"بيان من الكاتب العام للجنة الدِّعاية"
 الزَّردَة رَأس كُلِّ شرٍّ ... فاجتنِبوها أيُّها الــمُسلِمُون !! (أ)  
 بَيَانٌ مِنَ الشَّيخ بلقَاسِم بن ارْواق - تلميذ الإمَام ابن باديس رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
يذكُر  القرَّاء الكِرام ما كان مِن الزَّرْدَات الَّتي أُقِيمت في ظَرف هذه  السَّنة ، ونَشاط الطُّرقيِّين في إحياء ما انْدَثَرَ وانقَبر مِن البِدع  المحرَّمة ، بفَضل دُعاة الإصلاح ، وحُماة الدِّين الحنيف .
 وهم على عِلمٍ – أيضًا – مِن مُوقِد شرارَتها الأولى ، وهو الدُّكتور "ابن جلُّول" (1) ، ذلك الرَّجل الَّذي وقَف للإسلام وتعالِيمه القيِّمة وقفةَ الجبَّار العنِيد ، فجعَل "زَردَتَه" بقسنطِينة ، وفي نفسِ مَقبَرتها .
   ويذكرُ القَاري - أيضًا - تفاصيل ذلك الحادِث الَّذي أُريد به طَعن  الإسلام في الصَّميم ، والَّذي أسألَ أودِيةٌ من الحِبر على صَفحاتِ  الجرائِد المحلِّيَّة وغيرها (2) ، وهو الَّذي  حرَّك الأقلامَ وحفَّز الهِمَم ، ونشَّط الدَّاعين إلى الله على بصِيرةٍ ،  كما نشَّط الهادِمين المقوِّضين للإسلام والــمُحاربين لأهلِه ، فكتَب  الكاتِبون دفاعًا عن الإِسلام وصَونًا لبَيضتِه ، وحارَب المحارِبون  تثبيتًا للضَّلالة ، وتمكينًا لها في قُلوب البُسَطاء ممَّن يتَّبعون كلَّ  ناعِقٍ .
 وقد انتَشرت شرارَةُ "ابن جلُّول"  من قَسنطِينة إلى عِدَّة نَواحٍ من القُطر ، فأقيمَت الزَّردَاتُ ،  ونُحِرت النَّحائر ، وسِيقت الهدَايا – وسَوْقُها لغيَر مكَّة حرامٌ - ،  وخطَب الخاطِبون مشجِّعين للباطِل ، وناقدِين للحقِّ ، فكانت الصَّرخةُ  الأولى مِن قسنطينَة ، حيثُ وزَّع مكتَب رئاسة "جمعيَّة العُلماء  المسلِمين" منشورًا على الأمَّة (3) ، بيَّن فيه حُرمة هذه الذَّبائح بكَونها مــمَّا أهلَّ به لغيَر الله . 
 ثمَّ  هبَّ دعاةُ العِلم ، وحمَلةُ الأقلام فكتَبوا حول هذا المعتقَد السَّيِّء ،  الَّذي سَرى في المسلمين أهلِ القُرآن والتَّوحيد ، فلم يقنَع  القُبوريُّون ، فكتَب الأستاذ الشَّيخ مُبارَك الــمِيلي نُشريَّاته  المفيدَة بجريدَتِنا "البصائر" الغرَّاء ، تحت عنوان : "الشِّرك ومظاهِرُه"  ، بيَّن فيها بالحُجَج القاطِعة ، والبَراهِين السَّاطعة بُطلانَ ما  يعتَقد بعضُ المسلِمين اليَوم ، وقد استَحالت هذه النُّشريَّات إلى رِسالة  كما يعلَم القرَّاء الكِرام ، وهي الآن ماثِلَةٌ للطَّبع ، وعن قريب تبرزُ ،  وفيها ما نُشر وزيادَة (4)
 ولقد  ظننَّا أنَّ الأستاذَ كفانَا شرَّ القَوم ، وقُلنا سيعرِفُون الحقَّ  ويتَّبعونه ، وذاك ظنُّنا بكلِّ مسلمٍ يدِين بالكِتاب العَزيز ، وهَدي  السَّلف الصَّالح ، لأنَّ المسلِم مهما بلَغ من الشَّرِّ ، فهو توَّاقٌ إلى  الحقِّ ، متشوِّفٌ إلى الحقيقَة ، وكنَّا نظنُّ بأخِينا المسلِم أنَّه  سيطرَح التّعصُّب الممقُوت عندَما يرى الحقَّ واضحًا ، لأنَّ الحقَّ سيْفٌ  يُذهِبُ الأحقَاد والأباطِيل ، والمسلِمُ مهما كانَ فهُو طالِبُ حقٍّ ،  يلتمِسهُ حيثُما وجَده ، بيدَ أنَّ ظنَّنَا قد خابَ ، وثقَتَنا بالقَوم  ضعُفَت ، إن لَم أقُل تلاشَت بتاتًا عندَما رأينا مؤتَمرهم ينعِقد بعاصِمة  الجَزائر ، وقد حَمل إلينا البريدُ ذلك الخِطاب الَّذي فاهَ به رئيسُ  القَوم ، وشَيخُ زاويِتهم فهزَّت تلكَ النَّغمات البذِيئة قلبَ كلِّ مبتدعٍ  ، فراحَ فَرِحًا مستبشِرًا ، ونادَى في أهلِه وعشِيرته أن قدِ انتَصرنا  على جمعيَّة الوهَّابيِّين - كما يسميِّها ظُلْمًا وعدوانًا - ، ثمَّ جمع  الوَعداتِ والهدَايا ، والنُّذور ، ونادى في النَّاس أنِ اجتَمِعوا غدًا في  ضَريح سيدي ... ، وقد أجابَ قومٌ ، وأبى آخَرون .
