إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

فضل العلم وآداب المتعلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فضل العلم وآداب المتعلم

    الآيات البينات في فضل العلم والعلماء:
    قال الله تعالى: ((يرفعِ اللهُ الذِينَ أمنُوا منكم والذينَ أوتُوا العلمَ درجاتِ))المجادلة/11 قال ابن عباس: العلماء فوق المؤمنين مائة درجة ما بين الدرجتين مائة عام
    قال تعالى: (( شَهِدَ اللهُ أنهُ لا إلَهَ إلاَ هُوَ والملائكةُ وأولوا العلم قَائمًا بالقسط)) آل عمران/18 ، بدأ سبحانه بنفسه وثنى بملائكته وثلّث بأهل العلم، وكفاهم ذلك شرفا وفضلا وجلالة ونبلا.
    وقال تعالى : ((قُل هلْ يَستوي الذِينَ يعلمون والذِينَ لا َيعلمونَ)) الزمر/9
    وقال تعالى: (( فَسألأُوا أَهلَ الذِكرِ إن كنتم لا تَعلمُون))النحل /43، وقال تعالى: (( ومَا يعقِلُهاَ إلا العالِمونَ)) العنكبوت/43 ، وقال تعالى: (( بل هُو آياتٌ بينات في صدُورِ الذين أوتوا العلم))العنكبوت/49، وقال أيضا: ((إنَّمَا يَخشَى اللهَ من عبادِهِ العلماءُ)) فاطر/27 وقال تعالى: ((أَولئكَ هُم خير البرٍيَّة)) إلى قوله ((ذَلِكَ لمن خَشِيَ ربهٌ)) البينة/6 فاقتضت الآيتان أن العلماء هم الذين يخشون الله تعالى، وأن الذين يخشون اله تعالى هم خير البرية، فينتج أن العلماء هم خير البرية.[1]
    بعض الأحاديث الواردة في فضل العلماء:
    قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((من يرد الله به خيرا يفقه في الدين،وإنما أنا القاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله)) [2]، وعنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ((العلماء ورثة الأنبياء)) وحسبك هذه الدرجة مجدا وفخرا وبهذه الرتبة شرفا وذكرا فكما لا رتبة فوق رتبة النوبة فلا شرف فوق شرف وارث تلك الرتبة.
    وعن أ بي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : (( من رجل يسلك طريقا يلتمس فيها علما إلا سهل الله له طريقا إلى الجنة ومن أبطأ به عمله، لم يسرع به حسبه))[3]
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ: ((ما من قوم يجتمعون في بيت من بيوت الله يتعلمون القرآن ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وتنزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده، وما من رجل سلك طريقا يلتمس فيه علما إلا سهل الله له طريقا إلى الجنة، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نبسه))[4]
    عن أبي موسى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ قال: (( مثل ما بعثني الله عز وجل به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت منها بقعة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها بقعة أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وكانت منها طائفة لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، وذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعمل به وعلّم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به))[5]
    عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال سئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : من أكرم الناس، قال ((أتقاهم))، قالوا ليس عن هذا نسألك، قال ((فأكرم الناس نبيّ الله ابن نبي الله، ابن خليل الله)) يعني يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم صلوات الله عليهم ، قالوا ليس عن هذا نسألك، قال ((فعن معادن العرب تسألوني ؟ إن خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إن فقهوا))[6]
    عن زيد بن ثابت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ((نضّر الله امرأ سمع منّا حديث فحفظه وبلّغه غيره، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ثلاث لا يغل عليهن لب مسلم إخلاص العمل لله وناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط مَن وراءهم)) وقال صلى اله عليه وسلم: ((من كانت نيته الدنيا فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له))[7]
    من أقوال الصحابة والعلماء في فضل العلم:
    قال أبو الأسود الدؤلي: ((ليس شيء أعز من العلم، الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك))
    وقال وهب: (( يتشعّب من العلم الشّرف وإن كان صاحبه دنيّا والعز وإن كان مهينا، والقرب وإن كان قصيا، والغنى وإن كان فقيرا، والمهابة وإن كان وضيعا))
