إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

كَشْفُ الخَفَاءِ عَنْ أَحْكَامِ خِطْبَةِ النِّسَاءِ

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    مناقشة قول القائلين بحصر النظر على الوجه والكفين مطلقًا وتقييدًا


    ولكنَّ في حديث المغيرة ما يدل على خلاف هذا التقييد، وأنَّ عدم العلم والعلم سواء في النظر حين قال: ((فأتيتها وعندها أبواها، و هي في خدرها، قال: فقلت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرني أن أنظر إليها))([1]) .

    فجميع أحاديث النظر مطلقة في حد النظر إلى أن يحصل المقصود، وما أطلق في الشريعة نرجع فيه إلى الحد اللغوي؛ فإن لم نجد فالحد الشرعي.

    وكل ذلك محكوم بجريان عمل الصحابة، وقد جرى عملهم على رؤية ما اعتاد الناس على إظهاره في تلكم الحالات التي تخبأ فيها الصحابة أو التي تكون فيها المتخبأة وراء خدرها فيها بين أهلها ومحارمها، فيرى ما يرونه هم منها لا زيادة على ذلك .

    وهذا ما عليه من المعاصرين الإمامان ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله- والإمام الألباني في القديم؛ فهم يرون عدم اختصاص رؤية ما جرت العادة بإظهاره بالتخبأ .

    قال الإمام ابن باز: " الرسول -صلى الله عليه وسلَّم- أمر بالنظر إلى المخطوبة، فلا بأس أن ينظر إليها؛ إلى وجهها وشعرها ويديها وقدميها -لكن من غير خلوة بها- أو من بعيد من فرجة أو جدار"([2]

    وهو قول جماعة من أهل العلم، بل في الحديث إطلاق النظر ثم زاد -صلى الله عليه وسلَّم- ولو كان من غير علمها، ثم إن حديث المغيرة ليس فيه أنَّه رأى منها الوجه والكفين فقط، فقد كانت في خدرها، بل ظاهره أنَّه نظر منها ما جرت به العادة، بل إن الإمام الألباني بنفسه قد استنبط ذلك من الأحاديث قديمًا، فتبين أن ما قيده كتابة في آخر طبعة من السلسلة الصحيحة متفق مع ما قد ذكرنا.

    قال الإمام الألباني: " ويجوز له أن ينظر منها إلى أكثر من الوجه والكفين لإطلاق الأحاديث المتقدمة"([3]

    وقد بيَّن أنَّ الأحاديث ظاهرة الدلالة على ما ترجم لها به، وأن عمل رواتها مؤيد لها، محمد بن مسلمة وجابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ وقال: " وكفى بهما حجة، و لا يضرُّنا بعد ذلك، مذهب من قيد الحديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط، لأنه تقييد للحديث بدون نص مقيد، وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجة"([4]).

    وقال عن حديث: ((ما يدعوه إلى نكاحها)): " فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه و الكفان فقط، ومثله في الدلالة قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: ((وإن كانت لا تعلم)).
    و تأيد ذلك بعمل الصحابة -رضي الله عنهم-؛ عملهم مع سنته -صلى الله عليه وسلم، ومنهم محمد ابن مسلمة وجابر بن عبد الله، فإن كلاً منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها، أفيظن بهما عاقل أنهما تخبآ للنظر إلى الوجه والكفين فقط!
    . . . و لا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم . . . هذا ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة، و قول جماهير العلماء بها -على الخلاف السابق- فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها، فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم -و لو في حدود القول الضيق-" اهـ وكلامه هذا صريح الدلالة على الاكتفاء بهذه الأحاديث على جواز النظر أكثر من الوجه والكفين، بل ضعف أثر عمر الذي أشار إليه العلاَّمة الألباني –رحمه الله- من أنَّ عمرًا رضي الله عنه رأى أكثر من الوجه والكفين، لا يضرنا فهو لم يُسَق إلا للاستئناس، والحمد لله .



    ([1]) تقدم تخريجه .

    ([2]) نور على الدرب ش127 .

    ([3]) في تعليقه على الحديث 98 من الصحيحة .

    ([4]) المرجع السابق .
    قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

    تعليق


    • #17
      مسألة: ماذا لو رفضت المخطوبة كشف رأسها أو قدميها للخاطب؟


      النظر إلى المخطوبة ليس بواجب، وإنَّما مستحب أن يراها وتراه؛ لأنَّ هذا أقرب إلى الوئام، والنبي -صلى الله عليه وسلَّم- أمر من خطب أن ينظر، فإذا كشفت له وجهها ورجليها ورأسها فلا بأس على الصحيح، قال بعض أهل العلم: يكفي الوجه والكفان([1]

      ولكن الصحيح أنَّه لا بأس بكشف الرأس والقدمين حتى يتسنى له أن يكتشف محاسنها؛ فلها أن تنظر إليه وله أن ينظر إليها لأنَّ هذا أقرب إلى أن يؤدم بينهما كما جاء في الحديث([2]) .
      ما هي الغاية في النظر إلى المخطوبة؟

      قال -صلى الله عليه وسلَّم-: ((إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته)) ([3]) أي: لمصلحة خطبته قبل حصول الزواج الذي يكون في الافتراق بعده ضرر أكبر من افتراق قبله، فقد يستطيع أن ينظر إلى: (( ما يدعوه إلى نكاحها )) ([4]) فيتحقق قوله –عليه الصلاة والسلام-: (( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما([5]))) ([6]أو يجد ما يصده عن ذلك،كما في قوله: ((فإن في أعين الأنصار شيئاً([7])، يعني الصغر([8]))).

      وماذا إن صاحبت تلك الغاية شهوة؟

      لا شك أن غاية النظر للخطبة معرفة صفة المخطوبة وليست الشهوة، وهذا ما يتفق عليه العلماء؛ ولكن ماذا لو صاحب النظر ما لا يمكن للإنسان دفعه؟

      يقولُ ابن عثيمين –رحمه الله- أنَّه يُحجم ([9])، لأنَّ النبي –صلى الله عليه وسلَّم- أرشد أنَّ النظر للخطبة، وليس لغير ذلك، فلا يجوز أن ينظر لغير هذه النية .
      قال الحنابلة: " وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ عَدَمِ الشَّهْوَةِ وَأَمْنِ الْفِتْنَةِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَنَفْسِ الْمَقْصُودِ نِكَاحُهَا"([10]) .
      ولم يجعل الجمهور ذلك شرطاً لعدم ذكره وتقييده في أحاديث النظر صريحاً.
      فمن نظر استطلاعًا فقط فقد سلم؛ ولم يشترط الجمهور الإحجام إن لم يستطع، لإطلاق النبي في الأحاديث؛ يقول الشافعي: " وَلَهُ النَّظَرُ وَإِنْ خَافَ الْفِتْنَةَ لِغَرَضِ التَّزَوُّجِ" ([11])اهـ .
      وجاء في نصب الراية نقلاً عن صاحب الهداية: " وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَشْتَهِيهَا لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِيهِ: ((أَبْصِرْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا)) وَلِأَنَّ مَقْصُودَهُ إقَامَةُ السُّنَّةِ لَا قَضَاءُ الشَّهْوَةِ " اهـ .



      ([1]) وهم الأحناف والشافعية، وقد بيَّنا سابقاً أن ما عليه المحققون جواز كشف ما جرت به العادة .

      ([2]) من فتوى للإمام ابن باز في برنامج نور على الدرب ش180 د17 .

      ([3]) رواه أحمد، ارجع إلى التخريج في الصحيحة الحديث 97 .

      ([4]) كذا في الصحيحة 99 .

      ([5]) قوله: ((فإنه أحرى أن يؤدم بينكما))، قال ابن بطال: معناه يجمع بينهما، قال السيوطي: أيْ يَكُون بَيْنكُمَا الْمَحَبَّة وَالِاتِّفَاق يُقَال أَدَمَ اللَّه بَيْنَهُمَا يَأْدِم أَدْمًا بِالسُّكُونِ أَيْ أَلَّفَ وَوَفَّقَ اهـ .

      (
      [6]) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (515-51 وكذا النسائي (2/73) والترمذي (1/202) والدارمي (2/134) وابن ماجه (1866) والطحاوي (2/ وابن الجارود في "المنتقى" (ص 313) والدارقطني (ص 395) والبيهقي (7/84) وأحمد (4/144 - 245/246) و ابن عساكر (17/44/2) عن بكر بن عبد الله المزني عن المغيرة بن شعبة من الصحيحة الحديث 96 .

