إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

[تحفة طالب العلم] فوائد منتخبة من أشرطة الشيخ صالح آل الشيخ في طلب العلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [تحفة طالب العلم] فوائد منتخبة من أشرطة الشيخ صالح آل الشيخ في طلب العلم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُهُ ونَستَعينُه ونستَغْفِرُه، ونَعوذُ بِالله مِن شُرورِ أنفُسِنا، وسَيِّئاتِ أعْمَالِنا، من يهدهِ الله فَلا مُضِلَّ لَه، ومَن يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَه.
    وأَشْهَدُ أنْ لا إله إلا الله -وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَه-.
    وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَرَسولُه.
    أمَّـا بعـدُ:
    هذه سلسلة "تحفة طالب العلم" وهي عبارة عن فوائد انتخبتها من الأشرطة المفرغة للعلامة صالح آل الشيخ الخاصة بطلب العلم سائلا الله عزوجل الإخلاص في القول والعمل.

    أبو جهاد سمير الجزائري

    أدب السؤال

    موضوعنا عن أدب السّؤال الذي هو سؤال أهل العلم والحاجة ماسّة إلى معرفة آداب سؤال أهل العلم، ما طريقة سؤالهم؟ وعمّا يُسألون؟ وكيف يكون السؤال؟ وكيف تتلقى الإجابة؟ وما ينبغي للمسلم من توقير أهل العلم وعدم الإلحاح عليهم بالمسائل ونحو ذلك من الآداب.

    • وجد كثير من الأسئلة قد خرجت عما ينبغي من مراعاته من توقير أهل العلم وعدم الإخلال بحقهم فتجد أن من الناس من يخوض في سؤاله أهل العلم أمورا لا ينبغي أن يخوض فيها وأصل كثرة السؤال وكثرة المسائل قد جاء النهي عنها فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا ما استطعتم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم)) قال: أهل العلم قوله كثرة مسائلهم يعني عما لم يقع وعما لم يأت بيانه في الكتاب المنزل.

    • قال ابن عباس رضي الله عنهما ما رأيت قوما خيرا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض كلها في القرآن وقد قال جلّ وعلا: {ويسألونك عن المحيض} {وإذا سألك عبادي عني} إلى آخر هذه المسائل مجموع ما سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم منه مقربون إنما هي ثلاث عشرة مسألة وكلها في القرآن.

    • كان الصحابة من توقيرهم للنبي صلى الله عليه وسلم ومن كراهتهم لكثرة المسائل يحبون أن يأتي الرجل من البادية ومن خارج المدينة حتى يسأل النبي صلى الله عليه وسلم فيستفيدوا من السؤال ومن الجواب وقد جاء أيضا في الحديث الصحيح: ((إنّ الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال)) وقد قال أيضا الحجاج بن عامر الثمالي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم وكثرة السؤال...)) فالأحاديث دالة على أن كثرة الأسئلة لأهل العلم إنما ذلك داخل في المكروه إلا ما يحتاج إليه العبد.

    • يجب على السائل أنْ يراعي آدابا وأن يراعي أشياء منها:
    1. والملاحظ أنّ من السائلين (المستفتين) مَنْ إذا طرأت على باله مسألة أو واجهته مشكلة فإنه يأتي أهل العلم ويسألهم مباشرة (دون أن يستحضر ويستعد لتفاصيل هذه المسألة) أو مباشرة يرفع الهاتف ويسأل العالم عما عرض له (دون أن يستحضر ما اتّصل بهذه المسألة) فإذا استوضح المسئول أو العالم وسأله عن بعض التفاصيل قال والله ما أعلم هذا فلان أوصاني أن أسأل له هذا كذا.
    2. اعلم أنّ الذي يسأل أهل العلم في اليوم عشرات الناس يسألون في كل وقت فلابدّ من رعاية الحال والتأدبّ معهم في اختصار المسألة وتقبل الجواب بحسب ما أورد فإذا كانت المسألة واضحة كان الجواب واضحا و اعلم أنّ الذي يسأل أهل العلم في اليوم عشرات الناس يسألون في كل وقت فلابدّ من رعاية الحال والتأدبّ معهم .
    3. من الآداب التي ينبغي مراعاتها في السؤال أن لا يسأل السائل أهل العلم عن شيء يعرف جوابه فالعالم أو المعلم ليست وظيفته المناظرة ولم يفتح لك المجال لتناظره إلا إذا افصحت له بأنك تريد أن تبحث معه هذه المسألة فإذا أذن لك بالبحث فإنه عند ذاك تخرج المسألة من كونها استفتاء وسؤال وجواب إلى مسألة بحث واستفصال.
    4. لا تسأل أكثر من عالم بحثا عن جواب تهواه نفسك
    5. قال أهل العلم ينبغي للمستفتي أن يسأل من يثق بعلمه ودينه فإذا وثقت بعلمه فإنك تسأله ولا تسأل غيره لأنك إذا سألت غيره فإنه قد يكون عنده من الجواب غير ما يكون عند الأول فتقع أنت في حيرة.
    6. لك أن تسأل عالما آخرا فيما إذا كان جوابه مشكل من جهة الدليل.
    7. سؤال أهل العلم ليس فيه عيب بل هو شرف ويدل على حرص السائل على الخير ورغبته في إبراء ذمته ويكون متخففا من التبعة حين يلقى ربه جلّ وعلا.
    8. لا تسأل أهل العلم بإلغاز سل عما وقع بوضوح ولا حرج في ذلك فقد سألت بعض الصحابيات النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة إذا احتلمت ماذا يكون حكمها؟ والحياء لا يكون في السؤال لأنّ الحياء محمود لكن فيما إذا كان الحياء يبعدك عن معرفة حكم في الدين فإن ذلك غير محمود كما جاء في الحديث.
    9. كثيرامن الإشكالات التي حصلت في تضارب أقوال بعض أهل العلم في بعض المسائل إما الفقهية أو المسائل الواقعة أو الاجتماعية ونحو ذلك إنما جاء من جهة من يسأل بسؤال ملغز معمى أو يكون المراد وراءه وليس في ظاهره وهذا لا ينبغي لأنّ الله جلّ وعلا أمرنا بأمر واضح فتعدى هذا الأمر تعدى لما ينبغي من الأدب في السؤال.
    10. الأصل أن لا يسأل المرء إلا فيما يخصه لأنّ الجواب يختلف بحسب السائل وبحسب عرض السؤال والناقل ليس دائما ينقل الصورة على حقيقتها وكثيرا ما يحصل من الأجوبة ما ليس فيه دقة بسبب عرض السائل.
    11. من الآداب المرعية في السائل أنه إذا سأل أهل العلم في الهاتف أو في غير الهاتف فلا يسجل الجواب مكتوبا أو على جهاز التسجيل إلا بإذن العالم.
    12. أمرنا بتوقير أهل العلم ومن توقيرهم أن لا تفتئت عليهم بتسجيل أو كتابة وتنشر إلا بعد اقراره حتى ما تسمعه منه في درس (في شرح مسائل) لابد من تعرضه عليه فيقر أن ينشر أو يصور أو ينسخ أو يسجل ...
    13. العالم حين يتكلم إلى الحاضرين يرعى حال الذين أمامه (عدد قليل محدودون محصورون) لكن لو استحضر أنه سينشر على الناس فيطلع عليه فئات من الناس وبعقول مختلفة لكان جوابه يختلف عن الجواب الأول.
    14. من الآداب المتعلقة بالسائل أن لا يسأل السائل عن أشياء لا يفهمها إلا الخاصة ويثير السؤال أمام العامة وقد قال علي رضي الله عنه: ((حدّثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله)) وقد بوب البخاري في (كتاب العلم) من صحيحه بقوله: ((باب من خص بالعلم قوما دون آخرين كراهية أن يقصر فهمهم عنه فيقعوا في أشد منه)) مثل الكلام على بعض أحاديث الصفات التي قد لا يفهمها البعض مثلا الكلام على بعض الآراء في مواقف يوم القيامة والاختلاف فيها ونحو ذلك والكلام على بعض دقائق المسائل في الفقه واختلاف أهل العلم فيها هذا يقول كذا وهذا يقول كذا العامة إنما يحتاجون قولا واحدا بدليله يمشون عليه ولكن السؤال الخاص إنما يكون لأجل هذا السائل.
    15. الأدب الذي كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم أنهم إذا سمعوا شيئا يستشكل عليهم فإنهم يراجعون حتى يفهموا حتى لا ينقلوا للناس نقلا خاطئا أو حتى لا يعمل بشيئ غير واضح.
    16. من الآداب التي ينبغي على السائل مراعاتها أن يكون لبقا مع أهل العلم متأدبا معهم وأن يكون لأهل العلم هيبة في سيرهم وتوقيرا في قلبه فإنك إذا زدت في احترام العالم وشعر بذلك منك فإنه يزيدك من العلم والجواب.
    17. ينبغي أن تراعي حال العالم حيث تسأله فتقول له هل هذا وقت مناسب للسؤال أو أرجئ السؤال إلى وقت آخر فإذا قال: أرجئه إلى وقت آخر فيكون هذا زيادة في أدبك وأجر لك وتكون قد راعيت وتأدبت.
    18. وكان ابن عباس ربما توسد بردته في يوم حار عند باب أحد الأنصار ليستفيد منه علما فيأتي فيطرق الباب فيقولون قائل (يعني نائم) فيتوسد البردة وتسفي الريح التراب عليه تذللا في العلم واحتراما لأهل العلم فإذا رآه على هذه الحال انشرح صدر المسئول أن يجيبه عما أراد وعظم في نفسه ولهذا قال كلمته المشهورة: ((ذللت طالبا فعززت مطلوبا)).
    19. العلماء يختلفون بعضهم يكون سهل الجواب وبعضهم يكون صعبه وهذا راجع إلى طبيعتهم الطبيعة التي جعلها الله عليه فإذن السائل ينبغي له أن يلتمس العذر وأن يتأدب وأن يوقر العالم ويستفيد من علمه بقدر ما يحبه العالم وأن لا يقصيه في أموره.
    20. من الأدب المهم أن لا يحرج السائل العالم أو طالب العلم مثال ذلك جاءني في أحد المحاضرات سؤال يقول أسألك بالله وبوجهه وأقسم عليك أن تجيب على هذا السؤال وهذا من عدم رعاية الأدب وعدم احترام أهل العلم وطلبة العلم لأنّك تريد أنت الإجابة لغرض في نفسك (ومثل هذا الذي يكون معه إقسام وسؤال بالله غالبا بل الأكثر والجلّ لا يكون هو الذي يريد أن ينتفع لنفسه).
    21. الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إمام هذه الدعوة عجّل الله له المثوبة ورفع درجته في الجنة أفتى في بعض المسائل في مسألة معروفة في الطلاق مرة واحدة فقط مدونة موجودة وفي بقيتها يفتي على غير هذه الفتوى في تلك المرة هل نأخذها ونجعلها قاعدة لا لأنه رأى من حال السائل وحال السؤال ما يجعله يفتي بتلك الفتوى.
    22. إذا كان السؤال شخصي هذا له حال وإذا كان السؤال ستنشره وسيبني عليه عمل أناس كثير هذا ينبغي أن توضحه للعالم حتى يتحرى في جوابه الأنفع للأمة .
    23. ولهذا ينبغي أن نفرق (رعاية للأدب وإبراء للذمة) بين أحوال السؤال سؤال المسجد بعد محاضرة له حال سؤال المسجد بعد الإمامة له حال سؤال بعد درس من الدروس في مجلس من مجالس العلم في الفقه أو في التوحيد له حال في الإجابة والاستفصال والرد إلى آخره سؤال الجامعة سؤال الهاتف له حال.
    24. بعض المشايخ يعتذر عن بعض الندوات ويعتذر عن بعض المحاضرات لمَ؟ لأنّه يخشى أن تأتي أسئلة لا يناسب الجواب عليها أمام العامة مثل ما ذكرنا السلف ما أجابوا على كل سؤال في كل مقام وإنما يختلف الجواب بحسب اختلاف الحال يفصل في موضع لا يفصل في موضع يمتنع عن الجواب في موضع... إلخ.
    [CENTER][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=red][B]أموت ويبقى كل ماقد كتبته... فياليت من يقرأ مقالي دعا ليا[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
    [CENTER]
    [FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=red][B] لعل إلهي أن يمن بلطفه … ويرحم َ تقصيري وسوء فعاليا[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]

