إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

فتاوى متعلقة بالأضحية للشيخ أبي عبد المعز محمد على فركوس حفظه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [فتاوى] فتاوى متعلقة بالأضحية للشيخ أبي عبد المعز محمد على فركوس حفظه الله




    هذه فتاوى متعلقة بالأضحية للشيخ أبي عبد المعز محمد على فركوس حفظه الله

    الفتوى رقم: ١١٦٨

    الصنف: فتاوى الأشربة والأطعمة - الأضحية
    في صفة ما تجوز التضحية به

    السؤال:
    ما حكم مكسورة القرن في الأضحية؟ وهل يُشترط كمال السلامة في الإجزاء؟ وكيف نجمع بين حديث عليٍّ رضي الله عنه: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضَحَّى بِأَعْضَبِ القَرْنِ وَالأُذُنِ»(١)، وبين قول عليٍّ رضي الله عنه عندما سئل عن مكسورة القرن قال: «لاَ يَضُرُّكَ»(٢)؟ أفيدونا مأجورين.
    الجواب:
    الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
    فقد نصَّت السنَّة المطهَّرة على العيوب التي تُرَدُّ بها الأضحية فلا تُجزئ معها باتِّفاق العلماء وهي:
    • العوراء البيِّنُ عَوَرُها بحيث يغشى البياضُ معظمَ ناظرها، وتدخل العمياءُ دخولاً أولويًّا.
    • المريضة البيِّنُ مرضُها، أمَّا خفيفة المرض فتُجزئ بمقتضى دليل خطابِ النصِّ الآتي ذكرُه.
    • العرجاء البيِّنُ عَرَجُها أو ظَلْعُها، ويدخل في هذا المعنى بالأحروية مقطوعةُ الرجل والمكسورتها.
    • العجفاء التي لا تُنْقِي، وهي الهزيلة التي لا مخَّ في عظامها لضعفها وهزالها.
    ويدلُّ على ذلك حديث البراء بن عازبٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «أَرْبَعٌ لاَ تُجْزِئُ فِي الأَضَاحِي: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لاَ تُنْقِي»(٣).
    وشرط البراءة مِن هذه العيوب المذكورة محلُّ إجماعٍ بين أهل العلم، قال النوويُّ -رحمه الله-: «وأجمعوا على أنَّ العيوب الأربعة المذكورة في حديث البراء وهو: المرض والعَجَف والعَوَر والعَرَج البيِّن لا تُجزئ التضحية بها، وكذا ما كان في معناها أو أقبحَ كالعمى وقطعِ الرجل وشبهه»(٤).
    أمَّا مكسورة القرن أو جزءٍ منه أو مشقوقةُ الأذُنِ فهي العضباء على خلافٍ في تحديد معناها، فحكمُها مختلَفٌ فيه للاختلاف في درجة الحديث الدائرة بين الحسن والضعف.
    فمَن حسَّن حديثَ عليٍّ رضي الله عنه: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضَحَّى بِأَعْضَبِ القَرْنِ وَالأُذُنِ»، وجاء مبيَّنًا بقول قتادة: «فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: «العَضْبُ مَا بَلَغَ النِّصْفَ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ»»(٥)، فقد دفع التعارضَ مع قول عليٍّ رضي الله عنه -عندما سئل عن مكسورة القرن- فقال: «لاَ يَضُرُّكَ» بأنْ حَمَل «العَضَبَ» في الحديث المرفوع على عدم الإجزاء إذا كان المكسور منه النصفَ فأكثر، أمَّا قوله: «لا يضرُّك» فقَدْ حَمَله على الإجزاء فيما دون النصف، وبذلك دفع التعارضَ بينهما، وبهذا قال النخعيُّ وأبو يوسف ومحمَّد بنُ الحسن وغيرُهم(٦).