      ([7]) جلي من الأحاديث أنَّ النظر على سبيل الإرشاد، إذ قيد في الأحاديث بلا حرج، لا جناح، لا بأس؛ ولا يُقال مثله في الواجب كما قال العلماء؛ وقد أغرب ابن عربي –بالتنكير- في فتوحاته فزعم أن النظر واجب إلى المخطوبة إن كانت من سلالة الأنصار! بينما حرَّمه آخرون مطلقًا!

      ([8]) قوله -صلى الله عليه وسلَّم-: ((فإن في أعين الأنصار شيئاً))، اختلف العلماء ما هو الشيء؟ فقيل: العمش أو الزرقة، وقيل: الصغر؛ قال الحافظ ابن حجر (الفتح 14/377): " الثَّانِي -أي الصغر- وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي عَوَانَة فِي مُسْتَخْرَجه فَهُوَ الْمُعْتَمَد"؛ وهو ما اعتمده الإمام الألباني -رحمه الله-، قال النووي (شرحه على مسلم 5/132): " وَفِي هَذَا دَلَالَة لِجَوَازِ ذِكْر مِثْل هَذَا لِلنَّصِيحَةِ".

      ([9]) كما في الشرح الممتع وغيره؛ وهو ما عليه الحنابلة .

      ([10]) تحفة المحتاج بشرح المنهاج .

      ([11]) شرح البهجة الوردية .







      قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

      تعليق


      • #18
        هل تكرار النظر مباح مطلقًا طوال فترة الخطبة؟

        هناك من العلماء من قيد تكرار النظر بعدد؛ قال الزركشي: " وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَبْطِ التَّكْرَارِ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيرُهُ بِثَلَاثٍ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ الرُّؤْيَةَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ((أَرَيْتُك ثَلَاثَ لَيَالٍ))"([1]) اهـ .

        أي أنَّه لا يزيد عن ثلاث زيارات فيها النظر؛ ولكن تقييد ذلك قد جاء في الأحاديث بتحقق المقصود: ((ما يدعوه إلى نكاحها))، فيكون النظر بقدر الحاجة، بقدر ما يعرف المرأة، هل تصلح له أم لا([2])؛ فإن وجد ما يدعوه إلى نكاحها رجع إلى الأصل، وهو عدم جواز النظر فهي أجنبية.
        قال الإمام ابن باز -رحمه الله-: " تكرار النظر باستمرار بدون حاجة لا ينبغي لأن الأصل التحريم ولأنه يفضي إلى الفاحشة؛ والجلوس للحاجة فقط والتي تتعلق بالنكاح من دون خلوة"([3]) .

        وقال الإمام ابن عثيمين –رحمه الله-: " نعم؛ الخاطب لا ينبغي أن يكرر الذهاب إلى أهل الزوجة والتحدث إليها، ولكن ينظر إليها حتى يتبين له الأمر، فإذا لم يتبين له الأمر في أول مرة وأراد أن يعود؛ فلا حرج أن يكرر ذلك حتى يتبين له الأمر، أمَّا بعد أن يتبين له الأمر ويقدم ويعزم على الخطبة فإنَّه لا حاجة أن ينظر إليها"([4]) اهـ .

        يقول الإمام الألباني –رحمه الله-: " الرؤية كما تعلمون جميعًا، هي قبل كل شيء ليس لشهوة يبتغيها الرائي، وإنَّما هو تنفيذٌ لحكم شرعي، وهو كما جاء في الحديث الصحيح: ((انظر إليها فإنَّه أحرى أن يُؤدم بينكما))، وفي الحديث الآخر: ((انظر إليها، فإنَّ في أعين الأنصار شيئًا)) .
        فإذا رآها هل تأملها؟ مثلاً في حدود الحديث الثاني: ((فإنَّ في أعين الأنصار شيئًا)) .
        هل رأى في عينيها شيئًا؟ لا .

        إذًا لماذا يُريد أن ينظر إليها مرَّةً ثانية، بل مرَّات كما فهمنا أخيرًا؟

        هذا ينقلنا إلى بحث أصولي، الأمر بالشيء هل يستلزم التكرار؟ لا .
        إذًا لا ينظر إليها؛ إلاَّ في حالة واحدة، وهي أن يكون حينما نظر إليها لم يمتع بصره بالنظر إليها لسبب أو آخر، وهذا يُمكن أن يقع، مثلاً -وهذا يمكن كان في قديم الزمان أمَّا اليوم فأصبح نسيًا منسيًا- أن هذا الشاب خجول حيي، ما يستطيع أن يُمَكِّنَ بصره في خطيبته بحيث أن يتجلى بهذه النظرة معالمها جيِّدًا، فهو خجول، وهذا يعني يمكن -كما قلت- اليوم مش موجود، لكن نفترض هذا كسبب، ممكن نفترض سبب ثاني وهذا يمكن يكون واقعيًا، أهل البنت من أب وأخ وأخت شغلوه بالحديث معه عن تمتيع بصره فيها، ففعلاً هو ما تمكن من الوصول إلى الغاية التي أراد الرسول حينما قال: ((انظر إليها فإنَّه أحرى أن يُؤدم بينكما)) .

        والأسباب عديدة، وسوف لا أكشف سرًا إذا حدثتكم بما وقع لي:

        توفيت زوجتي الأولى -رحمها الله- وهي أم عبدالرحمن؛ فبدأت أفتش، فدُللت على رجل مصري سلفي في دمشق، وكان عنده كُتَّابٌ يعلم فيه الأطفال القرآن، فقيل لي: عنده بنت، واصلنا الناس أننا نريد أن نخطب، وصار اللقاء، أُدخلت علي البنت هذه -كما هي العادة- بكأس شاي أو قهوة، أنا رأيتها، لكني ما رأيتها، لم؟ لا لأني أنا صاحب حياء! -الشيخ والحضور يضحكون- وإنَّما رأيتها وما رأيتها لأنَّها مُزيَّنة ومغدرة بالبودرة والحمرة وإلى آخره، إذًا هم ضيَّعوا علي شخصيتها .

        أحد الحضور: هذا هو الحياء يا شيخ .

        الشيخ يضحك ويقول: فطلبنا أن نراها مرَّة أخرى، ولا أذكر الآن رأيتها أم لا، بس ما صار نصيب أن أتزوجها، فالشاهد -بارك الله فيك- أظن وضح الجواب.

        الآن تذكرت شيئًا لا بدَّ من ذكره: أنتم تعلمون أن الأصل في النظر إلى المرأة أنَّه لا يجوز، فبالإضافة إلى ما قلناه حينما عدنا إلى القاعدة الأصولية، هل الأمر بالشيء يستلزم التكرار، قلنا: الجواب لا، فالآن أستدرك شيئًا آخر فأقول: بالإضافة إلى قوله -عليه السلام-: ((انظر)) أنَّه لا يستلزم التكرار، فإنَّه خلاف الأصل، هذا النظر خلاف الأصل، الأصل أن نظر الرجل إلى المرأة حرام، وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، كذلك النساء، فلا يجوز إذًا أن يكرر الخاطب نظرته ثانيًا وثالثًا، إلاَّ لتحقيق الهدف من أمر الرسول -عليه السلام- بسبب حصول سبب من الأسباب المانعة لتحقيقه.

        وضربت لكم مثلاً بنفسي آنفًا، فإذا كان الأصل أنَّه لا يجوز النظر إلى المرأة، إلاَّ للخِطبة، ولا تقول الخُطبة كما يقول بعض الناس، لأنَّ الخُطبة تكون للخطباء، وليس للخطَّابين، فالمقصود: الغاية من الخطبة، أن يراها ويكون على بصيرة، هي سمراء هي بيضاء هي ضرساء هي شقراء إلى آخره، فإذا حصل هذا الهدف من النظرة الأولى حرُمَ عليه أن يُكررها، وإذا لم يحصل لسبب، مش شهواني! فحينئذ يجوز أن يُكرر مرَّة ثانية، أمَّا مرَّات فلا "([5]) اهـ .






        إخفاء العيوب عند نظر الخاطب للمخطوبة

        ليس للخاطب أن يخفي العيوب، وليس لأهل المرأة أن يخفوا عيوبها، بل الواجب البيان لأن المسلم أخو المسلم، ولا بأس بترك اليسير الذي لا يسبب نفرة([6])؛ وهذان مثالان:

        أ‌-إذا أصيبت المرأة بتشوه في صدرها، فهل يجب عليها أن تخبر الخاطب ؟
        ج- هذا التشوه يختلف، فإن كان يسيراً لا يضر ولا يسبب نفرة من الزوج فلا بأس بتركه وعدم إخباره .

        ب‌-إذا كانت الفتاة تلبس نظارة، هل يلزمها أن تخرج للخاطب بالنظارة؟ وهل من حقه الشرعي أن يخبروه بأنها تلبس نظارة – مع العلم أن العدسات اللاصقة الآن حلت محل النظارة ؟
        ج- لا حرج في خروجها إليه بالنظارة وعدمها.

