إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

حتى لا يُساء الظنُّ بالأئمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] حتى لا يُساء الظنُّ بالأئمة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أما بعد:
    فإنّ مِما يُحزِنُ كلَّ غَيُورٍ على كتاب الله –سبحانه-: ما سمِعْنا ونَسْمَعُ مِن قولِ بعضِ الناس: إن أحكامَ التجويدِ بِدعةٌ ولَمْ تَرِد عن النبي –صلى الله عليه وسلم-!
    وهذه مَقَالةٌ ظاهرةُ البُطْلان, فاسدةٌ بإجماعِ أهل العلم والإيمان, وإنّ فسادَها لَيُغني عن إفسادِها, ولكنْ عندما ينتشر الجهل تَرُوجُ أمثالُ هذه المقالات على بعض الناس ممن لا علم عندهم بحقيقة الأمر, وحينئذ لا بد مِن بيان الحق لهم, وهأنا أبيّن هذا الأمر وأجلّيه –بقدر المستطاع-؛ ذبًّا عن كتاب الله -تبارك وتعالى-, وعملًا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: {الدين النصيحة}, وتصحيحًا للمفاهيم, وحتى لا ينتشر بين المسلمين أمثالُ هذه المقالة التي هي إنكارٌ لما ثبت بالتواتر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-, والذي يترتبُ عليه ما يترتب مِن الأمور الباطلة: كاتهامِ الأئمة الثقات الذين نقلوا إلينا القرآن بهذه الأحكام عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم كذبوا عليه في ذلك, واتهامِ المسلمين عمومًا -بما فيهم أهلُ العلم والفضل- الذين قرؤوا القرآن بهذه الأحكام بأنهم يبتدعون في دين الله, إلى غير ذلك مِن اللوازم الباطلة, إضافةً إلى أن هذا القول يَرُدُّه قول ربنا -تبارك وتعالى-: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}.
    ومقالي هذا يدور أمرين:
    الأمر الأول- تفنيد الشبهة التي يدندن حولها أكثرُ هؤلاء؛ ألا وهي ما فهموه خطأً مِن قولٍ وَرَدَ عن الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- في الإدغام الموجود في قراءة حمزة والكسائي –رحمهما الله-.
    الأمر الثاني- إثباتُ ثبوت الأحكام التجويدية بالتواتر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
    وكان الأَوْلَى أن يكون الأمرُ الثاني هو الأولَ, ولكن جعلتُه الثانيَ لغرضٍ لعلّه يَظْهَرُ للبعض.
    وقد عنونتُ هذا المقال بـ: "حتى لا يُساء الظنُّ بالأئمة", وأعني بهم: أئمة القراءة من المتقدمين والمتأخرين, الذين أفنوا أعمارهم في تعلُّمِ كتاب الله -سبحانه وتعالى- وإتقانِه وضبطِه وتعليمِه, ونقلوا إلينا هذه الأحكام نظريًّا وعمليًّا بأمانةٍ وتَحَرٍّ ودقةٍ وعنايةٍ. واخترتُ للمقالِ العنوانَ المذكورَ لأن المتَّهَمَ الأولَ في هذا الأمرِ هم علماء القراءة؛ إذ إن أولئك يتهمونهم بأنهم أتوا بهذه الأحكام من عندهم! وحاشاهم من ذلك؛ فهم لم يأتوا بشيء مِن عندهم, وإنما نقلوا هذه الأحكام نقلًا محضًا, ومنَعوا القياسَ في القراءة وشددوا في ذلك, فهم على قول الإمام الشاطبي: «وما لقياسٍ في القراة مدخلٌ *** ....................», وأنكروا على كل مَن أتى بقولٍ مبتدَعٍ في القراءةِ, والتاريخُ مِن خير الشواهد على ذلك.

    وقبل أن أبتدئ بالكلام في هذا الموضوع أذكر أمورًا ثلاثةً:
    الأمر الأوّل- أن مما لا يختلف فيه اثنان:
    - أن الخطأ يجب ردُّه مهما كانت منزلةُ صاحبِه ومكانتُه؛ إذْ إنه لا عصمة لأحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
    - وأن على المؤمن أن يتجرد للحق, وأن يبحث عنه, وأن يقدِّمَه على أقوال الرجال.
    وقد كان معاذ بن جبلٍ -رضي الله عنه- يقول: "اقبَلوا الحقَّ من كلِّ مَن جاء به وإن كان كافرًا -أو قال: فاجرًا-، واحذَروا زَيغةَ الحكيمِ".
    الأمر الثاني- أن هذا البحث يدور حول إثبات ثبوت هذه الأحكام والرد على من أنكرها وقال ببدعيتها؛ لا حول حُكْمِ تطبيقها في قراءة القرآن؛ فإنني لم أتعرض لهذه المسألة هنا.

    وهذا أوان الشروع في المقصود -أسأل الله التوفيق والإعانة-:

    المبحث الأول
    دفع الطعون التي وُجِّهَت إلى قراءةِ حمزة

    وهنا سأُجمِلُ الكلام ثم أفصّل.
    أمَّا الإجمال فأكتفي بهذه النقول:
    قال الإمام الذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/ 605-606): "قد انعقد الإجماع بأخرة على تلقِّي قراءةِ حمزةَ بالقبول, والإنكارِ على من تكلم فيها, ...[و] يكفى حمزةَ شهادةُ مِثْلِ الإمام سفيان الثوري له؛ فإنه قال: "ما قرأ حمزةُ حرفًا إلا بأثرٍ". " اهـ.
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (12/ 569): "وَالْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ عَنْ السَّلَفِ الْمُوَافِقَةُ لِلْمُصْحَفِ تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهَا بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ, وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ بَيْنَ قِرَاءَةِ أَبِي جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبَ وَخَلْفٍ وَبَيْنَ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ وَأَبِي عَمْرٍو وَنُعَيْمٍ, وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا: إنَّ الْقِرَاءَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ [وأن] مَا خَرَجَ عَنْ هَذِهِ السَّبْعَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ..." اهـ.
    وقال (13/ 392-393): "وَلِذَلِكَ لَمْ يَتَنَازَعْ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ الْمَتْبُوعِينَ مِنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فِي أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَقْرَأَ بِهَذِهِ الْقِرَاءَاتِ الْمُعَيَّنَةِ فِي جَمِيعِ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ قِرَاءَةُ الْأَعْمَشِ شَيْخِ حَمْزَةَ أَوْ قِرَاءَةُ يَعْقُوبَ بْنِ إسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ وَنَحْوِهِمَا كَمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ فَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ بِهَا بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ الْمَعْدُودِينَ مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ..." اهـ.