    وقال الشافعي ـ رضي الله عنه ـ : (( إن لم يكن الفقهاء العاملون أولياء الله فليس لله ولي))
    وعن ابن عمر ((مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة))
    وعن سفيان الثوري والشافعي رضي الله عنهما: (( ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم))[8]
    حدثنا عبد الله بن محمد، نا الحسن بن عثمان، نا يعقوب بن سفيان، قال سمعت حميد بن هلال قال: ((سمعت مطرفا يقول: فضل العلم خير من فضل العمل وخير دينكم الورع))
    وعن الزهري قال: ((ما عبد الله بمثل الفقه))[9]
    اقل معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ :
    ((تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يحسنه صدقة، وبذله لأهله قربة، به يعرف الله ويعبد وبه يوحد، وبه يعرف الحلال من الحرام، وتوصل الأرحام، وهو الأنيس في الوحدة والصاحب في الخلوة والدليل على السراء والمعين على الضراء، والوزير عند الأخلاء، والقريب عند الغرباء، ومنار سبيل الجنة، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وسادة يقتدى بهم أدلة في الخير تقتص آثارهم، وترمق أفعالهم، وترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس حت حيتان البحر وهوامه، وباع البر وأنعامه والسماء ونجومهان والعلم حاة القلوب من العمى ونور للأبصار من الظلم، وقوة للأبدان من الضعف، يبلغ به العلبد منازل الأبرار والدرجات العلىن التفكر فيه يعدل بالصايام، ومدارسته بالقيام، وهو إمام للعمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمع الأشقياء))[10]
    وفي حكمة داوود ـ عليه السلام ـ ((العلم في الصدر كالمصباح في البيت))
    وقيل لبعض الحكماء الأوائل: (( أي الأشياء ينبغي للعالم أن يقتنيه؟ قال الأشياء التي إذا غرقت سفينته سبحت معه، يعني العلم))
    وقال غيره: ((منهم من اتخذ العلم لجاما اتخذه الناس إماما، ومن عرف بالحكمة لاظته العلوم بالوقار))
    وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: (( يابني تعلموا العلم فإن استغنيتم كان لكم كمالا إن افتقرتم كان لكم كمالا))
    وقيل عن علي ـ رضي الله عنه ـ (( العلم خير من المال، لأن المال تحرسهن والعلم يحرسك، والمال تفنيه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، والعلم حاكم والمال محكوم عليه مات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة))[11]
    ما قيل في فضل العلم من الشعر:
    قال أبو بكر بن دريد:
    أهلاُ وسهلاُ بالذين أحبهم *** وأودّهم في الله ذي الآلاء
    أهلا بقوم صالحين ذوي تقى *** غرّ الوجوه وزين كل ملاء
    يسعون في طلب الحديث بعفة *** وتوقير وسكينة وحياء
    لهم المهابة والجلالة والنهى ***وفضائل جلت عن الإحصاء
    ومداد ما تجري به أقلامهم *** أزكى وأفضل من دم الشهداء
    يا طالبي علم النبي محمد *** ما أنتم وسواكم بسواء[12]
    وينسب هذا الشعر لعلي ـ رضي الله عنه ـ قال:
    الناس في جهة التمثيل أكفاء*** أبوهم آدم والأم حواء
    نفس كنفس وأرواح مشاكلة *** وأعظم خلقت فيهم وأعضاء
    فإن يكن لهم من أصلهم حسب***يفاخرون به فالطين والماء
    ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء
    وقدر كل امرئ ما كان يحسنه *** وللرجال على الأفعال أسماء
    وضد كل امرئ ما كان يجهله*** والجاهلون لأهل العلم أعداء[13]
    وقال أبو القاسم أحمد بن عصفور ـ رحمه الله ـ :
    مع العلم فاسلك حيث ما سلك *** وعنه فكاشف كل من عنده فهم
    ففيه جلاء للقلوب من العمى *** وعون على الدين الذي أمره حتم
    فإني رأيت الجهل يزري بأهله *** وذو العلم في الأقوام يرفعه العلم
    يعد كبير القوم وهو صغيرهم *** وينفذ منه فيهم القول والحكم
    وأي رجاء في امرئ شاب رأسه*** وأفنى سنيه وهو مستعجم فدم
    يروح ويغدو الدهر صاحب بطنة*** تركب في أحضانها اللحم والشحم
    إذا سئل المسكين عن أمر دينه *** بدت رحضاء العي في وجهه تسمو
    وهل أبصرت عيناك أقبح منظرا *** من أشيب لا علم لديه ولا حلم
    هي السوءة السوءاء فاحذر شماتها *** فأولها خزي وآخرها ذم
    فخالط رواة العلم واصحب خيارهم *** فصحبتهم زين وخلطتهم غنم
    ولا تعدون عيناك عنهم فإنهم *** نجوم إذا ما غاب نجم بدا نجم
    فوالله لولا العلم ما اتضح الهدى*** ولا لاح من غيب الأمو لنا رسم.[14]