        وهذان الفتويان من فتاوى الإمام ابن باز –رحمه الله- من فتاوى نور على الدرب .
        ونخلص بأنَّه لا يجوز إخفاء العيوب، ولكن أي عيوب؟ العيوب التي تسبب نفرة بين الطرفين كالعرج والعمى والعور والبرص وغير ذلك .
        ولا يجوز للمخطوبة التبرج عند النظرة الشرعية، ولكنَّها لا تُمنع من تحسين هيئتها ولبسها عند رؤية الخاطب لها من غير ستر عيب ولا تدليس ولا سرف([7]) يقول العلاَّمة الفوزان: " لو جملوها فلا بأس، ولكن لا يجوز التدليس بحيث يتغير شكلها([8])" اهـ .



        هل يجوز الزواج بدون نظر؟

        النظر محل إرشاد وليس محل وجوب؛ قال ابن مفلح في الآداب: " وَلَيْسَ مِنْ عَادَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا غَيْرِهِمْ أَنْ يَصِفُوا الْمَرْأَةَ الْمَنْكُوحَةَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُهَا بِلَا رُؤْيَةٍ وَلَا صِفَةٍ، وَيَلْزَمُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ" اهـ .

        وإن لم يتيسر النظر، فليرسل من ينظر إليها من النساء ويصفها له، وهذا يدل أن على المؤمن عدم العجلة في الأمور حتى ينظر ويتثبت ولا يتعجل في الأمور.

        ومن الجدير بالذكر أنَّ الحديث الوارد في ذلك حديث منكر لا يُستدل به، وهو حديث أنس -رضي الله عنه-: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يتزوج امرأة، فبعث امرأة لتنظر إليها فقال: شمي عوارضها، وانظري إلى عرقوبيها))([9]) .



        ([1]) شرح البهجة الوردية .

        ([2]) قاله العلاَّمة الفوزان في شرحه لبلوغ المرام .

        ([3]) نور على الدرب ش363 وهو ما عليه الحنابلة بالجملة .

        ([4]) لقاء الباب المفتوح، 82ب .

        ([5])ش 427 د35 من سلسلة الهدى والنور .

        ([6]) الإمام ابن باز –رحمه الله- من فتاوى نور على الدرب .

        ([7]) الموسوعة الفقهية .

        ([8]) من شرحه لبلوغ المرام .

        (
        [9]) قال الإمام الألباني في الضعيفة: منكر؛ أخرجه الحاكم (2/166) وعنه البيهقي (7/87) من طريق هشام بن علي: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس- رضي الله عنه- به .
        قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

        تعليق


        • #19
          هل الخطبة مرحلة تعارف باللقاءات والزيارات والمكالمات الهاتفية؟

          إنَّ اعتبار الخِطبة مرحلة للتلاقي والحوارات المطلقة؛ اعتبار غريب، لا يجده الباحث في شيء من كتب اللغة والفقه بله في نص من كتاب الله أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلَّم-؛ بل ولا جرى على هذا التعريف عمل السلف، فلم نسمع عن أحد منهم كثرة زياراته لمخطوبته من دون حاجة؛ ولم نسمع عنهم ما نراه اليوم من توسع غير محمود لم يرخصه الشارع، وهذا الخلل في تعريف الخِطبة -لا شك- قد أدى إلى مخالفات كثيرة وتوسيع لدائرة الحاجيات والضرورات عجيب؛ ثمَّ إنََّ ما يدعيه بعض الناس من أن فترة الخطبة فرصة ليتعرف كل من المقدمين على الزواج على بعضهما ادعاء يكذبه الواقع، إذ من المعلوم حتى عند من تزوج بهذه الطريقة أنّ ما كانا يريانه من بعضهما لم يكن يتعدى المظاهر الخادعة، وإظهار الأفضل والأكمل من كل منهما، ومحاولة تغطية جميع التصرفات غير الحسنة بالكلام المعسول والمجاملات، حتى يظل كل منهما يعيش في حلم لا ينطلق من حقيقة يعيشها الطرفان، ويظل كل منها يتصور بأنَّه سيقترن بأفضل الناس معشرًا، ثم إذا دخل بها وجد الأوهام والأحلام قد تبددت، وظهرت الأمور على حقيقتها، وذهب الهندام المتكامل، والرائحة العطرة، والأخلاق التي تملأ الجو أنساً، والسلوك الذي يقطر عسلا.ً

          بينما الحق في التعرف على المتقدم لا يكون إلا بعين العقل بعيداً عن العواطف، ويكون ذلك بالنظر إلى البيئة التي جاء منها المسؤول عنه، فإن الإنسان في الغالب ابن بيئته، وبالسؤال عن الأسرة التي ينتمي إليها، فإن الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، وبالسؤال عن القرناء، لأن القرينبالمقارن يقتدي، وبالسؤال عن دينه وخلقه وسلوكه([1]).

          فهذا شيء موروثٌ عن الغربيين وغيرهم من ملل الضلال متشبهين بهم؛ كما أشار إلى ذلك الإمام الألباني حين قال: " أما التكرار يروح كل أسبوع يزور أهلها ويراها وينظر إليها، فهذه طريقة أوروبية ليست لها صلة بالشريعة الإسلامية"([2]) اهـ

          قال الشيخ العلاَّمة تقي الدين الهلالي –رحمه الله-: " ومن غريب ما وقفت عليه من شؤون المتخاطبين عندهم أن الرجل يخطب المرأة فيتفقان على الزواج، ويبقيان مدة طويلة تعاشران عشرة المتحابين، وهي كما قلنا مخالطة تامة كمخالطة الزوجين، ثم يعقدان النكاح ويجتمعان على الزواج، فلا يلبثان أن تسوء عشرتهما، فيقع الشقاق بينهما ثم يعقبه الفراق.
          ومن عجيب ما سمعت من ذلك في مدينة (بن) الألمانية أن متخاطبين بقيا مدة عشرين سنة متعاشرين في غاية الوفاق والوئام، ثم تزوجا، فلم يلبثا إلا سنة واحدة حتى وقع الطلاق بينهما، وكانت تلك السنة كلها خصومات ونزاعا بينهما، فسألت عن سر ذلك فأخبروني أن الرجل والمرأة ما داما متخاطبين يستر كل منهما أخلاقه الحقيقية ويتخلق بغيرها مصانعة وتملقا لصاحبه، مخافة أن يمله ويفسخ الخطبة، فإذا وقعت عقدة النكاح بينهما يسقط كل واحد منهما الكلفة، ويزول التملق، وتنكشف مخبآت الأخلاق والعادات، فيتلوها التنافر ثم النزاع والخصام ثم الطلاق"([3]) اهـ .



          ([1]) مستفاد من تعقيب الحمدان ومن تقرير للإمام ابن عثيمين بمعناه، تم العزو إليه سابقاً .

          ([2]) ش 427 د35 من سلسلة الهدى والنور .

          ([3]) مجلة الجامعة الإسلامية، العدد الثامن، تعليم الإناث .
          قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

          تعليق


          • #20
            وماذا عن المكالمات الهاتفية وبالجهاز النقال؟

            أجاز البعض من أهل العلم هذا الأمر في حدود ضيِّقة وبشرط وجود محرم عندها، ومنها المكالمات الهاتفية والمراسلات ونضيف لها برامج المرسال على شبكة المعلومات العالمية؛ فذهب الإمام ابن باز والعلاَّمة الفوزان إلى جوازها بالقيود السابقة لأنَّ الأصل في مكالمة الأجنبية بالهاتف لحاجة ولأمر مباح بدون خضوع الجواز .

            قال الإمام ابن باز -رحمه الله-: " لا حرج في كلام المرأة مع الرجل في الهاتف إذا كان سؤالاً عن العلم، أو إذا كان في مسألة شرعية أو سؤالاً عن مريض لصحته، أو عن شيء مهم، لا بأس بذلك، أما إذا كانت المكالمة للمغازلة كما يقولون، أو لإشعال فتنة أو الدعوة إلى الفاحشة أو ما يجر إلى الفاحشة فلا يجوز، الواجب على المرأة أن تحذر ذلك، وعلى الرجل أن يحذر ذلك . . . أما أن تكلم زوج أختها أو ابن عمها تسأله عن صحته وصحة أولاده ووالدته وأبيه، أو عن حاجة تسألها عنه، عن شراء حاجة أو يبيع لها حاجة أو ما أشبه من الأمور التي ليس فيها شبهة ولا ريبة، ولا شر فلا حرج في ذلك"([1]) اهـ.


