إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

إمعان النظر فيما نُسب للصحابة من تقديم خطبة العيد على الصلاة [تمت الحلقات]

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [بحث] إمعان النظر فيما نُسب للصحابة من تقديم خطبة العيد على الصلاة [تمت الحلقات]

    إمعان النظر فيما نُسب لعمر وعثمان ومعاوية وابن الزبير-رضي الله عنهم- من تقديم خطبة العيد على الصلاة

    [الحلقة الأولى: تحرير ما نُسب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-]

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين أما بعد
    فمن المعلوم لدى الخاص والعام ما كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في تقديم صلاة العيد على الخطبة، وسار على هذا الدرب الخلفاء الراشدون في المشهور عنهم، لكنّ بعض العلماء قد نسب تقديم الخطبة على صلاة العيد لعمر بن الخطاب وعثمان –رضي الله عنهما- بل ولمعاوية وابن الزبير –رضي الله عنهما- ، فأردت التفتيش عن حال هذه الروايات والتثبت من مدى صحتها عن هذين الخليفتين الراشدين ثم النظر فيما يمكن قوله إن صح هذا عنهما ، فدونك ملخص الكلام:
    فأقول أولا:
    المشهور عن عمر وعثمان –رضي الله عنهما – تأخير خطبة العيد على الصلاة فقد روى البخاري في صحيحه:
    * 962 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الخُطْبَةِ»
    قلت: وهو عند ابن أبي شيبة من طريق ابن جريج بغير ذكر عثمان-رضي الله عنه-:
    5725- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَاوُوسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ فَبَدَؤُوا بِالصَّلاَة قَبْلَ الْخُطْبَةِ
    وفي هذه الطريق عنعنة ابن جريج!.
    وأخرجه عبد الرزاق (ر 5632) بروايته عن ابن جريج موافقا لرواية البخاري في التصريح بالإخبار وزيادة ذكر عثمان –رضي الله عنهما-

    * وجاء في البخاري أيضا من رواية ابن عمر –رضي الله عنهما-:
    963 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّه ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُصَلُّونَ العِيدَيْنِ قَبْلَ الخُطْبَةِ»
    وبنحوه عند ابن أبي شيبة من طريق عبدة بن سليمان عن أبي أسامة به.

    * وروى ابن أبي شيبة أيضا:
    5727- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ مَيْسَرَةَ أَبِي جَمِيلَةَ ، قَالَ : شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيٍّ ، فَلَمَّا صَلَّى خَطَبَ . قَالَ : وَكَانَ عُثْمَانَ يَفْعَلُهُ.

    *وعنده أيضا:
    5726- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ ، قَالَ : شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَبَدَأَ بِالصَّلاَة قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، قَالَ : ثُمَّ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ فَبَدَأَ بِالصَّلاَة قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، قَالَ : وَشَهِدْتُهُ مَعَ عَلِيٍّ فَبَدَأَ بِالصَّلاَة قَبْلَ الْخُطْبَةِ.
    وهو عند عبد الرزاق بسياق أتم منه عن معمر عن الزهري به، إلا أنّ فيه " عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ " اختلف الزهري في ضبطه وكذا غيره [انظر ترجمته في الطبقات الكبرى وغيرها] ، وبنحوه عند مالك في الموطأ [ت : الأعظمي]

    * وأخرج عبد الرزاق في مصنفه:
    5639 - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ يَوْمَ عِيدٍ «فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ»، ثُمَّ شَهِدْتُهُ مَعَ عُمَرَ «فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ»، ثُمَّ شَهِدْتُهُ مَعَ عُثْمَانَ «فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ»
    وأخرجه ابن المنذر في الأوسط بسنده عن هشام به.

    * وعند عبد الرزاق أيضا:
    4895 - عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كَانَ عَلِيٌّ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَالِاسْتِسْقَاءِ سَبْعًا فِي الْأُولَى، وَخَمْسًا فِي الْأُخْرَى، وَيُصَلِّي قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ
    قلت: هذا والذي قبله يدخل فيما سبق وإلا فإسناد الأول فيه مبهم والثاني إسناده تالف، شيخ عبد الرزاق هو ابن أبي يحيى الأسلمي جهمي قدري كذاب.