    [1]ـ تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم: ابن جماعة الشافعي، تحقيق: محمد هاشم الندوي، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولى، 1423هـ/2002م، 17

    [2] ـ صحيح البخاري (باب العلم قبل القول والعمل)، 1/16.

    [3] ـ اخرجه أبو داود والدارمي، صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.

    [4]أخرجه مسلم عن أبي هريرة .

    [5] ـ صحيح البخاري ومسلم.

    [6] ـ المصدران نفساهما.

    [7]ـ أخرجه أبو داود والترمذي.

    [8] ـ تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم: ابن جماعة ، 22.

    [9] ـ جامع بيان العلم وفضله: ابن عبد البر القرطبي، تحقيق: أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الصالح، مكتبة عباد الرحمن، مصر، الطبعة الأولى، 1428هـ/2007م، 1/44،46.

    [10] ـ فضل العلم والعلماء : ابن قيم الجوزية، جمع وترتيب: صالح أحمد الشامي، المكتب الإسلامي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولى، 1422هـ/2001م، 115.

    [11]ـ جامع بيان العلم وفصله :ابن عبد البر، 1/102.

    [12]ـ المصدر نفسه، 1/60.

    [13]ـ المصدر نفسه، 1/90.

    [14]المصدر نفسه، 1/90.