 ولا  تنسَ - أيُّها القَاري ! - أنَّ اليَد الَّتي بعثَت زردَة قسنطينة هي  الَّتي  بعَثت هذه ، وقد تخلَّف القائِلون بحُرمة الزَّردة ، وحُجَّتهم في  ذلك منشورُ الجمعيَّة وكلامُ الأستاذ الميلي ، فأغضَب ذلك القُبوريِّين  وحاكمُوهم إليَّ - وكنت معلِّمًا ببرباشة - ، فأفتَيتُ بحُرمة الزَّردة ،  وحُرمة الأَكل مِن ذبِيحتِها ، ومُستنَدي في ذلك منشوُر الجمعيَّة الَّتي  أنا أحدُ أعضائِها العامِلين ، وثِقتي بهَيئَتها الإداريَّة عظيمةٌ جدًّا ،  ولم يكنُ مستنَدي في ذلك منشورَ الجمعيَّة فحَسب ، بل شفعتُ ذلك بحُجَجٍ  قاطِعةٍ من كتاب الله وسنَّة رسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم وأقوال  الأئمَّة الموثوق بعِلمهم ، فأبي عليَّ القومُ وأنكَروا ، ثمَّ بَغَوْا  فنسبوني - وكلُّ مُحرَّمٍ لبدعتِهم - إلى الكُفر .
    أفتَى بذلك أزهريُّهم حسبَ ما بلغَني ، وفي أوَّل أمسِ دَعاني إلى  المناظَرة ، وسأجِيب ، ولئن كان حضرَتُه من أنصار الطُّرق ، فأنا مِن  أنصَار الله ، وإن كان أزهريًّا فأنا مُسلِمٌ ، ولا يُضِيرني بعدُ إن لم  أكُن أزهريًّا كمثله ...
 وبعد : فإليكَ  - أيُّها الأزهَري ! - مستنَدنا في حُرمة الزَّردة ، وحُرمة أكلِها ،  لأنَّها ممَّا أُهِلَّ به لغَير الله ، فإن قنِعت فقَد كُفِينا شرَّ  الفِتنة ، وإن أبَيت فإنِّي مُحاجُّك أمامَ الله والملائكةِ والنَّاس  أجمعين ، ومُطالِبُك ببيَان مستنَدِك في حلِّيَّة هذه الذَّبائح ،  وطريقتُنا في البَيان كتابُ الله ، وسنَّة رسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم ،  وكلامُ الأئمةَّ الموثُوق بعِلمهم ، ولا نقبَل غيرَ هذه الأصول الثَّلاثة (5)
 "الزَّردة"  ليسَت من الدِّين كما يُتوهَّم ، ولا كانَت في يومٍ ما من البرِّ و  الإحسان إلى الفُقراء ، كما يدَّعي ذلك مُثبِتوها ، وهي بدعةٌ وضلالةٌ ،  لأنَّها لم تكُن في زَمن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، ولا زَمن  الخُلفاء الرَّاشِدين - وهُم أحرصَ النَّاس على الخير - ، ولو كانَت  الزَّردة مِن عَمل البرِّ لفَعلَها سَلف الأمَّة ، وهُم حُماة  الشَّريعة ودُعاة الخَير ، ولا يتصوَّر أبدًا عُزوب شيءٍ من الدِّين عن  رجالٍ تلقَّوا أصولَه عن المبلَّغ الأعظَم صلَّى الله عليه وسلَّم ، وهُم  حُماته الحقيقيُّون ، الَّذين بذَلوا دِماءَهم ، وأنفُسَهم في سبيل حمايتِه  وإعزازِه حتَّى أَوصَلُوه إلينا طاهرًا نقيًّا ، لم يُصب بأذَّى ، ومعلومٌ  أنَّ من أحبَّ شيئًا فَداهُ بنفسِه ، وهم - رِضوانُ الله علَيهم - فدَوهُ  بكلِّ غالٍ وعزيزٍ ، وبقَدر حبِّهم له كانَ حِرصُهم على حفظِه وإيصالِه إلى  البَشر كما أخَذوه عن صاحب الشَّريعة صلَّى الله عليه وسلَّم ، ولو كان  ثمَّة شيءٌ من البرِّ لفَعلُوه ، ولكانُوا أشدَّ النَّاس تمسُّكًا به ،  وحيثُ لم تكُن هذه الأُكلَّة الشَّعبيَّة – كما اصطَلحوا على تسمِيتِها -  في زمنِهم فهي قطعًا بدعةٌ وضلالةٌ .
