إعـــــــلان

تقليص
1 من 4 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 4 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 4 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
4 من 4 < >

تم مراقبة منبر المسائل المنهجية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

تعلم إدارة شبكة الإمام الآجري جميع الأعضاء الكرام أنه قد تمت مراقبة منبر المسائل المنهجية - أي أن المواضيع الخاصة بهذا المنبر لن تظهر إلا بعد موافقة الإدارة عليها - بخلاف بقية المنابر ، وهذا حتى إشعار آخر .

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

عن إدارة شبكة الإمام الآجري
15 رمضان 1432 هـ
شاهد أكثر
شاهد أقل

الغيبة وأحكامها لفضيلة الشيخ دكتور: محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية وتفريغها] الغيبة وأحكامها لفضيلة الشيخ دكتور: محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
    أما بعد :
    فهذه مادة صوتية ومفرغة
    بعنوان
    الغيبة وأحكامها
    لفضيلة الشيخ دكتور: محمد بن هادي المدخلي
    حفظه الله تعالى

    للاستماع والتحميل:
    01-

    02

    03-

    04-

    تحميل تفريغ



    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء:1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ [الأحزاب:70-71]. أما بعد : فإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
    أيها الإخوة الكرام , إنه لمن دواعي السرور والغبطة أن نلتقي في هذه الساعة التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها في ميزان الحسنات لنا جميعا , وأن يغفر لنا جميعا ولآبائنا وأمهاتنا وجميع المسلمين .
    يسرنا أن نلتقي في مثل هذه الليلة , في هذه الجلسة لنتحدث في موضوع مهم ؛ الجميع يعرفه والجميع يطرق بابه , ولكن كثير ممن يطرق بابه اختلط عليه الحابل فيه بالنابل , والتبس عليه فيه الحق بالباطل , فأصبح في حيرة من أمره وأصبح كما يقال : ( كلمة تأتي به وكلمة تأخذه , وتبعد به ).
    هذا الموضوع ؛ موضوع الغيبة التي لايسلم منها إلا من عصمه الله I , الغيبة شر ومرض وداء فتاك يفتك بالمجتمع الذي تظهر فيه .الغيبة لها تعريف ولها ضوابط ولها صور وأدلة على هذه الصور , الغيبة قد ورد عن النبي r فيها وعيد شديد وقد ورد عن النبي r فيها وعد بالخير والمغفرة لمن جنبه الله إياها ووفقه لأن يدافع عمن اغتيب , الغيبة هذه التي وقع فيها أكثر الناس ؛ لنبين حكمها في الشرع ونبين بعض أنواع العذاب الذي أعده الله للمغتابين , ونبين بعض الجزاء والخير الذي أعده الله للذابين عمن اغتيب في مجلس المغتابين , ونبين أيضا ما حكاه أئمة السلف من الإجماع على الصور التي تباح فيها الغيبة وهذا هو بيت القصيد الذي اختلط فيه الحابل بالنابل وقيل فيه بالحق وبالباطل حتى إنك لترى كثيرا من طلبة العلم يعلمون الغيبة المباحة بل الواجبة ولكنهم يَتَعَدَّوْنَ ذلك ويلبسون الحق بالباطل ويلبسون على أنفسهم وعلى الناس , فيغالطون أنفسهم ويلبسون على من لم يعرف , هذه المسألة التي زَلَّت فيها أقدام , وتحيرت فيها أفهام , فنستمد العون من الله I.
    - تفسير الغيبة :
    فنقول : إن الغيبة قد فسرها النبي r وبين ضابطها وحدها وعرَّفها بما لامزيد عليه , فلا نحتاج لأن نأخذ تعريفها من أي شخص آخر , فقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم وأبو داود والترمذي ؛ عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال : } أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ! فقال r " الغيبة ذكرك أخاك بما يكره " فقال قائل " أرأيت يارسول الله إن كان في أخي ما أقول ! قال " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته , وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " { . وما أكثر البُهْت اليوم ؛ فالبُهْت غالب على الغيبة , المجالس يبدأ فيها بالغيبة ثم تنتقل إلى بُهْت , وهذا شر من النوع الأول , فالقسم الأول ؛ أن تذكر أخاك بما يكره مما هو فيه من الصفات الخِلْقِية أو الخُلُُقِية , أو تهمزه باللفظ أو تغتابه في الكتاب أو غير ذلك , لكن كثر في مجالسنا اليوم مسألة البُهت , ورمي البُرَآَءُ بالعيب والسوء , هذا هو الغالب على مجالس الكثير اليوم , إلا من رحم الله , ولعل الله I أن يمد في العمر ويفسح في الحياة فنتكلم في هذه النقطة بمحاضرة مستقلة مما نعيشه من الواقع ومن أحوال الناس وممن نسمع في هذه العصور كثيرا . أعود فأقول يقول r : } الغيبة ذكرك أخاك بما يكره { ؛ هذه هي الغيبة , تذكر ما فيه على وجه التَنَقُّّصِ والإحتقار والذم والعيب والشين له , ووضعه بين الناس , هذه هي الغيبة ! إن أخاك يكره منك ذلك لو كان حاضرا ولو كان حاضرا لما سكت عنك , ولما أطلق لك العنان , بل سيقطع عليك ويبين الحق الذي تنطق بخلافه حينما يكون غائبا .إذن , الغيبة : هي ذكرك أخاك بما يكره , إن كان فيه وذكرته على هذه الجهة أو على هذه الصفة , فقد وقعت في غيبته , وإن لم تكن فيه فقد وقعت في ما هو أعظم ؛ ألا وهو البهت , ورميه بما هو منه برآء , فليتق الله هؤلاء , فليتق الله من تكثر في مجالسهم رمي البُرَآَءُ بالعيوب , وليتق الله المغتابون أيضا , فإن الله سائل الجميع عما ينطقون وما يلفظون .


    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن محمد المغربي; الساعة 10-Jan-2014, 01:52 PM.

  • #2
    رد: الغيبة وأحكامها لفضيلة الشيخ دكتور: محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى

    - حكم الغيبة :
    أما حكمها : فحرام بنص كتاب الله وسنة رسوله r وإجماع علماء المسلمين ؛ حكم هذه الخَلَّةِ الذميمة والخصلة المشينة حكمها الحرمة , والأدلة على تحريمها متضافرة متوافرة من كتاب الله I ومن سنة رسوله r وإجماع علماء الإسلام , فأما كتاب الله I فقد جاء ذلك فيما نتلوه في صلواتنا في سورة الحجرات في قول الله I أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : G يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ S [1], انظر أخي المسلم , انظري أختي المسلمة , كيف نادى الله I عباده بأخف الصفات ألا وهي صفة الإيمان ؛ فقال : G يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا .. S , كما قال ابن مسعود t : ] إذا سمعت قول الرب " يا أيها الذين آمنوا " فأرعها سمعك ؛ فهي إما خير تأمر به , وإما شر تنهى عنه [ , وهذه الآية والنداء فيها هنا يجب أن يعطى له السمع كاملا , فقد جاءت هذه الآية محذرة من خصلة ذميمة وخلة مفسدة للمجتمع عظيمة ؛ ألا وهي خصلة الغيبة , G يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً.. S؛ فهذا نهي صريح من الله I لعباده المؤمنين عن الوقوع في الغيبة G... وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ S ؛ قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : ] وقوله : G... وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً.. S؛ فيه نهي عن الغيبة وهي محرمة بالإجماع ولا يستثنى من ذلك إلا ما رجحت مصلحته كما هي أو كما في الجرح والتعديل والنصيحة .. [إلى أقال بعد ذكر الأدلة الواردة في جواب هذه الأمور , قال : ] ثم بقيتها .. [؛ يعني أنواع الغيبة الأخرى غير الجرح وغير التعديل وغير النصيحة , قال : ] ثم بقيتها على التحريم الشديد وقد ورد فيها الزجر الأكيد ولهذا شبهها تبارك وتعالى بأكل اللحم من الإنسان الميت كما قال U : G... أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ.. S ؛ أي كما تكرهون هذا طبعا[2]... [؛ يعني أكل لحم الأخ وهو ميت , ] .. كما تكرهون هذا طبعا , فاكرهوا الوقوع في عرضه شرعا , فإن عقوبة ذلك .. [ ؛ يعني عقوبة الوقوع في عرض الأخ شرعا – طبعا المسلم – , ] .. فإن عقوبة ذلك أشد من هذا , وهذا من التنفير عنها والتحذير منها .. [.
    إذن فالغيبة كما في هذه الآية محرمة بالإطلاق , إلا في أمور مستثناة , فما بالنا اليوم لا نسمع هذه الأمور المستثناة في كثير من خطب الخطباء , ومقالات الوعاظ وعبارات المتكلمين , وندوات المحاضرين ! أيا ترى هل نسوا هذا أم تناسوه ؟ أيا ترى هل جهلوه أم تجاهلوه ؟ فإن كانت الأخرى فهذه مصيبة , وإن كانت الثانية فالمصيبة أعظم !. أيها الإخوة إني والله لكم ناصح ومبلغ لكم وناقل لكم من كتب سلفكم الصالح ؛ كتب السنن التي تُعْنَى بسنن الفقه , وكتب السنن التي تعنى بسنن العقائد , التي شَرِقَ بها وبالقراءة فيها كثير من المنتسبين إلى العلم في زماننا , فبعدوا عن منهج السلف الصالح وضاعوا وضلوا وأضلوا كثيرا عن سواء السبيل . أيها الإخوة الكرام هذه الآية التي سمعتم في الغيبة ؛ فيها تنفير وفيها تشبيه قَذِر[3] لحال المغتاب الذي يقع في عرض أخيه المسلم فيغتابه : G... أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ.. S؛ أقلعوا عن هذا وتوبوا إلى الله ؛ G.. إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ S , قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى في تفسيره معلقا على هذه الآية : ] ..أي لا يتناول بعضكم بعضا بظهر الغيب بما يسوءه .. [ إلى أن قال : ] ...ومَثَّلَ الله سبحانه الغيبة بأكل الميتة , لأن الميت لايعلم بأكل لحمه , كما أن الحي لا يعلم بغيبة من اغتابه ... [, ثم قال رحمه الله : ] ... وفـــيــه .. [ ؛ يعني في هذه الآية , ] ... وفـيـه إشارة إلى أن عِرْضَ الإنسان كلحمه .. [, وفيه إشارة إلى أن عِرْض الإنسان الذي تقع فيه كلحمه ؛ فأنت حينما تذوق عرضه , كأنما أكلت لحمه ؛ إذن في هذه الآية إشارة إلى أن عرض الإنسان كالأكل من لحمه , وفي هذا كما يقول الإمام رحمه الله : ] .. . من التنفير عن الغيبة والتوبيخ لها والتوبيخ لفاعلها والتشنيع عليه ما لا يخفى ؛ فإن لحم الإنسان مما تنفر عن أكله الطباع... [, فكيف إذا كان أخا لك في النسب أو أخا لك في الدين !! وقبل هذا أن يكون أخا لك في الدين ؛ فإن أخوة الدين مقدمة على أخوة النسب , كيف إذا كان أخا لك في دينك فإن الحرمة تصبح أشد وأشد وتشتد أيضا إذا كان أخا لك في الدين مع النسب , ثم تأكل لحمه وهو ميت !! , فهذه من أبشع الصور وأقبح الحالات التي غفل عنها كثير من الناس , فكم اجتمع في حق المغتاب , اجتمع في حقه أمور ثلاث : أن يكون أخا لك في الدين فإن زاد عليه أخوة النسب مع الدين فهذا شيء ثان وإن زاد عليه أنك تقع فيه مع كونه أخا لك في الدين و كونه أخا لك في النسب تقع فيه وتأكل لحمه وهو ميت فهذه من أبشع الصور ؛ أكله وهو حي لا يستساغ , فكيف بأكل لحمه وهو ميت ؟ فتصوير الله I للغيبة بهذه الصورة ليكون أبلغ وأعظم في نفرة الناس منها , وحذرهم من الوقوع فيها . فهذا والله كافٍ لأن يجتنبها الناس فضلا عن تحريمها شرعا , لو لم يكن فيها إلا هذه الخصال الثلاث التي جاءت في الآية لَكَفَت من النفرة فيها , كيف وقد نهى الله I عنها فاجتمع التحريم فيها بالنقل وبالعقل وبالحس والطبع ؛ فإن الإنسان العاقل المسلم لا يستسيغها أبدا , ثم قال أيضا رحمه الله أعني الشوكاني معلقا على هذه الآية في موضع آخر من مصنفاته ألا وهو رسالته العظيمة ( رفع الريبة عما يجوز وما لا يجوز من الغيبة ) , قال رحمه الله : ] ..في هذه الآية .. [؛ يعني التي تلوناها , ] ..نهي عن الغيبة , مع إيراد مثل بذلك يزيده شدة وتغليظا ويوقع في النفوس من الكراهة له والإستقذار لما فيه ما لايقدر قدره ذلك أن أكل لحم الإنسان من أعظم ما يستقذره بنو آدم جِبِلًّا وطبعا حتى وإن كان كافرا أو عدوا مكافحا , فكيف إذا كان أخا في النسب أو في الدين , فإن الكراهة تتضاعف بذلك ويزداد الاستقذار , فكيف أيضا إذا كان ميتا ؛ فإن لحم ما يستطاب.. [ يعني من الحلالات , ] ..فإن لحم ما يستطاب ويحل أكله يسير مستقذر بالموت , لا تشتهيه النفوس و لا تقبله الطباع , فكيف بما لا يحل أكله حيا , يأكل ميتا... [إلى آخر ما قال رحمه الله , هذا كلامه وكلام الإمام الحافظ ابن كثير رحمهما الله تعالى في تعليقهما على هذه الآية , وتركنا كتب التفاسير الأخرى لأن كتاب الحافظ ابن كثير ( تفسير القرآن ) و( فتح القدير ) للشوكاني يتوفران بين أيدي أغلب طلاب العلم , فمن أراد أن يرجع فليرجع إليهما ليرى نصح أولئك المتقدمين , كيف إذا جاؤوا إلى المسألة بسطوها ووضحوها وبينوا ما فيها مما يجوز وما لا يجوز , ويرى الحال عند المتأخرين , وشتان بينهما !! , وحينئذ فليقارن , هذه الآية من كتاب الله I دالة على حرمتها , وقد سمعتم من إمامين حَبْرَيْنِ جليلين في تفسيرها ما سمعتم. أما من السنة النبوية فقد جاءت الأحاديث كثيرة عن النبي r ولكن نجتبي نظرا لضيق الوقت, فإن النقاط في هذه المحاضرة كثيرة نوعا ما ؛ فنجتبي في المسألة في الحديث والحديثين وبالكثير إلى الثلاثة أو بالثلاثة , فمن الأحاديث الواردة عن النبي r في تحذيره من الغيبة ما أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي بكرة t أن رسول الله r قال في خطبته في يوم النحر في حجة الوداع : } إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم , عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا , ألا هل بلغت ؟ { وجاء في رواية أبي داود } إن أعراضكم ودمائكم وأموالكم { قال بعض شراح الحديث قُدم في هذه الرواية العرض على المال والدم لأهميته، قدم في هذه الرواية رواية أبي داود }إن أعراضكم وأموالكم ودمائكم عليكم حرام { قالوا قدم ذكر العرض في هذه الرواية على المال والدم لأهميته، إذن فقول النبي r } إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام { وهذه الحرمة حُرمة شديدة مؤكدة بثلاثة أنواع من أنواع الحرمة أو بثلاث صفات , الحرمة الأولى :أنها في يوم النحر والثانية أنك في شهر ذي الحجة الحرام يوم النحر الحرام في شهر ذي الحجة الحرام في بلد الله الحرام مكة المكرمة بجوار الكعبة المعظمة، فعرض المسلم محرم على أخيه كحرمة يوم النحر عندالله في شهر ذي الحجة في مكة المكرمة، أمور عظيمة يخبر بها النبي r , يؤكد من خلالها حرمة عرضك أيها المسلم ويؤكد من خلالها شناعة هذه المسألة وهي الإفتيات على الأعراض مع ما ذكر معها من الخصلتين الأخريين , إذن هذا الحديث الأول وهو أصل في الغيبة والوقوع في العرض بما يكره ذلك المغتاب .} إن أعراضكم وأموالكم ودمائكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا { ثم قال النبي r } ألا هل بلغت { إي وربي لقد بلغ ,إي وربي لقد بلغ فداه أبي وأمي ،لكن من يستمع ؟ومن ينصت ؟ومن يستفيد ؟ قلة ممن أراد الله I لهم الخير , ومنها أيضا ما خرجه الإمام أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه والترمذي في جامعه وقال حديث حسن من حديث أبي هريرة tقال , قال رسول الله r : } كل المسلم على المسلم حرام ؛ دمه وماله وعرضه { , وقد جاء أيضا في رواية ما سقناه لكم سابقا عند أبي داود : } عرضه ودمه وماله { , إذن المسلم كله حرام على أخيه المسلم ويتأكد منه العرض , فلا تفتت عليه أيها المسلم و لا تقل فيه إلا بما يجوز لك أن تقول فيه وكذلك ماله لا تأخذ منه شيئا إلا بطيب من نفسه وكذلك دمه لا يحل للمسلم أن يعتدي على أخيه المسلم , فيسفك دمه , لا يحل له ذلك بل قد جاء في الأحاديث عن النبي r مبينة الأسباب التي يحل بها سفك الدماء . وعلى هذا فنقول إذا كان }كل { قد وردت في هذا الحديث فإنها كافية لأن تحرم عليك أن تقع في عرض أخيك المسلم لأن هذا جزء , والجزء داخل في الكل , فكيف وقد نُصََّ على ذلك الجزء بعينه اهتماما به , فقي…}كل المسلم على المسلم حرام... { , يكفي هذا في حرمة الغيبة , لو لم يأتي إلا هو , فكيف وقد جاء النص عليها بذاتها حينما قال : } دمه وماله وعرضه { ؛ فالعرض حرام عليك أيها الأخ المسلم أن تقع فيه بما لا يرضي الله I وبما لا يرضي رسوله r و لا تجيزه لك الحاجة أو مسوغ شرعي مما ذكره أئمة أهل العلم , قال النووي رحمه الله معلقا على هذا الحديث : } ما أعظم نفع هذا الحديث وما أكثر فوائده { وصدق رحمه الله ؛ ما أعظم نفعه لكن عند من يتعقل وما أكثر فوائده لكن عند من يتدبر وما أكثر ما فيه من المعاني , لكن عند من يتبصر: } كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه { , فاعرف يا عبد الله لأخيك المسلم حقه الذي أوجبه الله عليك في عرضه وصُن عرضه ؛ يهيأ الله I لك من يصن عرضك إذا انتهك , وهذا إن شاء الله سنبينه في نقطة آتية , ومنها أيضا ما خرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم عن أبي هريرة t قال , قال رسول الله r : } لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا يغتب بعضكم بعضا وكونوا عباد الله إخوانا ؛ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره , بحسب امرئ من الشر , كل المسلم على المسلم حرام ... { إلى آخر ما جاء في الحديث , إذن هذه أحاديث واردة عن النبي r في الحديث الذي ذكرناه قبل : } ..كل المسلم على المسلم حرام ؛ دمه وماله وعرضه { ؛ يحرم عليك أن تقع في عرض أخيك بما لا يجوز ولا يوجد له مسوغ شرعا , وفي هذا الحديث نهي من النبي r صريح بقوله : } ولا يغتب بعضكم بعضا وكونوا عباد الله إخوانا { ؛ فالحسد والتباغض والغيبة من أساب النفرة , وعدمها من أسباب الأخوة والألفة , عدم هذه الخصال من أسباب الأخوة ومن أسباب الألفة , أما إذا وجد الحسد ووجد التباغض ووجد الطعن والوقوع والإقيات على أعراض المسلمين بغير حق ولا مسوغ شرعي , فإن هذه الأمور سبب بل هي أسباب فتاكة من أسباب النفرة والتمزق والتفرق بين المسلمين , ومنها أيضا ما رواه البراء ابن عازب t قال : خطبنا رسول الله r حتى أسمع العواتق في بيوتها , فقال : } يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه : لا تغتابوا المسلمين و لا تتبعوا عوراتهم ؛ فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته .. { وفي بعض الألفاظ : } يوشك أن يفضحه ولو في جوف رحله..{ أخرجه أبو يعلى في مسنده وابن أبي الدنيا في الغيبة والصمت وأبو نعيم في الدلائل وإسناده حسن , هذه أحاديث واردة عن النبي r ناهية عن الغيبة , والنهي هنا للتحريم كما هو معلوم عند جماهير علماء الأصول , بل عند علماء الأصول ؛ النهي للتحريم إلا أن يصرفه صارف , إذن فهذه الأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله r , أما الإجماع فقد حكاه جمع من الأئمة والعلماء ؛ فقد حكاه الإمام النووي في الأذكار حيث قال رحمه الله حينما عقد فصلا للغيبة والنميمة , قال : ] وأما حكمهما فمحرمتان بإجماع المسلمين [ يعني الغيبة والنميمة , وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره في الموضع السالف ذكره , قال : ] والغيبة محرمة بالإجماع [ وقال الشوكاني في رفع الريبة : ] وقد اتفق أهل العلم جمع على تحريم الغيبة للمسلم [ , فهؤلاء ثلاثة من الأئمة يحكون إجماع العلماء على تحريم غيبة المسلم لأخيه المسلم حينما يقول الشوكاني : ] وقد اتفق أهل العلم جمع على تحريم الغيبة للمسلم [ ؛ فإذن المسألة دل على تحريمها كتاب الله وسنة رسوله r وإجماع علماء المسلمين , تواترت فيها الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع , ماذا بعد هذا ؟ ما بعده إلا أن يتقي الله عباد الله وأن يعرفوا هذه الخصلة وأن يعرفوا ضررها وأن يجتنبوها وأن يبعدوا عنها ما استطاعوا وأن يتوبوا إلى الله وأن يستغفروه إذا ما بدر منهم شيء في هذا الباب وإذا ما وقعوا فيها أو وقع في بعض إخوانهم في مجالسهم .
