إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

أخلاق الطالب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أخلاق الطالب

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    فهذه كلمة لمن أراد السير على طريق الطلب و التحصيل و اجتناب العوائق التي تحول دون الوصول الى الهدف راجين من الله أن تجد مسلكا الى قلوب اخواننا و الله المستعان


    ما أجمل أن يبحث الانسان في مسائل العقيدة و يتحرى الصواب في جميع أحواله و يبحث في مسائل السنة و المنهج
    و يتبع الدليل في كل شيئ و يذب عن سنة النبي صلى الله عليه و سلم و صحابته الغر الميامين
    و ينافح من أجل المساهمة في حفظ
    هذا الصرح الشامخ ناهجا في ذلك كله خطى النبي صل الله عليه و سلم في زمن كثرت فيه الأحزاب و الملل و النحل
    و تفرقت فيه الأمة فرقا وأحزابا تابعين كل ناعق فنعوذ بالله من الجهل و الأهواء
    و وسط هذه الغوغاء و الفتنة العمياء تجد السلفي شامخا راسخا رسوخ الجبل متمسكا لا تهزه الفتن
    ينافح و يدعوا و يحمل هم الأمة
    فما أجمل هذا الصمود و هذه الهمم العالية


    و لكن الأجمل أن تجد المرء متصفا بهذه الصفات و يتحلى بالخلق العالي و السمت الحسن
    و الأدب الرفيع الذي يجعل قلوب الناس تنجدب اليه و الى دعوته بدون شعور
    و هذا هو مربط الفرس
    فالذي يحير العقول أنك تجد المرء على عقيدة سليمة و منهج سليم ثم تجد أخلاقه لا كما وصانا به الصادق المصدوق
    و تجده لا ينشغل بتزكية نفسه عن شوائب الجاهلية غلظة و جفاء و شدة تنفر الصغير قبل الكبير

    فلابد أيها الاخوة أن ننظر الى هذا الأمر بعين الصواب
    فبدون أخلاق لا تنتظر أنك ستجلب الناس الى دين الله جل و علا
    على العكس ستنفر الناس و تكره الناس في دين الله جل و علا


    و من دلك مسألة الهجر
    فلابد أيها الاخوة أن نراعي ضوابط الهجر و ندرس المسألة بحكمة و رزانة
    لأن الكثير من الناس يشتكي و الله من هذه المسألة كثيرا
    فقد عمت بها الرزية و انجلى بها الغبار عن كثير ممن يدعي السلفية و هي منه براء

    و كذلك انشغال البعض بعلم الجرح و التعديل عن العلوم الشرعية و الأصول التي تساعده على السير الى الله و الدار الاخرة
    و تجده كل الوقت يجرح فلان و يعدل فلان و يسقط الاخر


    مسألة ثانية و هي أخلاقك مع والديك في المنزل و كيفية دعوتهم
    كم من أم تقول ابني كان طيب قبل أن يلتزم لما التزم حير العالم معه
    قال رسول الله صل الله عليه و سلم
    إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصائم القائم بحسن خلقه وكرم ضريبته
    لابد من مراعاة ضوابط الخلاف مع السلفيين فهم اخوانك في المنهج و يسيرون معك على نفس النهج
    فانظروا أيها الاخوة في هذه المسائل فوالله الذي لا اله غيره ان القلب ليحزن مما نراه من بعض اخواننا
    فالله نسأل أن يحفظ قلوبنا من الافات و يحسن خلقنا و يرزقنا الصبر على اخواننا
    و أن يرزقنا اتباع النبي صل الله عليه و سلم عقيدة و منهجا و خلقا


    هذا كان مجرد تذكير لي و لكم عسى أن ننزجر و نكف أنفسنا
    و ننظر الى هذا الجانب الذي أهملناه كثيرا


    و جزاكم الله خيرا

    أخوكم أبو عائشة نزار المغربي

  • #2
    وأأيد قولكم بقول الشيخ ابن تيمية في العقيدة الواسطية: "ويعتقدون معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا)) وشبك بين أصابعه. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر))...ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا))، ويندبون إلى أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، والرفق بالمملوك، وينهون عن الفخر والخيلاءوالبغي، والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق، ويأمرون بمعالي الأخلاق، وينهون عن سفاسفها، وكل ما يقولونه ويفعلونه من هذا وغيره فإنما هم متبعون للكتاب والسنة، وطريقتهم هي دين الأسلام الذي بعث الله به محمدا -صلى الله عليه وسلم-".
    وبخصوص مسألة الهجر فإن للشيخ إبراهيم الرحيلي محاضرة نافعة بعنوان: ضوابط الهجر عند أهل السنة والجماعة.

