إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

التوضيح للمفهوم الصحيح (صيام السبت) .

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [بيان] التوضيح للمفهوم الصحيح (صيام السبت) .

    ​باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه :


    عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء رضي الله عنها أن رسول الله قال : " لاتصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم
    إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه " رواه الترمذي وحسنه


    قال الألباني رحمه الله : ....وقد بينت ذلك في إرواء الغليل (960) بيانا لايدع مجالا للشك في صحته .


    وقال رحمه الله في الصحيحة : وهو مخرج في الإرواء تخريجاً علمياً دقيقاً يتبين منه لكل باحث عن الحق أنه حديث صحيح
    ولذلك صححه الأئمة كما قال النووي فلا تغتر بما قيل : إنه كذب أو شاذ أو مضطرب
    إذ كل ذلك صدر من قائله دون تتبع طرقه وفيها ثلاثة طرق صحيحة كما تراه مفصلاً هناك
    وهذه طريق جديدة من.....تؤكد ثبوت ذلك يقيناً عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه وإن كانت موقوفة فهي في حكم المرفوع .


    وقال رحمه الله في الصحيحة ( ح 3101 ) بعد أن ذكر طريقاً أخرى للحديث عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
    قال : وإذا عرفت ما تقدم فمن الظلم للسنة والانحراف عنها أن يبادر بعض المعاصرين إلى الشك في صحة هذا الحديث بله الجزم بضعفه فضلاً عن القول بأنه كذب !
    والله المستعان . أهـ


    وقال رحمه الله : فقد ظهر لي أن الأقرب أنه لايشرع صيامه مطلقا إلا في الفرض مشياً مع ظاهر الحديث لأنه نهى أولاً نهياً عاماً ثم استثنى الفرض فقط
    ثم أكد الأمر بإفطاره في غير الفرض بقوله : " فإن لم يجد أحدكم إلا ...." (صحيح الترغيب ص607) .
    وقال رحمه الله :
    وتأويل الحديث بالنهي عن صوم السبت مفرداً يأباه قوله : " إلا فيما افترض عليكم " فإنه كما قال ابن القيم في (تهذيب السنن) :
    دليل على المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافا لان الاستثناء دليل التناول وهو يقتضي ان النهي عنه يتناول كل صور صومه الا صورة الفرض
    ولو كان انما يتناول صورة الافراد لقال لاتصوموا يوم السبت الا ان تصوموا يوما قبله او يوما بعده كما قال في الجمعة
    فلما خص الصورة المأذون فيها بالفريضة علم تناول النهي لما قابلها .أهـ
    قلت (الالباني) :
    وايضا لو كانت صورة الاقتران غير منهي عنها لكان استثناؤها في الحديث اولى من استثناء الفرض لان شبهة شمول الحديث له ابعد من شموله لصورة الاقتران
    فاذا استثنى الفرض وحده دل على عدم استثناء غيره كما لايخفى .أهـ


    وقال شيخ الإسلام رحمه :...ولا يقال: يحمل النهي على إفراده، لأن لفظه: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" والاستثناء دليل التناول،
    وهذا يقتضي أن الحديث عم صومه على كل وجه، وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثني فإنه لا إفراد فيه،
    فاستثناؤه دليل على دخول غيره. بخلاف يوم الجمعة، فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده.أهـ الإقتضاءص 75 .


    قال العلامة أبن العثيمين رحمه الله : " وقوله إلا فيما افترض عليكم " استثناء يدل على أن ماقبله عام لأن لدى أهل العلم قاعدة يقولون :
    " إن الإستثناء معيار العموم " " معيار " يعني : ميزانا ، يعني : أنه إذا جاء اللفظ فيه استثناء فما قبل المستثنى عام وإلا لم يكن للإستثناء فائدة
    فإذا جاء شيء عام واستثني منه شيء فاعلم أنه عام فيما عدا المستثني .


