إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

موعظة في العفو | فضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر -حفظه الله -

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية وتفريغها] موعظة في العفو | فضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر -حفظه الله -




    موعظــة في العفـــو

    لفضيلة الشيخ الدكتور
    عبد الرزاق البدر
    -حفظه الله-

    [من شرح العقيدة الواسطية / ش19]

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
    «وقوله سبحانه: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء-149 ]، وقوله: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور-22 ] ».
    ===============================================
    ===



    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    أما بعد:

    فهاتان آيتان أوردهما المصنف -رحمه الله تعالى- لإثبات صفاتٍ لله -عز وجل- اشتملت عليها الآيتان؛ وهي العفو والمغفرة، والقدرة والرَّحمة، وجميع هذه الصفات دلت عليها الآيتان اللتان ساقهما المصنف -رحمه الله تعالى-.

    ¨
    الآية الأولى: قوله -جل وعلا-: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء-149 ] المقام هنا مقام حثٍّ على الأعمال الصالحات والطاعات الزاكيات، والتقرب إلى الله -عز وجل- سرًّا وعلنًا، ظاهًرا وباطنًا، بما يحبه -جل وعلا- ويرضاه، قلَّ العمل أو كثُر؛ لأن (إِنْ) في قوله: (إِنْ تُبْدُوا) شرطية، تتناول القليل والكثير؛ أي كل عمل تقوم به قلَّ أو كثر سرا أو عَلنا، فإن الله -سبحانه وتعالى- عفوٌّ قدير، أي يُحب ذلك من عباده وهي من أسباب نيل عفو الله –سبحانه تعالى- والفوز برحمته وغفرانه -عز وجل-.
    ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا﴾ أي تُظهروه فيكون من الأعمال الظاهرة، ﴿أَوْ تُخْفُوهُ﴾ أي يكون من الأعمال الخفية والأعمال الباطنة. ونَعلم جميعا أنَّ العبادة: "اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة"، فالله -عز وجل- يقول: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ﴾؛ ﴿خَيْرًا﴾ نكرة في سياق الشرط تفيد العموم أي: أيَّ خيرٍ يُقدِّمه الإنسان قولي أو فعلي، قليل أو كثير؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- يُثيب عليه ولا يَضيع عند الله -جل وعلا- شيئا.
    قوله: ﴿أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ﴾ هنا ذكر العفو وهو من جملة الخير لكنه خصَّه لعظيم شأنه وعظيم مكانته وجزيل ثواب أهله عند الله -سبحانه وتعالى-، قال: ﴿أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ﴾ والسوء يتناول كل ما يسُوء الإنسان أو يؤذي الإنسان أو يُحدث للإنسان به ضرر من قول أو فعل أو نحو ذلك، ﴿أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ﴾ والعفو هو التجاوز والصفح عن المسيء وعدم المؤاخذة على خطئه وتقصيره بأن يعفوا عنه أي يمحو الأثر فلا يُبقى في نفسه عليه شيء متجاوزا وصافحا ومُعرِضا وغير معاقبٍ ولا مُجازٍ، ﴿أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ ذكر -جل وعلا- العفو وحث عليه ورغَّب فيه، في هذا المقام -مقام فعل الخيرات-، وختم الآية بقوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ وهذا فيه تنبيه إلى أنَّ العبد كلما عظم حظه من العفو وكان من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس عظُم حظه ونصيبه من عفو الله.

    والله -سبحانه وتعالى- يحب من عباده القيام بمقتضيات أسمائه الحسنى وموجباتها؛ فهو -جل وعلا- محسن يحب المحسنين، جواد يحب أهل الجود، عفو يحب أهل العفو، رحيم يحب الرحماء، كريم يحب أهل الكرم، فيُحب من عباده القيام بما تقتضيه أسماؤه -جل وعلا-.

