إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

تفريغ خطبة العدل وأثره في استقرار المجتمع للشيخ محمد سعيد رسلان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [تفريغ] تفريغ خطبة العدل وأثره في استقرار المجتمع للشيخ محمد سعيد رسلان



    ((الْعَدْلُ وَأَثَرُهُ فِي اسْتِقْرَارِ الْمُجْتَمَعِ))

    إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.أَمَّا بَعْدُ:فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. أَمَّا بَعْدُ:((الْإِسْلَامُ دِينُ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ))

    فَالْإِسْلَامُ هُوَ دِينُ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ؛ دِينُ الْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْدِلُوا مَعَ إِخْوَانِهِمْ وَغَيْرِ إِخْوَانِهِمْ, أَمَرَهُمْ أَنْ يَلْتَزِمُوا الْعَدْلَ فِي جَمِيعِ حَيَاتِهِمْ، وَأَنْ يُحْسِنُوا إِلَى النَّاسِ.فَهَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي تُعْتَبَرُ مِنْ أَجْمَعِ مَا نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ هِيَ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].فَقَدْ قَرَنَ اللهُ تَعَالَى الْعَدْلَ فِيهَا بِالْإِحْسَانِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ وَحْدَهُ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى الْجَوْرِ, فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ كَامِلًا قَدْ يَقَعُ فِيمَا لَا يَحِلُّ كُلُّهُ, لَكِنَّهُ إِذَا أَخَذَ الْعَدْلَ وَمَعَهُ الْإِحْسَانَ تَرَكَ بَعْضَ مَا يَسْتَحِقُّهُ؛ رَغْبَةً فِيمَا حَثَّهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنَ الْإِحْسَانِ، قَالَ تَعَالَى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].

    قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135].

    يَأْمُرُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ، وَالْقَوَّامُ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ؛ أَيْ: كُونُوا فِي كُلِّ أَحْوَالِكُمْ قَائِمِينَ بِالْقِسْطِ الَّذِي هُوَ الْعَدْلُ فِي حُقُوقِ اللهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ، فَالْقِسْطُ فِي حُقُوقِ اللهِ أَلَّا يُسْتَعَانَ بِنِعَمِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، بَلْ تُصَرَّفُ فِي طَاعَتِهِ.

    وَالْقِسْطُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ أَنْ تُؤَدَّى جَمِيعُ الْحُقُوقِ إِلَى أَرْبَابِهَا، وَأَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى النَّاسِ حُقُوقَهُمْ كَمَا تَطْلُبُ أَنْتَ حُقُوقَكَ، فَتُؤَدِّي النَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةَ وَالدِّيُونَ، وَتُعَامِلُ النَّاسَ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُعَامِلُوكَ بِهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ وَالْمُكَافَأَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

    وَمِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْقِسْطِ: الْقِسْطُ فِي الْمَقَالَاتِ وَالْقَائِلِينَ، فَلَا يُحْكَمُ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَوْ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ لِانْتِسَابِهِ أَوْ مَيْلِهِ لِأَحَدِهِمَا، بَلْ يَجْعَلُ وِجْهَتَهُ الْعَدْلَ بَيْنَهُمَا.وَمِنَ الْقِسْطِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ الَّتِي عِنْدَكَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ، حَتَّى عَلَى الْأَحِبَّاءِ؛ بَلْ عَلَى النَّفْسِ،

    وَلِهَذَا قَالَ: {شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا}؛ أَيْ: فَلَا تُرَاعُوا الْغَنِيَّ لِغِنَاهُ، وَلَا الْفَقِيرَ -بِزَعْمِكُمْ- رَحْمَةً لَهُ، بَلْ اشْهَدُوا بِالْحَقِّ عَلَى مَنْ كَانَ.وَالْقِيَامُ بِالْقِسْطِ مِنْ أَعْظَمِ الْأُمُورِ، وَأَدَلِّهَا عَلَى دِينِ الْقَائِمِ بِهِ وَوَرَعِهِ وَمَقَامِهِ فِي الْإِسْلَامِ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ وَأَرَادَ نَجَاتَهَا أَنْ يَهْتَمَّ لَهُ غَايَةَ الِاهْتِمَامِ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ نُصْبَ عَيْنِهِ وَمَحَلَّ إِرَادَتِهِ، وَأَنْ يُزِيلَ عَنْ نَفْسِهِ كُلَّ مَانِعٍ وَعَائِقٍ يَعُوقُهُ عَنْ إِرَادَةِ الْقِسْطِ أَوْ الْعَمَلِ بِهِ.