    وقال رحمه الله : أن ظاهره تحريم صوم هذا اليوم مطلقاً سواء ضم إليه ما قبله أو ما بعده أو لم يضم ، من أين يؤخذ أن ظاهره التحريم ؟
    أولاً : من النهي . ثانياً : من التأكيد على فطره مع أن الرسول ما قال : إلا أن تصوموا يوماً قبله أو بعده .


    وقال رحمه الله : .....فعدم إمكان الجمع ظاهر حيث إنه لا يمكن الجمع بينه وبين حديث أبي هريرة وحديث جويرية لأن ظاهره التحريم مطلقاً
    وظاهرهما الجواز إذا ضم إليه يوم الجمعة ......أهـ.شرح بلوغ المرام


    وقال الشيخ الفاضل محمد بازمول حفظه الله : والحديث يدل بظاهره على تحريم صيام يوم السبت في التطوع مطلقاً
    ووجه الدلالة : أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام السبت ثم خصص من النهي صيامه فيما " افترض الله " فبقي ما عدا محل التخصيص على التحريم .
    وقال : والحديث استثنى من النهي صوم يوم السبت فيما افترض الله بقوله صلى الله عليه وسلم : " إلا فيما افترض الله " وبقيت الصور الأخرى تحت النهي
    فلا يجوز صيام يوم السبت لا مفردا ولا مقترنا في غير ما افترض الله .أهـ الترجيح ص89 .


    فهذا هو المفهوم الصحيح فعض عليه بالنواجد
    وإن كان من نقلنا عنهم هذا الفهم الصحيح يذهبون لغير ذلك لاعتقاد التعارض .


    وإليك التوضيح لما أشكل


    عن أبي هريرةرضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (" لايصوم احدكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو بعده ")متفق عليه
    قال ابن قدامة رحمه الله : وحديث أبي هريرة نص في تحريم إفراد الجمعة .أهـ (المغني/3/ 165) .


    ففرض على من أراد صيام يوم الجمعة أن يصوم قبله يوم الخميس فإن لم يصم قبله يوم الخميس ففرض عليه أن يصوم بعده يوم السبت
    فهو داخل في صيام الفرض
    فاذا صام يوم الجمعة ولم يصم قبله يوم الخميس ففرض عليه ان يصوم بعده يوم السبت وإلا ففرض عليه أن يفطر ولابد .


    لحديث أم المؤ منين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال :
    " أصمت أمس قالت : لا . قال :" تريدين أن تصومي غدا " قالت : لا ، قال : " فأفطري " .
    قال أبو أيوب " أن جويرية حدثته فأمرها فأفطرت " . رواه البخاري


    والأمر بالإفطار دليل على فرض صيام يوم مع يوم الجمعة يوم الخميس قبله أو يوم السبت بعده فيكون صيام يوم السبت داخلا في صيام الفرض اذا لم يصم يوم الخميس
    ولهذا قال لها عليه الصلاة والسلام لما لم تصم يوم الخميس " اتريدين ان تصومي غدا" السبت لانه فرض عليها ان تصوم قبله يوم او بعده يوم
    ولا يجوز افراد يوم الجمعة بصيام ولهذا قال لها " فأفطري "


    ولا يجوز الجمع فيصوم مع يوم الجمعة يوما قبله ويوما بعده فإذا صام قبل يوم الجمعة يوم الخميس فلا يجوز له أن يصوم يوم السبت
    لانه حينئذ لايكون فرضا عليه فإذا صام قبل يوم الجمعة يوم الخميس وصام بعده يوم السبت فقد وقع في النهي من جهتين
    من جهة مخالفته لحديث ابي هريرة ومخالفته لحديث الصماء من جهة اخرى .


    قال العلامة الالباني رحمه الله :
    من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه ان يصوم السبت وهذا فرض عليه لينجوا من إثم مخالفته الإفراد ليوم الجمعة
    فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبت " الا فيما افترض عليكم " .أهـ (الصحيحة 2/ص732ـ735) .
    وقيده رحمه الله بالغافل عن النهي وحديث ابي هريرة وجويرية يرد هذا القيد .


