إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

شرح القصيدة الميمية للقاضي الجرجاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [قصيدة] شرح القصيدة الميمية للقاضي الجرجاني

    الحمد لله استطعت نسخ الشرح أسأل الله التوفيق
    وكان قد طلب بعض الإخوة الأفاضل شرح هذه القصيدة لأهميتها في باب الأخلاق وعلو الهمة فكتبت عليها شرحا موجزا لكن قبل الانتهاء منها أصاب الوورد ما أصابه فحاولت جاهدا حتى انتهيت منها، على أني لم أعُدْ أستطيع استعمال الوورد بطريقة طبيعية فأحمد الله أن استطعت نسخها ووضعها هنا لأهميتها وأنتظر ملاحظات أهل العلم

    ________________________________
    يَقُولُونَ لِي فِيكَ انْقِبَاضٌ وَإِنَّمَا *** رَأَوْا رَجُلاً عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا

    اللغة

    (انقباض): قَبَضْتُهُ عَنْ الْأَمْرِ مِثْلُ عَزَلْتُهُ فَانْقَبَضَ.
    (الذُّلِّ): الضعف والهوان
    (أحجما): أَحْجَمْتُ عَنْ الْأَمْرِ بِالْأَلِفِ تَأَخَّرْتُ عَنْهُ.
    المعنى:

    يقول الناس لي مستنكرين عليَّ: فيك انقباض عن مخالطة الناس وبُعْدٌ عن أبواب السلاطين والأمراء، ولم يعرفوا حقيقة الحال فإنهم إنما رأوا رجلا -يعني نفسه- يبتعد عن مواقف الذل والهوان،
    وهذا عكس قول أبي العلاء المعري:
    ولما رأيت الجهلَ في الناس فاشيا *** تجاهلت حتى ظُنَّ أنِّيَ جاهلُ

    ثم فسر ما أراده بهذا البيت وزادَه وضوحا بقوله:


    أَرَى النَّاسَ مَنْ دَانَاهُمُ هَانَ عِنْدَهُمْ *** وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا

    اللغة

    (داناهم): اقترب منهم، و(تَدَانَوْا) دَنَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.
    المعنى:

    فَسَّرَ سبب ابتعاده عن الناس بأن مَنِ اقترب من الناس هان عندهم فتجرؤوا عليه بالأقوال والأفعال، ولم يعطوه حقه الذي ينبغي له وهو الحق الذي يعطونه إياه إذا كان بعيدا عنهم، ولهذا قال: (ومن أكرمتْه ...الخ) يعني ومَنْ رغب عما في أيدي الناس وأكرم نفسه عن مخالطتهم وتعفَّفَ عما في أيديهم أكرموه.

    وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ الْعِلْمِ إِنْ كَانَ كُلَّمَا *** بَدَا طَمَعٌ[1] صَيَّرتُه لي سُلَّما

    اللغة:

    (أَقْضِ): أُؤَدِّي
    (الطَّمَعُ): نُزوعُ النَّفسِ إِلَى الشيءِ، شَهْوَةً لَهُ، ولمّا كَانَ أكثرُه من جهةِ الهَوى قيل: الطَّمَعُ طَبَعٌ[2]، والطَّبَعُ يُدَنِّسُ الإهابَ.
    المعنى:

    ولم أُؤَدِّ حق العلم الذي أحملُه إذا كان كلما ظهر شيءٌ مما يُطْمَعُ فيه: كمنصب أو وظيفة= صيَّرْتُ العلمَ سُلَّمًا للوصول إليه ووسيلةً للحصول عليه، فأجعل العلمَ سببا للحصول على أعراض الدنيا خادما لها تابعا لها ساعيا وراءَها.


