إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

طلب بحث عن الإستحالة لو تكرمتم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طلب بحث عن الإستحالة لو تكرمتم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    إخوتي الكرام أتمنى منكم بحث مفصل عن حالة الإستحالة,لقد حاولت البحث جاهدا في الإنترنت لكن بدون جدوى,أو حصول على معلومات قليلة ,,,

    و الأمر مهم,لأن مادة الجيلاتين مثلا و المستخلصة من الخنزير مثلا يقال أن مبدئها الإستحالة,
    فنريد معرفة أقوال المذاهب و العلماء في المسألة

    جزاكم الله خيرا

  • #2
    حسنًا أخي الفاضل . .

    سأحاول نقل كلام أهل العلم حسب الاستطاعة . .

    ودونك . .

    قال الشيخ مُحمد بن إبراهيم -رحمه الله-: " إِختيار الشيخ ومذهب أَبي حنيفة أَن الاستحالة تطهر المتنجس، وهذا هو الصحيح إِذا استحال بنفسه لا عن معالجة. وأَدلة هذا القول واضحة، من ذلك الآدمي عند الجماهير طاهر البدن فإِنه استحال عن العلقة وهي دم إِلى المضغة.……(تقرير)" [المصدر: مجموع فتاوى ومقالات العلامة محمد بن إبراهيم] .

    وهذا بحث كامل في مسألة الاستحالة من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

    "

    حكم استحالة النجس إلى طاهر

    الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
    بناء على ما تقرر في الدورة الثانية لهيئة كبار العلماء المنعقدة في الرياض في النصف الثاني من ربيع الأول سنة 1396 هـ من إعداد بحث في حكم استعمال المياه المتنجسة بعد استحالتها وزوال أعراض النجاسة عنها ، أعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثا في ذلك مشتملا على تمهيد في بيان معنى الاستحالة ، وإيضاح هذا المعنى بكلام أهل العلم في حكم استحالة النجس إلى طاهر بالإحراق أو غيره ، وهل تطهر الخمر بالاستحالة ، ثم بيان كلام أهل العلم في حكم استعمال المياه المتنجسة بعد استحالتها ، وزوال أعراض النجاسة عنها . وبالله التوفيق .
    أولا التمهيد :
    ( أ ) معنى الاستحالة لغة :
    جاء في معنى حال : كل شيء تغير عن الاستواء إلى العوج فقد حال في معنى واستحال وهو مستحيل لسان العرب / 14 / 197 . ومعناها اصطلاحا انقلاب حقيقة إلى حقيقة أخرى رد المختار ـ1ـ291ـ والفتاوى الهنديةـ 1ـ44 .

    ( ب ) استحالة النجس إلى حقيقة أخرى بالإحراق أو غيره هل تكسب الطهارة :
    اختلف أهل العلم في ذلك ، فذهب قوم إلى القول بالطهارة ، وممن قال بذلك أبو حنيفة ، ومحمد ، وأكثر الحنفية والمالكية ، وسواء عندهم ما هو نجس لعينه ، وما هو نجس لمعنى فيه . ووافقهم الشافعية في النجس لمعنى فيه كجلد الميتة ، وأما
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 16)
    الحنابلة فمنهم من يقول بالطهارة ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو مذهب الظاهرية ، وفيما يلي ذكر نصوصهم في ذلك ، وأدلتهم مع المناقشة . جاء في البحر الرائق : من الأمور التي يكون بها التطهير انقلاب العين - ومضى إلى أن قال - وإن كان في غيره - أي الخمر - كالخنزير والميتة تقع في المملحة فتصير ملحا يؤكل ، والسرجين والعذرة تحترق فتصير رمادا تطهر عند محمد البحر الرائق ص 1 - 239 . .
    وقال أيضا وضم إلى محمد أبا حنيفة في المحيط وكثيرا من المشائخ اختاروا قول محمد ، وفي الخلاصة وعليه الفتوى وفي فتح القدير أنه المختار البحر الرائق ص 1 - 239 . .
    والمالكية يذهبون إلى أن ما استحال إلى صلاح فهو طاهر وإن ما استحال إلى فساد كان نجسا جاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه من الطاهر لبن الآدمي ولو كافرا لاستحالته إلى الصلاح الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ص 50 . .
    ثم جاء في موضع آخر ، إذا تغير القيء وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة كان نجسا ، وعلة نجاسته الاستحالة إلى فساد فإن لم يتغير كان طاهرا الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي - 1 - 57 .
    واعتبر المالكية كذلك أن المسك طاهر ، ففي الخطاب الحكم بطهارة المسك ؛ لأنها استحالة عن جميع صفات الدم ، وخرجت عن اسمه إلى صفات ، وإلى اسم يختص به ، وطهرت بذلك كما يستحيل الدم وسائر ما يتغذى به الحيوان من النجاسات إلى اللحم فيكون طاهرا . انتهى مواهب الجليل -1-97 . .

    وفرق الشافعية بين ما هو نجس لعينه ، وما هو نجس لمعنى فيه ، فأما الأشياء النجسة لمعنى فيها فإنها طاهرة قال في المهذب " ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة إلا شيئان : أحدهما : جلد الميتة إذا دبغ ، والثاني : الخمر " المذهب - 1 - 48 . .
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 17)
    وقال ابن قدامة : ويتخرج أن تطهر النجاسات كلها بالاستحالة المغني ومعه الشرح - 1 - 59 . وقال المرداوي : وعنه بل تطهر وهي مخرجة من الخمرة إذا انقلبت بنفسها ، خرجها المجد ، واختار الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق فحيوان متولد من نجاسة كدود الجروح والقروح وصراصير الكنيف طاهر نص عليه الإنصاف - 1 - 5 - 31 وما بعد . انتهى المقصود .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وتنازعوا فيما إذا صارت النجاسة ملحا من الملاحة ، أو صارت رمادا ، أو صارت الميتة والدم والصديد ترابا كتراب المقبرة ، فهذا فيه خلاف - وبعد ذكره للخلاف قال : والصواب أن ذلك كله طاهر إذ لم يبق شيء من النجاسة لا طعمها ولا لونها ولا ريحها مجموع الفتاوى 21 - 481 وما بعدها . .
    وقال ابن حزم : إذا استحالت صفات عين النجس أو الحرام ، فبطل عنه الاسم الذي به ورد ذلك الحكم وانتقل إلى اسم آخر وارد على حلال طاهر فليس هو ذلك النجس ولا ذلك الحرام ، بل قد صار شيئا آخر ذا حكم آخر المحلى 1 - 138 . .

    وقال أيضا إذا أحرقت العذرة أو الميتة أو تغيرت فصارت رمادا أو ترابا فكل ذلك طاهر المحلى 1 - 128 ويرجع أيضا إلى 1 - 137 - 138 و - 1 - 118 و - 1 - 162 من المحلى . . واستدل لذلك بالكتاب والسنة والاستقراء والمعنى وأما الكتاب فقوله تعالى : سورة الأعراف الآية 157 وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وجه الدلالة أن هذه الأشياء بعد استحالتها وزوال أوصاف النجاسة عنها ، صارت طيبة فهي طاهرة ، وقد يعارض ذلك بأن القول بأنها طيبة وهو محل النزاع ، ولا يصح الاستدلال بمحل الخلاف ، وقد يجاب عن ذلك بأن العبرة بالواقع لا بالدعوى ، وواقعها أنها طيبة ، فيسلم الدليل ، وأما السنة فما ورد من الأدلة في طهارة المسك وجلود الميتة مأكولة اللحم بعد الدبغ ونحو ذلك في الأدلة .
    وأما الاستقراء فقد ذكره شيخ الإسلام فقال بعد كلام سبق - الاستقراء دلنا
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 1
    أن كل ما بدأ الله بتحويله وتبديله من جنس إلى جنس ، مثل جعل الخمر خلا ، والدم منيا ، والعلقة مضغة ، ولحم الجلالة الخبيث طيبا ، وكذلك بيضها ولبنها ، والزرع المستسقى بالنجس إذا سقي بالماء الطاهر ، وغير ذلك ، فإنه يزول حكم التنجس ، ويزول حقيقة النجس واسمه التابع للحقيقة ، وهذا ضروري لا يمكن المنازعة فيه ، فإن جميع الأجسام المخلوقة في الأرض ، فإن الله يحولها من حال إلى حال ، ويبدلها خلقا بعد خلق ، ولا التفات إلى مواردها وعناصرها ، وأما ما استحال بسبب كسب الإنسان كإحراق الروث حتى يصير رمادا ، ووضع الخنزير في الملاحة حتى يصير ملحا ، ففيه خلاف مشهور ، وللقول بالنظير اتجاه . انتهى المقصود الفتاوى المصرية / 2 / 122 . .

