فَصْلٌ ( فِي الِاسْتِعَانَةِ بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ فِي الدَّوْلَةِ ) .
قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ الْبَلْخِيّ دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ ابْنِ حَنْبَلٍ ، فَجَاءَهُ رَسُولُ الْخَلِيفَةِ يَسْأَلُهُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ .
فَقَالَ أَحْمَدُ : لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ قَالَ : يُسْتَعَانُ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ قَالَ : إنَّ النَّصَارَى وَالْيَهُودَ لَا يَدْعُونَ إلَى أَدْيَانِهِمْ ، وَأَصْحَابُ الْأَهْوَاءِ دَاعِيَةٌ .
عَزَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إلَى مَنَاقِبِ الْبَيْهَقِيّ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ يَعْنِي لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَقَالَ : فَالنَّهْيُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِالدَّاعِيَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْأُمَّةِ انْتَهَى كَلَامُهُ ، وَهُوَ كَمَا ذَكَرَ .
وَفِي جَامِعِ الْخِلَالِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ أَصْحَابَ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ ، وَأَهْلُ الْبِدَع وَالْأَهْوَاءِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَعَانَ بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ .
فَإِنَّ فِي ذَلِكَ أَعْظَمَ الضَّرَرِ عَلَى الدِّينِ وَالْمُسْلِمِينَ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي مَنَاقِبِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الْمَرُّوذِيِّ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، فَأَذِنَ فَجَاءَ أَرْبَعَةُ رُسُلِ الْمُتَوَكِّلَ يَسْأَلُونَهُ فَقَالُوا : الْجَهْمِيَّةُ يُسْتَعَانُ بِهِمْ عَلَى أُمُورِ السُّلْطَانِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا أَوْلَى أَمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ : أَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَلَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ عَلَى أُمُورِ السُّلْطَانِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا ، وَأَمَّا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَعَانَ بِهِمْ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يُسَلَّطُونَ فِيهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى لَا يَكُونُوا تَحْتِ أَيْدِيهمْ ، قَدْ اسْتَعَانَ بِهِمْ السَّلَفُ .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرُّوذِيُّ أَيُسْتَعَانُ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَهُمَا مُشْرِكَانِ ، وَلَا يُسْتَعَانُ بِالْجَهْمِيِّ ؟ قَالَ : يَا بُنَيَّ يَغْتَرُّ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ وَأُولَئِكَ لَا يَغْتَرُّ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ .
الآداب الشرعية
لابن مفلح المقدسي الحنبلي -رحمه الله-
اترك تعليق: