إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

تذليل العقبات بإعراب الورقات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [دراسة متن ] تذليل العقبات بإعراب الورقات

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
    أما بعد
    فقد عزمت مستعينا بالله تعالى على البدء في إعراب متن الورقات لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني – رحمه الله تعالى- والتحشية عليه بما تيسر، وهو كتاب قال فيه شارحوه: " كتاب صغر حجمه، وكثر علمه، وعظم نفعه، وظهرت بركته"[1] وكان هذا تلبية لرغبة بعض الإخوة في ذلك، وقد كنت قدَّرْتُ في نفسي أن أكتفي بإعراب المتن وأن أترك الشرح للشراح؛ حيث أن هذا هو المطلوب فكتبت شيئا على هذا التقدير، وفي أثناء ذلك كنت أرجع إلى الشروح والحواشي: لألتقط من فوائدها، وأغتنم من فرائدها؛ كما كنت أصنع من قبل ذلك حين صنعت النسخة المصححة من المتن؛ فرأيت أن أقيد شيئا من هذه الفوائد والدرر، وأنثرها بين ما أكتبه، وإن أدى ذلك إلى طول الشرح وخلط الأصول بالنحو.
    فإن قلت: الاختصار أفضل.
    قلت: الاختصار كثير والحصول عليه يسير، ولو كان كل من يكتب يكتب اختصارا، لكان تَكرارا، لا يختلف إلا بالسياق أو العباره، فدعني أصنع لك حاشية لا كالحواشي، أعيذها بالله من كل واشية وواشي.
    هذا، ومن منهجي في العمل:
    1- أن أكتب الفقرة المراد شرحها من المتن باللون الأحمر الثقيل.
    2- ثم أبدأ بإعرابها كلمة كلمة، وأضع كلَّ كلمةٍ في أول السطر بين قوسين وأميزها بالخط الأحمر الثقيل وبوضع خط تحتها، ثم أعربها في أول مرة إعرابا تفصيليا حتي لو كان إعرابها واضحا، فأقول مثلا: (مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره)، وهكذا، فإذا تكرر مثل هذا قلت: (مبتدأ) ولا أزيد إلا أن يكون الإعراب تقديريا أو محليا أو فيه إشكال فأنص عليه.
    3- لا أعني بالإعراب التفصيلي ذكرَ كل وجوه الإعراب المحتملة، بل لا أعني بها إلا ما سبق وانظر التالي.
    4- قد تحتمل الكلمة وجهين أو أكثر من وجوه الإعراب فاعلم أنه ليس من شَرطي ذكرها كلها، بل لا أذكر إلا ما حضرني منها، فإن اتفق لك وجه لم أذكره فاعلم أني لم أذكره لإحدى ثلاث:
    الأولى- أني أجهله.
    الثانية- أني تركته عمدا لعدم تيقني منه.
    الثالثة- أني تركته مخافة التشويش على القارئ، إلا في البسملة؛ فإن العلماء قد كفَوْني أمرها؛ فأنا فيها تابع لا غير ويقتصر عملي على توضيح ما قالوه بما يناسب المقام.
    5- بعد الإعراب أذكر المعنى على وجه الاختصار.
    6- أشرع بعد ذلك في فقرة عنوانها: [قال صاحبي] وفيها أذكر: الفوائد المستخرجة، والزوائد المستنبطة، وأُورِدُ فيها من الإشكالات التي قد تعترض الطالب؛ فتسبب سوء الفهم أو عدمه، بطريق الحوار بيني وبين صاحبي حتي يزول الإشكال والإيراد، ويتضح المعنى المراد.
    واعلم أن الإشكال المذكور قد يكون على عبارة المصنف وقد يكون على ما يذكره المُحَشِّي، وقد يكون في النحو وقد يكون في الأصول، وقد أطيل في النحو عن الأصول لا سيما إذا كانت عبارة المتن مما لا تحتاج إلى بيان؛ لأن المتن قد خُدِمَ في جانب الأصول بما لا مزيد عليه ولا كذلك في باب الإعراب والنحو؛ فلهذا قد أترك بعض الفقرات دون الإطالة في بيانها من جهة الأصول، بل لا تكون الإطالة إلا من جهة النحو؛ فلا وجه لمعترض بعد ذلك أن يقول: المتن حَالِ[2] والشرح خالي.
    والله الموفق
    وقبل الشروع في المقصود رجاءا حمل نسختين مصححتين من متن الورقات من هنا:

    وهذا أوان الشروع في المقصود بعون الملك المعبود




    [1] قرة العين شرح ورقات إمام الحرمين للحطاب المالكى 2 بهامش حاشية السوسي على قرة العين ط. المطبعة التونسية

    [2] حال: من الْحِلْيَةِ يقال: حليت المرأة وهي حال وحالية.

  • #2
    رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

    قال المصنف :
    (الباء):حرف جر مبنى على الكسر لا محل له من الإعراب.
    (اسم): مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة الظاهرة وهو (ظرف لغو) متعلق بمحذوف فعل مؤخر مناسب للمقام فعندما تريد أن تقرأ تقدِّر: باسم الله أقرأ، وعندما تريد أن تتوضأ تقدر: باسم الله أتوضأ، وعندما تريد أن تذبح تقدر: باسم الله أذبح[1]، وهكذا. و(اسم) مضاف
    (الله): مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة
    (الرحمن الرحيم): صفتان مشبهتان أو أن (الرحمن) عَلَمٌ و(الرحيم) صفة مشبهة، فعلى أن (الرحمن) صفة مشبهة يجوز فيهما تسعة أوجه هى:
    1- جرهما على أنهما نعتان للفظ الجلالة.
    2- رفعهما أى القطع إلى الرفع على الخبرية لمبتدإ محذوف والتقدير: هو الرحمن الرحيم، فـ(هو) مبتدأ و(الرحمن) خبر و(الرحيم) خبر ثان، أو هو الرحمن هو الرحيم، فـ (هو الرحمن) جملة من مبتدأ وخبر ومثلها (هو الرحيم) وجملة القطع (هو الرحمن الرحيم أو هو الرحمن هو الرحيم) لا محل لها من الإعراب استئنافية.
    3- نصبهما أى القطع إلى النصب على المفعولية لفعل محذوف وجوبا والتقدير: أمدح الرحمنَ الرحيمَ أو أمدح الرحمنَ أمدح الرحيمَ، والجملة الفعلية استئنافية لا محل لها من الإعراب.
    4- جر الأول (الرحمن) على التبعية - نعت لـ (الله) - مع رفع الثانى (الرحيم) أى القطع إلى الرفع والتقدير: هو الرحيمُ.
    5- جر الأول (الرحمن) على التبعية - نعت لـ (الله) - مع نصب الثانى (الرحيم) أى القطع إلى النصب والتقدير: أمدح الرحيمَ.
    6- رفع الأول (الرحمن) أى القطع إلى الرفع على أنه خبر لمبتدإ محذوف والتقدير (هو الرحمن) مع نصب الثانى (الرحيم) أى القطع إلى النصب على أنه مفعول به لفعل محذوف وجوبا والتقدير: (أمدح الرحيم)
    7- نصب الأول (الرحمن) مع رفع الثانى (الرحيم) عكس الوجه السابق والتوجيه يعرف مما تقدم
    8- رفع الأول (الرحمن) على القطع إلى الرفع على الخبرية كما تقدم مع جر الثانى (الرحيم) على التبعية أى على أنه نعت للفظ الجلالة.
    9- نصب الأول (الرحمن) على القطع إلى النصب على المفعولية مع جر الثانى (الرحيم) على التبعية أى على أنه نعت للفظ الجلالة
    وهذان الوجهان الأخيران ضعيفان لأن الإتباع بعد القطع لا يجوز إلا على قول ضعيف.
    وأما الوجه الثانى وهو أن (الرحمن) اسمٌ عَلَمٌ، فلا يصح جعل (الرحمن) نعتا للفظ الجلالة لأن العَلَم يوصف لكن لا يوصف به أى لا يقع صفة لغيره، و(الرحمن) على هذا الوجه بدل من لفظ الجلالة أو عطف بيان ويجوز على هذا الوجه ما يأتى:
    10- (الرحمن) بدل من لفظ الجلالة أو عطف بيان مجرور مثله و(الرحيم) نعت لـ (الرحمن) مجرور مثله ولا يجوز جعله نعتا للفظ الجلالة لئلا يتقدم البدل أو عطف البيان على النعت، والتوابع إذا اجتمعت تقدم النعت على غيره.
    11- (الرحمن) بدل أو عطف بيان مجرور و(الرحيم) مرفوع على الخبرية أى القطع إلى الرفع على أنه خبر لمبتدإ محذوف والتقدير: هو الرحيم
    12- (الرحمن) بدل أو عطف بيان مجرور و(الرحيم) منصوب أى القطع إلى النصب على أنه مفعول به لفعل محذوف وجوبا والتقدير: أمدح الرحيم
    [قال صاحبي]

