إعـــــــلان

تقليص
1 من 4 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 4 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 4 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
4 من 4 < >

تم مراقبة منبر المسائل المنهجية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

تعلم إدارة شبكة الإمام الآجري جميع الأعضاء الكرام أنه قد تمت مراقبة منبر المسائل المنهجية - أي أن المواضيع الخاصة بهذا المنبر لن تظهر إلا بعد موافقة الإدارة عليها - بخلاف بقية المنابر ، وهذا حتى إشعار آخر .

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

عن إدارة شبكة الإمام الآجري
15 رمضان 1432 هـ
شاهد أكثر
شاهد أقل

البدعة بين النصيحة و الخدعة رد علمي مؤصل شامل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    البدعة بين النصيحة والخدعة

    ثالثا : مجانبة الأستاذ التوفيق

    يقول الإمام الشاطبي رحمه الله :
    " وكذلك كل من اتبع المتشابهات أو حرف المناطات أو حمل الآيات ما لا تحمله عند السلف الصالح أو تمسك بالأحاديث الواهية أو اخذ الأدلة ببادي الرأي ... لا يفوز بذلك أصلا .
    والدليل عليه استدلال كل فرقة شهرت بالبدعة على بدعتها يآية أو حديث من غير توقف ـ حسبما تقدم ذكره ـ وسيأتي له نظائر أيضا إن شاء الله
    فمن طلب خلاص نفسه تثبّت حتى يتضح له الطريق ومن تساهل رمته أيدي الهوى في معاطب لا مخلص له منها إلا ما شاء الله ا.هـ

    ومن اتباع المتشابه جمع زلات العلماء وهفواتهم في جزئيات ، وتتبّعُها لمعارضة أصل شرعي ثابت تضافرت عليه النصوص ، وتوافر فيه النقل ليوهم هذا المتتبع للجزئيات أن العلماء معه فيما ذهب إليه ، وأنهم مختلفون في ذلك الأصل ، ولهذا كان الأئمة يحذرون من سياسة تتبع الزلات .
    فليس العلم أن تجمع فقط أقوالا لمسائل شتى ولعدة علماء وتغلق عينيك عن غيرها ، ثم في كل مسألة تطلب قائلا بها دون مراعات أن مجموع ما عندك من أقوال لا يوجد من قال به مجتمعا بل يكون الذين نقلتَ عنهم يستنكرون جل أقوالك
    ولهذا نبه العلماء على هذا الأسلوب التنقيبي الانتقائي المشين وها هو الإمام الأوزاعي يقول :
    "من أخذ بقول أهل الكوفة في النبيذ وبقول أهل مكة في المتعة والصرف وبقول أهل المدينة في الغناء أو قال الحشوش والغناء فقد جمع الشر كله "
    ولو نظرنا في واقع ما حصل من بعض العلماء من زلات ، لتجلى لنا المعنى ، ففيهم من كان يجوّز السحر حتى ألف فيه الرازي ، وفيهم من كان قد قال بأن علم الله لا يشمل الجزئيات كما فعل الغزالي أبو حامد ومنهم من كان يقول بأن نور النبي أزلي وهذا قول عظيم كابن حجر الهيتمي ، ومنهم .. ومنهم ..
    وهذه الطريقة في تتبع الغير معتبر من الأقوال وفي حكمه الضعيف من الأقوال أشبه بما وقع فيه الأستاذ .
    وسيأتي بيانه مفصلا
    وأنا أعلم أن شريحة من الناس لا يهمها الدليل وستعرض عني وعن غيري ولو قال الحق الذي لايرده عاقل ، فهؤلاء لست أعنيهم بهذا الرد ابتداء ، وإن كنت أعنيهم تبعا لأنهم لابد أن يموتوا عن بينة ، قبِلوا أو ردوا ، فهذا وإن كنت قد لا أرجوه منهم لعنادهم ولكن لابد أن يبيّن لهم .
    لكني أعني بهذا الرد إفادة لهم تلك القلوب التي لا يربطها بالأشخاص الصورة الشخصية ، ولا مجرد الأساليب الشبابية التي قد تكون جذابة للبعض رائقة لهم من هز الرأس والأكتاف وتلويح الأيدي والأطراف ، وتغميض العينين والأجفان بالطرق المبالغ فيها الأشبه بالتمثيلية قصدت أم لم تقصد
    وإنما يربطها بالأشخاص نور الدليل والصدق في تحري الحق بأسبابه الظاهرة والعمل بها باطنا وظاهرا
    فهؤلاء الذين أعنيهم ابتداء
    ولذلك أقول مبينا :
    إن الأستاذ حقيقة ليست له أهلية لخوض مواضيع علمية وقد اعترف بأنه لا يحضّر للمادة بنفسه وهذا ليس عيبا لكن من كان قادرا على التحضير بنفسه أكمل منه وأوثق في المعلومة منه لأن الأستاذ ـ بعد اعترافه وبَعْد لمسِنا لما هزّ عِلميته من أخطاء مرت وستأتي ـ قد فتح بابا للتخوف من المجهول الذي يقف وراءه وهل هو خريجة أوخريج كلية إعلام فعلا ؟
    وما علاقة هذا المجهول بالعلوم الشرعية ما دام أن تخصصه إعلام ؟
    وهل من ورائهما أحد ؟
    ومن هو الشيخ الذي يراجع لهم ؟
    ما مذهبه ؟ ما هي علميته ؟ لماذا اكتفى الأستاذ بوصفه مطنبا ومجلًّا ثم امتنع من ذكر اسمه ؟ ما السبب ؟
    ما سر هذه السرية ؟
    أمور تحيّر وفي قناة كهذه !
    ثم الأستاذ صراحة مع ما اعترف به من اعتماده على غيره ممن ذكرهم فقد وقع في أخطاء لا تقع من مؤهل أو متمرس ، هذا ومعه الفريق الذي يعد له ويراجع !!
    فمع ما سبق نجده وقع في الآتي :
    ـ قرأ عن ذلك الملك الذي كان يقيم المولد ويحتفل به بأنه عَمّر الجامع المظفري ، أي قام بتعميره وعمارته ، فظن أن اسمه هكذا " عُمر بن الجامع المظفري " فلم يدرك معنى الجملة وهي ظاهرة ، ثم الجامع المظفري من أشهر الجوامع في دمشق ، وأيضا اسم الملك بعيد كل البعد من حروف تلك الجملة .
    ـ عندما ذكر السيوطي عدّه في تلاميذ ابن حجر وهو لم يدركه
    وعندما أراد إصلاح هذا الخطأ في الحلقة الثانية اعتذر بخطإ أشد من الأول ، فقال : ( لأن تلميذه جلال الدين السخاوي فقلت جلال الدين السيوطي باعتبار السخاوي فعلا تلميذ ابن حجر وكلاهما جلال الدين ) هكذا بهذا المعنى
    والسخاوي مشهور ليس في اسمه ولا لقبه جلال الدين أصلا !! فما أدري من أين أتى بهذا ؟
    ـ عندما ذكر كتاب الطبقات لأبي الحسين بن أبي يعلى نسب الكتاب لأبي يعلى وهو لابنه أبي الحسين
    ـ عندما تكلم عن أدلة الشرع مثّل عند كلامه عن القياس بتحريم الحشيش وأنه تحريم بالقياس بينما هو محرم بالنص " كل مسكر حرام "
    وهذا الخطأ تترتب عليه إشكاليات قد لا يعيها الأستاذ نحن في غنى عنها
    ـ عدم تفريقه في حقيقة الأمر بين البدعة اللغوية والشرعية وإن أظهر التفريق وذلك بِعَدّه لتعريف الشافعي والعز ابن عبد السلام بأنها تعريفات للبدعة الشرعية بينما هي تعريفات عامة شاملة للغوية
    ـ دعواه أن الاحتفال بالمولد تلقته الأمة بالقبول ؟!
    وعلاقة هذا بعلميته يدركها المتخصصون .
    ـ استدل على مشروعية الدبلة في الخطوبة بتختمه صلى الله عليه وسلم بخاتم الفضة ؟!
    ( بدون تعليق )
    ـ استدل على مشروعية الدعاء الجماعي بعد كل صلاة بالاستغفار الوارد ثلاثا !!!
    ـ ناهيك عن ضعفه في القراءة بصورة مزرية حتى أنه في أكثر من مرة لا يقيم الاسم المجرور بحرف الجر مقامه .

    إذًا لماذا يا أستاذ ما دام أن هذه هي حالك تتهجم وتتنقص من خصومك وتصفهم بالصحفيين وأنهم (قرؤا شوية كتب) و(يعرفوها الزاي هم ما تعلموش) و(تعلّمْ معنى البدعة وبعدين تعال) وغيرها من عبارات الإزدراء والتجهيل التي ملأت بها الحلقة ناهيك عن السب والشتم
    ثم مع هذا نجد الأستاذ يظهر انزعاجه ممن انتقده على الأخطاء الصريحة التي وقعت منه ويستخف بهم !
    فهل هذا من الإنصاف في شيء ؟ بل هل يعقل هذا ؟
    هلّا احترمهم حتى يطلب منهم التغاضي عنه ؟
    قال الإمام الطرطوشي رحمه الله تعالى :
    " فتدبروا هذا الحديث فإنه يدل على أنه لا يؤتى الناس قط من قبل علمائهم وإنما يؤتون من قبل إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم فيؤتى الناس من قبلهم
    قال : وقد صرف عمر رضى الله عنه هذا المعنى تصريفا فقال : ما خان أمين قط ولكان ائتمن غير أمين فخان
    قال : ونحن نقول ما ابتدع عالم قط ولكنه استفتى من ليس بعالم فضل وأضل وكذلك فعل ربيعة قال مالك رحمه الله تعالى بكى ربيعة يوما بكاء شديدا فقيل له أمصيبة نزلت بك قال لا ولكن أستفتى من لا علم عنده وظهر في الإسلام أمر عظيم "

    تعليق


    • #17
      ترجمة كاتب الرد ( البدعة بين النصيحة و الخدعة )

      هذه ترجمة لأخينا محمد خليفة الرباح كتبها هو نفسة عنما أخبرته بأن الإخوة في موقع الإمام الأجري يطلبون تعريف لك :.

      بسم الله الرحمنالرحيم

      من أبي عبد الرحمن محمد الهاشمي إلى أخوته في الله أعضاء موقع الإمام الأجري حفظهم الله
      أما بعد :
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      أعلموا أخوتي الكرام أن مبحث ( البدعة بين النصيحة والخدعة ) ما هي إلامحض توفيق من الله ومنة منه لا لذكاء مني ولا لفطنة ولا لقوة في العلم بل يصدق عليقوله تعالى( وما بكم من نعمة فمن الله ) ( وما توفيقي إلا بالله عليه توكلة وإليهأنيب)
      ولا زلت ولله الحمد أبحث وأجمع الفوائد العلمية وبفضل الله قد اجتمعت عنديبعض منها:.
      1- اللحية بين الأخذ و الإعفاء في ضوء عمل السلف النجباء (مطبوع)
      2- موقف شيخ الإسلام بن تيمية من تارك الصلاة ( مطبوع )
      3- تنزيه الشعائر عن عبث بعض أصحاب المحابر ( رد على عبدالله الجديع في كتابه اللحية دراسة حديثية فقهية ) مطبوع
      4- نصب المجانيق لنسف ما أثير من شبهات حول ما حكاه التابعي الجليل عبدالله بن شقيق (مبحث في تقرير إجماع الصحابة حول مسألة تارك الصلاة) مطبوع
      5- كتاب ( المبعث و المغازي للإمام إسماعيل التيمي الأصبهاني ) تحقيق – تحت الطبع
      6- إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء و لعلي أخصكم بأن تكونو أول الناشرين له .


      ولي كتاب في مسائل الغسل وصفة غسله صلى الله عليه وسلم فقدته من مدةعسى الله أن ييسر الحصول عليه .
      بالإضافة إلى تحقيق مطبوع لكتاب ( فضائل الصحابة)للإمام الدار قطني



      وكتاب آخر مطبوع في مسائل أحكام المولود بالإشتراك مع أحدطلبة العلم
      وقصيدة في مسائل الإيمان من مئة وعشرين بيت.
      و بحوث أخرى يسرا الله إتمامها و نشرها
      أما عن دراستي وأخديعن المشايخ فلقد من الله علي بلقاء كبار أهل العلم كالعلامة ابن باز والعلامةالإلباني والعلامة ابن عثيمين والعلامة مقبل رحم الله الجميع .
      أما الشيخ بن بازفقد كنت أحضر حلقاته في مواسم الحج بمنى و ذلك لمدة ثلاث سنوات متتالية وتيسر ليسؤاله فيها .
      أما الشيخ اللألباني فلقد التقيت به ثلاث مرات وسألته فيها عدةأسئلة إحداها كانت في جلسة مطولة
      واتصلت به على الهاتف مرارا وراسلته مرةوأجابني بخطه على نفس الورقة
      أما الشيخ بن عثيمين فقد كنت ملازما لمخيمه في منىواستمعت لكثير من دروسه بما في ذلك دروسه في الحرم أثناء زياراته لمكة والمدينةوتمكنت من سؤاله مرارا
      أما الشيخ مقبل فقد حضرت له درسين أثناء زيارتي لليمن .
      أما بقية المشايخ فلقد درست ألفية ابن مالك على الشيخ محمد صالح حبيب التمبكتيوهو أحد شيوخ الشيخ مقبل درست عليه سبعمائة بيت منها و وافته المنية قبل إتمامها .
      كما درست جزءا منها على الشيخ عبد الله الشنقيطي والشيخ الأهدل والشيخ عبدالرحمن الكوني
      و درست كتاب الطهارة وكتاب الحج من بداية المجتهد على الشيخالوائلي رئيس قسم الدراسات في الجامعة الإسلامية وأيضا كتاب الطهارة من بلوغ المرامعلى محمد الشنقطي وكتاب البيوع من زاد المستقنع قبل أن يتبين أمره
      ودرست كتابالباعث الحثيث كاملا مرتين مرة على الشيخ عيد العباسي ومرة على سعد الحميد بمكةوكذلك قبل أن يتبين أمره .
      وأيضا شرح الورقات للشيخ عبد الله الفوزان الجزءالمقرر في الدورة في مكة وجزءا من مذكرة أصول الفقه على الشيخ عيد العباسي ودرست


      كتاب الفرائض على مؤلفه عبد الصمد الكاتب وأيضا شرح الرحبية في الفرائض على الشيخمحمد سعيد زبداني وكلاهما درسته كاملا .
      ودرست جزءا من شرح الروضة على الشيخ عبدالصمد .


      وأيضا شرح التدمرية على الشيخ محمد خليفة التميمي ما يقارب نصف الكتابأي الجزء المتعلق بالأسماء والصفات وكذلك شرح العقيدة الأصفهانية .
      وشرح كشفالشبهات وغيرها من الدروس .
      وقد كنت ملازما لدروس الشيخ ربيع المنهجية مما كانفي بيته بالمدينة وهو أكثرها أو كان في أحد المساجد أو على مدرج الجامعة الإسلاميةولم أكن طالبا بها .
      هذا وأسأل الله العلي الكريم أن يوفقنا للخير وسبله وأنيرزقنا الإخلاص في القول والعمل و أن يجعلنا ممن يلتمس بعلمه طريقا إلى الجنة .
      و أرجوا من الأخ محمد الشريف أن يعذرني في اقتصاري على ذكر اسمي كما جاء فيالمقال وأن يعينني على ذلك حتى ييسر الله لي أمري وأخرج من الظرف الذي أمر به وعسىذلك ان يكون قريبا
      والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


      تعليق


      • #18
        البدعة بين النصيحة والخدعة

        رابعا : حرص الأستاذ على انتقاء واستخلاص ما ينصر به قوله وإخفاء وحذْف و تجنّب ما ينقضه .

