إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

بيان تدليس الجاني "عمر الفاكهاني" في نفيه صفة العلو لله تعالى؛ وأنه سبحانه في السماء فوق عرشه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [بيان] بيان تدليس الجاني "عمر الفاكهاني" في نفيه صفة العلو لله تعالى؛ وأنه سبحانه في السماء فوق عرشه


    بسم الله الرحمن الرحيم

    بيان تدليس الجاني "عمر الفاكهاني"
    في نفيه صفة العلو لله تعالى؛ وأنه سبحانه في السماء فوق عرشه


    مقدمة
    الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أمَّا بعدُ؛ فقد نُشر على بعض مواقع التواصل الاجتماعي مقطع مرئي لشخص يدعى بـ "عمر الفاكهاني" ينفي فيه عقيدة علو الله تعالى! وذلك ضمن جملة من الفقرات يرد فيها على الشيخ الفاضل "عثمان الخميس" وفقه الله لكل خير، فوقع فيه عدةُ أخطاءٍ وافتراءاتٍ استدلَّ مِن بعدها على نفي عقيدة أهل السنة والجماعة في علو الله تعالى وأنه فوق السماء!
    وسنقومُ ببيانِ وجهِ الخطأِ والافتراءِ في كلامِه في عدةِ فقرات مختصرةٍ بإذنِ اللهِ تناسبُ المقام؛ وذلك بسرد كلامه بنصه ثم التعليق عليه في عدة فقرات.
    واللهُ وليُّ التوفيق

    الفقرة رقم[1]
    بداية؛ فإننا نتحاكم إلى القرآن والسُّنَّة لبيان الدليل على أنَّ الله تعالى في السماء، وأنه سبحانه فوق عرشه، مع ضرورة بيان أنَّ السماء يُقصد بها أحيانًا: مطلق العلو، ويقصد بها أحيانًا: السماوات المبنية، كما قد جمع سبحانه بينهما في قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [البقرة: 22]، فالسماء الأولى هي السماوات السبع المبنية، والسماء الثانية هي التي معناها مطلق العلو فقط، وهي التي ينزل مِن جهتها المطر.
    فالله تعالى -كما وصف نفسه- هو في السماء يعني في العلو، وليس أنه ضمن السموات السبع التي هي خلْق مِن خلْقِه -كما يفتري علينا أهل البدع-!
    وعبارة: "الله في مكان أو في جهة" عبارة قد تكون موهمةً، فإنَّ الله تعالى لم يصف نفسه بلفظ "المكان" أو "الجهة"! ولكنْ إنْ كان المقصود بالمكان أو الجهة هو المكان المخلوق؛ فحتمًا لا يوصف الله بذلك، لأنه سبحانه خالق المكان والزمان، وأمَّا إنْ كان المقصود هو جوابُ: أين الله؟ فقطعًا الجواب: الله في السماء، "فهو على العرش كما أخبر؛ بلا كيف، بائِنٌ من خلقه، غير مُمَاسّ مِن خلقه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] " [1]، كما جاءت بذلك الأدلة الكثيرة المتضافرة.

