إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

رسالة في بيان معنى العبادة ومعنى قوله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] رسالة في بيان معنى العبادة ومعنى قوله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ

    رسالة في بيان معنى العبادة ومعنى قوله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب آل الشيخ (المتوفى: 1293هـ)

    هذه الرسالة
    قيِّمةٌ جدًا وجدتها ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية لبعض علماء نجد الأعلام (الجزء الثالث) بجمع الشيخ سليمان بن سحمان -رحمه الله- أحببت نشرها مفردة منسقة من باب التعاون على البر والتقوى.

    قال الشيخ سليمان بن سحمان -رحمه الله في وصفها: وله أيضا -قدس الله روحه، ونور ضريحه- رسالة إلى الشيخ عبد الله بن نصير، وقد ذكر الشيخ عبد الله في رسالة كلام أبي بكر بن العربي المالكي في معنى قوله تعالى: {
    وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} .
    فأجاب -رحمه الله- بهذا الجواب الباهر الفائق، وأرخى عنان قلمه بميدان المعارف والحقائق، وكشف له القناع عن مدارك أحكام أهل التحقيق، ورفع له الأعلام إلى المَهْيَع والطريق، وبَيَّنَ له -رحمه الله- غلطَ أبي بكر بن العربي فيما زعمه وقرره، من أن معناه لبعض أهل السنة، وليس كما زعمه وحرره. بل إن ما اعتمده وعول عليه في معنى هذه الآية هو: كلام القدرية المجبرة، فإما أن يكون جهلا منه بأنه مخالف لقول أهل السنة، أو تقليدا منه لمن كان يحسن فيه ظنه، هذا إن لم يكن موافقا لهم في أصل الجبر والقول به، فقد يدخل عليه كلامهم وكلام نظرائهم، فلا ينكره، بل يقرره، ويأخذ به، وهذا نص الرسالة:



    للتحميل: [ من المرفقات ]
    الملفات المرفقة

  • #2
    رد: رسالة في بيان معنى العبادة ومعنى قوله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) للشيخ عبد اللطيف آل الش

    وهذه تمام آخر الجواب الذي نقله الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ، لأنه -رحمه الله- لم يذكر إلا خمسة أقوال من أصل ستة! وذكر أن ذلك آخر ما وصل إليه رحمه الله في النسخ التي بين يديه.

    قال شيخ الإسلام
    ابن تيمية -رحمه الله- كما في المجموع لابن القاسم (8/51):

    " وَ"
    الْقَوْلُ السَّادِسُ " - وَإِنْ كَانَ أَبُو الْفَرَجِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا إلَّا أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ - وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمْ لِعِبَادَتِهِ وَهُوَ فِعْلُ مَا أُمِرُوا بِهِ وَلِهَذَا يُوجَدُ الْمُسْلِمُونَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَحْتَجُّونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى حَتَّى فِي وَعْظِهِمْ وَتَذْكِيرِهِمْ وَحِكَايَاتِهِمْ كَمَا فِي حِكَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ؛ مَا لِهَذَا خُلِقْت وَلَا بِهَذَا أُمِرْت؛ وَفِي حَدِيثٍ إسْرَائِيلِيٍّ: {يَا ابْنَ آدَمَ خَلَقْتُك لِعِبَادَتِي فَلَا تَلْعَبْ وَتَكَلَّفْت بِرِزْقِك فَلَا تَتْعَبْ فَاطْلُبْنِي تَجِدْنِي؛ فَإِنْ وَجَدْتنِي وَجَدْت كُلَّ شَيْءٍ؛ وَإِنَّ فُتُّك فَاتَك كُلُّ شَيْءٍ وَأَنَا أَحَبُّ إلَيْك مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؛ وَغَيْرِهِ مِنْ السَّلَفِ فَذَكَرُوا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: إلَّا لِآمُرَهُمْ أَنْ يَعْبُدُونِ وَأَدْعُوهُمْ إلَى عِبَادَتِي. قَالُوا: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} وَقَوْلُهُ: {وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا} وَهَذَا اخْتِيَارُ الزَّجَّاجِ وَغَيْرِهِ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ مُجَاهِدٍ بِالْإِسْنَادِ الثَّابِتِ؛ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ شِبْلٍ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} لِآمُرَهُمْ وَأَنْهَاهُمْ " كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: " مَا خَلَقْتهمَا إلَّا لِلْعِبَادَةِ ".
    وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {
    أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} يَعْنِي لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى وَقَوْلُهُ: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} أَيْ لَوْلَا عِبَادَتُكُمْ وَقَوْلُهُ: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} وَقَوْلُهُ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} ؟ إلَى قَوْلِهِ: {وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} وَقَوْلُهُ: {أَلَمْ أَعْهَدْ إلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} الْآيَاتِ وَمَا بَعْدَهَا. وَقَالَتْ الْجِنُّ لَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ: {يَا قَوْمَنَا إنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ} الْآيَةَ وَمَا بَعْدَهَا. وَقَالَتْ الْجِنُّ: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} الْآيَةَ وَمَا بَعْدَهَا. وَقَدْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} فَقَدْ أَمَرَهُمْ بِمَا خَلَقَهُمْ لَهُ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ إلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَمُحَمَّدٌ أُرْسِلَ إلَى الثَّقَلَيْنِ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى الْجِنِّ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ. وَجَعَلَ يَقْرَأُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُونَ: وَلَا بِشَيْءِ مِنْ آلَائِك رَبِّنَا نُكَذِّبُ فَلَك الْحَمْدُ.
    فَهَذَا
    هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي قُصِدَ بِالْآيَةِ قَطْعًا وَهُوَ الَّذِي تَفْهَمُهُ جَمَاهِيرُ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْتَجُّونَ بِالْآيَةِ عَلَيْهِ؛ وَيَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمْ لِيَعْبُدُوهُ، لَا لِيُضَيِّعُوا حَقَّهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: {يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ؟ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ قُلْت: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: فَإِنَّ حَقَّهُمْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ} . وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {بُعِثْت بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي. وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمِ فَهُوَ مِنْهُمْ} .
    ثُمَّ لِلنَّاسِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَوْلَانِ: قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتَةِ لِلْقَدَرِ وَقَوْلُ نفاته فَصَارَتْ الْأَقْوَالُ فِي الْآيَةِ " سَبْعَةً ".