    - حكم سماع الغيبة :
    نقطة أخرى وهي حكم سماع الغيبة : إذا كان هذا حكمها الذي سلف في بيانه فما حكـم استماعها ؟ حكم سماع الغيبة محرم بنص الكتاب وبالأدلة الثابتة عن رسول الله r ؛ فقد جاء في كتاب الله I قوله : G..وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [4] S ؛ فأنت إذا سمعت فحشا واستسغته أو سمعت محرما واستسغته وسكت عنه , فإنك مشارك في الإثم , فكيف إذا رضيت به مشارك في الإثم لا محالة ! G..وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [5] S ؛ مسؤول يا عبد الله عن كل ما تراه وعن كل ما تنظر إليه من الحلال ومن الحرام , فالحلال تنجو بإذن الله , والحرام تقع فيما توعده الله I عليه إن لم تحدث وتنشئ توبة من النظر إليه ؛ كالنظرة إلى غير المحرم أو غير المحارم من الأجنبيات وكالنظر إلى الصور الخليعة و الأفلام الماجنة والمجلات الرخيصة المنحطة البديئة التي تروج الفحش وتروج الدعارة و لا تسوق للمسلمين إلا فساد دينهم ودنياهم وفساد أخلاقهم ؛ فإنك حينما تنظر إلى امرأة خليعة فاسقة سافرة متبدلة متزينة ظاهرة في أحسن حلة في هذه المجلات والله إنك لمسؤول أمام الله عن هذه النظرة الخبيثة , مسؤول أمام الله عن ذلك , فهيئ لنفسك جوابا إذا ما سئلت عما نظرت إليه مما حرمه الله I عليك وهيئ لنفسك جوابا إذا سئلت عما حرمه الله عليك واستمعت إليه من الفجور والأغاني واللهو المحرم وكذا من الغيبة وأكل أعراض المسلمين , هيئ لنفسك جوابا تنجو به بين يدي الله إذا طرح عليك السؤال يوم الاحتلال الأعظم الذي من نجح فيه نجح والله , ومن ريب فيه وخسر فهو الراتب والخاسر حقا : G.. إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [6] S وقال I : G..وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [7] S؛ القوم الظالمون ؛ إما أن يكون الأمر المحرم الذي اجتمعوا عليه مرئيا فتشاركهم أنت بالنظر ؛ فيكونوا من الظالمين لأنفسهم وتكون أنت منهم , فإذا أنساك الشيطان وقعدت معهم على ظلمهم وذكرت , فلا تقعد مع هؤلاء , وإما أن يكون الظلم وقوع في أعراض الناس ويكون حينئذ ما ذا ؟ مسموعة ويكون ذلك النوع مسموعا , فلا تقعد مع هؤلاء إذا ما ذكرت أبدا ! إذا ما أنساك الشيطان فقعدت معهم ونظرت أو أنساك الشيطان وقعدت معهم فسمعت ثم بعد ذلك من الله عليك فذكرت : G... فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.. [8] S.لأنك إذا قعدت معهم بعد ذلك ينطبق عليك قول الله Y : G... إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ ..[9] S وسكوتك عن هذا ؛ يعني الرضا , سكوتك عن ذلك المحرم ؛ يعني الرضا به وتلقيه بالقبول , وأيضا من الأدلة ما قاله الله I مادحا به عباده المؤمنين حينما قال : G...وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [10] ... S ؛ انصرفوا وتركوهم ؛ G ..لنا أعمالنا.. S الصالحة التي نحب أن تبقى لنا ذخرا , نؤجر عليها عند الله G.. ولكم أعمالكم.. S؛ التي تقترفونها مما سيسألكم الله عنها ؛ G... سلام عليكم لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [11] S ؛ لأن هؤلاء قد وقعوا في الجهل الذي نهاهم الله I عنه , فعباد الله المؤمنين حقا يجاهدون هذا المنكر وأهله ويتركونهم بل يرونهم من الجاهلين , والعالم وطالب العلم لا يحل له أن يقعد مع الجاهلين ويقرهم على معصيتهم , أما أن يقعد يعلمهم فينتهوا ويتأثروا ويكفوا عن غيهم وفسادهم , فهذا مطلوب , بل هو من الإنكار , لكن القصد أنه إذا بين لهم ووعظهم وخوفهم فلم يستجيبوا وهددهم فلم ينيبوا ؛ فحينئذ : G... سلام عليكم لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [12] S ولا يقعد معهم أبدا , فله عمله ولهؤلاء أعمالهم .
    النقطة الثالثة : هي ما حكم المستمع للغيبة ؟ جئت في مجلس ووجدت شخصا يغتاب , فجلست معه أو مع مجموعته في ذلك المجلس , فما حكمك أنت أيها الجالس ؟ إن حكمك كحكم المغتاب سواء بسواء ؛ الدليل على ذلك , لا تأخذوا شيئا إلا بدليله , فالقول و..
    العلم قال الله قال رسوله*** قال الصحابة هم أولو العرفان
    ما العلم نصبك للخلاف سفاهة*** بين الرسول وبين رأي فلان
    والـعلم أقسام ثلاث ما لـها*** من رابع والحق ذو تبيان
    علم بأوصاف الاله وفعله*** وكذلك الأسماء للرحمن
    إذن فالعلم الحقيقي هو : قال الله , قال رسول الله r , قال الصحابة , قال سلف الأمة من القرون الثلاثة المفضلة , ومن اتبعهم ممن اهتدى بهديهم واستن بسنتهم , هذا هو العلم , لا أراء الرجال والإعتراض بها على كلام الله وعلى كلام رسوله r . إذن المغتاب أو المستمع للمغتاب والمغتاب في الإثم سواء ؛ الدليل على ذلك ما أخرجه المقدسي في المختارة وحسنه صاحب الترغيب وكذا العلامة الألباني[13] من حديث أنس t قال :] كانت العرب تخدم بعضها بعضا في الأسفار وكان مع أبي بكر وعمر رجل يخدمهما فناما فاستيقظا ولم يهيئ لهما طعاما فقال أحدهما لصاحبه إن هذا ليوائم نوم بيتكم.. [ ؛ يعني تكلم في الخادم , ]... فقال أحدهما لصاحبه إن هذا ليوائم نوم بيتكم , فأيقظاه فقالا له إيت رسول الله r فقل له إن أبا بكر وعمر يقرئانك السلام وهما يستأدمانك... [ ؛ يعني يطلبانك إداما , ]...قال فذهبت إلى رسول الله r فقلت له ذلك فقال ...أنهما قد إئتدما , فقلت لهما إنكما قد ائتدمتما ..ففزعا فجاءا إلى رسول r فقالا يا رسول الله بعثنا إليك نستأدمك فقلت قد آئتدما فبأي شيء ائتدمنا ؟ , قال بلحم أخيكما والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه بين أنيابكما.. [ وفي رواية : ]..من ثناياكما .. [ , ]... قالا فاستغفر لنا قال هو فليستغفر لكما. .. [ ؛ لأنكما وقعتما فيه فاطلبا منه أن يستغفر لكما , لماذا ؟ لأنه إن استغفر لكما ؛ معناه أنه قد سامحكما , فاغتيابكم له لا يملك أحد أن يتنازل عنه إلا هو , ]... قالا فاستغفر لنا قال هو فليستغفر لكما. .. [, هذا الحديث الذي سمعتم أخرجه المقدسي في المختارة وكذا ابن أبي الدنيا في كتابه " الصمت " فحينما تنظر فى إسناده ترى أنه إن شاء الله إسناد حسن . وأنتم كما سمعتم , هل الإثنين تكلموا جميعا أم واحد ؟ واحد في نص الحديث ! ].. فقال أحدهما لصاحبه إن هذا ليوائم نوم بيتكم.. [ يعني إن وضعك هذا وإن نومتك هذه لتوافق نومتك في بيتك ؛ قم فاصنع لنا طعاما , ماهو الآن وقت النوم فلمزاه بهذه الهيئة ؛ يعني إنك كثير النوم ما تقوم بسرعة , إذا أوكلت إليك المهمات تتأخر , هذا يوائم بيتك , لا تفعله عندنا , افعله في بيتك ! فلمزوه بهذا أو اغتابوه بهذا وهو نائم , فقال النبي r : ] إنكما قد ائتدمتما بلحمه [ ؛ فأحدهما وقع والآخر سمع , ] إنكما قد ائتدمتما بلحمه [ .وعن معاذ بن جبل t قال : ] ذكر رجل عند النبي r فقال بعضهم " ما أعجز فلان " فقال رسول الله r : h اغتبتم أخاكم , اغتبتم أخاكم a , قلنا يارسول الله : قلنا ما فيه , قال : h إن قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه.. a.. [ ؛ يعني ليس الخبر أو ليس موضع البحث أنكم قلتم ما فيه أو قلتم غير الذي فيه !!! الكلام أنكم قلتم ما فيه فوقعتم في غيبته !!! أما إذا قلتم ما ليس فيه فوقعتم في بهته ؛ فوقعتم في الكذب عليه , فوقعتم في رميكم له بما هو براء , وهذه أشد وأعظم وأدهى و أنكى , لكن البلية أنكم قلتم بما هو فيه , فوقعتم في الغيبة , والذي ذكر أو الذي قال يارسول الله إنما هو رجل واحد ! الذي قال إنما هو رجل واحد , قال : ] .. ما أعجز فلان " فقال النبي r :h اغتبتم أخاكم , اغتبتم أخاكم a.. [ ؛ فانظروا نسب الغيبة للجميع ؛ لأنهم سكتوا ما ردوا عن عرض أخيهم , وبين النبي r أنهم قد اغتابوه , وهذا الحديث خرجه ابن المبارك في الزهد وأبو يعلى وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة , وسنده حسن , وهناك أحاديث أخرى تبين شناعة الغيبة , منها ما جاء عن سعيد بن زيد t قال : قال رسول الله r : } إن من أربى الربا ؛ الإستطالة في عرض المسلم بغير حق { , رواه أبو داود بإسناد حسن[14] , وعن أبي هريرة t قال : قال رسول الله r: } الربا سبعون حوبا , أيسرها كنكاح الرجل أمه وأربى الربا عرض الرجل المسلم { , أخرجه ابن ماجة [15] وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة بإسناد حسن ؛ قال :} الربا سبعون حوبا , أيسرها كنكاح الرجل أمه وأربى الربا عرض الرجل المسلم { ؛ إذن الربا أقسام وأنواع متفاوتة , وأدناها , كأن يأتي الرجل أمه , أسأل الله العافية والسلامة ؛ هذا تستقذره الطباع , أعوذ بالله ؛ أدناها كإتيان الرجل أمه ؛ الربا كله حرب لله ولرسوله r : G يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278 ) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [16] S ؛ إذن الربا كله حرب لله ولرسوله وحرب الله I ورسوله ؛ المغلوب فيها المحارب , وأدنى الربا , كأن يأتي الرجل أمه وأربى الربا وأعظم الربا ؛ الإستطالة في عرض المسلم , إذن هذا من أعظم الربا ومن أفظعه ومن أقدحه ومن أشنعه , فما بالنا نرى اليوم كثيرا من الناس يقعون في أعراض إخوانهم المسلمين ؟ ما بالنا نرى كثيرا من المسلمين يقعون في أعراض طلبة العلم ؟ ما بالنا نرى كثيرا من الناس يقعون في أعراض الناصحين لأمة الإسلام ؟ ويلبسون على المسلمين ويبينونهم ويظهرونهم للآخرين وللجهال بصورة المغتابين ؟ ألا فليتق الله هؤلاء ! ألا فليتق الله هؤلاء !! ولا يغمضوا عيونهم عن مثل هذه الأحاديث , وليعلموا المقاصد الشرعية التي تجيز الغيبة , فإنها مقاصد معتبرة ومرعية عند أئمة أهل العلم , فلا يلبسوا على طلبة العلم وعلى من قلت بضاعتهم , فيظهرونهم كثيرا من طلبة العلم , وكثيرا من العلماء والدعاة الناصحين المخلصين ؛ يظهرونهم بصورة الوقوع في الناس والوقوع في أعراض العلماء والطعن في العلماء , ألا فليتق الله هؤلاء ! من يوم يقدمون فيه على الله G يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [17]S ؛ إذن من أربى الربا وأعظمه ؛ الإستطالة على عرض المسلم , هذا من أربى الربا وأعظم الربا , فكيف إذا كان ذلك منك أنت أيها الأخ أو أيها الشخص المسلم تقع فيه أنت ثم تجر غيرك لأن يقع فيه , ملبسا عليهم بحجج لو سمعها أو لو طرحت على ميزان البحث والتحقيق والتنقيح والتدقيق ووزنت بميزان علم السلف لكانت هباء !!!! ومن هذه الأحاديث ما جاء عن سعيد بن زيد t مرفوعا , قال :} أربى الربا شتم الأعراض {, قال العلامة الألباني في سلسلته الصحيحة في المجلد الثالث في الصحيفة 418 قال عنه رواه الهيثم بن كليب في مسنده قال وإسناده صحيح ورجاله ثقات , قال العلامة الألباني معلقا على هذا الحديث " حديث سعيد بن زيد :} أربى الربا شتم الأعراض { قال رواه الهيثم بن كليب في مسنده وإسناده صحيح ورجاله ثقات ؛ الله أكبر ! ما أعظم حرمة الربا وما أشدها ! ومع هذا حرمة المسلم وعرض المسلم أعظم أنواع الربا وأرباه وأشده وأقدحه وأشنعه عند الله I , هذه الأحاديث ورد فيها أيضا التشنيع والتنفير من الوقوع في أعراض المسلمين , وهناك أحاديث أخرى صحيحة عن النبي r يتبين منها عقوبة المغتابين , فعن جابر t قال : ] كنا مع رسول الله r فارتفعت لنا ريح منتنة , فقال r تدرون ما هذه الريح ؟ ..[ ؛ استفهام , تهيئة , شد لدهن المخاطب ليهيئه , حتى يستعد , ثم يتلقى بعد ذلك الجواب , ] ... فقال r أتدرون ما هذه الريح ؟ ..[ ؛ فشد انتباه الصحابة y إليه , قالوا لما قال النبي r : ] ... أتدرون ما هذه الريح ؟ ..[ سكتوا , وفي رواية : ] ... الله ورسوله أعلم ! ..[ , ] ...أتدرون ما هذه الريح ؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين[ , ] هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين [ , خرجه البخاري في الأدب المفرد والإمام احمد في مسنده وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وإسناده حسن . فإذا كانت ريح المغتابين منتنة ؛ فهنيئا لمن يغتاب , هنيئا له بهذه الريح , هنيئا له بهذه الريح التي يتأذى بها من شمها ؛ ريحك نتنة , وهذه الريح توافق اللحم الذي أكلته , فأنت حينما أكلت لحم أخيك وهو ميت ؛ طلعت الريح نتنة , فهنيئا لك بهذه الريح أيها المغتاب ! فاتق الله في نفسك وأقلع وكف عن عرض أخيك وتب إلى الله قبل أن يأتي عليك ساعة الاحتضار ولا تنفعك حينئذ التوبة .