    الفقرة رقم[2]
    لنسرد -على وجه الاختصار- الأدلة على المطلوب مِن القرآن والسُّنَّة والعقل والفطرة والإجماع:
    أولًا: دلالة القرآن
    - تارة بلفظ العلو، كقوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255]،
    والفوقية، كقوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18]،
    والاستواء على العرش، كقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]،
    وكونه في السماء، كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك: 16].
    - وتارة بلفظ صعود الأشياء وعروجها ورفعها إليه، كقوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، وقوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4]، وقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55].
    - وتارة بلفظ نزول الأشياء منه، كقوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ} [النحل: 102].
    - الإخبار عن الأمم الماضية، كما قال تعالى عن قول فرعون لهامان: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 36، 37].
    قال المفسر الكبير الطبري رحمه الله: "وقوله: {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} يقول: وإني لأظن موسى كاذبًا فيما يقول ويدعي مِنْ أنَّ له في السماء ربًّا أرسله إلينا" [2]. وهذا ظاهر في بيان عقيدة موسى عليه الصلاة والسلام في أنَّ الله في السماء؛ بحيث أراد فرعون أنْ يبني صرحًا عاليًا ليرى صدق موسى فيما أخبر به.
    - الإخبار بـ [عند] حيث عُلِمَ أنَّ الملائكة في السماء، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206].
    ثانيًا: السُّنَّة
    وقد دلت على علو الله وأنه في السماء بأنواعها القولية والفعلية والإقرارية وفي أحاديث كثيرة تبلغ حَدَّ التواتر، وعلى وجوه متنوعة:
    - قولية: كقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِيْنُ مَنْ فِي السَّمَاءِ)) [3].
    - فعلية: أنه صلَّى الله عليه وسلَّم في أعظم مجامعه في حجة الوداع جعل يرفع إصبعه إلى السماء وينكتها إلى الناس وقال: ((اللَّهُمَّ اشْهَدْ)) [4].
    - إقرارية: أنه قال للجارية: ((أَينَ اللهُ؟)) قالت: في السماء. فأقرَّها، وقال لسيدها: ((اعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ)) [5].
    ثالثًا: الإجماع
    فقد أجمع الصحابة والتابعون والأئمة على أنَّ الله تعالى فوق سماواته مستو على عرشه، وكلامهم مشهور في ذلك نصًا ومعنى.
    قال الإمام الأوزاعي رحمه الله: "كنا -والتابعون متوافرون- نقول: إنَّ الله على عرشه، ونؤمن بما وردت به السُّنَّة مِن صفاته". قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أخرجه البيهقي بسند جيد" [6].
    رابعًا: العقل
    وقد دل على وجوب صفة الكمال لله تعالى وتنزيهه عن النقص، والعلو صفة كمال، والسفل نقص.
    خامسًا: الفطرة
    وهذا أظهر الأدلة مِن جهة الحِسِّ؛ فما مِن داع أو خائف فَزِعَ إلى ربه تعالى إلَّا وجد في قلبه ضرورةَ الاتجاه نحو العلوِّ؛ لا يلتفت عن ذلك يمنة ولا يسرة، واسألِ المصلين؛ يقول الواحد منهم في سجوده: "سبحان ربي الأعلى" فانظرْ أين تتجه قلوبهم حينذاك؟

    الفقرة رقم[3]
    وأمَّا ما نقله عن بعضهم في تحريف صفة العلو؛ وأنَّ الأيدي ترفع إلى اللهَ في السماء؛ فقالوا: "لأنَّ السماءَ قِبلةُ الداعين كما أنَّ الكعبةَ قبلةُ المصلين"!
    فهو كلام هزيل مردود، ويكفي في ردِّه أنه لا دليل عليه، وأنه يُخرج كلامَ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن ظاهره مع أنَّ المقامَ خطيرٌ جليل؛ فيه إخبار عن الرب تعالى فيما ظاهره كفرٌ عندهم!! والحقيقة أنه قد أقرَّ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الجاريةَ على جوابها في أنَّ الله في السماء، وهذا ظاهر القرآن الكريم كما سبق.
    وقد مضى قرنُ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه الكرام وقرنُ التابعين لهم بإحسان ومَن بعدهم دون أدنى تعليق أو صرف للنص عن ظاهره؛ فكان هذا بمثابة إجماع مِن الأمة على إجراء نصوص العلو والفوقية والاستواء -وغيرها مِن صفات الله- على ظاهرها؛ مع نفي التمثيل عنه سبحانه، كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، فنثبت ما أثبت الله لنفسه، وننفي عنه ما نفى.

    الفقرة رقم[4]
    قوله عن الذي يثبتون علو الله تعالى وفوقيته بأنهم: "الدعاة الذين يدْعون إلى الفتنة؛ يدْعون إلى تغيير عقائد أهل السُّنَّة"!
    فالجواب: أمَّا عقيدة أهل السُّنَّة؛ فنأخذها مِن كلام أئمة السُّنَّة الذين نقلوا الآثار لنا.
    قال الإمام ابن عبد البَرِّ رحمه الله: "وأمَّا قوله في هذا الحديث للجارية: أين الله؟ فعلى ذلك جماعة أهل السُّنَّة، وهم أهل الحديث ورواته المتفقهون فيه وسائر نقلته؛ كلهم يقول ما قال الله تعالى في كتابه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] وأنَّ الله عز وجل في السماء وعِلْمُه في كل مكان، وهو ظاهر القرآن في قوله عز وجل: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} [الملك: 16]، وبقوله عز وجل: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، وقوله: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] " إلى أنْ قال رحمه الله: "ولم يَزل المسلمون إذا دهمهم أمرٌ يقلقهم فزعوا إلى ربهم فرفعوا أيديهم وأوجههم نحو السماء يدعونه، ومخالفونا ينسبونا في ذلك إلى التشبيه! والله المستعان، ومَن قال بما نطق به القرآن؛ فلا عيب عليه عند ذوي الألباب" [7].

