إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

محن مؤرخة حصلت لشيخ الإسلام لخصتها من ترجمته

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محن مؤرخة حصلت لشيخ الإسلام لخصتها من ترجمته

    بسم الله الرحمن الرحيم
    محن مؤرخة حصلت لشيخ الإسلام

    قال ابن القيم :
    وسمعت شيخ الاسلام ابن تيمية يقول ان في الدنيا جنة من لم يدخل جنة الاخرة
    وكان يقول بالصبر واليقين تنال اللإمامة في الدين
    وكان يقول لا بد للسالك الى الله عز وجل بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس :الشهادة الزكية

    قال ابن سيد الناس :
    ثم لم يخل بعد ذلك من فتنه بعد فتنة ولم ينتقل طو ل عمره من محنة الا الى محنة الى أن فوض أمره الى بعض القضاة فتقلد ما تقلد من اعتقاله ولم يزل بمحبسه ذلك الى حين ذهابه الى رحمة الله وانتقاله والى الله ترجع الامور وهو المطلع على خائنة الاعين وما تخفي الصدور
    وكان يومه مشهودا وضاقت بجنازته الطريق وانتابها المسلمون من كل فج عميق يتبركون بمشهده ليوم تقوم الاشهاد ويتمسكون بسريره حتى كسروا تلك الاعواد . الشهادة الزكية


    661: ولد شيخنا أبو العباس بحران يوم الإثنين عاشر وقيل ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة 661 ه احدى وستين وستمائة وسافر والداه به وبإخوته إلى الشأم عند جور التتار فساروا بالليل ومعهم الكتب على عجلة لعدم الدواب فكاد العدو يلحقهم ووقفت العجلة فابتهلوا إلى الله واستغاثوا به فنجوا وسلموا


    وقال الشيخ علم الدين رأيت في إجازة لابن الشهر زورى الموصلي خط الشيخ تقي الدين بن تيمية وقد
    كتب تحته الشيخ شمس الدين الذهبي:
    هذا خط شيخنا الإمام شيخ الإسلام فرد الزمان بحر العلوم تقي الدين مولده عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة وقرأ القرآن والفقه وناظر واستدل وهو دون البلوغ وبرع في العلم
    والتفسير وأفتى ودرس وله نحو العشرين سنة وصنف التصانيف وصار من كبار العلماء في حياة شيوخه وله من المصنفات الكبار التي سارت بها الركبان ولعل تصانيفه في هذا الوقت تكون أربعة آلاف كراس وأكثر وفسر كتاب الله تعالى مدة سنتين من صدره أيام الجمع وكان يتوقد ذكاء وسماعاته من الحديث كثيرة وشيوخه أكثر من مائتي شيخ ومعرفته بالتفسير إليها المنتهى وحفظه للحديث ورجاله وصحته وسقمه فما يلحق فيه وأما نقله للفقه ومذاهب الصحابة والتابعين فضلا عن المذاهب الأربعة فليس له فيه نظير وأما معرفته بالملل والنحل والأصول والكلام فلا أعلم له فيه نظيرا ويدري جملة صالحة من اللغة وعربيته قوية جدا ومعرفته بالتاريخ والسير فعجب عجيب وأما شجاعته وجهاده وإقدامه فأمر يتجاوز الوصف ويفوق النعت وهو أحد الأجواد الأسخياء الذين يضرب بهم المثل وفيه زهد وقناعة باليسير في المأكل والملبس
    وقال الذهبي في موضع آخر وقد ذكر الشيخ رحمه الله كان آية في الذكاء وسرعة الإدراك رأسا في معرفة الكتاب والسنة والاختلاف بحرا في النقليات هو في زمانه فريد عصره علما وزهدا وشجاعة وسخاء وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وكثرة تصانيف
    وقرأ وحصل وبرع في الحديث والفقه وتأهل للتدريس والفتوى وهو ابن سبع عشرة سنة وتقدم في علم التفسير والأصول وجميع علوم الإسلام أصولها وفروعها ودقها وجلها سوى علم القراءات فإن ذكر التفسير فهو حامل لوائه وإن عد الفقهاء فهو مجتهدهم المطلق
    وإن حضر الحفاظ نطق وخرسوا وسرد وأبلسوا واستغنى وأفلسوا وإن سمي المتكلمون فهو فردهم وإليه مرجعهم وإن لاح ابن سينا يقدم الفلاسفة فلهم وتيسهم وهتك أستارهم وكشف عوارهم وله يد طولى في معرفة العربية والصرف واللغة وهو أعظم من أن يصفه كلمي أو ينبه على شأوه قلمي فإن سيرته وعلومه ومعارفه ومحنه وتنقلاته تحتمل أن ترصع في مجلدتين وهو بشر من البشر له ذنوب فالله تعالى يغفر له ويسكنه أعلى جنته فإنه كان رباني الأمة وفريد الزمان وحامل لواء الشريعة وصاحب معضلات المسلمين وكان رأسا في العلم يبالغ في إطراء قيامه في الحق والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبالغة ما رأيتها ولا شاهدتها من أحد ولا لحظتها من فقيه

    667: وقدموا دمشق في أثناء سنة سبع وستين وستمائة فسمعوا من الشيخ زين الدين احمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي جزء ابن عرفة كله ثم سمع شيخنا الكثير من ابن أبي اليسر والكمال ابن عبد والمجد بن عساكر وأصحاب الخشوعي ومن الجمال يحيى بن الصيرفى وأحمد بن أبي الخير والقاسم الأربلي والشيخ فخر الدين بن البخاري والكمال عبدالرحيم وأبي القاسم بن علان واحمد بن شيبان وخلق كثير
    وشيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ
    وسمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء ومن مسموعاته معجم الطبرابي الكبير وعني بالحديث وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب وحفظ القرآن وأقبل على الفقه وقرأ العربية على ابن عبدالقوى ثم فهمها وأخذ يتأمل كتاب سيبويه حتى فهم في النحو وأقبل على التفسير إقبالا كليا حتى حاز فيه قصب السبق وأحكم اصول الفقه وغير ذلك
    هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه وسيلان ذهنه وقوة حافظته وسرعة إدراكه


    698:ولما صنف المسألة الحموية في الصفات سنة ثمان وتسعين وستمائة تحزبوا له وآل بهم الأمر إلى أن طافوا به على قصبة من جهة القاضي الحنفي ونودي عليه بأن لا يستفتى ثم قام بنصره طائفة آخرون وسلم الله

    700: ولما قدم التتار الى اطراف البلاد الشامية سنة سبعمائة ركب ابن تيمية على البريد من دمشق الى مصر فدخلها فى ثامن يوم وحث السلطان والعساكر على قتال التتار واجتمع به اعيان البلد ومنهم ابن دقيق العيد فسمع كلام ابن تيمية وقال له بعد سماع كلامه ما كنت اظن ان الله تعالى بقي بخلق مثلك
    وسئل ابن دقيق العيد بعد انقضاء ذلك المجلس عن ابن تيمية فقال هو رجل حفظة فقيل له هلا تكلمت معه فقال هو رجل يحب الكلام وانا احب السكوت
    وقال ابن دقيق العيد ايضا لما اجتمعت بابن تيمية رايت رجلا العلوم كلها بين عينيه ياخذ منها ما يريد ويدع ما يريد