  • #2
    آداب المتعلم
    وفيه ثلاث فصول
    ـ في آدابه مع نفسه
    ـ في آدابه مع شيخه وقدوته وما يجب عليه من عظيم حرمته
    ـ في آدابه في دروسه وقراءته في الحلقة وما يعتمده مع الشيخ والرفقة
    أولا: في آدابه مع نفسه[1]
    1 ـ تطهير القلب عن خبث الصفات:
    أن يطهر قلبه من كل غش ودنس وغل وحسد وسوء عقيدة وخلق ليصلح بذلك لقبول العلم وحفظه، والاطلاع على دقائق معانيه وحقائق غوامضه، فإن العلم كما قال بعضهم: ((صلاة السر، وعبادة القلب، وقربة الباطن)) وكما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة إلا بطهارة الظاهر من الحدث والخبث، فكذلك لا يصح العلم الذي هو عبادة القلب إلا بطهارته عن خبث الصفات وحدث مساوي الأخلاق ورديئها، وإذا طيب القلب للعلم ظهرت بركته ونما كالأرض إذا طيبت للزرع نما زرعها وزكا، وقال سهل: ((حرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل))، وفي الحديث ((إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))[2]
    2 ـ إخلاص النية في طلب العلم:
    حسن النية في طلب العلم بأن يقصد به وجه الله تعالى، والعمل به، وإحياء الشريعة وتنوير قلبه وتحلية باطنه، والقرب من الله تعالى يوم القيامة، والتعرض لما اعد لأهله من رضوانه ونعيمه، وقال سفيان الثوري(( ما عالجت شيئا أشد على نيتي، ولا يقصد به الأغراض الدنيوية من تحصيل الرياسة والجاه والمال، ومباهاة الأقران وتعظيم الناس له، وتصديره في لمجالس ونحو ذلك فيستبدل به الأدنى بالذي هو خير.
    قال الوزير جعفر بن يحيى البرمكي : ما رأيت في القراء مثل عيسى بن يونس، وذكر أنه عرض عليه مائة ألف درهم، فردها، وقال: والله لا يتحدّث أهل العلم أني أكلت للسنة ثمنا.
    قال أبو يوسف (صاحب أبي حنيفة): يا قوم أريدوا بعلمكم الله تعالى فإني لم أجلس مجلسا قط أنوي فيه أن أتواضع إلا لم أقم حتى أعلوهم، ولم أجلس مجلسا قط أنوي فيه أن أعلوهم إلا لم أقم حتى أفتضح، والعلم عبادة من العبادات وقربة من القرب، فإن خلصت فيه النية قبل وزكى ونمت بركته، وإن قصد به غير وجه الله تعالى حبط وضاع وخسرت صفقته وبما تفوته تلك المقاصد ولا ينالها فيخيب قصده ويضيع.
    3 ـ المبادرة إلى تحصيل العلم في أوقات الشباب:
    ـ أن يبادر شبابه وأوقات عمره إلى التحصيل ولا يغتر بخدع التسويف والتأميل فإن كل ساعة تمضي من عمره لا بدل لها ولا عوض عنها،قال الشافعي: (( قدمت على مالك بن أنس وقد حفظت الموطأ فقال لي: احضر من يقرأ لك، فقلت: أنا قارئ، فقرأت عليه الموطأ حفظا))، وقال الحميدي: سمعت الزنجي بن خالد يعني (مسلما) يقول للشافعي: (( أفت يا أبا عبد الله فقد والله آن لك أن تفتي)) وهو ابن خمس عشرة سنة، وكان يقول ثعلب: ابتدأت في طلب العربية واللغة سنة ست عشرة ومائتين، ونظرت في حدود الفراء وسني ثماني عشرة، وبلغت خمسا وعشرين سنة وما بقيت علي مسألة للفراء إلا وأنا أحفظها. لذلك يجب عليه أن يقطع ما يقدر عليه من العلائق الشاغلة، والعوائق المانعة عن تمام الطلب، وبذل الاجتهاد، ولذلك استحب السلف التغرب عن الأهل والبعد عن الوطن لأن الفكرة إذا توزعت قصرت عن درك الحقائق وغموض الدقائق، ويقال : العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وقال الشعبي: ((لو أن رجلا سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن ليسمع كلمة حكمة ما رأيت أن سفره ضاع، وقال: وما علمت أن أحدا من الناس كان أطلب لعلم في أفق من الأفاق من مسروق))
    وقال الخطيب البغدادي في الجامع عن بعضهم قال: (( لا ينال هذا العلم إلا من عطل دكانه وخرب بستانه وهجر إخوانه ومات أقرب أهله فلم يشهد جنازته، وهذا كله وإن كان فيه مبالغة فالمقصود به أنه لابد فيه من جمع القلب واجتماع الفكر
    4 ـ القناعة بما تيسر:
    أن يقنع من القوت بما تيسر وإن كان يسيرا ومن اللباس بما يستر مثله ولو كان خلقا، فبالصبر على ضيق اليش ينال سعة العلم، ويجمع شمل القلب عن متفرقات الآمال فتفجر فيه ينابيع الحكمة، وقال الشافعي: (( لا يطلب أحد هذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح، ولكن من طلبه بذل النفس وضيق العيش، وخدمة العلماء أفلح)) وقال : ((لا يصلح طلب العلم إلا لمفلس، قيل: ولا الغني المكفي، قال: ولا الغني المكفي))، وقال الخطيب: ((ويستحب للطالب أن يكون عزبا ما أمكنه لئلا يقطعه الاشتغال بحقوق الزوجية وطلب المعيشة عن إكمال الطلب))
    5 ـ نظام الأوقات للتعليم والتعلم:
    أن يقسم أوقات ليله ونهاره ويغتنم ما بقي من عمره فإن بقية العمر لا قيمة له، وأجود الأوقات للحفظ الأسحار، وللبحث الأبكار، وللكتابة وسط النهار، وللمطالعة والمذاكرة الليل.، وقال الخطيب (( أجود أوقات الحفظ الأسحار، ثم وسط النهار ثم الغداة، وقال وحفظ الليل أنفع من حفظ النهار، ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع)) وأجود أماكن الحفظ الغرف وكل موضع بعيد عن الملهيات.
    6 ـ أعظم الأسباب المعينة على العلم:
    من أعظم الأسباب المعينة على الاشتغال والفهم وعدم الملال أكل القدر اليسير من الحليل، قال الشافعي ـ رضي الله عنه ـ (( ما شبعت منذ ست عشرة سنة))، وسبب ذلك أن كثرة الأكل جالبة لكثرة الشرب وكثرته جالب للنوم، والبلادة، وقصور الذهن، وفتور الحواس، وكسل الجسم. والأولى أن يكون أكثر ما يأخذ من الطعام ما ورد في حديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ((ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه))[3]
    7 ـ الأخذ بالورع:
    أن يأخذ نفسه بالورع في جميع شأنه ويتحرى الحلال في طعامه وشرابهولباسه ومسكنه وفي جميع ما يحتاج إليه هو وعياله، ليستنير قلبه ويصلح لقبول العلم ونوره والنفع به. وينبغي له أن سيتعمل الرخص في مواضعها عند الحاجة إليها ووجود سببها، فإن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه
    8 ـ تقليل النوم:
    أن يقلل نومه ما لم يلحقه ضرر في بدنه، ولا يزيد في نومه في اليوم والليلة على ثمان ساعات وهو ثلث الزمان، فإن احتمل حاله أقل منها فعل، لكن الذين شغفوا بالعلم استشنوا أنفسهم من هذه الفريضة الطبيعية وتركوا الراحات لحصول لذة العلم، وقالوا من أسهر نفسه بالليل فقد فرح قلبه بالنهار، وقال الشاعر:
    بقدر الكد تكتسب المعالي *** ومن طلب العلا سهر الليالي
    تروم العز ثم تنام ليلا*** يغوص البحر من طلب اللآلي
    تركت النوم ربي في الليالي*** لأجل رضاك يا مولى الموالي
    فوفقني إلى تحصيل علم*** وبلغني إلى أقصى المعالي
    ولا بأس أن يريح نفسه وقلبه وذهنه وبصره إذا كلّ شيء من ذلك أو ضعف بتنزه وتفرج في المستنزهات بحيث يعود إلى حاله ولا يضيع عليه زمانه، وكان ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ إذا كل من الكلام: يقول هاتوا ديوان الشعراء
    وقال عكرمة: ((إني لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلم بالكلمة فيفتح لي خمسين بابا من العلم)) وكان عكرمة طلب العلم أربعين سنة.
    9 ـ اختيار رفيق الطلب:
    والذي ينبغي لطالب العلم أن لا يخالط إلا من يفيده أو يستفيد منه، وليكن صالحا دينا تقيا ورعا ذكيا كثير الخير قليل الشر حسن المداراة قليل المماراة، إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه وإن احتاج واساه وإن ضجر صبره.
    ومما يروى لعلي ـ رضي الله عنه ـ
    فلا تصحب أخا الجهل *** وإياك وإياه
    فكم من جاهل أردى*** حليما حين واخاه
    يقاس المرء بالمرء *** إذا ما هو ماشاه
    ولبعضهم: إن أخاك لاصدق من كان معك *** ومن يضر نفسه لينفعك
    ومن إذا ريب زمان صدعك *** شتت شمل نفسه ليجمعك
    10 ـ الحياء لا يكون مع العلم[4]:
    إن كثيرا ن الأخلاق التي لاتحمد في الشخص بل يذم عليها تحمد في طلب العلم كالملق وترك الاستحياء والذلّ والتردّد إلى أبواب العلماء
    قال ابن عباس (( ذللت طالبا فعززت مطلوبا))
    وقال : ((وجدت عامة علم رسول الله ـ لى الله عليه وسلم ـ عند هذا الحي من الأنصار، إن كنت لأقيل عند باب أحدهم ولو شئت أذن لي ولكن أبتغي بذلك طيب نفسه))
    وقال أبو اسحاق: (( قال علي: كلمات لو رحلتم المطيّ فيهن لأفنيتموهنّ قبل أن تدركوا مثلهنّ: لا يرجونّ عبد إلا ربّه، ولا يخافنّ إلا ذنبه، ولا يستحي من لا يعلم أن يتعلّم، ولا يستحي إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول لا أعلم، واعلموا أن منزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد ، وإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان))
    وقال الحسن (( من استتر عن طلب العلم بالحياء لبس للجهل سرباله، فاقطعوا سرابيل الحياء فإنه من رق وجهه رق علمه))










    [1] ـ آداب العالم والمتعلم: ابن جماعة، 71

    [2] ـ صحيح البخاري.

    [3] ـ سنن الترمذي.

    [4] ـ فضل العلم والعلماء: ابن قيم الجوزية، 225.

    تعليق

    يعمل...
    X