    وأما التفصيل فسأكتفي فيه بإيراد بعض البحوث التي وقفتُ عليها حول هذا الأمر, وإِلَيْكَهَا:
    البحث الأول- بحث عنوانه: "رد الكلام والشبهات عن قراءةٍ مِن المتواترات", وهو مِن تأليف السيد بن أحمد بن عبد الرحيم (عضو لجنة مراجعة المصاحف بمجمع البحوث الإسلامية), وقد قرأه وقرَّظه فضيلةُ الشيخ المقرئ علي بن عبد الرحمن الحذيفي -حفظه الله-, وآخرون. وهذا رابط الكتاب: http://www.4shared.c...qX/______.html?
    وهذه صورة التقريظ الخطي للشيخ الحذيفي: https://archive.org/...531/التقريظ.png

    البحث الثاني- بحث عنوانه: "قراءة حمزة وردّ ما اعتُرِضَ به عليها", وهو مِن تأليف المقرئ عبد الله بن صالح العُبَيد التميمي (المقرئ بالقراءات العشر الصغرى والكبرى والشواذ), وقد أرشدني إليه أحدُ الدكاترةِ الذين درَّسوني, وأخبرني بأنه بحثٌ جيدٌ -في الجملة-.
    وهذا رابط الكتاب: http://ia600303.us.a...aat-hamzah1.pdf

    ولعل فيهما كفاية -إن شاء الله-.


    المبحث الثاني
    إثبات ثبوت الأحكام التجويدية عن النبي -صلى الله عليه وسلم-

    أريد في هذا المبحث أن أثبت هذا الأمر بطريقةٍ عقليةٍ سهلةٍ, وإليك بيانُها:
    الذين يقولون ببدعية هذه الأحكام وعدم ثبوتِها هل سيسلّمون بثبوتِها إذا ثبتت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن طريقٍ صحيحٍ واحدٍ فقط؟
    الجواب: نعم –إذا كانوا ممن يتجرد للحق-. بل أظن أنهم لن يقتنعوا بثبوت الأحكام إلا بهذه الطريقة -أي بالطريقة التي تَثْبُتُ بها الأحاديثُ-.
    إذنْ؛ فلنأتِهم بسندٍ صحيحٍ غريبٍ ينتهي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-:
    قال الإمام الداني في "جامع البيان" (1/ 290): "أما روايةُ قالون... فقرأت بها القرآنَ كله على أبي الفتح فارس بن أحمد، وقال لي:
    قرأت على عبد الباقي بن الحسن، وقال: قرأت على أبي إسحاق إبراهيم بن عمر المقرئ، وقال قرأت على أبي الحسين أحمد بن عثمان بن جعفر [وهو ابنُ بُويان]، وقال: قرأت على أبي حسان أحمد بن محمد بن الأشعث، وقال: قرأت على محمد بن هارون المروزي المعروف بأبي نشيط، وقال: قرأت على قالون، وقال: قرأت على نافع", وأخذ نافعٌ القراءةَ عن سبعين من التابعين, سمَّى منهم: أبا جعفر يزيد بن القعقاع وأبا داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وشَيْبَة بن نِصَاح القاضي وأبا عبد الله مسلم بن جندب الهُذَلي مولاهم القاصّ وأبا رَوْح يزيد بن رُومَان, وأخذ هؤلاء التابعون عن أبي هريرة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عَيَّاش ابن أبي ربيعة -رضي الله عنهم-, وهم عن أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه-, وهو عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
    هاهو الإمامُ الداني -وهو مِن معاصري كثيرٍ مِن أصحابِ كُتُبِ الحديث المسندة؛ إذ إنه توفي سنة 444هـ- يورِدُ هذا السند الصحيح الذي أدى إليه روايةَ قالون عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
    إذَا انتهينا مِن هذه الخطوة؛ ننظر؛ هل نقلَها الإمامُ الداني بهذه الأحكام أم بدونِها؟
    الجواب: نقلَها بهذه الأحكام. ومَن أراد مِنهم أن يقف على الأمر بنفسه فليرجع إلى الكتب التي ألّفَها الداني في القراءات والتجويد وسيجد ذلك؛ إذ إن الإمام الداني كان مِن أبرز الأئمة الذين اعتنوا بتدوين أحكام التجويد.
    إذَن؛ مما سبق نستنتج أنه قد صح سندُ الأحكامِ التجويدية مِن طريقٍ صحيحٍ غريبٍ.
    فإذا ثبتَ هذا عندهم؛ أسألهم سؤالًا: هل إذا جاء أحد الأئمة المشهورين بالفقه والحديث وأنكر ثبوت هذه الإحكام التي أثبتناها الآن مِن طريقٍ صحيحٍ واحدٍ - هل ستقبلون إنكارَه؟
    سيجيبون: لا؛ لأن المسلمين أجمعوا على أن من استبان له سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يحل له أن يدعها لقول أحد.
    ننتقل معهم إلى خطوة أعلى؛ لو فرضنا أن كل قراءةٍ مِن القراءات السبع ثبتت بإسناد واحد فقط إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فكم سيتحصل لدينا مِن الطرق؟
    ليذهبوا إلى جامع البيان -مثلا- ويراجعوا ذلك.
    ننتقل إلى خطوة أعلى؛ ماذا لو رأيتُم عدد الطرق التي ذكرَ الإمامُ الدانيُّ في كتابه: "جامع البيان" أنها أدت إليه القراءات السبع؟
    ثم ماذا لو عرفتم أنه وصلته القراءة بالأحكام مِن كل هذه الطرق؟
    ثم ماذا لو وقفتم على الطرق الأخرى ذكرَها غيرُ الإمام الداني؟
    أترك الجواب لهم.
    وأترك لهم أيضًا الجواب عن السؤال التالي:
    ماذا لو أتى أحدٌ وقال بعدم ثبوت أحكام التجويد وبأنها بدعة؟

    وأظن أن ما ذكرتُه حتى الآن في هذا المبحث يُغني عن الاستمرار في البيان.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    كتبه
    أبو عبد الرحمن علي المالكي

  • #2
    رد: حتى لا يُساء الظنُّ بالأئمة

    يلاحظ أيضا نقيض هذا القول من جعل الأحكام فرض في قراءة القرآن من دون تفريق .

    فمثلا لا يختلف أن المد الطبيعي واجب ، وأن يعطى الحرف حقه من المخرج وأن يعرب فلا يلحن .
    ولا شك أن الغنة والإدغام والإخفاء وغيرها من الأحكام فيها تحسين للقراءة لكن القول بأنها واجب ويؤثم من من لك يأتي بها يجعلنا نحكم بالإثم على جماهير المسلمين ، وهذا لا يعني التزهيد في أحكام القرآن وترتيله كما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وأن الأولى والأحسن أن يرتل بالأحكام .

    وهنالك من يقول :
    بيت ابن الجزري رحمه الله له رواية أخرى صحيحة وهي :
    ....... من لم يصحح القرآن آثم
    فالتصحيح شيء والتجويد شيء آخر .أي من يقرأ قراءة مخلة بالمعنى و الإعراب .
    و لا خلاف في أهمية علم التجويد .
    ونرى بعض القراء يغلون في الأحكام والتجويد إلى درجة كبيرة تخرجهم إلى الوسوسة .
    والكلام يطول جدا .

    أما القول بأن الأحكام بدعة فقوله هذا هو البدعة والله المستعان .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي; الساعة 18-Jun-2015, 02:07 PM.