    [1] (الحجرات : 12 )

    [2] من الطبع والطبيعة والخليقة و السجية التي جُبِل عليها الإنسان . لسان العرب 8/232.

    [3] من القَذَرْ وهو ضِدُّ النظافة وشيء قَذِرٌ بَيِّّن القذارة وقذرت الشيء ..وتقذرته واستقذرته أي كرهته .مختار الصحاح 1/220.

    [4] (الإسراء : 36 )

    [5] (الإسراء : 36 )

    [6] (الإسراء : 36 )

    [7] (الأنعام : 68 )

    [8] (الأنعام : 68 )

    [9] (النساء : 140 )

    [10] (القصص : 55 )

    [11] (القصص : 55 )

    [12] (القصص : 55 )

    [13] الصحيحة 2608 والمختارة5/71.

    [14] ( صحيح ) صحيح الترغيب والترهيب 3/2833.

    [15] صحيح لغيره : صحيح الترغيب والترهيب 3/2832.

    [16] سورة البقرة 278-279.

    [17] (غافر : 19 )

    تعليق


    • #3
      رد: الغيبة وأحكامها لفضيلة الشيخ دكتور: محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى

      - ما الواجب على من سمع الغيبة :
      النقطة الأخرى هي ما الواجب على من سمع مغتابا يغتاب أخا له في مجلسه ؟ إن الواجب عليه أن يدافع عن أخيه المغتاب وأن ينصره وأن يأتي إلى المغتاب فيزجره وأن يكفه وينتهره عما قال , وأن يحذر الجالسين من مغبة وخطورة مقال ذلك الرجل وقد جاء في هذا أحاديث عن النبي r منها حديث معاذ في دفاعه عن كعب ابن مالك كما هو مشهور في الصحيح في غزوة تبوك } لما وصل النبي r إلى تبوك وسأل عن كعب قال أحد الحاضرين : حبسه يارسول الله إعجابه بنفسه ونظره في عطفيه , فقال له معاذ بئس ما قلت , والله ماعلمناه إلا يحب الله ورسوله ...{ فدافع عن أخيه وبَيَّنَ وقطع على ذلك المغتاب وكفه وزجره وذكر محاسن الشخص الذي اغتيب في ذلك المجلس , ذكر محاسنه قال : } .. والله ما علمنا عليه إلا خيرا , ما علمناه إلا يحب الله ورسوله ...{ , فهذا هو الواجب علينا جميعا إذا ما سمعنا شخصا يغتاب شخصا من إخواننا المسلمين فعلينا أن نكفه وأن ننتهره وأن نذكر في المجلس محاسن من اغتيب , وأيضا عن أبي الدرداء t عن النبي r قال : }...{ , اليوم أيها الإخوة أكثر عليكم من النصوص وهذا هو الواجب , فاصبروا وتحملوا ؛ فالعلم هو قال الله , قال رسوله , سئمنا من كثرة الكلام , سئمنا من التهريج , كلامنا لا فائدة فيه , كلامنا لا علم فيه , أكثره زلل وأكثره خلل , وقليلة الفائدة فيه , فالقول الحق والوعظ الحق إنما هو كتاب الله وبسنة رسوله r ما أكثر من يتكلم ويعظ ويبلغ ولكن ما أقل ما يستشهد في كلامه بكلام الله وكلام رسوله r فحينئذ يكون كلامه لا قيمة له ولا وزن له :
      والدعاوي إن لم تقيموا عليها **** بينات أصحابها أدعياء
      لابد من القول بالحق وقرنه بدليله من كتاب الله وسنة رسوله r حتى يقع في النفوس مبلغه أو حتى يبلغ من النفوس مبلغه ويقع منها موقعه , لأنه كلام الله وكلام رسوله r وهو الذكر الذي من أعرض عنه G فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى[1] S فيأتي ويقول : G قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125 ) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى [2] S , فالذكر هو كتاب الله وسنة رسوله r بهما تحيا القلوب وبهما تقبل الأحكام , إذا قرنت بالأدلة من الكتاب والسنة , تقبل الأحكام , فلا تقبلوا من أي قائل قولا إلا بدليله كائنا من كان , فاصبروا فهذه محاضرة أرجو أن تكون محاضرة علمية مقرونة بالأدلة النقلية من كتاب الله والسنة النبوية , في كل صغيرة منها وكبيرة , أقول من هذه الأدلة ما ورد عن أبي الدرداء t عن النبي r قال : } من رد عن عرض أخيه بالمغيبة كان حقا على الله أن يرد عن عرضه يوم القيامة { خرجه الإمام احمد والترمذي والطبراني في مكارم الأخلاق , والبيهقي في الكبرى بإسناد حسن , إذن فلا تفتك أيها العبد المسلم هذه الغنيمة الباردة , غنيمة الرد عن أخيك المسلم إذا ما وقع في عرضه في مجلس من المجالس , فرد عنه وذب عن عرضه , يرد الله Iعنك يوم القيامة , يرد الله Iعن عرضك يوم القيامة , فكن مغتنما لهذا الأجر , سباقا إليه , ولا تفوته بحال من الأحوال , قال r : } من رد عن عرض أخيه بالمغيبة .. { هذا هو النص : } من رد عن عرض أخيه بالمغيبة كان حقا على الله أن يرد عن عرضه يوم القيامة { خرجه الإمام احمد والترمذي والطبراني في مكارم الخلاق والبيهقي في الكبرى بإسناد حسن .
      - الأسباب الغير الشرعية للغيبة :
      إذا عُلِم هذا أو بعد هذا كله هناك أسباب تدعو إلى الغيبة يقع الناس بسببها في اغتياب إخوانهم وهي كثيرة ولكن من أشهرها خمسة ومن أشهر هذه الأسباب خمسة :
      - الأول : إشفاء الغيظ من المغتاب ( التشفي من المغتاب ) ؛ يقع بينك وبينه خصومة , يقع بينك وبينه سوء تفاهم , يقع بينك وبينه مشاجرة , يقع بينك وبينه اختلاف في الرأي , يقع بينك وبينه كذا وكذا وكذا ...ثم إذا ذكر في مجلس من المجالس انهلت عليه بذكر ما يكره وإن لم يوجد ذلك السبب المبرر شرعا , فحينئذ يحرم عليك وتكون آثما مغتابا لذلك الإنسان بغير حق , واقعا فيما نهاك الله I عنه, هذا من الأسباب : التشفي ،إشفاء الغيظ بالوقوع في الغيبة أو باغتياب من تكره ممن وقع بينك وبينه خصومة أو مشاجرة أو سوء تفاهم أو اختلاف في الرأي أو أو إلى آخره فحينئذ تتشفى بالوقيعة في عرضه ،هذا من الأسباب ،ومن الأسباب أيضا أو قبل هذا الواجب عليك في مثل هذا أن تذكر قول الله I ) والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ( فاكظم غيظك يا عبد الله ولا يكن أو لا تكن عداوتك الشخصية و الحزازات الشخصية التي بينك وبين أخيك المسلم ، على أنه لا يجوز أن تقع أو أن تبقى في قلوبكم , فالواجب أن تتصافوا , لكن إن بقيت لا يجوز لك أيها المسلم أن تحملك هذه الحزازات وتلك العداوات على أن تتشفى منه فتقع في عرضه , فاذكر قول الله تعالى : G والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس S فاكظم غيظك واعف عنه و لا تقع فيه يا عبد الله تنجو عند الله I .
      - ومن الأسباب أيضا : موافقة الرفقاء والجلساء والأصحاب أو كما يقولون " الشلة " ؛ إذا جئت إلى مجلس من المجالس فوجدت أصحابه يقعون في اغتياب الناس أو في اغتياب المسلمين أو في اغتياب خيار المسلمين , فتجاريهم على الغيبة إما بسكوتك ويشتد الأمر حرمة إذا ما جاريتهم فهم يقولون كلمة وأنت تقول اثنتين وهم يقولون ثلاثا وأنت تقول أربعا وهم يقولون جملة وأنت تقول أسطرا وهم يقولون أسطرا وأنت تقول دفترا ؛ فاتق الله يا عبد الله لا يغرنك مكانة هؤلاء إن كانت لهم مكانة , أو قوة هؤلاء إن كانت لهم قوة أو سلطة هؤلاء إن كانت لهم سلطة , فعليك يا عبد الله أن تسرع بالإنكار أو تقوم فإنك إن بقيت معهم كنت منهم وشاركتهم في الإثم , وهذا سبب من الأسباب التي تجر كثيرا من الناس إلى أن يقعوا في الغيبة وهو موافقة المجلس , لاسيما إذا لم تكن مستطيعا للإنكار على هؤلاء , إما أن يكونوا أكبر منك سنا أو أرفع منك درجة أو أعلى منك مكانة أو أشرف منك أو لهم هيبة وسلطان فحينئذ لا تستطيع أن تنكر , فيا ليتك إذا لم تستطع سكت كارها بقلبك , لكنك جاريت وأخذك الركب فتماديت ؛ فحينئذ تقع في الإثم والعياذ بالله ؛ هذه النقطة الثانية مرافقة أو موافقة ومسايرة الجلساء والرفقاء , فتقع في اغتياب إخوانك المسلمين.
      - ومنها أيضا ؛ الوقوع في أعراض الناس لإضحاك الحاضرين والتفكه بذلك والسخرية بهؤلاء وهذا نشهده في هذه الآونة كثيرا وأخص بالذكر مسألة واحدة وهي مسألة التمثيل في بعض المخيمات والمراكز فإنهم يقلدون من لا يرضى في صوته أو يقلدونه[3] في نظرته وحركته أو في جلسته ومشيته أو في قعدته أو في كلماته أو غير ذلك مما يكرهه لو قيل بحضرته وهذا من الغيبة وهم إنما يفعلونه للترويح عمن حضروا و التفكيه عليهم وتبسيطهم أو انبساطهم وشرح صدورهم وإدخال السرور والفرح عليهم وهذا حرام لا يجوز ذلك بحال من الأحوال وصاحب ذلك يخشى عليه أن يكون ممن قال فيهم النبي e : } إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا ؛ يهوي بها في النار سبعين خريفا { ويخشى أيضا عليه من قول النبي e في الحديث الثابت : } ويل للرجل الذي يكذب الكذبة ليضحك بها الناس ويل له ثم ويل له { , فهذا يضحك الناس ويروح عنهم بالوقوع في عرض أخيه فليتق الله في نفسه وليعلم أنه موقوف بيـن يـدي الله وليتذكر قول الله تعالى : G مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ S [4] , فإذا استـتحضر ذلك ما أخاله فاعلا لما فعل .
      - وأيضا من الأسباب إظهار المتكلم المغتاب لنفسه ومكانته ورفعه لها بسبب تنقصه من غيره ووضعه لهم , مثال ذلك حينما يذكر فلان من الناس فتقول " اتركه عنك , فلان فيه كذا وكذا " والله يعلم أن فيك أكثر منه ولكن تقول ذلك للوضع منه و للرفع من نفسك , أو " فلان أخطأ في كذا وكذا من المسائل " فتقل : دعك منه , هذا جاهل , هذا لا يفهم , هذا ما يعرف كوعه من كرسوعه , هذا كذا , هذا كذا , " هذا ينبغي أن يتعلم أولويات العلم إلى آخره " لتظهر من نفسك أنك أنت الإمام , وأنت المقدم , وأنت الرئيس , وأنت أنت إلى آخره , طبعا إذا كنت لا تقصد بذلك النصيحة للمسلمين وبيان ما أخطأ فيه حتى لا يقلده فيه غيره ويقع في الخطأ غيره ويضل بسبب خطإه غيره وهذا نستبينه إن شاء الله , أقول إذا كان إنما هو على باب أو من باب إظهار النفس ورفع منزلتها بالحط من الآخرين , فهذا محرم بالإجماع .
      - ومن الأسباب أيضا الحسد ؛ من الأسباب الداعية إلى الغيبة : الحسد , وهذا منتشر وكثير بين طلبة العلم إلا من رحمه الله وإلا من وفقه الله بتوفيقه وسدده وأعانه على نفسه فجاهدها , فيقع بينهم خلاف , فيحسده على مكانته التي وصل إليها واشتهر بها بين الناس ثم يقع بعد ذلك فيه ويطعن فيه وفي عرضه ويهتكه ويجرحه أمام الناس لا لشيء إلا لغرض في نفسه وقصد أو وأمر الحسد أمر قلبي لا حل لأحد أن يحكم به بحال من الأحوال لأنه خفي ولا يطلع عليه , لكن قد تأتي القرائن تدل وأما بصفة القطع , هذا لا يستطيع أن يقطع به إنسان في حال من الأحوال , فالحسد لا شك أنه موجود وأنه سبب من أسباب الغيبة وهو منتشر في جميع أو بين جميع الناس بمختلف طبقاتهم واتجاهاتهم وحرفهم وصنعاتهم , فطلبة العلم يقع بينهم التحاسد , والصناع كل من اشتركوا في صنعة معينة يقع بينهم الحسد , فيقع بعضهم في عرض بعض وهكذا , فهذا لا يحل بحال من الأحوال أن تقع في عرض أخيك وتجرحه بسبب الحسد وبغير مسوغ شرعي يبيح لك ذلك , فاتق الله يا عبد الله .
      وأيضا من الأسباب التي توقع في الغيبة : الهزل واللعب ؛ تجد الناس يجلسون في مجالس ويغتاب بعضهم بعضا , فإذا ما حذرته قال نحن نمزح , نحن والله ما نقصد والله يعلم أن فلانا محبوب عندنا وهو من إخواننا المحببين إلينا , لكن نحن والله ما نقصد هذا , إنما الأعمال بالنيات , نحن والله نمزح , وهذا هزل ولا نقصده ففلان من إخواننا وهو من جماعتنا وأقربائنا وأصدقائنا , كيف نقع فيه ؟ فينقلب الأمر عليك !! وإذا أنت في الجهة السفلى وهم في الجهة العليا , وانقلب الأمر رأسا على عقب , فأصبحت أنت الذي ينكر عليه !!! فاللعب والهزل والمزاح يجر إلى الغيبة ولا يبرر الوقوع في الغيبة , مثل هذا الكلام : G قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [5] S , فهذه آيات الله تتلى , تحذر من الوقوع في الغيبة واغتياب المسلمين , تستهزئ بها تأخذها على هذا الوجه , هذا ما يجوز لا يحل لك ذلك بحال من الأحوال هذه نقاط كلها تتعلق بالغيبة , وما ينبغي علينا جميعا حيال هذه المسألة




      [1] (طه : 124 )

      [2] سورة طه 125-126

      [3] قال الشيخ المباركفوري رحمه الله : قال النووي رحمه الله ومن الغيبةالمحرمة المحاكاة بأن يمشي متعرجا أو مطأطأ أو ذلك من الهيئات مريد حكاية هيئة من ينقصه بذلك .( تحفة الأحوذي 7/176 ).

      [4] (قـ : 18 )

      [5] (التوبة : 65 )

      تعليق


      • #4
        رد: الغيبة وأحكامها لفضيلة الشيخ دكتور: محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى

        - الأحوال التي تباح فيها الغيبة :
        و النقطة الهامة أو المهمة وهي التي لا نكاد نسمعها في كثير من الخطب والمحاضرات والجلسات والندوات وهي الأحوال التي تباح فيها الغيبة والمقامات التي تجوز فيها الغيبة , والصور التي تحل لك أيها المسلم فيها الغيبة , هذه المسألة سطرها أهل العلم وتكلموا عليها كثيرا وبينوها غاية البيان لكن ما بالنا نحن اليوم في هذا العصر نغفل أو نتغافل , نجهل أو نتجاهل هذه المسألة , وهي مسألة الوقوع في الغيبة أو الأسباب التي تبيح لك أيها المسلم أن تقع في الغيبة , حتى إنه بسبب عدم تبييننا ذلك للناس ؛ اختلط الأمر على الناس فعدو ما ليس غيبة غيبة , وعدوه طعنا وعدوه تهجما وعدوه تشنيعا على المسلمين .
        هذه النقطة لابد من بيانها ؛ فأقول إن الأمور أو الأسباب التي تباح فيها الغيبة , أمور متعددة وقد أجملت في ست صور ولو فرقتها لبلغت أكثر وقد حكاها النووي في رياض الصالحين كما حكاها في شرحه لمسلم في المجلد السادس عشر وحكاها أيضا أو شرحها أو خصها بالشرح ومحض لها مؤلفا مستقلا الإمام الشوكاني رحمه الله حينما ألف رسالته العظيمة ( رفع الريبة ..) عن ماذا ؟ , اسمعوا العنوان ! (...عما يجوز وما لا يجوز من الغيبة ) إذن هناك غيبة جائزة , لكن ما بالنا اليوم لا نذكرها ما بالنا اليوم نلبس على الناس ونعمي عليهم و لا نكاد نسمعهم إياها !! ما بالنا !! الأئمة نصحوا , الأئمة بينوا , الأئمة أخلصوا ومحضونا النصيحة , لكن بقي علينا نحن التجرد لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم , فالتجرد يقتضي أن نذكر الأمور التي تبيح للمسلم أن يغتاب أخاه أو أن يقع فيه حتى تعلم هذه الصور , فإذا علمت وجاءنا من يغتاب نظرنا إلى قوله وقارناه بهذه الصور التي يباح فيها الاغتياب , هل له وجه من هذه الوجوه , أم لا ؟ فإن كان له مسوغ لم يكن مغتابا كان ناصحا , وإن كان غير ذلك أو إن لم يكن له مسوغا كان مغتابا , هذه الأمور :
        1 – الأمر الأول ( التظلم ) : الأمر الأول الذي يباح لك فيه يا عبد الله ؛ التظلم , والتظلم المراد به أن ترفع مظلمتك إلى سلطان أو إلى قاض أو إلى من له ولاية أو من بيده حل وعقد يستطيع أن ينصفك ممن ظلمك , فإنك حينئذ يجوز لك أن تغتاب من ظلمك وتقول " ظلمني فلان , وقع علي فلان , أو اعتدى علي فلان أو سرقني فلان , أو وقع علي فلان بكذا " ترفع إليه المظلمة وإلا كيف يعلم أنك مظلوم ؟ وكيف يؤخذ لك حقك ؟ إن لم تبينه , فلا سبيل أمامك أو ليس أمامك سبيل إلا أن تقع في من ظلمك , ليؤخذ لك حقك منه , فتقول " يا قاضي , يا أمير المؤمنين , يا إمام المسلمين , فلان ظلمني , والله إنه لظالم ! فقد اعتدى علي وأخذ أرضي " , يباح لك ذلك , " فلان ظالم , والله لقد اعتدى علي ومطل لي حقي , يباح لك ذلك , الأدلة على ذلك , خذ الأدلة , قال الله I في سورة النساء : G لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عليما S [1] , فإذن الغيبة ؛ قول السوء , الغيبة سيئة , ووقوعك في أخيك من الأمور السيئة , لكنك لما ظلمت أباح الله لك أن تقع في عرض أخيك بما يؤدي إلى أن تؤخذ لك حقوقك منه : G لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ .. S [2] , هذا الإستثناء يدل على أن من ظلم يجوز له أن يقول السوء وأن يجهر به حتى يخلصه الناس ممن ظلمه , واسمعوا أيضا إلى الحديث الصحيح الآخر وهو قول النبي r : } لَيُّ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته[3] { و مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته ؛ أنت لك في ذمة فلان مبلغ من المال وعدك أن يعطيك إياه في نهاية 1410 جاءت 1410 هـ ولا سددك المبلغ فطلعت ودخلت عليه 1411 ولم يعطك المبلغ , فرفعت أمره إلى القاضي وتظلمت وقلت " فلان ظلمني هذا السند يوجب عليه أن يدفع إلي حقي ولم يدفعه , يشهد عليه فلان وفلان أن يدفع إلي حقي بحلول الأجل الفلاني ولم يدفعه إلي والله إنه لظالم , يافلان والله إنه لظالم لي والله إنه مماطل , والله إنه لا ينبغي أن يعامله الناس والله إنه لايفي" ..إلى آخره ؛ يجوز لك ذلك ,} لي الواجد..{ يعني الذي يجد الوفاء , }..ظلم يحل عرضه وعقوبته { , يحل عرضه لك أيها المغتاب , يحل عقوبته لك أيها السلطان , إذن فالظالم أحل رسول الله r لنا عرضه وعقوبته , عرضه لمن ظلم وعقوبته لمن حكم , فافهموا هذا بارك الله فيكم ! لكنه في حق المظلوم وفي حق الحاكم يجوز هذا , ولهذا قال العلامة الشوكاني رحمه الله معلقا على قوله تعالى : G لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً S [4] قال : ( فهذا الإستثناء وهو قوله تعالى G ...إلا من ظلم ..S أفاد جواز ذكر المظلوم للظالم ..) اهـ , يعني بما يكرهه , لو قلت له وهو حاضر " والله إنك لمنافق ! " يحب هذا ؟ ما يحبه ! لو قلت له وهو حاضر " والله إنك لظالم ! " مايحبه ! " لو قلت له وهو حاضر " والله إنك لا تفي بالوعد " ما يحبه ! لو قلت له وهو حاضر " والله إنك لست على شرطك ! والنبي r يقول : ] المسلمون على شروطهم [5] [ , ما يحبه ! وإن كان واقعا في المحذور , فإذا كان الأمر كذلك , فإنه يحل لك أن تذكر هذه الأمور التي يكرهها وهو غائب , ما دمت متظلما ؛ هذه هي المسألة الأولى .
        2 – المسألة الثانية ( الإستفتاء ) : يعني أن تأتي إلى المفتي فتسأله فتقول له مثلا – يعني المفتي غير القاضي – أنت تستفتي في مسألة قبل أن تقدمها للشرع لتعلم هل معك حق ؟ هل لك وجه لو اشتكيت ورفعت مظلمتك ؟ أم أن الشرع في جانبك ؟ فتأتي مثلا إلى القاضي أو إلى العالم , فتقول له مثلا " أبي ظلمني وأخذ مني كذا وكذا , هل له ذلك ؟ " , أو تأتي المرأة وتقول " يا شيخ , زوجي يظلمني ويفعل بي كذا وكذا , فهل له ذلك ؟ هل يحل له ذلك ؟ هل يسوغ هذا له هذا شرعا ؟ " , أو يأتي زوج إلى عالم ويقول إن زوجتي تفعل لي كذا وكذا , هل يحل لها ذلك ؟ أو لا يحل لها ذلك ؟ " , فأنت مستفت , وأحسن من هذا وأحوط أن تقول " لو أن فاعلا يفعل كذا " , أو لو فعل شخص كذا " , فهذا أحسن , فتصل فيه إلى مطلوبك فيفتيك الشيخ بما يدل عليه الشرع ويفتيك العالم بما دلت عليه النصوص , وإن لم تتعرض لمن اعتدى عليك في الاستفتاء وإن ذكرته جاز ولا بأس , الدليل على هذا ما جاء في الصحيح ] من حديث هند بنت عتبة رضي الله عنها حينما شكت زوجها أبا سفيان t إلى النبي r فقالت : يارسول الله , إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني وأولادي ما يكفيني... [ والشح أشد من البخل , حينما تصفه بهذا , هل هو يحب هذا ؟ ما يحبه ! وهذه خلة ذميمة يبغضها لو ذكرتها في وجهه , لو قلت له " أنت شحيح " لو كانت عنده عصا ضربك , فحينما تأتي إلى المفتي وتستفتيه وتقول له " يا شيخ أو يا إمام , يا فلان أحسن الله إليك حفظك الله إن فلان شحيح أو مارأيك في شخص شحيح لا يعطي زوجته من المال ما يكفيها وأبنائها للنفقة , هل يحل لها أن تأخذ من وراءه ؟ " إذن أنت ذكرته بما يكره وذكرت فيه وصفا يسوءه , وهو وصفه بالشح , يجوز ذلك لو عينت الشخص , فقلت " إن فلانا شحيح لا يعطيني ما يكفيني " لو كانت امرأة أو قال الزوج يقول " ياشيخ إن زوجتي فلانة فيها كذا وكذا جاز ذلك , والأصل فيه أو الدليل عليه ما جاء في حديث هند بنت عتبة حينما قالت : } يارسول الله , إن أبا سفيان رجل شحيح ... [ , فأقرها النبي r ولم ينكر عليها , فإذن لا مانع أن تذكر بعض صفات الإنسان التي تكره عند المستفتي ليفتيك ويرشدك والأحوط أن تقول لو وجد كذا أو لو وجد شخص يقول كذا أو حصل من شخص كذا , فهو أولى أن تتوصل به إلى المطلوب وتسلم من التعيين وإن سميت وعينت , فلا بأس كما ذكرنا لكم .
        3- المسألة الثالثة هي : الاستعانة بمن له سلطة ومقدرة على تغيير المنكر , كيف ذلك ؟ إذا رأيت شخصا على منكر يجاهر به ويعلنها ولا تستطيع أنت أن تنكر عليه أو تكفه عن منكره , فاذهب إلى من يستطيع فعل ذلك , كأن تأتي مثلا إلى أهل الحسبة وتقول لرئيس الهيئة الفلانية " فلان فيه كذا وكذا وكذا وهو على المنكر وقد نهيته عنه ولم ينته وزجرته ولم ينزجر وحذرته ولم يكف " , فذكرت هذه الصفات التي يكرهها فلان مثلا , يشرب الخمر علنا أمام الناس ولم أستطع الانكار عليه أو لم يستجب لي فجئت إلى أهل الحسبة أو إلى من ولاه الله I ولاية المسلمين من سلطان ونحوه أو من يقوم مقامه وذكرت له هذا الإنسان بما فيه من هذه المنكرات فحينئذ هذا ليس بالمنكر . فلان يبيع المجلات الخبيثة الخليعة الفلانية والفلانية والفلانية في سوبرماركت علنا , هذا ليس من الغيبة , نصحته ولم ينتصح , حذرته ولم يحذر و زجرته فلم ينـزجر , هذا ليس من الغيبة , أنت ذهبت إلى من يستطيع أن يزيل المنكر , فهذا معين لك ؛ فالإستعانة بمن يزيل المنكر بذكر عيوب صاحب المنكر المجاهر بها , لاتعد غيبة أبدا لاتعد غيبة .
        -4 ومن الأمور الأخرى أو الأمر الرابع : تحذير المسلمين من الشر والنصيحة لهم إذا ما رأيت إنسانا يقع في أمر يسخطه أو يكرهه إذا تبينه فيما بعد وأنت تعلم هذا الأمر فأنت الآن في أحد الحالين إما أن تكون محذرا له ابتداء فتذكر عيوب ذلك الشخص وإما أن تكون له محذرا له استدعاء , طلب منك هو , استنصحك , فبينت له عيوب ذلك الشخص , فحينئذ لا تكون مغتابا أما الأول فكأن ترى شخصا يريد أن يشارك شخصا كذابا خؤونا في ماله وشركته وأنت قد بلوته وجربت عليه الخيانة والكذب فحينئذ لابد من أن تحذر أخاك منه لأن هذا من الدين , }..الدين النصيحة ..{ كما في حديث زيد , } ..قلنا لمن يارسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ..{ , فهذا من النصيحة له , حتى لايقع فيما يقع , أما إن استنصحك , فيكون حينئذ وجوبا أن تنصح له بنص قوله r في حق المسلم على المسلم , }..وإذا استنصحك فانصح له .. { , أما إذا شاورك وجب عليك ألا تخفي عليه معائب ذلك الشخص الذي يريد مداخلته ومشاركته بنص قوله r : } المستشار مؤتمن { , فقد ائتمنك هذا على ماله حينما استشارك , فلا تكن له خؤونا , إياك أن تكون له خؤونا , بين أمر ذلك الشخص له حتى يحذره , فإن لم تفعل ذلك فكنت خائنا وآثما , فإذن هنا تحذير وهنا نصح , فإذا جئت له من أول وهلة وقلت لا تتعامل مع فلان , فلان معروف عندنا كذاب , فلان ليس بأمين , فلان ليس أهلا لأن تتعامل معه , هذه نصيحة والدليل ظاهر فيها } الدين النصيحة { وأما إذا سأل فهي مشاورة والمستشار مؤتمن , وهي نصيحة واجبة منك أن تبذلها له بذكر عيوب ذلك الشخص الذي استنصحك من أجله أو استنصحك فيه لقوله r : }..وإذا استنصحك فانصح له .. {, ومن التحذير للمسلمين أيضا , من الصور التي يقع فيها أو يباح فيها الغيبة للمغتاب جرح الرواة , رواة الحديث ؛ جرحهم وبيان مكانتهم من حيث القوة والضعف والضبط والإتقان وسوء الحفظ والغفلة وعدم الإنتباه والخطأ والوهم إلى غير ذلك , فتقول " فلان سيء الحفظ , فلان ضعيف , فلان صدوق , يخطأ كثيرا , فلان يهم كثيرا , فلان فاحش الغلط , فلان يضع على الثقات ما ليس من حديثهم , فلان ثقة مأمون في دينه , ليس بثقة ولا مأمون في الرواية لكونه ضعيف الحفظ , فلان فيه غفلة الصالحين " لأن العباد أكثرهم اشتغلوا عن الرواية , مالوا إلى الزهد والعبادة كثير منهم وإن وجد منهم الحفاظ وإن وجد منهم المشتغلون بالرواية لكن كثير منهم وقع أو اشتغل بجانب العبادة وجانب الزهد فغلب عليه ذلك , ولم يهتم بالعلم والرواية والنقل , فأصبح ضعيفا في حفظه وإن كان متينا في دينه كما قال الإمام مالك : (لقد أدركت سبعين رجلا في هذا المسجد .. ) يعني المسجد النبوي (..كل منهم لو استرعي على بيت مال المسلمين لكان أمينا , لم نأخذ عنه حديث رسول الله r ؛ لأنه ليس أهلا لهذا , فلما قدم علينا ابن شهاب ابتدرناه ) , إذن فهناك أسباب يقع بسببها الإنسان في الطعن في الآخرين , فأنت حينما تقول " فلان ضعيف , فلان سيء الحفظ " هو ما يعترف بهذا إلا من قل منهم, أو تقول فلان كذاب , فلان وضاع , فلان عدو الله وعدو رسوله , فلان ركن الكذب , فلان دجال أعور , فلان يجترئ على الكذب على رسول الله r , هذا ليس غيبة , هذه صيانة لدين الله I وصيانة لسنة رسوله r , وقد حكى أئمة الجرح والتعديل الإجماع فيها على أنه بإجماع بين العلماء أن تقع في الرواة لصالح السنة النبوية لحفظ السنة النبوية المطهرة , لولا ذلك ما وصلت إلينا السنة النبوية صحيحة صريحة منقاة مغربلة صافية , وهذا ممن سادت به أمة الإسلام على غيرها من الأمم ؛ نقل سنة رسولها r بالأسانيد , فنشأ علم الجرح والتعديل والطعن في الرواة وبيان مسانيدهم حتى تحفظ سنة رسول الله r وهذا علم نفخر به نحن أمة الإسلام على سائر الأمم , لا يوجد عند أمة من الأمم , فإن اليهود والنصارى حينما تعودون إلى كتبهم تجدون بينهم وبين أنبيائهم انقطاعا , فالأناجيل ما دونت إلا بعد مضي أربعة قرون بين النصارى وبين عيسى u , أين الأسانيد ؟ لا توجد أسانيد ! التوراة كذلك , فجاءها الكذب والدس والتحريف , أما هذه السنة فلا ! فقد جاء في مقدمة صحيح مسلم بحديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ] كنا إذا قيل " قال رسول الله r " , ابتدرته آذاننا واستمعنا له , فلما ركب الناس الصعب والدلول , قلنا " سموا لنا رجالكم " [ , وهو مروي عن ابن سيرين : (سموا لنا رجالكم ) , ابن سيرين الإمام الزاهد العابد الورع , من هو ابن سيرين في ورعه وزهده وتقواه وخشيته من الله I روي عنه هذا ( سموا لنا رجالكم ) , نعرف أهل السنة والصدق والإتقان فنأخذ حديثهم , نعرف أهل الغفلة وسوء الحفظ والكذب والبدعة فنترك حديثهم , لابد من ذلك , إذن نحن بين أمرين إما أن نقع في الناس وأن نطعن فيهم لتصل إلينا سنة رسول الله r صافية , وإما أن نقف وألا نطعن في أعراض هؤلاء النقلة وحينئذ يصيب سنة رسول الله r ما يصيبها من دخول الكذب والوضع والدس والضعف فيها إلى ما لانهاية ولا يعرفه إلا من له عناية بهذا الشأن , فحينئذ جاز لنا أن نقع في أعراض هؤلاء الرواة والنقلة بالجرح والتعديل , جاز لنا أن نقع في ذلك حتى نحصل المصلحة الكبرى وهي حفظ دين الله , تبليغ سنة رسول الله r , فيقال " فلان ضعيف , فلان فيه كذا , فلان فيه كذا إلى آخره " , وقد عرف هذا أئمة الإسلام والإجماع فيه محكي في كتب الجرح والتعديل وفي كتب علوم الحديث , نعم ! وهذا كما يقول الأئمة " إن هذا من النصيحة للمسلمين " , بل هو واجب بإجماع المسلمين يعني الجرح لهؤلاء الرواة كما يقول النووي والحافظ ابن كثير وغيرهما , يقول : ( وهذا النوع من القدح أو من الغيبة جائز , بل واجب بإجماع المسلمين) , لماذا وجب ؟ لأن , إما أن تصل السنة أو تضيع السنة ! لا , تضيع السنة على حساب شخص واحد أو أشخاص ألا تقع في الأعراض , لا أخي السنة مقدمة , الدين مقدم G إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ S [6] وهذا نوع من أنواع حفظ الذكر , فالذكر على قسمين : ذكر متلو وذكر غير متلو ؛ فأما المتلو فهو كتاب الله I وقد تكفل الله بحفظه , فبلغنا بالنقل المتواتر من صدور الرجال ومحفوظ في كتابه أو في المصاحف التي نسخها الصحابة في عهد رسول الله r وجاءتنا منقولة بالسماع , نقلا متواترا , والذكر غير المتلو سنة الرسول r فقد أجهد العلماء وأئمة الحديث أنفسهم بما لا مزيد عليه وعدلوا وجرحوا وتكلموا في رواة الحديث , فوصلتنا السنة صافية نقية والحمد لله على ذلك وجزاهم الله عنا خير ما جزى به محسنا على إحسانه , بعد هذا أيضا من الصور التي يجوز فيها أن تغتاب ؛ صورة النصح في المصاهرة هي داخلة في الأولى , لكن العلماء يفردونها أو بعضهم يفردها , ذلك أنني أنا تقدم إلي شخص ظاهره الخير يريد الزواج من ابنتي ولا أعرف حاله فجئت إلى من يعرفه فقلت له إن فلانا يريد مصاهرتي , فهل هو كفؤ أم لا ؟ هذه الصورة , حينئذ لابد عليه أن ينصح لك لأن فيها حياة ترتبط إلى نهاية العمر بين الإثنين , فقد تشقى الزوجة بذلك , طول عمرها بسبب كتمان ذلك الناصح أو المشاور لعيب ذلك الخاطب والدليل على ذلك ما جاء في الصحيح من حديث فاطمة بنت قيس لما استشارت النبي r فقالت له : } إن معاوية وأبا جهم قد خطباني , فقال لها النبي r : أما معاوية لا مال له وأما أبو جهم فرجل لايضع عصاه عن عاتقه ..{ وفي رواية }..فضراب للنساء , انكحي أسامة { إذن , فهذه مشاورة من النبي r ذكر فيها شخصين وذكر في كل شخص ما يمنع من تزويجها به , ذكر في معاوية t أنه }..صعلوك لامال له ..{ والصعلوك في لغة العرب ؛ الفقير لايجد شيئا , الآن الصعلوك تغير مفهومه , مفهومه مفهوم آخر ؛ الخبيث , الصعاليك الآن هم الخبثاء , لكن في المتقدم , الصعلوك هو الذي لا مال له ,قال : } ..لا مال له ..{ يعني من أين ينفق عليك , الباءة منها النفقة } ..من استطاع منكم الباءة ..{ فالباءة قد تكون جسمية وأيضا كما أنها تكون جسمية تكون مالية ينفق فيها على أهله , فإن كان فقيرا معدما , فالمرأة حينئذ تحتاج إلى كثير مما يصلح شأنها وتحتاج إلى قوتها وإلى كذا وإلى كذا , فإذا كان فقيرا فإنه لا يحضر لها ذلك , إذا كان معدما , }فأما معاوية فصعلوك لامال له و أما أبو جهم فرجل لا يضع عصاه عن عاتقه { , قال بعضهم : ( يعني من شدة الأسفار دائما ) مربوطة على عصاه وعصاه على عاتقه وهذا كناية على السفر , لكن هذا يرده قوله r في رواية أخرى: }..فضراب للنساء ... { , فإذن لا يصلح لك هذا , لا تتزوجي به أبدا , فذكر في حق كل واحد من الخاطبين ما يمنع من تزوجها به , فالأول الفقر والإعدام والثاني الضرب والإقدام , فهذه من النصيحة , كذلك من النصيحة أن تذهب إلى من له ولاية فتخبره بمن ولاه أمرا من أمور المسلمين ولم ينصح فيه ولم ينصح لهم فيه ولم يقم بما افترضه الله عليه , فإنك إذا ما بلغته ذلك وقلت له إن عاملك فلان ليس بالعادل ولا نعمة ولا كرامة , لا يؤدي إلى الناس حقوقهم لا يقوم بإنصاف المظلوم ممن ظلمه , لا يؤدي كذا لا يؤدي كذا وكنت صادقا في ذلك , فإن هذا ليس بالغيبة وإنما هو سعي في مصلحة عامة وهي مقدمة على المصلحة الخاصة وهي إبقاء ذلك الشخص في منصبه ويكون خائنا لهؤلاء الأمة الذين استرعاهم ذلك الخليفة أو ذلك الإمام أو ذلك الحاكم عليهم بالنيابة عنه , لأن الإسم يقوله حينما يقصر واليه في القيام بأمور المسلمين الذين ولاه عليهم , فإذا مابينت له لترفع له مظلمتك أو مظلمة إخوانك أو ظلم ذلك الرجل أو ذلك العامل أو ذلك الوالي وتساهله , فإن هذا ليس بالغيبة بل هو نصيحة , فإذن لا يفهم من هذا أن هذا وشاية بالعمال أو بالولاة الذين يتولون أو بالأمراء الذين يتولون على بعض المحافظات أو على بعض المناطق إذا لم يكونوا أهلا , فإذا ما بلغ السلطان عن حالهم لولي على المسلمين من هو خير منه , فإن هذا لا يعتبر غيبة بحال من الأحوال .
        5- أيضا من الأمور التي تجوز فيها الغيبة أن يكون الإنسان مجاهرا بفسقه , إذا كان فاسقا مستترا , فاستر عليه يا عبد الله , إذا كان لا يعلم عنه أحد , فاستر عليه وانصحه فيما بينك وبينه عل الله أن يهيه على يديك , فيقلع عن الذنب ويتوب , فيكون لك الأجر العظيم , لكن إذا جاهر بفسقه واعتدى على الناس فإنك حينئذ ترفع أمره إلى الحاكم وتذكر ما فيه , تقول له " والله عن فلانا حرامي , سارق , لص , يقتات على أموال المسلمين وهذا مشهور عنه بين الناس والعامة في قطرنا فاسألهم عنه وقد وجدنا منه إيذاء شديدا , فكفه يا إمام المسلمين عن ظلمه , هذا من النصيحة وهذا من التعاون على البر والتقوى وعدمه أو عكسه من التعاون على الإثم والعدوان أو كأن تعلم مكان جماعة من قطاع الطرق يخيفون الناس في سبلهم وينتهكون أعراضهم , فإنه يجب عليك أن ترفع أمرهم إلى الحكام ليأخذوا على أيديهم ويطبقوا فيهم حكم الله I وتكون حينئذ ناصحا متعاونا على البر والتقوى وإن لم تفعل يخشى عليك أن تكون متعاونا على الإثم والعدوان .
        6 - ومنها أيضا التعريف بصاحب البدعة وتحذير الناس منه ؛ تحذير الناس من المبتدع والتعريف به وإشهاره حتى يحذره الناس هذا مطلب شرعي صحيح مبيح للغيبة , مبيح لك أيها الطاعن أن تقع في عرضه لماذا ؟ لأنه يفسد على الناس دينهم , فإذا كان قد جاز لك أن ترفع أمر اللصوص وقطاع الطرق وغيرهم إلى الحكام ليأخذوا على أيديهم ليأمن الناس ولتسلم الطرق وتأمن من قطعها فإنه يجب عليك من باب أولى وأولى أن ترفع وتكشف الستار عن حال أهل البدعة وأهل المناهج المنحرفة المزايلة لمنهج السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين حتى يحذرهم الناس , بل إن أمر هؤلاء أوجب في كشفه للناس من أمر النوع الأول ؛ قطاع الطرق , بل يحكي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في ( جامع الرسائل والمسائل ) في الجزء الرابع منه أنه ( يجب تبيين ذلك بالإجماع , فإن هؤلاء يقطعون على الناس طرقهم و أولئك يقطعون على الناس دينهم وهؤلاء يفسدون قلوب العباد تبعا ) الذين يأتون ويقطعون الطرق يستحلون بلاد المسلمين ( يفسدون قلوب المسلمين تبعا , أما أهل البدعة فإنهم يفسدون قلوبهم ابتداء ) , فالتتر لما دخلوا بلاد الإسلام أفسدوها ولكنهم ما حرفوا من كان على منهج السلف عن منهجه , أما أهل البدعة فإنهم يحرفون القلوب أولا ثم بعد ذلك يأتي ما هو أهون من هذا , فإذا كان الأمر في مسألة العدو الخارجي أو قاطع الطريق الذي يقطع عليك طريقك في الدنيا ويأخذ مالك يجب أن تبيين حاله وأن تدافعه وأن تحذر الناس منه وتشهر أمره , فما بالك بمن يقطع على الناس الطريق الموصل إلى الله I يقطع عليهم منهجهم الذي يسيرون عليه إلى الله I , وهذا محل إجماع يحكي فيه شيخ الإسلام ابن تيمية الاجماع عن جميع العلماء أن هذا محل إجماع ؛ كشف حال المبتدعين والطرائق الضالة وأهل الأهواء , هذا محل إجماع , وقد ورد فيه أثر ضعيف عن عمر ابن الخطاب t أنه قال : ) أترعوون عن ذكر الفاجر , اذكروه بما فيه حتى يحذره الناس ( وأيضا ورد عن الإمام الحسن البصري رضي الله تعالى عنه وأرضاه أنه قال : ) ثلاثة ليس لهم غيبة ؛ صاحب هوى وسلطان جائر والفاسق المجاهر بفسقه [7]( إذن هؤلاء ليست لهم غيبة لأنه إذا كانت أعراضهم محترمة , كيف يتوصل إلى الناس بالتحذذير منهم لابد نحن بين أمرين كلاهما ضرر , إما أن نهتك عرضه وهذا محرم وإما أن نسكت فنكن غاشين للناس وهذا محرم , فماذا نفعل ؟ إنه يجب علينا أن نبين حاله للناس بإجماع العلماء في هذا , ذلك أننا حينما نبين حاله نكون قد ارتكبنا أخف الضررين وفعلنا أدنى المفسدتين وارتكاب أخف الضررين وأدنى المفسدتين درءا للعظمى والأخرى الكبرى , هذا مطلب شرعي صحيح مباح , والأدلة عليه معروفة بل أطبق السلف رحمهم الله تعالى , قال الإمام الأوزاعي رحمه الله : ) ثلاثة ليس لهم غيبة ...( وذكر الثلاثة الذين سبق ذكرهم )...المبتدع والسلطان الجائر والفاسق المجاهر ( وأيضا قال محارب ابن دثار رحمه الله تعالى ورضي عنه حينما سئل عن غيبة الرافضة )...هل لهم غيبة ؟..( استفسر وعجب فقال : )..إنهم إذن لقوم صدق !!!( يعني إذا لم تستحل غيبتهم أو إذا لم تحل غيبتهم , فهم قوم صدق وهم عدول , معنى هذا ماذا ؟ كل من يذكر هذا الأثر من أهل العلم , قالوا أنه قاله رحمه الله منكرا على ذلك السائل أن جعل الرافضة في منزلة الصديقين , الذين لا تجوز لهم غيبة أو لا تجوز غيبتهم , إنهم إذن لقوم صدق , يعني مادامت لا تجوز غيبتهم إنهم إذن لقوم صدق , فهم ليسوا كذلك , فمعنى هذا ؛ اغتبهم , لأن غيبتهم من الدين وماذا عندهم ؟ قوم كفروا أصحاب رسول الله r ونسبوا الإفك إلى بيته r وإلى عرضه وفراشه الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها , فرموها بالزنا , وأنها لم يقم عليها الحد وأن قائمهم سيقوم ويجلدها الحد ماذا بعد هذا ؟ تشكيك في القرآن وأنه ناقص , وأن الذي بين أيدينا ما فيه حرف واحد مما هو في مصحفهم , ماذا بقي لهؤلاء من الدين ؟ إذن إنهم لقوم صدق !!! إذا كنت لا ترى غيبتهم كأنه يذكر هذا منكرا عليه بل أعظم من هذا سئل الإمام احمد رحمه الله تعالى كما في الآداب الشرعية وهذه المسألة لابد من بيانها , لأن كثيرا من طلبة العلم بل سمعت بعض الإخوة و جاؤوا يذكرون لي هذه الفتوى يذكرون من يفتيهم بمصادفة الرافضة , قال الإمام احمد رحمه الله تعالى كما حكاه الإمام ابن مفلح في كتابه ( الآداب الشرعية والملح المرئية ) : ) سأله رجل عن جار له رافضي سلم عليه , يا أبا عبد الله , عن لي جار رافضي أ فأسلم عليه ؟ قال : لا ولا ترد عليه إن سلم { , التسليم منك ابتداء سنة والرد واجب , G وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا S [8] الرد واجب أقل شيء بما قال أو بمثل ماقال , ومع ذلك يفتييه الإمام بالحرمة ويزيده على ذلك قال : " لا , يعني لاتسلم عليه , ولا ترد عليه إن سلم , فما بالنا اليوم نسمع من يرضي الذمة في ديننا ويعطي هؤلاء التنازل عن ديننا , و نتملق , إليهم بل يحثونا به على ذلك , ويقول إنه ليس لنا إلا الظاهر وأي ظاهر ؟ عند هؤلاء ؟ وكتبهم بين أيدينا ( فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب ) خذه واقرأه من أول صحيفة منه إلى آخرها كلامهم في كتاب الله كلامهم في سنة رسوله , طعنهم في الصحابة , رضوان الله تعالى عليهم , ومع هذا يقول ليس لنا إلا الظاهر , ماهو الظاهر الذي ظهر له ؟ سبحان الله العظيم !! كيف يغرر بالناس بمثل هذه الفتاوى إن هذه الفتيا والعمل بها لا يكون إلا في حالة واحدة , أن نكون في بلد أو في مدينة كل أهلها سنة وجاءنا رافضي خبيث إندس بين أظهرنا لا نعلم حاله , نعامله بما ظهر , فإن عرفنا مقامه فليس له عندنا إلا ما علمناه من مقاله , لا و لا ترد عليه إن سلم , فليحذر أولئك الذين يفتون بهذه الفتاوى وليتقوا الله I و لا يكسروا ويحطموا حاجز الولاء وصور الولاء والبراء في صدور المسلمين عليهم أن يتقوا الله وأن يحموا صور الولاء والبراء بسياج من حديد لا يصل إليه واصل , ولا ينتهك حماه , أقول ما قاله محارب ابن دثار منكرا على من سأله أو على من استعظم أمر غيبة الرافضة , قال : إنهم إذن لقوم صدق ! وفي بعض الألفاظ , ضبط , هكذا إنهم إذن لقوم صُدُق وما أبعدهم عن الحاليين , ليسوا بقوم صِدْق , ولا بقوم صُدُق , وأيضا سئل منصور ابن المعتمر رضي الله تعالى عنه عن غيبة الصائم ؟ سأله رجل قال له : إني أكون صائما في رمضان أفأغتاب السلطان ؟ يعني بما عنده من الظلم , قال : لا , قال : أفأغتاب أهل البدع ؟ قال : نعم " شوف السلطان كان لشيء في الدنيا يتعلق بأمور الدنيا , قال : لا , لا تغتبه , مع أنه جائز شرعا , ظلم جار ما عدل جاز ذلك لكن في الدين قال : أفأغتاب أهل البدع , قال : نعم , اغتبهم , لا يجرح ذلك صومك , ولا يؤثر عليك , وفي رواية أخرى عن الحسن البصري رضي الله عنه سئل عن غيبة المبتدع والفاجر ؟ قال : نعم , ولا نعمة عين الفاجر وهذا الأثر إسناده صحيح عن الحسن البصري , سئل عن اغتياب المبتدع والفاجر , قال نعم , يعني اغتبهم , لا يضرك ذلك , لانعمة عين الفاجر فما بالنا اليوم لا نسمع مثل هذه العبارات ولا نسمع مثل هذه الكلمات , الطعن في أصحاب المناهج المنحرفة , الطعن في أهل البدع والضلالة حتى يحذرهم أتباع السنة والجماعة حتى يحذرهم أصحاب المنهج السلفي، ما بالنا نرى اليوم هذا غيبة .أئمتنا لم يروه غيبة الصحابة والتابعون وأتباعهم بإحسان والقرون الثلاثة المفضلة وأئمة الحديث لم يروه بالأمس غيبة ونحن فتح اليوم الله علينا ورأيناه غيبة من أين جاءنا هذا العلم هذه كتب السلف : سنة اللالكائي وسنة الإمام عبد الله وابن بطة في الإبانتين وسنة الطبراني وسنة الإمام أحمد وغيرها وغيرها كلها تقع في أهل البدعة والضلالة ، يقول الإمام أحمد: ( وأهل الرأي مبتدعة ضُلال عندنا ) أهل الرأي الذين يخالفون الآثار ،أهل الرأي مبتدعة ضلال عندنا أعداء الحديث والأثر , الذين يقيسون ويعارضون أقوال النبيr بأقيستهم وعقولهم وآرائهم . أهل الرأي مبتدعة ضلال عندنا , أعداء الحديث والأثر لماذا لا يصَرَّح بمثل هذا ؟ لا. طيب يأتيك شخص ويقول إنه ليس بينك وبين الروافض خلاف ليس بينك وبين الشيعة خلاف أي منهج هذا يجمعني مع هؤلاء فإذا ما بينته للناس أو بينت حاله للناس وقلت إن فلانا مبتدع يريد أن يسوي بين الحق والباطل قالوا لك اتق الله هذه غيبة ، أي غيبة هذه؟أتعرف أنت الغيبة ؟إذا ما وضحت للناس أمر شخص أخطأ في كتاب أو في مقال أو في محاضرة نبهتهم على خطئه وبينت زللـه لأن لا يتَّبعون ولأن لا يقبلوا باطله وعليه يُتابعوه قالوا فلان مغتاب للناس، فلان مغتاب للعلماء، فلان يقع في الدعاة فلان فلان إلى أخره .. اسمعوا كلام أهل العلم قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتاب الأذكار وهذا الكتاب ينقل عنه هؤلاء الإخوة كثيراً لكنهم لا ينظرون إلى ما أسفل الصحيفة ، لا ينظرون إلى هذه الكلمات من الإمام النووي لا ينظرون إلى هذا التفصيل والبيان من الإمام النووي، ما أدري جهلوه أم تجاهلوه رأوه أم لم يبصروه لا أدري ذلك ، استمعوا إليه يقول قال رحمه الله :( وأما بيان غَلَط من غَلِط لأن لا يقلَّد وبيان ضَعْفه في العلم لأن لا يُغترَّ به ويُقبل قوله فهذا ليس بغيبة هذا ليس بغيبة بل نصيحة واجبة يٌثاب فاعلها عليها إذا أراد ذلك وكذا إذا قال المصنف ـ يعني مصنف الكتاب الذي يصنف كتابا يرد به على من أخطأ ـ وكذا إذا قال المٌصنِّف أو غيره قال جماعة كذا أو هذا غَلَط أو هذا خطأ أو هذا جَهَالة أو هذه غفلة ونحو ذلك فهذا كله ليس بغيبة ) أين نحن من كلام هؤلاء ؟ أين نحن من كلامهم ؟ نأخذ ما نشتهي وندع ما لانشتهي ! نأخذ ما كان لنا وندع ما كان حجة علينا ! ثم نحكم على الناس بقلوبهم , ونياتهم ومقاصدهم ! أنت تقول قولا وكونك ناصح أو غير ناصح هذا يعلمه الله , تحاسب أنت عليه عند الله , لكن الذين يستفيدون بسبب كلامك هذا ، هذا هو الطريق الصحيح حتى لا يقعوا في الخطأ الذين وقع فيه الأول وحتى لا يَقبلوا منه باطلا ولألايُتابعوه على زلَّته فحينئذٍ تكون ناصحا لهم فيستفيدوا هم بكلامك أما مقصدك أنت فهذا علمه عند الله لا يحل لأحد في حال من الأحوال أن يحكم على نيتك ومقصدك ، أين هؤلاء المتكلمين ؟ أين هم من كلام هؤلاء ؟ هذا ما تيسر لي جَمعُه وفي الحقيقة تركت ما هو أكثر وإن متَّع الله في العمر أرجو أن تكون هذه المحاضرة نواة لكتاب يُفَصَّل فيه ما تكلَّم به السلف من الغيبة المباحة أما عموم الغيبة فقد تكلَّم فيها كثير من الناس وغَصَّت المكاتب بكثير من الرسائل ، لكن ما يباح من الغيبة قلَّ من تكلَّم فيه والذين تكلَّموا فيه لم يعطوه حقه وأسأل الله I أن يوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه وأن يجعلني وإياكم ممن أخلص لله Iفي قوله وعمله و أن يجعلني وإياكم ممن نصح لله ولكتاب الله ولرسول الله r ولأئمة المسلين وعامتهم وما حملني على الاستطالة والاستطراد في الأخير إلا أننا سمعنا في الآونة الأخيرة ترديد وإطلاق لفظ الغيبة على عَواهِنه وعدم التفصيل في ذلك وبسط الكلام في المقام وبيان الجائز من غير الجائز والممنوع من المشروع ورمي الأدلة أو الإستدلال بالأدلة على عموماتها حتى فُهِم منها ما ليس بصحيح . وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان والحمد لله رب العالمين .


