إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

مكانة العلماء في الإسلام والمصيبة في فقدهم - لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية وتفريغها] مكانة العلماء في الإسلام والمصيبة في فقدهم - لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي

    خُطبة جُمعَة بعنوان:

    «مَكَانَةُ العُلَمَاءِ فِي الإِسْلاَمِ وَالمُصِيبَةُ فِي فَقْدِهِمْ»



    حفظه الله تعالى ورعاه، وثبته على الإسلام والسنة، وجزاه عنا خير الجزاء



    ألقاها فضيلته في جامع مكتبة العلوم الشرعية بصامطة
    13 جمادى الأولى 1435هـ
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها


    يمكنكم تحميل هذه المادة القيمة من موقع:



    للانتقال إلى صفحة التحميل انقر على شعار الموقع

    التّفريغ:

    بسم الله الرّحمن الرّحيم
    يسرّ موقع ميراث الأنبياء أن يُقدِّم لكم تسجيلاً لخطبةٍ بعنوان: «مكانةُ العُلَماء في الإسلام والمُصيبةُ في فقدهم»، ألقاها فضيلة الشّيخ الدّكتور: مُحمّد بن هادي المدخليّ –حفظَهُ اللهُ تعالى- يوم الجمعة 13 جمادى الأولى 1435هـ بجامع مكتبة العلوم الشّرعيّة بمدينة صامطة.
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعَ بها الجميع.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ

    الخطبة الأولى:

    إنّ الحمد لله نحمده ونستعينُهُ ونستغفرهُ ونتوبُ إليهِ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهدِهِ اللهُ فلا مُضلّ له، ومن يُّضلِل فلا هاديَ لهُ، وأشهد أن لا إلهَ إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنّ مُحمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ.

    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

    ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي َتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾.

    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
    .

    أمّا بعد:
    فإنّ أصدق الحديثِ كتابُ اللهِ، وخير الهدي هدي مُحمّد –صلّى اللهُ عليهِ وسلّم-، وشرّ الأمور مُحدثاتُهَا، وكُلّ مُحدثة بدعَة، وكُلّ بدعةٍ ضلالة، وكُلّ ضلالة في النّار.

    أمّا بعدُ؛ فيا أيُّهَا المُسلِمون:

    إنّ الله سبحانهُ وتعالى اختصَّ طائفةً من عبادِهِ فضَّلَهُم على خلقِهِ بما خصَّهُم بِهِ من مزيدِ الفضلِ والإنعام، رفعهُم درجاتٍ، وكرَّمهم سبحانهُ وتعالى فأعلى منزِلَتَهُم، وقَصَرَ خَشْيَتَهُ الحقيقيَّةَ عليهِم، فضَّلَهُم على النَّاس لأنّهم المصابيح يدلّون النّاس في سيرِهِم إلى الله والدّار الآخرة.

    إنّ هذه الطّائفةَ الكريمَة والنّبيلةَ العظيمة هُم أولياءُ اللهِ وأصفياؤُهُ وعُبّادُهُ والأتقياءُ لهُ حقيقة؛ إنّهُمُ العُلَماءُ يا عباد اللهِ، العُلَماء فضَّلَهُمُ الله على غيرهم فقال –جلّ وعلا-: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلِبَابِ.

    رفَعَهُم منزلةً تسمُو على كُلِّ المنازل أَلاَ وهِيَ قَرْنُهُ لِشَهادتِهِم بِشهادتِهِ وشهادةِ ملائكتِهِ على أعظم مشهودٍ عليهِ ألاَ وهُوَ: وحدانِيّتُهُ وتوحيدُهُ –سبحانه وتعالى-، فقال جلَّ وعلا: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأُولُوا العِلْمِ قَائِمًا بِالقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ.
    رفَعَهُم درجاتٍ ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ.

    فالرِّفعةُ حصلت للطّائفتين؛ لكن الدّرجات العليّة إنّما حصلت لورثة هذا النّبيّ –صلّى اللهُ عليه وسلّم-، رفعهمُ اللهُ الدّرجات العُلَى ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ فالدّرجات الكثيرة المُتباعدة والمُتفاوتة إنّما هيَ لأهل العلم لأنّهُم أعلمُ النّاس باللهِ –جلّ وعلا- وأتقاهُم لهُ وأخشاهُم لهُ؛ قال –جلّ وعزّ-: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ.