    ولهذا؛ لما حث على العفو عن السوء ختم بقوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا﴾ وضم إلى اسمه العفو: القدير، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ لأن العفو تارة يكون من الإنسان عن عجز؛ يعفو لعجزه عن العقوبة وعدم قدرته، لكن عفو الله -سبحانه وتعالى- عن قدرة، ولا يُعجزه -تبارك وتعالى- شيء في الأرض ولا في السماء.
    ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ العفُوُّ اسمٌ من أسماء الله -جل وعلا- فهو عفو يحب -جل وعلا- العفو، ولهذا شُرع لنا أن ندعو في ليلة القدر -كما صح في ذلكم الحديث عن عائشة رضي الله عنها- بقولنا: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا» فهو -جل شأنه- يحب العفو يحب أن يعفو.

    وعفوه -جل وعلا- عام وخاص.
    ¨هناك عفو عام وَسِع الخليقَة كلها؛ فترى في الناس من يبغي ويظلم ويقول في الله قولا عظيما وترى حِلْم الله عليه وعفوه بل وفتحه له لأبواب التوبة مهما كانت جريمته وجريرته ومهما كان ظلمه وبغيه، فأبواب العفو مفتوحة له مهما عظم الذنب وكبر الجرم.
    وفي القرآن شواهد ودلائل عديدة على هذا، اقرأ على سبيل المثال في سورة البروج قصة الذين خدُّوا الأخاديد وأضرموا فيها النيران وأخذوا يلقون فيها أهل الإيمان واحدا تلو الآخر، أخاديد أُجِّجت نيرانًا ويلقون فيها أهل الإيمان ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج: 8] ؛ ليس لهم جرم ولا ذنب إلا الإيمان بالله -تبارك وتعالى-، ففي هذا المقام وذكر الله -سبحانه وتعالى- لتلك الأعمال دعا هؤلاء إلى التوبة وفتح لهم أبوابها؛ قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا﴾ [البروج: 10] أي لهم مجال، مع هذا الإجرام ومع هذه الشنائع فالله عفو، من تاب تاب الله عليه مهما كان جرمه ومهما كان ذنبه. وأَعِدْ النظر متأملاً في هذا الإجرام: خَدُّوا أخاديدا في الأرض وأجَّجوا فيها نيرانًا وجلسوا ينظرون في أهل الإيمان يلقونهم واحدا تلو الآخر تضطرم فيهم النيران، والله يقول في هذا المقام: ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا﴾ أي أنّ باب التوبة -حتى لهؤلاء- مفتوح.
    فمهما عظم جرم الإنسان وكبر ذنبه فباب العفو مفتوح؛ فالله -جل وعلا- لا يتعاظمه ذنب،﴿‏‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ ‏‏[‏الزمر‏:‏ 53-54‏] فباب عفوه -جل وعلا- مفتوح.
    ومن عفوه العام -سبحانه وتعالى-: تمتيعه للباغي والظالم بالصحة، بالعافية، بالمال، بالرزق.. ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [فاطر-45 ] ولكن يعفو سبحانه -جل وعلا- هذا عفوٌ عام.

    ¨والعفو الخاص: أي بأهل الإيمان؛ بأن يوفقهم -سبحانه وتعالى- للتوبة والإنابة والثبات على الحق والهدى وملازمة الإنابة إلى الله والإقبال عليه -سبحانه وتعالى- ويعفو عن سيئاتهم ويغفر لهم ذنوبهم ويرفع -تبارك وتعالى- درجاتهم، فهذا عفوٌ خاصٌ بأهل الإيمان يكرمهم الله -سبحانه وتعالى- به ويتفضل -جل وعلا-، فهو عفُوّ يحب العفو ويحب العافين عن الناس، ولهذا قال: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران:134] أي من كان كذلك فهو محسن والله يحبه، فالله -عز وجل- يحب من يعفو عن الناس، يُظلَم ويُعتَدى عليه ويُساء في حقه ثم يقابِل ذلك بالعفو وهو مظلوم وأُسيء إليه واعتُدي عليه في مال أو عرض أو في غير ذلك فيعفو، يحب الله -سبحانه وتعالى- ذلك ويُثيب عليه عظيم الثواب ويجزي عليه -تبارك وتعالى- عظيم الجزاء، لأنه يحب مِن عباده القيام بموجبات ومقتضيات أسمائه، فهو عفو يحب العفو ويحب العافين عن الناس.
    ولهذا؛ في هذه الآية التي ساقها شيخ الإسلام قال: ﴿ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ والقاعدة عند أهل العلم: أنَّ كل آية تُختم باسم أو أكثر من أسماء الله الحسنى فللاسم الذي خُتمت به تعلق بالمعنى المذكور في الآية، والتعلق هنا ظاهر من حيث أنَّ من يعفو له الحظ والنصيب الوافر من عفو العفو سبحانه وتعالى، كلما عظم حظ العبد من العفو عن الناس تقربًا إلى الله وطلبًا لثوابه بفعل هذا العمل الذي يحبه الله -سبحانه وتعالى- يفوز بعظيم عفو الله -سبحانه وتعالى-، والله -عز وجل- أرحم وأعظم عفوًا ورحمةً وجودًا وإحسانًا، فمن يتقرب إليه -جل وعلا- بالعفو عن الناس وكظم الغيظ والصفح والتجاوز ينال من عفْو الله -سبحانه وتعالى- نصيبًا عظيمًا وحظًا وافرًا. قال: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾.