    الفقرة رقم[5]
    قوله عن الشيخ عثمان الخميس -وفقه الله لكل خير-: "وهو في الحقيقة هو هادم لمذهب أهل السُّنَّة، هو مؤيد لمذهب الوهابية المجسمة، ينشر عقيدتهم وينشر دينهم"!
    فالجواب: لا يوجد شيء في الحقيقة اسمه مذهب الوهابية! واسأل مَن شئت ممن يقولون عنه إنه وهابي؛ هل أنت وهابي؟ سيقول: بل أنا مسلم على الكتاب والسُّنَّة ومذهب السلف الصالح.
    وأما أنهم مجسمة؛ فهذه كذبة أخرى عليهم، لأنهم لا يقولون: إنَّ اللهَ جسمٌ! وذلك لأنه لم يرد في صفات الله تعالى هذا.
    ولكنَّ الذي يحصل أننا عندما نثبت ما أثبت الله لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم مِن الصفات ولا نحرفها كما يريد خصومنا؛ فحينها يقولون عنا إننا مجسمة! لأنَّ هذه الصفاتِ -عندهم- هي صفاتُ أجسام كما يظنون!
    ولبيان ذلك؛ فلْنضرب مثلًا للإيضاح؛ فنحن عندما نقرأ في كتاب الله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] نقول: إنَّ الله تعالى له يدين كما أخبر عن نفسه، وكما يليق به، وليس كمثله شيء فيهما؛ فهنا يقول خصومنا عنا إننا مجسمة! لأنه لا يجوز إثبات صفة اليد لله حقيقة، بل لا بد مِن تحريفها لمعنى آخر مثل القدرة أو النعمة!
    ولكنَّ هذا التأويل -أو بالأحرى التحريف- لم يرد أصلًا عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولا عن السلف الصالح.
    وهذا مذهب أئمة الحديث والسُّنَّةِ حيث أثبتوا ما أثبته الله لنفسه ونفوا عنه التمثيل.
    قال الإمام الترمذي رحمه الله: "ذكر الله عز وجل في غير موضع مِن كتابه اليد والسمع والبصر؛ فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إنَّ الله لم يخلق آدم بيده! وقالوا: إنَّ معنى اليد هاهنا القوة!
    وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد، أو مثل يد. أو سمع كسمع، أو مثل سمع. فإذا قال: سمع كسمع، أو مثل سمع؛ فهذا التشبيه. وأمَّا إذا قال كما قال الله تعالى: يد، وسمع، وبصر، ولا يقول: كيف؟ ولا يقول: مثل سمع، ولا كسمع! فهذا لا يكون تشبيهًا، وهو كما قال الله تعالى في كتابه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]" [8].

    الفقرة رقم[6]
    قوله: "الله ليس في جهة فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال، ولا داخل ولا خارج، ولا منفصل ولا متصل! مع أنَّ هذه العبارة عبارة أهل السُّنَّة والجماعة"
    فالجواب: هذه المقولة ليست لا مِن القرآن ولا مِن السُّنَّة ولا هي عبارة أهل السُّنَّة والجماعة أصلًا!
    والصواب أنْ يأخذ المسلم عقيدته مِن الكتاب والسُّنَّة كما سبق النقل في أول الرد.
    بل هذه العقيدة عند التأمل هي ضلالة في نفسها! لأنها وصف للمعدوم، فإذا كان الله تعالى يقال عنه: " الله ليس في جهة فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال، ولا داخل ولا خارج، ولا منفصل ولا متصل" هذا وصف للمعدوم! بالذات أنه لا متصل بالعالم ولا منفصل عنه!! يعني لا داخل خلْقِه ولا خارجه!! فحينها أين الله؟؟
    والصواب هو ما جاء في صحيح مسلم عندما سأل النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم تلك الجارية راعيةَ الغنم ((أَينَ اللهُ؟] قالت: في السماء. فقال لسيدها: [اعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ))، فهي أقرَّت أنَّ معبودها في السماء؛ فهو ليس مِن الأصنام الأرضية هذه! وإنما هو الله الذي في السماء.
    وكما قال أهل العلم: "المعطل يعبد عدمًا، والممثل يعبد صنمًا".