    والخلاصة أنه لاتعارض بين حديث الصماء وحديث أبي هريرة وحديث جويرية رضي الله عنهم


    فلا يجوز صيام يوم السبت إلا في الفرض لحديث الصماء رضي الله عنها
    وفرض على من أراد صيام يوم الجمعة أن يصوم قبله يوم فإن لم يصم قبله يوم ففرض عليه أن يصوم بعده يوم لحديث أبي هريرة رضي الله عنه
    ومن صام يوم الجمعة ولم يصم قبله يوم ففرض عليه ان يصوم بعده يوم وإلا فعليه أن يفطر ولا يجوز له الصيام لحديث جويرية رضي الله عنها


    فصيام يوم السبت في هذه الاحاديث لايخرج عن صيام الفرض ولا تعارض بين الاحاديث والحمد لله كما ترى وبه يتم العمل بجميع الأحاديث على ما هي عليه
    فلا نسخ أو تخصيص ولا تأويل ولا ترجيح ولا شذوذ . والله أعلم


    واذا وافق يوم السبت صيام يوم فضيلة كعرفة أو عاشورا فعلى من أراد صيامه أن يصوم قبل يوم السبت يوم الجمعة ليكون بذلك فرض عليه ان يصوم يوم السبت
    وتحصل له الفضيلة بشرط أن لايصوم قبل يوم الجمعة يوم الخميس .


    لحديث عبيد الأعرج قال حدثتني جدتي : أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغذى وذلك يوم السبت فقال :
    " تعالي فكلي " قالت إني صائمة فقال لها : " صمت أمس " فقالت لا . قال : " فكلي فان صيام يوم السبت لا لك ولا عليك "
    اخرجه الامام احمد . انظر الصحيحة(ص225)


    فسألها عليه الصلاة والسلام هل صامت أمس الجمعة ليشرع لها صيام السبت موافقة لحديث أبي هريرة وحديث جويرية وحديث الصماء
    وفي هذا الحديث لم يقل لها عليه الصلاة والسلام أتريدين ان تصومي غدا الأحد ( كما قال عليه الصلاة والسلام لجويرية رضي الله عنها لما صامت الجمعة " أتريدين أن تصومي غداً " ) دليل على عدم جواز إقتران يوم السبت إلا مع يوم الجمعة لمن لم يصم يوم الخميس
    وهذا تأكيد على عدم جواز صيام يوم السبت إلا في الفرض . فتأمل


    وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسئل عن صيام السبت فقال سلوا عبد الله بن بسر فسئل عن ذلك فقال :
    " صيام يوم السبت لا لك ولا عليك " رواه النسائي في الكبرى قال الألباني إسناده جيد وهو وإن كان موقوفاً فهو في حكم المرفوع
    لأن الأصل أن في كل صوم أنه مشروع ما لم ينهى عنه فلا يعقل لصحابي جليل كعبد الله بن بسر أن ينفي شرعية صيام يوم السبت إلا بتوقيف
    من النبي صلى الله عليه وسلم وقد صح عنه أنه قال : " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ..." الحديث . 225 الصحيحة .


    وهذا كيوم الجمعة إذا وافق صيامه يوم فضيلة فعلى من أراد صيامه أن يصوم قبله يوم أو بعده يوم لجديث أبي هريرة وحديث جويرية رضي الله عنهما .
    وفي الحديثين ايجاب المرء على نفسه ما لم يجب خلافا لمن منع ذلك .