    وجملة هذه الآثار تدل على عمل الخلفاء بهذه السنة ، قال ابن المنذر –رحمه الله-:
    فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ، وَعَلَيْهِ عَوَّامُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ.
    فَمِمَّنْ كَانَ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَاْبْنُ مَسْعُودٍ وَهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ ا.هــ

    لكن يأتي البحث فيما يلي : هل طرأ عليهم خلاف هذا، سواء في بعض السنين أو في آخر عهدهم.. فأقول:
    أما عن عمر –رضي الله عنه- فأخرج ابن أبي شيبة تحت فصل:
    مَنْ رَخَّصَ أَنْ يُخْطَبَ قَبْلَ الصَّلاَةِ.
    5734- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنَ سُلَيْمَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ ، قَالَ : كَانَ النَّاسُ يَبْدَؤُونَ بِالصَّلاَة ، ثُمَّ يُثَنَّوْنَ بِالْخُطْبَةِ ، حَتَّى إِذَا كَانَ عُمَرُ وَكَثُرَ النَّاسُ فِي زَمَانِهِ ، فَكَانَ إِذَا ذَهَبَ لِيَخْطُبُ ذَهَبَ جُفَاةُ النَّاسِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ حَتَّى خَتَمَ بِالصَّلاَة.
    وبنحوه عند عبد الرزاق قال:
    5644 - عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، لَمَّا رَأَى النَّاسَ يَنْقُصُونَ فَلَمَّا صَلَّى حَبَسَهُمْ فِي الْخُطْبَةِ».

    قلت: لكن قد ذكر عبد الرزاق اختلافا على يحيى بن سعيد فقال:
    عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يُوسُفَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ا.هـ
    وابن عيينة رفيع القدر ، وقد أخرج أثر ابن عيينة ابن أبي معشر في كتابه الأوائل[1] عن عبد الله بن محمد الزهري عنه به .

    وذكر الذهبي في السير متابعة لابن جريج وعبدة فقال:
    خَلَفُ بنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
    غَدَوْتُ مَعَ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ كَانَتِ الصَّلاَةُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ؟
    قَالَ: كَانَ يَبْدَأُ بِالخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلاَةِ
    . ا.هــــ

    وقد وجدته مسندا عند أبي زرعة الدمشقي في تاريخه فقال:
    حدثنا خلف بن هشام المقرئ قال: حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد قال: غدوت مع يوسف بن عبد الله بن سلام في يوم عيد، فقلت له: كيف كانت الصلاة على عهد عمر ؟ قال: كان يبدأ بالخطبة، قبل الصلاة ا.هـــ
    وهو في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور.

    فتحصل لنا ثلاثة : ابن جريج ، وعبدة بن سليمان، وحماد بن زيد يروونه من فعل عمر –رضي الله عنه-.
    وسفيان بن عيينة خالفهم فرواه عن عثمان –رضي الله عنه-.

    والعجيب أن الحافظ ابن حجر ذكر في الفتح رواية ابن عيينة موافقة لرواية الثلاثة ونسبها لمصنف عبد الرزاق وابن ابي شيبة فقال:
    وقد روي عن عمر مثل فعل عثمان قال عياض ومن تبعه: لا يصح عنه " وفيما قالوه نظر ؛ لأنّ عبد الرزاق وابن أبي شيبة روياه جميعا عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن يوسف بن عبد الله بن سلام وهذا إسناد صحيح ا.هــــ

    وسبق أن ابن عيينة إنما رواه من فعل عثمان لا عمر –رضي الله عنهما-، ثم إن ابن أبي شيبة لم يخرجه من طريق ابن عيينة بأي من الوجهين والله أعلم.
    ومما يؤكد أنّ ابن عيينة إنما رواه من فعل عثمان لا عمر ما سبق في كتاب الأوائل لابن أبي معشر فهو موافق لرواية عبد الرزاق عنه، ثم كذلك ما أسنده ابن عبد البر في "التمهيد" فقال:
    حدثناه عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا الخشني حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال كانت الصلاة يوم العيد قبل الخطبة، فلما كان عثمان بن عفان كثر الناس قدم الخطبة قبل الصلاة أراد بذلك أن لا يفترق الناس وأن يجتمعوا. ا.هـ

    وعلى كلٍ فهذا الأثر مداره على يحيى بن سعيد الأنصاري وفيه غرابة شديدة ومخالفة للمشهور من فعل عمر-رضي الله عنه- قال أبو زرعة الدمشقي بعد إخراجه للأثر:
    قال أبو زرعة: فعرضته على يحيى بن معين، فلم يعرفه.
    قال أبو زرعة: وهو من حسان ما حدث به يحيى بن سعيد. ا.هـــ
    ولعل مراده بالـ (حسن) هنا الغرابة وهو اصطلاح قديم ومشهور بين علماء الحديث، وعلى هذ الاستغراب سار الذهبي فقال في السير بعد سوقه للأثر:
    غَرِيْبٌ جِدّاً. ا.هــ
    وقد سبق في كلام الحافظ ابن حجر نقله تضعيفه عن القاضي عياض، وكلامه في إكمال المعلم.