    قال صاحبى: لماذا قدرت متعلَّق (بسم) فعلا[2] ؟
    قلت: لأن الأصل فى العمل للأفعال.
    قال: ولماذا قدرته مؤخرا مع أن الأصل أن يُقَدَّرَ مقدما كسائر العوامل مع معمولاتها كما قال ابن هشام[3].
    قلت: الأصل فى المتعلَّق أن يقدر مقدما إذا كان اسما، أما إذا كان فعلا فيلزم تقديره مؤخرا لأن الخبر إذا كان فعلا لا يتقدم على المبتدإ.
    قال: فما فائدة تقديره مؤخرا ؟
    قلت: لفائدتين :
    الأولى - التبرك بالبداءة باسم الله سبحانه و.
    الثانية - إفادة الحصر؛ لأن تقديم المتعلق يفيد الحصر[4].
    قال: ولِمَ جعلته خاصا مناسبا للمقام ولم تقدره كونا عاما ؟
    قلت: لسببين :
    الأول- أن تقديره كونا عاما إنما يناسب من جعل المتعلق اسما فيكون التقدير عنده: (ابتدائي كائن بسم الله الرحمن الرحيم)
    الثاني- أن تقديره مناسبا للمقام أفضل من تقديره كونا عاما لأنه أدلُّ على المراد فلو قلت مثلا – عندما تريد أن تقرأ كتابا -: ابتدائي كائن بسم الله ما يُدرَى بماذا تبتدئ ؟ لكن بسم الله أقرأ يكون أدل على المراد الذى ابتُدِئ به.
    قال: فقولك: "مؤخر" عن أى شئ تأخر ؟
    قلت: الاحتمالات هنا أربعة: أن يكون مؤخرا عن (اسم) فقط، أو عن (بسم الله) فقط، أو عن (بسم الله الرحمن) فقط، أو عن (بسم الله الرحمن الرحيم) أى عن البسملة بتمامها
    أما كونه مؤخرا عن (اسم) فقط فيقع بين لفظ (اسم) ولفظ الجلالة (الله) فيكون التقدير هكذا: (بسم أبتدئ الله الرحمن الرحيم)، فهذا ممنوع للزوم الفصل بين المتضايفين[5] بما لا يجوز به الفصل بينهما.
    وأما كونه مؤخرا عن (بسم الله) فقط أو (بسم الله الرحمن) فقط فهذان وجهان مرجوحان للزوم الفصل عليهما بين التابع والمتبوع بأجنبى والراجح منعه.
    قال: ما (التابع والمتبوع)؟
    قلت: المتبوع هنا لفظ الجلالة (الله)، والتابع لفظ (الرحمن) ولفظ (الرحيم) لأنهما نعتان لاسم الجلالة، والنعت من التوابع كما تعلم، فيكون التقدير فى الأول: (بسم الله أبتدئُ الرحمنِ الرحيمِ)، وفى الثانى: (بسم الله الرحمن أبتدئ الرحيمِ).
    ولم يبق إلا أنه مؤخر عن البسملة بتمامها وليس فيه شئ من هذه المحظورات فيكون التقدير: (بسم الله الرحمن الرحيم أبتدئ أو أقرأ الخ)[6].
    قال: فجعْلُ المحذوف (فعلا) هنا هو تقدير البصريين، والجملة فعلية على هذا التقدير.
    قلت: لا، نعم[7].
    قال متعجبا: وما (لا، نعم) ؟
    قلت: (لا) للأول، و(نعم) للثانى.
    فسكتَ كأنه لم يفهم.
    قلت: أما الأول فقولك: "جَعْلُ المحذوف فعلا هو تقدير البصريين" فأجبتك عليه بـ (لا) أى ليس هذا تقدير البصريين بل هو تقدير الكوفيين.
    وأما الثانى فقولك: "الجملة فعلية على هذا التقدير" فأجبتك عليه بـ (نعم)

    --------------------------------------------------------------------------------
    [1] الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين 1/ 7 ط. دار ابن الجوزى.

    [2] قال ابن هشام: "والحق عندى أنه لا يترجح تقديره اسما ولا فعلا بل بحسب المعنى كما سأبينه" ا.هـ مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب مع حاشية الأمير 2/ 82 ط. دار إحياء الكتب العربية، ومغنى اللبيب تحقيق د. عبد اللطبف الخطيب 5/ 337. ثم بينه بيانا شافيا فاطلبه هناك.

    [3] مغنى اللبيب 5/ 350 ت. د. عبد اللطيف الخطيب

    [4] الشرح الممتع 1/ 7.

    [5] المضاف لفظ (اسم) والمضاف إليه لفظ الجلالة.

    [6] الرسالة الكبرى فى البسملة للصبان 55 ت. فواز أحمد زمرلى وحبيب يحي المير ط. دار الكتاب العربى بتصرف وتوضيح كثير

    [7] سأتعمد فى بعض الأحيان خلط الجِدِّ ببعض الهزل تنشيطا للقارئ، وكسرًا لحِدَّة العِلْمَيْن وصعوبتهما – أعنى النحو والأصول – وترويحا للنفس وإذهابا للملل وإيصالا للمعلومة بطريق غريب وأسلوب مختلف فلعله أن يكون أمكن لها فى النفس.