    ¨ثم أورد قول الله تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور-22 ] وهذا جزءٌ من آيةٍ نزلت في أبي بكر -رضي الله عنه- ومِسْطَح بن أبي أثاثة ابن بنت خالة أبي بكر، له بأبي بكر صلة قرابة وإن كانت ليست قرابة شديدة، وإنما له به صلة قرابة فهو ابن بنت خالة أبي بكر -رضي الله عنه-، وكان مِسْطح بن أثاثة -رضي الله عنه وأرضاه- من فقراء الصحابة ومن المهاجرين وممن شهدوا بدرا، فهذه ثلاث؛ فقير ومهاجر وشهد بدرا، وفي الحديث أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في أهل بدر: «اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم» ، فكان -رضي الله عنه وأرضاه- حصل منه أنه خاض فيمن خاض في الإفك الذي رُميت به أُمُّنا عائشة -رضي الله عنها-، ولما نزلت براءتها بآياتٍ تُتلى في كتاب الله في سورة النور بدءًا من قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ﴾ لما نزلت براءتها -رضي الله عنها- بآياتٍ تُتلى في كتاب الله -عز وجل-، أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- حد القذف وجلَدَ مَن بَدَر منه خوضٌ في عائشة -رضي الله عنها- وكان ممن جلدهم النبي -صلى الله عليه وسلم- مِسْطح.
    أبو بكر -رضي الله عنه- كان يُنفق على مِسْطح لفقره ولقرابته، فكان ينفق عليه ويتعهده بالنفقة ويحسن إليه فلما نزلت البراءة لأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها-، حلف أبو بكر -رضي الله عنه- بالله ألاَّ يُنفق على مِسْطح بعد هذا الذي قاله -أبدًا- حلف بالله ألا يُنفق عليه أبدا، يعني يقطع عليه النفقة، فنزل قول الله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور: 22 ] ولاحِظ هذه الثلاث كلها مجتمعة في مِسْطح الذي حلف أبو بكر ألا ينفق عليه، فهو من أقربائه ومن المساكين ومن المهاجرين في سبيل الله كل هذه الثلاث اجتمعت فيه، وأبو بكر حلف بالله ألا ينفق عليه أبدا، فلما نزل: ﴿وَلَا يَأْتَلِ﴾ أي لا يحلف ﴿أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ أي أولوا الكرم والإحسان والجود والبذل والعطاء، ﴿ وَالسَّعَةِ ﴾ أي اليسار ممن وسَّع الله عليهم بالمال ويسَّر لهم المال ﴿ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ﴾ واللام للأمر ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ وهنا تأمَّل! المقام مقامٌ عظيمٌ جدًّا؛ أبو بكر -رضي الله عنه- الاتهام في عرض ابنته، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم-، الصدِّيقة بنت الصدِّيق -رضي الله عنهما-، أمرٌ مؤلمٌ جدًّا ! وأمرٌ غير محتَمَل! ولا يصبر عليه أحد، فلما نزلت هذه الآيات: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ قال -رضي الله عنه-: "بلى؛ أحب أن يغفر الله لي"! مباشرة بدون تردد، وهذه فيها سرعة استجابة الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- لأوامر الله وأوامر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بدون تردد، قال: "بلى؛ أحب أن يغفر الله لي" وأرجع إلى مِسطح نفقته من حينه وزاد على ذلك فقال: "والله لا أنزعها منه أبدًا"، لأنه يريد هذا الأمر الذي ذكره الله في قوله: ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ فقال: "بلى أحب أن يغفر الله لي".
    فعندما تكون همة الإنسان وقلبه متجه إلى هذا الأمر العظيم الكبير؛ وهو أن ينال محبة الله، هذه الأضغاث والأضغان كلها تتبدد أمام هذا المطمع الكبير، لكن إذا ضعف القلب عن التعلق بهذا المطمع الكبير والمقصد العظيم الجليل ينشغل بالأحقاد والأضغان والآلام.. إلى آخر ذلك، ويضعف عن العفو.
    ولهذا؛ مقام العفو لا ينهض إليه كل أحد، ولا تبلغه إلا النفوس الكبار. أما ضعيف النفس، ضعيف الإرادة، ضعيف العزيمة، لا ينهض قلبه ليعفو، لماذا؟ لأن نفس الإنسان تستشعر الإساءة التي وُجِّهت إليه، تستشعرها وتستذكرها، وأيضا الإنسان لا يريد أن يكون في مقام الضعف ومقام المُساء إليه، ولا يحتمل ذلك، ولهذا يريد أن ينتقم ويريد أن يرد العقوبة بالعقوبة والجزاء بالجزاء.