    وأما حديث أم سلمة رضي الله عنها " أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت والاحد .....الحديث .ضعيف لعلتين بينهما
    العلامة الالباني رحمه الله في الضعيفة (1099)
    وعلى فرض ثبوته فانه مخالف للاحايث الصحيحة الثابتة حديث ابي هريرة وحديث جويرية وحديث الصماء وحديث عبيد عن جدته رضي الله عنهم
    فان هذه الاحاديث متفقة على صيام يوم السبت في الفرض
    فكيف ومدار حديث أم سلمة على عبد الله بن محمد بن عمر وأبيه ولا يعرف حالهما كما قال ابن القطان وغيره أنظر الضعيفة ( 1099 ) .
    مما يرجح قول الحافظ فيه ــ في التقريب مقبول يعني عند المتابعة وإلا فلين الحديث وإقرار المحدث الالباني له
    بقوله لم يتابع على هذا الحديث فهو لين .
    فمداره على إبن حاله أضعف من حال أبيه اجتمعا في حديث واحد يبعد أن يقبل تفرده مع مخالفته للأحاديث التي صحت بخلافه في ثبوت النهي ( انظر الضعيفة ح 1099 ) .
    ولما هو مشهور عنه عليه الصلاة والسلام في أنه كان أكثر ما يصوم ويتحرى صيام الإثنين والخميس من حديث أم سلمة وعائشة وحفصة وأبي هريرة وغيرهم .
    صحيح الجامع ح 4084
    ولو كان أكثر ما كان يصوم السبت والأحد لروى ذلك عنه الصحابة كما رووا عنه الحديث الآخر فهما متقاربان ولا أحد من الصحابة ورد عنه العمل بهذه السنة
    أو روايتها غير هذا وهو أمر لا يخفى وتشريع للأمة وقد جاء فيه بلفظ ( أكثر ) .
    وكذلك تخصيصهما يومي السبت والأحد بعبادة مثل الصيام تعظيم لهما ولو اجتمعا فالجمعة لنا واليهود غداً والنصارى بعد غد
    ففي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا :
    يارسول الله إنه يوم ( تعظمه اليهود والنصارى ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع " .


    وأما قياس صيام يوم السبت بالعيد قياس مع الفارق لأن يوم العيد لم يأتي جواز صومه في أي صورة كانت فرضا أو نفلا مفردا أو مضافا بخلاف يوم السبت .




    وعدم صيام يوم السبت إلا في الفرض مطلقاً قول طائفة من السلف على رأسهم راوي الحديث عبد الله بن بسر وبحضور ثوبان رضي الله عن الصحابة أجمعين
    كما رواه النسائي عنه في الكبرى بإسناد جيد كما سبق
    وقال الطحاوي رحمه الله في شرح المعاني ( 2 / 80 ) : فذهب قوم إلى هذا الحديث فكرهوا صوم يوم السبت تطوعاً .....) .
    قال العيني في نخب الأفكار : أراد بالقوم هؤلاء : مجاهداً وطاوس بن كيسان وإبراهيم وخالد بن معدان فإنهم كرهوا صوم يوم السبت تطوعاً
    ( واحتجوا في ذلك ) بالحديث المذكور .433 / 8 .


    واعلم أن القول بالنهي عن صيام يوم السبت إلا في الفرض قول كثير من المتقدمين والمتأخرين وإنما اختلفوا هل يُرفع النهي بضم غيره إليه أم لا .
    وأن كل من حمله على الإفراد أو قال بأنه منسوخ أو شاذ فإنه ثابت عنده فإن النسخ والشذوذ والجمع بينه وبين غيره لايكون للحديث الضعيف
    هذا الأصل في الإصطلاح عند كثير من العلماء . فتأمل


    وما أحسن صنيع إمام أهل السنة أحمد بن حنبل حين بلغه الحديث مع إنكار من أنكره دون الكشف عن علته وإنما هو لغرابته وعدم شهرته .
    فلم يكن يعني الإمام أحمد يقدم على الحديث الصحيح عملا ولا رأيا ولا قياسا ولا قول صاحب ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعا
    ويقدمونه على الحديث الصحيح! وقد كذّب أحمد من ادعى هذا الإجماع ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت وكذلك الشافعي...
    ونصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف
    ولو ساغ لتعطلت النصوص وساغ لكل من لم يعلم مخالفا في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص
    وذلك لأنه لا يستطيع أحد أن يدعي أنه إجماع معلوم من الدين بالضرورة وغير هذا الإجماع مما لا يمكن تصوره فضلا عن وقوعه
    ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله :
    "من ادعى الإجماع فهو كاذب [وما يدريه؟] لعل الناس اختلفوا" .