    تعليق


    • #3
      رد: حتى لا يُساء الظنُّ بالأئمة

      الحمد لله..
      قال شيخ الإسلام طيّب الله ثراه: ..الناسُ مأمورون أن يقرأوا القرآن على الوجه المشروع، كما كان يقرؤه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ، فإنّ القراءةَ سنَّةٌ يأخذُها الآخِرُ عن الأول. [قطعة من فتوى محررة عن التغني بالقرآن بما يخرجه عن استقامته]

      تعليق


      • #4
        رد: حتى لا يُساء الظنُّ بالأئمة

        يجب أن نفهم ونعرف مقاصد العلماء في مسألة ما وذلك بجمع كلامه المحكم وهذا نص لشيخ الإسلام وأنظرو ماذا أنتم قائلون :

        قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (مجموع الفتاوى)(50/16) :
        (ولا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن ؛ إما بالوسوسة فى خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها وإمالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وغير ذلك ، فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عنفهم مراد الرب من كلامه ، وكذلك شغل النطق ب "أأنذرتهم" وضم الميم من عليهم،ووصلهابالواو،وكسر الهاء أو ضمها ونحو ذلك، وكذلك مراعاة النغم وتحسين الصوت) .

        تعليق


        • #5
          رد: حتى لا يُساء الظنُّ بالأئمة

          المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي مشاهدة المشاركة
          يلاحظ أيضا نقيض هذا القول من جعل الأحكام فرض في قراءة القرآن من دون تفريق .
          ولكن لاحِظْ أن القولَ بالوجوب هو الذي عليه جمهور أهل الفن -الذين هم أهلُ الذِّكرِ في هذه المسألة-, بل هناك مَن نقَل إجماعَ متقدِّمِيهم على ذلك, وسآتيك بالبيان في المشاركة التالية -إن شاء الله- مدعومًا بالأدلة على ذلك.
          ولا يخفى عليك أنَّ قولَ أهلِ الفن مقدَّم على قول غيرهم؛ إذ إن كل علم يؤخذ مِن أهله المتخصصين فيه, كما قال الإمام مالك -رحمه الله- إمام دار الهجرة -وهو ممن كان قد أخذ القراءة على نافعٍ شيخِ قالون- عندما سئل عن البسملة قال: "سَلُوا عن كلِّ علمٍ أهلَه, ونافعٌ إمامُ الناسِ في القراءةِ".
          فهو -رحمه الله- أحالهم على أهل الاختصاص
          وكذلك قال الشيخ الألباني -رحمه الله- حين سئل عن قول الإمام ابن الجزري: "من لم يجود القران آثم" - قال: "دائمًا أقول: إن العلم يؤخذ من أهل الاختصاص فيه, وهذا كلام رجل متخصص في هذا العلم, فيجب علينا أن نأخذ بقوله ما لم يتبين لنا خطؤه -وهيهات هيهات-" اهـ كلامه باختصارٍ. وهو في إحدى هذه المقاطع (http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=24028) ولكن لا أذكر في أيها تحديدًا.



          فمثلا لا يختلف أن المد الطبيعي واجب ، وأن يعطى الحرف حقه من المخرج وأن يعرب فلا يلحن .
          ولا شك أن الغنة والإدغام والإخفاء وغيرها من الأحكام فيها تحسين للقراءة لكن القول بأنها واجب ويؤثم من من لك يأتي بها يجعلنا نحكم بالإثم على جماهير المسلمين
          مِن هنا جاء استشكال مَن يقول بعدم الوجوب.
          لابد أن تلاحظ أن الذين قالوا بالوجوب قالوا بأن مَن يأثم بتركِه هو المستطيعُ -كما سيأتي في كلام الإمام ابن الجزري وغيرِه- وليس كلّ أحد
          ، وهذا لا يعني التزهيد في أحكام القرآن وترتيله كما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وأن الأولى والأحسن أن يرتل بالأحكام .

          وهنالك من يقول :
          بيت ابن الجزري رحمه الله له رواية أخرى صحيحة وهي :
          ....... من لم يصحح القرآن آثم
          الرواية الثابتة عن الإمام ابن الجزري هي: (من لم يجوِّد), وحتى روايةُ: (من لم يصحح) كان ابنُ الجزري يعني بها: التصحيح بمراعاة قواعد التجويد خاصةً.
          وانظر تعليقي على هذه اللفظة في تحقيقي لمتن: "الجزرية" (http://www.sahab.net/forums/index.ph...attach_id=1858).

          فالتصحيح شيء والتجويد شيء آخر .أي من يقرأ قراءة مخلة بالمعنى و الإعراب .
          و لا خلاف في أهمية علم التجويد .
          ونرى بعض القراء يغلون في الأحكام والتجويد إلى درجة كبيرة تخرجهم إلى الوسوسة .
          صحيح, وهؤلاء عابَ صنيعَهم أهلُ الأداء, وأنكروا عليهم ذلك
          مثل قول الإمام ابن الجزري:
          مكمَّلًا مِن غيرِ ما تكلُّفِ *** باللطف في النطق بلا تعسُّفِ

          والكلام يطول جدا .
          ولكن النقاش معَكَ لا يُمل (ابتسامة عريضة)

          أما القول بأن الأحكام بدعو فقوله هذا هو البدعة والله المستعان .
          وإليك التفصيل يا أبا النوادر:
          قال الدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في كتابه: "قواعد التجويد على رواية حفص عن عاصم بن أبي النجود" (ص 41-44):
          لكن وجوب التجويد وترتُّب الإثم على تركه فيه تفصيلٌ حسنٌ ذَكَرَهُ بعضُ العلماء:
          فقد قسموا التجويد إلى قسمين:
          - واجب: وهو ما يتوقف عليه صحة النطق بالحرف، فالإخلال به يغير مبنى الكلمة أو يفسد معناها، وذلك مثل معرفة مخارج الحروف وتحقيقها، ومعرفة الصفات التي تتميز بها بعض الحروف -كالاستعلاء والإطباق في الطاء، وكالتفشي في الشين، ومثل إظهار المظهَر، وإدغام المدغَم، وتفخيم المفخَّم، وترقيق المرقَّق، ومد ما يجب مده, وقصر ما يلزم قصره... ونحو ذلك من الأحكام المتعلقة ببنية الكلمة-، فمن أخل بشيء من تلك فقد أخل بالواجب؛ فيأثم مع القدرة على القيام به في محل الواجبات.
          وهذا القسم من التجويد يلزم كل قارئ للقرآن تحقيقُه على قدر طاقته، وبَذْلُ وسعه في إتقانه, حتى يصحح نطقَه بالقرآن, ويسلمَ من الوقوع في التحريف والتبديل في كتاب الله.
          - صناعي: وهو ما يتعلق بالمهارة في إتقان النطق الصحيح، وذلك ببلوغ الغاية في تحقيق الصفات والأحكام، وضبط مقادير المدود ضبطًا دقيقًا لا يزيد نصف درجة ولا ينقص، بل بعضُ القراء يزن المدود بأدق من ذلك فيفرق بين ربع الحركة في الزيادة أو النقص، ويدخل فيه مراعاة المعاني الخفية في الوقوف, فإن ذلك لا يدركه إلا المهرة في فهم القرآن.
          وهذا القسم لا يتعلق به إخلالٌ بالنطق, ولذا لا يجب على العامة إتقانُه, ولا يطالَبون به, ولا يأثمون بتركه؛ لأنه من أسرار هذا العلم وخفاياه التي لا يدركها إلا المهرةُ فيه.

