيها. ·وفي آخر فترة تدريسه بالمعهد العلمي شارك في عضوية لجنة الخطط والمناهج للمعاهد العلمية, وألّف عددًا من الكتب المقررة بها. ·عضوًا في لجنة التوعية في موسم الحج من عام 1392هـ إلى وفاته – رحمه الله تعالى – حيث كان يلقي دروسًا ومحاضرات في مكة والمشاعر, ويفتي في المسائل والأحكام الشرعية. ·ترأس جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في عنيزة من تأسيسها عام 1405هـ إلى وفاته. ·ألقى محاضرات عديدة داخل المملكة العربية السعودية على فئات متنوعة من الناس, كما ألقى محاضرات عبر الهاتف على تجمعات ومراكز إسلامية في جهات مختلفة من العالم. ·من علماء المملكة الكبار الذين يجيبون على أسئلة المستفسرين حول أحكام الدين وأصوله عقيدة وشريعة، وذلك عبر البرامج الإذاعية من المملكة العربية السعودية وأشهرها برنامج «نور على الدرب». ·نذر نفسه للإجابة على أسئلة السائلين مهاتفه ومكاتبة ومشافهة. ·رتَّب لقاءات علمية مجدولة, أسبوعية وشهرية وسنوية. ·شارك في العديد من المؤتمرات التي عقدت في المملكة العربية السعودية. ·ولأنه يهتم بالسلوك التربوي والجانب الوعظي اعتنى بتوجيه الطلاب وإرشادهم إلى سلوك المنهج الجاد في طلب العلم وتحصيله, وعمل على استقطابهم والصبر على تعليمهم وتحمل أسئلتهم المتعددة, والاهتمام بأمورهم. ·وللشيخ – رحمه الله – أعمال عديدة في ميادين الخير وأبواب البرّ ومجالات الإحسان إلى الناس, والسعي في حوائجهم وكتابة الوثائق والعقود بينهم, وإسداء النصيحة لهم بصدق وإخلاص.
      مكانته العلمية: يُعَدُّ فضيلة الشيخ – رحمه الله تعالى – من الراسخين في العلم الذين وهبهم الله – بمنّه وكرمه – تأصيلاً ومَلَكة عظيمة في معرفة الدليل واتباعه واستنباط الأحكام والفوائد من الكتاب والسنّة, وسبر أغوار اللغة العربية معانِيَ وإعرابًا وبلاغة. ولما تحلَّى به من صفات العلماء الجليلة وأخلاقهم الحميدة والجمع بين العلم والعمل أحبَّه الناس محبة عظيمة, وقدّره الجميع كل التقدير, ورزقه الله القبول لديهم واطمأنوا لاختياراته الفقهية, وأقبلوا على دروسه وفتاواه وآثاره العلمية, ينهلون من معين علمه ويستفيدون من نصحه ومواعظه. وقد مُنح جائزة الملك فيصل – رحمه الله – العالمية لخدمة الإسلام عام 1414هـ, وجاء في الحيثيات التي أبدتها لجنة الاختيار لمنحه الجائزة ما يلي:
      أولاً:تحلِّيه بأخلاق العلماء الفاضلة التي من أبرزها الورع, ورحابة الصدر، وقول الحق, والعمل لمصلحة المسلمين, والنصح لخاصتهم وعامتهم.
      ثانيًا:انتفاع الكثيرين بعلمه؛ تدريسًا وإفتاءً وتأليفًا.
      ثالثًا:
      إلقاؤه المحاضرات العامة النافعة في مختلف مناطق المملكة.
      رابعًا:مشاركته المفيدة في مؤتمرات إسلامية كثيرة.
      خامسًا:اتباعه أسلوبًا متميزًا في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة, وتقديمه مثلاً حيًّا لمنهج السلف الصالح؛ فكرًا وسلوكًا.
      عقِبُه: له خمسة من البنين, وثلاث من البنات, وبنوه هم: عبد الله, وعبد الرحمن, وإبراهيم, وعبد العزيز, وعبد الرحيم.
      وفاتـه: تُوفي – رحمه الله – في مدينة جدّة قبيل مغرب يوم الأربعاء الخامس عشر من شهر شوال عام 1421هـ, وصُلِّي عليه في المسجد الحرام بعد صلاة عصر يوم الخميس, ثم شيّعته تلك الآلاف من المصلّين والحشود العظيمة في مشاهد مؤثرة, ودفن في مكة المكرمة. وبعد صلاة الجمعة من اليوم التالي صُلِّي عليه صلاة الغائب في جميع مدن المملكة العربية السعودية. رحم الله شيخنا رحمة الأبرار, وأسكنه فسيح جناته, ومَنَّ عليه بمغفرته ورضوانه, وجزاه عما قدّم للإسلام والمسلمين خيرًا.
      مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

      -------------------------
      (1) هما الشيخان محمد بن عبد العزيز المطوع، وعلي بن حمد الصالحي رحمهما الله تعالى
      .
      (2) هو الشيخ علي بن حمد الصالحي رحمه الله تعالى.
      (3) www.binothaimeen.com

      http://www.ibnothaimeen.com/all/Shaikh.shtml
      /////////////////////////////////////////////
      مكتبة الفتاوى :
      فتاوى نور على الدرب نصية:
      البيوع :
      السؤال: أيضاً فضيلة الشيخ من مسائل البيوع بيع التورق نرجو أن تحدثنا عن هذا البيع؟
      الجواب
      الشيخ: التورق مأخوذٌ من الورق وهي الفضة وأصله أن الرجل يحتاج إلى دراهم ولا يجدمن يقرضه ولا يجد من يعطيه دراهم في سلعةٍ مؤجلة إلى سنة وهو ما يعرف فيالشرع بالسلم يأخذ المحتاج دراهماً من شخص بسلعةٍ معينة بسلعةٍ موصوفةمضبوطةٍ بصفات يسلمها له بعد سنة مثلاً وهذا جائز كما قال ابن عباس رضيالله عنهما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلمون في الثمارالسنة والسنتين وأظنه قال والثلاث فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أسلمفي شئٍ فليسلم في كيل معلوم ووزنٍ معلوم إلى أجلٍ معلوم أقول إذا احتاجالإنسان إلى الدراهم ولم يجد من يقرضه ولا من يسلم إليه الدراهم على الوجهالذي ذكرنا واشترى سلعة تساوي مائة بمائة وعشرين إلى سنة ثم باعها وانتفعبثمنها فهذه مسألة التورق وسميت تورقاً لأن المشتري فيها محتاجٌ إلى الورقأي الفضة وهي النقد وللعلماء فيها خلافٌ معروف فمنهم من أجازها ومنهم منمنعها وممن منعها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حتى إنه روجع في ذلكمراراً ولكنه أبى رحمه الله أن يحلها لأنها تفتح باب الحيل والخداع ولهذاكانت نتيجتها الآن سيئة ولا أظن أحداً من أهل العلم يقول بجوازها وذلكلأنهم صاروا يأتون إلى التاجر ليستدينوا منه فيبيع عليهم ما يبيع ثم يذهبالتاجر والمستدين لصاحب دكان عنده هذه السلعة فيشتريها التاجر شراءً صورياًليس مقصوداً ولهذا لا يقلبها ولا ينظر فيها ولا يكاسر ويماكس في ما يعينهالبائع من الثمن يأخذها بأي ثمنٍ اتفق وعلى أي صفةٍ كانت وفي ظني أنه لوكانت أكياس السكر رملاً ما ذهب التاجر يفتشها لاشتراها على أنها سكر لأنهاتشترى وتباع على المدين والمدين يبيعها على صاحب الدكان وهذا لا شك أنهمحرم وأنه لا ينطبق على مسألة التورق ولهذا كان شيخ الإسلام رحمه الله إذاذكر هذه المسألة لم يذكر فيها خلافاً في التحريم وإذا ذكر مسألة التورق ذكرفيها قولين لأهل العلم ثم توسعت الأمور حتى وقع الناس في أكل الرباأضعافاً مضاعفة فإذا حل الدين قال استدن مني وأوفني فيستدين منه على هذهالصورة التي هي لعب بأحكام الله عز وجل فيشتري منه ويوفيه ويزيد عليه الدينومنهم من يأتي بأمورٍ أخرى منكرة ليس هذا موضع بسطها نسأل الله لإخوانناالرزق الطيب الحلال وإنني بهذه المناسبة أنصح الأخوان الذين ابتلوا بهذاالأمر أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يقلعوا عن هذا وأن يتقوا يوماً يرجعونفيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون وأن يعلموا أن كل شئٍيكسبونه عن طريقٍ محرم فإنه لا خير لهم فيه بل هو خسارةٌ في الدنياوالآخرة تنزع البركة منه وإن تصدقوا منه لم يقبل منهم وإن أنفقوه لن يباركلهم فيه وإن خلفوه بعدهم كان غرماً عليهم وغنيمةً من الورثة ولله ميراثالسماوات والأرض والله بما يعملون خبير

      . http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5776.shtml
      ////////////////////////////////
      مكتبة الفتاوى :
      فتاوى نور على الدرب نصية:
      البيوع :
      السائل:
      هذه رسالة وردت من الخماسين منوادي الدواسر من السائل محمد إبراهيم سلطان يقول عندي كمية من أكياس الأرزوهو بمستودع لنا بوادي الدواسر ويأتي إلي أناس يشترونه مني بقيمته في السوقويدينونه على أناس آخرين وإذا صار على حظ المدين أخذته منه بنازل ريالواحد من مشتراه مني ثم يأتي مثلهم أناس بعد ما يصير على حظي ويشترونه وهكذاوهو في مكان واحد إلا انهم يستلمونه عداً في محلة فهل في هذه الطريقةإثماً أم لا أفيدونا ولكم جزيل الشكر.
      الجواب
      الشيخ: نعمهذه الطريقة حيلة على الربا المغلظ الجامع بين التأخير والفضل أي بين رباالنسيئة وربا الفضل وذلك لأن الدائن يتوصل بها إلى حصول اثني عشر مثلاًبعشرة وأحيانا يتفق الدائن والمدين على هذا قبل أن يأتيا إلى صاحب الدكانوهذا أنه سيدينه كذا وكذا من الدراهم العشرة اثنتي عشر أو أكثر أو أقل ثميأتيان إلى هذا إلى صاحب الدكان ليجريا معه هذه الحيلة وقد سمى شيخ الإسلامابن تيميه رحمه الله هذه الطريقة الحيلة الثلاثية وهي بلا شك حيلة علىالربا ربا النسيئة وربا الفضل فهي حرام ومن كبائر الذنوب وذلك لأن المحرملا ينقلب مباحاً بالتحيل عليه بل التحيل عليه يزيده خبثاً ويزيده إثماًولهذا ذكر عن أيوب السختياني رحمه الله أنه قال في هؤلاء المتحيلين قالأنهم يخادعون الله كما يخادعون الصبيان لو أنهم أتوا الأمر على وجهه لكانأهون وصدق رحمه الله فإن المتحيل مخادع في منزلة المنافق مع الكافر الصريحيظهر أنه مؤمن وهو كافر هذا المتحيل على الربا يظهر أن بيعه وعقده بيع صحيحوحلال وهو في الحقيقة حرام وقد جعل الله سبحانه وتعالي كفر المنافقين أعظممن كفر الذين يصرحون به حيث قال (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِالْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا) كذلك هذا المتحيلعلى الربا أشد إثماً ممن يأتي الربا الصريح ثم إنه أسوأ حالاً لأن هذاالمتحيل يشعر بأنه على طريق سليم ويستمر ولا يخجل من الله ولا ينزع عن غيهبخلاف الذي يأتي شيئاً صريحاً فإنه يشعر بالخجل من الله ويشعر بأنه ارتكبالمعصية ويحاول أن يتخلص منها بالتوبة لذلك هذا أسوأ حالاً ومآلاً من الذييأتي الربا الصريح أما موضوع العدّ وهو في مكانه وجعلوا ذلك من باب القبضفإنه أفتى به بعض الناس نفسه أو غيره استناداً إلى قول الفقهاء رحمهم اللهويحصل قبض مبيع بعد بعده وعندي أنه لا بد من حيث الوجهة الشرعية لابد منالقبض وهو الاستيلاء التام الذي يكون الشيء في قبضتك وتحت حوزتك لكن إذابيع بالعد لابد مع ذلك بالإضافة إلى كونه في قبضتك وفي حوزتك لابد من عدهفإذا كان هذا مراد الفقهاء فهو مرادهم وإن لم يكن مرادهم فهذا هو ما تقتضيهالأدلة الشرعية أن القبض أن يكون الشيء في قبضتك لكن إذا كان قد بيع بعدأو كيل أو وزن أو ذرع لابد من وجود هذه الأشياء ليتم القبض ويؤيد ذلك أنرسول الله صلى الله عليه وسلم نهي أن تباع السلع حيث تبتاع يعني حيث تشترىفي المكان الذي أشتريت به حتى يحوزها التجار إلى رحالهم وهذا مسلك من مسالكتحريم هذه المعاملة الذي أشار إليها الأخ فالمسلك الأول أنها حيلة وخداععلى الربا ربا الفضل والنسيئة والمسلك الثاني أنها معصية للنبي صلى اللهعليه وسلم حيث نهي أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهمومن المؤسف جدا وحقاً أن كثير من الناس يتعاملون بها كما أشار إليها الأخظناً منهم أن ذلك من باب التورق الذي أجازه بعض أهل العلم ولكن ذلك ليس منالتورق ولهذا تجد أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله إذا أتي علىذكر التورق ذكر خلاف أهل العلم فيه ولما ذكر هذه الحيلة الثلاثية قال إنهذه من الربا بلا ريب فدل ذلك على أنها ليست من مسألة التورق في شيء وهوواضح أيضاً فإن التورق كما قال أهل العلم أن يحتاج الإنسان إلى دراهمفيشتري ما يساوي مائة بمائة وعشرة مثلاً إلى اجل فهنا تجد في مسألة التورقأن الشراء وقع على عين السلعة وإنها مقصودة وأنه لا اتفاق بين الدائنوالمدين على الربح قبل الملك لأن الدائن والمدين في الصورة التي أشار إليهاالسائل اتفاق على الربح قبل الملك وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنربح ما لم يضمن يعني ما لم يكن في ضمانك وتحت ملكك وقهرك فالربح فيه منهيعنه وهذا يربح فيما لم يضمن وما لم يكن في ضمانه اعني الدائن ثم إن هذهالمعاملة تختلف عن التورق لأن التورق كما أشرنا إليه يشتري السلعة بعينهايريدها يعينها ليبيعها فتجده يقلبها وينظر فيها وينظر نوعها وجنسها لكن هذهالحيلة أو هذه الصورة التي أشار إليها السائل الدائن لا يهمه ما في هذهالأكياس ربما تكون هذه الأكياس قد أكلتها السوس أو أكلتها الأرضة وربماتعفنت لأنها لا تُحمل ولا تُنظر ولو يُفَكّر فيها بل في ظني لو أن صاحبالدكان هذا صاحب المستودع أتي بأكياس مملوءة رملاً وقال هذه الأكياس سكر ثمباعها على الدائن وباعها على المدين وذلك اشتراها بنقص في ظني أن المعاملةستمشي لأنه حسب ما نسمع أنهم لا يفكرون لا يقلبوا ولا ينظرون فبالله عليكمأيها الناس قارنوا بين هذه الحيلة وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم قاتلالله اليهود إنه لما حرم الله عليهم شحومها جملوه يعني أذابوه ثم باعوهفأكلوا ثمنه فانظروا أيهما أقرب إلى صورة الحرام فعل اليهود الذين دعاالنبي صلى الله عليه وسلم بقتال الله لهم أي بلعنه إياهم على قول أوبإهلاكه إياهم على ما نراه أي معناه قاتل الله كذا أي أهلكهم لأن من قاتلالله فهو مغلوب مقتول فالمسلم يجب أن ينظر أيهما اقرب إلى صورة المحرم مافعله اليهود الذي دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بما دعا عليهم به أوهذه الصورة التي يفعلها هؤلاء المتحيلون الذين نرجو الله سبحانه تعالى أنيفتح لهم وأن يهيئ لهم طريقاً مباحاً. الطريق المباح مثلاً ولو أطلت فيالجواب لأن الحاجة أو الضرورة دعت لها أن يستعملوا طريقة السلم الذي كانمعروفاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بأن يبذل الدائن دراهم يشتري بهاسلعة تسلم إليه من المدين عند حلول الأجل مثل أن يقول هذه عشرة آلاف ريالنقداً خذها على أن تأتي إليّ بعد سنة بسيارة موديلها كذا وكذا وكذا السيارةتساوي نقداً اثنتا عشر ألف ريال لكنها من أجل التقديم صارت بعشرة يكونالدائن ربح ألفين وذلك استفاد من الدراهم وانتفع بها هذه الطريقة طريقةالسليمة جاء بها الشرع لكن الناس لا يستعملونها لماذا لأن الدائن يقول إذافعلت هذا الشيء ربما يأتي الوقت وقت الحلول والسيارات رخيصة فلم يكن عنديربح فلذلك يتهربون منها وفيه أيضاً طريقاً آخر أنه إذا احتاج الرجل إلىسلعة معينة بدل من أن يلف في هذه الطريقة المحرمة يذهب إلى صاحب السلعةاللي عنده ويشتريها هي عينها يشتريها يقول بعني هذه وهي تساوي عشرة مثلاًيقول بعنيها باثني عشرة ألف أو خمسة عشر ألف أو ما أشبه ذلك فيكون المرادبهذا العقد نفس السلعة المعينة وهذه الطريقة سليمة لا بأس بها على كل حالمن خلصت نيته وراقب الله عز وجل واتقى الله فإن الله سيجعل له من أمره يسراوسوف يرزقه من حيث لا يحتسب.
      http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5365.shtml
      ////////////////////////////////////
      مكتبة الفتاوى :
      فتاوى نور على الدرب نصية:
      البيوع :

      السؤال: على بركة الله نستعرض في هذهالحلقة بعضاً من رسالة مستمع للبرنامج أرسل بأسئلة كثيرة من أسئلته هذاالسؤال يقول إذا أراد شخص شراء سيارة من تاجر مثلاً يقول له هذه السيارةتساوي أربعة آلاف ديناراً مثلاً نقداً وإذا أردت الدفع بالتقسيط ممكن ولكنستدفع كل شهر مائتي دينار لمدة خمسة وعشرين شهراً فينتج عن ذلك فارق فيالمبلغ من أربعة آلاف إلى خمسة آلاف فيقولون إن هذه العملية تجارية فماالحكم الشرعي في نظركم في التعامل بمبدأ التقسيط والزيادة كما سبق شرحهنرجو بهذا إفادة
      الجواب
      الشيخ:الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابهأجمعين الجواب على هذا السؤال أن يعلم أن الأصل في جميع البيوع الحل ألا مادل الشرع على منعه وتحريمه لعموم قوله تعالى وأحل الله البيع فإذا تبايعرجلان فإننا نقول إن هذا البيع صحيح ألا بدليل يدل على منعه فالواجب اتباعالدليل فإذا لم يقم الدليل على منعه فلا يحل لأحد أن يمنع عباد الله منمعاملاتهم بدون إذن الله وبناء على هذه القاعدة العامة ننظر في الصورة التيسأل عنها هذا السائل حيث يقول أنه يريد أن يشتري سيارة تساوي أربعة ألافدينار بخمسة ألاف دينار مؤجلة إلى خمسة وعشرين شهراً فنقول إن هذه المعاملةلا تتضمن محظوراً شرعياً فليس فيها ربا ولا جهالة ولا غرر بل هي واضحةالثمن معلوم والمبيع معلوم والأجر معلوم وليس هناك ربا قد تكون هذهالمعاملة صحيحة لأن هذه الزيادة ليست زيادة دراهم على دراهم لكنها زيادة فيثمن السلعة المعينة فأنا عندما فأنا حين اشتريت هذه السيارة بخمسة آلافدينار مؤجلة لم اشتري دنانير بدنانير وإنما اشتريت سيارة قيمتها خمسة آلافدينار وإذا كان يجوز للإنسان أن يبيع سيارة تساوي أربعة بخمسة آلاف دينارنقداً فإن بيعها مؤجلاً بخمسة آلاف دينار من باب أولى لأن فيه إرفاقبالمشتري ولا يشك عاقل أن الناس يفرقون بين الثمن الحاضر والثمن المؤجلفإنه ليس الثمن المنقود الحاضر كالثمن الغائب المؤجل وقد ثبت في الصحيحينمن حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن الناس كانوا يسلفون في الثمار السنةوالسنتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم (من أسلف في شيء فليسلف في كيلمعلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) والسلف في هذا الحديث هو تقديم الثمنوتأخير السلعة المشتراة فيأتي إلى الفلاح ويقول أو يأتي الفلاح إليه ويقولأعطني مائة درهم بمائتي صاع من البر إلى سنة فيأخذ الفلاح الثمن وينتفع بهوإذا حل الأجل أخذ المشتري البر وتصرف فيه وهنا نعلم حسب العادة والفطرةأنه لم يكن ثمن هذا البر المؤجل تسليمه كثمن البر المقدم الذي يكون عندتسليم الثمن بل سيكون البر في هذه الصورة أعني البر المؤجل أكثر من البرالذي يعطى عند استلام الثمن فإذا كان الصاع من البر يساوي درهمين نقداًفإنه يكون بدرهمين إلا قليلاً إذا كان البر مؤجلاً وهذا أمر تقتضيه العادةوالفطرة ولا فرق بين هذا وبين الصورة التي قالها السائل فإن هذا تأجيلللمثمن والصورة التي قالها السائل تأجيل للثمن وقد ظن بعض الناس إن هذا منباب الربا ولكن هذا ليس بصواب فإنه من باب الربا لو اشترى السيارة بأربعةآلاف دينار ثم رجع إلى البائع وقال ليس عندي أربعة آلاف دينار وأريد أنتنظرني إلى سنة بخمسة آلاف دينار فهذا لا شك أنه ربا ولا يحل أما إذا كانعقد على السيارة من أول الأمر بخمسة آلاف مؤجلة فهذا لا بأس به ولكن يبقىالنظر ماذا أراد المشتري بهذه السيارة بهذا الشراء إن كان أراد السيارةبعينها فلا شك في جوازه حتى أن بعض العلماء حكى الإجماع على ذلك أما إذاكان يريد ثمن السيارة أي أنه يريد أن يأخذ السيارة الآن ثم يبيعها لينتفعبثمنها فهذه مسألة التورق وفيها خلاف بين أهل العلم فمن أهل العلم منأجازها نظراً لصورة العقد ومنهم من منعها نظراً للقصد ولكننا نقول هذاالرجل الذي اشترى السيارة من أجل ثمنها إن باعها على بائعها فهذا بلا شكحرام إذا باعها بأقل مما اشتراها به لأن هذه هي مسألة العينة وهي حيلةظاهرة على الربا يعني لو اشتريت هذه السيارة من الرجل بخمسة آلاف دينار ثمعدت وبعتها عليه بأربعة آلاف وخمسمائة نقداً كان ذلك حراماً لأنه في الواقعدارهم بدراهم دخلت بينهما سيارة غير مقصودة لكن إذا بعتها من شخص على شخصآخر غير الذي اشتريتها منه فهذه هي مسألة التورق وفيها خلاف والتورع عنهاأولى لكن إن دعت الضرورة إليها فلم تجد من يقرضك ولا من يسلمك وأنت فيضرورة إليها فإن هذا لا بأس به ولكن بشرط أن تكون السلعة التي اشتريتهاملكاً للبائع وعنده في محله ثم تأخذها أنت وتبيعها في مكان أخر وبهذا نعرفأن ما يفعله كثير من الناس الآن يأتي الدائن والمدين إلى شخص أخر عنده سلعةفيشتريها الدائن ثم يبيعها على المدين وهي في مكانها لم تنقل ثم يبيعهاالمدين على صاحب المحل أو على غيره قبل أن ينقلها نعلم أن هذه المعاملةمحرمة وليست بجائزة بلا شك لأنها من بيع السلع في مكانها وقد نهى النبي صلىالله عليه وسلم عن بيع السلعة حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهمولأن الحيلة فيها ظاهرة جداً نعم
      http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5750.shtml
      /////////////////////
      مكتبة الفتاوى :
      فتاوى نور على الدرب نصية:
      البيوع :

      السؤال: سؤاله الآخر يقول إن بعض هؤلاءالتجار الذين يُدَيّنُون إذا حل الدين على هذا الفقير قال له المطلوب أناأبيك تصبر علي شهرين ثلاثة أشهر أقل أكثر قال له الدائن صاحب الحق لا أناسوف أقلبها عليك تجئ لمي واشتري ليك مثلاً قطم هيل وأبيعها عليك ثم تستلمهاوتبيعها وتسلمني حقي فهل هذا جائز أم يدخل في الربا أفتونا وجزاكم اللهخير؟

      الجواب
      الشيخ:هذا العمل ليس بجائز بل هو ربا إلا أنه رباً مُغَلف بالخيانة والخداع لمنلله رب العالمين الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهذا هو الرباالذي كان يفعلونه في الجاهلية إذا حل الدين قال صاحب الحق للمدين إما أنتوفي وإما أن تربي فإذا أربا وحل مرة ثانية أربا عليه مرة ثانية وثالثةوهكذا وهذا هو المشار إليه في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلواالربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدتللكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) فهذا عمل خبيث لأنه جامع بينالربا والخداع فهو بمنزلة فعل المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر هذاأظهر أن معاملته معاملة سليمة أنها بيع وشراء في قطم هذا الهيل وهي فيالحقيقة عين الربا إلا أنه متحيل عليه والمتحيل على محارم الله أعظم جرماًممن يفعلها على وجه صريح لأنه يجمع بين مفسدة هذا المحرم وبين مفسدة الخداعلله سبحانه وتعالى وهذا من الاستهزاء بالله والتحدي له ولهذا قال أيوبالسختياني رحمه الله قال في هؤلاء المتحيلين يُخادعون الله كما يخادعونالصبيان لو أتوا الأمر على وجهه لكان أهون وهؤلاء المخادعون على الربا فيمثل هذه الصورة التي ذكرها الأخ عبد الرحمن أو في غيرها من الصور لا يمكنأن ينزعوا عما هم عليه لأنهم يعتقدون أن ما هم عليه سليم والمعتقد بأن ماهو عليه سليم لا يمكن أن ينزع عنه فهم يقولون كما يقول المنافقون إذا قيللهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون فلا يكادون ينزعون عن فعلهمأما الذي يأتي الربا صريحاً فإنه يعرف أنه ارتكب محرماً وتجده دائماً هذاالفعل بين عينيه تجده خجلاً من الله عز وجل يتذكر ذنبه كل ساعة ويمكن أنيحدث توبة أما هذا فهو على العكس وهذه مفسدة عظيمة تحصل لمن يرتكبون محارمالله بالحيل وهذه المسألة يظن بعض طلبة العلم أنها مسألة التورق التي اختلففيها أهل العلم وأباحها الفقهاء في المشهور من مذهب الإمام أحمد وإن كانشيخ الإسلام أبن تيمية يحرمها ويجزم بتحريمها ويُراجع في ذلك ولكنه يأبىإلا أنها حرام أعنى مسألة التورق لكن هذه المسالة ليس كمسألة التورق ولايمكن أن تقاس عليها لأنها رباً صريحاً ومسألة التورق هي كما قال الفقهاء فيتصويرها أن يحتاج رجل إلى دارهم فيشتري سلعة من شخص تساوي مائة بمائةوعشرين مثلاً إلى أجل ثم يأخذها ويتصرف فيها ويقضي حاجته بقيمتها أما هذافإنهم قد اتفقوا صراحة على المراباة قبل أن يحدث هذا العقد الصوري الذي ليسبمقصود وبينهما فرق ولهذا لما ذكر شيخ الإسلام مسألة التورق ذكر فيهاقولين عن أهل العلم ولكنه لما ذكر هذه الصورة أن يتفق شخص مع آخر على أنيعطيه دراهم العشرة بثلاثة عشر أو أحد عشر أو ما أشبه ذلك قال إن هذه منالربا بلا ريب ولم يحكِ فيها خلافاً فدل هذا على الفرق بين المسألتين وماذكره الأخ عبد الرحمن هو أعظم مما قلت أيضاً لأنه صريح أنه يرغم هذا المعسرعلى الربا مع أن الله يقول (وإن كان ذو عسرة فنظرةٌ إلى ميسرة) فأوجب اللهتعالى إنذار المعسر أما هذا فإنه عصى الله فلم ينظره ولم يرحم هذا الفقيربل زاد عليه الدين وعلى كل حال فنصيحتي لإخواني التجار أن يقلعوا عن هذهالمعاملة إلى ما أباح الله لهم من أنواع التجارات من المضاربات والمشاركاتوغيرها حتى يخرج من الدنيا بسلام لا يحملوا أنفسهم نار هذه الدراهم وغرمهاويكون لغيرهم ثمارها وغنمها.
      http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5451.shtml
      //////////////////////////////////
      مكتبة الفتاوى :
      فتاوى نور على الدرب نصية:
      البيوع :

      السؤال: بارك الله فيكم يسأل السائل أحمد من الرياض ويقول ما هي مسألة التورق وما حكمها جزاكم الله خيرا

      الجواب
      الشيخ: مسألة التورق تسمى في بعض المناطق الدين فإذا قالوا فلان تدين من فلانيعني تعامل معه بتورق وتسمى في بعض المناطق بالوعِدة أو الوَعدة يعني العدةوهي أن يكون الإنسان محتاجاً إلى دراهم وليس عنده شئ ولا يجد من يقرضهفيذهب إلى شخصٍ ما ويشتري منه سلعةً تساوي عشرة آلاف باثني عشرة ألفاً لمدةسنة أو بأربعة عشر ألفاً لمدة سنتين وكل ما زاد الأجل زاد الربح فإذااشترى السلعة باعها وانتفع بدراهمها هذه هي مسألة التورق وسميت تورقاً لأنالإنسان لا يقصد بهذه المعاملة إلا الورق يعني الدراهم ولهذا سميت تورقاًمن تفعّل إذا طلب الشيء وقد اختلف العلماء في حكمها فمنهم من قال إنهامكروهة ومنهم من قال إنها جائزة ومنهم من قال إنها محرمة وممن قال بهذاالقول الأخير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقال إنه مروي عن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله وأنها مثل الربا لكنه رباً بحيلة قال ابن القيم رحمهالله وقد كرر الطلب من شيخه رحمه الله ابن تيمية في هذه المسألة وأبى إلاأن تكون حراماً وقد توسع الناس فيها اليوم توسعاً عظيماً فصار الرجل يأتيإلى الشخص يشتري منه أكياس الهيل أو السكر او الرز أو ما أشبهها بثمنٍ مؤجلزائدٍ عن الثمن الحاضر ثم يأتي المستدين فيبيعها أحياناً يبيعها على الذيباعها إليه أولاً وهذه مسألة العينة ولا شك في تحريمها وأحياناً يبيعها علىشخصٍ آخر بأنقص مما تساوي نقداً اليوم فيكون هذا متدين مغلوباً من وجهينالوجه الأول الزيادة الحاصلة من البائع والوجه الثاني النقص الذي حصل منمشتري السلعة ويبيعون هذه السلعة قبل قبضها وقبل نقلها من مكانها وقد نهىالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن بيع السلع حيث تبتاع حتى يحوزهاالتجار إلى رحالهم ومن أجل التوسع فيها صار الناس يستهينون بالدين فتجدالرجل يتدين ليشتري أموراً كمالية لا يقوم بها مثله فتتراكم عليه الديونفإذا حلت ولم يوفِ ذهب يستدين مرة أخرى أو ذهب يتورق في مسألة أخرى مرةأخرى فإذا حل الدين مرةً ثانية تورق مرةً ثالثة وهلم جراً حتى يتراكم علىالإنسان ديونٌ كثيرة وهو لا يشعر لهذا ننصح إخواننا المسلمين عن التعاملبهذه المعاملة ولاسيما الذين يأخذون الدين لأنه يغلبون ويفلسون من أجل هذهالديون التي سهلت لهم وأصبحوا رهينةً بذلك.
      http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5960.shtml
      ///////////////////////////////
      مكتبة الفتاوى :
      فتاوى نور على الدرب نصية:
      البيوع :

      السؤال: يوجد عندنا بعض التجار الذينيدينون لمدة سنة يكون مثلاً عنده مائة أو مائتين قطمة هيل في دكانه ويجيءالذي يريد أن يتدين منه من هذه القطم الهيل ويقول له التاجر استلم منهمثلاً عشرة عشرين حسب الذي استدان منه ويتسلمها الضعيف ثم يجيء آخر يستدينثم يدينها إياه مرةً ثانية وهي بمكانها ما حركت ويدينها عدة أشخاص فهل هذايجوز على أنه يدينها عدة أشخاص وهي بمكانها هل هذا ما فيه شيء من الربا؟
      الجواب
      الشيخ: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابهوأتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدين هذه المسألة التي ذكرها السائل ابتلي بهاكثيرٌ من المسلمين مع الأسف الشديد وهي في الواقع مرة ومحزنة لكنها مصداققول النبي صلى الله عليه وسلم لتركبن سنن من كان قبلكم قالوا يا رسول اللهاليهود والنصارى قال فمن هذه المسألة هي من الحيل التي كان اليهود يرتكبونمثلها أو أقل أو أكثر وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن نفعل مثل فعلهممن هذه الحيل من المعلوم أن الرجل لو أعطى شخصاً عشرة آلاف ريال نقداًسلمها له ورقاً وقال هذه العشرة اثني عشرة ألفاً إلى سنة من المعلوم للجميعأن هذا ربا وأنه محرم وأن المرابي عليه من الوعيد والعقوبة ما هو معلومٌلكل مسلمٍ فالله تعالى يقول في الذين يرابون (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍمن الله ورسوله) والنبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديهوكاتبه وقال هم سواء والحديث في مسلم وفيه أحاديث كثيرة تدل على غلظ هذاالعمل عمل الربا وأنه من كبائر الذنوب العظيمة فإذا كان معلوماً أن ماصورناه من قبل من الربا وهو صريح فإن التحيل على هذا بأي نوعٍ من أنواعالحيل يعتبر وقوعٌ فيه إذا الحيلة على المحرم لا تقلبه مباحاً بل تزيدهقبحاً إلى قبحه لأن الحيلة على المحرم يجتمع فيها أمران محظوران أحدهماالوقوع في المحرم والثاني المخادعة لله ورسوله ونحن نضرب مثلاً بما هو أكبرمن ذلك وهو الكفر فالكافر الصريح الذي يعلن في كفره هو واقعٌ في الكفر وقدفعل هذا الذنب العظيم لكن المنافق الذي يظهر الإسلام ويظهر بمظهر الرجلالصالح وهو يبطن الكفر هذا أشد ذنباً وأعظم ولهذا جعل الله المنافقين فيالدرك الأسفل من النار تحت الكفار الذين يصرحون بالكفر فالمتحيل على الرباأشد من المعطي بالربا صراحةً أو أشد من الآخذ للربا صراحةً لأنه جمع بينالمحظورين محظور الربا ومحظور التحيل والخداع لمن يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إنما الأعمالبالنيات وإنما لك امرئٍ ما نوى) وهذا الحديث يسد على المتحيلين جميع أنواعالحيل يقال لهم أنتم قصدتم هذا ولكم ما قصدتم إنما لكل امرئٍ ما نوىوالعملية التي أشار إليها السائل هي موجودة بكثرة مع الأسف ومنتشرة وهي منظهور الربا الذي ينذر بالهلاك والخطر على هذه الأمة ومن العجب أنه لو وجدحانات خمر وزنا لكان كل الناس ينكرونها لكن توجد هذه الحانات الربوية ولكنالناس ساكتون لا أحد ينكر ولا أحد يشمئز منها وذلك لأنها كثرت وكما قيل إذاكثر الإمساس قل الإحساس هذه الأكياس من الهيل كما قال الأخ تبقى في دكانالتاجر مدة سنين يمكن أو شهوراً أو أسابيع أو ما شاء الله من هذا يأتي إليهالتاجر ويشتريها منه حسب ما اتفق مع الفقير على الربح لأنه يتفق أولاً معالفقير على أني بدينك العشر إحدى عشر أو خمسة عشر أو أكثر أو أقل ثم يذهبهذا التاجر وهذا المستدين إلى صاحب الدكان ويشتري التاجر منه السلعة بثمنيتفقان عليه ثم مع ذلك في الحال في نفس المجلس يبيعها على المستدين حسب مااتفقا عليه من الربح أو من المرابحة ثم بعد ذلك يبيعها المستدين على صاحبالدكان بأنزل مما باعها صاحب الدكان به على التاجر ثم يأخذ الدراهم ويخرجبها في جيبه هذه هي القضية الألعوبة والمكر والخديعة وقد ذكر شيخ الإسلامرحمه الله هذه المسألة و سماها الصفقة الربوية الثلاثية هذا معنى ما سماهابه لأنه غاب عني لفظه الآن ومع ذلك قال هذه حرامٌ بلا ريب وربا وكان يرحمهالله يحكي في مسألة التورق قولين لأهل العلم ثم يختار هو التحريم فدل ذلكعلى أن هذه المسألة ليست هي مسألة التورق التي يتمحش بعض الناس بها فيقولإن المشهور من مذهب الحنابلة جواز مسألة التورق نحن نقول هكذا إن المشهورمن مذهب الحنابلة جواز مسألة التورق لكن ليس مسألة التورق بهذه الحيلةالظاهرة البينة مسألة التورق كما قالها الفقهاء رحمهم الله إذا احتاجالإنسان إلى نقد واشترى ما يساوي مائة بمائة وعشرين إلى أجل وطبعاً اشتراهعلى الوجه السليم الصحيح وليس فيه العشرة إحدى عشر والعشرة خمسة عشر ولا شئأنا احتجت مثلاً إلى دراهم فأتيت إلى صاحب الدكان قلت بع علي هذا الشيءإلى زمن هو الآن يسوى مائة قلت له بمائة وعشرين وأخذته وذهبت بعته هذه هيمسألة التورق أما هذه المسألة فليست من التورق في شيء ولا تنطبق على التورقإطلاقاً ذلك لأنهما أولاً يتفقون على المرابحة فيقوم التاجر باع علىالمستدين ما لا يملك بربح وهذا وإن لم يكن معيناً لكنه في ذمته ثانياً أنهايحصل فيها بيع الشيء قبل حوزته وقبضه ثالثاً يحصل فيها بيع الشيء قبل نقلهعن محله وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع حتىيحوزها التجار إلى رحالهم وكون بعض الناس يقول أنا قبضتها لأنني عددتهافمجرد العدد ليس قبضاً بلا شك ولا أحد يقول إنه قبض لأن القبض معناه أنيكون الشيء في قبضتك وفي حوزتك وأي شئٍ يكون على العدد أن تقبضه أي شيءيكون من القبض ولكن العلماء يقولون ما يحتاج إلى عدد فلا بد من عدده لقبضهبمعنى إنه لا يتم قبضه إلا بعدده وهذا أمرٌ صحيح وأما مثلاً نقول مجردإنسان يمسحه بيده أو يعده بإشارته يكون هذا قبضاً فهذا غير مسلم إطلاقاً ثمإن هذه الصفقة في الحقيقة غير مرادة لأن التاجر لا يقلب هذا الهيل ولايسأل عن نوعه ولا يسأل عن عيبه وسلامته وربما يكون هذا قد فسد من طول الزمنوربما تكون الأرض قد أكلته وهم لا يعلمون بل إني أعتقد أن صاحب الدكان لوأتى بأكياسٍ من الرمل وصفها وقال للناس هذه سكر لهؤلاء الذين يتاجرون بهذهالطريقة لأخذوها على أنها سكر بناءً على عادتهم أنهم لا يقلبون ولا ينظرونولا يفعلون شيئاً ولقد حكى لي بعض الناس وهو ثقة أنه جاء ليستدين من شخصفذهبوا إلى صاحب دكان عنده بضاعة ولكن هذه البضاعة لا تساوي القدر الذييريده المستدين فقال نبيع ندبر لها شأناً فباعها صاحب الدكان على التاجرأولاً ثم باعها التاجر على الفقير ثانياً ثم باعها الفقير على صاحب الدكانثالثاً ثم باعها صاحب الدكان مرةٌ ثانية على التاجر ثم التاجر على المستدينحتى أكملت ما يريده هذا المستدين.
      http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_6187.shtml
      ////////////////////////
      مكتبة الفتاوى :
      فتاوى نور على الدرب نصية:
      البيوع :

      السؤال: المستمع ع. الشدوخي من القصيميقول قام أحد الإخوة بشراء سيارة بالتقسيط وقال له البائع خذ السيارة واخرجبها من المحل وهذا هو الاستلام الشرعي ونحن نقوم ببيعها لك إذا جاء منيطلبها فأرجو الإفادة في هذا السؤال مأجورين؟
      الجواب
      الشيخ:إن بيع التقسيط يكون على نوعين النوع الأول أن تكون السلعة عند البائعمالكاً لها قبل عقد بيع التقسيط فيبيعها بثمن مؤجل بأكثر من ثمنها حالاًمثال ذلك أن يكون عند شخص سيارة فيأتي شخص آخر ليشتريها منه بثمن مؤجلوتكون قيمة هذه السيارة بالثمن الحال ثلاثين ألفاً وبالثمن المؤجل خمسةوثلاثين ألفاً فيشتريها المشتري بالثمن المؤجل بخمسة وثلاثين ألفاً فهذاالبيع جائز لدخوله في عموم قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواإِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ) ولأنهذا نظير السلم الذي كان يُفعل في عهد الرسول الله صلى الله عليه وسلم لكنالسلم يعجل فيه الثمن ويؤخر فيه المثمن وهذا بالعكس عجل فيه المثمن وأخرفيه الثمن لكن المعنى واحد وهو تعجيل أحد العوضين وتأجيل أحدهم ولكن اختلفالعلماء فيما إذا كان مقصود المشتري الدراهم لكنه توصل إلى الحصول عليهابهذا العقد فمن العلماء من منع ذلك كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقالإن هذا حيلة على الربا ومنهم من أجاز ذلك وقال إن المشتري له الحق أن يتصرففي السلعة بما شاء من بيعها أو إبقائها وهذه المسألة تسمى مسألة التورقوالورع بلا شك ترك التعامل بها ولكن إن دعت الضرورة إليها ولم يجد المشتريمن يقرضه ولا وجد وصولاً إلى السلم المعروف في عهد النبي صلى الله عليهوسلم وكان مضطراً إلى ذلك فإنه بهذه الثلاثة الشروط أرجو أن لا يكون بهابأس أما النوع الثاني من بيع التقسيط فهو أن لا تكون السلعة عند البائعولكن المشتري يعينها ثم يأتي إلى تاجر من التجار ويقول أنا أريد السلعةالفلانية فاشتريها لي وبعها علي بثمن مؤجل أكثر مما أشتريتها به مثل أنيكون المشتري يحتاج إلى سيارة يستعملها فيجدها في المعرض ولكن ليس عندهثمنها فيذهب إلى تاجر من التجار ويقول أنا أريد السيارة الفلانية في المعرضالفلاني وليس عندي ثمن فيذهب التاجر ويشتري هذه السيارة بثمن حال ثميبيعها على هذا الطالب لها بثمن مؤجل أكثر مما اشتراها به وهذا النوع حيلةعلى الربا ووقوع في المحذور الذي يكون في الربا وذلك لأن حقيقته أن التاجرأقرض هذا الطالب قيمة السلعة التي يريدها بزيادة والقاعدة المعروفة عند أهلالعلم أن كل قرض جر نفعاً للمقرض فإنه ربا ولأن هذا العقد الذي صدر منالتاجر عقد غير مقصود لأنه لم يشتر هذه السلعة إلا بعد أن جاء هذا الطالبفقد اشتراها من أجله من أجل الزيادة الربوية التي يحصل عليها ودليل ذلك أنالتاجر لم يكن يفكر أن يشتري هذه السيارة لو لا أن هذا الطالب جاء وعرضعليه هذه الصفقة واعتلال بعضهم بان التاجر لا يُلزم الطالب بها إذا اشتراهاله اعتلال عليل وذلك لأنه من المعلوم أن الطالب لم يأت أو لم يعرض علىالتاجر شراء هذه السلعة له إلا وإنه عازم على أن يتملكها ولو كان عندالتاجر شك حقيقي في أن هذا الطالب لا يقبل السلعة بعد شرائها ما اشتراها لههذا من المؤكد المعلوم حسب العادة وحسب الوضع الذي عليه حال هذا الطالبلذلك فإني أنصح إخواني المسلمين من تعاطي مثل هذه العقود التي ظاهرهاالإباحة ولكن مقصودها ما يوقع في التحريم وليعلم أن الحيل على محارم اللهلا تقلبها حلالاً بل تزيدها خبثاً إلى خبثها وتحريماً إلى تحريمها لأنالحيل على محارم الله يقع فيها محذوران المحذور الأول الوقوع في المعنىالذي حرمه الله ورسوله والثاني الخداع لله عز وجل والله سبحانه وتعالى لاتلتبس عليه الأمور يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهو سبحانه وتعالىيوم القيامة يعذب الناس بل هو سبحانه وتعالى يوم القيامة يحاسب الناس علىما في صدروهم كما قال الله تعالى (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ) (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) أي تختبر السرائر وقال عز وجل (أَفَلايَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُور) وبنو آدم لن يغنواعن الإنسان شيئاً فهو وإن تظاهر عندهم بالعمل المباح إذاكان المقصود به الشئ المحرم لن يغنيهم عن الله شيئاً وليعلم اللبيب العاقلالمؤمن أن رزق الله سبحانه وتعالى لا ينال بمعاصيه وأن الله سبحانه وتعالىقد كتب على الإنسان وللإنسان ما اقتضته حكمته في الأزل فالغني غني والفقيرفقير فليتق الله وليجمل في الطلب ولا ينال رزق الله تعالى بمعاصيه يقولالله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُمِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب) ويقول الله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَيَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) أسأل الله تعالى أن يعصمنا جميعاًومن معاصيه وأن يوفقنا إلى مراده.
      http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5846.shtml
      /////////////////////////////////////
      مكتبة الفتاوى :
      فتاوى نور على الدرب نصية:
      البيوع :