    وما زلتُ مُنحازاً بعرضيَ جانباً *** من الذلِّ أعتدُّ الصيانةَ مَغنما

    اللغة

    (منحازا): حُزْتُ الشَّيْءَ أَحُوزُهُ حَوْزًا وَحِيَازَةً ضَمَمْتُهُ وَجَمَعْتُهُ وَكُلُّ مَنْ ضَمَّ إلَى نَفْسِهِ شَيْئًا فَقَدْ حَازَهُ، وقَوْله تَعَالَى: {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} [الأنفال: 16] مَعْنَاهُ أَوْ مَائِلًا إلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
    (الْعِرْضُ): بِالْكَسْرِ النَّفْسُ وَالْحَسَبُ وَهُوَ نَقِيُّ الْعِرْضِ أَيْ بَرِيءٌ مِنْ الْعَيْبِ. (مِنَ الذُّلِّ): الذي أحفظه (من الذَّمِّ).
    (أَعْتَدُّ): اعْتَدَدْتُ بِالشَّيْءِ عَلَى افْتَعَلْتُ أَيْ أَدْخَلْتُهُ فِي الْعَدِّ وَالْحِسَابِ فَهُوَ مُعْتَدٌّ بِهِ؛ مَحْسُوبٌ غَيْرُ سَاقِطٍ
    (مَغْنَما): غَنِمْتُ الشَّيْءَ أَغْنَمُهُ غُنْمًا: أَصَبْتُهُ، غَنِيمَةً وَمَغْنَمًا، وَالْجَمْعُ الْغَنَائِمُ وَالْمَغَانِمُ.
    المعنى:

    ما زالت هذه شيمتي وهذا طبعي وهو أني أبتعد عن كل ما يَعيبُني أو يَشِينُنِي أو ينقص من قَدْري، فلهذا لا أُزاحمُ الناس على أطماعهم ودنياهم؛ فإن مَنْ فَعَلَ ذلك لم يَسْلَمْ منهم؛ لا مِنْ ألسنتهم ولا مِنْ أفعالهم؛ ولهذا فإني أبتعد عنهم وأعتد صَوْنَ عِرْضي عنهم وعن كل ما يُشِينُ ويعيب ويُنْقِصُ مِنْ قدْرِ المرء أعتد ذلك غنيمةً من الغنائم.


    إِذَا قِيلَ هَذَا مَنْهَلٌ قُلْتُ قَدْ أَرَى *** وَلَكِنَّ نَفْسَ الْحُرِّ تَحتَمِلُ الظَّمَا

    اللغة:

    (المَنْهَل): بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْهَاءِ الْمَوْرِدُ وَهُوَ عَيْنُ مَاءٍ تَرِدُهُ الْإِبِلُ
    (قَدْ أَرَى): قد هنا للتحقيق أي: نعم أنا أراه حقا
    (الظَّمَا): مُخَفَّف الظمأ وهو العطش
    المعنى:

    أُبالِغُ في البُعْدِ عن الناس صَوْنًا لعرضي حتى إني لو كنت ظمآنًا وقيل لي: هذه عينُ ماءٍ فتقدمْ فكن أول مَنْ يَشْرَبُ منها (لأن النَّهَلَ هو الشربُ الأول) ولكن لكي تفعل ذلك لابد لك من أن تزاحم الناس عليها وتحتمل أَذَاهم، فأنا في مثل هذا الموقف أحتمل الظمأَ ولا أزاحم الناس فينتقصون من مروءتي؛ لأن نفْسي نفسُ حُرٍّ تحتملُ العذاب في سبيلِ مروءتها، وهذا معنى قولِ الإمام الشافعي رضي الله عنه لابنه: (يا بني لو كنت أعلم أن شُرْبَ الماءِ الباردِ يُنْقِصُ من مروءتي ما شربتُ إلا حارًّا).


    أُنَزِّهُهَا عَنْ بَعْضِ مَا لَا يَشِينُهَا *** مَخَافَةَ أَقْوَالِ الْعِدَا فِيمَ أَوْ لِمَ

    اللغة:

    (أُنَزِّهُهَا): أُبْعِدُها، والنُّزْهَةُ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي فَصْلِ مَا تَضَعُهُ الْعَامَّةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ: خَرَجْنَا نَتَنَزَّهُ إذَا خَرَجُوا إلَى الْبَسَاتِينِ وَإِنَّمَا التَّنَزُّهُ التَّبَاعُدُ عَنْ الْمِيَاهِ وَالْأَرْيَافِ وَمِنْهُ فُلَانٌ يَتَنَزَّهُ عَنْ الْأَقْذَارِ أَيْ يُبَاعِدُ نَفْسَهُ عَنْهَا. وَيُقَالُ: تَنَزَّهُوا بِحُرَمِكُمْ أَيْ تَبَاعَدُوا.
    (يَشِينُها): من باب باع أي: يَعِيبُها.
    (فيمَ): أي في ماذا وكأن (في) ها هنا للسببية أي في أي شيء فعل هذا الأمرَ أي ما السبب الحامل له على أن يفعله.
    المعنى:

    هذا البيت كقول بعض الصالحين: (نترك بعضَ الحلال مخافة الوقوع في الحرام) فهو يقول: أنا أترك بعض ما لا يَشينُ خوفا من الوقوع فيما يَشِينُ ويُنقص واتِّقَاءً لقول الأعداء المتربصون للزلات: لماذا فعل هذا الأمرَ؟! وما السبب الذي أوقعه فيه؟ ألم يَقُلْ بعضُنا لبعضٍ إنه يتظاهر بالعلم وهو جاهل، أو بالتَّنَسُّكِ وهو مُتَهَتِّك ... ونحو ذلك من مقالات الأعداء المتربصين للزلات.