        تارة يفعل هذا في نفس العبارة التي ينقلها يبقي منها ما يظن أنه يقرر مذهبه ويحذف ما ينقض مراده وإن كان هذا قليلا لانكشافه .
        وتارة في نفس الكتاب فيستخلص ما يروق له ويترك ما يبطل مراده .
        وتارة في نفس أقوال الإمام الذي يحتج به ، فينقل عنه قولا ويترك عنه أقوالا تخالف ما يقرره الأستاذ
        ونحن الآن في سنة 1430 هـ الموافق 2009 م وفي وقت الشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) ومحركات البحث الالكتروني وفي وقت العالم أصبح فيه قرية صغيرة ، فلا مجال لأن نتبلى على بعض ولا للخداع وسنذكر بينتنا في كل ما سنذكره .
        وليت الأستاذ استحضر ما ذكرناه من سهولة المتابعة وإلا لما وقع فيما وقع فيه ولا ورط نفسه هذه الورطة التي أغلب الظن أنها بسبب ذلك المجهول الذي أحال عليه ، ولو كان الأستاذ يقظا لما وقع في الشباك ولكن لقلة خبرته بالناس وقع فيما وقع فيه ، هذا إن أحسنا به الظن
        وسأبدأ بالأمثلة التي طرحها الأستاذ نفسه ومثّل بها لما ليس بدعة عنده وأبيّن ما ارتكبه من تجاوزات تقدح في أمانته وأبين موقف أهل العلم منها
        ثم أثني بالأئمة الذين حاول أن يستكثر بهم ناقلا عنهم قولا ، ومُعْرضا عن أقوالهم الأخرى التي لا تنقض مذهبه فقط بل وتبطل ترجيحاته في نفس الأمثلة التي اختارها

        تعليق


        • #19
          البدعة بين النصيحة و الخدعة

          المثال الأول : قراءة القرآن على القبور :

          نقل عن أحمد القول بجواز قراءة القرآن على القبور ناقلا رواية الخلال التي في إسنادها كلام وسيأتي الكلام عنها وقرأها من طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى
          وصاح بها يتهلل وجهه ( فتوى الإمام أحمد) ( إمام أهل السنة )
          هذا وهذا فقط الذي نقله الأستاذ ، وصور للمشاهد أن هذا هو مذهب أحمد لا غير
          بل أضاف إلى هذا أن ألصق إلى أحمد بالباطل استدلالا مناقضا لمذهب أحمد كما سيأتي
          بينما أخفى الأستاذ عن المشاهدين الروايات الأكثر والأصح بلا خلاف عن أحمد ، والتي تنقل تبديعه للقراءة ونهيه عنها ، وهي معتبرة في مذهب أحمد ، حتى أن بعض كبار الحنابلة يرجحها على رواية الجواز فهل هذا البتر من الدين بالله عليكم ؟ هل هذا من الصدق ؟ أين الأمانة ؟
          وإليك هذه الروايات :
          ـ ما رواه الدوري في تاريخه (5414) سألت أحمد بن حنبل ما يقرأ عند القبر؟ فقال: " ما أحفظ فيه شيئًا "
          ـ وقول أبي داود في مسائله (15: ((سمعت أحمد سُئل عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا)).
          وفي مسائل عبد الله :
          " قال سألت ابي عن الرجل يحمل معه المصحف الى القبر يقرأ عليه ؟ قال هذه بدعة
          قلت لأبي وان كان يحفظ القرآن يقرأ ؟
          قال لا ، يجيء ويسلم ويدعو وينصرف ، الزيارة بعد حين رخص النبي صلى الله عليه وسلم فيها يقولون ذاك " ا.هـ
          وفي مسائل ابن هانئ (946) عن أحمد قال :
          " القراءة على القبر بدعة " .
          نقلا من فتح الغفور في حكم قراءة القرآن على القبور لأن مسائل ابن هانئ ليس عندي
          ـ ونقل في فتح الغفور روايات أخرى عن أحمد من طريق المروذي ومهنا وحنبل وأبي طالب وابن بدينا وإسحاق بن إبراهيم وغيرهم عن أحمد عدم جواز القراءة عند القبر، وبعضهم يروي عنه بِدْعيتها . كذا عن فتح الغفور
          وكتاب فتح الغفور لم أقف عليه كاملا وإنما على جزء منه في ملتقى أهل الحديث ومنه نقلت النقلين الأخيرين
          وقد نص شيخ الإسلام على أن هذا القول وهو المنع من القراءة على القبور هو الذي رواه عن أحمد أكثر أصحابه ، وإن كان كثير من المتأخرين من الحنابلة أخذوا بالرواية الأخرى لكن أكثر الروايات عن أحمد بالمنع
          والذي يهمنا قول أحمد نفسه لا ما اختاره من جاء بعده فلا خلاف من حيث واقع الرواية أن أكثر الروايات عن أحمد بالنهي أو المنع أو كراهة القراءة على القبور لا الجواز ، وإن كان الجواز هو رواية عنه لم تصح إلا من طريق ابنه عبد الله كما سأبين
          وأيضا أهل العلم اختلفوا في المترجح نقله عن أحمد من بين هذه الروايات ، فمنهم من ذهب إلى المنع أو الكراهة وهم قدماء أصحابه كأبي بكر المروذي وعبد الوهاب الوراق وغيرهما ، وهذا رأي معتبر في نقل قول أحمد كيف لا وهو الأصح عن أحمد رواية .
          حتى أنه نُقل عن أحمد القول بأنه إن صليت الجنازة في المقبرة فلا تقرأ فيها الفاتحة
          ومنهم من ذهب إلى الجواز ، ومنهم من فصّل بين وقت الدفن فنقلوا الجواز ووقت ما بعد الدفن فقالوا بالمنع
          قال شيخ الإسلام في الفتاوى :
          " ولهذا لم يقل أحد من العلماء بأنه يستحب قصد القبر دائما للقراءة عنده إذ قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن ذلك ليس مما شرعه النبي صلى الله عليه و سلم لأمته لكن اختلفوا في القراءة عند القبور هل هي مكروهة أم لا تكره والمسألة مشهورة وفيها ثلاث روايات عن أحمد :
          إحداها : أن ذلك لا بأس به وهي اختيار الخلال وصاحبه وأكثر المتأخرين من أصحابه وقالوا هي الرواية المتأخرة عن أحمد ...
          والثانية : أن ذلك مكروه حتى اختلف هؤلاء هل تقرأ الفاتحة في صلاة الجنازة إذا صلى عليها في المقبرة وفيه عن أحمد روايتان .
          وهذه الرواية هي التي رواها أكثر أصحابه عنه وعليها قدماء أصحابه الذين صحبوه كعبد الوهاب الوراق وأبي بكر المروزي ونحوهما وهي مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك وهشيم بن بشير وغيرهم ولا يحفظ عن الشافعي نفسه في هذه المسألة كلام لأن ذلك كان عنده بدعة وقال مالك ما علمت أحدا يفعل ذلك
          فعلم أن الصحابة والتابعين ما كانوا يفعلونه
          والثالثة : أن القراءة عنده وقت الدفن لا بأس بها كما نقل ابن عمر رضي الله عنهما وعن بعض المهاجرين وأما القراءة بعد ذلك مثل الذين ينتابون القبر للقراءة عنده فهذا مكروه فإنه لم ينقل عن أحد من السلف مثل ذلك أصلا
          وهذه الرواية لعلها أقوى من غيرها لما فيها من التوفيق بين الدلائل والذين كرهو القراءة عند القبر كرهها بعضهم وإن لم يقصد القراءة هناك كما تكره الصلاة فان أحمد نهى عن القراءة في صلاة الجنازة هناك ا.هـ هذا الكلام بطوله لشيخ الإسلام .

          فلا أدري لماذا أخفى الأستاذ كل هذه الروايات ولم يلمح إليها البتة ولو إشارة ، بل أوهم بعرضه للكلام أن أحمد لم يقل إلا بالجواز ، بينما أكثر الروايات عنه خلاف ذلك وهي أصح رواية بلا خلاف مع الرواية الثالثة التفصيلية ، وهذا تصرف لا يمت إلى الأمانة العلمية بصلة فإلى الله المشتكى من هذه الانتهاكات العلمية الصارخة .
          هذا بالنسبة إلى ما فعله الأستاذ مع قول أحمد من بتر .
          أما غير أحمد في هذه المسألة فقد أخفى الأستاذ أقوالهم بل حرص على تصوير أنه لا أحد يقول بما يقول به مخالفه ، وهذه والله كاشفة فقد سبق قول شيخ الإسلام عن رواية المنع :
          " وهي مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك وهشيم بن بشير وغيرهم ولا يحفظ عن الشافعي نفسه في هذه المسألة كلام لأن ذلك كان عنده بدعة وقال مالك ما علمت أحدا يفعل ذلك
          فعلم أن الصحابة والتابعين ما كانوا يفعلونه " ا.هـ
          سبحان الله أبو حنيفة ومالك وأكثر الروايات عن أحمد والمشهور عن الشافعي وجمهور السلف على المنع من القراءة على القبور ثم يأتي الأستاذ ويلتقط إحدى الروايات عن أحمد ثم يشيد بها ويهمل كل هذه الأقوال بل ويصور للقارئ أنه لا يوجد ما يخالف ما نقله
          إن لم يكن هذا عبث في العلم وقلة أمانة واستخفاف بالغير فماذا سيكون ؟
          قال في منح الجليل شرح مختصر خليل من كتب المالكية ، وسأنقل ما نقله عن مالك فقط :
          " ( وَ ) كُرِهَ قِرَاءَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْمَوْتِ ( وَعَلَى قَبْرِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ ، وَلِمُنَافَاتِهَا لِلْمَقْصُودِ مِنْ التَّدَبُّرِ فِي حَالِ الْمَيِّتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّوْضِيحِ .
          مَذْهَبُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَرَاهَةُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ وَنَقَلَهَا سَيِّدِي ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَائِلًا ؛ لِأَنَّا مُكَلَّفُونَ بِالتَّفَكُّرِ فِيمَا قِيلَ لَهُمْ وَمَاذَا لَقُوا وَنَحْنُ مُكَلَّفُونَ بِالتَّدَبُّرِ فِي الْقُرْآنِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى إسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ .ا هـ
          فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا ا هـ .
          وأكده بنقل القرافي عن مالك المنع منها ،
          وفي كتاب (الدين الخالص) للعلامة محمود خطاب السبكي رحمه الله :
          " يكره تحريمًا عند النعمان ومالك قراءة القرآن عند القبر ؛ لأنه لم يصح فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس من عمل السلف، بل كان عملهم التصدُّق والدعاء لا القراءة "ا.هـ نقلا
          وأيضا قول كمال الدين بن حمزة الحسني الشافعي كما في مواهب الجليل :
          " وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ وَشَيْخِهِ مَالِكٍ وَالْأَكْثَرِينَ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يَصِلُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ قَالَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ : فَإِهْدَاءُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ الْوُصُولَ عَبَثٌ مَكْرُوهٌ " ا.هـ
          قال شيخ الإسلام
          " ولهذا لم يقل أحد من العلماء بأنه يستحب قصد القبر دائما للقراءة عنده إذ قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن ذلك ليس مما شرعه النبي صلى الله عليه و سلم لأمته "
          فأين الأستاذ من هذه الأقوال ؟ لماذا لم يشر إليها على الأقل ؟ بل لماذا أوهم خلافها ؟

          المهم هنا أنه تبين صنيع الأستاذ من استخلاصه للأقوال بانتقائية مجانبة للأمانة .
          وما سيقول إذا سأله أحد مشاهدي حلقته :
          لماذا نقلت مذهب أحمد مبتورا وحذفت الروايات الأخرى وفيها ما هو أصح وهي تبين أنه قال بالبدعية فترة من عمره على أقل الأحوال ؟
          لماذا لم تبين أن المنع من القراءة مذهب جمهور السلف ومذهب مالك وأبي حنيفة وغيرهما من أئمة السلف ؟
          وهذا التبديع من أحمد ولو سلمنا أنه رجع عنه أحمد ، فهو يبين أن القول ببدعيته محل اعتبار ويبين أن أحمد لا يكتفي بالنصوص العامة

          تعليق


          • #20
            البدعة بين النصيحة و الخدعة

            المثال الثاني : التسبيح بالمسبحة أو بالحصى ونحوه .

            استدل الأستاذ بأثر عن أبي هريرة أنه كان له خيط فيه ألفا عقدة ( 2000) عقدة يسبح بها
            والأثر إسناده ضعيف فيه عبد الواحد بن موسى الفلسطيني لا يعرف بتوثيق
            وشيخه أبو نعيم المحرر بن أبي هريرة لم يوثقه أحد وقال عنه الحافظ في التقريب مقبول يعني إذا توبع ولم يتابع وهو هنا قد تمشى روايته باعتباره يروي عن أبيه شيئا مشاهدا
            وأيضا تلميذه زيد بن الحباب قال عنه الحافظ "صدوق يخطئ" وهو في الحقيقة إلى الصدوق أقرب
            ولكن العلة في عبد الواحد لا يحتج به
            فالأثر ضعيف ومتنه منكر
            ويستلزم عند النظر أن يكون طول الخيط ما يقارب عشرة أمتار بل أكثر ، هذا إذا كانت العقدة الواحدة بقدر نصف سنتمتر وعندما تضرب في العدد ألفين وهو عدد العقد ينتج عشرة أمتار ، مع أننا لم نحسب مسافة ما بين العقدة والأخرى ، وإن قلنا إن العقدة بقدر ربع سنتمتر ، وهو يكاد يستحيل باعتباره حجما غير مناسب لا لصنعها ولا لاستخدامها ، فتكون السبحة على هذا الاحتمال الأقل طولها خمسة أمتار من غير ما بين العقد من مسافات
            المهم هذا طول منكر لا يعرف إلا في بؤر السحرة والمشعوذين ولو كان واقعا لاشتهر فكيف وهو قد روي من طريق ضعيف ؟
            وانتقى الأستاذ مع هذا الأثر المنكر كلاما لشيخ الإسلام يرخص فيه التسبيح بالمسبحة ثم كلاما للسخاوي
            وصور في نفس الوقت أن مخالفه ليس له سلف في القول بالبدعية وذلك عندما قال على لسان مخالفه وبلهجة تهكمية ووالله في منتهى الخروج عن الأدب ومن لم يصدق فليسمع الحلقة ، قال متقمصا دور مخالفه وبصوت ساخر :
            " ـ السبحة ، بدعة .
            ـ ليه ؟
            ـ فيه شيخ سمعته في الشريط مؤلف مجموعة عن بدعية السبحة ا.هـ
            واكتفى بهذا المقطع الذي مثّله بنفسه مبينا للمشاهد أنه قول مخترع من أصحاب الأشرطة ، ليؤكد للمشاهد ما حرص عليه طول الحلقة مِنْ سَلْب مخالفه تبعية العلماء السابقين .
            فانظر إلى هذا العرض التشويهي لقول مخالفه ، ولو كان الأستاذ واثقا من قوله لما لجأ إلى هذه الأساليب الجائرة
            وإليك الآن ما يبطل زعمه مما حرص الأستاذ على كتمه بذلك الأسلوب السيء من آثار وأقوال
            روى ابن وضاح وهو من علماء القرن الثالث
            عن عبد الله بن مسعود أنه رأى أناسا يسبحون بالحصا ، فقال : « على الله تحصون ، لقد سبقتم أصحاب محمد علما ، أو لقد أحدثتم بدعة ظلما »
            وعنده بسند صحيح عن الصلت بن بهرام قال : « مر ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تسبح به ، فقطعه وألقاه ، ثم مر برجل يسبح بحصا ، فضربه برجله ثم قال : » لقد سبقتم ، ركبتم بدعة ظلما ، أو لقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما "
            وقد جاء من طرق وبألفاظ مقاربة وبمجموعها يثبت وهو صريح في إنكار عد التسبيح بالحصى وما في حكمها .
            ولا خلاف بين أهل العلم السابقين فيما أعلم أن ابن مسعود كان يمنع من التسبيح عدًّا بالحصى وما شابهها من المسابح
            وفي قصة أخرى
            قَالَ أَبُو مُوسَى الأشعري مخاطبا ابن مسعود رضي الله عنه : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّى رَأَيْتُ فِى الْمَسْجِدِ آنِفاً أَمْراً أَنْكَرْتُهُ ، وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلاَّ خَيْراً. قَالَ : فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ : إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ - قَالَ –
            رَأَيْتُ فِى الْمَسْجِدِ قَوْماً حِلَقاً جُلُوساً يَنْتَظِرُونَ الصَّلاَةَ ، فِى كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ ، وَفِى أَيْدِيهِمْ حَصًى فَيَقُولُ : كَبِّرُوا مِائَةً ، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً ، فَيَقُولُ : هَلِّلُوا مِائَةً ، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً ، وَيَقُولُ : سَبِّحُوا مِائَةً فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً ...
            قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ. قَالَ : فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لاَ يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَىْءٌ ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ ، هَؤُلاَءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- مُتَوَافِرُونَ وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ ، وَالَّذِى نَفْسِى فِى يَدِهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِىَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ ، أَوْ مُفْتَتِحِى بَابِ ضَلاَلَةٍ.
            وبينتُ في التطبيقات دلالته على المراد
            وروي بسند ضعيف عن أبان بن أبي عياش قال : « سألت الحسن عن النظام من الخرز والنوى ونحو ذلك ، يسبح به ؟ فقال : » لم يفعل ذلك أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا المهاجرات "
            وروي بسند ضعيف عن إبراهيم النخعي أنه كان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسابيح التي يسبح بها.
            بل كان ابن مسعود وابن عمر يكرهان العد حتى دون مسبحة
            قال ابن أبي شيبة :
            حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن إبراهيم قال كان عبد الله يكره العدد ويقول أيمن على الله حسناته.
            حدثنا أزهر السمان عن ابن عون عن عقبة قال قال سألت ابن عمر عن الرجل يذكر الله ويعقد فقال تحاسبون الله ؟.
            وكلاهما ثابت
            فالعجب من الأستاذ كيف يحرص على تسفيه قول من يرى أن السبحة بدعة ؟
            فماذا سيقول عمن ينكر العد من أصله من أمثال هذين الصحابيين ؟
            وعندما ينضم له عد بوسيلة محدثة كان ابن مسعود يراه أشد نكارة كما هو موقفه ممن يفعل ذلك
            وقد كان جماعة من أهل العلم يرون كراهة التسبيح بالمسبحة ونحوها قال شيخ الإسلام :
            " والتسبيح بالمسابح من الناس من كرهه ومنهم من رخّص فيه لكن لم يقل أحد : أن التسبيح به أفضل من التسبيح بالأصابع وغيرها .ا.هـ.
            وقال :
            " وأما التسبيح بما يجعل فى نظام من الخرز ونحوه فمن الناس من كرهه ومنهم من لم يكرهه ، وإذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه وأما إتخاذه من غير حاجة أو إظهاره للناس مثل تعليقه فى العنق أو جعله كالسوار فى اليد او نحو ذلك ، فهذا إما رياء للناس أو مظنة المراءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة ، الأول محرم ، والثاني أقل أحواله الكراهة " ا.هـ
            مع أن الأستاذ قرأ هذا النقل لكن لم يبين ما فيه من دلالة على ذهاب بعض أهل العلم للبدعية التي يشنع على من يقول بها
            و سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله فقال :
            " تركها أولى ، و قد كرهها بعض أهل العلم ، و الأفضل التسبيح و التهليل بالأنامل، كما كان يفعل ذلك النبي صلى الله عليه و سلم و روي عنه أنه أمر بعقد التسبيح بالأنامل و قال : " إنهن مسؤولات مستنطقات "
            والمراد نقل الكراهة عن بعض أهل العلم
            وقد جاء في فتاوى الأزهر ما يدعوا لإعادة النظر في السبحة لدى من يقول بجوازها حيث جاء فيها :
            " وإحصاء الذكر بالسبحة من اختراع الهند، كما يقول الأستاذ السيد أبو النصر أحمد الحسينى "مجلة ثقافة الهند -سبتمبر1955 " اخترعه الدين البرهمى فيها ، ثم تسرب إلى البلاد والأديان الأخرى ، وتسمى السبحة فى اللغة السنسكريتية القديمة فى الهند "جب ما لا " أى عقد الذكر .
            ثم يقول : وتختلف الفرق البرهمية فى عدد حباتها وفى ترتيبها، فالفرقة الشيوائية سبحتها أربع وثمانون حبة ، والفرقة الوشنوية سبحتها مائة وثمان حبات . والخلاف راجع إلى حاصل ضرب 12 "عدد الأبراج السماوية" فى 7 "عدد النجوم الظاهرة بما فيها الشمس والقمر عند الفرقة الأولى" أو فى 9 "عدد النجوم الظاهرة عند الفرقة الثانية بإضافة أحوال القمر الثلاثة" وكل سبع حبات فى مجموعة متميزة .
            وعند ظهور البوذية فى الهند بعد البرهمية اختار رهبانها السبحة الوشنوية "108 " من الحبات . وعند تفرق طوائفها فى البلاد قلد رهبان النصرانية هؤلاء فيها ، وكل ذلك قبل ظهور الإسلام .
            ... وبناء على هذه الأخبار لم تكن "السبحة" المعهودة لنا معروفة عند المسلمين حتى أوائل القرن الثانى الهجرى ، ويؤيد ذلك ما نقله الزبيدى فى "تاج العروس " عن شيخه أن السبحة ليست من اللغة فى شيء ولا تعرفها العرب ، إنما حدثت فى الصدر الأول إعانة على الذكر وتذكيرا وتنشيطا .
            يقول الأستاذ الحسينى فى المجلة المذكورة : ويظهر أن استعمالها تسرب بين المسلمين فى النصف الثانى من القرن الثانى الهجرى، فإن أبا نواس ذكرها وهو فى السجن ، فى قصيدة خاطب بها الوزير ابن الربيع فى عهد الأمين "193-198" .
            أنت با ابن الربيع ألزمتنى النسك وعودتنيه والخير عادة
            فارعوى باطلى وأقصر حبلى وتبدلت عفة وزهادة
            المسابيح فى ذراعى والمصحف فى لبتى مكان القلادة