    وقال قبله ابن عبد البر في "التمهيد":
    قال أبو عمر وهم ابن جريج في هذا الحديث فرواه عن يحيى بن سعيد قال أخبرني يوسف بن عبد الله بن سلام قال أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة يوم الفطر عمر بن الخطاب وهذا خطأ بين لم تختلف الآثار عن أبي بكر وعمر أنهما صليا في العيدين قبل الخطبة على ما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ا.هــــ

    وهنا جزم ابن عبد البر بتوهيم ابن جريج ، وقد سبق أنّ ابن جريج لم يتفرد بل تابعه اثنان، وعليه فأقصى ما يمكنّا هو استغراب هذه الرواية لمخالفتها الآثار والأخبار المشهورة في صنيع عمر –رضي الله عنه- بتأخير الخطبة بعد صلاة العيد، ولذا ربما تجد من ينسب تقديم الخطبة لعثمان أو معاوية أو ابن الزبير -رضي الله عنهم- لكن لا تجد بين السلف من ينسب ذلك لعمر إلا في هذا الخبر الفرد..فمن رأى رواية ابن عيينة هي المقدمة على روية الثلاثة فالخبر عنده شاذ بالنظر إلى هذا الإسناد، وإن زاد بعد ذلك النظر إلى الآثار المتكاثرة في تأخير عمر-رضي الله عنه- للخطبة فربما عبر بالنكارة.

    وبإذن الله نكمل الحديث عما نسب لعثمان ومعاوية وابن الزبير-رضي الله عنهم- في الحلقة الثانية والله أعلم



    [1] أما العسكري في "الأوائل" فاعتمد على رواية الصحيح فذكر أنّ أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة هو مروان. رحم الله الجميع !
    التعديل الأخير تم بواسطة أبوصهيب عاصم الأغبري اليمني; الساعة 08-Dec-2012, 03:07 PM.

  • #2
    رد: إمعان النظر فيما نُسب لعمر وعثمان ومعاوية وابن الزبير-رضي الله عنهم- من تقديم خطبة العيد على الصلاة [الحلقة الأولى (عمر بن الخطاب)]

    ملحة:
    حاول ابن الجوزي استخراج بعض الحكم في تأخير خطبة العيد فقال:
    أما تقديم الصلاة على الخطبة فيحتمل ثلاثة أوجه:
    أحدها أن يكون ذلك للخلاف بين ما هو فرض عين كالجمعة وما هو فرض كفاية.
    والثاني لأن الناس يهتمون بالفطر أو بالأضاحي فقدمت الصلاة لئلا ينشغلوا عنها.
    والثالث أنّ الخطيب يبين لهم ما يخرجون في الفطر وبماذا يضحون وذلك يفتقر إلى الحفظ فأخر لئلا يتفكر الحافظ له قبل الصلاة في الصلاة.
    فأما خطبة الجمعة فلا تزيد على الموعظة التي في الصلاة من جنسه ا.هـــ من "كشف المشكل من حديث الصحيحين".

    تعليق


    • #3
      رد: إمعان النظر فيما نُسب للصحابة من تقديم خطبة العيد على الصلاة [الحلقة الأولى (عمر بن الخطاب)]

      بسم الله الرحمن الرحيم

      [الحلقة الثانية: ما نسب إلى عثمان-رضي الله عنه-]

      سبق في المشاركة الأولى بحث ما نُسب إلى الفاروق –رضي الله عنه- وذكرت حينها الاختلاف في الأثر الذي رواه يوسف بن عبد الله بن سلام –رضي الله عنه وعن أبيه- ، فإن صححنا هنالك طريق ابن عيينة فيكون ذلك الأثر دليلا على ثبوت التقديم عن عثمان –رضي الله عنه- وإن لم! وصححناه عن عمر –رضي الله عنه- فيبقى النظر في بقية ما ورد عن عثمان –رضي الله عنه- وتلك الآثار كالتالي:
      * ما رواه عبد الرزاق فقال:
      عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: بَلَغَنِي «أَنَّ أَوَّلَ مَنْ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فِي الْعِيدِ أَوْ عُثْمَانُ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ» - شَكَّ مَعْمَرٌ - قَالَ: وَبَلَغَنِي أَيْضًا «أَنَّ عُثْمَانَ فَعَلَ ذَلِكَ، كَانَ لَا يُدْرِكُ غَايِبُهُمُ الصَّلَاةَ، فَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ»

      قلت: وهذا البلاغ متردد ، وبين مولد معمر وزمن عثمان ستة عقود فإذا أضفنا مدة بلوغ معمر سن التحمل ربما تصل إلى السبعة أو الثمانية عقود، فمثل هذا لا يحتج به، فهو مرسل صحيح الإسناد.