  • #2
    تحفة طالب العلم
    - 2 -

    أسباب الثبات على العلم:


    وسبب الانقطاع عن العلم يرجع إلى أسباب من تلك الأسباب:
    1- أنّه لم يعي حقيقة معنى العلم ولماذا يطلب العلم.
    2- أنّه ربما كانت النية في أصلها ضعيفة لأنه بقوة النية في طلب العلم يكون الاستمرار والحرص عليه.
    3- أن يكون المرء متعجلا يريد أن يكون طالب علم أو أن يكون عالما محصلا عارفا بأكثر المسائل في سنوات قليلة هذا لا يحصل أبدا بل العلم طريقه طويل

    4-ان لا تكون صلتهم بالعلم وأهل العلم مستمرة بل عهدهم بالعلم وأهل العلم في الدروس فقط وما عدا ذلك فهم يصاحبون الناس من أصناف شتى فلا تكون النفس دائما متحركة بالعلم و هذا يحتاج إلى جهاد وقد قال جلّ وعلا {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإنّ الله لمع المحسنين} فالجهل هو ضد العلم والجهل داء كما قال ابن القيم داء قاتل يقتل صاحبه من حيث لا يشعر.
    5- لا يمكن أن تكون حريصا على العلم ومصيبا في ذلك إلا أن تستضيء بفهم أهل العلم لأن العلم في هذه الأمة موروث ليس علما مستأنفا مبتدأ في كل زمن يبتدئ الناس منه ويستأنفون علما جديدا لم يكن معروفا في من قبلهم بل علمنا في هذه الأمة علم موروث ولهذا قال عليه الصلاة والسلام ((العلماء ورثة الأنبياء فإنّ الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) لهذا!تنتبه إلى هذا الأصل العظيم ألا وهو الحرص على العلم ولكن ينبغي أن يكون طبيبك في ذلك الحرص -(في تلقي النصوص)- طبيبك العالم الرباني فإن لم يكن ربانيا كان عالما ذا هوى فهم له مقاصد له أغراض أيضا أصابك شيء من عدم فهم نصوص الكتاب والسنة وأصابك شيء من الجهل بقدر ما فاتك من ذلك.
    6- تذكر قول ابن شهاب الزهري رحمه الله حيث نصح المتعجلين فقال: ((من رام العلم جملة ذهب عنه جملة)) فإنما يطلب العلم على مرِّ الأيام والليالي قليلا قليلا ولو أنّك لم تكسب كلّ يومين إلا مسألة تضبطها تكون ثابتة واضحة بدليلها فبعد سنة ستحصل قريبا من مائة وثمانين مسألة وبعد سنتين ثلاثمائة وستين مسألة واضحة بعد عشر سنين ألف وستمائة مسألة أحسب بعد ثلاثين سنة يكون الواحد عالم راسخ في العلم تكون المسائل واضحة مبسوطة عنده بوضوح وفهم غير ملتبسة هذا إذا كان في كل يومين مسألة فكيف يكون لو كان في كل يوم مسألة لو كان في كل يوم مسألتين، خذ ما تحصل من العلم ولكن يحتاج منك إلى مواصلة.
    من أسباب الثبات على العلم:
    1- أن تكون مخلصا القصد فيه لأنه عبادة و العبادة يلزم فيها الإخلاص كيف يكون اِلإخلاص في العلم؟ ما النية في العلم؟ كل عبادة يخلص فيها طالب العلم إذا أراد بها الله جلّ وعلا وعدم إرادته الرياء والسمعة ولا المكابرة ولا المجاهرة في الناس بالكلام ولا التقدم والتصدر أن يريد بالعلم نفي الجهل ورفع الجهل عن نفسه قيل للإمام أحمد كيف النية في العلم؟ قال ينوي رفع الجهل عن نفسه فهذه النية إذا أتت إليك واستقرّت فهي مباركة لأنك دائما تحس أنك جاهل لا أحد ينقطع من العلم حتى من عمّر مائة عام أو أكثر دائما يحس أنه ضعيف جاهل يأتيه الصغير فيعلمه شيئا لم يعلمه من قبل وهو أصغر منه يقول والله اطلعت على هذه المسألة وفوق كل ذي علم عليم يفرح بها (تجد أن صاحب النية الصحيحة إذا أرشده من هو أصغر منه أفرح ما يكون) لماذا؟ لأنّه حصل علما يرفع به الجهل عن نفسه ومن لم تكن نيته صحيحة فإنّك تجد عنده استكبار في العلم: لا...ليس كذلك، لا يفرح بالعلم تأتيه بالعلم الواضح الصحيح لا يفرح به لماذا؟ لأنّ نيته مدخولة، النية الصالحة في العلم سبب عظيم من أسباب الثبات عليه.
    2- الصبر على المعلّم فإنّ المعلمين أو المشايخ ليسوا على درجة واحدة في التعامل مع الطلاب فيحتاج طالب العلم إلى أن يصبر، ومعلوم أنّ كلا من المعلم والمتعلم فيه عيوب أو فيه نقص أو له طبائع خاصة به لأنّهم بشر فإذا كان طالب العلم يطلب في معلّميه الكمال والسلامة من العيوب والنقص فهذا لن يحصل تجده يأتي إلى فلان وينتقده والثاني ينتقده والثالث مَنْ الكامل عنده؟ وهذا يغلب على الذواقين الذين يتنقلون اليوم عند فلان وغدا عند آخر لمَ؟ لأنّه لم يعجبه حتى إنّ بعضهم حضر عددا من الدروس المختلفة سأله أحد العلماء عما أخذ من العلم فقال: حضرت عند فلان فذكر كذا وكذا هذاوالثاني قال كذا والثالث لم يفصل جيدا والرابع أخطأ الحديث و...أخذ يعد ويعد فقال له بئس الرّجل أنت.
    3- من المهم في طلب العلم أن تكون متواضعا مع المعلمين وهذا سبب من أسباب مباركة الله جلّ وعلا في علمك لأن التواضع للمعلم سبب للاستقرار وعدم التواضع للمعلم سبب للانقطاع هذا مأخوذ من قصة موسى عليه السلام مع الخضر موسى عليه السلام ما صبر والخضر عنده علم عجيب علم من الله جلّ وعلا فموسى رأى الأول (أمر السّفينة) فاعترض مع أنّه عاهده أن لا يعترض والمسألة الثانية الغلام الذي قتله الخضر اعترض موسى عليه السلام قال {أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا} ثم الجدار فأخبره أنه لم يستطع معه صبرار قال {هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تسطع عليه صبرا} ماذا قال عليه الصلاة والسلام؟ قال: وددنا أنّ موسى صبر لو صبر لأخذنا علم كثير لكنه لم يصبر فحرم من علم الخضر وسبب الخلاف في الاستنكار هو الاختلاف في العلم الخضر في هذه المسائل أعلم من موسى فاستنكر موسى عليه السلام وهو كليم الله جلّ وعلا ومن أولي العزم من الرّسل كان عند غيره من العلم ما ليس عنده ما سبب الخلاف؟ سببه الاعتراض واختلاف العلم لهذا قد يكون عند بعض الطلاب اعتراض عدم فهم عدم قناعة لكن السبب في عدم القناعة اختلاف العلم.
    4- من ذلك أنّ صبر المتعلم على المعلم وعدم كثرة الاعتراض هذا يجعله يستمر ويستفيد لأنّ طالب العلم وهو يسمع إذا عوّد ذهنه أن يعترض، أن يستشكل لن يتابع الكلام يفهم أوله وآخره فأنت تستمع مثلا لأحد المشايخ وهو يتكلم فكلما أورد كلمة أتيت باعتراض إذا أورد لفظ حديث قلت في ذهنك: لا هذا ليس لفظ الحديث، الحديث له ألفاظ وروايات أنت حفظت واحدة فلعلّ المعلم عنده ثلاث أربع روايات فانشغلت بالاعتراض إذا انشغلت بالاعتراض حرمت ولكن إذا انشغلت بالفائدة فما كان من الفوائد فيها الصواب استفدت وما كان فيه غير الصواب خطأ (ذهب وحده) أو شيء صححته بينك وبين نفسك أو راجعته فيه هكذا يكون العلم، أما الاعتراضات النفسية هذه التي تطلب الكمال أو نفسية الناقد أي كلّما سمع شيئا من معلمه نقد ولو في نفسه، فتجده يحضر في نفسه أسئلة واعتراضات والمعلم يتكلم هذا لا يستفيد وهذا سبب من أسباب الانقطاع في العلم.
    5- من أسباب الانقطاع عن الطلب أن تحمل نفسك في فترة الهمة والقوة ما لا تحتمله في تلك الفترة ولكل عمل شرة كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح قال: ((إنّ لكل عمل شرة وإنّ لكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح وأنجح ومن كانت فترته إلى معصية فقد خاب وخسر)) لكل عمل شرة حتى الإقبال على العلم له شرة (عنفوان) كأنّ يقول الطالب ما أريد أحفظ بلوغ المرام بلوغ المرام هذا خفيف أريد أحفظ منتقى الأخبار فيه ستة آلاف إذا وجدت إقبالا احفظ القرآن احفظ مثلا من متون الأحاديث الأربعين النووية في شرة في فترة قوة أحفظ مثلا بلوغ المرام عمدة الأحكام بحسب ما يتيسر لك، وجدت عندك قوة احفظ كتاب التوحيد احفظ مثلا الواسطية ونحو ذلك.هذه إذا حصلتها في فترات الشرة في فترات القوة فأنت على خير عظيم والواقع أن الذين وجدوا من أنفسهم الشرة هذه والقوة والعنفوان ما استطاعوا أن يكملوا هذه الكتب إلا نوادر حتى هذه الكتب التي عند بعض الناس إنها مختصرة ما استطاعوا أن يكملوها ولهذا عليكم من العمل ما تطيقون.
    6- من اسباب الانقطاع ان تطلب شيئا بعيدا تطلب أشياء العلماء إلى الآن ما حصلوها إلا نوادر في الأمة حصلت ذلك فإذا وجدت هذا من نفسك لتكن قوتك فيما تطيق وما ينفعك وإذا تحركت رياحك فاغتنمها.
    7- من أسباب الانقطاع: عن العلم أنّ المرء لا يطالع ولا يبحث فبعض طلبة العلم يأخذ بالوصية المعروفة بالتدرج في العلم وأن يمشي شيئا فشيئا ولكن لا يبحث ولا يطالع فإذا لم يكن عنده مطالعات مثلا في التراجم مطالعات في التاريخ مطالعات في الأخبار مطالعات في اللغة لم يكن يبحث فتجد أنه يخمد بعد فترة. فإذن يحتاج طالب العلم مع التدرج إلى أن يكون له إلمام كيف يبحث؟ ويكتب ويطلع معلمه أو يطلع المشايخ على ما كتب حتى تنموعنده هذه الموهبة ولقد قال النووي في مقدمات المجموع أو في غيرها انه من أسباب ثبات العلم وتحقيقه أن يكتب المرء ما حققه.
    8- فالمقصود البحث ينمي عندك القوة العلمية ويجعلك مواصلا في الاطلاع على الكتب وفي النظر لكن لا تنشر ولا تستعجل خلها عندك لأنها جزء من بناءك العلمي.
    [CENTER][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=red][B]أموت ويبقى كل ماقد كتبته... فياليت من يقرأ مقالي دعا ليا[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
    [CENTER]
    [FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=red][B] لعل إلهي أن يمن بلطفه … ويرحم َ تقصيري وسوء فعاليا[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]