    وقد سبق أنه يختار القول بالطهارة . وأما المعنى فقد جاء في فتح القدير أن الشرع رتب وصف النجاسة على تلك الحقيقة ، وتنتفي الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها ، فكيف بالكل ، فإن الملح غير العظم واللحم ، فإذا صار ملحا ترتب حكم الملح عليه البحر الرائق / 1 / 239 وقد بسط ذلك ابن حزم في المحلى / 137 ـ138 و1 / 122 منه و1 / 118 منه أيضا . انتهى المقصود .
    القول الثاني : إن استحالة النجس ، وزوال أعراض النجاسة عنه ، وتبدلها بأوصاف طيبة لا تصيره طاهرا ، وممن قال بهذا القول أبو يوسف ، وهو أحد القولين في مذهب مالك ، وهو قول الشافعي فيما كان نجسا نجاسة عينية . وإحدى الروايتين في مذهب أحمد وهي المقدمة . جاء في فتح القدير أن أبا يوسف يرى أن الأشياء النجسة لا تطهر بانقلاب عينها ، وفي التجنيس اختار قول أبي يوسف كذا قال : خشبة أصابها بول فاحترقت ، ووقع رمادها في بئر يفسد الماء ، وكذلك رماد العذرة والحمار إذا مات في مملحة لا يؤكل الملح هذا كله قول أبي يوسف فتح القدير / 1 / 139 . انتهى .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهو أحد قولي أصحاب مالك مجموع الفتاوى 21 / 72 . .
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 19)
    وقال الشيرازي ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة إلا شيئان : أحدهما : جلد الميتة إذا دبغ ، والثانى : الخمر - ثم قال صاحب المهذب : وإن حرق العذرة والسرجين حتى صار رمادا لم تطهر المهذب1 / 10 .
    وقال ابن قدامة : ظاهر المذهب أنه لا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة إلا الخمر إذا انقلبت بنفسها خلا ، وما عداه لا يطهر كالنجاسات إذا احترقت فصارت رمادا ، والخنزير إذا وقع في الملاحة وصار ملحا ، والدخان الصاعد من وقود النجاسة المغني مع شرحه / 1 / 59 . وقال المرداوي على قول ابن قدامة : ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة . قال : هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونصروه الإنصاف1 / 318 . .

    واستدل لهذا القول بما ذكره أبو يوسف من أن الرماد أجزاء تلك النجاسة فتبقى النجاسة من وجه فالتحقت بالنجس من كل وجه احتياطا فتح القدير 2 / 139 . . وما ذكره الشيرازي بقوله : لأن نجاستهما - أي العذرة والسرجين - لعينهما المهذب / 1 / 48 . . وأما ابن قدامة فقد استدل لذلك بأنها نجاسة لم تحصل بالاستحالة فلم تطهر كالدم إذا صار قيحا أو صديدا المغني ومعه الشرح / 1 / 740 . .

    ( ج ) هل تطهر الخمر بالاستحالة :
    اتفق أهل العلم - فيما نعلم - على أن الخمر إذا تخللت بنفسها فإنها تكون طاهرة . قال شيخ الإسلام : اتفقوا على أن الخمر إذا انقلبت بفعل الله بدون قصد صاحبها وصارت خلا أنها تطهر مجموع الفتاوى21 / 475 . . وأما إذا خللت فقد اختلف العلماء
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 20)
    في ذلك فمنهم من يقول بطهارتها ومنهم من يقول بنجاستها . وممن قال بأنها طاهرة الحنفية والمالكية وابن حزم ، ومن وافقهم جاء في بداية المهتدي وشرحها الهداية : وإذا تخللت الخمر حلت ، سواء صارت خلا بنفسها أو بشيء يطرح فيها ، ولا يكره تخليلها البداية وشرحها / 4 / 113 . . وفي الحطاب : ولو تخللت الخمر بإلقاء شيء فيه كالخل والملح والماء ونحوه يطهر الخل وما ألقى فيه مواهب الجليل1 / 98 . . وقال ابن حزم : إذا تخللت الخمر أو خللت فالخل حلال المحلى / 1 / 124 . . واستدل لهذا القول بالسنة والمعنى . أما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم - : صحيح مسلم الأشربة (2052),سنن الترمذي الأطعمة (1839),سنن أبو داود الأطعمة (3820),مسند أحمد بن حنبل (3/371),سنن الدارمي الأطعمة (204. نعم الإدام الخل رواه مسلم والأربعة من حديث جابر ، ووجه الدلالة أنه - صلى الله عليه وسلم - عم ولم يخص .
    وعورض هذا الاستدلال بحديث أنس ، صحيح مسلم الأشربة (1983),سنن الترمذي البيوع (1294),سنن أبو داود الأشربة (3675),مسند أحمد بن حنبل (3/260),سنن الدارمي الأشربة (2115). أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الخمر تتخذ خلا فقال : "لا . أخرجه مسلم . وعن أنس أن صحيح مسلم الأشربة (1983),سنن أبو داود الأشربة (3675),مسند أحمد بن حنبل (3/119),سنن الدارمي الأشربة (2115). أبا طلحة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام ورثوا خمرا قال أهرقها قال : أفلا نجعلها خلا قال : "لا رواه أبو داود في كتاب الأشربة .

    ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث بحمل الحديث الأول على الخمر إذا تخللت بنفسها ، والخل الذي لم يكن أصله خمرا ، وحمل الثاني على ما إذا خللت بفعل فاعل قاصدا ، وعلى هذا فلا دلالة في الحديث الأول على طهارة الخمر إذا خللت قصدا ، وأما الدليل من جهة المعنى فقد جاء في البداية وشرحها ، أنه بالتخليل يزول الوصف المفسد وتثبت صفة الصلاح من حيث تسكين الصفراء وكسر الشهوة والتغذي به والإصلاح مباح وكذا الصالح للمصالح اعتبارا بالمتخلل بنفسه وبالدباغ والاقتراب لإعدام الفساد فأشبه الإراقة والتخليل أولى لما فيه من إحراز مال يصير حلالا في الثاني فيختاره من ابتلي به ، وقد يجاب عن ذلك بأنه دليل اجتهادي في مقابل نص والاجتهاد مع النص ، والنص هو حديث أنس الذي رواه مسلم صحيح مسلم الأشربة (1983),سنن الترمذي البيوع (1294),سنن أبو داود الأشربة (3675),مسند أحمد بن حنبل (3/260),سنن الدارمي الأشربة (2115). سئل عن الخمر اتخذ خلا فقال : "لا . الحديث وقد سبق تكملة فتح القدير . جـ10 ص 7 . وشرح فتح القدير للعاجز الفقير ج 9ص 39 ط . دار إحياء التراث العربي . .
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 21)
    القول الثاني أن الخمر إذا خللت لا تكون طاهرة . ومن قال بهذا الشافعية ، والحنابلة ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقد جاء في المهذب " وإن خللت بخل أو ملح لم تطهر " المهذب 1 / 48 . .
    وقال ابن قدامة : وإن خللت لم تطهر ، وقال المرداوي تعليقا على ذلك : اعلم أن الخمرة يحرم تخليلها على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب الإنصاف 1 / 318 . .

    وقال شيخ الإسلام : والصحيح أنه إذا قصد تخليلها لا تطهر بحال مجموع الفتاوى 21 / 481 . . واستدل لهذا القول بالسنة والأثر والمعنى ، أما السنة فما رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة عن أنس - رضي الله عنه - أن صحيح مسلم الأشربة (1983),سنن الترمذي البيوع (1294),سنن أبو داود الأشربة (3675),مسند أحمد بن حنبل (3/260),سنن الدارمي الأشربة (2115). أبا طلحة سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام ورثوا خمرا قال أهرقها ، قال : أفلا أجعلها خلا ؟ قال : " لا . وجه الدلالة أنه نهاه عن التخليل فدل على أنه لا يجوز .
    وأجاب الطحاوي عن ذلك فقال : إنه محمول على التغليظ والتشديد ؛ لأنه كان في ابتداء الإسلام كما ورد ذلك في سؤر الكلب ، بدليل أنه ورد في بعض طرقه الأمر بكسر الدنان ، وتقطيع الزقاق ، رواه الطبراني في معجمه ، حدثنا معاذ بن المثنى ، ثنا مسدد ، ثنا معتمر ، ثنا ليث عن يحي بن عباد ، عن أنس ، عن أبي طلحة ، قال سنن الترمذي البيوع (1293),سنن أبو داود الأشربة (3675),مسند أحمد بن حنبل (3/119). قلت يا رسول الله إني اشتريت خمرا لأيتام في حجري ، فقال أهرق الخمر ، وكسر الدنان انتهى .
    ورواه الدارقطني أيضا ، وروى أحمد في مسنده ، حدثنا الحكم بن نافع ، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم عن حمزة بن حبيب ، عن ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شق زقاق الخمر بيده في أسواق المدينة ، وقد تقدم بتمامه في أحاديث تحريم الخمر ، وهذا صريح في التغليظ ؛ لأن فيه إتلاف مال الغير ، وقد كان يمكن إراقة الدنان والزقاق وتطهيرها ، ولكن قصد بإتلافها التشديد
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 22)

    ليكون أبلغ في الردع ، انتهى بواسطة الزيلعي نصب الراية / 4 / 311 . . ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن حمله على التغليظ على خلاف الظاهر ، فيحتاج إلى دليل يدل على ذلك ، فإن وجد وإلا فالأصل بقاء دلالة الحديث على التحريم نصب الراية / 4 / 311 . . كما سبق - وأما الأثر ، فقول عمر - رضي الله عنه - لا تأكلوا خل خمر إلا خمرا بدأ الله بفسادها ، ولا جناح على مسلم أن يشترى خل خمر أهل الكتاب ، ما لم يعلموا أنهم تعمدوا إفسادها انتهى . استدل به شيخ الإسلام وذكر أنه صحيح الفتاوى / 2 / 136 . .
    وأما المعنى فقال شيخ الإسلام : إن اقتناء الخمر محرم ، فمتى قصد باقتنائها التخليل كان قد فعل محرما ، والفعل المحرم لا يكون سببا للحل والإباحة الفتاوى / 2 / 136 .