    700: قال القاضي الفاضل ابن فضل الله العمري ولما سافر ابن تيمية على البريد سنة سبعمائة وحض أهل مصر على الجهاد في سبيل الله وأغلظ في القول للسلطان والأمراء ثم رتب له في مدة مقامه بالقاهرة في كل يوم دينار وتحفة وجاءته بقجة قماش فلم يقبل من ذلك شيئا قال وحضر عنده شيخنا أبو حيان وكان علامة وقته في النحو فقال ما رأت عيناي مثل ابن تيمية ثم مدحه أبو حيان على البديهة في المجلس فقال ... لما أتينا تقي الدين لاح لنا ... داع إلى الله فرد مال له وزر ... على محياه من سيما الأولى صحبوا ... خير البرية نور دونه القمر ... حبر تسربل منه دهره حبرا ... بحر تقاذف من أمواجه الدرر ... قام ابن تيمية في نصر شرعتنا ... مقام سيد تيم إذ عصت مضر ... فأظهر الحق إذ أثاره درست ... وأخمد الشر إذ طارت له الشرر ... كنا نحدث عن حبر يجيء فها ... أنت الإمام الذي قد كان ينتظر ...
    قال ثم دار بينهما كلام فيه ذكر سيبويه فقال ابن تيمية فيه كلاما نافره عليه أبو حيان وقطعه بسببه ثم عاد من أكثر الناس ذما له واتخذه له ذنبا لا يغفر
    وقال الشيخ زين الدين ابن رجب في كتابه الطبقات عن هذه الأبيات ويقال إن أبا حيان لم يقل أبياتا خيرا منها ولا أفحل انتهى
    وهذه القصة ذكرها الحافظ العلامة ابن كثير في تاريخه وهي أن أبا حيان تكلم مع الشيخ تقي الدين ابن تيمية في مسألة في النحو فقطعه ابن تيمية فيها وأكزمه الحجة فذكر أبو حيان كلام سيبويه فقال ابن تيمية يفشر سيبويه أسيبويه نبي النحو أرسله الله به حتى يكون معصوما سيبويه أخطأ في القرآن في ثمانين موضعا لا تفهمها أنت ولا هو
    قال وكان ابن تيمية لا تأخذه في الحق لومة لائم وليس عنده مداهنة وكان مادحه وذامه في الحق عنده سواء
    من كتاب الشهادة الزكية

    702: وفي أول شهر رمضان من سنة اثنتين وسبعمائة كانت وقعة شقحب المشهورة وحصل للناس شدة عظيمة وظهر فيها من كرامات الشيخ وإجابة دعائه وعظيم جهاده وقوة إيمانه وشدة نصحه للإسلام وفرط شجاعته ونهاية كرمه وغير ذلك من صفاته ما يفوق النعت ويتجاوز الوصف
    ولقد قرأت بخط بعض اصحابه وقد ذكر هذه الواقعة وكثرة من حضرها من جيوش المسلمين قال
    واتفقت كلمة إجماعهم على تعظيم الشيخ تقي الدين ومحبته وسماع كلامه ونصيحته واتعظوا بمواعظه وسأله بعضهم مسائل في أمر الدين ولم يبق من ملوك الشأم تركي ولا عربي إلا واجتمع بالشيخ في تلك المدة واعتقد خيره وصلاحه ونصحه لله ولرسوله وللمؤمنين
    قال ثم ساق الله سبحانه جيش الإسلام العرمرم الممصري صحبة أمير المؤمنين والسلطان الملك الناصر وولاة الأمر وزعماء الجيش وعظماء المملكة والأمراء المصريين عن آخرهم بجيوش الإسلام سوقا حثيثا للقاء التتار المخذولين فاجتمع الشيخ المذكور بالخليفة والسلطان وأرباب الحل والعقد وأعيان الأمراء عن آخرهم وكلهم بمرج الصفر قبلي دمشق المحروسة وبينهم وبين التتار أقل من مقدار ثلاث ساعات مسافة ودار بين الشيخ المذكور وبينهم ما دار بين الشاميين وبينه وكان بينهم ومعهم كأحد أعيانهم واتفق له من اجتماعهم ما لم يتفق لأحد قبله من أبناء جنسه حيث اجتمعوا بجملتهم في مكان واحد في يوم واحد على أمر جامع لهم وله مهم عظيم يحتاجون فيه إلى سماع كلامه هذا توفيق عظيم كان من الله
    تعالى له لم يتفق لمثله
    وبقي الشيخ المذكور رضي الله عنه هو وأخوه وأصحابه ومن معه من الغزاة قائما بظهوره وجهاده ولأمة حربه يوصي الناس بالثبات ويعدهم بالنصر ويبشرهم بالغنيمة والفوز بإحدى الحسنيين إلى أن صدق الله وعده وأعز جنده وهزم التتار وحده ونصر المؤمنين وهزم الجمع وولوا الدبر وكانت كلمة الله هي العليا وكلمة الكفار هي السفلى وقطع دابر القوم الكفار والحمد لله رب العالمين
    ودخل جيش الإسلام المنصور إلى دمشق المحروسة والشيخ في أصحابه شاكيا في سلاحه داخلا معهم عالية كلمته قائمة حجته ظاهرة ولايته مقبولة شفاعته مجابة دعوته ملتمسة بركته مكرما معظما ذا سلطان وكلمة نافذة وهو مع ذلك يقول للمداحين له أنا رجل ملة لا رجل دولة
    شجاعة الشيخ وبأسه عند قتال الكفار
    ولقد أخبرني حاجب من الحجاب الشاميين أمير من أمرائهم ذو دين متين وصدق لهجة معروف في الدولة قال
    قال لي الشيخ يوم اللقاء ونحن بمرج الصفر وقد تراءى الجمعان يا فلان أوقفني موقف الموت
    قال فسقته إلى مقابلة العدو وهم منحدرون كالسيل تلوح أسلحتهم من تحت الغبار المنعقد عليهم
    ثم قلت له يا سيدي هذا موقف الموت وهذا العدو قد أقبل تحت هذه الغبرة المنعقدة فدونك وما تريد
    قال فرفع طرفه إلى السماء وأشخص بصره وحرك شفتيه طويلا ثم انبعث وأقدم على القتال وأما أنا فخيل إلي أنه دعا عليهم وأن دعاءه استجيب منه في تلك الساعة
    قال ثم حال القتال بيننا والالتحام وما عدت رأيته حتى فتح الله ونصر وانحاز التتار إلى جبل صغير عصموا نفوسهم به من سيوف المسلمين تلك الساعة وكان آخر النهار
    قال وإذا أنا بالشيخ وأخيه يصيحان بأعلى صوتيهما تحريضا على القتال وتخويفا للناس من الفرار
    فقلت يا سيدي لك البشارة بالنصر فإنه قد فتح الله ونصر وها هم التتار محصورون بهذا السفح وفي غد إن شاء الله تعالى يؤخذون عن آخرهم
    قال فحمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله ودعا لي في ذلك الموطن دعاء وجدت بركته في ذلك الوقت وبعده
    هذا كلام الأمير الحاجب
    قال ثم لم يزل الشيخ بعد ذلك على زيادة في الحال والقال والجاه والتحقيق في العلم والعرفان حتى حرك الله سبحانه عزمات نفوس ولاة الأمر لقتال أهل جبل كسروان وهم الذين بغوا وخرجوا على الإمام وأخافوا السبل وعارضوا المارين بهم من الجيش بكل سوء
    فقام الشيخ في ذلك اتم قيام وكتب إلى أطراف الشأم في الحث على قتال المذكورين وأنها غزاة في سبيل الله
    ثم تجهز هو بمن معه لغزوهم بالجبل صحبه ولي الأمر نائب المملكة المعظمة أعز الله نصره والجيوش الشآمية المنصورة وما زال مع ولي الأمر في حصارهم وقتالهم حتى فتح الله الجبل وأجلى أهله وكان من أصعب الجبال وأشقها ساحة وكانت الملوك المتقدمة لا تقدم على حصاره مع علمها بما عليه أهله من البغي والخروج على الإمام والعصيان وليس إلا لصعوبة المسلك ومشقة النزول عليهم
    وكذلك لما حاصرهم بيدرا بالجيش رحل عنهم ولم ينل منهم منالا لذلك السبب ولغيره وذلك عقيب فتح قلعة الروم ففتحه الله على يدي ولي الأمر نائب الشام المحروس أعز الله نصره
    وكان فتحه أحد المكرمات والكرامات المعدودة للشيخ لسببين على ما يقوله الناس
    أحدهما لكون أهل هذا الجبل بغاة رافضة سبابة تعين قتالهم
    والثاني لأن جبل الصالحية لما استولت الرافضة عليه في حال استيلاء الطاغية قازان أشار بعض كبرائهم بنهب الجبل وسبي أهله وقتلهم وتحريق مساكنهم انتقاما منهم لكونهم سنية وسماهم ذلك المشير نواصب فكان ما كان من أمر جبل الصالحية بذلك القول وتلك الإشارة
    قالوا فكوفىء الرافضة بمثل ذلك بإشارة كبير من كبراء أهل السنة وزنا يوزن جزاء على يد ولي الأمر وجيوش الإسلام
    والمشير المذكور هو الشيخ المشار إليه
    ولما فتح الجبل وصار الجيش بعد الفتح إلى دمشق المحروسة عكف خاص الناس وعامهم على الشيخ بالزيارة والتسليم عليه والتهنئة بسلامته والمسألة له منهم عن كيفية الحصار للجبل وصورة قتال أهله وعما وقع بينهم وبين الجيوش من المراسلات