      السؤال: يقول السائل في بيع التقسيط ما هو البيع الصحيح ونرجو أمثلة على ذلك لأنه كثر في زماننا هذا؟
      الجواب
      الشيخ:بيع التقسيط له أمثلة كما قال السائل والمثال الجائز هو أن يشتري السلعةالموجودة عند البائع من قبل تساوي ألفاً بألفٍ وخمسمائة إلى سنة وهو يريدالسلعة نفسها وهذا جائز بالإجماع أو يريد أن يتجر بهذه السلعة بأن يشتريهافي هذا البلد ويذهب بها إلى بلدٍ آخر ليزيد ثمنها هذا أيضاً جائز بالإجماعمثال ذلك أتى رجل إلى شخص عنده فيلا تساوي أربعمائة ألف نقداً فقال أريد أنأشتريها منك بخمسمائة ألف مؤجلة إلى سنة فاتفقا علي ذلك فلا بأس في هذابالإجماع لأن الرجل اشتراها ليسكنها لكن زاد في ثمنها من أجل أنه ثمنٌ مؤخرومعلومٌ أن الثمن المؤخر يختلف عن الثمن المقدم أو إنسان اشترى سلعةًبثمنٍ مؤجل يريد بها الربح فهذا أيضا جائز كإنسان اشترى من شخص فيلا تساويأربعمائة نقداً بخمسمائة إلى أجل يريد أن يربح فيها فلعلها تكون بستمائةإلى أجل أو بخمسمائة نقداً فيربح هذا لا بأس به بالإجماع الصورة الثالثة أنيأتي شخصٌ إلى آخر إلى تاجر فيقول أنا محتاج إلى سيارة صفتها كذا وكذافيقول التاجر اذهب إلى المعرض وتخير السيارة التي تريد ثم أتني حتى اشتريهامن المعرض ثم أبيعها عليك بثمنٍ مؤجل أكثر مما اشتراها به فهذا حرام وذلكلأن البائع لم يشتر السلعة إلا من أجل الطالب الذي طلبها ولولا طلبه إياهالما اشتراها فيكون كالذي أقرض المحتاج إلى السيارة أقرضه دراهم إلى أجلبزيادة وما شراء التاجر لهذه السيارة ليبيعها على هذا المحتاج إلا حيلة فقطوإلا فليس له غرض في السيارة هذا حرام وإن كان بعض الناس قد يفتي بجوازهفإن قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما الأعمال بالنيات يدل علىمنعه لأن هذا التاجر ما نوى إلا الزيادة ما له غرض بالسيارة وقول بعضهم إنالتاجر يقول إذا اشتريتها فأنت أيها المحتاج بالخيار هذا وإن قاله فهوتدليس يعني من المعلوم أن الذي احتاج السلعة لن يردها يريدها على كل حالهذه ثلاثة صور الصورة الأخيرة غير جائزة في صورة رابعة تسمى مسألة التورقوهي أن يحتاج الإنسان إلى دراهم فيأتي إلى صاحب المعرض ويشتري منه السيارةالتي تساوي خمسين ألفاً بستين ألفاً إلى سنة وقصد المشتري الدراهم فقداختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة فمنهم من قال إنها جائزة لأنالبائع يقول أنا ما لي وللمشتري وغرضه أنا بعت سيارة والمشتري يفعل ما شاءواختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن ذلك حرام وأنه من العينة التيحذر منها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والورع أن يتركها الإنسان وأنلا يتعامل بها فهذه أربعة صور في مسألة البيع بالتقسيط.
      http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_6124.shtml
      ////////////////////////////////////////
      المكتبة المقروءة :
      الفـقه :
      المداينة :
      أقسـام المداينـة
      القسم الأول: أن يحتاج إلى شراء سلعة وليس عنده ثمن حاضر ينقده، فيشتريها إلى أجلٍ معلومٍ بثمن زائد على ثمنها الحاضر فهذا جائز. مثل أن يشتري بيتاً ليسكنه أو يؤجِّره بعشرة آلاف إلى سنة، وتكون قيمته لو بيع نقداً تسعة آلاف، أو يشتري سيارة يركبها أو يؤجِّرها بعشرة آلاف إلى سنة، وقيمتها لو بيعت نقداً تسعة آلاف. وهو داخل في قوله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}(1). القسم الثاني: أن يشتري السلعة إلى أجل لقصد الاتجار بها. مثل أن يشتري قمحاً بثمن مؤجل زائد على ثمنه الحاضر ليتجر به إلى بلد آخر أو لينتظر به زيادة السوق أو نحو ذلك، فهذا جائز أيضاً لدخوله في الآية السابقة. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذين القسمين أنهما جائزان بالكتاب والسنة والإجماع (ذكره ابن قاسم في مجموع الفتاوى ص499 ج29)(2). القسم الثالث: أن يحتاج إلى دراهم فيأخذها من شخص بشيء في ذمته. مثل أن يقول لشخص: أعطني خمسين ريالاً بخمسة وعشرين صاعاً من البُرِّ أسلِّمها لك بعد سنة، فهذا جائز أيضاً، وهو السَلمُ الذي ورد به الحديث الثابت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدمَ النبي صلى الله عليه وسلّم المدينة وهم يسلِفُونَ في الثمار السنة والسنتين فقال صلى الله عليه وسلّم: «مَن أسلف فليُسْلِف في كيلٍ معلوم ووزنٍ معلوم إلى أجلٍ معلوم»(3). القسم الرابع: أن يكون محتاجاً لدراهم فلا يجد من يقرضه فيشتري من شخص سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها على صاحبها الذي اشتراها منه بثمن أقل منه نقداً، فهذه هي مسألة العينة، وهي حرام؛ لقوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا ضنَّ الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أنزل الله بهم بلاءً لا يرفعه حتى يرجعوا لدينهم»(4). ولأن هذه حيلة ظاهرة على الرِّبا، فإنه في الحقيقة بيعُ دراهم حاضرة بدراهم مؤجلة أكثر منها دخلت بينهما سلعة، وقد نص الإمام أحمد وغيره على تحريمها. القسم الخامس: أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد مَن يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيع السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه، فهذه هي مسألة التورق. وقد اختلف العلماء رحمهم الله في جوازها، فمنهم مَن قال: إنَّها جائزة؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إمَّا عين السلعة وإمَّا عوضهَا وكلاهما غرض صحيح. ومن العلماء مَن قال: إنها لا تجوز؛ لأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلاً، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفعُ بها حصول المفسدة لا يُغني شيئاً. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرأ ما نوى»(5). والقول بتحريم مسألة التورق هذه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو رواية عن الإمام أحمد. بل جعلها الإمام أحمد في رواية أبي داود من العينة كما نقله ابن القيم في «تهذيب السنن» (5/801). ولكن نظراً لحاجة الناس اليوم وقلَّة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط: 1 ـ أن يكون محتاجاً إلى الدراهم، فإن لم يكنْ محتاجاً فلا يجوزُ كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره. 2 ـ أن لا يتمكَّن من الحصول على المال بطرقٍ أخرى مباحة كالقرض والسَّلم، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنَّه لا حاجة به إليها. 3 ـ أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الرِّبا مثل أن يقول: بعتك إيَّاها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك، فإن اشتمل على ذلك فهو إمَّا مكروه أو محرم، نقل عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا: كأنه دراهم بدراهم لا يصحّ. هذا كلام الإمام أحمد. وعليه فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول للمستدين: بعتك إيَّاها بكذا وكذا إلى سنة. 4 ـ أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم. فإذا تمَّت هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجهٌ كيلا يحصل تضييقٌ على الناس. وليكن معلوماً أنَّه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل مما اشتراها به بأي حال من الأحوال؛ لأن هذه هي مسألة العينة السابقة في القسم الرابع. القسم السادس: طريقة المداينة التي يستعملها كثير من الناس اليوم، وهي أن يتفق المستدين والدائن على أخذ دراهم العشرة أحد عشر أو أقل أو أكثر، ثم يذهبا إلى الدكان فيشتري الدائن منه مالاً بقدر الدراهم التي اتفق والمستدين عليها، ثم يبيعه على المستدين، ثم يبيعه المستدين على صاحب الدكان بعد أن يخصم عليه شيئاً من المال يسمونه السعي، وهذا حرام بلا ريب، وقد نصَّ شيخ الإسلام ابن تيمية في عدَّة مواضع على تحريمه، ولم يحك فيه خلافاً مع أنه حكى الخلاف في مسألة التورُّق. والمواضع التي ذكر فيها شيخ الإسلام تحريم هذه المسألة هي: 1 ـ يقول في ص74 من المجلد28: «و... والثلاثية مثل أن يدخلا بينهما محلِّلاً للربا يشتري السلعة منه آكل الربا، ثم يبيعها المعطي للرِّبا إلى أجلٍ ثم يعيدها إلى صاحبها بنقص دراهم يستفيدها المحلِّل. هذه المعاملات منها ما هو حرام بإجماع المسلمين مثل التي يجري فيها شرط لذلك، أو التي يباع فيها المبيع قبل القبض الشرعي، أو بغير الشروط الشرعية، أو يقلب فيها الدَّينَ على المعسر. ومن هذه المعاملات ما تنازع فيها بعض العلماء لكن الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وصحابته الكرام أنها حرام. 2 ـ وفي ص437 مجلد29 قال: «... وقول القائل لغيره أدينك كل مائة بكسب كذا وكذا حرام... إلى أن قال: وبكل حال فهذه المعاملة وأمثالها من المعاملات التي يقصدُ بها بيع الدراهم بأكثر منها إلى أجل هي معاملة فاسدة ربوية». 3 ـ وفي ص439 من المجلد 29 المذكور قال: «أمَّا إذا كان قصد الطالب أخذ دراهم بأكثر منها إلى أجلٍ، والمعطي بقصد إعطاء ذلك، فهذا ربا لا ريب في تحريمه، وإن تحايلا على ذلك بأي طريق كان،. فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرأ ما نوى». وذكر نحو هذا في ص430 وص433 وص441 من المجلد المذكور وذكر نحوه في كتاب: إبطال التحليل في ص109. وبعد، فإنَّ تحريم هذه المداينة التي ذكرنا صورتها في أول هذا القسم لا يمتري فيه شخص تجرَّد عن الهوى وعن الشح وذلك من وجوه: * الأول: أن مقصود كل من الدائن والمدين دراهم بدراهم، ولذلك يقدِّران المبلغ بالدراهم، والكسب بالدراهم، قبل أن يعرفا السلعة التي يكون التحليل بها؛ لأنهما يتفقان أولاً على دراهم: العشرة كذا وكذا ثم يأتيان إلى صاحب الدكَّان فيشتري الدائن أي جنس وجده من المال، فربما يكون عنده سكر أو خام أو أرز أو هيل أو غير ذلك، فيشتري الدائن ما وجد ويأخذه المستدين، وبهذا علم أن القصد الدراهم بالدراهم، وأن السلعة غير مقصودة للطرفين. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرأ ما نوى»(6). ويدلُّ على ذلك أنَّ الدائن والمستدين كلاهما لا يقلِّبان السلعة ولا ينظران فيها نظر المشتري الرَّاغب، وربما كانت معيبة أو تالفاً منها ما كان غائباً عن نظرهما مما يلي الأرض أو الجدار المركونة إليه وهما لا يعلمان ذلك ولا يباليان به. إذن فالبيع بيع صوريٌّ لا حقيقي، والصور لا تغيِّر الحقائق ولا ترتفع بها الأحكام. ولقد حُدِّثت أنه إذا لم يكف المال الموجود عند صاحب الدُّكان للدراهم التي يريدها المستدين. فإنَّهم يعيدون هذا البيع الصُّوري على نفس المال وفي نفس الوقت، فإذا أخذه صاحب الدُّكان من المستدين باعه مرة أخرى على الدائن، ثم باعه الدائن على المستدين بالربح الذي اتفقا عليه من قبل، ثم باعه المستدين على صاحب الدكان، فيرجع الدائن مرة أخرى فيشتريه من صاحب الدكان، ثم يبيعه على المستدين بالربح الذي اتفقا عليه. وهكذا أبداً حتى تنتهي الدراهم، فربما يكون المال الذي عند صاحب الدكان لا يساوي عُشرَ مبلغِ الدراهم المطلوبة، ولكن بهذه الألعوبة يبلغون مرادهم والله المستعان. * الوجه الثاني: مما يدل على تحريم هذه المداينة أنه إذا كان مقصود الدائن والمدين هي الدراهم، فإن ذلك حيلة على الربا بطريقة لا يرتفع بها مقصود الرِّبا، والتحايل على محارم الله تعالى جامع بين مفسدتين: مفسدة المحرم التي لم ترتفع بتلك الحيلة. ومفسدة الخداع والمكر في أحكام وآيات الله تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور. ولقد أخبر الله عن المخادعين له بأنَّهم يخادعون الله وهو خادعهم، وذلك بما زيَّنه في قلوبهم من الاستمرار في خداعهم ومكرهم فهم يمكرون، ويمكر الله والله خير الماكرين. قال أيوب السختياني: يخادعون الله كما يخادعون الصِّبيان، ولو أتوا بالأمر على وجهه لكان أهون. وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلّم أمَّته من التحايل على محارم الله فقال: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلُّوا محارم الله بأدنى الحيل»(7). وقال صلى الله عليه وسلّم: «لعن الله اليهود، حُرِّمت عليهم الشُّحومُ فباعوها وأكلوا أثمانها»(. * الوجه الثالث: أنَّ هذه المعاملة يربحُ فيها الدائن على المستدين قبل أن يشتري السلعة، بل يربحُ عليه في سلعة لم يعرفا نوعها وجنسها فيربحَ في شيء لم يدخلْ في ضمانه. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ربح ما لم يضمنْ، وقال: «الخراجُ بالضّمانِ»(9)، وقال: «لا تبعْ ما ليس عندك»(10). وهذا كله بعد التسليم بأنَّ البيع الذي يحصل في المداينة بيع صحيح، فإنَّ الحقيقة أنَّه ليس بيعاً حقيقيًّا، وإنما هو بيعٌ صوريٌّ، بدليل أن المشتري لا يقلِّبه ولا ينظرُ فيه ولا يماكسُ في القيمة، بل لو بيع عليه بأكثر من قيمته لم يبال بذلك. * الوجه الرابع: أنَّ هذه المعاملة تتضمنُ بيع السلعة المشتراة قبل حيازتها إلى محلِّ المشتري ونقلها عن محلِّ البائع. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن بيع السلع حيث تُشترى حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. فعن زيد بن ثابت رضي الله عنهما قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن تُباعَ السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم»(11). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كانوا يتبايعون الطعام جزافاً بأعلى السوق فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلّم أن يبيعوه حتَّى ينقلوهُ»(12). رواه الجماعة إلا الترمذي وابن ماجه. القسم السابع: من طريقة المداينة أن يكون في ذمَّة شخص لآخر دراهم مؤجلة، فيحل أجلها وليس عنده ما يوفِّيه فيقول له صاحب الدين: أدينُكَ فتوفيني فيدينهُ فيوفيه، وهذا من الربا بل هو مما قال الله فيه: {يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَـفاً مُّضَـعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُواْ النَّارَ التي أُعِدَّتْ لِلْكَـفِرِينَ * وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }(13). وهذا القسم من المداينة من أعمال الجاهلية حيث كان يقول أحدهم للمدين إذا حلَّ الدين: إما أن توفِّي وإما أن تُربي، إلا أنَّهم في الجاهلية يضيفون الرِّبا إلى الدَّين صراحة من غير عمل حيلة، وهؤلاء يضيفون الرِّبا إلى الدَّين بالحيلة. والواجب على صاحب الدَّين إذا حلَّ دينه إنظار المدين إذا كان معسراً، لقوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}(14). أمَّا إذا أبراه من الدَّين فذلك خيرٌ وأفضل. أما إن كان المدين موسراً فإنَّ للدائن إجباره على الأداء لأنه يحرم على المدين حينئذٍ أن يماطل ويدافع صاحب الدَّين لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «مطلُ الغني ظلم»(15). ومن المعلوم أن الظلم حرام يجبُ منع فاعله وإلزامه بما يُزيلُ الظلم. القسم الثامن: من المداينة أن يكون لشخص على آخر دين، فإذا حلَّ قال له: إمَّا أن توفِّي دينك أو تذهب لفلان يدينك وتوفِّيني، ويكون بين الدائن الأول والثاني اتفاقٌ مسبقٌ في أنَّ كل واحد منهما يدين غريم صاحبه ليوفِّيه ثم يعيدُ الدَّين عليه مرة أخرى ليوفِّي الدائن الجديد. أو يقول: اذهب إلى فلان لتستقرض منه وتوفِّيني، ويكون بين الدائن الأول والمقرض اتفاق أو شبه اتفاق على أن يقرض المدين. فإذا أوفى الدائن الأول قلب عليه الدين، ثم أوفى المقرض ما اقترض منه. وهذه حيلة لقلب الدين بطريق ثلاثية وهي حرام لما تقدم من تحريم الحيل وتحذير النبي صلى الله عليه وسلّم أمته من ذلك. خلاصة ما تقدم: وبعد، فهذه ثمانية أقسام من أقسام المداينة بعضها حلال جائز فيه الخير والبركة، وبعضها حرام ممنوع ليس فيه إلا الشرُّ والخسارة ونزع البركة، ولو لم يكن فيه إلا أنه يزيِّن لصاحبه سوء عمله، فيستمر فيه ولا يرى أنه على باطل، فيكون داخلاً في قول الله تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءَ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ}(16). وقال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالاَْخْسَرِينَ أَعْمَـلاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا }(17). فالحلال من هذه الأقسام: 1 ـ أن يحتاجَ الشخص إلى سلعة أو عقار فيشتريه بثمن مؤجَّل لقضاء حاجته. 2 ـ أن يشتري السلعة أو العقار بثمن مؤجل للاتجار به وانتظار زيادة السِّعر. 3 ـ أن يحتاجَ إلى دراهم فيأخذها من شخص بسلعة يكتبها الآخذ في ذمته. وهذه الأقسام الثلاثة جائزة بلا ريب وسبقَ تفصيلها. والحرام من الأقسام الأخرى: 1 ـ أن يحتاج إلى دراهم فلا يجدُ مَن يقرضه فيشتري سلعة من شخص بثمنٍ مؤجَّل زائد على قيمتها الحاضرة، ثم يبيعها على غيره، وهذه هي مسألة التَّورُّق، في جوازها خِلاف بين العلماء كما تقدم. 2 ـ أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد مَن يقرضه فيشتري من شخص سلعة بثمن مؤجَّل، ثم يبيعها عليه بأقل مما اشتراها به، وهذه مسألة العينة. 3 ـ أن يتفق الدائن والمدين على أخذ الدراهم العشرة أحد عشر أو نحو ذلك، ثم يذهب إلى ثالث فيشتري الدائن منه سلعة، هو في الحقيقة شراء صوري، ثم يبيعها على المدين ثم يبيعها المدين بدوره على الذي أخذها الدائن منه. وهذه طريقة المداينة التي يستعملها الآن كثير من الناس، وهي حرام كما سبق عن شيخ الإسلام ابن تيمية، ولم يذكر خلافاً في تحريمها كما ذكر في مسألة التَّورُّق. 4 ـ أن يكون لشخص على آخر دينٌ مؤجَّلٌ فيحل أجله وليس عنده ما يوفيه، فيقول صاحب الدين: أدينك وتوفيني، فيدينه فيوفيه. وهذه طريقة أهل الجاهلية التي تتضمن أكل الرِّبا أضعافاً مضاعفة، إلا أنها صريحة في الجاهلية خديعة في هذا الزمان، ففيها مفسدتان. 5 ـ أن يكون لشخص على آخر دين مؤجل فيحل أجله، ويكون لصاحب الدين صاحب يتَّفق معه على أن يقرض المدين أو يدينه ليوفِّي الدائن، ثم يقلب عليه الدين مرة أخرى. وهذه هي طريقة الجاهلية مع إدخال الطرف الثالث المشارك في الإثم والعدوان والمكر والخداع. فهذه الأقسام الخمسة محرَّمة، وقد علمت ما في القسم الأول منها من الخلاف. واعلم أنَّ الدَّين في اصطلاح أهل الشرع اسم لما ثبت في الذمة سواء كان ثمنَ مبيعٍ أو قرضاً أو أجرةً أو صداقاً أو عوضاً لخلع أو قيمة لمتلف أو غير ذلك. وليس كما يظنه كثير من العوام من أنَّ المداينة هي التي يستعملونها ويستدلون عليها بقوله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}(1. فإن المراد به هو الدين الحلال الذي بيّن الله ورسوله حِلَّه، دون الدين الحرام، وهذا كثير في نصوص الكتاب والسنة تأتي مطلقة أو عامة في بعض المواضع ولكن يجبُ أن تخصص أو تقيد بما دل على التخصيص والتقيد.
      * * *
      خاتمـــــة ولنختم هذا البحث بما ورد في الكتاب والسنة من تحريم الرِّبا والتشديد فيه. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بَقِىَ مِنَ الرِّبَواْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}(19). ففي هذه الآية تهديد شديد ووعيد أكيد لمن لم يترك الرِّبا، وذلك بمحاربته لله ورسوله، فأي ذنب في المعاملة أعظم من ذنب يكون فيه فاعله محارباً لله ولرسوله؟ ولذلك قال بعض السلف: «من كان مقيماً على الربا لا يتوب منه كان حقًّا على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نَزَعَ وإلاَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ». وفي قوله تعالى: {وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ الرِّبَواْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ }. إشارة إلى أنَّ آكل الربا بأنَّه لو كان مؤمناً بالله ورسوله حقَّ الإيمان راجياً ثواب الله في الآخرة خائفاً من عقابه لَمَا استمرَّ على أكل الرِّبا والعياذ بالله تعالى. وقال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَواْ لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الذي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَـانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَواْ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَواْ فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلائِكَ أَصْحَـابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَـالِدُونَ }(20). ففي هذه الآية وصف آكلي الربا بأنهم يقومون من قبورهم يوم القيامة أمام العالم كلهم كما يقوم الذي يتخبَّطه الشيطان من المسِّ ـ يعني كالمصروعين الذين تصرعُهُم الشياطين وتخنُقهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: «آكل الربا يُبعثُ يوم القيامة مجنوناً يُخْنَق». ثم بيَّن الله ما وقعَ لهم من الشبهة التي أعمت أبصارهم عن التمييز بين الحق والباطل، فقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَواْ}. وهذا يحتمل أنَّهم قالوه لشبهةٍ وقعت لهم وتأويلٍ فاسد لجأوا إليه، كما يحتج أهل الحيل على الرِّبا، ويحتمل أنهم قالوا ذلك عناداً وجحوداً، وعلى كلا الاحتمالين فإنَّ هذا يدل على أنهم مستمرون في باطلهم، منهمكون في أكل الرِّبا ومجادلون بالباطل ليُدْحِضُوا به الحق. نعوذ بالله من ذلك. وقال تعالى: {يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَـافاً مُّضَـاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِى أُعِدَّتْ لِلْكَـفِرِينَ * وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }(21). ففي هاتين الآيتين: نهى الله عباده المؤمنين بوصفهم مؤمنين عن أكل الرِّبا، ثم حذَّرهم من نفسه في قوله: {وَاتَّقُواْ اللَّهَ}، ثم حذَّرهم النار التي أُعدَّت للكافرين، وبيَّن أنَّ تقواه وطاعته سبب للفلاح والرحمة: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَـالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }(22). وهذا كله دليل على تعظيم شأن الرِّبا وأنَّه سبب لعذاب الله تعالى ودخول النار والعياذ بالله تعالى من ذلك. وقال تعالى: {وَمَآ ءَاتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ في أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ اللَّهِ}(23) الآية. وقال: {يَمْحَقُ اللَّهُ الْرِّبَواْ وَيُرْبِى الصَّدَقَـتِ}(24). فالربا لا يربو عند الله ولا يزداد صاحبه به قربة عند ربه، فإنَّه مال مكتسب بطريق حرام فلا خير فيه ولا بركة، ولو أنَّ صاحبه تصدَّق به لم يقبل منه إلا إذا كان تائباً إلى الله تعالى من ذلك الذنب الكبير فيتصدق به للخروج من تبعته عند عدم معرفته لأصحابه وبذلك يكون بريئاً منه. أمَّا إن تصدَّق به لنفسه فإنَّه لا يقبلُ منه لأنه لا يربو عند الله، بينما الصدقات المقبولة تربو عند الله، وإن أنفقه لم يبارك الله له فيه لأن الله يمحقه أو يسحق بركته، فلا خير ولا بركة في الربا. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «اجتنبوا السبع الموبقات ـ وذكر منها ـ الربا» متفق عليه(25). وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرضٍ مقدسةٍ حتى أتينا على نهر من دم فيه رجلٌ قائمٌ وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فمه فردَّهُ حيث كان، فجعل كلما أراد أن يخرج رمي في فمه بحجر فيرجع كما كان. فقلت: ما هذا الذي رأيتُه في النهر؟ قال: آكل الربا» رواه البخاري (26). وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلّم آكل الرِّبا وموكلِه وكاتبه وشاهدهُ. وقال: هم سواء» رواه مسلم وغيره(27). وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «الرِّبا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل إتيان الرجل أمَّه». رواه الطبراني وله شواهد(2. وقد وردت أحاديث كثيرة في التحذير من الرِّبا وبيان تحريمه، وأنَّه من كبائر الذنوب وعظائمها. فليحذر المؤمن الناصح لنفسه من هذا الأمر العظيم، وليتب إلى الله تعالى قبل فوات الأوان وانتقاله عن المال، وانتقال المال إلى غيره فيكون عليه إثمه وغرمه ولغيره كسبه وغنمه. وليحذر من التحيُّل عليه بأنواع الحيل، لأنه إذا تحيَّل فإنما يتحيَّل على مَن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولن تفيده هذه الحيل، لأن الصور لا تغير الحقائق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب «إبطال التحليل» ص108: «... فيا سبحان الله العظيم، أيعود الرِّبا الذي قد عظَّم الله شأنه في القرآن وأوجب محاربة مستحلِّه، ولعن أهل الكتاب بأخذه، ولعن آكلهُ وموكلهُ وشاهدهُ وكاتبهُ، وجاء فيه من الوعيد ما لم يجأ في غيره إلى أن يستحلَ جمعه بأدنى سعي من غير كلفة أصلاً إلا بصورة عقد هي عبث ولعب يضحكُ منها ويُستهزأ بها.. أم يستحسنُ مؤمن أن ينسب نبيًّا من الأنبياء فضلاً عن سيد المرسلين، بل أن ينسب رب العالمين إلى أن يحرِّم هذه المحارم العظيمة ثم يُبيحُهَا بنوع من العبثِ والهزل الذي لم يقصدْ ولم يكنْ له حقيقة وليس فيه مقصود للمتعاقدين قط». وقال في ص137: «... وكلما كان المرءُ أفقه في الدين وأبصر بمحاسنه كان فراره من الحيل أشد، قال: وأظنُّ كثيراً من الحيل إنَّما استحلَّها من لم يفقه حكمة الشارع ولم يكن له بُد من التزام ظاهر الحكم، فأقام رسم الدين دون حقيقة، ولو هُدي إلى رشده لسلَّم لله ورسوله وأطاعَ الله ظاهراً وباطناً في كل أمره. أسأل الله تعالى أن يوقظ بمنِّه وكرمه عباده المؤمنين من هذه الغفلة العظيمة، وأن يقيهم شُحَّ أنفسهم ويهديهم صراطه المستقيم إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. -------------------------- (1)- البقرة الآية (282). (2)- ولا نرق إلى أن يكون التأجيل إلى وقت واحد أو إلى أوقات متعددة مثل أن يقول بعته عليك بكذا على أن يحل من ثمن كل شهر كذا وكذا... إلخ. (3)- رواه البخاري كتاب السلم (2240) ومسلم كتاب المساقاة (1604) وأبو داوود كتاب البيوع (3463) والترمذي كتاب البيوع (1311) والنسائي كتاب البيوع (4616) وابن ماجه كتاب التجارات (2280) وأحمد 1/217. (4)- مسند أحمد2/28 وسنن أبي داوود كتاب البيوع (3462). (5)- رواه البخاري كتاب بدء الوحي (1) ومسلم كتاب الإمارة (1907). (6)- سبق تخريجه. (7)- إرواء الغليل للألباني 5/1535. (- رواه البخاري كتاب البيوع (2236) ومسلم كتاب المساقاة (1581). (9)- رواه أبو داوود كتاب البيوع (3510) والترمذي كتاب البيوع (1285) وصححه والنسائي كتاب البيوع (4490) وابن ماجه كتاب التجارات (2243) وأحمد1/49. (10)- رواه أبو داوود كتاب البيوع (3503) والترمذي كتاب البيوع (1232) والنسائي كتاب البيوع (4613) وابن ماجه كتاب التجارات (2187) وصححه الألباني في الإرواء 5/1292. (11)- سنن أبي داوود كتاب البيوع (3499). (12)- رواه البخاري كتاب البيوع (2131) ومسلم كتاب البيوع (1527) وأبو داوود كتاب البيوع (349 والنسائي كتاب البيوع (4605-460 وابن ماجه كتاب التجارات (2229) وأحمد 2/7. (13- سورة آل عمران (130-132). (14)- سورة البقرة (280). (15)- رواه البخاري كتاب الحواله (2287) ومسلم كتاب المساقاة (1564) وأبو داوود كتاب البيوع (3345) والترمذي كتاب البيوع (130 والنسائي كتاب البيوع (468 وابن ماجه كتاب الصدقات (2404) وأحمد 2/71. (16)- سورة فاطر الآية (. (17)- سورة الكهف الآيتان (103-104). (1- سورة البقرة (282). (19)- سورة البقرة الآيتان (278-279). (20)- سورة البقرة الآية (275). (21)- سورة آل عمران (130-132). (22)- سورة النور الآية (63). (23)- سورة الروم الآية (39). (24)- سورة البقرة الآية (276). (25)- رواه البخاري كتاب الوصايا (2766) ومسلم كتاب الإيمان (89). (26)- صحيح البخاري كتاب الجنائز (1386). (27)- صحيح مسلم كتاب المساقاة (159 والبخاري بلفظ آخر كتاب اللباس (5962) (2- رواه الطبراني في الأوسط 1/143/1انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (1871) http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_16916.shtml
      ////////////////////////////////////////////
      مكتبة الخطب: 14-
      مواعظ عامة و مواضيع متفرقة

      التحذير من الربا
      إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرورأنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (الأحزاب:70) )يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:71) أما بعد أيها الناس إتقوا الله تعالى وأحذروا أسباب سخطه وعقابه إحذورا ما حذركم الله منه إن كنتم مؤمنين إحذروا الربا فإنه من أسباب لعنة الله ومغته إحذورا الربا فإنه من أسباب لعنة الله ومغته إحذروا الربا فإنه من أسباب لعنة الله ومغته إن الربا من أكبر الكبائر التي حذر الله عنها في كتابه وحذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته وأجمع المسلمون على تحريمه إسمعوا قول الله عز وجل )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (البقرة:27 )فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِه)(البقرة: من الآية279) من منكم يا أيها العباد الضعفاء من منكم يستطيع أن يعلن الحرب مع الله ورسوله؟ ) اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(البقرة: من الآية27 )فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)(البقرة: من الآية279) إن المرابي معلن بالحرب على الله ورسوله إسمعوا قول الله عز وجل )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران:130) )وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (آل عمران:131) )وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (آل عمران:132)واسمعوا قول الله عالم السر والجهر عالم ما كان وما سيكون إسمعوا قوله )الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:275) )يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (البقرة:276)إسمعوا هذه الآيات العظيمة وما تتضمنه من التحذير من الربا والوعيد عليه إسمعوا هذه الآيات وأفهموها وعوها ونفذوها فإن لم تفهموها فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون أو قارنوا ما قاله المفسرون فيها إن كنتم تقدرون فقد شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسير الآية الثالثة ذكر الله الظالمين أهل الربا والمعاملات الخبيثة وأخبر أنهم يجازون بحسب أعمالهم فكما كانوا في الدنيا في طلب كسب المكاسب الخبيثة كالمجانين عوقبوا في البرزخ والقيامة بأنهم لا يقومون من قبورهم لا يقومون من قبورهم يوم بعثهم ونشورهم إلا كما الذي يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أي من الجنون والصرع ولقد صدق شيخنا رحمه الله فإن المرابين كالمجانين لا يعون موعظة ولا يرعون عن معصية نسأل الله لنا ولهم الهداية والعافية ، أيها الناس هذا ما قاله ربكم وإلاهكم وأما ما قاله نبيكم صلى الله عليه وسلم فأسمعوا إلى ما صح عنه من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء رواه مسلم ، هولاء الخمسة ملعونون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه كاتبه وشاهداه لم ينتفعا به لكنهم أعانوا على ثبوته ورضوا به وقرروه ، إسمعوا ما صح عنه أي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ثمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه ورؤيه الأنبياء وحي رأى في منامه نهراً من دم فيه رجل قائم وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رماه الرجل الذي على شط النهر بحجر في فمه فرده حيث كان فجعل الرجل الذي في نهر الدم كلما جاء ليخرج رماه الرجل الذي على شط النهر بحجر في فمه فيرجع كما كان فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الرجل الذي مصرعاه في نهر الدم فقيل هذا آكل الربا رواه البخاري ، وأسمعوا ما رواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى ليلة إسري به على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم فقلت من هولاء يا جبريل . قال هولاء أكلة الربا ، وأسمعوا ما جاء في الحديث : (الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه) رواه الحاكم وله شواهد ، أيها المسلمون لقد بيّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته الربا أين يكون. وكيف يكون؟ بيّنه صلوات الله وسلامه عليه بياناً شافياً واضحا إلا لمن به مرض أو عمى لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يداً بيد فمن زاد أو إستزداد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء) ورواه مسلم ، وفي لفظ له (فإذا أختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) صلوات الله وسلامه على نبيه ما أبلغ كلامه وما أبينه وما أفصحه لقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنها هذه الأصناف الستة إذا بيع الشيء منها بمثله مثل أن يباع الذهب بالذهب فلا بد فيه من شرطين إثنين أحدهما أن يتساويا في الوزن والثاني أن يتقابض الطرفان في مجلس العقد فلا يتفرقا وفي ذمة أحدهما شيءٌ للآخر فلو باع شخصٌ ذهباً بذهب بذهب يزيد عليه وزنا ولو زيادة يسيره فهو ربا حرام والبيع باطل ولو باع ذهبا بذهب مثله في الوزن ولكن تفرقا قبل القبض فهو ربا حرام والبيع باطل وبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه الأصناف الستة إذا بيع أحدها بجنس آخر فلا بأس أن يكون أحدهما أكثر من الآخر ولكن لا بد من التقابض من الطرفين في مجلس العقد بحيث لا يتفرقان وفي ذمة أحدهما للآخر شيء فلو باع ذهب بفضة وتفرقا قبل القبض فهو ربا حرام والبيع باطل ، أيها الناس لقد كان التعامل سابقا بالذهب والفضة وأصبح التعامل الآن بالأوراق النقدية بدلا عنها والبدل له حكم المبدل فلا يجوز التفرق قبل القبض إذا أبدلت أوراقا نقدية بجنسها أو بغير جنسها فلو قلت لشخص خذ هذه الورقة ذات المائة أصرفها لي بورقتين ذواتي خمسين فإنه يجب عليك أن تسلم وتستلم قبل التفرق فإن تأخر القبض أن تسلم وتستلم قبل التفرق فإن تأخر القبض من الطرفين أو أحدهما فقد وقعا في الربا ولقد صار من المعلوم عند الناس صار من المعلوم عند الناس أنك لو أخذت من شخص مائة ريال من الورق النقدي بمائة وعشرة مؤجلة إلى سنة أو أقل أو أكثر لكان ذلك ربا وهذا حق فإن هذه المعاملة من الربا الجامع بين ربا الفضل وربا النسيئة فإن الربا المقصود هو الزريعة ولكن من المؤسف أن كثيرا من المسلمين صاروا يتحيلون على هذا الربا بأنواع من الحيل والحيلة أن يتوصل الشخص إلى الشيء المحرم بشيء ظاهره الحل فيستحل محارم الله بأدنى الحيل وإن الحيلة على محارم الله الحيلة على محارم الله أيها المسلم إنها خداع ومكر يخادع بها العبد ربه يخادع بها من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور أفيظن هذا المخادع الذي لاذ بخديعته أن أمره سيخفى على الله أفلا يقرأ قول الله عز وجل ) وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ)(البقرة: من الآية235) أليس في نيته وقرارة نفسه أنه يريد ما حرم الله ولكنه يسكوه بثوب من الخداع والمكر لا ينبغي إلا على مثله ممن جعل الله على بصره غشاوة ، أيها المسلمون أن الحيّل على الربا لا تزيد الربا إلا قبحا إنها تجمع بين مفسدتي الربا والخداع والمكر )يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (البقرة:9)إن الحيّل على الربا كثيرة ولكن أكثرها شيوعا بين الناس اليوم أن يبيع الرجل لشخص فيقول له إني أريد كذا وكذا من الدراهم فهل لك أن تدينني العشرة أحدى عشرة أو إثني عشرة أو أقل أو أكثر حسب ما يتفقان عليه ثم يذهب الطرفان إلى صاحب دكان عنده بضاعة مرصوصة معدة لتحصيل الربا قد يكون لها عدة سنوات إما خامٍ أو سكرٍ أو رزٍ أو .. أو غيرها مما يتفق عند صاحب الدكان أو يذهبان إلى صاحب معرض سيارات لم تكن داخلة في ملك المدين ولكنه يشتريها ليدين هذا الرجل كأنما أقرضه بربح أيظن هولاء أنهم خرجوا من الربا بمثل هذه الصورة؟ لا والله إنهم لا يشترون هذا شراء حقيقيا ولكنهم يشترونه شراءاًَ صورياًً لا حقيقياً أقول شراءهم صوريا لا حقيقيا لأنهم لم يقصدوا السلعة من الأصل بل لو وجدوا أي سلعة يقضون بها القرض لأشتروها ثم إن المشتري لا يقلب السلعة ولا يمحصها ولا يكاثر في الثمن وربما كانت السلعة معيبة أفسدها طول الزمن أو أكلتها الأرضة وهو لا يعلم ثم بعد هذا الشراء الصوري. يتصدى الصوري أيضا فيعدها وهو بعيد عنها وربما أدرك يده عليها تحقيقا للقصد كما يزعمون ثم يبيعوها على المدين بالربح الذي أشترطا عليه ولا أدري هل يتصدى المدين لقرضها ذلك القرض الصوري قبل بيعها على صاحب الدكان ، فإذا أشتراها صاحب الدكان سلم للمدين الدراهم وخرج بها قال شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله وناهيك به حفظا علما وفهما ودينا وثقة وأمانة قال شيخ الإسلام رحمة الله عليه في الصفحة السابعة بعد المائة من كتاب إصدار التحليل لقد بلغني أن من الباعة من أعدّ بزا لتحليل الربا والبز نوع من القماش فإذا جاء الرجل إلى من يريد أن يأخذ منه ألفا بألف ومائتين ذهبا إلى ذلك المحلل وأشترى منه المعطي ذلك البز ثم يعيده للآخذ ثم يعيده الآخذ إلى صاحبه وقال فيه أيضا فيا سبحان الله العظيم أيعود الربا أيعود الربا الذي قد عظّم الله شأنه في القرآن وأوجب محارب مستحله ولعن آكله ومؤكله وكاتبه وشاهديه وجاء فيه من الوعيد ما لم يجي في غيره إلى أن يستحل بأدنى شأن من غير كلفة أصلا إلا بصور عقد هي عبث ولعب وقد ذكر شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله هذه المسألة أيضا في الفتاوي جمع بن قاسم في الصفحة الحادية والأربعين بعد الأربعمائة في المجلد التاسع والعشرين وقال هي من الربا الذي لا ريب فيه مع أنه ذكر في مسألة التورق قولين لأهل العلم هل تجوز أم لا تجوز وإن كثيرا من الناس اليوم في هذا العصر يظنون أن مثل هذه الصورة من مسائل التورق ولكنها عند التأمل والتحقبق ليست من مسألة التورق بل هي بعيدة عنها فليتأمل المؤمن بالله الخائف من عقابه الراضي لثوابه ، أيها الأخوة المسلمين إن هذه الحيلة من الربوية التي شاعت بين الناس تتضمن محاذير عديدة الأول أنها خداع ومكر وتحيل على محارم الله والحيلة لا تحلل الحرام ولا تسقط الواجب ولقد قال بعض السلف إن أهل الحيّل يخادعون الله كما يخادعون الصبيان لو أتوا الأمر على وجهه لكان أهون ، المحظور الثاني أنها توجب التمادي في الباطل فإن هذا المتحيل يرى أن عمله صحيح ولذلك يعبرون بقولهم إذهب ليصحح فهم يرون أن أعمالهم صحيحة فيتمادى الإنسان فيه أما من أتى الأمر الصريح فإنه يشعر أنه وقع في هلكة فيخجل ويستحي من ربه ويحاول أن يرجع من ذنبه ويتوب إلى ربه ، المحظور الثالث أن هذه السلعة تباع في محلها بدون قبض ولا نقل وهذا معصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع يعني في المكان الذي أشتريت فيه حتى يحوزها التجار إلى رحابهم رواه أبو داؤود والدار قطني ويشهد له حديث بن عمر رضي الله عنهما قال كان الناس يتبايعون الطعام جزافاً بأعلى السوق فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى ينقلوه رواه البخاري وقد يتعلل بعض الناس فيقول أن عد هذه الأكياس قبض لها فنقول له إذا قدرنا أنه قبض فهل هو نقل وحياذة والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع حتى تحاذ إلى الرحاب ثم هل جاء في السنة أن مجرد العد قبض إن القبض هو أن يكون الشيء في قبضتك وذلك بحياذته إلى محله بالإضافة إلى عده أو كيله أو وزنه إن كان يحتاج لذلك ، فيا عباد الله إتقوا الله تعالى وأحظورا التحيل على محارمه وأعدلوا عن المعاملات الحرام إلى المعاملات الحلال إما بطريق الإحسان إلى المحتاجين بإقراضهم وما أعظم فضل القرض أي بتسليفهم فإن السلف فيه أجر عظيم لو لم يكن فيه إلا أنه من الإحسان والله يحب المحسنين ، وإما بالسلم الذي تسمونه .. تعطون دراهم بسلعة في ذمته يسلمها لكم وقت حلولها فتقولوا مثلا هذه مائة ألف هذه مائة ألف بعشرة سيارات نوعها كذا و كذا تعطينا إياها بعد سنة فهذا لا بأس به وقد كان الصحابة يتعاملون به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإن في بيع السلعة التي يحتاجها بعينها إذا كان يحتاج لسلعة معينة كفلاح يحتاج لمكينة وهي عندك فتيبيعها عليه بثمن مؤجل أكثر من ثمنها حاضرا وكشخص محتاج لسيارة للأجرة أو غيرها فهي عندك فتبيعها عليه بثمن مؤجل أكثر من ثمنها حاضرا وهذا ما يعرف الآن ببيع التقسيط وهو حلال جائز فإذا كان عندك سيارة وجاء رجل وقلت له خذ هذه بعشرة آلاف نقدا أو إثني عشرة ألفا إلى سنة فإن هذا لا بأس به لكن بشرط أن لا ينصرف وإلا قد تقرر العقد بأنه حال أو مؤجل حتى لا يحصل إختلاف بعد ذلك ولا فرق بين أن تبيعها عليه بثمن مؤجل لا تقبض منه شيئا إلا عند حلول الأجل أو بثمن مؤجل تأخذ منه كل شهر قسطا فإن هذا جائز لأن هذا الرجل إنما يريد السلعة بعينها وهي عندك حاضرة ومثل هذا أي بيع الشيء بثمن مؤجل أكثر منه بثمن حاضر هذا أمر لا خلاف في جوازه والمعاملات البديلة عن تلك المعاملات المحرمة التي أشرنا إليها سابقا المعاملات البديلة عنها كثيرة ولله الحمد ومن أراد إستيضاحها فليسأل عنها أهل العلم حتى يكون على بصيرة من أمره ، اللهم إني أسالك في مقامي هذا أن توفقني والحاضرين للهدى والتقى والعفاف والغني اللهم أحمنا مما يغضبك علينا ووفقنا لما يرضيك عنا اللهم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك إنت الوهاب اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له الولي المقتدر وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من بشر وأنذر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم المحشر وسلم تسليما... أما بعد أيها الناس فإني إني سائلكم سؤالا قد أكون أعرف جوابه إني سائلكم هل خلد أحد للمال أو خلّد المال له؟ إن الجواب واضح بيّن لكل إنسان إنه لم يخلّد أحد للمال ولم يخلد المال لأحد )كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) (الرحمن:26)(وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) (الرحمن:27) ) كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(القصص: من الآية8 نحن جميعا نؤمن بذلك نحن جميعا نؤمن بأن لله وحده الحكم نحن جميعا نؤمن بأنه إليه وحده الرجوع نحن نؤمن جميعا بأنه الذى يتولى حساب خلقه )فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (النحل:82) )إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ) (الغاشية:25) )ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) (الغاشية:26)إذا كنا مقرين بهذه الحقائق فلماذا كنا نسمع الذكر ونسمع المواعظ ونسمع ما حرم الله ورسوله بل ما حذر الله منه ورسوله بل ما رتب الله عليه العقوبة في الدنيا و الآخرة ثم نتمادى في تلك المعاصي أليس والله هذا من السفه العظيم )إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (النور:51) )وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (النور:52)أتريدون أن يفوتكم الفلاح والفوز بمعاصيكم يا عباد الله ؟ إنه لا يريد ذلك إلا من سفه نفسه فيا أيها المؤمن بالله ورسوله أتق ربك لا تتعامل لأخوانك ولا تتعامل إلا بما يحبه الله ويرضاه وبما أذن لك من المعاملات فإنك مسؤول عن ذلك وأسال المرابين الذين يكسدون وراءهم الأموال الطائلة هل تنفعهم إذا دفنوا في قبورهم؟ لا والله لا تنفعهم إنما يستحقون بها لعنة إنما يقومون بها من قبورهم يوم القيامة يوم يقوم الأشهاد يوم يشهد الجن والإنس والملائكة يوم ينزل الرب للقضاء بين عباده يقومون كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس بل كالمصروعين بين العامة والعياذ بالله إتقوا الله في نفسك يا أخي وتب إلى ربك فإن من تاب إلى الله توبة نصحوا تقبل الله توبته ) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(البقرة: من الآية222) واعلم يا أخي إعلم يا أخي أن من ثمرات أكل الحرام أن الرجل يبعد أن يستجيب الله دعوته ولو فعل ما فعل من أسباب الإجابة لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى )يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحا)(المؤمنون: من الآية51) وقال تعالى )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة:172)ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب وملبسه حرام ومطعمه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ، هذه أربعة أسباب كلها من أسباب إجابة الدعاء ومع ذلك إستبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجاب لهذا الداعي لأن مطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك والمرابي الذي لا يتخذ إلا الربا مطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام ومسكنه الذي بناه من هذ المكسب حرام فأنى يستجاب له ، يا عباد الله إنني لا أريد أن تستمعوا إلى هذه الموعظة وأنها خطبة رنانة أو مفيدة فقط ولكنني أريد منكم أن تستفيدوا أريد منكم أن تتعظوا أريد منكم أن تكونوا كما قال الله تعالى عن المؤمنين )ِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)(البقرة: من الآية285) وأسأل الله تعالى ..
      http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_400.shtml

      تعليق


      • #4
        رد: بحث متجدد لامر التور و ربا العينة لثلة من المشايخ



        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	headr1.png 
مشاهدات:	1 
الحجم:	205.6 كيلوبايت 
الهوية:	172601

        سيرة الشيخ

        محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني
        نشأته
        * ولد الشيخ محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني عام 1333 ه الموافق 1914 م في مدينة أشقودرة عاصمة دولة ألبانيا - حينئذ - عن أسرة فقيرة متدينة يغلب عليها الطابق العلمي، فكان والده مرجعاً للناس يعلمهم و يرشدهم
        * هاجر صاحب الترجمة بصحبة والده إلى دمشق الشام للأقامة الدائمة فيها بعد أن انحرف أحمد زاغو (ملك ألبانيا) ببلاده نحو الحضارة الغربية العلمانية
        * أتم العلامة الألباني دراسته الإبتدائية في مدرسة الإسعاف الخيري في دمشق بتفوق
        * نظراً لرأي والده الخاص في المدارس النظامية من الناحية الدينية، فقد قرر عدم إكمال الدراسة النظامية ووضع له منهجاً علمياً مركزاً قام من خلاله بتعليمه القرآن الكريم، و التجويد، و النحو و الصرف، و فقه المذهب الحنفي، و قد ختم الألباني على يد والده حفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، كما درس على الشيخ سعيد البرهاني مراقي الفلاح في الفقه الحنفي و بعض كتب اللغة و البلاغة، هذا في الوقت الذي حرص فيه على حضور دروس و ندوات العلامة بهجة البيطار
        * أخذ عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادها حتى صار من أصحاب الشهرة فيها، و أخذ يتكسب رزقه منها، وقد وفرت له هذه المهنة وقتاً جيداً للمطالعة و الدراسة، و هيأت له هجرته للشام معرفة باللغة العربية و الإطلاع على العلوم الشرعية من مصادرها الأصلية
        توجهه إلى علم الحديث و اهتمامه به
        على الرغم من توجيه والد الألباني المنهجي له بتقليد المذهب الحنفي و تحذيره الشديد من الاشتغال بعلم الحديث، فقد أخذ الألباني بالتوجه نحو علم الحديث و علومه، فتعلم الحديث في نحو العشرين من عمره متأثراً بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا (رحمه الله) و كان أول عمل حديثي قام به هو نسخ كتاب - المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار- للحافظ العراقي (رحمه الله) مع التعليق عليه
        كان ذلك العمل فاتحة خير كبير على الشيخ الألباني حيث أصبح الاهتمام بالحديث و علومه شغله الشاغل، فأصبح معروفاً بذلك في الأوساط العلمية بدمشق، حتى إن إدارة المكتبة الظاهرية بدمشق خصصت غرفة خاصة له ليقوم فيها بأبحاثه العلمية المفيدة، بالإضافة إلى منحه نسخة من مفتاح المكتبة حيث يدخلها وقت ما شاء، أما عن التأليف و التصنيف، فقد ابتدأهما في العقد الثاني من عمره، و كان أول مؤلفاته الفقهية المبنية على معرفة الدليل و الفقه المقارن كتاب - تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد - و هو مطبوع مراراً، و من أوائل تخاريجه الحديثية المنهجية أيضاً كتاب - الروض النضير في ترتيب و تخريج معجم الطبراني الصغير- و لا يزال مخطوطاً
        كان لإشتغال الشيخ الألباني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أثره البالغ في التوجه السلفي للشيخ، و قد زاد تشبثه و ثباته على هذا المنهج مطالعته لكتب شيخ الإسلام ابن تيميه و تلميذه ابن القيم و غيرهما من أعلام المدرسة السلفية
        حمل الشيخ الألباني راية الدعوة إلى التوحيد و السنة في سوريا حيث زار الكثير من مشايخ دمشق و جرت بينه و بينهم مناقشات حول مسائل التوحيد و الإتباع و التعصب المذهبي و البدع، فلقي الشيخ لذلك المعارضة الشديدة من كثير من متعصبي المذاهب و مشايخ الصوفية و الخرافيين و المبتدعة، فكانوا يثيرون عليه العامة و الغوغاء و يشيعون عنه بأنه "وهابي ضال" و يحذرون الناس منه، هذا في الوقت الذي وافقه على دعوته أفاضل العلماء المعروفين بالعلم و الدين في دمشق، و الذين حضوه على الاستمرار قدماً في دعوته و منهم، العلامة بهجت البيطار، الشيخ عبد الفتاح الإمام رئيس جمعية الشبان المسلمين في سوريا، الشيخ توفيق البزرة، و غيرهم من أهل الفضل و الصلاح (رحمهم الله)
        نشاط الشيخ الألباني الدعوي
        :نشط الشيخ في دعوته من خلال
        أ) دروسه العلمية التي كان يعقدها مرتين كل أسبوع حيث يحضرها طلبة العلم و بعض أساتذة الجامعات و من الكتب التي كان يدرسها في حلقات علمية
        فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب
        أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف
        الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير شرح احمد شاكر
        منهاج الإسلام في الحكم لمحمد أسد
        فقه السنه لسيد سابق
        ب) رحلاته الشهريه المنتظمة التي بدأت بأسبوع واحد من كل شهر ثم زادت مدتها حيث كان يقوم فيها بزيارة المحافظات السورية المختلفه، بالإضافة إلى بعض المناطق في المملكة الأردنية قبل استقراره فيها مؤخراً، هذا الأمر دفع بعض المناوئين لدعوة الألباني إلى الوشاية به عند الحاكم مما أدى إلى سجنه
        صبره على الأذى .... و هجرته
        في أوائل 1960م كان الشيخ يقع تحت مرصد الحكومة السوريه، مع العلم أنه كان بعيداً عن السياسة، و قد سبب ذلك نوعاً من الإعاقة له. فقد تعرض للإعتقال مرتين، الأولى كانت قبل 67 حيث اعتقل لمدة شهر في قلعة دمشق وهي نفس القلعة التي اعتقل فيها شيخ الاسلام (ابن تيمية)، وعندما قامت حرب 67 رأت الحكومة أن تفرج عن جميع المعتقلين السياسيين
        لكن بعدما اشتدت الحرب عاد الشيخ إلى المعتقل مرة ثانية، و لكن هذه المرة ليس في سجن القلعة، بل في سجن الحسكة شمال شرق دمشق، و قد قضى فيه الشيخ ثمانية أشهر، و خلال هذه الفترة حقق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري و اجتمع مع شخصيات كبيرة في المعتقل
        أعمال ... انجازات ... جوائز
        :لقد كان للشيخ جهود علمية و خدمات عديدة منها
        كان شيخنا- رحمه الله - يحضر ندوات العلامة الشيخ محمد بهجت البيطار - رحمه الله - مع بعض أساتذة المجمع العلمي بدمشق، منهم عز الدين التنوحي- رحمه الله - إذ كانوا يقرؤن "الحماسة" لأبي تمام
        اختارته كلية الشريعة في جامعة دمشق ليقوم بتخريج أحاديث البيوع الخاصة بموسوعة الفقه الإسلامي، التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955 م
        اختير عضواً في لجنة الحديث، التي شكلت في عهد الوحدة بين مصر و سوريا، للإشراف على نشر كتب السنة و تحقيقها
        طلبت إليه الجامعة السلفية في بنارس "الهند" أن يتولى مشيخة الحديث، فاعتذر عن ذلك لصعوبة اصطحاب الأهل و الأولاد بسبب الحرب بين الهند و باكستان آنذاك
        طلب إليه معالي وزير المعارف في المملكة العربية السعودية الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ عام 1388 ه ، أن يتولى الإشراف على قسم الدراسات الإسلامية العليا في جامعة مكة، وقد حالت الظروف دون تحقيق ذلك
        اخير عضواً للمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من عام 1395 هـ إلى 1398 هـ
        لبى دعوة من اتحاد الطلبة المسلمين في أسبانيا، و ألقى محاضرة مهمة طبعت فيما بعد بعنوان : الحديث حجة بنفسه في العقائد و الأحكام
        زار قطر و ألقى فيها محاضرة بعنوان: منزلة السنة في الإسلام
        انتدب من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله رئيس إدارة البحوث العلمية و الإفتاء للدعوة في مصر و المغرب و بريطانيا للدعوة إلى التوحيد و الاعتصام بالكتاب و السنة و المنهج الإسلامي الحق
        دعي إلى عدة مؤتمرات، حضر بعضها و اعتذر عن كثير بسبب أشغالاته العلمية الكثيرة
        زار الكويت و الإمارات و ألقى فيهما محاضرات عديدة، وزار أيضا عدداً من دول أوروبا، و التقى فيها بالجاليات الإسلامية و الطلبة المسلمين، و ألقى دروساً علمية مفيدة
        للشيخ مؤلفات عظيمة و تحقيقات قيمة، ربة على المئة، و ترجم كثير منها إلى لغات مختلفة، و طبع أكثرها طبعات متعددة و من أبرزها، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، وسلسلة الأحاديث الصحيحة و شيء من فقهها و فوائدها، سلسلة الأحاديث الضعيفة و الموضوعة و أثرها السيئ في الأمة، وصفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
        و لقد كانت قررت لجنة الإختيار لجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية من منح الجائزة عام 1419ه / 1999م ، و موضوعها " الجهود العلمية التي عنيت بالحديث النبوي تحقيقاً و تخريجاً و دراسة" لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني السوري الجنسية، تقديراً لجهوده القيمة في خدمة الحديث النبوي تخريجاً و تحقيقاً ودراسة و ذلك في كتبه التي تربو على المئة
        قالوا عن الشيخ
        سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: ما رأيت تحت أديم السماء عالماً بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني، وسئل سماحته عن حديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم-: "ان الله يبعث لهذه الأمه على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" فسئل من مجدد هذا القرن، فقال -رحمه الله-: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو مجدد هذا العصر في ظني والله أعلم
        فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد: لقد كان رحمه الله من العلماء الأفذاذ الذين أفنوا أعمارهم في خدمة السنة و التأليف فيها و الدعوة إلى الله عز و جل و نصرة العقيدة السلفية و محاربة البدعة، و الذب عن سنة الرسول- صلى الله عليه و سلم- و هو من العلماء المتميزين، و قد شهد تميزه الخاصة و العامة. و لاشك أن فقد مثل هذا العالم من المصائب الكبار التي تحل بالمسلمين. فجزاه الله خيراً على ما قدم من جهود عظيمة خير الجزاء و أسكنه فسيح جناته
        العلامة محمد بن صالح العثيمين: فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل، أنه حريص جداً على العمل بالسنة، و محاربة البدعة، سواء كان في العقيدة أم في العمل، أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك، و أنه ذو علم جم في الحديث، رواية و دراية، و أن الله تعالى قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس، من حيث العلم و من حيث المنهاج و الاتجاه إلىعلم الحديث، و هذه ثمرة كبيرة للمسلمين و لله الحمد، أما من حيث التحقيقات العلمية الحديثية فناهيك به
        العلامة المفسر محمد الأمين الشنقيطي: يقول الشيخ عبد العزيز الهده : ان العلامه الشنقيطي يجل الشيخ الألباني إجلالاً غريباً، حتى إذا رآه ماراً وهو في درسه في الحرم المدني يقطع درسه قائماً ومسلماً عليه إجلالاً له
        الشيخ عبد الله العبيلان: أعزي نفسي و إخواني المسلمين في جميع أقطار الأرض بوفاة الإمام العلامة المحقق الزاهد الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، و في الحقيقة الكلمات تعجز أن تتحدث عن الرجل، ولو لم يكن من مناقبه إلا أنه نشأ في بيئة لا تعد بيئة سلفية، و مع ذلك صار من أكبر الدعاة إلى الدعوة السلفية و العمل بالسنة و التحذير من البدع لكان كافياً، حتى أن شيخنا عبد الله الدويش و الذي يعد من الحفاظ النادرين في هذا العصر و قد توفي في سن مبكرة، يقول رحمه الله : منذ قرون ما رأينا مثل الشيخ ناصر كثرة إنتاج وجودة في التحقيق، ومن بعد السيوطي إلى وقتنا هذا لم يأت من حقق علم الحديث بهذه الكثرة و الدقة مثل الشيخ ناصر
        وصية العلامة الألباني لعموم المسلمين
        إن الحمد لله نحمده ونستعينه و نستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله .. وبعد
        فوصيتي لكل مسلم على وجه الأرض و بخاصة إخواننا الذين يشاركوننا في الإنتماء إلى الدعوة المباركة دعوة الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح
        أوصيهم و نفسي بتقوى الله تبارك و تعالى أولاً، ثم بالإستزادة بالعلم النافع، كما قال تعالى ( واتقوا الله و يعلمكم الله ) و أن يعرفوا عملهم الصالح الذي هو عندنا جميعاً لا يخرج عن كونه كتاب و سنة، و على منهج السلف الصالح، و أن يقرنوا مع عملهم هذا و الاستزادة منه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا العمل بهذا العلم، حتى لا يكون حجة عليهم، وإنما يكون حجة لهم يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أحذرهم من مشاركة الكثير ممن خرجوا عن المنهج السلفي بأمور كثيرة.. و كثيرة جداً، يجمعها كلمة "الخروج" على المسلمين و على جماعتهم، و إنما نأمرهم بأن يكونوا كما قال - عليه الصلاة و السلام - في الحديث الصحيح:" وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله تبارك و تعالى" و علينا - كما قلت في جلسة سابقة وأعيد ذلك مرة أخرى- و في الإعادة إفادة، و علينا أن نترفق في دعوتنا المخالفين إليها، و أن تكون مع قوله تبارك و تعالى دائما و أبداً ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن) و أول من يستحق أن نستعمل معه هذه الحكمة هو من كان أشد خصومة لنا في مبدئنا و في عقيدتنا، حتى لا نجمع بين ثقل دعوة الحق التي امتن الله عز و جل بها علينا و بين ثقل أسلوب الدعوة إلى الله عز و جل، فأرجو من إخواننا جميعاً في كل بلاد الإسلام أن يتأدبوا بهذه الآداب الإسلامية، ثم أن يبتغوا من وراء ذلك وجه الله عز و جل، لا يريدون جزاءً و لا شكوراً
        آخر وصية للعلامة المحدث
        أوصي زوجتي و أولادي و أصدقائي وكل محب لي إذا بلغه وفاتي أن يدعو لي بالمغفرة و الرحمة - أولاً- وألا يبكون علي نياحة أو بصوت مرتفع
        وثانياً: أن يعجلوا بدفني، و لا يخبروا من أقاربي و إخواني إلا بقدر ما يحصل بهم واجب تجهيزي، وأن يتولى غسلي (عزت خضر أبو عبد الله) جاري و صديقي المخلص، ومن يختاره - هو- لإعانته على ذلك
        وثالثاً: أختار الدفن في أقرب مكان، لكي لا يضطر من يحمل جنازتي إلى وضعها في السيارة، و بالتالي يركب المشيعون سياراتهم، وأن يكون القبر في مقبرة قديمة يغلب على الظن أنها سوف لا تنبش
        و على من كان في البلد الذي أموت فيه ألا يخبروا من كان خارجها من أولادي - فضلاً عن غيرهم- إلا بعد تشييعي، حتى لا تتغلب العواطف، و تعمل عملها، فيكون ذلك سبباً لتأخير جنازتي
        سائلاً المولى أن ألقاه و قد غفر لي ذنوبي ما قدمت و ما أخرت..
        وأوصي بمكتبتي- كلها- سواء ما كان منها مطبوعاً، أو تصويراً، أو مخطوطاً- بخطي أو بخط غيري- لمكتبة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، لأن لي فيها ذكريات حسنة في الدعوة للكتاب و السنة، و على منهج السلف الصالح -يوم كنت مدرساً فيها-.
        راجياً من الله تعالى أن ينفع بها روادها، كما نفع بصاحبها -يومئذ- طلابها، وأن ينفعني بهم و بإخلاصهم و دعواتهم
        ه(رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي و أن أعمل صالحاً ترضاه و أصلح لي في ذريتي إني تبت إليك و إني من المسلمين)ه
        27 جمادى الأول 1410 هـ
        وفاته
        توفي العلامة الألباني قبيل يوم السبت في الثاني و العشرين من جمادى الآخرة 1420ه، الموافق الثاني من أكتوبر 1999م، و دفن بعد صلاة العشاء
        و قد عجل بدفن الشيخ لأمرين اثنين
        الأول: تنفيذ و صيته كما أمر
        الثاني: الأيام التي مر بها موت الشيخ رحمه الله و التي تلت هذه الأيام كانت شديدة الحرارة، فخشي أنه لو تأخر بدفنه أن يقع بعض الأضرار أو المفاسد على الناس الذين يأتون لتشييع جنازته رحمه الله فلذلك أوثر أن يكون دفنه سريعاً
        بالرغم من عدم إعلام أحد عن وفاة الشيخ إلا المقربين منهم حتى يعينوا على تجهيزه و دفنه، بالإضافه إلى قصر الفترة ما بين وفات الشيخ و تدفنه، إلا أن آلاف المصلين قد حضروا صلاة جنازته حيث تداعى الناس بأن يعلم كل منهم أخاه
        المصدر: الثمر الداني بجمع ثناء أهل العلم على الشيخ الألباني
        برنامج تراجم مختصرة لعلماء هذا العصر
        http://www.alalbany.net/
        //////////////////////////////////////////////////////////////////
        حكم بيع التورق
        رقم السؤال4 :
        رقم الشريط :733
        السلسة : الهدى و النور
        التوقيت :(00:35:05)

        س / ما حكم بيع التورق (معناه أن يشتري الرجل بضاعة من غير نقد من التاجر وهو يريد النقد ثم يبيعها لغير التاجر نقدا بثمن أقل) .؟
        الجواب
        الحقيقة هذه التسمية هي كتسمية الربا بالفائدة،التورق اسم مبتدع، أما الذيسماه الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث السابقفهو العينة، والصورةكما سمعتم: رجل يريد مالاً، ولتفكك عرى المودةوالمحبة بين المسلمين فلايجد هذا المسلم من يقرضه قرضاً حسناً، فيذهب لايريد أن يذهب إلى البنك؛لأن هذا ربا مكشوف، أن يأخذ -مثلاً- ألفاً علىأساس أن يوفيها بعد مدةمسماة ألفاً ومائة أو أقل أو أكثر، وإنما يذهب عندالتاجر فيشتري منه حاجةبألف ليس بالنقد، وإنما كما يقولون اليوم: بالتقسيط، ثم بعد أن يشتريهابألف يعود فيبيعها للبائع له بثمانمائة،فيسجل عليه المقدار الذي اشتراه منقبل بألف وزيادة، ويأخذ مقابل الألفوزيادة ثمانمائة، هذا ربا، ويصح لي أنأقول: ألعن من الربا، لماذا؟ لأنالفرق شاسع جداً، ففي البنك تأخذ مائةعلى أن توفي مائة وخمسة أو مائةوعشرة، أما هنا فالفرق باهظ جداً، فهذاالنوع من الاحتيال على ما حرمالله عز وجل، ولذلك فبيع العينة أوالتورق هذا أشد حرمة من الربا المكشوف، لا نريد أن نبيح الربا المكشوف فهوملعونكما سمعتم وحسبه إثماً، لكن الاحتيال على أكل الربا تلحق بصاحبهلعنة أخرى؛لأنه:
        أولاً:يأكل الربا، فهو ملعون بنص الحديث السابق.
        ثانياً:يحتال على أكل الربا، وهذه لعنةأخرى، من أين جاءت هذه اللعنة؟ من قوله عليه الصلاة والسلام: ( لعنالله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإنالله إذاحرم أكل شيء حرم ثمنه ) الحديث أولاً: يشير إلى عقوبة كانالله عز وجلفرضها على اليهود بسبب ظلمهم لأنفسهم، وتعديهم على شريعة ربهم،من ذلك كماقال عز وجل: { فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَاعَلَيْهِمْطَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } [النساء:160] حرمالله على اليهود بسببظلمهم، وقتلهم الأنبياء بغير حق، حرم عليهم أشياء هي فيأصلها حلال، قالتعالى: { فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَاعَلَيْهِمْطَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } [النساء:160]، منها الشحوم،فقال عليهالصلاة والسلام في الحديث السابق: ( لعنالله اليهود، حرمت عليهم الشحومفجملوها ) ما معنى جملوها؟ أي: أذابوها،وضعوها في القدور وأوقدوا النار منتحتها فساخت وذابت، فصارت في شكل آخرغير الشكل الأول، زين لهم الشيطانبأن تغيير الشكل يخرج المحرم إلى دائرةالحلال، وهذا لعب على الأحكامالشرعية واحتيال عليها، لذلك قال عليهالصلاة والسلام: ( لعنالله اليهود،حرمت عليهم الشحوم فجملوها -أي أذابوها- ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإنالله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ).
        إذاً: أكل الربا محرم، والاحتيال على أكل الربا محرم مرة أخرى، وآكل الرباملعون، والمحتال على أكل الربا ملعون مرة أخرى، لذلك فالتورق هذا أو بيعالعينة لا يجوز مضاعفةً
        أولاً: لأنه يطعم الربا، وذلك البائع يأكل الربا.
        وثانياً: لأنهما تواطأ واتفقا على استحلال ما حرم الله، فوقعا في نفس الحيلة التي وقعت اليهود فيها من قبل.
        http://www.fatwaweb.com/fatawa/details_hdr.cfm?id=19620
        ///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
        رقم السؤال :
        رقم الشريط : 665
        السلسة : الهدى و النور
        التوقيت : 30 : 29

        بسم الله الرحمن الرحيم

        حكم شراء سيارة من البنك الإسلامي ـ لفضيلة الشيخ الألباني - رحمه الله

        السائل : سلام عليكم
        الشيخ : عليكم السلام
        السائل :الله يعطيك العافية
        الشيخ : الله يعافيك
        السائل : بدي أسألك سيدي ، اشتريت سيارة من البنك بخمسة ألاف دينار وبدفعثمن السيارة خمسة ألاف دينار هو راح اشتراها بنفس الثمن وباع لي إياها بستةألاف دينار هل هذا جائز أم لا ؟
        الشيخ : ربا
        السائل : ربا ؟
        الشيخ : نعم
        السائل : فيه تفصيل شوية
        الشيخ : لا ما فيه تفصيل والرسول يقول لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبهوشاهديه لا يجوز أنت أن تشتري بهذه الطريقة ولا يجوز للبنك الإسلامي أنيبيع بهذه الطريقة لأنه هذه إذا بدك تفصيل : مثل إذا رحت عند البنك قلت لهأعطيني أربعة ألاف بدي أشتري سيارة بيقولك بدي أعطيك أربعة ألاف بدي آخذخمسة ألاف ، هذا ربا مكشوف . بيقولك لا أنا رجل منظوم لا آكل ربا ، لكن روحأنت خذ السيارة ونحنا بنبيعك إياها بـ خمسة ألاف شو الفرق بين الصورةالواقعة والصورة اللي بيترفعوا عنها ؟
        السائل : غيرو لها اسمها
        الشيخ : يسمونها بغير اسمها
        السائل : بارك الله فيك
        الشيخ : وفيك بارك
        ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
        المصدر:
        http://www.alalbany.net/2263
        //////////////////////////////////////////////////////////

        رقم السؤال :28
        رقم الشريط : 406
        السلسة : الهدى و النور
        التوقيت :01:07:15
        س: ما حكم التورق والبيع بالتقسيط ؟
        الشيخ : لا ، البلاد هذه يتوسعون فى المسألة توسع غير محمود
        السائل: ماعرفنا ليه
        الشيخ : لأن فيها تعاون على المنكر اليس كذلك ؟
        السائل : فيها استغلال ، فيها دخول إلى باب الربا
        الشيخ : هذا هو ، تعاون على المنكر والله يقول (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)) كل شىء فيه تعاون على المنكر لا يجوز لأنه يُعطى للسبب حكم المسبب
        السائل: وندرسه فى المدارس بأنه جائز
        الشيخ : كنت ولاأزال أظن بك غير ذلك الذى سمعته الأن ههههه ، مادام أنت معى أن التعاون على المنكر لا يجوز ، فلجأك إلى مذهب أحمد إن صح ، هذا يفيدنا فى الموضوع
        السائل : أنا ما لجئت إلى مذهب أحمد، أنا أبين لك ماهو الواقع
        الشيخ : أنا عارف الواقع لذلك قلت لك أهل هذه البلاد ، ربنا عز وجلتفضل علينا بكثير من النعم ليس المادية فقط التى يعرفها حتى ماليس فىالعير ولا فى النفير ، ولكن حتى فى النعم المعنوية الدينية ، لكن مع ذلكهناك شوائب تختلط هذه الخيرات ، منها التوسع فى بيع التقسيط والتوسعفى التورق هذا ونحو ذلك .
        http://www.alalbany.net/1715
        ///////////////////////////////
        رقم السؤال :15
        رقم الشريط :518
        السلسة : الهدى و النور
        التوقيت : (00:45:10).
        15- شرح حديث: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ فِيِ سَبِيلِ اللهِ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ عَنْكُمْ؛ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)). وتعريف بيع العِينة.