    الخشيةُ الحقيقيّة والخشيةُ الصّحيحَة على الوجهِ المطلوب إنّما هي حاصلةٌ من هذه الطّائفة الكريمَة والنّبيلة العظيمة؛ لماذا؟ لأنّهم عرفوا الله –جلّ وعلا- حقّ معرفتِهِ بأسمائِهِ وصفاتِهِ، وعرفوا ما يجبُ لهُ –سبحانَهُ وتعالى- من صفات الكمال ونعوت الجلال، فلمّا تعرفّوا عليهِ بأسمائه وصفاتِهِ وعظيم أفعالِهِ عرفوه حقّ المعرفةِ فعبدوهُ عل الوجه الصّحيح ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ الجواب: لا، كيفَ يستوي ورثة النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- الذينَ عرفوا أحواله الشّريفة ومواقفهُ المُنيفة وأحكامه التي جاء بها في شرعِهِ المُطهّر عن الله –تبارك وتعالى-؛ كيف يستوي هؤلاء والجاهلون؟! لا يستوون أبدًا، هؤلاء هُم ورثة النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وهُم ورثة الأنبياء في كُلِّ زمانٍ وأمّة من الأمم.

    فلمّا كانوا ورثة الأنبياء كانوا أكثر النّاس شَبَهًا بالأنبياء بُعدًا عن الدّنيا وتقلّلاً منها وزهدًا فيها ومُجافاةً لها لا يُزاحمون عليها لأنّهم عرفوها أنّها دنيّة؛ ونبيّهم –صلّى الله عليه وسلّم- يقول: (ما لي وللدّنيا إنّما مثلي ومثل الدّنيا كمثل راكب استظلَّ تحت شجرة ثُمّ راح وتركها)، فلمّا عرفوا قيمتها كانوا هُمُ الفطناء

    إنّ لله عبادًا فطنا *** طلّقوا الدّنيا وخافوا الفتنا
    نظروا فيها فلمّا علموا *** أنّها ليست لحيّ سكنا
    جعلوا لُجّة واتّخذوا *** صالح الأعمال فيها سفنا

    عرفوا هذه الدّنيا على حقيقتها فلم يركنوا إليها، فآثروا التّقلّل منها، وقلّة الرّصيد فيها ليس بذمّ ولا عيب ولا عار، فقد خرج منها رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- وهُوَ إمامُهُم وقائدهم ولم يشبع منها من خُبز شعير ثلاث ليال –صلوات الله وسلامُهُ عليهِ-.

    لكنّهم هم وُرّاث النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- حقيقةً، فإنّ (الأنبياء لم يُورّثوا دينارًا ولا درهما وإنّما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر).

    فما أعظمه من إرثٍ حصّلوه، وما أتفه الدّنيا من إرثٍ تركوها لأنّها ليست عند الله تسْوَى جناحَ بعوضة، فذهبوا إلى الحظّ الأوفر والنّصيب الأكبر ألا وهو الذي يرفعهم الله به في الدّنيا والآخرة ألا وهو: العلم؛ فكانوا ورّاث رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- فرفعهُمُ اللهُ –جلّ وعلا- بذلكَ، قال –عليه الصّلاة والسّلام- في هذا الحديث الذي سمعتم طرفه الأخير وهو حديثُ أبي الدّرداء المُخرّج في سُنَن أبي داود والتّرمذيّ وابن ماجه وأحمد في مسنده وغيرهم؛ قال -عليه الصّلاة والسّلام-: (فضلُ العالِم على العابِد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب) هذا فضلُ العالِم على العابِد الصّالح المُطيع القائم القانت للهِ في جميع أوقاتِه فضلاً عن الفسّاق والجهّال الذينَ لا يصحّ لهم أن يُقرنوا بهؤلاء الأخيار الأبرار، (فضلُ العالِم على العابِد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب).

    تجمّلوا في أنفسهم، كمّلوا جمال أنفسهم باستقامتهم على أمر ربّهم فجَمُلوا في أنفسهم وتزيّنوا فصاروا كبدرِ التّمّ ليلَ التّمّ ليل السّتّ بعد ثمان ليلة خمس عشرة اكتمل جمالُهُ وبهاؤُهُ وحُسنُهُ وعمَّ نورُهُ وقويَ ضوؤُهُ فتسلّط على الأرض فأنارَ للسّارينَ طريقهُم في الأسفار.