      * وروى ابن المنذر في الأوسط قال:
      2142 - (2151) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " كَانَتِ الصَّلَاةُ فِي الْعِيدِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ"
      قَالَ: فَسَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ أَوَّلِ مَنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ: عُثْمَانُ صَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَرَأَى نَاسًا كَثِيرًا لَمْ يُدْرِكُوا الصَّلَاةَ فَفَعَلَ ذَلِكَ "

      قلت: والسائل هو حميد ، بدليل الأثر بعده
      * قال ابن المنذر:
      2143 - (2152) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ كَانُوا يُصَلُّونَ ثُمَّ يَخْطُبُونَ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ رَأَى أَنَّهُمْ لَا يُدْرِكُونَ الصَّلَاةَ خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى "

      وإسناد الأول حسن ، شيخ ابن المنذر هو ابن مرزوق بن دينار الأموي البصري ثقة صدوق عمي في آخر عمره فأخطأ، لكن يبدو أن عماه لم يطل ؛ قال ابن يونس في "تأريخ الغرباء":
      عمي قبل وفاته بشيء يسير، وكان ثقة ثبتا ا.هـ
      وسماع ابن المنذر يُحتمل في آخر عشر سنين من عمره حيث يكون ابن المنذر قد بلغ العشرين من عمره، فهذا مصري وابن المنذر مكي، ولهذا الاحتمال كان السند حسنا، وبالنظر لموافقته غيره يكون صحيحا فليس هو من أخطائه.
      وظاهر كلام ابن أبي حاتم إعلال رواية حميد عن أنس، ويصوبه عن الحسن مرسلا، ونحن لا يهمنا المرفوع بل ما ورد عن الحسن وإسناده إليه حسن أو جيد، والإسناد الثاني رجاله ثقات، وحماد الرواي عن حميد الطويل يظهر أنه ابن سلمة، فحجاج بن المنهال الغالب عليه إن روى عن ابن زيد ينسبه، قال الذهبي في السير:
      ثُمَّ عَادَةُ عَفَّانَ لاَ يَرْوِي عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ إِلاَّ وَيَنسِبُهُ، وَرُبَّمَا رَوَى عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ فَلاَ يَنسِبُهُ، كَذَلِكَ يَفْعَلُ حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ. ا.هـــ
      ورواية ابن سلمة عن حميد الطويل متقنة.
      والحسن البصري أدرك زمن عثمان قطعا، وأثبت سماعه منه علي المديني، قال في "العلل": قَالَ عَلِيٌّ : سَمِعَ الْحَسَنُ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ وَهُوَ غُلَامٌ يَخْطُبُ ا.هـــ
      ونفاه أبو زرعة ، ففي المراسيل لابن أبي حاتم:
      سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ لَقِيَ الْحَسَنُ أَحَدًا مِنَ الْبَدْرِيِّينَ قَالَ رَآهُمْ رُؤْيَةً رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَلِيًّا قْلُت سَمِعَ مَنْهُمْا حَدِيثًا قَالَ لَا ا.هـــ
      وفي كلام ابن المديني زيادة علم وتفصيل، فيقدم على قول أبي زرعة أو يُحمل كلام أبي زرعة على التحمل المباشر، وإلا فكون عثمان-رضي الله عنه- خليفة المسلمين وإمامهم في الصلاة وخطيبهم في الجمعة والأعياد لا يبعد معه سماع الحسن البصري منه شيئا مرفوعا، أما ما هو موقوف عليه ومن فعل عثمان –رضي الله عنه- فنفيه متعسر والله أعلم.
      وعليه فما كان في هذا الخبر عن عثمان-رضي الله عنه- فصحيح متصل، وبقيته مرسل.

      * وفي كتاب الأوائل لأبي عروبة:
      - حدثنا يحيى بن حكيم حدثنا أبو بحر حدثنا أشعث عن الحسن قال : ' كان النبي [ ] وأبو بكر وعمر وعثمان يخطبون بعد الصلاة ، ثم إن الناس جعلوا يجيئون على عهد عثمان فخطب قبل الصلاة '

      رجاله ثقات غير أبي بحر، فيحيى بن حكيم هو البصري المقوم ثقة حافظ، وأشعث هو ابن عبد الملك الحمراني ثقة فقيه، لكن آفته أبو بحر وهو عبد الرحمن بن عثمان البكراوي ضعفه ابن المديني وابن معين وأبو حاتم والنسائي، وخالفهم يحيى بن سعيد وأحمد بن حنبل وأبو داود ، قال أحمد مرة: لا بأس به، وقال مرة: ما أسوأ رأى البصريين فيه، وقال أبو داود: صالح، و و قال إسماعيل بن إسحاق القاضى ، عن على ابن المدينى : كان يحيى بن سعيد حسن الرأى فيه و حدث عنه . قال على : و أنا لا أحدث عنه ، و كان يحيى ربما كلمنى فيه ، يقول : إنكم لتحدثون عمن هو دونه . ا.هـ
      والذي يظهر أنه يكتب حديثه في الشواهد والمتابعات كما قال أبو حاتم وابن عدي ، وقال البخاري: لم يتبين لي طرحه ا.هـ
      قلت: قد وثقه العجلي، ولو حُسن حديثه في بعض الأبواب بعد التأني لما بُعد ذلك، والعلامة الألباني يضعفه في غير موضع، وعليه فالأثر حسن لغيره.