          اللحن الجلي واللحن الخفي:
          اللحن يأتي لمعان كثيرة، والمراد به هنا: الخطأ في القراءة.
          وهو عند القراء ينقسم إلى قسمين: جلي، وخفي.
          اللحن الجلي: هو الخطأ الذي يطرأ على اللفظ فيخل بمبناه إخلالًا ظاهرًا يشترك في معرفته علماء القراءة وعامة الناس -سواء أدى ذلك إلى فساد المعنى أم لم يؤد-؛ مثل تبديل حرف بآخر، أو حركة بأخرى؛ كأن يضم التاء في قوله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}, وهذا مما يؤدي إلى فساد المعنى، أو يكسر التاء في قوله: {مَا قُلْتُ لَهُمْ} أو يفتحها. ومثالُ ما كان الإخلال فيه بالمبنى لا يؤدي إلى تغيير المعنى: أن يضم الهاء في قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أو يفتح الباء في {رَبِّ}، ومثله أن يحرك المجزوم في: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}. ومثال ما يؤدي إلى تبديل الحرف بآخر، أن يترك الإطباق والاستعلاء في الطاء فتنقلبَ تاءً أو دالًا في مثل: {الطَّامَّةُ الْكُبْرَى} .
          ومن اللحن الجلي: ترك المدود الطبيعية في مثل: {قَالَ}, و{إِنَّا نَحْن}, و{وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}؛ فتذهب ذات الحرف.
          ومنه ترك الإظهار في مواضع الإظهار، وترك الإدغام في مواضع الإدغام، وقصر المدود الواجبة واللازمة، وتفخيم ما يجب ترقيقه، وترقيق ما يجب تفخيمه، ونحو ذلك.
          ومنه الوقف القبيح الذي يكون فساد المعنى فيه ظاهرًا جليًا؛ مثل: أن يقف على المنفي من كلمة التوحيد في: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ / إِلاَّ اللَّهُ} .
          واللحن الخفي: هو الخطأ الذي يتعلق بكمال إتقان النطق لا بتصحيحه، فلا يدركه إلا أهل الفن الحذاق، ويخفى على العامة، وذلك مثل: عدم ضبط مقادير المدود بأن تنقص نصف درجة أو تزيد، أو عدم المساواة بين مقادير المدود الواحدة في المقرأ الواحد بأن يوسط المنفصل في موضع ويقصره في الموضع الذي يليه، ومثله قلة المهارة في تحقيق الصفات وتطبيق الأحكام كزيادة التكرير في الراءات، وتطنين النونات، وتغليظ اللامات في غير محل التغليظ.
          أما من وقع في اللحن الجلي فإنه...يأثم مع الإهمال، وأما من وقع في اللحن الخفي فهو أخف حكمًا, ويعتَبَرُ في عُرْفِ المجودين مخلًّا بالإتقان... .
          وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ما يفيد أنه لا ينبغي لطلبة العلم الصلاةُ خلف من لا يقيم الفاتحة ويقع في اللحن الجلي بحيث يغير حرفًا أو حركة، وأما من يخطئ فيما يعتبر من اللحن الخفي ويمكن أن تتضمنه القراءات الأخرى ويكون له وجه فيها فإنه لا تبطل صلاته ولا صلاة المؤتم به، كمن قرأ الصراط بالسين فإنها قراءة متواترة [انظر مجموع الفتاوى (22/ 443) و(23/ 350)]". اهـ كلام الدكتور القاري.