    705: ثم بعد هذه الواقعة بمدة كثيرة وذلك يوم الإثنين ثامن رجب من سنة خمس وسبعمائة طلب القضاة والفقهاء وطلب الشيخ تقي الدين إلى القصر إلى مجلس نائب السلطنة الأفرم فاجتمعوا عنده وسأل الشيخ تقي الدين وحده عن عقيدته
    وقال له هذا المجلس عقد لك وقد ورد مرسوم السلطان أن أسألك عن اعتقادك
    فأحضر الشيخ عقيدته الواسطية وقال هذه كتبتها من نحو سبع سنين قبل مجيء التتار إلى الشأم
    فقرئت في المجلس وبحث فيها وبقي مواضع أخرت إلى مجلس آخر

    705: ثم اجتمعوا يوم الجمعة بعد الصلاة ثاني عشر رجب المذكور وحضر المخالفون ومعهم الشيخ صفي الدين الهندي واتفقوا على أنه يتولى المناظرة مع الشيخ تقي الدين
    فتكلم معه ثم أنهم رجعوا عنه واتفقوا على الشيخ كمال الدين بن الزملكاني فناظر الشيخ وبحث معه وطال الكلام وخرجوا من هناك والأمر قد انفصل
    وقد أظهر الله من قيام الحجة ما أعز به أهل السنة
    وانصرف الشيخ تقي الدين إلى منزله
    واختلفت نقول المخالفين للمجلس وحرفوه ووضعوا مقالة الشيخ على غير موضعها وشنع ابن الوكيل وأصحابه بأن الشيخ قد رجع عن عقيدته فالله المستعان
    والذي حمل نائب السلطنة على هذا الفعل كتاب ورد عليه من مصر في هذا المعنى
    وكان القائم في ذلك بمصر القاضي ابن مخلوف المالكي والشيخ نصر المنبجي والقروي واستعانوا بركن الدين الجاشنكير

    تفصيل آخر :
    705: فلما كان سنة خمس وسبعمائة جاء الأمر من مصر بأن يسئل عن معتقده فجمع له القضاة والعلماء بمجلس نائب دمشق الأفرم
    فقال أنا كنت سئلت عن معتقد أهل السنة فأجبت عنه في جزء من سنين وطلبه من داره فأحضر وقرأه
    فنازعوه في موضعين أو ثلاثة منه وطال المجلس فقاموا واجتمعوا مرتين أيضا لتتمة الجزء وحاققوه
    ثم وقع الاتفاق على أن هذا معتقد سلفي جيد وبعضهم قال ذلك كرها
    وكان المصريون قد سعوا في أمر اشيخ وملأوا الأمير ركن الدين الجاشنكير الذي تسلطن عليه
    فطلب إلى مصر على البريد فثاني يوم دخوله اجتمع القضاة والفقهاء بقلعة مصر وانتصب ابن عدلان له خصما وادعى عليه عند ابن مخلوف القاضي المالكي أن هذا يقول إن الله تكلم بالقرآن بحرف وصوت وأنه تعالى على العرش بذاته وأن الله يشار إليه الإشارة الحسية
    وقال أطلب عقوبته على ذلك
    فقال القاضي ما تقول يا فقيه فحمد الله وأثنى عليه
    فقيل له أسرع ما أحضرناك لتخطب
    فقال أومنع الثناء على الله
    فقال القاضي أجب فقد حمدت الله
    فسكت فألح عليه
    فقال من الحكم في
    فأشار له إلى القاضي ابن مخلوف
    فقال أنت خصمي كيف تحكم في وغضب وانزعج وأسكت القاضي
    فأقيم الشيخ وأخواه وسجنوا بالجب بقلعة الجبل وجرت أمور طويلة
    وكتب إلى الشأم كتاب سلطاني بالخط عليه فقرىء بالجامع وتألم الناس له ثم بقي سنة ونصفا وأخرج وكتب لهم ألفاظا اقترحوها عليه وهدد وتوعد بالقتل إن لم يكتبها

    كان القاضي زيد الدين ابن مخلوف قاضي المالكية يقول بعد ذلك ما رأينا أتقى من ابن تيمية لم نبق ممكنا في السعي فيه ولما قدر علينا عفا عنا

    وقال الذهبي في العبر :
    وفيها فتنة الشيخ تقي الدين بن تيمية وسؤالهم عن عقيدته فعقد له ثلاثة مجالس وقرئت عقيدته الملقبة بالواسطية وضايقوه وثارت الغوغاء والفقهاء له وعليه ثم وقع نوع وفاقٍ ثم إنه طلب على البريد إلى مصر وصورت عليه دعوى عند المالكي فاستخصمه الشيخ وقاموا‏.‏
    فسجن الشيخ وأخواه بالجب بضعة عشر شهرًا ثم أخرج ثم حبس بحبس الحاكم ثم أبعد إلى الإسكندرية فلما تمكن السلطان سنة تسعٍ طلبه واحترمه وصالح بينه وبين الحكام...ثم نودي بدمشق وغيرها‏:‏ من كان على عقيدة ابن تيمية حل ماله ودمه‏.‏