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في "مجموع الفتاوى" (19/271):
    " وَإِذَا نَقَلَ عَالِم الْإِجْمَاعِ وَنَقَلَ آخَرُ النِّزَاعَ : إمَّا نَقْلًا سمى قَائِلهُ ؛ وَإِمَّا نَقْلًا بِخِلَافٍ مُطْلَقًا، وَلَمْ يُسَم قَائِلهُ فَلَيْسَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ نَقْلًا لِخِلَافٍ لَمْ يَثْبُتْ ؛ فَإِنَّهُ مُقَابِلٌ بِأَنْ يُقَالَ وَلَا يَثْبُتُ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ بَلْ نَاقِلُ الْإِجْمَاعِ نَافٍ لِلْخِلَافِ، وَهَذَا مُثْبِتٌ لَهُ، وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي. وَإِذَا قِيلَ : يَجُوزُ فِي نَاقِلِ النِّزَاعِ أَنْ يَكُونَ قَدْ غَلِطَ فِيمَا أَثْبَتَهُ مِنْ الْخِلَافِ : إمَّا لِضَعْفِ الْإِسْنَادِ ؛ أَوْ لِعَدَمِ الدَّلَالَةِ، قِيلَ لَهُ : وَنَافِي النِّزَاعِ غَلَطُهُ أجوز ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ لَمْ تَبْلُغْهُ ؛ أَوْ بَلَغَتْهُ وَظَنَّ ضَعْفَ إسْنَادِهَا وَكَانَتْ صَحِيحَةً عِنْدَ غَيْرِهِ ؛ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الدَّلَالَةِ وَكَانَتْ دَالَّةً، فَكُمَا يَجُوزُ عَلَى الْمُثْبِتِ مِنْ الْغَلَطِ يَجُوزُ عَلَى النَّافِي مَعَ زِيَادَةِ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْخِلَافِ . وَهَذَا يَشْتَرِكُ فِيهِ عَامَّةُ الْخِلَافِ ؛ فَإِنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ لَيْسَ عِلْمًا بِالْعَدَمِ لَا سِيَّمَا فِي أَقْوَالِ عُلَمَاءِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّتِي لَا يُحْصِيهَا إلَّا رَبُّ الْعَالَمِينَ ؛ وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ : مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَقَدْ كَذَبَ ؛ هَذِهِ دَعْوَى الْمَرِيسِيَّ وَالْأَصَمِّ وَلَكِنْ يَقُولُ : لَا أَعْلَمُ نِزَاعًا وَاَلَّذِينَ كَانُوا يَذْكُرُونَ الْإِجْمَاعَ كَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِمَا يُفَسِّرُونَ مُرَادَهُمْ : بِأَنَّا لَا نَعْلَمُ نِزَاعًا، وَيَقُولُونَ هَذَا هُوَ الْإِجْمَاعُ الَّذِي نَدَّعِيه".


    وقال الإمام ابن القيم –رحمه الله- في "إعلام الموقعين" (1/29-30) متحدثاً عن أصول الإمام أحمد –رحمه الله-:
    " وكان فتاويه مبنية على خمسة أصول:
    أحدها: النصوص، فإذا وجد النص أفتى بموجبه، ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه كائنا من كان .