        نأتي إلى حكم آخر: الرِّبا مجمعٌ على تحريمه بين علماء المسلمين، بدلالة الكتاب والسنة الصحيحة وإجماع الأمة، ما رأيكم؟
        أيضًا -أرجو أن يكون الجواب بشيء من الدقة- أكثر التجار -أو لنقل: -قبل ما نحدد أكثر وأقل- تجار المسلمين اليوم هل فيهم من لا يتعاطَّى الرِّبا؟
        السائل:
        لا، ما يوجد!
        الشيخ: يمكن يقول قائل: أنه أكثرهم يتعاطى.
        السائل:
        لا، يا شيخ! لا أحد
        الشيخ: ها؟
        السائل:
        لا أحد ينجو.
        الشيخ:
        لا أحد ينجو، هذه هي الحقيقة.
        إذن، لماذا؟ في سبب ثاني إذن.
        نحن قلنا -جوابًا عن سؤال الأخ: بماذا تنصح؟-: بالعلم والعمل. هؤلاء التجار يعلمون أن الرِّبا محرم؛ ولكنهم لا يعملون بما يعلمون، لماذا؟ لأنه حُقَّ فيهم قول نبيهم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: ((سَتَدَاعَى عَلَيْكُم الأُمَمُ)) وهذا تَمثَّل أخيرًا مع الأسف بالحرف الواحد: ((سَتَدَاعَى عَلَيْكُم الأُمَمُ، كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا))؛ قَالُوا: أَوَ مِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ!؟ قَالَ: ((لاَ؛ بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ؛ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ الرَّهْبَةَ مِنْ صُدُورِ أَعْدَئِكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِى قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ))؛ قَالُوا: وَمَا الْوَهَنُ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: ((حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)).
        لماذا أكثر التُّجَّار -خلينا نقول: مش كلهم التُّجَّار- لماذا أكثر التُّجَّار يتعاملون بالرِّبا؟ تحكَّم في قلوبهم حبُّ الدنيا، وكراهية الموت؛ كأنهم مخلَّدون في الدنيا.
        جاء الحديث الآخر يوضِّح الموضوع بصورة أكثر؛ فيقول: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ فِيِ سَبِيلِ اللهِ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ عَنْكُمْ؛ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)).
        هذا الحديث من الأحاديث المهمة جدًّا جدًّا في العصر الحاضر؛ لأنه وصف الداء مقرونًا بالدواء؛ وصف الدواء بهذه العلل الأربعة: كان عن تعامل الربا بالعينة -بيع العينة-؛ ولعلكم تعلمون -جميعًا- ما هو بيع العينة، أو على الأقل نحتاط -أيضًا- في الكلام حتى ما نظلم الناس؛ لابد يكون واحد اثنين بيناتكم [بينكم] -إن شاء الله- يكون بهالعدد القليل- لا يعلم ما هو بيع العينة، والرَّسول يقول -يخاطب العرب أمثالكم-: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ)).
        العينة: أن يأتي الرجل إلى التَّاجر، يتظاهر بأنه يريد أن يشتري حاجة؛ لنفترض يريد أن يشتري سيارة، والحقيقة لا يريد أن يشتري سيارة، الحقيقة يريد قرضًا؛ لكن هو يعلم أنه يعيش في مجتمع إسلامي اسمًا وليس إسلاميًا فعلاً؛ بدليل أن المجتمع الإسلامي وصفه الرَّسول عليه السَّلام في الحديث المشهور في الصحيح: ((مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ؛ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالحُمَّى وَالسَّهَر)).
        إذن، المفروض في المجتمع الإسلامي أنه إذا وقع فرد من أفراده في ملمَّة، في مصيبة، واقتضت هذه المصيبة أن يستقرض مالاً أن يجد من يقرضه قرضًا لوجه الله حسنًا. لا يجد اليوم من يقرض هذا القرض الحسن! لماذا؟ لتفكك المجتمع بعضه عن بعض؛ ولذلك فهو يحتال: يذهب إلى التَّاجر؛ يقول: أنا أريد أن أشتري هذه الحاجة -نقول هي السيارة- بكام؟ التاجر يبدأ بمخالفة الشريعة: بعرض بيعتين في بيعة؛ يقول: هذه نقدًا بعشرة آلاف، وتقسيطًا: بزائد خمسمائة أو ألف. يقول له: لا، أنا ما عندي فلوس! بيقول له: إذن، إحدى عشر ألفًا، وهو ما عنده ولا ألف، هو أتى ليأخذ مالاً، بيقول له: أنا اشتريت بأحد عشر ألفًا، وبعد قليل: إجراء العمليات والكمبياليات وما شابه ذلك، بيرجع الشاري بايعًا، والبائع شاريًا! فيقول الشاري: أنا الحقيقة -يا أخ!- أنا أريد أن أبيعك هذه السيارة، اشتريها مني! يعرف التاجر أنه بحاجة إلى فلوس؛ فيبيعه بأبخس الأثمان، لنفترض أنه رأس مال السيارة على التَّاجر: تسعة آلاف؛ نقدًا بيربح ألف، تقسيطًا ألف ونص مثلاً، فهو بيرجع بيشتريها منه بثمانية آلاف، بيربح بقى ربيحين الآن!
        هو بياخد ثمانية آلاف وينصرف في سبيله، هذه بيع العيينة، وهذا موجود في بعض البلاد العربية، التي كانت الآمال معقودة فيها أن ينبع الإسلام الصحيح من هناك.
        بيع العيينة، أكياس من الأرز، ومن السكر تشترى بهذه الطريقة، ثم تباع ولم تتحرك هذه الأكياس من مخازنها!
        فالرسول يقول: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ))؛ أي: أكلتم الربا، ((وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ))؛ يعني: التهيتم بوسائل الدنيا وكسب المال، كذلك: ((وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ فِيِ سَبِيلِ اللهِ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ عَنْكُمْ)) هاي اليهود احتلوا البلاد العربية الفلسطينية، ((لاَ يَنْزِعُهُ عَنْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)).
        الرجوع إلى الدِّين هو الجواب السابق: العلم النافع والعمل الصالح.
        أما الرُّجوع إلى الدِّين -كما هو اليوم مفهوم- فيما يُسمُّونه بالحيل الشرعية، وفيما يُسمُّونه بالبنوك الإسلاميَّة، وفيما يُسمُّونه بالأناشيد الدينية، والفنون الإسلاميَّة؛ كلها تأخذ صبغة إسلاميِّة، وهي ليس لها صلة بالإسلام لا من بعيد ولا من قريب. والله المستعان.
        فإذن، ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[1].
        والله المستعان. غيره.
        السائل: جزاك الله خيرًا.
        الشيخ: وإيَّاك.
        [1] [التوبة: 105].
        الرابط http://www.alalbany.net/1928
        /////////////////////////////////////////////////////
        للبحث اكثر في المسالة لشيخنا رحمه الله تعالى
        صوتيات الشيخ الالباني رحمه الله تعالى
        1 / صوتيات سلسلة الهدى و النور
        شرح حديث : إذا تبايعتم بالعينة .
        رقم السؤال :1
        رقم الشريط : 340
        السلسلة : الهدى و النور
        السؤال :شرح حديث : إذا تبايعتم بالعينة .
        التوقيت:(00:01:0
        ///////////////////////////////////////////////
        حكم بيع العينة والحيل في البيوع ونحوها.؟
        رقم السؤال : 4
        رقم الشريط : 691
        السلسلة :الهدى و النور
        السؤال : حكم بيع العينة والحيل في البيوع ونحوها.؟
        التوقيت : (00:08:17)
        /////////////////////////////////////////////////
        بيان السبب الرئيسي الذيأدَّى إلى ضعف المسلمين
        رقم السؤال : 1
        رقم الشريط : 517
        السلسلة :الهدى و النور
        السؤال : كلمة من الشيخ في بيان السبب الرئيسي الذي أدَّى إلى ضعف المسلمين ، مع نقاش وحوار حول بيان المخرج من ذلك.؟ (وشرح حديث:" إذا تبايعتم بالعينة ورضتم بالزرع
        التوقيت : (00:00:42)
        ////////////////////////////////////////////////////////
        إذا تبايعتم بالعينة
        رقم السؤال : 1
        رقم الشريط : 486
        السلسلة :الهدى و النور
        السؤال : كلمة الشيخ حول قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) وكذلك أثر الإمام مالك رحمه الله ( من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه و سلم
        التوقيت : (00:00:49)
        ////////////////////////////////////////////////////
        2 / صوتيات مدينة رابغ
        حديث (إذا تبايعتم بالعينة ....) يبين حالة الذل التي أصابت المسلمين
        رقم السؤال : 4
        رقم الشريط : 02
        السلسلة: فتاوى رابغ
        السؤال :حديث (إذا تبايعتم بالعينة ....) يبين حالة الذل التي أصابت المسلمين .
        التوقيت : (00:16:15)
        ///////////////////////////////////////////////////////
        3/ صوتيات متفرقة للشيخ الالباني رحمه الله تعالى
        شرح الشيخ لحديث العينة
        رقم السؤال : 14
        رقم الشريط : 180
        السلسلة:متفرقات للالباني
        السؤال :شرح الشيخ لحديث العينة .
        التوقيت : (00:50:02)
        ///////////////////////////////////////////////
        بيان انطباقه على الواقع .

        رقم السؤال : 4
        رقم الشريط : 231
        السلسلة:متفرقات للالباني
        السؤال :ذكر الشيخ للحديث رواه أبوادود صحيح لغيره وهو ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) وبيان انطباقه على الواقع .
        التوقيت : (00:06:40)
        //////////////////////////////////////////////////////
        رقم السؤال : 5
        رقم الشريط : 034
        السلسلة:متفرقات للالباني
        السؤال :ما السبيل إلى الجهاد في عصرنا الحاضر، وهل يجب موافقة الوالدين في ذلك ؟ [شرح حديث إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وأخذتم أذناب البقر
        التوقيت : (00:19:25)
        //////////////////////////////////////////
        بيان أن بيع العينة تحايل لأكلالربا
        رقم السؤال : 8
        رقم الشريط : 247
        السلسلة: متفرقات للألباني
        السؤال : شرح حديث ( إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وأخذتم بأذناب البقر وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) وبيان فوائده و بيان أن بيع العينة تحايل لأكل الربا .
        التوقيت : (00:33:52)

        تعليق


        • #5
          رد: بحث متجدد لامر التور و ربا العينة لثلة من المشايخ

          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	images.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	6.2 كيلوبايت 
الهوية:	172602


          الحمد لله وليّ الصالحين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه الطاهرين، ومن اقتفى آثارهم وسلك سبيلَهم إلى يوم الدِّين أمَّا بعد
          :
          فبناءً على كثرة الطلبات المفصحة عن رغبةٍ شديدةٍ لمعرفة السيرة الذاتية للشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس -حفظه الله- والاطِّلاع على مسيرته العلمية ومشاركاته الدعوية، والوقوف على مؤلَّفاته المطبوعة منها والمخطوطة، وكذا علاقته بإخوانه من العلماء وطلبة العلم الشرعي، ارتأت الإدارة استجابةً لما سبق أن تزوِّد متصفِّحي الموقع بأبرز معالم شخصية الشيخ -حفظه الله- على النحو التالي:
          أوَّلاً: اسمه ومولده:
          أبو عبد المعزِّ محمَّد علي بن بوزيد بن علي فركوس القُبِّي، نسبةً إلى القُبَّة القديمة بالجزائر (العاصمة) التي وُلد فيها بتاريخ: 29 ربيع الأوَّل 1374ﻫ الموافق ﻟ: 25 نوفمبر 1954م في شهر وسنة اندلاع الثورة التحريرية في الجزائر ضدَّ الاستعمار الفرنسي الغاشم.
          ثانيًا: نشأته العلمية:
          نشأ الشيخ -حفظه الله- في محيطٍ عِلميٍّ وبيت فضلٍ وحُبٍّ للعلم وأهله، فكان لذلك أثرُه الواضح في نشأته العلمية، حيث تدرَّج في تحصيل مدارك العلوم بالدراسة -أوَّلاً- على الطريقة التقليدية، فأخذ نصيبه من القرآن الكريم وشيئًا من العلوم الأساسية في مدرسةٍ قرآنيةٍ على يد الشيخ محمَّد الصغير معلم، ثمَّ التحق بالمدارس النظامية الحديثة التي أتمَّ فيها المرحلة الثانوية، وبالنظر إلى عدم وجود كلِّياتٍ ومعاهدَ في العلوم الشرعية آنذاك واصل دراسته النهائية بكلِّية الحقوق والعلوم الإدارية إذ كانت أقرب كلِّيةٍ تُدرَّس فيها جملةٌ من الموادِّ الشرعية، ولا يزال -طيلةَ مرحلته الجامعية- تشدُّه رغبةٌ مؤكَّدةٌ وميولٌ شديدٌ للاستزادة من العلوم الشرعية والنبوغ فيها، فأكرمه الله تعالى بقَبوله في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، حيث وجد ضالَّته في هذا البلد الأمين.
          ثالثًا: أبرز المشايخ الذين استفاد منهم:
          في أثناء مرحلته الدراسية بالمدينة النبوية استفاد من أساتذةٍ وعلماءَ كرامٍ -ملازمةً ومجالسةً وحضورًا-، سواءً في الجامعة الإسلامية أو في المسجد النبوي الشريف ومن أشهرهم:
          1- الشيخ: عطية محمَّد سالم -رحمه الله- القاضي بالمحكمة الكبرى بالمدينة النبوية والمدرِّس بالمسجد النبوي: حضر بعض مجالسه في شرح «الموطَّأ» للإمام مالكٍ -رحمه الله-.
          2- الشيخ عبد القادر شيبة الحمد: أستاذ الفقه والأصول في كلِّية الشريعة.
          3- الشيخ أبو بكرٍ الجزائري: المدرِّس بالمسجد النبوي وأستاذ التفسير بكلِّية الشريعة.
          4- محمَّد المختار الشنقيطي -رحمه الله- (والد الشيخ محمَّد): أستاذ التفسير بكلِّية الشريعة، ومدرِّس كتب السُّنَّة بالمسجد النبوي.
          5- الشيخ عبد الرؤوف اللّبدي: أستاذ اللغة بكلِّية الشريعة.
          كما استفاد من كبار العلماء والمشايخ أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ حمَّاد بن محمَّد الأنصاري رحمهما الله تعالى من خلال المحاضرات.
          وكان حريصًا على حضور المناقشات العلمية للرسائل الجامعية التي كانت تُناقَش بقاعة المحاضرات الكبرى بالجامعة الإسلامية من قِبَل الأساتذة والمشايخ، الذين لهم قدمٌ راسخةٌ في مجال التحقيق ورحلةٌ طويلةٌ في البحث العلمي، وقد أكسبه ذلك منهجيةً فذَّةً في دراسة المسائل العلمية ومناقشتها.
          رابعًا: رجوعه إلى بلده:
          حدَّثنا الشيخ -حفظه الله- يومًا عن طلبه للعلم بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، فكان ممَّا قاله: «كنت إذا استفدتُ فائدةً فرحت بها فرحًا عظيمًا وتمنَّيتُ لو استطعتُ أن أطير بها إلى الجزائر لأبلِّغها للناس ثمَّ أرجع إلى المدينة». ومثل سائر المصلحين الذين إذا حصَّلوا الرصيد الكافيَ من علوم الشريعة رجعوا إلى أوطانهم داعين إلى الحقِّ ومحذِّرين ممَّا يخالفه استقرَّ الشيخ -حفظه الله- في وطنه الجزائر بعد عودته من المدينة النبوية سنة: 1402ﻫ/ 1982م، فكان من أوائل الأساتذة بمعهد العلوم الإسلامية بالجزائر العاصمة الذي اعتُمد رسميًّا في تلك السنة، وقد عُيِّن فيه -بعد ذلك- مُديرًا للدراسات والبرمجة.
          وفي سنة 1410ﻫ/ 1990م انتقل إلى جامعة محمَّد الخامس بالرباط لتسجيل أطروحة العالمية العالية (الدكتوراه)، ثمَّ حوَّلها -بعد مُدَّةٍ من الزمان- إلى الجزائر، فكانت أوَّلَ رسالة دكتوراه دولة نوقشت بالجزائر العاصمة في كلِّية العلوم الإسلامية، وذلك سنة 1417ﻫ/ 1997م. ولا يزال إلى يوم الناس هذا مدرِّسًا بهذه الكلِّية، مُسَخِّرًا وقتَه وجُهدَه لنشر العلم ونفع الناس والإجابة عن أسئلتهم.
          خامسًا: نشاطه العلمي:
          لم تكن كلِّية العلوم الشرعية منبره العلمي والتربوي الوحيد في الدعوة إلى الله تعالى، بل كانت المساجد بيوتُ الله مأوى طلبة العلم المتوافدين إليه، فأتمَّ شرح «روضة الناظر» لابن قدامة المقدسي -رحمه الله- في علم الأصول بمسجد «الهداية الإسلامية» بالقبَّة (العاصمة)، كما أتمَّ شرح «مبادئ الأصول» لابن باديس بمسجد «الفتح» بباب الوادي (العاصمة)، ودَرَّس «القواعد الفقهية» بمسجد «أحمد حفيظ» ببلكور (العاصمة)، وأقام مجالس علميةً متنوِّعةً أجاب فيها عن عِدَّة أسئلةٍ في مختلف العلوم والفنون جُمعت له في أشرطةٍ وأقراصٍ سمعية. إلى أن حال بينه وبين تحقيق المزيد من النشاط المسجدي عائقٌ إداريٌّ من الجهات الوصيَّة منعه من الاستمرار بالنظر إلى الظروف الصعبة التي كانت تعيش فيها الجزائر في تلك الفترة، فانتقل إلى إقامة حلقاتٍ على رصيف الشارع المجاور لبيته، ثمَّ إلى المكتبة المجاورة لمسجد «الهداية الإسلامية» بالقبَّة كلَّ يومٍ بعد صلاتَيِ الفجر والعصر، ثمَّ ما لبث أن انتشرت الإنترنت في ربوع الجزائر، فكان له قصب السبق في إنشاء موقعه الدعوي الرسمي على هذه الشبكة، ثمَّ عمل على تأسيس مجلَّة «الإحياء» الصادرة من موقعه الرسمي توسيعًا لمجال دعوته وتعميمًا للخير والنفع.
          نسأل اللهَ تعالى أن يُقَوِّيه على طاعته، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته يومَ لا ينفع مالٌ ولا بنون إلاَّ من أتى اللهَ بقلبٍ سليم.
          سادسًا: مؤلَّفاته العلمية:
          للشيخ -حفظه الله- كتبٌ تنوَّعت بين تحقيقٍ وتأليفٍ وشرحٍ، وتمتاز مؤلَّفاته بالأسلوب العلمي الرصين الذي يغلب عليه الطابع الأصولي، وعباراته دقيقةٌ وهادفةٌ خاصَّةً الفقهية والأصولية، وتأصيلاته للمسائل مؤسَّسةٌ من منطلق اكتشافه لمنشإ الخلاف وسببه، وهو مدركٌ عزيزٌ، الأمر الذي استحسنه متتبِّعو مؤلَّفاته من المشايخ والطلبة وتلقَّوْه بالرضى والقبول:
          أمَّا تحقيقاته فيلتزم فيها -في الجملة- ما يلتزم به أهل التحقيق لكتب التراث، ويؤدِّي فيها المقصد من التحقيق والدراسة كما شهد له المتخصِّصون من أهل التحقيق، ويمكن عرضُ بعض الكتب المحقَّقة والمؤلَّفات والشروح على النحو التالي:
          - تحقيق: «تقريب الوصول إلى علم الأصول» لأبي القاسم محمَّد بن أحمد بن جُزَيٍّ الكلبي الغرناطي، المتوفَّى سنة 741ﻫ.
          - تحقيق: «الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معنى الدليل» للإمام أبي الوليد الباجي المتوفَّى سنة 474ﻫ.
          - تحقيق: «مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول» ويليه: كتاب «مثارات الغلط في الأدلَّة» للإمام أبي عبد الله محمَّد بن أحمد الحسني التلمساني 771ﻫ/ 1370م.
          - «ذوو الأرحام في فقه المواريث».
          - «مختارات من نصوص حديثية، في فقه المعاملات المالية».
          - «الفتح المأمول شرح مبادئ الأصول» للشيخ عبد الحميد بن باديس المتوفَّى سنة 1359ﻫ.
          - «الإنارة شرح كتاب: الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معرفة الدليل».
          - «الإعلام بمنثور تراجم المشاهير والأعلام».
          وله من السلاسل العلمية:
          1- سلسلة «ليتفقَّهوا في الدين»: طُبع منها:
          - طريق الاهتداء إلى حكم الائتمام والاقتداء.
          - المنية في توضيح ما أشكل من الرقية.
          - فرائد القواعد لحلِّ معاقد المساجد.
          - محاسن العبارة في تجلية مقفلات الطهارة.
          - الإرشاد إلى مسائل الأصول والاجتهاد.
          - مجالس تذكيرية على مسائل منهجية.
          - أربعون سؤالاً في أحكام المولود.
          - العادات الجارية في الأعراس الجزائرية.
          - العمدة في أعمال الحجِّ والعمرة.
          2- سلسلة «فقه أحاديث الصيام»: طُبع منها:
          - حديث تبييت النيَّة.
          - حديث النهي عن صوم يوم الشكِّ.
          - حديث الأمر بالصوم والإفطار لرؤية الهلال.
          - حديث حكم صيام المسافر ومدى أفضليته في السفر
          3- سلسلة «توجيهات سلفية»: طُبع منها:
          - المنطق الأرسطي وأثر اختلاطه بالعلوم الشرعية.
          - شرك النصارى وأثره على أمَّة الإسلام.
          - تربية الأولاد وأسس تأهيلهم.
          - العلمانية: حقيقتها وخطورتها.
          - نصيحةٌ إلى طبيبٍ مسلمٍ ضمن ضوابط شرعيةٍ يلتزم بها في عيادته.
          - الإخلاص بركة العلم وسرُّ التوفيق.
          - الإصلاح النفسي للفرد أساس استقامته وصلاح أمَّته، ومعه: نقدٌ وتوضيحٌ في تحديد أهل الإصلاح وسبب تفرُّق الأمَّة.
          - منهج أهل السنَّة والجماعة في الحكم بالتكفير بين الإفراط والتفريط ومعه: «نقد وتوضيح: السلفية منهج الإسلام، وليست دعوة تحزُّبٍ وتفرُّقٍ وفساد».
          - حكم الاحتفال بمولد خير الأنام عليه الصلاة والسلام.
          - دعوى نسبة التشبيه والتجسيم لابن تيمية، وبراءته من ترويج المغرضين لها.
          - الصراط في توضيح حالات الاختلاط.
          - توجيه الاستدلال بالنصوص الشرعية على العذر بالجهل في المسائل العقدية.
          - الجواب الصحيح في إبطال شبهات من أجاز الصلاة في مسجدٍ فيه ضريح.
          - تحرِّي السداد في حكم القيام للعباد والجماد.
          - منصب الإمامة الكبرى، أحكامٌ وضوابط.
          وللشيخ - حفظه الله - مقالاتٌ نُشرت ضمن أعدادٍ من مجلَّة «منابر الهدى» ومجلَّة «الإصلاح» وإجاباتٌ عن أسئلةٍ واردةٍ من قُرَّاء المجلتين بمنبر الفتاوى، وكذا الواردة من منتديات «التصفية والتربية» فضلاً عن الكلمات الشهرية والمقالات الأصولية والفقهية والنصائح السلفية بموقعه الرسمي الذي أصدر مجلَّةً ناطقةً باسمه موسومةً ﺑ:«الإحياء».
          وقد ناقش الشيخ -حفظه الله- العديد من أطروحات الدكتوراه ورسائل الماجستير على المستوى الجامعي كما أشرف على أطروحاتٍ ورسائل أخرى، وهي مرتَّبةٌ على موقعه الرسمي.
          سابعًا: معالم شخصية الشيخ -حفظه الله-:
          من أبرز معالم شخصية الشيخ -حفظه الله-:
          1- دعوته إلى التوحيد والسنَّة ونبذه ما يُضادُّهما:
          فإنَّ أعظم ما يدعو إليه الدعاة هو الدعوة إلى الأصلين الشريفين والمنبعين الصافيين وهما دعوة الأنبياء عليهم الصلاة السلام المختصرة في قولهم ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [المؤمنون: 32]، وكذا التنفير مما يخدشهما ويضادُّهما من الشركيات والبِدَع، فالأولى تقدح في التوحيد والثانية في المتابعة، وقد كرَّس الشيخ -حفظه الله- وقته وطاقته لتحقيق ذلك، ولقي في سبيل ذلك معاداةً وأذًى شديدين من المخالفين والمناوئين المبغضين لدعوة الحقِّ إلى أن وصل بهم الحقد إلى أن شنُّوا حملاتٍ مسعورةً ملؤها الكذب والزور وبتر الكلام في الصحف اليومية لتشويه سمعته وتأليب العامَّة عليه، ولكن ذلك لم يثنه عن السير على منهج دعوة الأنبياء، ولا زالت فتاواه ورسائله على ما كانت عليه من صفاء العقيدة وسلامة المنهج.
          2- دفاعه عن العقيدة السلفية وعلمائها الداعين إليها:
          إنَّ الدعوة إلى الكتاب والسنَّة يلزم منها نصرة ما تضمَّنته من عقيدةٍ بالأسلوب القويم، وردِّ تشويهات الشانئين لها والداعين إليها تحقيقًا لقوله تعالى ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ﴾ [التوبة 71]، وقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» [البخاري (2443)]، ولم يخرج الشيخ -حفظه الله- عن هذا المنهج، فقد كتب عدَّة مقالاتٍ وأصدر مؤلَّفاتٍ ينافح فيها عن العقيدة السليمة ويناصر فيها علماءها، ولمَّا تناهى إلى أسماعه أنَّ بعض الحاقدين يشوِّه صورةَ شيخ الإسلام ابن تيمية ويتَّهمه بتشبيه صفات الله تعالى وتمثيلها، يذكر ذلك علنًا دون خشيةٍ أو خجلٍ، ثارت غيرته على العقيدة السلفية أن يلوِّثها المدَّعُون، وعلى عِرْض شيخ الإسلام أن يدنسِّه الشانئون، فبادر إلى كتابة رسالة «دعوى نسبة التشبيه والتجسيم لابن تيمية، وبراءته من ترويج المغرضين لها» دحض فيها الشبه وأزال الأوهام المثارة حول الموضوع.
          ودفاعه عن الشيخ الألباني -رحمه الله- من تهمة الإرجاء معروفٌ ومشهورٌ، وفي «مجالس التذكير» منشورٌ، فجزاه الله ومن سبقه بالعلم والفضل خيرًا.
          3- رجوعه إلى الحقِّ والانصياع له:
          لا شكَّ أنه لا أحد إلاَّ ويؤخذ من قوله ويُردُّ إلاَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وعدم الاستنكاف من الرجوع إلى الحقِّ خلقٌ فاضلٌ يزيد النبيل نبلاً، والفاضل فضلاً ورفعةً، وممَّا عايشناه من الشيخ -حفظه الله- قبولُه للنقد وتواضُعه للحقِّ وعدم استكباره عن الرجوع إلى الصواب إذا ظهر له، ولا أدلَّ على ذلك ممَّا كتبه بيده في مقالته «تنبيهٌ واستدراك» لما استُدرِك عليه بعضُ الكلمات الموهمة قائلاً: «ففي مَطلع صفحة [58] في ركن «فتاوى شرعية» من مجلَّة «الإصلاح» الصادرة عن دار الفضيلة للنشر والتوزيع في عددها [10] والمؤرَّخة ﺑ رجب/ شعبان 1429ﻫ، الموافق ﻟ جويلية/ أوت 2008م، جاء في نصِّ الفتوى الثانية الموسومة ﺑ «عدم فاعلية السبب الوضعي بنفسه» عباراتٌ مُجملةٌ تحتاج إلى توضيحٍ وتنبيه، وأخرى مجانبةٌ للصواب تحتاج إلى استدراكٍ ورجوعٍ إلى الحقِّ».
          وكم من مسألةٍ يستشكلها بعض طُلاَّبه ويراجعونه فيها فإذا ظهر له صواب المعترض أذعن إلى الحقِّ ورجع إلى الصواب، وذلك شأن المنصف المتجرِّد نحسبه كذلك والله حسيبه.
          ثامنًا: علاقته بالعلماء وطلبة العلم:
          إنَّ ممَّا نشهد به على ما رأيناه من شيخنا -حفظه الله تعالى- هو حسن أخلاقه وسمته وتواضعه مع طلبة العلم، ورحمته بهم كالوالد مع ولده، يقرِّبهم إليه ويبسط لهم المسائل ويؤصِّلها لهم، ويعلِّمهم الكيفية المثلى في الإجابة، ويعقد لهم المجالس العلمية مجيبًا عن تساؤلاتهم واستفساراتهم باذلاً جهده في حلِّ إشكالاتهم من غير استعلاءٍ ولا كتمان، وكم كنَّا نسمع منه قوله: «إني لأرجو أن أكون درجًا يرتقي عليه طلبة العلم ليعلوا في مدارج الكمال»، وتعاهُده لهم بالسؤال عنهم ومساعدتهم على قضاء حوائجهم وتوجيههم، ونصحهم بما يفيدهم في دينهم ودنياهم، وترغيبهم في التكتُّل على الحقِّ واتِّباع منهج النبوَّة، وترهيبهم من التكتُّل على الباطل واتِّباع منهج الضلال، شيءٌ يعرفه الخاصُّ والعامُّ حتى أصبح عَلَمًا على شخصية الشيخ -حفظه الله-.
          أمَّا العلماء فقد أثنَوْا على الشيخ وعلمه ثناءً عطرًا ومن أولئك:
          - الشيخ عبد المحسن العبَّاد -حفظه الله-:
          ففي رسالته: «رفقًا أهل السنَّة بأهل السنَّة»، فقد أوصى أن يستفيد طلاَّب العلم في كلِّ بلدٍ من المشتغلين بالعلم من أهل السنَّة، وكان ممن ذكره في الجزائر الشيخ محمَّد علي فركوس.
          - الشيخ ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-:
          فإنه لا يذكر الشيخَ إلاَّ بالجميل كما شهد بذلك من يحضر مجالسَه في بيته بمكَّة المكرَّمة، وقد أفصح عن ذلك في مقالته «حكم المظاهرات في الإسلام»، حيث قال: «وعلماء السُّنَّة في كلِّ مكانٍ يحرِّمون المظاهرات ولله الحمد، ومنهم علماء المملكة العربية السعودية، وعلى رأسهم العلاَّمة عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي المملكة سابقًا، والعلاَّمة محمَّد بن صالح العثيمين، وهيئة كبار العلماء وعلى رأسهم مفتي المملكة الحالي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، وفضيلة الشيخ صالح اللحيدان، ومحدِّث الشام محمَّد ناصر الدين الألباني، وعلماء السُّنَّة في اليمن وعلى رأسهم الشيخ مقبل الوادعي، وعلماء الجزائر وعلى رأسهم الشيخ محمَّد علي فركوس، رحم الله من مضى منهم، وحفظ الله وثبَّت على السُّنَّة من بقي منهم، وجَنَّب المسلمين البدع والفتن ما ظهر منها وما بطن».
          - الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البرَّاك -حفظه الله-:
          إذ بعد أن أطلعه بعض طلبة العلم على رسالة الشيخ «تحرِّي السداد في حكم القيام للعباد والجماد» أبدى إعجابه بمضمونها المتَّفِق وعقيدة أهل السُّنَّة والجماعة، فرغب -حفظه الله- في كتابة تقريظٍ لها، وممَّا جاء فيه: «فقد اطَّلعت على البحث الذي أعدَّه الشيخ محمَّد علي فركوس بعنوان «تحرِّي السداد في حكم القيام للعباد والجماد» فوجدته بحثًا قيِّمًا..».
          - الشيخ سعد بن ناصر الشثري -حفظه الله-:
          العضو السابق بهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية: وثناؤه على الشيخ معروفٌ لدى طلبته في دروسه، وتبليغه سلامَه للشيخ مع الطلبة الجزائريين مشهورٌ عنه، بل صَرَّح بالثناء في بعض رسائله الخاصَّة قائلاً: «..وحيث إنَّ الدكتور فركوس من أفاضل علماء الشريعة علمًا وخُلقًا وسُنَّةً واحتسابًا فيما يظهر لي، وهو ممَّن يدقِّق في لفظه».
          كما أثنى على الشيخ -حفظه الله- وعلى مؤلَّفاته وفتاويه الكثير من المدرسين وطلبة العلم الأقوياء في دروسهم ومجالسهم وينصحون بالاستفادة منه ومن تحقيقاته العلمية المبثوثة في كتبه ومؤلَّفاته.
          فجزاهم الله جميعًا خير الجزاء ووفَّقهم لرضاه وزادهم.
          هذا ما عرفْناه عن الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس -حفظه الله- صدقًا لا غلوَّ فيه ولا إطراء، وإن كنا نعتقد أنه بشرٌ كسائر بني آدم يصيب ويخطئ، ونحسبه -والله حسيبه- لا يتعمَّد الخطأ ولا يغشُّ السائلين، ولا يُصرُّ عليه إن ظهر له الصواب في خلافه، جعل جُلَّ وقته للدعوة المبنيَّة على العلم الصحيح المؤصَّل على الوحيين الشريفين: كتاب الله وسنَّة رسوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بفهمِ مَن سلف من هذه الأمَّة الذين هم خيارها وأفضلها، لا يدعو إلى حزبيةٍ سياسيةٍ أو دينيةٍ ولا إلى قوميةٍ أو شعوبية، شعارُه قوله تعالى ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف : 108]، يجتمع بإخوانه على اختلاف طبقاتهم العلمية على لقاءاتٍ إصلاحيةٍ، ولا يتوانى في خدمة الدين بكلِّ ما أوتي من جهدٍ وطاقةٍ.
          نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعين شيخنا على أداء مهامِّه الدعوية وأن يجزيه خير الجزاء على ما يقدِّمه للأمَّة الإسلامية، إنه خير كفيلٍ وبالإجابة جديرٌ.
          وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
          التاريخ: 21 من ذي الحجَّة 1432ﻫ
          الموافق ﻟ: 17 نوفمبر 2011م
          الرابط http://ferkous.com/site/rep/A.php
          /////////////////////////////////////////////////////////

          الفتوى رقم: 907
          الصنف: فتاوى البيوع والمعاملات المالية
          في حكم بيع التورق
          السـؤال:
          يَرِدُ كثيرًا في كتب العلماء جملة «بيع التورق»، فما هي صورته؟ وما هو حكمه؟
          الجـواب:
          الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
          فصورةُ مسألة بيع التورُّق هي عند قيام الحاجة إلى مالٍ وتعذُّر الاقتراض يقوم المحتاج بشراء سلعةٍ تساوي ألفَ دينارٍ حالاً بألفٍ وعشرين دينارًا نسيئةً لغير قصد الانتفاع بها، وإنَّما ليبيعَها المشتري من آخرَ بما يساويها حالاً،( أي: بألف دينار)، فينتفعَ بثمنها؛ لأن غرضه الورق أي الدراهم لا السلعة.
          وقد اختلف العلماء في حكم بيع التورُّق بين مجيزٍ ومانعٍ، والجواز هي الرواية الأولى عن الإمام أحمد، مستدلِّين بحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي رضي الله عنه قَالَ: «جَاءَ بِلاَلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مِنْ أَيْنَ هَذَا»؟ قَالَ بِلاَلٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيءٌ، فَبِعْتُ مِنْهَ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِمَطْعَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عِنْدَ ذَلِكَ: «أَوِّهٍ أَوِّهٍ، عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ»(١)،خلافًا للرواية الأخرى القائلة بأنَّ بيع التورُّق مكروه، وهذا الحكم مرويٌّّ عن ابن عباسٍ وعمر بن عبد العزيز، وهو قول مالك(٢) ونَصَرَهُ ابنُ تيمية(٣)، والمراد بالمكروه في بيع التورق إنما هو الكراهة التحريمية، لما نقله ابن تيمية عن عمر بن عبد العزيز من أنَّ التورُّق آخِيَّةُ الرِّبا، أي: أصل الربا. ويمكن ترجيحُ القولِ بالمنع إذا ما تقيَّد البيعُ بمقصود المتعاقد للوصول إلى الرِّبا عن طريق هذه المعاملة سدًّا لذريعة المحرَّم، وهي صورةٌ تتحقَّق غالبًا عند الحاجة إلى الدراهم مع تعذُّر الاقتراض، وإلاَّ فالظاهرُ أنَّ الرواية الأولى أقوى؛ لأنَّ عموم النصوص تدلُّ على الجواز؛ ولأنَّه لا فرق في مقصود المشتري بين أن ينتفع بالسلعة من استهلاكٍ أو استعمالٍ أو تجارةٍ وبين أن يشتريها لينتفع بثمنها، وليس فيه محذورٌ شرعيٌّ قائمٌ، ولا تحيُّلٌ على الرِّبا بوجهٍ من الوجوه، لذلك وجب الرجوعُ إلى الأصل وهو الحلُّ والإباحة، الذي تقتضيه النصوص العامَّة والاعتبار.
          والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

          الجزائر في: 14 جمادى الأولى 1429ﻫ
          الموافق ﻟ: 19 مـاي 2008م
          ١- متفق عليه: أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الوكالة، باب إذا باع الوكيل شيئًا فاسدًا فبيعه مردود: (218، ومسلم في «صحيحه» كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلاً بمثلٍ: (4083)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

          ٢-«بداية المجتهد» لابن رشد: (2/162).

          ٣-«مجموع الفتاوى»: (29/442-446)، «الاختيارات الفقهية»: (129).

          الرابط http://www.ferkous.com/site/rep/Bi143.php
          ///////////////////////////////////


          جواب إدارة الموقع الفصيح على المقال الموسوم
          : «الرد الصريح على ما يثار حول البنوك الإسلامية من قدح وتجريح»(*)

          الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
          فإنَّ من الفتن المنتشرة انتشارًا واسعًا والمستولية على أفئدة كثيرٍ من الناس فتنة المال التي قال فيها الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتي المالُ»(١)، ذلك لأنَّ الولع بالمال وحبه له يُشغل المسلم عن طاعة ربه وينسيه جمعُه والحرص عليه الآخرةَ، ويستعبده الدرهم والدينار فيوالي ويعادي عليهما، الأمر الذي يشتت الأخوة الإيمانية المأمور بها في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ويتصدّع -على إثره-كيان الأمة الإسلامية.
          ومن أخس أنواع الحرص على المال وشدة محبته المبالغة في طلبه من الوجوه المحرمة شرعًا، وذلك من أعظم مظاهر الافتتانِ بالمال التي تئنُّ بها بلاد المسلمين، وفي طليعتها: المعاملاتُ الربويةُ المستفحلةُ في البنوك القائمة على محاربة الله ورسوله، قال الله تعالى محذِّرا ومتوعِّدًا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 278-279] ، وانتشار الربا أعظم ذنبًا وأخطر مفسدة من الزنا، دليل ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «دِرْهَمُ رِبا يَأْكُلُهُ الرجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَشَدُّ عِنْدَ الله مِنْ سِتَةٍ وَثلاثِينَ زَنْيَةً»(٢)، وفي الحديث الآخر قال صلى الله عليه وآله وسلم: «الرِّبَا ثَلاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرجُلُ أُمَّهُ، وَإِنَّ أَرْبَى الربَا عِرْضُ الرجُلِ المسْلِمِ»(٣).
          وفي ظل هذا الأنين الذي تعيشه بلاد المسلمين ظهرت مصارف إسلامية ترفض الربا الصريح المبني على القرض بفائدة، وأوجدت بديلاً يصرف -في زعمها- عن القرض الحرام، ويجر إلى اقتصاد إسلامي سليم من أكل أموال الناس بالباطل وخال من شوائب الربا، وفي طليعة تلك البدائل ما اصطلح على تسميته ﺑ: «البيع بالمرابحة».
          وإنّ إدارة موقع الشيخ أبي عبد المعز محمَّد علي فركوس –حفظه الله- قد اطَّلعت على ما كتبه صاحب المقال الموسوم ﺑ: «الرد الصريح على ما يثار حول البنوك الإسلامية من قدح وتجريح» حيث دافع على حِلّية المرابحة البنكية، ونافح عنها، وحاول إعطاء صبغةٍ شرعيةٍ عمَّا تجريه البنوك الإسلامية -زعموا- ببحوث سِمتها الغالبة جمع أقوال الفقهاء في المسائل المختلف فيها بلا تمحيص ولا تنظير ولا تحرير ولا ترجيح، وتدرع بالخلاف لمحاجّة المنكِر، ولا يخفى عند العقلاء وأهل النظر أنَّ معرفة الخلاف والإحاطة به ليس وحده فِقهًا، كما أنَّ المنصب والولاية لا تُصيِّر غير العالم عالما، قال ابن عبد البر-رحمه الله-: «الاختلاف ليس بحجة عند أحد عَلِمْتُه من فقهاء الأمة إلاّ من لا بصر له ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله»(٤)، وقال ابن تيمية -رحمه الله-: «والمنصب والولاية لا يجعل من ليس عالما مجتهدًا عالما مجتهدًا، ولو كان الكلام في العلم والدين بالولايات والمنصب لكان الخليفة والسلطان أحق بالكلام في العلم والدين، وبأن يستفتيَه الناس ويرجعوا إليه فيما أشكل عليهم في العلم والدين، فإذا كان الخليفة والسلطان لا يدّعي ذلك لنفسه ولا يلزم الرعية حكمه في ذلك بقول دون قول إلاّ بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فمن هو دون السلطان في الولاية أولى بأن لا يتعدى طوره، ولا يقيم نفسه في منصب لا يستحق القيام فيه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -وهم الخلفاء الراشدون-، فضلاً عمّن هو دونهم فإنهم رضي الله عنهم إنما كانوا يُلزمون الناس باتباع كتاب ربهم وسنة نبيهم»(٥).
          لذلك اقتضى الموقف الشرعي من إدارة موقع الشيخ -حفظه الله- أن تنشر بحثًا مفصَّلاً يجلّي صورة المرابحة البنكية وحقيقتها ويبيّن حكمها، ويفصّل في الوقت ذاته ما أفتى به شيخنا –حفظه الله- في الفتوى رقم: (465) بعنوان: «في الاقتراض من البنوك الإسلامية»، مع إنصاف المخالف عملاً بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة : 8]. قال ابن تيمية -رحمه الله-: «والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلاَّ الحق وألا نقول عليه إلاَّ بعلمٍ، وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني فضلاً عن رافضي قولاً فيه حق أن نتركه أو نرده كله بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق»(٦)، سائلين المولى عزّ وجلّ التوفيق والسداد.

          تعريف بيع المرابحة عند الفقهاء:

          كلمة المرابحة مأخوذة من: ربح يربح رباحا، والرباح: النماء في التجر، وربح في تجارته يربح رِبْحًا ورَبَحًا وربَاحًا، أي: استشفّ، والعرب تقول للرجل إذا دخل في التجارة بالرباح والسماح(٧).
          وفي الاصطلاح: عرّف الفقهاء قديمًا بيع المرابحة بتعريفات متعدِّدة من أجمعها:
          «البيع برأس المال وربح معلوم»(٨).
          وصورته: أن يعرِّف صاحبُ السلعةِ المشتريَ بكم اشتراها ويأخذ منه ربحًا، إمّا على الجملة مثل أن يقول: اشتريتها بعشرة وتربحني دينارا أو دينارين، وإمّا على التفصيل وهو أن يقول: تربحني درهما لكل دينار أو غير ذلك.
          ويتضح من التعريف أنّ بيع المرابحة من بيوع الأمانة، وهي بالإضافة إلى بيع المرابحة:
          بيع الوضيعة: وهو البيع بأنقص من رأس المال.
          وبيع التولية: وهو البيع برأس المال من غير زيادة ولا نقصان.
          وإنما سمّيت بيوع أمان، للائتمان الحاصل بين الطرفين على صحة خبر صاحب السلعة بمقدار رأس المال(٩)، «فإن تعرَّض البائع لذكر رأس ماله فلا بد أن يكون صادقا في قوله وإلاّ كان ذلك من بيوع الغرر»(١٠).

          حكم بيع المرابحة في عرف الفقهاء:

          بيع المرابحة بالصورة السالفة البيان مجمع على جوازها، قال ابن قدامة: «رأس مالي فيه، أو هو عليّ بمائة بعتك بها وربح عشرة، فهذا جائز لا خلاف في صحته»(١١).
          والدليل على جوازه عمومات الكتاب والسنة في حلِّية البيع كقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة : 275] ، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ﴾ [النساء: 29] ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لمّا سئل أي الكسب أفضل؟ قال: «عَمَلُ الرَجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ»(١٢)، ولأنّ الثمن في بيع المرابحة معلوم كما هو الحال في بيع المساومة(١٣) إذ لا فرق بين قوله بعتك هذا الثوب بمائة وعشرة وبين قوله بعتك بمائة وربح كل عشرة واحد، وأنّ كلا الثمنين مائة وعشرة وإن اختلفت العبارتان(١٤).
          وشرط صحة هذا البيع وجوازه: العلمُ بمقدار ثمن رأس مال السلعة وربحها، وإذا جُهلا كان البيع غير جائز، قال ابن حزم –رحمه الله-: «لا يحل البيع على أن تربحني للدينار درهما ولا على أني أربح معك فيه كذا وكذا درهما فإن وقع فهو مفسوخ أبدا، فلو تعاقدا البيع دون هذا الشرط لكن أخبره البائع بأنه اشترى السلعة بكذا وكذا وأنه لا يربح فيها إلا كذا وكذا فقد وقع البيع صحيحًا...لأنه في الصورة الأولى بيع بثمن مجهول»(١٥).
          وقد نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما القول بكراهة بيع المرابحة، ففي المصنف لابن أبي شيبة أنه «كره بيع ده دوازده قال: بيع الأعاجم»(١٦) ووجه الكراهة أنّ فيه نوعا من الجهالة والتحرز عنها أولى، إلاّ أنّ الجهالة يمكن إزالتها بالحساب(١٧) كما تحمل الكراهة على التنزيه لإجماع أهل العلم على جواز هذا النوع من البيوع(١٨).

          بيع المرابحة في عرف البنوك:

          تسمّي البنوك بيع المرابحة ﺑ: «بيع المرابحة للآمر بالشراء» أو «الوعد بالشراء»، أو «بيع مواعدة»، أو«مواعدة على المرابحة»، ويمكن تعريفها كما يلي:
          «طلب شراء للحصول على مبيع موصوف مقدم من عميل إلى مصرف يقابله قبول من المصرف ووعد من الطرفين الأول بالشراء والثاني بالبيع بثمن وربح يتفق عليها مسبقا»(١٩).
          وصورتها: «أن يتقدم الراغب في شراء سلعة إلى المصرف، لأنه لا يملك المال الكافي لسداد ثمنها نقدا، ولأن البائع لا يبيعها له إلى أجل، إمّا لعدم مزاولته للبيوع المؤجلة، أو لعدم معرفته بالمشتري، أو لحاجته إلى المال النقدي، فيشتريها المصرف بثمن نقدي ويبيعها إلى عميله بثمن مؤجل أعلى، ويتم ذلك على مرحلتين: مرحلة المواعدة على المرابحة، ثمّ مرحلة إبرام المرابحة، وهذه المواعدة ملزمة للطرفين (المصرف، والعميل) في بعض المصارف الإسلامية، وغير ملزمة للعميل في بعض المصارف الأخرى»(٢٠).
          فبيع المرابحة البنكي قائم على: وعد ثمّ شراء ثم بيع، وتتم العملية حسب الخطوات التالية:
          - طلبٌ من العميل (الآمر بالشراء) يقدمه للمصرف الإسلامي لشراء سلعة موصوفة.
          - قبول من المصرف لشراء السلعة الموصوفة.
          - وعدٌ من العميل لشراء السلعة الموصوفة من المصرف.
          - وعدٌ من المصرف ببيع السلعة الموصوفة للعميل وقد يكون الوعد لازماً عند غالب البنوك.
          - شراء المصرف للسلعة الموصوفة.
          - بيع المصرف للسلعة الموصوفة للعميل بأجل مع زيادة ربح متفق عليها بين الطرفين.

          الفرق بين المرابحة الفقهية والحديثة:

          تظهر الفروق بين المرابحة الفقهية والبنكية الحديثة من الحيثيات التالية:
          أولا: من حيث العقد: فالمرابحة الفقهية تنعقد مرة واحدة في مجلس العقد، أما المرابحة البنكية فتتم على مرحلتين: مواعد ثمّ معاقدة، ومن جهة أخرى فإن المرابحة الفقهية تشتمل على طرفين (بائع ومشتري)، بينما المرابحة البنكية فثلاثية الأطراف: (العميل وهو الآمر بالشراء، والبنك، والبائع المالك للسلعة).
          ثانيا: من حيث السلعة: فهي في المرابحة الفقهية حاضرة يمتلكها البائع، وتكون في المرابحة البنكية غائبة ولا يمتلكها البنك، كما أن البائع في المرابحة الفقهية يشتري السلعة لنفسه سواء للانتفاع أو للمتجارة، وفي المرابحة البنكية لا يشتريها البنك إلا لبيعها.
          ثالثا: من حيث الثمن: فهو في المرابحة الفقهية معلوم، وفي الأخرى حال المواعدة مجهول عند بنوك دون أخرى، ومع ذلك يلزم الآمر بالشراء بوعده.
          رابعا: من حيث الربح: فهو في المرابحة الفقهية مقابل الجهد والوقت والمخاطر، وفي المرابحة البنكية نظير التأجيل.
          تلك هي بعض الفوارق المميزة بين المرابحتين تمهد لمعرفة حكم المرابحة البنكية وأنهما لا تجتمعان إلا في الجزء الأول من التسمية فقط.