            ولكنهم قيدوا ذلك بالشروط التالية:

            أ‌-أن يكون ذلك بعد الاستجابة .
            ب‌-ينبغي وجود محرم يسمع ما يقولان، حتى يحصل الانضباط وعدم الاسترسال، لأن الغالب أن مكالمة رجل امرأة أجنبية وخصوصاً تلك التي سيتزوجها ستؤدي إلى إثارة الشهوة، وحينئذ سيستمتع بامرأة لا تحل .
            ت‌-أن تكون لحاجة كأن يتكلم في شؤون الخطبة والزواج وما يتعلق بهذا الأمر.
            ث‌-أن تكون بقدر الحاجة، بدون توسع أو خضوع بالقول أو استمتاع .

            قال الإمام ابن باز -رحمه الله-: " أمَّا المراسلة يسألها عن حالها وظروفها لا بأس بها، وأن تراسله هي أيضاً كذلك؛ المراسلة التي لا تدعو إلى خطر ولا تدعو إلى شرٍ وليس فيها خلوة، ولا تدعو إلى فساد ولا زنا هذا لا بأس؛ أمَّا إذا كانت المراسلة قد يُخشى منها الشر، فلا ينبغي أن يُراسلها ولا ينبغي أن تراسله، وينبغي سدُّ الباب حتى لا يُتهموا بالشر؛ لكن إذا كانت مراسلة واضحة يعرفها أهلهما ليس فيها شُبهة ولا توقع في شبهة، إنَّما هي لحاجتهما للتفاهم في بعض المسائل، فلا بأس بذلك"([2]) اهـ .

            قال العلاَّمة الفوزان: "مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف لا بأس بها إذا كانت بعدالاستجابة له، وكان الكلام من أجل المفاهمة وبقدر الحاجة وليس فيه فتنة ([3])" اهـ.

            وقال أيضًا: " مخاطبة الشباب للفتيات عبر الهاتف لا تجوز؛ لما في ذلك من الفتنة؛ إلا إذا كانت الفتاة مخطوبة لمن يكلمها، وكان الكلام مجرد مفاهمة ولمصلحة الخطبة، مع أن الأولى والأحوط أن يخاطب وليها بذلك، أما المخاطبة بين الشباب والفتيات في غير حالة الخطبة؛ فإنها لا تجوز؛ لما في ذلك من الفتنة الشديدة، وخشية الوقوع في المحذور، وإذا كان ذلك في حال الصيام؛ فإنه يؤثر على الصيام بالنقص؛ لأنه مطلوب من الصائم المحافظة على صيامه مما يخل به وينقصه، وكم سبب الاتصال بين الشباب والفتيات بواسطة التلفونات من مصائب خلقية وجرائم اجتماعية؛ فالواجب على أولياء الفتيات منعهن ومراقبتهن من هذا الخطر"([4]) اهـ .

            وقد ذهب جماعة آخرون من أهل العلم المعاصرين إلى المنع
            من ذلك مطلقاً بقاءً على أصل الأجنبية، وسداً للذريعة؛ فقد تفشت المخالفات في هذا الباب في العصر الحاضر فلا تكاد تجد إلا واقعًا في المحظور؛ ومن هؤلاء العلماء الذين منعوا: الإمام الفقيه العلاَّمة ابن عثيمين والشيخ المُحدِّث عبد المُحسن العبَّاد والشيخ الجابري –حفظه الله- والشيخ العلاَّمة عبدالعزيز آل الشيخ -رحم الله الأموات منهم وحفظ الأحياء-.

            قال الإمام ابن عثيمين عن الحديث عبر الهاتف: " هذا حرامٌ ومنكر، والمرأة ما دام أنها لم يعقد عليها فهي أجنبية كغير المخطوبة تماماً، ولا يحل للخاطب أن يتحدث مع مخطوبته لا عبر الهاتف ولا بواسطة الرسائل ولا بغير ذلك، لأنَّها أحنبية عنه، ولا حاجة إلى التخاطب معها، وإذا كان يجب أن يتخاطب معها أو يراسلها فليعقد العقد عليها حتى تكون مكالمته لها نزيهة وبريئة وحلالاً، وكذلك مراسلته إيَّاها، لأنَّ الإنسان إذا عقد على الزوجة حلَّ له كل شيء يحلُّ للزوج من امرأته التي قد دخل بها، وأما قبل العقد فلا يحل له منها إطلاقاً شيء يحرم على غيره، كل ما يحرم على غيره من غير الخاطبين هو حرامٌ عليه"([5]) اهـ.

            قلتُ –كاتب هذه الصفحات-: إلا النظر والهدية كما فصَّل ذلك الإمام ابن عثيمين بنفسه في موضع آخر، حتى يتحقق المقصود .

            قال الشيخ المحدث عبد المحسن العبَّاد: " ما يصح للانسان أن يكون على صلة بخطيبته، إلا بعد العقد، إذا وجد العقد، وتم عند ذلك يمكن معه كل شيء، أمَّا قبل حصول ذلك فإنه قد يحصل تلاعب وعدم اتفاق، ويمكن أن يتخذ ذلك بعض اللاعبين من قبيل الاحتيال، فيكون في ذلك مجال لتلاعب المتلاعبين، الذي ينبغي ألا يفعل شيء من هذا إلا بعد تمام العقد"([6]) اهـ .

            وقد سألت الشيخ الجابري –حفظه الله- وأنا أكتب هذه الورقات في مكالمة هاتفية عن مكالمة المخطوبة بوجود محرمٍ في الطرفين، وللحاجة ، فأجاب: " لا بُدَّ -بارك الله فيك- أن تكون الخِطبة عن طريق وليها، لابدَّ .ولكن إذا كانت المرأة قد وثقت من رجل صالح دينًا وخُلُقًا، وخشيت أن يفوت عليها، فلا مانع أن تعرض نفسها عليه بواسطة -وهو أفضل- ومن غير واسطة وبكلام قليل، تبينُ له رغبتها فيه .

            فقلت له –حفظه الله-: يا شيخ؛ هذا بعد الإيجاب، بعد الموافقة والقبول فهم يتكلمون في فترة مثلاً شهران بعد الخِطبة؟

            الشيخ: لا لا لا، هذا لا يجوز، هذه أجنبية، إلاَّ بعد العقد، بعد العقد هي زوجته، إذا عقد عليها فهي زوجته، ويتعاملون حسب العُرف حسب عُرف أهلهما.

            قلت: يا شيخ؛ بعض الشباب يُعكِّرُ على ذلك، ويتناقلون ويقولون: الأصل أنَّ مكالمة الأجنبية للحاجة جائزة، وهذه يقولون أنها أجنبية؟

            الشيخ: لا، بارك الله فيك، الحاجة ما هي؟ كأن تبيع، أو تشتري، أو تسألُ عالمًا، بارك الله فيك، ولا يُتوسَّعُ فيها، أمَّا هذه بارك الله فيك المعروف أنَّه يصحبها خضوع من القول وممازحة ومضاحكة، يعني باب خطير هذا، نعم"([7]) اهـ .

            قال الشيخ العلاَّمة عبدالعزيز آل شيخ –حفظه الله-([8]): " أيّها الشابّ المسلم، وعندما تتقدّم لخطبَة امرأة وتنظر إليها فإني احذّرك من الاتّصالات الهاتفيّة قبل عقدِ النكاح، فإنّ كثيرًا من هذه الاتّصالات الهاتفيّة ربّما أبطأت أمرَ الزواج، وحصل قيل وقال وفضولُ كلام، لا طائلَ تحته، وإنّما هو سببٌ في إبعاد الزّوجين بعضهما من بعض.

            أيّها الشاب المسلم، عندما تحصُل هذه الاتصالات الهاتفيّة غالبًا قبلَ العقد ربّما تكون سببًا في إفساد العَقد، ربَما يسألها عن تاريخها وحياتها السّابقة، وتفتح له كلامَ القيل والقال، وربّما سألته عن حياته الماضية، فقال عن نفسه ما قال، فيكون ذلك سببًا لانفصام الخطبة وعدم استمرارها.

            العَبدُ لا يخلو من خطأ، والمسلم لا يخلو من خطأ، قلّ أو كثر، لا الرّجل ولا المرأة، والتّوبة إلى الله والاستغفار والنّدم والإقلاع عن الخطأ هذا هو المطلوب من المسلم، وأمّا تتبّع الماضي وجعلُ الماضي منهجًا لكي يُصَدّ عن الزواج فإنّ هذه الأمور [إذا تبت منها] لن يسألك الله عنها، وإنّما عليك في حياتك المستقبليّة، هذا هو المطلوب، أمّا الاتصالات قبل العقد فلا خير فيها؛ لأنّه يخشى أن تجرَّ إلى لقاءٍ قبل العقد، وهذا أمرٌ محرَّم شرعًا، وإذا أردتَ التخلّصَ من هذه التبِعات فاعقِد العقدَ الشرعيّ الذي يقول فيه النبيّ –صلى الله عليه وسلَّم-: ((أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله))"([9]) اهـ.