    الفقرة رقم[7]
    قوله: "هذا الذي نفاه أهل السُّنَّة: نفوا علو الجهة؛ علو الاستقرار في مكان، ونفوا علو المكان، وأثبتوا علو العظمة والمكانة والسلطان لله عز وجل"!
    فالجواب: إنَّ أهل السُّنَّة يثبتون صفة العلو كاملة لله تعالى، ولغة إذا جاء الاسم معرفًا بأل وعلى سبيل الإطلاق؛ فإنه يفيد الاستغراق، يعني يفيد كل صفات العلو، فتشمل علو القدر -يعني: علو الصفات-، ويشمل علو القهر والغلبة، ويشمل علو الذات، وهذا دل عليه خصوصًا قولُه تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، واستوى هنا يعني: علا وارتفع على العرش، كما هو قول أئمة السلف في ذلك.
    جاء في البخاري عن مجاهد وأبي العالية مِن أئمة التابعين أنهم فسروا الاستواء بالعلو والارتفاع [9].

    الفقرة رقم[8]
    قوله: "اسمعوا معي ماذا قال الإمام المفسر الطبري، الإمام الطبري مِن أهل السُّنَّة والجماعة يقول في تفسيره عن لفظ العلو، قال: والعلي ذو العلو على خلقه بقدرته"
    والجواب: إنَّ هذا تلبيس على الناس، وهذا مِن جهتين:
    أولًا: أنَّ الإمام الطبري لا يعني بقوله: "والعلي ذو العلو على خلْقه بقدرته" نفيَ علو الذات؛ وأنه سبحانه ليس فوق خلْقِه!! وإنما يعني علوه التام بسبب قدرته سبحانه وسلطانه عليهم.
    ثانيًا: أنَّ الطبري بيَّن ذلك في نفس التفسير في موضع آخر فقال: "وهو ذو علو وارتفاع على كل شيء، والأشياء كلُّها دونه؛ لأنهم في سلطانه، جارية عليهم قدرته، ماضية فيهم مشيئته" فصرح رحمه الله أنَّ الأشياءَ كلَّها دونه.

    الفقرة رقم[9]
    نقْلُه مِن كتاب "الفَرْق بين الفِرَق" عن علي رضي الله عنه أنه قال: "إنَّ الله تعالى خلق العرش إظهارًا لقدرته لا مكانًا لذاته. وقال أيضًا: قد كان ولا مكان وهو الآن على ما كان"!
    الجواب: بداية نقول: هذا الأثر لا أصل له في شيء مِن كتب الحديث؛ لا في الأحاديث الصحيحة ولا في الضعيفة ولا في الموضوعة!! ومَن شاء التأكد فليقم ببحث على الشبكة ليعثر على أي إسناد له.
    ثم لا بد مِن العلم أنَّ صاحب الكتاب المذكور -وهو عبد القاهر البغدادي- توفي قرابة 429 للهجرة، يعني بينه وبين علي رضي الله عنه قرابة 400 عام؛ فهو ينقل عنه بدون إسناد أصلًا! ولكنَّ هذا الأمر إنْ دلَّ على شيء؛ فهو يدل على أنَّ هؤلاء المخالفين لنا في عقيدة علو الله على خلْقِه؛ ليس لهم منهج صحيح في تلقي العقيدة، يعني لا يبنونها على آية مِن كتاب الله، ولا مِن حديث رسول الله، ولا مِن نقل صحيحٍ عن صحابة رسول الله، وإنما كما قال في الأول: "الله ليس في جهة فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال، ولا داخل ولا خارج، ولا منفصل ولا متصل"!! يعني تركوا كتاب الله وسُنَّة رسوله وأخذوا في عقيدتهم بشيء لا أصل له وإنما هو مِن بدع المتأخرين!