    وَأَعْظَمُ عَائِقٍ لِذَلِكَ اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَلِهَذَا نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى إِزَالَةِ هَذَا الْمَانِعِ بِقَوْلِهِ: {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا}؛ أَيْ: فَلَا تَتَّبِعُوا شَهَوَاتِ أَنْفُسِكُمُ الْمُعَارِضَةِ لِلْحَقِّ، فَإِنَّكُمْ إِنْ تَبِعْتُمُوهَا عَدَلْتُمْ عَنِ الصَّوَابِ، وَلَمْ تُوَفَّقُوا لِلْعَدْلِ، فَإِنَّ الْهَوَى إِمَّا أَنْ يُعْمِيَ بَصِيرَةَ صَاحِبِهِ حَتَّى يَرَى الْحَقَّ بَاطِلًا وَالْبَاطِلَ حَقًّا، وَإِمَّا أَنْ يَعْرِفَ الْحَقَّ وَيَتْرُكَهُ لِأَجْلِ هَوَاهُ، فَمَنْ سَلِمَ مِنْ هَوَى نَفْسِهِ وُفِّقَ لِلْحَقِّ وَهُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيَامُ بِالْقِسْطِ نَهَى عَنْ مَا يُضَادُّ ذَلِكَ، وَهُوَ لَيُّ اللِّسَانِ عَنِ الْحَقِّ فِي الشَّهَادَاتِ وَغَيْرِهَا، وَتَحْرِيفُ النُّطْقِ عَنِ الصَّوَابِ الْمَقْصُودِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ تَحْرِيفُ الشَّهَادَةِ وَعَدَمُ تَكْمِيلِهَا، أَوْ تَأْوِيلُ الشَّاهِدِ عَلَى أَمْرٍ آخَرَ، فَإِنَّ هَذَا مِنَ اللَّيِّ؛ لِأَنَّهُ الِانْحِرَافُ عَنِ الْحَقِّ.

    {أَوْ تُعْرِضُوا} أَيْ: تَتْرُكُوا الْقِسْطَ الْمَنُوطَ بِكُمْ، كَتَرْكِ الشَّاهِدِ لِشَهَادَتِهِ، وَتَرْكِ الْحَاكِمِ لِحُكْمِهِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ.{فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}: أَيْ: مُحِيطًا بِمَا فَعَلْتُمْ، يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ خَفِيَّهَا وَجَلِيلَهَا، وَفِي هَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ لِلَّذِي يَلْوِي أَوْ يُعْرِضُ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَحْرَى لِلَّذِي يَحْكَمُ بِالْبَاطِلِ أَوْ يَشْهَدُ بِالزُّورِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ جُرْمًا، لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ تَرَكَا الْحَقَّ، وَهَذَا تَرَكَ الْحَقَّ وَقَامَ بِالْبَاطِلِ.

    قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا} [المائدة: 2].أَيْ: لَا يَحْمِلَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْمٍ وَعَدَوَاتُهُمْ وَاعْتِدَاؤُهُمْ عَلَيْكُمْ -حَيْثُ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ- عَلَى الِاعْتِدَاءِ عَلَيْهِمْ طَلَبًا لِلِاشْتِفَاءِ مِنْهُمْ، فَإِنَّ الْعَبْدَ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَزِمَ أَمْرَ اللهِ وَيَسْلُكَ طَرِيقَ الْعَدْلِ، وَلَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ أَوْ ظُلِمَ أَوْ اعْتُدِيَ عَلَيْهِ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ أَوْ يَخُونَ مَنْ خَانَهُ.

    قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].أَيْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بِمَا أُمِرُوا بِالْإِيمَانِ بِهِ, قُومُوا بِلَازِمِ إِيمَانِكُمْ, بِأَنْ تَكُونُوا {قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ}, بِأَنْ تَنْشَطَ لِلْقِيَامِ بِالْقِسْطِ وَالْعَدْلِ حَرَكَاتُكُمُ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقِيَامُ للهِ وَحْدَهُ, لَا لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَأَنْ تَكُونُوا قَاصِدِينَ لِلْقِسْطِ الَّذِي هُوَ الْعَدْلُ, لَا الْإِفْرَاطُ وَلَا التَّفْرِيطُ فِي أَقْوَالِكُمْ وَلَا أَفْعَالِكُمْ، وَقُومُوا بِذَلِكَ عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ, وَالصَّدِيقِ وَالْعَدُوِّ.{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} أَيْ: لَا يَحْمِلَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْمٍ {عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا}، كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ لَا عَدْلَ عِنْدَهُ وَلَا قِسْطَ، بَلْ كَمَا تَشْهَدُونَ لِوَليِّكُمْ فَاشْهَدُوا عَلَيْهِ, وَكَمَا تَشْهَدُونَ عَلَى عَدُوِّكُمْ فَاشْهَدُوا لَهُ, وَلَوْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُبْتَدِعًا؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْعَدْلُ فِيهِ, وَقَبُولُ مَا يَأْتِي بِهِ مِنَ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ، لَا لِأَنَّهُ قَالَهُ، وَلَا يُرَدُّ الْحَقُّ لِأَجْلِ قَوْلِهِ, فَإِنَّ هَذَا ظُلْمٌ لِلْحَقِّ.

    {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} أَيْ: كُلَّمَا حَرَصْتُمْ عَلَى الْعَدْلِ, وَاجْتَهَدْتُمْ فِي الْعَمَلِ بِهِ, كَانَ ذَلِكَ أَقْرَبَ لِتَقْوَى قُلُوبِكُمْ, فَإِنْ تَمَّ الْعَدْلُ؛ كَمُلَتِ التَّقْوَى، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} فَمُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ؛ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا, صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا, جَزَاءً عَاجِلًا وَآجِلًا.

    وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلفَنِيهِ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ المُؤمِنِينَ آذيْتُهُ؛ شَتَمْتُهُ، لَعَنْتُهُ، جَلَدْتُهُ، فَاجَعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَاللَّفْظُ لَهُ.

    وَجَاءَ بِلَفْظٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: «اللهم إِنَّمَا مُحَمَّدٌ بَشَرٌ، يَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ البَشَرُ...)). وَذَكَرَهُ.وَقَدْ اخْتَلَفَ الشُّرَّاحُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ:

    قَالَ الْقُرْطُبِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «الْمُفْهِمِ»: «قَدْ أَشْكَلَ هَذَا عَلَى الْعُلَمَاءِ، وَرَامُوا التَّخَلُّصَ مِنْ ذَلِكَ بِأَوْجُهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، أَوْضَحُهَا وَجْهٌ وَاحِدٌ وَهُوَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ إِنَّمَا يَغْضَبُ لِمَا يَرَى مِنَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ، فَغَضَبُهُ للهِ تَعَالَى لَا لِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ مَا كَانَ يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَنْتَقِمُ لَهَا.قَالَ: وَقَدْ قَرَّرَنَا فِي الْأُصُولِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ غَضَبِهِ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ الْمَغْضُوبِ مِنْ أَجْلِهِ، وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّبَ الْمُخَالِفَ لَهُ بِاللَّعْنِ وَالسَّبِّ وَالْجَلْدِ وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِ بِالْمَكْرُوهِ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ مُخَالَفَةِ الْمُخَالِفِ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ الْمُخَالِفَ قَدْ يَكُونُ مَا صَدَرَ مِنْهُ فَلْتَةً أَوْجَبَتْهَا غَفْلَةٌ، أَوْ غَلَبَةُ نَفْسٍ، أَوْ شَيْطَانٌ، وَلَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى عَمَلٌ خَالِصٌ وَحَالٌ صَادِقٌ، يَدْفَعُ اللهُ عَنْهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَثَرَ مَا صَدَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ.

    وَعَنْ هَذَا عَبَّرَ النَّبِيُّ ﷺ بِقَوْلِهِ: «فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ، أَنْ يَجْعَلَهَا -اللهُ تَعَالَى- لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

    ((عَدْلُ الْإِسْلَامِ مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ))
    (في المرفقات)
    ...........
    جزى الله القائمين على الأمر خير الجزاء
    الملفات المرفقة
يعمل...
X