    ومن ضعَّف حديثَ النهي عن مكسورة القرن ولم يثبت عنده نهيٌ عن العَضَب وعَمِل بمقتضى حديث عليٍّ رضي الله عنه: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالأُذُنَ»(٧)، ورأى أنَّ مكسورة القرن ومشقوقة الأذن عيبٌ لا ينقص اللحمَ ولا يُخِلُّ بالمقصود؛ قال بكراهية التنزيه في الأضحية التي تقترن بها هذه العيوبُ ويحصل بها الإجزاء، لأنَّ حديث عليٍّ رضي الله عنه في استشراف العين والأذن ليس فيه ما يدلُّ على عدم الإجزاء، وإنما يدلُّ على اجتناب ما فيه شقٌّ أو قطعٌ أو ثقبٌ ونحوُ ذلك. قال ابن عبد البرِّ -رحمه الله-: «العلماء مجمعون على أنَّ الجمَّاء [وهي التي لم يُخلق لها قرنٌ] جائزٌ أن يضحَّى بها، فدلَّ إجماعُهم هذا على أنَّ النقص المكروه هو ما تتأذَّى به البهيمةُ وينقص مِن ثمنها ومِن شحمها»(٨)، وإذا جازت التضحية بالجمَّاء فلَأَنْ تجوز بالعضباء التي ذهب أكثرُ مِن نصف قرنها مِن بابٍ أَوْلى(٩).
    ويدخل في هذا المعنى -أيضًا- العيوبُ الأخرى التي لا تأثير لها في الحكم لعدم صحَّة النهي عنها، فإنها تُجزئ في الأضحية -على الصحيح- وتُكره لكونها تنافي كمالَ السلامة كالبتراء مقطوعةِ الألية أو الذنَب، والجدعاءِ مقطوعةِ الأنف، والهتماء التي لا أسنان لها. قال ابن قدامة -رحمه الله-: «وتُكره المشقوقة الأذُنِ، والمثقوبةُ، وما قُطع شيءٌ منها؛ لِما روي عن عليٍّ رضي الله عنه قال: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ العَيْنَ وَالأُذُنَ، وَلاَ نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ وَلاَ مُدَابَرَةٍ، وَلاَ خَرْقَاءَ وَلاَ شَرْقَاءَ، قال زهيرٌ: قلت لأبي إسحاق: «ما المقابَلة؟» قال: «يُقطع طرفُ الأذن»، قلت: «فما المدابَرة؟» قال: «يُقطع من مؤخَّر الأذن»، قلت: «فما الشرقاء؟» قال: «تُشَقُّ الأذنُ»، قلت: «فما الخرقاء؟» قال: «تَشُقُّ أذُنَها السِّمَةُ»» .. وهذا نهيُ تنزيهٍ، ويحصل الإجزاءُ بها، لا نعلم فيه خلافًا؛ ولأنَّ اشتراط السلامة مِن ذلك يشقُّ، إذ لا يكاد يوجد سالمٌ من هذا كلِّه»(١٠)، انتهى كلام ابن قدامة.
    هذا، وتُجزئ الأضحية بالمَوْجوء والخَصِيِّ لأنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ -أي: خَصِيَّيْن-»(١١)، قال ابن قدامة -رحمه الله- -في جوازه-: «ولا نعلم فيه مخالفًا»(١٢).
    والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
    الجزائر في: ١٥ من ربيع الآخر ١٤٣٥ﻫ
    الموافق ﻟ: ١٥ فـبـرايـر ٢٠١٤م