    الفقرة رقم[10]
    قوله: "الإمام أبو جعفر الطحاوي بعقيدته المشهورة ماذا قال؟ قال: تعالى -يعني اللهَ- عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات"
    والجواب: ليس مقصود الإمام الطحاوي نفي أنَّ الله تعالى فوق خلْقِه في السماء! وإنما يريد أنَّ الله سبحانه ليس في داخل شيء مِن خلْقِه، ودليل ذلك أنه بعد عدة فقرات -في نفس متن العقيدة- صرَّح بفوقية الله تعالى، فقال رحمه الله: "وهو مستغن عن العرش وما دونه؛ محيط بكل شيء وفوقه"، وإذا تبين هذا؛ فمَنِ الذي وافق الطحاوي ومَنِ الذي خالفه؟!!

    الفقرة رقم[11]
    قوله: "كذلك قال الإمام؛ إمام أهل السُّنَّة والجماعة الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه السلفي، كان مِن السلف الصالح، الإمام أبو حنيفة توفي سنة 150، ولد سنة 80، في كتاب "الوصية" ماذا قال أبو حنيفة رضوان الله تعالى عليه قال: [نُقِرُّ بأنَّ الله على العرش استوى مِن غير أنْ يكون له حاجة إليه واستقرار عليه؛ فهو منزه عن ذلك سبحانه]، يعني: الله تعالى لا مكان له، ولا تَحدُّه الجهات"
    وهنا يظهر التلبيس أيضًا، وذلك لأنَّ كلام أبي حنيفة رحمه الله واضح في أنَّ الله منزه عن أنْ يكون محتاجًا إلى العرش، وليس أنه ليس على عرشه في السماء! فقول القائل هنا: "يعني الله تعالى لا مكان له" هذا كذب على كلام أبي حنيفة.
    ويزيد هذا بيانًا أنَّ أبا حنيفة رحمه الله مذهبُه في هذا معروف ومسطر في أنه سبحانه في السماء، فقد روى البيهقي عنه بإسناده قولَه: "الله تبارك وتعالى في السماء دون الأرض. فقال له رجل: أرأيتَ قول الله عز وجل: {وَهُوَ مَعَكُم} [الحديد: 4] قال: هو كما تكتب إلى الرجل: إني معك؛ وأنت غائب عنه]. ثم قال البيهقي رحمه الله معلقًا: "قلتُ: لقد أصاب أبو حنيفة رضي الله عنه فيما نفى عن الله عز وجل مِن الكون في الأرض وفيما ذكر مِن تأويل الآية، وتَبِعَ مطلق السمع في قوله: إنَّ الله عز وجل في السماء" [10].

    الفقرة رقم[12]
    قوله: "الإمام الشافعي رضي الله عنه كما نقل الإمام أحمد بن الرفعة في كتابه "كفاية النَّبِيه شرح التنبيه" نقل عن الشافعي بالنص تكفيرَ مَن يعتقد أنَّ الله جالس على العرش أو أنه فوق العرش بذاته"
    الجواب: الذي في كفاية النَّبِيه هو التالي فقط: "وكذا مَن يعتقد أنَّ الله جالس على العرش"، وأمَّا جملة " أو أنه فوق العرش بذاته"! فليست موجودة أصلًا! وهذا يدل على سوء منهج هذا المتكلم الكذاب الذي يكذب على الأئمة في لفظهم وفي فهم كلامهم.
    ومن جهة أخرى؛ ففعلًا لم يرد عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ الله تعالى جالس على عرشه! بخلاف إثبات أنَّ الله تعالى في السماء؛ فهو قد ورد في الكتاب والسُّنَّة الصحيحة.
    بل قد قال الإمام الشافعي نصًا في كتابه الرسالة: "فلو آمن عبدٌ به ولم يؤمن برسوله؛ لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبدًا حتى يؤمن برسوله معه، وهكذا سَنَّ رسوله في كل مَنِ امتحنه للإيمان. أخبرنا مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم قال: أتيتُ رسولَ الله بجارية؛ فقلت: يا رسول الله: عليَّ رقبة أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله: ((أَينَ اللهُ؟] فقالت: في السماء. فقال: [وَمَنْ أَنَا؟] قالت: أنت رسول الله. قَالَ: [فَأَعْتِقْهَا)) ". وتأملْ أنَّ الشافعي رحمه الله ينقلها بالإسناد أيضًا عن شيخه مالك، ويجعل هذا امتحانًا على صحة الإيمان، فمَن آمن أنَّ إلهَه اللهُ الذي في السماء دون آلهة الأرض؛ وأنَّ محمدًا رسولُ الله؛ فقد أتى بالشهادتين وصار مؤمنًا.

    الفقرة رقم[13]
    قوله: "لَمَّا نحن نرفع يا أحبابي الأيدي إلى السماء لأجل الدعاء؛ هذا ليس دليلا أنَّ اللهَ يسكن السماء أبدًا"
    الجواب: إنَّ اتْبَاع السلف الصالح لا يقولون ما تحاول إيهام السامع به!
    والحقيقة أنَّ هذا هو مِن جملة الكذب وتشويه صورة المخالف، وهذا مِن علامات الضعف والهزيمة أنْ يلجأ الخصم إلى الكذب على خصمه فيكذب في النقل ويكذب في الفهم عنه!
    وما أقرب هذا لقول فرعون عن موسى صلَّى الله عليه وسلَّم: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26]!

    الفقرة رقم[14]
    قوله: "أنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم دعا الله تعالى وأشار ببطن كفه إلى أسفل! هذا حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب صلاة الاستسقاء"
    والجواب: هذا صحيح، ولكنْ يريد هذا المتكلم أنْ يُفهِم السامعَ أنَّ الله تعالى ليس في السماء؛ لذلك ورد رفع اليدين إلى السماء وأيضا إلى الأرض!
    والحقيقة أنَّ هذا أيضًا جزء مِن سلسلة الكذب والتلبيس على السامع، وذلك مِن جهتين:
    الجهة الأولى: أنَّ رفع اليدين هو سؤال واستعطاء مِن السائل للمسؤول، وإذا رُفعتِ اليدين إلى جهة كانت دالة على المقصود بالسؤال بلا شك، كما في الحديث الصحيح ((إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ -إِذَا رَفَعَ إِلَيهِ يَدَيهِ- أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا)) [11]، فقول: ((رَفَعَ إِلَيهِ يَدَيهِ)) ظاهر في التوجه إلى الله تعالى بهذا الرفع.
    الجهة الثانية: قلب اليدين إلى أسفل في صلاة الاستسقاء لا يعني التوجه هنا إلى الأسفل! وذلك لأمرين:
    الأول: أنَّ أهل العلم ذهب كثير منهم إلى أنَّ الصفة هنا ليست هي صفة قلب اليدين! وإنما هي المبالغة في الرفع عند شدة الابتهال والدعاء بحيث ترتفع اليدان إلى أعلى فوق الرأس ويُقَنِّعُ المرءُ بهما وجهَه فيكون ظاهر الحال أنَّ بطن اليدين إلى أسفل؛ وليس أنَّ الداعي يدعو إلى أسفل!
    الثاني: أنه لو صح فعلًا أنَّ المراد بصفة اليدين قلْبُ الظهر للأعلى والبطن للأسفل؛ فإنَّ هذا مِن باب الاستبشار بتقلب الأحوال، لذلك في نفس صفة صلاة الاستسقاء هذه فإنه يُشرع قلب الرداء مِن باب الاستبشار بتقلب الأحوال مِن قحط إلى مطر، كما جاء في الصحيحين ((خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي، فَتَوَجَّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ)) [12] وبيَّن الماوردي الشافعي في الحاوي أنه مِن باب التفاؤل " بالانتقال مِن حال إلى حال؛ لعل الله أنْ ينقلهم مِن حال القحط إلى حال السعة والخصب " [13].

    الفقرة رقم[15]
    قوله: "ثم لو كان الله بذاته كما تزعم أنت في السماء حقيقة؛ لماذا نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أن يرفع المصلي رأسه في صلاته إلى السماء"!
    والجواب: فهذا أيضًا مِن باب المغالطة، وذلك لأنَّ النهي هنا خاصٌّ بالصلاة، لأنَّ الصلاة مقام تعظيم وخضوع بين يدي الله؛ فلا يليق فيها رفع البصر إلى السماء! لذلك مثلًا نهي أيضًا فيها عن الصلاة جالسًا لِمَن استطاع القيام، وجاء الأمر فيها بوضع اليمنى على اليسرى أيضًا لأنه أليق بالتواضع، وكذا -هنا- نهي عن رفع البصر إلى السماء.
    وأمَّا خارج الصلاة؛ فالجلوس ورفع الوجه للسماء وغير ذلك جائز، بل إنَّ رفع الوجه إلى السماء في الدعاء يشير إلى شدة التضرع والالتجاء إلى الله تعالى، كما قال سبحانه: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144]، قال ابن عباس في التفسير: "فكان يدعو الله وينظر إلى السماء؛ فأنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} " [14].