    قال أبو بكر الأثرم: وسمعت أبا عبد الله يُسأل عن صيام يوم السبت ينفرد به. فقال: أما صيام يوم السبت ينفرد به فقد جاء في ذلك الحديث حديث الصماء
    قال أبو عبد الله : وكان يحيى بن سعيد يتقيه، وأبى أن يحدثني به، وقد كان سمعه من ثور. قال: فسمعته من أبي عاصم .
    قال شيخ الإسلام بعد نقله لذلك ولفهم الأثرم لكلام الإمام أحمد قال :
    وأما أكثر أصحابنا ففهموا من كلام أحمد الأخذ بالحديث وحمله على الإفراد، فإنه سئل عن عين الحكم. فأجاب بالحديث، وجوابه بالحديث يقتضي اتباعه .
    وما ذكره عن يحيى : إنما هو بيان ما وقع فيه من الشبهة، وهؤلاء يكرهون إفراده بالصوم، عملاً بهذا الحديث،( لجودة إسناده )، وذلك موجب للعمل به، وحملوه على الإفراد كيوم الجمعة، وشهر رجب. الإقتضاء ص76 .
    وفي رواية الأثرم وقد سأله عن صيام يوم السبت بغير فرض ؟ فقال : قد جاء فيه الحديث " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم " .شرح العمدة لشيخ الإسلام . كتاب الصوم .


    قال العيني : وأشار الطحاوي رحمه الله بذلك إلى أن الحديث وإن كان صحيح الإسناد ولكنه لا يعمل به لشذوده ومخالفته معظم الآثار الثابتة بخلافه
    ولهذا لم يعده الزهري حديثاً...أهـ ص435
    وساق الطحاوي بإسناده عن الليث قال سُئل الزهري عن صوم يوم السبت فقال لا بأس به ، فقيل له : فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في( كراهته ) ؟
    فقال : ذلك حديث حمصي " . فلم يعده الزهري حديثاً يقال به وضعفه وقد يجوز عندنا ـ والله أعلم وإن كان ثابتاً .........ص444
    وقال أبو داود أيضاً ......عن ابن شهاب أنه كان إذا ذكر له أنه ( نهى ) عن صيام يوم السبت قال ابن شهاب : هذا حديث حمصي .
    وقال : ........عن الأوزاعي قال : ما زلت له كاتماً ثم رأيته قد انتشر .أهـ


    ولا يمكن لأحد أن يحيط بالسنة مهما علت منزلته قال الإمام الشافعي رحمه الله : ما منا من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه
    فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قولي .
    وروى مسلم في صحيحه عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
    كُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى أَرَى بَيَاضَ خَدِّهِ
    وعند ابن خزيمة وابن حبان فقال الزهري : لم يسمع هذا الخبر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال إسماعيل :
    « كل حديث النبي صلى الله عليه وسلم سمعته ؟ » قال : لا ، قال : « فالثلثين ؟ » قال : لا ، قال : « فالنصف ؟ » قال : لا ، قال :
    « فهو من النصف الذي لم تسمع » . وفيه مصعب بن ثابت


    فعجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون لرأي فلان .


    والنهي في الأصل للتحريم و لفظ الكراهة هنا محمول عليه .


    قال ابن القيم رحمه الله : وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة
    فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة الكراهة ثم سهل عليهم لفظ الكراهة وخفت مؤنته عليهم فحمله بعضهم على التنزيه
    وتجاوز به آخرون إلى كراهة ترك الأولى وهذا كثير جدا في تصرفاتهم فحصل بسببه غلط عظيم على الشريعة وعلى الأئمة .
    اعلام الموقعين ( 1 / 42 ) . ثم ذكر رحمه الله أمثلة على ذلك .