    تعليق


    • #3
      رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

      قال: ذكرت أن (بسم) ظرف لغو فما معناه ؟
      قلت: الجار والمجرور أو المجرور وحده لا بد له من متعلَّق هو العامل فيه فإن كان هذا العامل خاصا كالأكل والشرب والقراءة والكتابة الخ فهو (ظرفٌ لغوٌ)، وإن كان عاما كالاستقرار سُمِّىَ (ظرفا مُسْتَقَرَّا) بفتح القاف، فإن قدرت هنا: (بسم الله أكتب أو أؤلف) فالعامل[1] خاص فيسمى المجرور هنا (ظرفا لغوا) وإنما سُمِّىَ (لَغْوًا) لأنهم أَلْغَوْهُ حيث لم يجعلوه متحملا ضميرا.
      وإن جعلته عامًّا كان التقدير: (ابتدائى كائنٌ بسم الله الرحمن الرحيم) فيكون (بسم) متعلق بـ (كائن) وهو عام فيسمى الظرف هنا (ظرفا مستقَرًّا) سمى بذلك لاستقرار الضمير فيه بعد حذف عامله فهو فى الأصل (مستقَر فيه) فحذفت صلته اختصارا، أو سمى بذلك لأن عامله (الاستقرار) المحذوف. [التعليل الأول اختيار الدمامينى، والثانى اختيار الشمنى تبعا للرضى][2].
      قال: قد جوَّزْتَ فى (الرحمن) كونه عطف بيان وهذا لا يصح لأن لفظ الجلالة (الله) أعرف المعارف فلا يحتاج إلى تبيين.
      قلت: بهذا اعترض السهيلى فى (نتائج الفكر)[3] وجوابه: أن عطف البيان قد يكون لمجرد المدح كما ذكره الزمخشرى فى {الْبَيْتِ الْحَرَامِ} من قوله تعالى: {جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [المائدة: 97][4].
      قال: فهلا ذكرت لى شيئا مما يخص البسملة مما يتعلق بأصول الفقه
      قلت: اعلم أن الأحكام التكليفية خمسة: الواجب والمندوب والمباح والمكروه والحرام والبسملة تعتريها هذه الأحكام الخمسة فتكون:
      1- واجبة: فى الصلاة لأنها آية من الفاتحة عندنا (الشافعية)
      2- مندوبة: فى كل أمر ذى بال أى: حال بحيث يُهْتَمُّ به شرعا
      3- مكروهة: تكره على المكروه لذاته كالنظر إلى فرج زوجته
      4- حرام: تَحْرُمُ على المحرم لذاته كشرب الخمر
      5- الإباحة: قيل: إنها تباح فى المباحات التى لا شرف فيها كنقل متاع من مكان لآخر[5].
      قال: حسنا، فأخبرنى ألست ترى أن البداءة فى قولنا: (بسم الله) بلفظ: (باسم) لا بلفظ الجلالة: (الله) وكان ينبغى أن تكون البداءة به ؟
      قلت: ليس الأمر على ما زعمت.
      قال: وكيف ذلك ؟
      قلت: اعلم أن كل حكم ورد على لفظ (اسم) فهو فى الحقيقة على مدلوله إلا بقرينة.
      قال: لم أفهم شيئا
      قلت: إذا قلت: (ذكرت اسم زيد) فليس معناه أنك ذكرتَ لفظ (اسم) بل لفظ (زيد)؛ لأنه مدلول (اسم زيد)؛ إذ مدلوله اللفظ الدال عليه وهو لفظ (زيد)
      قال: فلِمَ لا يقال: بالله أبتدئ أو أكتب الخ فتكون البداءة بلفظ الجلالة دون الوقوع في الإشكال السابق ؟
      قلت: لا إشكال بعد الذى ذكرته لك
      قال: نعم لا إشكال، ولكن ما ذكرته أمر خفى لا يعلمه الكثير فيظل الأمر عند من لا يعلمه على الإشكال السابق: وهو أن البدء ليس بلفظ الجلالة بل بلفظ اسم، أما لو قيل من أول الأمر: بالله أبتدئ أو ابتدائى لم يكن فيه هذا الإشكال.
      قلت: بل فيه إشكال أكبر
      قال: وما هو ؟
      قلت: لو قيل: (بالله ابتدائى أو أبتدئ) لم يُعْرَفْ هل يريد بقوله (بالله) القَسَمَ بالله على فعله الذى يبتدؤه؟ أو أنه يتلفظ بلفظ الجلالة متبركا به ومستعينا، فيوقع فى لَبْسٍ هل الباء فى قوله: (بالله) للقَسَم أو للاستعانة؟ فكان المجئ بلفظ (اسم) فيه حل هذا الإشكال مع ما ذكرته سابقا من أن كل حكم ورد على لفظ (اسم) يكون على مدلوله إلا بقرينة
      قال: فالمجئ بلفظ (اسم) هنا للفرق بين اليمين والتَّيَمُّنِ.
      قلت: نعم، أحسنت، وفيه نكتة أخرى
      قال: وما هى؟
      قلت: جئ بلفظ (اسم) هنا ليدل على أن التبرك والاستعانة بجميع أسمائه تعالى
      قال: وكيف ذلك ؟
      قلت: لفظ (اسم) مفرد مضاف فيعم جميع أسمائه تعالى.
      قال: مِنْ أين لك أن المفرد المضاف يَعُمُّ ؟
      قلت: أخذه العلماء من مثل قوله تعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} فـ {كِتَاب} لفظ مفرد وهو مضاف إلى الضمير {نَا} والمراد جميع الكتب التي أحصيت فيها أعمالهم.
      ومنه قوله تعالى: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} وفى قراءة {وكتابه} بالإفراد والشاهد فى قراءة الإفراد حيث أضاف (كِتَاب) وهو لفظ مفرد إلى ضمير الغائب (الهاء) فأفاد العموم فصار معناه: (وصدقت بجميع كتبه) بدليل القراءة الأخرى {وَكُتُبِهِ}.
      قال: أنْظِرْنى ولا تعجلنى، ألست تعلم قوله صلى الله عليه وسلم : "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ". ؟[صحيح رواه مسلم وغيره]
      قلت: بلى
      قال: فقوله: " مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ " مفرد مضاف وهو لا يعم.
      قلت: ولِمَ ؟
      قال: لأن المراد بـ (مسجد الكعبة) المسجد الحرام فقط.
      قلت: من أين لك أن المراد بـ (مسجد الكعبة) المسجد الحرام فقط ؟
      قال: فهل الكعبة فى مسجد آخر غيره ؟!
      قلت: هذا الذى قلتَه إنما جاءك بسبب سوء الفهم.
      قال: وكيف ذلك ؟
      قلت: اعلم أن (الكعبة) تطلق ويراد بها مكة كما قال تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] فالمراد – والله أعلم بمراده – دخول منطقة الحرم لا أن الهَدْىَ يدخل المسجد الحرام حتى يبلغ الكعبة.
      قال: سَلَّمْنَا أن (الكعبة) تطلق ويراد بها مكة فكان ماذا ؟
      قلت: كان ما يأتى: وهو أن قوله صلى الله عليه وسلم :" مسجد الكعبة " صار معناه (مسجد مكة) فـ (مسجد) مفرد مضاف إلى كلمة (مكة) ولما كان المفرد المضاف يعم أخذ العلماء منه أن مساجد مكة كلها التى بداخل الحرم تكون الصلاة فيها بمائة ألف صلاة.
      قال: فهذه فائدة أصولية أخرى وهى أن المفرد المضاف يعم
      قلت: نعم.


      [1] العامل هو: أكتب أو أؤلف

      [2] إعراب الآجرومية للشيخ خالد الأزهرى المسمى (بشرى طلاب العربية بإعراب الآجرومية) 22 ت. عبد الرحمن بن عبد القادر ط. دار ابن حزم.

      [3] نتائج الفكر للسهيلى 42 ت. عادل عبد الموجود وعلى معوض ط. دار الكتب العلمية

      [4] الرسالة الكبرى فى البسملة للصبان 121.

      [5] حاشية البيجورى على شرح ابن قاسم على متن أبى شجاع 1/ 6 ط. دار الطباعة العامرة ببولاق- مصر.