    الفقرة رقم[16]
    قوله: "الله سبحانه وتعالى كان قبل خلق السماء بلا سماء، كان قبل خلق جهة فوق وجهة تحت واليمين والشمال والأمام والخلف، كان الله موجودًا بلا جهات، وبعد أنْ خَلق الجهات: الله لا يتغير، سبحان الذي يغير ولا يتغير"!
    والجواب: سبحان الله! عقيدة أنَّ الله في السماء دلَّ عليها الكتاب والسُّنَّة وإجماع سلف الأمة؛ فتركها هذا المتكلم وأمثاله؛ ثم أخذوا بكلام جعلوه كالقاعدة في حقه تعالى! مع أنها أصلًا ليست آية ولا حديثًا ولا تَمُتُّ لأحد مِن سلف الأمة الصالحين! عدا عن ما فيها مِن الخطأ.
    ويكفي تعليقًا عليها أنْ قوله: "وبعد أنْ خَلق الجهات: الله لا يتغير، سبحان الذي يغير ولا يتغير" هذه عبارة أهل التعطيل -الذين يعطلون صفات الله تعالى-، لأنهم ينفون الأفعال الاختيارية لله تعالى! والصواب ثبوت الأفعال الاختيارية لله عز وجل، وهذا مذهب أهل السُّنَّة والجماعة أنهم يثبتون لله تعالى الأفعال الاختيارية -أي: التي تقع بمشيئته-؛ فإنه تعالى فعَّالٌ لِمَا يريد؛ خلافًا لِمَن زعم أنَّ الله تعالى لا يوصف بشيء حادث أبدًا! فالله تعالى مثلًا إنما استوى على العرش بعد أنْ خَلق السماء والأرض، كما قال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54]، فالله تعالى إذا شاء شيئًا فعله، سواء كان الأمر عن نفسه سبحانه أو عن شيء مِن خلْقِه.

    الفقرة رقم[17]
    قوله: "في كتاب تفسير الإمام القرطبي "الجامع لأحكام القرآن" ... قال: {وَهُوَ القَاهِرُ فَوقَ عِبَادِهِ} قال: [القهر الغلبة، والقاهر الغالب، -ثم قال- ومعنى فوق عباده قال: فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم، أي: هم تحت تسخيره، لا فوقية مكان! الإمام القرطبي يقول: لا فوقية مكان. كما تقول: السلطان فوق رعيتيه، أي: بالمنزلة والرفعة"!
    الجواب: إنه مِن باب الإنصاف؛ لا بد مِن معرفة أنَّ القرطبي رحمه الله هو ممن تأثر بمنهج الأشاعرة في باب صفات الله تعالى، ولكنْ مع ذلك فهو بيَّن أنَّ الناس اختلفوا في مسألة علو الله بذاته وأنه هل يشار إليه سبحانه إلى جهة الأعلى؟ فذكر رحمه الله أنَّ مذهب السلف هو هذا، وأنَّ مذهب المتكلمين -يعني المتأخرين الذين خالفوا السلف- مذهبهم هو تأويل هذا المعنى، والحقيقة أنه يكفينا مِن نقله رحمه الله أنْ يَعلم القارئ هذا الأمر، وهو أنَّ مذهب السلف هو إثبات فوقية الله تعالى على خلْقِه بلا كيف؛ وما عدا ذلك فهو مذهب المتكلمين، والعاقل يختار بينهما؛ ولا سواء! فكيف نترك ظاهر القرآن والسُّنَّة وما كان عليه الصحابة والتابعون وأتباعهم ونتبع غيرهم؟! وقد وصف النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الفرقةَ الناجيةَ بأنها: ((مَا أَنَا عَلَيهِ وَأَصْحَابِي)) [15].
    وسننقل كلام القرطبي بنصه مِن التفسير:
    قال رحمه الله: "وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابُه وأخبرت رسلُه، ولم ينكر أحد مِن السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة! وخُصَّ العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء؛ فإنه لا تُعلم حقيقته.
    قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم- يعني في اللغة- والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة.
    وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها. وهذا القدر كاف" [16].