    تعليق


    • #3
      كتاب النصيحة للشيخ إبراهيم الرحيلي

      قال الشيخ إبراهيم الرحيلي – حفظه الله - في كتابه "النصيحة فيما يجب مراعاته عند الاختلاف وضوابط هجر المخالف والرد عليه":


      بسم الله الرحمن الرحيم

      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين. وبعد:
      فقد كتبت هذه الرسالة المختصرة بعنوان: (نصيحة للشباب) في أواخر شهر رمضان المبارك من عام 1424هـ، وكان الفراغ منها في الثامن من شهر شوال من العام نفسه.
      وقد عرضتها بعد طباعتها على هيئة أوراق على بعض أصحاب الفضيلة من مشائخنا وزملائنا الأفاضل المهتمين بشأن الدعوة وتوجيه الشباب؛ فاستحسنوها وأثنوا على ما احتوته من مادة علميّة، فدفعتها على هيئتها لبعض طلبة العلم فانتشرت بينهم في داخل المملكة وخارجها، وقد بلغني أنه سُحِب منها آلاف النسخ ووُزِّعت في عدة مدن.
      ثم كثر الطلب عليها والرغبة في الحصول على نسخة منها ممن لم يجدوها من قبل، فدفعتها للطبع؛ رجاء عموم النفع بها وتيسيرًا للحصول عليها.
      وها هي ذي الطبعة الأولى منها، مع زيادة الفقرة السادسة المتعلقة بـ(مقاصد الهجر)، فقد أضفتها على الأصل للحاجة للتنبيه عليها، مع تعديلات يسيرة في مواطن قليلة متعلقة بالألفاظ والعبارات.
      وقد رأيت أن أضع لها اسمًا يكشف عن مضمونها، ويبقى على أصل العنوان السابق؛ فسميتها:

      "النصيحة فيما يجب مراعاته عند الاختلاف وضوابط هجر المخالف والرد عليه"

      والله تعالى المسؤول أن يتقبل هذا العمل، وأن يجعله نافعا، مؤديا لغرضه؛ إنه سميع مجيب.

      ***

      المقـدمة

      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
      فهذه نصيحة للشباب من أهل السنة والجماعة أوجب تحريرها الإسهام في النصح للمسلمين والصلح بين أهل السنة على ما جاءت النصوص بالترغيب في ذلك .
      والباعث عليها ما يعيشه الكثير من الشباب السلفيين في كثير من البلدان الإسلامية بل حتى في البلدان الكافرة التي تسكنها أقليات من المسلمين من تفرق كبير بسبب الاختلاف في المسائل العلمية والمواقف العملية من بعض المخالفين وما نتج عن ذلك من تقاطع وتهاجر بل واعتداء وبغي بين أهل السنة حتى عظمت الفتنة واشتد خطرها فأثرت في سير الدعوة إلى السنة بل صدت بعض الناس عن اعتناقها بعد أن أقبل الناس عليها في كثير من الأمصار والبلدان.
      وألخص هذه النصيحة في النقاط التالية سائلاً الله تعالى أن يرزقني فيها الإخلاص في القصد والصواب في القول وأن ينفع بها من يطلع عليها من المسلمين .

      أولاً : إن من الأصول المقررة في الدين أن المسلم معني بإصلاح نفسه وسعيه في تحقيق نجاتها والابتعاد عن أسباب هلاكها قبل اشتغاله بغيره من الناس كما قال تعالى : {والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } [ العصر ] .
      فأخبر الله عن الناجين من الخسران بأنهم من تحققت فيهم هذه الخصال فذكر تحقيقهم للإيمان والعمل الصالح في أنفسهم قبل دعوتهم لغيرهم بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر وهذا تقرير لهذه المسألة . وقد عاب الله على بني إسرائيل مخالفتهم لهذا الأصل بقوله :{أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون}. [ البقرة 44 ]
      فعلى الشباب أن يعتنوا بإصلاح أنفسهم قبل إصلاح غيرهم ،فإذا ما استقاموا على ذلك ، وجمعوا بين الامتثال لدين الله في أنفسهم ودعوتهم غيرهم إليه ، كانوا على هدي السلف بحق ونفع الله بهم ، وكانوا دعاة للسنة بأقوالهم وأفعالهم ،وهذه لعمر الله أعظم المراتب التي من وفق إليها كان من خيار عباد الله منزلة يوم القيامة ، قال الله تعالى : {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين} .[ فصلت 33 ]