    وَفِي الْحِكْمَةِ " خَمْسَةً ": فَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ الْمُثْبِتُونَ لِلْقَدَرِ فَيَقُولُونَ: قَوْلُهُ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} لَا يَسْتَلْزِمُ وُقُوعَ الْعِبَادَةِ مِنْهُمْ كَمَا قَالَ أَصْحَابُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيُ الْمَقْدُورِ أَنْ يَكُونَ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يَشَاءُ أَوْ يَشَاءُ مَا لَا يَكُونُ كَمَا قَالَتْ الْقَدَرِيَّةُ.
    فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: لَمْ يَقَعْ مَا خَلَقَهُمْ لَهُ لِكَوْنِهِ يَشَاءُ مَا لَا يَكُونُ وَيَكُونُ مَا لَا يَشَاءُ.
    أُولَئِكَ قَالُوا: إذَا كَانَ مَا يَشَاءُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ فَمَا لَمْ يَقَعْ لَمْ يَشَأْهُ فَمَا لَمْ يَقَعْ مِنْ الْعِبَادَةِ لَمْ يَشَأْهَا وَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ ثُمَّ قَالُوا: وَمَا خَلَقَهُمْ لَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَخْلُقَهُ فَلَمَّا لَمْ يَشَأْهُ أَنْ يَخْلُقَ هَذَا لَمْ يَخْلُقْهُمْ لَهُ.
    فَالطَّائِفَتَانِ أَصْلُ غَلَطِهِمْ ظَنُّهُمْ أَنَّمَا خَلَقَهُمْ لَهُ يَشَاءُ وُقُوعَهُ وَأُولَئِكَ يَقُولُونَ يَشَاءُ أَنْ يَخْلُقَهُ وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ يَشَاءُ وُقُوعَهُ مِنْهُمْ بِمَعْنَى يَأْمُرُهُمْ بِهِ وَمَا عِنْدَهُمْ أَنَّ لَهُ مَشِيئَةً فِي أَفْعَالِ الْعِبَادِ غَيْرَ الْأَمْرِ وَهُمْ يَعْصُونَ أَمْرَهُ؛ فَلِهَذَا قَالُوا: يَكُونُ مَا لَا يَشَاءُ وَيَشَاءُ مَا لَا يَكُونُ كَمَا يَقُولُونَ: يَفْعَلُونَ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ وَيَتْرُكُونَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ إذَا أُرِيدَ الْأَمْرُ الشَّرْعِيُّ؛ لَكِنَّ الْقَدَرِيَّةَ الْنُّفَاةِ لَا يَقُولُونَ: إنَّهُ شَاءَ إلَّا بِمَعْنَى أَمَرَ فَعِنْدَهُمْ مَا لَيْسَ طَاعَةً مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ مَا لَا يَشَاؤُهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُقُهُ عِنْدَهُمْ وَإِذَا لَمْ يَخْلُقْهُ لَمْ يَشَأْهُ فَإِنَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَخْلُقَهُ خَلَقَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَالْقَدَرِيَّةُ لَا تُنَازِعُ فِي هَذَا لَا يُنَازِعُونَ فِي أَنَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَفْعَلَهُ هُوَ فَعَلَهُ وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ أَنْ يَفْعَلَهُ لَكِنَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَا تَدْخُلُ فِي خَلْقِهِ وَلَا فِي قُدْرَتِهِ وَلَا فِي مَشِيئَتِهِ وَلَا فِي مَشِيئَتِهِ أَنْ يَفْعَلَ لَكِنَّ الْمَشِيئَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهَا بِمَعْنَى الْأَمْرِ فَقَطْ فَيَقُولُونَ: خَلَقَهُمْ لِعِبَادَتِهِ أَنْ يَفْعَلُوهَا هُمْ وَقَدْ أَمَرَهُمْ بِهَا فَإِذَا لَمْ يَفْعَلُوهَا كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ عِصْيَانِ أَمْرِهِ.
    وَأَمَّا الْمُثْبِتُونَ لِلْقَدَرِ فَيَقُولُونَ: إنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ سُبْحَانَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ {
    وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَإِذَا خَلَقَهُمْ لِلْعِبَادَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَلَمْ يَفْعَلُوهَا لَمْ يَكُنْ قَدْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ إذْ لَوْ شَاءَ أَنْ تَكُونَ لِكَوْنِهَا لَكِنْ أَمَرَهُمْ بِهَا وَأَحَبَّ أَنْ يَفْعَلُوهَا وَرَضِيَ أَنْ يَفْعَلُوهَا وَأَرَادَ أَنْ يَفْعَلُوهَا إرَادَةً شَرْعِيَّةً تَضَمَّنَهَا أَمْرُهُ بِالْعِبَادَةِ.

    وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ مَعْنَى الْآيَةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} يُشْبِهُ قَوْلَهُ: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} وَقَوْلَهُ: {كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} وَقَوْلَهُ: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} وَقَوْلَهُ: {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وَقَوْلَهُ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} الْآيَةَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} فَهُوَ لَمْ يُرْسِلْهُ إلَّا لِيُطَاعَ ثُمَّ قَدْ يُطَاعُ وَقَدْ يُعْصَى.
    وَكَذَلِكَ مَا خَلَقَهُمْ إلَّا لِلْعِبَادَةِ ثُمَّ قَدْ يَعْبُدُونَ وَقَدْ لَا يَعْبُدُونَ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ يُبَيِّنُ أَنَّهُ فَعَلَ مَا فَعَلَ لِيُكَبِّرُوهُ وَلِيَعْدِلُوا وَلَا يَظْلِمُوا وَلِيَعْلَمُوا مَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِهِ وَغَيْرِهِ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْعِبَادَ وَأَحَبَّهُ لَهُمْ وَرَضِيَهُ مِنْهُمْ وَفِيهِ سَعَادَتُهُمْ وَكَمَالُهُمْ وَصَلَاحُهُمْ وَفَلَاحُهُمْ إذَا فَعَلُوهُ. ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَفْعَلُهُ.
    وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ فَعَلَ الْأَوَّلَ لِيَفْعَلَ هُوَ الثَّانِيَ وَلَا لِيَفْعَلَ بِهِمْ الثَّانِيَ فَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ خَلَقَهُمْ لِيَجْعَلَهُمْ هُمْ عَابِدِينَ؛ فَإِنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ لِمَا يَفْعَلُهُ هُوَ مِنْ الْغَايَاتِ يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَهُ لَا مَحَالَةَ وَيَمْتَنِعَ أَنْ يَفْعَلَ أَمْرًا لِيَفْعَلَ أَمْرًا ثَانِيًا وَلَا يَفْعَلَ الْأَمْرَ الثَّانِيَ وَلَكِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ فَعَلَ الْأَوَّلَ لِيَفْعَلُوا هُمْ الثَّانِيَ؛ فَيَكُونُونَ هُمْ الْفَاعِلِينَ لَهُ فَيَحْصُلُ بِفِعْلِهِمْ سَعَادَتُهُمْ وَمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ لَهُمْ فَيَحْصُلُ مَا يُحِبُّهُ هُوَ وَمَا يُحِبُّونَهُ هُمْ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ مَا خَلَقَهُ وَأَمَرَ بِهِ غَايَتُهُ مَحْبُوبَةٌ لِلَّهِ وَلِعِبَادِهِ.
    وَفِيهِ حِكْمَةٌ لَهُ وَفِيهِ رَحْمَةٌ لِعِبَادِهِ. فَهَذَا الَّذِي خَلَقَهُمْ لَهُ لَوْ فَعَلُوهُ لَكَانَ فِيهِ مَا يُحِبُّهُ وَمَا يُحِبُّونَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَفْعَلُوهُ فَاسْتَحَقُّوا مَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَاصِي الْمُخَالِفُ لِأَمْرِهِ التَّارِكُ فِعْلَ مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ شَاءَ أَنْ تَكُونَ الْعِبَادَةُ مِمَّنْ فَعَلَهَا فَجَعَلَهُمْ عَابِدِينَ مُسْلِمِينَ بِمَشِيئَتِهِ وَهُدَاهُ لَهُمْ وَتَحْبِيبِهِ إلَيْهِمْ الْإِيمَانَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {
    وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} فَهَؤُلَاءِ أَرَادَ الْعِبَادَةَ مِنْهُمْ خَلْقًا وَأَمْرًا أَمَرَهُمْ بِهَا؛ وَخَلْقًا جَعَلَهُمْ فَاعِلِينَ. وَالصِّنْفُ الثَّانِي لَمْ يَشَأْ هُوَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ عَابِدِينَ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَمَرَهُمْ بِالْعِبَادَةِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

    تعليق

    يعمل...
    X