    مِن الناس مَن لا يعفو ويعاقب المسيء بالعدل في حدود إساءته، ومن الناس من لا يعفو ويعاقب المسيء بأشد من إساءته، فالمراتب في هذا المقام ثلاث، جمعها الله تعالى في قوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ فذكر -تبارك وتعالى- المراتب الثلاث؛ وهي:
    1. المرتبة الأولى: العدل؛ وهي مباحة ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ وقوله: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ ﴾ فالمرتبة الأولى: المجازاة بالمثل، وهي مباحة.
    2. والمرتبة الثانية: العفو؛ ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ وهذا في مقام الترغيب من أعظم ما يكون، وإذا ذكرت أنَّ العطية على قدر المُنعم وكرمه وفضله، وانظر هنا هذا الترغيب ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾. وكم هو جميل في بعض الخصومات التي تنشب أحيانا بعض المصلحين يقول: اصبر أجرك على الله، هذه -في الحقيقة- كلمةٌ عظيمةٌ جدًّا، مأخوذة من هذه الآية الكريمة، أي أجرك عظيم إن عفوتَ وصفحتَ، أجرك على الله، والله -سبحانه وتعالى- عظيمٌ في عفوه، في فضله، في كرمه، في إنعامه، يحب العافين عن الناس يحب الكاظمين الغيظ -جل وعلا-.
    3. قال: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ ثم قال: ﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ وهذه هي المرتبة الثالثة وهي المجازاة بالظلم، يجازي من أساء إليه بأن يظلمه ويتعدى عليه، وهذا لا يجوز ولا يحل.

    إذن؛ المراتب ثلاث:
    المرتبة الأولى مباحة وهي: المجازاة بالمثل.
    والمرتبة الثانية مستحبةٌ ومندوبٌ إليها ومُرَغَّبٌ فيها وهي: العفو.
    والمرتبة الثالثة محرَّمةٌ ومَنْهيٌ عنها وهي: الظلم، والظلم لا يحل، حتى من اعتدى على الإنسان فلا يظلمه، إنْ أراد يأخذ حقه ويعاقب بالمثل، أما أن يظلم من ظلمه فلا يجوز، فلا يتعدى الحد في حق من ظلمه.