      تعليق


      • #4
        تابع

        ثانياً : ينبغي أن يعلم أن أهل السنة بحق هم أهل الامتثال الكامل للإسلام اعتقاداً وسلوكاً ،ومن قصور الفهم أن يظن أن السني أو السلفي هو من حقق اعتقاد أهل السنة دون العناية بجانب السلوك والآداب الإسلامية وتأدية حقوق المسلمين فيما بينهم .
        قال شيخ الإسلام ابن تيميه في نهاية العقيدة الواسطية بعد أن ذكر أصول أهل السنة في الاعتقاد: " ثم هم مع هذه الأصول : يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة ، ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً ويحافظون على الجماعات ،ويدينون بالنصيحة للأمة ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : (( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً ))) وشبك بين أصابعه. وقوله: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )) .
        ويأمرون بالصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء والرضا بمر القضاء . ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال . ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : (( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً )).
        ويندبون إلى أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك. وتعفو عمن ظلمك ويأمرون ببر الوالدين وكذا يأمرون بصلة الرحم . وحسن الجوار . وينهون عن الفخر والخيلاء والبغي والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق، ويأمرون بمعالي الأخلاق وينهون عن سفاسفها .
        وكل ما يقولونه ويفعلونه من هذا وغيره فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة وطريقتهم هي دين الاسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم " .اهـ [العقيدة الواسطية (ط:أضواء السلف،ص 129،131)]

        تعليق


        • #5
          تابع

          ثالثاً : إن من المقاصد العظيمة التي حث عليها الإسلام هداية الخلق إلى هذا الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي لما بعثه إلى خيبر : (( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم )) أخرجه الشيخان، [البخاري برقم (4210)، ومسلم برقم (2406)] .
          فعلى من منّ الله عليهم بالهداية إلى السنة أن يحرصوا على دعوة من ضل عن السنة أو قصر فيها إلى تحقيق السنة، وأن يبذلوا كل الأسباب الممكنة في هداية الناس وتقريب قلوبهم لقبول الحق، وذلك:
          بمخاطبة المدعوين باللين كما قال تعالى في خطابه لموسى وهارون : {اذهبا إلى فرعون إنه طغى* فقولا له قولاً لينا} [طه : 44] . فأمر الله من أخبر عن طغيانه، وعلم أنه يموت على الكفر باللين، فكيف بمن هو دونه من أصحاب المخالفات من المسلمين؟
          وكذلك مخاطبة المدعوين بالألقاب التي تتناسب مع مكانتهم، وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل بقوله: (( إلى هرقل عظيم الروم ))، وكان يكني عبد الله بن أبي ( بأبي الحباب ).
          وكذلك مراعاة الصبر على جفاء المدعوين ومقابلتهم بالإحسان . وعدم استعجال استجابتهم؛ قال تعالى: {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم}.[الأحقاف : 35 ].

          تعليق


          • #6
            تابع

            رابعاً: ينبغي لطلبة العلم -خصوصاً الدعاة منهم- أن يفرقوا بين المداراة والمداهنة؛ فالمداراة مطلوبة وهي متعلقة باللين في المعاملة، جاء في لسان العرب( 14/255 ):"مداراة الناس ملاينتهم وحسن صحبتهم واحتمالهم لئلّا ينفروا منك "، والمداهنة مذمومة وهي متعلقة بالدين قال تعالى: { ودوا لو تدهن فيدهنون} [القلم:9]. قال الحسن البصري في معنى الآية :" ودوا لو تصانعهم في دينك فيصانعون في دينهم" [ تفسير البغوي 4/377 ].
            فالمداري يلين في المعاملة من غير أن يتنازل عن شيء من دينه، والمداهن يتقرب للناس بترك شيء من الدين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً وأرفقهم بالأمة، وهذا يمثل جانب الرفق واللين من هديه، وكان أقوى الناس في دين الله فلا يترك شيئا منه لأحد كائناً من كان، وهذا بمثل جانب قوة التمسك بالدين الذي يتنافى مع المداهنة .
            فعلى طلبة العلم مراعاة الفرق بين الأمرين، فإن من الناس من قد يظن أن مداراة الناس والرفق بهم ضعف في الدين وتمييع، بينما يظن فريق آخر أن من الرفق بالناس إقرارهم على الباطل، والسكوت عن الأخطاء، وكلا الفريقين مخطئ تائهعن الحق، فليتنبه لهذا الأمر فإنه مزلق خطير لا يُعصم منه إلا من وفقه الله وهداه .