          ويقول الشيخ محمد خليل الحصري في كتابه: "أحكام قراءة القرآن الكريم" (ص37-44): "ينقسم الواجب في علم التجويد إلى قسمين: واجب شرعي, وواجب صناعي.
          والمراد بالواجب الشرعي: المحافظة على جوهر الكلمات القرآنية وحروفِها التي تتكون منها بِنْيَتُها, وعلى حركتِها وسكونِها, وشداتِها ومداتِها... إلى غير ذلك من الأمور التي يُعَدُّ تركُها مِن اللحن الجلي.
          فمن أدى هذه الأمور على وجهها فقد استحق الأجر والمثوبة؛ لقيامه بأداء واجب شرعي, ومَن تركَها أو تهاون في أدائها فهو آثم مستحق للعقاب؛ لِتركِه الواجبَ الشرعيَّ أو تهاونِه فيه. وهذا أمرٌ لا خلاف فيه.
          والمراد بالواجب الصناعي: ما يَحسُنُ فعلُه ويقبُحُ عند علماء التجويد تركُه؛ كإظهار ما حقه الإظهار, وإدغام ما حكمه الإدغام, وإخفاء ما يجب إخفاؤه, وتفخيم ما يجب تفخيمه, وترقيق ما يلزم ترقيقه, ومد ما يتعين مده, وقصر ما يتعين قصره... إلى آخر القواعد التي وضعها علماء التجويد وما اصطلح عليه أهل الأداء مِن أصولٍ.
          فمن راعى هذه القواعد في قراءته فقد أحسن وأجاد, واستحق من علماء الفن الثناء الحسن والذكر الجميل, وصار قدوة طيبة ومثلا يُحتذى به في جودة القراءة وحسن الأداء, ومن أهمل هذه القواعد أو قصر في أدائها استحق من علماء هذا الفن التأنيب والتعنيف والتقريع والتعزير.
          وهذا القسمُ قد وقع الخلاف؛ فذهب جمهور المتأخرين مِن أهل الأداء إلى أنه واجبٌ صناعةً لا شرعًا؛ فلا يترتبُ على تركِه إثمٌ, وأن الإخلال بهذه القواعد لحنٌ خفيٌّ؛ لأنه يختص به القراء ولا يدركُه غيرُهم.
          وأما المتقدمون ومَن ذهب مذهبَهم مِن المتأخرين فيرَوْنَ أن مراعاة هذه القواعد وتطبيقَها في القراءةِ واجبٌ شرعيٌّ أيضًا, يثابُ عليه فاعلُه, وأن الإخلالَ بها مِن اللحن الجلي والخطإِ البيِّن الذي يُذَمُّ فاعلُه ويعاقبُ عليه. فليس بين القسمين فرقٌ في الحكم عندهم, بل الحكم في كل منهما واحدٌ, وهو الوجوب الشرعي, وليس عند هؤلاء ما يسمى واجبٌ صناعةً.
          ومذهب المتقدمين ومَن وافقهم هو الحق الذي لا معدل عنه... .
          ورأيي أن اللحن الخفي إنما هو عدمُ إحكام التلاوة, وترك الإتيان بها في أدقِّ صورِها وأروعِ مظاهرِها؛ وذلك بأن يُنقص القارئُ الغنة عن المقدار المقرر لها, فيُنقِصُها ربعَ حركةٍ -مثلا- أو أقل مِن الربُع, أو يزيدها عن المقدار ربع حركة –مثلا- أو أقل, أو يجعل المد اللازم خمس حركات ونصف أو خمس حركات وثلاثة أرباع حركة, أو يجعله ست حركات وربع, أو يفاوِت بين المدود المتصلة والمنفصلة –مثلا- فيقرأ بعضها بخمس حركات –مثلا- وينقص بعضها عن هذا المقدار ولو قليلا أو يزيد بعضَها عليه ولو قليلا, وبأن يقف على بعض الكلمات بالرَّوْمِ ثم يقف على نظيرتها بالسكون المحض أو الإشمام, وبأن يبالغ في تفخيم الحروف المفخمة فيزيد عن الحد المطلوب, وبأن يبالغ في ترقيق الحروف المرققة فيزيد عن الحد المطلوب, وبأن يبالغ في تحقيق الهمز المسبوق بحرف مدٍّ حتى يُتوهم أنه مشدد, وبأن ينطق بالحرف المضموم دون أن يضم شفتيه بالمقدار المطلوب, وبالمفتوح دون أن يفتح فمه بالمقدار المطلوب, وبالمكسور دون أن يخفضه بالمقدار المطلوب... إلى غير ذلك من الأمور التي لا ينتبه لها إلا المهرة الحذاق في التجويد علما وعملا.
          فاللحن الخفي عبارة عن ارتكاب هذه الأمور أو بعضِها أو ما يشبهها.
          وارتكابُها لا يُخل بالقراءة الصحيحة, ولا يقدح في ضبط التلاوة وحسنِها, وإنما يخل بكمال الضبط ونهاية الحُسن, والبلوغ بالقراءة إلى أسمى مراتب الإحسان والإتقان. وعلى هذا لا يكون ارتكاب هذه الأشياء محرما ولا مكروها, بل يكون خلاف الأولى والأفضل والأكمل. والله تعالى أعلم". اهـ كلام الحصري بتصرف واختصار.
          وهذه بعض النصوص عن علماء القراءة المتقدمين ومَن وافقهم من المتأخرين تدعم ما قرره القاري والحصري:
          1- أخرج الطبراني في "المعجم الكبير" (8677) من طريق سعيد بن منصور؛ حدثنا شهاب بن خراش: حدثني مسعود بن يزيد الكندي؛ قال: "كان ابنُ مسعود يقرئُ القرآنَ رَجُلًا، فقرأ الرجلُ: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} مرسلةً, فقال ابنُ مسعود: "ما هكذا أقرأنيها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-". قال: "كيف أَقْرَأَكَهَا يا أبا عبد الرحمن؟". قال: "أقرأنيها: {إنما الصدقات للفقرآء والمساكين}". فمَدَّها". [انظر "الصحيحة" (5/ 279 - 280) برقم 2237].
          قال الشيخ خالد بن عبد الرحمن في شرحه لهذا الأثر: "أنكر ابنُ مسعود على هذا الرجل قَصْرَ المد المتصل, وجعَلَ الحجة في الإنكار أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لَم يقرأْها على هذا النحو, وإنما قرأَها بالمد". اهـ.
          وقال المرصفي في "هداية القاري" (ص57): "فإذا تأملنا هذا [الأثر] وألقينا عليه نظرةً فاحصةً..., نجدُ أن ابنَ مسعودٍ –وهو الصحابي الجليل- لم يسمحْ للرجل في عدمِ مد لفظ: {الفقراء} -[مع أن] هذا شيءٌ لا يغيِّرُ المعنى-, وأوقَفَه عن القراءة ثم عاد وقرأ لفظ: {الفقراء} ممدودًا, وما ذاك إلا لأن ابن مسعود قرأ هذا اللفظ ممدودًا على سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-..., فما بالُكَ بالقراءةِ التي فيها تركُ الإظهارِ والإدغامِ والإخفاء...؟!". اهـ
          2- قال ابن الباذش في "الإقناع" (1/552): "اعلم أن القراء مجمعون على إلزام التجويد, وهو إقامة مخارج الحروف وصفاتها".
          3- قال أبو عمرٍو الداني في "الأرجوزة المنبهة": "مِن ألزمِ الأشياءِ للقراءِ *** تجويدُ لفظِ الحرفِ في الأداءِ".
          وقال في "التحديد" (ص11: "اعلموا أن كل حرف من حروف القرآن يجب أن يمكّن لفظُه, ويوفّى حقه من المنزلة التي هو مخصوص بها -على ما حددناه وما نحدده-, ولا يُبخَسَ [شيئاً] من ذلك فيتحول عن صورته ويزول عن صيغته, وذلك عند علمائنا في الكراهة والقبح كلحن الإعراب الذي يتغير فيه الحركات وينقلب به المعاني".
          4- وقال ابنُ الجزري في "الجزرية":
          وَالْأَخْـذُ بِالتَّـجْـوِيـدِ حَـتْمٌ لَازِمُ *** مَنْ لَـمْ يُجَوِّدِ الْـقُـرَانَ آثِمُ
          لِأَنَّهُ بِهِ الْإِلَـهُ أَنْـزَلاَ *** وَهَـكَـذَا مِـنْهُ إِلَـيْـنَـا وَصَـلاَ
          وَهُـوَ أَيْـضًـا حِـلْـيَةُ الـتِّلَاوَةِ *** وَزِيـنَةُ الْأَدَاءِ وَالْـقِـرَاءَةِ