    الفقرة رقم[18]
    قوله: "أهل السُّنَّة بالاتفاق أجمعوا على أنه سبحانه لا يحويه مكان، وأنه لا مكان له"
    الجواب: هذا تلبيس على المستمع! فكلامه هنا يوهم أنَّ خصومه يقولون بأنَّ الله تعالى يحويه مكان!! وهذا افتراء عليهم!
    بل نحن نقول: إنَّ الله تعالى -كما أخبر عن نفسه- في السماء على عرشه، ولا ننفي عنه ما أثبته لنفسه ولا نمثله بشيء مِن خلْقِه، كما قال سبحانه عن نفسه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، وتأملْ كيف نفى تعالى أنْ يماثله شيء وأثبت لنفسه مع ذلك صفتي السمع والبصر! مع أنها مِن أكثر الصفات شيوعًا في المخلوقات الحيوانية؛ ومع ذلك لم يكن ذلك يمنع أنْ تُثبت له سبحانه، ولكنْ أيضًا مع نفي المماثلة عنه.

    الفقرة رقم[19]
    نقله عن القرطبي أنَّ ابن عباس قال: "يعني في تفسير هذه الآية: تقديره: أأمنتم مَن في السماء قدرتُه وسلطانه وعرشه ومملكته. هذا الإمام حبر الأمة وبحر العلم ابن عباس يقول: في السماء قدرته وسلطانه وعرشه ومملكته"!
    والجواب: أيضًا هذا مِن جملة قلة الأمانة في النقل، لأننا إذا رجعنا إلى تفسير القرطبي وجدنا أنَّ كلام ابن عباس ليس هذا! وإنما هذا مِن كلام غيره ممن نقل عنهم القرطبي بـ "وقيل".
    ولْنرجع إلى المصدر، قال القرطبي رحمه الله في التفسير: "قال ابن عباس: أأمنتم عذاب مَن في السماء إنْ عصيتموه. وقيل: تقديره: أأمنتم مَن في السماء قدرتُه وسلطانه وعرشه ومملكته" [17].
    فكلام ابن عباس صريح في أنَّ المقصود هو الله، وأنه في السماء، حيث قال: "إنْ عصيتموه" وهذا الضمير يرجع إلى واحد هو الله؛ وهو الذي عصاه المشركون، وأمَّا تتمة الكلام الذي فيه عبارة " قدرته وسلطانه وعرشه ومملكته" فهي ليست مِن كلام ابن عباس! وإنما ممن نقل عنهم القرطبي بـ "وقيل".


    إلى هنا انتهى المقصود مِن الرد على المدعو "عمر الفاكهاني"
    وكتبه العبد الفقير أبو عبد الله؛ خلدون بن محمود بن نغوي آل حقوي
    وبالله التوفيق، والحمد لله رب العالمين

    __________
    [1] مناقب الشافعي للبيهقي [1/ 398].
    [2] تفسير الطبري [21/ 387].
    [3] البخاري [4351]، ومسلم [1064] عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا.
    [4] مسلم [1218]​ عن جابر مرفوعًا.
    [5] مسلم [571] عن معاوية بن الحكم السلمي مرفوعًا.
    [6] فتح الباري [13/ 406].
    [7] الاستذكار [7/ 337].
    [8]سنن الترمذي [3/ 42].
    [9] البخاري [6/ 2698]​.
    [10] الأسماء والصفات للبيهقي [2/ 338].
    [11] صحيح. الترمذي [3556] عن سلمان الفارسي مرفوعا. صحيح الجامع [1757].
    [12] صحيح البخاري [978].
    [13] الحاوي الكبير [2/ 519].
    [14] تفسير ابن أبي حاتم [1/ 253].
    [15] حسن. الترمذي [2641]. صحيح الجامع [9474].
    [16] تفسير القرطبي [7/ 219].
    [17] تفسير القرطبي [18/ 215]


    ​​

    الملفات المرفقة
يعمل...
X