            تعليق


            • #7
              تابع

              خامساً : للداعية في دعوة الناس مسلكان شرعيان دلت عليهما النصوص:
              مسلك التأليف والترغيب، ومسلك الهجر والترهيب، ويخطئ من يعمم أحد المسلكين مع كل أحد، بل يسلك مع كل مخالف ما هو أرجى في قبوله للحق ورجوعه للصواب.
              فإن كان التأليف هو الأنفع للمخالف والأرجى في إصلاحه فهو المشروع في حقه، وإن كان الهجر هو الأنفع فهو المشروع في حقه.
              فمن سلك مسلك التأليف مع من يشرع في حقه الهجر؛ فهو مقصر مفرط، ومن سلك مسلك الهجر مع من يشرع في حقه التأليف؛ فهو منفر متشدد .
              يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : "وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم؛ فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه، ورجوع العامة عن مثل حاله، فإذا كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك، بل يزيد الشر والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف أقواماً ويهجر آخرين.
              وهذا كما أن المشروع في العدو القتال تارة، والمهادنة تارة، وأخذ الجزية تارة، كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح، وجواب الأئمة كأحمد وغيره في هذا الباب مبني على هذا الأصل " [مجموع الفتاوى( 28/206 )].
              ويقول -رحمه الله- مبيناً خطأ تعميم الهجر أو التأليف دون مراعاة الأصل السابق: "فإن أقواماً جعلوا ذلك عاماً فاستعملوا من الهجر والإنكار ما لم يؤمروا به فلا يجب ولا يستحب، وربما تركوا به واجبات أو مستحبات وفعلوا به محرمات، وآخرون أعرضوا عن ذلك بالكلية فلم يهجروا ما أمروا بهجره من السيئات البدعية" اهـ[مجموعالفتاوى(28/213 ].

              تعليق


              • #8
                تابع

                سادساً: يشرع الهجر لثلاثة مقاصد شرعية؛ دلت عليها الأدلة وقررها الأئمة المحققون من أهل السنة.
                المقصد الأول: الهجر لمصلحة الهاجر فللمسلم أن يهجر كل من يتضرر بمجالستهم من المخالفين؛ كأهل البدع والمعاصي الذين يتضرر بجالستهم في دينه.
                وقد دل على هذا حديث أبي موسى الأشعري المخرج في الصحيحين، عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة)) [أخرجه البخاري برقم (3101)، ومسلم برقم (262].
                ففي هذا الحديث توجيه من النبي صلى الله عليه وسلم لمجالسة الصالحين لِما فيها من النفع المتعدي لجلسائهم، وتحذير من مجالسة السيئين لِما يلحق مجالسهم من الضرر في الدين.
                وبهذا يتبين مشروعية مهاجرة من يُخشى من مجالسته الضرر على الدين من سائر أصحاب المخالفات، وأما من لا يخشى على نفسه الضرر بمجالسة المخالفين؛ كأهل العلم الذين يرجى انتفاع المخالفين بهم من غير ضرر يلحق العالِم في دينه، فهؤلاء لا تشرع في حقهم المهاجرة؛ بل قد يكون المشروع لهم مجالسة هؤلاء المخالفين إن تحققت بذلك مصلحة راجحة.
                المقصد الثاني: الهجر لمصلحة الأمة، فيشرع هجر من في هجره نفع متعدِّ للأمة، كهجر بعض أصحاب المخالفات بحيث يؤثر هجرهم في زجر غيرهم عن فعل مثلهم.
                وشاهد هذا من السنة: ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- : ((أن رسول الله–صلى الله عليه وسلم- كان يؤتى بالرجل المتوفَّى عليه الدَّين فيسأل: هل ترك فضلا؟ فإن حُدِّث أنه ترك وفاءً؛ صلى وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم)).
                فالنبي إنما ترك الصلاة على هذا الرجل وهو صاحب الدَّين الذي لا وفاء له؛ من أجل زجر الناس عن مثل فعله، كما قرر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-.
                قال –رحمه الله- : "أما من كان مظهرًا للفسق مع ما فيه من الإيمان؛ كأهل الكبائر، فهؤلاء لابد أن يصلي عليهم بعض المسلمين، ومن امتنع من الصلاة على أحدٍ منهم زجرًا لأمثاله عن مثل ما فعله –كما امتنع النبي –صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة على قاتل نفسه، وعلى الغال، وعلى المدين الذي لا وفاء له، وكما كان كثير من السلف يمتنعون من الصلاة على أهل البدع- كان عمله بهذه السنة حسنة".
                المقصد الثالث: الهجر لمصلحة المهجور (صاحب المخالفة) فيشرع هجر أصحاب المخالفات من أهل البدع والمعاصي إن كان في هجرهم مصلحة لهم بالرجوع عن المخالفة والتوبة منها.
                ويدل على هذا هجر النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن مالك وصاحبيه حتى تابوا وندموا على ما هو ثابت في الصحيحين من حديث كعب بن مالك. [أخرجه البخاري برقم(6255)، ومسلم (2769)].
                وشواهد ذلك كثيرة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك هدي السلف المقتدين به في ذلك في هجر بعض المخالفين زجرا لهم وتأديبًا.
                وهذا النوع من الهجر، وهو الهجر لمصلحة المخالف مع كونه مشروعًا من حيث الأصل إلا أنه لابد من مراعاة الضوابط المتعلقة بتحقيقه وتنزيله على المعينين من أصحاب المخالفات، وهو ما سيتم بيانه في الفقرة التالية.