 ولو  أنصَف خصومُنا لحكَموا بضلالَتِها ولقَالوا : بدعةٌ ضالَّةٌ يجِب  التَّخلُّص منها ، ولكن ما الحِيلة وقد أبَوْا علَينا إلاَّ أن تكونَ مِن  الدِّين ؟ وأرغَمُونا على التَّعليل والتَّدليل ، وهُم بعدَ هذا وذاكَ  ليسُوا بمؤمِنين بالحقِّ ، ولا بمصدِّقين للعِلم ، ولو رأَينا لإخوانِنا  هؤُلاء وجهًا من العِلم - ولو مَرجُوحًا - لحَملناهم عليه ،  ولاَلْتَمَسْنَا لإخوانِنا من الدِّين المعاذِيرَ ، بَيْدَ أنَّ القضيَّة  لم تكُن في شيءٍ من ذلك ، وهي - عِلاوةً على بدعيَّتها - قد جمَعت صنوفًا  من الشَّرِّ والآثام ، والمعتقَدات الشِّركيَّة الصَّريحة - الَّتي لا  تقبَل التَّأويل - ، ما بعثَ الجاهليَّة من الجديد ؟ 
 وممَّا  يبعث الأسَى في النَّفس اعِتقادُ هذه الأباطيل من الدِّين ، وإبرازُها في  صورةٍ دينيَّةٍ محضَةٍ ، قلبًا للحقائِق ، وتشويهًا للإسلام أمامَ الأجانِب  في عصر المدنيَّة والنُّور .
 ولو كانَ حُماة "الزَّردة"  وأبطالُها من عامَّة النَّاس لهَانَ الخَطبُ وقُلنا : قومٌ جاهلُون يجب  إفهامُهم ، بيدَ أنَّ الأمر جَلَلٌ ، فإنَّ مِن بين هؤُلاء ، الحُماةِ  قومًا ليسُوا بالأغبِياء ، ولا ممَّن تعزُب عنهم الحقائِق ، وهمُ الَّذين  أقرُّوا البِدعة ، وسعَوا لتَثبيتها ، ولولاَ هذا الرَّهط لانْهَار صرحُ  هذه المعتَقدات واندَرسَت آثارُها ، غير أنَّ للبَاطل صَولةٌ ، وللحقِّ –  بعدَ ذلك – الاستِقرارُ والدَّولة .
 لقد  كُنْتُ طرقيًّا في جملةِ أُسرَتي الَّتي ورِثَت ذلك خَلَفًا عن سلفٍ ،  وكنتُ في كلِّ أطوارِي باحثًا عن الحقيقَة ، ومتشوِّقًا إليها حتَّى إذا  عرَفتُها تمسَّكتُ بأَذيالِها عاضًّا عليها بالنَّواجذ ، وقد عافَاني اللهُ  منها ، فرَفضتُها وأنا طِفلٌ لم أبلُغ بعدُ الخامِسةَ عشر مِن العُمر ،  فما نَدِمتُ يومًا ما علَى ذلك الرَّفض - وما ينبَغي لي ذلك - ، وما  استَحيَيتُ مِن خُضوعي للحقِّ وانتِهاجي منهجَه ، فهلاَّ رجلٌ رشِيدٌ  يعترِف للحقِّ ويسلُك سبُله ؟
 
 ثمَّ  إنِّي أكتبُ للأمَّة ، لا لهَؤلاء الرُّؤساء الَّذين قتَلهُم التَّعصُّب  الأعمَى ، وحبُّ التَّفوُّق والأنانيَّة ، مع اعتِقادي أنَّ للحقِّ أنصارًا  ، ولئِن حاجَّنا أُولئَك الرُّؤساء بغَير الحقِّ ، ووَقَفوا لنا كلَّ  مَرصدٍ يصدُّون ويُوعِدون ، فليسُوا بظاهِرين ، وحسبُهم من الشَّرِّ أنَّهم  جُند البَاطل ، ومُحاربوا الإِسلام .
 وبعدُ: فأَرْعِني سمعَك - أيُّها الأزهريُّ ! - لأُريك الحقَّ واضحًا ، ثمَّ لْتَفعَل ما بدَا لك .