    ثانيا : أنواع استحالة المياه المتنجسة بسبب اختلاف أسبابها :
    استحالة المياه المتنجسة قد تكون بصب ماء طهور عليها ، أو نزح بعضه ، أو زوال التغير بنفسه ، وقد تكون برمي تراب ونحوه فيها ، وقد تكون بسقي النباتات بها ، وشرب الحيوانات إياها ، وقد تكون بتبخيره وتقطيره مثلا .
    وفيما يلي الكلام على كل نوع :
    ( 1 ) استحالة المياه المتنجسة بصب ماء طهور عليها ، أو نزح بعضه ، أو زوال التغير بنفسه . نذكر فيما يأتي طريقة كل مذهب إجمالا ، ثم نتبعها بالتفصيل نظرا لاختلافهم من حيث الجملة في طريقة التطهير - فالحنفية يرون أن نزح مقدار من ماء البئر المتنجس مطهر لما بقي من الماء ، لكن يختلف مقدار ما ينزح لتحصل به الطهارة للباقي باختلاف نوع النجاسة واختلاف أحوالها ، وأما المالكية فإذا زال تغيره بمكاثرة ما لمادة فيه أو بإدخال ماء آخر طهر ، وإن زال بنفسه ففي الإرشاد الظاهر عودة إلى أصله ، وقيل إن زال بالنقص المجرد فقولان أيضا .
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 23)
    وأما الشافعية ، فإنهم يقسمون الماء ثلاثة أقسام : أحدها أن يكون أكثر من القلتين ، والثاني أن يكون قلتين ، والثالث أن يكون دون القلتين - فإن كان أكثر من قلتين - فإنه يطهر بطرق ثلاث : بإضافة ماء إليه يزول به التغير وهذا متفق عليه ، أو بأخذ بعضه حتى يزول التغير بشرط أن يكون الباقي بعد الأخذ قلتين ، وهذا بلا خلاف أيضا ، أو بزوال التغير بنفسه بطلوع الشمس أو الريح أو مرور الزمان وهذا هو المذهب .

    وإن كان قلتين طهر بجميع ما ذكر إلا بأخذ بعضه فإنه لا يطهر ، وهذا محل اتفاق . وإن كان دون القلتين وكاثره بماء حتى بلغ قلتين طهر بلا خلاف عندهم . وأما الحنابلة فهم كالشافعية في تقسيم الماء إلى ثلاثة أقسام : فإن كان أكثر من قلتين وهو غير متغير بالنجاسة طهر بالمكاثرة فقط ، وإن كان متغيرا بها طهر بالمكاثرة ، وبنزح كثير يزول معه التغير ويبقى بعد ذلك قلتان فصاعدا ، وبزوال التغير بمكثه .
    وإن كان قلتين وهو متغير بالنجاسة طهر بالمكاثرة فقط ، وإن كان متغيرا بها طهر بالمكاثرة المذكورة إذا أزالت التغير أو بتركه حتى يزول تغيره بطول مكثه .
    وإن كان دون القلتين وهو متغير طهر بالمكاثرة بقلتين طاهرتين يزول بهما التغير ، وإن لم يكن متغيرا طهر بمجرد المكاثرة .
    وأما طريقتهم تفصيلا فهي ما يلي :



    أ - طريقة الحنفية :
    جاء في بداية المبتدي وشرحها ، وإذا وقعت في البئر نجاسة نزحت وكذا نزح ما فيها طهارة لها بإجماع السلف ومسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار دون القياس . وإن ماتت فيها فأرة أو عصفورة أو صعوة أو سودانية أو سام أبرص نزح منها ما بين عشرين دلوا إلى ثلاثين بحسب كبر الدلو وصغرها ، يعني بعد إخراج الفأرة لحديث أنس - رضي الله عنه - أنه قال في الفأرة إذا ماتت في البئر وأخرجت من ساعتها نزح منها عشرون دلوا ، والعصفورة ونحوها تعادل الفأرة في الجثة
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 24)
    فأخذت حكمها ، والعشرون بطريق الإيجاب ، والثلاثون بطريق الاستحباب . فإن ماتت فيها حمامة ونحوها كالدجاجة والسنور نزح منها ما بين أربعين دلوا إلى ستين . وفي الجامع الصغير أربعون أو خمسون ، وهو الأظهر لما روي عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال في الدجاجة إذا ماتت في البئر نزح منها أربعون دلوا ، وهذا لبيان الإيجاب ، والخمسون بطريق الاستحباب ، ثم المعتبر من كل بئر دلوها الذي يستقى به منها ، وقيل دلو يسع فيها صاح ، ولو نزح منها بدلو عظيم مرة مقدار عشرين دلوا جاز لحصول المقصود . وإن ماتت فيها شاة أو كلب أو آدمى نزح جميع ما فيها من الماء لأن ابن عباس وابن الزبير - رضي الله عنهما - أفتيا بنزح الماء كله حين مات زنجي في بئر زمزم ، فإن انتفخ الحيوان فيها أو تفسخ نزح جميع ما فيها صغر الحيوان أو كبر لانتشار البلة في أجزاء الماء .

    وإن كانت البئر معينا لا يمكن نزحها أخرجوا مقدار ما كان فيها من الماء . وطريقة معرفته أن تحفر حفرة مثل موضع الماء من البئر ويصب فيها ما ينزج منها إلى أن تمتلئ أو ترسل فيها قصبة ، ويجعل لمبلغ الماء علامة ثم ينزح منها عشرة دلاء مثلا ، ثم تعاد القصبة فينظر كم انتقص ، فينزح لكل قدر منها عشرة دلاء - وهذان عند أبي يوسف رحمه الله وعند محمد رحمه الله نزح مئتا دلو إلى ثلثمائه ، فكأنه بنى قوله على ما شاهد في بلده وعند أبي حنيفة - رحمه الله - في الجامع الصغير في مثله ينزح حتى يغلبهم الماء ولم يقدر الغلبة بشيء كما هو دأبه ، وقيل يؤخذ بقول رجلين لهما بصارة في أمر الماء وهذا أشبه بالفقه

    2 - طريقة المالكية :
    قال الشيخ خليل : وإن زال تغير النجس لا بكثرة مطلق فاستحسن الطهورية وعدمها أرجح .
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 25)
    وقد شرح الحطاب ذلك فقال : يعني أن الماء إذا تغير بالنجاسة ، ثم زال تغيره ، فلا يخلو إما أن يكون بمكاثرة ماء مطلق خالطه أم لا ، فالأول طهور باتفاق ، قاله في التوضيح وذلك كالبئر ينزح منها حتى يزول التغير ، وكالصهريج يتغير بميتة ، فيترك حتى يكثر ماؤه بمطر ونحوه ، وقد جهل أبو محمد بعضهم في قوله في ما جل قليل الماء وقعت فيه فأرة يطين حتى يكثر ماؤه ثم يشرب ، قال فإن فعل شرب ، وتجهيله في تأخير طرحه . الثاني : إما أن يكون بإلقاء شيء فيه غير الماء ، ولم يذكره المصنف ، وسيأتي حكمه ، أو من نفسه فلا شيء ومنه ما إذا نزع من الماء الذي لا مادة له بعضه فزال تغيره ، فذكر المصنف تبعا لابن الحاجب وابن بشير وغيرهم في طهوريتة قولين : استحسن بعض الشيوخ القول بالطهورية ، ورجح ابن يونس عدم الطهورية ، فاعترض عليه ابن غازي فيما ذكره عن ابن يونس ، وفي التوضيح بأنه لم يوجد في كلامه إلا الكلام على حكم زوال النجاسة إذا زال عينها بالماء المضاف ، وسيأتي - وذكر ابن مرزوق في شرحه على المختصر نحو ذلك ، وقال ما معناه إن المصنف حمل كلام ابن يونس على نفس ما نحن فيه ، فهو وهم وإن أراد أن يقيسه عليه فبعيد - وقد رأيت من كلام ابن مرزوق شرح الفصلين الأولين من المختصر ، وفيه نحو ما ذكره ابن غازي - وقال ابن غازي لم يعرفه ذلك الإمام ابن عرفة من نقل ابن يونس ولا غيره ، ممن قبل ابن بشير ، فقال : وقول ابن بشير في طهورية النجس يزول تغيره بلا نزح قولان لا أعرفه ، فبقي وجدان القولين معا في المذهب وإن كان لا يلزم من عدم الوجدان عدم الوجود ولا يلتفت لما حكى أبو زيد القابس من رد بعضهم على ابن عرفه بقول يونس لا أن الراد مقلد لخليل في نقله كالشارح ، نعم أغفل ابن عرفه ما ذكر ابن رشد في رسم القسمة

    من سماع عيسى ، وذكر بعض كلام ابن رشد ، ولنأت بأكثر مما يتضح به المقصود . قال : وسئل ابن وهب عن الجب من ماء السماء تموت فيه الدابة ، وتنشق والماء كثير لم يتغير منه إلا ما كان قريبا منها ، فلما أخرجت وحرك الماء ذهبت الرائحة ، هل يتوضأ به ويشرب قال : إذا أخرجت الميتة فلينزح منه حتى يذهب دسمها ، والرائحة ، واللون إن كان به لون ، إذا كان الماء كثيرا على ما وصفت طاب إذا فعل ذلك به . قال ابن القاسم الأخير فيه ، ولم أسمع مالكا رخص فيه قط . ابن رشد قول ابن
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 26)
    وهب وهو الصحيح على أصل مذهب مالك الذي رواه المدنيون عنه أن الماء لا ينجسه إلا ما غير أحد أوصافه ، على ما جاء عنه - عليه الصلاة والسلام - في بئر بضاعة ، وقد روى ابن وهب ، وابن أبي أويس عن مالك ، في جباب تحفر بالمغرب فتسقط فيها الميتة ، فيتغير لون الماء وريحه ، ثم يطيب بعد ذلك ، أنه لا بأس به انتهى - فظهر وجود القولين أحدهما : قول ابن القاسم فيما نزح بعضه ، فأحرى إذا لم ينزح منه شيء ؛ لأنه لما لم يعتبر ذهاب التغير مع النزح كان عدم اعتباره مع عدم النزح أولى ، بناء على أن المعتبر مخالطة المغير فيجب بقاء حكمه وإن زال التغير .
    والثاني رواية ابن وهب وابن أبي أويس ، وقد صححه ابن رشد ، وهو الذي ارتضاه صاحب الطراز ، وشيخه أبو بكر الطرطوش بضم الطاءين وبينهما راء . قال الطراز : ولقد عاينت في صهريج دار الشيخ أبي بكر هرا قد انتفخ وتزلع وتغير منه ريح الماء وطعمه ولونه فنزع الهر وترك الصهريج حتى ينزح فأقام شهرا ثم رفع منه الماء فإذا هو سالم الأوصاف فشرب ذلك الماء في داره وفيها ما يزيد على سبعين من أهل العلم وطلبته ولم ينزح منه دلو انتهى .