    تعليق


    • #3
      تحفة طالب العلم - 3-

      مسائل في طلب العلم

      1. طريقة طلب العلم مهمة، طلب العلم منكم من يحرص على الحضور عند المشايخ وطلاب العلم والمعلمين، فيحضر ويسمع ويكتب، أو يحرص على التسجيلات؛ لكن هذا وحده لا يكفي لابد من الدرس والمراجعة، لابد أن تدرس كأنه غدا لديك اختبار، تختبر في هذه المواد؛ لابد تدرس وتدقق في الألفاظ وفي الأدلة وتحفظ وترتب وتكتب حتى يكون عندك التلقي على أقوى ما يمكن أن تعمله، وإلا فالسماع والكتابة وحدها لا تنفع، تسمع فقط وإلا تسمع وتكتب ثم تنسى هذه الفوائد إلى بعد سنة، ترجع إليها تثقل عليك؛ لكن إذا كان لك مراجعة فيما سمعت مراجعة أسبوعية تدرس فيها الفوائد، تدرس فيها المتن أولا، وتراجع الكلمات ثم الشرح والفوائد، وتحفظ الأدلة، وتنظر كيف تعامل المعلم أو الشيخ كيف تعامل مع النصوص الشرعية، كيف تعامل مع المتن، كيف تعامل مع المسائل، كيف شرح أوضح، هذا هو بالدربة احفظ المسائل ويكون عندك قدرة ودربة على نقل هذا العلم.
      2. أن يكون ما تقيده من الفوائد عن المعلم أو عن الشيخ أو عن طالب العلم أن يكون مرتَّبا بخط واضح، البعض يكتب بخط صغير متقارب الكلمات ويحشر الصفحة، هذه لا تنشِّطه للقراءة، إذا أراد أن يراجع، فتكتب سطر وتترك سطر بخط واضح والصفحات ولله الحمد والورق كثير.
      3. أن يكون هناك تلخيص لما قرأت؛ يعني بعد أن تسمع أنت ستنتخب أحسن ما سمعت، ثم بعد ذلك اختر أيضا الفوائد مما كتبت؛ لأن بعض ما كتبت ربما يكون فيه تكرار، ربما يكون فيه زيادة ونحو ذلك. ثم تنتخب أحسن ما كتبت، الفوائد التي تراها أكثر فائدة لك وترددها وتحفظها.
      4. بعد حين يجب أن ترجع إلى ما كتبت عن الشيخ وتراجعه مرة أخرى حفظا ودراسة؛ لأن العلم يذهب بالغفلة ويبقى مع التَّرداد، فيه كتب كثيرة ومختصرات إذا قرأناها مرة ثانية وقد قرأناها عشرة وعشرين مرة تخرج لنا منها فوائد، والمرء لا يقول هذا الكتاب قرأناه هذا المتن قرأناه، لا إذا صار عند فرصة تراجع ما كتبت تراجع ما قرأت، وكلما كان الأمر أثبت كلما كان أقوى لك في المستقبل؛ لأنه كلما ثبتت عندك العلوم كلما كان التصور أسهل لديك وحفظ المعلومات الجديدة أسهل؛ لأن ما بني على صحيح فهو صحيح، وما بني على مختل فهو مختل، وما بني على غلط فهو غلط، لهذا صارت البنية الأساسية واضحة وصحيحة فيكون ذلك له أثره فيما بعده.
      5. إذا كنت تحضر عند أكثر من عالم وأكثر من طالب علم أو سمعت عددا من الأشرطة، والشروح كيف تستفيد من هذه الكتب جميعا؟ كل معلم له طريقة له طريقة في التعامل مع الفن أصلا له طريقة في التعامل مع الكتاب في شرح المسائل في تقريب العلم؛ لكن هناك قدر مشترك من المعلومات يكون عند الجميع، وهناك فوائد يتميز بها فلان عن فلان؛ لأنه وفوق كل ذي علم عليم، لابد، لابد أن يكون هذا له ما ليس عند ذاك من الفوائد، لن يتطابق الجميع على شرح واحد لهذا كيف تعمل في مثل هذه الحالة؟ تنظر إلى أكثر الشروح تفصيلا وإفادة، ثم تنشر الزوائد من الكتب التي سمعت شرحها، أو مما دونت من الفوائد تدونها على هذا حتى يكون أصلا أي تختار أحد الشروح التي هي أكثر فوائد، ثم بعد ذلك تأتي بالفوائد الزائدة وتدونها عليه.
      6. التفصيلات التي هي طول شرح للمسائل تارة تكون تابعة لأصل المسألة، فهذه احرص عليها وتارة تكون استطرادات يستغنى عنها في فهم أصل المسألة وما يتصل بها، فهذه يمكنك أن تستغني عنها في الدرس وفي المراجعة إلى آخره. فإذن الطريقة المثلى لهذا ما ذكرته لك من أن هذه التفصيلات تميزها، هل تخدم أصل الكتاب؟ هل تخدم أصل المسألة أم أنها استطرادية في مسائل لا صلة لها بأصل المسألة.مع الزمن ستجد أنك ترقّيت في العلم، تفصيلات استغنيت عنها في سنتك الثالثة في طلبك للعلم أو الرابعة؛ لكنك تجد ...... في أول السن صار واضحا بحيث تقول كيف استفدت هذه الفوائد؟ كيف أجعلها فوائد أصلا فتجد أنك تحتاج إلى تفصيلات أخر ومزيد من العلم وتدقيقات، وهكذا ينبني بناء العلم لك شيئا فشيئا.
      7. الاهتمام بالكتب التي تقرأ فيها، والطبعات،فلابد أن تنتقي الكتاب الذي تأخذ منه .
      8. فإذن العلم لا يكون إلا بالبحث؛ لكن البحث هنا لا يكون بحثا مقروءا؛ يعني تقرأ فقط، بل لابد أن تكتب؛ لأنه إذا لم تكتب فتلحظ أنه أن بحثك بعد شهرين أو ثلاثة أربعة خمسة انتهى، لا تذكر منه شيئا، لهذا إذا بحثت في ساعتين أو ثلاث أو خمس تكتب ما بحثت يبقى، وإلا فستبقى المعلومة معك لمدة أسبوع أسبوعين ثم تذهب.وهذا واقع ومجرب، لهذا أؤكد على أهمية أن تبحث وأن يكون بحثك مكتوبا تارة أو تارات، ومقروءا تارة.في تفسير آية لا تحرص أن تسأل إيش معنى الآية الفلانية؟ ابحث قبل، ثم بعد ذلك اسأل المشايخ والعلماء عن معناها.المسألة الفقهية، ما حكم كذا؟ ابحث قبل، ثم بعد ذلك سل.
      9. مرة كتب أحد القضاة إلى سماحة جدّي الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، كتب إليه يسأله عن حكم مسألة عرضت له في القضاء، فأجابه الشيخ بسطرين قال: المسألة معروفة في جميع كتب أهل العلم؛ لكنك كسلان لا تبحث والسلام.
      10. ومرة كان الشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي رحمه الله في الحج، وكان واحد جنبه يسأله ويسأله، قال العلم لا ينال بهذه الطريقة، اقرأ المسائل اقرأ العلم اقرأ الكتب بعد ذلك أشكل شيء تسأل عنه، أما كل مسألة تسأل عنها، ما حكم كذا ما حكم كذا، لو عمل كذا لو لم يعمل لا تحصّل العلم بذلك.
      11. إذن البحث مهم وبعد البحث تسأل، بعد البحث تعرض على أهل العلم ما بحثت، والله هذه طريقتي في بحث مسألة فقهية هل هي سليمة أم ليست بسليمة؟ هذا تخريج حديث أحاديث خرجتها بهذه الطريقة، مثلا تكون متأثرا بتخريج الأحاديث بمدرسة من المدارس الموجودة في تخريج الأحاديث، وتكون المدرسة عليها ملاحظات أو ليست المدرسة الصحيحة في التخريج، فإذا عرضتها على من يبحث معك أو يناقشك أو يعلمك فإنك ستستفيد.
      12. وأهل الأهواء لا يقرأ كلامهم؛ لأنه لا يؤمن على طالب العلم أن يتأثر، أو أن يجد فيما قرأ شبهة لم يردها شيخه، فتبقى الشبهة ويحتار في رده عليها إلى آخر ذلك.
      [CENTER][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=red][B]أموت ويبقى كل ماقد كتبته... فياليت من يقرأ مقالي دعا ليا[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
      [CENTER]
      [FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=red][B] لعل إلهي أن يمن بلطفه … ويرحم َ تقصيري وسوء فعاليا[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]