            وهو أقدم ذكر للسبحة بالشعر العربى فيما يعلم ...وبقى استعمالها بين المسلمين بين راض ،عنها وكاره لها ، ... هذا ، وقد تفنن الناس اليوم فى صنع السبحة من حيث المادة والحجم والشكل واللون والزخرفة وعدد الحبات ، وعنى باقتنائها كبار الناس سواء أكان ذلك للتسبيح أم للهواية أم لغرض آخر ..." ا.هـ

            ومع أن الفتوى آلت إلى تجويز المسبحة لكن ما نقلوه والله يوجب إعادة النظر في لك
            وختاما أُبيّن للقارئ أنه لاخلاف بين أهل العلم المعتبرين أن الأصل والسنة هو التسبيح باليد دون استعمال مسبحة ونحوها وهذا لم يبينه الأستاذ
            وأن المسبحة لا تستحب ولا هي من السنة وإنما غايتها في قول كثير من أهل العلم أنها رخصة فقط وأيضا هذا لم يوضحه
            ولا أظن أن عالما معتبرا ينص على أنها تستحب إذ هي محدثة باتفاق فغايتها أنها رخصة
            وأيضا أبين للقارئ أمرا يوضح له أن هجوم الأستاذ على أتباع السلف في هذه المسائل لم يكن أمينا وذلك أن أكثر أتباع السلف في هذا العصر يرخصون في المسبحة وفيهم جلة من كبار علمائنا ممن توفي وممن هو على قيد الحياة وفي المقابل كثير منهم يرى بدعيتها وأنا أميل إلى هذا .
            فلماذا هذا الهجوم الشامل ؟
            بل لو كانوا كلهم يقولون ببدعية المسبحة لما ساغ منه هذا الهجوم التسفيهي لهم ، لكون ما يقولون به هو قول معتبر قال به صحابة فكيف وجلهم يرخصون في المسبحة ؟
            هذا يبين لكل عاقل قدر التحامل الشديد والكراهية الدفينة التي تجر إلى الظلم دون شعور

            تعليق


            • #21
              البدعة بين النصيحة و الخدعة
              ـ المثال الثالث : المصافحة بعد كل صلاة .

              لم يذكر الأستاذ عن أحد من أهل العلم تجويزه المصافحة بعد كل صلاة وهذا يخالف قانون الحلقة الذي رسمه لنفسه
              ومع هذا قال عن المسائل التي طرحها مخالفا الواقع بصورة صارخة :
              ( ما جبناش قول إمام واحد في أي مسألة ، جبنا قول أئمة )

              وهذه المسألة التي سفّه فيها موقف مخالفه فإليك ما قيل فيها :
              نص الإمام العز بن عبد السلام نفسه الذي أشاد به الأستاذ على بدعية المصافحة في فتاويه وهو مطبوع خلافا لقوله الآخر ، ونقله عنه البرزلي
              ففي مواهب الجليل من كتب المالكية :
              " َقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْجَامِعِ وَسُئِلَ عِزُّ الدِّين عَنْ الْمُصَافَحَةِ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ أَمُسْتَحَبَّةٌ أَمْ لَا ؟ وَالدُّعَاءُ عَقِيبَ السَّلَامِ مُسْتَحَبٌّ لِلْإِمَامِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَمْ لَا ؟ ...
              ( فَأَجَابَ ) الْمُصَافَحَةُ عَقِيبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ مِنْ الْبِدَعِ إلَّا لِقَادِمٍ يَجْتَمِعُ بِمَنْ يُصَافِحُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُصَافَحَةَ مَشْرُوعَةٌ عِنْدَ الْقُدُومِ ، وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَأْتِي بَعْدَ السَّلَامِ بِالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ وَيَسْتَغْفِرُ ثَلَاثًا ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ : { رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ } .
              وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْصَرِفَ عَقِبَ السَّلَامِ انْتَهَى


              وسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - أَغْدَقَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ عَلَى رُوحِهِ الزَّكِيَّةِ - عَنْ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ هَلْ هِيَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ أَمْ لَا ؟ أَجَابَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ : أَمَّا الْمُصَافَحَةُ عَقِبَ الصَّلَاةِ فَبِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْتَحِبَّهَا أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى
              وَسُئِلَ عَنْ الْمُصَافَحَةِ عَقِيبَ الصَّلَاةِ : هَلْ هِيَ سُنَّةٌ أَمْ لَا ؟ .
              الْجَوَابُ
              فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . الْمُصَافَحَةُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ مَسْنُونَةً بَلْ هِيَ بِدْعَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

              قال ابن الحاج في المدخل :
              "وينبغي له - أي للإمام - أي يمنع محدثوه من المصافحة بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر وبعد صلاة الجمعة بل زاد بعضهم في هذا الوقت فعل ذلك بعد الصلوات الخمس وذلك كله من البدع وموضع المصافحة في الشرع إنما هي عند لقاء المسلم لأخيه لا في أدبار الصلوات الخمس وذلك كله من البدع فحيث وضعها للشرع نضعها فينهى عن ذلك ويزجر فاعله لما أتى من خلاف السنة اهـ.

              قال الحافظ في فتح الباري في تعقب على النووي :
              قَالَ النَّوَوِيّ : وَأَصْل الْمُصَافَحَة سُنَّة ، وَكَوْنهمْ حَافَظُوا عَلَيْهَا فِي بَعْض الْأَحْوَال لَا يخْرج ذَلِكَ عَنْ أَصْل السُّنَّة .
              قُلْت [ الكلام للحافظ ] : لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَال ، فَإِنَّ أَصْل صَلَاة النَّافِلَة سُنَّة مُرَغَّب فِيهَا ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدَ كَرِهَ الْمُحَقِّقُونَ تَخْصِيص وَقْت بِهَا دُون وَقْت ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ تَحْرِيم مِثْل ذَلِكَ كَصَلَاةِ الرَّغَائِب الَّتِي لَا أَصْل لَهَا " ا.هـ كلام الحافظ

              وقال العلامة علي القاري في شرح المشكاة عند نقده لكلام العز في تقسيم البدعة :
              " وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي كَلَام الْإِمَام نَوْعُ تَنَاقُضٍ لِأَنَّ إِتْيَان السُّنَّة فِي بَعْض الْأَوْقَات لَا يُسَمَّى بِدْعَةً مَعَ أَنَّ عَمَلَ النَّاسِ فِي الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنَ لَيْسَ عَلَى وَجْه الِاسْتِحْبَاب الْمَشْرُوع ، فَإِنَّ مَحَلّ الْمُصَافَحَة الْمَشْرُوعَة أَوَّل الْمُلَاقَاة وَقَدْ يَكُون جَمَاعَة يَتَلَاقَوْنَ مِنْ غَيْر مُصَافَحَة وَيَتَصَاحَبُونَ بِالْكَلَامِ وَمُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ مُدَّةً مَدِيدَةً ثُمَّ إِذَا صَلَّوْا يَتَصَافَحُونَ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ السُّنَّة الْمَشْرُوعَةِ ، وَلِهَذَا صَرَّحَ بَعْض عُلَمَائِنَا بِأَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مِنْ الْبِدَع الْمَذْمُومَة نعم لو دخل أحد في المسجد والناس في الصلاة أو على إرادة الشروع فيها فبعد الفراغ لو صافحهم لكن بشرط سبق السلام على المصافحة فهذا من جملة المصافحة المسنونة بلا شبهة ومع هذا إذا مد مسلم يده للمصافحة فلا ينبغي الإعراض عنه بجذب اليد لما يترتب عليه من أذى يزيد على مراعاة الأدب فحاصله أن الابتداء بالمصافحة حينئذ على الوجه المشروح مكروه لا المجابرة وإن كان قد يقال فيه نوع معاونة على البدعة والله أعلم اِنْتَهَى كَلَامه .

              قال العلامة الشمس آبادي في عون المعبود شرح أبي داود :

              " وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَام أَبُو مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلَام أَنَّ الْبِدَع عَلَى خَمْسَة أَقْسَام : وَاجِبَة وَمُحَرَّمَةٌ وَمَكْرُوهَةٌ وَمُسْتَحَبَّةٌ وَمُبَاحَةٌ ، قَالَ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ الْمُصَافَحَةُ عَقِبَ الصُّبْح وَالْعَصْر اِنْتَهَى .
              وَرَدَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ عَلِيٌّ الْقَارِي فِي شَرْح الْمِشْكَاةِ [ فذكره ثم قال ]
              قُلْت : وَاَلَّذِي قَالَهُ عَلِيٌّ الْقَارِي هُوَ الْحَقّ وَالصَّوَاب ، وَقَوْل النَّوَوِيّ خَطَأ . وَتَقْسِيم الْبِدَع إِلَى خَمْسَة أَقْسَام كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْإِمَام اِبْن عَبْد السَّلَام وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْإِمَام النَّوَوِيّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءُ الْمُحَقِّقِينَ وَمِنْ آخِرِهِمْ شَيْخُنَا الْقَاضِي الْعَلَّامَة بَشِير الدِّين الْقِنَّوْجِيُّ رَحِمَهُ اللَّه فَإِنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ رَدًّا بَالِغًا .
              قُلْت : وَكَذَا الْمُصَافَحَة وَالْمُعَانَقَة بَعْد صَلَاة الْعِيدَيْنِ مِنْ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

              وكذلك العلامة المباركفوري قال بنفس كلام الشمس آبادي
              وقال الإمام المناوي في فيض القدير :
              " ... ومباحة كالمصافحة عقب صبح وعصر (قوله ومباحة : كالمصافحة إلخ : المصافحة المذكورة بدعة مكروهة لأنها مخالفة للسنة الصحيحة وهي ترك المصافحة عقب الصلوات "

              وقال العلامة ابن عابدين الحنفي :
              " لكن قد يقال إن المواظبة عليها بعد الصلوات الخمس خاصة قد تؤدي بالجهلة إلى اعتقاد سنيتها في خصوص هذا المواضع، وأن لها خصوصية زائدة على غيرها، مع أن ظاهر كلامه أنه لم يفعلها أحد من السلف في هذه المواضع وَكَذَا قَالُوا بِسُنِّيَّةِ قِرَاءَةِ السُّوَرِ الثَّلَاثَةِ فِي الْوَتْرِ مَعَ التَّرْكِ أَحْيَانَا لِئَلَّا يُعْتَقَدَ وُجُوبُهَا
              وَنَقَلَ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ : وفي الملتقط: تكره المصافحة بعد أداء الصلاة بكل حال، لأن الصحابة -رضي الله عنهم- لم يفعلوا ذلك، ولأنها من سنن الروافض ا.هـ
              ثم نقل عن ابن حجر عن الشافعية أنها بدعة: لا أصل لها في الشرع، وأنه ينهى فاعلها أولاً ويعزر ثانياً . وفي المدخل: أنها من البدع، وموضع المصافحة في الشرع هو إنما عند لقاء المسلم لأخيه، لا في أدبار الصلوات، فحيث يضعها الشرع يضعها. فينهى عن ذلك ويزجر فاعله لما أتى به من خلاف السنة ا.هـ
              في حين لم ينقل الأستاذ ما قال به عن أحد من أهل العلم

              تعليق


              • #22
                البدعة بين النصيحة و الخدعة

                ـ المثال الرابع : الدعاء بعد كل صلاة .

                ذكره الأستاذ وأراد الدعاء المعروف بعد الصلوات من الإمام والمأمومين .
                ولم يذكر الأستاذ مَن سلفُه في القول باستحبابه أو مشروعيته ولا قائل به من السلف
                ومع هذا فقد قال بالحرف الواحد عمن يقول ببدعية هذا الدعاء بالخصوص :
                ( أنت مش عارف تعريف البدعة )
                فسبحان الله ، هل مالك بن أنس إمام دار الهجرة مش عارف تعريف البدعة ؟
                جاء في كتاب ( الدر الثمين ) للشيخ محمد بن أحمد ميارة المالكي
                " كره مالك وجماعة من العلماء لأئمة المساجد والجماعات الدعاء عقيب الصلوات المكتوبة جهراً للحاضرين ". نقلا
                ونقله القرافي أيضا عن مالك على ما أذكر
                وإلى بدعية هذا الدعاء ذهب العز بن عبد السلام
                ففي مواهب الجليل من كتب المالكية :
                " َقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْجَامِعِ وَسُئِلَ عِزُّ الدِّين عَنْ ... الدُّعَاءُ عَقِيبَ السَّلَامِ مُسْتَحَبٌّ لِلْإِمَامِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَمْ لَا ؟ ...
                ( فَأَجَابَ ) ... وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَأْتِي بَعْدَ السَّلَامِ بِالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ وَيَسْتَغْفِرُ ثَلَاثًا ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ : { رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ } .
                وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْصَرِفَ عَقِبَ السَّلَامِ انْتَهَى

                وقال شيخ الإسلام في الفتاوى :
                " وأما دعاء الإمام والمأمومين جميعا عقيب الصلاة فهو بدعة لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه و سلم بل إنما كان دعاؤه في صلب الصلاة فإن المصلي يناجي ربه فإذا دعا حال مناجاته له كان مناسبا وأما الدعاء بعد انصرافه من مناجاته وخطابه فغير مناسب وإنما المسنون عقب الصلاة هو الذكر المأثور " ا.هـ

                وهل الإمام الشاطبي مش عارف تعريف البدعة ؟!
                قال في مواهب الجليل :
                " وَقَدْ أَلَّفَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ فِيهِ [ في بدعيته ]وَرَامَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَصْحَابُهُ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ ا.هـ
                وسيأتي أن خمسة عشر من فقهاء المالكية ذهبوا إلى بدعية هذا الدعاء فقول ابن عرفة شاذ مردود في مذهب مالك وهو أشذ عند مقارنته بأقوال المذاهب الأخرى

                قال الشاطبي في الاعتصام عن هذا الدعاء ناقلا بدعيته عن العلامة ابن بطال وعن أحد شيوخه فقال :
                " قال بعض شيوخنا الذين استفدنا منهم :
                ... ولو كان هذا حسنا لفعله النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه رضي الله عنهم ولم ينقل ذلك أحد من العلماء مع تواطئهم على نقل جميع أموره حتى : هل كان ينصرف من الصلاة عن اليمين أو عن الشمال ؟
                وقد نقل ابن بطال عن علماء السلف إنكار ذلك والتشديد فيه على من فعله بما فيه كفاية
                هذا ما نقله الشيخ بعد أن جعل الدعاء بإثر الصلاة بهيئة الاجتماع دائما بدعة قبيحة واستدل على عدم ذلك في الزمان الأول بسرعة القيام والانصراف لأنه مناف للدعاء لهم وتأمينهم على دعائه بخلاف الذكر ودعاء الإنسان لنفسه فإن الانصراف وذهاب الإنسان لحاجته غير مناف لهما " ا.هـ
                وقال الشاطبي أيضا :
                " فتارة نسبتُ إلى القول بأن الدعاء لا ينفع ولا فائدة فيه كما يعزى إلى بعض الناس بسبب أني لم ألتزم الدعاء بهيئة الاجتماع في أدبار الصلاة حالة الإمامة وسيأتي ما في ذلك من المخالفة للسنة وللسلف الصالح والعلماء " ا.هـ

                قال الشاطبي رحمه الله ردا على من زعم أن الدعاء بعد الصلوات لم ينكره العلماء فقال :
                " بل ما زال الإنكار عليهم من الأئمة فقد نقل الطرطوشي عن مالك في ذلك أشياء تخدم المسألة فحصل إنكار مالك لها في زمانه وإنكار الإمام الطرطوشي في زمانه واتبع هذا أصحابه ، ثم القرافي قد عد ذلك من البدع المكروهة على مذهب مالك وسلمه ولم ينكره عليه أهل زمانه ـ فيما نعلمه ـ مع [ قوله ] أن من البدع ما هو حسن
                ثم الشيوخ الذين كانوا بالأندلس حين دخلتها هذه البدعة ـ حسبما يذكر بحول الله ـ قد أنكروها وكان من معتقدهم في ذلك أنه مذهب مالك وكان الزاهد أبو عبد الله بن مجاهد وتلميذه أبوعمران الميرتلي رحمهما الله ملتزمين لتركها حتى اتفق للشيخ أبي عبد الله في ذلك ما سنذكره إن شاء الله " ا.هـ

                وقد اجتمع عندي خمسة عشر إماما من أئمة المالكية قالوا ببدعية الدعاء بعد كل صلاة بالهيئة المعروفة بما فيهم الشاطبي وهم :
                ـ الإمام الطرطوشي
                ـ ابن بطال
                ـ الإمام القرافي
                ـ ابن رشد محمد بن أحمد
                ـ أبو عبد الله بن مجاهد
                ـ أبو عمران الميرقلي
                ـ خليل صاحب المختصر
                ـ أحمد بن قاسم أبو العباس
                ـ محمد بن محمد الحطاب
                ـ محمد بن يوسف العبدري أبو عبد الله
                ـ أحمد بن أحمد زروق
                ـ أحمد بن محمد الدردير
                ـ أحمد بن غنيم بن مهنا النفراوي
                ـ العلامة الزرقاني في الشرح على المختصر
                هؤلاء كنت قد استفدت جلهم من أحد إخواني من طلبة العلم له رسالة خاصة في الدعاء المذكور وقيدتهم منها وهذا قبل سنوات فأسأل الله أن يوفقه لكل خير وأن ينفع به
                يضاف إليهم علماء الأندلس الذين نقل عنهم الشاطبي آنفا
                وهؤلاء الخمسة عشر وغيرهم لا يوجد في المالكية من يخالفهم ممن يعتمد قوله فيما أعلم إلا على سبيل الشذوذ كما هو قول ابن عرفة
                وأنا لا أعلم إلى لحظتي هذه أحد ممن يعتد بقوله ويقتدى به من العلماء المعروفين من قال بهذا الدعاء المحدث على الوجه المعمول به في المساجد غير ابن عرفة
                وببدعية هذا الدعاء أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء كما في الفتوى رقم 3901 / 5124 / 3552
                فهل هؤلاء كلهم مش عارفين تعريف البدعة ؟!!
                بل مجرد الجلوس من الإمام بعد الصلاة قد جاء عن بعض السلف إنكاره
                جاء في المدونة
                قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ : أَنَّهُ كَانَ إذَا سَلَّمَ لِمَكَانِهِ عَلَى الرَّضْفِ حَتَّى يَقُومَ ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : جُلُوسُهُ بَعْدَ السَّلَامِ بِدْعَةٌ .
                وفي المدونة
                قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ : أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَخْبَرَهُ قَالَ : سَمِعْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَعِيبُ عَلَى الْأَئِمَّةِ قُعُودَهُمْ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَقَالَ : إنَّمَا كَانَتْ الْأَئِمَّةُ سَاعَةَ تُسَلِّمُ تَنْقَطِعُ مَكَانَهَا .
                قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَبَلَغَنِي عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهَا السُّنَّةُ .
                قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : يَجْلِسُ عَلَى الرَّضْفِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذَلِكَ .
                قال ابن أبي شيبة
                حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي الاحوص قال : كان عبد الله إذا قضى الصلاة انفتل سريعا فإما أن يقوم وإما أن ينحرف.
                حدثنا هشيم عن منصور وخالد عن أنس بن سيرين عن ابن عمر قال : كان الامام إذا سلم قام وقال خالد : انحرف.
                حدثنا أبو أسامة عن الاعمش عن أبي زرين قال : صليت خلف علي فسلم عن يمينه وعن يساره ثم وثب كما هو.
                حدثنا علي بن مسهر عن ليث عن مجاهد قال : قال عمر : جلوس الامام بعد التسليم بدعة.
                حدثنا وكيع عن محمد بن قيس عن أبي حصين قال : كان أبو عبيدة بن الجراح إذا سلم كأنه على الرضف حتى يقوم.
                حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن عبد الله بن الحارث عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام.
                حدثنا علي بن مسهر عن ليث عن مجاهد قال : قال عمر : جلوس الامام بعد التسليم بدعة.
                وعند عبد الرزاق عن معمر والثوري عن حماد ، وجابر ، وأبي الضحى عن مسروق : أن أبا بكر كان إذا سلم عن يمينه وعن شماله قال : السلام عليكم ورحمة اله [ ثم ] انفتل ساعة إذ كأنما كان جالسا على الرضف .
                وقال عن معمر عن قتادة قال : كان أبو بكر إذا سلم كأنه على الرضف حتى ينهض.
                وقال عن أيوب عن ابن سيرين قال : قلت لابن عمر : إذا سلم الامام انصرف ؟ قال : كان الامام إذا سلم انكفت وانكفتنا معه

                فانظر رحمك الله فالجلوس من الإمام في مكانه محدث وعابه عمر فيما روي عنه كما عابه خارجة بن زيد فيما صح عنه فكيف بما يفعله أئمة اليوم من الدعاء علاوة على الجلوس
                وسبق قول الشاطبي عن أحد شيوخه :
                " هذا ما نقله الشيخ بعد أن جعل الدعاء بإثر الصلاة بهيئة الاجتماع دائما بدعة قبيحة واستدل على عدم ذلك في الزمان الأول بسرعة القيام والانصراف لأنه مناف للدعاء لهم وتأمينهم على دعائه بخلاف الذكر ودعاء الإنسان لنفسه فإن الانصراف وذهاب الإنسان لحاجته غير مناف لهما " ا.هـ

                ومع كل هذا ومع عدم نقل الأستاذ عن أحد ممن يقول بأنه ليس بدعة فهو يعتبر من يقول بالبدعية مش عارف تعريف البدعة ، و يسبنا ويشتمنا ويستخف بنا لأننا وافقنا هؤلاء العلماء وخالفناه
                فهل مثل هذا يكون صدقا ؟
                بينما لو بقي هو وكل من يقول بقوله إلى آخر عمرهم يبحثون فلن يجدوا من يقول بذلك الدعاء المعروف ممن يداني مالكا والطرطوشي وابن تيمية والشاطبي .
                فما أرخص الدعاوى .

                تعليق


                • #23
                  البدعة بين النصيحة و الخدعة

                  المثال الخامس : الاحتفال بالمولد النبوي :

                  أيضا بطريقة تبجحية استنكارية استخفافية بالمخالف عرض الأستاذ ما وقف عليه من أقوال وهو لا يقف إلا على ما يخدم قوله .
                  ولم يكتف بهذا حتى ادعى تلقي الأمة بالقبول للمولد وهذا محض تقول ، وهو والله من أظهر الأدلة على أن الأستاذ يلقي الكلام دون مبالاة ولا مراعاة لصحة الكلام من عدمه

                  وإليك الأقوال التي أعرض عنها الأستاذ في المولد وادعى خلافها بتلقي الأمة بالقبول .
                  فممن أنكر الاحتفال بهذه المناسبة ( الذي هو محدث باتفاق ) :
                  الإمام الشاطبي في " الاعتصام " ، وابن الحاج في " المدخل " ، والشيخ تاج الدين علي بن عمر اللخمي وألّف في إنكاره كتاباً مستقلاً ، والعلامة أبو عبد الله الحفار المالكي شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " ، والشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه " صيانة الإنسان " ، والسيد محمد رشيد رضا ألف فيه رسالة مستقلة ، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ألف فيه رسالة مستقلة .


                  قال العلامة ابن الحاج في " المدخل " :
                  ( فإن خلا ـ أي المولد ـ منه ـ أي من السماع وتوابعه ـ وعمل طعاما فقط ، ونوى به المولد ودعا إليه الإخوان ، وسلم من كل ما تقدم ذكره فهو بدعة بنفس نيته فقط ، إذ إن ذلك زيادة في الدين ليس من عمل السلف الماضين ، وإتباع السلف أولى ، بل أوجب من أن يزيد نية مخالفة لما كانوا عليه ، لأنهم أشد الناس اتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعظيما له ولسنته صلى الله عليه وسلم ، ولهم قدم السبق في المبادرة إلى ذلك ، ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ، ونحن لهم تبع ، فيسعنا ما وسعهم ، وقد علم ان إتباعهم في المصادر والموارد ، كما قال الشيخ أبو طالب المكي ـ رحمه الله ـ في كتابه .
                  وقد جاء في الخبر : ( لا تقوم الساعة حتى يصير المعروف منكراً والمنكر معروفاً ) ، وقد وقع ما قاله عليه الصلاة والسلام بسبب ما تقدم ذكره وما يأتي بعد ؛ لأنهم يعتقدون أنهم في طاعة ، ومن لا يعمل عملهم يرون أنه مقصر ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ) ا.هـ

                  ويرى ابن الحاج في " المدخل " : أن نية المولد بدعة ، ولو كان الاشتغال في ذلك اليوم بصحيح البخاري ، وعبارته :
                  " وبعضهم ـ أي المشتغلين بعمل المولد ـ يتورع عن هذا ـ أي سماع الغناء وتوابعه ـ بقراءة البخاري وغيره عوضاً عن ذلك ، هذا وإن كانت قراءة الحديث في نفسها من أكبر القرب والعبادات وفيها البركة العظيمة والخير الكثير ، لكن إذا فعل ذلك بشرطه اللائق به على الوجه الشرعي لا بنية المولد ، ألا ترى أن الصلاة من أعظم القرب إلى الله تعالى ، ومع ذلك فلو فعلها إنسان في غير الوقت المشروع لها لكان مذموماً مخالفاً ، فإذا كانت الصلاة بهذه المثابة فما بالك بغيرها " .

                  وقال الإمام الشاطبي رحمه الله ممثلا لبعض البدع :
                  " وجعل الثاني عشر من ربيع الأول ملحقا بأيام الأعياد لأنه عليه السلام ولد فيه وكمن عد السماع والغناء مما يتقرب به إلى الله بناء على أنه يجلب الأحوال السنية أو رغب في الدعاء بهئية الاجتماع في أدبار الصلوات دائما بناء على ما جاء في ذلك حالة الواحدة أو زاد في الشريعة أحاديث مكذوبة لينصر في زعمه سنة محمد صلى الله عليه و سلم "
                  وقد أنكره في غير موطن من كتابه

                  وقال العلامة تاج الدين عمر بن علي اللخمي الإسكندراني المشهور بـ : ( الفاكهاني ) في رسالته في المولد المسماة بـ " المورد في عمل المولد " :
                  ( لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة ، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة ، الذين هم القدوة في الدين ، المتمسكون بآثار المتقدمين ، بل هو بِدعة أحدثها البطالون ، وشهوة نفسٍ اغتنى بها الأكالون ، بدليل أنَّا إذا أدرنا عليه الأحكام الخمسة قلنا : إما أن يكون واجباً ، أو مندوباً ، أو مباحاً ، أو مكروهاً ، أو محرماً .
                  وهو ليس بواجب إجماعاً ، ولا مندوباً ؛ لأن حقيقة الندب : ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه ، وهذا لم يأذن فيه الشرع ، ولا فعله الصحابة ، ولا التابعون ولا العلماء المتدينون ـ فيما علمت ـ وهذا جوابي عنه بين يدي الله إن عنه سئلت . ولا جائز أن يكون مباحاً ؛ لأن الابتداع في الدين ليس مباحاً بإجماع المسلمين .
                  فلم يبق إلا أن يكون مكروهاً ، أو حراماً ) .
                  ومن علماء المالكيَّة الإمام العلامة الأستاذ أبو عبد الله الحفَّار المالكي، وله في ذلك جواب حافل نقله الونشريسي في المعيار المعرب، نختصر منه ما يلي، قال رحمه الله:
                  "ليلة المولد لم يكن السلف الصالح يجتمعون فيها للعبادة، ولا يفعلون فيها زيادةً على سائر ليالي السنة، والخير كلُّه في اتِّباع من سلف، فالاجتماع في تلك الليلة ليس بمطلوب شرعًا، بل يؤمر بتركه ... "
                  كما في المعيار المعرب و الجامع المغرب لفتاوى علماء إفريقية و الأندلس و المغرب(7 / 99 ).

                  وقال شيخ الإسلام في الفتاوى :
                  "وأما إتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الاول التى يقال انها ليلة المولد او بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة او اول جمعة من رجب او ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الابرار فإنها من البدع التى لم يستحبها السلف ولم يفعلوها والله سبحانه وتعالى أعلم " ا.هـ
                  وقال في الفتاوى أيضا :
                  " وهكذا القول فى ليلة المولد وغيرها والبدع المكروهة ما لم تكن مستحبة فى الشريعة وهى أن يشرع ما لم يأذن به الله فمن جعل شيئا دينا وقربة بلا شرع من الله فهو مبتدع ضال وهو الذى عناه النبى بقوله كل بدعة ضلالة فالبدعة ضد الشرعة والشرعة ما أمر الله به ورسوله أمر ايجاب أو أمر استحباب "

                  وقال شيخ الإسلام في الاقتضاء
                  " إذ الأعياد شريعة من الشرائع ، فيجب فيها الاتباع ، لا الابتداع .
                  وللنبي صلى الله عليه وسلم خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة : مثل يوم بدر ، وحنين ، والخندق ، وفتح مكة ، ووقت هجرته ، ودخوله المدينة ، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين . ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعيادًا . وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعيادًا ، أو اليهود ، وإنما العيد شريعة ، فما شرعه الله اتبع . وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه . وكذلك ما يحدثه بعض الناس ، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام ، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وتعظيمًا . والله قد يثيبهم (1) على هذه المحبة والاجتهاد ، لا على البدع- من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا . مع اختلاف الناس في مولده . فإن هذا لم يفعله السلف ، مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه لو كان خيرًا . ولو كان هذا خيرًا محضا ، أو راجحًا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا ، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منا ، وهم على الخير أحرص . وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره ، وإحياء سنته باطنًا وظاهرًا ، ونشر ما بعث به ، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان . فإن هذه طريقة السابقين الأولين ، من المهاجرين والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان " ا.هـ

                  وقال العلامة محمد عبد السلام خضر الشقيري في كتابه السنن والمبتدعات :
                  " في شهر ربيع الأول وبدعة المولد فيه : لا يختص هذا الشهر بصلاة ولا ذكر ولا عبادة ولا نفقة ولا صدقة ، ولا هو موسم من مواسم الإسلام كالجمع والأعياد التي رسمها لنا الشارع - صلوات الله وتسليماته عليه ، وعلى سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين -، ففي هذا الشهر ولِد صلى الله عليه وسلم ، وفيه تُوفي ، فلماذا يفرحون بميلاده ولا يحزنون لوفاته ؟! فاتخاذ مولده موسماً ، والاحتفال به بدعة منكرة ، وضلالة لم يرد بها شرع ولا عقل ، ولو كان في هذا خير فكيف يغفل عنه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضوان الله عليهم - ، وسائر الصحابة والتابعين وتابعيهم ، والأئمة وأتباعهم ؟ " ا.هـ

                  ومن علماء المالكية المتأخِّرين بمصر الشيخ المفتي محمَّد عليش المالكي، من علماء الأزهر ومن فقهاء المالكية في زمانه من نحو قرن، قال في كتابه فتح العلي المالك :
                  "عمل المولد ليس مندوبًا، خصوصًا إن اشتمل على مكروه، كقراءة بتلحين أو غناء، ولا يسلم في هذه الأزمان من ذلك وما هو أشدّ." ا.هـ
                  وقال السيد رشيد رضا في كتابه " ذكرى المولد النبوي " :
                  " إن من طباع البشر أن يبالغوا في مظاهر تعظيم أئمة الدين أو الدنيا في طور ضعفهم ـ أي البشر ـ في أمر الدين أو الدنيا ؛ لأن هذا التعظيم لا مشقة فيه على النفس ، فيجعلونه بدلاً مما يجب عليهم من الأعمال الشاقة التي يقوم بها أمر الدين أو الدنيا ، و إنما التعظيم الحقيقي بطاعة المعظم ، والنصح له ، والقيام بالأعمال التي يقوم بها أمره ويعتز دينه إن كان رسولا ، وملكه إن كان ملكا ، وقد كان السلف الصالح أشد ممن بعدهم تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم ثم للخلفاء ، وناهيك ببذل أموالهم وأنفسهم في هذا السبيل ، ولكنهم دون أهل هذه القرون التي ضاع فيها الدين في مظاهر التعظيم اللساني ، ولاشك أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم أحق الخلق بكل تعظيم ، وليس من التعظيم الحق له أن نبتدع في دينه بزيادة أو نقص أو تبديل أو تغيير لأجل تعظيمه به ، وحسن النية لا يبيح الابتداع في الدين فقد كان جل ما أحدث أهل الملل قبلنا من التغيير في دينهم عن حسن نية.
                  ومازالوا يبتدعون بقصد التعظيم وحسن النية حتى صارت أديانهم غير ما جاءت به رسلهم ، ولو تساهل سلفنا الصالح كما تساهلوا ، وكما تساهل الخلف الذين اتبعوا سننهم شبراً بشبر وذراعاً بذراع لضاع أصل ديننا أيضا ، ولكن السلف الصالح حفظوا لنا الأصل ، فالواجب علينا أن نرجع إليه ونعض عليه بالنواجذ " اهـ .