      والخلاصة :
      أن تقديم الخطبة على صلاة العيد ثابت عن عثمان-رضي الله عنه- في آخر خلافته، خاصة لو صححنا طريق ابن عيينة التي أشرت إليها في المشاركة الأولى، وقد سبق نقل كلام الحافظ في تصحيح ذلك عنه قال:
      وقيل بل سبقه إلى ذلك عثمان وروى بن المنذر بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قال أول من خطب قبل الصلاة عثمان صلى بالناس ثم خطبهم يعني على العادة فرأى ناسا لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك أي صار يخطب قبل الصلاة ا.هـــ فتح الباري.

      وهكذا ممن أثبته عن عثمان –رضي الله عنه- الإمام مالك بن أنس-رحمه الله- فقد جاء في "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد:
      وروى ابن نافع عن مالك ما يدل على ذلك قال السنة أن تقدم الصلاة قبل الخطبة ، وبذلك عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان صدراً من ولايته ا.هــ وذكره أيضا ابن بطال في شرح البخاري، وابن عبد البر في "الاستذكار"
      وهذا التقييد من الإمام مالك –رحمه الله- مفهومه مخالفته في آخر ولايته.

      وهكذا أثبته ابن عبد البر-رحمه الله- قال في الاستذكار:
      قال أبو عمر قد اختلف في أول من خطب قبل الصلاة فقيل: عثمان بن عفان وهو الصحيح إن شاء الله عن عثمان لما حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الخشني قال حدثنا بن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال كانت الصلاة يوم العيد قبل الخطبة فلما كان عثمان بن عفان كثر الناس فقدم الخطبة قبل الصلاة وأراد ألا يفترق الناس وأن يجتمعوا
      فإن قيل: قد روى مالك وغيره عن بن شهاب عن أبي عبيد مولى بن أزهر أنه قال شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلى ثم انصرف فخطب فقال إن اجتمع لكم في هذا اليوم عيدان الحديث
      قيل له: الحديثان صحيحان ويصحح معناهما أن عثمان صلى ست سنين أو سبعا كما في رواية مالك ثم قدم الخطبة على ما في حديث يحيى بن سعيد وكذلك فعل في إتمام الصلاة في السفر بعد قصرها ا.هـــ

      وبنحوه في التمهيد إلا أن كلامه في التمهيد مضطرب فبعد تصحيحه عن عثمان –رضي الله عنه- عاد فنفاه فقال:
      قال وأخبرنا معمر قال بلغني أن أول من خطب ثم صلى معاوية قال وقد بلغني ايضا أن عثمان فعل ذلك كان لا يدرك عامتهم الصلاة فبدأ بالخطبة حتى يجتمع الناس.
      قال أبو عمر: لا يصح عن عثمان والله أعلم وهذه أحاديث مقطوعة لا يحتج بمثلها وليس فيه حديث يحتج به إلا حديث ابن شهاب عن أبي عبيد أنه صلى مع عمر وعثمان وعلي فكلهم صلى ثم خطب في العيدين هذا هو الصحيح عنهم. ا.هـــ

      مع أنه قال قبلها في نفس الموطن:
      ما أظن مالكا ذكر ذلك والله أعلم إلا إنكارا لقول من قال إن عثمان أول من جعل الخطبة في العيدين قبل الصلاة وما ذكره مالك فليس فيه نفي لرواية يحيى بن سعيد عن يوسف بن عبد الله بن سلام لأن عثمان قصر الصلاة في سفر سنين ثم أتمها بعد وكذلك قدم الصلاة في العيدين سنين ثم قدم الخطبة فحكى كل ما علم ورأى.
      والحديثان صحيحان
      وهو من حديث أهل المدينة ذكره عبد الرزاق وغيره عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة يوم الفطر عثمان بن عفان. ا.هــــ
      فلعل شيئا فاتني يفك كلامه ويحل هذا الاضطراب.