          حكم بيع المرابحة البنكي:

          جنح جماعة من الكُتاب والباحثين المعاصرين إلى أنّ المرابحة البنكية من البيوع المأذون فيها، بينما صنّف المحققون من العلماء بيعَ المرابحة في خانة البيوع المنهي عنها، وجعلوا عليها ست مؤاخذات، نعرض أولا لذكرها، ثم نتبعها بأدلة المجيزين ومناقشتها:

          المؤاخذات على المرابحة البنكية:

          الناحية الأولى: إنها من «بيوع ما لا يملك» المنهي عنه: فإن العميل (الآمر بالشراء) والمصرف إنما يتعاقدان على سلعة لا يملكها المصرف وليست تحت ملكه، وفي الحديث عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني المبيع لما ليس عندي فأبيعه منه ثمّ أبتاعه من السوق، فقال: «لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ»(٢١)، وعن ابن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلاَ شَرْطَانِ في بَيْعٍ، ولاَ رِبْح مَا لَم تَضْمَنْ، وَلاَ بَيْع مَا لَيْسَ عِنْدَكَ»(٢٢).
          «فاتفق لفظ الحديثين على نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع ما ليس عنده، فهذا هو المحفوظ من لفظه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يتضمن نوعا من الغرر فإنّه إذا باعه شيئا معينا وليس في ملكه ثم مضى ليشتريه أو يسلمه له كان مترددا بين الحصول وعدمه فكان غررا يشبه القمار فنهي عنه»(٢٣).
          فالبنك يُلزم العميل (الآمر بالشراء) شراء سلعة لا يملكها وليست تحت ضمانه، وهذا عين ما نهت عنه الأحاديث السالفة.
          قال الشافعي –رحمه الله-: « وإذا أرى الرجلُ الرجلَ السلعة فقال: اشتر هذه وأربحك فيها كذا فاشتراها الرجل فالشراء جائز والذي قال: أربحك فيها بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعا وإن شاء تركه، وهكذا إن قال : اشتر لي متاعا ووصفه له أو متاعا شئت وأنا أربحك فيه فكل هذا سواء يجوز البيع الأول ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار، وسواء في هذا إن كان قال: أبتاعه وأشتريه منك بنقد أو دين يجوز البيع الأول ويكونان بالخيار في البيع الآخر، فإن جدداه جاز وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ من قبل شيئين: أحدهما: أنه تبايعاه قبل أن يملكه البائع والثاني: أنه على مخاطرة أنك إن اشتريته على كذا أربحك فيه كذا»(٢٤)
          الناحية الثانية: أنّ المرابحة البنكية مشمولة بالأحاديث الناهية عن بيع الإنسان ما اشتراه قبل أن يقبضه، ومن ذلك:
          حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» قال ابن عباس رضي الله عنهما: «لا أحسب كلّ شيء إلاّ مثله»(٢٥).
          وحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَيَقْبِضَهُ»(٢٦).
          وحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَارُ إِلَى رِحَالِهِمْ»(٢٧).
          وحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني رجل أشتري المتاع، فما الذي يحل لي منها وما الذي يحرم عليّ، فقال: «يَا ابْنَ أَخِي إِذَا ابْتَعْتَ بَيْعًا فَلاَ تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ»(٢٨).
          ففي هذه الأحاديث نهي صريح عن بيع السلع حتى تُقبض، وتحاز إلى الرحل، وبيع المرابحة الذي تجريه البنوك الإسلامية تشمله الأحاديث السالفة الذكر، حيث إنه ليس للبنك رحل أو مستودع يقبض فيه السلع أو يحوّلها إليه بعد شرائها، وإنما يلجأ العميل (الآمر بالشراء) إلى البائع الأصلي فيأخذ منه السلعة التي سيدفع ثمنها أقساطا للوسيط وهو البنك، وبالتالي يكون البنك قد باع مالا بمال أزيد منه إلى أجل.
          الناحية الثالثة: أنّ المرابحة البنكية من بيوع العينة، وبيع العينة المنهي عنه هو الذي يكون قصد المشتري فيه الحصول على العين أي: النقد وليس الحصول على السلعة، قال ابن رسلان: «وسميت هذه المبايعة عينة لحصول النقد لصاحب العينة، لأنّ العين هو المال الحاضر، والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه من فوره ليصل به إلى مقصوده»(٢٩).
          ووجه كون المرابحة البنكية من بيوع العينة المحرمة أنّ قصد البنك من العملية الحصول على المال المؤجل وليس له قصد في الشراء، وكذا العميل فإنما لجأ إلى البنك من أجل المال.
          قال ابن رشد -رحمه الله- ذاكرا صور العينة المحرمة: «..وأمّا الخامسة وهي أن يقول: اشتر سلعة كذا بعشرة نقدا وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل فهذا لا يجوز، إلاّ أنه يختلف فيه إذا وقع» ثم ذكر قولين:
          الأول: أنّ السلعة لازمة للآمر باثني عشر إلى أجل، لأن المأمور كان ضامنا لها لو تلفت في يده قبل أن يشتريها منه الآمر، ويستحب له أن يتورع فلا يأخذ من الآمر إلا ما نقد في ثمنها.
          والثاني: أن البيع الثاني يفسخ، وترد السلعة إلى المأمور إن كانت قائمة، فإن فاتت ردت إلى قيمتها معجلة كما يفعل في البيع الحرام لأنه باعه إياها قبل أن يجب له فيدخله بيع ما ليس عندك»(٣٠)
          فمن كلام ابن رشد –رحمه الله- يتضح أنّ الأصل في هذه المعاملة عند المالكية: التحريم وأنه من بيوع العينة ، إلاّ أنهم جوّزوها وألزموا بها بعد وقوعها على أحد القولين، وفرق بين تصحيح المعاملة اضطرارا بعد الوقوع وبين إنشائها ابتداء.
          الناحية الرابعة: أنّ المرابحة البنكية بيعتان في بيعة: من حيث إنهم - المجيزون للمرابحة البنكية- يجعلون المواعدة ملزمة فصارت عندهم عقدا، وهذه هي البيعة الأولى بين المصرف وعميله المشتري، والثانية - على السلعة عينها- بين المصرف والبائع، وحينئذ يشملها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ»(٣١)
          وقد روى مالك في «الموطإ» أنه بلغه: «أن رجلا قال لرجل ابتع لي هذا البعير بنقد حتى ابتاعه منك إلى أجل فسئل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه»
          قال الباجي معلّقا: «ولا يمتنع أن يوصف بذلك من جهة أنه انعقد بينهما أن المبتاع للبعير بالنقد إنما يشتريه على أنه قد لزم مبتاعه بأجل بأكثر من ذلك الثمن، فصار قد انعقد بينهما عقد بيع تضمّن بيعتين: إحداهما: الأولى وهي النقد، والثانية: مؤجلة، وفيها مع ذلك: بيع ما ليس عنده لأن المبتاع بالنقد قد باع من المبتاع بالأجل البعير قبل أن يملكه، وفيها سلف بزيادة: لأنه يباع له البعير بعشرة على أن يبيعه منه بعشرين إلى أجل، يتضمن ذلك أنه سلفه عشرة في عشرين إلى أجل، وهذه كلها معان تمنع جواز البيع، والعينة فيها أظهر من سائرها»(٣٢)
          الناحية الخامسة: أن المرابحة البنكية صورتها صورة بيع وحقيقتها قرض بزيادة.
          قال ابن عبد البر-رحمه-: «معناه: أنه تحيّل في بيع دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل بينهما سلعة محلّلة، وهو أيضًا من باب بيع ما ليس عندك، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن كانت السلعة المبيعة في ذلك طعامًا دخله أيضا مع ذلك بيع الطعام قبل أن يستوفى، مثال ذلك: أن يطلب رجل من آخر سلعة ليبيعها منه نسيئة وهو يعلم أنها ليست عنده، ويقول له: اشترها من مالكها هذا بعشرة وهي عليّ باثني عشر أو بخمسة عشر إلى أجل كذا، فهذا لا يجوز لما ذكرنا»(٣٣).
          وقال الدردير: «العينة: وهي بيع من طلبت منه سلعة للشراء وليست عنده، لطالبها بعد شرائها جائز، إلا أن يقول الطالب: اشترها بعشرة نقدا، وأنا آخذها منك باثني عشر إلى أجل فيمنع فيه من تهمة (سلف جر نفعا)، لأنه كأنه سلفه ثمن السلعة يأخذ عنها بعد الأجل اثنى عشر»(٣٤).
          وقال ابن رشد: «وأما الثانية وهو أن يقول اشتر لي سلعة كذا بعشرة نقدا وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل فذلك حرام لا يحل ولا يجوز لأنه رجل ازداد في سلفه، فإن وقع ذلك لزمت السلعة للآمر لأن الشراء كان له وإنما أسلفه المأمور ثمنها ليأخذ به منه أكثر منه إلى أجل، فيعطيه العشرة معجلة ويطرح عنه ما أربى، ويكون له جعل مثله بالغا ما بلغ، في قول، والأقل من جعل مثلها أو الدينارين اللذين أربى بهما في قول، وفي قول سعيد بن المسيب لا أجرة له بحال لأن ذلك تتميم للربا»(٣٥).
          وقال ابن جُزي: «إن العينة ثلاثة أقسام: الأول: أن يقول رجل لآخر: اشتر لي سلعة بعشرة، وأعطيك خمسة عشر إلى أجل، فهذا ربا حرام، والثاني: أن يقول له: اشتر لي سلعة، وأنا أربحك فيها، ولم يسمّ الثمن، فهذا مكروه، والثالث: أن يطلب السلعة عنده فلا يجدها، ثم يشتريها الآخر من غير أمره، ويقول: قد اشتريت السلعة التي طلبت منّي، فاشترها مني إن شئت، فهذا جائز»(٣٦).
          فهؤلاء علماء المالكية ينصّون على أنّ الآمر إن قال للمأمور: اشتر لي سلعة وأبتاعها منك بثمن أزيد إلى أجل أن ذلك من القرض بفائدة في صورة بيع.
          الناحية السادسة: فضلا عما تكتنفه المرابحة البنكية من مخالفات شرعية، يُلزم بها المأمور (البنك) الآمر بالشراء (العميل) من مثل: التأمين على العين المبيعة من كل الأخطار، وعلى الدين، وتغريم المدين المماطل، وغيرها من الشروط الفاسدة، وما يترتب على هذه العقود من الضرر المالي من جراء أكل أموال الناس بالباطل، فلو كانت كل واحدة على حده لكانت كافية بالقول بمنع هذه المعاملة فكيف بها إذا اجتمعت كلها في صفقة واحدة؟ إذ المعلوم تقعيدا أن «التحريم يتبع الخبث والضرر».

          شبهة المجيزين للمرابحة البنكية:

          تمسّك المجيزون للمرابحة البنكية -وهم جماعة من الباحثين المعاصرين- بجملة من التبريرات والتعليلات منها:
          1- أنّ الأصل في المعاملات الإباحة، فلا يلزم المجيزين ذكر الدليل لأنهم على الأصل، والمحرمون هم المطالبون بالدليل لأنهم على خلاف الأصل المتفق عليه.
          2- ولأنّ الوعد ملزم، وهو عقد حقيقي، والآمر بالشراء ملزم بتنفيذ وعده.
          3- ولأنّ المصلحة قائمة على القول بجواز هذه المعاملة كإجازة الفقهاء لعقد الاستصناع مع أنه بيع معدوم نظرا لحاجة الناس إليه وجريان العمل به.
          4- ولأن القول بجواز المرابحة البنكية فيه تيسير على الناس، وقد جاءت الشريعة برفع الحرج والضيق، «وَمَا خُيِّرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا» والقول بتحريمها دفع لهم إلى اللجوء إلى البنوك الربوية، والقول بجوازها عصمة لهم من الحرام(٣٧).

          تفنيد شبهة المجيزين:

          ويمكن الجواب على ما استندوا إليه على الوجه التالي:
          1- إن القول بأنّ الأصل في المعاملات الإباحة أصل مسلّم به لا خلاف في صحته، ولكن إذا ورد ما يخالف هذا الأصل فالمصير إليه حتم لازم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: «والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرّمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: ﴿قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا﴾» وقال أيضا: «فالناس يتبايعون ويستأجرون كيف شاؤوا، ما لم تحرّم الشريعة، كما يأكلون ويشربون كيف شاؤوا ما لم تحرّم الشريعة»(٣٨)، وقد سبق أنّ المرابحة البنكية غير جائزة من نواح متعددة، مما يجعلها تندرج تحت الشطر الثاني من القاعدة المتفق عليها: «الأصل في المعاملات الإباحة إلاّ ما ورد النهي عنه».
          2- وأمّا مسألة الإلزام بالوعد فإنّ العلماء يتفقون على أنَّ مَن وعَدَ إِنساناً شيئاً ليس بمنهيّ عنه فينبغي أن يفي بوعده(٣٩) ويختلفون في الإلزام به على ثلاثة مذاهب(٤٠):
          الأول: عدم الإلزام بالوفاء به مطلقا، وهو مذهب الجمهور.
          الثاني: الإلزام بالوفاء بالوعد مطلقا، وهو مذهب عمر بن عبد العزيز، وابن شبرمة.
          الثالث: إن أدخل الواعد بوعده في هلكة لزم الوفاء به، وإلاّ فلا يلزم الوفاء به، وهو رواية عن الإمام مالك -رحمه الله-.
          واحتج من قال بأنّ الوعد لا يلزم الوفاء به بالإجماع على أنّ من وعد رجلاً بمال إذا أفلس الواعد لا يضرب للموعود بالوعد مع الغرماء، ولا يكون مثل ديونهم اللازمة بغير الوعد، حكى الإجماع على هذا ابن عبد البر(٤١)، وبأنّ الوعد في معنى الهبة، والهبة لا تلزم إلاّ بالقبض عند الجمهور، وذلك يقتضي عدم الحكم بها فيما لو رجع الواهب عنها قبل قبض الموهوب إياها.
          واحتج القائلون بالإلزام بالوفاء بالوعد بجملة من الأدلة من الكتاب والسنة منها: قوله تعالى: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ ﴾[يونس: 55] وقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً﴾[مريم: 54] وقوله تعالى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة: 77] وقوله تعالى:﴿وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [الأحقاف: 16]، ومن السنة قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ"(٤٢).
          «ولا يخفى أنه ليس في هذه النصوص الشرعية ما يدلُّ على تحريم إخلاف الوعد ولزوم الوفاء به ذلك لأنَّ الوعد في سورة التوبة إنما المقصود به العهد الذي هو الميثاق والالتزام والنذر على نحو ما بينته الآية التي قبلها، وهو خارج عن محل النزاع، كما أنَّ الوعد للمستقبل لا ينطبق عليه الصدق والكذب كما بينه صاحب الفروق في" الفرق: 214" (4/23):"بين قاعدة الكذب وقاعدة الوعد وما يجب الوفاء به وما لا يجب" حيث يقول:" إنَّ المستقبل زمان يقبل الوجود والعدم، ولم يقع فيه بعد وجود ولا عدم فلا يوصف الخبر عند الإطلاق بعدم المطابقة و لا بالمطابقة لأنه لم يقع بعد ما يقتضي أحدهما، وحيث قلنا الصدق القول المطابق والكذب القول الذي ليس بمطابق ظاهر في وقوع وصف المطابقة أو عدمها بالفعل، وذلك مختص بالحال والماضي، وأما المستقبل فليس فيه إلاَّ قبول المطابقة وعدمها"، وأمَّا الإخلاف في صفة المنافق في الحديث، فليس فيه دليل على لزوم الوفاء بالوعد، لأنَّ غاية ما يدل عليه هو ما كان الإخلاف بالوعد على وفق مقتضى حاله، وكان سجية له وطبعًا، وما كان كذلك فلا يغيب على بال أنه يحسن الذم بها. فالحاصل أنَّ العلماء أجمعوا على أنَّ من وعد إنسانًا شيئًا ليس بمنهي عنه فينبغي أن يفي بوعده، وأنَّ ذلك معدود من مكارم الأخلاق، لكن الوفاء به -على مذهب الجمهور- غير لازم وإنما يستحب له ذلك فلو تركه فاته الفضل وارتكب المكروه كراهة شديدة ولكنه لا يأثم، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك في رواية والشافعي وأحمد وابن حزم (المحلى: 8/2 وغيرهم.
          وإذا تقرر عدم لزوم الوفاء بالوعد ظهر الفرق بينه وبين العقد، فالعقد هو تطابق إرادتين وارتباطهما على وجه التحقق والإنجاز، بينما الوعد هو إبداء الرغبة في تحقيق فعل للغير على وجه الإحسان والمعروف، فمن وعد بالوفاء به وهو عاقد العزم على تحقيقه له، لكن حالت الظروف دون ذلك فأخلف فلا حرج عليه، وإنما الحرج والضيق فيمن عَزْمُه على الإخلاف بالوعد معقود فهو واقع في المكروه ولا يلحقه إثم، ولا يلزم الوفاء بوعده»(٤٣).
          وتجدر الملاحظة والتنبيه إلى: أنّ البنوك الإسلامية الآخذة بالإلزام بالوعد تطبقه -في الحقيقة- على الآمر بالشراء دون البنك «ذلك بأن المصرف لا يلتزم حيال العميل إلاّ بعد شراء السلعة، فإذا رأى من مصلحته اشترى، وإلاّ فلا، وهذا من شأنه أن يؤدي في الواقع إلى إلزام العميل حقيقة والمصرف ظاهرا»(٤٤)، وثمّة أمر آخر وهو: «أنّ إلزام العميل بالشراء، لا يمكن شرعا إذا لم يكن الثمن معلوما في وقت الإلزام، فمعلومية الثمن مطلوبة في كلّ بيع شرعي، لأجل تحقيق التراضي، فكيف يتم التراضي على مجهول؟»(٤٥)
          3- أمّا قياس المرابحة البنكية على عقد الاستصناع(٤٦) فقياس مع ظهور الفارق، ذلك لأنّ المرابحة البنكية المتعامل بها في كثير من البنوك يُلزم القائمون عليها العميل (الآمر بالشراء) بوعده ولا يجعلون له الخيار، وفي عقد الاستصناع الخيار للمستصنع (المشتري) قائم.
          قال الكاساني: «وأما معناه (أي: عقد الاستصناع) فقد اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: هو مواعدة، وليس ببيع، وقال بعضهم: هو بيع لكن للمشتري فيه خيار، وهو الصحيح»(٤٧)، وأمّا ما ذهب إليه أبو يوسف –رحمه الله- من أنه لا خيار للصانع ولا للمشتري لأن الصانع قد أفسد متاعه وقطع جلده وجاء بالعمل على الصفة المشروطة، فلو كان للمستصنع الامتناع من أخذه لكان فيه إضرارا بالصانع، فجوابه: أن «ضرر المستصنع بإبطال الخيار فوق ضرر الصانع بإثبات الخيار للمستصنع، لأنّ المصنوع إذا لم يلائمه، وطولب بثمنه لا يمكنه بيع المصنوع من غيره بقيمة مثله، ولا يتعذر ذلك على الصانع لكثرة ممارسته وانتصابه لذلك، ولأنّ المستصنع إذا غرم ثمنه ولم تندفع حاجته لم يحصل ما شرع له الاستصناع وهو اندفاع حاجته، فلا بد من إثبات الخيار له»(٤٨)
          4- وأمّا القول بأنّ جواز المرابحة البنكية من التيسير، فجوابه أنّ التيسير مطلب شرعي ومقصد من مقاصد الحنيفية السمحة، قال تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: 6] وقال أيضا: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، فالتيسير منوط بنص الشارع فيما اعتبره سببًا للتخفيف والتيسير، عُمل به بقطع النظر عن وجود حقيقة المشقة، وما لم يعتبره الشرع سببًا للتخفيف فلا يصح الترخص به، وعليه فالمشقة لا تنافي التكليف ولا توجب التخفيف؛ لأن التكاليف بالمأمورات والمنهيات لم تشرع إلا لتحقيق ما يترتَّب على الأفعال من مصالح العباد، لذلك كان التخفيف في التكليف غير المنصوص على اعتباره شرعًا إهمالاً وتفريطًا ينافي مقصود الشارع. ولكن لَيُّ النصوص الشرعية وتمييعها إلى حدّ جعل الحرام حلالاً، لا يعدُّ من التيسير في شيء، وما استدل به من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم «مَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا»(٤٩) فإن التخيير المقصود به ما كان بين مباحين أحدهما يسير، والآخر أيسر، فيختار عليه الصلاة والسلام أيسر المباحين تحقيقًا لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: 128]، أمّا إن كان التخيير بين مباح وحرام فالأخذ بالمباح ولو كان شديدًا وترك الحرام ولو كان يسيرًا هو الواجب، وهذا هو معنى قول عائشة رضي الله عنها «مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا».
          ويشهد لما سبق تقريره ما أخرجه البخاري عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه قال: «بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلّم جدَّه أبا موسى ومعاذا إلى اليمن فقال: «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا» فقال أبو موسى: يا نبي الله إنّ أرضنا بها شراب من الشعير المزر وشراب من العسل البتع فقال: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» فانطلقا، فقال معاذ لأبي موسى: كيف تقرأ القرآن؟ قال: قائما وقاعدا وعلى راحلتي وأتفوقه تفوقا(٥٠)، قال: أمّا أنا فأنام وأقوم، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي. وضرب فسطاطا فجعلا يتزاوران، فزار معاذ أبا موسى فإذا رجل موثق، فقال: ما هذا ؟ فقال أبو موسى: يهودي أسلم ثمّ ارتدَّ فقال معاذ: لأضربن عنقه»(٥١).
          فوصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهما بالتيسير لم تحملهما على تحليل المسكر الحرام، وهو تيسير في نظر المستدلين بحديث عائشة رضي الله عنها على التيسير في الفتاوى ولو بالعدول عن العمل بالنصوص الشرعية.
          كما أنه يحتمل أن يكون المقصودُ بالتخيير في الحديث التخييرَ في أمور الدنيا، قال ابن حجر شارحا قولها رضي الله عنها «بين أمرين»: «أي: من أمور الدنيا، يدل عليه قوله: «ما لم يكن إثما»، لأنّ أمور الدين لا إثم فيها»(٥٢).
          هذا، وصرف الناس عن الحرام والقروض البنكية، بزجهم في معاملات ظاهرها الجواز وحقيقتها عين ما تجريه البنوك الربوية، أعظم جرما وأشدّ فظاعة، لأنّه تحايل على الحرام، وتجاسر على المحظورات بالشبه والتلبيسات، وتغيير للمعصية بمعصية مثلها، ولا شك أنّ من أتى المحظور مع علمه به ممنيا نفسه بالتوبة لا حقا، أهونُ حالا ممن يتحايل على الحرام لأنه لا يفكر في التوبة مما يصنع زعما منه أن معاملاته حلال لا حرام فيها.
          وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن جماعة يجتمعون على قصد الكبائر من القتل وقطع الطريق والسرقة وشرب الخمر وغير ذلك، ثمّ إنّ شيخا من المشائخ المعروفين بالخير واتباع السنة قصد منع المذكورين من ذلك فلم يمكنه إلاّ أن يقيم لهم سماعا يجتمعون فيه بهذه النية وهو بدف بلا صلاصل وغناء المغني بشعر مباح بغير شبابة فلما فعل هذا تاب منهم جماعة وأصبح من لا يصلى ويسرق ولا يزكى يتورع عن الشبهات ويؤدى المفروضات ويجتنب المحرمات فهل يباح فعل هذا السماع لهذا الشيخ على هذا الوجه لما يترتب عليه من المصالح مع أنه لا يمكنه دعوتهم إلاّ بهذا؟
          وكان من جوابه -رحمه الله-: «.. فنقول للسائل إن الشيخ المذكور قصد أن يتوب المجتمعين على الكبائر فلم يمكنه ذلك إلا بما ذكره من الطريق البدعي يدل أن الشيخ جاهل بالطرق الشرعية التي بها تتوب العصاة أو عاجز عنها فإن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين كانوا يدعون من هو شر من هؤلاء من أهل الكفر والفسوق والعصيان بالطرق الشرعية التي أغناهم الله بها عن الطرق البدعية، فلا يجوز أن يقال إنه ليس في الطرق الشرعية التي بعث الله بها نبيه ما يتوب به العصاة، فإنه قد علم بالاضطرار والنقل المتواتر أنه قد تاب من الكفر والفسوق والعصيان من لا يحصيه إلاّ الله تعالى من الأمم بالطرق الشرعية التي ليس فيها ما ذكر من الاجتماع البدعي بل السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، وهم خير أولياء الله المتقين من هذه الأمة تابوا إلى الله تعالى بالطرق الشرعية لا بهذه الطرق البدعية، وأمصار المسلمين وقُراهم قديما وحديثا مملوءة ممن تاب إلى الله واتقاه وفعل ما يحبه الله ويرضاه بالطرق الشرعية لا بهذه الطرق البدعية، فلا يمكن أن يقال إن العصاة لا تمكن توبتهم إلاّ بهذه الطرق البدعية بل قد يقال: إنّ في الشيوخ من يكون جاهلا بالطرق الشرعية عاجزا عنها ليس عنده علم بالكتاب والسنة وما يخاطب به الناس ويسمعهم إياه مما يتوب الله عليهم فيعدل هذا الشيخ عن الطرق الشرعية إلى الطرق البدعية إمّا مع حسن القصد إن كان له دين، وإما أن يكون غرضه الترأس عليهم وأخذ أموالهم بالباطل كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ﴾ فلا يعدل أحد عن الطرق الشرعية إلى البدعية إلاّ لجهل أو عجز أو غرض فاسد»(٥٣).

          اعتراضات والجواب عليها:

          واعترض المجيزون للمرابحة البنكية ﺑ:
          «.. مسألة جواز بيع ما لم يقبض من المسائل الخلافية التي تباينت فيها آراء الفقهاء، من قائل بالجواز المطلق وهم شواذ، ومن قائل بالجواز في بعض الأحوال دون بعض وهم الغالب، ومن قائل بالمنع المطلق وهم الشافعية. وهو ما يوضح ما أشرنا إليه أعلاه من أنّ جُلَّ أحكام البيوع اجتهادات مؤسّسة على أدلة ظنية، إمَّا في ثبوتها أو في دلالتها، والاجتهاد لا ينقض بمثله، ولا يرفع الخلاف إلاَّ اجتهاد الحاكم إذا قضى برأي منها»
          والجواب: أنّ العلماء مجمعون على أنّ من اشترى طعاما فليس له بيعه حتى يقبضه، وقد حكى الإجماع ابن المنذر(٥٤) -رحمه الله- وأمّا غير الطعام فاختلف فيه الفقهاء على أقوال عديدة لخصها ابن القيم -رحمه الله- في أربعة أقوال:
          «أحدها: أنه يجوز بيعه قبل قبضه مكيلا كان أو موزونا وهذا مشهور مذهب مالك واختاره أبو ثور وابن المنذر.
          والثاني: أنه يجوز بيع الدور والأرض قبل قبضها وما سوى العقار فلا يجوز بيعه قبل القبض وهذا مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف.
          والثالث: ما كان مكيلا أو موزونا فلا يصح بيعه قبل القبض سواء أكان مطعوما أم لم يكن وهذا يروى عن عثمان رضي الله عنه وهو مذهب ابن المسيب والحسن والحكم وحماد والأوزاعي وإسحاق وهو المشهور من مذهب أحمد بن حنبل.
          والرابع: أنه لا يجوز بيع شيء من المبيعات قبل قبضه بحال وهذا مذهب ابن عباس ومحمد بن الحسن وهو إحدى الروايات عن أحمد» (٥٥).
          هذا، وقد تقدم من كلام ابن عبد البر -رحمه الله- أن التمسك باختلاف العلماء ليس بحجة إجماعا إلا لمن لا بصر له ولا معرفة عنده ولا حجة في قوله، والواجب عند التنازع الرد إلى الله والرسول، كما في قوله تعالى: ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [النساء: 59] وترجيح القول المؤيَّد بالدليل الصحيح، والذي يظهر -والعلم عند الله تعالى- أنّ القول بأنّ النهي عامّ في جميع المبيعات قول قوي تنصره الحجج والبراهين، لحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني رجل أشتري المتاع، فما الذي يحل لي منها وما الذي يحرم عليّ، فقال: «يَا ابْنَ أَخِي إِذَا ابْتَعْتَ بَيْعًا فَلاَ تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ»(٥٦)، ولحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَارُ إِلَى رِحَالِهِمْ»(٥٧) فهذان الحديثان صريحان في النهي عن بيع كلّ السلع بما فيها الطعام حتى تقبض وتحاز إلى الرحل، ولا يمكن معارضتها بالأحاديث الأخرى التي خصّت النهي بالطعام بحمل العام على الخاص لوجوه:
          الأول: أنّ التخصيص إنما تمّ بمفهوم اللقب، وليس بحجة عند جماهير الأصوليين(٥٨).
          الثاني: أنّ ذكر الطعام في النهي ليس لاختصاص الحكم به، لأنه خرج مخرج الغالب الأعمّ حيث كان غالبَ تجارتهم، والغالب لا مفهوم له.
          الثالث: أنّ الأحاديث العامّة فيها حكم زائد عن الأحاديث المقتصرة على الطعام، والأخذ بالزائد متحتم، قال ابن حزم -رحمه الله- بعد أن ذكر حديثي ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما الوارد فيهما ذكر الطعام: «نعم هذان صحيحان إلاّ أنّهما بعض ما في حديث حكيم بن حزام، فحديث حكيم بن حزام دخل فيه الطعام وغير الطعام فهو أعمّ، فلا يجوز تركه لأنّ فيه حكمًا زائدا ليس في خبر ابن عباس وابن عمر»(٥٩)
          الرابع: أنّ القياس الأولوي يؤيّد ذلك، فإنّه إذا نُهي عن بيع الطعام قبل قبضه مع قيام حاجة الناس إليه فغيره أولى بالمنع.
          الخامس: ولا يؤيّد تخصيصَ الحكمِ بالطعامِ حديثُ ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «اشترى من عمر بَكْرًا كان ابنه راكبًا عليه، ثمَّ وهبه لابنه قبل قبضه»(٦٠)، أو حديث جابرٍ بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم اشترى من جابرٍ رضي الله عنهما جَمَله، وقال: «فَلَمَّا بَلَغْتُ أَتَيْتُهُ بِالجَمَلِ فَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَأَرْسَلَ فِي أَثَرِي فَقَالَ: «أَتُرَانِي مَاكَسْتُكَ لآخُذَ جَمَلَكَ، خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ فَهُوَ لَكَ»(٦١) بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم تصرّف في المبيع بالهبة قبل قبضه لأنَّ غايةَ ما في الحديثين جواز التصرُّف في المبيع قبل قبضه بالهبة بغير عِوض، ولا يصلح إلحاقه بالبيع وسائر التصرُّفات؛ لأنَّ البيع معاوضة بعِوض، وكذا الهبة بعِوض، أمَّا الهبة الواقعة من النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فليست على عِوض فافترق الأمران، وإنما يمكن إلحاق كُلِّ التصرفات التي لا عوض فيها بالهبة، وجواز التصرُّف فيها قبل قبضها وحيازتها دون التصرفات بعوض كالبيع، وبذلك تجتمع الأدلة وتتَّفق ولا تختلف، ويشهد لذلك: الإجماعُ على صِحَّة الوقف والعِتق قبل القبض، لكونهما من التصرفات التي لا عوض فيها(٦٢).
          فتبيّن ممّا سبق أنّ جميع المبيعات والسلع داخلة في عموم النهي عن بيع السلع قبل حيازتها إلى الرحال وقبضها، وأنّ ما احتج به المانعون من العموم غير صريح ولا قوّة فيه، قال ابن القيم -رحمه الله- بعد حكايته القول الرابع: «وهذا القول هو الصحيح الذي نختاره»(٦٣).
          أمّا القول بأن الخلاف لا يرفعه إلا اجتهاد الحاكم إذا قضى برأي فيه فإن ذلك ليس على إطلاقه، قال الشيخ محمد علي فركوس -حفظه الله-: « فلا أعلم خلافًا في الاعتداد بحكم الحاكم إذا ورد حكمه مرتبا على سبب صحيح موافق لحكم شرعي، نصًّا كان أو إجماعًا قطعيا، فحكمه نافذ قطعًا ظاهرًا وباطنًا. ويبقى الإجماع الظني والقياس الجلي موضع اجتهاد واختلاف –كما سيأتي-
          أمَّا في المسائل المختلف فيها فإنَّ حكم الحاكم يرفع الخلاف، وهو مقيد بما لا ينقض فيه حكم الحاكم، أمَّا ما ينقض فيه فلا يرفع الخلاف، ومدار نقض الحكم على تبين الخطإ، والخطأ إمَّا أن يكون في السبب أو في الاجتهاد، فإن كان الحكم مرتَّبًا على سبب باطل كشهادة الزور فلا ينفَّذ حكمه، وأمَّا الخطأ في الاجتهاد فينقض وجوبًا بمخالفة نصٍّ صريح من كتاب أو سنة ولو كانت آحادًا، أو مخالفة إجماع قطعي، وينقض -أيضا- وفاقًا لمالك والشافعي بمخالفة القياس الجلي خلافا لأكثر الحنابلة، وزاد مالك أنه ينقض بمخالفة القواعد الشرعية.
          وبناء على ما تقدَّم، فإنَّ حكم الحاكم يرفع الخلاف إذا لم ينتقض الحكم بالخطأ في السبب والاجتهاد ويكون حكمه نافذًا ظاهرًا وباطنًا على أرجح القولين خلافًا لمن يرى عدم نفاذه في حقِّ من لا يعتقده.
          ويمكن الإفادة بمزيد من المصادر الأصولية المتناولة لهذه المسألة على الترتيب التالي:
          - المستصفى للغزالي: 2/382. البرهان للجويني: 2/1328. المحصول للرازي: 2/3/91. الفروق للقرافي: 4/40. الإحكام للآمدي: 4/203. المنثور للزركشي: 1/305. شرح تنقيح الفصول للقرافي: 441. روضة الطالبين للنووي: 11/234. مختصر ابن الحاجب والعضد عليه: 2/300. تيسير التحرير لبادشاه: 2/234. أدب القضاء لابن أبي الدم: 164. إيضاح المسالك للونشريسي: 150. ترتيب الفروق واختصارها للبقوري: 2/296. فواتح الرحموت للأنصاري: 2/395. جمع الجوامع لابن السبكي: 2/391. شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب للمنجور: 147» (٦٤)
          واعترضوا -أيضًا-: بأنّ قبض السلع إمّا أن يكون حكميا أو حقيقيا، والقبض الحكمي يكون إمّا بالتخلية بين المشتري والمبيع وتمكينه من تسلمه بأي وجه من الأوجه المتعارف عليها، أو بتسليم المشتري لمستندات مثل شهادة التخزين التي تمكنه من قبضها حسيا.
          والجواب: أنّ القول بأنّ قبض كلّ شيء بالتخلية هو قول الأحناف، ودليلهم قياس سائر الأموال على العقار، ومذهب الجمهور أنّ قبض كلّ شيء بحسبه(٦٥)، فالعقار قبضه بالتخلية، وكذا الثمر على الشجر، والمنقول كالأخشاب والحبوب والسيارات بالنقل والتحويل إلى مكان لا اختصاص للبائع به، والمتناول باليد كالدراهم والدنانير والثوب والكتاب ونحوها فقبضه بالتناول.
          ويدلّ على مذهب الجمهور-وهو المختار-: حديث ابن عمر رضي الله عنهما «أَنهمْ كَانُوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ الرسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَرَوْا طَعَامًا جُزَافًا أَنْ يَبِيعُوهُ في مَكَانِهِ حَتَّى يُحَوِّلُوهُ»(٦٦)، وعنه أيضا: «كُنّا في زَمَانِ الرسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ نَبْتَاعُ الطَعَامَ فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ المكَانِ الذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ إِلى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ»(٦٧).
          وأمّا غير المنقول فمرده إلى العرف، وأمّا قياس الأحناف سائر الأموال المنقولة على العقار في القبض بالتخلية ففيه قادحان: الأول: أنه قياس في مقابل النص، وقد سبق ذكر حديثي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وفيهما أنه لا يكتفى بالتخلية بل لا بد من النقل والتحويل، والثاني: أنه قياس مع ظهور الفارق، فالعقار لا يمكن نقله، بخلاف غيره.
          وبناء على ما تقرر ترجيحه فإنّ البائع إذا خلّى بين المشتري والسلعة من غير العقار فإنه لا يعد قابضا لها، وبالتالي تشمله الأحاديث الصحيحة الناهية عن بيع السلع حتى تحاز إلى الرحل، وتنقل من ملك البائع إلى رحل المشتري.
          واعترضوا ‑أيضًا‑ بأن الجمهور على أنَّ علة النهي عن بيع ما لم يقبض هي الغرر ..وقد رجَّح ابن تيمية رأي الجمهور بتعليله المنع باحتمال عجز البائع الثاني عن التسليم إذا نكل البائع الأول عن تسليمه هو المبيع، وهو غرر قد يفضى إلى النِّزاع. وإذا اعتبرنا هذا التعليل فإنَّ انتفاء هذا الاحتمال بالتخلية بين البائع الثاني والمبيع، أو تمكينه منه بأي وسيلة معتبرة عرفًا أو قانونًا يؤدي إلى انتفاء علة النهي والنهي تبعا لذلك.
          والجواب:
          أنه قد سبق أن التخلية لا تعد قبضا إلا في العقار، أما المنقول فلا بد من تحويله ونقله، ولو سلّمنا أن تمكين البائع بين المشتري والسلعة بالتخلية يؤدي إلى انتفاء الغرر المتمثل في عجز البائع الثاني عن التسليم إذا نكل البائع الأول، فإن النهي يبقى قائما من جهة أنّ من اشترى سلعة بمائة دينار، ودفعها للبائع ولم يقبض منه السلعة، ثم باعها إلى آخر بمائة وعشرين مثلا أنه اشترى بماله مالا أزيد منه، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: «دراهم بدراهم والطعام مرجأ»(٦٨) وبيّن ذلك فيما أخرجه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لمّا سأله طاوس: «ألا تراهم يتبايعون بالذهب والطعام مرجأ»(٦٩)
          قال الشوكاني -رحمه الله-: «وهذا التعليل أجود ما علّل به النهي، لأنّ الصحابة أعرف بمقاصد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم»(٧٠).

          وخلاصة البحث:

          أنّ المرابحة البنكية بصورتها المنتشرة وهي: اشتر لي سلعة كذا، وأربحك فيها نسيئة، مع إلزام الآمر بالشراء بوعده ليست امتدادا للمرابحة الفقهية المجمع على جوازها، ولا هي وليدة العصر، وحديثة النشوء كما صرح به بعض الباحثين، فقد سبق نقل كلام الإمام الشافعي -رحمه الله- أنه إذا ألزم المأمور الآمر بالشراء بوعده أن ذلك من البيع قبل التملك، وأن فيه غررا بحيث قد لا يستطيع المأمور تسليم السلعة في وقتها، كما سبق نقل نصوص كثيرة عن علماء المالكية الذين جعلوا المرابحة البنكية من صور العينة المحرَّمة.
          وأمّا الأحناف فقد جاء في كتاب «الحيل» للإمام محمد بن الحسن قوله: «قلت: أرأيت رجلا أمر رجلا أن يشتري دارا بألف درهم، وأخبره أنه إن فعل اشتراها الآمر بألف درهم ومائة درهم، فأراد المأمور شراء الدار، ثمّ خاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يأخذها، فتبقى في يد المأمور، كيف الحيلة في ذلك؟ قال: يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار ثلاثة أيام، ويقبضها، ويجيء الآمر ويبدأ فيقول: قد أخذت منك هذه الدار بألف ومائة درهم، فيقول المأمور: هي لك بذلك، فيكون ذلك للآمر لازما، ويكون استيجابا من المأمور للمشتري، أي: ولا يقل المأمور مبتدئا: بعتك إياها بألف ومائة، لأن خياره يسقط بذلك فيفقد حقه في إعادة البيت إلى بائعه،و إن لم يرغب الآمر في شرائها تمكّن المأمور من ردها بشرط الخيار، فيدفع عنه الضرر بذلك»(٧١) وهذا النقل يفيد بأنه –رحمه الله- لا يرى إلزام الآمر بالشراء بوعده لكونه جعل للمأمور حيلة شرعية متمثلة في شراء السلعة بالخيار ليتسنى له إرجاعها متى ما بدا للآمر عدم اقتنائها.
          وأمّا الحنابلة فجاء موقفهم صريحا فيما ذكره ابن القيم –رحمه الله- من أمثلة الحيل: «المثال الحادي بعد المائة: رجل قال لغيره: اشتر هذه الدار أو هذه السلعة من فلان بكذا وكذا وأنا أربحك فيها كذا وكذا، فخاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يريدها ولا يتمكن من الرد، فالحيلة: أن يشتريها على أنه بالخيار ثلاثة أيام أو أكثر، ثمّ يقول للآمر: قد اشتريتها بما ذكرت، فإن أخذها منه وإلاّ تمكّن من ردها على البائع بالخيار، فإن لم يشترها الآمر إلاّ بالخيار فالحيلة أن يشترط له خيارًا أنقص من مدة الخيار التي اشترطها هو على البائع، ليتسع له زمن الرد إن ردت عليه»(٧٢). وبذلك تتفق المذاهب الأربعة على عدم جواز ما تجريه البنوك الإسلامية من إلزام الآمر بالشراء بوعده.
          وتجدر الإشارة إلى أن المجيزين للمرابحة البنكية إنما اعتمدوا في تجويزهم لها على ما لفّقوه من مذاهب العلماء المشار إليهم آنفا، فأخذوا من المالكية إلزامهم بالوعد، وقد سبق أن المالكية إنما ألزموا الآمر بالشراء بوعده تصحيحا للمعاملة بعد وقوعها من باب الضرورة لئلا يلحق المأمور ضرر، لا ابتداء، ومن الشافعي تجويزه لها وأبطلوا الشطر الثاني من كلامه، فصار للمجيزين مذهب لم يسبقهم إليه أحد من العلماء، وهذا مزلق في الفتوى خطير يؤدي بطريق أو بآخر إلى انتشار الآراء الشاذة واستفحال ظاهرة تتبع رخص الفقهاء التي من أعظم مفاسدها الاستهانة بدين الله وركوب المحرمات بدعوى تجويزها من عالم أو فقيه(٧٣) وما أحسن قول سليمان التيمي -رحمه الله- «إن أخذت برخصة كلّ عالم اجتمع فيك الشر كله» قال ابن عبد البر عقبه: «هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا»(٧٤).
          هذا، ولا يمكن تخريج ما تفعله البنوك على الوكالة، بمعنى أن ما تأخذه زائدا على ثمن السلعة لا يعتبر جعلا على وكالتها، لأن المقاصد والنيات في العقود معتبرة، وكون الآمر يدفع للمأمور (البنك) الثمن مؤجلا دليل على أن البنك لم يكن مجرد وكيل له في الشراء بل كان مقرضا، وكان بإمكان المشتري اللجوء إلى البائع مباشرة ليقتني منه ما أراد من سلع، دون اللجوء إلى البنك، ولجوؤه إلى البنك دليل على عدم توفر السيولة المالية لديه مما أحوجه إلى اتخاذ وسيط مقرض، ولعلّ هذا الذي حمل الإمام مالك على أن يفرِّق بين النقد والأجل، قال -رحمه الله-: «وإن قال: ابتع لي هذا الثوب وأنا أبتاعه منك بربح كذا، فأمّا بالنقد فذلك جائز، وذلك جعل إذا استوجبه له، ولا خير فيه إلى أجل»(٧٥)، ثمّ إن أجرة الوكالة على عمل واحد لا تختلف بحسب ثمن السلعة لأنّ العمل -في الوكالة- هو المقصود، فإذا اختلفت الأجرة بحسب ثمن السلعة دلّ ذلك على أنّه مقصود من حيث الكثرة أو القلة، وليس من الوكالة في شيء، فدلّ على أن البنك اعتبر ثمن السلعة وجعله الأساس الذي ينبني عليه حجم نسبة الزيادة، ومن هنا اصطلحوا على تسمية هذه المعاملة ﺑ: «المرابحة»، وفي حال تلف السلعة قبل أن يقبضها المشتري، فإن كان ضمانها على البنك فلم تعد وكالةً لأنّ الوكيل أمين لا ضمان عليه فيما تلف تحت يده إذا لم يتعدّ ولم يفرّط.
          والجدير بالملاحظة أنَّ موانع البنوك الحالية في اتخاذ محلات لقبض المبيع أو فضاءات لحيازته إنما هي موانع قانونية بحتة؛ لأن أساس تقنين البنوك في نشأتها وعملها كونها مصرفية تتعامل بالقروض الربوية كشأن البنوك الغربية، وليست صفتها تجارية حتى يتسنى لها التعامل التجاري باتخاذ محلات للقبض ومحطات للبيع، لذلك فإن تغطية صاحب المقال الصفة الحقيقية للبنك بالخلاف الفقهي الوارد في القبض والحيازة والبيوع التجارية ليس له تفسير إلا در الرماد على العيون تقصدًا لإثارة الشبه والتمكين من زعزعة معتقد الناس في الربويات بالحيل، والله المستعان.
          ولا يسعنا -أخيرًا- إلا أن ندعو بما أثر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السمَوَاتِ والأَرْض، عَالمَ الغَيْبِ والشهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِني لما اخْتُلِفَ فِيهِ منَ الحقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»(٧٦).

          الجزائر في: 11 رجب 1430ﻫ
          الموافق ﻟ: 04 جويلية 2009م
          (*) من مقال منشور في بعض الجرائد الجزائرية.

          ١- أخرجه الترمذي (2336) كتاب «الزهد»، باب ما جاء أن فتنة هذه الأمة في المال، والحاكم: (4/31، من حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (594).

          ٢- أخرجه أحمد: (5/225)، من حديث عبد الله بن حنظلة رضي الله عنه، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4/210): «رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح»، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (3/29).

          ٣- أخرجه الحاكم: (2/43)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (4/48.

          ٤- «جامع بيان العلم» لابن عبد البر: (2/89).

          ٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (27/296-297).

          ٦- «منهاج السنة النبوية» لابن تيمية: (2/342).

          ٧- انظر: «لسان العرب» لابن منظور: (2/442) مادة: ربح.

          ٨- انظر: «بدائع الصنائع» للكاساني: (4/13، «القوانين الفقهية» لابن جزي: (174)، «المغني» لابن قدامة: (5/362)، «الحاوي الكبير» للماوردي: (5/287).

          ٩- «بدائع الصنائع» للكاساني: (4/465).

          ١٠- «السيل الجرار» للشوكاني: (2/683).

          ١١- «المغني» لابن قدامة: (5/572).

          ١٢- أخرجه أحمد: (3/466)، والحاكم: (2/12)، والبيهقي: (5/466)، من حديث أبي بردة رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (2/159).

          ١٣- المساومة: المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها. [انظر: «لسان العرب» مادة سوم].

          ١٤- انظر: «المغني» لابن قدامة: (5/362و572)، «الحاوي الكبير» للماوردي: (5/27، «السيل الجرار» للشوكاني: (2/681).

          ١٥- «المحلى» لابن حزم: (9/14).

          ١٦- «المصنف» لابن أبي شيبة: (4/443).

          ١٧- «المغني» لابن قدامة: (5/573).

          ١٨- حكى الإجماع: ابن هبيرة في «الإفصاح»: (2/350).

          ١٩- «بيع المرابحة» لأحمد ملحم: (79)، وانظر: «بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية» للأشقر: (6).

          ٢٠- «بيع المرابحة للآمر بالشراء في المصارف الإسلامية» للدكتور رفيق يونس المصري: (13-14).

          ٢١- أخرجه أحمد: (3/402)، وأبو داود (3503) كتاب «الإجارة»، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، والترمذي (1232) كتاب «البيوع»، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه. وصححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (6/448و489)، والألباني في «الإرواء»: (5/132).

          ٢٢- أخرجه أحمد: (2/17، وأبو داود (3504) كتاب «الإجارة»، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، والترمذي (1234) كتاب «البيوع»، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيق مسند أحمد»: (10/154)، وحسّنه الألباني في «الإرواء»: (5/14.

          ٢٣- «زاد المعاد» لابن القيم: (5/716).

          ٢٤- «الأم» للشافعي: (3/43).

          ٢٥- أخرجه البخاري (202 كتاب «البيوع»، باب بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ما ليس عندك، ومسلم (1525)، كتاب «البيوع»، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

          ٢٦- أخرجه البخاري (2019)، كتاب «البيوع»، باب الكيل على البائع والمعطي، ومسلم (1526)، كتاب «البيوع»، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

          ٢٧- أخرجه أبو داود (3499) كتاب «الإجارة»، باب في بيع الطعام قبل أن يستوفى، من حديث زيد ين ثابت رضي الله عنه، والحديث حسّنه ابن القطان في «الوهم والإيهام»: (5/401)، والألباني في «صحيح أبي داود»: (3499).

          ٢٨- أخرجه أحمد: (3/402)، وابن حبان: (11/35، من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه. قال ابن القيم في «تهذيب السنن» (9/381): «وهذا إسناد على شرطهما سوى عبد الله بن عصمة وقد وثقه ابن حبان واحتج به النسائي»، والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع»: (342).

          ٢٩- من «نيل الأوطار» للشوكاني: (5/26.

          ٣٠- «البيان والتحصيل» لابن رشد: (7/87).

          ٣١- أخرجه أحمد: (2/432)، والترمذي (1231)، كتاب «البيوع»، باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة والنسائي (4632)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (5/45: «هذا الحديث مسند متصل عن النبي صلى الله عليه وسلم عن حديث بن عمر و حديث بن مسعود وحديث أبي هريرة وكلها صحاح من نقل العدول وقد تلقاها أهل العلم بالقبول»، والحديث صحَّحه ابن الملقن في «البدر المنير»: (6/496)، وحسّنه الألباني في «الإرواء»: (5/149).

          ٣٢- «المنتقى» للباجي: (5/3، وانظر: «شرح الزرقاني»: (3/311).

          ٣٣- «الكافي» لابن عبد البر: (325).

          ٣٤- «الشرح الصغير» للدردير: (3/192).

          ٣٥- «البيان والتحصيل» لابن رشد: (7/87).

          ٣٦- «القوانين الفقهية» لابن جزي: (284).

          ٣٧- انظر أدلة المجيزين للمرابحة البنكية في «بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية» للقرضاوي.

          ٣٨- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (29/13).

          ٣٩- «الأذكار» للنووي: (270).

          ٤٠- انظر: «التمهيد» لابن عبد البر: (3/206-214)، «فتح الباري» لابن حجر: (5/356)، «تفسير القرطبي»: (11/113-114)، «أضواء البيان» للشنقيطي: (4/375-381).

          ٤١- «التمهيد» لابن عبد البر: (3/207).

          ٤٢- أخرجه البخاري (33)كتاب «الإيمان»، باب علامة المنافق، ومسلم (59) كتاب «الإيمان»، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

          ٤٣- من فتوى للشيخ محمد علي فركوس -حفظه الله- الموسومة ﺑ: « في الاستفادة من البنوك بواسطة ديوان تشغيل الشباب» برقم: (467).

          ٤٤- «بيع المرابحة للآمر بالشراء» للدكتور رفيق يونس المصري: (35).

          ٤٥- المصدر نفسه.

          ٤٦- الاستصناع: عقد على بيع عين موصوفة في الذمة مطلوب صنعها، وصورته: أن يقول إنسان لصانع: أصنع لي طاولة مثلا من عندك ويبيّن له نوعها وقدرها وصفتها، ويقدم له المال كله أو جزءً منه، ويتفقان على ذلك، فينتفع الصانع بالمال، والمستصنع بالعين.

          ٤٧- «بدائع الصنائع» للكاساني: (4/63).

          ٤٨- المصدر نفسه.

          ٤٩- أخرجه البخاري (3367)، كتاب «المناقب»، باب صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومسلم (2327) كتاب «الفضائل»، من حديث عائشة رضي الله عنها.

          ٥٠- أي ألازم قراءته ليلا ونهارا شيئا بعد شيء وحينا بعد حين، مأخوذ من فواق الناقة وهو أن تحلب ثم تترك ساعة حتى تدر ثم تحلب هكذا دائما. [«الفتح» لابن حجر: (7/710)].

          ٥١- أخرجه البخاري (408 كتاب «المغازي»، باب بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع.

          ٥٢- «فتح الباري» لابن حجر: (6/712).

          ٥٣- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (11/620-635).

          ٥٤- «الإجماع» لابن المنذر: (132).

          ٥٥- «تهذيب السنن» لابن القيم المطبوع بحاشية «عون المعبود»: (9/382)، وانظر «بداية المجتهد» لابن رشد: (1/88، و«المجموع شرح المهذب» للنووي: (10/414).

          ٥٦- سبق تخريجه.

          ٥٧- سبق تخريجه.

          ٥٨- انظر: «الإنارة شرح كتاب الإشارة» للشيخ محمَّد علي فركوس: (344).

          ٥٩- «المحلى» لابن حزم: (8/519).

          ٦٠- أخرجه البخاري (2009) كتاب البيوع، باب إذا اشترى شيئا فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا...، وابن حبان في «صحيحه»: (7073)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

          ٦١- أخرجه مسلم (49 كتاب «المساقاة»، وأبو داود (3505)كتاب «الإجارة»، باب في شرط في بيع، والنسائي (4637) كتاب «البيوع»، باب البيع يكون فيه الشرط فيصح البيع والشرط، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

          ٦٢- من فتوى للشيخ محمد علي فركوس -حفظه الله- بعنوان: «في اشتراط الإيواء إلى الرِّحال في المعقود عليه بمعاوضة» تحت رقم: (891).

          ٦٣- «تهذيب السنن» لابن القيم المطبوع بحاشية «عون المعبود»: (9/382).

          ٦٤- انظر فتوى: « في الاعتداد بحكم الحاكم في رفع الخلاف» برقم: (457).

          ٦٥- انظر: «مواهب الجليل» للحطاب: (4/477)، «كشاف القناع» للبهوتي: (3/247)، «الحاوي الكبير» للماوردي: (5/227)، «المجموع شرح المهذب» للنووي: (10/434).

          ٦٦- أخرجه مسلم كتاب «البيوع»: (2/711)، رقم: (1527)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

          ٦٧- أخرجه مسلم كتاب «البيوع»: (2/711)، رقم: (1527)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

          ٦٨- أخرجه البخاري (2025) كتاب «البيوع»، باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

          ٦٩- أخرجه مسلم (1525) كتاب «البيوع»، من حديث ابن عباس رضي الله عنها.

          ٧٠- «نيل الأوطار» للشوكاني: (5/16.

          ٧١- «الحيل» لمحمد بن الحسن الشيباني: (79).

          ٧٢- «أعلام الموقعين»: (4/29).

          ٧٣- قال الشاطبي في «الموافقات» (4/14: «وقد أذكر هذا المعنى جملة مما فى اتباع رخص المذهب من المفاسد سوى ما تقدم ذكره فى تضاعيف المسألة: كالانسلاخ من الدين بترك اتباع الدليل إلى اتباع الخلاف وكالاستهانة بالدين إذ يصير بهذا الاعتبار سيالا لا ينضبط، وكترك ما هو معلوم إلى ما ليس بمعلوم لأن المذاهب الخارجة عن مذهب مالك في هذه الأمصار مجهولة وكانخرام قانون السياسة الشرعية بترك الانضباط إلى أمر معروف وكإفضائه إلى القول بتلفيق المذاهب على وجه يخرق إجماعهم وغير ذلك من المفاسد التي يكثر تعداده».

          ٧٤- «جامع بيان العلم» لابن عبد البر: (2/91).

          ٧٥- «النوادر والزيادات» لابن أبي زيد القيرواني: (6/8.

          ٧٦- أخرجه مسلم: (1/350)، رقم: (770) كتاب «صلاة المسافرين»، من حديث عائشة رضي الله عنها.