                تعليق


                • #9
                  تابع

                  ثامناً : الإنكار على المخالف والرد عليه نصحاً له وحماية للأمة من خطئه، من الأصول المقررة عند أهل السنة وهو من أعظم أنواع الجهاد؛ ولكن ينبغي أن تراعى فيه الضوابط الشرعية والشروط المرعية التي يمكن من خلالها تحقيقه لمقصده الشرعي.
                  ومن ذلك :
                  1- أن يكون بإخلاص ونية صادقة في نصرة الحق والتجرد له.
                  ومن لوازم الإخلاص فيه: أن يحب هداية المخالف ورجوعه للحق، وأن يسلك كل المسالك الممكنة في تقريب قلب المخالف لا تنفيره، وأن يصحب ذلك دعاء الله له أن يهديه خصوصاً إن كان من أهل السنة أو من غيرهم من المسلمين، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الكفار بالهداية فكيف بالمسلمين الموحدين !!
                  2- أن يكون الرد من عالم راسخ القدم في العلم، يعلم على وجه التفصيل جوانب المسألة المتعلقة بموضوع الرد من حيث الأدلة الشرعية عليها، وكلام العلماء فيها ومدى مخالفة الخصم للحق، ومنشأ الشبهة عنده، وأقوال العلماء في رد هذه الشبهة والاستفادة من كلامهم في ذلك.
                  كما ينبغي أن يتسم الراد على المخالف بقوة الحجة في تقرير الحق وإزالة الشبهة ودقة العبارة، بحيث لا يظهر عليه في شيء من ذلك أو يفهم من كلامه غير ما أراد، وإلا حصل الضرر العظيم بتصدي من فقد هذه الشروط للرد .
                  3- أن يراعى في الرد على المخالف تفاوت المخالفين في درجة المخالفة ومكانة المخالف في الدين والدنيا ، وكذلك التفاوت في الباعث على هذه المخالفة أهو الجهل، أم الهوى والابتداع، أو سوء التعبير، أو سبق لسان، أو تأثر بشيخ أو أهل البلد، أو التأويل أو غير ذلك من المقاصد الكثيرة للمخالفات الشرعية.
                  فمن لم ينتبه إلى هذه المفارقات ويراعيها عند الرد لربما وقع في شيء من الإفراط أو التفريط الذي يمنع الانتفاع بكلامه أو يقلل النفع به .
                  4- أن يراعى في الرد على المخالف أن يحقق المصلحة الشرعية للرد، فإن ترتب عليه مفسدة راجحة على مفسدة المخالفة فلا يشرع الرد في هذه الحالة؛ فإنه لا تدرأ مفسدة بما هي أعظم منها.
                  يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : "فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بتحصيل أعظم الضررين، فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، ومطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعاً ودفع شر الشرين إذا لم يتفقا جميعا " اهـ [المسائل الماردينية: ص63-64].
                  5- أن يراعى في الرد أن يكون على قدر انتشار المخالفة؛ فإن كانت المخالفة نشأت في بلد أو مجتمع فلا ينبغي أن يشاع الرد سواء عن طريق نشر كتاب أو شريط أو غيرهما من الوسائل الأخرى في بلد أو مجتمع لم يسمع بالمخالفة؛ لأن في نشر الرد نشر بطريق غير مباشر للمخالفة فقد يطلع الناس على الرد فتبقى الشبهة في نفوسهم ولا تحصل لهم القناعة بالرد، فترك الناس في سلامة وعافية من سماع الباطل أصلاً خير من سماعهم له ورده بعد ذلك. وقد كان السلف يراعون ذلك في ردودهم فكثير من كتبهم في الردود يستدلون فيها للحق في مقابل الباطل من غير ذكر للمخالفة، وهذا من فقههم الذي قصر عنه بعض المتأخرين .
                  وما قيل في التحذير من نشر الرد في بلد لم ينتشر فيه الخطأ يقال في التحذير من نشره في طائفة من الناس لم تعرف ذلك الخطأ وإن كانت في بلد المخالفة، فلا ينبغي أن يُسعى في نشر الردود من كتب وأشرطة بين العامة إن لم يعرفوا الخطأ ولم يسمعوا به، فكم فُتن من العامة ووقعوا في الشك والارتياب في أصل الدين بسبب إطلاعهم على ما لا تدركه عقولهم من كتب الردود مما لا يحصيه إلا الله، فعلى الساعين في نشر هذه الكتب بينهم أن يتقوا الله وليحذروا أن يكونوا سبباً لفتنة الناس في دين الله.
                  وإن من أعجب ما سمعته في هذا أن بعض الطلبة قاموا بتوزيع بعض كتب الردود على بعض حديثي العهد بالإسلام ممن لم يمضِ على إسلامهم سوى أيام أو أشهر ووجهوهم لقراءتها، فيا لله العجب من صنيع هؤلاء!!
                  6- الرد على المخالف من فروض الكفايات؛ فإذا قام به أحد العلماء وتحقق المقصود الشرعي برده على المخالف وتحذير الأمة، فقد برئت ذمم العلماء بذلك على ما هو مقرر عند العلماء في سائر فروض الكفايات.
                  ومن الأخطاء الشائعة عندما يصدر رد من عالم على مخالف، أو فتوى بالتحذير من خطأ، مطالبة كثير من الطلبة المنتسبين للسنة العلماء وطلبة العلم بيان موقفهم من ذلك الرد أو تلك الفتوى، بل وصل الأمر إلى أن يطالب من طلبة العلم الصغار، بل العوام تحديد موقفهم من الراد والمردود عليه، ثم يعقدون على ضوء ذلك الولاء والبراء ويتهاجر الناس بسبب ذلك، حتى لربما هجر بعض الطلبة بعض شيوخهم الذين استفادوا منهم العلم والعقيدة الصحيحة سنين طويلة بسبب ذلك، ولربما عمت الفتنة البيوت فتجد الأخ يهجر أخاه والابن يجفو والديه، ولربما طلقت الزوجة وفرق الأطفال بسبب ذلك.
                  وأما إذا ما نظرت إلى المجتمع فتجد أنه انقسم إلى طائفتين أو أكثر، كل طائفة تكيل للأخرى التهم وتوجب الهجر لها، وكل هذا بين المنتسبين للسنة ممن لا تستطيع طائفة أن تقدح في عقيدة الطائفة الأخرى وفي سلامة منهجها قبل أن ينشأ هذا الخلاف. وهذا مرجعه إما إلى الجهل المفرط بالسنة وقواعد الإنكار عند أهل السنة، أو إلى الهوى، نسأل الله العافية والسلامة.