      تعليق


      • #4
        رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

        قال صاحبي: أرأيت قوله: "بسم الله الرحمن الرحيم هذه ورقات الخ" لماذا ترك الحمدلة والتَّصْلِيَةَ ؟
        قلت: التصلية ؟!
        قال: نعم، أعني: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
        قلت: أَوَ تعني التصليةُ ذلك ؟
        قال: نعم.
        قلت: وكيف ذلك ؟
        قال: ألست تعلم أن (فَعَّل) المضعف العين المعتل اللام مصدره (تَفْعِلَة) مثل: زَكَّى تزكية، وروَّى تروية، وورَّى تورية وما لا يحصر ومثله: صَلَّى تصلية ؟
        قلت: هذا جائز من حيث اللغة وإن منعه بعض أئمتها مثل الفيروزأبادي فى القاموس المحيط، والجوهري في الصحاح فإنهما قالا: "صلى صلاة ولا يقال صلى تصلية".
        قال: قد رد ذلك صاحب تاج العروس فقال: "وذلك كله باطل يرده القياس والسماع".
        قلت: قال الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله - :"مَنَعَهُ شرعاً: السعدُ في التلويح وأبو عبد الله الخطاب أول شرح المختصر، وبالغ عن الكتاني: أن استعماله يكون كفراً)) انتهى. وأبطل ذلك الزبيدي فيما ذكره أعلاه.
        وفي ((الجاسوس)) : (قال ابن الإمام الخفاجي: قال في ((شفاء الغليل)) مانصه: في شرح الألفية للأبناسي: التصلية: الإحراق بالنار، ولا يكون من الصلاة على النبي كما توهم، وسئل علم الدِّين الكتاني المالكي: هل يُقال في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -: تصلية؟ فقال: لم تَفُهْ به العربُ، ومن زعم ذلك فليس بمصيب، وصرح به في القاموس. ثم تعقَّبه بما ذكره الزبيدي) اهـ
        قلت [بكرأبو زيد]: لم يكن هذا في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - من هَدْيِ السلف، والتحوط في جانبه - صلى الله عليه وسلم -: أصون، ولاسيما في المشترك لمعنيين متضادين. والله أعلم
        فطريق السلامة، والمحبة والأجر والتوقير والكرامة لنبي هذه الأُمة هو الصلاة والسلام عليه - صلى الله عليه وسلم - عند ذكره امتثالاً لأمر الله سبحانه، وهدي نبيه - صلى الله عليه وسلم"[1]
        قال: فأخبرني لِمَ ترك الحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ؟
        قلت: حاصل الجواب عن ذلك أحد أمور ثلاثة :
        الأول – أنه حمد بلسانه.
        الثاني – أن المراد بالحمد معناه لغة وهو الثناء وهو حاصل بالبسملة فهي تشتمل على الثناء لإفادتها الاستعانة بأسمائه تعالى على وجه الحصر، لا أن لفظ الحمد أو التشهد متعيَّن[2].
        الثالث – أن المراد ذكر الله وهو حاصل بالبسملة[3].
        قال: فهذا جوابك عن ترك الحمدلة فما جوابك عن البقية ؟
        قلت: ليس جوابي بل جواب العلماء.
        قال: لا بأس، فما جوابهم عن البقية ؟
        قلت: هو ما سبق أي أنه أتى بها لفظا[4].
        قال: أأأ
        فبادرته قائلا: كفى ما سبق في البسملة لكي نبدأ في الكتاب.
        قال: حسنا، لا بأس، كفى ما سبق.





        [1] معجم المناهي اللفظية/ بكر أبو زيد/ 187- 188 / ط. دار العاصمة.

        [2] في شرح ابن إمام الكاملية (لأن لفظ الحمد الخ) وهو تصحيف مفسد للمعنى

        [3] حاشية السوسي على قرة العين 5 ط. التونسية، وشرح ابن إمام الكاملية 86 ت. عمر غني سعود العاني ط. دار عمار، وغاية المأمول في شرح ورقات الأصول للرملي 65 ت. عثمان يوسف حاجي أحمد ط. مؤسسة الرسالة

        [4] الشرح الكبير على الورقات لابن قاسم العبادى 11 ت. محمد حسن محمد حسن إسماعيل ط. دار الكتب العلمية


        التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 21-Mar-2016, 04:10 PM.

        تعليق


        • #5
          رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

          قال المصنف - رحمه الله تعالى -:
          " هَذِهِ وَرَقَاتٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَعْرِفَةِ فُصُولٍ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ."

          (هذه): (هَا) حرف تنبيه مبنى على السكون لا محل له من الإعراب.
          (ذِهِ) اسم إشارة مبنى على الكسر فى محل رفع مبتدأ.
          والإشارة إلى ما فى الذهن إن كانت الخطبة قبل التأليف، أو إلى ما كتبه فعلا (فى الخارج) إن كانت بعد التأليف.
          (وَرَقَاتٌ): خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
          (تَشْتَمِلُ): فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هى يعود على (ورقات) أو (هذه) والجملة من الفعل والفاعل يجوز أن تكون :
          - فى محل رفع صفة لـ (ورقات ) أى هذه ورقاتٌ مشتملةٌ؛ وعلى هذا فالضمير يعود إلى (ورقات) لربط الصفة بالموصوف.
          - أو فى محل رفع خبر ثان أى هذه المشار إليها مشتملة؛ وعليه فالضمير يعود إلى (هذه) لربط المبتدإ بالخبر، واختار الحطاب المالكى هذا الوجه فى (قرة العين ص9) حيث شرح قوله: "هذه ورقات" ثم لما وصل إلى قوله: "تشتمل" أعاد المبتدأ فقال: "وهذه الورقات (تشتمل على فصول) ...". فعلق عليه الشيخ السوسي فى حاشيته بقوله: "كأنه إنما أعاد المبتدأ[1] ليفيد اختيار إعراب (تشتمل) خبرا ثانيا، لا صفة لـ (ورقات) وإلا لقال: والورقات[2] تشتمل الخ وكأن اختيار إعرابه خبرا لإفادته الحكم على المبتدإ (بالاشتمال) بطريق القصد لأهميته لا بطريق التبع، تأمل."[3]
          وهو مقتضى صنيع ابن قاوان وابن إمام الكاملية أيضا حيث قالا: "(تشتمل) هذه الورقات (على...)"[4]؛ فأشارا إلى أن الفاعل المستتر يعود على اسم الإشارة (هذه) كما هو ظاهر، بل هذا تصريح وليس إشارة فقط فقولهم: "(تشتمل) هذه" معناه أنك لو أظهرت الفاعل المستتر لكان هو اسم الإشارة (هذه) أو ما يعود عليها، وهذا ظاهر جدا إن شاء الله تعالى.
          - أوْ لا محل لها من الإعراب استئنافية، ذكره الدمياطى فى حاشيته على شرح المحلى[5]، والعبادى فى الشرح الكبير[6].
          عَلَى: حرف جر مبنى على السكون لا محل له من الإعراب.
          معرفة: اسم مجرور بـ (على) وعلامة جره الكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلق بـ (تشتمل)، و(معرفة) مضاف.
          فصول: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
          والفصول: جمع (فصل) وهو اسم لطائفة من المسائل. وسمى كل نوع فصلا لانفصاله عن غيره بمخالفته له.
          والكتب تقسم –غالبا- إلى أبواب والأبواب إلى فصول والفصول إلى مسائل. وهذا أمر اصطلاحى أغلبى فربما وجدت الكتب والأبواب دون الفصول، أو الفصول دونهما، أو غير ذلك ولكن ما سبق هو الغالب.

          مِنْ: حرف جر مبنى على السكون لا محل له من الإعراب.
          أُصُولِ: اسم مجرور بـ (من) وعلامة جره الكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لـ (فصول) أى تشتمل على فصول كائنة من أصول الفقه، و(أصول) مضاف
          الْفِقْهِ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
          المعنى: كل ما فى الأمر ورقات قليلة العدد كثيرة الفوائد تحتوى على عدة فصول من علم أصول الفقه.


          [1] الذى هو اسم الإشارة (هذه)

          [2] أى بدون اسم الإشارة (هذه)

          [3] حاشية الشيخ محمد بن حسين الهدة السوسي على قرة العين شرح ورقات إمام الحرمين للحطاب المالكى: ص9، ط. المطبعة التونسية.

          [4] التحقيقات فى شرح الورقات لابن قاوان ص86 ت. الشريف سعد بن عبد الله الشريف ط. دار النفائس، وشرح الورقات لابن إمام الكاملية ص86 ت. عمر غنى سعود العانى ط. دار عمار.

          [5] حاشية الدمياطى على شرح الجلال المحلى على الورقات ص3، ط. المطبعة الميمنية.

          [6] الشرح الكبير على الورقات لابن قاسم العبادى ص15/ ت. محمد حسن محمد حسن إسماعيل/ دار الكتب العلمية.