    ولعل المصنف أشار إليهما بالاستحسان ثم أن كلامهما فيما لا مادة له أو لم ينزح منه شيء فما له مادة أو نزح بعضه أولى بالطهورية ، وانظر ما الذي أنكره ابن عرفة هل القول بالطهورية أو القول بعدمها وليس في كلامه ما يدل على ذلك صريحا غير أن المتبادر من كلامه إنما هو إنكار القول بالطهورية كما يفهم ذلك من كلام ابن ناجي في شرح المدونة في الكلام على من توضأ من ماء ماتت فيه دابة ، وكذا ذكر ابن الفاكهاني في شرح الرسالة القولين وشهر عدم الطهورية ونصه : أما إن كان المخالط نجسا فإن غير أحد أوصاف الماء فلا خلاف في نجاسته قليلا أو كثيرا مادام متغيرا فإن زال تغيره بعد فقولان : أحدهما أنه كالبول فلا ينتقل حكمه وهو المشهور .
    والثاني أنه يرجع إلى أصله من الطهارة أو التطهير وكذلك إن أزيل بعض الماء وسلمت أوصافه فالقولان انتهى . تنبيهان - وبعد أن ذكر حكم الماء المتغير بطاهر قال - الثاني إن زال تغيره بمخالطة ماء مطلق قليل فظاهر كلام المصنف أن فيه قولين ، وقال البساطي في شرحه ولو جعل المصنف محل النزاع
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 27)

    إذا زال التغير بنفسه سلم من المطالبة بالنقل فيما إذا زال بقليل المطلق . وقال في المغني بعد أن ذكر الخلاف فيما زال تغيره بنفسه وألحق الشيخ خليل في مختصره به إذا زال التغير بمطلق يسير ، وهو في عهدته انتهى - قلت وكلام ابن الإمام يقتضي ثبوت الخلاف فيه ، فإنه قال إذا كاثره الطهور حتى غلب عليه ، وزال به التغير ، فالأظهر نفي الخلاف فيه إن انتهى إلى ما لو رفع فيه جملة هذا التغير كان كثيرا ، أو ثبوته إن انتهى إلى ما لو وقع فيه كان قليلا ، وقد أطلق بعض من تكلم على هذه المسألة القول بطهوريته عند ذهاب التغير بالتكاثر ولا ينفى ؛ لأن هذا الماء لما تغير لنجاسة كان نجسا فطرو ماء عليه كطروه عليه فيجب لذلك أن يراعى كثرته وقلته انتهى المقصود مواهب الجليل شرح مختصر خليل / 1 / 84 وما بعدها . .
    وقال ابن المواق على قول خليل : وإن زال تغير النجس لا بكثرة مطلق فاستحسن الطهورية وعدمها أرجح قال : ابن عرفة قول ابن بشير في طهورية النجس يزول تغيره بلا نزح قولان لا أعرفه . والذي ينبغي أن تكون به الفتوى هو قول مالك في رواية ابن وهب وابن أبي أويس عنه في جباب تحفر بالمغرب فتسقط فيها الميتة فتغير لونه وريحه ثم يطيب الماء بعد ذلك أنه لا بأس به انتهى فترك نقل هذه الرواية ونقل غيرها قصور التاج والإكليل شرح مختصر خليل / 1 / 84 .

    3 - طريقة الشافعية :
    قال الشيرازي : إذا أراد تطهير الماء النجس نظر فإن كانت نجاسته بالتغير وهو أكثر من قلتين طهر بأن يزول التغير بنفسه وبأن يضاف إليه ماء آخر وبأن يؤخذ بعضه لأن النجاسة بالتغير وقد زال . وقال النووي شرحا لذلك : إذا زال تغير الماء النجس وهو أكثر من قلتين نظر إن زال بإضافة ماء آخر إليه طهر بلا خلاف سواء كان الماء المضاف طاهرا أو نجسا قليلا أو كثيرا أو سواء صب الماء عليه أو نبع عليه ، وإن زال بنفسه أي بأن لم يحدث فيه شيئا ، بل زال تغيره بطلوع الشمس أو الريح أو مرور الزمان طهر أيضا على المذهب وبه قطع
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 2
    الجمهور ، وحكى المتولي عن أبي سعيد الإصطخري أنه لا يطهر ، لأنه شيء نجس فلا يطهر بنفسه ، وهذا ليس بشيء ؛ لأن سبب النجاسة التغير فإذا زال طهر لقوله - صلى الله عليه وسلم - سنن الترمذي الطهارة (67),سنن النسائي الطهارة (52),سنن أبو داود الطهارة (63),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (517),مسند أحمد بن حنبل (2/107),سنن الدارمي الطهارة (731). إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس وإن زال بأخذ بعضه طهر بلا خلاف ، بشرط أن يكون الباقي بعد الأخذ قلتين ، فإن بقي دونهما لم يطهر بلا خلاف ويتصور زوال تغيره بأخذ بعضه بأن يكون كثيرا لا يدخله الريح ، فإذا نقص دخلته وقصرته وكذا الشمس فيطيب .
    " المجموع شرح المهذب / 1 / 183 وما بعدها . وقال الشيرازي أيضا : وإن كان قلتين طهر بجميع ما ذكرناه إلا بأخذ بعضه فإنه لم يطهر لأنه نقص عن القلتين وفيه نجاسة .
    وعلق النووي عليه فقال : هذا الذي قاله متفق عليه .

    وقال الشيرازي أيضا : وإن كانت نجاسته بالقلة بأن يكون دون القلتين طهر بأن يضاف إليه ماء حتى يبلغ قلتين ويطهر بالمكاثرة ، وإن لم يبلغ قلتين طهر كالأرض النجسة طرح عليها ماء حتى غمر النجاسة ، ومن أصحابنا من قال لا يطهر لأنه دون القلتين وفيه نجاسة والأول أصح لأن الماء إنما ينجس بالنجاسة إذا وردت عليه ، وههنا ورد الماء عليها فلم ينجس إنما لو نجس لم يطهر الثوب إذا صب عليه الماء .
    وعلق النووي على ذلك فقال : أما المسألة الأولى ، وهي إذا كاثره فبلغ قلتين فيصير طاهرا مطهرا بلا خلاف سواء كان الذي أورده عليه طاهرا أو نجسا قليلا أو كثيرا لقوله - صلى الله عليه وسلم - سنن الترمذي الطهارة (67),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (517),سنن الدارمي الطهارة (731). إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث . . . . وأما المسألة الثانية وهي إذا كوثر بالماء ولم يبلغ قلتين فهل يطهر ، فيه الوجهان اللذان ذكرهما المصنف ، وذكر دليلهما ، وهما مشهوران ، لكن الأصح عند المصنف وسائر العراقيين أنه يطهر ، وبه قطع منهم شيخهم أبو حامد ، وهو قول ابن سريج ، والصحيح عند الخراسانيين لا يطهر ، وبه قطع منهم القاضي حسين ، وقال إمام الحرمين : وإن صح عند ابن سريج قوله
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 29)
    بالطهارة فهو من هفواته ، إذ لا معنى لغسل الماء من غير أن يبلغ قلتين ، قال : فلا يتمارى في فساده وكذا صحح البغوي والرافعي عدم الطهارة وهو الأرجح . المجموع شرح المهذب / 1 / 188 .