    705: وفي يوم الإثنين خامس شهر رمضان من سنة خمس وسبعمائة وصل كتاب السلطان بالكشف عما كان وقع للشيخ تقي الدين في ولاية سيف الدين جاغان وفي ولاية القاضي إمام الدين وبإحضاره وإحضار القاضي نجم الدين بن صصري إلى الديار المصرية فطلب نائب السلطنة الشيخ وجماعة من الفقهاء وسألهم عن تلك الواقعة وقرىء عليهم المرسوم فأجاب كل منهم بما كان عنده من تلك القضية وكتبه عنهم صاحب الديوان محي الدين والقاضي نجم الدين إلى مصر على البريد وخرج مع الشيخ خلق كثير وبكوا وخافوا عليه من أعدائه
    واخبرت أن نائب السلطنة كان قد أشار على الشيخ بترك التوجه إلى مصر وأنه يكاتب في ذلك فامتنع الشيخ من ذلك ولم يقبل وذكر أن في توجهه إلى مصر مصالح كثيرة
    وقرأت بخط بعض أصحاب الشيخ قال
    ولما توجه الشيخ في اليوم الذي توجه فيه من دمشق المحروسة كان يوما مشهودا غريب المثل في كثرة إزدحام الناس لوداعه ورؤيته حتى إنتشروا من باب داره إلى قريب للجسورة فيما بين دمشق والكسوة التي هي أول منزلة منها وهم ما بين باك وحزين ومتعجب ومتنزه ومزاحم متغال فيه ودخل الشيخ مدينة غزة يوم السبت وعمل في جامعها مجلسا عظيما

    706: ثم إن نائب السلطنة سيف الدين سلارا بعد أكثر من سنة
    وذلك ليلة عيد الفطر من سنة ست وسبعمائة أحضر القضاة الثلاثة الشافعي والمالكي والحنفي ومن الفقهاء الباجي والجزري والنمراوي وتكلم في إخراج الشيخ من الحبس
    فاتفقوا على أنه يشترط عليه امور ويلزم بالرجوع عن بعض العقيدة
    فأرسلوا إليه من يحضره ليتكلموا معه في ذلك فلم يجب إلى الحضور
    وتكرر الرسول إليه في ذلك مرات وصمم على عدم الحضور
    فطال عليهم المجلس وانصرفوا عن غير شيء

    706: وفي اليوم الثامن والعشرين من ذي الحجة من سنة ست وسبعمائة أخبر نائب السلطنة بدمشق بوصول كتاب إليه من الشيخ تقي الدين من الجب وأعلم بذلك جماعة ممن حضر مجلسه وأثنى عليه وقال ما رأيت مثله ولا أشجع منه وذكر ما هو عليه في السجن من التوجه إلى الله تعالى وأنه لم يقبل شيئا من الكسوة السلطانية ولا من الادرار السلطاني ولا تدنس بشيء من ذلك

    706:وفي هذا الشهر أيضا شهر ذي الحجة في يوم الخميس اليوم السابع والعشرين منه طلب أخوا الشيخ تقي الدين عبدالله وزين الدين عبد الرحمن إلى مجلس نائب السلطة سلار وحضر القاضي زين الدين بن مخلوف المالكي وجرى بينهم كلام كثير وأعيدا على موضعهما بعد أن بحث الشيخ شرف الدين مع القاضي المالكي وظهر عليه في النقل والمعرفة وخطأه في مواضع إدعى فيها الإجماع وكان الكلام في مسألة العرش وفي مسألة الكلام وفي مسألة النزول

    706: وفي يوم الجمعة ثاني اليوم المذكور أحضر الشيخ شرف الدين وحده إلى مجلس نائب السلطنة وحضر ابن عدلان وتكلم معه الشيخ شرف الدين وناظره وبحث معه وظهر عليه

    706: وفي اليوم الرابع والعشرين من صفر من سنة سبع وسبعمائة اجتمع القاضي بدر الدين بن جماعة بالشيخ تقي الدين في دار الأوحدي بالقلعة بكرة الجمعة وتفرقا قبل الصلاة وطال بينهما الكلام
    إخراج ابن مهنا الشيخ من الجب

    706: وفي شهر ربيع الأول من سنة سبع وسبعمائة دخل الأمير حسام الدين مهنا بن عيسى ملك العرب إلى مصر وحضر بنفسه إلى الجب فأخرج الشيخ تقي الدين بعد أن إستأذن في ذلك فخرج يوم الجمعة الثالث والعشرين من الشهر إلى دار نائب السلطنة بالقلعة وحضر بعض الفقهاء وحصل بينهم بحث كثير وفرقت صلاة الجمعة بينهم ثم اجتمعوا إلى المغرب ولم ينفصل الأمر



    706: ثم اجتمعوا يوم الأحد بعد يومين بمرسوم السلطان مجموع النهار وحضر جماعة أكثر من الأولين حضر نجم الدين بن الرفعة وعلاء الدين الباجي وفخر الدين ابن بنت أبي سعد وعز الدين النمراوي وشمس الدين بن عدلان وجماعة من الفقهاء ولم يحضر القضاة وطلبوا فاعتذر بعضهم بالمرض وبعضهم بغيره وقبل عذرهم نائب السلطنة ولم يكلفهم الحضور بعد أن رسم السلطان بحضورهم وانفصل المجلس على خير
    وبات الشيخ عند نائب السلطنة

    706: وكتب كتابا إلى دمشق بكرة الإثنين السادس والعشرين من الشهر يتضمن خروجه وأنه أقام بدار ابن شقير بالقاهرة وأن الأمير سيف الدين سلار رسم بتأخيره عن مدة مقام الشيخ في الجب ثمانية عشر شهرا
    ففرح خلق كثير بخروجه وسروا بذلك سرورا عظيما وحزن آخرون وغضبوا

    707: وفي يوم الخميس السادس من شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعمائة عقد للشيخ مجلس آخر بالمدرسة الصالحية بالقاهرة واجتمع فيه القضاة وغيرهم
    وكان مما جرى في المجلس فيما بلغني أنه قيل للشيخ نستغفر الله العظيم ونتوب إليه
    فقال الشيخ كلنا نستغفر الله العظيم ونتوب إليه
    والتفت إلى رجل منهم فقال له إستغفر الله العظيم وتب إليه
    فقال أستغفر الله العظيم واتوب إليه وكذلك قال لآخر ولآخر وكلهم يقول كذلك
    فقيل للشيخ تب إلى الله عز وجل من كذا وكذا وذكر له كلام
    فقال إن كنت قلت كلاما يستوجب التوبة فأنا تائب منه
    فقال له قائل هذه ليست توبة
    فرد عليه الشيخ وجهله
    ووقع كلام يطول ذكره

    707: ووصل كتاب الشيخ مؤخرا بليلة الجمعة الرابع عشر من الشهر يذكر فيه أنه عقد له مجلس ثالث بالمدرسة الصالحية بالقاهرة بعد خروج مهنا في يوم الخميس سادس الشهر وأنه حصل فيه خير وأن في إقامته مصالح وفوائد