    (١) أخرجه أحمد (١٠٤٧)، وأبو داود في «الضحايا» باب ما يُكره من الضحايا (٢٨٠٥)، والترمذي في «الأضاحي» بابٌ في الضحيَّة بعضباء القرن والأذن (١٥٠٤)، وصحَّحه أحمد شاكر في «تحقيقه لسنن الترمذي» (٢/ ٥٢)، وحسَّنه محقِّقو «مسند أحمد» طبعة الرسالة (٢/ ٣١٠)، وضعَّفه الألباني في «ضعيف الجامع الصغير» (٦٠١٦)، وقال في «الإرواء» (١١٤٩): «منكر».

    (٢) أخرجه أحمد (٧٣٤)، وانظر: «الإرواء» (٤/ ٣٦٢).

    (٣) أخرجه أبو داود في «الضحايا» باب ما يُكره من الضحايا (٢٨٠٢) والنسائي في «الضحايا» ما نُهي عنه من الأضاحي: العوراء (٤٣٦٩)، وابن ماجه في «الأضاحي» باب ما يُكره أن يضحَّى به (٣١٤٤)، وغيرهم من حديث البراء بن عازبٍ رضي الله عنه. وهو حديثٌ صحيحٌ. انظر: «نصب الراية» للزيلعي (٤/ ٢١٣)، و«البدر المنير» لابن الملقِّن (٩/ ٢٨٦)، و«التلخيص الحبير» لابن حجر (٤/ ٣٤٦)، و«الإرواء» للألباني (٤/ ٣٦١)

    (٤) «شرح مسلم» للنووي (١٣/ ١٢٠)، وانظر «الاستذكار» لابن عبد البرِّ (٥/ ٢١٥).

    (٥) صحَّحه الترمذي والحاكم، وضعَّفه أبو داود والألباني. انظر: «البدر المنير» لابن الملقِّن (٩/ ٢٩٣)، و«الإرواء» للألباني (٤/ ٣٦١).

    (٦) انظر: «المغني» لابن قدامة (٨/ ٦٢٤).
    ومذهب الجمهور أنه تُجزئ مكسورةُ القرن، أمَّا مالكٌ ففرَّق بين ما إذا كان قرنُها يدمى فلا تجوز كراهةً وإلاَّ جازت [انظر: «المجموع» للنووي (٨/ ٤٠٤)، «الاستذكار» لابن عبد البرِّ (٥/ ٢١٩)].

    (٧) أخرجه أبو داود في «الضحايا» باب ما يُكره من الضحايا (٢٨٠٤)، والترمذي في «الأضاحي»باب ما يُكره من الأضاحي (١٤٩٨)، من حديث عليٍّ رضي الله عنه، وصحَّحه ابن الملقِّن في «البدر المنير» (٩/ ٢٩١)، والألباني في «الإرواء» (٤/ ٣٦٢).

    (٨) «الاستذكار» لابن عبد البرِّ (٥/ ٢١٨).

    (٩) قال ابن عبد البرِّ في [«الاستذكار» (٥/ ٢١٩)]: «وفي إجماعهم على إجازة الضحيَّة بالجمَّاء ما يبيِّن لك أنَّ حديث القرن لا يثبت ولا يصحُّ، أو هو منسوخٌ؛ لأنه معلومٌ أنَّ ذهاب القرنين معًا أكثرُ مِن ذهاب بعض أحدهما».
    قلت: وقد خالف في ذلك بعض الحنابلة [انظر: «المغني» (٨/ ٦٢٦)].

    (١٠) «المغني» لابن قدامة (٨/ ٦٢٦).

    (١١) أخرجه أحمد (٢٥٨٤٢)، وابن ماجه في «الأضاحي» باب أضاحي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (٣١٢٢)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وحسَّنه ابن الملقِّن في «البدر المنير» (٩/ ٢٩٩)، والبوصيري في «مصباح الزجاجة» (٣/ ٢٢٢)، وصحَّحه الألباني في «الإرواء» (٤/ ٣٥١).

    (١٢) «المغني» لابن قدامة (٨/ ٦٢٥)، وقال: «والوجأ رضُّ الخصيتين، وما قُطعت خصيتاه أو شُلَّتا فهو كالموجوء».