          تعليق


          • #6
            رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

            السلام عليكم ورحمة الله

            بارك الله فيكم

            تعليق


            • #7
              رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

              المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد الله جمال شاكر مشاهدة المشاركة
              السلام عليكم ورحمة الله

              بارك الله فيكم
              وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
              وفيكم بارك الله، وشكرا لمروركم الكريم

              تعليق


              • #8
                رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

                [قال صاحبي]
                قال صاحبي: أليس يزعم النحاة أن (هذه) اسم إشارة للمفردة المؤنثة؟
                قلت: بلى[1].
                قال: أليست المطابقة لازمة بين المشار إليه واسم الإشارة؟
                قلت: المطابقة لها أحوال.
                قال: كيف أشار للجمع (ورقات) بـ (هذه) التى للمفردة المؤنثة؟ أليس الصواب أن يقول: هؤلاء ورقات ؟
                قلت: المطابقة لها أحوال كما أخبرتك وقد جرى الاستعمال العربى على أن المشار إليه إذا كان جمعَ مؤنثٍ سالما لما لا يعقل فيجوز أن يشار إليه باسم الإشارة الذى للمفردة المؤنثة فتقول: (هذه ورقات، وهذه شجرات الخ)، كما يجوز أن يشار إليه باسم الإشارة الذى للجمع فتقول: (هؤلاء ورقات، وهؤلاء شجرات الخ) ولكن الأول أفضل إذا كان المشار إليه لا يعقل كما تقدم، وأما إذا كان المشارُ إليه جمعَ مؤنث سالما للعاقل فالعكس هو الصحيح أعنى أن الأفضل أن تأتى باسم الإشارة الذى للجمع فتقول: (هؤلاء الطالبات مجتهدات) فهذا أفضل من استعمال اسم الإشارة الذى للمفردة المؤنثة حيث تقول: (هذه الطالبات مجتهدات) مع صحته، وللمزيد راجع النحو الوافى (1/ 263) وما بعدها.
                قال صاحبي: قد فهت ذلك، فحدثنى الآن عن قوله: (ورقات).
                قلت: عن أى شيء تسأل ؟
                قال: يقول الشراح: إن معنى قوله: "هذه ورقات"؛ أنها ورقات قليلة، والقلة مستفادة من قوله: "ورقات" لأنه جمعُ مؤنثٍ سالمٌ.
                قلت: اعلم أن الاسم ينقسم إلى:
                - مفرد: وهو ما دل على شئ واحد.
                - ومثنى وهو ما دل على شيئين.
                - وجَمْعٍ: وهو ما دل على ثلاثة فأكثر، وينقسم الجَمْعُ إلى قسمين:
                أحدهما: جمع قلة: وهو ما دل على ثلاثة إلى عشرة، وهو جمع التكسير الذى يأتى على الأوزان الأربعة المعروفة المذكورة فى قول ابن مالك:
                أَفْعِلَةٌ أَفْعُلٌ ثم فِعْلَة * * * ثُمَّتَ أَفْعَالٌ جموع قلة
                ومنه جمعى السلامة (المذكر السالم والمؤنث السالم) بشرط ألا يقترنا بـ (أل) التى للاستغراق وألا يضافا إلى ما يدل على الكثرة وإلا انصرفا إلى الكثرة نحو: {إِنَّ الْمُسْلِمينَ وَالْمُسْلِمَاتِ}، وكون جمعى السلامة من جموع القلة هو مذهب الخليل وسيبويه[2] وابن السراج وغيرهم، وذهب بعضهم إلى أنهما من جموع الكثرة، وذهب بعضهم إلى أنهما من المشترك بين القلة والكثرة وإليه ذهب ابن خروف ورجحه الفيومى فى المصباح المنير[3].
                ثانيهما: جمع كثرة: وهو ما دل على أحد عشر فصاعدا، وله أوزان كثيرة مذكورة فى كتب الصرف مفصلة.
                واعلم أنهم يدخلون بعضها على بعض للتوسع كما يقول سيبويه[4]؛ فيعبرون عن الكثرة بجمع القلة وعن القلة بجمع الكثرة.
                وعلى هذا فاستعمال جمعى السلامة فيما زاد على العشرة مجاز على مذهب سيبويه، وحقيقة على مذهب غيره.
                قال صاحبي: فأراد المصنف – رحمه الله تعالى – بقوله: "ورقات" الإشارة إلى قلتها.
                قلت: نعم، أراد ذلك.
                قال: ولِمَ ؟
                قلت: لفوائد ذكرها الشراح منها :
                - أن فى الإشارة إلى قِلَّتِها تسهيلا على الطالب.
                - وتنشيطا له لحفظها.
                - وترغيبا فى طلبها.
                قال: هذا يقتضى أن هذه الفوائد للطالب لم تحصل له إلا من التعبير عن الكتاب بما يفيد قِلَّتَهُ، وهذا لا يظهر إلا لو كان الكتاب كثيرا فى نفس الأمر، فإذا عبر عنه وهو كثير بما يفيد قلته أفاد ما ذُكِرَ ونشِط الطالب لتعاطيه، وأما هذا الكتاب فهو قليل فى نفس الأمر؛ فهو يفيد هذه الفوائد من ذاته.
                قلت: وهل فى كلام المصنف ما يفيد حصر هذه الفوائد فى التعبير بما ذُكِر أعنى قوله: "ورقات" ؟
                قال: لا.
                قلت: فغاية ما فى الأمر أن التعبير بجمع القلة المفيدِ لما مَرَّ لا ينافى أن يكون غيرُه أيضا مفيدًا مثلَ هذه الفوائد: كما ذكرتَ أنت أنه يفيدها بذاته[5].
                قال: حسنا.
                ثم قال: قد ذكرتَ أن جمع السلامة من جموع القلة وأنه ربما استعمل فى الكثرة توسعا.
                قلت: نعم.
                قال: فهلا عبَّر بغيره مما هو نَصٌّ فى القلة
                قلت: مثل ماذا ؟
                قال: مثل أن يقول: (هذه مقدمة) أو (هذه رسالة) إذ المفهوم عرفا من هذا اللفظِ هو القلة.
                قلت: قال العبادى: " لكن لا يفهم منه القلة المعتبرة فى جمع السلامة المرادة هنا وهى عدم مجاوزة العَشَرَةِ؛ لأن القلة المفهومةَ بما ذُكِرَ عرفيةٌ صادقة مع مجاوزة العشرة والعشرين"[6].


                [1] (بلى): حرف جواب يثبت به ما بعد النفى تقول: (ما جاء زيد) فيقول المجيب: (بلى) أى قد جاء ولهذا يصح أن تأتى بالخبر المثبت بعد (بلى) فتقول: (بلى قد جاء) فإن قلت فى جواب النفى (نعم) كان اعترافا بالنفى وصح أن تأتى بالنفى بعده كقوله: (ما جاء زيد) فتقول: (نعم ما جاء) انظر حروف الجواب واستعمالاتها ص32/ د. على النابى/ دار الكتاب الحديث.

                [2] الكتاب 3/ 490- 492/ هارون/ الخانجى.

                [3] المصباح المنير فى غريب الشرح الكبير للفيومى 695/ ت. عبد العظيم الشناوى/ ط. دار المعارف.

                [4] الكتاب 3/ 492/ هارون.

                [5] حاشية السوسي على قرة العين ص7.

                [6] الشرح الكبير ص15.

                تعليق


                • #9
                  رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

                  قال المصنف رحمه الله تعالى: "وَذَلِكَ مُؤَلَّفٌ مِنْ جُزْأَيْنِ مُفْرَدَيْنِ أّحَدُهُمَا الْأُصُولُ وَالْآخَرُ الْفِقْهُ."