    4 - طريقة الحنابلة :
    قال عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة : في تطهير الماء النجس : هو ثلاثة أقسام :
    أحدها : ما دون القلتين ، فتطهيره بالمكاثرة بقلتين طاهرتين ، إما أن يصب فيه أو ينبع فيه فيزول بها تغيره إن كان متغيرا ، وإن لم يكن متغيرا طهر بمجرد المكاثرة ؛ لأن القلتين لا تحمل الخبث ولا تنجس إلا بالتغير ؛ ولذلك لو ورد عليها ماء نجس لم ينجسها ما لم يتغير به فكذلك إذا كانت واردة ، ومن ضرورة الحكم بطهارتهما طهارة ما اختلطتا به .
    القسم الثاني أن يكون وفق القلتين فلا يخلو من أن يكون غير متغير بالنجاسة فيطهر بالمكاثرة المذكورة لا غير ، الثاني أن يكون متغيرا فيطهر بأحد أمرين بالمكاثرة المذكورة إذا زالت التغير وبتركه حتى يزول تغيره بطول مكثه .
    القسم الثالث : الزائد عن القلتين فله حالان :
    أحدهما : أن يكون نجسا بغير التغير فلا طريق إلى تطهيره بغير المكاثرة .
    الثاني : أن يكون متغيرا بالنجاسة فتطهيره بأحد أمور ثلاثة : المكاثرة ، أو زوال تغيره بمكثه ، أو أن ينزح منه ما يزول به التغير ويبقى بعد ذلك قلتان فصاعدا ، فإنه إن بقي ما دون القلتين قبل زوال تغيره لم يبق التغير علة تنجسه ، لأنه تنجس بدونه ، فلا يزول التنجيس بزواله ، ولذلك طهر الكثير بالنزح وطول المكث ، ولم يطهر القليل ، فإن الكثير لما كانت علة تنجيسه التغير زال تنجيسه بزوال علته ، كالخمرة إذا انقلبت خلا والقليل علة تنجيسه الملاقاة لا التغير فلم يؤثر زوال التنجيس انتهى . ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلام في
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 30)

    قاعدة التطهير للمياه وعدم الفرق بين المياه والمائع ، والجواب على شبهة من فرق بينهما قال : إذا عرف أصل هذه المسألة فالحكم إذا ثبت لعلة زال بزوالها كالخمر لما كان الموجب لتحريمها ونجاستها هي الشدة ، فإذا زالت بفعل الله تعالى طهرت ، بخلاف إذا زالت بقصد الآدمي على الصحيح ، كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لا تأكلوا خل خمر إلا خمرا بدأ الله بفسادها ، ولا جناح على مسلم أن يشتري خل خمر من أهل الكتاب إذا لم يعلم أنهم تعمدوا فسادها ؛ وذلك لأن اقتناء الخمر محرم فمتى قصد باقتنائها التخليل كان قد فعل محرما ، والفعل المحرم لا يكون سببا للحل والإباحة . وأما إذا اقتناها لشربها واستعمالها خمرا فهو لا يريد تخليلها ، وإذا جعلها الله خلا كان معاقبة له بنقيض قصده ، فلا يكون في حلها وطهارتها مفسدة ، وأما سائر النجاسات فيجوز التعمد لإفسادها لأن إفسادها ليس بمحرم كما لا يحد شاربها ؛ لأن النفوس لا يخاف عليها بمقاربتها المحظور كما يخاف من مقاربة الخمر ؛ ولهذا جوز الجمهور أن تدبغ جلود الميتة ، وجوزوا أيضا إحالة النجاسة بالنار وغيرها . والماء لنجاسته سببان : ( أحدهما ) متفق عليه ، والآخر مختلف فيه ، فالمتفق عليه التغير بالنجاسة ، فمتى كان الموجب لنجاسته التغير فزال التغير كان طاهرا كالثوب المضمخ بالدم إذا غسل عاد طاهرا - ( والثاني ) القلة فإذا كان الماء قليلا ووقعت فيه نجاسة ففي نجاستة قولان للعلماء: فذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايات عنه أنه ينجس ما دون القلتين - وأحمد في الرواية المشهورة عنه يستثني البول والعذرة المائعة ، فيجعل ما أمكن نزحه نجسا بوقوع ذلك فيه - ومذهب أبي حنيفة ينجس ما وصلت إليه الحركة - ومذهب أهل المدينة وأحمد في الرواية الثالثة أنه لا ينجس ولو لم يبلغ قلتين ، واختار هذا القول بعض الشافعية كإحدى الروايات . وقد نصر هذه الرواية أصحاب الشافعي كما نصر الأول طائفة كثيرة من أصحاب أحمد ، لكن طائفة من أصحاب مالك قالوا إن قليل الماء ينجس بقليل النجاسة ، ولم يحدوا ذلك بقلتين . وجمهور أهل المدينة أطلقوا القول ، فهؤلاء لا ينجسون أشياء إلا بالتغير ومن سوى بين الماء والمائعات كإحدى الروايتين عن أحمد ، وقال بهذا القول الذي هو رواية عن أحمد قال في المائعات كذلك كما قاله الزهري وغيره فهؤلاء لا ينجسون شيئا
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 31)
    من المائعات إلا بالتغير كما ذكره البخاري في صحيحه لكن على المشهور عن أحمد اعتبار القلتين في الماء . وكذلك في المائعات إذا سويت به - فنقول إذا وقع في المائع القليل نجاسة فصب عليه مائع كثير فيكون الجميع طاهرا إذا لم يكن متغيرا - وإن صب عليه ماء قليل دون القلتين وصار الجميع كثيرا فوق القلتين ففي ذلك وجهان في مذهب أحمد ( أحدهما ) وهو مذهب الشافعي في الماء أن الجميع طاهر ( والوجه الثاني ) أنه لا يكون طاهرا حتى يكون المضاف كثيرا ، والمكاثرة المعتبرة أن يصب الطاهر على النجس ، ولو صب النجس على الطاهر الكثير كان كما لو صب الماء النجس على ماء كثير طاهر أيضا ، وكذلك مطهر له إذا لم يكن متغيرا وإن صب القليل الذي لاقته النجاسة على قليل لم تلاقه النجاسة ، وكان الجميع كثيرا فوق القلتين كان كالماء القليل إذا ضم إلى القليل . وفي ذلك الوجهان المتقدمان . وهذا القول الذي ذكرناه في المائعات كالماء هو الأظهر في الدلالة ، بل لو نجس القليل من الماء لم يلزم تنجس الأشربة والأطعمة ولهذا أمر مالك بإراقة ما ولغ فيه الكلب من الماء القليل كما جاء في الحديث ولم يأمر بإراقته من الأطعمة والأشربة ، واستعظم إراقة الطعام والشراب بمثل ذلك ، وذلك لأن الماء لا ثمن له في العادة بخلاف أشربة المسلمين وأطعمتهم ، فإن في نجاستها من المشقة والحرج ما لا يخفى على الناس وقد تقدم أن جميع الفقهاء يعتبرون رفع الحرج في هذا الباب فإذا لم ينجسوا الماء الكثير للحرج فكيف ينجسون نظيره

    من الأطعمة والأشربة ، والحرج في ذلك أشق ، ولعل المائعات الكثيرة لا تكاد تخلو من نجاسة . ( فإن قيل ) الماء يدفع النجاسة عن غيره فمن نفسه أولى وأحرى بخلاف المائعات ( قيل ) الجواب من وجوه ( أحدها ) أن الماء إنما دفعها عن غيره ؛ لأنه يزيلها عن ذلك المحل وتنتقل معه فلا يبقى على المحل نجاسة وأما إذا سقطت فيه فإنما كان طاهرا لاستحالتها فيه لا لكونه أزالها عن نفسه ، ولهذا يقول أصحاب أبي حنيفة إن المائعات كالماء في الإزالة ، وهي كالماء في التنجيس ، فإذا كانت كذلك لم يلزم من كون الماء يزيلها إذا زالت معه أن يزيلها إذا كانت فيه . ونظير الماء الذي فيه النجاسة الغسالة المنفصلة عن المحل وتلك نجسة قبل طهارة المحل . وفيها بعد طهارة المحل ثلاثة أوجه ، هل هي طاهرة أو مطهرة أو
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 32)
    نجسة ، وأبو حنيفة نظر إلى هذا المعنى فقال الماء ينجس بوقوعها فيه وإن كان يزيلها عن غيره كما ذكرناه ، فإذا كانت النصوص وقول الجمهور على أنها لا تنجس بمجرد الوقوع مع الكثرة كما دل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : سنن الترمذي الطهارة (66),سنن أبو داود الطهارة (66). الماء طهور لا ينجسه شيء . وقوله : سنن الترمذي الطهارة (67),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (517),سنن الدارمي الطهارة (731). إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث فإنه إذا كان طهورا يطهر به غيره علم أنه لا ينجس بالملاقاة إذ لو نجس بها لكان إذا صب على النجاسة ينجس بملاقاتها ، فحينئذ لا ينجس بوقوع النجاسة فيه لكن إن بقيت عين النجاسة حرمت ، وإن استحالت زالت فدل ذلك على أن استحالة النجاسة بملاقاته لها فيه لا ينجس ، وإن لم تكن قد زالت عن المحل فإن من قال إنه يدفعها عن نفسه كما يزيلها عن غيره فقد خالف المشاهدة .
    وهذا المعنى يوجد في سائر الأشربة من المائعات وغيرها .