    فَأُصْبِحُ عَنْ عَيْبِ اللَّئِيمِ مُسَلَّمًا *** وقد رحتُ في نفسِ الكريمِ مُعَظَّما

    اللغة:

    ظاهرة
    المعنى:
    فإني إذا فعلت ذلك (أي صُنْتُ عِرْضِي عن الناس وتركتُ بعضَ ما لا يَشِينُ للسبب السابق) أَصْبَحْتُ سالما عن أن ينتقصني اللئيم المتربص للعيوب والزلات، وأما الكريمُ الذي يتغاضَى عن الهنات ويلتمسُ الأعذار في الهفوات فإني أَعْظُمُ في عينِهِ ونفْسِهِ؛ إذ يراني مبتعدا عن العيوب والزلات طالبا للكمالات مرتفعا عن الجهالات.


    وإني إذا ما فاتني الأمرُ لم أبت *** أقلِّبُ فكري إثره مُتَنَدِّما

    اللغة:
    ظاهرة
    المعنى:
    إذا فاتني الأمرُ ذو الشأنِ كمنصبٍ رفيع أو مال وفير ونحو ذلك لم أَبِتْ ليلتي أو ليالِيَّ حزينا متندما على فواته، أعاتب نفسي بأني لم أفعل كذا وكذا ولم أطلب من فلان كذا، وأنه كان يمكنني الحصول عليه لو أني فعلتُ كذا، وذلك أن نفسي نفسُ حُرٍّ عزيزةٌ لا يحزنُها ما يحزن أصحاب المطامع، وهو هنا ينظر إلى قول المتنبي:
    لا أَشْرَئِبُّ إلى ما لم يَفُتْ طَمَعًا *** ولا أَبيتُ على ما فاتَ حَسْرَانا
    وكلاهما نظر إلى قوله تعالى: {لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ } [آل عمران: 153]، وقولِه: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23]
    ولما كان مما يقع في النفس من هذا المعنى الذي ذكره في هذه الأبيات أنه يزهد في المناصب ونحوِها وإذا كان كذلك فلِمَ تَوَلَّى القضاء ومدح فلانا وفلانا مثلا فاحترس عن الوقوع في هذا الاضطراب في فهم كلامه بالبيت الآتي وهو قولُه:


    وَلَكِنَّهُ إِنْ جَاءَ عَفْوًا قَبِلْتُهُ *** وإن مَالَ لم أُتبعهُ هَلاِّ وليتَما

    اللغة:

    (عَفْوًا): يُقَالُ: أَعْطَاهُ عَفْوَ مَالِهِ يَعْنِي أَعْطَاهُ بِغَيْرِ مَسْأَلَةٍ
    (مَالَ): يقال: مَالَ عَنْ الطَّرِيقِ يَمِيلُ مَيْلًا تَرَكَهُ وَحَادَ عَنْهُ.
    المعنى:

    احترس بهذا البيت عن أن يفهم أحد أنه يزهد فيما يرغبُ فيه الناسُ وتميلُ إليه النفسُ بطبيعتها، وأظهرَ فضلَهُ أيضا في الحصول على المناصب بأنه إذا جاءته هذه الأمور من غيرِ مسألةٍ ولا ذُلِّ نَفْسٍ قَبِلَهَا، أما إنِ ابتعدتْ عنه فلا يَأْبَهُ لذلك من شدة اعتزازه بنفسِه وكرامتها عليه؛ فلهذا إذا لم تأتِهِ هذه الأمور عَفْوا من غير مسألة ونالها غيرُه ممن هو دونه لا يبيتُ متندِّمًا يقول: هلَّا فعلتُ كذا وكذا للحصول على هذا الأمر، ويا ليتني فعلتُ كذا وكذا للحصول عليه.


    وَأَقْبِضُ خَطْوِي عَنْ حُظُوظٍ كَثِيرَةٍ *** إِذَا لَمْ أَنَلْهَا وَافِرَ الْعِرْضِ مُكْرَمَا

    اللغة:

    (القبْض): ضد البسط
    (الخَطْوُ): المشْيُ، وكأن معنى (أقبضُ خَطْوِي) أي أقفْ.
    المعنى:

    أقفُ فلا أمشي خلف حظوظ كثيرة ولا أسعى وراءها لاهِثا إذا لم أنَلْها وأنا عزيزٌ كريمٌ غيرُ مَعِيبٍ (وَافِرَ العِرْضِ)


    وَأُكْرِمُ نَفْسِي أَنْ أُضَاحِكَ عَابِسًا *** وَأَنْ أَتَلَقَّى بِالْمَدِيحِ مُذَمَّمَا

    اللغة:

    (مُذَمَّم): مذموم جدا.
    المعنى:

    وإنَّ مِنْ كرامةِ نفسي عليَّ ألا أضاحك مَنْ يعبس في وجهي؛ إذ لو فعلتُ ذلك لأهنتُ نفسي، وأُكْرِمُ نفسي أيضا أن أمدح الرجل المذموم من كل أحد، فلا أمدح إلا من كان للمدح أهلا.


    وَكَمْ طَالِبٍ رِقِّي بِنُعْمَاهُ لَمْ يَصِلْ *** إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الرَّئِيسَ الْمُعَظَّمَا

    اللغة:

    (كَمْ): هنا للتكثير
    (رِقِّي): من الرِّقِّ وهو العبودية،
    (النُّعْمَى) و(النِّعْمَةُ): الْيَدُ وَالصَّنِيعَةُ وَالْمِنَّةُ وَمَا أُنْعِمَ بِهِ عَلَيْك، فَإِنْ فَتَحْتَ النُّونَ من (النُّعْمَى) مَدَدْتَ فَقُلْتَ: (النَّعْمَاءُ).
    المعنى:

    كثيرون من الأمراء والممدوحين كانوا يريدونني تابعا لهم بأن يصنعوا إليَّ معروفا أو تكون لهم نِعَمٌ عليَّ ولكن هيهات فإني لست من هؤلاء الذين يذلون أنفسَهم لِيُنْعِمَ عليهم غيرُهم فيصلوا إلى أطماعهم، وإن كان هذا المُنْعِمِ هو الرئيس المعظَّمُ صاحبُ الشأن في قومه أو بلده.


    وَكَمْ نِعْمَةٍ كَانَتْ عَلَى الْحُرِّ نِقْمَةً *** وَكَمْ مَغْنَمٍ يَعْتَدُّهُ الْحُرُّ مَغْرَمَا

    اللغة:

    (المَغْرَم): ضد المَغْنَم
    المعنى:

    كثيرٌ من النعم التي يتساهل الأحرارُ في قبولِها من غيرهم كانت نقمةً عليهم، لأن الأمرَ كما قيل: (مَنِ أسْدَى إليك معروفا فقد استعبدَك) فإذا كان هذا المُنْعِمِ عليهم لئيما كانت نعمتُه على الأحرار نقمة.
    وكثير من المغانم يظنها الحرُّ مَغْرَمًا، فإن ابتعاد الحُرِّ عن اللئام وعدم قبول عطاياهم من المغانم؛ لأنها لا تَؤُولُ إلى ضرر بالحُرِّ وأَذِيَّةٍ لكرامته ومروءتِه، ولكن ربما لا يفْقَهُ الحُرُّ هذا الأمرَ من أول مرة فيقبلُ عطايا مَنْ ليس أهلا لأن يقبل منه فتصيرُ هذه العَطِيَّةَ التي كان يَعُدُّها من النِّعَمِ والإكرامِ له نِقْمَةً عليه؛ إذ لا يستطيع مقابلة النعمة بالجحد لأنه كريمٌ فيَقَعُ في أَسْرِ هذا اللئيمِ المُعْطِي


    وَلَمْ أَبْتَذِلْ فِي خِدْمَةِ الْعِلْمِ مُهْجَتِي *** لِأَخْدُمَ مَنْ لَاقَيْتُ لَكِنْ لِأُخْدَمَا

    اللغة:

    (أبتذل): أمْتَهِن، (مُهْجَتِي): الدَّمُ وَقِيلَ دَمُ الْقَلْبِ خَاصَّةً. وَخَرَجَتْ (مُهْجَتُهُ) أَيْ رُوحُهُ.
    المعنى:

    لم أتعب في تحصيل العلم وأُهينُ نفسي في تحصيلِهِ لتكون عاقبةُ ذلك أنْ أَخْدُمَ كلَّ مَنْ لاقيتُ من المحسنين أو مِنْ الأثرياء الجهلاء، بل أتعبتُ نفسي في تحصيل العلم وخدمته لِأَكونَ مَخْدُومًا لا خادِمًا؛ فإن العلم يرفع شأنَ صاحبه


    أَأَشْقَى بِهِ غَرْسًا وَأَجْنِيهِ ذِلَّةً *** إِذَنْ فَاتِّبَاعُ الْجَهْلِ قَدْ كَانَ أَحْزَمَا

    اللغة:

    (الْحَزْمُ): ضَبْطُ الرَّجُلِ أَمْرَهُ وَأَخْذُهُ بِالثِّقَةِ
    المعنى:

    أأتعب في تحصيل العلم وأنا ناشيءٌ صغيرٌ ثم أَجْنِي حصيلةَ تعبي هذا بعد ذلك ذلةً وخدمةً للآخرين، إذا كان هذا هو شأن العلم والعلماء؛ فاتباعُ الجهل قد كان أحسن حزما وأكثر صوابا، وهذا استفهام إنكاري يعني أن هذا ليس صوابا


    وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ *** وَلَوْ عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا

    اللغة:

    (صانوه): حفظوه من النقص
    المعنى:

    لو قام العلماء بحفظِ العلم وإعطائه حقَّه وصيانتِه من الابتذال على أبواب الأمراء والأثرياء لَصَانَهُم وجعلهم سادةً فإن العلمَ يرفع شأنَ صاحبه وإن كان قبل العلم غيرَ ذي شأنٍ ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه: أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى. قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا. قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟! قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ. قَالَ عُمَرُ أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ».
    ولو أن العلماءَ عَظَّموا العلم ولم يمتهنوه لَعُظِّمَ في قلوب الناس الذين قَلَّتْ ثقتُهم بالعلم والعلماء لِمَا يرون مِنِ اتخاذِهِمِ العلمَ مَطِيَّةً إلى مطامعهم، ولهذا قال:


    وَلَكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانُوا وَدَنَّسُوا *** مُحَيَّاهُ بِالْأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا

    اللغة:

    (الْمُحَيَّا): الْوَجْهُ
    (تَجَهَّمَ): صار كالِحًا عابسًا، يقال: رَجُلٌ جَهْمُ الْوَجْهِ أَيْ: كَالِحُ الْوَجْهِ، وَقَدْ جَهُمَ الرَّجُلُ مِنْ بَابِ سَهُلَ أَيْ صَارَ بَاسِرَ الْوَجْهِ.
    المعنى:

    ولكن العلماء المُتَكَسِّبِينَ بعلمهم أهانوا العلمَ باتخاذه وسيلةً لأطماعهم فهانوا على الناسِ، وهانَ العلمُ عند الناس لم يَعُدْ له من التعظيم والمهابةِ ما كان له وما يستحقه وذلك بسبب هؤلاء العلماء الذين دنَّسُوا وجهَ العلمِ بالأطماع يعني باتخاذه مَطِيَّةً للوصول لأطماعهم، حتى صار العلمُ متجهما عابسا، وكأنه يريد بذلك أن العلم صار مرغوبا عنه لا فيه؛ فإن الإنسان الكالحَ العابسَ المتجهمَ لا يحب الناسُ قربَهُ ولا مجالستَهُ، فتأمل.


    فَإِنْ قُلْتَ جَدُّ الْعِلْمِ كَابٍ فَإِنَّمَا *** كَبَا حِينَ لَمْ يُحْرَسْ حْمَاهُ وَأُسْلِمَا

    اللغة:

    (الجَدُّ): الحظُّ
    (كَابٍ): (كَبَا) لِوَجْهِهِ سَقَطَ فَهُوَ (كَابٍ). وَ (كَبَا) الزَّنْدُ لَمْ يُخْرِجْ نَارَهُ، وَبَابُهُمَا عَدَا.
    المعنى:

    فإن قلت أيها المعترض عليَّ فيما ذكرتُه من فضل العلم بأن سوق العلمِ راكدةٌ وحظُّهُ الآن قليلٌ، فأقولُ لك: قد قَلَّ حَظُّه وركدتْ سوقُهُ حين لم يحرُسُهُ العلماء ولم يحفظوه من الابتذال والامتهان بأبواب الأثرياء وأسلموه لهم بأن صاروا يطلبون المال بالعلم وكثر ذلك منهم حتى صار حظُّ العلمِ قليلا فلجأ الناسُ إلى طرق أخرى للحصول على المال مِنْ غيرِ طريق العلم إذ كان كل الطرق وسيلة للحصول على المال والمناصب وطريق العلم صعب وشاقٌّ فلهذا كَبَا جَدُّ العلمِ وقلَّ حظُّهُ وركدتْ سوقُه


    وَمَا كُلُّ بَرْقٍ لَاحَ لِي يَسْتَفِزُّنِي *** وَلَا كُلُّ مَنْ فِي الْأَرْضِ أَرْضَاهُ مُنْعِمَا

    اللغة:

    (يستفزني): (اسْتَفَزَّهُ) الْخَوْفُ اسْتَخَفَّهُ. وَقَعَدَ (مُسْتَفَزًّا) أَيْ غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ.
    المعنى:

    ليس كلُّ من أظهر لي رغبته في الإنعام عليَّ يستفزني ويجعلني أترك ما أنا فيه وأنشطُ للذهاب له للحصول على نُعماهُ (البرْقُ دليلُ الجود لأنه يأتي بعده المطر)، وليس عندي من الطمع والهوى والهوان أن أرضى بأن يُنْعِمَ عليَّ كلُّ مَنْ في الأرض ما دام قادرا على النوال والإعطاء، فإني عزيزُ النفس لا أقبلُ العَطِيَّةَ إلا ممن كان أهلا أنْ يُعْطِي وهو كريمُ النفسِ مِعْطَاء


    وَلَكِنْ إِذَا مَا اضْطَّرَّنِي الضُّرُّ لَمْ أَبِتْ *** أُقَلِّبُ فِكْرِي مُنْجِدًا ثُمَّ مُتْهِمَا

    اللغة:

    (مُنْجِدًا ثم مُتْهِمًا): داخلا بلادَ نَجْدٍ، ثم بلادَ تهامة
    المعنى:

    إذا أصابني ضُرٌّ واضطرني أن ألتمس منه مَخْرَجًا لا أَبِيتُ ليليَ كلَّهُ مهموما حائرا أُقَلِّبُ فِكْرِي إلى أين أُوَجِّهُ رَحْلِي أَأُشَرِّقُ أم أُغَرِّبُ؟ أَأَدْخُلُ بلادَ نَجْدٍ أم بلادَ تهامة طلبا للغنى؟ والمراد: أني في أشد حالاتي كرْبًا وضيقا والتي يقبلُ الحُرُّ في مثلها التماسَ النَّوَالِ مِنْ أي أحَدٍ أَصْبِرُ أنا على الضُّرِّ وأحتملُهُ، عن أَنْ أحتمل العطاءَ مِنْ لئيم يَمُنُّ عليَّ بعطيَّتِهِ ويؤذيني بها فأصبرُ إلى (أكمِلْ في البيت بعده)


    إِلَى أَنْ أَرَى مَا لَا أَغَصُّ بِذِكْرِهِ *** إِذَا قُلْتُ قَدْ أَسْدَى إِلَيَّ وَأَنْعَمَا

    اللغة:

    ظاهرة
    المعنى:

    إذا أصابني الضُّرُّ فإني أحتملُهُ عن أن أسأل لئيما يمُنُّ عليَّ ويؤذيني بعطائِهِ، وأظل هكذا إلى أن أرى كريما لا يَعيبُني ذِكْرُهُ إذا قلتُ لأحد من الناس: قد أَسْدَى فلانٌ إليَّ جميلا وأنْعَمَ عليَّ.
    __________________________
    [1] الذي كنت أحفظه (مَطْمَعٌ)
    [2] الطَّبَعُ بِالْفَتْحِ الدَّنَسُ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَشَيْءٌ طَبِعٌ مِثْلُ دَنِسٍ وَزْنًا وَمَعْنًى.

  • #2
    رد: شرح القصيدة الميمية للقاضي الجرجاني

    واتِّقَاءً لقول الأعداء المتربصون للزلات:
    الصواب المتربصين
    وطبعا يحدث هذا كثيرا لكثرة التغيير فيما أكتبه ثم أذهل عن شيء كهذا لا يخفى على أحد فأرجو المعذرة ممن وقف على شيء كهذا
    وفقكم الله
    وأنتظر تعليقات أهل العلم لإصلاح ما في هذا الشرح من زلل

    تعليق

    يعمل...
    X