    وكان بعض الناس يأتون إلى الشيخ فيقولون له إن الناس قد جمعوا لك جمعا كثيرا
    فيقول حسبنا الله ونعم الوكيل
    وأمر من يعقد له مجلسا بدار العدل
    707: فعقد مجلس يوم الثلاثاء في العشر الأول من شوال من سنة سبع وسبعمائة وظهر في ذلك المجلس من علم الشيخ وشجاعته وقوة قلبه وصدق توكله وبيان حجته ما يتجاوز الوصف وكان وقتا مشهودا ومجلسا عظيما
    وقال له كبير من المخالفين من أين لك هذا
    فقال له الشيخ من أين لا تعلمه
    وذكر بعض من حضر ذلك المجلس أن الناس لما تفرقوا منه قام الشيخ ومعه جماعة من أصحابه
    قال فجاء وجئت معه إلى موضع ذكره في دار العدل
    قال فلما جلسنا استلقى الشيخ على ظهره وكان هناك حجر لأجل تثقيل الحصير فأخذه ووضعه تحت رأسه فاضطجع قليلا ثم جلس وقال له إنسان يا سيدي قد أكثر الناس عليك
    فقال إن هم إلا كالذباب ورفع كفه إلى فيه ونفخ فيه
    قال وقام وقمنا معه حتى خرجنا فأتي بحصان فركبه ويختل بذؤابته فلم أر أحدا أقوى قلبا ولا أشد بأسا منه
    قال فلما أكثروا الشكاية منه والملام وأوسعوا من أجله الكلام رسم بتسفيره إلى بلاد الشأم

    707: فخرج للسفر ليلة الخميس ثاني عشر الشهر إلى جهة الشأم ثم رد في يوم الخميس المذكور وحبس بسجن الحاكم بحارة الديلم في ليلة الجمعة تاسع عشر شوال قال ولما دخل الحبس وجد المحابيس مشتغلين بأنواع من اللعب يلتهون بها عما هم فيه كالشطرنج والنرد ونحو ذلك من تضييع الصلوات فأنكر الشيخ عليهم ذلك أشد الإنكار وأمرهم بملازمة الصلاة والتوجه إلى الله بالأعمال الصالحة والتسبيح والاستغفار والدعاء وعلمهم من السنة ما يحتاجون إليه ورغبهم في أعمال الخير وحضهم على ذلك حتى صار الحبس بما فيه من الاشتغال بالعلم والدين خيرا من الزوايا والربط والخوانق والمدارس وصار خلق من المحابيس إذا أطلقوا يختارون الإقامة عنده وكثر المترددون إليه حتى كان السجن يمتلىء منهم فلما كثر اجتماع الناس به وترددهم إليه ساء ذلك أعداءه وحصرت صدورهم فسألوا نقله إلى الإسكندرية وظنوا أن قلوب أهلها عن محبته عرية وأرادوا أن يبعد عنهم خبره أو لعلهم يقتلونه فينقطع أثره

    ما ذكره البرزالي في حبس الشيخ بالإسكندرية
    707: وذكر الشيخ البرزالي وغيره أن في شهر شوال من سنة سبع وسبعمائة شكا شيخ الصوفية بالقاهرة كريم الدين الأبلى وابن عطاء وجماعة نحو الخمسمائة من الشيخ تقي الدين وكلامه في ابن عربي وغيره إلى الدولة
    فرد الأمر في ذلك إلى القاضي الشافعي
    وعقد له مجلس وادعى عليه ابن عطاء بأشياء لم يثبت شيء منها لكنه قال إنه لا يستغاث إلا بالله حتى لا يستغاث بالنبي استغاثة بمعنى العبادة ولكنه يتوسل به ويتشفع به إلى الله
    فبعض الحاضرين قال ليس في هذا شيء
    ورأى قاضي القضاة بدر الدين أن هذا فيه قلة أدب
    فحضرت رسالة إلى القاضي أن يعمل معه ما تقتضيه الشريعة في ذلك فقال القاضي قد قلت له ما يقال لمثله
    ثم إن الدولة خيروه بين أشياء وهي الإقامة بدمشق أو الإسكندرية بشروط أو الحبس فاختار الحبس
    فدخل عليه جماعة في السفر إلى دمشق ملتزما ما شرط فأجابهم
    فأركبوهم خيل البريد ليلة الثامن عشر من شوال
    ثم أرسل خلفه من الغد بريدا آخر فرده وحضر عند قاضي القضاة بحضور جماعة من الفقهاء
    فقال بعضهم له ما ترضى الدولة إلا بالحبس
    وقال قاضي القضاة وفيه مصلحة له
    واستناب شمس الدين التونسي المالكي وأذن له أن يحكم عليه فتحير
    فقال الشيخ أنا أمضي إلى الحبس وأتبع ما تقتضيه المصلحة
    فقال نور الدين المأذون له في الحكم فيكون في موضع يصلح لمثله
    فقيل له ما ترضى الدولة إلا بمسمى الحبس فأرسل إلى حبس القاضي وأجلس في الموضع الذي أجلس فيه القاضي تقي الدين ابن بنت الأعز لما حبس وأذن أن يكون عنده من يخدمه
    وكان جميع ذلك بإشارة الشيخ نصر المنبجي ووجاهته في الدولة واستمر الشيخ في الحبس يستفتى ويقصده الناس ويزورونه وتأتيه الفتاوى المشكلة من الأمراء وأعيان الناس

    708: قال علم الدين وفي ليلة الأربعاء العشرين من شوال من سنة ثمان وسبعمائة طلب أخوا الشيخ تقي الدين فوجد زين الدين وعنده جماعة فرسم عليهم ولم يوجد شرف الدين ثم أطلق الجماعة سوى زين الدين فإنه حمل إلى المكان الذي فيه الشيخ وهو قاعة الترسيم بالقاهرة ثم إنه أخرج في خامس صفر سنة تسع وسبعمائة
    قال وفي الليلة الأخيرة من شهر صفر هذا وهي ليلة الجمعة توجه الشيخ تقي الدين من القاهرة إلى الإسكندرية مع أمير مقدم ولم يمكن أحد من جماعته من السفر معه ووصل هذا الخبر إلى دمشق بعد عشرة أيام فحصل التألم لأصحابه ومحبيه وضاقت الصدور وتضاعف الدعاء له
    وبلغنا أن دخوله الإسكندرية كان يوم الأحد دخل من باب الخوخة إلى دار السلطان ونقل ليلا إلى برج في شرقي البلد ثم وصلت الأخبار أن جماعة من أصحابه توجهوا إليه بعد ذلك وصار الناس يدخلون إليه ويقرأون عليه ويتحدثون معه وكان الموضع الذي هو فيه فسيحا متسعا

    709: فأرسل به إلى ثغر الإسكندرية في ليلة يسفر صباحها عن يوم الجمعة سلخ صفر من سنة تسع وسبعمائة


    إحضار الشيخ من سجن الإسكندرية إلى القاهرة
    709: فلما دخل السلطان الناصر إلى مصر بعد خروجه من الكرك وقدومه إلى دمشق وتوجه منها إلى مصر وكان قدومه إليها يوم عيد الفطر من سنة تسع وسبعمائة نفذ لإحضار الشيخ من الإسكندرية في اليوم الثامن من شوال وخرج الشيخ منها متوجها إلى مصر ومعه خلق من أهلها يودعونه ويسألون الله أن يرده إليهم وكان وقتا مشهودا
    ووصل إلى القاهرة يوم السبت ثامن عشر الشهر
    واجتمع بالسلطان في يوم الجمعة الرابع والعشرين منه وأكرمه وتلقاه في مجلس حفل فيه قضاة المصريين والشاميين والفقهاء وأصلح بينه وبينهم
    ولقد أخبرني بعض أصحابنا قال
    أخبرني القاضي جمال الدين بن القلانسي قاضي العساكر المنصورة فيما تذاكرت أنا وهو ذات ليلة حين كان الشيخ تقي الدين معتقلا في القلعة المنصورة يعني قلعة دمشق وقد أشاع بعض الجهلة
    وأرجف بعض المبغضين للسنة بأخبار مختلفة لا حقيقة لها لكن وقع في نفوس أصحاب الشيخ من ذلك ما يلقيه الشيطان في قلب الإنسان وما ذاك إلا من شدة الشفقة والمحبة
    فقلت له فيما تحدثنا به إن الناس يقولون كيت وكيت وأن الشيخ ربما يخرج من القلعة ويدعى عليه ويعزر ويطاف به
    فقال يا فلان هذا لا يقع منه شيء ولا يسمح السلطان خلد الله سعادته بشيء من ذلك وهو أعلم بالشيخ من كل هؤلاء وبعلمه ودينه
    ثم قال أخبرك بأمر عجيب وقع من السلطان في حق الشيخ تقي الدين وذلك حين توجه السلطان إلى الديار المصرية ومعه القضاة والأعيان ونائب الشأم الأفرم