          الرابط http://www.ferkous.com/site/rep/R12.php
          ///////////////////////////////////////////////
          الفتوى رقم: 1042
          الصنف: المعاملات المالية-بيوع
          في حكم الزيادة على المبلغ الحقيقي في الفاتورة
          السـؤال:
          أعمل بائعًا في محجرة أحد الخواصِّ، ويطلب مني وكلاء الزبائن خفض الثمن، فأجاريهم بإذن من صاحب المحل، وعند تحرير الوصل أو الفاتورة يطلبون كتابتها بالثمن الأصلي دون الثمن المنقوص، فما حكم هذا العمل؟ وبارك الله فيكم.
          الجـواب:
          الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
          فإثباتُ زيادةٍ إضافيةٍ على المبلغ الحقيقيِّ في الفاتورة منكرٌ لاشتماله على الكذب والزور والغشٍّ من جهة، وهو منهيٌّ عنه بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «..إِيَّاكُمْ وَالكَذِبَ، فَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يزَالُالرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا»(١)، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»(٢)، والوصل المستعمل بمثابة شهادة زور، وقد نهى الشرع عن الزور وعَدَّهُ من أكبر الكبائر(٣).
          كما تتضمَّن -من جهة أخرى- التعاون مع صاحب الشاحنة إن كان وكيلاً على أكلِ مال موكِّله بالباطلِ، حيث يُثبت له بواسطة الفاتورة المبلغ الكاذب ليأخذ منه زائدًا عن أجرةِ وكالته، فإن لم يكن وكيلاً فإنه يغشُّ الناس أيضًا بواسطة الفاتورة على أنه اشتراها بالمبلغ الموضوع فيها، ليعطوا له أزيد منها، وَكِلاَ الأمرين يدخلان في عموم قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، وقولِه صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»(٤)، وقولِه صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبٍ نَفْسٍ مِنْهُ»(٥)، وعليه فلا يُشرع التعاون معه على هذا الإثم والاعتداء بواسطة الفاتورة الكاذبة لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].
          هذا، ولا يدخل إذن مالك المحجرة ورضاه في هذا التصرُّف الممنوع شرعًا؛ لأنَّ تحريم الغِشِّ والزور والخداع والكذب ونحوها من حقوق الله تعالى التي لا تقبل التراضي والإذن، بل المالك إن علم منعها ورضي بها فقد وقع في معصية وإن لم يفعلها؛ لأنَّ الرضا بالذنب ذنب، والإعانة على معصية ولو بالإذن والترخيص معصية.
          وأخيرًا، فالواجب على الوكيل وغيرِه أن يؤدي الأمانة إلى من ائتمنه، ويُقلِع عن التعدِّي على أموال الناس بالحيلة والكذب والخداع، وعليه أن يندم ويتوب ويستتبع توبتَه بالاستغفار والعمل الصالح، ومن شرط التوبة التخلُّص من المال الحرام، ورد المظالم إلى أهلها، فإن لم يعرفوا أنفقها في مصالح المسلمين ومنافعِهم.
          والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

          الجزائر في: 02 ربيع الأول 1431ﻫ
          الموافق ﻟ: 16 فبراير 2010م
          ١- أخرجه البخاري في «الأدب» (3 /235) ، باب قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ وما ينهى عن الكذب، ومسلم: (2 /120 في «البرِّ والصلة والآداب» رقم (2607) ، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

          ٢- أخرجه مسلم (1 /5 في «الإيمان» رقم (101)، وأحمد في «مسنده»: (2 /417) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

          ٣- أخرجه البخاري في «الأدب» (3/ 211) باب عقوق الوالدين من الكبائر، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، ولفظه: «أَلاَ أُنْبِئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: الإِشْرَاكُ بِاللهِ وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ -وكان متكئا فجلس- فقال: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ. فما زال يقولها حتى قلت لا يسكت»

          ٤- أخرجه مسلم (2 /1193) في «البرّ والصلة والآداب» رقم: (2564)، وأحمد في «مسنده»: (2 /227)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

          ٥- أخرجه أحمد في «مسنده»: (5 /72)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (6 /100)، من حديث حنيفة الرقاشي رضي الله عنه. والحديث صحّحه الألباني في «الإرواء» (5 /279)

          الرابط http://www.ferkous.com/site/rep/Bi164.php

          //////////////////////////////////////////////////////////
          الفتوى رقم: 865
          الصنف: فتاوى البيوع والمعاملات المالية

          في حكم إعادة بيع وصل الإسمنت
          السـؤال:
          ما حكمُ إعادةِ بيع وشراءِ وصلِ الإسمنت. ومثله وصل شراء أجهزة كهرومَنْزِلية من محلاَّت معيِّنة متعاقدة مع الشركة تعطيه هذه الشركة هدية، في كلِّ هذه الحالات يباع الوصل بزيادة أو نقصان عن القيمة الحقيقية.
          الجـواب:
          الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
          فوصل الإسمنت لا تجري فيه أحكام التعامل الصرفي؛ لأنَّه لا يُعدُّ صَكًّا بالنقود، وإنما هو وثيقةٌ معبِّرةٌ عن مقدارٍ مُعيَّنٍ من الإسمنت تكون سَنَدًا لحاملها.
          - فإن كان حامل الوصل أخذه بعقدِ بيعٍ دفع ثمنه عِوضًا، فإنَّ للمشتري الحقَّ الماديَّ في مِلكية الكمية المتضمِّنة في الوثيقة الإثباتية التي يتمُّ بها وفاءُ المنتوج الإسمنتي من قبل المصانع أو الشركة المنتِجة له، غيرَ أنَّ صاحبَ الحقِّ الماديّ لا يجوز له شرعًا أن يبيعَ وصله أو وثيقته للمشتري إلاَّ بعد حيازة سِلعته إلى رحله وهو المكان الخاصُّ به، وقد جاء في الحديث: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسَلَّم أنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ»(١)، والحديث عامٌّ في كلِّ السِّلع، ويدلُّ عليه قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في حديث حكيمٍ بنْ حِزام: «إِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلاَ تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ»(٢)، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «مَنِ ابْتَاعَ طَعامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ»، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «وَأَحسب كلّ شيء مثله»(٣).
          - أمَّا إذا كان حامل الوصل قد تلقَّاه معونةً من شركته أو هبةً أو هديةً من مصنعه من غير أن يشتريَها بعوضٍ ماليٍّ، فإنَّه على أرجح قولي العلماء جواز بيع الوصل بهذه الصفة قبل قبض المنتوج، وهو مذهب المالكية والشافعية؛ لأنَّ النهي في الأحاديث السابقة لا يشمل سوى ما كان مأخوذًا بعقد عوضٍ ماليٍّ، أمَّا هذه الحالة فمختلفة عنها، تحكمها عمومُ أدلَّة الإباحة، إذ «الأَصْلُ فِي التِّجَارَةِ وَسَائِرِ المَكَاسِبِ وَالمُعَامَلاَتِ الحِلُّ وَالجَوَازُ»، بخلاف من اشتراها منه فلا يجوز له أن يبيعَها إلاَّ بعد قبضِها؛ لأنَّ النهيَ متوجِّهٌ له بصفته مُشتريًا لها -كما تقدَّم ذِكره-.
          - أمَّا إذا اشترى وَصْلاً بقيمة ماليةٍ ترقُّبا لتحصيل مالٍ أكثر منه مع احتمال تضييع ماله المبذول في هذه المعاملة كما هو الشأن في وصل الرهان الرياضي وغير الرياضي، أو شراء وصلٍ رجاءَ الحصول على سيارة ونحو ذلك فإنَّ هذه المعاملة محرَّمة لكونها معدودةً من المَيْسِرِ، لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90].
          والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

          الجزائر في: 12 ربيع الأول 1429ﻫ
          الموافق ﻟ: 19 مارس 2008م

          ١-أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الإجارة، باب في بيع الطعام قبل أن يستوفي: (3499)، والحاكم في «المستدرك»: (2271)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (10832)، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه. والحديث حسَّنه ابن القطان في «الوهم والإيهام»: (5/401)، والألباني في «صحيح أبي داود»: (3499).

          ٢- أخرجه أحمد في «مسنده»: (14892)، وعبد الرزاق في «المصنف»: (14214)، والحديث صحَّحه شعيب الأرناؤوط في «تحقيقه لمسند أحمد»: (3/402).

          ٣- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ما ليس عندك:(202، ومسلم في «صحيحه» كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض: (383، وأبو داود في «سننه» كتاب ، باب في بيع الطعام قبل أن يستوفى: (3497)، والترمذي في «سننه» كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع الطعام حتى يستوفيه: (1291)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

          الرابط http://www.ferkous.com/site/rep/Bi135.php
          /////////////////////////
          الفتوى رقم: 499
          الصنف: فتاوى البيوع والمعاملات المالية

          في حكم شراء سلعة من السوق وبيعها في نفس السوق.



          السؤال: هل يجوز شراء سلعة من دكان يقع في سوق الجملة للخضر والفواكه وبيعها في دكان آخر يقع في نفس السوق؟

          الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وآله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
          فإذا حاز المشتري بضاعة إلى رحله، أي المكان الخاص به، أي: خرجت السلعة من حيازة البائع وضمانه، فإنَّ المشتري يجوز له أن يبيعها في السوق وينقلها للمشتري الثاني ليبيعها له لأنَّ ضمان الإتلاف بعد الحيازة يكون على المشتري الناقل لها لقول الصحابي :" نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعَ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَارُ إِلَى رِحَالِهِمْ ".(١)
          والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وآله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.

          الجزائر في: 17 ربيع الأول 1427هـ
          الموافق لـ: 15 أفريل 2006م

          ١- أخرجه أبو داود في الإجارة (3499)، والحاكم في المستدرك (2271)، والدارقطني في سننه (36)، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، وصححه ابن حبان كما في "فتح الباري" لابن حجر (4/350)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (8/190)، وقال الألباني في صحيح أبي داود:"حسن بما قبله"(3499).

          الرابط http://www.ferkous.com/site/rep/Bi93.php
          ////////////////////////////////////
          الفتوى رقم: 105
          الصنف: فتاوى البيوع والمعاملات المالية

          شراء السلعة وبيعها في السوق نفسه

          السؤال: تاجر يشتري سلعة ويدفع عليها عربونا ثمّ يبيعها في نفس السوق بسعر أغلى، وهي لا تزال عند البائع فهل هذه الصورة جائزة شرعا ؟ وجزاكم الله خيرا

          الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أمّا بعد:
          فإنّ هذه الصورة من البيع غير جائزة لعدم حيازة المشتري سلعته إلى رحله وهو المكان الخاص به، و دليله حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال :" ابتعت زيتا في السوق فلما استوجبته لقيني رجل فأعطاني به ربحا حسنا، فأردت أن أضرب على يد الرجل، فأخذ رجل من خلفي بذراعي، فالتفت فإذا هو زيد بن ثابت، فقال : لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك ، فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم "
          (١).
          ولأن المشتري إذا لم يحزها أو يقبضها لا تدخل تحت ضمانه إذا تلفت و يكون الضمان على حساب مال البائع و في ذلك ربح للمشتري لم يضمنه و قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمر و بن شعيب عن أبيه عن جده "عن ربح ما لم يضمن "
          (٢) والربح الذي يضمنه الغير ظلم و الظلم منهي عنه شرعا.
          والله أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.

          ١- رواه أحمد(6/246) رقم(21160) و أبو داود كتاب الإيجار باب في بيع الطعام قبل أن يستوفى و ابن حبان كتاب البيوع باب البيع المنهي عنه والحاكم كتاب البيوع رقم(2271) أنظر صحيح أبي داود(3499).
          ٢- رواه النسائي كتاب البيوع باب سلف وبيع، وأحمد (2/41 رقم(6879).انظر الإرواء(5/147).
          الرابط http://www.ferkous.com/site/rep/Bi22.php
          //////////////////////////

          الفتوى رقم: ١١٦٩

          الصنف: فتاوى المعاملات المالية
          في حكم مسألتي بيع التورُّق والعِينة

          السؤال:
          ما حكم التعامل مع شركةٍ طريقةُ معاملتها مع الزبائن ما يأتي:
          ١) تشتري سلعًا مباحةً بجميع أنواعها إلى أجلٍ معلومٍ بثمنٍ يفوق قيمتَها الحقيقية في السوق، ثمَّ تبيعها لغير البائع الأوَّل بأقلَّ مِن ثمنها الذي اشترت به نقدًا في الحال.
          ٢) يبيع بعض الناس للشركة السيَّارةَ أو السلعة بثمنٍ إلى أجلٍ معلومٍ، ثمَّ يقوم المشتري -أي: الشركة- بإعادة بيعها لبائعها الأوَّل في الحال بأقلَّ مِن الثمن الذي باعها به.
          ويشتري آخرون السيَّارةَ مِن الشركة نقدًا، وبعد مدَّةٍ يسيرةٍ -يومٍ أو يومين- يعيد بيعَها للشركة إلى أجلٍ بأكثرَ مِن الثمن الذي اشتراها به. وبارك الله فيكم.
          الجواب:
          الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
          فهذه المعاملة تضمَّنت صورتين مِن صور البيع المختلَف فيهما:
          الأولى: التورُّق: وهي أن يشتريَ سلعةً تساوي ألفَ دينارٍ -مثلاً- حالاًّ، بألفٍ وعشرين دينارًا نسيئةً، لغير قصدِ الانتفاع بالسلعة، وإنما ليبيعَها المشتري مِن آخَرَ بما يساويها حالاًّ (أي: بألف دينارٍ)، فينتفعُ بثمنها لأنَّ غرضَه الورِقُ أي: الدراهم أو المال لا السلعة.
          وحكم بيع التورُّق -بالصورة المذكورة-: على الكراهة التحريمية على أرجح قولَيِ العلماء، وهذا الحكم مرويٌّ عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما وعمر بن عبد العزيز وهو قول مالكٍ(١) ونصره ابن تيمية(٢)، قال عمر بن عبدِ العزيز: «التورُّق آخِيَة الربا» أي: أصل الربا(٣)، ذلك لأنَّ المقصود مِن هذه المعاملة -في الظاهر- الوصولُ إلى الربا المحرَّم عن طريق هذه المعاملة، وهي صورةٌ تتحقَّق -غالبًا- عند الحاجة إلى النقود مع تعذُّر الاقتراض، لذلك يُمنع التحايل على الربا بهذا الوجه أو بغيره سدًّا لذريعة المحرَّم.
          فإن خَلَتْ هذه المعامَلةُ مِن التحيُّل على الربا، كأن تكون السلعةُ عند الدائن وقتَ العقد، ويقبضَها المدينُ قبضًا تامًّا، ويبيعَها -بسعر السوق- لغيرِ مَن اشتراها منه بدون سابقِ تواطؤٍ؛ فإنَّ هذه المعاملةَ -بهذا الاعتبار- جائزةٌ لعموم النصوص الدالَّة على جواز البيع، ولأنه لا فرق في مقصود المشتري بين الانتفاع بالسلعة مِن استهلاكٍ أو استعمالٍ أو تجارةٍ، وبين أن يشتريَها لينتفعَ بثمنها لانتفاء المحذور الشرعيِّ -السالف البيان- مِن التحايل على الربا.
          وجديرٌ بالملاحظة والتنبيه أنَّ قول السائل عن الشركة بأنها «تشتري سِلَعًا مباحةً بجميع أنواعها إلى أجلٍ» مرادُه أن يكون البدلان ممَّا يصحُّ فيهما الأجلُ، لأنَّ ثَمَّةَ بعضَ المعاملات التي لا تقبل النَّساءَ، وشرطُها التقابض في الحالِ كالذهب مع الفضَّة، أو النقود الورقية مع الذهب أو مع الفضَّة، وإلاَّ كانت المعاملةُ ربويةً مِن قسم ربا النسيئة في البيوع أو الربا الخفيِّ، لأنَّ شرط التقابض في المجلس الواحد فيها متَّفقٌ عليه لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَلاَ تَبِيعُوا غَائِبًا بِنَاجِزٍ»(٤)، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ»(٥).
          الصورة الثانية: -في شقِّها الأوَّل- بيعُ العِينة: وهي أن يبيع رجلٌ سلعةً بثمن «ألف دينارٍ» -مثلاً- إلى أجلٍ معلومٍ كشهرٍ، ثمَّ يبيعَ المشتري السلعةَ نفْسَها لبائعها الأوَّل في الحالِ بأقلَّ مِن الثمن الذي باعها به كخمسمائة دينارٍ، وترجع السلعةُ إلى بائعها الأوَّل، وفي نهاية الأجل المحدَّد لدفع الثمن في العقد الأوَّل يدفع المشتري كاملَ الثمن، فيكونُ الفرق بين الثمنين لصاحب المتاع الذي باع بيعًا صوريًّا، والغرض مِن هذه المعاملة كلِّها هو التحايل على القرض بالربا عن طريق البيع والشراء.
          وحكم بيع العِينة: التحريمُ على أرجح قولَيِ العلماء، وهو مذهب الجمهور، وبه قال أبو حنيفة ومالكٌ وأحمد وأتباعُهم، وهو مرويٌّ عن ابن عبَّاسٍ وعائشةَ وأنسٍ رضي الله عنهم، والحسنِ وابن سيرينَ والشعبيِّ والنخعيِّ، وهو مذهب الثوريِّ والأوزاعيِّ(٦).
          ويدلُّ على تحريم بيع العِينة: قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ؛ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ»(٧)، وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا»(٨)، وما ثبت عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه سئل عن رجلٍ باع مِن رجلٍ حَريرةً بمائةٍ ثمَّ اشتراها بخمسين فقال: «دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ مُتَفَاضِلَةٍ دَخَلَتْ بَيْنَهَا حَرِيرَةٌ»(٩)، وعنه رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: «اتَّقُوا هَذِهِ العِينَة، لاَ تَبِيعُوا دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ بَيْنَهُمَا حَرِيرَةٌ»(١٠)، وعن أنسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْعِينَة –يَعْنِي: بَيْعَ الحَرِيرَةِ- فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ لاَ يُخْدَعُ، هَذَا مِمَّا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ»(١١).
          ولا يخفى أنَّ تحريم بيع العِينة مبنيٌّ على أصل سدِّ الذرائع، لأنه ذريعةٌ إلى الربا، وبه يُتوصَّل إلى إباحةِ ما حرَّم اللهُ تعالى، و«الوسيلة إلى الحرامِ حرامٌ».
          أمَّا شقُّها الثاني: وهي كونُ بيعِ السلعة -في العقد الثاني- بثمن المثل أو أكثرَ فجائزٌ، وكذا يجوز شراؤها بأيِّ ثمنٍ شاء ولو بأقلَّ مِن ثمنها في حالة نقصان المبيع عن قيمته، وقد أفصح عن هذه الملاحظة والتنبيه ابنُ قدامةَ المقدسيُّ -رحمه الله- حيث قال: «.. فأمَّا بيعُها بمثل الثمن أو أكثرَ فيجوز لأنه لا يكون ذريعةً، وهذا إذا كانت السلعةُ لم تنقص عن حالة البيع، فإن نقصت... جاز له شراؤها بما شاء، لأنَّ نَقْصَ الثمن لنقص المبيع لا للتوسُّل إلى الربا، وإن نقص سعرُها أو زاد لذلك أو لمعنًى حدث فيها لم يَجُزْ بيعُها بأقلَّ مِن ثمنها كما لو كانت بحالها»(١٢) بتصرُّف.
          والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
          الجزائر في: ١٩ ربيع الثاني ١٤٣٥ﻫ
          الموافـق ﻟ: ١٩ فبـرايـر ٢٠١٤م

          (١) انظر: «بداية المجتهد» لابن رشد (٢/ ١٦٢).

          (٢) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٩/ ٤٤٢)، «الاختيارات الفقهية لابن تيمية» للبعلي (١٢٩).

          (٣) المصدر السابق.

          (٤) أخرجه البخاري في «البيوع» باب بيع الفضة بالفضة (٢١٧٧)، ومسلم في «المساقاة» (١٥٨٤) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

          (٥) أخرجه مسلم في «المساقاة» (١٥٨٧)، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.

          (٦) انظر: «بداية المجتهد» لابن رشد (٢/ ١٤٢)، «المغني» لابن قدامة (٤/ ١٩٣)، «نيل الأوطار» للشوكاني (٦/ ٣٦٣).

          (٧) أخرجه أبو داود في «أبواب الإجارة» باب في النهي عن العينة (٣٤٦٢)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (١/ ٤٢).

          (٨) أخرجه أبو داود في «أبواب الإجارة» باب فيمن باع بيعتين في بيعة (٣٤٦١)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وحسنه الألباني في «الإرواء» (٥/ ١٥٠)

          (٩) انظر: «حاشية ابن القيِّم» مع «عون المعبود» (٩/ ٢٤١).

          (١٠) المرجع والصفحة نفسهما.

          (١١) «تهذيب السنن» (٩/ ٢٤٢)، وروي مثلُه عن ابن عبَّاسٍ كما في المرجع السابق.

          (١٢) «المغني» (٤/ ١٩٤) و«الكافي» (٢/ ٢٦) كلاهما لابن قدامة.

          تعليق


          • #6
            رد: بحث متجدد لامر التور و ربا العينة لثلة من المشايخ


            مجلة البحوث الإسلامية
            اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Logo.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	44.8 كيلوبايت 
الهوية:	172603

            مجلة البحوث الإسلامية
            العدد الثاني والسبعون
            الإصدار : من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1425هـ
            البحوث
            التأصيل الفقهي للتورق في ضوء الاحتياجات التمويلية المعاصرة
            التواطؤ على التورق في معاملة واحدة أو في معاملة تالية لإطفاء مديونية سابقة مماثلة
            4 - التواطؤ على التورق في معاملة واحدة أو في معاملة تالية لإطفاء مديونية سابقة مماثلة وأثره في الحكم .
            لعل مفهوم من التواطؤ على التورق في معاملة واحدة أن يشتري أحد الناس سلعة من آخر بثمن مؤجل لغرض بيعها والانتفاع بثمنها دون أن يكون له غرض في سداد مديونية عليه لمن باعه فإذا كان هذا هو المفهوم فلا يظهر لي مانع في إجازة هذا البيع ولو كان غرض المشتري الانتفاع بالثمن ولكن بشرط ألا يبيع السلعة على من باعه إياها بحيث تكون من بيوع العينة .
            وسواء أكان ذلك عن طريق تواطؤ بين الطرفين وذلك بإفصاح المشتري عن رغبته إلى البائع للانتفاع بثمن ما اشتراه منه أو
            لم يكن عن طريق تواطؤ حيث إن هذا البيع لا يخرج عن مسمى البيع الحلال لانتفاع القصد و التحيل به إلى الربا ولانتفاع صورة الربا في ذلك .
            وأما إذا كان الغرض من التورق إطفاء مديونية سابقة للبائع على المشتري فهذا ما يسمى بقلب الدين على المدين ، وقد أفتى مجموعة من أهل العلم بمنع ذلك لما يفضي إليه من نتيجة ما يفضي إليه المسلك الجاهلي من أخذهم بمقتضى : أتربي أم تقضي ؟
            ولما في ذلك من مخالفة صريحة لأمر الله بقوله تعالى : وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ فالأمر في الإنظار يقتضي الوجوب .
            وممن قال بمنع ذلك مجموعة من علماء السلف ومنهم الإمام مالك رحمه الله ، فقد سئل الشيخ عبد الله أبابطين عن حكم قلب الدين فأجاب بإجابات متعددة ومن إجاباته رحمه الله ما نصه : ( ( ونذكر لكم صورة من صور قلب الدين ذكرها الإمام مالك في الموطأ يفعلها بعض الناس إذا صار له على آخر مائة مثلا وطلبها منه قال : ما عندي نقد لكن بعني سلعة بثمن مؤجل كما يقول بعضهم العشر اثني عشر فيبيعه سلعة بمائة وعشرين مؤجلة تساوي مائة نقدا ثم يبيعها المشتري ويعطيه ثمنها مائة . قال مالك رحمه الله : في الرجل يكون له على الرجل مائة
            دينار إلى أجل فإذا حلت قال الذي عليه الدين بعني سلعة يكون ثمنها مائة دينار نقدا بمائة وخمسين إلى أجل ) )
            قال مالك : هذا بيع لا يصلح ولم يزل أهل العلم ينهون عنه .
            قال إنما كره ذلك ، لأنه إنما يعطيه ثمن ما باعه بعينه ويؤخر عنه المائة الأولى إلى الأجل الذي ذكره له آخر مدة ويزداد عليه خمسين دينارا في تأخيره عنه . فهذا مكروه ولا يصلح وهو يشبه حديث زيد بن أسلم في بيع أهل الجاهلية أنهم كانوا إذا حلت ديونهم قالوا للذي عليه الدين : إما أن تقضي وإما أن تربي " فإن قضى أخذوا وإلا زادوهم في حقوقهم وزادوهم في الأجل " ا هـ .
            ثم ذكر الشيخ عبد الله أبابطين " أن السلف يعبرون كثيرا بالكراهية فيما هو محرم عندهم " ا هـ .
            وقد قال بمثل هذا القول مجموعة من علماء نجد وغيرهم لما يترتب على ذلك من أيلولة هذه الصورة إلى ربات الجاهلية المشتمل على الظلم والعدوان واستغلال الاضطرار والإكراه والضعف ويمكن أن يخص هذا الحكم بقلب الدين على المدين المعسر .
            أما إذا كان الدين على مليء إلا أنه في حاجة إلى الاستزادة من التمويل لتوسيع نشاطه الاستثماري فهذه الحال محل نظر واجتهاد . وقد أجاز هذه الصورة مجموعة من الهيئات الرقابية
            الشريعة للمؤسسات المالية لانتفاء المحاذير الشريعة في الاضطرار وفي استغلال الضعف والحاجة ولانتفاء صورة الربا وحقيقة .

            الرابط
            http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
            /////////////////////////////////////////////
            ابحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية
            >المجلد الرابع
            >إصدار : سنة 1421 هـ
            >2001 م>التأمين
            >ذكر اختلاف الباحثين في حكمه وأدلة كل فريق منهم مع المناقشة
            >رأى بعض العلماء المعاصرين التفصيل بين أنواع التأمين في الحكم
            الرأي الثالث :
            رأى بعض العلماء المعاصرين التفصيل بين أنواع التأمين في الحكم ، فحرم التأمين على الحياة أو بعض أعضاء الجسم ؛ كالحنجرة أو الأصابع .
            واستدل على ذلك ببعض ما استدل به المانعون للتأمين التجاري مطلقا من كونه قمارا ، ونوعا من بيوع الغرر ، ومتضمنا بيع دراهم بدراهم مثلا نسيئة مع التفاضل ، وأباح التأمين على السيارات من الحوادث التي تصاب بها وما تصيب به غيرها من الأضرار في النفوس والأموال ، واستدل على ذلك ببعض ما استدل به المجيزون للتأمين التجاري مطلقا من كونه من باب التعاون والوفاء بالعقود ، وقد أمر الله بذلك ، وكون الأصل في العقود الإباحة حتى يقوم دليل على المنع ، ولم ينهض دليل على منع عقود التأمين ، وقاسه على ضمان السوق وضمان المجهود ، ومن كونه مصلحة ولشدة حاجة الناس إليه ، وناقش كل أدلة مخالفيه بما ناقش كل من الفريقين السابقين مخالفه فلذا اكتفت اللجنة بما تقدم من استدلال الفريقين ، ومناقشتها خشية الإطالة بما لا جدوى فيه .
            وسلك جماعة في التفصيل طريقا أخرى هي الفرق بين ما كان من عقود التأمين خاليا من الربا فيجوز ، وما كان منها مشتملا على الربا إلا إذا دعت الضرورة إليه فيرخص فيه مؤقتا حتى تتاح الفرصة للتخلص مما فيه الربا ، وقد تقدم استدلال المانعين وجه اشتمال عقود التأمين على الربا ، ومناقشة المجيزين لذلك فلا نطيل بذكره خشية التكرار .
            وتردد بعض العلماء المعاصرين في الحكم على التأمين التجاري بحل وبحرمة ورأى أن هذه المسألة عامة ولها أهمية كبرى فينبغي أن لا تترك لفرد
            يفتي فيها ، بل يجب على علماء العصر أن يوفروا جهودهم ويكدسوها لبحثها ، وأن يتعاونوا على حل مشاكلها ، لينتهوا من بحثهم إلى رأي واضح يذهب ببلبلة الأفكار ويقضي على اختلاف الآراء أو يحد من كثرتها ويخفف من شدتها . ومن نظر في هذا لم يجد فيه حكما موافقا أو مخالفا لما تقدم وإنما هو نصيحة لعلماء العصر ومشورة عليهم بما يجب أن يعملوه وإرشاد إلى الطريق التي يجب أن يسلكوها لحل المشكل والوصول إلى نتيجة مرضية .
            ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قاعدة في المعاقد حلالها وحرامها تتعلق بما سبق من الأدلة - رأينا أن نتبعها ما تقدم ؛ لما تشتمل عليه من زيادة البيان .
            قال رحمه الله تعالى : فصل : القاعدة الثانية : في المعاقد حلالها وحرامها .
            والأصل في ذلك : أن الله حرم في كتابه أكل أموالنا بيننا بالباطل ، وذم الأحبار والرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ، وذم اليهود على أخذهم الربا وقد نهوا عنه ، وأكلهم أموال الناس بالباطل ، وهذا يعم كل ما يؤكل بالباطل في المعاوضات والتبرعات ، وما يؤخذ بغير رضا المستحق والاستحقاق .
            وأكل المال بالباطل في المعاوضة نوعان ، ذكرهما الله في كتابه هما : الربا ، والميسر ، فذكر تحريم الربا الذي هو ضد الصدقة في آخر سورة البقرة ، وسور : آل عمران ، والروم ، والمدثر ، وذم اليهود عليه في سورة النساء ، وذكر تحريم الميسر في سورة المائدة ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فصل ما
            جمعه الله في كتابه ، فنهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ، كما رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه .
            والغرر : هو المجهول العاقبة ، فإن بيعه من الميسر الذي هو القمار ، وذلك : أن العبد إذا أبق ، أو الفرس أو البعير إذا شرد ، فإن صاحبه إذا باعه فإنما يبيعه مخاطرة ، فيشتريه المشتري بدون ثمنه بكثير ، فإن حصل له قال البائع : قمرتني ، وأخذت مالي بثمن قليل ، وإن لم يحصل قال المشتري : قمرتني وأخذت الثمن مني بلا عوض ، فيفضي إلى مفسدة الميسر التي هي إيقاع العداوة والبغضاء ، مع ما فيه من أكل المال بالباطل ، الذي هو نوع من الظلم ، ففي بيع الغرر ظلم وعداوة وبغضاء ، وما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من بيع حبل الحبلة والملاقيح والمضامين ومن بيع السنين وبيع الثمر قبل بدو صلاحه ، وبيع الملامسة والمنابذة ونحو ذلك - كله من نوع الغرر .
            وأما الربا : فتحريمه في القرآن أشد ؛ ولهذا قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (27 فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الكبائر ، كما خرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وذكر الله أنه حرم على الذين هادوا طيبات أحلت لهم بظلمهم ، وصدهم عن سبيل الله وأخذهم الربا وأكلهم أموال الناس بالباطل وأخبر سبحانه أنه يمحق الربا كما يربي الصدقات ، وكلاهما أمر مجرب عند الناس ، وذلك : أن الربا أصله إنما يتعامل به المحتاج ، وإلا فالموسر لا يأخذ ألفا حالة بألف ومائتين مؤجلة
            إذا لم يكن له حاجة لتلك الألف ، وإنما يأخذ المال بمثله وزيادة إلى أجل من هو محتاج إليه ، فتقع تلك الزيادة ظلما للمحتاج ، بخلاف الميسر ، فإن المظلوم فيه غير مفتقر ، ولا محتاج إلى العقد ، وقد تخلو بعض صوره عن الظلم إذا وجد في المستقبل المبيع على الصفة التي ظناها ، والربا فيه ظلم محقق لمحتاج ، وبهذا كان ضد الصدقة ، فإن الله لم يدع الأغنياء حتى أوجب عليهم إعطاء الفقراء ، فإن مصلحة الغني والفقير في الدين والدنيا لا تتم إلا بذلك فإذا أربى معه ، فهو بمنزلة من له على رجل دين فمنعه دينه وظلمه زيادة أخرى والغريم محتاج إلى دينه ، فهذا من أشد أنواع الظلم ، ولعظمته : لعن النبي صلى الله عليه وسلم أكله ، وهو الأخذ ، وموكله وهو المحتاج المعطي للزيادة ، وشاهديه وكاتبه ، لإعانتهم عليه .
            ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم أشياء مما يخفى فيها الفساد لإفضائها إلى الفساد المحقق ، كما حرم قليل الخمر ؛ لأنه يدعو إلى كثيرها مثل ربا الفضل فإن الحكمة فيه قد تخفى إذ العاقل لا يبيع درهما بدرهمين إلا لاختلاف الصفات مثل : كون الدرهم صحيحا ، والدرهمين مكسورين ، أو كون الدرهم مصوغا أو من نقد نافق ونحو ذلك ، ولذلك خفيت حكمة تحريمه على ابن عباس ومعاوية وغيرهما ، فلم يروا به بأسا ، حتى أخبرهم الصحابة الأكابر- كعبادة بن الصامت وأبي سعيد وغيرهما - بتحريم النبي صلى الله عليه وسلم لربا الفضل .
            وأما الغرر : فإنه ثلاثة أنواع : إما المعدوم ؛ كحبل الحبلة ، وبيع السنين ، وإما المعجوز عن تسليمه ؛ كالعبد الآبق ، وإما المجهول المطلق ، أو المعين المجهول جنسه أو قدره ؛ كقوله : بعتك عبدا أو بعتك
            ما في بيتي ، أو بعتك عبيدي . فأما المعين المعلوم جنسه وقدره المجهول نوعه أو صفته ؛ كقوله : بعتك الثوب الذي في كمي ، أو العبد الذي أملكه ونحو ذلك - ففيه خلاف مشهور ، وتغلب مسألة بيع الأعيان الغائبة ، وعن أحمد فيه ثلاث روايات ، إحداهن : لا يصح بيعه بحال ، كقول الشافعي في الجديد ، والثانية : يصح وإن لم يوصف ، وللمشتري الخيار إذا رآه ، كقول أبي حنيفة ، وقد روي عن أحمد : لا خيار له . والثالثة : - وهي المشهور - أنه يصح بالصفة ، ولا يصح بدون الصفة ، كالمطلق الذي في الذمة ، وهو قول مالك .
            ومفسدة الغرر أقل من الربا ، فلذلك رخص فيما تدعو إليه الحاجة منه ، فإن تحريمه أشد ضررا من ضرر كونه غررا مثل بيع العقار جملة ، وإن لم يعلم دواخل الحيطان والأساس ، ومثل بيع الحيوان الحامل أو المرضع ، وإن لم يعلم مقدار الحمل أو اللبن ، وإن كان قد نهي عن بيع الحمل مفردا ، وكذلك اللبن عند الأكثرين ، وكذلك بيع الثمرة بعد بدو صلاحها ، فإنه يصح ، مستحق الإبقاء ، كما دلت عليه السنة ، وذهب إليه الجمهور ؛ كمالك والشافعي وأحمد ، وإن كانت الأجزاء التي يكمل الصلاح بها لم تخلق بعد .
            وجوز النبي صلى الله عليه وسلم إذا باع نخلا قد أبرت : أن يشترط المبتاع ثمرتها فيكون قد اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها ، لكن على وجه البيع للأصل . فظهر أنه يجوز من الغرر اليسير ضمنا وتبعا ما لا يجوز من غيره .
            ولما احتاج الناس إلى العرايا رخص في بيعها بالخرص ، فلم يجوز المفاضلة المتيقنة ، بل سوغ المساواة بالخرص في القليل الذي تدعو إليه
            الحاجة ، وهو قدر النصاب خمسة أوسق أو ما دون النصاب ، على اختلاف القولين للشافعي وأحمد ، وإن كان المشهور عن أحمد ما دون النصاب .
            إذا تبين ذلك : فأصول مالك في البيوع أجود من أصول غيره ، فإنه أخذ ذلك عن سعيد بن المسيب الذي كان يقال : هو أفقه الناس في البيوع ، كما كان يقال : عطاء أفقه الناس في المناسك ، وإبراهيم أفقههم في الصلاة ، والحسن أجمعهم لذلك كله ؛ ولهذا وافق أحمد كل واحد من التابعين في أغلب ما فضل فيه لمن استقرأ ذلك من أجوبته ، والإمام أحمد موافق لمالك في ذلك في الأغلب . فإنهما يحرمان الربا ويشددان فيه حق التشديد ؛ لما تقدم من شدة تحريمه وعظم مفسدته ، ويمنعان الاحتيال عليه بكل طريق ، حتى يمنعا الذريعة المفضية إليه ، وإن لم تكن حيلة ، وإن كان مالك يبالغ في سد الذرائع ما لا يختلف قول أحمد فيه أو لا يقوله ، لكنه يوافقه بلا خلاف عنه على منع الحيل كلها .
            وجماع الحيل نوعان : إما أن يضموا إلى أحد العوضين ما ليس بمقصود أو يضموا إلى العقد عقدا ليس بمقصود .
            فالأول : مسألة ( مد عجوة ) وضابطها : أن يبيع ربويا بجنسه ، ومعهما أو مع أحدهما ما ليس من جنسه ، مثل أن يكون غرضهما بيع فضة بفضة متفاضلا ونحو ذلك فيضم إلى الفضة القليلة عوضا آخر ، حتى يبيع ألف دينار في منديل بألفي دينار .
            فمتى كان المقصود بيع الربوي بجنسه متفاضلا حرمت مسألة ( مد عجوة ) بلا خلاف عند مالك وأحمد وغيرهما ، وإنما يسوغ مثل هذا من جوز الحيل من الكوفيين ، وإن كان قدماء الكوفيين يحرمون هذا . وأما إن
            كان كلاهما مقصودا كمد عجوة ودرهم بمد عجوة ودرهم ، أو مدين أو درهمين ففيه روايتان عن أحمد ، والمنع : قول مالك والشافعي ، والجواز : قول أبي حنيفة ، وهي مسألة اجتهاد .
            وأما إن كان المقصود من أحد الطرفين غير الجنس الربوي ، كبيع شاة ذات صوف أو لبن بصوف أو لبن : فأشهر الروايتين عن أحمد الجواز .
            والنوع الثاني من الحيل : أن يضما إلى العقد المحرم عقدا غير مقصود ، مثل أن يتواطآ على أن يبيعه الذهب بخرزه ثم يبتاع الخرز منه بأكثر من ذلك الذهب ، أو يواطئا ثالثا على أن يبيع أحدهما عرضا ، ثم يبيعه المبتاع لمعامله المرابي ثم يبيعه المرابي لصاحبه ، وهي الحيلة المثلثة أو يقرن بالقرض محاباة في بيع أو إجارة أو مساقاة ونحو ذلك ، مثل أن يقرضه ألفا ويبيعه سلعة تساوي عشرة بمائتين ، أو يكريه دارا تساوي ثلاثين بخمسة ونحو ذلك .
            فهذا ونحوه من الحيل لا تزول به المفسدة التي حرم الله من أجلها الربا ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو أنه قال : لا يحل سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع ، ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وهو من جنس حيل اليهود ، فإنهم إنما استحلوا الربا بالحيل ، ويسمونه : المشكند ، وقد لعنهم الله على ذلك .
            وقد روى ابن بطة بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل ، وفي الصحيحين عنه أنه قال : لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها ، وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من
            أدخل فرسا بين فرسين - وهو لا يأمن أن يسبق - فليس قمارا ، ومن أدخل فرسا بين فرسين - وقد أمن أن يسبق - فهو قمار ، وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أهل السنن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله .
            ودلائل تحريم الحيل من الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار كثيرة ، ذكرنا منها نحوا من ثلاثين دليلا فيما كتبناه في ذلك ، وذكرنا ما يحتج به من يجوزها ؛ كيمين أبي أيوب ، وحديث تمر خيبر ، ومعاريض السلف ، وذكرنا جواب ذلك .
            ومن ذرائع ذلك : مسألة العينة ، وهو أن يبيعه سلعة إلى أجل ، ثم يبتاعها منه بأقل من ذلك ، فهذا مع التواطؤ يبطل البيعين ؛ لأنها حيلة ، وقد روى أحمد وأبو داود بإسنادين جيدين عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا تبايعتم بالعينة ، واتبعتم أذناب البقر ، وتركتم الجهاد في سبيل الله أرسل الله عليكم ذلا لا يرفعه عنكم حتى تراجعوا دينكم ، وإن لم يتواطآ فإنهما يبطلان البيع الثاني ، سدا للذريعة ، ولو كانت عكس مسألة العينة من غير تواطؤ ففيه روايتان عن أحمد ، وهو أن يبيعه حالا ثم يبتاع منه بأكثر مؤجلا ، وأما مع التواطؤ فربا محتال عليه .
            ولو كان مقصود المشتري الدرهم وابتاع السلعة إلى أجل ؛ ليبيعها ويأخذ ثمنها فهذا يسمى : التورق . ففي كراهته عن أحمد رواية
            والكراهة قول عمر بن عبد العزيز و مالك ، فيما أظن ، بخلاف المشتري الذي غرضه التجارة ، أو غرضه الانتفاع أو القنية ، فهذا يجوز شراؤه إلى أجل بالاتفاق .
            ففي الجملة : أهل المدينة وفقهاء الحديث مانعون من أنواع الربا منعا محكما مراعين لمقصود الشريعة وأصولها ، وقولهم في ذلك هو الذي يؤثر مثله عن الصحابة ، وتدل عليه معاني الكتاب والسنة .
            وأما الغرر : فأشد الناس فيه قولا أبو حنيفة والشافعي ، أما الشافعي : فإنه يدخل في هذا الاسم من الأنواع ما لا يدخله غيره من الفقهاء ، مثل الحب والثمر في قشره الذي ليس بصوان ؛ كالباقلاء والجوز واللوز في قشره الأخضر ، وكالحب في سنبله ، فإن القول الجديد عنده : أن ذلك لا يجوز ، مع أنه قد اشترى في مرض موته باقلاء أخضر ، فخرج ذلك له قولا ، واختاره طائفة من أصحابه كأبي سعيد الإصطخري " وروي عنه أنه ذكر له : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحب حتى يشتد فدل على جواز بيعه بعد اشتداده ، وإن كان في سنبله فقال : إن صح هذا أخرجته من العام أو كلاما قريبا من هذا ، وكذلك ذكر أنه رجع عن القول بالمنع .
            قال ابن المنذر : جواز ذلك هو قول مالك وأهل المدينة ، وعبيد الله بن الحسن وأهل البصرة وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي . وقال الشافعي مرة : لا يجوز ، ثم بلغه حديث ابن عمر ، فرجع عنه وقال به ، قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا يعدل عن القول به .
            وذكر بعض أصحابه له قولين . وأن الجواز هو القديم ، حتى منع من بيع الأعيان الغائبة بصفة وغير صفة ، متأولا إن بيع الغائب غرر وإن وصف ،
            حتى اشترط فيما في الذمة - كدين السلم - من الصفات وضبطها ما لم يشترطه غيره ؛ ولهذا يتعذر أو يتعسر على الناس المعاملة في العين والدين بمثل هذا القول ، وقاس على بيع الغرر جميع العقود ، من التبرعات والمعاوضات فاشترط في أجرة الأجير ، وفدية الخلع والكتابة ، وصلح أهل الهدنة ، وجزية أهل الذمة - ما اشترطه في البيع عينا ودينا ، ولم يجوز في ذلك جنسا وقدرا وصفة إلا ما يجوز مثله في البيع ، وإن كانت هذه العقود لا تبطل بفساد أعواضها ، أو يشترط لها شروط أخر .
            وأما أبو حنيفة : فإنه يجوز بيع الباقلاء ونحوه في القشرين ، ويجوز إجارة الأجير بطعامه وكسوته ، ويجوز أن تكون جهالة المهر كجهالة مهر المثل ، ويجوز بيع الأعيان الغائبة بلا صفة ، مع الخيار ؛ لأنه يرى وقف العقود ، لكنه يحرم المساقاة والمزارعة ونحوهما من المعاملات مطلقا ، والشافعي يجوز بيع بعض ذلك ، ويحرم أيضا في البيع والإجارة والنكاح وغير ذلك مما يخالف مطلق العقد .
            وأبو حنيفة يجوز بعض ذلك ، ويجوز من الوكالات والشركات ما لا يجوزه الشافعي ، حتى جوز شركة المفاوضة والوكالة بالمجهول المطلق .
            وقال الشافعي : إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة فما أعلم شيئا باطلا .
            فبينهما في هذا الباب عموم وخصوص ، لكن أصول الشافعي المحرمة أكثر من أصول أبي حنيفة في ذلك .
            وأما مالك : فمذهبه أحسن المذاهب في هذا ، فيجوز بيع هذه الأشياء وجميع ما تدعو إليه الحاجة ، أو يقل غرره ، بحيث يحتمل في العقود ، حتى يجوز بيع المقاتي جملة ، وبيع المغيبات في الأرض ، كالجزر
            والفجل ونحو ذلك .
            وأحمد قريب منه في ذلك ، فإنه يجوز هذه الأشياء ، ويجوز - على المنصوص عنه - أن يكون المهر عبدا مطلقا ، أو عبدا من عبيده ونحو ذلك مما لا تزيد جهالته على مهر المثل ، وإن كان من أصحابه من يجوز المبهم دون المطلق ، كأبي الخطاب ، ومنهم من يوافق الشافعي ، فلا يجوز في المهر وفدية الخلع ونحوهما إلا ما يجوز في المبيع ، كأبي بكر عبد العزيز ، ويجوز - على المنصوص عنه - في فدية الخلع أكثر من ذلك ، حتى ما يجوز في الوصية وإن لم يجز في المهر ، كقول مالك مع اختلاف في مذهبه ، ليس هذا موضعه ، لكن المنصوص عنه : أنه لا يجوز بيع المغيب في الأرض ، كالجزر ونحوه إلا إذا قلع ، وقال : هذا الغرر شيء ليس يراه ، كيف يشتريه ؟ والمنصوص عنه : أنه لا يجوز بيع القثاء والخيار والباذنجان ونحوه إلا لقطة لقطة ، ولا يباع من المقاتي والمباطخ إلا ما ظهر دون ما بطن ، ولا تباع الرطبة إلا جزة جزة ؛ كقول أبي حنيفة والشافعي ؛ لأن ذلك غرر ، وهو بيع الثمرة قبل بدو صلاحها .
            ثم اختلف أصحابه : فأكثرهم أطلقوا ذلك في كل مغيب ؛ كالجزر والفجل والبصل وما أشبه ذلك ، كقول الشافعي وأبي حنيفة .
            وقال الشيخ أبو محمد : إذا كان مما يقصد فروعه وأصوله ؛ كالبصل المبيع أخضر ، والكراث والفجل ، أو كان المقصود فروعه . فالأولى جواز بيعه ؛ لأن المقصود منه ظاهر فأشبه الشجر والحيطان ، ويدخل ما لم يظهر في المبيع تبعا ، وإن كان معظم المقصود منه أصوله لم يجز بيعه في الأرض ؛ لأن الحكم للأغلب ، وإن تساويا لم يجز أيضا ؛ لأن الأصل
            اعتبار الشرط ، وإنما سقط في الأقل التابع .
            وكلام أحمد يحتمل وجهين ، فإن أبا داود قال : قلت لأحمد : بيع الجزر في الأرض ؟ قال : لا يجوز بيعه إلا ما قلع منه ، هذا الغرر ، شيء ليس يراه ، كيف يشتريه ؟ فعلل بعدم الرؤية .
            فقد يقال : إن لم ير كله لم يبع . وقد يقال : رؤية بعض المبيع تكفي إذا دلت على الباقي كرؤية وجه العبد .
            وكذلك اختلفوا في المقاتي إذا بيعت بأصولها . كما هو العادة غالبا .
            فقال قوم من المتأخرين : يجوز ذلك ؛ لأن بيع أصول الخضروات كبيع الشجر ، وإذا باع الشجرة وعليها الثمر لم يبد صلاحه جاز . فكذلك هذا . وذكر أن هذا مذهب أبي حنيفة والشافعي .
            وقال المتقدمون : لا يجوز بحال ، وهو معنى كلامه ومنصوصه . وهو إنما نهى عما يعتاده الناس ، وليست العادة جارية في البطيخ والقثاء والخيار : أن يباع دون عروقه ، والأصل الذي قاسوا عليه ممنوع عنده . فإن المنصوص عنه في رواية الأثرم ، وإبراهيم بن الحارث في الشجر الذي عليه ثمر لم يبد صلاحه : إنه إن كان الأصل هو مقصوده الأعظم جاز ، وأما إن كان مقصوده الثمرة فاشترى الأصل معها حيلة لم يجز ، وكذلك إذا اشترى أرضا وفيها زرع أو شجر مثمر لم يبد صلاحه ، فإن كانت الأرض هي المقصود جاز دخول الثمر والزرع معها تبعا ، وإن كان المقصود هو الثمر والزرع ، فاشترى الأرض لذلك لم يجز . وإذا كان هذا قوله في ثمرة الشجر ، فمعلوم أن المقصود من المقاتي والمباطخ : إنما هو الخضروات دون الأصول التي ليس لها إلا قيمة يسيرة بالنسبة إلى الخضر .
            وقد خرج ابن عقيل وغيره فيها وجهين :
            أحدهما : كما في جواز بيع المغيبات بناء على إحدى الروايتين عنه في بيع ما لم يره . ولا شك أنه ظاهر ، فإن المنع إنما يكون على قولنا : لا يصح بيع ما لم يره . فإذا صححنا بيع الغائب فهذا من الغائب .
            والثاني : أنه يجوز بيعها مطلقا ، كمذهب مالك ، إلحاقا لها بلب الجوز . وهذا القول هو قياس أصول أحمد وغيره لوجهين :
            أحدهما : أن أهل الخبرة يستدلون برؤية ورق هذه المدفونات على حقيقتها ويعلمون ذلك أجود مما يعلمون العبد برؤية وجهه ، والمرجع في كل شيء إلى الصالحين من أهل الخبرة به وهم يقرون بأنهم يعرفون هذه الأشياء كما يعرفون غيرها مما اتفق المسلمون على جواز بيعه وأولى .
            الثاني : أن هذا مما تمس حاجة الناس إلى بيعه . فإنه إذا لم يبع حتى يقلع حصل على أصحابه ضرر عظيم . فإنه قد يتعذر عليهم مباشرة القلع والاستنابة فيه . وإن قلعوه جملة فسد بالقلع ، فبقاؤه في الأرض كبقاء الجوز واللوز ونحوهما في قشره الأخضر .
            وأحمد وغيره من فقهاء الحديث يجوزون العرايا مع ما فيها من المزابنة لحاجة المشتري إلى أكل الرطب ، أو البائع إلى أكل التمر ، فحاجة البائع هنا أوكد بكثير وسنقرر ذلك إن شاء الله .
            وكدلك قياس أصول أحمد وغيره من فقهاء الحديث : جواز بيع المقاتي باطنها وظاهرها ، وإن اشتمل ذلك على بيع معدوم إذا بدا صلاحها ، كما يجوز بالاتفاق إذا بدا صلاح بعض نخلة أو شجرة : أن يباع جميع ثمرها . وإن كان فيها ما لم يصلح بعد .
            وغاية ما اعتذروا به عن خروج هذا من القياس أن قالوا : إنه لا يمكن إفراد البيع لذلك من نخلة واحدة ؛ لأنه لو أفرد البسرة بالعقد اختلطت بغيرها في يوم واحد ؛ لأن البسرة تصفر في يومها ، وهذا بعينه موجود في المقتاة . وقد اعتذر بعض أصحاب الشافعي وأحمد عن بيع المعدوم تبعا بأن ما يحدث من الزيادة في الثمرة بعد العقد ليس بتابع للموجود ، وإنما يكون ذلك للمشتري ؛ لأنه موجود في ملكه . والجمهور من الطائفتين يعلمون فساد هذا العذر ؛ لأنه يجب على البائع سقي الثمرة ، ويستحق إبقاءها على الشجر بمطلق العقد ، ولو لم يستحق الزيادة بالعقد لما وجب على البائع ما به تؤخذ ، فإن الواجب على البائع بحكم البيع توفية المبيع الذي أوجبه العقد ، لا ما كان من موجبات الملك .
            وأيضا : فإن الرواية اختلفت عن أحمد إذا بدا الصلاح في حديقة من الحدائق هل يجوز بيع جميعها أم لا يباع إلا ما صلح منها ؟ على روايتين :
            أشهرهما عنه : أنه لا يباع إلا ما بدا صلاحه ، وهي اختيار قدماء أصحابه ؛ كأبي بكر وابن شاقلا .
            والرواية الثانية : يكون بدو الصلاح في البعض صلاحا للجميع . وهي اختيار أكثر أصحابه ؛ كابن حامد والقاضي ومن تبعهما .
            ثم المنصوص عنه في هذه الرواية أنه قال : إذا كان في بستان بعضه بالغ وبعضه غير بالغ بيع إذا كان الأغلب عليه البلوغ ، فمنهم من فرق بين صلاح القليل والكثير ، كالقاضي أخيرا وأبي حكيم النهرواني ، وأبي البركات وغيرهم ممن قصر الحكم بما إذا غلب الصلاح ، ومنهم من سوى بين الصلاح القليل والكثير ، كأبي الخطاب وجماعات ، وهو قول مالك
            والشافعي والليث ، وزاد مالك فقال : يكون صلاحا لما جاوره من الأقرحة . وحكوا ذلك رواية عن أحمد .
            واختلف هؤلاء : هل يكون صلاح النوع - كالبرني من الرطب - صلاحا لسائر أنواع الرطب على وجهين في مذهب الشافعي وأحمد . أحدهما : المنع ، وهو قول القاضي وابن عقيل وأبي محمد . والثاني : الجواز ، وهو قول أبي الخطاب . وزاد الليث على هؤلاء فقال : صلاح الجنس كالتفاح واللوز يكون صلاحا لسائر أجناس الثمار . ومأخذ من جوز شيئا من ذلك : أن الحاجة تدعو إلى ذلك . فإن بيع بعض ذلك دون بعض يفضي إلى سوء المشاركة ، واختلاف الأيدي ، وهذه علة من فرق بين البستان الواحد والبساتين ، ومن سوى بينهما ، فإنه قال : المقصود الأمن من العاهة ، وذلك يحصل بشروع الثمر في الصلاح . ومأخذ من منع ذلك : أن قول النبي صلى الله عليه وسلم : حتى يبدو صلاحها يقتضي بدو صلاح الجميع .
            والغرض من هذا المذهب : أن من جوز بيع البستان من الجنس الواحد لبدو الصلاح في بعضه ، فقياس قوله : جواز بيع المقتاة إذا بدا صلاح بعضها . والمعدوم هنا فيها كالمعدوم من أجزاء الثمرة ، فإن الحاجة تدعو إلى ذلك أكثر ، إذ تفريق الأشجار في البيع أيسر من تفريق البطيخات والقثاءات والخيارات ، وتمييز اللقطة عن اللقطة لو لم يشق ، فإنه أمر لا ينضبط . فإن اجتهاد الناس في ذلك متفاوت .
            والغرض من هذا : أن أصول أحمد تقتضي موافقة مالك في هذه المسائل ، كما قد روي عنه في بعض الجوابات أو قد خرجه أصحابه على أصوله ، وكما أن العالم من الصحابة والتابعين والأئمة كثيرا ما يكون له في
            المسألة الواحدة قولان في وقتين ، فكذلك يكون له في النوع الواحد من المسائل قولان في وقتين ، فيجيب في بعض أفرادها بجواب في وقت ويجيب في بعض الأفراد بجواب آخر في وقت آخر . وإذا كانت الأفراد مستوية وكان له فيها قولان ، فإن لم يكن بينهما فرق يذهب إليه مجتهد فقوله فيها واحد بلا خلاف ، وإن كان مما قد يذهب إليه مجتهد فقالت طائفة منهم أبو الخطاب : لا يخرج ، وقال الجمهور : - كالقاضي أبي يعلى - يخرج الجواب ، إذا لم يكن هو ممن يذهب إلى الفرق كما اقتضته أصوله ، ومن هؤلاء من يخرج الجواب إذا رآهما مستويين ، وإن لم يعلم هل هو ممن يفرق أم لا ، وإن فرق بين بعض الأفراد وبعض مستحضرا لهما ، فإن كان سبب الفرق مأخذا شرعيا : كان الفرق قولا له ، وإن كان سبب الفرق مأخذا عاديا أو حسيا ونحو ذلك مما قد يكون أهل الخبرة به أعلم من الفقهاء الذين لم يباشروا ذلك ، فهذا في الحقيقة لا يفرق بينهما شرعا ، وإنما هو أمر من أمر الدنيا لم يعلمه العالم ، فإن العلماء ورثة الأنبياء ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : أنتم أعلم بأمر دنياكم ، فأما ما كان من أمر دينكم فإلي .