 إنَّ "الزَّردةَ"  بدعةٌ أحدَثها الـمُحدِثون كسائِر البدَع ، وأنكرَها أهلُ العِلم قديمًا  وحديثًا ، كما تشهَد كتُبهم وفتاوِيهم بذلك ، فهذَا الإمامُ الصَّنعاني -  صاحب سُبل السَّلام - يقول في رسالتِه تَطهِير الاعتِقاد ما نصُّه : ﴿فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ [العنكبوت:56] ، ﴿ وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ [البقرة:41]  كما عُرف من عِلم البَيان أنَّ تقدِيم ما حقُّه التَّأخِير يُفيد الحَصر ،  أي اعبُدوا اللهَ ولاَ تَعبُدوا غيرَه ، واتَّقوا اللهَ ولاَ تتَّقوا  غيرَه، كما في "الكشَّاف" ، فإفرادُ الله  بتَوحيد العِبادة ، لا يتمُّ إلاَّ بأن يكونَ الدُّعاء كلُّه لله ،  والنِّداء في الشَّدائد والرَّخاء لا يكونُ إلاَّ لله وحدَه ، والاستِعانة  بالله وحدَه ، واللَّجأ إلى الله ، والنَّذر والنَّحر لله تعالى ، وجميعُ  العِبادات من الخُضوع والقِيام تذلُّلاً لله تعالى " ، إلى أن قال : " ومَن  فعل ذلِك لمخلُوقٍ حيٍّ أو ميِّت ، أو جَمادٍ أو غيرِه ، فهذا شركٌ في  العِبادة ، وصارَ مَن تُفعَل له هذِه الأُمور إلهًا لعابِديه ، سواءً كان  ملَكًا ، أو نبيًّا ، أو وليًّا ، أو شجرًا ، أو قبرًا ، أو جِنِّيًّا ، أو  حيًّا ، أو ميِّتًا ، وصارَ بهذِه العبادَة أو بأيِّ نوعٍ منها عابدًا  لذلِك المخلُوق ، وإن أقرَّ بالله وعبَدَهُ ، فإنَّ إقرار المشرِكين بالله  وتقرُّبهم إليه لم يُخرِجهم عن الشِّرك ، ثمَّ ساقَ حدِيث : "أنَا أَغْنَـى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ" (6) ، لا يقبَل اللهُ عملاً شُورِك فيه غيرُه ، ولا يُؤمِن به مَن عبَد معه غيرَه ...الخ " 
 ثمَّ  قال في الصَّفحة الَّتي تليها : "إنَّ مَن اعتقَد في شَجَرٍ ، أو حجَرٍ ،  أو قبرٍ ، أو ملَكٍ ، أو جنِّـيٍّ ، أو حيٍّ ، أو ميِّتٍ أنَّه ينفَع أو  يضرُّ ، أو أنَّه يقرِّب إلى الله ، أو يشفَع في حاجَةٍ مِن حوائِج  الدُّنيا بمجرَّد التَّشفُع به ، فإنَّه أشرَك مع الله غيرَه ، واعتقَد ما  لا يحلُّ اعتِقادُه ، كما اعتقَد المشرِكُون في الأوثَان ، فضلاً عمَّن  ينذُر بمالِه وولَدِهِ لميِّتٍ ، أو حيٍّ ، أو يطلُب ما لا يطلَب إلاَّ مِن  الله تعالى من الحاجَات ، مِن عافيةِ مريضِة ، أو قُدوم غائِبه"
 إلى  أن قال : "والنَّذر بالمالِ على الميِّت ونحوه ، والنَّحر على قَبره ،  والتَّوسُّل به ، وطلَب الحاجَات منه هو بعَينِه الشِّرك الَّذي كانَت  تفعَله الجاهليَّة ، وإنَّما كان الجاهليَّة يفعلُونَه ، كما يسمُّونه  وثنًا وصنمًا ، وفعلَه القبوريُّون لما يسمُّونه وليًّا أو قبرًا أو مشهدًا  ، والأسماءُ لا أثَر لها ، ولا تُغيِّر المعانِـي ، ضرورة لغويَّة  وعقليَّة وشرعيَّة ، فإنَّ مَن شرِب الخَمر وسمَّاها ماءً ما شرِب إلاَّ  خمرًا ، وعِقابه عقابُ شارِب الخَمر ، ولعلَّه يزيدُ عِقابُه للتَّدليس  والكذِب في التَّسميَّة" 
إلى أن قال :" وكذلِك تسميةُ القَبر مشهدًا ، ومَن يعتقِدونَه وليًّا لا يُخرجه عن اسم الصَّنم والوَثن ، إذ هم مُعامِلون لها معاملةَ المشرِكين للأَوثان والأصنَام ، ثمَّ أنشد :
إلى أن قال :" وكذلِك تسميةُ القَبر مشهدًا ، ومَن يعتقِدونَه وليًّا لا يُخرجه عن اسم الصَّنم والوَثن ، إذ هم مُعامِلون لها معاملةَ المشرِكين للأَوثان والأصنَام ، ثمَّ أنشد :
أعادُوا بها معنَى سُواعٍ ومثلِه /// يغوثَ ووُدًّا ليس ذلك مِن وُدًّا
وقد هتَفوا عند الشَّدائد باسمِها /// كما يهتِفُ المضطَرُّ بالصَّمد الفَردِ
وكم نحَروا في سُوحِها من نحِيرةٍ /// وأُهلَّت لغير الله جهرًا على عَمدٍ
وكم طائفٍ حولَ القُبور ومقبِّلاً /// ويستلِمُ الأركانَ منهُنَّ بالأيدِ
وقد هتَفوا عند الشَّدائد باسمِها /// كما يهتِفُ المضطَرُّ بالصَّمد الفَردِ
وكم نحَروا في سُوحِها من نحِيرةٍ /// وأُهلَّت لغير الله جهرًا على عَمدٍ
وكم طائفٍ حولَ القُبور ومقبِّلاً /// ويستلِمُ الأركانَ منهُنَّ بالأيدِ
فإن  قال : إنَّما نحَرتُ لله ، وذكَر اسمَ الله عليه ، فقل : إنْ كان النَّحر  لله فلأيِّ شيءٍ قرَّبت ما تنحَرُه مِن باب مَشهدِ مَن تُفضِّله وتعتَقدُ  فيه ؟ هل أردتَ بذلِك تعظِيمَه ؟ فإنْ قال : نعَم ، فقُل : هذا النَّحر  لغَير الله ، بل أشركتَ معَ الله غيرَه ، وإن لم تُرِد تعظيمَه ، فهل أردتَ  توسِيخَ بابِ المشهَد ، وتنجيسَ الدَّاخلين إليه ؟ فأنتَ تعلَم يقينًا  أنَّك ما أردتَ ذلك أصلاً ، ولا أردتَ إلاَّ الأوَّل ، ولا خَرجت مِن بيتِك  إلاَّ لقَصدِه" 
 ثمَّ قال : "وقَد يقُول هؤُلاء القبوريُّون : نحنُ لا نُشرِك بالله تعَالى ، ولا نجعَل له نِدًّا (7) ، والالتِجاءُ إلى الأولياء والاعتِقاد فيهم ليسَ شركًا .
 قلتُ : نعم ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾  [آل عمران:167] ، غير أنَّ هذا منهُم جَهلٌ بمعنى الشِّرك ، فإنَّ  تعظيمَهم الأولياء ، ونحرَهم النَّحائر لهم شِركٌ ، والله تعالى يقول : ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر:2] أي لا لغَيره ، كما يُفيده تقدِيمُ الظَّرف ، وقد سمَّى الله تعالى الرِّياء شِرْكًا فكيفَ بهذه الأفعَال ؟ 
 فهذا  الَّذي يفعَلُونه لأوليائهم ، هو عَين ما فعَله المشرِكُون ، وصارُوا به  مشرِكين ، ولا ينفَعُهم قولُهم : نحنُ لا نُشرِك بالله شيئًا ، لأنَّ  فِعلَهم أكذَب قولَهم " انتهى ما نقَلناه من رسالة الإمام الصَّنعاني  بالحرف (
 
 وليَعلم  القُرَّاء الكِرام أنَّ هذا الإمامَ مِن أبناءِ القَرن الحادِي عشَر ،  وليَرضَ خُصومُنا ، لأنَّهم لا يُؤمِنون بالقَديم ، ولأنَّ هذا الإمامَ ليس  مِن مُعاصِرينا ، وقَد أنكَر بدعتَهم هذه وحرَّمها ، ثمَّ جعَلها شركًا ،  وحكَم على صاحبِها بالشِّرك ، ولم يكُن ذلك مِن الإمام عَن ظنِّ ، أو  تخمِينٍ ، بل عن بصِيرةٍ وتبصُّرٍ ، فقد أقامَ الأدلَّة والشَّواهِد على  كلِّ ذلك ، مُستضِيئًا بنور الكِتاب والسُّنَّة ، وهَدي سلَف الأمَّة ،  وبهذا وغيرِه ، حكَمنا بحُرمة "الزَّردَة" ، وحُرمة الأَكل من ذبِيحتِها 
 وإلى القارئ ما جاء في كتاب "نيل الأوطار" للإمام  الشَّوكاني ، قال في الجزء الثَّامن صفحة (115) عند الكلاَم عن حدِيث  الإمامِ عليِّ بن أبي طَالب رضي الله عنه ، ولفظُه : عن الإمامِ عليِّ ابن  أبي طالب رضي الله عنه أنَّه سمِع النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول :  "لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ ،  وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ  وَالِدَيْهِ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ  الأَرْضَ" رواه أحمَد ومسلم والنِّسائي (9)  : " المرادُ به أن يذبَح لغَير الله تعالى ، كمَن ذبَح للصَّنم ، أو  للصَّليب ، أو لموسَى ، أو لعيسَى – عليهما السَّلام - ، أو للكَعبة ونحوِ  ذلك ، فكلُّ هذا حَرامٌ ، ولا تحلُّ هذِه الذَّبيحة ، سواءٌ كان الذَّابح  مسلمًا أو كافرًا ، وإليه ذهب الشَّافعي وأصحابُه ، فإنْ قصَد مع ذلك  تعظيمَ الـمَذبُوح له غير الله تعالى ، والعبادةَ له كان ذلك كفرًا ، فإن  كان الذَّابح مسلمًا قبلَ ذلك صارَ بالذَّبح مُرْتَدًّا " انتهى كلام  الإمام الشَّوكاني (10) 
 وأذكرُ  أنَّ عُلماءَ بُخارَى تشدَّدوا حتَّى فيما ذُبح لضِيافة الأمير ، فأفتَوا  بعدَم أكلِه ، وقالوا : إنَّه ممَّا أُهلَّ به لغَير الله ، كما ذكَر ذلك  الشَّيخ إبراهيم المرْوَزِي ، وكأنَّهم راعَوا فيه معنَى الإِلزام خوفًا من  إذايَة الأمير ، فأَلحقُوه بما أهلَّ به لغَير الله ، غيرَ أنَّ ذلك قد  ردَّه العُلماء ، وأَلحقُوه بالعَقِيقة (11) 
 أمَّا سبَب وُرود هذا الحديث ، كما جاء في كتاب "البَيان والتَّعريف" (12) من الجزء الثَّاني صفحة (162) من طريق مُسلِم عن عامِر بن واثِلة ، قال : كنتُ  عند عليِّ بن أبي طالِب ، فأتَاه رجلٌ فقال : ما كانَ النَّبيُّ صلَّى  الله عليه وسلَّم يُسِرُّ إليك ؟ قال : فغضِب ، وقال : ما كان النَّبيُّ  صلَّى الله عليه وسلَّم يسرُّ إليَّ شيئًا يكتُمه النَّاسَ ، غيرَ أنَّه  حدَّثني بكلماتٍ أربَع ، قال : فقال : ما هُنَّ يا أميرَ المؤمنين ؟!قال : قال : "لَعَنَ اللهُ" فذكره .
 وفي هذا إبِطالٌ لما يدَّعيه متصوِّفونَا مِنْ أنَّ مبتَدعاتِهم تتَّصل سِلسِلتُها بــ "صاحِب الخِرقة" (13) يعني عليِّ بن أبي طالِب رضي الله عنه ، فردَّ هذا الحديثُ تُرَّهاتِهم فبَطل ما كانُوا يُؤفكون 
 ثمَّ  إنَّ النَّذر لغَير الله محرَّمٌ باتِّفاق أهلِ العلم ، وهو الَّذي يعبِّر  عنه الفُقهاء بنَذر المعصِية ، وقد قالَ الإمامُ مالِك في "الموطَّأ" من الجزء الأوَّل صفحة (316) ، عند قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطيعَ الله َ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللهَ فَلاَ يَعْصِهِ" (14)  أن ينذُر الرَّجل أنْ يمشي إلى الشَّام ، أو إلى مِصر ، أو إلى الرَّبذة ،  أو ما أشبَه ذلك ممَّا ليسَ بطاعَةٍ ، إن كلَّم فلانًا ، أو ما أشَبه ذلك ،  فليسَ عليه في شيءِ مِن ذلك شيءٌ إنْ هو كلَّمه ، أو حنَث بما حلَف عليه ،  لأنَّه ليسَ لله في هذِه الأشياء طاعةٌ ، وإنَّما يوفَّى لله بما له فيه  طاعةٌ " (15)
 هذا  حكمُ الإمام مالِك في النُّذور الَّذي نزعمُ اتِّباعَه ، وأين هذا ممَّا  يفعَلُه أدعِياءُ اليَوم من سَوْقِهم النُّذور والهدَايا إلى الأضرِحة  البَعيدة ، وإِراقَة دَمِهَا بين القُبور ، تزلُّفًا لأهلِها وتقرُّبًا لهم  مِن دون الله ، ثمَّ من بعدِ هذا كلِّه "أُكلَة شعبيَّة" ، وعملُ برٍّ وخيرٍ رُغم الإِسلام ، ورُغم تعالِيمه ، اللَّهمَّ ! إنَّ هذا بهتانٌ كبيرٌ 
 ثمَّ  أين - يا أخَا الأزهرَ ! - جوابُ قَومك وقد نحَروا لنُزول المطَر تقرُّبًا  إلى القَبر ، وطلبًا من صاحِبه ما لا يجُوز طلبُه إلاَّ مِن الله ؟ لقَد  قامَت الحجَّة ، وظهَرت المحجَّة ، وأُفحم الخَصم ، وإنَّك إن عانَدتَ  لَعَلَى عُتُوٍّ كَبِيرٍ .
 ثمَّ إذا كانَ النَّذر المكرَّر ، والمعلَّق غيرَ مرخَّصٍ فيه مع أنَّه لله ، فكيفَ به إذا كان لغَير الله ؟ 
 وقد  كرِه الفُقهاء هذين النَّوعين من النَّذر ، والنَّذر المكرَّر هو أن  تخُصَّ يومًا بعَينه مثلاً بالعِبادة مِن دُون سائِر الأيَّام .
 والمعلَّق  أن تقُول : إنْ شفَى اللهُ مريضِي ، أو ردَّ غائِبي ، فعليَّ صدَقةُ كذا ،  ووجهُ الكَراهة أنَّه كالـمُجازَاة والـمُعاوَضة ، لا القُربة المحضَة ،  والعباداتُ يجِب أن تكونَ خالصةُ لوَجه الله الكرَيم بدُون إشراكٍ ، ولا  مُجازاةٍ ، ولا مُعاوَضَةٍ ، طِبقًا لقوله تعالى : ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة:5] 
 وإذا  كانَ فيها شيءٌ من هذا ، فليسَت خالصةً لله ، وقد قال الدَّردِير في "أقرب  المسالك" عند الكلاَم على هذَين القِسمَين : " وظاهِره ولو كانَ المعلَّق  عليه طاعةً ، نحو : إن حجَجتُ فاللَّه عليَّ كذا ، وهو ظاهِر التَّعليل ،  لأنَّه في قوَّة : إِن أقدَرني اللهُ على الحجِّ لأُجازِينَّه بكذا ، ولا  شكَّ في كراهَةِ ذلِك " (16) 
 وقال الشَّوكاني في "فتح القدير" عند قوله تعالى : ﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾  [البقرة:173] : " والإهلالُ : رَفع الصَّوت يقال : أهلَّ بكذا ، أي رفَع  صوتَه ، والمرادُ هنا : ما ذُكِرَ عليه اسمُ  غيرِ الله ، كاللاَّتِ  والعُزَّى إذا كان الذَّابح وثنيًّا ، والنَّارِ إذا كان الذَّابح مجوسيًّا  ، ولا خلافَ في تحريم هذَا وأمثالِه ، ومثلُه ما يقَع من المعتقِدين  للأمواتِ من الذَّبح على قُبورِهم ، فإنَّه ممَّا أهلَّ به لغَير الله ،  ولا فَرق بينَه وبينَ الذَّبح للوَثن " (17) 
 وقد  حكَم الشَّوكاني - كما حكَم الصَّنعاني - بحُرمة هذه الذَّبائح ، للعِلَّة  المذكُورَة ، ولا يُقال : إنَّا لا نذكُر عليها اسمَ غيرِ الله حتَّى  تلحَق هذه بتِلك ، لأنَّا نقول : قد قالَ صلَّى الله عليه وسلَّم : "إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وإِنَّمَا بِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" (1
  ، ونيَّة الذَّابِح كانَت للوليِّ ، ولولاَ ذلك ما شدَّ الرَّحل إليه ،  ولو كان صادقًا لَذَبَحَها في بيتِه ، وجعَلها صدقةً على من شاء ، أما وقد  شدَّ الرَّحل ، وأبى أن تُذبَح إلاَّ على القَبر ، أو بابِ المشهد ، فهي  لغَير الله ، ولا نعتَبر هنا إلاَّ النِّيَّة ، لأنَّها أساسُ العَمل  والقَول ، إذا لم يكُن عن اعتِقادٍ لا ينفَع صاحِبَه ، كما قال الإمام  الصَّنعاني في رسالتِه ، وقد دلَّت القَرينة على فسادِ المعتقَد ، على  أنَّا لا نسلِّم بأنَّ الذَّابِح لم يذكُر اسمَ صاحِب القَبر على ذبيحَته ، فقد شاهَدتُ بنفسي - وأنا من أبناء الزَّوايا - كثيرًا من هَؤلاء يُهِلُّون بذبائحِهم لأصحَاب القُبور ، وحتَّى للشَّجر والحجَر ، وقد قال حجَّة الإسلام محمَّد رشيد رضا رحمه الله في كتاب "الوحي المحمَّدي" عند الكلاَم عن الفَرق بين الـمُعجِزة والكَرامة ، وبعد أن أوضحَ الفَرق ، قال : "جَهِل  هذا الأصلَ الـمُحكَم من عقائِد الإسلاَم أدعِياءُ العِلم ، مِن سدَنةِ  القُبور المعبُودة وغيرِهم ، فظنُّوا أنَّ المعجِزات والكرَامات أمورٌ  كَسْبِيَّةٌ ، كالصِّناعاتِ العادِية ، وأنَّ الأنبِياءَ والصَّالحين  يفعَلونها باختِيارهم في حيَاتهم ، وبعدَ مماتِهم متى شاءُوا ، ويغرُون  النَّاس بإِتيان قُبورِهم ، ولو بشدِّ الرِّحال إليها لدُعائِهم  والاستِغاثة بهم عندَ نزُول البَلاء ، والشَّدائد ، الَّتي يعجزُون عن  دَفعِها بكَسبِهم وكَسب أمثالهِم من البَشر بالأسبابِ العادِيَّة ،  كالأطبَّاء مثلاً ، وبالتَّقرُّب إليهِم بالنُّذور والقَرابين ، كما كان  المشرِكون يتقرَّبون إلى آلهتِهم من الأصنَام وغيرِها ، وهم يأكُلونها  سُحْتًا حرامًا" (19) 
 وقال الإمام الصَّنعاني في "سبل السَّلام"  في الجزء الرَّابع صفحة (151)- عند الكلاَم عن النَّذر المحرَّم ، بعد أن  تكلَّم عن حديث ابن عمر رضي الله عنه ، ولفظُه : عن ابن عُمر رضي الله  عنهما عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه نهى عن النَّذر ، وقال : "إنَّهُ لاَ يَأْتِي بِخَيْرٍ ، وإنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ"  متَّفق عليه - : "هذا ، وأمَّا النُّذور المعرُوفَة في هذِه الأزمِنة على  القُبور والمشاهِد والأَموات فلا كلاَم في تحرِيمها ، لأنَّ النَّاذِر  يعتقِدُ في صاحِب القَبر أنَّه ينْفَع ويضرُّ ، ويجلِبُ الخَير ، ويدفَع  الشَّرَّ ، ويُعافِي الأليمَ ، ويشفِي السَّقيم ، وهذا هو الَّذي كانَ  يفعَلهُ عُبَّاد الأوثَانِ بعَينِه ، فيَحرُم كما يَحرُم النَّذر على  الوَثَن ، ويجب النَّهي عنه ، وإبانةُ أنَّه من أعظَم المحرَّمات ، وأنَّه  الَّذي كان يفعَله عُبَّاد الأصنَام ، ولكن طالَ الأمَدُ حتَّى صارَ  المعرُوف منكرًا ، والمنكرَ معروفًا ، وصارَت تُنحَر في أبوابِ المشاهِد  النَّحائرُ من الأنعاَم ، وهذا هو الَّذي بعَينِه كان عليه عُبَّاد  الأصنَام " (20) ، ثمَّ أشار إلى رسالتِه "تطهير الاعتِقاد" الَّتي نقَلنا منها ما به الحاجَة في هذا المقال والَّذي قبلَه .
 لقَد  أكثَرْنا من الأدلَّة النَّقليَّة ، لأنَّ خصومَنا لا يؤمِنون إلاَّ  بالـمَحسُوس ، وفي ظنِّي أنَّ هذا يُرضِيهم ويردُّ عادِيَتهم ، ثمَّ إنَّ  فَتْوَتَنَا في حُرمة "زَردَة" سيدي "مُشرِك" - الَّذي طابَق اسمُه معتقَد القوم - كان  مصدرُها من مجموع هذه الأدلَّة الصِّريحة ، وقُلنا بحُرمة الأَكل من  ذبِيحتها ، لأنَّها ممَّا أُهِلَّ به لغَير الله قيامًا  بواجِب الحقِّ -  أَحبَّ القبوريُّون أم كَرِهُوا - ، بيدَ أنَّا لا نَحْكُم بكُفرِهم كما  حكَموا بكُفرنا ، بل نحنُ أعقلُ مِن أن نكونَ سُفهَاءُ نُرسِل الكلاَم على  عَواهِنه ، ولكن ندعُوهم بالَّتي هي أحسَن ، فإن أجابُوا ، وفبِها ونِعمَت ،  وإن أبَوا فليَكفُّوا عنَّا شرَّهم ، وليَربَعُوا على أنفُسهم ، فإنَّا  نستَحي بأنفُسنا عن ردِّ الحَجَرِ مِنْ حيث أتَى ، ولم يكُن ذلك عن وَهَنٍ  وخَوَرٍ ، ولكن إساءَةٌ غفرَها الاقتِدار ، فليَعلم هذا خصومُنا ، وإن  أبَوا فالعَرب بالبَاب .
الحواشي :
 الحواشي :
(1) : في "البصائر" عدة ردود عليه ، كما في العدد (38/ص:7) ، والعدد (43/ص1) ، والعدد (45/ص2)
 (2) : انظر "البصائر" العدد (46/ص4)
 (3) : انظر "البصائر" العدد(39/ص4) 
 (4) : طبع في 1356هــ ثمَّ حققه الشَّيخ أبو عبد الرحمن –حفظه الله-
 (5) : جريدة "البصائر" العدد (61/ص3) 
 (6) : رواه مسلم (295) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه 
 (7) : في الأصل : "نداءات" ، والمثبت أولى 
 (1
 : [ص:45-64-ط.الشحري] وفيها اختلاف يسير 
 (9) : رواه أحمد (855) ، ومسلم (197) ، والنسائي (4422)
 (10) : [(10/244)–ط.عوض الله]
 (11) : انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (13/141)
 (12) : لإبراهيم بن محمد ابن حمزة الدمشقي (1120هــ)
 (13) :  يزعم الصوفيَّة أن عليًّا رضي الله عنه ورث خِرقة التَّصوُّف عن النَّبيِّ  صلَّى الله عليه وسلَّم ، ثمَّ ألبسها الحسنَ البصري ، ويتوارثونها إلى  اليوم ، وحديث الخرقة باطل ، انظر "المقاصد الحسنة" للزركشي (ص:527)
 (14) : رواه البخاري (6696) ، ومالك (2216) عن عائشة رضي الله عنها 
 (15) : [(1/611) –ط.بشار] 
 (16) : [(2/252) – مع حاشية الصاوي]
 (17) : [(1/314) –ط.عميرة]
 (1
: رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث عمر رضي الله عنه
 (19) : [ص:235]
 (20) : [(4/365-ط.المعارف] مع اختلاف يسير .
 (أ) : [جَمْعٌ وتَرتيب منار السبيل]

	
	
تعليق