                  (و): الواو للاستئناف البيانى: وهو الواقع فى جواب سؤال مقدر كأن قائلا قال له: قد ذكرتَ أن هذه الورقات تشتمل على أصول الفقه فما أصول الفقه ؟ فقال: وذلك مؤلف... الخ
                  (ذلك): (ذا) اسم إشارة مبنى على السكون عند البصريين لأن ألف (ذا) عندهم أصل، وعلى الفتح عند الكوفيين والسهيلى لأن ألف (ذا) عندهم زائدة، وعلى كلٍّ فهو فى محل رفع مبتدأ، و(اللام) حرف دال على بُعْدِ المشار إليه إما تحقيقا وإما تنزيلا مبنى على الكسر لا محل له من الإعراب، و(الكاف) حرف خطاب مبنى على الفتح لا محل له من الإعراب.
                  والإشارة إلى (لفظ أصول الفقه)
                  (مُؤَلَّفٌ): خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
                  (مِنْ): حرف جر مبنى على السكون لا محل له من الإعراب.
                  (جُزْأَيْنِ): اسم مجرور بـ (مِنْ) وعلامة جره الياء لأنه مثنى، والجار والمجرور متعلق بـ "مؤلف".
                  (مُفْرَدَيْنِ): نعت لـ (جزأين) ونعت المجرور مجرور، وعلامة جره الياء لأنه مثنى.
                  والمراد بالمفرد هنا: المقابل للمركب، ليس المقابل للمثنى والجمع فتنبه
                  (أَحَدُهُمَا): (أحد) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وهو مضاف و(الهاء) ضمير مبنى على الضم فى محل جر مضاف إليه و(الميم) حرف عماد مبنى على الفتح لا محل له من الإعراب و(الألف) علامة التثنية حرف مبنى على السكون لا محل له من الإعراب
                  (الأصول): خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة
                  (وَ): حرف عطف
                  (الآخر): إما أن تجعله معطوفا على (أحد) من (أحدهما) فيكون من عطف المفردات أو تجعله مبتدأ وما بعده خبرا فيكون من عطف الجمل وهو على كلا التقديرين مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة
                  (الفقه): معطوف على (الأصول) إن جعلته من عطف المفردات، وخبر لـ (الآخر) إن جعلته من عطف الجمل وعلى كل فهو مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
                  المعنى: (أصول الفقه) باعتباره مركبا إضافيا مُكَوَّنٌ من كلمتين مفردتين غير مركبتين إحداهما مضافة للأخرى فالأُولى (الأصول) وهى المضاف والأخرى (الفقه) وهى المضاف إليه.

                  تعليق


                  • #10
                    رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

                    قال المصنف رحمه الله تعالى: "فَالْأَصْلُ: مَا يُبْنَي عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَالْفَرْعُ: مَا يُبْنَي عَلَى غَيْرِهِ."
                    (فالأصل): الفاء فاء الفصيحة، وضابطها: أن تقع فى جواب شرط مقدر فكأنه قال هنا: إذا أردت أن تعرف ما الأصل فالأصل ما يبنى الخ، و(الأصل) مبتدأ.
                    (ما): نكرة موصوفة بمعنى شئ والمراد شئ محسوس أو معقول، وهى اسم مبنى على السكون فى محل رفع خبر
                    (يُبْنَى): فعل مضارع مبنى للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر
                    (عليه): جار ومجرور متعلقان بـ (يبنى)
                    (غيره): (غير) نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة وهو مضاف و(الهاء) مضاف إليه ضمير مبنى على الضم فى محل جر.
                    والجملة من الفعل ونائب فاعله وما تعلق بهما فى محل رفع صفة لـ (ما)
                    (والفرْعُ ما يُبْنَى على غيره): يعرف إعرابه مما سبق.
                    المعنى: لما ذكر أن (أصول الفقه) مؤلف من جزأين هما (أصول) و(فقه) شرع فى بيان حقيقة كل جزء منهما لتعرف حقيقة المؤلَّفِ منهما التى هى المقصودة بالذات فعرَّف (الأصل) بأنه ما يبنى عليه غيره، ثم عرَّف الفرع استطرادا وإلا فإنه ليس مما هنا.
                    ونازع بعضهم فى أن تعريف الفرع هنا استطرادٌ بأن المقصود مدح هذا الفن (أي: أصول الفقه) بتفرع الفقه الذى هو من أشرف العلوم عليه بل غاية المدح حيث وصفه بأنه مَنْشَأٌ للأحكام الشرعية حتى كأنها تتولد عنه وهذا مناسب للمقصود فليس استطرادا[1]؛ إذ (الاستطراد): هو ذكر الشئ فى غير محله.
                    واعلم أن المصنف عَرَّفَ (الأصل) هنا لغة لا شرعا.
                    وأما شرعا فإنه - أي: الأصل - يطلق على عدة معانٍ منها:
                    - الدليل: كقولنا: الأصل فى هذه المسألة الكتاب والسنة
                    - القاعدة المستمرة: كقولنا: إباحة الميتة على خلاف الأصل
                    - المقيس عليه: وهذا فى باب القياس حيث إن الأصل أحد أركانه
                    - الراجح: يقال: الأصل فى الكلام الحقيقة
                    __________________________________________________ __
                    [1] انظر حاشية السوسي على قرة العين ص13.

                    تعليق


                    • #11
                      رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

                      قال المصنف رحمه الله تعالى: " وَالْفِقْهُ: مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي طَرِيقُهَا الِاجْتِهَادُ."
                      (و): الواو للاستئناف البيانى كما مر بيانه
                      (الفقه): مبتدأ
                      (معرفة): خبر، وهو مضاف
                      (الأحكام): مضاف إليه
                      (الشرعية): نعت لـ (الأحكام) ونعت المجرور مجرور
                      (التى): نعت لـ (معرفة) مبنى على السكون فى محل رفع، أى المعرفة التى طريقها الاجتهاد، أو نعت لـ (الأحكام) أى الأحكام التى طريقها الاجتهاد
                      (طريقها): (طريق) مبتدأ، وهو مضاف و(ها) ضمير مبنى على السكون فى محل جر مضاف إليه
                      (الاجتهاد): خبر، والجملة من المبتدإ والخبر وما تعلق بهما لا محل لها من الإعراب صلة الموصول
                      والاجتهاد: هو بذل الوسع فى بلوغ الغرض
                      المعنى: هذا تعريف (الفقه) الذى هو الجزء الثانى من (أصول الفقه) باعتباره مركبا إضافيا.
                      واعلم أن المصنف عَرَّفَ الفقه هنا شرعا لا لغة.
                      وأما لغة:
                      فقيل: الفهم مطلقا، وقيل: لِمَا دَقَّ فلا يقال: فقهت أن السماء فوقنا.
                      ويقال: (فَقِهَ) كـ (فَهِمَ) وزنا ومعنى.
                      و(فَقَهَ) كـ (فَتَحَ): إذا سبق غيره فى الفقه.
                      و(فَقُهَ): إذا صار الفقه له سجية.
                      والمراد بـ (المعرفة) هنا العلم الذى هو بمعنى الظن وليس العلم اليقينى الذى هو الإدراك الجازم المطابق، وأطلقت (المعرفة) التى هى بمعنى العلم على الظن لأن المراد بذلك ظن المجتهد الذى هو لقوته قريب من العلم.

                      تعليق


                      • #12
                        رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

                        [قال صاحبي]