    *************************************


    الفتوى رقم: ١١٦٢
    الصنف: فتاوى الأشربة والأطعمة - الأضحية
    في أفضل الأنعام في الأضحية

    السؤال:
    هل تجوز الأضحية بالمعز؟ وما هو الأفضل في الأضحية؟ وجزاكم الله خيرًا.
    الجواب:
    الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
    فلا يجزئ في الأضحية إلاَّ بهيمةُ الأنعام لقوله تعالى: ﴿لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٣٤]، وهي أزواجٌ ثمانيةٌ تصحُّ من الجنسين(١)، متمثِّلةً في: الجمل والناقة، والثور والبقرة، والكبش والنعجة، والتيس والعنز، ولكن لا يجزئ من المعز إلاَّ الثنيُّ وهو ما له سنةٌ فما فوقه؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً، إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ»(٢)، وأمَّا الجَذَع من المعز فقد نقل ابن عبد البرِّ -رحمه الله- إجماعَ العلماء على عدم إجزائها في الأضحية(٣).
    وأفضل الضحايا -عند الجمهور- يظهر على هذا الترتيب: الإبل ثمَّ البقر ثمَّ الغنم، وهذا الأخير على نوعين: الضأن ويليه المعز، وممَّا استدلُّوا به قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، ..»(٤)، وعلَّلوا الأفضليةَ بغلاء الثمن وهي علَّةٌ منصوصةٌ في حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنه قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟» قَالَ: «أَغْلاَهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا»(٥)، ولا يخفى أنَّ الإبل والبقر أعلى ثمنًا وَأكثرُ نفعًا وأكبرُ أجسامًا وأعود فائدةً: حُمولةً وطعمًا.
    وخالف في ذلك المالكيةُ ورتَّبوا الأفضليةَ على علَّة طِيب اللحم، فكان أفضلها: الضأنَ ثمَّ البقر ثمَّ الإبل، واستدلُّوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافَّات: ١٠٧]، أي: بكبشٍ عظيمٍ، ولأنَّ: «النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ..»(٦)، وهو صلَّى الله عليه وسلَّم لا يفعل إلاَّ الأفضل.
    والظاهر -عندي- أنَّ مذهب الجمهور أقوى تقديمًا لقول النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على فعله، ولأنه -بغضِّ النظر عن استدلالهم بالدليل المبيِّن لمقام الأفضلية بين بهيمة الأنعام- فقد علَّلوا أفضلية الترتيب بعلَّةٍ منصوصٍ عليها، بينما المالكية علَّلوا بعلَّةٍ مستنبَطةٍ، وما هو مقرَّرٌ -أصوليًّا- في باب قواعد الترجيح بالمعاني أنَّ العلَّة المنصوص عليها مقدَّمةٌ على غير المنصوص عليها؛ لأنَّ نصَّ صاحبِ الشرع عليها دليلٌ على صحَّتها وتنبيهٌ على لزوم اتِّباعها، ولأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قد يترك الأفضلَ لبيان الجواز أو لِفِعْلِ الأيسر، ولكن يمكن توجيه مذهب المالكية على أنَّ المضحِّيَ بالضأن أفضلُ من الشريك المُقاسم في الإبل أو في البقر، وهو رأيٌ له اعتبارُه ووجاهتُه.
    هذا، وإذا كان الأفضل في أنواع بهيمة الأنعام ما رتَّبه الجمهور، وتقرَّرت صحَّةُ الأضحية من الجنسين إلاَّ أنَّ التضحية بالذكر أفضلُ منها بالأنثى؛ لعموم قوله صلَّى الله عليه وسلَّم في أفضل الرقاب: «أَغْلاَهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا».
    أمَّا لون الأضحية فأفضلها البيضاء (العفراء) وهي أفضل من السوداء؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ضحَّى بكبشين أملحين، والأملح: الأبيض الخالص البياض(٧)، وإذا كان السواد حول عينيها وفمِها وفي رجليها أشبهت أضحيةَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم(٨)، قال النوويُّ -رحمه الله-: «أفضلها البيضاء ثمَّ الصفراء ثمَّ الغبراء -وهي التي لا يصفو بياضُها- ثمَّ البلقاء -وهي التي بعضُها أبيض وبعضها أسود- ثمَّ السوداء، وأمَّا قوله في الحديث الآخر: «يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ»(٩) فمعناه أنَّ قوائمه وبطنَه وما حول عينيه أسود»(١٠).
    والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
    الجزائر: ١٣ رمضان ١٤٣٤ﻫ
    الموافق ﻟ: ٢٢ جويلية ٢٠١٣م