      وهو ظاهر سياق القاضي عياض-رحمه الله- حيث أنكر ما روي عن عمر دون ما روي عن عثمان-رضي الله عنهما-:
      وهو فعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى الاَثار الصحيحة ، والخلفاَ الراشدين بعده ، إلا ما روى أن عثمان شَطْرَ خلافته ، قدَمها ، إذْ رأى من الناس من تفوتهم الصلاةُ ، فقال : لو قدَمنا الخُطبة ليدركوا اَلصلاة فقال : لو قدَمنا الخُطبة ليدركوا اَلصلاة ، وقد روى مثل هذا عن عمر وأنه أول من قدمها لهذه العلة ولا يصح عنه ا.هــ إكمال المعلم

      وممن أثبته من المتأخرين الكشميري في العرف الشذي فقال:
      ثبت عن عثمان أيضاً تقديم الخطبة على صلاة العيد ليدرك الناس صلاة العيد . ا.هـ

      وبإذن الله يتم البحث في الحلقة القادمة والله أعلى وأعلم
      التعديل الأخير تم بواسطة أبوصهيب عاصم الأغبري اليمني; الساعة 08-Dec-2012, 03:27 PM.

      تعليق


      • #4
        إمعان النظر فيما نُسب للصحابة من تقديم خطبة العيد على الصلاة [الحلقة الثالثة والأخيرة: ما نسب إلى ابن الزبير ومعاوية رضي الله عنهما]

        بسم الله الرحمن الرحيم
        [الحلقة الثالثة والأخيرة : ما نسب إلى ابن الزبير ومعاوية -رضي الله عنهما-]

        هذه هي الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة التي أرجو الله أن تكون قد قرّبت بعض النقول لطلبة العلم وغيرهم من المسلمين، لعلها تساعدهم في تحرير القول في هذه المسألة سواء وافقوا ما سطرته هاهنا أو خالفوه، ودونكم تتمة المقال والله أعلم:

        * ما نُسب إلى ابن الزبير -رضي الله عنهما-:
        - روى عبد الرزاق في سننه:
        5628 - عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ
        ، أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ أَوَّلَ مَا بُويعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ فَلَا تُؤَذِّنْ لَهَا قَالَ: «فَلَمْ يُؤَذِّنْ لَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ» وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ: «إِنَّمَا الْخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يُفْعَلُ» قَالَ: فَصَلَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَسَأَلَهُ أَصْحَابُهُ، ابْنُ صَفْوَانَ وَأَصْحَابٌ لَهُ قَالُوا: هَلْ لَا آذَنْتَنَا؟ فَاتَتْهُمُ الصَّلَاةُ يَوْمَئِذٍ، فَلَمَّا سَاءَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يَعْدُ ابْنَ الزُّبَيْرِ لِأَمْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ
        وأخرجه ابن أبي شيبة ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط كلهم من هذه الطريق مع اختصار فيها، وظاهر إسناد القصة صحيح، وعطاء روى عن ابن عباس وابن الزبير –رضي الله عنهما- فإدراكه للواقعة ممكن.

        تنبيه:
        جاء ما يخالف هذا عن ابن الزبير-رضي الله عنه- كما في كتاب "الأم":
        أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن
        وَهْبِ بن كَيْسَانَ قال رأيت بن الزُّبَيْرِ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قبل الْخُطْبَةِ ثُمَّ قال كُلُّ سُنَنِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قد غُيِّرَتْ حتى الصَّلَاةِ ا.هــ
        وهذا الإسناد تالف، إبراهيم هو ابن أبي يحيى الأسلمي متروك.. متهم، ولو صح يمكن حمله على أول عهده لمّا كان يتابع ابن عباس –رضي الله عنهما-.


        * ما نُسب إلى معاوية -رضي الله عنه-:
        روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
        5646 - عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مُعَاوِيَةُ»
        رجاله ثقات إلا أن ابن جريج لم يصرح بالسماع ، وقد تكلم بعض الحفاظ في رواية ابن جريج عن الزهري، لكن هي في الصحيحين، فيبقى خشية التدليس ثم الزهري أدرك آخر خلافة معاوية وهو صغير على الخلاف في تحديد مولده:
        قال أبو زرعة الدمشقى عن عبد الرحمن بن إبراهيم ، و أحمد بن صالح المصرى : مولده سنة خمسين من التأريخ .
        و قال أبو داود عن أحمد بن صالح : يقولون مولده سنة خمسين .
        و قال خليفة بن خياط : ولد سنة إحدى و خمسين .
        و قال يحيى بن بكير : مولده سنة ست و خمسين .
        و قال الواقدى : مولده سنة ثمان و خمسين ، فى آخر خلافة معاوية ، و هى السنة التى مات فيها عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم . ا.هـــ