    الشاهد؛ أنَّ أبا بكر -رضي الله عنه- لما سمع قوله تعالى: ﴿ألا تحبون أن يغفر الله لكم﴾ -و"أَلاَ" تأتي للحض والترغيب- قال -رضي الله عنه- مباشرة حين سمع هذا الحض وهذا الترغيب والحث: "بلى أحب أن يغفر الله لي" ومن حينها أرجع إلى مِسْطح نفقته وحلف بالله -رضي الله عنه- ألاَّ ينزعها أبدا، أي أنه سيستمر على هذا البر وهذه النفقة إلى الأبد، ومسطح -رضي الله عنه وأرضاه- هذا الذي كان منه هفوة وهو بشر يخطئ وكل بني آدم خطاء، وهو ممن شهد بدرا.

    ولهذا؛ يُنتَبه في هذا المقام ألا يَجتَرئ الإنسان على مقام النبلاء ومقام الأفاضل ومقام الأخيار ومقام الصحابة -رضي الله عنهم-، لأن بعض الناس ربما يحصل عنده شيء من الجرأة فيُسيء بكلمة أو يُسيء بدعاء أو بشيء، لا يمسك نفسه بسبب الجرأة التي تكون في بعض الناس.
    ولهذا؛ الإمام الذهبي -رحمه الله- في كتابه "سير أعلام النبلاء" في ترجمته لمِسْطح -رضي الله عنه- قال كلاما معناه: "انتبه يا جري - يعني يا جريء - أن تنظر شزرًا إلى هذا البدري لهَفوةٍ بَدَتْ منه فإنها قد غُفِرت وهو من أهل الجنة" أي لا تحملك جرأتك أن تقول فيه أو في غيره من الصحابة لأمرٍ حصل أو خطأ أو هفوة أو نحو ذلك تاب منها وعفا الله عنه فتتجرأ على مقامه -رضي الله عنه-، وهو بدري -ممن شهد بدرا-.


    الشاهد؛ أنَّ هذا المقام فيه حثٌّ على العفو، قال: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ﴾ ذكر في هذا المقام العفو والصفح.
    والعفو: هو عدم المؤاخذة.
    والصفح: الإعراض حتى كأنه لا يذكره أصلا، وهو أبلغ من العفو.
    قال: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ﴾ ترقى من الأدنى إلى الأعلى، وأول ما يبدأ الإنسان يعفو، فإذا وُفِّق لعالي المقامات صَفَح، ومعنى صفح أي أَعْرَض عن هذا الأمر الذي أُسيئ إليه به فلا يلتفت بقلبه إليه ولا يذكره أصلا، لكن هذه لا يبلغها إلا أصحاب النفوس الكبار الذين شغلت قلوبهم بعالي المقامات ورفيع المطالب، ليس كل قلب يبلغ ذلك، وهذا من الإحسان وهو من أعلى مراتب الدين، قال: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134]، وإلا فإن الإنسان غالبا وفي الأعم عندما يساء إليه بإساءة دون هذا بكثير، تبقى معه الإساءة تُزاحم قلبه؛ في كل لحظة وكل دقيقة أو دقيقتين تأتي في باله، وتبدأ في قلبه تتحرك ولا يكون في قلبه إلا فلان، وإذا جاء إلى فراشه يتقلب ساعتين ثلاث ساعات في خطأ يسير جدا حصل من فلان، فتجده يتقلب على الفراش ويحمل غيظا وحقدا وحنقا ضد هذا الذي أساء إليه ويصبح هو شغل قلبه الشاغل، بدل أن ينشغل بالمطالب العالية والفوز برضا الله -عز وجل- ومحبة الله وذكر الله تعظيم الله، ويشغل قلبه بذلك تجد قلبه أحيانا مشغول بقضايا صغيرة جدا، يحصل أحيانا بين بعض الإخوة والأحبة والأقارب والجيران، تحصل خصومة وهجر يستمر سنوات، وإذا فتشت في القضية تجدها نزغة شيطان في أمرٍ يسير جدا، لكن القلوب ضعيفة ليست كبيرة، فمثل هذه الأشياء تقف عندها وتبقى هي هي والتفكير مُنْصبٌ عليها ومنشغل بها وليس في القلب معانٍ كبار تشغله فتأتي هذه التوافه للقلب الفارغ من المعاني العالية فتشغله وتعشعش فيه، بينما القلوب الكبار مطلبها أجلّ ومقصدها أعظم وما يقوم فيها من عفوٍ وصفحٍ طمعًا في فضل الله وصفحه أعظم من الوقوف عند مثل هذه الأشياء.
    النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه حتى أَدْمَوْه فقال: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون»، وأيضا هذا ثبت في سيرته هو -صلى الله عليه وسلم-، يقول ابن تيمية -رحمه الله- جمع فيه ثلاثة أمور:
    1. العفو.
    2. وسؤال المغفرة لهم.

    3. والتماس العذر لهم.

    هو يدعوهم إلى التوحيد، إلى الإخلاص، إلى النجاة من النار، ويرمونه حتى يسيل الدم منه فيقول: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» عفا عنهم وسأل الله المغفرة لهم وتلمس لهم العذر، قال: «فإنهم لا يعلمون»، هذا لا تنهض له إلا القلوب الكبيرة، شخصٌ يُساء إليه وهو في أعظم عمل وأشرف مهمة؛ داعية لتوحيد الله، يعمل لإنقاذهم من النار ومن سخط الله، ثم يرمونه بالحجارة حتى يسيل الدم فيقول وهو يسلت الدم عن نفسه: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون»، عفو ودعاء والتماس العذر! هذا يبلغه من يُوَفَّق لهذا المقام: مقام الإحسان، الإحسان في عبادة الخالق والإحسان في معاملة الخلق.
    ولهذا؛ أبو بكر -رضي الله عنه- لما نزلت هذه الآية وقال الله: ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ كل إنسان يقول: أنا أحب أن يغفر الله لي، لكن الناحية العملية الإيمانية التي تترتب عليها آثارها.. قبل قليل يحلف ألا ينفق عليه وبمجرد أن تنزل هذه الآية يتحول إلى حلف آخر وهو ألا يقطع النفقة عنه، ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ قال: بلى أحب أن يغفر الله لي، فهذا مقام الأنبياء مقام الصديقين مقام المحسنين من عباد الله تبارك وتعالى، ولا يبلغ هذا المقام إلا من يكرمه الله، كالكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين.