                  وقد أفتت اللجنة الدائمة بالمملكة ببدعية هذا الاحتفال كما في الفتوى رقم ( 2139 ـ 7136 ) وعدة فتاوى تجاوز العشرة فتاوى .

                  فهل يقال في مسألة محدثة كهذه باعتراف الأستاذ وأنها حدثت بعد قرون ومع إنكار كل من نقلنا عنهم هذه البدعة .
                  هل يقال إنها قد تلقتها الأمة بالقبول ؟
                  الجواب يعرفه القارئ
                  أما عن أول من أحدث المولد وابتدعه إذ لا خلاف أن القرون المفضلة قرون السلف لم يحتفل فيها أحد بالمولد فأول من ابتدعه هم الفاطميون الشيعة الباطنية فقد جاء في فتاوى الأزهر :
                  " لا يعرف المؤرخون أن أحدا قبل الفاطميين احتفل بذكرى المولد النبوى -كما قال الأستاذ حسن السندوبى - فكانوا يحتفلون بالذكرى فى مصر احتفالا عظيما ويكثرون من عمل الحلوى وتوزيعها كما قال القلقشندى فى كتابه " صبح الأعشى" . ...
                  ولانتشار البدع فى الموالد أنكرها العلماء ، حتى أنكروا أصل إقامة المولد ، ومنهم الفقيه المالكى تاج الدين عمر بن على اللخمى الإِسكندرى المعروف بالفاكهانى، المتوفى سنة 731 هـ ، فكتب فى ذلك رسالته " المورد فى الكلام على المولد" أوردها السيوطى بنصها فى كتابه " حسن المقصد" .
                  ثم قال الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: وقد أتى القرن التاسع والناس بين مجيز ومانع ...." ا.هـ
                  مع أن بقية الفتوى أجازت أصل المولد لكن مرادنا من النقل تحديد تاريخ هذه البدعة
                  والفاطميون كانوا معروفين بالبدع والموالد
                  فالخلاصة أن أول من احتفل بالمولد النبوي هم بنو عبيد القداح ( الفاطميون ) ، ويدلُّ على ذلك : ما ذكره المقريزي في خططه وما ذكره القلقشندي في صبح الأعشى .
                  وقد رجح نسبة هذا المولد للفاطميين جماعة من العلماء المتأخرين وصرَّحُوا به .
                  منهم : محمد بخيت المطيعي في كتابه أحسن الكلام ص(44) ، وعلي محفوظ في كتابه الإبداع ص(251) ، وحسن السندوبي في كتابه تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي ص (62) ، وعلي الجندي في كتابه نفح الأزهار ص(185، 186) ، وإسماعيل الأنصاري في كتابه القول الفصل ص (64) ، وغيرهم من المؤلفين في هذا المجال .
                  انظر بحث الشيخ حمد الجاسر بتعليق الباحث الناصح سليمان الخراشي
                  ودولة الفاطميين كانت حريصة على بث البدع بين المسلمين لتشويه الدين وقد حكم العلماء بزندقة أمرائها
                  قال ابن كثير :
                  " وقد كان الفاطميون أغنى الخلفاء وأكثرهم مالا ، وكانوا من أغنى الخلفاء وأجبرهم وأظلمهم ، وأنجس الملوك سيرة، وأخبثهم سريرة، ظهرت في دولتهم البدع والمنكرات وكثر أهل الفساد وقل عندهم الصالحون من العلماء والعباد، وكثر بأرض الشام النصرانية والدرزية والحشيشية، وتغلب الفرنج على سواحل الشام بكماله، حتى أخذوا القدس ونابلس وعجلون والغور وبلاد غزة وعسقلان وكرك الشوبك وطبرية وبانياس وصور وعكا وصيدا وبيروت وصفد طرابلس وإنطاكية وجميع ما والى ذلك، إلى بلاد إياس وسيس، واستحوذوا على بلاد آمد والرها ورأس العين وبلاد شتى غير ذلك، وقتلوا من المسلمين خلقا وأمما لا يحصيهم إلا الله، وسبوا ذراري المسلمين من النساء والولدان مما لا يحد ولا يوصف، وكل هذه البلاد كانت الصحابة قد فتحوها وصارت دار إسلام، وأخذوا من أموال المسلمين ما لا يحد ولا يوصف، وكادوا أن يتغلبوا على دمشق ولكن الله سلم، وحين زالت أيامهم وانتقض إبرامهم أعاد الله عزوجل هذه البلاد كلها إلى المسلمين بحوله وقوته وجوده ورحمته " ا.هـ كلام ابن كثير .
                  وهؤلاء هم سلف مروجي البدع .
                  فانتبه أخي الكريم للمخطط الذي قد لا تدرك أبعاده ، فالإسلام الصافي دين كاسح ، يجتاح الباطل بقوة لا توصف ، ولذلك هم يريدون بث البدع والمحدثات ليزيلوا صفاء الاسلام وبالتالي لتضعف فيه خاصية الاكتساح .
                  بأقل كلمات هذه هي الحقيقة
                  والبدعة ثغرة عظيمة لا يمكن أن يغفل عنها أعداء الاسلام
                  وبالتالي متى ما أردنا أن نقطع الطريق على هذه الاختراق الخطير من العدو فلا ملجأ ولا عصمة إلا بلزوم ما كان عليه المسلمون أول الإسلام زمن الصحابة والتابعين
                  فالذي كانوا عليه هو الذي قادهم إلى المجد .
                  هو الذي لاخلاف بأنه الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
                  هو الأقرب إلى المنبع والذي من شأنه الصفاء
                  هو الطريق الوحيد والأقرب لجمع كلمة المسلمين
                  هو أضمن طريق على الإطلاق إلى الجنة
                  هو أبعد طريق عن التغيير والتبديل
                  فلماذا لا يرضى مدعوا الحرص على الإسلام والمنادون بنبذ الخلاف والساعون بالشعارات فقط لتوحيد كلمة المسلمين ، لماذا إن كانوا صادقين لا يرضون بهذا الطريق الواضح وفقط .
                  لماذا ؟
                  الجواب واضح ، هم أحرص الناس على الفرقة ، وعلى رسم طرق شتى ، وعلى تكدير المنبع ، وعلى تشتيت الكلمة ، وعلى تغيير معالم الإسلام !!
                  وإلا فهل يتصور عاقل يملك ذرة من الفهم أن رسول الله النبي الأمين يفتتح حلقات العلم بالتطبيل والتزمير ؟ وبعروض الأزياء النسائية والفواصل الطربية كما يفعل حضرة الداعية !!
                  بل هل يتصور أن يرضى بهذا ؟
                  أي عقلية هذه يمكن أن نتصور أنها منصفة وتحمل خيرا للمسلمين
                  فأقوال السلف من صحابة وتابعين وتابعيهم متوفرة بأسانيدها وقد حوتها كتب مسندة معروفة موثقة من تأليف أئمة متفق عليهم كتبت قبل أكثر من ألف سنة ، وسبل تمييز الصحيح منها بفضل الله هي محل اتفاق بين أهل السنة كافة
                  فيا ترى نسأل أنفسنا أسئلة واقعية
                  الذين عاشوا مع النبي وعاشروه وهم أعرف بيوم ميلاده الذي هو محل خلاف عندنا ، ومنهم من كانت تربطه به بنوة كبناته ومنهم العم وابن العم ومنهم الصهر ومنهم الصاحب المقرب و...و...الخ وأصحابه بلغوا في حياته قرابة المائة ألف
                  وفي نفس الوقت هم أتبع الناس للسنة وأقرب الناس له حالا وأقرب الناس إلى ربهم ولا خلاف أن محبتهم له لا تعدلها محبة بل لا يجرؤ عاقل أن يزعم محبته للنبي أكثر منهم ومن زعم هذا فلا شك في كذبه
                  إذًا أيتصور ممن هم أبعد الناس عن تحري سنته ممن جاء بعد قرون أن يكونوا أكثر أدبا معه صلى الله عليه وسلم وأكثر حبا وأكثر وفاءا ؟
                  أيعقل أن يكون نابليون الصليبي أبرّ بمحمد صلى الله عليه وسلم من أبي بكر الصديق ؟!
                  فقد ذكر الجبرتي أن نابليون أمر الشيخ البكري بإقامة الاحتفال بالمولد وأعطاه ثلاثمائة ريال [ لعله قصد فرنك ] فرنسي ، وأمره بتعليق الزينات ، بل وحضر الحفل بنفسه من أوله إلى أخره ا.هـ
                  وإن تعجب فاعجب من كافر كنابليون وتمييزه لما هو دخيل على الدين وما يبعد عن روح الإسلام ليدعمه بينما مسلمون يصرون على فعل كل شيء دون تمييز فسبحان الله
                  ثم بدعة المولد قائمة على التشبه بالنصارى باعتراف مروجيها
                  قال السخاوي :
                  " إذا كان أهل الصليب اتخذوا ليلة مولد نبيهم عيدا أكبر فأهل الإسلام أولى بالتكريم وأجدر " ا.هـ (التبر المسبوك /14)
                  صدق رسول الله لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه
                  وأثر التبعية في زرع الهزيمة النفسية أمر لا يخفى

                  تعليق


                  • #24
                    البدعة بين النصيحة و الخدعة

                    المثال السادس مسح الوجه بعد الدعاء :

                    انظر كيف بدأ هذا الرجل الكلام عن هذه المسألة
                    قال هداه الله على هيئة حوار متكلما على لسان مخالفه كالتالي :
                    ـ ( الأستاذ ) : مسح الوجه بعد الدعاء .
                    ـ ( مخالفه ) : بدعة
                    ـ ( الأستاذ ) : ليه ؟
                    ـ ( مخالفه ) : لم يؤثر عن النبي و عن السلف .
                    ـ ( الأستاذ بلهجة توبيخية شديدة ) : بتكذب ، بتكذب ، جمعت العلم كله علشان قلت لم يؤثر عن السلف ؟ أيش عرفك أنه لم يؤثر عن السلف ؟ قرأت أيه ؟ " ا.هـ
                    والكلام كله للأستاذ ساغه على هيئة حوار

                    وهذه هي منزلة المخالف عند الأستاذ ، وهو طول الحلقة يعامل مخالفه معاملة الذليل ، ويصوّر خصمه دائما بصورة التافه الحقير ، وهذا هو الإسلام الذي ينادي به أمثال هؤلاء تحت أكذوبة ما يسمونه بالرأي والرأي الآخر .
                    وأنت لا تعرف أدب الخلاف إذا اقتديت بالسلف فأنكرت عين ما ينكره السلف .
                    أما الأدب الرفيع فهو حلية هؤلاء الذين يسلقون أتباع السلف بألسنة حداد والله المستعان

                    انظر أيها القارئ المنصف ماذا قال الإمام أحمد في رواية عنه أخفاها الأستاذ
                    وكذا ماذا قال الإمام مالك ؟ وماذا قال عبد الله ابن المبارك عن نفس المسألة ( مسح الوجه بعد الدعاء )
                    قال الإمام محمد بن نصر المروزي في كتابه الوتر :
                    " وأما أحمد بن حنبل فحدثني أبو داود قال : سمعت أحمد ، وسئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ من الوتر . فقال : لم أسمع فيه بشيء ، ورأيت أحمد لا يفعله "
                    هذه رواية عن أحمد كتمها الأستاذ
                    وأما مالك فقال الإمام ابن نصر في نفس الكتاب :
                    " وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء ، فأنكر ذلك ، وقال : ما علمت " ا.هـ (كذا)
                    أي ما علمت شيئا في المسألة يجوزها ، بدليل إنكاره
                    أما ابن المبارك فروى البيهقى في السنن الكبرى عن علي الباشانى قال سألت عبد الله - يعنى ابن المبارك - عن الذي إذا دعا مسح وجهه ؟
                    قال [ ابن المبارك ] : لم أجد له ثبتا ، قال علي ولم أره يفعل ذلك ا.هـ
                    أي لم أجد فيه شيئا ثابتا .
                    وكان الإمام سفيان الثوري يكرهه قال ابن نصر المروزي :
                    " وسئل عبد الله [ بن المبارك ] عن الرجل ، يبسط يديه فيدعو ثم يمسح بهما وجهه ، فقال : كره ذلك سفيان "
                    فمسألة كهذه يقول فيها أئمة رفعاء كهؤلاء مثل هذا الكلام الذي صرحوا فيه بعدم ورد شيء بلغهم ثم يأتي الأستاذ ويصرّ على تكذيب مخالفه لأنه نفى ورود شيء عن السلف في المسألة وربما يكون هذا الذي كذبه الأستاذ اعتمد في نفيه على كلام هؤلاء الأئمة وفهم منهم نفي وجود أي رواية في الباب
                    فلماذا كتم الأستاذ هذه الروايات وأحدها في السنن الكبرى ؟
                    لماذا حرص على أن يصور مخالفه بأنه يكذب في هذه المسائل ليشكك في كل ما ينكرونه من بدع ؟
                    إذًا لا تلم مخالفك إذا اتهمك بما اتهمته به ! عندما قلت في مقام عام مصورا أن السلف لم يكونوا يهتمون بتصنيف العبادات المحدثة من غيرها فقلت :
                    " هم زمان ما كانوش يقولوا دي سنة ودي بدعة "
                    مع أن أقل الناس علما لا يشك في أن السلف كانوا يكثرون من قول هذه سنة وهذه بدعة فضلا عن أن هذا كان يصدر منهم
                    لا تلم مخالفك إذا اتهمك بما اتهمته به ! عندما ذكرت أن الكلام التالي لا يقوله العلماء
                    ( النبي ما عملهاش ولو كان خيرا لسبقونا إليه )
                    هذا الذي ذكرتَ أنه لا يقوله العلماء وأنه ليس كلاما علميا وأنه كلام محدث وبدعة
                    لا تلم مخالفك إذا اتهمك بما اتهمته به ! لأن هذه العبارة عبارة أهل السنة كافة في ضبط البدع ، ولا يخفى هذا على الكثير وستأتي النقول فيه.
                    وأمور أخرى أنت أقرب فيها إلى التهمة من مخالفك فدع عنك العبارات المنافية للأدب والأساليب المنافية للإحترام
                    بل أنت قد خرقت الأمانة بإعراضك عن رواية أحمد الأخرى وقول مالك والثوري وابن المبارك

                    ومع ما حصل فالرواية التي نقلها الأستاذ هي كالآتي
                    سئل أبي وأنا أسمع عن رفع الأيدي في القنوت يمسح بها وجهه قال الحسن يروى عنه انه كان يمسح بها وجهه في دعائه اذا دعا " ا.هـ
                    فأين تجويز أحمد لمسح الوجه ؟
                    غاية ما في جوابه أنه نقل ما يعرفه من فعل الحسن ، أما أن أحمد يجوزه فليس بصريح ، وهذا الجواب قد يصدر عند حصول تردد من الإمام في المسألة أو لغير ذلك كما هو معلوم
                    وأحمد وإن اعتمدت كتب المذهب نقل الجواز عنه كإحدى الروايات لكن مفهوم هذه الرواية مفيد لمن يريد معرفة أقوال أحمد كلها ، ومعرفة أيها قد يكون سبق ، ومفيد في الترجيح أيضا لأن عزو المسألة لأحمد في كتب مذهبه فيه أقوال
                    وما نقله أيضا الأستاذ عن إسحاق بن راهويه فقد أوهم السامع أنه مشترك بينه وبين أحمد وأنه قول لكليهما وليس كذلك
                    وقد نقل ابن نصر عن إسحاق استحسان مسح الوجه فقال
                    "ورأيت إسحاق يستحسن العمل بهذه الأحاديث "
                    وقد أوهم الأستاذ مشاهديه أن إسحاق استحب هذا العمل مع علمه بأنه محدث واحتج بهذا المثال على تجويز السلف للمحدثات وأنهم لا يلتفتون لكون الفعل محدثا ما دام أنه لا يخالف أصول الشرع ، وهذا عمل غير لائق بأمانة العلم ، فإسحاق من الظاهر أنه قال بالمسح للأحاديث الواردة وهو صريح ما نقله عنه تلميذه محمد بن نصر :
                    " يستحسن العمل بهذه الأحاديث " فلماذا ينسب الأستاذ إلى إسحاق خلاف كلامه ؟!
                    أهكذا تكون الأمانة ؟ أين في كلام إسحاق أنه فعله مع اعترافه بأنه محدث ؟
                    وكذا عبارة أحمد عند ابن نصر دالة على تعويل أحمد في المسألة على الوارد ، سلبا أم إيجابا
                    قال محمد بن نصر المروزي في كتاب الوتر له :
                    " وأما أحمد بن حنبل فحدثني أبو داود قال : سمعت أحمد ، وسئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ في الوتر . فقال : لم أسمع فيه بشيء ، ورأيت أحمد لا يفعله . قال : وعيسى بن ميمون هذا الذي روى حديث ابن عباس ليس هو ممن يحتج بحديثه ، وكذلك صالح بن حسان ، وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء ، فأنكر ذلك ، وقال : ما علمت ، وسئل عبد الله عن الرجل ، يبسط يديه فيدعو ثم يمسح بهما وجهه ، فقال : كره ذلك سفيان " ا.هـ
                    فتأمل تعليل أحمد عدم المسح بضعف الرواية يتبين لك المراد
                    وتأمل أيضا ما نقله ابن قدامة عن أحمد وإن كان في المسح داخل الصلاة
                    ففي المغني :
                    " وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْقُنُوتِ فَهَلْ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدِهِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ [ يعني في المذهب ] : إحْدَاهُمَا ، لَا يُفْعَلُ ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ : لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ .
                    وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ فِي الصَّلَاةِ ، فَلَمْ يُسْتَحَبَّ مَسْحُ وَجْهِهِ فِيهِ ، كَسَائِرِ دُعَائِهَا الثَّانِيَةُ : يُسْتَحَبُّ ؛ لِلْخَبَرِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ .
                    وَرَوَى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ، { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا دَعَا رَفَعَ يَدَيْهِ ، وَمَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ } .
                    وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهِ ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ ، كَمَا لَوْ كَانَ خَارِجًا عَنْ الصَّلَاةِ ، وَفَارَقَ سَائِرَ الدُّعَاءِ ، فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهِ ا.هـ
                    تأمل قوله :
                    " لَا يُفْعَلُ ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ : لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ "
                    وقوله : " الثَّانِيَةُ : يُسْتَحَبُّ ؛ لِلْخَبَرِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ "
                    فالمنع لعدم وجود دليل ، والإستحباب عند وجود الدليل
                    فلا يوجد ما ينادي به الأستاذ من أنه لا يلزم وجود دليل خاص وإنما تكفي الأدلة العامة وإن لم توجد فيكفي أن لا تصادم أصول الشرع
                    فهذا التأصيل البدعي لا يوجد عند السلف قاطبة ولا عند من جاء بعدهم ممن سار على منهجهم وإنما هو تأصيل بدعي حادث لا يشهد له إلا بعض التطبيقات الخاطئة الشاذة لدي بعض متأخري أهل العلم التي تصادم عامة تطبيقات أهل العلم سلفا وخلفا
                    فإلصاق هذا الأصل المبتدع الحادث بأحمد بن حنبل وإسحاق خطأ فادح