      تعليق


      • #4
        تحفة طالب العلم
        -4-

        طالب العلم والكتب


        1. العلم يتلقى بأحد طريقين إمَّا عن طريق المشافهة والسماع ومجالسة أهل العلم وإمَّا أن يكون عن طريق الكتب بالمطالعة والنظر والاستفادة والأوَّل هو طريق الثاني والثاني صوابه مبني على الأوَّل كما قال بعض أهل العلم ((كان العلم في صدور الرجال ثم صار في بطون الكتب وبقيت مفاتيحه بأيدي الرجال)).
        2. ذَكَرَ طائفة من الأدباء ومنهم الجاحظ في كتابه ((الحيوان)) وذكره غيرهُ أيضًا أن من أهل العلم من كان يقتني من الكتاب الواحد ثلاث نسخ برواية واحدة وربما إذا تعددت الروايات أيضًا حرصوا أكثر على إقتناء كل الروايات التي رٌوي بها الكتاب وهذا لأجل الحرص على دقة العلم ودقة تلقيه لأنَّه ربما اختلف لفظ عن لفظ أو سقطت جملة أو تحرف في موضع بان في الموضع الآخر.
        3. أهل العلم أوصوا طلاب العلم أن يحرصوا جدًّا على كتبهم بأن يكون الكتاب محفوظًا من التغيير والتبديل وأن يكون التقييد عليه له آدابه وأن يكون طالب العلم فيما يكتبه على الكتاب بعد نسخه من تعليقات ومن حواشٍ ومن فوائد ومن مطالب وأشباه ذلك أن يكون دقيقًا فيما يكتب حتَّى يتسنى له أن يستفيد مما كتب وحتَّى لا يتغير الكتاب بكتابة في أثناء الأسطر وأشباه ذلك لهذا جعل أهل العلم في كتب الرواية وكتب طلب العلم جعلوا آدابًا لطالب العلم في تعامله مع الكتاب.
        4. الكتاب لطالب العلم أشبه ما يكون بأحد أعضائه فكُتُب طالب العلم خلاياه التي يعيش بها وهي سمعه وبصره الذي لو فقده لضعف في العلم شيئًا فشيئًا وترى أن الذي يَضْعُفُ في المطالعة ويَضْعُفُ في النظر في العلم وفي القراءة تجد أنَّه يضعف قليلاً قليلاً يُنسى العلم شيئًا فشيئًا حتَّى يكون أٌمِّيًا بعد مرِّ سنين من الزمان.
        5. على طالب العلم أن يرتب كتبه حتَّى يتسنى له أن يراجع فالمقصود أن يكون الكتاب في مكانه الذي إذا احتاجه طلبه، والكتب على قسمين: كتب كبيرة وكتب رسائل صغيرة أمَّا الكتب الكبيرة فهذه سيراها في المكتبة لأنَّها كبيرة عشر مجلدات وخمسة عشر مجلد وثلاثة وأربعة فهذه ظاهرة ولكن الذي يحتاج إلى العناية به الرسائل الصغيرة التي هي مهمة وربما يكون فيها من العلم ما ليس في الكتب الكبار.
        6. الرسائل الصغيرة ينبغي أن يهتم بها في أن تكون في مكان مستقل يعني أن لا تكون ضمن البحوث أو ضمن الكتب الكبيرة وهذا النوع اعتنى به العلماء حيث وضعوا له ما أسموه بالمجاميع ترون في فهارس المخطوطات ما يسمَّى مجموع، المجموع عبارة عن مجلد أو أكثر فيه عشر رسائل أو فيه اثنا عشرة رسالة أو أكثر من ذلك.
        7. فينبغي لطالب العلم أن يجمع هذه الرسائل الصغيرة في مجموع ويجمع النظائر في مجلد يعني يجعل الرسائل التي في آداب طلب العلم في مجلد مستقل أو الرسائل التي في مصطح الحديث الصغيرة في مجلد مستقل أو الرسائل التي في علوم التفسير أو علوم القرآن يجعلها مجموعة أو ما أشبه ذلك، كذلك الكتب والرسائل الفقهية يجعلها مستقلة.
        8. ثم يرتب هذه الرسائل الصغيرة التي قد لا يصل إليها في خضم كتبه بحسب موضوعات الفقه كذلك غيرها من العلوم في التاريخ أو في العقيدة أو ما أشبه ذلك.
        9. المطبوعات سواء منها ما طبع قديمًا أو ما طبع حديثًا لا بدَّ لك من البحث هل هذه الطبعة صحيحة وإذا أردت أن تعتني بشراء كتاب أو أن تعتني بعلم ما فلا بد أن تحصل الكتب الصحيحة المطبوعة بدقة فيه فتسأل أهل العلم أو الذين يعتنون بهذا الجانب.
        10. الملاحظ اليوم مع كثرة المطبوعات تجد أن دور النشر تطبع لغرض التجارة بطبعات لا تأمنها فلهذا ينبغي لك أن تسأل عن الطبعة التي تقتنيها أو الطبعة التي تريد شراءها فلا تشتري أي كتاب طرح أمامك بل تسأل عنه وتعرف دار النشر التي أصدرته وإذا كان اعتنى به أحد المحققين تسأل هل هذا المحقق دقيق أو غير دقيق هل هو تجاري أو غير تجاري.
        11. لا يليق بالكتب خاصة كتب أهل العلم التي فيها بيان معاني الكتاب والسنة أن تكون عليها الأتربة أو أن تكون متسخة، تنظيف الكتب هذا دليل توقير ما اشتملت عليه وتعظيم شعائر الله وقد قال جلَّ وعلا {ومن يعظم شعائر الله فإنَّها من تقوى القلوب}.
        12. قال بعض العلماء: ((لا تجعل كتابك بوقًا ولا صندوقًا هذا من الأدب المهم مع الكتاب أن لا تجعله صندوقًا يعني أن تجعل فيه الأقلام وتجعله مستودعًا للفلوس.
        13. كذلك لا تجعله بوقًا يعني لا تلف الكتاب لفًا لا يليق به فمثلاً تجد أن بعضهم يلف الكتاب ويأخذه ويجعله كأنَّه بوقًاله هذا لا يليق لأنَّ الكتاب فيه كلام الله جلَّ وعلا وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
        14. كذلك لا يليق أن تضع عليه كأس ماء أو شاي أو ما أشبه ذلك كتب أهل العلم التي فيها نصوص الكتاب والسنة تجعل أعلى ما تجعل أسفل.
        15. مما يتعلق بحفظ الكتاب أن ينتبه طالب العلم في طريقة الكتابة عن الكتب أحيانًا نرى بعض الكتب يعلق عليها حواشي بحيث أنَّه تضيع فائدتها وقد نهى العلماء، فيما سبق عن الخط الصغير على الكتب .
        16. يُذكرأن الإمام أحمد مرة كتب أحاديث بخط دقيق فلما احتاج لها في كِبَرِهِ لم يحسن أن يستخرج تلك الفوائد لأنَّها كانت بخط صغير وتقارب الحبر مع بعضه حتَّى فاتت الفائدة فبعض العلماء لا يكون خطه حسنًا أو بعض طلاب العلم لا يكون خطه حسنًا هذا ليس بعيب لكن أن يرتب الكتابة بحيث تكون بخط واضح.
        17. نبه علماء الحديث في آداب الكتابة أن طالب العلم إذا أراد أن يكتب فيبتدئ في الكتابة من السطر الذي فيه أو عليه التعليق ثم يرتفع إلى أعلى ولا ينزل إلى أسفل.
        18. حبذا لو راجعتم كتب المصطلح فقد بَيَّنوا كيف تكتب وتحشي على الكتب في ضوابط لهم وتفصيلات سواء كانت في التضبيب أو بيان الكلمة والتصحيح عليها أو كانت حاشية أو بيان نسخة أو كيف تكتب صحة العبارة أو ما أشبه ذلك فنحيلكم على كتب المصطلح لأنهم كتبوا في هذا وأوفوا المقام.
        19. من آداب الكتب أيضًا التي ينبغي العنايةٌ بها أن يكون طالب العلم له فوائد ينتخبها من الكتاب يعني أنَّه إذا قرأ كتابًا لا يثق بحافظته وذاكرته ولو كان شابًا بل فوائد هذا الكتاب ينتخبها في دفتر خاص عنده أو يشير إليها في ديباجة الكتاب في ورقة في أوله بأن يضع شبيهًا بالفهرس.
        20. أخذت كتاب ((الفضل المبين في شرح الأربعين)) لجمال الدين القاسمي، من مكانه في المكتبة وقد كنت قرأته منذ نحو عشر سنوات، فلما نظرت في أوَّله فإذا بي قد ذكرت الفوائد التي فيه، وهي فوائد كثيرة فبدل أن أقرأ الكتاب مرة أخرى فإذا هذه فائدة وهذه فائدة وهذه فائدة ومن الفوائد التي كانت فيه مثلاً الفرق مابين العالم والعارف ولِمَ عدل الصوفية عن العالم إلى العارف؟ لماذا يقولون العارف فلان ما يقولون العالم هذه من الفوائذ ومن الفوائد أيضًا نقلٌ كان جيدًا ومتينًا عن ابن حزم في ((الفِصَل)) في معنى قضى وقدَّر وقال في آخره جمال الدين القاسمي: ((وهذا ألطف ما قيل في معنى قضى وقدَّر)) أو ((القضاء والقدر)) وأحقه بالقبول.
        21. قيل : العلم صيد و الكتابة قيده فقيد صيودك بالحبال الواثقة فمن الحماقة أن تصيد غزالة و تتركها بين الخلائق طالقة
        22. أدب الإعارة: الإعارة للكتب منهي عنها إلاَّ لمُؤْتَمَنٍ عليها لأنَّ كتابك أنت أولى الناس به إلاَّ إذا وجدت من هو حريص على الكتب وإذا استفاد منها أرجعها وذُكر في ترجمة الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى أنَّ رجلاً طلب منه أن يعيره كتابًا فقال: ((لك ثلاثة أيَّام فقال قد لا تكفي قال قد عددتُ أوراقه فإن احتجت إلى نسخه فالثلاثة كافية وإن احتجت إلى قراءته فالثلاثة كافية وإن كنت تريد أن تستكثر به فأنا أولى بكتابي)).
        23. وهذا صحيح فالجزء الأول من كتاب كبير من ثمانية مجلدات عندي -ما أريد أن أذكره ربما يسمعه هذا فيظن أنَّه تعريض به- استعاره أحد الإخوة وإلى الآن من اثني عشرة سنة ما وصلني وهو يقول ما أدري أين ذهب وأيضًا الجزء الثامن من كتاب آخر قد لا آسف عليه كثيرًا له أكثر من عشرين سنة إلى الآن ما رجع ولذلك قال القائل: لا تعيرنَّ كتابًا واجعل العُذْر جوابًا من أعارنَّ كتابًا فلعمري ما أصابا
        24. وقال آخر: ((آفة الكتب إعارتها)).
        25. وقيل لرجل في الهند كوَّن مكتبة عظيمة: كيف كونت هذه المكتبة؟ قال: من استعارة الكتب قال كيف؟ قال استعير كتابًا فلا أرده فتكونت هذه المكتبة، فقيل له أليس هذا جناية على من استعرت منهم، قال من أعار الكتاب فهو مجنون ومن ردَّ من استعار فهو أكثر جنونًا منه.
        26. فإذا لم تعلم أنَّ هذا الذي طلب الإعارة جادٌ وسيستفيد منه في أيَّام يسيرة فلا تعره الكتاب لأنَّ في إعارته حرمانك من الإستفادة وليس كل مستعير للكتاب مأمونًا على الكتاب فكم استعار أناسٌ وما ردُّوا الكتب.
        27. من الناس من اشترى الكتاب مرتين وثلاث وأربع لأنَّه ينسى أن الكتاب عنده لقلة استعراضه لكتبه خاصة في مثل بلادنا مكتبات بعض طلاب العلم كبيرة إذا ترك الاستعراض فربما طلب الكتاب من غيره وهو عنده أو نسي ما في الكتب أو احتاج إلى موضوعه ولم يراجع فيه.
        28. من الآداب أيضًا المتعلقة بالكتب الإهتمام بكتب الوقف والكتب الموقوفة يعني التي عليها طبعٌ أنَّه وقف أو ختم بأنها موقوفة أو أشباه ذلك هذه الإحتفاظ بها في مكتبتك لا بدَّ أن يكون على شرط الواقف، والواقف حين وقفها جعل على طلبة العلم وإذا كنت لا تستفيد من الكتاب وغيرك بحاجة إليه فدفعك الكتاب إلى من يحتاجه أولى نعم قد يكون لك حاجة فيه ولو مرة في السنة تراجع فيه فهذا لا بأس لأنّ الكتاب موقوف على طلاب العلم لكن إذا كنت لا تراجعه تمر عليك سنين أربع خمس سنين وأنت لا تراجعه وتعرف أن نفسك ليست ذات همَّة في مراجعة هذا الكتاب أو الكتب بعامة أو قد لا تحتاجه في المستقبل فإنَّ الاحتفاظ به مع هذه الحال خلاف الأولى.
        29. بعض أهل العلم يقول لا يجوز الاحتفاظ به بل يدفع إلى مستحقه يدفع إلى من ينتفع به لأنَّ الواقف وقفه على من ينتفع به ومن هنا كان كثيرٌ من طلاب العلم من يتنزَّه عن الاحتفاظ بالكتب الموقوفة إذا كان عنده فضل مال يمكن أن يحصِّل الكتاب ببذل ماله لأنَّه ربما يركن الكتاب ولا يستفيد منه فإذا كان موقوفًا ربما لحقه إثم بحبسه عمن ينتفع به وهذا ربما ظهر أكثر في البلاد التي يكون الكتاب فيها شحيحًا.
        30. من الآداب أيضًا المتعلقة بالكتاب أن تهتم في الكتاب بتجليده وبطانته وظهارته حتَّى يكون الكتاب بالوضع اللائق به.
        31. كلما اعتني بالكتاب من جهة جلده والمحافظة عليه بقي أكثر في المستقبل و كان ذلك أكثر في الأجر والثواب ومن عجائب التفريط في الكتب ما ذكره القِفْطِي صاحب كتاب ((إنباء الرُّوَاة)) في قصته مع كتاب ((الأنساب)) للسمعاني وكان حريصًا على الكتب جدًا فجمع مكتبة من أنفس ما جمع قال عُرض عليَّ كتاب الأنساب للسمعاني بخط مصنفه الأجزاء الثاني والثالث والرابع، والأول مفقود بخط مؤلفه السمعاني وبين القفطي والسمعاني نحو مائتين وخمسين عامًا أو قريبًا منها فاشترى هذه الثلاثة قال اشتريتها فلما مضى مدَّة من الزمن وهو يسأل عن الكتاب عن الجزء الأول ويسأل فَظَنَّ أنَّه فقد وانتهى وبخط مصنفه عُرْضَةٌ إلى أنّه أُعير ففقد أو أنَّه ضاع أو الخ قال فمرَّةً جاءني خادمي بصرة من بُقُول يعني الخضروات هذه وقد لفت بورق كتاب قال فأخذت الورقة قبل البقول -لأن مالها قيمة عنده بالنسبة لهذه الورقة- يقول فلما نظرت إليها فإذا هو خط السمعاني الذي أعرف فأتيته بنسخة الأنساب فإذا هذا الورق من الجزء الأول المفقود قال فذهبت سريعًا إلى الذي يبيع البقول فوجدت عنده بعض أوراق بقيت من هذا فقلت له أين بقية هذه الأوراق قال لففنا بها البقول فتفرقت في البيوت فقال: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون مأساةٌ مصائب قوم عند قوم فوائد هذا يأسى على فقده وذاك فَرِح لأنه وجد هذه الأوراق التي لا قيمة لها بخط الحافظ السمعاني يلف بها البقول ويعطيها الناس قال فأقمت مناحة أو قيل فأقام مناحة شهرًا من الزمان على العلم وأهله وعلى كتاب ((كتاب الأنساب)) للسمعاني .
        [CENTER][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=red][B]أموت ويبقى كل ماقد كتبته... فياليت من يقرأ مقالي دعا ليا[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
        [CENTER]
        [FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=red][B] لعل إلهي أن يمن بلطفه … ويرحم َ تقصيري وسوء فعاليا[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]