    ( الوجه الثاني ) أن يقال غاية هذا أن يقتضي أنه يمكن إزالة النجاسة بالمائع ، وهو أحد القولين في مذهب مالك وأحمد كما هو مذهب أبي حنيفة وغيره ، وأحمد جعله لازما لمن قال إن المائع لا ينجس بملاقاة النجاسة ، وقال : يلزم على هذا أن تزال به النجاسة ، وهذا لأنه إذا دفعها عن نفسه دفعها عن غيره كما ذكروه في الماء ، فيلزم جواز إزالة النجاسات بكل مائع طاهر مزيل للعين قلاع للأثر على هذا القول . وهذا هو القياس فنقول به على هذا التقدير - وإن كان لا يلزم من دفعها عن نفسه دفعها عن غيره لكون الإحالة أقوى من الإزالة فيلزم من قال إنه يجوز إزالة النجاسة بغير الماء من المائعات إن لكون المائعات كالماء فإذا كان الصحيح في الماء أنه لا ينجس إلا بالتغير إما مطلقا وإما مع الكثرة فكذلك الصواب في المائعات . وفي الجملة التسوية بين الماء والمائعات ممكن على التقديرين . وهذا مقتضى النص والقياس في مسألة إزالة النجاسات وفي مسألة ملاقاتها للمائعات الماء وغير الماء . ومن تدبر الأصول المنصوصة المجمع عليها والمعاني الشرعية المعتبرة في الأحكام الشرعية تبين له أن هذا هو أصوب الأقوال ، فإن نجاسة الماء والمائعات بدون التغير بعيد عن ظواهر النصوص والأقيسة وكون حكم النجاسة يبقى في مواردها بعد إزالة النجاسة بمائع أو غير مائع بعيد عن الأصول وموجب القياس ومن كان فقيها
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 33)

    خبيرا بمآخذ الأحكام الشرعية ، وزال عنه الهوى ، تبين له ذلك ، ولكن إذا كان في استعمالها فساد فإنه ينهى عن ذلك كما كان ينهى عن ذبح الخيل التي يجاهد عليها والإبل التي يحج عليها والبقر التي يحرث عليها ونحو ذلك ؛ لما في ذلك من الحاجة إليها لا لأجل الخبث كما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان في بعض أسفاره مع الصحابة ، فنفدت أزوادهم فاستأذنوه في نحر ظهورهم فأذن لهم ثم أتى عمر - رضي الله عنه - فسأله أن يجمع الأزواد فيدعو الله بالبركة فيها ويبقى الظهر ، ففعل ذلك فنهيه لهم عن نحر الظهر كان لحاجتهم إليه للركوب لا لأن الإبل محرمة . فلهذا ينهى عما يحتاج إليه من الأطعمة والأشربة عن إزالة النجاسة بها كما ينهى عن الاستنجاء بما له حرمة من طعام الإنس والجن وعلف دواب الإنس والجن ولم يكن ذلك لكون هذه الأعيان لا يمكن الاستنجاء بها ؛ بل لحرمتها فالقول في المائعات كالقول في الجامدات .
    ( الوجه الثالث ) أن يقال إحالة المائعات للنجاسة إلى طبعها أقوى من إحالة الماء وتغير الماء بالنجاسات أسرع من تغير المائعات فإذا كان الماء لا ينجس بما لا يقع فيه من النجاسة لاستحالتها إلى طبيعته فالمائعات أولى وأحرى .
    ( الوجه الرابع ) أن النجاسة إذا لم يكن لها في الماء والمائع طعم ولا لون ولا ريح ، فلا نسلم بأن يقال بنجاسته أصلا كما في الخمر المنقلب أو أبلغ . وطرد ذلك في جميع صور الاستحالة فإن الجمهور على أن المستحيل من النجاسات طاهر كما هو المعروف عن الحنفية والظاهرية وهو أحد القولين في مذهب مالك وأحمد ووجه في مذهب الشافعي .
    ( الوجه الخامس ) أن دفع المائعات للنجاسة عن نفسها كدفع الماء لا يختص بالماء بل هذا الحكم ثابت في التراب وغيره فإن العلماء اختلفوا في النجاسة إذا أصابت الأرض وذهبت بالشمس أو الريح أو الاستحالة هل تطهر على قولين .
    ( أحدهما ) تطهر وهو مذهب أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب الشافعي

    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 34)
    وأحمد وهو الصحيح في الدليل فإنه قد ثبت عن ابن عمر أنه قال كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكونوا يرشون شيئا من ذلك . وفي السنن أنه قال إذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعليه فإن كان بهما أذى فليدلكهما بالتراب ، فإن التراب لهما طهور ، وكان الصحابة كعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وغيره يخوضون في الوحل ثم يدخلون فيصلون بالناس ولا يغسلون أقدامهم . وأوكد من هذا سنن الترمذي الطهارة (143),سنن أبو داود الطهارة (383),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (531),مسند أحمد بن حنبل (6/290),موطأ مالك الطهارة (47),سنن الدارمي الطهارة (742). قوله - صلى الله عليه وسلم - في ذيول النساء إذا أصابت أرضا بعد أرض خبيثة فتلك بتلك ، وقال يطهره ما بعده ، وهذا هو أحد القولين في مذهب أحمد وغيره ، وقد نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد الشالنجي التي شرحها كريم في نسخة إبراهيم . بن يعقوب الجوزجاني وهي من أجل المسائل . وهذا لأن الذيول تتكرر ملاقاتها للنجاسة فصارت كأسفل الخف وكمحل الاستنجاء . فإذا كان الشارع قد جعل الجامدات تزيل النجاسة من غيرها لأجل الحاجة كما في الاستنجاء بالأحجار وجعل الجامد طهورا علم أن ذلك وصف لا يختص بالماء ، وإذا كانت الجامدات لا تنجس بما استحال إليها من النجاسة فالمائعات أولى وأحرى ؛ لأن إحالتها أشد وأسرع . مجموع الفتاوى 21 / 503 وما بعدها .

    ب - الاستحالة برمي تراب ونحوه فيها :
    اختلف أهل العلم في ذلك ، فمنهم من قال بعدم الطهارة ، ومنهم من قال بالطهارة ، وفيما يلي ذكر القولين مع الأدلة والمناقشة :
    أما القائلون بأنه لا يطهر فبعض الشافعية وبعض الحنابلة ومن وافقهم من أهل العلم . قال الشيرازي : وإن طرح فيه تراب أو جص فزال التغير ، ففيه قولان وقال النووي في شرح المهذب وصحيح ألا ترون أنه لا يطهر وهو المختار وقيد النووي صورة المسألة بأن يكون مكدرا ولا تغير له أما إذا صفا فلا يبقى خلاف بل إن كان التغير موجودا فنجس قطعا وإلا فطاهر قطعا صرح به المتولي وغيره ولا فرق بين أن يكون التغير بالطعم أو اللون أو الرائحة ففي الجميع قولان . المهذب وشرحه / 1 / 185 . .
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 35)
    وقال ابن قدامة . وإن كوثر بماء يسير أو بغير الماء فأزال التغير لم يطهر .
    قال في المبدع تعليقا على ذلك : طهور أو بغير الماء كالتراب والخل ونحوهما لا مسك فأزال التغير لم يطهر على المذهب المبدع / 1 / 63 وما بعدها . . وقال المرداوي : اعلم أن الماء النجس تارة يكون كثيرا وتارة يكون يسيرا فإن كان كثيرا وكوثر بماء يسير أو بغير الماء لم يطهر على الصحيح من المذاهب وعليه جماهير الأصحاب ، انتهى المقصود الإنصاف / 1 / 66 . .
    واستدل لهذا بأنه كما أنه لا يطهر إذا طرح فيه كافور أو مسك فزالت رائحة النجاسة فلا يطهر هنا ونوقش بأنه قياس مع الفارق لأن الكافور يجوز أن تكون الرائحة باقية فيه دائما لم تظهر لغلبة رائحة الكافور والمسك ذكر ذلك الشيرازي في المهذب .
    واستدل أيضا بأنه وقع الشك في زوال التغير ، وإذا وقع الشك في سبب الإباحة لم تثبت الإباحة ، كما لو رأى شاة مذبوحة في موضع فيه مسلمون ومجوس ، وشك هل ذبحها المجوسي أو المسلم لا تباح ، ذكر ذلك النووي في شرح المهذب وبأنه لا يدفع النجاسة عن نفسه فعن غيره من باب أولى ، ذكره في المبدع .

    وبأنه يستر النجاسة قاله ابن عقيل ، نقله عنه صاحب المبدع .
    القول الثاني إنه طاهر وهذا قول المالكية إذا لم تظهر فيه أوصاف الملقى ، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد .
    جاء في مواهب الجليل : وأما إذا زال التغير بإلقاء تراب فيه أو طين فقال في الطراز : إنه لم يظهر فيه لون الطين ولا ريحه ولا طعمه وجب أن يطهر انتهى مواهب الجليل / 1 / 85 .
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 36)
    وقال الشيرازي : وقال - أي الشافعي - في حرملة يطهر وهو الأرجح المهذب ومعه المجموع / 1 / 185 . وعلق النووي على ذلك فقال : اختلف المصنفون في الأصح من القولين فصحح المصنف هنا وفي التنبيه وشيخه القاضي أبو الطيب وأبو العباس الجرجاني والشاشي وغيرهم الطهارة وهو اختيار المزني والقاضي أبي حامد المجموع ومعه المهذب / 1 / 185 وقال ابن قدامة : ويتخرج أن يطهر المقنع وعليه المبدع 1 / 63 . .
    وعلق على ذلك صاحب المبدع فقال : وقاله بعض أصحابنا المبدع ومعه المقنع 1 / 63 واستدل لذلك بأن علة النجاسة زالت وهي التغير أشبه ما لو زال بالمكاثرة المبدع / 1 / 63 وبأنه لو زال بطول المكث طهر فأولى أن يطهر إذا كان يطهر بمخالطته لما دون القلتين الإنصاف / 1 / 66 .


