بسم الله الرحمن الرحيم
المبتدعة أسوء حالا من مشركي قريش في قضية رد حديث الأحاد
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.المبتدعة أسوء حالا من مشركي قريش في قضية رد حديث الأحاد
أما بعد:
فالذي درس شيء من علم مصطلح الحديث علم أن علماء الحديث قسموا الحديث إلى قسمين: متواتر وآحاد؛ وهذا تقسيم اصطلاحي، ومدار القبول والرد على ما صح وأقل أحوال القبول أن يكون الحديث حسن لذاته أو لغيره.
وكذلك قسموا حديث الآحاد إلى: غريب وعزيز ومشهور.
والغريب: أن لا يقل رواته عن راوي واحد في كل طبقة.
والعزيز: أن لا يقل رواته عن راويين في كل طبقة.
والمشهور: أن لا يقل رواته عن ثلاث روات في كل طبقة.
بعض المبتدعة قعدوا قاعدة من أنفسهم وهي: رد حديث الآحاد في جانب العقيدة، ولقبول الحديث في العقيدة يجب أن يكون متواترا.
وهذه القاعدة يردها كثير من النصوص منها:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن قال له: ((إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا، فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم، تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس)).
متفق عليه.
قال العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله في ((الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه)): ((ومن راجع السنة وكتب السير يجد أمثلة كثيرة لهذا النوع من الأخبار التي يحملها شخص واحد أو أشخاص معدودون بعثوا إلى المسلمين في عهد النبوة وبعده، ولم يقل أحد من المبعوث إليهم للمبعوثين، والرسل والأمراء: "نحن لا نقبل أخبار الآحاد، أو لا تقوم علينا الحجة بأخباركم هذه لأنها دون التواتر"، كل ذلك لم يقع ولا بعضه.
وهؤلاء الدعاة المبعوثون مثل معاذ وزملائه كعلي بن أبي طالب وأبي موسى الأشعري إلى مناطق مختلفة في اليمن، وأولئك الأمراء والرسل إنما يبلغون عن رسول الله جميع ما بعث به من الدين، فروعاً وأصولاً في الأمصار)) اهـ.
وهذه القاعدة الباطلة لم يقل بها حتى مشركي قريش لآنهم لم يردوا جميع أقسام حديث الأحاد.
قال الله تعالى على لسان كفار قريش: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} [الفرقان: 7].
ومن هنا مشركي قريش طالبوا أن يكون مع النبي عليه الصلاة والسلام ملكا، وبهذا هم أحسن حالا من المبتدعة الذين ردوا جميع أقسام حديث الأحاد، لأنهم ردوا الغريب فقط وطلبوا العزيز فهم من هذه الحيثية أحسن من أهل البدع.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأحد 3 ذي الحجة سنة 1440 هـ
الموافق لـ: 5 أغسطس سنة 2019 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأحد 3 ذي الحجة سنة 1440 هـ
الموافق لـ: 5 أغسطس سنة 2019 ف