هل يمكنكم يا إخوتي بشرح الحديث 43 من الأربعين النووية حديث " الحقوا الفرائض بأهلها "
و جزاك الله خيرا
و جزاك الله خيرا

الفروض المقدرة في كتاب الله عز وجل وأوجهها 
كيفية قسمة التركة بين الورثة
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ
[النساء:11]، والأولاد هم البنون وأبناء البنين ذكوراً وإناثاً وإن نزلوا. وكذلك بالنسبة للإخوة الأشقاء ولأب أنهم إذا اجتمعوا يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وأما أبناء الإخوة إذا جاءوا ومعهم أخواتهم أو بنات أعماهم فإنهم يستقلون بالميراث عن أخواتهم وبنات أعمامهم؛ فلا يعصب ابن الأخ أخته ولا ابنة عمه، وإنما يستقل بالميراث؛ لأن البنات أو بنات الإخوة ليس لهن نصيب من الميراث لو انفردن، فكذلك لا يكون لهن نصيب من الميراث مع إخوانهن أو بني أعمامهن وإنما يختص به الرجال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر). فإذاً: تكون القسمة بين الذكور والإناث إذا اجتمعوا خاصة بمن يرثن من الإناث لو انفردن، واللاتي يفرض لهن لو انفردن هن البنات وبنات الأبناء وإن نزلن والأخوات الشقيقات والأخوات لأب والأخوات لأم؛ فإن لهن ميراثاً مقدراً في كتاب الله ليس على سبيل التعصيب وإنما على سبيل الفرض، فأولاد الأم لكل واحد سدس، وإذا زادوا عن واحد سواء كانوا إناثاً خلصاً أو ذكوراً خلصاً أو ذكوراً وإناثاً فإن لهم الثلث يشتركون فيه ويتساوون فيه، لا يفرق بين الذكر والأنثى؛ لأن ميراثهم إنما كان بسبب قرابة الأم وليس عصبة. والذين يرثون للذكر مثل حظ الأنثيين هم الذين يرثون عصبة ويكون الواحد من الذكور لو انفرد حاز المال كله، ولو كان معه أخته أو أخواته أو إخوانه فإنه يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذه القسمة بهذه الطريقة تختص بالأبناء وأبناء الأبناء وإن نزلوا مع أخواتهم، وكذلك بالإخوة الأشقاء مع أخواتهم، والإخوة لأب مع أخواتهم. ثم إنه جاء في السنة ما يستثنى من ذلك وهو أنه لو وجدت بنت ومعها أخت شقيقة وهناك أخ لأب فإن الشقيقة تأخذ الباقي تعصيباً مع الغير كما جاءت السنة في ذلك؛ وذلك لكونها أقرب، ولا يمكن أن يكونوا عصبة؛ لأن الأخ لأب لا يرث مع الأخت الشقيقة ميراثاً واحداً؛ لأن الميراث الواحد للإخوة الأشقاء مع الأخوات الشقيقات وللإخوة للأب مع الأخوات لأب. أما إذا وجدت أخت شقيقة وكان هناك إخوة لأب فإن الميراث الذي يكون بعد النصف أو بعد الثلثين إذا كان هناك بنت أو بنات، تأخذه الأخت الشقيقة أو الأخوات الشقيقات إذا لم يكن معهن إخوانهن، فإن كان معهن إخوانهن فالباقي لهم ولهن للذكر مثل حظ الأنثيين، لكن إذا كانت الأخت الشقيقة موجودة ولا يوجد معها إخوة أشقاء ولكن وجد معها إخوة لأب فإن الأخت الشقيقة أولى من الإخوة لأب؛ لأنها أقرب إلى الميت منهم، وقد جاءت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيستثنى ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها). ويمكن أن يقال: إذا كان المقصود بالفرائض ما جاء التنصيص عليه في الكتاب والسنة والمقصود به بيان من يرث سواء فرضاً أو تعصيباً فإن الأخت الشقيقة يكون لها فرض جاءت به السنة، ولكنه ليس بشيء ترثه على التقدير وإنما على ما بقي؛ لأنه إذا كان هناك بنت للميت أخذت النصف والشقيقة النصف الباقي، وإن كان له ابنتان أو بنت وبنت ابن فإن الشقيقة تأخذ الثلث الباقي، وعلى هذا ليس لها فرض مقدر في كتاب الله ولكن لها فرض بالتعصيب مثل ما جاء في الإخوة الأشقاء والإخوة لأب والأبناء وأبناء الأبناء مع أخواتهم فإنه يكون للذكر مثل حظ الأنثيين. وفي هذه الصورة إما أن تكون مستثناة من الحديث فلا يعطى المال لأولى رجل ذكر، أو يقال: إن ميراثها جاءت به السنة، وجاء أنها وارثة مع البنت أو مع البنات، وعلى هذا لا يبقى للذكور شيء؛ لأن الإناث قد حزنه، وهذا هو التعصيب مع الغير؛ لأن التعصيب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: تعصيب بالنفس، وتعصيب بالغير وتعصيب مع الغير. والعاصب بالنفس: هو الذي إذا انفرد يحوز الميراث بأكمله، وإن كان وحده أخذ ما أبقت الفروض كالابن وابن الابن والأخ الشقيق والأخ لأب، وكذلك الأب والجد؛ فإن هؤلاء يحوزون المال إذا انفردوا، وإذا كان هناك أصحاب فروض أخذ أصحاب الفروض فروضهم وأخذوا ما أبقت الفروض. 
جهات قرب الورثة من الميت 
سبب ذكر تقييد الرجل بالذكر في الحديث
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ
[النساء:11]؛ لأن الذكر يقابل الأنثى والرجل يقابل المرأة، والمرأة غالباً تطلق على الكبيرة والرجل يطلق على الكبير، والأمر لا يختص بالرجال والنساء الكبار وإنما هو للذكور، فيستوي في ذلك من بلغ عمره مائة سنة ومن عمره سنة أو أقل من سنة، فما دام أنهم أبناء للميت أو إخوة للميت أشقاء أو لأب فإنهم يتساوون في الميراث لا يفرق بين كبير وصغير، بل ذلك منوط بالذكورة والأنوثة، ولهذا قال عز وجل:
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ
[النساء:176] فيما يتعلق بميراث الأبناء، وجاء في الإخوة الأشقاء في آخر سورة النساء:
وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ
[النساء:176]، يعني: أن الذكور لهم ضعف الإناث سواء كان الذكور كباراً أو صغاراً، وسواء كانت الإناث كباراً أو صغاراً. وعلى هذا فهذا الحديث إذا ضم إلى آيات المواريث وإلى ما جاءت به السنة من أحاديث تبين بعض أنواع المواريث مثل ما ذكرنا في مسألة الشقيقة مع البنت أو البنتين فإنها تكون مقدمة على الإخوة لأب، ولا يقال: إن قوله: (لأولى رجل ذكر) بأن أولى رجل ذكر الذي يستقل عن الأنثى هو الذي لا يفرد فيه إلا الأنثى لو انفردت، كأبناء الإخوة الأشقاء وأبناء الإخوة لأب وكذلك الأعمام وأبناء الأعمام فإن الذكور هم الذين يستقلون بالميراث. 
الوارثون بالتعصيب
تعليق