    فلما دخل الديار المصرية وعاد إلى مملكته وهرب سلار والشنكير واستقر أمر السلطان جلسا يوما دست السلطنة وأبهة الملك وأعيان الأمراء من الشاميين والمصريين حضورعنده وقضاة مصر عن يمينه وقضاة الشام عن يساره وذكر لي كيفية جلوسهم منه كحسب منازلهم قال وكان من جملة من هناك ابن صصرى عن يسار السلطان وتحته الصدر علي قاضي الحنفية ثم بعده الخطيب جلال الدين ثم بعده ابن الزملكاني قال وأنا إلى جانب ابن الزملكاني والناس جلوس خلفه والسلطان على مقعد مرتفع

    فبينما الناس على ذلك جلوس إذ نهض السلطان قائما فقام الناس ثم مشى السلطان فنزل عن تلك المقعدة ولا ندري ما به وإذا بالشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله مقبل من الباب والسلطان قاصد إليه فنزل السلطان عن الإيوان والناس قيام والقضاة والأمراء والدولة فتسالم هو والسلطان وتكارشا وذهبا إلى صفة في ذلك المكان فيها شباك إلى بستان فجلسا فيها حينا ثم أقبلا ويد الشيخ في يد ا لسلطان فقام الناس وكان قد جاء في غيبة السلطان تلك الوزير فخر الدين بن الخليل فجلس عن يسار السلطان فوق ابن صصرى فلما جاء السلطان جلس على مقعدته وجاء الشيخ تقي الدين فجلس بين يدي السلطان على طرف مقعدته متربعا
    فشرع السلطان يثني على الشيخ عند الأمراء والقضاة بثناء ما سمعته من غيره قط وقال كلاما كثيرا والناس تقول معه ومثله القضاة والأمراء
    وكان وقتا عجيبا وذلك مما يسوء كثيرا من الحاضرين من أبناء جنسه
    وقال في الشيخ من الثناء والمبالغة مالا يقدر أحد من أخص أصحابه أن يقوله
    ثم إن الوزير أنهى إلى السلطان أن أهل الذمة قد بذلوا للديوان في كل سنة سبعمائة ألف درهم زيادة على الجالية على أن يعودوا إلى لبس العمائم البيض المعلمة بالحمرة والصفرة والزرقة وأن يعفوا من هذه العمائم المصبغة كلها بهذه الألوان التي ألزمهم بها ركن الدين الشاشنكير
    فقال السلطان للقضاة ومن هناك ما تقولون
    فسكت الناس
    فلما رآهم الشيخ تقي الدين سكتوا جثا على ركبتيه وشرع يتكلم مع السلطان في ذلك بكلام غليظ ويرد ما عرضه الوزير عنهم ردا عنيفا والسلطان يسكته بترفق وتؤدة وتوقير
    فبالغ الشيخ في الكلام وقال مالا يستطيع أحد أن يقوم بمثله ولا بقريب منه حتى رجع السلطان عن ذلك وألزمهم بما هم عليه واستمروا على هذه الصفة
    فهذه من حسنات الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله ورضي الله عنه آمين

    709:قال الذهبي في العبر :
    سنة تسع وسبعمائة بعث بابن تيمية مع مقدم إلى الإسكندرية فاعتقل ببرج ومن أراد دخل إليه‏.‏
    711: واقعة أخرى في أذى الشيخ بمصر:
    وقال الشيخ علم الدين وفي العشر الأوسط من رجب من سنة إحدى عشرة وسبعمائة وقع أذى في حق الشيخ تقي الدين بمصر وظفر به بعض المبغضين له في مكان خال وأساء عليه الأدب وحضر جماعة كثيرة من الجند وغيرهم إلى الشيخ بعد ذلك لأجل الانتصار له فلم يجب إلى ذلك
    وكتب إلي المقاتلي يذكر أن ذلك وقع من فقيه بمصر يعرف بالمبدي حصل منه إساءة أدب ثم بعد ذلك طلب وتودد وشفع فيه جماعة الشيخ ما تكلم ولا اشتكى ولو حصل من شكوى أهين ذلك غاية الإهانة لكن قال أنا ما أنتصر لنفسي
    وأقام الشيخ بعد هذا مدة بالديار المصرية

    خروج الشيخ إلى الشام مع الجيش المصري:
    ثم إنه توجه إلى الشأم صحبة الجيش المصري قاصدا الغزاة
    فلما وصل معهم إلى عسقلان توجه إلى بيت المقدس وتوجه منه إلى دمشق وجعل طريقه على عجلون وبعض بلاد السواد وزرع ووصل إلى دمشق في أول يوم من شهر ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وسبعمائة ومعه أخواه وجماعة من أصحابه وخرج خلق كثير لتلقيه وسروا سرورا عظيما بمقدمه وسلامته وعافيته
    وكان مجموغ غيبته عن دمشق سبع سنين وسبع جمع
    وقد توفي في أثناء غيبة الشيخ عن دمشق غير واحد من كبار أصحابه وساداتهم