            وهذا الاختلاف في عين المسألة أو نوعها من العلم قد يسمى تناقضا أيضا ؛ لأن التناقض اختلاف مقالتين بالنفي والإثبات ، فإذا كان في وقت قد قال : إن هذا حرام . وقال في وقت آخر فيه أو في مثله : إنه ليس بحرام ، أو قال ما يستلزم أنه ليس بحرام - فقد تناقض قولاه . وهو مصيب في كليهما
            عند من يقول : كل مجتهد مصيب ، وإنه ليس لله في الباطن حكم على المجتهد غير ما اعتقده .
            وأما الجمهور الذين يقولون : إن لله حكما في الباطن ، علمه العالم في إحدى المقالتين ولم يعلمه في المقالة التي تناقضها ، وعدم علمه به مع اجتهاده مغفور له ، مع ما يثاب عليه من قصده للحق واجتهاده في طلبه ؛ ولهذا يشبه بعضهم تعارض الاجتهادات من العلماء بالناسخ والمنسوخ في شرائع الأنبياء ، مع الفرق بينهما بأن كل واحد من الناسخ والمنسوخ ثابت بخطاب حكم الله باطنا وظاهرا ، بخلاف أحد قولي العالم المتناقضين .
            هذا فيمن يتقي الله فيما يقوله ، مع علمه بتقواه وسلوكه الطريق الراشد . وأما أهل الأهواء والخصومات ، فهم مذمومون في مناقضاتهم ؛ لأنهم يتكلمون بغير علم ، ولا حسن قصد لما يجب قصده .
            وعلى هذا فلازم قول الإنسان نوعان :
            أحدهما : لازم قوله الحق . فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه فإن لازم الحق حق ، ويجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره . وكثير مما يضيفه الناس إلى مذهب الأئمة من هذا الباب .
            والثاني : لازم قوله الذي ليس بحق . فهذا لا يجب التزامه ، إذ أكثر ما فيه أنه قد تناقض وقد ثبت أن التناقض واقع من كل عالم غير النبيين ، ثم إن عرف من حاله أنه يلتزمه بعد ظهوره له فقد يضاف إليه ، وإلا فلا يجوز أن يضاف إليه قول لو ظهر له فساده لم يلتزمه ؛ لكونه قد قال ما يلزمه ، وهو لا يشعر بفساد ذلك القول ولا يلزمه .
            وهذا التفصيل في اختلاف الناس في لازم المذهب هل هو مذهب أو
            ليس بمذهب ؟ هو أجود من إطلاق أحدهما ، فما كان من اللوازم يرضاه القائل بعد وضوحه له فهو قوله . وما لا يرضاه فليس قوله . وإن كان متناقضا وهو الفرق بين اللازم الذي يجب التزامه مع لزوم اللازم الذي يجب ترك الملزوم للزومه . فإذا عرف هذا عرف الفرق بين الواجب من المقالات والواقع منها وهذا متوجه في اللوازم التي لم يصرح هو بعدم لزومها .
            فأما إذا نفى هو اللزوم لم يجز أن يضاف إليه اللازم بحال ، وإلا لأضيف إلى كل عالم ما اعتقدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ؛ لكونه ملتزما لرسالته ، فلما لم يضف إليه ما نفاه عن الرسول وإن كان لازما له : ظهر الفرق بين اللازم الذي لم ينفه واللازم الذي نفاه . ولا يلزم من كونه نص على الحكم نفيه للزوم ما يلزمه ؛ لأنه قد يكون عن اجتهادين في وقتين .
            وسبب الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء - مع وجود الاختلاف في قول كل منهما : أن العالم قد فعل ما أمر به من حسن القصد والاجتهاد ، وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قام عنده دليله ، وإن لم يكن مطابقا ، لكن اعتقادا ليس بيقيني ، كما يؤمر الحاكم بتصديق الشاهدين ذوي العدل ، وإن كانا في الباطن قد أخطأ أو كذبا ، وكما يؤمر المفتي بتصديق المخبر العدل الضابط أو باتباع الظاهر ، فيعتقد ما دل عليه ذلك ، وإن لم يكن ذلك الاعتقاد مطابقا . فالاعتقاد المطلوب هو الذي يغلب على الظن مما يؤمر به العباد ، وإن كان قد يكون غير مطابق ، وإن لم يكونوا مأمورين في الباطن باعتقاد غير مطابق قط . فإذا اعتقد العالم اعتقادين متناقضين في قضية أو قضيتين ، مع قصده للحق واتباعه لما أمر باتباعه من الكتاب والحكمة - عذر
            بما لم يعلمه وهو الخطأ المرفوع عنا ، بخلاف أصحاب الأهواء ، فإنهم إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ ويجزمون بما يقولونه بالظن والهوى جزما لا يقبل النقيض ، مع عدم العلم بجزمه . فيعتقدون ما لم يؤمروا باعتقاده ، لا باطنا ولا ظاهرا ، ويقصدون ما لم يؤمروا بقصده ، ويجتهدون اجتهادا لم يؤمروا به . فلم يصدر عنهم من الاجتهاد والقصد ما يقتضي مغفرة ما لم يعلموه ، فكانوا ظالمين ، شبيها بالمغضوب عليهم أو جاهلين ، شبيها بالضالين .
            فالمجتهد الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرض سوى الحق ، وقد سلك طريقه ، وأما متبع الهوى المحض فهو من يعلم الحق ويعاند عنه .
            وثم قسم آخر - وهم غالب الناس - وهو أن يكون له هوى ، وله في الأمر الذي قصد إليه شبهة ، فتجتمع الشهوة والشبهة ؛ ولهذا جاء في حديث مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات ، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات .
            فالمجتهد المحض مغفور له ومأجور ، وصاحب الهوى المحض مستوجب للعذاب ، وأما المجتهد الاجتهاد المركب من شبهة وهوى : فهو مسيء . وهم في ذلك على درجات بحسب ما يغلب ، وبحسب الحسنات الماحية .
            وأكثر المتأخرين - من المنتسبين إلى فقه أو تصوف - مبتلون بذلك . وهذا القول الذي دلت عليه أصول مالك وأصول أحمد ، وبعض أصول
            غيرهما هو أصح الأقوال . وعليه يدل غالب معاملات السلف ولا يستقيم أمر الناس في معاشهم إلا به ، وكل من توسع في تحريم ما يعتقده غررا فإنه لا بد أن يضطر إلى إجازة ما حرمه الله ، فإما أن يخرج عن مذهبه الذي يقلده في هذه المسألة ، وإما أن يحتال ، وقد رأينا الناس وبلغتنا أخبارهم ، فما رأينا أحدا التزم مذهبه في تحريم هذه المسائل ، ولا يمكنه ذلك ، ونحن نعلم قطعا أن مفسدة التحريم لا تزول بالحيلة التي يذكرونها . فمن المحال أن يحرم الشارع علينا أمرا نحن محتاجون إليه ، ثم لا يبيحه إلا بحيلة لا فائدة فيها ، وإنما هي من جنس اللعب . ولقد تأملت أغلب ما أوقع الناس في الحيل فوجدته أحد شيئين : إما ذنوب جوزوا عليها بتضييق في أمورهم ، فلم يستطيعوا دفع هذا الضيق إلا بالحيل فلم تزدهم الحيل إلا بلاء ، كما جرى لأصحاب السبت من اليهود ، كما قال تعالى : فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وهذا الذنب ذنب عملي . وإما مبالغة في التشديد لما اعتقدوا من تحريم الشارع ، فاضطرهم هذا الاعتقاد إلى الاستحلال بالحيل وهذا من خطأ الاجتهاد ، وإلا فمن اتقى الله وأخذ ما أحل له ، وأدى ما وجب عليه . فإن الله لا يحوجه إلى الحيل المبتدعة أبدا . فإنه سبحانه لم يجعل علينا في الدين من حرج ، وإنما بعث نبينا صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة ، فالسبب الأول : هو الظلم . والسبب الثاني : هو عدم العلم . والظلم والجهل هما وصف للإنسان المذكور في قوله : وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا
            وأصل هذا : أن الله سبحانه إنما حرم علينا المحرمات من الأعيان ؛ كالدم والميتة ولحم الخنزير أو من التصرفات ؛ كالميسر والربا وما يدخل فيهما بنوع من الغرر وغيره ؛ لما في ذلك من المفاسد التي نبه الله عليها ورسوله بقوله سبحانه : إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ فأخبر سبحانه أن الميسر يوقع العداوة والبغضاء ، سواء كان ميسرا بالمال أو باللعب . فإن المغالبة بلا فائدة وأخذ المال بلاحق يوقع في النفوس ذلك ، وكذلك روى فقيه المدينة من الصحابة زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتاعون الثمار فإذا جذ الناس وحضر تقاضيهم ، قال المبتاع : إنه أصاب الثمر الدمان ، أصابه مراض ، أصابه قشام - عاهات يحتجون بها - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كثرت عنده الخصومة ، في ذلك : فإما لا ، فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر - كالمشورة ، يشير بها لكثرة خصومتهم - . وذكر خارجة بن زيد بن ثابت : أن زيد بن ثابت لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا فيتبين الأصفر من الأحمر . رواه البخاري تعليقا ، وأبو داود إلى قوله : خصومتهم ، وروى أحمد في [المسند ] عنه قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، ونحن نتبايع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم خصومة فقال : ما هذا ؟ فقيل له : هؤلاء ابتاعوا الثمار يقولون : أصابنا الدمان والقشام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلا تبايعوها حتى يبدو صلاحها .
            فقد أخبر أن سبب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك : ما أفضت إليه من الخصام وهكذا بيوع الغرر ، وقد ثبت نهيه عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها في الصحيحين ، من حديث ابن عمر وابن عباس وجابر وأنس ، وفي مسلم من حديث أبي هريرة ، وفي حديث أنس تعليله ، ففي الصحيحين عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي ، قيل : وما تزهي ؟ قال : حتى تحمر أو تصفر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ ، وفي رواية : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يزهو ، فقلنا لأنس : ما زهوها ؟ قال : تحمر أو تصفر ، أرأيت إن منع الله الثمرة ، بم تستحل مال أخيك .
            قال أبو مسعود الدمشقي : جعل مالك والدراوردي قول أنس : أرأيت إن منع الله الثمرة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، أدرجاه فيه ، ويرون أنه غلط .
            فهذا التعليل - سواء كان من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام أنس - فيه بيان أن في ذلك أكل المال بالباطل ، حيث أخذه في عقد معاوضة بلا عوض مضمون .
            وإذا كانت مفسدة بيع الغرر هي كونه مظنة العداوة والبغضاء وأكل الأموال بالباطل فمعلوم أن هذه المفسدة إذا عارضتها المصلحة الراجحة قدمت عليها ، كما أن السباق بالخيل والسهام والإبل ، لما كان فيه مصلحة شرعية جاز بالعوض ، وإن لم يجز غيره بعوض ، وكما أن اللهو الذي يلهو به الرجل إذا لم يكن فيه منفعة ، فهو باطل ، وإن كان فيه منفعة - وهو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل ، إلا رميه بقوسه ، وتأديبه فرسه ، وملاعبته امرأته فإنهن من الحق صار هذا اللهو حقا .
            ومعلوم أن الضرر على الناس بتحريم هذه المعاملات أشد عليهم مما قد يتخوف فيها من تباغض ، أو أكل مال بالباطل ؛ لأن الغرر فيها يسير كما تقدم ، والحاجة إليها ماسة ، والحاجة الشديدة يندفع بها يسير الغرر ، والشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضتها حاجة راجحة أبيح المحرم ، فكيف إذا كانت المفسدة منتفية ؟ ولهذا لما كانت الحاجة داعية إلى بقاء الثمر بعد البيع على الشجر إلى كمال الصلاح ، أباح الشرع ذلك ، قاله جمهور العلماء ، كما سنقرر قاعدته إن شاء الله تعالى ؛ ولهذا كان مذهب أهل المدينة وفقهاء الحديث : أنها إذا تلفت بعد البيع بجائحة كانت من ضمان البائع ، كما رواه مسلم في صحيحه عن جابر ابن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ، بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ ، وفي رواية لمسلم عنه : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضع الجوائح ، والشافعي رضي الله عنه لما لم يبلغه هذا الحديث - وإنما بلغه حديث لسفيان بن عيينة فيه اضطراب - أخذ في ذلك بقول الكوفيين : إنها تكون من ضمان المشتري ؛ لأنه مبيع قد تلف بعد القبض ؛ لأن التخلية بين المشتري وبينه قبض ، وهذا على أصل الكوفيين أمشى ؛ لأن المشتري لا يملك إبقاءه على الشجر ، وإنما موجب العقد عندهم : القبض الناجز بكل حال ، وهو طرد لقياس سنذكر أصله وضعفه ، مع أن مصلحة بني آدم لا تقوم على ذلك ، ومع أني لا أعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة صريحة بأن المبيع التالف قبل التمكن من القبض يكون من مال البائع ، ويفسخ العقد بتلفه إلا حديث الجوائح هذا . ولو لم يكن فيه سنة لكان الاعتبار الصحيح يوافقه ، وهو ما نبه عليه
            النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : بم يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق ؟ فإن المشتري للثمرة إنما يتمكن من جذاذها عند كمالها ونضجها ، لا عند العقد ، كما أن المستأجر إنما يتمكن من استيفاء المنفعة شيئا فشيئا ، فتلف الثمرة قبل التمكن من الجذاذ كتلف العين المؤجرة قبل التمكن من استيفاء المنفعة ، وفي الإجارة يتلف من ضمان المؤجر بالاتفاق . فكذلك في البيع .
            وأبو حنيفة يفرق بينهما بأن المستأجر لم يملك المنفعة ، وأن المشتري لم يملك الإبقاء ، وهذا الفرق لا يقول به الشافعي وسنذكر أصله .
            فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيعها حتى يبدو صلاحها . وفي لفظ لمسلم ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو صلاحه وتذهب عنه الآفة ، وفي لفظ لمسلم عنه نهى عن بيع النخل حتى يزهو ، وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة ، نهى الباع والمشتري ، وفي [سنن أبي داود] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يحرز من كل عارض .
            فمعلوم أن العلة ليست كونه كان معدوما ، فإنه بعد بدو صلاحه وأمنه العاهة يزيد أجزاء لم تكن موجودة وقت العقد ، وليس المقصود الأمن من العاهات النادرة . فإن هذا لا سبيل إليه ، إذ قد يصيبها ما ذكره الله عن أهل الجنة الذين قسموا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلاَ يَسْتَثْنُونَ ومما ذكره في سورة يونس في قوله : حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ
            وإنما المقصود : ذهاب العاهة التي يتكرر وجودها ، وهذه إنما تصيب الزرع قبل اشتداد الحب ، وقبل ظهور النضج في الثمر ، إذ العاهة بعد ذلك نادرة بالنسبة إلى ما قبله ، ولأنه لو منع بيعه بعد هذه الغاية لم يكن له وقت يجوز بيعه إلى حين كمال الصلاح . وبيع الثمر على الشجر بعد كمال صلاحه متعذر ؛ لأنه لا يكمل جملة واحدة وإيجاب قطعه على مالكه فيه ضرر مرب على ضرر الغرر .
            فتبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مصلحة جواز البيع الذي يحتاج إليه على مفسدة الغرر اليسير ، كما تقتضيه أصول الحكمة التي بعث بها صلى الله عليه وسلم وعلمها أمته .
            ومن طرد القياس الذي انعقد في نفسه ، غير ناظر إلى ما يعارض علته من المانع الراجح أفسد كثيرا من أمر الدين ، وضاق عليه عقله ودينه .
            وأيضا : ففي [ صحيح مسلم] عن أبي رافع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا ، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة ، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره ، فرجع إليه أبو رافع فقال : لم أجد فيها إلا خيارا رباعيا ، فقال : أعطه إياه ، إن خيار الناس أحسنهم قضاء .
            ففي هذا دليل على جواز الاستسلاف فيما سوى المكيل والموزون من الحيوان ونحوه كما عليه فقهاء الحجاز والحديث ، خلافا لمن قال من الكوفيين لا يجوز ذلك ؛ لأن القرض موجبه رد المثل ، والحيوان ليس بمثلي ، وبناء على أن ما سوى المكيل والموزون لا يثبت في الذمة عوضا
            عن مال .
            وفيه دليل على أنه يثبت مثل الحيوان تقريبا في الذمة ، كما هو المشهور من مذاهبهم ، خلافا للكوفيين ، ووجه في مذهب أحمد : أنه يثبت بالقيمة . وهذا دليل على أن المعتبر في معرفة المعقود عليه : هو التقريب ، وإلا فيعز وجود حيوان مثل ذلك الحيوان ، لا سيما عند القائلين بأن الحيوان ليس بمثلي ، وأنه مضمون في الغصب والإتلاف بالقيمة .
            وأيضا : فقد اختلف الفقهاء في تأجيل الديون إلى الحصاد والجذاذ ، وفيه روايتان عن أحمد . إحداهما : يجوز ؛ كقول مالك ، وحديث جابر الذي في الصحيح يدل عليه .
            وأيضا : فقد دل الكتاب في قوله تعالى : لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً والسنة في حديث بروع بنت واشق ، وإجماع العلماء على جواز عقد النكاح بدون فرض الصداق . وتستحق مهر المثل إذا دخل بها بإجماعهم ، وإذا مات عند فقهاء الحديث ، وأهل الكوفة المتبعين لحديث بروع بنت واشق ، وهو أحد قولي الشافعي . وهو معلوم أن مهر المثل متقارب لا محدود ، فلو كان التحديد معتبرا في المهر ما جاز النكاح بدونه ، وكما رواه أحمد في [المسند] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره ، وعن بيع اللمس والنجش وإلقاء الحجر فمضت الشريعة بجواز النكاح قبل فرض المهر ، وأن الإجارة لا تجوز إلا مع تبيين الأجر ، فدل
            على الفرق بينهما .
            وسببه أن المعقود عليه في النكاح - وهو منافع البضع - غير محدودة ، بل المرجع فيها إلى العرف ، فكذلك عوضه الآخر ؛ لأن المهر ليس هو المقصود ، وإنما هو نحلة تابعة . فأشبه الثمر التابع للشجر في البيع قبل بدو صلاحه ، وكذلك لما قدم وفد هوازن على النبي صلى الله عليه وسلم وخيرهم بين السبي وبين المال ، فاختاروا السبي . قال لهم : إني قائم فخاطب الناس ، فقولوا : إنا نستشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين ، ونستشفع بالمسلمين على رسول الله ، وقام فخطب الناس ، فقال : إني قد رددت على هؤلاء سبيهم ، فمن شاء طيب ذلك ، ومن شاء فإنا نعطيه عن كل رأس عشر قلائص من أول ما يفيء الله علينا فهذا معاوضة عن الإعتاق ، كعوض الكتابة بإبل مطلقة في الذمة ، إلى أجل متقارب غير محدود ، وقد روى البخاري عن ابن عمر في حديث خيبر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم ، وغلبهم على الأرض والزرع والنخل ، فصالحوه على أن يجلوا منها ، ولهم ما حملت ركابهم ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة - وهي السلاح - ويخرجون منها . واشترط عليهم أن لا يكتموا ، ولا يغيبوا شيئا ، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد .
            فهذا مصالحة على مال متميز غير معلوم . وعن ابن عباس قال : صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران على ألفي حلة : النصف في صفر ، والبقية في رجب ، يؤدونها إلى المسلمين ، وعارية ثلاثين درعا ، وثلاثين فرسا ، وثلاثين بعيرا ، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها ، والمسلمون ، ضامنون لها حتى يردوها عليهم ، إن كان باليمن كيد أو غارة رواه أبو داود .
            فهذا مصالحة على ثياب مطلقة معلومة الجنس ، غير موصوفة بصفات السلم ، وكذلك كل عارية خيل وإبل وأنواع من السلاح مطلقة غير موصوفة عند شرط ، قد يكون وقد لا يكون .
            فظهر بهذه النصوص أن العوض عما ليس بمال - كالصداق والكتابة والفدية في الخلع والصلح عن القصاص والجزية والصلح مع أهل الحرب - : ليس بواجب أن يعلم ، كما يعلم الثمن والأجرة ، ولا يقاس على بيع الغرر كل عقد على غرر ؛ لأن الأموال إما أنها لا تجب في هذه العقود أو ليست هي المقصود الأعظم منها ، وما ليس هو المقصود إذا وقع فيه غرر لم يفض إلى المفسدة المذكورة في البيع ، بل يكون إيجاب التحديد في ذلك فيه من العسر والحرج المنفي شرعا ما يزيد على ضرر ترك تحديده . ا هـ .


            الرابط
            http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
            ///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
            جلة البحوث الإسلامية
            >العدد السابع والثلاثون
            >الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1413هـ
            >بحث اللجنة أنواع البيوع التي يستعملها كثير من الناس
            >العينة والتورق
            الدليل الثاني : على تحريم العينة ما رواه أحمد في مسنده حدثنا أسود بن عامر حدثنا أبو بكر عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة ، واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم ورواه أبو داود بإسناد صحيح إلى حيوة بن شريح المصري عن إسحاق أبي عبد الرحمن الخراساني أن عطاء الخراساني حدثه : أن نافعا حدثه عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول - فذكره وهذان إسنادان حسنان يشد أحدهما الآخر ، فأما رجال الأول فأئمة مشاهير وإنما يخاف أن لا يكون الأعمش سمعه من عطاء أو أن عطاء لم يسمعه من ابن عمر ، والإسناد الثاني :
            يبين أن للحديث أصلا محفوظا عن ابن عمر فإن عطاء الخراساني ثقة مشهور وحيوة كذلك ، وأما إسحاق أبو عبد الرحمن فشيخ روى عنه أئمة المصريين مثل حيوة والليث ويحيى بن أيوب وغيرهم .
            وله طريق ثالث : رواه السري بن سهل حدثنا عبد الله بن رشيد حدثنا عبد الرحمن بن محمد عن ليث عن عطاء عن ابن عمر قال : لقد أتى علينا زمان ، وما منا رجل يرى أنه أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم ، ولقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة وتركوا الجهاد واتبعوا أذناب البقر أدخل الله عليهم ذلا لا ينزعه حتى يتوبوا ويرجعوا إلى دينهم وهذا يبين أن للحديث أصلا وأنه محفوظ .
            الدليل الثالث : ما تقدم من حديث أنس أنه سئل عن العينة ؟ فقال : " إن الله لا يخدع هذا مما حرم الله ورسوله " وتقدم أن هذا اللفظ في حكم المرفوع .
            الدليل الرابع : ما تقدم من حديث ابن عباس وقوله " هذا مما حرم الله ورسوله " . الدليل الخامس : ما رواه الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا سعيد عن أبي إسحاق عن العالية ، ورواه حرب من حديث إسرائيل حدثني أبو إسحاق عن جدته العالية ، يعني جدة إسرائيل - فإنها امرأة أبي إسحاق قالت : ( دخلت على عائشة في نسوة فقالت : ما حاجتكن ؟ فكان أول من سألها أم محبة : فقالت : يا أم المؤمنين هل تعرفين زيد بن أرقم ؟ قالت : نعم ، قالت : فإني بعته جارية لي بثمانمائة درهم إلى العطاء ، وإنه أراد أن يبيعها فابتعتها بستمائة درهم نقدا ، فأقبلت عليها وهي غضبى فقالت : بئسما شريت ، وبئسما اشتريت أبلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يتوب ) وأفحمت صاحبتنا فلم تتكلم طويلا ثم إنه سهل عنها فقالت : يا أم المؤمنين أرأيت إن لم آخذ إلا رأس
            مالي فتلت عليها فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ .
            فلولا أن عند أم المؤمنين علما لا تستريب فيه أن هذا محرم لم تستجز أن تقول مثل هذا بالاجتهاد ولا سيما إن كانت قد قصدت أن العمل يحبط بالردة وإن استحلال الربا كفر ، وهذا منه ، ولكن زيدا معذور لأنه لم يعلم أن هذا محرم ولهذا قالت " أبلغيه " .
            ويحتمل أن تكون قد قصدت أن هذا من الكبائر التي يقاوم إثمها ثواب الجهاد ، فيصير بمنزلة من عمل حسنة وسيئة بقدرها فكأنه لم يعمل شيئا ، وعلى التقديرين لجزم أم المؤمنين بهذا دليل على أنه لا يسوغ فيه الاجتهاد ، ولو كانت هذه من مسائل الاجتهاد والنزاع بين الصحابة لم تطلق عائشة ذلك على زيد ، فإن الحسنات لا تبطل بمسائل الاجتهاد .
            ولا يقال : فزيد من الصحابة وقد خالفها ، لأن زيدا لم يقل : هذا حلال ، بل فعله ، وفعل المجتهد لا يدل على قوله على الصحيح لاحتمال سهو أو غفلة أو تأويل أو رجوع ونحوه ، وكثيرا ما يفعل الرجل الشيء ولا يعلم مفسدته ، فإذا نبه له انتبه ، ولا سيما أم ولده ، فإنها دخلت على عائشة تستفتيها وطلبت الرجوع إلى رأس مالها وهذا يدل على الرجوع عن ذلك العقد ، ولم ينقل عن زيد أنه أصر على ذلك .
            فإن قيل : لا نسلم ثبوت الحديث فإن أم ولد زيد مجهولة .
            قلنا : أم ولده لم ترو الحديث ، وإنما كانت هي صاحبة القصة ، وأما العالية فهي امرأة أبي إسحاق السبيعي ، وهي من التابعيات ، وقد دخلت على عائشة وروى عنها أبو إسحاق ، وهو أعلم بها ، وفي الحديث قصة وسياق يدل على أنه محفوظ ، وأن العالية لم تختلق هذه القصة ولم تضعها بل يغلب على الظن غلبة قوية صدقها فيها وحفظها لها ، ولهذا رواها عنها زوجها ميمون ولم ينهها ولا سيما عند من يقول : رواية العدل عن غيره تعديل له ، والكذب لم يكن فاشيا في التابعين فشوه فيمن بعدهم ،
            وكثير منهم كان يروي عن أمه وامرأته ما يخبرهن به أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحتج به .
            فهذه أربعة أحاديث تبين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم العينة :
            حديث ابن عمر الذي فيه تغليظ العينة ، وحديث أنس وابن عباس : أنها مما حرم الله ورسوله .
            وحديث عائشة هذا والمرسل منها له ما يوافقه ، وقد عمل به بعض الصحابة والسلف وهذه حجة باتفاق الفقهاء .
            الدليل السادس : ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا .
            وللعلماء في تفسيره قولان :
            أحدهما : أن يقول : بعتك بعشرة نقدا أو عشرين نسيئة وهذا هو الذي رواه أحمد عن سماك ففسره في حديث ابن مسعود قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صفقتين في صفقة ، قال سماك : الرجل يبيع البيع فيقول هو علي نساء بكذا وبنقد بكذا .
            وهذا التفسير ضعيف ، فإنه لا يدخل الربا في هذه الصورة ، ولا صفقتين هنا وإنما هي صفقة واحدة بأحد الثمنين .
            والتفسير الثاني : أن يقول : أبيعكها بمائة إلى سنة على أن أشتريها منك بثمانين حالة وهذا معنى الحديث الذي لا معنى له غيره ، وهو مطابق لقوله فله أوكسهما أو الربا فإنه إما أن يأخذ الثمن الزائد فيربي أو الثمن الأول فيكون هو أوكسهما وهو مطابق لصفقتين في صفقة ، فإنه قد جمع صفقتي النقد والنسيئة في صفقة واحدة ومبيع واحد ، وهو قد قصد بيع دراهم عاجلة بدراهم مؤجلة أكثر منها ولا يستحق إلا رأس ماله وهو أوكس الصفقتين ، فإن أبى إلا الأكثر كان قد أخذ الربا .
            فتدبر مطابقة هذا التفسير لألفاظه - صلى الله عليه وسلم - ، وانطباقه عليها .
            ومما يشهد لهذا التفسير : ما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر عن النبي
            صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن بيعتين في بيعة و عن سلف وبيع فجمعه بين هذين العقدين في النهي لأن كلا منهما يؤول إلى الربا ؛ لأنهما في الظاهر بيع وفي الحقيقة ربا .
            ومما يدل على تحريم العينة : حديث ابن مسعود يرفعه لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والمحلل والمحلل له .
            ومعلوم أن الشاهدين والكاتب إنما يكتب ويشهد على عقد صورته جائزة الكتابة والشهادة ، لا يشهد بمجرد الربا ولا يكتبه ، ولهذا قرنه بالمحلل والمحلل له حيث أظهر صورة النكاح ولا نكاح ، كما أظهر الكاتب والشاهدان صورة البيع ولا بيع .
            وتأمل كيف لعن في الحديث الشاهدين والكاتب والآكل والموكل فلعن المعقود له ، والمعين له على ذلك العقد ولعن المحلل والمحلل له فالمحلل له هو الذي يعقد التحليل لأجله والمحلل هو المعين له بإظهار صورة العقد ، كما أن المرابي هو المعان على أكل الربا بإظهار صورة العقد المكتوب المشهود به فصلوات الله وسلامه على من أوتي جوامع الكلم .
            الدليل السابع : ما صح عن ابن عباس أنه قال ( إذا استقمت بنقد ، فبعت بنقد فلا بأس ، وإذا استقمت بنقد فبعت بنسيئة فلا خير فيه تلك ورق بورق ) رواه سعيد وغيره .
            ومعنى كلامه : أنك إذا قومت السلعة بنقد ثم بعتها بنسيئة كان مقصود المشتري شراء دراهم معجلة بدراهم مؤجلة وإذا قومتها بنقد ثم بعتها به فلا بأس ، فإن ذلك بيع ، المقصود منه السلعة لا الربا .
            الدليل الثامن : ما رواه ابن بطة عن الأوزاعي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يأتي على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع يعني العينة .
            وهذا - وإن كان مرسلا - فهو صالح للاعتضاد به ولا سيما وقد تقدم من المرفوع ما يؤكده ويشهد له أيضا : قوله - صلى الله عليه وسلم - : ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها .
            وقوله أيضا فيما رواه إبراهيم الحربي من حديث أبي ثعلبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أول دينكم نبوة ورحمة ثم خلافة ورحمة ثم ملك ورحمة ثم ملك وجبرية ثم ملك عضوض يستحل فيه الحر والحرير والحر - بكسر الحاء وتخفيف الراء - هو الفرج ، فهذا إخبار عن استحلال المحارم ولكنه بتغيير أسمائها وإظهارها في صور تجعل وسيلة إلى استباحتها وهي الربا والخمر والزنا فيسمى كل منها بغير اسمها ، ويستباح بالاسم الذي سمي به وقد وقعت الثلاثة .
            وفي قول عائشة ( بئسما شريت ، وبئسما اشتريت ) دليل على بطلان العقدين معا ، وهذا هو الصحيح من المذهب ، لأن الثاني عقد ربا والأول وسيلة إليه .
            وفيه قول آخر في المذهب : أن العقد الأول صحيح لأنه تم بأركانه وشروطه ، فطريان الثاني عليه لا يبطله ، وهذا ضعيف فإنه لم يكن مقصودا لذاته وإنما جعله وسيلة إلى الربا ، فهو طريق إلى المحرم فكيف يحكم بصحته ؟ وهذا القول لا يليق بقواعد المذهب .
            فإن قيل : فما تقولون فيمن باع سلعة بنقد ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة ؟
            قلنا : قد نص أحمد في رواية حرب على أنه لا يجوز إلا أن تتغير السلعة لأن هذا يتخذ وسيلة إلى الربا فهو كمسألة العينة سواء وهي عكسها صورة ، وفي الصورتين قد ترتب في ذمته دراهم مؤجلة بأقل منها نقدا لكن في إحدى الصورتين : البائع هو الذي اشتغلت ذمته ، وفي الصورة الأخرى : المشتري هو الذي اشتغلت ذمته فلا فرق بينهما .
            وقال بعض أصحابنا : يحتمل أن تجوز الصورة الثانية إذا لم يكن ذلك حيلة ولا مواطأة بل وقع اتفاقا .
            وفرق بينها وبين الصورة الأولى بفرقين :
            أحدهما : أن النص ورد فيها فيبقى ما عداها على أصل الجواز .
            ( الجزء رقم : 37، الصفحة رقم: 50)
            والثاني : أن التوسل إلى الربا بتلك الصورة أكثر من التوسل بهذه .
            والفرقان ضعيفان ، أما الأول : فليس في النص ما يدل على اختصاص العينة بالصورة الأولى حتى تتقيد به نصوص مطلقة على تحريم العينة ، والعينة فعلة من العين النقد قال الشاعر :
            أنـــــدان , أم نعتــــان , أم ينــــبري لنــــا فتـى مثـل نصـل السـيف مـيزت مضاربـه ؟

            قال الجوزجاني : أنا أظن أن العينة إنما اشتقت من حاجة الرجل إلى العين من الذهب والورق فيشتري السلعة ويبيعها بالعين الذي احتاج إليها وليست به إلى السلعة حاجة .
            وأما الفرق الثاني : فكذلك لأن المعتبر في هذا الباب هو الذريعة ، ولو اعتبر فيه الفرق من الاتفاق والقصد لزم طرد ذلك في الصورة الأولى وأنتم لا تعتبرونه .
            فإن قيل : فما تقولون إذا لم تعد السلعة إليه بل رجعت إلى ثالث هل تسمون ذلك عينة ؟
            قيل : هذه مسألة التورق لأن المقصود منها الورق وقد نص أحمد في رواية أبي داود على أنها من العينة وأطلق عليها اسمها .
            وقد اختلف السلف في كراهيتها فكان عمر بن عبد العزيز يكرهها وكان يقول " التورق آخية الربا " ورخص فيها إياس بن معاوية .
            وعن أحمد فيها روايتان منصوصتان ، وعلل الكراهة في إحداهما بأنه بيع مضطر ، وقد روى أبو داود عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المضطر وفي المسند عن علي قال : سيأتي على الناس زمان يعض المؤمن على ما في يده ولم يؤمر بذلك قال تعالى : وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ويبايع المضطرون وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المضطر وذكر الحديث .
            فأحمد - رحمه الله تعالى - أشار إلى أن العينة إنما تقع من رجل مضطر إلى نقد لأن الموسر يضن عليه بالقرض فيضطر إلى أن يشتري منه سلعة ثم
            يبيعها فإن اشتراها منه بائعها كانت عينة ، وإن باعها من غيره فهي التورق . ومقصوده في الموضعين الثمن ، فقد حصل في ذمته ثمن مؤجل مقابل لثمن حال أنقص منه ولا معنى للربا إلا هذا لكنه ربا بسلم لم يحصل له مقصوده إلا بمشقة ولو لم يقصده كان ربا بسهولة .

            وللعينة صورة رابعة - وهي أخت صورها - وهي : أن يكون عند الرجل المتاع فلا يبيعه إلا نسيئة ونص أحمد على كراهة ذلك فقال : العينة أن يكون عنده المتاع فلا يبيعه إلا بنسيئة ، فإن باع بنسيئة ونقد فلا بأس . وقال أيضا : أكره للرجل أن لا يكون له تجارة غير العينة فلا يبيع بنقد .
            قال ابن عقيل : إنما كره ذلك لمضارعته الربا ، فإن البائع بنسيئة يقصد الزيادة غالبا .
            وعلله شيخنا ابن تيمية - رحمه الله - بأنه يدخل في بيع المضطر ، فإن غالب من يشتري بنسيئة إنما يكون لتعذر النقد عليه ، فإذا كان الرجل لا يبيع إلا بنسيئة كان ربحه على أهل الضرورة والحاجة وإذا باع بنقد ونسيئة كان تاجرا من التجار .
            وللعينة صورة خامسة - وهي أقبح صورها وأشدها تحريما - وهي : أن المترابيين يتواطآن على الربا ، ثم يعمدان إلى رجل عنده متاع فيشتريه منه المحتاج ثم يبيعه للمربي بثمن حال ويقبضه منه ثم يبيعه إياه للمربي بثمن مؤجل ، وهو ما اتفقا عليه ثم يعيد المتاع إلى ربه ويعطيه شيئا وهذه تسمى الثلاثية لأنها بين ثلاثة ، وإذا كانت السلعة بينهما خاصة فهي الثنائية وفي الثلاثية قد أدخلا بينهما محللا يزعمان أنه يحلل لهما ما حرم الله من الربا ، وهو كمحلل النكاح فهذا محلل الربا ، وذلك محلل الفروج ، والله تعالى لا تخفى عليه خافية بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .


            الرابط
            http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
            ////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
            ابحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية
            >المجلد الرابع
            >إصدار : سنة 1421 هـ2001 م
            >بحث في البيوع>بيع العينة والتورق
            آراء الفقهاء في حكم العينة والتورق مع التوجيه والمناقشة
            ابن القيم في تهذيب السنن
            (فصل) قال المحرمون للعينة : الدليل على تحريمها من وجوه:
            أحدها : أن الله تعالى حرم الربا ، والعينة وسيلة إلى الربا ، بل هي من أقرب وسائله ، والوسيلة إلى الحرام حرام . فهنا مقامان:
            أحدهما : بيان كونها وسيلة.
            والثاني : بيان أن الوسيلة إلى الحرام حرام.
            فأما الأول : فيشهد له به النقل والعرف والنية والقصد ، وحال المتعاقدين:
            فأما النقل : فبما ثبت عن ابن عباس أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة بمائة ثم اشتراها بخمسين فقال : دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة.
            وفي كتاب محمد بن عبد الله الحافظ المعروف بمطين عن ابن عباس : أنه قال : (اتقوا هذه العينة لا تبيعوا دراهم بدراهم بينهما حريرة).
            وفي كتاب أبي محمد النجشي الحافظ عن ابن عباس أنه سئل عن العينة ، يعني : بيع الحريرة ، فقال : إن الله لا يخدع ، هذا مما حرم الله ورسوله .
            وفي كتاب الحافظ مطين عن أنس أنه سئل عن العينة- يعني : بيع الحريرة- فقال : إن الله لا يخدع ، هذا مما حرم الله ورسوله .
            وقول الصحابي (حرم رسول الله كذا أو أمر بكذا وقضى بكذا وأوجب كذا) في حكم المرفوع اتفاقا عند أهل العلم إلا خلافا شاذا لا يعتد به ولا يؤبه له.
            وشبهة المخالف : أنه لعله رواه بالمعنى فظن ما ليس بأمر ، ولا تحريم كذلك ، وهذا فاسد جدا . فإن الصحابة أعلم بمعاني النصوص وقد تلقوها
            من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يظن بأحد منهم أن يقدم على قوله : (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حرم أو فرض) إلا بعد سماع ذلك ودلالة اللفظ عليه ، واحتمال خلاف هذا كاحتمال الغلط والسهو في الرواية ، بل دونه ، فإن رد قوله : (أمر) ونحوه بهذا الاحتمال ، وجب رد روايته لاحتمال السهو والغلط وإن قبلت روايته : وجب قبول الآخر.
            وأما شهادة العرف بذلك : فأظهر من أن تحتاج إلى تقرير ، بل قد علم الله وعباده من المتبايعين ذلك : قصدهما أنهما لم يعقدا على السلعة عقدا يقصدان به تملكها ولا غرض لهما فيها بحال . وإنما الغرض والمقصود بالقصد الأول : مائة بمائة وعشرين . وإدخال تلك السلعة في الوسط تلبيس وعبث ، وهي بمنزلة الحرف الذي لا معنى له في نفسه ، بل جيء به لمعنى في غيره . حتى لو كانت تلك السلعة تساوي أضعاف ذلك الثمن . أو تساوي أقل جزء من أجزائه لم يبالوا بجعلها موردا للعقد ؛ لأنهم لا غرض لهم فيها . وأهل العرف لا يكابرون أنفسهم في هذا.
            وأما النية والقصد : فالأجنبي المشاهد لهما يقطع بأنه لا غرض لهما في السلعة وإنما القصد الأول مائة بمائة وعشرين ، فضلا عن علم المتعاقدين ونيتهما ؛ ولهذا يتواطأ كثير منهم على ذلك قبل العقد ثم يحضران تلك السلعة محللا لما حرم الله ورسوله.
            وأما المقام الثاني:- وهو أن الوسيلة إلى الحرام حرام- فبانت بالكتاب والسنة والفطرة والمعقول ، فإن الله سبحانه مسخ اليهود قردة وخنازير لما توسلوا إلى الصيد الحرام بالوسيلة التي ظنوها مباحة ، وسمى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون مثل ذلك : مخادعة ، كما تقدم.
            وقال أيوب السختياني : (يخادعون الله كما يخادعون الصبيان ، لو أتوا الأمر على وجهه كان أسهل ، والرجوع إلى الصحابة في معاني الألفاظ متعين ، سواء كانت لغوية أو شرعية ، والخداع حرام).
            وأيضا فإن هذا العقد يتضمن إظهار صورة مباحة وإضمار ما هو من أكبر الكبائر ، فلا تنقلب الكبيرة مباحة بإخراجها في صورة البيع الذي لم يقصد نقل الملك فيه أصلا وإنما قصده حقيقة الربا.
            وأيضا : فإن الطريق متى أفضت إلى الحرام فإن الشريعة لا تأتي بإباحتها أصلا ؛ لأن إباحتها وتحريم الغاية جمع بين النقيضين فلا يتصور أن يباح شيء ويحرم ما يفضي إليه ، بل لا بد من تحريمهما أو إباحتهما ، والثاني باطل قطعا فيتعين الأول.
            وأيضا فإن الشارع إنما حرم الربا ، وجعله من الكبائر ، وتوعد آكله بمحاربة الله ورسوله لما فيه من أعظم الفساد والضرر فكيف يتصور- مع هذا- أن يبيح هذا الفساد العظيم بأيسر شيء يكون من الحيل.
            فيا لله العجب ، أترى هذه الحيلة أزالت تلك المفسدة العظيمة وقلبتها مصلحة بعد أن كانت مفسدة؟
            وأيضا : فإن الله سبحانه عاقب أهل الجنة الذين أقسموا ليصرمنها مصبحين وكان مقصودهم منع حق الفقراء من الثمر المتساقط وقت الحصاد فلما قصدوا منع حقهم منعهم الله الثمرة جملة.
            ولا يقال : فالعقوبة إنما كانت على رد . الاستثناء وحده لوجهين :
            أحدهما : أن العقوبة من جنس العمل ، وترك الاستثناء عقوبته : أن يعوق وينسى لا إهلاك ماله ، بخلاف عقوبة ذنب الحرمان فإنها حرمان كالذنب .
            الثاني : أن الله تعالى أخبر عنهم أنهم قالوا: أَنْ لاَ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ورتب العقوبة على ذلك ، فلو لم يكن لهذا الوصف مدخل في العقوبة لم يكن لذكره فائدة فإن لم يكن هو العلة التامة كان جزءا من العلة .
            وعلى التقديرين : يحصل المقصود .
            وأيضا : فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الأعمال بالنيات والمتوسل بالوسيلة التي صورتها مباحة إلى المحرم إنما نيته المحرم ، ونيته أولى به من ظاهر عمله . وأيضا : فقد روى ابن بطة وغيره بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل وإسناده مما يصححه الترمذي .

            وأيضا : فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا أثمانها ، و"جملوها" يعني : أذابوها وخلطوها . وإنما فعلوا ذلك ليزول عنها اسم الشحم ويحدث لها اسم آخر ، وهو الودك وذلك لا يفيد الحل فإن التحريم تابع للحقيقة وهي لم تتبدل بتبدل الاسم .
            وهذا الربا تحريمه تابع لمعناه وحقيقته فلا يزول بتبدل الاسم بصورة البيع كما لم يزل تحريم الشحم بتبديل الاسم بصورة الجمل والإذابة ، وهذا
            واضح بحمد الله .
            وأيضا : فإن اليهود لم ينتفعوا بعين الشحم وإنما انتفعوا بثمنه ، فيلزم من وقف مع تنظر العقود والألفاظ دون مقاصدها وحقائقها : أن لا يحرم ذلك ؛ لأن الله تعالى لم ينص على تحريم الثمن وإنما حرم عليهم نفس الشحم ، ولما لعنهم على استحلالهم الثمن . وإن لم ينص على تحريمه - دل على أن الواجب النظر إلى المقصود ، وإن اختلفت الوسائل إليه وأن ذلك يوجب أن لا يقصد الانتفاع بالعين ولا ببدلها .
            ونظير هذا : أن يقال : لا تقرب مال اليتيم فتبيعه وتأكل عوضه ، وأن يقال : لا تشرب الخمر فتغير اسمه وتشربه ، وأن يقال : لا تزن بهذه المرأة فتعقد عليها عقد إجارة وتقول إنما أستوفي منافعها وأمثال ذلك .
            قالوا : ولهذا الأصل- وهو تحريم الحيل المتضمنة إباحة ما حرم الله أو إسقاط ما أوجبه الله عليه- أكثر من مائة دليل ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له مع أنه أتى بصورة عقد النكاح الصحيح لما كان مقصوده التحليل لا حقيقة النكاح .
            وقد ثبت عن الصحابة أنهم سموه زانيا ولم ينظروا إلى صورة العقد .
            الدليل الثاني على تحريم العينة : ما رواه أحمد في مسنده : حدثنا أسود بن عامر حدثنا أبو بكر عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة ، واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم رواه أبو داود بإسناد صحيح إلى حيوة بن شريح المصري عن إسحاق أبي عبد الرحمن الخراساني ، أن
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 347)
            عطاء الخراساني حدثه : أن نافعا حدثه عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره ، وهذان إسنادان حسنان يشد أحدهما الآخر.
            فأما رجال الأول فأئمة مشاهير ، وإنما يخاف أن لا يكون الأعمش سمعه من عطاء أو أن عطاء لم يسمعه من ابن عمر .
            والإسناد الثاني : يبين أن للحديث أصلا محفوظا عن ابن عمر ، فإن عطاء الخراساني ثقة مشهور وحيوة كذلك . وأما إسحاق أبو عبد الرحمن فشيخ روى عنه أئمة المصريين مثل حيوة والليث ويحيى بن أيوب وغيرهم .
            وله طريق ثالث : رواه السري بن سهل حدثنا عبد الله بن رشيد ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد عن ليث عن عطاء عن ابن عمر قال : لقد أتى علينا زمان وما منا رجل يرى أنه أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم ، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، حتى يتوبوا ويرجعوا إلى دينهم وهذا يبين أن للحديث أصلا وأنه محفوظ .
            الدليل الثالث : ما تقدم من حديث أنس أنه سئل عن العينة ؟ فقال : إن الله لا يخدع ، هذا مما حرم الله ورسوله وتقدم أن هذا اللفظ في حكم المرفوع.
            الدليل الرابع : ما تقدم من حديث ابن عباس وقوله : هذا مما حرم الله ورسوله .
            الدليل الخامس : ما رواه الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا سعيد عن أبي إسحاق عن العالية ، ورواه حرب من حديث إسرائيل حدثني
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 34
            أبو إسحاق عن جدته العالية ، يعني : جدة إسرائيل : فإنها امرأة أبي إسحاق قالت : (دخلت على عائشة في نسوة فقالت : مما حاجتكن ؟ فكان أول من سألها أم محبة ، فقالت : يا أم المؤمنين ، هل تعرفين زيد بن أرقم ؟ قالت : نعم . قالت : فإني بعته جارية لي بثمانمائة درهم إلى العطاء . وأنه أراد أن يبيعها فابتعتها بستمائة درهم نقدا . فأقبلت عليها وهي غضبى فقالت : بئسما شريت ، وبئسما اشتريت ، أبلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب . وأفحمت صاحبتنا فلم تتكلم طويلا ، ثم إنه سهل عنها ، فقالت : يا أم المؤمنين أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي ؟ فتلت عليها: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ
            فلولا أن عند أم المؤمنين علما لا تستريب فيه أن هذا محرم لم تستجز أن تقول مثل هذا بالاجتهاد ، ولا سيما إن كانت قد قصدت أن العمل يحبط بالردة ، وأن استحلال الربا أكفر ، وهذا منه ولكن زيدا معذور ؛ لأنه لم يعلم أن هذا محرم ؛ ولهذا قالت : (أبلغيه) . ويحتمل أن تكون قد قصدت أن هذا من الكبائر التي يقاوم إثمها ثواب الجهاد فيصير بمنزلة من عمل حسنة وسيئة بقدرها فكأنه لم يعمل شيئا .
            وعلى التقديرين : فجزم أم المؤمنين بهذا دليل على أنه لا يسوغ فيه الاجتهاد ، ولو كانت هذه من مسائل الاجتهاد والنزاع بين الصحابة لم تطلق عائشة ذلك على زيد . فإن الحسنات لا تبطل بمسائل الاجتهاد .
            ولا يقال : فزيد من الصحابة وقد خالفها ؛ لأن زيدا لم يقل : هذا
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 349)
            حلال، بل فعله وفعل المجتهد لا يدل قوله على الصحيح لاحتمال سهو، أو غفلة، أو تأويل، أو رجوع ونحوه، وكثيرا ما يفعل الرجل الشيء ولا يعلم مفسدته، فإذا نبه له انتبه، ولا سيما أم ولده، فإنها دخلت على الرجوع إلى رأس مالها، وهذا يدل على الرجوع عن ذلك العقد ولم ينقل عن زيد أنه أصر على ذلك.
            فإن قيل: لا نسلم ثبوت الحديث فإن أم ولد زيد مجهولة.
            قلنا: أم ولده لم ترو الحديث وإنما كانت هي صاحبة القصة، وأما العالية فهي امرأة أبي إسحاق السبيعي وهي من التابعيات، وقد دخلت على عائشة وروى عنها أبو إسحاق وهو أعلم بها، وفي الحديث قصة وسياق يدل على أنه محفوظ، وأن العالية لم تختلق هذه القصة ولم تضعها، بل يغلب على الظن غلبة قوية صدقها فيها وحفظهما لها؛ ولهذا رواها عنها زوجها ميمون ولم ينهها ولا سيما عند من يقول: رواية العدل عن غيره تعديل له، والكذب لم يكن فاشيا في التابعين فشوه فيمن بعدهم، وكثير منهم كان يروي عن أمه وامرأته ما يخبرهن به أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحتج به.
            فهذه أربعة أحاديث تبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم العينة:
            حديث ابن عمر الذي فيه تغليظ العينة:
            وحديث أنس وابن عباس : أنها مما حرم الله ورسوله.
            وحديث عائشة هذا والمرسل منها له ما يوافقه، وقد عمل به بعض الصحابة والسلف وهذه حجة باتفاق الفقهاء.
            الدليل السادس : ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا .
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 350)
            وللعلماء في تفسيره قولان :
            أحدهما : أن يقول: بعتك بعشرة نقدا أو عشرين نسيئة، وهذا هو الذي رواه أحمد عن سماك ففسره في حديث ابن مسعود قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة قال سماك : الرجل يبيع البيع فيقول هو علي نساء بكذا وبنقد بكذا.
            وهذا التفسير ضعيف فإنه لا يدخل الربا في هذه الصورة ولا (صفقتين) هنا، وإنما هي صفقة واحدة بأحد الثمنين.
            والتفسير الثاني: أن يقول: أبيعكها بمائة إلى سنة على أن أشتريها منك بثمانين حالة وهذا معنى الحديث الذي لا معنى له غيره وهو مطابق لقوله: فله أوكسهما أو الربا فإنه إما أن يأخذ الثمن الزائد فيربي أو الثمن الأول فيكون هو أوكسهما وهو مطابق لصفقتين في صفقة، فإنه قد جمع صفقتي النقد والنسيئة في صفقة واحدة ومبيع واحد، وهو قد قصد بيع دراهم عاجلة بدراهم مؤجلة أكثر منها، ولا يستحق إلا رأس ماله وهو أوكس الصفقتين، فإن أبى إلا الأكثر كان قد أخذ الربا.
            فتدبر مطابقة هذا التفسير لألفاظه صلى الله عليه وسلم ، وانطباقه عليها.
            ومما يشهد لهذا التفسير: ما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيعتين في بيعة و عن سلف وبيع فجمعه بين هذين العقدين في النهي؛ لأن كلا منهما يئول إلى الربا؛ لأنهما في الظاهر بيع وفي الحقيقة ربا.
            ومما يدل على تحريم العينة : حديث ابن مسعود يرفعه: لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والمحلل والمحلل له .
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 351)
            ومعلوم أن الشاهدين والكاتب إنما يكتب ويشهد على عقد صورته جائزة الكتابة والشهادة لا يشهد بمجرد الربا ولا يكتبه، ولهذا أقرنه بالمحلل والمحلل له حيث أظهر صورة النكاح، ولا نكاح كما أظهر الكاتب والشاهد أنه صورة البيع ولا بيع.
            وتأمل كيف لعن في الحديث الشاهدين والكاتب والآكل والموكل، فلعن المعقود له والمعين له على ذلك العقد ولعن المحلل والمحلل له، فالمحلل له: هو الذي يعقد التحليل لأجله، والمحلل: هو المعين له بإظهار صورة العقد، كما أن المرابي: هو المعان على أكل الربا بإظهار صورة العقد المكتوب المشهود به.
            فصلوات الله على من أوتي جوامع الكلم.
            الدليل السابع: ما صح عن ابن عباس أنه قال: (إذا استقمت بنقد فبعت بنقد فلا بأس، وإذا استقمت بنقد فبعت بنسيئة فلا خير فيه تلك ورق بورق) رواه سعيد وغيره.
            ومعنى كلامه: أنك إذا قومت السلعة بنقد ثم بعتها بنسيئة كان مقصود المشتري شراء دراهم معجلة بدراهم مؤجلة وإذا قومتها بنقد ثم بعتها به فلا بأس؛ فإن ذلك بيع المقصود منها السلعة لا الربا.
            الدليل الثامن : ما رواه ابن بطة عن الأوزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع (يعني: العينة).
            وهذا- وإن كان مرسلا- فهو صالح للاعتضاد به ولا سيما وقد تقدم من المرفوع ما يؤكده.
            ويشهد له أيضا: قوله صلى الله عليه وسلم : ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 352)
            اسمها .
            وقوله أيضا فيما رواه إبراهيم الحربي من حديث أبي ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول دينكم نبوة ورحمة، ثم خلافة ورحمة، ثم ملك ورحمة، ثم ملك وجبرية، ثم ملك عضوض يستحل فيه الحر والحرير ، والحر: بكسر الحاء وتخفيف الراء: هو: الفرج، فهذا إخبار عن استحلال المحارم ولكنه بتغيير أسمائها وإظهارها في صورة تجعل وسيلة إلى استباحتها وهي الربا والخمر والزنا فيسمى كل منها بغير اسمها، ويستباح بالاسم الذي سمي به، وقد وقعت الثلاثة.
            وفي قول عائشة : (بئسما شريت، وبئسما اشتريت) دليل على بطلان العقدين معا، وهذا هو الصحيح من المذهب؛ لأن الثاني عقد ربا والأول وسيلة إليه.
            وفيه قول آخر في المذهب : أن العقد الأول صحيح؛ لأنه تم بأركانه وشروطه، فطريان الثاني عليه لا يبطله، وهذا ضعيف، فإنه لم يكن مقصودا لذاته وإنما جعله وسيلة إلى الربا، فهو طريق إلى المحرم فكيف يحكم بصحته؟ وهذا القول لا يليق بقواعد المذهب.
            فإن قيل: فما تقولون فيمن باع سلعة بنقد ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة؟
            قلنا: قد نص أحمد في رواية حرب على أنه لا يجوز إلا أن تتغير السلعة؛ لأن هذا يتخذ وسيلة إلى الربا، فهو كمسألة العينة سواء، وهي عكسها صورة، وفي الصورتين قد ترتب في ذمته دراهم مؤجلة بأقل منها نقدا، لكن في إحدى الصورتين: البائع هو الذي اشتغلت ذمته، وفي الصورة الأخرى: المشتري هو الذي اشتغلت ذمته فلا فرق بينهما.
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 353)
            وقال بعض أصحابنا: يحتمل أن تجوز الصورة الثانية إذا لم يكن ذلك حيلة ولا مواطأة، بل وقع اتفاقا.
            وفرق بينها وبين الصورة الأولى بفرقين:
            أحدهما : أن النص ورد فيها فيبقى ما عداها على أصل الجواز.
            والثاني : أن التوسل إلى الربا بتلك الصورة أكثر من التوسل بهذه.
            والفرقان ضعيفان: أما الأول: فليس في النص ما يدل على اختصاص العينة بالصورة الأولى حتى تتقيد به نصوص مطلقة على تحريم العينة.
            والعينة فعلة من العين النقد قال الشاعر:
            أنــــدان, أم نعتـــان, أم ينـــبري لنـــا فتى مثل نصل السيف ميزت مضاربه؟

            قال الجوزجاني : أنا أظن أن العينة إنما اشتقت من حاجة الرجل إلى العين من الذهب والورق فيشتري السلعة ويبيعها بالعين التي احتاج إليها وليست به إلى السلعة حاجة.
            وأما الفرق الثاني: فكذلك؛ لأن المعتبر في هذا الباب هو الذريعة، ولو اعتبر فيه الفرق من الاتفاق والقصد لزم طرد ذلك في الصورة الأولى وأنتم لا تعتبرونه.
            فإن قيل: فما تقولون إذا لم تعد السلعة إليه، بل رجعت إلى ثالث هل تسمون ذلك عينة؟
            قيل: هذه مسألة التورق؛ لأن المقصود منها الورق، وقد نص أحمد في رواية أبي داود على أنها من العينة، وأطلق عليها اسمها.
            وقد اختلف السلف في كراهيتها، فكان عمر بن عبد العزيز يكرهها، وكان يقول: (التورق أخية الربا) ورخص فيها إياس بن معاوية .
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 354)
            وعن أحمد فيها روايتان منصوصتان، وعلل الكراهة في إحداهما بأنه بيع مضطر، وقد روى أبو داود عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المضطر، وفي [المسند] عن علي قال: (سيأتي على الناس زمان يعض المؤمن على ما في يده ولم يؤمر بذلك، قال الله تعالى: وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ويبايع المضطرون، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر وذكر الحديث.
            فـ أحمد رحمه الله تعالى أشار إلى أن العينة إنما تقع من رجل مضطر إلى نقد؛ لأن الموسر يضن عليه بالقرض فيضطر إلى أن يشتري منه سلعة ثم يبيعها، فإن اشتراها منه بائعها كانت عينة، وإن باعها من غيره فهي التورق، ومقصوده في الموضعين: الثمن، فقد حصل في ذمته ثمن مؤجل مقابل لثمن حال أنقص منه ولا معنى للربا إلا هذا لكنه ربا بسلم لم يحصل له مقصوده إلا بمشقة ولو لم يقصده كان ربا بسهولة.
            وللعينة صورة رابعة- وهي أخت صورها- وهي: أن يكون عند الرجل المتاع فلا يبيعه إلا نسيئة، ونص أحمد على كراهة ذلك فقال: العينة أن يكون عنده المتاع فلا يبيعه إلا بنسيئة فإن باع بنسيئة ونقد فلا بأس.
            وقال أيضا: أكره للرجل أن لا يكون له تجارة غير العينة فلا يبيع بنقد.
            قال ابن عقيل : إنما كره ذلك لمضارعته الربا، فإن البائع بنسيئة يقصد الزيادة غالبا.
            وعلله شيخنا ابن تيمية رضي الله عنه بأنه يدخل في بيع المضطر فإن
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 355)
            غالب من يشتري بنسيئة إنما يكون لتعذر النقد عليه، فإذا كان الرجل لا يبيع إلا بنسيئة كان ربحه على أهل الضرورة والحاجة، وإذا باع بنقد ونسيئة كان تاجرا من التجار.