    فالحديث ثابت ( ومعناه ودلالته واضحة قال بها كثير من أهل العلم ) وإن لم يعملوا به لأسباب فإذا ثبت الفهم وجب العمل
    قال العلامة الإلباني رحمه الله :
    فإذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صريح الدلالة وجبت المبادرة إلى العمل به ولا يتوقف ذلك على معرفة موقف أهل العلم منه
    كما قال الإمام الشافعي:
    "يقبل الخبر في الوقت الذي يثبت فيه وإن لم يمض عمل من الإئمة بمثل الخبر الذي قبلوا إن حديث رسول الله يثبت بنفسه لا بعمل غيره بعده".
    قلت : فحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل من أن يستشهد عليه بعمل الفقهاء به فإنه أصل مستقل حاكم غير محكوم . مناسك الحج ص 32
    وقال ابن القيم رحمه الله رحمة واسعة :
    ....لا تقدم على ما جاء به ( المعصوم ) قول أحد ولا رأيه كائنا من كان بل تنظر في صحة الحديث أولا فإذا صح لك نظرت في معناه ثانيا فإذا تبين لك لم تعدل عنه
    ولو خالفك من بين المشرق المغرب ومعاذ الله أن تتفق الأمة على مخالفة ما جاء به نبيها بل لا بد أن يكون في الأمة من قال به ولو لم تعلمه
    فلا تجعل جهلك بالقائل به حجة على الله ورسوله بل أذهب إلى النص ولا تضعف واعلم أنه قد قال به قائل قطعا ولكن لم يصل إليك
    هذا مع حفظ مراتب العلماء وموالاتهم واعتقاد حرمتهم وأمانتهم واجتهادهم في حفظ الدين وضبطه فهم دائرون بين الأجر والأجرين والمغفرة
    ولكن لا يوجب هذا إهدار النصوص وتقديم قول الواحد منهم عليها بشبهة انه اعلم بها منك فإن كان كذلك فمن ذهب إلى النص أعلم به منك فهلا وافقته إن كنت صادقا
    فمن عرض أقوال العلماء على النصوص ووزنها بها وخالف منها ما خالف النص لم يهدر أقوالهم ولم يهضم جانبهم بل اقتدى بهم فإنهم كلهم أمروا بذلك
    فمتبعهم حقا من امتثل ما أوصوا به لا من خالفهم فخلافهم في القول الذي جاء النص بخلافه أسهل من مخالفتهم في القاعدة الكلية التي أمروا ودعوا إليها
    من تقديم النص على أقوالهم ومن هنا يتبين الفرق بين تقليد العالم في كل ما قال وبين الاستعانة بفهمه والاستضاءة بنور علمه
    فالأول يأخذ قوله من غير نظر فيه ولا طلب لدليله من الكتاب والسنة بل يجعل ذلك كالحبل الذي يلقيه في عنقه يقلده به ولذلك سمى تقليدا
    بخلاف ما استعان بفهمه واستضاء بنور علمه في الوصول إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه فإنه يجعلهم بمنزلة الدليل إلى الدليل الأول
    فإذا وصل إليه استغنى بدلالته عن الاستدلال بغيره فمن استدل بالنجم على القبلة فإنه إذا شاهدها لم يبق لاستدلاله بالنجم معنى
    قال الشافعي أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله لم يكن له أن يدعها لقول أحد .أهـ الروح ص469


    وقد كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي أوقياس أواستحسان أوقول أحد من الناس كائنا من كان ويهجرون فعل ذلك وينكرون على من يضرب له الأمثال ولا يسوغون غير الانقياد له والتسليم وبالتلقي بالسمع والطاعة ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أوقياس أويوافق قول فلان وفلان بل كانوا عاملين بقوله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم وبقول تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} ويقوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} وأمثالها فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا وكذا يقول من قال بهذا ويجعل هذا دفعا في صدر الحديث أويجعل جهله بالقائل به حجة له في مخالفتة وترك العمل به ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل وأنه لا يحل له دفع سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الجهل وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة الله صلى الله عليه وسلم وأقبح من ذلك عذره في دعوى هذا الإجماع وهو جهله وعدم علمه بمن قال بالحديث فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة والله المستعان
    ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام ألبتة قال لا نعمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نعرف من عمل به فإن جهل من بلغه الحديث من عمل به لم يحل له أن يعمل به كما يقول هذا القائل . اعلام الموقعين .




    والله أعلم والصلاة والسلام على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
يعمل...
X