    (١) لقوله تعالى: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهَذَا﴾ [الأنعام: ١٤٣-١٤٤]. هذا، وليس في ترتيب الضأن والمعز قبل الإبل والبقر في الآية تقديم أفضلية لنوعها، وإنما هو أسلوب قرآني بديع يتجلى فيه الترقي من الأدنى إلى الأعلى.

    (٢) أخرجه مسلم في «الأضاحي» (١٩٦٣) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

    (٣) انظر: «التمهيد» لابن عبد البرِّ (٢٣/ ١٨٥).

    (٤) أخرجه البخاري في «الجمعة» باب فضل الجمعة (٨٨١)، ومسلم في «الجمعة» (٨٥٠)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

    (٥) أخرجه أحمد (٢١٥٠٠) من حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (١١٠٥)، وفي رواية: «أَعْلاَهَا ثَمَنًا...» أخرجها البخاري في «العتق» بابٌ: أيُّ الرقاب أفضل (٢٥١٨)، وفي أخرى: «وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا..» أخرجها مسلم في «الإيمان» (٨٤).

    (٦) أخرجه البخاري في «الأضاحي» باب وضعِ القدم على صَفْحِ الذبيحة (٥٥٦٤)، ومسلم في «الأضاحي» (١٩٦٦)، من حديث أنسٍ رضي الله عنه.

    (٧) انظر: «شرح مسلم» للنووي (١٣/ ١٢٠).

    (٨) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٦/ ٣٠٨).

    (٩) أخرجه مسلم في «الأضاحي» (١٩٦٧) من حديث عائشة رضي الله عنها.

    (١٠) «شرح مسلم» للنووي (١٣/ ١٢٠).

    *************************


    الفتوى رقم: ١١٦٠
    الصنف: فتاوى الهدي والأضاحي
    في حكم إخراج الأضحية قيمةً

    السؤال:
    هل يجوز إخراجُ ثمنِ الأضحية قيمةً بدلاً من القيام بذبحها؟ وجزاكم الله خيرًا.
    الجواب:
    الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
    فالمقصود من الأضحية التقرُّبُ إلى الله تعالى بذبحِ أو نحرِ بهيمةِ الأنعام وإراقةِ دمها في أيَّام عيد الأضحى، أي: في يوم العيد بعد الانتهاء مِن صلاة العيد أو في ثلاثة أيَّامٍ بعده، والأضحيةُ شعيرةٌ عظيمةٌ وسنَّةٌ واجبةٌ في حقِّ القادر عليها على الصحيح مِن قولَيِ العلماء، تجزئ عن المضحِّي وعن أهل بيته كما ثبت ذلك في النصوص الحديثية.
    لذلك كان إخراجُ ثمن الأضحية عِوَضًا عن ذبحها عملاً غيرَ مجزئٍ مخالفًا لهدي النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهديِ صحابته الكرام رضي الله عنهم، وقد صحَّ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(١).
    فضلاً عن أنه يترتَّب من العدول عن سنَّة الأضحية إلى التصدُّق بثمنها إماتةٌ لهذه الشعيرة المباركة التي قَرَنها اللهُ تعالى بالصلاة في العديد من المواضع في القرآن الكريم.
    وضمن هذا المعنى -في فصلٍ متعلِّقٍ بأفضلية العقيقة على التصدُّق بثمنها ولو زاد- قال ابنُ القيِّم -رحمه الله-: «الذبح في موضعه أفضلُ من الصدقة بثمنه ولو زاد كالهدايا والأضاحي، فإنَّ نَفْس الذبح وإراقة الدم مقصودٌ، فإنه عبادةٌ مقرونةٌ بالصلاة كما قال تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: ٢]، وقال: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢]، ففي كلِّ ملَّةٍ صلاةٌ ونسيكةٌ لا يقوم غيرُهما مقامَهما، ولهذا لو تصدَّق عن دم المتعة(٢) والقِران(٣) بأضعافِ أضعافِ القيمة لم يَقُمْ مقامَه، وكذلك الأضحيةُ»(٤).
    والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
    الجزائر: ٢٨ شعبان ١٤٣٤ﻫ
    الموافق ﻟ: ٠٧ جويلية ٢٠١٣م