    جـ - الاستحالة بسقي النباتات بها وشرب الحيوانات إياها :
    أما الاستحالة بسقي النباتات بها فقد تكلم أهل العلم في حكم ذلك ، فمنهم من قال إن هذه الزروع طاهرة مباحة ، ومنهم من قال إنها نجسة محرمة .
    وممن قال بطهارتها أبو حنيفة وبعض المالكية ، والشافعي ، وهو قول في مذهب أحمد .
    قال ابن المواق على قول خليل "وزرع بنجس " ابن يونس: القمح النجس يزرع فينبت وهو طاهر وكذلك الماء النجس يسقى به شجر أو بقل فالثمرة والبقلة طاهرتان ابن المواق على متن خليل / 1 / 97 ومعه مواهب الجليل . .
    وقال ابن قدامة : قال ابن عقيل يحتمل أن يكره ذلك ولا يحرم ولا يحكم بتنجيسها . . . وهذا قول أكثر الفقهاء منهم أبو حنيفة والشافعي المغني ومعه الشرح / 11 / 72 - 73 .
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 37)
    واستدل لهذا بالأثر والمعنى أما الأثر فهو أن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - كان يدمل أرضه بالعذرة ويقول : مكتل عرة مكتل بر . قال ابن قدامة : والعرة عذرة الناس استدل بهذا الأثر ابن قدامة المغني ومعه الشرح / 11 / 72 - 73 وأما المعنى فإن النجاسة تستحيل في باطنها فتطهر بالاستحالة كالدم يستحيل في أعضاء الحيوان ويصير لبنا المغني ومعه الشرح / 11 / 72 - 73 .
    القول الثاني : إنها لا تطهر وهو المقدم عند الحنابلة وبه قال من وافقهم من أهل العلم .
    قال ابن قدامة : وتحرم الزروع والثمار التي سقيت بالنجاسات وسمدت بها الإنصاف / 2 / 10 / 367 . وقال المرداوي على قول ابن قدامة " وما سقي بالماء النجس من الزروع والثمر محرم ، قال : وينجس بذلك وهو المذهب نص عليه ، وعليه جماهير الأصحاب المغني ومعه الشرح / 11 / 72 - 73 . وقيد ذلك بالمغني ، فقال : فعلى هذا تطهر إذا سقيت الطاهرات كالجلالة إذا حبست وأطعمت الطاهرات المغني ومعه الشرح / 11 / 72 - 73 واستدل لهذا القول بالسنة والمعنى .
    أما السنة فما ذكره ابن قدامة في المغني : قال وروى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال كنا نكري أراضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونشترط عليهم أن لا يدملوها بعذرة الناس ، وأما المعنى فإنها تتغذى بالنجاسات وتترقى فيها أجزاؤها والاستحالة لا تطهر المغني ومعه الشرح / 11 / 72 - 73 وأما شرب الحيوانات إياها فإننا نذكر كلام العلماء وأدلتهم في حكم لحوم
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 3
    الجلالة وألبانها مع المناقشة ، ومن أوسع ما جاء في ذلك : ما ذكره ابن قدامة - رحمه الله - قال : قال أحمد : أكره لحوم الجلالة وألبانها ، قال القاضي في المجرد ، هي التي تأكل القذر . فإذا كان أكثر علفها النجاسة حرم لحمها ولبنها ، وفي بيضها روايتان ، وإن كان أكثر علفها الطاهر لم يحرم أكلها ولا لبنها وتحديد الجلالة بكونه أكثر علفها النجاسة لم نسمعه عن أحمد ولا هو ظاهر كلامه لكن يمكن تحديده بما يكون كثيرا في مأكولها يعفى عن اليسير .
    وقال الليث إنما كانوا يكرهون الجلالة التي لا طعام لها إلا الرجيع .

    وقال ابن أبي موسى في الجلالة روايتان إحداهما أنها محرمة ، والثانية أنها مكروهة غير محرمة ، وهذا قول الشافعي ، وكره أبو حنيفة لحومها والعمل عليها حتى تحبس ، ورخص الحسن في لحومها وألبانها لأن الحيوانات لا تنجس بأكل النجاسات بدليل أن شارب الخمر لا يحكم بتنجيس أعضائه ، والكافر الذي يأكل الخنزير والمحرمات لا يكون ظاهره نجسا ، ولو نجس لما طهر بالإسلام ولا الاغتسال ، ولو نجست الجلالة لما طهرت بالحبس ، ولنا ما روى ابن عمر قال سنن الترمذي الأطعمة (1824),سنن أبو داود الأطعمة (3785),سنن ابن ماجه الذبائح (3189). نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الجلالة وألبانها رواه أبو داود وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإبل الجلالة وأن يؤكل لحمها ولا يحمل عليها إلا الأدم ، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة ، رواه الخلال بإسناده . ولأن لحمها يتولد من النجاسة فيكون نجسا كرماد النجاسة .
    وأما شارب الخمر فليس ذلك أكثر غذائه ، وإنما يتغذى الطاهرات ، وكذلك الكافر في الغالب . وتزول الكراهية بحبسها اتفاقا ، واختلف في قدره ، فروي عن أحمد أنها تحبس ثلاثا سواء أكانت طائرا أم بهيمة . وكان ابن عمر إذا أراد أكلها حبسها ثلاثا ، وهذا قول أبي ثور ، لأن ما طهر حيوانا طهر الآخر كالذي نجس ظاهره . والأخرى تحبس الدجاجة ثلاثا والبعير والبقرة ونحوهما يحبس أربعين ، وهذا قول عطاء في الناقة والبقرة لحديث عبد الله بن عمرو . ولأنها أعظم جسما وبقاء علفهما فيهما أكثر من بقائه في الدجاجة والحيوان الصغير المغني ومعه الشرح / 11 / 71 - 72 ويرجع إلى الإنصاف / 10 / 366 وشرح المفردات / 312 . .
    (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 39)

    ومن هذا أن القول بطهارة النجاسات والمياه بالاستحالة في الحيوانات والنباتات إلى لحم وعظم ولبن وغير ذلك هو قول أكثر الفقهاء ، لتغيرها من فساد إلى صلاح وتبدل حقيقتها الخبيثة إلى حقيقة أخرى يشملها وصف الطيب في قوله تعالى : سورة الأعراف الآية 157 وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وقوله تعالى: سورة المائدة الآية 4 يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ فكان ما تولد عنها بالاستحالة طاهرا حلالا أكله وشربه .

    د - حكم استعمال مياه المجاري بعد استحالتها وزوال أعراض النجاسة منها :
    مما تقدم يتبين أن الماء الكثير المتغير بنجاسة يطهر إذا زال تغيره بصب ماء طهور فيه باتفاق أو بطول مكث أو تأثير الشمس ومرور الرياح عليه أو برمي تراب ونحوه فيه على الراجح عند الفقهاء لزوال الحكم بزوال علته .
    وعلى هذا فإذا كانت مياه المجاري المتنجسة - وهي بلا شك كثيرة تتخلص بالطرق الفنية الحديثة مما طرأ عليها من النجاسات فإنه يمكن حينئذ أن يحكم بطهارتها لزوال علة تنجسها ، وهي تغير لونها أو طعمها أو ريحها بالنجاسة ، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما ، وبذلك تعود هذه المياه إلى أصلها ، وهي الطهورية ويجوز استعمالها في الشرب ونحوه وفي إزالة الأحداث والأخباث ، وتحصل به الطهارة من الأحداث والأخباث ، إلا إذا كانت هناك أضرار صحية تنشأ عن استعمالها فيمتنع استعمالها فيما ذكر ، محافظة على النفس ، وتفاديا للضرر لا لنجاستها ، ولكن لو استعملها في إزالة الأحداث أو الأخباث صحت الطهارة .
    وينبغي للمسلمين أن يستغنوا عن ذلك ويجتنبوه اكتفاء بالمياه الأخرى ما وجدوا إلى ذلك سبيلا احتياطا للصحة ، واتقاء للضرر وتنزها عما تستقذره النفوس وتنفر منه الطباع والفطر السليمة ، هذا ما تيسر وبالله التوفيق والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .
    عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
    عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" اهـ .

    من مجلة البحوث الإسلامية .
    قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

    تعليق


    • #3
      قال الإمام الألباني في الثمر المستطاب: " وأكثر العلماء المسلمين يقولون : إن النجاسة تطهر بالاستحالة وهو مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد " اهـ .
      قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبو عبد الله ووفقك الله

        تعليق


        • #5
          آخي الكريم أبو عبد الله أشكرك جزيل الشكر على هذا البحث القيم النافع المستخلص لأمور شتى و مهمة
          فجزاك الله خير الجزاء
          أخي الكريم,لقد حاولت قراءة البحث بتمعن,و مثل هذا االبحث لازم أن يقرآ مرات و كرات حتى يفهمه حق الفهم, لكن و لقلة باعتي في العلم الشرعي لم أجد كلام حول الإستحالة عن طريق الأدمي, لقد تطرقت اللجنة جزاها الله خيرا للموضوع و لكن على حسب قرائتي بشكل سريع,
          فأتمنى مرة أخرى لو استطعتم,أن تبحثوا لي عن أقوال أهل العلم في هذه المسألة الدقيقة و هي لو يقوم الأدمي بنفسه بتغيير النجاسة إلى طهارة
          أعتذر مرة أخرى
          والسلام عليكم

          تعليق


          • #6
            يسَّر الله ذلك، ولو قام بذلك أحد الإخوة ريثما تفرغت لبحث جزئيتك أكثر فهو مشكور .
            قال يحيى بن معاذ الرازي: " اختلاف الناس كلهم يرجع الى ثلاثة أصول، لكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد ضده الشرك، والسنة ضدها البدعة، والطاعة ضدها المعصية" (الاعتصام للشاطبي 1/91)

            تعليق


            • #7
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              جزاك الله خيرًا يا أبا عبد الله

              وهذا بحث ميسر استفدته قديمًا من أحد طلبة العلم، ونقلته بتصرف يسير:
              "إذا استحال الشيء (أي تحول من شيء إلى آخر) وكان في الأصل حرام أو نجس ، هل حرمته أو نجاسته ما زالت باقية أم أن الاستحالة غيرت الحكم ؟
              أمثلة :
              1) شخص تاجر في المخدرات وحصل مالاً بطريق التجارة ، هذا المال في حقه هو حرام لأنه انتقل إليه بطريق محرم لكن إذا ذهب وأعطاه لفقير ، فهل المال هذا في حق الفقير يكون حلالاً أم يكون حراماً ؟
              هو في حق الفقير يكون حلالاً لأن دخوله على الفقير ليس كدخوله على صاحب المال الأصلي .
              2) الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن نفسه وآل بيته ( إنا آل محمد لا نأكل الصدقة ) ، فبينما هو في بيته يوماً إذ دخل قوماً ببرمة فيها لحم ثم أنه صلى الله عليه وسلم انتظر الطعام فقرب إليه طعام غير اللحم فقال: أين اللحم ؟ قالوا ما عندنا لحم. قال ألم أر برمة ! قيل يا رسول الله هذا لحم تُصُدق به على بريرة. فقال صلى الله عليه وسلم هو لها صدقة ولنا هدية. فدخل على بريرة بطريق الصدقة وبريرة أهدت منه للرسول عليه الصلاة والسلام فالاستحالة جعلت الذي هو صدقة في حق بريرة ، هدية في حق النبي عليه الصلاة والسلام .
              3) الخمر التي خمرت ثم تحولت بعد زمن إلى خل فلم تعد مسكرة ، هل كونها مرت بمرحلة التخمير جعلها ما زالت تحرم أو أن الحرمة قد أزيلت عنها ؟
              4) رجل يعمل في بنك ربوي وله بنت دعت زميلتها إلى بيتها وقدمت لها مشروباً في البيت ، فالفتاة التي دخلت البيت ما قدم لها قدم لها على أنها ضيفة فالمشروب دخل عليها عن طريق حق الضيافة ولكن أصل المال الذي دخل على رب البيت دخل من طريق محرم فهل تمتنع من الأكل أم لا تمتنع ؟
              والقول في مسألة الاستحالة ليس بقول واحد فقد نقل إبراهيم النخعي عن ابن مسعود (ولكن رواية النخعي عن ابن مسعود فيها بعض الانقطاع لكن ثابتة عن إبراهيم النخعي والضعف في رواية إبراهيم النخعي عن ابن مسعود ليس بالضعف الشديد) أن ابن مسعود يقول ( له حلاوته وعليه إثمه ما لم يقره على باطله ) فهو يقول الضيف له حلاوة الطعام لأنه دخل عليه بطريق حلال والذي اكتسبه من الأصل هو الذي يتحمل العقوبة . وقد ذكر نحو ذلك ابن رجب في جامع العلوم والحكم والحنابلة لهم رأي في هذه المسألة أن التورع أفضل .
              فمسألة الاستحالة هذه لها تشعبات واسعة جداً لأن أحكاماً كثيرة جداً تنبني عليها فأحياناً تقطع بالتحريم وتكون الاستحالة لا تجزأ هنا ولا تصلح مثال ذلك : شخص سرق ثياباً وجاء يهديها لك فإذا قبلتها أنت فقد ساعدته على الإثم ، لكن شخص اكتسب مال من الحرام ثم تاب فامتناعك أو عدمه لن يؤثر بشيء ." اهـ

              تعليق


              • #8
                رد: طلب بحث عن الإستحالة لو تكرمتم

                الشيخ فركوس

                الفتوى رقم: 88

                الصنف: فتاوى الأطعمة

                في حكم الحلوى المصنوعة من مادة «الجيلاتين»
                والأجبان المحتوية على «الإنفحة»
                السـؤال: ما حكم الحلويات المستوردة من «إنجليترا» وغيرها من البلدان الأوروبية التي تحتوي على مادة «الجيلاتين» الموجودة في عظام ولحم الخنزير والبقر؟ وما حكم الأجبان المحتوية على مادة «رينات» وهي مادة مستخرجة من بطن الجدي أو الحَمَل الرضيع، وتسمى بالإنفحة؟ علمًا بأنَّ أهل هذه البلدان وغيرها لا يذبحون غالبًا؟
                الجـواب:
                الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
                فلا مانع من جواز الحلويات والأجبان المستوردة التي تحتوي على مادة «الجيلاتين» و«الإنفحة» إن كانت مستخرجة من حيوانات مأكولة اللحم أو من موادَّ مباحةٍ تندرج ضمن ذبائحِ أهل الكتاب ممَّا لهم فيه ممارسة وصناعة، فهي طاهرة لقوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الّذِينَ أُوْتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لهُمْ﴾ [المائدة 5]، أمَّا إذا كانت مادة «الجيلاتين» مستخرجة من الحيواناتِ المحرمة الأكلِ لنجاستها وخبثها وضررها كجلد الخِنْزير وعظامه وغيره من الحيوانات والمواد المحرمة، فإنَّ الحلويات وسائر الأطعمة التي اختلطت بها مادة «الجيلاتين» يحرم -شرعًا- استهلاكها أو بيعها أو استخدامها في الطعام أو اقتناؤها للنصوص الواردة في تحريم الخِنْزِير والميتة وسائر الخبائث، إذ المعلوم -فقهًا- أنَّ «التَّحْرِيمَ يَتْبَعُ الخُبْثَ وَالضَّرَرَ».
                فإن كان في اختلاط هذه المستهلكات أو المبيعات بمادة «الجيلاتين» على وجهٍ يدخل الشكّ والريبة لموضع الاشتباه، فإنَّ الواجب أن يتركها تغليبًا لجانب التحريم، وعملاً بالاحتياط في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ»(١)، ولقوله صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ»(٢).
                أمَّا الأجبان المحتوية على «الإنفحة» أو «رينات» فإنه ما دامت تستخرج من بطن الجدي أو الحمَل الرضيع وهما ممَّا يؤكل لحمها فلا إشكال فيما إذا ذُكِّيَ هذا الحيوانُ الذكاةَ الشرعية.
                وإنَّما يرد الإشكال فيما إذا كانت هذه الحيوانات ميتة أو لم تُذَكَّ الذكاةَ الشرعية على ما هو جار في معظم بلاد الغرب الأوروبي من أهل الكتاب، أو كانت من ذبائح المجوس، الأمر الذي أحدث خلافًا بين أهل العلم في الجواز والمنع، واختلافهم ناشئ عن اختلافهم في لبن الميتة وإِنفِحَتها، هل هما طاهران أو نجسان، فمن رأى نجاستها حكم بتحريم ما يصنع بالإنفحة، حلويات كانت أو أجبانًا، وهو مذهب مالك والشافعي ورواية عن أحمد ومن رأى طهارتهما حكم بجوازها وهو مذهب أبي حنيفة(٣)، والرواية الأخرى عن الإمام أحمد ارتضاها شيخ الإسلام ابن تيمية(٤)، حيث قال -رحمه الله-: «والأظهر أن جُبْنَهم حلالٌ -يعني المجوس- وأنَّ إنفحةَ الميتةِ ولبنَها طاهرٌ»(٥) وهو الظاهر من القولين عملاً بفعل الصحابة لَمَّا فتحوا بلاد العراق أكلوا جبن المجوس وشاع هذا بينهم من غير نكير، فضلاً على أنَّ اللبن والإنفحة ليسَا محلاًّ للموت، وإنما أخذ حكم نجاستها عند من يقضي بنجاستها لكونهما مستخرجين من ذات الميتة وهي وعاء نجس، غير أنَّه لا يتمُّ التسليم أنَّ المائع ينجس بملاقاة النجاسة لعموم حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: «المَاءُ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»(٦)، والمائعات كُلُّها حكمها حكم الماء قَلَّت أو كَثُرَت، وعليه يتقرَّر حكم بيع الحلويات والأجبان وهو الحلُّ والجواز ما لم يعلم احتواؤهما على مادة محرَّمة كشحم الخنزير أو أحد أجزاء الميتة ممَّا تحلُّها الحياة، ففي هذه الحال تحرم قطعًا إذا لم تتغير حقائقها.
                فإذا تقرّر هذا الأصل في كلا المسألتين، فإنّه يبقى الحكم على أفرادها يُعلم بنوعٍ من تحقيق المناط.
                والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.

                الجزائر في: 13 ربيع الثاني 1431ﻫ
                الموافق ﻟ:
                29 مارس 2010م

                ١- أخرجه البخاري في «الإيمان» باب فضل من استبرأ لدينه: (1/ 19)، ومسلم (2/ 750) في «المساقاة» رقم (1599)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.

                ٢- أخرجه الترمذي في «صفة القيامة والرقائق والورع»: (2517)، والنسائي في «الأشربة» باب: الحث على ترك الشبهات (5711)، وأحمد في «مسنده»: (1/ 200)، من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه، والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد»: (3/ 169) والألباني في «الإرواء»: (1/ 44)، والوادعي في «الصحيح المسند»: (31.

                ٣- أجزاء الميتة الصلبة التي لا دم فيها كالقرن والسن والحافر والخف والإنفحة الصلبة طاهرة عند الأحناف لأنّ هذه الأشياء ليست بميتة لعدم دخول الحياة فيها، والميتة من الحيوان اسم لما زالت حياته، فالإنفحة الصلبة متفق على طهارتها، أمّا الإنفحة المائعة واللبن في ضرع الميتة فالأظهر طهارتها. [«البدائع»: 1/63].

                ٤- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (21/60).

                ٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (21/103).

                ٦- أخرجه وأبو داود في «الطهارة»، باب ما جاء في بئر بضاعة: (66)، والترمذي في «أبواب الطهارة»، باب ما جاء أنَّ الماء لا ينجسه شيء (66)، وأحمد في «مسنده»: (3/ 31)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وهو صحيح بطرقه وشواهده، انظر «التلخيص الحبير» لابن حجر (1/ 13، 14) و«إرواء الغليل» للألباني (1/ 45).

                تعليق

                يعمل...
                X