                        قال: قد ذكرت أن المشار إليه بـ (ذلك): (لفظ أصول الفقه)
                        قلت: نعم
                        قال: وذكرت أن (أصول الفقه) فى قوله: "فصول من أصول الفقه" المراد به (علم أصول الفقه)
                        قلت: نعم
                        قال: فهل بينهما فرق ؟ أو هما متساويان ؟ يعنى: هل (علم أصول الفقه) = (لفظ أصول الفقه) ولكنك أردت التنوع فى الأسلوب؟
                        قلت: بل بينهما فرق أراده المصنف.
                        قال: وما هو ؟
                        قلت: أراد بـ (أصول الفقه) فى قوله: "فصول من أصول الفقه" معناه الذي هو (العِلْم المخصوص)، وأراد بقوله: "وذلك" الإشارة إلى (لفظ أصول الفقه) الذى تقدم فى الكلام دون معناه المراد هناك.
                        قال: قد ذكرت ذلك سابقا فما الدليل عليه ؟
                        قلت: وجود القرينة
                        قال: وما هى ؟
                        قلت: أما فى الأول فالقرينة (مِنْ) التى للتبعيض، وأما فى الثانى فالإخبار عنه بـ (مؤلف)
                        قال: لم أفهم شيئا فهلا زدت الأمر توضيحا
                        قلت: قوله:"فصول مِنْ أصول الفقه" (مِنْ) فيه للتبعيض كما أخبرتك و(الفصول) إنما تكون بعضا من العلم لا بعضا من اللفظ؛ لأن اللفظ (أصول الفقه) ليس فيه لفظ (فصول) فتعين أن يكون المراد من قوله: "أصول الفقه" هنا معناه الذي هو (علم أصول الفقه).
                        قال: نعم، فهمت هذا.
                        قلت: وأما الثانى وهو أن الإشارة لِلَّفْظِ: (أصول الفقه) وليس لِلْمعنى: (علم أصول الفقه) فلأنه أخبر عنه بأنه (مؤلَّف) والتأليف – كالتركيب - من خواص الألفاظ ألا ترى أن المتكلم إنما يؤلف ألفاظا ويُرَكِّبُها تركيبا خاصا لتدل على المعانى التى يريدها.
                        قال: نعم، فهمت هذا أيضا، وعلى هذا يكون فى كلام المصنف (استخدام) لأنه ذكر (أصول الفقه) بمعنى الفن ثم أعاد اسم الإشارة عليه بمعنى اللفظ
                        قلت: نعم، أحسنت
                        قال: أنت قلت فيما سبق:"بل بينهما فرق أراده المصنف" وهذا يعنى أنك تزعم أن المصنف أراد هذا (الاستخدام)
                        قلت: نعم أراده
                        قال: فما الدليل على ذلك ؟
                        قلت: انظر إلى قوله: "فصول من أصول الفقه وذلك". المشار إليه هنا هو قوله: "أصول الفقه" أليس كذلك؟
                        قال: بلى
                        قلت: فهل هو قريب من قوله: "ذلك" أو بعيد ؟
                        قال: قريب بل هو أقرب مذكور
                        قلت: فلِمَ عَدَلَ المصنف – رحمه الله تعالى – عن استعمال اسم الإشارة الذى للقريب (هذا) واستعمل الذى للبعيد (ذلك)
                        قال: لا أدرى، وقد كنت أنوى السؤال عنه
                        قلت: إنما خالف الظاهر فى ذلك ليدل على بُعْدِ المشار إليه وهو (لفظ أصول الفقه) حيث أن المذكور القريب المراد منه معناه وهو (علم أصول الفقه) فكأن المشارَ إليه الذى أراده غيرُ مذكور مطلقا فكان بعيدا.
                        قال: يا لهذا المصنف من إمام ! رحمه الله رحمة واسعة.
                        قلت: آمين.

                        تعليق


                        • #13
                          رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

                          قال: فحدثنى عن فاء الفصيحة
                          قلت: قد أخبرتك بضابطها فيما سبق وهو أن تقع فى جواب شرط مقدر.
                          قال: زدني.
                          قلت: وقيل: هي ما أفصحت عن مقدر أعم من أن يكون شرطا أو غيره نحو: {فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ} أى فضرب فانفجرت.
                          قال: زدني.
                          قلت: ويقال لها فاء الفضيحة بالضاد المعجمة.
                          فنظر إلىَّ متعجبا
                          فقلت: ليس هذا قولى وإنما هو قول العلماء.
                          فقال: إيهِ(1).
                          قلت: كفاك هذا.
                          فأطرق محزونا، وتفكر قليلا ثم أراد أن يجابهنى بمثل ما جبهته به.
                          فقال: لقد أخطأتَ فى تقدير الشرط.
                          قلت: وكيف ذلك ؟!
                          قال: ألست قلت: " فكأنه قال هنا: إذا أردت أن تعرف ما الأصل فالأصل ما يبنى الخ ".
                          قلت: بلى
                          قال: ألا تعلم أن الذى يحذف مع فعله من أدوات الشرط هو (إِنْ) وليس (إذا) كما قدرته أنت ؟ فكان ينبغى لك أن تقول: (إن أردت أن تعرف الخ)
                          قلت: فى كلام الرضى ما يؤخذ منه صلاحية تقدير إذا وعليه يتخرج كلامى وكلام غيرى.
                          قال: فلِمَ عَدَلْتَ عن (إِنْ) وهى متفق عليها إلى (إذا) وفيها هذا الإشكال السابق؟
                          قلت: أنا فيه متبع لغيرى من العلماء
                          قال: فلِمَ عدلوا ؟
                          قلت: تقدير (إذا) أولى من تقدير (إِنْ) لأن (إذا) للتحقق والوقوع، و(إِنْ) للشك: وهو الموهوم؛ فلذا عبر فى جانب الحسنة بـ (إذا) فى قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ} [الأعراف: 131]؛ فإن الحسنة محققة وواقعة، والسيئة لما كانت موهومة عبرفى جانبها بـ (إن) كما فى قوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ } [الأعراف: 131]
                          قال ابن عرفة: أتي في الحسنة بـ (إذا) وعرَّفها وجعل فعلها ماضيا بلفظ: {جَاءَ}، وأتى في السيئة بـ (إِنْ) وذكره ونكَّرها وجعل فعلها مستقبلا، فقال تعالى (وَإِنْ تُصِبْهُمْ) إشارة إلى أنهم لَا يعتبرون إلا الحسنة الثابتة المحققة وأنهم يتطيرون بأدنى سيئة وأقلها ولو لم تكن محققة.
                          فصمتَ.
                          فقلت له: لا تحزن، سأجيبك عن فاء الفضيحة.
                          فتبسم مسرورا.
                          فقلت: يقال لها: (فاء الفضيحة) لأنها فضحت وأظهرت ما كان مخفيا فى الكلام.
                          فقال: جزاك الله خيرا
                          قلت: وجزاك


                          ______________________________
                          (1) (إيهِ): اسم فعل أمر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب ومعناه زدني من هذا الحديث المُعَيَّنِ الذي تتحدث فيه، وأما (إيهٍ) بالتنوين فمعناه: زدني من أي حديث سواء هذا الذى تتحدث فيه أو غيره، وهذا التنوين الداخل عليه يسمى تنوين التنكير وفائدته بيان الفرق بين المعرفة والنكرة فى الأسماء المبنية فما دخله التنوين منها كان نكرة وما لم يدخله كان معرفة.

                          تعليق


                          • #14
                            رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