    هكذا العلماء تجمّلوا في أنفسهم بالعِلم الموروث، تجمّلوا بالعلم الموروث فظهرَ جمالُهُ عليهم سكينةً وخشيةً وهيبةً وجلالاً ووقارًا، تَرَى النّاس يُوقِّرونهم لا لِدُنياهُم لكن مهابةً ألقاها اللهُ لهُم وقذفها في قلوب العباد.

    قيل في مالك:
    يأبى الجواب فلا يُراجَع هيبةً *** والحاضرون نواكس الأذقانِ
    عزّ الوقار وعزّ سلطان التّقى *** فهما الوقار وليس ذا سلطانِ

    هذا هُوَ المُلك لا ما يُساق له النّاس بالعصا، تجمّلوا في أنفسهم فأنار وجوههم بالعبادة وظهرت عليهم علامات الخشية والخوف من الله والسّكينة عليهم تغشاهم، كيف لا تغشاهم والملائكة تحفّهم في مجالسهم والسّكينة تنزل عليهم في مجالسهم التي يُبيِّنون فيها أحكام الله، ارتفعوا في مكانتهم ارتفاعَ البدر ليلة اكتمالِهِ في عظيم جمالِهِ، ارتفعوا عن النّاس فلم يُدنّسوا أنفسهم.

    ينالُ النّاسَ خيرهم، ولا ينالُهُم دنسُ النّاس، مُترفّعون عنهم، أصفياء أنقياء لم تُدنِّسهم الدّنيا بدنسها، هؤلاء هم العلماء هم ورثة الأنبياء –عليهم الصّلاة والسّلام- ما أعظمَ أثرهم على النّاس وما أقبحَ أثر النّاس عليهم، هؤلاء العلماء هُمُ في الحقيقة أمنةُ هذه الأمَّة الذينَ يحفظُ الله –سبحانه وتعالى- الأُمَّةَ بوجودهم.

    أسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاتهِ العُلَى أن يرزقنا وإيَّاكُم العلمَ النّافع والعمل الصّالِح، وأن لا يُضلّنا بعد إذا هدانا، إنّه جوادٌ كريمٌ.
    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المُسلِمين من كُلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرّحيم.

    الخطبة الثّانية:

    الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والعاقبةُ للمُتّقين، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحدهُ لا شريكَ لهُ شهادةً مُبرّأة من الشّكّ والشّرك أرجُو بها النّجاة يوم الدِّين يوم يقوم النّاس لربّ العالمين، وأُصلِّي وأُسلِّم على رحمة اللهِ المبعوث رحمةً للعالمين نبيّنا مُحمّد القائل: (من صلّى عليّ صلاةً واحدةً صلّى الله عليه بها عشرًا) فصلواتُ الله وسلامُهُ عليهِ وعلى آله وأصحابِهِ وأتباعِهِ بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

    أمّا بعدُ:
    فيا عبادَ اللهِ: (إنّ من علامات السّاعة أن يُثبتَ الجهل ويُرفع العلم)؛ وفي لفظ: (أن ينزل الجهل ويُرفع العلم)؛ وفي لفظ: (أن يُثبت الجهل ويُقبض العلم).

    أيّها النّاس: إنّما ينزلُ الجهلُ ويثبتُ الجهل ويَعُمّ الجهلُ وينتشرُ الجهل إنّما يكون ذلكَ بموتِ العُلَماء حتّى ليكون البلد بأسرِهِ لا يُوجد فيه عالِمٌ واحدٌ يُستفتى في الحلال والحرام، هذا هُوَ والله المُصابُ الجَلَل يثبُت الجهل ويرتفع العلم؛ يُقبض العلم وينزل الجهل إنّما يكون ذلكَ بموت العُلَماء فسّره رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-.

    فإنّ من أشراط السّاعة الذي سمعتُم لا يكون إلاّ بقبض العُلَماء كما جاء ذلك في الصّحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-: (إنّ الله لا ينزع هذا العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور النّاس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتّى إذا لم يُبق عالمًا..) وفي اللّفظ الآخر: (..حتّى إذا لم يبق عالم اتّخذ النّاس رؤوسًا جُهّالاً)؛ وفي لفظ: (رؤساء جهّالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا).