                    أما الأقوال الأخرى عن أهل العلم فهو لون آخر من الأمانة العلمية ضرب به الأستاذ المثل ، وأبرز ذلك قول العز بن عبد السلام في المسألة فلقد ملأ الأستاذ حلقته إشادة بالعز ومذهبه في البدعة وعندما وصل إلى هذه المسألة سكت عن العز مع أن تطبيقه هنا مهم جدا
                    فأين الأمانة ؟ أين أمانة العلم يا أستاذ ؟
                    حسبنا الله ونعم الوكيل
                    قال في مغني المحتاج من كتب الشافعية
                    " وَأَمَّا مَسْحُ الْوَجْهِ عَقِبَ الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلَاةِ ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ نَهْيِهِ عَنْهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا جَاهِلٌ ا هـ .
                    وهو في فتاوى العز نفسها ص 392
                    وقال شيخ الإسلام :
                    " وأما رفع النبي صلى الله عليه و سلم يديه في الدعاء : فقد جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة وأما مسحه وجهه بيديه فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان لا يقوم بهما حجة والله أعلم "
                    فتاوى ابن تيمية

                    أما التعريف يوم عرفة في غير عرفة فأقوال السلف في إنكاره وبدعيته كثيرة نقلها أبوشامة وابن تيمية وهي بأسانيدها في مصنف ابن أبي شيبة وغيره وستأتي في التطبيقات وهي تبطل ما صوره الأستاذ للمشاهد

                    تعليق


                    • #25
                      البدعة بين النصيحة و الخدعة

                      الانتقائية منه في عرض مواقف أهل العلم :

                      طبعا الأستاذ نقل في الحلقة عدة أقوال عن جماعة من العلماء وسبق بيان ما قام به من انتقاء في الأمثلة التي ساقها بما أظنه كاف في بيان حاله .
                      أما انتقائية الأستاذ في مواقف الأئمة فالأمر فيه أظهر ، حيث كان بصورة ظاهرة يحتج بأحدهم في مثال ويشنع عليه بطريقة غير مباشرة في مثال آخر ، حتى أن جل مَن ذَكَرهم لا يوافقونه في أكثر الأمثلة التي ساقها ولا يوجد واحد منهم يوافقه في كل ما مثّل به ، ناهيك عن تطبيقاتهم أعني هؤلاء الذين احتج بهم ، فجل تطبيقاتهم تناقض مذهب الأستاذ نقضا واضحا وهذا يكشف لك حقيقة إخلال الأستاذ بأمانة العلم كأقوال أحمد والشافعي والعز بن عبد السلام وأبي شامة وابن تيمية وابن رجب والسيوطي وأبين هذا بما يلي

                      أما أقوال أحمد وتطبيقاته في البدعة التي تبين حقيقة مذهبه والأمثلة الصريحة التي تَنقُض وتبطل ما نسبه إليه الأستاذ وألصقه به فهي كثيرة جدا ، فإليك أخي الكريم بعض ما انتشلناه من تلك الموؤودات

                      ـ قال الإمام أحمد :
                      " أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا : التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ ، وَتَرْكُ الْبِدَعِ ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلَالَةٌ " ا.هـ
                      فأحمد يرى كل بدعة (شرعا) ضلالة خلافا لما قرره الأستاذ وألصقه بأحمد
                      ـ قَالَ : مُهَنَّا : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يَجْلِسُ إلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُو هَذَا وَيَدْعُو هَذَا ، وَيَقُولُونَ لَهُ : اُدْعُ أَنْتَ .
                      فَقَالَ [ أحمد ] : لَا أَدْرِي مَا هَذَا ؟ " ا.هـ
                      لماذا لم يجوز ذلك أحمد ؟ أليس الدعاء قد أمرت به النصوص العامة ؟
                      فإذا كان أحمد كما يصور الأستاذ فلماذا لم يسوغ هذا ؟
                      ويوضحه بقية ماجاء في المسألة
                      " قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّه ( أحمد ) :
                      يُكْرَهُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْقَوْمُ يَدْعُونَ وَيَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ ؟
                      فَقَالَ : مَا أَكْرَهُهُ لِلْإِخْوَانِ إذَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى عَمْدٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا .
                      قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ : قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا مَعْنَى إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا إلَّا أَنْ يَتَّخِذُوهَا عَادَةً حَتَّى يَكْثُرُوا ا.هـ

                      فأجاز أحمد الاجتماع العارض للدعاء أما المداومة الدالة على التخصيص فهو لا يراه ويكرهه بنص كلامه
                      قال ابن مفلح :
                      " قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : فَقَيَّدَ أَحْمَدُ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الدُّعَاءِ إذَا لَمْ يُتَّخَذْ عَادَةً " ا.هـ
                      فتأمل
                      وفي الشرح الكبير لابن قدامة
                      " قال أحمد ولا يقول خلف الجنازة سلم رحمك الله فإنه بدعة " ا.هـ
                      لماذا ؟ أليس دعاء مشروعا في أصله ؟ لماذا بدعه ؟ فتأمل أخي الكريم لتعلم البدعة عند أحمد وأنه لا يرى العمل بالنص العام كافيا في مثل هذه المواطن
                      ـ وفي مسائل الإمام أحمد بن حنبل وابن راهويه :
                      قلت التطريب في الأذان ؟
                      قال : " كل شيء محدث " كأنه لم يعجبه .
                      قال إسحاق كما قال لأنه بدعة
                      ـ وفي مسائل أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله
                      قال سألت ابي عن القراءة بالألحان
                      فقال محدث إلا أن يكون طباع ذلك يعني الرجل طبعه كما كان ابو موسى الاشعري
                      قال الخلال :
                      أخبرني محمد بن جعفر ، أن أبا الحارث ، حدثهم أن أبا عبد الله قيل له : القراءة بالألحان والترنم عليه ؟ قال : « بدعة ، قيل له : إنهم يجتمعون عليه ويسمعونه ، قال : الله المستعان »
                      وقال الخلال :
                      وأخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق ، حدثهم قال : قال لي أبو عبد الله يوما وكنت سألته عنه : هل تدري ما معنى : « من لم يتغن بالقرآن فليس منا » ؟ قال : يرفع صوته ، فهذا معناه : إذا رفع صوته فقد تغنى به . سألت أحمد بن يحيى النحوي ثعلب عن قوله : ليس منا من لم يتغن بالقرآن ؟ فقال ذهب بعضهم : إلى أنه الغناء ، يترنم به . وبعضهم يذهب إلى الاستغناء ، وهو الذي عليه العمل . . «
                      وذكر عن أنس ، وعن التابعين ، فيه كراهية ،
                      قلت : أليس يروى عن معاوية بن قرة ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع عام الفتح ، وقال : « لو شئت أن أحكي لكم اللحن » . فأنكر أبو عبد الله أن يكون هذا على معنى الألحان ، وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : « ما أذن لشيء ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن » . وقال : « ليس منا من لم يتغن بالقرآن » . وقال : كان ابن عيينة يقول : فيستغني بالقرآن ، يعني : الصوت ، وقال وكيع : يستغني به ، قال : وقال الشافعي : يرفع صوته ، وأنكر أبو عبد الله الأحاديث التي يحتج بها في الرخصة في الألحان " ا.هـ

                      وعند ابن قدامة عن أحمد :
                      " وفي رواية عبدوس : في دعاء القنوت في الصلاة عند من قال به جاء فيها : إن زاد حرفا على الوارد فاقطع صلاتك "ا.هـ
                      وانظر ما قاله أحمد في حشر نوع القصائد التي هي من شأن أهل الغفلة والطرب في الذكر والوعظ
                      قال الخلال في الأمر بالمعروف :
                      " أخبرني محمد بن موسى ، قال : سمعت عبدان الحذاء ، قال : سمعت عبد الرحمن المتطبب ، قال : سألت أحمد بن حنبل ، قلت : ما تقول في أهل القصائد قال : « بدعة لا يجالسون »
                      أخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث ، حدثهم قال : سألت أبا عبد الله : ما ترى في التغبير أنه يرقق القلب ؟ فقال : « بدعة »
                      أنا الحسين بن صالح العطار ، حدثنا هارون بن يعقوب الهاشمي ، قال : سمعت أبي أنه ، سأل أبا عبد الله عن التغبير ، فقال : « هو بدعة ومحدث »
                      والتغبير هو ذكر الله عن طريق الغناء والتطريب
                      وهناك آثار كثيرة عن السلف في هذا
                      فهذا هو أحمد بن حنبل الذي أشاد به الأستاذ إشادة كبيرة وهو لها أهل رحمه الله حتى قال الأستاذ بالحرف الواحد :
                      ( أحمد يقول قل حاضر )
                      وذلك خلال رده على من يقول إن قول أحمد لا يقبل إلا بدليل
                      والأستاذ لم يكن واقعيا في هذا الكلام ولو كان واقعيا أولاً لما بتر أقواله في القراءة على القبر ولا ترك أصح الروايات عنه في مسألة القراءة ومسألة المسح على الوجه الذي اتفق كل الحنابلة بأن أحمد لم يفعله بينما اختلف هل رخص فيه أم لا
                      لماذا لو كنت واقعيا لم تقل حاضر يا أحمد في كل الأمثلة التي نقلناها وأخفيتها على القراء
                      كإنكاره الاجتماع مداومة على الدعاء والذكر
                      وإنكار الآذان الملحن بالألحان
                      وكالإنكار على من يزيد في دعاء القنوت على المأثور لدرجة أمره بقطع الصلاة
                      وكإنكاره القصائد الرقائقية الملحنة ( بالمقامات ونحوها )
                      لماذا لم تقل عن كل أقوال أحمد هذه حاضر لو كنت واقعيا في قولك سابقا ( أحمد يقول ، قل حاضر )
                      أحمد كان ينكر بشدة الموسيقى ويأمر بكسر آلاتها لم تختلف الروايات عنه في هذا فذكر بالصريح العود والطبل والطنبور و كان يأمر بكسرها حتى لو كانت مع الصبيان
                      بل كان يفتي بضرب من يفعل ذلك انظر الرسائل والمسائل المروية عن أحمد ولم تختلف المذاهب الأربعة في حرمة الموسيقى
                      فلماذا لم تقل لأحمد حاضر وأنت تصك آذان مشاهديك في مقدمة البرنامج وخاتمته وفي الفواصل المتعددة ؟
                      وهذه مسائل لم تختلف فيها الروايات عن أحمد
                      هل يكون واقعيا من يقول حاضر فيما هو مختلف فيه عن أحمد ثم يولي ظهره لما هو متفق عليه عن أحمد وكان أحمد يشدد فيه أكثر ؟
                      لم تختلف الروايات عن أحمد بأن الله يوصف بأنه يتكلم بصوت وأنه كلم موسى حين كلمه بصوت
                      فهل يقول الأستاذ حاضر ؟
                      بينما مذهب شيخه الذي أشاد به أن هذا تشبيه
                      هل يقول لأحمد حاضر في وصف الله بأنه فوق سماواته مستو على عرشه ؟
                      هو يعرف متى يقول حاضر

                      تعليق


                      • #26
                        البدعة بين النصيحة و الخدعة

                        أما أبو شامة فهو من أوضح الأمثلة على إخلال الأستاذ بالأمانة .

                        وكل ما سيأتي من كلام أبي شامة فهو مما كتمه الأستاذ عن مشاهديه وحجبه عنهم ولم يكتف بهذا حتى نسب لأبي شامة خلاف ما قرره أبو شامة في كتابه .
                        وسيأتي امتناع الأستاذ من نقل تفصيل أبي شامة للفرق بين البدعة اللغوية والشرعية باعتبار الأستاذ جعل من مَحاوِره الأصلية في الحلقة دمج البدعة لغة في البدعة شرعا تحت مسمى البدعة الشرعية وسيأتي إيضاحه .
                        وبدأ الأستاذ النقل عنه بحذف كلمات لم أفهم مراد الأستاذ من حذفها وسأحسن الظن به حقيقة وأنه غفل عنها
                        قال أبو شامة :
                        " والبدعة الحدث في الدين بعد الإكمال
                        قلت وهو ما لم يكن في عصر النبي مما فعله أو أقر عليه أو علم مع قواعد شريعته الإذن فيه وعدم النكير عليه نحو ما سنشرحه في الفصل الآتي " ا.هـ
                        فنقله الأستاذ ولم ينقل قوله : " في الدين بعد الإكمال " وقد أحسنت الظن بالأستاذ
                        لكن الذي أُنكره عليه هو تجنب الأمثلة التي ساقها أبو شامة يبين بها البدعة والتي أشار إليها أبو شامة في تعريفه مبينا أهميتها في توضيح التعريف بقوله : " نحو ما سنشرحه في الفصل الآتي " فأهملها الأستاذ حتى لا يدرك المشاهد مراد أبي شامة الذي هو ضد ما ألصقه به الأستاذ ، وها أنا أنقلها لأبين حقيقة ما قام به الأستاذ في حق مشاهديه
                        ـ قال أبو شامة
                        " فالبدع الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها وهي كل مبتدَع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشيء منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي وذلك نحو بناء المنابر والربط والمدارس وخانات السبيل وغير ذلك من أنواع البر التي لم تعد في الصدر الأول فإنه موافق لما جاءت به الشريعة من اصطناع المعروف والمعاونة على البر والتقوى " ا.هـ
                        وهذه أمثلة البدعة اللغوية المتفق عليها كما ذكر أبو شامة ، فلولا هذه الأمثلة لظن القارئ أن البدع الحسنة عنده هي جانب من معنى البدعة الشرعية ولظن الحسنة عنده هي الذكر الجماعي الموحد أوتخصيص رجب بالصيام الذي أنكره بنفسه كما سيأتي ، وهذا التمثيل من أبي شامة يكشف لك مقصد الأستاذ من حذف الأمثلة .
                        أما أمثلة البدعة شرعا فستأتي ضمن كلامه الآتي :
                        قال أبو شامة عند كلامه عن القسم الثاني من البدعة بالمعنى الشرعي
                        وتكلم بكلام طويل إلى أن قال :
                        " ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ، ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضله الشرع وخصه بنوع من العبادة ، فإن كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها كصوم يوم عرفة وعاشوراء ... ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضلا فيه جميع أعمال البر كعشر ذي الحجة وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر أي العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، فمثل ذلك يكون أي عمل من اعمال البر حصل فيها كان له الفضل على نظيره في زمن آخر
                        فالحاصل أن الملكف ليس له منصب التخصيص بل ذلك الى الشارع وهذه كانت صفة عبادة رسول الله
                        قال الحافظ البيهقي في السنن الكبير :
                        باب من كره ان يتخذ الرجل صوم شهر يكمله من بين الشهور أو صوم يوم من الأيام
                        وساق فيه من الصحيحين حديث أبي سلمة عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وحديث علقمة قال قلت لعائشة رضى الله عنها هل كان رسول الله صلع يخص من الأيام شيئا قالت لا كان عمله ديمة
                        قال الأمام الشافعي : وأكره ان يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان وكذلك يوم من بين الأيام قال وإنما كرهته ليتأسى رجل جاهل فيظن ان ذلك واجب أو فعل حسن
                        وذكر الشيخ أبو الخطاب في كتاب أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب عن المؤتمن بن أحمد الساجي الحافظ قال :
                        كان الإمام عبد الله الأنصاري شيخ خراسان لا يصوم رجب وينهي عن ذلك ويقول :
                        ما صح في فضل رجب ولا في صيامة عن رسول الله شيء وقد رويت كراهة صومه عن جماعة من الصحابة منهم أبو بكر وعمر رضى الله عنهما وكان عمر يضرب بالدرة صوامه
                        قال : وسئل سفيان الثوري رحمه الله تعالى عمن يقرأ قل هو الله أحد لا يقرأ غيرها يكررها فكرهه وقال إنما أنزل القرآن ليقرأ ولا يخص شيء دون شيء وإنما انتم متبعون ولم يبلغنا عنهم مثل هذا
                        قال محمد بن مسلمة :
                        ولا يؤتى شيء من المساجد يعتتقد فيه الفضل بعد المساجد الثلاثة إلا مسجد قباء قال وكره أن يعد له يوما بعينه فيؤتى فيه خوفا من البدعة وأن يطول بالناس زمان فيجعل ذلك عيدا يعتمد أو فريضه تؤخذ ولا بأس أن يؤتى كل حين ما لم تجيء فيه بدعة " ا.هـ
                        وقال أبوشامة ولا زال الكلام من كتابه :
                        " وقرأت في كتاب شرح الجامع للزعفراني الحنفي فصلا حسنا أعجبني إثباته ههنا قال وكان يكره ان يتخذ شيئا من القرآن حتما يوقت لشيء من الصلاة وكره أن تتخذ السجدة وهل أتى على الإنسان لصلاة الفجر يقرآن كل جمعة "
                        ثم قال أبو شامة :
                        " وإنما كره الملازمة في قراءة السورة ، فأما أحيانا فمستحب لأن الحديث قد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأهما في صلاة الفجر ولكن فعل ذلك لا يدل على اللزوم ا.هـ