            وقال في موضع آخر: " أيّها المسلم، ولكن للأسفِ الشديد يغلَط البعضُ من المسلمين ممّن اغترّوا بتقليد الأعداءِ وانساقوا وراءَ تلكَ الشّعارات الزائفةِ والأفكار المنحرفةِ حيث أنّ الخطيب ربما التَقَى بمخطوبتِه لُقيا غيرَ شرعيّة سببُها الاتِّصال الهاتفيّ، الرسائل الجوال، وأمثال ذلك، فمجرَّدِ الخطبة يتَّخذ بعضُ ضعفاءِ الإيمان ذلك وسيلةً إلى الاتصالِ بالمرأة المخطوبةِ والتحدُّث معها عبرَ الجوال أو الهاتف وتبادُل الرّسائل، وذا منكَر يا أخي المسلم، فإنّ هذه الاتصالاتِ والرسائلَ ربما تقرِّب بعضَهم إلى بعض، فيجري اتِّصالٌ ولِقاء وخَلوَة، وربّما وقع المحذور والعياذ بالله.

            أختي المسلمة، قد يخدَعُك بعضُ الشباب، فيذكُرُ أنّه يريد خطبَتَك وسيتقدَّم لخطبَتِك لوليِّك، فيكثِر الاتصالَ، ويكثِر التحدّث، ويكثِر بَعثَ الرسائل، وما قصدُه إلاَّ خِداع ومَكر وتضلِيل وتغرير، فإن تكن الفتاةُ فتاةً مؤمنة حقًّا ذات دينٍ واستقامة ومحافظةٍ على دينها وشرفِها لم تمكِّن هذا المتطفِّل منَ الاتصالِ بها وتقول: الأمورُ تُؤتَى من أبوابها، والسنّةُ أباحتِ النظرَ عندما تدعو الحاجةَ إليه، أمّا اتصالاتٌ وأحاديثُ يوميّة، يعلِّل بعضُ أولئك أنّه يريدُ أن يكشِفَ أخلاقَها، ويريدُ أن يسبُر العلاقَةَ النفسيّة، ويريد ويريد، ويتشاوَرَان في تأثيثِ المسكَن أو المشترياتِ للزواج، إلى غيرِ ذلك من هذه العِلَل الواهية، فهذا من تزينِ الشيطان وتحسينِه الباطلَ لبعضِ ضُعفاءِ الإيمان.

            فلا يخدعنَّك ـ أختي المسلمة ـ ممارِسٌ في الشّرِّ ومتردِّد في الفسادِ وساعٍ في الشرّ والبلاء، إن تقدَّم خاطبًا نظَر وتكفيه النظرةُ الأولى.
            وأما الأحاديثُ ومبادلَة الأحاديث فذا أمرٌ ينبغي إغلاقُ بابِه إلاَّ بعد العقدِ الشرعيّ الذي يستبيح به المرأةَ المسلمة.

            أيّتها المرأةُ المسلمة، كم من شبابٍ خدَعوا بعضَ الفتيات وغرّروا ببعضِ الفتيات وتجرَّؤوا على بعض الفتيات، حتّى حمَلهم ذلك الباطلُ إلى التقاطِ صورٍ لتلك الفتاة وهي تحادِثُ هذا الرجل وتلتقي به، ثمّ يجعلها وسائلَ ضغطٍ على هذهِ الفَتاةِ ليقتَنِصَها ويدمِّر أخلاقَها وفضائلها.
            فيا أختي المسلمة، احذَري من هذا الضَّربِ من الناس، وأغلِقِي بابَ الاتصال، واجعلي الأمرَ يأخُذ قنواتِه المعروفة ويأخُذ طُرُقَه الشرعيّة، أمّا اتصالاتٌ ولقاءات مشبوهَة فإنّ ذلك خداعٌ لك من أولئك القوم؛ لأنّ بعضَهم لا يهدِف من ذلك سوى الإفساد، هو فاسِد في نفسِه فيريد أن ينقُلَ الفسادَ والشرَّ إلى غيره، ويفرَح مع عُشَراء السّوء بإفسادِ فتَياتِ المسلمين وإيقاعهنّ في البلاء حتى يقضِيَ غَرضَه المحرّم بأسباب هذه الاتّصالاتِ المشبوهَة.

            أختي المسلِمَة، أخي المسلِم، لا بدَّ من تقوَى الله للجميع، وأن نكونَ صادقين في إخبارِنا، فإن تكن صادِقًا فقدِّم الخطبةَ لأبي المرأة، واجعَل حَديثَك مع وليِّ أمرها، وابتعِد عن هذه اللقاءاتِ والأحاديث المشبوهَة، فبإمكانِك عقدُ الزّواج وتعجيل الدخولِ فتكون على طريقةٍ واضحةٍ ومنهَج سليم بعيدٍ عن الحرام قليلِه وكثيرِه.

            أيّتها المسلمة، لا بدَّ من تقوى الله ومراقبتِه، لا بدّ من أخذِ الحيطة والحذر من بعضِ أولئك الفاسقين الفاسِدين، أن لا نمكِّنَ لهم الأمرَ، وأن نحولَ بينهم وبين إجرامِهم، وأن نردَعَهم ونوقِفهم عند حدِّهم، فوليُّ الفتاةِ المسلمة يجِب أن يشعِرَها بعد الخِطبة على أنّ هذا الخاطبَ لا يزال أجنبيًّا عنها إلى أن يتمَّ العقدُ الشرعيّ، وأنَّ اتصالَها به واتصالَه بها والتحدّثَ بينهما لا يؤدِّي إلى نتائجَ طيّبة.

            أخي المسلم، أختي المسلمة، كم مِن محادَثةٍ أفسدت حتَّى الخِطبة وجَلَبت على المرأةِ وأوليائِها العار، وكم محادَثةٍ جَلبَت المصائبَ والبلايا؛ أقوامٌ هم فاسِدون في أنفسِهم، متمرِّسون في الفساد، مجرِّبون لطُرُق الغواية والإفسادِ والإضلال، فيأخُذ بالهاتِف هذه الفتاةَ بأسلوبٍ معسول، ثم يقلِب المِجنَّ عليها ويبتعِد عنها، وربما تعلَّق قلبُها به فأصابها ما أصابها. إذًا فلا تعطِي الانقيادَ إلى أولئك، ودعوا الأمورَ الشرعية تأخُذ مجراها، بعدَ العقدِ الشرعيِّ يبادَر بالدخول حتى تُغلَق أسباب الشرّ، ويحرِص المسلم على الامتناع عن الشرّ والفساد، ويكون زواجُه زواجًا شرعيًّا قائمًا على أسسٍ ثابتة بعيدًا عن هذه الغواياتِ والتضليل" ([10]).

            اختلاف قول الإمام الألباني في المسألة:

            وقد اختلف قول الإمام الألباني –رحمه الله- في مسألة المكالمات الهاتفية، فأفتى في موضع بجواز ذلك بالشروط السابقة، وفي موضع آخر بالمنع المُطلق .

            فقد سُئل -رحمه الله- عن مكالمة الخطيبة في الهاتف فقال: "لا يجوز، حتى وإن كان من أجل النصيحة، وأجاب عن تكرار زيارتها أنَّه لا يجوز"([11]) .

            ثم سُئل في موضع آخر فقال: " إذا فعله بحضور ولي أمرها فلا حرج وفيه أدب إسلامي معروف؛ لأنَّ مكالمة الرجل للمرأة بصورة عامة ما فيه محظور شرعًا خلافًا للمتنطعين .
            فقيل له: يعني بمحرم، بوجود محرم يعني لأنَّه يريد أن يعرف منهجها هل هي على الكتاب والسنة أو لا، يعني من هذا الباب؟
            فقال: ما فيه مانع([12])"([13]) اهـ.


            والخلاصة هي اتفاق العلماء على عدم جواز التوسع الذي نراه الآن .
            وأنَّ التحقيق ما ذهب إليه الإمام ابن باز والفوزان والألباني في أحد قوليه؛ لأنَّ المخطوبة أجنبية، والأصل جواز مكالمة الأجنبية للحاجة، والخطيبة أجنبية، وإن قيل نمنع ذلك سداً للذريعة وخوفًا من الفتنة، قلنا ما حُرِّم لسدِّ الذريعة يجوز للحاجة، ونحن لا نجيز الحديث لغير حاجة، والله أعلم .