          وقال في "النشر" (1/ 210-212): "وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأُمَّةَ كَمَا هُمْ مُتَعَبَّدُونَ بِفَهْمِ مَعَانِي الْقُرْآنِ وَإِقَامَةِ حُدُودِهِ مُتَعَبَّدُونَ بِتَصْحِيحِ أَلْفَاظِهِ وَإِقَامَةِ حُرُوفِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَلَقَّاةِ مِنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْحَضْرَةِ النَّبَوِيَّةِ الْأَفْصَحِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي لَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهَا وَلَا الْعُدُولُ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا، وَالنَّاسُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مُحْسِنٍ مَأْجُورٍ وَمُسِيءٍ آثِمٍ أَوْ مَعْذُورٍ، فَمَنْ قَدَرَ عَلَى تَصْحِيحِ كَلَامِ اللَّهِ –تَعَالَى- بِاللَّفْظِ الصَّحِيحِ الْعَرَبِيِّ الْفَصِيحِ، وَعَدَلَ إِلَى اللَّفْظِ الْفَاسِدِ الْعَجَمِيِّ أَوِ النَّبَطِيِّ الْقَبِيحِ, اسْتِغْنَاءً بِنَفْسِهِ, وَاسْتِبْدَادًا بِرَأْيهِ وَحَدْسِهِ, وَاتِّكَالًا عَلَى مَا أَلِفَ مِنْ حِفْظِهِ, وَاسْتِكْبَارًا عَنِ الرُّجُوعِ إِلَى عَالمٍ يُوقِفُهُ عَلَى صَحِيحِ لَفْظِهِ - فَإِنَّهُ مُقَصِّرٌ بِلَا شَكّ، وَآثِمٌ بِلَا رَيْبٍ، وَغَاشٌّ بِلَا مِرْيَةٍ؛ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ".
          أَمَّا مَنْ كَانَ لَا يُطَاوِعُهُ لِسَانُهُ، أَوْ لَا يَجِدُ مَنْ يَهْدِيهِ إِلَى الصَّوَابِ بَيَانُهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا... .
          [وقَدْ] عَدَّ الْعُلَمَاءُ الْقِرَاءَةَ بِغَيْرِ تَجْوِيدٍ لَحْنًا, وَعَدُّوا الْقَارِئَ بِهَا لَحَّانًا, وَقَسمُوا اللَّحْنَ إِلَى جَلِيٍّ وَخَفِيٍّ، وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّهِ وَتَعْرِيفِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ اللَّحْنَ فِيهِمَا خَلَلٌ يَطْرَأُ عَلَى الْأَلِفَاظِ فَيُخِلُّ، إِلَّا أَنَّ الْجَلِيَّ يُخِلُّ إِخْلَالًا ظَاهِرًا يَشْتَرِكُ فِي مَعْرِفَتِهِ عُلَمَاءُ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرُهُمْ، وَأَنَّ الْخَفِيَّ يُخِلُّ إِخْلَالًا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ عُلَمَاءُ الْقِرَاءَةِ وَأَئِمَّةُ الْأَدَاءِ, الَّذِينَ تَلَقَّوْا مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ, وَضَبَطُوا عَنْ أَلْفَاظِ أَهْلِ الْأَدَاءِ, الَّذِينَ تُرْتَضَى تِلَاوَتُهُمْ، وَيُوثَقُ بِعَرَبِيَّتِهِمْ, وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنِ الْقَوَاعِدِ الصَّحِيحَةِ، وَالنُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ، فَأَعْطَوْا كُلَّ حَرْفٍ حَقَّهُ, وَنَزَّلُوهُ مَنْزِلَتَهُ وَأَوْصَلُوهُ مُسْتَحَقَّهُ، مِنَ التَّجْوِيدِ وَالْإِتْقَانِ، وَالتَّرْتِيلِ وَالْإِحْسَانِ.
          قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِهِ: "الْمُوَضِّح فِي وُجُوهِ الْقِرَاءَاتِ" فِي فَصْلِ التَّجْوِيدِ مِنْهُ -بَعْدَ ذِكْرِهِ التَّرْتِيلَ وَالْحَدَرَ وَلُزُومَ التَّجْوِيدِ فِيها- قَالَ: "فَإِنَّ حُسْنَ الْأَدَاءِ فَرْضٌ فِي الْقِرَاءَةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْقَارِئِ أَنْ يَتْلُوَ الْقُرْآنَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ؛ صِيَانَةً لِلْقُرْآنِ عَنْ أَنْ يَجِدَ اللَّحْنُ وَالتَّغْيِيرُ إِلَيْهِ سَبِيلًا. عَلَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ حُسْنِ الْأَدَاءِ فِي الْقُرْآنِ فَبَعْضُهُمْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مَقْصُورٌ عَلَى مَا يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ قِرَاءَتُهُ فِي الْمُفْتَرَضَاتِ، فَإِنَّ تَجْوِيدَ اللَّفْظِ وَتَقْوِيمَ الْحُرُوفِ وَحُسْنَ الْأَدَاءِ وَاجِبٌ فِيهِ فَحَسْبُ، وَذَهَبَ الْآخَرُونَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ قَرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ كَيْفَمَا كَانَ; لِأَنَّهُ لَا رُخْصَةَ فِي تَغْيِيرِ اللَّفْظِ بِالْقُرْآنِ وَتَعْوِيجِهِ وَاتِّخَاذِ اللَّحْنِ سَبِيلًا إِلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ, قَالَ اللَّهُ –تَعَالَى-: {قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}" انْتَهَى.
          وَهَذَا الْخِلَافُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ غَرِيبٌ، وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ، بَلِ الصَّوَابُ -عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ-، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْحُجَّةُ أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ فِي تَجْوِيدِهِ, وَصَوَّبَ مَا صَوَّبْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ". اهـ كلام ابن الجزري
          5- ونصَّ ناصر الدين الطبلاوي على الوجوب في أحكام التجويد, واحتج لذلك –مِن ضمن ما احتج- بأن الفقهاء والأصوليون أجمعوا على أنه لا تجوز القراءة بالشاذ -مع وروده في الجملة-، فما بالك بقراءة ما لم يرد أصلًا؟!
          6- وممن نقل الإجماع في هذه المسألة: الشيخ خالد بن عبد الرحمن؛ حيث قال: "اتفق علماءُ الفن؛ علماءُ القراءةِ؛ الذين نقَلوا إلينا هذا العلمَ الجليل – اتفقوا مِن ناحية الجملة على أن تطبيق أحكام التجويد واجبٌ, وأنه لا بد منه؛ لأن القرآن كلامُ الله يُقرأ على الوجه الذي أنزله الله, ولا شك أن ذلك بقدر المستطاع, "الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة, والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران". إذن عندما نقول: واجب؛ لا يقال: هذا الرجل العامي أو المرأة العجوز كيف تقرأ التجويد؟
          قال عليه الصلاة والسلام: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه, وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" " اهـ
          ثم إنني استنبطتُ شيئًا لا أدري هل استنباطي له صحيح أم لا, ولكن سأبحث لأتأكد مِن صحته –إن شاء الله-, وسأضع هذا الاستنباط بين يديك لعلك توافقُني أو تخطؤني:
          حديث: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"؛ نحن نعرف أن لفظة: "ليس منا" هي مِن الألفاظ التي تدل على الوجوب, فإذا كان التغني واجبًا مع أن تركَه لا يؤثر في النص القرآنيّ كما يؤثرُ تركُ أحكامِ التجويد؛ فما بالُك بأحكام التجويد التي إذا تركناها تأثَّرَ بتركِها النصُّ القرآنيُّ مِن جهة الفصاحة, والله سبحانه يقول: {قرآنًا عربيًّا غير ذي عوج} وقال: {بلسان عربي مبين}, والعرب كانت تستعمل هذه الأحكامَ في كلامِها –باستثناء أمورٍ أربعةٍ ذَكَرَها بعضُ علماء الفن سأذكرها بعد هذا-؛ فقد كانت العرب تقلقِل وتُخفي وتُدغِمُ وتفخم وترقق وتهمس... إلخ, فإذا نَطَقْنَا القرآنَ بدونِ هذه الأحكام أتيْنَا بألفاظٍ غيرِ فصيحةٍ!
          والأمور التي انفرد بها النص القرآني عن كلام العرب حصرها بعضُهم في أمورٍ أربعةٍ:
          1- السكت في المواضع التي ورد فيها السكت.
          2, 3- تطويل الغنن والمدود في المواضع التي ورد فيها ذلك.
          4- التغني.