        · قال الذهبي في السير:
        فَإِنَّ مَوْلِدَه فِيْمَا قَالَهُ دُحَيْمٌ وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ، وَفِيْمَا قَالَهُ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
        وَرَوَى عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: وَفدتُ إِلَى مَرْوَانَ وَأَنَا مُحْتَلِمٌ.
        فَهَذَا مُطَابِقٌ لِمَا قَبْلَه، وَأَبَى ذَلِكَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَقَالَ: وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ.
        حَتَّى قَالَ لَهُ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، فَإِنَّهُم يَقُوْلُوْنَ: إِنَّهُ وَفَدَ إِلَى مَرْوَانَ.
        فَقَالَ: هَذَا بَاطِلٌ، إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
        وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ عَنْبَسَةُ مَوْضِعاً لِكِتَابَةِ الحَدِيْثِ. ا.هـــ

        ·فعلى أحسن الأحوال أدرك من خلافة معاوية عشر سنين ، ثم هو كان في المدينة وإنما انتقل بعدها إلى الشام، ومعاوية –رضي الله عنه- إنما كان في الشام ولم يكن في الحجاز، فهذا الإسناد معل من جهتين: عنعنة ابن جريج حيث إن تدليسه شديد يسقط الضعفاء والهلكى، وهكذا النظر في إدراك ابن شهاب للواقعة وهو بعيد والله تعالى أعلم.

        - وقد مضى ما رواه معمر بالشك ،
        قال كما عند عبد الرزاق:
        5647 - عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: بَلَغَنِي
        «أَنَّ أَوَّلَ مَنْ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فِي الْعِيدِ أَوْ عُثْمَانُ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ» - شَكَّ مَعْمَرٌ.
        وهذا منقطع مع ما فيه من شك.

        - وفي آثار أبي يوسف:
        286 - قال : وحدثنا يوسف بن أبي يوسف عن أبيه عن أبي حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، أن « معاوية رضي الله عنه كان رجلا بادنا (1) ، فكان إذا صعد المنبر قعد ، فكان أول من خطب يوم الجمعة ، وهو قاعد ، وكان أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة في العيد ، وأول من أذن في العيدين »

        ضعيف من جهة أبي حنيفة وحماد إلا أن بعضهم يقوى روايتهم نسبيا فيما كان عن النخعي وهؤلاء حيث اهتموا بفقههم ومروياتهم، فهذا كتقوية ابن إسحاق في السير، واعتماد الواقدي في المغازي ونحو ذلك.

        - وفي كتاب الأم:
        أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني دَاوُد بن الْحُصَيْنِ عن عبد اللَّهِ بن يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَبْتَدِئُونَ بِالصَّلَاةِ قبل الْخُطْبَةِ
        حتى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ فَقَدَّمَ الْخُطْبَةَ.

        قلت: هذا إسناد تالف فإبراهيم هو ابن أبي يحيى الأسلمي متروك الحديث.

        - وعليه فما ورد عن معاوية –رضي الله عنه- لا يصح مسندًا، ولا يظهر اشتداد هذه الآثار باجتماعها، لكن يبقى إمكان ثبوت هذا من جهة النظر والاستدلال.

        قال ابن عبد البر في "الاستذكار":
        والصحيح في الأذان في العيدين قول سعيد بن المسيب وابن شهاب وهما من أعلم الناس بالفقه وإماما الناس معاوية أول من فعل ذلك وإنما مروان وزياد من أمرائه ، وقول محمد بن سيرين إن أول من فعل ذلك زياد يعني عندهم بالبصرة كقول من قال أول من فعل ذلك مروان يعني بالمدينة ا.هــ
        وبنحوه في التمهيد، وقد سبق أنّ في كلام الحافظ ابن عبد البر اضطرابا في تحديد الأولية والله أعلم.

        ولم أقف على أثر ابن سيرين في الأوسط لابن المنذر فلعلي غفلت عنه ، وقد أشار إليه الحافظ أيضا.

        - قال الحافظ ابن حجر في "الفتح":
        وقد أخرج الشافعي عن عبد الله بن يزيد نحو حديث بن عباس وزاد حتى قدم معاوية فقدم الخطبة فهذا يشير إلى أن مروان إنما فعل ذلك تبعا لمعاوية لأنه كان أمير المدينة من جهته وروى عبد الرزاق عن بن جريج عن الزهري قال أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية وروى بن المنذر عن بن سيرين أن أول من فعل ذلك زياد بالبصرة.
        قال عياض: ولا مخالفة بين هذين الاثرين وأثر مروان لأن كلا من مروان وزياد كان عاملا لمعاوية فيحمل على أنه ابتدأ ذلك وتبعه عماله والله أعلم ا.هـ 2/ 452

        قلت: أما ما أخرجه الشافعي فقد سبق بيان وهاء إسناده، وما عند ابن المنذر لم أقف عليه كما سبق والله أعلم.