                  تعليق


                  • #10
                    تابع

                    تاسعًا : علماء أهل السنة الذين عُرفوا بسلامة الاعتقاد والاجتهاد في نصرة السنة، ينبغي أن يحفظ مقامهم ويعرف لهم قدرهم، ولا يجوز تنقصهم أو تبديعهم أو اتهامهم بهوى أو عصبية بمجرد خطئهم في الاجتهاد.
                    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ولا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأئمة وإن كان ذلك في المسائل العلمية، ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمة، وإن كان الله يغفر لمن جهل تحريم الخمر لكونه نشأ بأرض جهل مع كونه لم يطلب العلم، فالفاضل المجتهد في طلب العلم بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه إذا كان مقصوده متابعة الرسول بحسب إمكانه، هو أحق أن يتقبل الله حسناته ويثيبه على اجتهاداته ولا يؤاخذ بما أخطأ تحقيقاً لقوله: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}[البقرة:286]" اهـ [مجموع الفتاوى (20/165 )].
                    ويقول رحمه الله : "هذا قول السلف وأئمة الفتوى كأبي حنيفة والشافعي والثوري وداود بن علي وغيرهم، لا يؤثمون مجتهداً مخطئاً في المسائل الأصولية ولا في الفرعية كما ذكر ذلك عنهم ابن حزم وغيره، وقالوا: هذا هو القول المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين أنهم لا يكفرون ولا يفسقون ولا يؤثمون أحداً من المجتهدين المخطئين لا في مسألة عملية ولا علمية، قالوا: والفرق بين مسائل الفروع والأصول إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام والمعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم " اهـ [مجموع الفتاوى ( 19 /207 )].
                    وتقرير هذا لا يعني عدم مناصحة العَالِم إذا أخطأ، بل مناصحته واجبة على من علم خطأه، وهذا من البر به والإحسان إليه، لكن تكون المناصحة برفق ولين وأسلوب يتناسب مع قدره في العلم والفضل .
                    ثم إن رجع عن الخطأ وصوّبه فيقبل منه رجوعه، ولا يجوز بعد ذلك أن يتكلم فيه ولا أن يلام على خطئه ولا أن يشكك في صدق رجوعه، وإن لم يرجع عن الخطأ لتأويل أو شبهة حالت بينه وبين معرفة الحق، فينظر في الخطأ فإن كان مقتصراً عليه فقد برئت الذمة بمناصحته في نفسه، وإن كان منتشراً نُبه الناس على هذا الخطأ وحذروا منه مع حفظ مقام ذلك العالم.
                    وينبغي التنبيه هنا التنبه لحفظ أصلين عظيمين:
                    أحدهما: التجرد للحق .
                    والثاني: حفظ مقام العلماء .
                    وهذان الأصلان غير متعارضين عند أهل السنة، ولا يُفْرَّط في أحدهما على حساب الآخر.
                    فحب العلماء ومعرفة قدرهم لا يعني السكوت عن أخطائهم وعدم التنبيه عليها، والتجرد للحق والتنبيه على خطأ العالم لا يعني تنقصه والوقيعة فيه، بل يمكن الجمع بينهما عند من وفقه الله .
                    ومن عرف طريقة العلماء في التنبيه على أخطاء بعضهم دون تنقص أدرك حقيقة الأمر وشواهد ذلك كثيرة من كلام العلماء .