                        هذا الكلام الواضح الصريح من أبي شامة أخفاه الأستاذ عن المشاهدين وقرر خلافه ونسبه لأبي شامة
                        فهل من منكر ؟ هل من مدافع عن العلم وهو ينتهك ؟

                        والإمام أبو شامة - رحمه الله - أنكر في كتابه هذا "الباعث على إنكار البدع والحوادث" كثيراً من بدع الجنائز مثل قول القائل أثناء حمل الجنازة: استغفروا له غفر الله لكم، كما أنكر أن يكون للجمعة سنة قبلية وأنكر كذلك صلاة الرغائب وأنكر كذلك صلاة ليلة النصف من شعبان .
                        وهذا هو مذهب أبي شامة من خلال كلامه نفسه .
                        بالله عليكم ألم يقرر الأستاذ طول حلقته خلاف هذه التطبيقات وخلاف هذه الأحكام على أمثال هذه الأمثلة ؟
                        ألم ينسب لأبي شامة وغيره أنهم لا يحكمون بالبدعة على ما جاءت به النصوص العامة ولم يخالف أصول الشرع ؟
                        أين هذا الادعاء من كلام أبي شامة نفسه ؟
                        أليس هذا مخالفة للحقائق ؟
                        فلماذا نقل الأستاذ بعض كلام أبي شامة المجمل وترك باقي كلامه الموضح بالأمثلة الصريحة الذي هو ضد كلام الأستاذ تماما والذي نص أبو شامة نفسه أنه ألف كتابه من أجله ؟ لماذا ؟
                        أنا أريد القارئ الكريم أن يحكم على الأستاذ في صنيعه هذا .
                        كيف يكون أمينا من يفعل هذا ؟
                        هل هذه أمانة أن تنقل تعريفا وتبتر الأمثلة المذكورة عقبه ثم تمثل من عندك بأمثلة تناقض أمثلة صاحب التعريف ثم تختم هذه الأفاعيل بأن تنسب ما ذكرته لصاحب التعريف في صورة عزو مجملة على أن هذه الأمثلة والتطبيقات هي مراده من التعريف وهي حقيقة مذهبه في هذه القضية ؟
                        والأنكى أن تستخف بتطبيقاته هو مستدلا به في ذلك !!
                        وإضافة إلى شرحه لكلام أبي شامة بما يخالف مذهبه ونسبة هذه المخالفة لأبي شامة ، وإضافة إلى تقرير أحكام تطبيقية خاطئة وإلصاقها بمذهب أبي شامة في البدعة
                        فإن الأستاذ استنكر كلاما واستدل على إنكاره بتعريف أبي شامة بينما عَيْن هذا الكلام قاله أبو شامة وأقر به !!
                        فقد استنكر الأستاذ على مخالفه حكمه بالبدعة على تخصيص العبادات بوقت أو كيفية دون دليل وجعله مخالفا لأقوال العلماء
                        فمثّل لقول مخالفه بـ( الدعاء المعين في وقت معين ) كذا مثّل الأستاذ واستنكر تبديع مخالفه لهذا وذلك قبل شروعه في التعريفات
                        ثم استدل بتعريف أبي شامة ضمن بقية التعريفات على بطلان تبديع مخالفه الدعاء المعين في وقت معين وأشباهه من الأمثلة ، ثم عاد ونقل نفس الصورة مستنكرا تبديعها وقال في بيانها :
                        ( واحد يشوف واحد يخصص دعاء معين في وقت معين أو رقما معينا في ذكر معين يقولك ما تخصصش في وقت معين أو ما تعملهاش بكيفية لم ترد )
                        ثم كر عليها بالرد في كلام طويل ولم يخل من استخفاف به
                        وبالله عليك انظر ماذا قال أبو شامة :
                        " ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضله الشرع وخصه بنوع من العبادة فان كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها كصوم يوم عرفة وعاشوراء ..
                        فالحاصل أن الملكف ليس له منصب التخصيص بل ذلك الى الشارع وهذه كانت صفة عبادة رسول الله قال الحافظ البيهقي في السنن الكبير باب من كره ان يتخذ الرجل صوم شهر يكمله من بين الشهور أو صوم يوم من الأيام ..." ا.هـ
                        ثم مثّل أبو شامة للتخصيص البدعي بصوم رجب وتخصيص يوم معين بالصيام واستدل بالشافعي وسبق قبل قليل ومثّل بتخصيص قراءة سورة الإخلاص وتكرارها وبتخصيص مسجد معين وتفضيله للعبادة وسبق كلامه كاملا قبل قليل
                        ماذا نسمي هذا الصنيع منك يا أستاذ ؟
                        لماذا تصر على إبطال كلام يقول به أبو شامة وتنسب له أنه ممن يبطله بينما هو يقول به ؟!!
                        هذا والله هو العجب
                        إنه والله استخفاف صارخ بالعلم .

                        تعليق


                        • #27
                          البدعة بين النصيحة و الخدعة

                          أما العز بن عبد السلام فأيضا حذف الأستاذ من تعريفه كل الأمثلة المصاحبة والتي توضح مراده من التعريف بما يدل على أن العز أدمج البدعة لغة في تعريفه وهذا مناف لما قرره عنه الأستاذ عندما ذكر تعريف العز على أنه للبدعة الشرعية وهو خطأ على العز
                          فقد ذكر العز في البدعة الواجبة علم النحو وحفظ معاني القرآن الغريبة لغة
                          وذكر في البدعة المندوبة بناء المدارس وصلاة التراويح
                          وذكر في البدع المباحة التوسع في المآكل والمشارب والملابس والمساكن
                          وكل هذه الأمثلة دالة على شمول تعريفه للبدعة اللغوية خلافا لصنيع الأستاذ الذي جعله خاصا بالبدعة الشرعية
                          ولم يخطئ العز في التمثيل إلا عندما جعل المصافحة بعد الصبح والعصر من البدع المباحة مع أنه قرر بأنها من البدع المذمومة في فتاواه كما نقلت آنفا عندما جعلها بدعة مخالفة للسنة وحث على تركها


                          وإليك أقواله وتطبيقاته التي ولى لها الأستاذ ظهره مع إشادته العظيمة بشخص العز ، ومن بينها مسألة مسح الوجه بعد الدعاء والمصافحة بعد الصلوات والدعاء بعدها من الإمام والتي كاد الأستاذ أن يكفر مخالفيه بها فكذب وشتم كعادته في الحلقة

                          يقول العز في كتاب "الفتاوى" له (ص392):
                          " ولا يستحب رفع اليد في القنوت كما لا ترفع في دعاء الفاتحة، ولا في الدعاء بين السجدتين، ولم يصح في ذلك حديث، وكذلك لا ترفع اليدان في دعاء التشهد ؛ ولا يستحب رفع اليدين في الدعاء إلا في المواطن التي رفع فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يديه، ولا يمسح وجهه بيديه عقيب الدعاء إلا جاهل ، ولم تصح الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في القنوت، ولا ينبغي أن يزاد على صلاة رسول الله في القنوت بشيء ولا ينقص " اهـ.

                          وسبق نقل كلامه عن المصافحة والدعاء أدبار الصلوات

                          قارن هذه التطبيقات بما يلصقه الأستاذ للعز من تسويغ للعمل بالنصوص العامة مطلقا ما لم تخالف أصول الشرع .
                          فالعز وإن كان قد أخطأ في هذا الباب كما نبه العلماء على هذا لكنه لا يقول بهذا الاطلاق الذي يلصقه الأستاذ به ظلما ، وكلامه هذا وما سيأتي ناطق بنفسه على هذا
                          وفي "فتاواه" أعني العز بن عبد السلام (ص289) قال :
                          " ومن فعل طاعة لله تعالى ، ثم أهدى ثوابها إلى حي؛ أو ميت لم ينتقل ثوابها إليه إذ ((وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)) [النجم: 39] فإن شرع في الطاعة ناوياً أن يقع عن ميت لم يقع عنه إلا فيما استثناه الشرع كالصدقة: والصوم، والحج " انتهى
                          وقال العز ابن عبد السلام في الفتاوى الموصلية :
                          " ذِكر الصحابة والخلفاء والسلاطين بدعة غير محبوبة "
                          يعني في الخطب على المنابر مداومة
                          وفي كتاب أسنى المطالب للشافعية :
                          " قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ التَّرَضِّي عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ فِي زَمَانِنَا بِدْعَةٌ غَيْرُ مَحْبُوبَةٍ "
                          وفي أسنى المطالب :
                          " قَالَ [ العز ] ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِيَامُ لِلْمُصْحَفِ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ "
                          وتأمل قوله : " بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ "
                          فهذا المعنى قد أنكره الأستاذ بشدة وسفه القائل به مرارا في تلك الحلقة والله المستعان
                          وفيه أيضا :
                          ( وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ بِالْأَنْعَامِ فِي رَكْعَةٍ مِنْهَا ) لِاعْتِقَادِ أَنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ إنَّهُ بِدْعَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَفَاسِدَ وَصَوَّرَهَا فِي التِّبْيَانِ "
                          وفي حاشية البجيرمي وهو من كتب الشافعية قال عن تلقين الميت في قبره :
                          " وَفِي كَلَامِ الْحَافِظِ السُّيُوطِيّ :
                          لَمْ يَثْبُتْ فِي التَّلْقِينِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَا حَسَنٌ بَلْ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ ، وَلِهَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْأُمَّةِ إلَى أَنَّ التَّلْقِينَ بِدْعَةٌ وَآخِرُ مَنْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ " ا.هـ
                          أيضا تأمل قوله : " ولهذا ذهب جمهور ..." لأجل عدم ثبوت حديث وهذا المعنى هو ما أنكره الأستاذ مرارا
                          وقال العز أيضا :
                          " وَقَدْ يُخْتَلَفُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ ، فَيَجْعَلُهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ ، وَيَجْعَلُهُ آخَرُونَ مِنْ السُّنَنِ الْمَفْعُولَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا بَعْدَهُ ، وَذَلِكَ كَالِاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْبَسْمَلَةِ " ا.هـ
                          يعني حال الجهر بها
                          وحكمه على هذا المثال بالخلافي يبين لك البون الشاسع بينه وبين ما ينادي به الأستاذ من إغلاق باب الحكم بالبدعة على ما أصله من العبادات ويصف الاشتغال به بالصخرة التي ينبغي أن تزال

                          وتأمل المسائل التي ذكرها العز والتي يروج لها الأستاذ وينكر على من يرى ببدعيتها كما صريح قاعدته وصريح ما نادى به من تطبيق مماثل ثم يستدل بالعز في إنكارها
                          وهذا غاية في انعدام الأمانة

                          تعليق


                          • #28
                            أما الإمام الشافعي

                            فانظر إلى تطبيقاته التي تبين بُعد المفهوم الذي ألصقه الأستاذ به
                            قال أبوشامة في كتابه الحوادث :
                            " قال الإمام الشافعي :
                            وأكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان وكذلك يوم من بين الأيام قال وإنما كرهته ليتأسى رجل جاهل فيظن أن ذلك واجب أو فعل حسن " ا.هـ
                            فانظر إلى منع الشافعي من التخصيص لتعلم أن الأستاذ كان يهرول في ناحية بينما الشافعي في ناحية أخرى
                            قَالَ الشَّافِعِيُّ في الأم :
                            " وَأُحِبُّ أَنْ يُخْلِصَ الْإِمَامُ ابْتِدَاءَ الْخُطْبَةِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعِظَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ , ( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ مَا الَّذِي أَرَى النَّاسَ يَدْعُونَ بِهِ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمئِذٍ أَبَلَغَك عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَمَّنْ بَعْدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ؟ قَالَ لَا إنَّمَا أُحْدِثَ إنَّمَا كَانَتْ الْخُطْبَةُ تَذْكِيرًا ( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : فَإِنْ دَعَا لِأَحَدٍ بِعَيْنِهِ , أَوْ عَلَى أَحَدٍ كَرِهْته وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ " انتهى من الأم

                            فتأمل حكمه على تخصيص الخطبة بدعاء معين بأنه محدث وكراهته له كراهة تحريم كما هو أصل الكراهة عند الشافعي وهو معروف ، وبدليل أنه نص على أنها لا تصل حد إبطال الصلاة وهو حجم للكراهة يتنافى مع التنزيه ، ويكفي تعليله كراهتها لأنها محدثة فماذا يريد الأستاذ أيضا

                            وقال الإمام الشافعي رحمه الله في كلمته المشهورة التي نقلها عنه أئمة مذهبه وعلماؤه كالغزالي في "المنخول" والمحلي في "جمع الجوامع-2/395 بحاشيته": "من استحسن فقد شرع "

                            ويقول كمال الدين بن حمزة الحسني الشافعي كما في مواهب الجليل
                            " وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ وَشَيْخِهِ مَالِكٍ وَالْأَكْثَرِينَ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يَصِلُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ قَالَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ : فَإِهْدَاءُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ الْوُصُولَ عَبَثٌ مَكْرُوهٌ "
                            فهل هذه الأقوال تصدر ممن يرى أن العمل يثبت بمجرد النص العام وأنه متى لم يصادم أصول الشرع فلا بأس به كما ينسب له الأستاذ ؟
                            إذا لماذا أنكر الشافعي هذه الأعمال في هذه الأمثلة ؟
                            ولماذا لم ينقل عنه الأستاذ ولو تطبيقا واحدا ؟ لا فيما طرحه من أمثلة ولا في غيرها ؟
                            فهل هذه هي الأمانة العلمية ؟ أن تنسب للإمام ما لم يقل وتتجنب ما قال ؟

                            تعليق


                            • #29
                              البدعة بين النصيحة و الخدعة

                              وأما السيوطي- رحمه الله – فهو نموذج مكشوف لإخلال الأستاذ بالأمانة

                              وأتركك مع هذه الباقة من أقواله التي أقسم بالله الجليل أنها تصادم ما قرره الأستاذ مصادمة واضحة وأن الأستاذ قد ألصق بالسيوطي ما يخالفها والله المستعان

                              قال السيوطي رحمه الله :
                              " وكل اجتماع يتكرر بتكرر الأسابيع والشهور والأعوام غير الاجتماعات المشروعة هو المبتدع ، ففرق بين ما يفعل من غير ميعاد وبين ما يتخذ سنة وعادة؛ فإن ذلك يضاهي المشروع وقد كره ابن مسعود وغيره من الصحابة اعتياد الاجتماع في مكان مخصوص، وهو المنصوص عن أحمد أنه، قيل له:
                              تكره أن يجتمع القوم يدعون الله تعالى ويرفعون أيديهم؟ فقال: ما أكره للإخوان إذا لم يجتمعوا على عهد إلا أن يكثروا.
                              وأصل هذا أن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات حتى تصير سنناً ومواسم، قد شرع الله منها ما فيه كفاية المتعبد، فإذا أُحدث اجتماع زائد كان مضاهاة لما شرعه الله تعالى وسنة رسوله " ا.هـ
                              تأمل بالله هذا الكلام لتعلم أي جناية جناها ذلك الأستاذ على السيوطي وغير السيوطي
                              بماذا سيحكم القارئ عندما يجد الأستاذ ينسب للسيوطي كلاما آخر ومذهبا آخر غير مذهبه لمجرد أنه وافقه في مسألة ؟
                              وقال السيوطي أيضا :
                              " ومن البدع ما يفعل في الجنائز من ترك ..الإنصات فيها، وقراءة القرآن معها بالألحان "
                              وقال السيوطي :
                              " ومن ذلك[ من البدع ] التلحين في القراءة والآذان. وقد روي أن رجلاً من المؤذنين قال لابن عمر: " إني أحبك في الله، فقال له: لكني أبغضك في الله، قال: لم؟ قال: لأنك تتغنى في الآذان وتأخذ عليه " ا.هـ .
                              بالله هل هذا كلام من يكتفي بالنصوص العامة ولا يرى بدعة إلا ما خالف أصول الشريعة ؟ اتقوا الله ياقوم