        وجاء في عمدة القاري :
        يمكن الجمع بأن مروان كان أميرا على المدينة لمعاوية فأمره معاوية بتقديمها فنسب أبو سعيد التقديم إلى مروان لمباشرته التقديم ونسبه عبد الله إلى معاوية لأنه أمر به ا.هـ


        وأخيرا:
        جاء في سؤالات الآجري:
        771 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن عَبْدَة،
        قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذ بن مُعَاذ، قَالَ: لما قدم بنو الْعَبَّاس بدؤوا بالْصَّلاَة قَبْل الخطبة، وانصرف الْنَّاس وهم يَقُولُونَ: بُدِّلَتْ السُّنَّة، بُدِّلَتْ السُّنَّة يَوْم الْعِيْد.

        خلاصة البحث:
        1- ما ورد عن الفاروق عمر -رضي الله عنه- ظاهره إسناده الصحة وفيه غرابة شديدة لمخالفته المشهور المستفيض عنه، ويُحمل على فعله في بعض الأحيان، قال الحافظ:
        فإن جمع بوقوع ذلك منه نادرا وإلا فما في الصحيحين أصح ا.هـ الفتح
        2- ما ورد عن عثمان -رضي الله عنه- ظاهره الصحة وثبوته عن عثمان أقرب من ثبوته عن عمر-رضي الله عنهما-، ومع صحته فإنما فعله عثمان في آخر خلافته لمصلحة رآها لا تغييرا للسنة، قال ابن بطال في شرح البخاري:
        وإنما صنع ذلك ليدرك الناس الصلاة .... وذكر مالك وغيره أن عثمان إنما فعل ذلك ليدرك الناس الصلاة ؛ لأنهم كانوا يأتون بعد الصلاة .
        قال المهلب : وفى هذا من الفقه أنه يحدث للناس أمورًا بقدر الاجتهاد إذا كان صلاحًا لهم ، والأصل فى ذلك أن النبى ، عليه السلام ، خطب قبل الجمعة ، فترك عثمان وغيره الصلاة حتى خطبوا لعلَّة أوجبت ذلك من افتراق الناس ؛ لِسنته عليه السلام فى تقديمه الخطبة فى الجمعة ، فليس بتغيير ، وإنما ترك فعل بفعل ، ولم يترك لغير فعل الرسول ، وإنما كانت الخطبة فى الجمعة قبل الصلاة لقوله تعالى : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض ) [ الجمعة : 10 ] ، فعلم الرسول من هذه الآية أن ليس بعد صلاة الجمعة جلوس لخطبة ولا لغيرها . ا.هـ
        وقال الحافظ في الفتح:
        فرأى ناسا لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك أي صار يخطب قبل الصلاة وهذه العلة غير التي اعتل بها مروان لأن عثمان رأى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة وأما مروان فراعى مصلحتهم في إسماعهم الخطبة لكن قيل إنهم كانوا في زمن مروان يتعمدون ترك سماع خطبته لما فيها من سب من لا يستحق السب والإفراط في مدح بعض الناس فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه ويحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك أحيانا بخلاف مروان فواظب عليه فلذلك نسب إليه ا.هــ الفتح
        3- ما ورد عن ابن الزبير-رضي الله عنه- فثابت كذلك، وإنما صح عنه بعدما وقع بعض الجفاء بينه وبين ابن عباس-رضي الله عنهم-.
        4- ما ورد عن معاوية -رضي الله عنه- فلا يثبت من حيث الإسناد، لكن قد يثبت من جهة النظر والاستنباط كما سبق.

        *وأختم بما قاله صاحب "المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم" حيث قال:
        فإنْ صحَّ عن واحدٍ مِنْ هؤلاء أنَّه قدَّم ذلك ، فلعلَّه إنما فعل ؛ لمَا رأى من انصرافِ الناسِ عن الخُطْبة ، تاركين لسماعها مستعجلين ، ، أو ليدرك الصلاَة مَنْ تأخَّر وبَعُدَ منزلُهُ.
        ومع هذين التأويلين : فلا ينبغي أن تُتْرَكَ سنَّةُ رسولِ الله ِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمثل ذلك ، وأولئك الملأُ أعلمُ وأجلُّ من أن يصيروا إلى ذلك ، والله أعلم. ا.هـــ كلامه رحمه الله

        هذا والله تعالى أعلى وأعلم فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطإ فمني ومن الشيطان والحمد لله رب العالمين
        التعديل الأخير تم بواسطة أبوصهيب عاصم الأغبري اليمني; الساعة 08-Dec-2012, 03:25 PM.

        تعليق

        يعمل...
        X