    المصنف شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في هذا الباب حياته عجَب؛ أمضى حياته بالجد والاجتهاد والنصح والتعليم والدعوة ومحبة أهل الخير وبذل العلم ونفع الناس، أمضى حياته في ذلك وأُوذي من خصومه أذى عظيما وأُدخِل السجن مرات ومات في السجن -رحمه الله تعالى-، تسلَّط عليه خصومه تسلطًا عجيبًا؛ وِشايةً وكذبًا وافتراءً عليه وتزويرًا في كلامه ووشايةً عند السلطان، أمورٌ عظيمةٌ جدًّا حصلت له في حياته، ومرة لما خرج من السجن -رحمه الله- أراد بعض أصحابه أن يعملوا على معاقبة الذين أساءوا إليه وأدخلوه السجن، وكلموا شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في ذلك فقال -رحمه الله تعالى- في سياق هذا المقام: "قد أظهر الله من نور الحق وبرهانه ما ردَّ به إفك الكاذب وبهتانه"، فهِمَّتُه متجهة لشيءٍ آخر، يَحدِّثونه عن معاقبة من أساء إليه من اعتدى عليه من ظلمه لكن فِكْره وهِمَّته وقلبه متجهة لشيء آخر، قلبه وفكره ليس منشغلا بهذا الأمر، هم يحدثونه عن شيء وهو يحدثهم في شيء آخر، قال: "قد أظهر الله من نور الحق وبرهانه ماردَّ به إفك الكاذب وبهتانه"؛ فلا أحب أن يُنتصر لي من أحد، هذا يقوله بعد أن أمضى في السجن -ظلمًا وبغيًا عدوانًا- وقتًا طويلاً، يقول مثل هذا الكلام -رحمه الله-، يقول: "فلا أحب أن يُنتصر لي من أحد بسبب كذبه علي وظلمه وعدوانه فإني قد حلَّلت كل مسلم"، يعني كل مسلم في حِلٍّ مما قام في حقي من ظلم وكذب وعدوان، ولم يستثنِ -رحمه الله- مع شدة العدوان والبغي والظلم والأذى الذي ناله وطاله وطال أصحابه وإخوانه. شيء يُقرَأ في ترجمة شيخ الإسلام -رحمه الله- لا يوصف! اُنظر القلب بما هو مشغول، قال: "وأنا أحب الخير لكل المسلمين وأريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي، والذين كذبوا وظلموا فهم في حلٍّ من جهتي"، ثم ذكر لهم شاهدًا حتى يُؤنسهم لأن قلوبهم -قلوب أصحابه- متألمة ومستاءة جدًّا وتريد إيقاع العقوبة بهؤلاء، قال لهم: "وأنتم تعلمون أنَّ الصدِّيق الأكبر في قضية الإفك التي أنزل الله فيها القرآن حلف لا يَصِلُ مِسْطح بن أثاثة لأنه كان من الخائضين في الإفك، فأنزل الله: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ ﴾ إلى قوله: ﴿ لَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ فلما نزلت قال أبو بكر: "بلى أحب أن يغفر الله لي"، فأعاد إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه"، هذا العمل الكبير الذي قام به -رحمه الله- ذكر فيه أسوته، صدِّيق الأمة -رضي الله عنه- في هذه الحادثة العظيمة التي حصلت، وأراد أن يطيب خواطر أصحابه في حرصهم في تألمهم في إرادتهم إيقاع العقوبة بمن أساء في حق شيخ الإسلام ابن تيمية.
    أعجب من ذلك أنه -رحمه الله- لما خرج من السجن في إحدى المرات كان قد حصل بين السلطان وبين بعض القضاة الذين أساءوا إلى شيخ الإسلام وسعوا في قتله وألبوا عليه وحرضوا حصل في نفس السلطان تجاههم في بعض الأمور شيء فدعا ابن تيمية عنده يريد أن يستغل إساءتهم لابن تيمية -رحمه الله- فيستصدر منه فتوى في هؤلاء فأخذ السلطان يحث ابن تيمية أن يفتيه في قتل بعض القضاة ممن كانوا أساءوا إلى ابن تيمية -رحمه الله- وسعوا في قتله وقال له السلطان محرِّضًا: إنهم قد آذوك وأرادوا قتلك مرارًا، فأخذ -رحمه الله- يُعظِّم القضاة والعلماء وينكر أن يَنال أحدًا منهم بسوء وقال إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم، وقال ردًّا على كلامه السابق: "من آذاني منهم فهو في حِلٍّ ولو قتلتهم لا تجد مثلهم".
    ولهذا؛ أحد هؤلاء القضاة من المالكية؛ ابن مخلوف قاضي من قضاة المالكية وكان ممن ألب على شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قال: "ما رأينا مثل ابن تيمية -رحمه الله-؛ حرضنا عليه فلم نقدر عليه وقَدَر علينا وصَفَح عنا وحاجج عنا"، فهذه مقامات عالية جدا وعظيمة ولا تصل إليها كل القلوب، والتوفيق بيد الله سبحانه وتعالى.

    نسأل الله الكريم أن يُصلح قلوبنا، وأن يجعلنا أجمعين من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، نسأل الله العظيم أن يُصلح قلوبنا جميعا وأن يجعلنا من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، نسأل الله العظيم أن يُصلح قلوبنا جميعا وأن يجعلنا من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس.

    وعلى ضعفٍ منَّا وقصور، أجدها مناسبة في هذا المقام الذي أكرمنا الله فيه بقراءة هذا العلم وقراءة هذه المواقف وهذه السِّيَر، مع ضعفنا وضعف قلوبنا وكثرة تقصيرنا -نسأل الله أن يفعو عنا أجمعين- أجدها فرصة لأقول: أُشْهِدُ الله وأُشْهِدُكم أنني عفوتُ عن كل من ظلمني بغيبة أو نميمة أو سخرية أو مال أو غير ذلك.
    وأسأل الله سبحانه أن يجعلني وإياكم جميعا من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، وأن ينفعنا بهذا العلم الذي نتعلمه وأن يجعله حَّجة لنا لا علينا؛ إنه تبارك وتعالى سميع مجيب.

    الملفات المرفقة
يعمل...
X