                    تعليق


                    • #11
                      تابع

                      عاشرًا : أهل البدع الذين خالفوا عقيدة أهل السنة ومنهجهم في الاستدلال والتعليم والتدريس والدعوة إلى الله، واتبعوا الأهواء ولم يتأسوا بعلماء أهل السنة بل يتنقصونهم ويغمزونهم ويتفضلون عليهم، هؤلاء مبتدعة ضلال ينبغي مجاهدتهم بتنبيه الناس على سوء طريقتهم وانحرافهم عن السنة، والرد على شبهاتهم، ويعاملون معاملة أهل البدع في سائر الأحوال، وهذا لا يمنع من دعوتهم للحق ومجادلتهم بالتي هي أحسن من قبل العلماء إن كان هذا مؤثراً في رجوعهم للسنة .
                      وينبغي الحذر من الخلط بين علماء أهل السنة وما ينبغي أن يعاملوا به – حتى مع وجود الخطأ – من حفظ مقامهم ومعرفة قدرهم على ما تقدم بيانه، وبين علماء أهل البدع الذين يجب مقاطعتهم ومهاجرتهم والتحذير منهم، وذلك أن خطأ علماء أهل السنة كان عن اجتهاد في طلب الحق مع سلوك الطريق الصحيح في الاستدلال، وخطأ أهل البدع ناتج عن هوى وانحراف وعدم سلوك الطريق الصحيح في الاستدلال؛ فشتان ما بين الحالين .
                      وهذا المقام هو فرقان ما بين أهل السنة وأهل البدع، وبهذا يتبين للحاذق السبب في عدم تبديع الأئمة لبعض علماء أهل السنة الذين وافقوا بعض أهل البدع في مسائل جزئية من أقوالهم.