            وللعينة صورة خامسة :- وهي أقبح صورها وأشدها تحريما- وهي: أن المترابيين يتوطآن على الربا، ثم يعمدان إلى الرجل عنده متاع فيشتريه منه المحتاج ثم يبيعه للمربي بثمن حال ويقبضه منه ثم يبيعه إياه المربي بثمن مؤجل وهو ما اتفقنا عليه ثم يعيد المتاع إلى ربه ويعطيه شيئا، وهذه تسمى: الثلاثية؛ لأنها بين ثلاثة، وإذا كانت السلعة بينهما خاصة فهي الثنائية، وفي الثلاثية: قد أدخلا بينهما محللا يزعمان أنه يحلل لهما ما حرم الله من الربا، وهو كمحلل النكاح فهذا محلل الربا، وذلك محلل الفروج، والله تعالى لا تخفى عليه خافية، بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
            سئل الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله عن رجل عليه دين لرجل يحتاج إلى بضاعة أو حيوان ينتفع به أو يتاجر فيه، فيطلبه من إنسان دينا فلم يكن عنده، هل للمطلوب أن يشتريه ثم يبيعه له بثمن إلى أجل؟ وهل له أن يوكله في شرائه ثم يبيعه له بعد ذلك بربح اتفقا عليه قبل الشراء؟
            فأجاب : من كان له عليه دين فإن كان موسرا وجب عليه أن يوفيه، وإن كان معسرا وجب إنظاره، ولا يجوز قلبه عليه بمعاملة ولا غيرها، وأما البيع إلى أجل ابتداء فإن كان مقصود المشتري الانتفاع بالسلعة أو التجارة فيها جاز إذا كان على الوجه المباح، وأما إذا كان مقصوده الدراهم فيشتريها بمائة مؤجلة ويبيعها في السوق بسبعين حالة فهذا مذموم منهي عنه في أظهر
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 356)
            قولي العلماء، وهذا يسمى: التورق، قال أبو عمر ابن عبد البر : (التورق أخية الربا) .


            الرابط
            http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
            ////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
            مجلة البحوث الإسلامية
            العدد السابع
            الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1403هـ
            موضوع العدد بحث في البيوع
            العينة والتورق
            آراء الفقهاء في حكم العينة والتورق
            ( فصل )
            قال المحرمون للعينة : الدليل على تحريمها من وجوه:
            أحدهما : أن الله تعالى حرم الربا ، والعينة وسيلة إلى الربا . بل هي من أقرب وسائله ، والوسيلة إلى الحرام حرام . فهنا مقامان .
            أحدهما : بيان كونها وسيلة .
            والثاني : بيان أن الوسيلة إلى الحرام حرام .
            * فأما الأول : فيشهد له به النقل والعرف والنية والقصد ، وحال المتعاقدين .
            فأما النقل: فبما ثبت عن ابن عباس أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة بمائة ثم اشتراها بخمسين فقال: دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة .
            وفي كتاب محمد بن عبد الله الحافظ المعروف بمطين عن ابن عباس : أنه قال "اتقوا هذه العينة لا تبيعوا دراهم بدراهم بينهما حريرة" .
            وفي كتاب أبي محمد النجشي الحافظ عن ابن عباس "أنه سئل عن العينة ، يعني بيع الحريرة فقال: إن الله لا يخدع . هذا مما حرم الله ورسوله" .
            وفي كتاب الحافظ مطين عن أنس "أنه سئل عن العينة - يعني بيع الحريرة - فقال: إن الله لا يخدع . هذا مما حرم الله ورسوله" .
            * وقول الصحابي "حرم رسول الله كذا أو أمر بكذا وقضى بكذا وأوجب كذا" في حكم المرفوع اتفاقًا عند أهل العلم إلا خلافًا شاذًا لا يعتد به ولا يؤبه له .
            * وشبهة المخالف : أنه لعله رواه بالمعنى فظن ما ليس بأمر ، ولا تحريم كذلك ، وهذا فاسد جدًا . فإن الصحابة أعلم بمعاني النصوص وقد تلقوها من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يظن بأحد منهم أن يقدم على قوله "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو حرم أو فرض" إلا بعد سماع ذلك ودلالة اللفظ عليه ، واحتمال خلاف هذا
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 40)
            كاحتمال الغلط والسهو في الرواية . بل دونه فإن رد قوله "أمر" ونحوه بهذا الاحتمال ، وجب رد روايته لاحتمال السهو والغلط وإن قبلت روايته: وجب قبول الآخر .
            * وأما شهادة العرف بذلك : فأظهر من أن تحتاج إلى تقرير ، بل قد علم الله وعباده من المتبايعين ذلك: قصدهما أنهما لم يعقدا على السلعة عقدا يقصدان به تملكها ولا غرض لهما فيها بحال . وإنما الغرض والمقصود بالقصد الأول: مائة بمائة وعشرين . وإدخال تلك السلعة في الوسط تلبيس وعبث وهي بمنزلة الحرف الذي لا معنى له في نفسه ، بل جيء به لمعنى في غيره . حتى لو كانت تلك السلعة تساوي أضعاف ذلك الثمن . أو تساوي أقل جزء من أجزائه لم يبالوا بجعلها موردًا للعقد لأنهم لا غرض لهم فيها . وأهل العرف لا يكابرون أنفسهم في هذا .
            * وأما النية والقصد : فالأجنبي المشاهد لهما يقطع بأنه لا غرض لهما في السلعة وإنما القصد الأول مائة بمائة وعشرين فضلاً عن علم المتعاقدين ونيتهما ولهذا يتواطأ كثير منهم على ذلك قبل العقد ثم يحضران تلك السلعة محللا لما حرم الله ورسوله .
            * وأما المقام الثاني : - وهو أن الوسيلة إلى الحرام حرام- فبانت بالكتاب والسنة والفطرة والمعقول فإن الله سبحانه مسخ اليهود قردة وخنازير لما توسلوا إلى الصيد الحرام بالوسيلة التي ظنوها مباحة ، وسمى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون مثل ذلك مخادعة ، كما تقدم .
            وقال أيوب السختياني : "يخادعون الله كما يخادعون الصبيان ، لو أتوا الأمر على وجهه كان أسهل والرجوع إلى الصحابة في معاني الألفاظ متعين ، سواء كانت لغوية أو شرعية ، والخداع حرام" .
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 41)
            وأيضًا فإن هذا العقد يتضمن إظهار صورة مباحة وإضمار ما هو من أكبر الكبائر ، فلا تنقلب الكبيرة مباحة بإخراجها في صورة البيع الذي لم يقصد نقل الملك فيه أصلا وإنما قصده حقيقة الربا . وأيضًا: فإن الطريق متى أفضت إلى الحرام فإن الشريعة لا تأتي بإباحتها أصلاً لأن إباحتها وتحريم الغاية جمع بين النقيضين فلا يتصور أن يباح شيء ويحرم ما يفضي إليه ، بل لا بد من تحريمهما أو إباحتهما ، والثاني باطل قطعًا فيتعين الأول .
            وأيضًا: فإن الشارع إنما حرم الربا ، وجعله من الكبائر ، وتوعد آكله بمحاربة الله ورسوله لما فيه من أعظم الفساد والضرر فكيف يتصور -مع هذا- أن يبيح هذا الفساد العظيم بأيسر شيء يكون من الحيل .
            فيا لله العجب ، أترى هذه الحيلة أزالت تلك المفسدة العظيمة وقلبتها مصلحة بعد أن كانت مفسدة؟
            وأيضًا: فإن الله سبحانه عاقب أهل الجنة الذين أقسموا ليصرمنها مصبحين وكان مقصودهم منع حق الفقراء من الثمر المتساقط وقت الحصاد فلما قصدوا منع حقهم منعهم الله الثمرة جملة .
            ولا يقال: فالعقوبة إنما كانت على رد الاستثناء وحده لوجهين:
            * أحدهما: أن العقوبة من جنس العمل ، وترك الاستثناء عقوبته: أن يعوق وينسى لا إهلاك ماله ، بخلاف عقوبة ذنب الحرمان فإنها حرمان كالذنب .
            * الثاني: أن الله تعالى أخبر عنهم أنهم قالوا أَنْ لاَ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ورتب العقوبة على ذلك ، فلو لم يكن لهذا الوصف مدخل في العقوبة لم يكن لذكره فائدة فإن لم يكن هو العلة التامة كان جزءًا من العلة .
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 42)
            وعلى التقديرين: يحصل المقصود .
            وأيضًا: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأعمال بالنيات والمتوسل بالوسيلة التي صورتها مباحة إلى المحرم إنما نيته المحرم ونيته أولى به من ظاهر عمله . وأيضًا: فقد روى ابن بطة وغيره بإسناد حسن عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل وإسناده مما يصححه الترمذي .
            وأيضًا: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا أثمانها و"جملوها" يعني أذابوها وخلطوها . وإنما فعلوا ذلك ليزول عنها اسم الشحم ويحدث لها اسم آخر ، وهو الودك وذلك لا يفيد الحل فإن التحريم تابع للحقيقة وهي لم تتبدل بتبدل الاسم .
            وهذا الربا تحريمه تابع لمعناه وحقيقته فلا يزول بتبدل الاسم بصورة البيع كما لم يزل تحريم الشحم بتبديل الاسم بصورة الجمل والإذابة ، وهذا واضح بحمد الله .
            وأيضًا: فإن اليهود لم ينتفعوا بعين الشحم وإنما انتفعوا بثمنه فيلزم من وقف مع تنظر العقود والألفاظ . دون مقاصدها وحقائقها: أن لا يحرم ذلك . لأن الله تعالى لم ينص على تحريم الثمن وإنما حرم عليهم نفس الشحم ولما لعنهم على استحلالهم الثمن . وإن لم ينص على تحريمه . دلّ على أن الواجب النظر إلى المقصود ، وإن اختلفت الوسائل إليه وأن ذلك يوجب أن لا يقصد الانتفاع بالعين ولا ببدلها .
            ونظير هذا: أن يقال: لا تقرب مال اليتيم فتبيعه وتأكل عوضه وأن يقال: لا تشرب الخمر فتغير اسمه وتشربه وأن يقال: لا تزن بهذه المرأة فتعقد عليها عقد إجارة وتقول إنما أستوفي منافعها وأمثال ذلك .
            قالوا: ولهذا الأصل - وهو تحريم الحيل المتضمنة إباحة ما حرم الله أو إسقاط ما أوجبه الله عليه -أكثر من مائة دليل وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له مع أنه أتى بصورة عقد النكاح الصحيح لما كان مقصوده التحليل لا حقيقة النكاح .
            وقد ثبت عن الصحابة أنهم سموه زانيا ولم ينظروا إلى صورة العقد .
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 43)
            الدليل الثاني:
            على تحريم العينة : ما رواه أحمد في مسنده : حدثنا أسود بن عامر حدثنا أبو بكر عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة ، واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم رواه أبو داود بإسناد صحيح إلى حيوة بن شريح المصري عن إسحاق أبي عبد الرحمن الخراساني أن عطاء الخراساني حدثه: أن نافعًا حدثه عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره وهذان إسنادان حسنان يشد أحدهما الآخر .
            فأما رجال الأول فأئمة مشاهير وإنما يخاف أن لا يكون الأعمش سمعه من عطاء أو أن عطاء لم يسمعه من ابن عمر .
            والإسناد الثاني : يبين أن للحديث أصلاً محفوظًا عن ابن عمر فإن عطاء الخراساني ثقة مشهور وحيوة كذلك . وأما إسحاق أبو عبد الرحمن فشيخ روى عنه أئمة المصريين مثل حيوة والليث ويحيى بن أيوب وغيرهم .
            وله طريق ثالث: رواه السري بن سهل حدثنا عبد الله بن رشيد حدثنا عبد الرحمن بن محمد عن ليث عن عطاء عن ابن عمر قال: "لقد أتى علينا زمان وما منا رجل يرى أنه أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة وتركوا الجهاد واتبعوا أذناب البقر أدخل الله عليهم ذلاًّ لا ينزعه حتى يتوبوا ويرجعوا إلى دينهم وهذا يبين أن للحديث أصلاً وأنه محفوظ .
            * الدليل الثالث : ما تقدم من حديث أنس "أنه سئل عن العينة؟ فقال: إن الله لا يخدع ، هذا مما حرم الله ورسوله" وتقدم أن هذا اللفظ في حكم المرفوع .
            * الدليل الرابع : ما تقدم من حديث ابن عباس وقوله "هذا مما حرم الله ورسوله" .
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 44)
            * الدليل الخامس : ما رواه الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا سعيد عن أبي إسحاق عن العالية ورواه حرب من حديث إسرائيل حدثني أبو إسحاق عن جدته العالية ، يعني جدة إسرائيل : فإنها امرأة أبي إسحاق قالت: "دخلت على عائشة في نسوة فقالت: ما حاجتكن؟
            فكان أول من سألها أم محبة : فقالت: يا أم المؤمنين هل تعرفين زيد بن أرقم ؟
            قالت: نعم .
            قالت: فإني بعته جارية لي بثمانمائة درهم إلى العطاء . وأنه أراد أن يبيعها فابتعتها بستمائة درهم نقدًا .
            فأقبلت عليها وهي غضبى فقالت: بئسما شريت ، وبئسما اشتريت أبلغي زيدًا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب .
            وأفحمت صاحبتنا فلم تتكلم طويلا ثم أنه سهل عنها فقالت: يا أم المؤمنين أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي فتلت عليها: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ .
            فلولا أن عند أم المؤمنين علمًا لا تستريب فيه أن هذا محرم لم تستجز أن تقول مثل هذا بالاجتهاد ولا سيما إن كانت قد قصدت أن العمل يحبط بالردة وأن استحلال الربا أكفر وهذا منه ولكن زيدًا معذور لأنه لم يعلم أن هذا محرم ولهذا قالت "أبلغيه" .
            ويحتمل أن تكون قد قصدت أن هذا من الكبائر التي يقاوم إثمها ثواب الجهاد فيصير بمنزلة من عمل حسنة وسيئة بقدرها فكأنه لم يعمل شيئًا .
            وعلى التقديرين: فجزم أم المؤمنين بهذا دليل على أنه لا يسوغ فيه الاجتهاد ولو كانت هذه من مسائل الاجتهاد والنزاع بين الصحابة لم تطلق عائشة ذلك على زيد . فإن الحسنات لا تبطل بمسائل الاجتهاد .
            ولا يقال: فزيد من الصحابة وقد خالفها لأن زيدًا لم يقل: هذا حلال بل فعله وفعل المجتهد لا يدل على قوله على الصحيح لاحتمال سهو ، أو غفلة ، أو
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 45)
            تأويل ، أو رجوع ونحوه وكثيرًا ما يفعل الرجل الشيء ولا يعلم مفسدته . فإذا نبه له انتبه ، ولا سيما أم ولده . فإنها دخلت على عائشة تستفتيها وطلبت الرجوع إلى رأس مالها وهذا يدل على الرجوع عن ذلك العقد ولم ينقل عن زيد أنه أصر على ذلك .
            فإن قيل: لا نسلم ثبوت الحديث فإن أم ولد زيد مجهولة .
            قلنا: أم ولده لم ترو الحديث وإنما كانت هي صاحبة القصة ، وأما العالية فهي امرأة أبي إسحاق السبيعي وهي من التابعيات وقد دخلت على عائشة وروى عنها أبو إسحاق . وهو أعلم بها ، وفي الحديث قصة وسياق يدل على أنه محفوظ وأن العالية لم تختلق هذه القصة ولم تضعها بل يغلب على الظن غلبة قوية صدقها فيها وحفظها لها ولهذا رواها عنها زوجها ميمون ولم ينهها ولا سيما عند من يقول: رواية العدل عن غيره تعديل له والكذب لم يكن فاشيًا في التابعين فشوه فيمن بعدهم وكثير منهم كان يروي عن أمه وامرأته ما يخبرهن به أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحتج به .
            * فهذه أربعة أحاديث تبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم العينة:
            حديث ابن عمر الذي فيه تغليظ العينة .
            وحديث أنس وابن عباس : أنهما مما حرم الله ورسوله .
            وحديث عائشة هذا والمرسل منها له ما يوافقه . وقد عمل به بعض الصحابة والسلف . وهذه حجة باتفاق الفقهاء .
            * الدليل السادس : ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا .
            * وللعلماء في تفسيره قولان :
            أحدهما: أن يقول: بعتك بعشرة نقدًا أو عشرين نسيئة وهذا هو الذي رواه أحمد عن سماك ففسره في حديث ابن مسعود قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 46)
            صفقتين في صفقة قال سماك : الرجل يبيع البيع فيقول هو عليّ نساء بكذا وينقد بكذا .
            وهذا التفسير ضعيف فإنه لا يدخل الربا في هذه الصورة ولا "صفقتين" هنا وإنما هي صفقة واحدة بأحد الثمنين .
            والتفسير الثاني: أن يقول: أبيعكها بمائة إلى سنة على أن أشتريها منك بثمانين حالة وهذا معنى الحديث الذي لا معنى له غيره . وهو مطابق لقوله "فله أوكسهما أو الربا" فإنه إما أن يأخذ الثمن الزائد فيربى أو الثمن الأول فيكون هو أوكسهما وهو مطابق لصفقتين في صفقة . فإنه قد جمع صفقتي النقد والنسيئة في صفقة واحدة ومبيع واحد ، وهو قد قصد بيع دراهم عاجلة بدراهم مؤجلة أكثر منها ولا يستحق إلا رأس ماله وهو أوكس الصفقتين . فإن أبى إلا الأكثر كان قد أخذ الربا .
            فتدبر مطابقة هذا التفسير لألفاظه صلى الله عليه وسلم ، وانطباقه عليها .
            ومما يشهد لهذا التفسير: ما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيعتين في بيعة " و " عن سلف وبيع فجمعه بين هذين العقدين في النهي لأن كلا منهما يؤول إلى الربا ، لأنهما في الظاهر بيع وفي الحقيقة ربا .
            ومما يدل على تحريم العينة : حديث ابن مسعود يرفعه: لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والمحلل والمحلل له .
            ومعلوم أن الشاهدين والكاتب إنما يكتب ويشهد على عقد صورته جائزة الكتابة والشهادة لا يشهد بمجرد الربا ولا يكتبه . ولهذا أقرنه بالمحلل والمحلل له حيث أظهر صورة النكاح ولا نكاح كما أظهر الكاتب والشاهد أنه صورة البيع ولا بيع وتأمل كيف لعن في الحديث الشاهدين والكاتب والآكل والموكل فلعن المعقود له والمعين له على ذلك العقد ولعن المحلِّل والمحلَّل له فالمحلَّل له: هو الذي يعقد التحليل لأجله والمحلَّل: هو المعين له بإظهار صورة العقد ، كما أن المرابي: هو المعان على أكل الربا بإظهار صورة العقد المكتوب المشهود به .
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 47)
            فصلوات الله على من أوتي جوامع الكلم .
            * الدليل السابع : ما صح عن ابن عباس أنه قال: "إذا استقمت بنقد ، فبعت بنقد فلا بأس وإذا استقمت بنقد فبعت بنسيئة فلا خير فيه تلك ورق بورق" . رواه سعيد وغيره .
            ومعنى كلامه: أنك إذا قومت السلعة بنقد ثم بعتها بنسيئة كان مقصود المشتري شراء دراهم معجلة بدراهم مؤجلة وإذا قومتها بنقد ثم بعتها به فلا بأس؛ فإن ذلك بيع المقصود منه السلعة لا الربا .
            * الدليل الثامن : ما رواه ابن بطه عن الأوزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع (يعني العينة) .
            وهذا - وإن كان مرسلا - فهو صالح للاعتضاد به ولا سيما وقد تقدم من المرفوع ما يؤكده .
            ويشهد له أيضًا: قوله صلى الله عليه وسلم: ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها .
            وقوله أيضًا فيما رواه إبراهيم الحربي من حديث أبي ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول دينكم نبوة ورحمة ثم خلافة ورحمة ثم ملك ورحمة ثم ملك وجبرية ثم ملك عضوض يستحل فيه الحر والحرير والحر بكسر الحاء وتخفيف الراء: هو الفرج فهذا إخبار عن استحلال المحارم ولكنه بتغيير أسمائها وإظهارها في صورة تجعل وسيلة إلى استباحتها وهي الربا والخمر والزنا فيسمى كل منها بغير اسمها ، ويستباح بالاسم الذي سمي به وقد وقعت الثلاثة .

            وفي قول عائشة : "بئسما شريت ، وبئسما اشتريت" دليل على بطلان العقدين معًا وهذا هو الصحيح من المذهب لأن الثاني عقد ربا والأول وسيلة إليه .

            وفيه قول آخر في المذهب: أن العقد الأول صحيح لأنه تم بأركانه وشروطه . فطريان الثاني عليه لا يبطله ، وهذا ضعيف فإنه لم يكن مقصودًا لذاته وإنما
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 4
            جعله وسيلة إلى الربا ، فهو طريق إلى المحرم فكيف يحكم بصحته؟ وهذا القول لا يليق بقواعد المذهب .
            فإن قيل: فما تقولون فيمن باع سلعة بنقد ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة؟
            قلنا: قد نص أحمد في رواية حرب على أنه لا يجوز إلا أن تتغير السلعة لأن هذا يتخذ وسيلة إلى الربا فهو كمسألة العينة سواء وهي عكسها صورة وفي الصورتين قد ترتب في ذمته دراهم مؤجلة بأقل منها نقدًا لكن في إحدى الصورتين: البائع هو الذي اشتغلت ذمته ، وفي الصورة الأخرى: المشتري هو الذي اشتغلت ذمته فلا فرق بينهما .
            وقال بعض أصحابنا: يحتمل أن تجوز الصورة الثانية إذا لم يكن ذلك حيلة ولا مواطأة بل وقع اتفاقًا .
            وفرق بينهما وبين الصورة الأولى بفرقين:
            * أحدهما : أن النص ورد فيها فيبقى ما عداها على أصل الجواز .
            * والثاني : أن التوسل إلى الربا بتلك الصورة أكثر من التوسل بهذه .
            والفرقان ضعيفان: أما الأول: فليس في النص ما يدل على اختصاص العينة بالصورة الأولى حتى تتقيد به نصوص مطلقة على تحريم العينة .
            والعينة فعلة من العين النقد قال الشاعر:

            أنــــدان , أم نعتــــان , أم ينــــبري لنـــا فتى مثـل نصـل السـيف مـيزت مضاربه؟

            قال الجوزجاني : أنا أظن أن العينة إنما اشتقت من حاجة الرجل إلى العين من الذهب والورق فيشتري السلعة ويبيعها بالعين التي احتاج إليها وليست به إلى السلعة حاجة .
            * وأما الفرق الثاني : فكذلك لأن المعتبر في هذا الباب هو الذريعة ولو اعتبر فيه الفرق من الاتفاق والقصد لزم طرد ذلك في الصورة الأولى وأنتم لا تعتبرونه .
            فإن قيل: فما تقولون إذا لم تعد السلعة إليه بل رجعت إلى ثالث هل تسمون ذلك عينة؟
            قيل: هذه مسألة التورق لأن المقصود منها الورق وقد نص أحمد في رواية أبي داود على أنها من العينة وأطلق عليها اسمها .
            وقد اختلف السلف في كراهيتها فكان عمر بن عبد العزيز يكرهها وكان يقول "التورق أخية الربا" ورخص فيها إياس بن معاوية .
            وعن أحمد فيها روايتان منصوصتان . وعلل الكراهة في إحدهما بأنه بيع مضطر ، وقد روى أبو داود عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المضطر وفي المسند عن علي قال: سيأتي على الناس زمان يعض المؤمن على ما في يده ولم يؤمر بذلك قال الله تعالى: وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ويبايع المضطرون وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر وذكر الحديث .
            فأحمد -رحمه الله تعالى- أشار إلى أن العينة إنما تقع من رجل مضطر إلى نقد لأن الموسر يضن عليه بالقرض فيضطر إلى أن يشتري منه سلعة ثم يبيعها فإن اشتراها منه بائعها كانت عينة وإن باعها من غيره فهي التورق . ومقصوده في الموضعين: الثمن . فقد حصل في ذمته ثمن مؤجل مقابل لثمن حال أنقص منه ولا معنى للربا إلا هذا لكنه ربا بسلم لم يحصل له مقصوده إلا بمشقة ولو لم يقصده كان ربا بسهولة .
            وللعينة صورة رابعة -وهي أخت صورها- وهي: أن يكون عند الرجل المتاع فلا يبيعه إلا نسيئة ونص أحمد على كراهة ذلك فقال: العينة أن يكون عنده المتاع فلا يبيعه إلا بنسيئة فإن باع بنسيئة ونقد فلا بأس .
            وقال أيضًا: أكره للرجل أن لا يكون له تجارة غير العينة فلا يبيع بنقد .
            قال ابن عقيل : إنما كره ذلك لمضارعته الربا ، فإن البائع بنسيئة يقصد الزيادة غالبًا .
            وعلله شيخنا ابن تيمية رضي الله عنه بأنه يدخل في بيع المضطر فإن غالب من يشتري بنسيئة إنما يكون لتعذر النقد عليه فإذا كان الرجل لا يبيع إلا بنسيئة كان ربحه على أهل الضرورة والحاجة وإذا باع بنقد ونسيئة كان تاجرًا من التجار .
            وللعينة صورة خامسة: -وهي أقبح صورها وأشدها تحريمًا - وهي: أن
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 50)
            المترابيين يتواطآن على الربا ، ثم يعمدان إلى رجل عنده متاع فيشتريه منه المحتاج ثم يبيعه للمربي بثمن حال ويقبضه منه ثم يبيعه إياه المربي بثمن مؤجل وهو ما اتفقا عليه ثم يعيد المتاع إلى ربه ويعطيه شيئًا وهذه تسمى الثلاثية لأنها بين ثلاثة وإذا كانت السلعة بينهما خاصة فهي الثنائية ، وفي الثلاثية: قد أدخلا بينهما محللا يزعمان أنه يحلل لهما ما حرم الله من الربا ، وهو كمحلل النكاح فهذا محلل الربا ، وذلك محلل الفروج ، والله تعالى لا تخفى عليه خافية بل يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور .
            سئل الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله عن رجل عليه دين لرجل يحتاج إلى بضاعة أو حيوان ينتفع به أو يتاجر فيه فيطلبه من إنسان دينًا فلم يكن عنده هل للمطلوب أن يشتريه ثم يبيعه له بثمن إلى أجل وهل له أن يوكله في شرائه ثم يبيعه له بعد ذلك بربح اتفقا عليه قبل الشراء؟
            فأجاب : من كان له عليه دين فإن كان موسرًا وجب عليه أن يوفيه وإن كان معسرًا وجب إنظاره ولا يجوز قلبه عليه بمعاملة ولا غيرها وأما البيع إلى أجل ابتداء فإن كان مقصود المشتري الانتفاع بالسلعة أو التجارة فيها جاز إذا كان على الوجه المباح وأما إذا كان مقصوده الدراهم فيشتريها بمائة مؤجلة ويبيعها في السوق بسبعين حالة فهذا مذموم منهي عنه في أظهر قولي العلماء وهذا يسمى التورق ، قال أبو عمر بن عبد البر : التورق أخية الربا .

            الرابط
            http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
            ///////////////////////////////////////////////////////////
            مجلة البحوث الإسلامية
            >العدد السابع
            >الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1403هـ
            >موضوع العدد بحث في البيوع>
            العينة والتورق
            >آراء الفقهاء في حكم العينة والتورق
            ( فصل )
            وفي كل موضع قلنا: لا يجوز له أن يشتري لا يجوز ذلك لوكيله لأنه قائم مقامه ويجوز لغيره من الناس . سواء كان أباه أو ابنه أو غيرهما . لأنه غير البائع ويشتري لنفسه فأشبه الأجنبي .
            * قال محمد بن مفلح في الفروع :
            ولو باع شيئًا نسيئة أو بثمن لم يقبضه في ظاهر كلامه وذكره القاضي وأصحابه والأكثر ثم اشتراه بأقل مما باعه قال أبو الخطاب والشيخ: نقدًا ولم يقله أحمد والأكثر ، ولو بعد حل أجله . نقله ابن القاسم وسندي بطل الثاني (نص عليه وذكره الأكثر ، لم يجز استحسانًا ، وكذا في كلام القاضي وأصحابه القياس صحة البيع ومرادهم أن القياس خولف لدليل) إلا أن يتغير في نفسه أو يقبض ثمنه أو بغير جنس ثمنه ، وفي الانتصار وجه بعرض اختاره الشيخ أو يشتريه بمثل ثمنه أو من غير مشتريه لا من وكيله .
            وسأله المروذي إن وجده مع آخر يبيعه بالسوق أيشتريه بأقل؟
            قال: لا ، لعله دفعه ذلك إليه يبيعه وتوقف في رواية مهنى فيما إذا نقص في نفسه وحمله في الخلاف على أن نقصه أقل من النقص الذي اشتراه به فتكون علة المنع باقية ، وهذه مسألة العينة وعند أبي الخطاب يجوز قياسًا ، وكذا في الترغيب لم يجز استحسانًا ، وكذا في كلام القاضي وأصحابه: القياس صحة البيع ، ومرادهم أن
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 35)
            القياس خولف لدليل راجح فلا خلاف إذًا في المسألة وذكر شيخنا أنه يصح الأول إذا كان بتاتًا ولا مواطأة وإلا بطلا وأنه قول أحمد (و . م . ) ، ويتوجه أن مراد من أطلق هذا إلا أنه قال (في الانتصار): إذا قصد بالأول الثاني يحرم . وربما قلنا ببطلانه وقال أيضًا يحرم . إذا قصدا أن لا يصحا . وإن سلم فالبيع الأول خلا عن ذريعة الربا . وأجاب عن قول عائشة رضي الله عنها: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت . أنه للتأكيد ، قال أحمد رضي الله عنه فيمن فعلها: لا يعجبني أن يكتب عنه الحديث ، وحمله القاضي وغيره على الورع؛ لأنه مما يسوغ فيه الاجتهاد مع أنه ذكر عن قول عائشة رضي الله عنها أن زيدًا بن أرقم أبطل جهاده أنها أوعدت عليه . ومسائل الخلاف لا يلحق فيها الوعيد وعكس العينة مثلها نقله حرب ونقل أبو داود : يجوز بلا حيلة ونقل المروذي فيمن يبيع الشيء بم يجده يباع أيشتريه بأقل مما باعه بالنقد؟ قال: لا ، ولكن بأكثر لا بأس ولو احتاج إلى نقد فاشترى ما يساوي مائة بمائتين فلا بأس . نص عليه . وهي التورق . وعنه: يكره وحرّمه شيخنا . نقل أبو داود : إن كان لا يريد بيع المتاع الذي يشتريه منك هو فإن كان يريد بيعه فهو العينة وإن باعه منه لم يجز وهي العينة نص عليه .
            * قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى :
            وسئل : عن الرجل يبيع سلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها من ذلك الرجل بأقل من ذلك الثمن حالا . هل يجوز أم لا؟
            فأجاب : أما إذا باع السلعة إلى أجل واشتراها من المشتري بأقل من ذلك حالا فهذه تسمى "مسألة العينة" وهي غير جائزة عند أكثر العلماء: كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم ، وهو المأثور عن الصحابة كعائشة وابن عباس وأنس بن
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 36)
            مالك . فإن ابن عباس سئل عن حريرة بيعت إلى أجل ثم اشتريت بأقل قال: دراهم بدراهم دخلت بينهما حريرة .
            وأبلغ من ذلك أن ابن عباس قال: إذا استقمت بنقد ثم بعت بنسيئة فتلك دراهم بدراهم . فبين أنه إذا قوم السلعة بدراهم ثم باعها إلى أجل فيكون مقصوده دراهم بدراهم والأعمال بالنيات وهذه تسمى "التورق" .
            فإن المشتري تارة يشتري السلعة لينتفع بها ، وتارة يشتريها ليتجر بها ، فهذان جائزان باتفاق المسلمين . وتارة لا يكون مقصوده إلا أخذ دراهم . فينظر كم تساوي نقدًا ، فيشتريها إلى أجل ثم يبيعها في السوق بنقد . فمقصوده الورق فهذا مكروه في أظهر قولي العلماء . كما نقل ذلك عن عمر بن عبد العزيز وهو إحدى الروايتين عن أحمد .
            وأما عائشة فإنها قالت لأم ولد زيد بن أرقم لما قالت لها: إني ابتعت من زيد بن أرقم غلامًا إلى العطاء بثمانمائة وبعته منه بستمائة . فقالت عائشة : بئس ما بعت ، وبئس ما اشتريت . أخبري زيدًا أن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطل . إلا أن يتوب . قالت: أيا أم المؤمنين أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي ، فقالت لها عائشة : فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ .
            وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا وهذا إن تواطآ على أن يبيع ثم يبتاع . فماله إلا الأوكس . وهو الثمن الأقل أو الربا .
            وأصل هذا الباب: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فإن كان قد نوى ما أحله الله فلا بأس وإن نوى ما حرم الله وتوصل إليه بحيلة فإن له ما نوى والشرط بين الناس ما عدوه شرطًا كما أن البيع ما عدوه بيعًا . والإجارة بينهم ما عدوه إجارة . وكذلك النكاح بينهم ما عدوه نكاحًا فإن الله ذكر البيع والنكاح وغيرهما في كتابه ولم يرد لذلك حد في الشرع ولا له حد في الفقه .
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 37)
            والأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع كالصلاة والزكاة والصيام والحج وتارة باللغة كالشمس والقمر والبر والبحر وتارة بالعرف كالقبض والتفريق ، وكذلك العقود كالبيع والإجارة والنكاح والهبة وغير ذلك فما تواطأ الناس على شرطه وتعاقدوا فهذا شرط عند أهل العرف .
            وقال رحمه الله في الاختيارات وتحرم مسألة التورق .
            وقال ابن القيم في إعلام الموقعين :
            ( فصل )
            ومن الحيل المحرمة الباطلة التحيل على جواز مسألة العينة مع أنها حيلة في إبطال حيل لتجويز العينة نفسها على الربا وجمهور الأئمة على تحريمها .
            وقد ذكر أرباب الحيل لاستباحتها عدة حيل منها: أن يحدث المشتري في السلعة حدثًا ما تنقص به أو تتعيب فحينئذ يجوز لبائعها أن يشتريها بأقل مما باعها ومنها: أن تكون السلعة قابلة للتجزئة فيمسك منها جزءًا ما ويبيعه بقيتها ومنها: أن يضم البائع إلى السلعة سكينًا بما يتفقان عليه من الثمن ومنها: أن يهبها المشتري لولده أو زوجته أو من يثق به فيبيعها الموهوب له من بائعها فإذا قبض الثمن أعطاه للواهب ومنها: أن يبيعه إياها نفسه من غير إحداث شيء ولا هبة لغيره لكن يضم إلى ثمنها خاتمًا من حديد أو منديلاً أو سكينًا ونحو ذلك .
            ولا ريب أن العينة على وجهها أسهل من هذا التكلف وأقل مفسدة وإن كان الشارع قد حرم مسألة العينة لمفسدة فيها فإن المفسدة لا تزول بهذه الحيلة ، بل هي بحالها وانضم إليها مفسدة أخرى أعظم منها وهي: مفسدة المكر والخداع واتخاذ أحكام الله هزوا ، وهي أعظم المفسدتين ، وكذلك سائر الحيل لا تزيل المفسدة التي حرم لأجلها ، وإنما يضم إليها مفسدة الخداع والمكر وإن كانت العينة لا مفسدة فيها فلا حاجة إلى الاحتيال عليها ، ثم إن العينة في نفسها من أدنى الحيل إلى الربا فإذا تحيل عليها المحتال صارت حيلا متضاعفة ومفاسد متنوعة والحقيقة والقصد معلومان لله وللملائكة وللمتعاقدين ولمن حضرهما من
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 3
            الناس فليصنع أرباب الحيل ما شاءوا وليسلكوا أية طريق سلكوا فإنهم لا يخرجون بذلك عن بيع مائة بمائة وخمسين إلى سنة فيلدخلوا محلل الربا أو يخرجوه فليس هو المقصود . والمقصود معلوم . والله لا يُخَادَع ولا تروج عليه الحيل ولا تلتبس عليه الأمور .
            قال ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن على حديث إذا تبايعتم بالعينة . . .
            وفي الباب حديث أبي إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة رضي الله عنها فدخلت معها أم ولد زيد بن أرقم . فقالت: ياأم المؤمنين ، إني بعت غلامًا من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم نسيئة . وإني ابتعته منه بستمائة نقدًا ، فقالت لها عائشة : بئسما اشتريت ، أخبري زيدًا أن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بطل إلا أن يتوب .
            هذا الحديث رواه البيهقي والدارقطني ، وذكره الشافعي ، وأعله بالجهالة بحال امرأة أبي إسحاق ، وقال: لو ثبت فإنما عابت عليها بيعًا إلى العطاء . لأنه أجل غير معلوم .
            ثم قال: ولا يثبت مثل هذا عن عائشة ، وزيد بن أرقم لا يبيع إلا ما يراه حلالا .
            قال البيهقي : ورواه يونس بن أبي إسحاق عن أمه العالية بنت أنفع "أنها دخلت على عائشة مع أم أحمد " .
            وقال غيره: هذا الحديث حسن ، ويحتج بمثله ، لأنه قد رواه عن العالية ثقتان ثبتان: أبو إسحاق زوجها ويونس ابنها ، ولم يعلم فيها جرح . والجهالة ترتفع عن الراوي بمثل ذلك .
            ثم إن هذا مما ضبطت فيه القصة ، ومن دخل معها على عائشة ، وقد صدقها زوجها وابنها وهما من هما ، فالحديث محفوظ .
            وقوله في الحديث المتقدم من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا هو منزل على العينة بعينها . قاله شيخنا ، لأنه بيعان في بيع واحد فأوكسهما: الثمن الحال . وإن أخذ بالأكثر وهو المؤجل أخذ بالربا . فالمعينان لا
            ( الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 39)
            ينفكان من أحد الأمرين: أما الأخذ بأوكس الثمنين أو الربا وهذا لا يتنزل إلا على العينة .


            الرابط
            http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
            ////////////////////////////////////////////////
            أبحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية
            >المجلد الرابع
            >إصدار : سنة 1421 هـ>2001
            >بحث في البيوع
            >بيع العينة والتورق
            >آراء الفقهاء في حكم العينة والتورق مع التوجيه والمناقشة
            >محمد بن مفلح في الفروع
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 336)
            قال محمد بن مفلح في [الفروع] :
            ولو باع شيئا نسيئة أو بثمن لم يقبضه ، في ظاهر كلامه ، وذكره القاضي وأصحابه والأكثر ، ثم اشتراه بأقل مما باعه ، قال أبو الخطاب والشيخ : نقدا ، ولم يقله أحمد والأكثر ، ولو بعد حل أجله ، نقله ابن القاسم وسندي - بطل الثاني (نص عليه وذكره الأكثر ، لم يجز استحسانا ، وكذا في كلام القاضي وأصحابه القياس صحة البيع ، ومرادهم أن القياس خولف لدليل) إلا أن يتغير في نفسه ، أو يقبض ثمنه ، أو بغير جنس ثمنه ، وفي الانتصار وجه : بعرض ، اختاره الشيخ ، أو يشتريه بمثل ثمنه ، أو من غير مشتريه ، لا من وكيله.
            وسأله المروذي : إن وجده مع آخر يبيعه بالسوق أيشتريه بأقل ؟
            قال : لا ، لعله دفعه ذلك إليه يبيعه ، وتوقف في رواية مهنا فيما إذا نقص في نفسه ، وحمله في الخلاف على أن نقصه أقل من النقص الذي اشتراه به ، فتكون علة المنع باقية ، وهذه مسألة العينة ، وعند أبي الخطاب يجوز قياسا ، وكذا في الترغيب : لم يجز استحسانا ، وكذا في كلام القاضي وأصحابه : القياس صحة البيع ، ومرادهم : أن القياس خولف لدليل راجح ، فلا خلاف إذا في المسألة ، وذكر شيخنا:أنه يصح الأول إذا كان بتاتا ولا مواطأة ، وإلا بطلا ، وأنه قول أحمد (و . م) ويتوجه أن مراد من أطلق هذا ، إلا أنه قال (في الانتصار) : إذا قصدا بالأول الثاني يحرم . وربما قلنا ببطلانه ، وقال أيضا : يحرم . إذا قصدا أن لا يصحا ، وإن سلم فالبيع
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 337)
            الأول خلا عن ذريعة الربا.
            وأجاب عن قول عائشة رضي الله عنها : بئس ما شريت وبئس ما اشتريت : أنه للتأكيد ، قال أحمد رضي الله عنه فيمن فعلها : لا يعجبني أن يكتب عنه الحديث ، وحمله القاضي وغيره على الورع ؛ لأنه مما يسوغ فيه الاجتهاد ، مع أنه ذكر عن قول عائشة رضي الله عنها : أن زيد بن أرقم أبطل جهاده ، أنها أوعدت عليه.
            ومسائل الخلاف لا يلحق فيها الوعيد ، وعكس العينة مثلها ، نقله حرب ، ونقل أبو داود : يجوز بلا حيلة ، ونقل المروذي فيمن يبيع الشيء ثم يجده يباع أيشتريه بأقل مما باعه بالنقد ؟ قال : لا ، ولكن بأكثر لا بأس ، ولو احتاج إلى نقد فاشترى ما يساوي مائة بمائتين فلا بأس ، نص عليه ، وهي التورق . وعنه : يكره ، وحرمه شيخنا . نقل أبو داود : إن كان لا يريد بيع المتاع الذي يشتريه منك هو أهون ، فإن كان يريد بيعه فهو العينة ، وإن باعه منه لم يجز ، وهي العينة نص عليه.

            الرابط
            http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
            /////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
            مجلة البحوث الإسلامية
            >العدد السابع والثلاثون
            >الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1413ه
            ـ>بحث اللجنة أنواع البيوع التي يستعملها كثير من الناس
            >العينة والتورق
            ( مسألة قال : ومن باع سلعة بنسيئة لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها به ) وجملة ذلك : أن من باع سلعة بثمن مؤجل ثم اشتراها بأقل منه نقدا لم يجز في قول أكثر أهل العلم ، روي ذلك عن ابن عباس وعائشة والحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي ، وبه قال أبو الزناد وربيعة وعبد العزيز بن أبي سلمة والثوري والأوزاعي ومالك وإسحاق وأصحاب الرأي وأجازه الشافعي ، لأنه ثمن يجوز بيعها به من غير بائعها فجاز من بائعها . كما لو باعها بمثل ثمنها .
            ولنا : ما روى غندر عن شعبة عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته العالية بنت أيفع بن شرحبيل أنها قالت : ( دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم وامرأته على عائشة - رضي الله عنها - فقالت أم ولد زيد بن أرقم : إني بعت غلاما من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم إلى العطاء ، ثم اشتريته منه
            ( الجزء رقم : 37، الصفحة رقم: 34)
            بستمائة درهم فقالت لها : بئس ما شريت وبئس ما اشتريت ، أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إلا أن يتوب ) رواه الإمام أحمد وسعيد بن منصور ، والظاهر : أنها لا تقول مثل هذا التغليظ وتقدم عليه إلا بتوقيف سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فجرى مجرى روايتها ذلك عنه ، ولأن ذلك ذريعة إلى الربا فإنه يدخل السلعة ليستبيح بيع ألف بخمسمائة إلى أجل معلوم ، وكذلك روي عن ابن عباس في مثل هذه المسألة أنه قال : ( أرى مائة بخمسين بينهما حريرة ) يعني خرقة حرير جعلاها في بيعها ، والذرائع معتبرة لما قدمناه ، فأما بيعها بمثل الثمن أو أكثر فيجوز ، لأنه لا يكون ذريعة ، وهذا إذا كانت السلعة لم تنقص عن حالة البيع ، فإن نقصت مثل إن هزل العبد أو نسي صناعة أو تخرق الثوب أو بلي جاز له شراؤها بما شاء ، لأن نقص الثمن لنقص المبيع لا للتوسل إلى الربا ، وإن نقص سعرها أو زاد لذلك أو لمعنى حدث فيها لم يجز بيعها بأقل من ثمنها كما لو كانت بحالها نص أحمد على هذا كله .
            ( فصل )
            وإن اشتراها بعرض أو كان بيعها الأول بعرض فاشتراها بنقد جاز ، وبه قال أبو حنيفة ولا نعلم فيه خلافا ، لأن التحريم إنما كان لشبهة الربا ، ولا ربا بين الأثمان والعروض ، فأما إن باعها بنقد ثم اشتراها بنقد آخر مثل أن يبيعها بمائتي درهم ثم اشتراها بعشر دنانير فقال أصحابنا يجوز لأنهما جنسان لا يحرم التفاضل بينها ، فجاز كما لو اشتراها بعرض أو بمثل الثمن ، وقال أبو حنيفة : ( لا يجوز استحسانا ) . لأنهما كالشيء الواحد في معنى الثمنية ، ولأن ذلك يتخذ وسيلة إلى الربا فأشبه ما لو باعها بجنس الثمن الأول وهذا أصح إن شاء الله تعالى .
            ( فصل )
            وهذه المسألة تسمى مسألة العينة . قال الشاعر :
            أنــــــدان أم نعتـــــان أم ينـــــبري لنـــــا فتـى مثـل نصـل السـيف مـيزت مضاربـه

            فقوله " نعتان " أي نشتري عينة مثل ما وصفنا ، وقد روى أبو داود بإسناده عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إذا تبايعتم بالعينة
            ( الجزء رقم : 37، الصفحة رقم: 35)
            وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم وهذا وعيد يدل على التحريم . وقد روى عن أحمد أنه قال : العينة أن يكون عند الرجل المتاع فلا يبيعه إلا بنسيئة ، فإن باعه بنقد ونسيئة فلا بأس وقال : ( أكره للرجل أن لا يكون له تجارة غير العينة لا يبيع بنقد ) ، وقال ابن عقيل إنما كره النسيئة لمضارعتها الربا ، فإن الغالب أن البائع بنسيئة يقصد الزيادة بالأجل ويجوز أن تكون العينة اسما لهذه المسألة وللبيع بنسيئة جميعا . لكن البيع بنسيئة ليس بمحرم اتفاقا . ولا يكره إلا أن لا يكون له تجارة وغيره .
            ( فصل ) وإن باع سلعة بنقد ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة ، فقال أحمد في رواية حرب : لا يجوز ذلك إلا أن يغير السلعة ، لأن ذلك يتخذه وسيلة إلى الربا ، فأشبه مسألة العينة ، فإن اشتراها بنقد آخر أو بسلعة أخرى أو بأقل من ثمنها نسيئة جاز . لما ذكرناه في مسألة العينة . ويحتمل أن يجوز له شراؤها بجنس الثمن بأكثر منه ، إلا أن يكون ذلك عن مواطأة أو حيلة فلا يجوز ، وإن وقع ذلك اتفاقا من غير قصد جاز ، لأن الأصل حل البيع ، وإنما حرم في مسألة العينة بالأثر الوارد فيه وليس هذا في معناه ولأن التوسل بذلك أكثر ، فلا يلتحق به ما في دونه ، والله أعلم .
            ( فصل ) وفي كل موضع قلنا : لا يجوز له أن يشتري لا يجوز ذلك لوكيله لأنه قائم مقامه ويجوز لغيره من الناس ، سواء كان أباه أو ابنه أو غيرهما لأنه غير البائع ويشتري لنفسه فأشبه الأجنبي .
            قال : محمد بن مفلح في الفروع : .
            ولو باع شيئا نسيئة أو بثمن لم يقبضه في ظاهر كلامه وذكره القاضي وأصحابه والأكثر ثم اشتراه بأقل مما باعه قال أبو الخطاب والشيخ : نقدا ولم يقله أحمد والأكثر ، ولو بعد حل أجله ، نقله ابن القاسم وسندي بطل
            ( الجزء رقم : 37، الصفحة رقم: 36)
            الثاني ( نص عليه وذكره الأكثر ، لم يجز استحسانا ، وكذا في كلام القاضي وأصحابه القياس صحة البيع ومرادهم أن القياس خولف لدليل ) إلا أن يتغير في نفسه أو يقبض ثمنه أو بغير جنس ثمنه ، وفي الانتصار وجه بعرض اختاره الشيخ أو يشتريه بمثل ثمنه أو من غير مشتريه لا من وكيله وسأله المروزي إن وجده مع آخر يبيعه بالسوق أيشتريه بأقل ؟ قال : لا لعله دفعه ذلك إليه يبيعه ، وتوقف في رواية مهنا فيما إذا نقص في نفسه وحمله وفي الخلاف على أن نقصه أقل من النقص الذي اشتراه به فتكون علة المنع باقية وهذه مسألة العينة ، وعند أبي الخطاب يجوز قياسا وكذا في الترغيب لم يجز استحسانا وكذا في كلام القاضي وأصحابه : القياس صحة البيع ، ومرادهم أن القياس خولف لدليل راجح فلا خلاف إذا في المسألة ، وذكر شيخنا أنه يصح الأول إذا كان بتاتا ولا مواطأة وإلا بطلا ، وأنه قول أحمد (و . م) ويتوجه أن مراد من أطلق هذا إلا أنه قال ( في الانتصار ) إذا قصدا بالأول الثاني يحرم ، وربما قلنا ببطلانه وقال أيضا يحرم ، إذا قصدا أن لا يصحا ، وإن سلم فالبيع الأول خلا عن ذريعة الربا ، وأجاب عن قول عائشة - رضي الله عنها - : ( بئس ما شريت وبئس ما اشتريت ) . أنه للتأكيد قال أحمد - رضي الله عنه - فيمن فعلها : لا يعجبني أن يكتب عنه الحديث وحمله القاضي وغيره على الورع لأنه مما يسوغ فيه الاجتهاد مع أنه ذكر عن قول عائشة - رضي الله عنها - أن زيد بن أرقم أبطل جهاده أنها أوعدت عليه ، ومسائل الخلاف لا يلحق فيها الوعيد وعكس العينة مثلها نقله حرب ونقل أبو داود : يجوز بلا حيلة ونقل المروزي فيمن يبيع الشيء ثم يجده يباع أيشتريه بأقل مما باعه بالنقد ؟ قال : لا ولكن بأكثر لا بأس ولو احتاج إلى نقد فاشترى ما يساوي مائة بمائتين فلا بأس ، نص عليه ، وهي التورق ، وعنه : يكره وحرمه شيخنا نقل أبو داود : إن كان لا يريد بيع المتاع الذي يشتريه منك هو أهون فإن كان يريد بيعه فهو العينة وإن باعه منه لم يجز وهي
            ( الجزء رقم : 37، الصفحة رقم: 37)
            العينة نص عليه .
            قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى : .
            وسئل عن الرجل يبيع سلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها من ذلك الرجل بأقل من ذلك الثمن حالا ، هل يجوز أم لا ؟
            فأجاب : أما إذا باع السلعة إلى أجل واشتراها من المشتري بأقل من ذلك حالا فهذه تسمى ( مسألة العينة ) وهي غير جائزة عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم وهو المأثور عن الصحابة كعائشة وابن عباس وأنس بن مالك . فإن ابن عباس سئل عن حريرة بيعت إلى أجل ثم اشتريت بأقل قال : دراهم بدراهم دخلت بينهما حريرة .
            وأبلغ من ذلك أن ابن عباس قال : إذا استقمت بنقد ثم بعت فتلك دراهم بدراهم ، فبين أنه إذا قوم السلعة بدراهم ثم باعها إلى أجل فيكون مقصوده دراهم والأعمال بالنيات وهذه تسمى " التورق "
            فإن المشتري تارة يشتري السلعة لينتفع بها ، وتارة يشتريها ليتجر بها . فهذان جائزان باتفاق المسلمين ، وتارة لا يكون مقصوده إلا أخذ دراهم فينظر كم تساوي نقدا ، فيشتريها إلى أجل ثم يبيعها في السوق بنقد ، فمقصوده الورق فهذا مكروه في أظهر قولي العلماء ، كما نقل ذلك عمر بن عبد العزيز وهي إحدى الروايتين عن أحمد .
            وأما عائشة فإنها قالت لأم ولد زيد بن أرقم لما قالت لها : إني ابتعت من زيد بن أرقم غلاما إلى العطاء بثمانمائة وبعته منه بستمائة . فقالت عائشة : ( بئس ما بعت ، وبئس ما اشتريت . أخبري زيدا أن جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطل ، إلا أن يتوب ) . قال : يا أم المؤمنين أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي ؟ فقالت لها عائشة : فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ
            وفي السنن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لمن باع بيعتين في بيعة : " فله
            ( الجزء رقم : 37، الصفحة رقم: 3
            أوكسهما أو الربا وهذا إن تواطآ على أن يبيع ثم يبتاع ، فما له إلا الأوكس ، وهو الثمن الأقل أو الربا .
            وأصل هذا الباب : ( أن الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) فإن كان قد نوى ما أحله الله فلا بأس وإن نوى ما حرم الله وتوصل إليه بحيله فإن له ما نوى ، والشرط بين الناس ما عدوه شرطا كما أن البيع ما عدوه بيعا . والإجارة بينهم ما عدوه إجارة . وكذلك النكاح بينهم ما عدوه نكاحا فإن الله ذكر البيع والنكاح وغيرهما في كتابه ولم يرد لذلك حد في الشرع ولا له حد في الفقه .
            والأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع كالصلاة والزكاة والصيام والحج وتارة باللغة كالشمس والقمر والبر والبحر وتارة بالعرف كالقبض والتفرق . وكذلك العقود كالبيع والإجارة والنكاح والهبة وغير ذلك ، فما تواطأ الناس على شرطه وتعاقدوا فهذا شرط عند أهل العرف .
            وقال رحمه الله في الاختيارات : وتحرم مسألة التورق .

            الرابط
            http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
            ///////////////////////////////////////////////////////
            أبحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية
            >المجلد الرابع
            >إصدار : سنة 1421 هـ
            >2001 م>
            بحث في البيوع
            >بيع العينة والتورق
            >آراء الفقهاء في حكم العينة والتورق مع التوجيه والمناقشة>شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى
            قال شيخ الإسلام في [مجموع الفتاوى] :
            * وسئل عن الرجل يبيع سلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها من ذلك الرجل بأقل من ذلك الثمن حالا . هل يجوز أم لا؟
            فأجاب : أما إذا باع السلعة إلى أجل واشتراها من المشتري بأقل من ذلك حالا فهذه تسمى ( مسألة العينة ) وهي غير جائزة عند أكثر العلماء كأبي حنيفة و مالك و أحمد وغيرهم ، وهو المأثور عن الصحابة ؛ كعائشة وابن
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 33
            عباس و أنس بن مالك . فإن ابن عباس سئل عن حريرة بيعت إلى أجل ثم اشتريت بأقل فقال : دراهم بدراهم دخلت بينهما حريرة.
            وأبلغ من ذلك أن ابن عباس قال : إذا استقمت بنقد ثم بعت بنسيئة فتلك دراهم بدراهم ، فبين أنه إذا قوم السلعة بدراهم ثم باعها إلى أجل فيكون مقصوده دراهم بدراهم والأعمال بالنيات وهذه تسمى : ( التورق ).
            فإن المشتري تارة يشتري السلعة لينتفع بها ، وتارة يشتريها ليتجر بها ، فهذان جائزان باتفاق المسلمين . وتارة لا يكون مقصوده إلا أخذ دراهم . فينظر كم تساوي نقدا ، فيشتريها إلى أجل ثم يبيعها في السوق بنقد . فمقصوده الورق فهذا مكروه في أظهر قولي العلماء . كما نقل ذلك عن عمر بن عبد العزيز وهو إحدى الروايتين عن أحمد .
            وأما عائشة فإنها قالت لأم ولد زيد بن أرقم لما قالت لها : إني ابتعت من زيد بن أرقم غلاما إلى العطاء بثمانمائة وبعته منه بستمائة . فقالت عائشة : بئس ما بعت ، وبئس ما اشتريت . أخبري زيدا أن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطل ، إلا أن يتوب : قالت : يا أم المؤمنين ، أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي ، فقالت لها عائشة : فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وفي السنن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ، وهذا إن تواطآ على أن يبيع ثم يبتاع . فما له إلا الأوكس . وهو
            ( الجزء رقم : 4، الصفحة رقم: 339)
            الثمن الأقل أو الربا.
            وأصل هذا الباب : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فإن كان قد نوى ما أحله الله فلا بأس ، وإن نوى ما حرم الله وتوصل إليه بحيله فإن له ما نوى ، والشرط بين الناس ما عدوه شرطا كما أن البيع بينهم ما عدوه بيعا . والإجارة بينهم ما عدوه إجارة . وكذلك النكاح بينهم ما عدوه نكاحا ، فإن الله ذكر البيع والنكاح وغيرهما في كتابه ، ولم يرد لذلك حد في الشرع ولا له حد في الفقه.
            والأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع ؛ كالصلاة والزكاة والصيام والحج ، وتارة باللغة ؛ كالشمس والقمر والبر والبحر ، وتارة بالعرف كالقبض والتفريق ، وكذلك العقود ؛ كالبيع والإجارة والنكاح والهبة وذلك ، فما تواطأ الناس على شرطه وتعاقدوا فهذا شرط عند أهل العرف .
            وقال رحمه الله في الاختيارات : وتحرم مسألة التورق.