        تعليق


        • #5
          تحفة طالب العلم
          -5-
          المنهجية في طلب العلم
          1. طالب العلم لابد أن يسلك في طلبه منهجا واضحا محددا إذا لم يسلكه تخلف عن الطريق ونريد من طالب العلم المقبل أن يتحلّى بخصلتين: الأولى: أن يكون سائرا على منهج الطلب الذي سار عليه من قبلنا من أهل العلم وصاروا علماء بعد مسيرهم ذلك السير. الثاني: أن يوطن نفسه على أن يكون باذلا للعلم وقته وأن لا يمل مهما كان.
          2. روى الخطيب البغدادي في كتابه الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: أنّ أحد طلبة الحديث رام طلبه ورغب فيه وحضر عند الأشياخ وجلس مجالسهم ثم لما مرّ عليه الزمن رأى أنّه لم يستفد شيئا ولم يحصل كبير علم فقال: إنّني لا يناسبني هذا العلم وترك العلم لظنّه أنّ عنده في فهمه ركودة أو أنّه لا يصلح لطلب العلم؛ قال: فلما كان ذات يوم -أي بعد أن ترك بمدة- مرّ على صخرة يقطر عليها ماءٌ قطرة تلو قطرة وقد أثر ذلك الماء في تلك الصخرة فحفر فيها حفرة فتوقف متأملا ومعتبرا ومتدبرا فقال: هذا الماء على لطافته أثّر في هذه الصخرة على قساوتها فليس عقلي وقلبي بأقسى من الصخر وليس العلم بألطف منه من الماء، فعزم على الرجوع إلى طلب العلم فرجع ونبغ وصار ممن يشار إليهم فيه
          3. يحتاج طالب العلم إلى أن يكون عنده أخلاق ضرورية وصفات ملازمة له في مسيره لطلب العلم: أولها: أن يكون مخلصا لربّه جلّ وعلا في طلبه للعلم قصده التعبد لله بهذا وأن يتخلص من الجهالة فيعبد الله جلّ وعلا على بصيرة سئل الإمام أحمد قيل له: كيف الإخلاص في العلم؟ قال: الإخلاص فيه أن ينوي رفع الجهالة عن نفسه لأنّه لا يستوي عالم وجهول ثانيها: أن يكون رفيقا مترفقا في طلب العلم بأن لا تروم العلم جملة كما قال ذلك ابن شهاب الزهري الإمام التابعي المعروف قال: ((من رام العلم جملة ذهب عنه جملة وإنّما العلم يطلب على مرّ الأيام واللّيالي)) وقد أفصح عن هذ ا المعنى الشاعر حيث قال: اليوم علم وغدا مثلـــه من نخب العلـــم التـي تلتقــط يحصل الـمرء بها حكمة وإنّــما السيــل اجتماع النقـط ثالثا: أن يكون مواصلا في طلب العلم يجعل للعلم أعزّ أوقاته وأحلاها، لا يجعل للعلم الأوقات الميتة، الأوقات التي كلّ فيها ذهنه وضعف فيها فهمه يجعلها للعلم يجعلها للدرس هذا قد خالف وما نصح نفسه.
          4. يقول بعضهم إذا رأيت كتب طالب العلم مرتبة فأعلم أنه هاجر لها إذا أتيت على غفلة ودخلت مكتبة فلان من الناس ورأيت كتبه مرتبة، كلّ واحد في مكانه، معنى ذلك: أنه ما يطالع، الأرض ما عليها كتاب ولا بجنبه كتاب وإذا كان عنده طاولة ليس عليها كتاب، هذا معناه أنّه يأخذ الوقت الذي يفعله بعض المثقفين أصحاب المشاغل وقت قراءة، طالب العلم ما عنده وقت يسمى وقت قراءة لأنّ وقته كله في طلب العلم يصبح يمسي ذهنه مشغول بمسائل العلم في فترة شبابه الفترة الرّئيسة في عمره التي بها يُحَصِّل يكون شغفا فيها هنا تتوزع الأوقات، الأوقات الجليلة التي يقوى فيها ذهنه يختار لها العلوم التي تحتاج إلى كدّ ذهن مثل الفقه والأصول ونحو ذلك، الأوقات المتوسطة يختار لها العلوم التي لا تحتاج إلى كدّ ذهن مثل التفسير الحديث المصطلح ونحو ذلك، الأوقات التي يضعف فيها فهمه يختار لها قراءة كتب الآداب كتب الرجال تراجم الرجال التاريخ ونحو ذلك الثقافة العامة، إذن هو منشغل دائما، أينما كان، منشغل بطلب العلم لا يسليه عن طلب العلم نزهة ولا صحبة ولهذا نرى أنه من أكبر ما يعاب على بعض من يظنّ أنّه طالب علم أنّه يمضي الساعات الطوال في مجالس في قيل وقال وأحاديث لا تمت إلى العلم بصلة هذا لا يكون طالب علم وإنما يكون شيئا آخر بحسب ما أشغل به نفسه، أما طالب العلم فمشغول سلواه وهواه ورغبته في طلب العلم، المجلس الذي فيه مسائل كلام عن طلب العلم وبيان ما أنزل الله جلّ وعلا في كتابه أو قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مكان انشراح الصدر ومكان سعة الصدر أو مكان تعليم أو مكان بيان للعلم الذي أنزله الله جلّ وعلا هذا هو مكان سعة الصدر وراحته.
          إذن يجب على طالب العلم أن يكون من خصاله الملازمة له أن يكون ملازما للعلم لا يعطي العلم بعض الوقت إنما يعطيه كل الوقت أو جله في فترة شبابه الفترة التي فيها تحصيل العلم ولهذا يقول بعض من تقدم: ((اعط العلم كلّك يعطيك بعضه)) لأنّ العلم غزير مسائله كثيرة شتى ولهذا كان بعض أئمة الحديث حدث بحديث وهو على فراش الموت فقال لكاتبه أكتبه علم حصّله في هذه اللّحظة.
          هذا يدلك على إخلاصه ومتابعته وقلبه شغف بذلك الشيئ والإمام أحمد لما كان في مرضه الأخير كان ربما أنْ أصابه بعض الوجع فأن أنين فأتى بعض تلامذته فروى له بالإسناد أنّ محمد بن سيرين قول أنس بن مالك رضي الله عنه كان يكره الأنين قال: فما سمع أحمد آنّا حتى مات، هذه النفسية لطالب العلم وللعالم هي التي بها يجعل الله جلّ وعلا طالب العلم عالما في مستقبل أمره إن شاء الله تعالى نافعا يكون همه مع العلم ليلا ونهارا يستفيد ما يحتقر فائدة يأتي بها الصغير أو الكبير، بعضهم يأتيه من هو أصغر منه بفائدة فيستكبر عليه أو لا يصغي لها كل سمعه وهذا لأجل أنّه عظم نفسه على العلم فإذا عظم نفسه على العلم فإنّه لا يكون من المحصلين للعلم، بل إن العلم يكون مع الصغير ويفوت الكبير، بعض العلم يفهمه من هو أصغر ويفوت الأكبر فإذا وضحه له استفاد، وهذا يذكر له أهل العلم المثل الواضح ألا وهو قصة سليمان مع الهدهد فإنّ الهدد مع وضاعته قدرا وذاتا ومع رفعة سليمان قدرا وذاتا ومنزلة عند الله وعند الخلق قال له الهدهد {أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين} فعلمها الهدهد وجهلها سليمان عليه السلام فهذا استفاد منه أهل العلم ألا تتكبر على من أتاك بفائدة صغر أم كبر يأتيك بفائدة يستشكل استشكالا أرعه سمعك لأنه يفتح لك باب بذاته.
          هذه الخصال الثلاث مهمة جدا لطالب العلم وهناك غيرها كما ذكرت لك تطلبها من الكتب التي أُلفت في هذا الباب.
          الآن نأتي للسّؤال المهم: كيف يكون الترفق؟ كيف يكون التدرج في طلب العلم؟ أو ما هو المنهج في طلب العلم؟
          الجواب: أنّ العلوم الشرعية متنوعة مختلفة فمنها علوم أصلية ومنها علوم مساعدة يسميها بعضهم علوم الآلة ويسميها آخرون علوما صناعية.
          فالعلوم الأصلية هي علم الكتاب والسنة يعني علم التفسير علم الحديث علم الفقه، ثم علم التوحيد نخرجه من علم الكتاب والسنة لأجل عظيم منزلته لأنّ كل هذه العلوم متفرعة ومفهومه من الكتاب والسنة.
          إذن عندنا العلوم الأصلية لطالب العلم: التفسير والتوحيد والحديث والفقه.
          والعلوم المساعدة هي: أصول التفسير أو ما يسمونه بعلوم القرآن، أصول الحديث أو ما يسمى بمصطلح الحديث، أصول الفقه والنحو وعلوم اللغة.
          ثم هناك تقسيم آخر العلم منه أصول ومنه ملح، الأصول مثل هذه العلوم سابقة الذكر كلها الأصلية والمساعدة والملح كالأخبار والتراجم والغرائب والقصص والتاريخ ونحو ذلك.
          أولا: علم التفسير:
          علم التفسير تتدرج فيه بأن تبدأ بتفسير مختصر جدا، تتطلع فيه على معاني كلام الله جلّ وعلا خاصة إذا كنت حافظا للقرآن فإنه يكون من أنفع الأشياء لك أن تمر على تفسير مختصر كان العلماء يعتنون بتفسير الجلالين في الأعصر المتأخرة وهو نافع مفيد لكن تحترز في قراءته على ما فيه من التأويلات وقد صنفه الجلالان جلال الدين المحلي وجلال الدين السّيوطي، تمر فيه من أوله المفصل حيث إنّك تسمعه كثيرا في الصلاة تفهم المعاني باختصار وهو كله مجلدان صغار فإذا مررت على خمسين صفحة أخذت المفصل كاملا فهمت المعاني التي تسمعها في الصلاة فيكون معك علم واضح.
          كيف تعرف أنك فهمت التفسير حتى تنتقل إلى غيره؟
          هنا الجواب: أن تستطيع أن تفسر السّورة على نفسك مثلا تقرأ سورة والشمس وضحاها فقرأت تفسيرها في الجلالين وفهمته كيف تعلم أنك فهمته؟ تغلق التفسير وتبدأ تفسر على نفسك فإذا استطعت أن تفسر بصواب وبدون تلكؤ بوضوح في فهم الآيات عند نفسك فإنك تكون قد درجت فهمت تفسيرها ويمكن أن تنتقل بعدها إلى غيرها وهذه طريقة يأتي تفصيلها في غير التفسير هذا أولا تبدأ بتفسير الجلالين، بعد ذلك تنتقل إلى ما هو أعلى منه مثل تفسير الشيخ ابن سعدي أو مثل تفسير البغوي أو ابن كثير أو مختصراته إذا كان هناك مختصرات سالمة من المعارضات فترجع إليها تمر عليها مرورا تعرف معه المعاني تكون المعلومات التي فيها التي هي أطول من الجلالين قد أتت ذهنك بعد فهمك لما أورده الجلالان، فإذا أتت المعلومات الأكثر تكون المعلومات الأقل واضحة لأنّك استطعت أن تفسر والشمس وضحاها من ذهنك، إذا قرأت ابن كثير إذا قرأت البغوي ونحو ذلك من الكتب التي هي أكبر قليلا ستحس من نفسك أنك أدركت أكثر وهكذا مع مرور الزمن تحس أنك قد نميت فهمك لكلام الله جلّ وعلا.
          ثانيا: التوحيد.
          التوحيد قسمان:
          القسم الأول: العقيدة العامة.
          القسم الثاني: توحيد العبادة.
          يعني علم التوحيد الذي ستدرسه إن شاء الله هذا تقسيم للتوحيد من حيث هو علم العقيدة العامة ألفت فيها كتب منها: لمعة الاعتقاد، ومنها الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ومنها العقيدة الطحاوية وغير ذلك من ما ذكرت فيه مباحث الاعتقاد كاملة يعني يذكرون مباحث الاعتقاد كلها، مثل الإيمان بالله وأسمائه وصفاته وربوبيته وما يتعلق بذلك الإيمان بالملائكة الإيمان بالكتب الإيمان بالرسل الإيمان باليوم الآخر أحوال القيامة أحوال القبر البعث وما يحصل في عرصات القيامة الجنة والنار القدر وما يتعلق به ثم يذكرون تفاصيل الاعتقاد مباحث أخر مثل الكلام في الأولياء وكراماتهم مثل الكلام في الصحابة رضوان الله عليهم مثل الكلام في الإمامة وحقوقها مثل الكلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل الكلام في الأخلاق ونحوها كما ذكر شيخ الإسلام في آخر الواسطية هذه تسمى عقيدة عامة.
          عقيدة أهل السنة والجماعة هذه تأخذها بالترتيب تبدأ بكتاب مختصر تقرأه على شيخ التفسير ما يحتاج أن تقرأه على شيخ إذا أشكل عليك شيئ فسل فيه، أما التوحيد فلابد من قراءته، تأخذ مختصرا مثل لمعة الاعتقاد إن حفظتها فحسن وهو المراد وإن لم يتيسر فكررها حتى تفهم مباحثها.
          من الأغلاط التي تواجه طلاب العلم أنهم يأخذون كتابا ما استعرضوا مسائله ولا مباحثه يعني يحضر يعرف الموضع الذي يحضر فيه عند المعلم هذا غلط بل الواجب أن تعرف المباحث التي تكلم عنها الكتاب.
          لمعة الاعتقاد تمر عليها من أوله إلى آخره، تعرف ترتيبه والمسائل التي تعرض لها ونحو ذلك ثم بعد ذلك تقرأه على معلم أو شيخ.
          كتاب في أوائل الكتب لمعة الاعتقاد مسائله واضحة مختصرة إذا شرحه لك قرر عليه تقريرات كتبتها بعد ذلك أضبطه فإذا ضبطت هذا الشرح وعرفت من نفسك وأنست أنك أحكمته أو أحكمت أكثره تنتقل بعده إلى الواسطية، تأخذ أيضا الواسطية على معلم.
          ثم كيف تعلم من نفسك أنّك فهمت الباب؟
          بعض الناس يقرأ فإذا أتى يعبر عما قرأ إما أن يعبر بعبارة غير شرعية غير علمية وإما يعبر خطأ يكون فاهما أصلا خطأ من جراء قراءته لمَ لأنّه لم يختبر نفسه فأنت إذا قرأت الفصل من الواسطية مع شرحه تبدأ تدرسه مع نفسك تعبر عنه بقول مثلا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الواسطية في أولها مثلا هذا اعتقاد الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة، تبدأ تشرح الفرقة الناجية من هم؟ أهل السنة والجماعة من هم؟ حتى تعرف من نفسك أنك أدركت معاني هذا الكلام إذا أتى في أثنائه درست الكلام عن الصفات مثلا صفة العلو لله جلّ وعلا الاستواء على العرش تذكر ما تعرض له الشارح من المسائل ما تأخذها سماعا أو قراءة تقول أنا قرأت الواسطية هذا ما تحصل معه العلم لابد أن تدرس وهذا الذي يسميه أهل العلم معارضة العلم ومدارسة العلم، ومذاكرة العلم، له ثلاثة أسماء معارضة مذاكرة مدارسة، يستعمل أهل الحديث له لفظ المذاكرة يقول ذاكرته بكذا كما مرّ في بعض أخبار الإمام أحمد أنه صلى العشاء هو وأبو زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم الإمام المعروف صليا العشاء سويا ثم دخلا إلى المنزل فما فجئا إلاّ بآذان الفجر مكثا الليلة يتذاكران كيف يتذاكران؟
          هذا يذكر إسناد وذاك يذكر المتن هذا يذكر المتن ما تكلم عليه إذا كان عليه فقه أو نحو ذلك يتذاكران العلم هذا فيه تثبيت له أما أنْ تحضر عند الشيخ أو المعلم وتسمع وتذهب وعهدك به آخر ما سمعته هذا لا يحصل علما تسمع وتستفيد ومأجور إن شاء الله لكن لا تنمّي العلم ولا تؤسسه عند نفسك فإذن إذا سمعت قرأت الشرح، فهمت معنى الكلام علامة فهمك عند إغلاق الكتاب تبدأ تشرح وتوضح المسائل إذا كنت فاهما مائة في المائة فتوضح كل المسائل لن يكون في ذهنك اشتباه إذا كان فهمك ناقصا أو مضطربا أو مشوشا ستلاحظ أنك أثناء الشرح في هذه الكتب الأساسية التي هي أصول ستلاحظ أنك اضطربت، تتكلم ما تعرف كيف تعبر! اختلطت عليه المسألة مع أنّك كنت حين أمررته كنت فاهما له ولكن عند الاختبار يكرم المرء أو يهان فتنظر إلى نفسك فتعرف أنك فاهم أو لست بفاهم فإذا ما استطعت أن تشرح هذا المقطع أو تلك الجملة فمعنى ذلك أنّك تحتاج إلى إعادتها فلا تنتقل إلى ما بعدها إلا بعد إحكامها.
          سابقا طلاب العلم يحضرون عند الشيخ مثلا يدرّسهم، في الليل مدارسه لما درسوه، كل واحد يغلق الكتاب ويشرح لصاحبه والآخر يشرح له ومن الحسن في طلب العلم أن تتخذ لك صاحبا واحد لا تكثر فهذا الصاحب تراجع أنت وإياه العلم تشرح له ويشرح لك تبين له خطأ فهمه ويبين خطأ فهمك وتتساعدان في هذا.
          إذا انتهيت من الواسطية تأتي الدرجة الثالثة وبعد فهم الواسطية تماما تنتقل إلى الحموية وإن شئت تنتقل إلى شرح الطحاوية ما في حرج وإذا فهمت الواسطية تماما تستطيع أن تأتي لكتب شيخ الإسلام تمر عليها تفهمها بإذن الله تعالى لكن من العجب أن يأتي بعض منّا ويفتح الفتاوى ويقرأ منها وهو ما أحكم أصول علم الاعتقاد يجيء به نوم تعبان كليل ما عنده إلا عشرة دقائق أو ربع ساعة قال: خلّنا نقرأ في الفتاوى يفتح ويقرأ ثم بعد ذلك يجادل في بعض المسائل وهو ما فهمها أصلا وهذا كثير وواجهناه كثير، يأتي يقول قال شيخ الإسلام كذا وإذا راجعت وجدت أنّ شيخ الإسلام ما قاله، لأجل أنه أعطاه وقتا مقتطعا ليس بجيد، الثاني لأجل أنّه ما عنده أصول تلك المسألة يعني أصول تلك المسألة ليست ثابتة عنده فيكون فهمه لكلام العلماء ليس بقوي، الأعظم من ذلك أن لا يكون أحكم الواسطية أو الحموية أو لمعة الاعتقاد فنذهب إلى كتب السلف كالسنة لعبد الله بن الإمام أحمد والإيمان لا بن منده أو كالتوحيد لا بن خزيمة أو كالتوحيد لا بن منده ومثل ذلك من الكتب الكبار التي ليس المسائل فيها مؤصلة كما أصلت في كتب المتأخرين لكن إذا أصلت المسائل ثم ذهبت إلى تلك الكتب فسوف يكون استدلالك بكلام السلف على أتم وجه فستفهمه على أتم فهم إن شاء الله تعالى لأنّ الكلمة من كلام السلف سوف تكون في بالك منوطة بالمسألة التي كانت عندك أصولها في تمام الوضوح، ترتبط الكلمة واضحة عندك معناها مرادهم بها محترزاتها ما تحوى من أمثلة ذلك مثلا الكلمة التي هي في أول لمعة الاعتقاد قال صاحب اللمعة في الإيمان بالأسماء والصفات قال: بلا كيف ولا معنى؛ هل هاذي يأتيها طالب العلم إذا ما فهمها على حقيقتها فإنه إذا أتى إلى كتب السلف... ثم يحيل على علمائنا الكبار لأنّ عندهم من العلم ما ليس عند غيرهم فإن لم يكن عندك من الوقت ما يناسب أوقاتهم ونحو ذلك فلا بأس أن تلحق بغيرهم من طلبة العلم ممن هم من أساتذتنا لكن بشروطه المعتبرة.
          الثالث: الحديث.
          أول ما يبدأ طالب العلم بحفظ الأربعين النووية وربما لو سألت أكثر الحاضرين هل حفظوا الأربعين النووية يقول: لا، ما حفظوها وانتقلوا إلى دراسة الكتب الكبار مثل نيل الأوطار أو سبل السلام أو فتح الباري والأربعون النووية هي القاعدة.
          إرجعوا إلى الكتب التي ترجم فيها مؤلفوها لأهل العلم كتب التراجم انظر واقرأ ما تجد أنّهم ذكروا في ترجمة عالم أنّه قرأ كتابا كبيرا مثلا ما تجد أنّه ترجم لعالم أنّه قرأ فتح الباري أو قرأ المجموع ونحو ذلك ما تجد لكن تجد في تراجمهم أنه يقول: حفظ مثلا الأربعين النووية حفظ الملحة في النحو حفظ العمدة في الفقه حفظ عمدة الأحكام يذكرون مثل المختصرات لمَ؟
          لأمرين: الأول: ليدلك أنّ طريق العلم هو هذا لا غير.
          الثاني: ليبين مكانة هذا العالم وأنّ علمه مرسخ مؤصل لأنه ابتدأ بتلك المتون فأحكمها ودرسها على الأشياخ، ما تجد أنّ فلانا قرأ فتح الباري قرأ نيل الأوطار ما تجد، ولا يثني على العالم بذلك لأنّ هذه الكتب تعرف مسائلها التفصيلية إذا أحكمت.
          إذن في الحديث تبدأ بحفظ الأربعين النووية حفظا لا غير تحفظها وتمرُّها دائما لابد تحفظها مثل الفاتحة كل أسبوع تختمها، كل ختمة تكون واضحة عندك بعد ذلك تقرأ شرحا لها وحبذا لو يكون على شيخ أيضا وإن لم يكن فتقرأ شرحا وتضبطه وتسأل فيما أشكل عليك أحد العلماء.
          بعد حفظ الأربعين تبدأ في كلّ حديث تقرأ شرح النووي عليه، شرح النووي مختصر أكبر من النووي شرح ابن دقيق العيد، ثم يليه شروح كثيرة ولكن أكبرها شرح ابن رجب الحنبلي الحافظ المعروف، تقرأ شرح النووي فإذا قرأته على حديث إنما الأعمال بالنيات تغلق الكتاب وتبدأ تشرح الحديث وهذا ينفعك كثيرا إذا أردت أن تعظ في مسجد، لك أن تبتدأ من أيّ حديث من الأربعين النووية ثم تضبط الشرح كاف ونافع للغاية، احتيج إليك لخطبة جمعة تأتي مسجد فيه عدد من طلبة العلم كل واحد يقول للثاني: لا ما أخطب أنا يخطب الثاني، طالب العلم لابد عدته معه في كل مكان أقل العدة آيات مع إحكام تفسيرها سورة العصر وتفسيرها سورة الإخلاص وتفسيرها وغيره أو الأربعين النووية مع إحكام شرحها فلابدّ من قاعدة لك تنطلق منها وستكون بإذن الله رآيا ومشاهدا لعظم النفع بحفظ الأربعين النووية مع إحكام شرحها لأنها ضمت من السائل الشيء الكثير بعد ذلك تنتقل من الأربعين النووية إلى عمدة الأحكام في الحديث بعد ذلك إلى بلوغ المرام إذا الواحد حس من نفسه نشاط يقول أنا أبدأ بالبلوغ حفظا لا بأس وإن لم يكن فعمدة الأحكام وبعد البلوغ خلاص بركة ونعمة، لا مانع أن تقرأ في كتب السنة صحيح البخاري صحيح مسلم وفي غيرها لكن لا تقرأ فيها وأنت ما ضبطت تلك الأصول لأنّه تأتيك أحاديث ما تعرف معناها أحاديث ربما يكون المعنى فيه شيء من التعارض، المسائل الفقهية المستنبطة منها ربما تعز عليك ونحو ذلك.
          رابعا: الفقه تبتدئ بعمدة الفقه لا بن قدامة رحمه الله ومن لم يكن في هذه البلاد يبتدئ بأي متن من المتون الفقهية من أي مذهب لكن مذهب الحنابلة هو أقل المذاهب مخالفة أو أقل المذاهب مسائل مرجوحة فإنّ المسائل المرجوحة مثلا في زاد المستقنع قليلة وأكثره راجح المقصود تأخذ متن مثل عمدة الفقه تأخذه وتضبط مسائل كل باب مثلا تمر على باب المياه فتمر عليه مرة سريعة فتعرف تقسيمه في الباب، وش بدأ؟ وش انتهى؟ ما مسائله؟ ثم بعد ذلك تبدأ على معلم هذا لابد منه إذا لم يتيسر تقرأه على نفسك أو تقول والله إنّي رجل تقدمت بي الأمور يشار إليّ بالبنان مدرس صعب عليّ أن أحضر على شيخ أونحو ذلك، بل تقرأ وتسأل عما أشكل عليك.
          كيف يقرأ الفقه؟ هذا سؤال مهم كثيرون يقرؤون الفقه ولا يعرفون كيف يقرأون، الفقه ليس كالتوحيد فالتوحيد تصور مسائله سهل مسائل الصفات فيها إثبات فيها تأويل تأولوا العلو إلى كذا إلى علو القدر علو القهر تأولوا الاستواء إلى كذا تصورها واضح لكن الفقه تصوره ليس بالواضح فهم صور المسائل لئلا تشتبه بمسائل أخر سيحتاج منك درس الفقه إلى أناة، أولا تتعامل مع هذا المختصر بالسؤال والجواب كيف؟ تقول مثلا المياه ثلاثة أقسام تأتي تخاطب الشرح كم أقسام المياه تقول: أقسام المياه ثلاثة الأول: هو الطهور، ما تعريفه؟ يأتي تلاحظ أنك في هذه الأسئلة إذا مرنت يكون الجواب بعد سؤاله ما تعريفه هو الماء الباقي على أصل خلقته أو كما يقول غيره هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، إذًا سألت وهو أجاب تعاملت مع كتاب الفقه كأنه معلم تسأل أنت وهو يجيب إذا أتى احتراز أو شرط تسأل بالأسئلة المناسبة تقول مثلا إذا قال الماء الباقي على أصل خلقته تسأل تقول مطلقا وهو يجيبك يذكر لك الحالات هل خالطه ممازج أم غير ممازج ...الخ تبدأ أنت تسأل وتقسم والعلم في الفقه إنما هو بشيئين هما أولا: بالتصور ثانيا: بالتقاسيم أنفع شيء لك في الفقه التقسيم تقول هذه تنقسم إلى كذا وكذا الأشياء العارضة على الماء الباقية على أصل خلقتها قسمين ممازجة وغير ممازجة، طيب، مَثِّل للممازجة وغير الممازجة؟ كذا وكذا الشارح يمثل لك ابن قدامة في العمدة، لا تهتم في درس الفقه بالراجح بالدليل لا لأنه ما يراد منك أن تكون مفتيا أنت الآن متعلم يراد من درسك الفقه أن تتصور المسائل الفقهية وتفهم تعبير أهل العلم في الفقه مثلا: مختصر الزاد، الزاد تعرفونه صغير إنّه يحوي ثلاثين ألف مسألة كيف كل واحدة نعرفها بدليلها والراجح والمرجوح منها، نكون أمضينا وما فهمنا الزاد ولذلك الآن قليل من شرح الزاد من العلماء لأن الطريقة التي يستعملها العلماء سابقا في الشرح والتي نفعت الطلاب وأخرجتهم أهل علم ليست هي الموجودة الآن تفصيلات وتعليلات يطول الكلام في مسألة واحدة ولا يراد من طالب العلم أن يتصور في المسألة كل ما قيل عنها إنّما تتصور المسألة وحكمها بناء على هذا المذهب إذا انتهيت من القسم الأول من أقسام المياه تغلق الكتاب وبنفس الطريقة تأتي تعيد هذا القسم وتشرحه تلاحظ إذا كان فهمك مشرقا تلحظ من نفسك وإذا كان فهمك مغربا فتلحظ من نفسك وشتان بين مشرق ومغرب.
          سارت مشرقة وسرت مغربا