            المكالمات الهاتفية مع المخطوبة للتعارف لا تجوز

            أما الحديث بالهاتف بذريعة تلك الحجة الأجنبية عن الإسلام ألا وهي: التعرف أكثر ومعرفة الطباع
            ؛ فهي حجة ساقطة، قال الشيخ العلاَّمة تقي الدين الهلالي –رحمه الله-: " وبهذا تعلم أن قول بعض الأغرار من الشرقيين باستحسان مخالطة الخاطب لمخطوبته قبل العقد، وخلوته بها ومعاشرته لها، زاعما أن ذلك يكشف لكل واحد منهما دخيلة الآخر فيقع الاتفاق، فالحب هو أساس الزواج السعيد، إن هذا القول باطل, وحديث خرافة، لأن هذين المتخاطبين لا يمكن لأحد منهما أن يعرف طباع صاحبه الحقيقية إلا بعد إسقاط الكلفة، وذلك يكون بعد العقد، ولأنهما غير معصومين من المباشرة المحرمة وعاقبتها الوخيمة في العاجل والآجل" اهـ ([14]).



            ([1]) نور على الدرب ش790 د23 .

            ([2]) من فتاوى الإمام ابن باز في نور على الدرب ش821 د27 .

            (
            [3]) المنتقي من فتاوى الفوزان (3/163-164) .

            ([4]) المنتقى ف248 .

            ([5]) من شريط للعلامة ابن عثيمين مفرغ بعنوان المنهاج في أحكام الزواج السؤال 21 نسخة مكتبة سحاب السلفية، تفريغ سالم الجزائري .

            ([6]) شرح سنن النسائي للشيخ عبد المحسن العباد، كتاب الطهارة، الشريط 59، الدقيقة 51.

            ([7]) من لقاء منتديات الإمام الآجري مع الشيخ الجابري ظهيرة يوم الأحد
            30 رمضان 1427 هـ . السؤال الثامن .

            ([8]) وهو كلامٌ ننقله بطوله لأهميته البالغة .

            ([9]) خُطبة جمعة بعنوان الحث على الزواج، ألقاها الشيخ في الرياض بجامع الإمام تركي بن عبدالله، بتاريخ 13/4/1424 وهي منشورة في موقع الإسلام الذي برعاية وزارة الأوقاف السعودية، وتحت إشراف معالي الشيخ صالح آل شيخ .

            ([10]) من خطبة جمعة بعنوان: أخطاء ومخالفات في الخطوبة، ألقاها الشيخ في الرياض بمسجد الإمام تركي بن عبد الله، بتاريخ 11/7/1425 .

            ([11]) من فتاوى سلسلة الهدى والنور ش 269 و1 .

            ([12]) ربما يُحمل ذلك على الزيارة الأولى للخطبة .

            ([13]) ش665 د28 من سلسلة الهدى والنور .

            ([14]) مجلة الجامعة الإسلامية، العدد الثامن، تعليم الإناث .
            قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

            تعليق


            • #21
              شبهة: قوله تعالى: { ولكن لا تواعدوهن سرًا}

              قال قائل: قوله تعالى: { (ولكن لا تواعدوهن سرًا} في المخطوبة، فجازت المواعدة وتكرار الزيارات في غير السر.

              والجواب أنَّ سياق الآية في التعريض في خطبة المعتدة، قال المفسرون لا تصرحوا بخطبتهن ولو سرًا، بل عرِّضوا، وجاء في التفسير المُيسَّر: " ولا إثم عليكم -أيها الرجال- فيما تُلَمِّحون به مِن طلب الزواج بالنساء المتوفَّى عنهنَّ أزواجهن، أو المطلقات طلاقًا بائنًا في أثناء عدتهن، ولا ذنب عليكم أيضًا فيما أضمرتموه في أنفسكم من نية الزواج بهن بعد انتهاء عدتهن. علم الله أنكم ستذكرون النساء المعتدَّات، ولن تصبروا على السكوت عنهن، لضعفكم; لذلك أباح لكم أن تذكروهن تلميحًا أو إضمارًا في النفس، واحذروا أن تواعدوهن على النكاح سرًا بالزنى أو الاتفاق على الزواج في أثناء العدة، إلا أن تقولوا قولا يُفْهَم منه أن مثلها يُرْغَبُ فيها الأزواج، ولا تعزموا على عقد النكاح في زمان العدة حتى تنقضي مدتها. واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فخافوه، واعلموا أن الله غفور لمن تاب من ذنوبه، حليم على عباده لا يعجل عليهم بالعقوبة".

              شبهة: ولكن الزواج السعيد أساسه الحب؟

              قد يقول قائل: فكيف وأنتم تقولون أنَّ مخطوبته لا يجوز له أن يراها بعد أن يكون قد نظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، وأنَّه لا يجوز له مكالمتها هاتفيًا، وأنَّه لا يجوز له مناجاتها إلى آخره مما قدمتم؟!

              نترك الجواب للعلاَّمة الجبل الجليل تقي الدين الهلالي –رحمه الله وطيَّب ثراه- : " قولهم: إن الزواج السعيد أساسه الحب، فيه نظر فإن الحب على أنواع، منه: حب الشهوة كحب الطعام والشراب وركوب الخيل، وما أشبه ذلك, فهذا الحب هو في الحقيقة ألم يحز في النفس، ويعظم بفقد المسكن، وهو قضاء الغرض من المطلوب فإذا ظفر صاحبه بمطلوبه سكن ألمه وضعفت رغبته في ذلك المطلوب، وصار ينظر إليه بعين غير العين التي كان ينظر إليه بها عند فقده، وقد تستمر هذه الرغبة في الضعف حتى تنعدم، والدليل على ذلك أن كثيرا من الناس كانوا يعشقون نساء، وبذلوا في سبيل التزوج بهن كل ما يستطيعون بذله، فلما وصلوا إلى غرضهم لم يلبثوا أن ملوا أولئك النساء، ولم تبق لهن قيمة عندهم، لأنهم كانوا يحبونهن حب شهوة، فلما قضيت قضى معها الحب نحبه، وهذا عام في البشر: الشرقيين منهم والغربيين. وقد سئل بعض الأوروبيين: من تحب من النساء؟ فقال: أحب جميع النساء‍ ما عدا زوجتي! فإن لم يزل ذلك الحب بالمرة، فإنه يضعف كثيرًا جدًا، فإذا اتفق أن المحبوب كان غليظ الطبع جافيا سيء الخلق كان ذلك أدعى إلى موت ذلك الحب بسرعة وربما انقلب بغضا وعداوة.

              ومنها حب ميل زوجي وهذا أطول عمرا من الذي قبله، فإن صادف أن المحبوب كان متصفا بأخلاق ملائمة لطبع المحب، ازداد ذلك الحب قوة على مر الأيام وثبت
              ، وليس مقصودنا أن ننفي أن حسن الصورة من دواعي الحب الصحيح، ولا نقول بغض النظر عن كل حسن جسمي والاكتفاء بالجمال النفسي فإن هذا خطأ فإن الحب الصحيح لا يتم إلا إذا كان المحبوب جميلاً في نفسه وهذا الحب يبنى على الزواج الشرعي الذي يكون كل من الزوجين قد رأى صاحبه قبل الزواج ورضي به زوجاً بدون إكراه ولا إغراء، فإن صادفه الاتفاق في الأخلاق ومتانة الدين، كان ذلك أقوى له وأرسخ لقواعده، وهذا هو الذي أمر به الإسلام"([1]) اهـ .

              خاتم الخِطبة

              يوجد خلاف بين المؤرخين في أصل خاتم الخطبة، ولكنهم يتفقون أنه يوضع في الإصبع الرابع من اليد اليُسرى للمخطوبة، حيث يُعتقد أن عرق الحب يصل بين هذا الإصبع والقلب، أمَّا خلافهم في أصله، هل هو من قدماء الفراعنة، أو من الرومان؟ والأرجح الثاني، وفي قديم الزمان كانت المخطوبة هي من يرتدي هذا الخاتم فقط، وعند معظم الشعوب اليوم، يرتديه الخاطب والمخطوبة رمزًا لتوطيد الحب بينهما .

              كما أنه عند بعض الشعوب يجب أن يكون هذا الخاتم باهظ الثمن حتى أنه يوازي مرتب شهر كامل أو شهرين إن لم يكن أكثر، فهو عندهم الهدية الوحيدة التي تقدم بدلاً من المهر، وعند البعض الآخر الشعوب يجب على المرأة أن تشتري خاتمًا للرجل كما يجب عليه ذلك .


              أمَّا حكمه في الشرع، فتختلف أقوال العلماء فيه على قولين:

              الأوَّل:
              إذا كان مجرد خاتم معهود؛ ولا يتولى الزوج إلباسه المخطوبة؛ فلا بأس بذلك، القول القديم للعلاَّمة ابن عثيمين –رحمه الله- .