    712: جاء الشيخ إلى دمشق سنة اثنتي عشرة وسبعمائة ثم جرت أمور ومحن انتهى كلامه

    فتاوى الشيخ بدمشق وبعض اختياراته التي خالف فيها المذاهب الأربعة أو بعضها:
    ثم إن الشيخ رحمه الله بعد وصوله من مصر إلى دمشق واستقراره بها لم يزل ملازما للاشتغال والإشغال ونشر العلم وتصنيف الكتب وإفتاء الناس بالكلام والكتابة المطولة وغيرها ونفع الخلق والإحسان إليهم والاجتهاد في الأحكام الشرعية
    ففي بعض الأحكام يفتي بما أدى إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة وفي بعضها قد يفتي بخلافهم أو بخلاف المشهور من مذاهبهم
    ومن اختياراته التي خالفهم فيها أو خالف المشهور من اقوالهم
    القول بقصر الصلاة في كل ما يسمى سفرا طويلا كان أو قصيرا كما هو مذهب الظاهرية وقول بعض الصحابة
    والقول بأن البكر لا تستبرأ وإن كانت كبيرة كما هو قول ابن عمر واختاره البخاري صاحب الصحيح
    والقول بأن سجود التلاوة لا يشترط له وضوء كما يشترط للصلاة كما هو مذهب ابن عمر واختيار البخاري أيضا
    والقول بأن من أكل في شهر رمضان معتقدا أنه ليل فبان نهارا لا قضاء عليه كما هو الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإليه ذهب بعض التابعين وبعض الفقهاء بعدهم
    والقول بأن المتمتع يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة كما هو في حق القارن والمفرد كما هو قول ابن عباس رضي الله عنهما ورواية عن الإمام بن حنبل رواها عنه ابنه عبدالله وكثير من أصحاب الإمام أحمد لا يعرفونها
    والقول بجواز المسابقة بلا محلل وإن خرج المتسابقان
    والقول باستبراء المختلعة بحيضة وكذلك الموطوءة بشبهة والمطلقة آخر ثلاث تطليقات
    والقول بإباحة وطء الوثنيات بملك اليمين
    والقول بجواز عقد الرداء في الإحرام ولا فدية في ذلك وجواز طواف الحائض ولا شيء عليها إذا لم يمكنها أن تطوف طاهرا
    والقول بجواز بيع الأصل بالعصير كالزيتون بالزيت والسمسم بالشيرج
    والقول بجواز الوضوء بكل ما يسمى ماء مطلقا كان أو مقيدا
    والقول بجواز بيع ما يتخذ من الفضة للتحلي وغيره كالخاتم ونحوه بالفضة متفاضلا وجعل الزائد من الثمن في مقابلة الصنعة
    والقول بأن المائع لا ينجس بوقوع النجاسة فيه إلا أن يتغير قليلا كان أو كثيرا
    والقول بجواز التيمم لمن خاف فوات العيد والجمعة باستعمال الماء
    والقول بجواز التيمم في مواضع معروفة
    والجمع بين الصلاتين في أماكن مشهورة
    وغير ذلك من الأحكام المعروفة من أقواله
    وكان يميل أخيرا لتوريث المسلم من الكافر الذمي وله في ذلك مصنف وبحث طويل
    ومن أقواله المعروفة المشهورة التي جرى بسبب الإفتاء بها محن وقلاقل قوله بالتكفير في الحلف بالطلاق
    وأن الطلاق الثلاث لا يقع إلا واحدة
    وأن الطلاق المحرم لا يقع



    718: وكان القاضي شمس الدين بن مسلم الحنبلي رحمه الله في يوم الخميس منتصف شهر ربيع الآخر من سنة ثمان عشرة وسبعمائة قد اجتمع بالشيخ وأشار عليه بترك الإفتاء في مسألة الحلف بالطلاق فقبل الشيخ إشارته وعرف نصيحته وأجاب إلى ذلك
    وكان قد اجتمع إلى القاضي جماعة من الكبار حتى فعل ذلك

    718: فلما كان يوم السبت مستهل جمادي الأولى من هذه السنة ورد البريد إلى دمشق ومعه كتاب السلطان بالمنع من الفتوى في مسألة الحلف بالطلاق التي رآها الشيخ تقي الدين بن تيمية وأفتى فيها وصنف فيها والأمر بعقد مجلس في ذلك
    فعقد يوم الإثنين ثالث الشهر المذكور بدار السعادة وانفصل الأمر على ما أمر به السلطان ونودي بذلك في البلد يوم الثلاثاء رابع الشهر المذكور ثم إن الشيخ عاد إلى الإفتاء بذلك وقال لا يسعني كتمان العلم

    719: فلما كان يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر رمضان سنة تسع عشرة وسبعمائة جمع القضاة والفقهاء عند نائب السلطنة بدار السعادة وقرىء عليهم كتاب السلطان وفيه فصل يتعلق بالشيخ بسبب الفتوى في هذه المسألة وأحضر وعوتب على فتياه بعد المنع وأكد عليه في المنع من ذلك

    719:قال الذهبي في العبر :
    وكانت سنة قليلة المياه حتى نشفت قناة زملكا‏.‏
    وجاء كتاب سلطاني بمنع ابن تيمية من فتياه بالكفارة في الحلف بالطلاق وجمع له القضاة وعوتب في ذلك واشتد المنع فبقي أتباعه يفتون بها خفية‏.‏

    سجن الشيخ بسبب فتياه في الطلاق:
    720: فلما كان بعد ذلك بمدة في يوم الخميس الثاني والعشرين من رجب من سنة عشرين وسبعمائة عقد مجلس بدار السعادة حضره النائب والقضاة وجماعة من المفتين وحضر الشيخ وعاودوه في الإفتاء بمسألة الطلاق وعاتبوه على ذلك وحبسوه بالقلعة فبقي فيها خمسة أشهر وثمانية عشر يوما
    ثم ورد مرسوم السلطان بإخراجه فأخرج منها يوم الإثنين يوم عاشوراء من سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وتوجه إلى داره ثم لم يزل بعد ذلك يعلم الناس ويلقي الدرس بالحنبلية أحيانا ويقرأ عليه في مدرسته بالقصاصين في أنواع من العلم

    720: قال الذهبي في العبر :
    وحبس بقلعة دمشق ابن تيمية لإفتائه في الطلاق‏.‏
    721: قال الذهبي في العبر :
    فيها أطلق ابن تيمية بعد حبسٍ خمسة أشهر‏.‏
    726: فلما كان في سنة ست وعشرين وسبعمائة وقع الكلام في مسألة شد
    الرحال وإعمال المطي إلى قبور الأنبياء والصالحين وظفروا للشيخ بجواب سؤال في ذلك كان قد كتبه من سنين كثيرة يتضمن حكاية قولين في المسألة وحجة كل قول منهما
    وكان للشيخ في هذه المسألة كلام متقدم أقدم من الجواب المذكور بكثير ذكره في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم وغيره وفيه ما هو أبلغ من هذا الجواب الذي ظفروا به

    وكثر الكلام والقيل والقال بسبب العثور على الجواب المذكور وعظم التشنيع على الشيخ وحرف عليه ونقل عنه ما لم يقله وحصل فتنة طار شررها في الآفاق واشتد الأمر وخيف على الشيخ من كيد القائمين في هذه القضية بالديار المصرية والشامية وكثر الدعاء والتضرع والابتهال إلى الله تعالى وضعف من أصحاب الشيخ من كان عنده قوة وجبن منهم من كانت له همة

    وأما الشيخ رحمه الله فكان ثابت الجأش قوي القلب وظهر صدق توكله واعتماده على ربه
    ولقد اجتمع جماعة معروفون بدمشق وضربوا مشورة في حق الشيخ فقال أحدهم ينفى فنفي القائل
    وقال آخر يقطع لسانه فقطع لسان القائل
    وقال آخر يعزر فعزر القائل
    وقال آخر يحبس فحبس القائل
    أخبرني بذلك من حضر هذه المشورة وهو كاره لها
    واجتمع جماعة آخرون بمصر وقاموا في هذه القضية قياما عظيما واجتمعوا بالسلطان وأجمعوا أمرهم على قتل الشيخ فلم يوافقهم السلطان على ذلك

    أمر السلطان بحبس الشيخ بقلعة دمشق
    726: ولما كان يوم الإثنين بعد العصر السادس من شعبان من السنة المذكورة حضر إلى الشيخ من جهة نائب السلطنة بدمشق مشد الأوقاف وابن خطير أحد الحجاب وأخبراه أن مرسوم السلطان ورد بأن يكون في القلعة وأحضرا معهما مركوبا
    فأظهر الشيخ السرور بذلك وقال أنا كنت منتظرا ذلك وهذا فيه خير عظيم
    وركبوا جميعا من داره إلى باب القلعة وأخليت له قاعة حسنة وأجرى إليها الماء ورسم له بالإقامة فيها وأقام معه أخوه زين الدين يخدمه بإذن السلطان ورسم له بما يقوم بكفايته