                              وانظر هنا إلى كلام السيوطي عن أحد المسائل التي شغب فيها الأستاذ على مخالفه وهي التعريف يوم عرفة في غير مكان عرفة
                              قال السيوطي رحمه الله :
                              " ومن ذلك التعريف المحدث :
                              قال ابن وهب: سمعت مالكاً يسأل عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر واجتماعهم للدعاء، فقال: ليس هذا من أمر الناس، وإنما مفاتيح هذه الأشياء من البدع.
                              وقال مالك في العتبية: وأكره أن يجلس أهل الآفاق يوم عرفة في المساجد للدعاء، ومن اجتمع إليه الناس فلينصرف في مقامه، ومقامه في منزله أحب إليه، فإذا حضرت الصلاة رجع فصلى في المسجد
                              وروى محمد بن وضاح: أن الناس اجتمعوا بعد العصر من يوم عرفة في مسجد النبي ( يدعون، فخرج نافع مولى ابن عمر فقال: يا أيها الناس، إن الذي أنتم فيه بدعة، وليست بسنة، أدركت الناس ولا يصنعون هذا.
                              وقال إبراهيم النخعي: الاجتماع يوم عرفة أمر محدث.
                              ... " ا.هـ
                              وهذه هي نفس المسألة التي شنع فيها الأستاذ على مخالفيه
                              وقال السيوطي أيضا :
                              " ومن البدع قراءة سورة الأنعام في ركعة صلاة التراويح، ويروون في ذلك حديثاً لا أصل له عن ابن عباس عن أبي بن كعب رضي الله عنهما عن النبي (، قال: " أنزلت سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك بالتسبيح والتحميد " . وهذا الحديث إسناده ضعيف مظلم، فاغتر بذلك من سمعه من عوام المصلين. ثم لو صح هذا الحديث لم يكن فيه دلالة على استحباب قراءتها في ركعة.
                              فقراءتها في ركعة واحدة بدعة من وجوه.
                              أحدها: تخصيص ذلك بسورة الأنعام دون غيرها، فيوهم أن ذلك سنة فيها دون غيرها، والأمر بخلاف ذلك.
                              والثاني: تخصيص ذلك بصلاة التراويح دون غيرها.
                              والثالث: ما فيه من التطويل على المؤمنين، لا سيما على من يجهل ذلك من عادتهم، فيقلق ويضجر ويسخط ويكره العبادة.
                              والرابع: ما فيه من مخالفة السنة من تقليل القراءة في الركعة الثانية عن الأولى. وقد عكس صاحب هذه البدعة قضية ذلك، وخالف الشريعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
                              وابتدع بعضهم بدعة أخرى وهي: جمع آيات سجدات القرآن عقيب ختم القرآن في صلاة التراوح في الركعة الأخيرة فيسجد بالمأمومين جميعاًا.هـ
                              بالله عليك قارن بين هذا الكلام من السيوطي نفسه وبين ما ألصقه به الأستاذ من كلام منافي للعلم فنحن أمام خروقات علمية جسيمة تحتاج إلى محكمة شرعية
                              وقال السيوطي :
                              " ومن البدع في الخطبة أشياء، فمن ذلك دق الخطيب المنبر عند صعوده ثلاث مرات بأسفل سيفه دقاً مزعجاً.
                              ومنها: تباطؤه في الصعود واشتغاله بالدعاء قبل الإقبال على الناس، والسلام عليهم، ورفع يديه عند الدعاء، فبدعة قديمة.
                              ومنها الالتفات يميناً وشمالاً عند قوله آمركم وأنهاكم، وعند الصلاة على النبي (، ولا أصل لشيء من ذلك، بل السنة الإقبال على الناس من أول الخطبة إلى آخرها، قال الشافعي رضي الله عنه: ويقبل الخطيب بوجهه على الناس، ولا يلتفت يميناً وشمالاً " ا.هـ
                              وقال السيوطي :
                              " ومن البدع ... اجتماع الرجال على القبر اليوم الثاني والثالث. ومن ذلك السجع في الدعاء"
                              وقال أيضا :
                              " ومن ذلك زخرفة المساجد، وتحلية المصاحف، وكثرة المساجد في المحلة الواحدة "
                              وقال السيوطي عن الصلاة على رسول الله عقب العطاس زيادةً على الحمد الذي في الذكر الوارد :
                              " فالعدول إلى غيره أو الزيادة فيه عدول عن المشروع وزيادة عليه وذلك بدعة ومذموم " ا.هـ
                              وقد أنكر في كتابه "الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع" الصلاة في المساجد المبنية على القبور!وكذلك إيقاد السرج على القبور والمزارات وأنكر صلاة الرغائب وأنكر الاجتماع للعزاء وأنكر التلفظ بالنية قبل الصلاة
                              وقال أيضا :
                              (وأما السؤال الرابع والثلاثون): فجوابه أن أحداث الألحان في الذكر بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر و لا عمر ولا عثمان ولا علي ولا فعلها أحد من الصحابة ولا التابعين ولا السلف الصالحين فإن انضم إلى ذلك تمطيط الأحرف والإشباع في غير موضعه والاختلاس في غير موضعه والترقيص والتطريب وتعويج الحنك والرأس فهذا مغن لا ذاكر وأخشى عليه أن يجاب من قبل الله باللعنة " ا.هـ

                              فتأمل فإنه بدّع الذكر بهذه الصفة بمجرد إحداث الألحان ، ويخشى اللعنة على صاحبها إذا انضاف إلى ذلك تمطيط وتطريب ...الخ
                              وكلامه في كتابه كثير أكتفي بما ذكرته هنا

                              والسيوطي وإن قسم البدعة إلى مستحسنة ومستقبحة وقال بجواز المولد وكلاهما خطأ لكنه موافق للسلف في القاعدة وفي ضابط البدعة في الجملة ، وكل هذه التطبيقات الصحيحة التي نقلناها عنه من كتابه شاهدة بهذا فهو أقرب إلى مذهبنا في البدعة من مذهب الأستاذ بل لا يوجد قرب بين مفهوم البدعة عند الأستاذ وعند السيوطي ، لكن الأستاذ لا يريد أن يخوض الموضوع بأمانة فألصق بالسيوطي ما هو منه براء وإلى الله الالتجاء>

                              أما الحافظ ابن رجب رحمه الله
                              فأكتفي في بيان وكشف ما ألصقه به الأستاذ بجملة واحدة ، قال في "فضل علم السلف" (ص31):
                              "... فأما ما اتفق السلف على تركه؛ فلا يجوز العمل به؛ لأنهم ما تركوه إلا على علم أنه لا يعمل به".
                              وسيأتي عنه تقرير أن كل بدعة ضلالة وأن البدعة شرعا لا يوجد فيها مستحسن

                              تعليق


                              • #30
                                البدعة بين النصيحة و الخدعة

                                وأما شيخ الإسلام ابن تيمية فاحتجاج الأستاذ به على ما طرحه من مفاهيم باطلة وإلصاقها به فهو من أظهر ما قام به الأستاذ من مجانبة لأمانة العلم وخروج عن أدب الدعوة إلى الله ، يشهد بفحش صنيعه والله وبالله وتالله كل من له صلة ولو ضعيفة بالعلم ولو من طائفته التي ينصرها .
                                أنا لا أتكلم عن مجرد ذكره له في مسألة السبحة أو مسألة إهداء القرآن للميت ، فهو لم يقتصر على هذا وإنما أتكلم عن حرصه على إيهام السامع بأن شيخ الاسلام معه في تعريفه للبدعة عندما نقل تعريفا لابن تيمية وشرحه بما يوافق مذهبه ، وحرص على بيان أنه معه في مفهوم البدعة الذي قرره الأستاذ ، وأنه في مسألة السبحة وإهداء القرآن قد برهن على موافقته له في أصل الموضوع بناء على أنه نموذج لغيرها ، وكلامه واضح جدا .
                                ومن ذلك عندما كان يتكلم عن الموضوع ككل وعن المفهوم الذي طرحه ودافع عنه قال مخاطبا مخالفه :
                                ( سيبك مني أنا ، رد على الشافعي رد على ابن تيمية ..)
                                ولم يكن يتكلم عن تطبيق معين أو مثال معين وإنما على مجموع ما طرحه
                                وأكده أيضا عندما قال في كلام عام عن الموضوع لا عن مسألة منه :
                                ( أوعى أقول لك قال ابن تيمية أو الشافعي أو مالك بتقول أنا بس سمعت في الشريط الشيخ قال كده )
                                فالرجل ينادي بأن ما عرضه من معنى للبدعة موافق لابن تيمية
                                وحرص على أن يبين للمشاهد أن شيخ الإسلام ضد مخالفيه في هذا الباب
                                وهذا والله عمل منافي للأمانة ويعلمه الأستاذ يقينا لكنها سياسة أهل الباطل المنافية لتعاليم الإسلام ويظنونها شطارة وذكاء وكياسة
                                وفاتهم أن هذه هي الغفلة الحقيقية والله ، وصدق الصديق أبوبكر رضي الله عنه عندما قال :
                                " إن أكيس الكيس التقى وإن أحمق الحمق الفجور "
                                لكن ( من يهن الله فما له من مكرم ) ( ومن يضلل الله فماله من هاد )
                                ( وما الله بغافل عما تعملون )
                                وإليك طرفا من كلام شيخ الإسلام الذي أغمض عنه الأستاذ عينيه
                                وسيأتي له مزيد أمثلة عند ذكر التطبيقات ، وأيضا سيأتي إبطال شيخ الإسلام لتقسيم البدعة إلى مستحسنة ومستقبحة بل وتشديده على من يقسمها .
                                وسأبدأ ببعض المسائل التي طرحها الأستاذ كأمثلة عنده لما ليس بدعة وسفه فيها الأستاذ من يقول بالبدعية

                                سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - أَغْدَقَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ عَلَى رُوحِهِ الزَّكِيَّةِ - عَنْ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ هَلْ هِيَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ أَمْ لَا ؟
                                أَجَابَ رَحمه الله بِقَوْلِهِ :
                                "أَمَّا الْمُصَافَحَةُ عَقِبَ الصَّلَاةِ فَبِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْتَحِبَّهَا أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ " انْتَهَى

                                وَسُئِلَ عَنْ الْمُصَافَحَةِ عَقِيبَ الصَّلَاةِ : هَلْ هِيَ سُنَّةٌ أَمْ لَا ؟ .
                                الْجَوَابُ
                                فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . الْمُصَافَحَةُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ مَسْنُونَةً بَلْ هِيَ بِدْعَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " ا.هـ

                                وقال في الفتاوى عن الدعاء بعد كل صلاة :
                                " وأما دعاء الإمام والمأمومين جميعا عقيب الصلاة فهو بدعة لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه و سلم بل إنما كان دعاؤه في صلب الصلاة فإن المصلي يناجي ربه فإذا دعا حال مناجاته له كان مناسبا وأما الدعاء بعد انصرافه من مناجاته وخطابه فغير مناسب وإنما المسنون عقب الصلاة هو الذكر المأثور " ا.هـ

                                وقال عن المولد كما في الفتاوى :
                                " وهكذا القول فى ليلة المولد وغيرها والبدع المكروهة ما لم تكن مستحبة فى الشريعة وهى أن يشرع ما لم يأذن به الله فمن جعل شيئا دينا وقربة بلا شرع من الله فهو مبتدع ضال وهو الذى عناه النبى بقوله كل بدعة ضلالة فالبدعة ضد الشرعة والشرعة ما أمر الله به ورسوله أمر ايجاب أو أمر استحباب "

                                وقال عن مسألة : فيمن يعمل كل سنة ختمة في ليلة مولد النبي صلى الله عليه و سلم هل ذلك مستحب أم لا ؟
                                الجواب : الحمد لله جمع الناس للطعام في العيدين وأيام التشريق سنة وهو من شعائر الإسلام التي سنها رسول الله صلى الله عليه و سلم للمسلمين وإعانة الفقراء بالإطعام في شهر رمضان هو من سنن الإسلام فقد قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ من فطر صائما فله مثل أجره وإعطاء فقراء القراء ما يستيعنون به على القرآن عمل صالح في كل وقت ومن أعانهم على ذلك كان شريكهم في الأجر ]
                                وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال أنها ليلة المولد أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال ( عيد الأبرار ) فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها والله سبحانه وتعالى أعلم

                                وقال عن مسح الوجه
                                " وأما رفع النبي صلى الله عليه و سلم يديه في الدعاء : فقد جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة وأما مسحه وجهه بيديه فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان لا يقوم بهما حجة والله أعلم "

                                وكل هذه الأمثلة السابقة تخص الأمثلة التي نقلها الأستاذ لكنه لم يلتفت إليها مجانبة للأمانة واستغفالا للمشاهدين هداه الله

                                وقال شيخ الإسلام عن دعاء الخطيب بعد صعوده المنبر على نحو مخصوص :
                                " وأما دعاء الإمام بعد صعوده ورفع المؤذنين أصواتهم بالصلاة فهذا لم يذكره العلماء وإنما يفعله من يفعله بلا أصل شرعي
                                وأما رفع المؤذنين أصواتهم وقت الخطبة بالصلاة وغيرها فهذا مكروه باتفاق الأئمة "
                                وقال :
                                " الجهر بالنية في الصلاة من البدع السيئة ليس من البدع الحسنة وهذا متفق عليه بين المسلمين لم يقل أحد منهم أن الجهر بالنية مستحب ولا هو بدعة حسنة فمن قال ذلك فقد خالف سنة الرسول صلى الله عليه و سلم وإجماع الأئمة الأربعة وغيرهم وقائل هذا يستتاب فإن تاب وإلا عوقب بما يستحقه
                                وإنما تنازع الناس في نفس التلفظ بها سرا هل يستحب أم لا ؟ على قولين والصواب أنه لا يستحب التلفظ بها فإن النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه لم يكونوا يتلفظون بها لا سرا ولا جهرا والعبادات التي شرعها النبي صلى الله عليه و سلم لأمته ليس لأحد تغييرها ولا إحداث بدعة فيها
                                وليس لأحد أن يقول : إن مثل هذا من البدع الحسنة مثل ما أحدث بعض الناس الأذان في العيدين والذي أحدثه مروان بن الحكم فأنكر الصحابة والتابعون لهم بإحسان ذلك هذا وإن كان الأذان ذكر الله لأنه ليس من السنة وكذلك لما أحدث الناس اجتماعا راتبا غير الشرعي : مثل الاجتماع على صلاة معينة أول رجب أو أول ليلة جمعة فيه وليلة النصف من شعبان فأنكر ذلك علماء المسلمين ا.هـ

                                وقال في مسألة : في رجل مؤذن يقول عند دخول الخطيب إلى الجامع : إن الله وملائكته يصلون على النبي فقال رجل : هذا بدعة فما يجب عليه ؟
                                الجواب : جهر المؤذن بذلك كجهره بالصلاة والترضي عند رقي الخطيب المنبر أو جهره بالدعاء للخطيب والإمام ونحو ذلك : لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وخلفائه الراشدين ولا استحبه أحد من الأئمة
                                وأشد من ذلك الجهر بنحو ذلك في الخطبة وكل ذلك بدعة والله أعلم

                                قال شيخ الإسلام
                                مسألة : فيما يصنعه أئمة هذا الزمان من قراءة سورة الأنعام في رمضان في ركعة واحدة ليلة الجمعة هل هي بدعة أم لا ؟
                                الجواب : نعم بدعة فإنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه و سلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين ولا غيرهم من الأئمة أنهم تحروا ذلك
                                وأيضا فلو كان الصحابة كلهم يقرأون الفاتحة خلفه إما في السكتة الأولى وإما في الثانية لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله فكيف ولم ينقل هذا أحد عن أحد من الصحابة أنهم كانوا في السكتة الثانية خلفه يقرأون الفاتحة مع أن ذلك لو كان مشروعا لكان الصحابة أحق الناس بعلمه وعمله فعلم أنه بدعة ا.هـ

                                وغير هذه الأقوال كثير من كلام شيخ الاسلام سيأتي ذكر جملة منها في تعريف البدعة وعند بيان أن البدعة ليس فيها حسن وفي تقرير البدعة الإضافية بل كل ما ذكره الأستاذ قد تكلم شيخ الإسلام بضده بصورة يقطع معها الناظر بأن الأستاذ كان تائها تماما عن مذهب شيخ الإسلام وسواء ذلك عن قصد لتتويه الغير أم لا فالله حسيبه لكن الذي يمكننا القطع به أنه تائه

                                ومن تصرفات الأستاذ الغير اللائقة نقله قول ابن تيمية الذي قال فيه :
                                " وما خالف النصوص فهو بدعة باتفاق المسلمين وما لم يعلم أنه خالفها فقد لا يسمى بدعة " ا.هـ
                                فعلق الأستاذ قائلا ها هو ابن تيمية قال لا يسمى بدعة ا.هـ
                                وهذا تصرف لا ينبغي فكل دارس ولو كان ضعيفا في العلم يعلم أن قوله " فقد لا يسمى بدعة " لا يساوي قوله "لا يسمى بدعة" وإنما معناه " وقد يسمى بدعة "
                                فلماذا فسرها الأستاذ بأنها لاتسمى بدعة مطلقا ؟!
                                هذا لا يليق بعلم الأستاذ ولا أمانته ، فمرادك الانتصار لمذهبك ينبغي ألا يؤثّر على ضوابط النقل والأمانة فيه

                                تعليق

                                يعمل...
                                X