              الثاني:
              محل توقف لأن بعض أهل العلم قال إن هذه العادة مأخوذة عن النصارى وأن أصلها من شعارهم، ولا شك أن الاحتياط للمرء المسلم البعد عنها لئلا يقع في قلبه أنه تابع لهؤلاء النصارى الذين سنوها أوَّلاً فيهلك القول الأخير للعلاَّمة ابن عثيمين فهو يرى بكراهة هذا الخاتم في أقل الأحول، ابن إبراهيم وابن باز وابن عثيمين وابن عقيل وغيرهم من أهل العلم .

              الثالث:
              لا يجوز، فهي عادة أجنبية وتشبه بالكفار، الألباني والفوزان وغيرهم –رحم الله الأحياء وحفظ الأموات- .

              مع أن استعمالها بقصد التشبه بالكفار، ومضاهاتهم حرام مطلقًا .

              يقول العلاَّمة محمَّد بن إبراهيم –رحمه الله- في ما نقله عنه حرفيًا الشيخ العلاَّمة عبد الله بن عقيل –رحمه الله-: " لا يخفى أنَّ هذا الشيء لم يكن معهودًا لدى الناس في هذه البلدان، وإنَّما تسربت هذه العوائد من بعض البلدان المجاورة، ولا ينبغي الانصياع معهم، وتقليدهم التقليد الأعمى بكل ما يأتون به، سواء كان غثًّا أو سمينًا، مع أنَّ هذا من قسم الغَث الذي لا خيرَ فيه، ولا نفع يعود على الزوج، ولا على الزوجة منه" اهـ .

              يقول العلاَّمة ابن باز –رحمه الله-: " لا نعلم لهذا العمل أصلاً في الشرع والأولى ترك ذلك" وقال أيضًا: " استعمال الدبلة من المستحدثات التي لا أصل لها، والذي ينبغي للمسلمين تركها، وأقل ما في ذلك الكراهة؛ نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والعافية من كل ما يخالف شرعه المطهر ([2]) اهـ .

              ويقول العلاَّمة ابن عثيمين –رحمه الله-: " دبلة الخطوبة عبارة عن خاتم، والخاتم في الأصل ليس فيه شي إلاَّ أن يصحبه اعتقاد كما يفعله بعض الناس، يكتب اسمه في الخاتم الذي يعطيه مخطوبته، وتكتب اسمها في الخاتم الذي تعطيه إياه، زعمًا منهما أن ذلك يوجب الارتباط بين الزوجين، ففي هذا الحال تكون هذه الدبلة محرمة، لأنها تعلق بما لا أصل له شرعًا ولا حسًا، كذلك أيضًا لا يجوز في هذا الخاتم أن يتولى الخاطب إلباس مخطوبته، لأنها لم تكن له زوجة بعد، فهي أجنبية عنه إذ لا تكون زوجة إلا بالعقد" اهـ .

              ويقول أيضًا: " لبس الدبلة للرجال أو النساء من الأمور المبتدعة وربما تكون من الأمور المحرمة ذلك لأن بعض الناس يعتقدون أن الدبلة سبب لقاء المودة بين الزوج والزوجة ولهذا يذكر لنا أن بعضهم يكتب على دبلته اسم زوجته وتكتب على دبلتها اسم زوجها وكأنهما بذلك يريدان دوام العلاقة بينهما وهذا نوع من الشرك لأنهما اعتقداً سبباً لم يجعله الله سببا ً لا قدراً ولا شرعاً، فما علاقة هذه الدبلة بالمودة أو المحبة، وكم من زوجين بدون دبلة وهما على أقوى ما يكون من المودة والمحبة ، وكم من زوجين بينهما دبلة وهما في شقاء وعناء وتعب .

              فهي بهذه العقيدة الفاسدة نوع من الشرك، وبغير هذه العقيدة تشبه بغير المسلمين لأن هذه الدبلة متلقاة من النصارى، وعلى هذا فالواجب على المؤمن أن يبتعد عن كل شيء يخل بدينه"([3]) اهـ .

              وهذا آخر كلامه في المسألة =رحمه الله-: " الذي أراه أن وضع الدبلة أقل أحواله الكراهة؛ لأنها مأخوذة من غير المسلمين، وعلى كل حال الإنسان المسلم يجب أن يرفع بنفسه عن تقليد غيره في مثل هذه الأمور، وإن صحب ذلك اعتقاد كما يعتقده بعض الناس في الدبلة أنها سبب للارتباط بينه وبين زوجته كان ذلك أشد وأعظم، لأن هذا لا يؤثر في العلاقة بين الزوج وزوجته. وقد نرى من يلبس الدبلة للارتباط بينه وبين زوجته، ولكن بينهما من التفرق والشقاق ما لا يحصل ممن لم يلبس هذه الدبلة، فهناك كثير من الناس لا يلبسها ومع ذلك أحوالهم سائرة مع زوجاتهم" اهـ


              يقول العلاَّمة الفوزان في المنتقى: " وأما الدبلة فهذه ليست من عوائد المسلمين وهي التي تلبس لمناسبة الزواج، وإذا كان يعتقد فيها أنها تسبب المحبة بين الزوجين، وأن خلعها وعدم لبسها يؤثر على العلاقة الزوجية فهذا يعتبر من الشرك، وهذا يدخل في الاعتقاد الجاهلي فلا يجوز لبس الدبلة بحال :
              أولاً : لأنها تقليد لمن لا خير فيهم، وهي عادة وافدة على المسلمين، وليست من عادات المسلمين .
              وثانيًا : أنها إذا كان يصحبها اعتقاد أنها تؤثر على العلاقة الزوجية فهذا يدخل في الشرك ولا حول ولا قوة إلا بالله" اهـ .

              ويقول أيضًا في نفس المصدر: " وهي التقليد الفاسد الذي وقع فيه كثير من الناس اليوم في أمور الزواج، من أنه يشتري لها دبلة تلبسها، ويكون هذا سببًا في زعمهم في عقد المحبة في القلب، وتآلف الزوجين؛ فهذا من عقائد الجاهلية، وهذا يكون من الشرك؛ لأن التعلق بالحلقة والخيط والخاتم والدبلة في أنها تجلب المودة أو تذهب العداوة بين الزوجين هذا من الشرك؛ لأن الأمر بيد الله؛ فهو يقول سبحانه وتعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } [ سورة الروم : آية 21 ] ؛ فالله هو الذي يوجب المودة والرحمة بين الزوجين إذا استقاما على طاعته سبحانه وتعالى، أما هذه الدبلة وهذه التقاليد الفاسدة؛ فيجب اجتنابها" اهـ .
              وهذا ما عليه الإمام الألباني –رحمه الله- وقد أفرد لهذه المسألة فصلاً في كتابه آداب الزفاف، فراجعه .

              إيراد في خاتم الخطوبة

              ماذا لو لبست المخطوبة هذا الخاتم كهدية من خاطبها وكأي من الخواتم الأخرى التي من عادتها لبسها بحيث لا يلاحظ الناس أنَّ هذا هو: (خاتم الخطوبة بالخصوص)؟

              الجواب: لقد أسلفنا أنَّ الهدية جائزة، فإن اعتبرنا هذه الخواتم جزءً من الهدية لا تتميز بشيء خاص، فإنَّها كغيرها من الهدايا التي يقدمها الخاطب للمخطوبة إن انتفى مقصد الإيهام والاقتداء .



              ([1]) تعليم الإناث وتربيتهن للعلامة تقي الدين الهلالي .

              ([2]) فتاوى إسلامية، جمع المسند .

              ([3]) فتاوى إسلامية، جمع المسند .
              قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

              تعليق


              • #22
                خاتمة

                تعرض هذا الكتاب إلى مسائل الخطبة بتفصيل دقيق، وقد كان الهدف الأساسي منه تصوُّر حقائقها، ومن أهم الحقائق معرفة أنَّ الزواج الذي تدوم فيه المحبة بين الزوجين مدى الحياة هو الزواج الشرعي الذي يكون كل من الزوجين قد رأى صاحبه قبل الزواج ورضي به زوجاً بدون إكراه ولا إغراء، فإن صادفه الاتفاق في الأخلاق ومتانة الدين، كان ذلك أقوى له وأرسخ لقواعده.
                أمَّا المفهوم الأجنبي السائد اليوم والذي أخذناه من الغربيين عن الخِطبة والزواج، فإنَّه يؤدي إلى العكس؛ سئل بعض الأوروبيين: من تحب من النساء؟ فقال: أحب جميع النساء‍ ما عدا زوجتي!