    فضلالُ النّاس إنّما يأتي بسبب الجهل، والجهلُ إنّما ينزل بسبب ذهاب العلماء، فإنّ موت العلماء ثلمةٌ في الإسلام عظيمةٌ لا تُسدّ، فكلّما مات عالمٌ قلَّ أن يُسَدّ مكانه في الأمَّة.

    أمّة الإسلام: ورد عن عبد الله بن عبّاس –رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِ الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ قال: (نَقْصُها من أطرافها بذهاب العلماء منها) أو كما قال –رضي الله عنه-.

    وقد جاء في حديث أبي أُمامَة عند الإمام أحمد –رحمه الله- في مسنده أنّ النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ليرتفعنّ العلم ويثبت الجهل، فقام أعرابيّ فقال: كيف ذلك يا رسول الله ونحن نقرؤه من مصاحفنا وقد تعلّمناه وعلّمناه نساءنا وذرارينا وخدمنا؟..) فنظر إليه النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وقد احمرّ وجهه مُغضبًا ثمّ قال: (ثكلتك أمّك؛ إنّ هذه بنو إسرائيل مصاحفهم بينهم لم يعلقوا منها بِسَطْر) ثمّ قال له: (إنّما ذلكَ بقبض العلماء، إنّما ذلكَ بقبض العلماء، إنّما ذلكَ بقبض العلماء) أو كما قال –عليه الصّلاة والسّلام-.
    والحديثُ في سنده مقال؛ لكن قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله-: (وللجملة الأخيرة منه وهي قوله: "إن العلم يُرفع بموت العلماء" شواهد صحيحة كثيرة) ومنها الذي سمعتم.

    ألاَ وإنّ مُصابنا عظيمٌ في هذه الآونة بموت إمام أهل السُّنّة والجماعة في جنوب البلاد السّعوديّة حامل لواء السُّنّة والدّعوة والعلم والفقه فيها شيخنا العلاّمة الفقيه المُحدِّث المُفسِّر الأصوليّ الشّيخ: زيد بن مُحمّد بن هادي المدخليّ –عليه من الله الرّحمة والرِّضوان-، صار إلى ربِّه تبارك وتعالى، اختارهُ الله إلى جوارِهِ وإنّا لنرجو له أن يكون ما عندَ الله خيرٌ له، وقد تركَ خيرًا عظيمًا، مُصابُنَا فيهِ جَلَلٌ والخطبُ بفقدِهِ عظيمٌ، ولكن واللهِ لا نقول إلاّ ما يُرضي الرّبّ؛ إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
    إنّ القلب ليحزن، وإنّ العين لتدمع، ولا نقول إلاّ ما يُرضي الرّبّ؛ إنّا لفراق شيخنا لمحزنون.

    نسأل الله -جلّ وعلا- بأسمائه الحُسنى وصفاتِه العُلَى أن يتغمدّه بواسع رحمتهِ، وأن يرفع في جنّاتِهِ درجَتَهُ بما أسدى للإسلام والمُسلمين.
    نسأل الله –جلّ وعزّ- أن لا يحرمنا وإيَّاكُم والمُسلمين أجرَه، ولا يفتنَّا بعده إنّه جوادٌ كريمٌ.