    (١) أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الأقضية (١٧١٨)، من حديث عائشة رضي الله عنها، وقد اتفق الشيخان على إخراجه بلفظ «من أحدث من أمرنا ما ليس منه فهو رد».

    (٢) وهو أن يذبح المتمتِّع بالحجِّ ما تيسَّر من الهدي، والتمتُّع بالحجِّ هو أن يُحرم الآفاقيُّ بالعمرة في أشهر الحجِّ من الميقات، وسبيلُه إذا وصل إلى البيت أن يطوف ويسعى ويُتِمَّ عمرتَه ويخرجَ من إحرامه ثمَّ يقيم حلالاً بمكَّة إلى يوم الحجِّ ثمَّ يحجُّ من نفس العام، وعليه هديٌ [انظر: «النهاية» لابن الأثير (٤/ ٢٩٢)].

    (٣) وهو أن يذبح القارن بالحجِّ ما تيسَّر من الهدي، والقارن بالحجِّ هو أن يُحرم الآفاقيُّ بالحجِّ والعمرة معًا ويسوقَ الهديَ مِن بلده أو مِن الميقات ولا يتحلَّلَ مِن إحرامه حتى ينحر هديَه يوم النحر [انظر: «النهاية» لابن الأثير (٤/ ٢٥٢)، «نيل الأوطار» للشوكاني (٦/ ٤٥)].

    (٤) «تحفة المودود» لابن القيِّم (٨١).

    **************************************


    الفتوى رقم: ١١٦١
    الصنف: فتاوى الأشربة والأطعمة - الأضحية
    في حكم مَن ذَبَح ليلةَ العيد

    السؤال:
    يَعْمِد بعضُ المضحِّين إلى ذبح الأضحية ليلةَ العيد خشيةَ زحمة الناس على الجزَّارين والقصَّابين، معلِّلين بأنَّ الدين يسرٌ، والله تعالى رَفَع الحرجَ، فهل يصحُّ هذا الفعل؟ وجزاكم الله خيرًا.
    الجواب:
    الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
    فقد نقل ابنُ المنذر وغيرُه إجماعَ العلماء على أنَّ الأضحية لا يجوز ذبحُها قبل طلوع الفجر مِن يوم النحر وهو يوم العيد(١)، وعليه فلا يختلف العلماء في عدم إجزاء الأضحية في ذلك الوقت، بل تُعَدُّ شاتُه شاةَ لحمٍ ذَبَحها لنفسه ويقدِّمها لأهله، لحديث البراء بن عازبٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ»(٢)، والتعليلُ الوارد في السؤال لا يصيِّرها نُسُكًا في شيءٍ، لأنَّ الأضحية عبادةٌ محدَّدةٌ بوقتٍ ميسَّرٍ للجميع، فلا يجوز -بحالٍ- العدولُ عنه.
    والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
    الجزائر: ٠٢ رمضان ١٤٣٤ﻫ
    الموافق ﻟ: ١١ جويلية ٢٠١٣م

    (١) انظر: «الإجماع» لابن المنذر (٥٦)، «شرح مسلم» للنووي (١٣/ ١١٠).

    (٢) أخرجه البخاري في «الأضاحي» باب قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأبي بردة: «ضحِّ بالجذع من المعز، ولن تَجْزِيَ عن أحدٍ بعدك» (٥٥٥٦)، ومسلم في «الأضاحي» (١٩٦١) من حديث البراء بن عازبٍ رضي الله عنه.




    ***********************





يعمل...
X