واعلم: أن التكفير لمجتهدي الإسلام بمجرد الخطأ في الاجتهاد في شيء من مسائل العقل عقبه كئود لا يصعد إليها إلا من لا يبالي بدينه، ولا يحرص عليه؛ لأنه مبني على شفا جرف هار، وعلى ظلمات بعضها فوق بعض، وغالب القول به ناشئ عن العصبية، وبعضه ناشئ عن شبه واهية، وليست من الحجة في شيء، ولا يحل التمسك بها في أيسر أمر من أمور الدين، فضلا عن هذا الأمر الذي هو مزلة الأقدام، ومدحضة كثير من علماء الإسلام.
والحاصل: أن الكتاب، والسنة، ومذهب خير القرون، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم يدفع ذلك دفعا لا شك فيه، ولا شبهة، فإياك أن تغتر بقول من يقول منهم: إنه يدل على ما ذهب إليه الكتاب، والسنة، فإن ذلك دعوى باطلة، مترتبة على شبهة داحضة، وليس هذا المقام مقام بسط الكلام على هذا المرام، فموضعه علم الكلام.

-----------------

إرشاد الفحول لتحقيق الحق من علم الأصول
الإمام العلامة محمد بن علي بن محمد الشوكاني