          هذا ما تيسر لي جمعُه حول هذه المسألة, فإن أصبتُ فمن الله, وإن أخطأتُ فمني ومن الشيطان وأستغفر الله منه.
          وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
          التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن علي المالكي; الساعة 27-Jun-2014, 09:41 PM.

          تعليق


          • #6
            رد: حتى لا يُساء الظنُّ بالأئمة

            المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي مشاهدة المشاركة
            يجب أن نفهم ونعرف مقاصد العلماء في مسألة ما وذلك بجمع كلامه المحكم وهذا نص لشيخ الإسلام وأنظرو ماذا أنتم قائلون :
            هل المعني بالسؤال الفريق الذي يقول بوجوب الأحكام أم الفريق الذي يقول بأن أحكام التجويد بدعة (ابتسامة)

            قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (مجموع الفتاوى)(50/16) :
            (ولا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن ؛ إما بالوسوسة فى خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها وإمالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وغير ذلك ، فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عنفهم مراد الرب من كلامه ، وكذلك شغل النطق ب "أأنذرتهم" وضم الميم من عليهم،ووصلهابالواو،وكسر الهاء أو ضمها ونحو ذلك، وكذلك مراعاة النغم وتحسين الصوت) .
            بالمناسبة؛ هناك مَن يستدِلُّ بهذا النقل على أن شيخَ الإسلام يرى عدم مشروعية قراءة القرآن بأحكام التجويد. وهذا غلطٌ على شيخ الإسلام, وحاشاه مِن ذلك, وقد نقلتُ عنه بعض النصوص في المشاركة الأصلية تبيّن أنه لا يقصد ذلك.
            وكيف يقصد شيخ الإسلام ذلك وهو يقول: القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول؟
            وكيف يقصد ذلك وهذه الأمور وردَت عن سيد البشر -صلوات الله وسلامه عليه- وقرأ بها الصحابة والتابعون وأتباع التابعين ومَن أتى بعدهم مِن الأئمة والعلماء, بل وتخصَّصَ فيها أُمم مِن أهل العلم والفضل؟
            وكيف يقول ذلك والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن".

            ونحن إذا تأملنا كلام شيخ الإسلام نجد أنه موجَّهٌ إلى الموسوسين, والذين ينشغلون عن التدبر بِالوسوسة في نطق الحروف والتغني, وليس إلى مَن يقرأ بهذه الأشياء مِن غير تنطُّعٍ ولا انشغال بها عن التدبُّر.
            وقد أشرتُ إلى هذا الأمر في موضوعٍ سابقٍ عنوانه: "صفات القارئ المتقن".

            ومَن كان عنده توضيح فليتفضل به -مشكورًا-.

            تعليق


            • #7
              رد: حتى لا يُساء الظنُّ بالأئمة

              أما عما هو مكتوب بالأحمر فمعلوم لديك الإجابة
              أما عمن يستدِلُّ بهذا النقل على أن شيخَ الإسلام يرى عدم مشروعية قراءة القرآن بأحكام التجويد. فلست منهم بارك الله فيك ، ومعاذ الله أن تكون عقيدتي هذه أو فهمي لكلام شيخ الإسلام هكذا والله الموفق .

              تعليق


              • #8
                رد: حتى لا يُساء الظنُّ بالأئمة

                تنبيه: يعني العلامةُ الألبانيُّ بقوله: "وهيهات هيهات" أنه لم يَجِدْ فيما اطّلَع عليه مِن كُتُبِ السنن والآثار -على كثرتِها- دليلًا يخطِّئ به الإمامَ ابنَ الجزري ومَن وافقَه فيما ذهبوا إليه مِن القول بالوجوب.

                وقد وجدتُ المقطع -ولله الحمد-. وهذا رابطُ تحميله: http://alathar.net/home/esound/index...t&cntid=155594
                وهو من الشريط الخامس عشر مِن (متفرقات الألباني).

                تعليق


                • #9
                  رد: حتى لا يُساء الظنُّ بالأئمة

                  المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي مشاهدة المشاركة
                  أما عما هو مكتوب بالأحمر فمعلوم لديك الإجابة
                  المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي مشاهدة المشاركة
                  أما عمن يستدِلُّ بهذا النقل على أن شيخَ الإسلام يرى عدم مشروعية قراءة القرآن بأحكام التجويد. فلست منهم بارك الله فيك ، ومعاذ الله أن تكون عقيدتي هذه أو فهمي لكلام شيخ الإسلام هكذا والله الموفق .

                  أخطأتَ في (أمّا) الأولى و(أما) الثانية؛
                  - فبالنسبة لللأمر الأول؛ أنا لَم أسأل إلا لوجود استشكالٍ عندي.
                  - وأما بخصوص الأمر الثاني؛ فأنا لَمْ أعنِ البتة أنك مِن أولئك الذين أشرتُ إليهم, أنا أعرفُك جيدًا يا رجُل, وما كلامُك في مشاركتِك الأولى عنا ببعيد. وإنما كان هذا مِن باب: الشيء بالشيء يُذكر.
                  هل رأيتَ كيف أنك أخطأتَ في الاثنتين؟ (ابتسامة عريضة)

                  تعليق


                  • #10
                    رد: هل كانت قواعد التجويد تطبق على النصوص العربية قبل نزول القرآن الكريم ؟

                    المشاركة الأصلية بواسطة أبو العوام الأثري
                    بارك الله فيك . وفيك بارك الله!
                    ألا ترى معي أنَّ هذا الكلامَ يُضْعِفُ القولَ بوجوبِ التَّجويـد وتأثيمِ تارِكِه على قواعدِ المتأخِّرينَ
                    هذه القواعد وضعها أئمة القراءة واللغة المتقدمون آخذين إياها من القراءة المنقولة بالتواتر عن النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم!-، فما فعلوه إنما هو وضع قواعد لضبط هذه القراءة المنقولة، ولم يستحدثوا شيئا من عند أنفسهم، إنما هو الاتباع المحض، كما قالوا: (القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول)، وكما قال الشاطبي: (وما لقياسٍ في القراءة مدخل).
                    تماما كما فعل علماء النحو وعلماء الصرف في كلام العرب؛ فهم إنما كان دورهم وضع القواعد.
                    وأقدم مؤلَّف وصلنا من مؤلفات علماء العربية يتضمن قواعد من علم التجويد هو كتاب سيبويه، وأقدم مؤلف نعلمه من مؤلفات علماء القراءات هو كتاب القاسم بن سلام.
                    ، كقولِ ابنِ الجزري :
                    والأخْـذ بالتَّجويد حتمٌ لازمُ.........مَن لَـم يُـجَـوِّدِ القُـرانَ آثـمُ
                    لأنَّــه بِـــه الإلـــه أنْـــزَلَا.........وهكـذَا مِـنه إلَـيْـنَـا وصَـلَا
                    وغايَـةُ ما يدلُّ عليه جوازُه ـ وأقصاهُ استحبابُه من بابِ تفاضلِ اللُّغاتِ ، وحُسنِ التَّحسينِ !
                    ألم تر أن تحسين الصوت واجب -وهو من التحسين؟-ـ وأنَّه ليسَ بغريبٍ منْ لغةٍ العربِ الَّتي نزلَ بِها القرآنُ ، وليسَ ( بدعةً ) كما قالَ بعضُ العلماءِ ، ولكنَّ إيجابَه وتأثيمَ تاركِه يكادُ يكونُ بدعةً .
                    كلا.
                    هناك من نقل إجماع علماء القراءة المتقدمين على وجوب التجويد، ولعله قد مر بك شيء من نصوصهم في ذلك في الموضوع الذي أحلتُك عليه.
                    ثم إن الله -سبحانه- يقول: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، وأهل الذكر في هذا العلم هم علماء القراءة -كما قال العلامة الألباني، وكما لمّح بلذك الشيخ خالد بن عبد الرحمن-، قال العلامة الألباني: القول في هذه المسألة هو قول علماء القراءة، وعلينا أن نتبع قولّهم في ذلك ما لم يتبين لنا خطؤهم، وهيهات هيهات.
                    ثم إن الوجوب إنما هو على المستطيع، وأما من لم يطاوعه لسانه ولم يجد من يهديه إلى الصواب بيانُه فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها. كما في الحديث: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران".
                    ثم إن هذا الحديث لَمِن الحجج التي تردٌّ القول بجواز تطبيق أحكام التجويد، لأنه يدل على المشروعية لا الجواز.