            الرابط
            http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
            ///////////////////////////////////////////////////////////
            مجلة البحوث الإسلامية
            >العدد الحادي عشر
            >الإصدار : من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1404هـ 1405هـ
            >البحوث
            >الربا في ضوء الكتاب والسنة
            >خاتمة البحث
            خاتمة البحث
            نأتي بعد أن فرغنا من كتابة البحث بتوفيق الله إلى الخاتمة فقد عرضنا بعد المقدمة لتعريف الربا لغة وشرعا وأوردنا الآيات القرآنية التي جاءت منتظمة عن الربا مع تفسيرها وقد تحصل من التفسير ما يأتي :
            ا- المراد بأكل الربا جميع التصرفات .
            2 - تشبيه المرابي بالمصروع .
            3 - المحق يشمل ذهاب المال وذهاب بركته .
            4 - لا يلحق متعاطي الربا تبعة التعامل به قبل التحريم .
            ( الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 220)
            5 - الترغيب في بذل الصدقات .
            6 - الوعيد لمن تعاطى الربا بعد التحريم .
            7 - للمرء أن يأخذ رأس ماله بعد التوبة من تعاطي الربا .
            8 - الترغيب في إنظار المعسر وإبراء ذمته ، وأردفنا ذلك بمبحث الربا في السنة وإيراد نص ما ورد من الأحاديث مع شرحها ثم بيان حكم الربا في الإسلام وأنه محرم بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة وأساطير العلم بما في ذلك تحريم كل وسيلة تفضي إليه كبيع العينة واستخلصنا من مجموع ذلك ما يأتي :
            أ- النهي عن تعاطي الربا بكل الألوان والوسائل .
            ب- إنه من الموبقات ومن كبائر الذنوب .
            جـ- لعن آكل الربا كل متعاون عليه .
            د- معصية الربا تجاوزت الحد في القبح .
            هـ- تحريم الاستطالة في عرض المسلم .
            و- آكل الربا يعذب في البرزخ وعليه اللعنة ويحال بينه وبين دخول الجنة .
            ز- أكلة الربا يحشرون في أسوأ صورة .
            ح- تحريم التبايع بالعينة والوعيد عليها .
            ط- الوسيلة للحرام محرمة .
            ك- لا يحل سلف ولا بيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما لم يكن تحت تصرف البائع .
            ل- ما تواطأ عليه البائع والمشتري بما يقصدان به دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل فهو ربا محرم سواء كان يبيع ثم يبتاع أو يبيع ويقرض .
            ثم انتقلنا بعد ذلك إلى مضار الربا وحكمة تحريمه ، وأوردنا نقولا عن ذلك من أقوال العلماء القدامى والمعاصرين مبسوطة في الصفحات (18 ، 19) وعقبنا بمبحث أنواع الربا وحكم كل نوع فذكرنا ربا النسيئة وأنه هو الربا الذي كانت تتعامل به الجاهلية الأولى وهو الذي ورد تحريمه بالقرآن ، ثم ربا الفضل وتحريمه جاءت به السنة النبوية سدا
            ( الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 221)
            للذريعة ، وعرضنا لعلة تحريم ربا الفضل واختلاف العلماء فيها ، ثم لنوعية الربا كما أوضحها ابن القيم -يرحمه الله- ثم لبحث التعامل مع البنوك وفيه القرض بالفائدة المشروطة وأنها محرمة ، ثم تناولنا بحث تحريم الربا الاستهلاكي والإنتاجي ورد نظرية تحريم الربا في الماضي وإباحته في الحاضر ، وأردفنا ذلك بالحديث عن وسائل القضاء على الربا وذكرنا أن منها القرض الحسن وإنظار المعسر وإبراء ذمته والتعاون الاجتماعي والصناعي والزراعي وتوزيع أموال الزكاة ، ثم أنهينا البحث بموضوع التورق وأنه مكروه وأوردنا فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية -يرحمه الله- في هذه المسألة . وأسأل الله أن يأجرني بقدر ما بذلت في هذا البحث من جهد علمي وجسمي ولم أصل فيه إلى الكمال ، وإنما هو إسهام وجهد مقل ، وأن يشمل سبحانه بتوفيقه ابني أسامة على ما أسهم به من تهيئة المراجع المطلوبة للبحث والعون بجهد مشكور وينفع به كل من قرأه مغضيا عما لعله أن يكون فيه من مآخذ - فالكمال لله وحده- ويأجر أيضا كل من تعاون على إشاعته بكل وسيلة خاصة مجلة البحوث بالرياض ورئاسة تحريرها والمشرفين عليها .
            وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع سبيله وسار على نهجه ، وقد فرغت من وضعه في شهر جمادى الثانية سنة ألف وأربعمائة وأربعة .
            والله يوفقنا إلى ما فيه الخير والرشاد ، ، ،

            الرابط
            http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
            //////////////////////////////////////////////////////////////////////
            مجلة البحوث الإسلامية
            >العدد العشرون
            >الإصدار : من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1407هـ 1408هـ>
            موضوع العدد التأمين القسم الثاني
            >الاستدلال على جواز التأمين بتحقق الضرورة إليه
            ن- الاستدلال على الجواز بتحقق الضرورة إليه :
            نذكر فيما يلي كلام بعض الفقهاء السابقين في تعريف الضرورة ، ونتبعه ببيان بعض الفقهاء المعاصرين لوجه الاستدلال به .
            أما كلام الفقهاء السابقين فقال الجصاص في معرض كلامه على حكم الأكل من الميتة للمضطر : الضرورة هي خوف الضرر بترك الأكل ؛ إما على نفسه أو عضو من أعضائه ، فمتى أكل بمقدار ما يزول عنه الخوف من الضرر في الحال فقد زالت الضرورة .
            وقال الزركشي والسيوطي : هي- أي الضرورة- بلوغه حدا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب ؛ كالمضطر للأكل واللبس بحيث لو بقي جائعا أو عريانا لمات أو تلف منه عضو .
            وقال ابن قدامة في كلامه على حكم الأكل من الميتة للمضطر : الضرورة المبيحة هي التي يخاف التلف بها إن ترك الأكل .
            وأما كلام الفقهاء المعاصرين في الاستدلال بالضرورة على جواز التأمين ، فقد بينه الأستاذ عبد الرحمن عيسى بقوله : دين الإسلام مبني على أساس اليسر ورفع الحرج والعسر قال الله تعالى : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ .
            ( الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 85)
            وقال تعالى : وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ .
            وقد بنى العلماء على ذلك قواعد منها " إذا ضاق الأمر اتسع " و " المشقة تجلب التيسير " و " الضرورات تبيح المحظورات " و " ما حرم لسد الذريعة يباح للحاجة " .
            وقد ناط الفقهاء معرفة المشقة التي تجلب التيسير بالعرف فالرجوع إليه فيما شق على الناس وما لا يشق عليهم أمر لا بد منه .
            وقد تبين في التأمين أن حاجة الناس إليه قد اشتدت وعظمت ، وأنه يشق عليهم جدا ألا يمارسوا عمليات التأمين ليدفعوا بها الكوارث الفادحة التي تقضي على الثروات وتخرب الديار ، وإن الاقتصاد الصحيح يحتم على ذوي المتاجر أو المصانع الكبيرة ممارسة عمليات التأمين حفاظا على أموالهم ودفاعا لما قد ينزل بهم من خسائر تبدد ثرواتهم وتخرب العامر من بيوتهم ، كل هذا يحققونه بالتأمين لدى شركات التأمين في مقابلة ما يدفعون لهذه الشركات من مال يتضاءل بجانب ما يجنون من ثمرات مع اطمئنان قلوبهم واستقرارها من جهة المحافظة على ثرواتهم ، وقال أيضا : بالنسبة للتأمين ضد الأخطار الشخصية في الصناعات والمهن الخطيرة .
            قال : كذلك يمكن أن يثبت لهذا التأمين الجواز من ناحية أن الإسلام مبني على أساس اليسر ورفع الحرج والعسر ؛ لأن التأمين ضد الأخطار الشخصية في الصناعات والمهن الخطيرة قد اشتدت إليه الحاجة وعظمت لما يدرأ من الكوارث وما يخففه منها عن رجال الصناعات والأعمال في المصانع الكبيرة لهذا يشق على الناس في هذه الصناعات والمهن الخطيرة
            ( الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 86)
            أن تمنعه من ممارسة هذا النوع من التأمين الذي تطمئن به أفئدتهم ، وتستقر قلوبهم على أنفسهم كلا وبعضا حتى يؤدوا أعمالهم فيكون جائزا شرعا دفعا للحرج والعسر . انتهى المقصود .
            وقال أيضا : أما التأمين ضد الأخطار الشخصية سواء كان تأمينا على الحياة أو على أي جزء من أجزاء الجسم في غير الصناعات والمهن الخطرة فينظر فيه :
            فإن كان من نوع التأمين المختلط وهو الذي يجمع بين التأمين والادخار كان جائزا شرعا ؛ لأن فيه تشجيعا على الادخار فهو يحقق الصالح العام من الناحية الاقتصادية بشرط أن يتفق طالب التأمين مع الشركة على عدم استغلال أقساط تأمينه في الربا والكسب الحرام ، حتى تبرأ ذمة المؤمن له من هذه الناحية التي قد تستوجب الحرمة بطريق التسبب . . . .
            أما التأمين ضد الأخطار الشخصية في غير الصناعات والمهن الخطيرة إذا كان تأمينا عاديا ، فإنه لا يجوز شرعا ؛ لأنه لا يحقق صالحا عاما ولا يترتب على تركه مشقة يقرر العرف أنها لا تتحمل كما أنه لا تدعو إليه حاجة تتصل بالمصالح العامة .
            وقد أجاب عن ذلك الأستاذ الصديق محمد الأمن الضرير بقوله : " والواقع أن الضرورة بالمعنى الذي يقصده الفقهاء لا تتحقق بالنسبة لعقد التأمين ، ولكن مما لا شك فيه أن الناس سيقعون في حرج لو منعنا عقد التأمين بالكلية بعد أن ألفوه وتغلغل في جميع نواحي حياتهما ،
            ( الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 87)
            فالتأمين وإن لم يكن من ضروريات الناس إلا أنه من حاجياتهم التي يترتب على فقدها الضيق والمشقة ، وقد أبيحت كثير من المعاملات التي يقتضي القياس منعها ؛ لأن حاجة الناس تدعو إليها . ورغم كل هذا فإني لا أرى إباحة عقد التأمين بوضعه الحالي ؛ لأنه لا يصح أن نلجأ إلى استخدام الضرورة أو الحاجة إلا إذا لم نجد سبيلا غيرها " .
            وقد أجاب الأستاذ أبو زهرة - رحمه الله- عن ذلك ، فقال : ونحن نقر بهذه الوقائع ؛ لأننا لا نحاول إنكار الواقع ولكن لكي نحكم بأن التأمين غير التعاوني أمر ضروري لا بد أن نفرض أنه لا يمكن أن يوجد تأمين سواه ؛ لأن الضرورة لا تكون إلا حيث تستغلق الأمور ويتعين المحرم سبيلا للإنقاذ ، فهذا الذي يبلغ به الجوع أقصاه ولا يجد إلا الخنزير يأكله فإنه يباح له أكله ، ولكن إن وجد طعاما آخر ولكنه دون الخنزير اشتهاء مع أنه طيب حلال لا يعد في حال ضرورة .
            والأمر هنا كذلك فإن التأمين الاجتماعي فتح الأبواب ، وإن لم يكن قائما أقمناه ، وإن كان ضيقا وسعناه ، وإذا كان الأفق محدودا وضعنا بين أيدي المفكرين أوسع الآفاق . ويعجبني أن قائدي السيارات في الخرطوم عندما فرض عليهم نظام التأمين كونوا من بينهم جماعة تعاونية تكون هي المؤمنة فيكونون جميعا مستأمنين ومؤمنين حفظ الله لهم إيمانهم ، وبارك لهم في رزقهما ؛ فهلا دعونا العالم الإسلامي إلى إيجاد نظام تعاوني بدل هذا النظام غير التعاوني الذي لا نزال مصرّين على أنه بدعة يهودية .
            إنه لا يصح لنا دِينا أن نترك أمرا بيِّنا نيِّرا ضاحيا ، ونسير على أمر إن لم يكن حراما فهو مشتبه فيه ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : دع ما يريبك
            ( الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 8
            إلى ما لا يريبك . ويقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " دعوا الربا والريبة " .
            ومن القائلين بجواز التأمين مطلقا الأستاذ عبد الرزاق السنهوري ، إلا أنه لا يرى الاستدلال على جوازه بما استدل به غيره من قياسه على بعض العقود المعروفة ، وإنما يراه عقدا مستحدثا قائما بذاته ، ونظرا لذلك أوردنا رأيه بدليله بعد كلام المانعين وكلام المجيزين ، وفيما يلي ما برر به رأيه .
            الوقوف عند أحد جانبي عقد التأمين وهو جانب العلاقة ما بين المؤمن والمؤمن له بالذات ، دون مجاوزة ذلك إلى الجانب الآخر ، وهو جانب العلاقة ما بين المؤمن ولمجموع المؤمن لهم حيث لا يكون المؤمن إلا وسيطا بينهم ينظم تعاونهم جميعا على مواجهة الخسارة التي تحيق بالقليل منهم ، هو الذي دفع بكثير ممن تصدوا للإفتاء في مشروعية التأمين في الفقه الإسلامي إلى القول بعدم مشروعيته . وتكون فتواهم في هذه الحالة صحيحة ؛ لأنه إذا نظر إلى عقد التأمين من جهة العلاقة ما بين المؤمن والمؤمن له بالذات ، ومن جهة هذه العلاقة وحدها ، لم يَعدُ عقد التأمين أن يكون عقد مقامرة أو رهان كما قدمنا ، ويكون غير مشروع ، لا فحَسْب في الفقه الإسلامي ، بل أيضا في القانون المصري وفي جميع القوانين التي تحرم المقامرة والرهان .
            ولكن الجانب الآخر من
            ( الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 89)
            عقد التأمين وهو الجانب الذي يجب الوقوف عنده ؛ لأنه هو الذي يؤصل التأمين ويحدد طبيعته تنظيما دقيقا بين عدد كبير من الناس معرضين جميعا لخطر واحد ، حتى إذا تحقق الخطر بالنسبة إلى بعضهم تعاون الجميع على مواجهته بتضحية قليلة يبذلها كل منهم يتلافون بها أضرارا جسيمة تحقيق بمن نزل الخطر به منهم لولا هذا التعاون .
            وشركة التأمين ليست في الواقع من الأمر إلا الوسيط الذي ينظم هذا التعاون على أسس فنية صحيحة ، وهي أسس معقدة في أشد الحاجة إلى جهود شركات ضخمة ، وسنعرض لها فيما يلي : فالتأمين إذن هو تعاون محمود ، تعاون على البر والتقوى : يبر به المتعاونون بعضهم بعضا ويتقون به جميعا شر المخاطر التي تهددهم . فكيف يجوز القول بأنه غير مشروع؟
            وقد كثرت الفتاوى الشرعية في التأمين ، بعضها يحله وبعضها يحرمه ، ومن الفتاوى البارزة في تحليله فتوى الأستاذ الإمام محمد عبده في شأن التأمين على الحياة - ثم ذكر فتوى الشيخ محمد عبده وأشار إلى أقوال الأستاذ الزرقا ومناقشة أبي زهرة له وقول برهام محمد عطا الله وأحمد السنوسي وعيسوي أحمد عيسوي ، ثم ذكر رأي المانعين أمثال الشيخ ابن عابدين والشيخ محمد بخيت والشيخ أحمد قراعة والشيخ ابن زهرة والأستاذ أحمد إبراهيم ، ثم قال بعد ذلك :
            وفيما قدمناه من هذه الآراء المختلفة نقف عند المسائل الآتية :
            (أ) لا تصح التفرقة بين التأمين الاجتماعي والتأمين الفردي ، فكلاهما يقوم على أساس واحد ولا يختلفان إلا في أن الدولة في التأمين الاجتماعي هي التي تقوم بدور المؤمن . فمن قال بجواز التأمين الاجتماعي وجب أن يقول بجواز التأمين الفردي .
            (ب) لا يجوز قياس عقد التأمين على عقود أو نظم معروفة في الفقه الإسلامي ، فهو لا يشبه عقد المضاربة في شيء ، ولا هو كفالة ، ولا هو وديعة بأجر ، ولا عقد موالاة ، ولا يدخل في ضمان خطر الطريق ، ولا في الوعد الملزم ، ولا في نظام العواقل إلى آخر ما جاء في التشبيهات .
            (ج) وإنما التأمين عقد جديد له مقومات وخصائصه ، وهو ليس بين العقود أو النظم التي عرفها الفقه الإسلامي . ويأخذ عليه المحرمون له أنه مقامرة ، وفيه غرر ، وينطوي على الربا .
            (د) أَمَا إن فيه مقامرة ، فقد بينّا أن عقد التأمين بعيد كل البعد عنها . فهو من الناحية الفنية الاقتصادية ليس بمقامرة ، لا بالنسبة إلى المؤمن فهو يأخذ الأقساط من المؤمنين له ، ثم يعيد توزيعها عليهم ولا يعرض نفسه لاحتمال الخسارة أو المكسب بأكثر مما يعرض نفسه أي شخص آخر في تجارة مشروعة ، ولا بالنسبة إلى المؤمن له إذ هو لا يقامر معتمدا على الحظ والمصادفة ، بل على العكس من ذلك تماما يقصد أن يتوقى شر الحظ والمصادفة ، ويتعاون مع غيره من المؤمن له على توزيع أضرار ما يبيته الحظ والمصادفة لهما جميعا ، ولا يجوز أن نسمي التعاون مقامرة .
            (هـ) وأما الغرر ، فقد بينا في كتابنا "مصادر الحق في الفقه الإسلامي " أن هناك تطورا ملحوظا في الفقه الإسلامي ، في هذه المسألة ، وأن أكثر المذاهب تطورا فيها هو مذهب مالك .
            فقد بين ابن رشد في عبارة جليلة الأصل عند مالك في ذلك فقال : (والأصل عنده أن من الغرر يجوز لموضع الضرورة) " مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 3 ص (32- 33) .
            (و) وأما الربا ، فهذه مسألة لا تقتصر على عقد التأمين ، بل تتناول ضروبا كثيرة التعامل ، وقد بحثناها بحثا مفصلا ، وميزنا بين ربا الجاهلية من جهة وبين ربا النسيئة وربا الفضل من جهة أخرى ، فالأول غير جائز إلا للضرورة ، والثاني غير جائز أيضا إلا للحاجة . فإذا قامت الحاجة في نظام اقتصادي معين إلى دفع فوائد ضرورية على رءوس الأموال ، كان هذا جائزا ما دامت الحاجة قائمة ، وإلا عاد الأمر إلى أصله من عدم الجواز (انظر تفصيل ذلك في مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء ص ( 196 - 277) .
            (ز) بقي أن يقال : إن عقد التأمين لا يدخل في العقود المعروفة في الفقه الإسلامي وليس له نظير فيها ، وقد وردت هذه العقود على سبيل الحصر ، فأي عقد جديد لا يستند إليها يكون غير جائز .
            وقد سبق لنا أيضا أن بحثنا هذه المسألة ، وقلنا في صددها ما يأتي : " هل العقود في الفقه الإسلامي مذكورة على سبيل الحصر؟ يبدو لأول وهلة أنها كذلك . ففي كتب الفقه لا نجد نظرية عامة للعقد ، بل نجد على النقيض من ذلك عقودا مسماة تأتي عقدا بعد عقد على ترتيب غير منطقي ، ويختلف هذا الترتيب في كتاب عنه في كتاب آخر ، حتى ليظن الباحث أن الفقه الإسلامي لا يعرف إلا هذه العقود المسماة ، وأن أي اتفاق لا يدخل تحت عقد من هذه العقود لا يكون مشروعا . ولكن هذه النظرة إلى الفقه الإسلامي نظرة سطحية ؛ فإن الباحث يلمح من خلال الأحكام التي يقررها الفقهاء في صدد هذه العقود المسماة إنهم يسلمون بإمكان أن يمتزج عقدان أو أكثر من هذه العقود في عقد واحد ،
            يجمع بين خصائص العقود التي امتزجت فيه ، بل ويلمح أن هناك قاعدة فقهية مسلمة ، هي أن المسلمين عند شروطهم ، وأن كل اتفاق تتوافر فيه الشروط التي يقررها الفقه الإسلامي يكون عقدا مشروعا . ويكفي أن نشير إلى ما جاء في البدائع في هذا الصدد :
            " وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : المسلمون عند شروطهم . فظاهره يقتضي لزوم الوفاء بكل شرط إلا ما خص بدليل ؛ لأنه يقتضي أن يكون كل مسلم عند شرطه ، وإنما يكون كذلك إذا لزمه الوفاء به . وهذا لأن الأصل أن تصرف الإنسان يقع على الوجه الذي أوقعه إذا كان أهلا للتصرف والمحل قابلا وله ولاية عليه ( البدائع جزء 5 ص 259) . ومن ثَم فما ذكره الفقهاء من العقود المسماة ، إنما هي العقود التي يغلب أن يقع بها التعامل في زمنه فإذا استحدثت الحضارة عقودا أخرى توافرت فيها الشروط المقررة فقها كانت عقودا مشروعة (مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف الجزء الأول ص 80- 83) ، ويؤخذ من ذلك أن عقد التأمين لا يجوز القول بعدم مشروعيته من ناحية أنه عقد جديد غير معروف في الفقه الإسلامي ، وإنما قد يتوهم أن يتسرب إليه عدم المشروعية من ناحية الربا أو من ناحية الغرر ، وقد سبق أن نفينا عنه كلا من الناحيتين . اهـ . الرأي الثالث :
            رأى بعض العلماء المعاصرين التفصيل بين أنواع التأمين في الحكم
            فحرم التأمين على الحياة أو بعض أعضاء الجسم كالحنجرة أو الأصابع ، واستدل على ذلك ببعض ما استدل به المانعون للتأمين التجاري مطلقا من كونه قمارا ، ونوعا من بيوع الغرر ، ومتضمنا بيع دراهم بدراهم مثلا نسيئة مع التفاضل ، وأباح التأمين على السيارات من الحوادث التي تصاب بها وما تصيب به غيرها من الأضرار في النفوس والأموال ، واستدل على ذلك ببعض ما استدل به المجيزون للتأمين التجاري مطلقا من كونه من باب التعاون والوفاء بالعقود ، وقد أمر الله بذلك ، وكون الأصل في العقود الإباحة حتى يقوم دليل على المنع ، ولم ينهض دليل على منع عقود التأمين ، وقاسه على ضمان الحقوق وضمان المجهود ، ومن كونه مصلحة ولشدة حاجة الناس إليه ، وناقش كل أدلة مخالفيه بما ناقش كل من الفريقين السابقين مخالفه فلذا اكتفت اللجنة بما تقدم من استدلال الفريقين ، ومناقشتها خشية الإطالة بما لا جدوى فيه .
            وسلك جماعة في التفصيل طريقا أخرى هي التفريق بين ما كان من عقود التأمين خاليا من الربا فيجوز ، وما كان منها مشتملا على الربا إلا إذا دعت الضرورة إباحة فيرخص فيه مؤقتا حتى تتاح الفرصة للتخلص مما فيه الربا ، وقد تقدم استدلال المانعين وجه اشتمال عقود التأمين على الربا ، ومناقشة المجيزين لذلك فلا نطيل بذكره خشية التكرار .
            وتردد بعض العلماء المعاصرين في الحكم على التأمين التجاري بحِلّ وبحُرمة ، ورأى أن هذه المسألة عامة ولها أهمية كبرى فينبغي أن لا تترك لفرد يفتي فيها ، بل يجب على علماء العصر أن يوفروا جهودهم ويكدسوها لبحثها ، وأن يتعاونوا على حل مشاكلها لينتهوا من بحثهم إلى رأي واضح يذهب ببلبلة الأفكار ويقضي على اختلاف الآراء أو يحد من كثرتها ويخفف من شدتها . ومن نظر في هذا لم يجد فيه حكما موافقا
            أو مخالفا لما تقدم ، وإنما هو نصيحة لعلماء العصر ومشورة عليهم بما يجب أن يعملوه وإرشاد إلى الطريق التي يجب أن يسلكوها لحل المشكل والوصول إلى نتيجة مرضية .
            ولشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- قاعدة في المعاقد حلالها وحرامها تتعلق بما سبق من الأدلة رأينا أن نتبعها ما تقدم ؛ لِما تشتمل عليه من زيادة البيان .
            قال رحمه الله تعالى : فصل . القاعدة الثانية في المعاقد حلالها وحرامها .
            والأصل في ذلك : أن الله حرم في كتابه أكل أموالنا بيننا بالباطل ، وذم الأحبار والرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ، وذم اليهود على أخذهم الربا ، وقد نهوا عنه ، وأكلهم أموال الناس بالباطل ، وهذا يعم كل ما يؤكل بالباطل في المعاوضات والتبرعات ، وما يؤخذ بغير رضا المستحق والاستحقاق .
            وأكل المال بالباطل في المعاوضة نوعان ، ذكرهما الله في كتابه هما : الربا ، والميسر ، فذكر تحريم الربا الذي هو ضد الصدقة في آخر سورة البقرة ، وسور آل عمران ، والروم ، والمدثر ، وذم اليهود عليه في سورة النساء ، وذكر تحريم الميسر في سورة المائدة ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فصل ما جمعه الله في كتابه ، فنهى صلى الله عليه وسلم بيع الغرر ، كما رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه .
            والغرر : هو المجهول العاقبة ، فإن بيعه من الميسر الذي هو القمار ، وذلك أن العبد إذا أبق ، أو الفرس أو البعير إذا شرد ، فإن صاحبه إذا باعه فإنما يبيعه مخاطرة ، فيشتريه المشتري بدون ثمنه بكثير ، فإن
            حصل له قال البائع : قمرتني ، وأخذت مالي بثمن قليل ، وإن لم يحصل قال المشتري : قمرتني وأخذت الثمن مني بلا عوض ، فيفضي إلى مفسدة الميسر التي هي إيقاع العداوة والبغضاء ، مع ما فيه من أكل المال بالباطل ، الذي هو نوع من الظلم ، ففي بيع الغرر ظلم وعداوة وبغضاء ، وما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من بيع حبل الحبلة والملاقيح والمضامين ، ومن بيع السنين وبيع الثمر قبل بدُوّ صلاحه ، وبيع الملامسة والمنابذة ونحو ذلك كله من نوع الغرر .
            وأما الربا : فتحريمه في القرآن أشد ، ولهذا قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (27 فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الكبائر ، كما خرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وذكر الله أنه حرم على الذين هادوا طيبات أحلت لهم بظلمهم ، وصدهم عن سبيل الله وأخذهم الربا وأكلهم أموال الناس بالباطل وأخبر سبحانه أنه يمحق الربا كما يربي الصدقات ، وكلاهما أمر مجرب عند الناس ، وذلك : أن الربا أصله إنما يتعامل به المحتاج ، وإلا فالموسر لا يأخذ ألف حالة بألف ومائتين مؤجلة إذا لم يكن له حاجة لتلك الألف ، وإنما يأخذ المال بمثله وزيادة إلى الأجل من هو محتاج إليه ، فتقع تلك الزيادة ظلما للمحتاج ، بخلاف الميسر ، فإن المظلوم فيه غير معين ، ولا محتاج إلى العقد ، وقد تخلو بعض صوره عن الظلم إذا وجد في المستقبل المبيع على الصفة التي ظناها ، والربا فيه ظلم محقق لمحتاج ، وبهذا كان ضد الصدقة ، فإن الله لم يدع الأغنياء حتى أوجب
            عليهم إعطاء الفقراء ، فإن مصلحة الغني والفقير في الدين والدنيا لا تتم إلا بذلك فإذا أربى معه ، فهو بمنزلة من له على رجل دَين فمنعه دينه وظلمه زيادة أخرى ، والغريم محتاج إلى دينه ، فهذا من أشد أنواع الظلم ، ويعظمه لعن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الآخذ ، وموكله وهو المحتاج المعطي للزيادة ، وشاهديه وكاتبه ، لإعانتهم عليه .
            ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم أشياء مما يخفى فيها الفساد ؛ لإفضائها إلى الفساد المحقق ، كما حرم قليل الخمر ؛ لأنه يدعو إلى كثيره مثل ربا الفضل فإن الحكمة فيه قد تخفى ؛ إذ العاقل لا يبيع درهما بدرهمين إلا لاختلاف الصفات مثل : كون الدرهم صحيحا ، والدرهمين مكسورين ، أو كون الدرهم مصوغا أو من نقد نافق ونحو ذلك ، ولذلك خفيت حكمة تحريمه على ابن عباس ومعاوية وغيرهما ، فلم يروا به بأسا ، حتى أخبرهم الصحابة الأكابر- كعبادة بن الصامت وابن سعيد وغيرهما- بتحريم النبي صلى الله عليه وسلم لربا الفضل .
            وأما الغرر : فإنه ثلاثة أنواع . إما المعدوم ؛ كحبل الحبلة ، وبين السنين ، وإما المعجوز عن تسليمه ؛ كالعبد الآبق ، وإما المجهول المطلق ، أو المعين المجهول جنسه أو قدره ؛ كقوله بعتك عبدا أو بعتك ما في بيتي ، أو بعتك عبيدا . فأما المعين المعلوم جنسه وقدره المجهول نوعه أو صفته ؛ كقوله : بعتك الثوب الذي في كمي ، أو العبد الذي أملكه ونحو ذلك ، ففيه خلاف مشهور ، وتغلب مسألة بيع الأعيان الغائبة ، وعن أحمد فيه ثلاث روايات ، إحداهن : لا يصح بيعه بحال ، كقول الشافعي الجديد ، والثانية : يصح وإن لم يوصف ، وللمشتري الخيار إذا رآه ، كقول أبي حنيفة ، وقد روى عن أحمد : لا خيار له . والثالثة
            - وهي المشهور- أنه يصح بالصفة ، ولا يصح بدون الصفة ، كالمطلق الذي في الذمة ، وهو قول مالك .
            ومفسدة الغرر أقل من الربا ؛ فلذلك رخص فيما تدعو إليه الحاجات منه ، فإن تحريمه أشد ضررا من ضرر كونه غررا مثل بيع العقار بالجملة ، وإن لم يعلم دواخل الحيطان والأساس ، ومثل بيع الحيوان الحامل أو المرضع ، وإن لم يعلم مقدار الحمل أو اللبن ، وإن كان قد نُهي عن بيع الحمل مفردا ، وكذلك اللبن عند الأكثرين وكذلك بيع الثمرة بعد بدُوّ صلاحها ، فإنه يصح مستحق الإبقاء ، كما دلت عليه السنة ، وذهب إليه الجمهور ؛ كمالك والشافعي وأحمد ، وإن كانت الأجزاء التي يكمل الصلاح بها لم تخلق بعد .
            وجوز النبي صلى الله عليه وسلم إذا باع نخلا قد أبّرت : أن يشترط المبتاع ثمرتها فيكون قد اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها ، لكن على وجه البيع للأصل . فظهر أنه يجوز من الغرر اليسير ضمنا وتبعا ما لا يجوز من غيره .
            ولما احتاج الناس إلى العرايا رخص في بيعها بالخرص ، فلم يجوز المفاضلة المتيقنة ، بل سوغ المساواة بالخرص في القليل الذي تدعو إليه الحاجة ، وهو قدر النصاب خمسة أوسق أو ما دون النصاب ، على اختلاف القولين للشافعي وأحمد ، وإن كان المشهور عن أحمد ما دون النصاب .
            إذا تبين ذلك : فأصول مالك في البيوع أجود من أصول غيره ، فإنه أخذ ذلك عن سعيد بن المسيب الذي كان يقال : هو أفقه الناس في البيوع ، كما كان يقال : عطاء أفقه الناس في المناسك وإبراهيم أفقههم في الصلاة ، والحسن أجمع لذلك كله ، ولهذا وافق أحمد كل واحد من
            التابعين في أغلب ما فضل فيه لمن استقرأ ذلك في أجوبته ، ولهذا كان أحمد موافقا له في الأغلب . فإنهما يحرمان الربا ويشددان فيه حق التشديد ؛ لما تقدم من شدة تحريمه وعظم مفسدته ، ويمنعان الاحتيال له بكل طريق ، حتى يمنعا الذريعة المفضية إليه ، وإن لم تكن حيلة ، وإن كان مالك يبلغ في سد الذرائع ما لا يختلف قول أحمد فيه أو لا يقوله ، لكنه يوافقه بلا خلاف عنه على منع الحيل كلها .
            وجماع الحيل نوعان : إما أن يضموا إلى أحد العوضين ما ليس بمقصود ، أو يضموا إلى العقد عقدا ليس بمقصود .
            فالأول مسألة " مُدّ عجوة " وضابطها : أن يبيع ربويا بجنسه ، ومعها أو مع أحدهما ما ليس من جنسه ، مثل أن يكون غرضهما بيع فضة بفضة متفاضلا ونحو ذلك فيضم إلى الفضة القليلة عوضا آخر ، حتى يبيع ألف دينار في منديل بألفي دينار .
            فمتى كان المقصود بيع الربوي بجنسه متفاضلا حرمت مسألة " مد عجوة " بلا خلاف عند مالك وأحمد وغيرهما ، وإنما يسوغ مثل هذا من جوّز الحيل من الكوفيين ، وإن كان قدماء الكوفيين يحرمون هذا . وأمّا إن كان كلاهما مقصودا كمُدّ عجوة ودرهم بمد عجوة ودرهم ، أو مدين أو درهمين ففيه روايتان عن أحمد ، والمنع : قول مالك والشافعي ، والجواز : قول أبي حنيفة ، وهي مسألة اجتهاد .
            وأمّا إن كان المقصود من أحد الطرفين غير الجنس الربوي ، كبيع شاة ذات صوف ولبن بصوف أو لبن : فأشهر الروايتين عن أحمد الجواز .
            والنوع الثاني من الحيل : أن يضما إلى العقد المحرم عقدا غير
            مقصود ، مثل أن يتواطأ على أن يبيعه الذهب بخرزة ، ثم يبتاع الخرز منه بأكثر من ذلك الذهب ، أو يواطئا ثالثا على أن يبيع أحدهما عرضا ، ثم يبيعه المبتاع لمعاملة المرابي ، ثم يبيعه المرابي لصاحبه ، وهي الحيلة المثلثة ، أو يقرن بالقرض محاباة في بيع أو إجارة أو مساقاة ونحو ذلك ، مثل أن يقرضه ألفا ويبيعه سلعة تساوي عشرة بمائتين ، أو يكريه دارا تساوي ثلاثين بخمسة ونحو ذلك .
            فهذا ونحوه من الحيل لا تزول به المفسدة التي حرم الله من أجلها الربا ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو أنه قال : لا يحل سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع ، ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وهو من جنس حيل اليهود ، فإنهما إنما استحلوا الربا بالحيل ، ويسمونه المشكند ، وقد لعنهم الله على ذلك .
            وقد روى ابن بطة بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود ، حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها ، وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من أدخل فرسا بين فرسين- وهو لا يؤمن أن يسبق- فليس قمارا ، ومن أدخل فرسا بين فرسين- وقد أمن أن يسبق- فهو قمار وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أهل السنن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله .
            ودلائل تحريم الحيل من الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار كثيرة ،
            ذكرنا منها نحوا من ثلاثين دليلا فيما كتبناه في ذلك ، وذكرنا ما يحتج به من يجوزها ، كيمين أبي أيوب ، وحديث تمر خيبر ، ومعاريض السلف ، وذكرنا جواب ذلك . ومن ذرائع ذلك : مسألة العينة ، وهو أن يبيعه سلعة إلى أجل ، ثم يبتاعها منه بأقل من ذلك ، فهذا مع التواطؤ يبطل البيعين ؛ لأنها حيلة . وقد روى أحمد وأبو داود بإسنادين جيدين عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبايعتم بالعينة ، واتبعتم أذناب البقر ، وتركتم الجهاد في سبيل الله أرسل الله عليكم ذُلاّ لا يرفعه حتى تراجعوا دينكم ، وإن لم يتواطأ فإنهما يبطلان البيع الثاني ، سدا للذريعة ، ولو كانت عكس مسألة العينة من غير تواطؤ . ففيه روايتان عن أحمد ، وهو أن يبيعه حالا ، ثم يبتاع منه بأكثر مؤجلا ، وأما مع التواطؤ فربا محتال عليه .

            ولو كان مقصود المشتري الدرهم وابتاع السلعة إلى أجل ليبيعها ويأخذ ثمنها فهذا يسمى التورق . ففي كراهته عن أحمد روايتان . والكراهة قول عمر بن عبد العزيز ومالك ، فيما أظن ، بخلاف المشتري الذي غرضه التجارة ، أو غرضه الانتفاع أو القنية ، فهذا يجوز شراؤه إلى أجل بالاتفاق .
            ففي الجملة : أهل المدينة وفقهاء الحديث مانعون من أنواع الربا منعا محكما مراعين لمقصود الشريعة وأصولها ، وقولهم في ذلك هو الذي يؤثر مثله عن الصحابة ، وتدل عليه معاني الكتاب والسنة .
            وأما الغرر : فأشد الناس فيه قولا أبو حنيفة والشافعي ، أما الشافعي : فإنه يدخل في هذا الاسم من الأنواع ما لا يدخله غيره من الفقهاء ، مثل الحب والثمر في قشره الذي ليس بصوان كالباقلاء والجوز واللوز في قشره الأخضر ، وكالحب في سنبله ، فإن القول الجديد عنده أن ذلك لا يجوز ، مع أنه قد اشترى في مرض موته باقلاء أخضر ، فخرج ذلك له قولا ، واختاره طائفة من أصحابه كأبي سعيد الإصطخري ، وروي عنه أنه ذكر له : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحب حتى يشتد فدل على جواز بيعه بعد اشتداده ، وإن كان في سنبله ، فقال : إن صح هذا أخرجته من العام أو كلاما قريبا من هذا ، وكذلك ذكر أنه رجع عن المولى بالمنع .
            قال ابن المنذر : جواز ذلك هو قول مالك وأهل المدينة ، وعبيد الله بن الحسن وأهل البصرة وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي . وقال الشافعي مرة : لا يجوز ، ثم بلغه حديث ابن عمر ، فرجع عنه وقال به ، قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا يعدل عن القول به .
            وذكر بعض أصحابه قولين . وأن الجواز هو القديم ، حتى منع من بيع الأعيان الغائبة بصفة وغير صفة ، متأولا أن بيع الغائب غرر وإن وصف ، حتى اشترط فيما في الذمة- كدين السلم- من الصفات وضبطها ما لم يشترطه غيره ، ولهذا يتعذر أو يتعسر على الناس المعاملة في العين والدين بمثل هذا القول ، وقاس على بيع الغرر جميع العقود ، من التبرعات والمعاوضات فاشترط في أجرة الأجير وفدية الخلع والكتابة ، وصلح أهل الهدنة ، وجزية أهل الذمة : ما اشترطه في البيع عينا ودينا ، ولم يجوز في ذلك جنسا وقدرا وصفة إلا ما يجوز مثله في البيع ، وإن كانت هذه العقود لا تبطل بفساد أعواضها ، أو يشترط لها شروط أخر .
            وأما أبو حنيفة : فإنه يجوز بيع الباقلاء ونحوه في القشرين ، ويجوز إجارة الأجير بطعامه وكسوته ، ويجوز جهالة المهر كجهالة مهر المثل ،
            ويجوز بيع الأعيان الغائبة بلا صفة ، مع الخيار ؛ لأنه يرى وقف العقود ، لكنه يحرم المساقاة والمزارعة ونحوهما من المعاملات مطلقا والشافعي يجوز بيع بعض ذلك ، ويحرم أيضا كثيرا من الشروط في البيع والإجارة والنكاح وغير ذلك مما يخالف مطلق العقد .
            وأبو حنيفة يجوز بعض ذلك ، ويجوز من الوكالات والشركات ما لا يجوزه الشافعي ، حتى جوز شركة المفاوضة والوكالة بالمجهول المطلق . وقال الشافعي : إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة فما أعلم شيئا باطلا .
            فبينهما في هذا الباب عموم وخصوص ، لكن أصول الشافعي المحرمة أكثر من أصول أبي حنيفة في ذلك .
            وأما مالك : فمذهبه أحسن المذاهب في هذا ، فيجوز بيع هذه الأشياء وجميع ما تدعو إليه الحاجة ، أو يقل غرره ، بحيث يحتمل في العقود ، حتى يجوز بيع المقاتي جملة ، وبيع المغيبات في الأرض ، كالجزر والفجل ونحو ذلك .
            وأحمد : قريب منه في ذلك ، فإنه يجوز هذه الأشياء ، ويجوز- على المنصوص عنه- أن يكون المهر عبدا مطلقا ، أو عبدا من عبيده ونحو ذلك مما لا يزيد جهالة على مهر المثل ، وإن كان من أصحابه من يجوز المبهم دون المطلق ، كأبي الخطاب ، ومنهم من يوافق الشافعي ، فلا يجوز في المهر وفدية الخلع ونحوهما إلا ما يجوز في المبيع ، وكأبي بكر عبد العزيز ، ويجوز- على المنصوص عنه- في فدية الخلع أكثر من ذلك ، حتى ما يجوز في الوصية وإن لم يجز في المهر ، كقول مالك مع اختلاف في مذهبه ، وليس هذا موضعه ، لكن المنصوص عنه : أنه لا يجوز بيع
            المغيب في الأرض ، كالجزر ونحوه إلا إذا قلع ، وقال : هذا الغرر شيء ليس يراه ، كيف يشتريه؟ والمنصوص عنه : أنه لا يجوز بيع القثاء والخيار والباذنجان ونحوه إلا لقطة لقطة ، ولا يباع من المقاتي والمباطخ إلا ما ظهر دون ما بطن ، ولا تباع الرطبة إلا جزة جزة ، كقول أبي حنيفة والشافعي ؛ لأن ذلك غرر ، وهو بيع الثمرة قبل بدو صلاحها ، ثم اختلف أصحابه فأكثرهم أطلقوا ذلك في كل مغيب ، كالجزر والفجل والبصل وما أشبه ذلك ، كقول مالك .
            وقال الشيخ أبو محمد : إذا كان مما يقصد فروعه وأصوله ، كالبصل المبيع أخضر ، والكراث والفجل ، أو كان المقصود فروعه . فالأولى جواز بيعه ؛ لأن المقصود منه ظاهر فأشبه الشجر ويدخل ما لم يظهر في البيع تبعا ، وإن كان معظم المقصود منه أصوله لم يجز بيعه في الأرض ؛ لأن الحكم للأغلب ، وإن تساويا لم يجز أيضا ؛ لأن الأصل اعتياد الشرط ، وإنما سقط في الأقل التابع .
            وكلام أحمد يحتمل وجهين ، فإن أبا داود قال : قلت لأحمد : بيع الجزر في الأرض؟ قال : لا يجوز بيعه إلا ما قلع منه ، هذا الغرر ، شيء ليس يراه ، كيف يشتريه؟ فعلل بعدم الرؤية .
            فقد يقال : إن لم يره كله لم يبع . وقد يقال : رؤية بعض المبيع تكفي إذا دلت على الباقي كرؤية وجه العبد .
            وكذلك اختلفوا في المقاتي إذا بيعت بأصولها . كما هو العادة غالبا .
            فقال قوم من المتأخرين : يجوز ذلك ؛ لأن بيع أصول الخضروات . كبيع الشجر ، وإذا باع الشجرة وعليها الثمر لم يبد صلاحه جاز . فكذلك هذا . وذكر أن هذا مذهب أبي حنيفة والشافعي .
            وقال المتقدمون : لا يجوز بحال وهو معنى كلامه ومنصوصه . وهو إنما نهى عما يعتاده الناس ، وليست العادة جارية في البطيخ والقثاء والخيار أن يباع دون عروقه ، والأصل الذي قاسوا عليه ممنوع عنده . فإن المنصوص عنه في رواية الأثرم ، وإبراهيم بن الحارث في الشجر الذي عليه ثمر لم يبد صلاحه أنه إن كان الأصل هو مقصوده الأعظم جاز ، وأما إن كان مقصوده الثمرة فاشترى الأصل معها حيلة لم يجز ، وكذلك إذا اشترى أرضا وفيها زرع أو شجر مثمر لم يبد صلاحه ، فإن كانت الأرض هي المقصود : جاز دخول الثمر والزرع معها تبعا . وإن كان المقصود هو الثمر والزرع ، فاشترى الأرض لذلك لم يجز ، وإذا كان هذا قوله في ثمرة الشجر ، فمعلوم أن المقصود من المقاتي والمباطخ إنما هو الخضروات دون الأصول التي ليس لها إلا قيمة يسيرة بالنسبة إلى الخضر .
            وقد خرج ابن عقيل وغيره وجهين :
            أحدهما : جواز بيع المغيبات بناء على إحدى الروايتين عنه في بيع ما لم يره . ولا شك أنه ظاهر فإن المنع إنما يكون على قولنا : لا يصح بيع ما لم يره . فإذا صححنا بيع الغائب فهذا من الغائب .
            والثاني : أنه يجوز بيعها مطلقا ، كمذهب مالك ، إلحاقا لها بلب الجوز . وهذا القول هو قياس أصول أحمد وغيره لوجهين :
            أحدهما : أن أهل الخبرة يستدلون برؤية ورق هذه المدفونات على حقيقتها ويعلمون ذلك أجود مما يعلمون العبد برؤية وجهه ، والمرجع في كل شيء إلى الصالحين من أهل الخبرة به وهم يقرون بأنهم يعرفون هذه الأشياء كما يعرفون غيرها مما اتفق المسلمون على جواز بيعه وأوكد .
            الثاني : أن هذا مما تمس حاجة الناس إلى بيعه . فإنه إذا لم يبع حتى يقلع ، حصل على أصحابه ضرر عظيم . فإنه قد يتعذر عليهم مباشرة القلع والاستنابة فيه . وإن قلعوه جملة فسد بالقلع فبقاؤه في الأرض كبقاء الجوز واللوز ونحوهما في قشره الأخضر .
            وأحمد وغيره من فقهاء الحديث يجوزون العرايا مع ما فيها من المزابنة لحاجة المشتري إلى أكل الرطب ، أو البائع إلى أكل الثمر ، فحاجة البائع هنا أوكد بكثير وسنقرر ذلك إن شاء الله .
            وكذلك قياس أصول أحمد وغيره من فقهاء الحديث : جواز بيع المقاتي باطنها وظاهرها وإن اشتمل ذلك على بيع معدوم إذا بدا صلاحها ، كما يجوز بالاتفاق إذا بدا صلاح بعض نخله أو شجره أن يباع جميع ثمرها . وإن كان فيها ما لم يصلح بعد .
            وغاية ما اعتذروا به عن خروج هذا من القياس أن قالوا : إنه لا يمكن إفراد البيع لذلك من نخلة واحدة ؛ لأنه لو أفرد البسرة بالعقد اختلطت بغيرها في يوم واحد ؛ لأن البسرة تصفر في يومها وهذا بعينه موجود في المقتاة . وقد اعتذر بعض أصحاب الشافعي وأحمد عن بيع المعدوم تبعا بأن ما يحدث من الزيادة في الثمرة بعد العقد ليس بتابع للموجود ، وإنما يكون ذلك للمشتري ؛ لأنه موجود في ملكه .
            والجمهور من الطائفتين يعلمون فساد هذا العذر ؛ لأنه يجب على البائع سقي الثمرة ، ويستحق إبقاءها على الشجر بمطلق العقد ، ولو لم يستحق الزيادة بالعقد لما وجب على البائع ما به تؤخذ ، فإن الواجب على البائع بحكم البيع توفية المبيع الذي أوجبه العقد ، لا ما كان من موجبات الملك .
            وأيضا : فإن الرواية اختلفت عن أحمد إذا بدا الصلاح في حديقة من الحدائق ؛ هل يجوز بيع جميعها أم لا يباع إلا ما صلح منها؟ على روايتين :
            أشهرهما عنه : أنه لا يباع إلا ما بدا صلاحه ، وهي اختيار قدماء أصحابه كأبي بكر وابن شاقلا .
            والرواية الثانية : يكون بدو الصلاح في البعض صلاحا للجميع .
            وهي اختيار أكثر أصحابه كابن حامد والقاضي ومن تبعهما .
            ثم المنصوص عنه في هذه الرواية أنه قال : إذا كان في بستان بعضه بالغ وبعضه غير بالغ : بيع إذا كان الأغلب عليه البلوغ ، فمنهم من فرق بين صلاح القليل والكثير ، كالقاضي أخيرا وأبي حكيم النهرواني ، وأبي البركات وغيرهم ممن قصر الحكم بما إذا غلب الصلاح ، ومنهم من سوى بين الصلاح القليل والكثير ، كأبي الخطاب وجماعات ، وهو قول مالك والشافعي والليث ، وزاد مالك ، فقال : يكون صلاحا لما جاوره من الأقرحة . وحكوا ذلك رواية عن أحمد .
            واختلف هؤلاء : هل يكون صلاح النوع- كالبرني من الرطب - صلاحا لسائر أنواع الرطب على وجهين في مذهب الشافعي وأحمد . أحدهما : المنع ، وهو قول القاضي وابن عقيل وأبي محمد . والثاني : الجواز ، وهو قول أبي الخطاب . وزاد الليث على هؤلاء ، فقال : صلاح الجنس كالتفاح واللوز يكون صلاحا لسائر أجناس الثمار . ومأخذ من جوَّز شيئا من ذلك : أن الحاجة تدعو إلى ذلك . فإن بيع بعض ذلك دون بعض يفضي إلى سوء المشاركة ، واختلاف الأيدي ، وهذه علة من فرق بين البستان الواحد والبساتين ، ومن سوى بينهما ، فإنه قال :
            المقصود الأمن من العاهة ، وذلك يحصل بشروع الثمر في الصلاح . ومأخذ من منع ذلك : أن قول النبي صلى الله عليه وسلم : حتى يبدو صلاحها يقتضي بدو صلاح الجميع .
            والغرض من هذه المذاهب : أن من جوَّز بيع البستان من الجنس الواحد لبدو الصلاح في بعضه ، فقياس قوله : جواز بيع المقتاة إذا بدا صلاح بعضها . والمعدوم هنا فيها كالمعدوم من أجزاء الثمرة ، فإن الحاجة تدعو إلى ذلك أكثر ؛ إذ تفريق الأشجار في البيع أيسر من تفريق البطيخات والقثاءات والخيارات ، وتمييز اللقطة عن اللقطة لو لم يشق ، فإنه أمر لا ينضبط . فإن اجتهاد الناس في ذلك متفاوت .
            والغرض من هذا : أن أصول أحمد تقتضي موافقة مالك في هذه المسائل ، كما قد يروى عنه في بعض الجوابات أو قد خرجه أصحابه على أصوله وكما أن العالم من الصحابة والتابعين والأئمة كثيرا ما يكون له في المسألة الواحدة قولان في وقتين ، فكذلك يكون له في النوع الواحد من المسائل قولان في وقتين ، فيجيب في بعض أفرادها بجواب في وقت ، ويجيب في بعض الأفراد بجواب آخر في وقت آخر ، وإذا كانت الأفراد مستوية كان له فيها قولان ، فإن لم يكن بينهما فرق يذهب إليه مجتهد ، فقالت طائفة منهم أبو الخطاب : لا يخرج ، وقال الجمهور - كالقاضي أبي يعلى - يخرج الجواب ، إذا لم يكن هو ممن يذهب إلى الفرق كما اقتضته أصوله ، ومن هؤلاء من يخرج الجواب إذا رآهما مستويين ، وإن لم يعلم هل هو ممن يفرق أم لا ، وإن فرق بين بعض الأفراد وبعض مستحضرا لهما ، فإن كان سبب الفرق مأخذا شرعيا كان الفرق قولا له ، وإن كان سبب الفرق مأخذا عاديا أو حسيا ونحو ذلك مما قد يكون أهل الخبرة به أعلم من الفقهاء الذين لم يباشروا ذلك ، فهذا في الحقيقة
            لا يفرق بينهما شرعا ، وإنما هو أمر من أمر الدنيا لم يعلمه العالم ، فإن العلماء ورثة الأنبياء ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : أنتم أعلم بأمر دنياكم . فأما ما كان من أمر دينكم فإلي .
            وهذا الاختلاف في عين المسألة أو نوعها من العلماء قد يسمى تناقضا أيضا ؛ لأن التناقض اختلاف مقالتين بالنفي والإثبات ، فإذا كان في وقت قد قال : إن هذا حرام . وقال في وقت آخر فيه أو في مثله : إنه ليس بحرام ، أو قال ما يستلزم أنه ليس بحرام ، فقد تناقض قولاه . وهو مصيب في كليهما عند من يقول : كل مجتهد مصيب . وإنه ليس لله في الباطن حكم على المجتهد غير ما اعتقده .
            وأما الجمهور الذين يقولون : إن لله حكما في الباطن ، علمه في إحدى المقالتين ، ولم يعلمه في المقالة التي تناقضها ، وعدم علمه به مع اجتهاده مغفور له ، مع ما يثاب عليه من قصده للحق واجتهاده في طلبه ، ولهذا يشبه بعضهم تعارض الاجتهادات من العلماء بالناسخ والمنسوخ في شرائع الأنبياء ، مع الفرق بينهما بأن كل واحد من الناسخ والمنسوخ ثابت بخطاب حكم الله باطنا وظاهرا ، بخلاف أحد قولي العالم المتناقضين .
            هذا فيمن يتقي الله فيما يقوله ، مع علمه بتقواه وسلوكه الطريق الراشد . وأما أهل الأهواء والخصومات ، فهم مذمومون في مناقضتهم ؛ لأنهم يتكلمون بغير علم ، ولا حسن قصد لما يجب قصده وعلى هذا فلازم قول الإنسان نوعان :
            أحدهما : لازم قول الحق . فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه فإن لازم الحق حق ، ويجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره . وكثير مما يضيفه الناس إلى مذهب الأئمة من هذا الباب .

            والثاني : لازم قوله الذي ليس بحق . فهذا لا يجب التزامه ؛ إذ أكثر ما فيه أنه قد تناقض ، وقد بينت أن التناقض واقع من كل عالم غير النبيين ، ثم إن عرف من حاله أنه يلتزمه بعد ظهوره له ، فقد يضاف إليه ، وإلا فلا يجوز أن يضاف إليه قول لو ظهر له فساده لم يلتزمه ، لكونه قد قال ما يلزمه . وهو لم يشعر بفساد ذلك القول ولا يلزمه .


            الرابط
            http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
            نتيجة البحث
            كلمة البحث : التورق و العينة
            مجال البحث : عام
            نوع البحث : كل الكلمات
            مستوى التطابق : مطابق
            المعروض : 11 - 11
            العدد الكلي : 11
            عدد الصفحات : 2

            تعليق


            • #7
              رد: بحث متجدد لامر التور و ربا العينة لثلة من المشايخ



              السؤال:
              يقول السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله عنّا خير الجزاء، ما الفرق بين بيع العينة والدَّيْنيَّة؟

              الجواب:
              العينة هي أن يشتري السلعة بثمن مؤجّل ويبيعها على من اشتراها منه نقدًا بأقلَّ من قيمتها هذا هو بيع العينة، يشتري سيارة على أقساط بخمسين ألف ويبيعها على نفس البائع بثمن أقل؛ يأخذ النقد، هذه هي العينة.
              أما الدَّيْنيَّة لأ، الدَّيْنيَّة تخالف لأنه يبيعها على غيره، أو يمكن الدّينيّة تأتي على ضربين: ديْنيَّة ليست بعينة وهو أن يشتري بضاعة بدل القرض ويبيعها بأقل من قيمتها فإن باعها على مالكها الأصلي كانت ربا وعينة وإن باعها على غيره؛ نقول الدّائن تحيَّل على الربا. نعم.

              الرابط


              تعليق


              • #8
                رد: بحث متجدد لامر التور و ربا العينة لثلة من المشايخ

                الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد...



                فهذه خطبة جمعة يوم 15 /ربيع الأول/1435 ---17/01/2014

                لفضيلة الشيخ
                عز الدِّين رَمَضَانِي
                - حفظه الله -




                بعنوان
                تحريم الربا والبيوع المحرمة


                للتحميل

                في تحريم الربا والبيوع المحرمة


                نسأل الله التوفيق.





                23.00
                امر التحايل

                تعليق

                يعمل...
                X