                            قال صاحبي: المصنفُ – رحمه الله - عرَّف (أصول الفقه) باعتباره مركبا إضافيا فعرف (الأصول) أولا ثم عرف (الفقه) ثانيا.
                            قلت: نعم
                            قال: هل لاحظت شيئا فى تعريفيه
                            قلت: لا
                            قال: ألا ترى أنه عرف الجزء الأول (أصول) من حيث اللغة، والجزء الثانى (الفقه) من حيث الاصطلاح ؟
                            قلت: بلى، قد فعل
                            قال: فهلا عرفهما جميعا من حيث اللغة أو الشرع
                            قلت: قد علمتَ أن المصنف من العلماء المعتبرين فى هذه العلوم وأنه لم يكن ليلقى بالكلام اعتباطا أو جزافا ولو كان كذلك لما اعتنى العلماء بهذه الورقات كل هذه العناية ما بين شارح ومُحَشّ وناظم ومنهم المسهب فى شرحه ومنهم المقتصر على فك العبارة ومنهم بين ذلك
                            قال: نعم، ولكن هذا لا يمنع من وجود عثرات وهفوات له ولغيره، فى هذا الكتاب وفى غيره، أبى الله أن يتم إلا كتابه
                            قلت: أخشى أن تكون كلمة حق أريد بها باطل
                            قال: وكيف ذلك ؟
                            قلت: إذا أحسنا الظن بأنفسنا وأسأناه بعلمائنا وكلما وقفنا على شئ لم نفهمه قلنا: أخطأ فلان، ونحن لا نقدس الأشخاص، وليس أحد فوق النقد ... وما إلى ذلك فلن يسلم لنا علم ولن ننتفع بعالم، والقصد من هذا أن أبين لك أن من الخطإ التعجلَ بتخطئة الأستاذ فإن خطأ شيخك أولى من صواب نفسك حتى يتم أمرُك ويشتد عودك وعندها افعل ما بدا لك.
                            قال: قد أكثرت علىّ فى هذا الأمر فأخبرنى عما سألتك عنه: ألم يكن الأَوْلَى والأحسن أن يسير المصنف على طريقة واحدة وهو يُعَرِّفُ جُزْأَىْ مُرَكَّبٍ واحدٍ بأن يُعَرِّفَهُما جميعا من حيث اللغة أو من حيث الشرع، لا أن يُعَرِّف أحدهما لغة والآخر شرعا ؟! وكأنك لا تعرف جوابا عن هذا فلهذا عَدَلْتَ عن الجواب إلى ما ذكرتَ.
                            قلت: إنك لجرئ، ولكنى سأخبرك بالسر فى ذلك، وهو أنه أراد المبالغة فى مدح هذا الفن.
                            قال: وكيف ذلك ؟
                            قلت: فِعْلُه هذا فيه تصريح بأن الفقه (بالمعنى الاصطلاحي) الذى هو من أفضل العلوم الشرعية (مبنيٌّ) على (علم أصول الفقه) فهذه مزية عظيمة لهذا الفن.
                            وزيادة فى الإيضاح أقول:
                            = لو حذفت (أصول) ووضعت مرادفه اللغوى (أساس)
                            = وحذفت (الفقه) ووضعت مرادفه الشرعى الذى أراده المصنف (علم الفقه) لكان معنى هذا المركب: (أساس علم الفقه) وهذا ما أراده المصنف بفعله.
                            أما لو فسرهما جميعا بالمعنى الشرعى:
                            = فحذفنا (الأصول) ووضعنا مرادفه الشرعى:(الدليل)
                            = وحذفنا (الفقه) ووضعنا مرادفه الشرعى:(علم الفقه)
                            لكان معنى هذا المركب:(دليل علم الفقه) وهذا غير مراد هنا(1) كما أنه يُفَوِّتُ التصريح بالبناء الذى هو المعنى اللغوى لـ(لأصل)، والذى فيه المبالغة فى مدح هذا الفن (أصول الفقه) فتأمل.
                            ولو فسرهما جميعا بالمعنى اللغوى:
                            = فحذفنا (الأصول) ووضعنا مرادفه اللغوى: (البناء)
                            = وحذفنا (الفقه) ووضعنا مرادفه اللغوى: (الفهم) صار معنى المركب:(أساس الفهم) فهذا يفيد البناء إلا أنه ليس بناء خصوص الفقه الاصطلاحى الذى هو من أشرف العلوم الشرعية فتأمل.
                            قال صاحبي: يا له من إمام ! لله دره!
                            ثم قال: قد ذكرت أنه يقال: "(فَقِهَ) كـ "(فَهِمَ)"
                            قلت: نعم
                            قال: فـ (فَهِمَ) مصدره (الفَهْم) بفتح الفاء وهو قياس مصدر الثلاثى المتعدى فكان ينبغى أن يكون مصدر (فَقِهَ) (الفَقْه) بفتح الفاء أيضا
                            قلت: نعم، ما ذكرتَه هو القياس فيكون (الفِقْهُ) بالكسر مصدرا سماعيا


                            _____________________
                            (1) قال ابن قاوان: " وليست (الأصول) بمعنى الأدلة وإلا لاحتجنا إلى نقله إلى معرفة القواعد المذكورة ثم احتجنا إلى التعريفين له أحدهما من جهة الإضافة والآخر من جهة العَلَمِيَّة. (التحقيقات فى شرح الورقات ص89/ ابن قاوان ت. الشريف سعد/ دار النفائس)

                            تعليق


                            • #15
                              رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

                              قال صاحبي: كأنى لم أفهم تعريفه للفقه جيدا فهلا زدته توضيحا
                              قلت: الكلام واضح فسل عما أشكل عليك.
                              قال: لا بأس، المصنف يقول: "والفقه معرفة الأحكام الشرعية" فما هى هذه الأحكام؟
                              قلت: الأحكام جمع حُكْم وهو فى اللغة: المنع وفى الاصطلاح: (خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع). ومراد المصنف بالأحكام هنا الأحكام السبعة التى سيذكرها بعد هذه الفقرة مباشرة وهى الواجب والمندوب الخ
                              قال: فلم قيدها بالشرعية؟
                              قلت: ليخرج ما سواها من الأحكام مثل:
                              - الأحكام النحوية: كقولهم: الفاعل مرفوع والمفعول منصوب ونحو ذلك
                              - والأحكام العقلية مثل: الواحد نصف الاثنين والكل أكبر من الجزء.
                              - والأحكام الحسية مثل: النار محرقة
                              - والأحكام العرفية أو العادية مثل قولنا: (وجود سيارة الأمير عند الباب تدل على وجود الأمير)، ومثل: معرفة نزول الطَّلِّ فى الليلة الشاتية إذا كان الجو صحوا، فهذا حكم عادى.
                              قال: فأنت جعلت قوله: "التى طريقها الاجتهاد" صفة لـ "معرفة" أو لـ "الأحكام" فهل ثمت فرق بينهما؟
                              قلت: يقال بينهما فرق وذلك أنك لو جعلتها صفة لـ "معرفة" صار المعنى: الفقه هو المعرفة التى طريقها الاجتهاد، فكل معرفة ليس طريقها الاجتهاد لاتسمى فقها: فمعرفة المقلد ليست فقها؛ لأنها ليست عن طريق الاجتهاد، وكذلك معرفة الأحكام القطعية: كوجوب الصلاة والصوم وكون الصوم فى شهر رمضان ونحو ذلك لا يسمى فقها، وكذلك معرفة الأحكام الاعتقادية التى طريقها النص كالعلم بصفات الله عز وجل، والعلم بيوم القيامة والبعث والجزاء والصراط وغير ذلك من الغيبيات التى لا تعرف إلا عن طريق النقل وليس الاجتهاد.
                              = وإن جعلت قوله: "التى طريقها الاجتهاد" صفة للأحكام كان المعنى: الأحكام التى طريقها الاجتهاد فتخرج الأحكام القطعية أيضا كما سبق لكن لا يخرج علم المقلد؛ لأن الحكم الشرعى هنا يحتاج فى الوصول إليه أولا إلى اجتهاد وهذا قد وقع من المجتهد فلما وصل إليه المجتهد وعَرَفه أخذه عنه المقلد دون اجتهاد فصار كل من المجتهد والمقلد عارفا بالحكم الذى يتطلب اجتهادا للوصول إليه لكن المجتهد عرفه عن طريق الاجتهاد وأما المقلد فعرفه تقليدا وهذه المعرفة غير مؤثرة فسواء عرفت الحكم اجتهادا أو تقليدا فهذا لا يؤثر فى إطلاق اسم الفقه على هذا الحكم فالنظر إنما هو للحكم هل يحتاج إلى اجتهاد فيسمى فقها أو لا يحتاج فلا يسمى بذلك
                              قال: ما نوع (أل) الداخلة على (الأحكام)؟
                              قلت: استغراقية
                              قال: لو كان هذا صحيحا لتعذر وجود فقيه واحد لأن المعنى يكون حينئذ: معرفة جميع الأحكام ولخرج مَنْ سُئِل عن مسألة فقال لا أدرى: كالإمام مالك الذى سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال فى اثنتين وثلاثين وقيل: فى ستة وثلاثين منها: "لا أدرى".
                              قلت: المراد بمعرفة جميع الأحكام وجود المَلَكة والتهيؤ لمعرفتها بمعاودة النظر فالفقيه إن كان عارفا بالمسألة فهو فقيه بالفعل وإن لم يكن عارفا بها فهو فقيه بالقوة القريبة أى بوجود الملكة والاستعداد والقوة على معرفتها

                              تعليق

                              يعمل...
                              X