                      تعليق


                      • #12
                        تابع

                        حادي عشر : أختم هذه النصيحة بتوجيهات لطيفة وفوائد عزيزة أرى أن في العمل بها أعظم الأجر والثواب وأرفع الدرجات عند الله، وأدعوا إخواننا للعمل بها ومراعاتها خصوصاً في هذه الأزمان التي عمت فيها الفتن وساد الهوى وفشا الجهل إلا من رحم الله وهداه .
                        1- اعلم أخا السنة أنك إن كنت صاحب سنة بحق فلن يضرك كيد أهل السماوات والأرض لك، ولن يخرجك من السنة رميهم لك بالبدعة، وإن كنت على زيغ وضلال – وأعيذك بالله أن تكون كذلك – فلن ينفعك عند الله ثناء الناس عليك ونسبتهم إياك للسنة وتمجيدهم لك بالألقاب الزائفة –، وقد علم الله من حالك ما تعرف عن نفسك، فإياك من مخادعة النفس، وبحسبك موعظة في هذا المقام وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس [أخرجه الترمذي (2516)، وأحمد (2669)] وحديث الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار يوم القيامة – أعاذني الله وإياك منها – [أخرجه مسلم (1905)] .
                        2- اعلم أن علماء السنة الراسخين إنما بلغوا ما بلغوا من الرفعة في الدين والإمامة فيه – مع توفيق الله لهم – بالصبر واليقين، قال تعالى : {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [السجدة:24].
                        وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : "بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين" اهـ .
                        واليقين: قوة في العلم مبناه على الدليل الصحيح، والفهم السليم دون ما رضيه البعض من الطلبة لأنفسهم من أن يكون حظهم من العلم تقليد عالم أو طالب علم، ودعوى أن الحق يدور معه وما فهم السنة أحد غيره.
                        والصبر: جلد على طلب العلم مع العمل به وشغل لساعات الليل والنهار في ذلك، خلافاً لمن ضعفت عزائمهم عن ذلك وأخلد للراحة وأسلم نفسه لشهواتها فلا همة في الطلب ولا امتثال للعمل .
                        3- اعلم أن التكفير والتبديع والتفسيق حق لله؛ فاحذر من أن تكفر أو تبدع أو تفسق من لا يستحق ذلك وإن كفَّرك أو بدَّعك أو فسَّقك، فإن أهل السنة لا يقابلون ظلم المخالف لهم بالظلم، وإنما هذا من سيما أهل البدع.
                        يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " والخوارج تكفر أهل الجماعة وكذلك المعتزلة يكفرون من خالفهم وكذلك الرافضة ومن لم يكفر فسّق ... وأهل السنة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يكفرون من خالفهم فيه، بل هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق " [منهاج السنة(5 / 158 )].
                        4- لا تهجر من هجرك من إخوانك إن لم يكن هجره مشروعاً، بل بادره بالسلام وتألَّفه وأزل عنه الشبهة التي هجرك من أجلها، فإن أعرض بعد ذلك فلا تعتقد هجره بقلبك ولا تشغل نفسك بملاحقته، وأنت بريء من إثم القطيعة وهو المؤاخذ بذلك .
                        5- ذم الناس لك إما بتنقصك في نفسك وإما بنسبة الباطل لك بقول يخالف قول أهل السنة، فما تنقصْتَ به في نفسك كقول المخالف: ضال جاهل لا يفقه، فلا تنتصر لنفسك وإلا وقعت في تزكية نفسك وفي ذلك الهلاك البين، وقد ذم رجل أحد أئمة السلف بكلمة فقال له: ما أبعدت.
                        وقد كان أهل البدع يصفون علماء أهل السنة بالعظائم في أنفسهم وما كانوا يبالون بذلك وإنما كانوا يردون عليهم فيما أخطئوا فيه من الدين وينصحون للأمة؛ فلنا أسوة حسنة فيهم .
                        وأما إن نسب لك المخالف شيئاً من الأقوال الباطلة كأن يقول: يقول فلان كذا وكذا وينسب لك ما لم تقله، فانف هذا عن نفسك حتى لا ينسب لك الباطل، وما زال العلماء ينبهون على ما ينسب إليهم من أقوال لم يقولوها، وليس هذا من تزكية النفس في شيء بل هو من النصح للأمة، ففرق بين هذه الصورة والتي قبلها، فتمسك بهدي العلماء في ذلك ولا تكن كبعض الجاهلين الذين إذا تكلم فيهم بكلمة ملأ الدنيا ثناءً وتمجيداً لنفسه نعوذ بالله من الخذلان.
                        وأخيراً :
                        6- اعلم أن الناس يعظمون فيما هم فيه من عمل فإن كنت على السنة فأنت في كل يوم تعظم فيها ولن تمر الأيام حتى تكون إماماً فيها، قال تعالى : {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون }[ السجدة 24 ] وإن كنت على البدعة فأنت في كل يوم تعظم فيها ولن تمر الأيام حتى تكون إماماً فيها، قال تعالى : { قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مداً }[ مريم 75 ].
                        وقال عن فرعون وقومه بعد أن وصفهم بالاستكبار بغير الحق : {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار } [القصص 41 ] .
                        فاختر لنفسك من العمل اليوم ما تحب أن تكون فيه إمام في الغد .
                        هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد .

                        تعليق


                        • #13
                          أرجو من الإخوة السلفيين أن يعتنوا بها كثيرا وأن يجتهدوا في نشرها،، فإننا جميعا في أحوج ما يمكن لمثل هذه الرسائل التي تعلمنا الحكمة لننشر الحق ولا ننفِّر منه،،
                          أسأل الله أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر،، وأن يؤتينا الحكمة التي من اوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا،،وأن لا يجعل للهوى إلى قلوبنا سبيلا،،

                          تعليق

                          يعمل...
                          X