                نعم هذه هي النتيجة، ونختم بكلمة لابن الجوزي يقول فيها: " فَمَنْ قَدَرَ عَلَى امْرَأَةٍ صَالِحَةٍ فِي الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى فَلْيُغْمِضْ عَنْ عَوْرَاتِهَا وَلْتَجْتَهِدْ هِيَ فِي مُرَاضَاتِهِ" اهـ

                رزقنا الله الزوجة الصالحة؛ ويسَّر الله الزواج على أمَّة محمَّد وحبب الله الأزواج في بعضهم البعض، وأكثر الله من ذريتهم الصالحة، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

                أبو عبد الله الآجُّري
                1429 هـ

                تمت بحمد الله .



                قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

                تعليق


                • #23
                  قرار هيئة كبار العلماء بشأن غلاء المهور والسرف في حفلات الخطبة وعقد النكاح

                  وقد صدر من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية قرارات بشأن غلاء المهور في هذه البلاد الكريمة: أولهما بتاريخ 4 / 4 / 1397 هـ والثاني بتاريخ 6 / 11 / 1402 هـ ونظرا لأهميتهما أثبتها هنا، عسى أن يتخذ منها قراء هذا البحث نبراسًا للاقتداء والعمل.
                  قرار رقم52 وتاريخ 4 / 4 / 1397 هـ
                  الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
                  فإن مجلس هيئة كبار العلماء قد اطلع في دورته العاشرة المعقودة في مدينة الرياض فيما بين يوم 21 / 3 / 1397 هـ و4 / 4 / 1397هـ على البحث الذي أعدَّته اللجنة الدائمة في هيئة كبار العلماء في موضوع تحديد مهور النساء بناءً على ما قضى به أمر سمو نائب رئيس مجلس الوزراء من عرض هذا الموضوع على هيئة كبار العلماء لإفادة سموه بما يتقرر وجرى استعراض بعض ما رفع للجهات المسئولة عن تمادي الناس في المغالاة في المهور والتسابق في إظهار البذخ والإسراف في حفلات الزواج وبتجاوز الحد في الولائم وما يصحبها من إضاءات عظيمة خارجة عن حد الاعتدال ولهو وغناء بآلات طرب محرمة بأصوات عالية قد تستمر طول الليل حتى تعلو في بعض الأحيان على أصوات المؤذنين في صلاة الصبح وما يسبق ذلك من ولائم الخطوبة وولائم عقد القران كما استعرض بعض ما ورد في الحث على تخفيف المهور والاعتدال في النفقات والبعد عن الإسراف والتبذير فمن ذلك قول الله تعالى: { وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا }{ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}؛ ومن السنة ما رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: « سألتُ عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كم كان صداق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا. قالت: أتدري ما النشا؟ قلت: لا. قالت: نصف أوقية، فذلك خمسمائة درهم». وقال عمر -رضي الله عنه-: «ما علمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نكح شيئا من نسائه ولا أنكح شيئا من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقية» . قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: « أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- زوج امرأة رجلاً بما معه من القرآن » .
                  وروى الترمذي وصححه: « أن عمر -رضي الله عنه- قال: لا تغلوا في صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن كان الرجل ليبتلى بصدقة امرأته حتى يكون عداوة في نفسه وحتى يقول كلفت لك على القربة». والأحاديث والآثار في الحض على الاعتدال في النفقات والنهي عن تجاوز الحاجة كثيرة معلومة، وبناء على ذلك ولما يسببه هذا التمادي في المغالاة في المهور والمسابقة في التوسع في الولائم بتجاوز الحدود المعقولة وتعدادها قبل الزواج وبعده، وما صاحب ذلك من أمور محرمة تدعو إلى تفسخ الأخلاق من غناء واختلاط الرجال بالنساء في بعض الأحيان، ومباشرة الرجال لخدمة النساء في الفنادق إذا أقيمت فيها مما يعد من أفحش المنكرات، ولما يسببه الانزلاق في هذا الميدان من عجز الكثير من الناس عن نفقات الزواج فيجرهم ذلك إلى الزواج من مجتمع لا يتفق في أخلاقه وتقاليده مع مجتمعنا فيكثر الانحراف في العقيدة والأخلاق، بل قد يجر هذا التوسع الفاحش إلى انحراف الشباب من بنين وبنات، ولذلك كله فإن مجلس هيئة كبار العلماء يرى ضرورة معالجة هذا الوضع معالجة جادة وحازمة بما يل :
                  1 - يرى المجلس منع الغناء الذي أحدث في حفلات الزواج بما يصحبه من آلات اللهو وما يستأجر له من مغنين ومغنيات وبآلات تكبير الصوت؛ لأن ذلك منكر محرم يجب منعه ومعاقبة فاعله.
                  2 - منع اختلاط الرجال بالنساء في حفلات الزواج وغيرها ومنع دخول الزوج على زوجته بين النساء السافرات ومعاقبة من يحصل عندهم ذلك من زوج وأولياء الزوجة معاقبة تزجر عن مثل هذا المنكر.
                  3 - منع الإسراف وتجاوز الحد في ولائم الزواج وتحذير الناس من ذلك بواسطة مأذوني عقود الأنكحة وفي وسائل الإعلام، وأن يرغب الناس في تخفيف المهور ويذم لهم الإسراف في ذلك على منابر المساجد وفي مجالس العلم وفي برامج التوعية التي تبث في أجهزة الإعلام.
                  4 - يرى المجلس بالأكثرية معاقبة من أسرف في ولائم الأعراس إسرافًا بينًا، وأن يحال بواسطة أهل الحسبة إلى المحاكم لتعزر من يثبت مجاوزته الحد بما يراه الحاكم الشرعي من عقوبة رادعة زاجرة تكبح جماح الناس عن هذا الميدان المخيف؛ لأن من الناس من لا يمتنع إلا بعقوبة، وولي الأمر وفقه الله عليه أن يعالج مشاكل الأمة بما يصلحها ويقضي على أسباب انحرافها، وأن يوقع على كل مخالف من العقوبة ما يكفي لكفه.
                  5 - يرى المجلس الحث على تقليل المهور والترغيب في ذلك على منابر المساجد وفي وسائل الإعلام، وذكر الأمثلة التي تكون قدوة في تسهيل الزواج إذا وجد من الناس من يرد بعض ما يدفع إليه من مهر أو اقتصر على حفلة متواضعة لما في القدوة من التأثير.
                  6 - يرى المجلس أن من أنجح الوسائل في القضاء على السرف والإسراف أن يبدأ بذلك قادة الناس من الأمراء والعلماء وغيرهم من وجهاء الناس وأعيانهم وما لم يمتنع هؤلاء من الإسراف وإظهار البذخ والتبذير فإن عامة الناس لا يمتنعون من ذلك؛ لأنهم تبع لرؤسائهم وأعيان مجتمعهم فعلى ولاة الأمر أن يبدأوا في ذلك بأنفسهم ويأمروا به ذوي خاصتهم قبل غيرهم، ويؤكدوا على ذلك اقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته -رضوان الله عليهم- واحتياطًا لمجتمعهم لئلا تتفشى فيه العزوبة التي ينتج عنها انحراف الأخلاق وشيوع الفساد، وولاة الأمر مسؤولون أمام الله عن هذه الأمة، وواجب عليهم كفهم عن السوء ومنع أسبابه عنهم، وعليهم تقصي الأسباب التي تثبط الشباب عن الزواج ليعالجوها بما يقضي على هذه الظاهرة، والحكومة أعانها الله ووفقها قادرة بما أعطاها الله من إمكانات متوافرة ورغبة أكيدة في الإصلاح أن تقضي على كل ما يضر بهذا المجتمع أو يوجد فيه أي انحراف، وفقها الله لنصرة دينه وإعلاء كلمته وإصلاح عباده وأثابها أجزل الثواب في الدنيا والآخرة، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .
                  هيئة كبار العلماء / قرار رقم 94 وتاريخ 6 / 11 / 1402 هـ
                  قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

                  تعليق


                  • #24
                    رد: كَشْفُ الخَفَاءِ عَنْ أَحْكَامِ خِطْبَةِ النِّسَاءِ


                    يسرنا أن نقدم لكم هذا الإصدار الجديد من بحث
                    الأخ المدير العام لشبكة الإمام الآجري
                    أبو عبد الله الآجري

                    الذي بعنوان:


                    كَشْفُ الخَفَاءِ عَنْ أَحْكَامِ خِطْبَةِ النِّسَاءِ
                    من تصفيف وتصميم
                    الأخ
                    أبو سفيان محمد - جزاه الله خيرًا -
                    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Kachf-Alkhafaa2.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	77.3 كيلوبايت 
الهوية:	173922


                    للتحميل pdf
                    للتحميل word
                    الملفات المرفقة

                    تعليق

                    يعمل...
                    X