    وفي يوم الجمعة عاشر الشهر المذكور قرىء بجامع دمشق الكتاب السلطاني الوارد بذلك وبمنعه من الفتيا
    وفي يوم الأربعاء منتصف شعبان أمر القاضي الشافعي بحبس جماعة من اصحاب الشيخ بسجن الحكم وذلك بمرسوم النائب وإذنه له في فعل ما يقتضيه الشرع في أمرهم

    وأوذي جماعة من أصحابه واختفى آخرون وعزر جماعة ونودي عليهم
    ثم أطلقوا سوى الإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر إمام الجوزية
    فإنه حبس بالقلعة وسكنت القضية

    وفاة الشيخ رحمه الله بالقلعة وما كتب بها قبل موته:
    ثم إن الشيخ رحمه الله تعالى بقي مقيما بالقلعة سنتين وثلاثة أشهر وأياما ثم توفي إلى رحمة الله ورضوانه وما برح في هذه المدة مكبا على العبادة والتلاوة وتصنيف الكتب والرد على المخالفين
    وكتب على تفسير القرآن العظيم جملة كثيرة تشتمل نفائس جليلة ونكت دقيقة ومعان لطيفة وبين في ذلك مواضع كثيرة أشكلت على خلق من علماء أهل التفسير
    وكتب في المسألة التي حبس بسببها عدة مجلدات منها كتاب في الرد على ابن الأخنائي قاضي المالكية بمصر تعرف بالأخنائية ومنها كتاب كبير حافل في الرد على بعض قضاة الشافعية وأشياء كثيرة في هذا المعنى أيضا

    وفاة الشيخ عبدالله أخي الشيخ:
    وفي هذه المدة التي كان الشيخ فيها بالقلعة توفي أخوه الشيخ الإمام
    العالم العلامة البارع الحافظ الزاهد الورع جمال الإسلام شرف الدين أبو محمد عبدالله توفي يوم الأربعاء الرابع عشر من جمادي الأولى من سنة سبع وعشرين وسبعمائة وصلى عليه ظهر اليوم المذكور بجامع دمشق وحمل إلى باب القلعة فصلى عليه مرة أخرى وصلى عليه أخوه وخلق من داخل القلعة وكان الصوت بالتكبير يبلغهما وكثر البكاء في تلك الساعة وكان وقتا مشهودا ثم صلي عليه مرة ثالثة ورابعة وحمل على الرؤوس والأصابع إلى مقبرة الصوفية فدفن بها وحضر جنازته جمع كثير وعالم عظيم وكثر الثناء والتأسف عليه

    قلت وما زال الشيخ تقي الدين رحمه الله في هذه المدة معظما مكرما يكرمه نقيب القلعة ونائبها إكراما كثيرا ويستعرضان حوائجه ويبالغان في قضائها

    وكان ما صنفه في هذه المدة قد خرج بعضه من عنده وكتبه بعض أصحابه واشتهر وظهر
    فلما كان قبل وفاته بأشهر ورد مرسوم السلطان بإخراج ما عنده كله ولم يبق عنده كتاب ولا ورقة ولا دواة ولا قلم وكان بعد ذلك إذا كتب ورقة إلى بعض أصحابه يكتبها بفحم وقد رايت أوراقا عدة بعثها إلى أصحابه وبعضها مكتوب بفحم


    سنة 728 ثمان وعشرين وسبعمائة كانت وفاته بقلعة دمشق المحروسة :
    ولما أخرج ما عنده من الكتب والأوراق حمل إلى القاضي علاء الدين القونوي وجعل تحت يده في المدرسة العادلية
    وأقبل الشيخ بعد إخراجها على العبادة والتلاوة والتذكر والتهجد حتى أتاه اليقين
    وختم القرآن مدة إقامته بالقلعة ثمانين أو إحدى وثمانين ختمة انتهى في آخر ختمة إلى آخر اقتربت الساعة إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ثم كملت عليه بعد وفاته وهو مسجى
    كان كل يوم يقرأ ثلاثة أجزاء يختم في عشرة أيام هكذا أخبرني أخوه زين الدين
    وكانت مدة مرضه بضعة وعشرين يوما وأكثر الناس ما علموا بمرضه فلم يفجأ الخلق إلا نعيه فاشتد التأسف عليه وكثر البكاء والحزن ودخل إليه أقاربه وأصحابه وازدحم الخلق على باب القلعة والطرقات وامتلأ جامع دمشق وصلوا عليه وحمل على الرؤوس رحمه الله ورضي عنه

    قال الشيخ مرعي في الشهادة الزكية:
    وتوفي سحر ليلة الإثنين في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة عن سبع وستين سنة
    وقد أثنى الأئمة الأعلام على هذا الإمام ولقبوه بشيخ الإسلام وأفردوا مناقبه بالتصانيف وتحلت بذكره التواريخ والتآليفولم يتنقص إلا من جهل مقداره وخطره ومن جهل شيئا أنكره


    المراجع
    1- الإنتصار لابن عبد الهادي المسمى بالعقود الدرية والصحيح الأول ومعظم مادتي منه
    2-الشهادة الزكية لمرعي الكرمي
    3- العبر للذهبي


    (منقول)

  • #2
    بارك الله فيك . .
    قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك . .

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا
          كتبه أخوكم شـرف الدين بن امحمد بن بـوزيان تيـغزة

          يقول الشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله في رسالته - عوائق الطلب -(فـيا من آنس من نفسه علامة النبوغ والذكاء لا تبغ عن العلم بدلا ، ولا تشتغل بسواه أبدا ، فإن أبيت فأجبر الله عزاءك في نفسك،وأعظم أجر المسلمين فـيك،مــا أشد خسارتك،وأعظم مصيبتك)

          تعليق


          • #6
            وفيكم بارك الله و جزاكم الله -جميعا- خير الجزاء.

            تعليق


            • #7
              جزاكم الله خيراً

              تعليق


              • #8
                رد: محن مؤرخة حصلت لشيخ الإسلام لخصتها من ترجمته

                جزاك الله خيرا
                رحمه الله ائمتنا واعلامنا منارات الهدى ومصابيح التقى ,لما كانوا اتباع الانبياء حقا وورثهم صدقا فأجرى الله جل جلاله - لما علم صدقهم -عليهم ما يجري على الانبياء من انواع المحن والشدائد لابتلائهم واعلاء درجاتهم
                بخلاف أكثرنا اليوم - والله المستعان -ممن شعاره اتباع الانبياء واذا نظرت في حقيقته أمره ألفيتها دعوى براقة ليس عليها شاهد ولا قام عليها دليل يدل على صدق الاتباع

                تعليق


                • #9
                  رد: محن مؤرخة حصلت لشيخ الإسلام لخصتها من ترجمته

                  جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الطيب حقيقة وصدق أخونا العرائشي في تعليقه

                  لكن ما أردت التنبيه إليه وهي جملة وردت حبذا لو كان صاحب الموضوع علق عليها بدل أن ينقلها كما هي وهي قوله
                  وكان يومه مشهودا وضاقت بجنازته الطريق وانتابها المسلمون من كل فج عميق يتبركون بمشهده ليوم تقوم الاشهاد ويتمسكون بسريره حتى كسروا تلك الاعواد . الشهادة الزكية
                  فلا أدري هل هذا التبرك هل هو من جنس التبرك المشروع بمعن الاتعاظ بالموت
                  أما التمسك فلم أجد له تأويلا سائغا والله أعلم

                  تعليق

                  يعمل...
                  X