          شتان بين مشرق ومغرب



          تعيد تسأل أهل العلم المعلم الذي يعلمك في المسائل التي يعلم أن الفتوى بخلاف ما ذكر في هذا المتن المعلم الرباني يذكرك بها يقول: هذا والفتوى على خلافه، القول الراجح هو كذا ليس القول الراجح في كلّ مسألة بما يترجح للمعلم، لا يكن القول الرّاجح بما عليه المفتون الذين يفتون من أهل العلم الكبار يربطك بين كتاب الفقه وبين الفتوى يجعل فيه الصّلة بينك وبين هذا وهذا كان أهل العلم عندنا يذكرون في تدريس الزاد الأشياء التالية يذكرون.
          أولا: صورة المسألة حكمها، بناء على ما ذكره صاحب الكتاب.
          هل لشيخ الإسلام ابن تيمية أو تلميذه ابن القيم أو أحد من أئمة الدعوة هل لهم اختيار مخالف لأنهم نخلوا المذهب فالمسائل المرجوحة بينوها نقول مثلا في المياه ثلاثة أقسام يقول لك المعلم واختار الشيخ تقي الدين شيخ الإسلام أنّ المياه قسمان، لا تحتاج تفصيل في كل مسألة ولا تعليق المعلم يحتاج إلى معرفة ما عليه الفتوى فيقول لك يفتي الشيخ الفلاني مثلا يفتي سماحة الشيخ عبد العزيز حفظه الله في المسألة بكذا يربطك هذا الذي تحتاجه أما نأتي عند مسألة نقول دليلها كذا واستدلوا لها بكذا وهذا الدليل أخرجه فلان وفلان وفيه الراوي الفلاني فيه علة ولا يصح الاستدلال والقول مرجوح والصواب قول الشعبي وإسحاق والشافعي، هذا في المسائل ما يحتاج لكن طالب العلم الذي يعرف هذه المسائل ويتحملها يقرأها في الكتب المطولة ليس كل كتاب قرأت منه أو حضرت آتي وأعطيك المعلومات فمعناه أنّي أستعرض ما قرأت هذه ليست طريقة أهل العلم إنما طريقة أهل العلم أن يعطيك ما ينفعك هكذا في سائر أبواب الفقه كل باب تمر عليه بهذه الطريقة إذا ضبطت المسائل بتصورات تأتي أنت مع مرور الزمن تكون القاعدة قد بنيت المسألة هذه مرجوحة راجحة دليلها القول المخالف تنبني معك مع الزمن يأتي كل ركن في مكانه الصحيح تنبني يبدأ البنيان معك يرتفع يرتفع وتتصور المسائل في البداية يكون عشرة في المائة فأهمها فأهم أدلتها تصورت المسائل بعد سنة تلاحظ أنها خمسة عشر في المائة بعد سنتين تكون عشرين وهكذا مع الزمن أما الطريقة الموجودة اليوم يأتي طالب العلم عنده في مسألة تفصيل ساعة تسأله في مسائل أخرى في الفقه ما عنده علم بها هذا خلل في طلب العلم شمولية ثم بعد ذلك تبدأ تنمي حتى يكبر.
          على نفس الطريقة تسير في العلوم المساعدة طبعا انتهينا من العلوم الأصلية تسير في العلوم المساعدة على نفس الطريقة تبدأ بالمختصرات ثم تترقى شيئا فشيئا وذكرت لك من العلوم التاريخ يدخل فيه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة ابن هشام فيها كفاية في ذلك كذلك يدخل فيه أنواع التاريخ هذه علوم التي هي الملح تقرأ ما شئت من ذلك العلوم لابد من العناية بها أصول التفسير أصول الفقه أصول الحديث الذي هو المصطلح والنحو ولا علم بدون النحو يقول الشاعر ابن الوردي:
          جمّل المنطق بالنحو فمن


          يحرم الإعراب بالنطق اختبل



          طالب العلم تجد كلامه مكسر هذا لا يصلح كيف أئتمنه على فهم معاني الكتاب والسنة وهو لا يفهم النحو ما يؤتمن في الواقع بأنّه سيكون مقلد ينقل لكن يأتيني في مسائل يجتهد فيها وعبارته أصلا عربيته ليست بجيدة ما يفهم اللسان العربي هذا لا شك أنّه خلل لابد من العناية بالنحو والنحو عمدته الإعراب تقرأ على شيخ ثم تعرب ما شئت أي شيئ يقابلك أعرفه، تقرأ خبر في الجريدة أعربه سورة تقرأها من القرآن أعربها حديث أعربه هذا يبين النحو عندك وإلا بدأت تشارك فيه الآن من كبار العلماء كان يأتي يسأل في الإعراب لابد من مجالس أهل العلم الذي يدرس فيه النحو والعلوم الأخرى لابد يسأل ما إعراب قوله تعالى كذا؟ ما إعراب الجملة الفلانية ينشطون مع الإعراب، إذا ترقى وحفظ الألفية سيأتي بالإعراب والدليل مثلا يقول محمد قادم محمد ما إعرابها؟ قال مبتدأ يقول المعلم قلت مبتدأ ما الدليل يقول قال ابن مالك في الخلاصة:
          مبتدأ زيد وعاذر خبر


          إنْ قلت زيد عاذر من اعتذر



          مثلا لو قلت الآية {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء} هذا يقول الذين اسم موصول لابد له في صلته من عائد يعود له ما العائد؟ يقول الطالب العائد محذوف يسأل المعلم ما الدليل؟ يقول: قول ابن مالك:
          ....................................... والحذف عنـــــدهم كثـــير منجـل
          في عائد متصل إن انتصب بفعل أو وصف كمن يرجو يهب
          قال الدليل هذا يربطنا بالنحو تماما لكن هذه الطريقة ليست موجودة الآن المقصود من هذا نختم الدرس بالوصية بالجد في طلب العلم وأن تحرصوا على المنهجية والأمة اليوم بحاجة إلى علماء بحاجة إلى طلاب علم،لأنه أين الموجهون؟ يوجهون الناس بالآراء بالأفكار بالثقافات بالمفاهيم لا إنما يوجه بالعلم علم راسخ يستحضر دليله يفهم أصول المسألة وكلام أهل العلم عليها حتى يسير الناس على بينة ونحن بحاجة إلى طلاب علم اليوم والطلاب الراغبون في العلم كثيرون لكن طلاب العلم قليلون من هم طلاب العلم؟ هم الذين يسيرون على وفق الطريقة الصحيحة التي سار عليها من كان قبلنا من أهل العلم وهي هذه الطريقة التي ذكرت لك فإن أنت طبقتها فستكون منتفعا بإذن الله أكبر الانتفاع تحس في نفسك في سنة أنك تغيرت تغير واضح وأحسست أنك طالب العلم علم بدأت تفهم وإن أهملت وحضرت ورحت وجئت وما أصلت فإنك ستحرم بقدر ما أخللت بذاك أسأل الله أن ينور قلبي وقلوبكم بالهدى والاستقامة وأن يجعلنا من طلبة العلم الذين يخشونه وأن يجعلنا للناس أئمة هدى يرشدون من ضل إلى الهدى ويحيون بكتاب الله الموتى وأسأله لكل واحد حاضر معنا أن يكتب الله جلّ وعلا له خير خاتمة في حياته وأن ييسر لنا الخير أينما كنا وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وأن يأخذ بأيدينا إلى كلّ قول أو عمل يحبه ويرضاه إنّه ولي ذلك والقادر عليه وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
          [CENTER][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=red][B]أموت ويبقى كل ماقد كتبته... فياليت من يقرأ مقالي دعا ليا[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
          [CENTER]
          [FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=red][B] لعل إلهي أن يمن بلطفه … ويرحم َ تقصيري وسوء فعاليا[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]

          تعليق


          • #6
            رد: [تحفة طالب العلم] فوائد منتخبة من أشرطة الشيخ صالح آل الشيخ في طلب العلم

            بارك الله فيك ونفع بك

            تعليق

            يعمل...
            X