        [1] (النساء : 148 )

        [2] (النساء : 148 )

        [3] (حسن ) : إرواء الغليل 1434 و سنن أبي داود 3628 وسنن ابن ماجة 2427 و سنن النسائي 4689و4690 وصحيح الجامع الصغير 5487 , قال البيهقي في سننه الكبرى عقب هذا الحديث : قال سفيان( يعني عرضه أن يقول ظلمني في حقي وعقوبته يسجن ) , وقال ابن أبي شيبة في مصنفه عقب هذا الحديث : ( قال وكيع : عرضه شكايته وعقوبته حبسه ) , وقال ابن حجر : (اللي بالفتح المطل لوي يلوي والواجد بالجيم الغني من الوجد بالضم بمعنى القدرة ويحل بضم أوله أي يجوز وصفه بكونه ظالما .... وقال سفيان عرضه أذاه بلسانه وقال أحمد لما رواه وكيع بسنده قال وكيع عرضه شكايته وقال كل منهما عقوبته حبسه واستدل به على مشروعية حبس المدين إذا كان قادرا على الوفاء تأديبا له وتشديدا عليه كما سيأتي ..) , قال النووي : (اللى بفتح اللام وتشديد الياء وهو المطل والواجد بالجيم الموسر قال العلماء يحل عرضه بأن يقول ظلمني ومطلنى وعقوبته الحبس والتعزير ..) , قال ابن حبان كتاب الدعاوى : (ذكر استحقاق الماطل إذا كان غنيا للعقوبة في النفس والعرض لمطله ) ثم ذكر الحديث .

        [4] (النساء: 148 )

        [5] ( صحيح ) : صحيح الجامع 6714 , إرواء الغليل 1303 و1313 و1391 و1743 و1890 وسنن أبي داود 3594 وسنن الترمذي 1352 .

        [6] (الحجر : 9 )

        [7] أورده العلامة الألباني رحمه الله وقال فيه ( ضعيف ) ولكن بلفظ : ثلاثة لا تحرم عليك أعراضهم: المجاهر بالفسق و الإمام الجائر و المبتدع . قال رواه ( ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة ) عن الحسن مرسلا انظر ضعيف الجامع برقم 2590.


        [8] (النساء : 86 )

        تعليق


        • #5
          رد: الغيبة وأحكامها لفضيلة الشيخ دكتور: محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى

          - الأسئلة:

          السؤال الأول : هذا سائل يقول أن الغيبة أو إن الغيبة أو ذكِّر النساء بما هن فيه من أمر الغيبة في مجالسهن وفي مكالمتهن في الهاتف وفي غير ذلك ؟
          جواب الشيخ حفظه الله : أظن أن الكلام كله على الغيبة يذَكِّرهن ، الكلام كله في الموضوع يذكرهن .
          السؤال الثاني: الأخ يقول قرأت الرسالة التي ذكرت وهي ( رفع الريبة ) للشوكاني وكأنني فهمت منه أنه لا يجوز الغيبة إلا في مسألة رجال الحديث فقط ؟
          جواب الشيخ حفظه الله : الرسالة هي مخصصة للأنواع التي ذكرها الإمام النووي رحمه الله تعالى أو الأسباب التي تبيح الغيبة وكان قد ذكرها الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه لصحيح مسلم في شرحه المشهور على صحيح مسلم حتى إن الإمام الشوكاني رحمه الله قال : وقد عد َّ الإمام النووي في شرح مسلم وذكر ثم بعد أن انتهى من كلامه بدأ يناقشه. فهي عامة وكلامنا الذي ذكرناه في الأنواع الستة وغيرها هو كله كلام الإمام النووي فلا تفهم هذا فأرجع إذا كنت فهمت هذا وراجعها .
          السؤال الثالث: نسمع عبارة ( أعراض العلماء ) ونسمع تفاسير كثيرة لها فما معناها في ميزان الشرع وما ضوابطها وهل الكلام في أخطاء الدعاة انتهاك لأعراضهم ؟
          جواب الشيخ حفظه الله : أظن أني أشرت إلى طرف من هذا أما العلماء هنا في بلدنا إذا أُطلِق العلماء فَهُم أهل الفُتيا ممن عرفناهم واشتهروا بهيئة كبار العلماء أو غيرهم ممن ليس في الهيئة وهم من العلماء البارزين المعروفين هؤلاء هم العلماء ، إذا أُطلق لفظ العلماء لا ينصرف إلا إلى هؤلاء هذا هو المعروف . و آخرون لهم أهداف أخرى وأغراض أخرى تُفهم من مقالاتهم، نقول إن من طعن في العلماء الربانيين بقية السلف الموقعين عن رب العالمين هذا نبرا إلى الله منه . فأضرب لكم مثال من طعن في سماحة والدنا وشيخنا العلامة المحقق المحدث عبد العزيز بن باز وقد سمعنا فيه الطعون بكثرة في أثناء فترة أحداث الخليج بل قد قيل في مجلسي ( إنه ما أبقى في وجهه قطرة من الحياء ) إذ أفتى بجواز الإستعانة . أقول لكم ذلك لا أقول لكم قال لي فلان بل في مجلسي والحمد لله فقد أعنني الله على نفسي وتغلبي عليها وطردت ذلك الشخص فالحمد لله على توفيقه إذا طعن شخص في مثل هذا ماذا يرجى منه إذا جاءنا شخص يطعن في العلامة ابن عثيمين ماذا يرجى منه إذا جاءنا يطعن في العلامة التويجري ماذا يرجى منه إذا جاءنا شخص يطعن في العلامة عبد الرزاق عفيفي ماذا يرجى منه إذا جاءنا شخص يطعن في العلامة ابن فوزان ماذا يرجى منه. إن هؤلاء قد سمعنا الطعون منهم بكثرة فمن متستر منهم بها مختفي ومن مظهر لها وناشر بل وقع من بعضهم التكفير .أنقل لكم ذلك فقد جاء ذلك في كتاب من الكتب إسمه ( كشف تلبيس علماء إبليس ) يكفر فيه سماحة الوالد الشيخ ابن باز رحمه الله وقد قرأته عليه بنفسي في جمع قريب من هذا يقول فيه هذا الرجل ( رأس الردة وعمود الكفر وقائد مسيرة التبريرات لحكام آل سعود عبد العزيز بن باز ) ماذا يرجى من هؤلاء ، إن هؤلاء ليس والله لهم عندنا إلا الطرد وإخراجهم بل إقامة الحد الذي يستحقونه إن الطعن في هؤلاء العلماء المقصد منه قلة الثقة ونزع الثقة فيهم من قلوب الناشئة فإذا انتزعت الثقة من هؤلاء وأنهم علماء السلاطين وأنهم أتباع السلطان كما في بعض المقالات التي رأيتها نشرت في بعض المجلات أنهم علماء السلطان وأنهم يطبلون ويزمرون للسلطان وأنهم يجرون خلف السلطان وأنهم لا تأخذ عنهم الفتيا لأنهم أعماهم التزلف والتملق من السلطان وأنهم وأنهم لأنهم ليسوا شجعان .ماذا يرجى من هؤلاء من الخير إن الطعن في هؤلاء عندنا ، طعن في المنهج السلفي فإن هؤلاء حَمَلةُ رايته ورَفَعَة شعاره والذَّابين عن مناره فإذا سقطوا سقط المنهج الذي يحملونه وسقطت الدعوة التي يدعون إليها فالطعن بمن طعن بهم أولى و أليق وأوفق وهو فاسق فاجر . هؤلاء هم العلماء أما مسالة البيان للخطأ من العالم للعالم ومن طالب العلم لطالب العلم ومن الداعية للداعية فهذا أمر واجب لابد من النصيحة ولابد من بيان الخطا حتى لا يقلده فيه الناس وحتى لا يقعوا في الخطأ مثله فإذا اشتهر الخطأ وجب رده شهرة لأن نفع الناس مقدم على المصلحة الخاصة أما إذا كان الخطأ خاص بذلك الشخص فإنه يحرم عليك أن تنشر خطأه وأن تظهر عيبه بل يجب عليك أن تأتيه بيته وأن تنصح له فيما بينك وبينه علَّ الله أن يهديه . أما إذا نشره فالمصلحة العامة التي تفيد عامة المسلمين مقدمة على مصلحته الشخصية هو فلا بد من البيان للعامة ثم بعد ذلك يبين له هو فإن رجع كان بها وإن لم يرجع لعل له تأويل أو أن الأدلة عنده كانت سائغة فلا يعدم إن شاء الله الأجر أما عامة الناس يبيَّن لهم الصواب بإذن الله وأما مسألة تبيين ما وقع عند الدعاة من الخطأ فإن هذا يبيَّن واجب لماذا لأن الجميع يدعون إلى الله فإذا وقع عند بعضهم انحراف فيما دعا فيه وجب أن يصان طريق الدعوة إلى الله ويبيَّن للناس الخطأ حتى لا يظنوا أن طريق الدعوة أو أن هذا هو الصواب فيضلوا بسبب ذلك الداعية هذا هو الواجب على الجميع ويجب ألا يقع في نفوس أولئك ويجب أيضا ألا يحمل الذين يحذِّرون من الخطأ ألا يحملهم ذلك على مجاوزة الحد أو بيانه فيما إذا لم يطلب منهم ذلك.
          السؤال الرابع: ما هو الفرق بين الغيبة المحرمة وبين النصيحة التي فيها التحذير للمسلمين من شر من استبان شره بالأدلة ؟
          جواب الشيخ حفظه الله : هذا الكلام الغيبة المحرمة التي ذكرناها و أما التحذير للمسلمين فأن يقال فلان قال في المسألة الفلانية كذا وهذا خطأ وهذا باطل وهذه غفلة منه كما سمعتم كلام النووي وهذه غفلة وهذه زلة قد بينها أهل العلم وأهل العلم على خلافها والأدلة الشرعية من كتاب الله ومن سنة رسول اللهr على خلافها ثم تقيم الأدلة حتى يحذَر الناس هذا أما إذا لم بكن كذلك فحينئذ تكون غيبة محرمة أما أهل البدع الذين عرف عنهم أصلا انحرافهم في مناهجهم فهؤلاء لابد من بيان حالهم للناس حتى وإن لم تُسأل عنهم ، قال الإمام أحمد فيما راوه الآجري عن شيخه الإمام أبي داود قال سئل الإمام أبو عبد الله عن رجل من أهل السنة يجلس إلى مبتدع أفأهجره لا أكلمه ؟ فقال أبو عبد الله : لا حذِّره منه هو ما طلب لكن أن تراه وعرفته مبتدعاً حذره منه بين له أنه مبتدع ثم إن رأيته بعد ذلك يماشيه فألحقه به، لا يُماشي المبتدع إلا مبتدع ، فكيف بالمُدافع عنه ، هذه أشد وأنكى وأطم وأدهى المدافع أشد من المماشي فهذا لابد من هتكه وبيانه للناس حتى يحذروه لأن منهجه ليس بصحيح ، منهجه خاطئ أو خطأ حتى لا يعتدَّ الناس به ويروه إماماً يقلدونه أو يرونه داعية يقلدونه كالصوفية وأشباههم ومن يتعاطفون مع الروافض ويدافعون عنهم هؤلاء ليسوا دعاة هداية بل هم دعاة شر وبدعة يجب البيان لحالهم وتحذير الأمة والناشئة منهم فإن هذا هو طريق السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين .
          السؤال الخامس: سائل يقول قرأت في أحد الكتب لابن الوزير رحمه الله نقلا عن أحد المعتزلة قوله : (و لابن معين في الرجال مقالة سيسأل عنها والمليك شهيد )
          جواب الشيخ حفظه الله : طبعا هؤلاء أهل بدعة الإمام أحمد وابن معين ابن المديني والإمام الزهري وغيرهم وغيرهم والثوري وغيرهم هؤلاء أئمة الحديث وقعوا في أهل البدعة وطعنوا فيهم إلا تسمع حتى الأعراب طعنوا في أهل البدعة وطعنوا في منهج المعتزلة والجهمية كما يقول عبد الله بن المبارك حينما دخل أعرابي مدينة تِرمِذ والجهم بن صفوان قاعد فيها ، في هذه المدينة في جلسة من المجالس يعلِّم من كان حوله يقول لهم : ( ألا إن الله سبحانه وتعالى سميع بلا سمع بصير بلا بصر عليم بلا علم ) ينشر فيهم مذهب الجهمية فتعجب ذلك الأعرابي وأنشأ في الحال قوله :
          أَلاَ إِنَّ جَهْمـاً كَافِـرٌ بَانَ كُفْرُهُ *** وَمَنَ قَالَ يَوْماً قَوْلَ جَهْمٍ فَقَدْ كَفَرْ
          لَقَدْ جُنَّ جَهْمٌ حِينَ سَمَّى إِلَهَـهُ *** سَمِيعـاً بِلاَ سَـمْعٍ بَصَيراً بِلاَ بَصَرْ

          عَلِيمـاً بِلاَ عِلْمٍ رَضِياً بِلاَ رِضَى *** لَطِيفـاً بِلاَ لُطْفٍ خَبِيراً بِـلاَ خَبَرْ
          أَيُرْضِيكَ أَنْ لَوْ قَالَ يَا جَهْمُ قَائِلٌ *** أَبُوكَ امْرُؤٌ حُـرٌّ خَطِيرٌ بِـلاَ خَطَرْ

          مَلِيحٌ بِلاَ مُلْحٍ بَهِـٌي بِلاَ بَـهَاءٍ *** طَوِيلٌ بِلاَ طُـولٍ يُخَالِفُـُه القِصَـرْ

          عَلِيـم ٌبِلاَ عِلْمٍ رَضِيٌّ بِلاَ رِضَى *** فَبِالْعَقْلِ مَوْصُوفٌ وَبِالْجَهْلِ مُشْتَهَرْ
          جَوَادٌ بِلاَ جُـودٍ قَوِيٌّ بِلاَ قُوَى *** كَبِيرٌ بِـلاَ كُبْرٍ صَغِيرٌ بِـلاَ صِغَـرْ

          أَمَدْحـاً تُرَاهُ أَمْ هِجَاءاً وَسَبَّـةً *** وَهُزْءً كَفَـاكَ اللهُ ياَ أَحْمَـَق الْبَشَرْ
          فَإِنَّـكَ شَيْطَـانٌ بُعِثْتَ ِلأُمَّـةٍ *** تُسَيِّرُهُـمْ عَمَّـا قَرِيبٍ إِلَى سَقَـرْ

          قال عبد الله بن المبارك فلقد نفع الله بأبيات ذلك الأعرابي وانفض من حول جهم ناس كثير فإذن شخص عرفت منهجه وأنه مبتدع وجب عليك أن تحذر الناس منه فمن كانت هذه حاله يحذر منه ويقبل كلام أهل السنة في أهل البدعة لا العكس فأهل البدعة لا يقولون إلا بهوى أما أهل السنة فإنهم يقولون بالحق بإذن الله سبحانه وتعالى وبه يعدلون ولا يحملهم على الغيبة إلا الأغراض الشرعية التي ذكرنها لكم . كيف بإمام من إمامهم يحيى بن معين رحمه الله تعالى فإذا كانوا هؤلاء الخصماء يعني الذين تكلم فيهم بسبب البدعة فهؤلاء ليسوا خصوما لأنه بين حالهم من أجل الذين وأما عن كان هؤلاء يشنِّعون عليه أو هذا القائل يشنع عليه بسبب طعنه في الرواة رواة الحديث ونقلة الحديث فهذا كما قلنا لكم يعني الوقوع فيهم مفسدة وترك الوقوع فيهم مفسدة عظمى أو مفسدتها أعظم فقد أجاب أيضا هو وقد كتبها السائل هنا قال لأن يكون هؤلاء خصمائي عند الله يعني الذين طعنت فيهم إما للدين أو للرواية أن يكن هؤلاء خصمائي عند الله يوم القيامة خير وأحب إلي من أن يكون خصميَ رسول الله r لماذا يكون خصمك الرسول لأنك عرفت أن هذا كذب عليه ولم تقل كذب عرفت انه من وضع فلان الكذاب ولم تقل فلان كذاب وضع هذا الحديث ، عرفت أن هذا الحديث من رواية فلان سيئ الحفظ أو الذي يروي المناكير ولم تبين هذا للناس فعملوا به بإعتبار أنه من السنة النبوية فأدخلوا في الشرع ما ليس منه فحينئذ يكون خصمك النبي r ولأن يكون هؤلاء خصمائك أحب إليك من أن يكون خصمك النبي r لأنك لم تدافع ولأنك لم تذُبَّ عن دينه .
          السؤال السادس: أيهما أفضل النصح في السر أم النصح في العلانية أمام الناس ؟
          جواب الشيخ حفظه الله : هذا قد أجبنا عليه سابقا إن كان الأمر خاصا به أو قاله في جلسة خاصة فلا يحل لك يا عبد الله أن تَشْهَرَه ولا يحل لك يا عبد الله أن تذكره ببين الناس وتفضحه به فيجب عليك أن تكتمه وأن تستره حتى تتهيأ وتتسنى لك فرصة وتأتي إليه فتنصحه لأن هذا فيما بينك وبينه ولم يطلع عليه أحد وإن كان أمام الناس فحينئذ الخطأ ظاهر وقد بينا الكلام في هذا .
          السؤال السابع: إذا كان شخص ينضم إلى جماعة ضالة ولكن لم يظهر عمله ذلك أمام الناس فهل يجوز إخبار الناس عنه للحذر منه ؟
          جواب الشيخ حفظه الله : نعم أنا أقول لكم ذلك شخص ألف كتابا يدافع فيه ويحمل فيه على علماء هذه البلاد، يدافع فيه عن دعوة الشيعة وعن الرافضة الإمامية الإثنا عشرية، يدافع عنهم ويبرئهم في ينسبونه ويقولونه في كتبهم يدافع عنهم في مسألة نقص القرآن، يدافع عنهم في مسألة تكفيرهم للصحابة، يدافع عنهم في مسألة طعنهم في عِرْض النبي r ، يدافع عنهم في كذا في كذا ..مما هم يقولون به ويسطرونه في كتبهم ويأتي بعد ذلك ويدافع عنهم ويقول إنَّ الخلاف ببيننا وبينهم خلاف فرعي كالخلاف بين المذاهب الأربعة، خلاف بسيط ثم يتهجم على علماء هذه البلاد وعلى أئمة الدعوة السلفية ويصفهم بأنهم يعملون هذا لصالح من ؟ أ لصالح إمام المسلمين وخادم الحرمين ؟ هؤلاء دنسوا منبر رسول الله r كذا وكذا وكذا ...إلى آخره لماذا ليبين أننا ليس بيننا وبين الشعية الرافضة الإمامية أي فرق وأن الفرق بيننا وبينهم ليس في الأصول وفي العقيدة وأنه إنما هو في الفروع وأنه إنما هو كمسألة الخلاف بين الشافعي والحنبلي والمالكي في المسائل الفرعية . أقول كذب ، هذا كاذب دجال ضال مضل والكتاب هذا اسمه ( موقف علماء المسلمين من الثورة الإيرانية ) ، هذا ضلال في ضلال يجب أن يُهتك سِتر صاحبه وأن يحذر للناس وان يبن أمره لأنه يدافع بالباطل ويدافع عن أمر قد استقر الكلام عليه بل أصحابه أهل الباطل لا ينكرونه فخذ إن شئت ( الكافي للكليني ) تعال لنريك إياه وخذ إن شئت ( فصل الخطاب ) تعال لنريك إياه وخذ إن شئت ( الحكومة) تعال لنريك إياه وخذ إن شئت كذا تعال لنريك إياه وخذ وخذ وخذ و ... مع هذا ما يجد أمامه هنا سبيلا للدفاع قال إن هذه الأقوال قد انقرضت ولا يوجد من يقول بها سبحان الله ‍‍‍.!‍ الخميني يقول بالأمس إن لأئمته لديه من العصمة ما ليس لملك مقرب ولا لنبي مرسل عجيب انقرض هذا ؟ هذا تكذيب ردٌّ عَليك عندما تقول إنهم انقرضوا أو انقرضت هذه الاعتقادات . شخص آخر يأتي ويقول حينما تسأله سائل فتقول له ما رأيك فيمن يقول بل سمعت هذا الشيخ صالح السحيمي سأل شخصا فقال له ما رأيك لو قلت إن لدينا لأئمتنا من العصمة ما ليس لملك مقرب ولا لنبي مرسل فقال تكفر أنت مرتد كافر قال ما رأيك لو قالها الخميني في حكومته الإسلامية قال أمره إلى الله سبحان الله قال فقلت له : سبحان الله الخميني أمره إلى الله وأنا مرتد على طول فقال نعم لأن الخميني جاهد والله I يقول : ] وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [ انظر إلى الفقه إذن هذا أمين على أن يربي ناشئا هذا يجب عليك يا عبد الله أن تحذر الناشئة منه يدافع عن الخميني الخبيث الذي له كعبة يطاف بها ويقع أنت فيك أيها السني المسلم الحنيفي ويحكم عليك يالكفر لو قلت هذه المقالة أين العدل إذن كل من كانت مذاهبهم من هذا فخذ عليه وقس ،كل من كان هذا فخذ عليه وقس فلا بد من التحذير من أهل البدعة والضلالة حتى لا ينجر الناس في ركابهم. واكتفي بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وأخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين .





          - الفهرس :

          المقدمة .................................................0 2
          تفسير الغيبة .............................................04
          حكم الغيبة ..............................................05
          حكم سماع الغيبة .......................................16
          ما الواجب على من سمع الغيبة ...........................26
          الأسباب الغير الشرعية للغيبة ............................28
          الأحوال التي تجوز فيها الغيبة ............................35
          الأسئلة ................................................61
          الفهرس ................................................72

          تعليق

          يعمل...
          X