                    وإذا أتيتَ إلى تفصيلِ الأحكامِ فبعضُها معَ بديهيَّـةِ جوازِها في اللغةِ أنكرها بعضُ الأئمَّـةِ
                    وقد كان لهم عذرهم في ذلك، وقد انعقد الإجماع على قبول قراءة حمزة وعلى الإنكار على من أنكرها -كما ذكر الإمام الذهبي-، ثم إن القراءة إن ثبتت فهي حجة على الجميع، ولا يسوغ لنا أن نردها بقول أحد من الأئمة -وهذا أمر بديهي عند أهل السنة-، كما وردَ عنِ الإمامِ أحمد رحمه الله تعالى أنَّه أنكرَ الإدغامَ ؛ لأنَّ فيه إذهابًا لحرفٍ منْ حروفِ كلامِ الله تعالى .
                    القراءات المتواترة كلها فيها إدغام، ولا تخلو قراءة من ذلك، فهل ننكر كل القراءات إذن؟! إن هذا لشيء عجاب!
                    ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم!- حجة على الجميع، وقد أجمع الناس على أن من استبانت له سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم!- لم يكن له أن يدعها لقول أحد.

                    كما أنَّ المبالغةَ في تطبيقِ هذه القواعدِ أقربُ إلى التَّنطُّعِ المنهيِّ عنه
                    حتى المبالغة في الوضوء والصلاة وغيرها من العبادات تنطُّعٌ منهي عنه، فهل نقول للناس: لا تصلوا ولا تتوضئوا؟!
                    كما تسمعُه ممنْ يكادُ يشقُّ شدقيه منْ شدَّةِ التَّفريقِ بينَ المفخَّمِ والمرقَّقِ
                    هذا شأنُه، ولا يُلام إلا هو
                    فهو أبدًا في ضمٍّ وبسطٍ لشفتيه
                    وهذا تكلُّفٌ عند علماء القراءة، وقد أنكروا التكلف أجمعين، ونصوصهم في هذا متكاثرة، فما ذنبُهم حينئذ؟!
                    وأنا أتكلمُ عنِ القراءةِ المرتَّلةِ ، لا قراءاتِ المحافلِ ؛ فتلكَ بدعٌ مركبٌ بعضُها فوقَ بعضٍ .
                    وقد أتاك الجواب.
                    وأيضًا ينبغي أن يُلْحظَ :
                    1 ـ أنَّ عنوانَ الموضوعِ وضعَ لتيسيرِ الفهمِ على عامَّةِ النَّاسِ ، وإلَّا فالمتقدِّمُ العملُ
                    وما هو الذي يمنع من العمل إذا طُبقت القواعد؟! ألم تر أن تحسين الصوت بالقراءة واجب؟ فهل نمنعه لأنه قد يُلهي بعض الناس عن التدبر؟!، والقواعدُ إنَّما استنبِطَتْ منْ عملِ أهلِ اللُّغةِ بل هي مستنبَطة من قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم!-؛ إذ قراءة القرآن توقيفية لا مجال فيها للاجتهاد ولا القياس، ولا تعتمد على السليقة العربية، بدليل: اقرؤوا كما علمتم، فعلماء القراءة أخذوا قواعد القراءة من قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم!-، بدليل أنهم أجازوا في الوقف على أواخر الكلم ثلاثة أوجه فقط، بينما هي كانت عند العرب أربعة، وبدليل أنهم يطيلون زمن الغنة في مواضع التطويل، والعرب لم تكن تفعل ذلك، وبدليل أنهم يطيلون المد فيما ورد فيه ذلك، والعرب لم تكن تزيد على مقدار المد الطبيعي... وهكذا.
                    وكانَ أوْلَى أنْ يُقالَ : ( هلْ كانَ العربُ يُجوِّدونَ كلامهمْ ؟
                    اعلم -وفقك الله!- أن أكثر قواعد التجويد كانت موجودة في كلام العرب، وهذه كتب اللغة تشهد بذلك، ولم ينفرد الأداء القرآني إلا بأمور حصرها بعضهم في أربعة؛ لأن القرآن له كيفية خاصة في الأداء ولا يُكتفى فيه بالفصاحة السليقية -كما هو معلوم-، كما قيل: القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول ) أو نحوَ هذا .
                    2 ـ أنَّ المقصودَ بتطبيقِ الأقدمينَ قواعدَ التَّجويدِ في كلامهمْ أُصُولَ الأحكامِ ، لا مقاديرها ، كمقادير المدودِ والغننِ
                    هناك أمور اجتهادية عند القراء هي تماما مثل أدعية الاستفتاح وصيغ التشهد وغيرها من الأمور التي هي من اختلاف التنوع، فما كان من اختلاف التنوع عند القراء يجوز القراءة بأي وجه منه ما لم يترتب على ذلك تركيبٌ ممنوع -كمن يقرأ: فتلقى آدمُ من ربه كلماتٌ-، وهناك أمور ليست محل اجتهاد -مثل الإظهار عند حرف القاف مثلا، فهذه لم يقل بها أحد من علماء القراءة، فخرجت عن أن تكون من خلاف التنوع. فالواجب في المد أن يأتي بأصل الزيادة، وأن لا يزيد على الحد الوارد، وأما المقادير فهي من باب اختلاف التنوع، وكذا بالنسبة لمراتب التفخيم، وغيرها من الأمور التي تتنوع.
                    ولا يخفاك إنكار ابن مسعود على من لم يمد المد المتصل في قراءته، ألا يدل هذا على شيء؟

                    ، ولا جميعَ الأحكامِ بالتفصيلِ وطريقةَ الأداءِ بـ ( الملِّي ) !
                    ثم إن الله -سبحانه- قال: {قرآنا عربيا غير ذي عوج}، فمن قرأه بسليقته المستعجِمة التي لم تعرفها العرب أصلا أو كانت عندهم ولكنها من اللهجاب المستهجنة عندهم، فهل قرأ هذا قرآنا عربيا؟!
                    ثم إن التساهل في هذا الأمر ذريعة إلى انتشار اللحن الخفي في قراءة القرآن، فما بالُنا ننبه على اللحون الخفية في اللغة وندع ذلك في كلام رب البرية؟!
                    فتأمل -وفقك الله!-.

                    تعليق

                    يعمل...
                    X