    أيّها المؤمنون: إنّ دينَ الله باقٍ، فقد اختار الله لنبيّه –صلّى الله عليه وسلّم- الرّحيل إلى جوارِهِ إلى الرّفيق الأعلى، فأقام الله لهذه الأمّة الصّدّيق –رضي الله عنه-، ثمّ نزل بالمسلمين ما نزل فأقام الله لهم بعد عُمَر، ثمّ نزل بهم ما نزل فأقام لهم عليًّا في فتنة الخوارج، ثمّ نزل بهم ما نزل فجمع الله الأمّة بالحَسَن فألَّفَ به بين الطّائفتين العظيمتين فأصبح بذلكَ كما جدّه –عليه الصّلاة والسّلام-: (إنّ ابني هذا سيّد وسيُصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)، ثُمّ نزل بالمسلمين ما نزل فهيّأ الله للأمّة الإمام الحَبر الإمام أحمد بن حنبل –رضي الله تعالى عنه وأرضاه- فأعزّ الله به الإسلام وأقام به السُّنّة وكشف به المحنة وقمع به البدعة، ثمّ شاء الله ما شاء ونزل بالإسلام ما نزل فأقام الله شيخ الإسلام تقيّ الدّين أبا العبّاس أحمد بن تيميّة –رحمه الله- فجاهد في الله حقّ جهاده، ثمّ نزل بالإسلام والأمّة ما نزل فأقام الله -جلّ وعزّ- بعد ذلك في أرض نجد عالما مجتهدًا الإمام محمّد بن عبد الوهاب –رحمه الله تعالى- فأقام للدِّين ما كان قد اعوجّ منه وأعاد له صفاءه ونظارته وبهجته ولم نزل نتفيّأ ظِلال دعوته إلى هذا اليوم التي هيَ امتداد دعوة رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- الصّافية البيضاء النّقيّة التي قال فيها: (تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالِك) قام بهذه الدّعوة وآزره من شاء الله له الفضل والأجر والخير من آل سعود –وفّقهم الله وجزاهم عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء-.

    وما الشّيخ زيد –رحمه الله- إلاّ امتدادٌ لهذه الدّعوة المباركة وثمرة من ثمراتها اليانعة ولن تكفّ -إن شاء الله- هذه الثّمَرَة؛ فإنّ ﴿..البَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا وهذا البلدُ قامت فيه دعوةٌ طيِّبةٌ مُباركةٌ صافيةٌ نقيّةٌ لم تتلطّخ بأوضار البدع والحزبيّات النّتنة المقيتة التي يشاءُ أهلها بزخرفتهم لها حَرْفَ النّاس عن طريق رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- طريق العلم والعُلَماء.

    ثمّ صلّوا وسلِّموا أيّها المسلمون على من أمركم الله بالصّلاة والسّلام عليهِ فقال جلّ من قائل عليمًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارك وأنعِم على عبدك ورسولك نبيّنا مُحمّد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدِّين وعنّا معهم بمنّك وعفوك وكرمك يا أرحم الرّاحمين.

    اللّهم أعزّ الإسلام والمُسلِمين، اللّهم أعزّ الإسلام والمُسلِمين، اللّهم أعزّ الإسلام والمُسلِمين، وأذلّ الشّرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدِّين، واجعل هذا البلد آمنا رخاء سخاء مُطمئنًّا وسائر بلاد المُسلمين.

    اللّهم انصر عبادك المُوحِّدين، اللّهم انصر عبادك المُوحِّدين، اللّهم انصر عبادك المُوحِّدين في كلّ مكان يا ربّ العالمين.

    اللّهم آمِنّا في دورنا، وأصلح أئمّتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم شرعك واتّباع سنّة نبيّك مُحمّد –صلّى الله عليه وسلّم-، واجعلهم رحمةً على شعوبهم ورعاياهم وبلدانهم يا حيّ يا قيّوم.
    اللّهمّ اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
    اللّهم وفِّق الأحياء ويسِّر لهم أمورهم، واغفر للأموات ونوِّر لهم قبورهم.

    اللّهم تُبْ على التّائبين، واغفر ذنوب المُذنبين، واقضِ الدَّين عن المدينين، ورُدّ عاصينا وغاوينا وضالّنا وجاهلنا إليك ردًّا جميلاً يا أرحم الرّاحمين.
    ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكروه على نعمه وآلائه يزدكم، ولذكرُ الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    وللاستماع إلى الدّروس المُباشرة والمُسجّلة والمزيد من الصّوتيّات يُرجى زيارة موقع ميراث الأنبياء على الرّابط: miraath.net وجزاكُمُ اللهُ خيرًا.

    فرّغه:/ أبو عبد الرحمن أسامة
    14 / جمادى الأولى / 1435هـ

    وصلى الله على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.


  • #2
    رد: مكانة العلماء في الإسلام والمصيبة في فقدهم - لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي

    جزاك الله خيرا أبوعبد الرحمن أسامة

    تعليق


    • #3
      رد: مكانة العلماء في الإسلام والمصيبة في فقدهم - لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي

      نفع الله بك أخي الحبيب أبو عبد الرحمن أسامة وجزاك الله خيراً.

      تعليق

      يعمل...
      X