إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

التوحيد أولاً وآخراً محاضرة للشيخ عبد الله بن صالح العبيلان حفظه الله تعالى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التوحيد أولاً وآخراً محاضرة للشيخ عبد الله بن صالح العبيلان حفظه الله تعالى

    بسم الله الرحمن الرحيم

    التوحيد أولاً وآخراً محاضرة للشيخ عبد الله بن صالح العبيلان حفظه الله تعالى


    نص المحاضرة :

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له واشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله.
    أما بعد :
    فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
    في هذه الليلة المباركة ليلة الثلاثاء السابع عشر من شهر ذي القعدة من العام ألف وأربعمائة وستة وعشرون من الهجرة النبوية.
    حديثي هذه الليلة إنما هو في أمر عظيم أمر فرق الله عز وجل بسببه ولأجله بين العباد (ولذلك خلقهم) ألا وهو التوحيد كما سيأتي بيانه هو اعظم أمر أمر الله به العباد فإذا صلح توحيد الإنسان فان مادون التوحيد أمره هين ولم يميزنا الله تبارك وتعالى عن غيرنا من الأمم اليهود والنصارى والهندوس والبوذيين وغيرهم من الوثنيين إلا بالتوحيد .
    ومحور هذه المحاضرة يتضمن أموراً ثلاثة :
    1- ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مما يدل على عظم أمر التوحيد وأهميته وانه الغاية في كل ما
    يفعله المسلم وما يدعه .
    2- الكلام عن الشرك ومضار الشرك .
    3- الكلام على طريقة الشارع في حمايته لحمى التوحيد .

    فأقول وبالله التوفيق :

    الوجه الأول : التوحيد هو غاية الخلق فان الله تبارك وتعالى إنما خلق الجن والأنس ليوحدوه , ولذا قال تبارك وتعالى
    ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فقوله يعبدون أي يوحدون فان المرء لاتنفعه صلاة ولا صيام ولا حج ولا إحسان ولا بر مالم يكن موحدا
    وماهو التوحيد ؟
    التوحيد هو إفراد الله بالعبادة ؛ إفراده بالتعلق ولذلك غاية التوحيد من حيث المعنى انه إفراد الله بالتعلق بالعبادة وأما الشرك فغايته التعلق بغير الله .
    والتوحيد يقوم على ركنين أساسيين قل من يجمع بينهما من الخلق وهذان الركنان دلت عليها كلمة التوحيد لا اله إلا الله ودل عليهما قوله تبارك وتعالى ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ) ما معنى يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله ؟
    هو معنى لا اله إلا الله فإنها جمعت بين أمرين :
    الأول : نفي العبادة عما سوى الله .
    الثاني : إثبات العبادة لله .
    ولذا كان معنى لا اله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله تبارك وتعالى , ومن هنا فانه يخطئ من يظن أن معنى لا اله إلا الله أي لا خالق ولا رازق ولا مالك ولا مدبر إلا الله فهذا وان كان حق وهو نوع من أنواع التوحيد لكنه ليس التوحيد الذي ينجوا به العبد من عذاب الله ولذا لما قيل لكفار قريش ( وإذا قيل لهم لا اله إلا الله يستكبرون ويقولون أإنا لتاركوا ألهتنا لشاعر مجنون ) ويقولون ( اجعل الآلهة إله واحد ) وهم في نفس الوقت يقول الله عنهم ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ) ولذلك إذا أردت أن تعرف أن هذا ليس هو التوحيد الذي دعا إليه أنبياء الله أقوامهم من نوح إلى محمد فلو سئلت يهودي أو نصراني من خلق السموات ؟ ليقول لك الله , بل إن هذا الأمر لا يكاد ينكره إلا مستكبر وإلا فقد قال الله تعالى ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ).. (إن في صدورهم إلا كبرا ماهم ببالغيه ).
    إذن لتعلم أخي المسلم أن العبادة إذا لم تكن خالصة لله فإنها لا تنفع صاحبها كما سيأتي بيانه إن شاء الله ,
    ولذا قال تعالى ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) فسرها ابن عباس وغيره إن الإيمان المذكور في الآية هو الإيمان بربوبية الله أي توحيد الربوبية . فهم يؤمنون بان الله هو الخالق الرازق ومع ذلك يشركون مع الله غيره في العبادة . إذن الوجه الأول الذي يدل على عظم أمر التوحيد انه الغاية من خلق الجن والإنس .

    الوجه الثاني : أن توحيد العبادة هو الغاية من إنزال الكتب السماوية ولذا قال تعالى ( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير ) .

    الوجه الثالث : أن توحيد الألوهية هو الغاية من إرسال الرسل قال سبحانه وتعالى ( ولقد بعثنا في كل امة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )

    الوجه الرابع : أن توحيد الألوهية هو الغاية من تطهير بيت الله كما قال تعالى ( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود )

    الوجه الخامس : أن توحيد العبادة غاية الجهاد وقتال الكفار فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها) .

    الوجه السادس : أن توحيد الألوهية هو دعوة جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام فكانوا يدعون أقوامهم إلى عبادة الله تعالى وحده ويقولون لأقوامهم ( اعبدوا الله مالكم من اله غيره ).

    الوجه السابع : أن توحيد العبادة أول دعوة الرسل كما يظهر ذلك من آيات القران الكريم وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا اله إلا الله ) .

    الوجه الثامن : أن توحيد العبادة كما أنه أول دعوة الرسل وكذلك هو آخر دعوة الرسل أيضا , فهو أول الأمر وآخر الأمر فقد وصى بها يعقوب عليه الصلاة والسلام بنيه فقال ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ماتعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك واله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إله واحد ونحن له مسلمون ) وقالت عائشة كما في الصحيحين لما حضرت النبي صلى الله عليه وسلم الوفاة جعل يطرح طرف خميصة على وجهة وكل ما اغتم كشفها وهو يقول ( لعنت الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) فهذه كانت آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لمن لقدوة الناس بعده لأصحابه رضي الله عنهم.

    الوجه التاسع : أن توحيد الألوهية أول واجب وأخر واجب وأول ما يدخل به المرء في الإسلام أما بالنسبة للأولية فقد تقدم وأما بالنسبة لكونه أخر واجب وأنه يجب خروج المرء به من الدنيا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان أخر كلامه من الدنيا لا اله إلا الله دخل الجنة ) وقال أيضا في الصحيح ( من مات وهو يعلم أن لا اله إلا الله دخل الجنة ) .

    الوجه العاشر : أن المرء لا يدخل في الإسلام ولا يصير موحد بمجرد إيمانه واعترافه بتوحيد الربوبية ولو أفنا عمره في ذلك حتى يؤمن ويقر بتوحيد الألوهية ولذا قال تبارك وتعالى ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ).

    الوجه الحادي عشر : أن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى عمل احد ولا يقبله إلا بعد أن يأتي بالتوحيد ولذا بوب البخاري من قوله تعالى : ( فاعلم انه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ) بوب قال : باب العلم قبل القول والعمل وأعظم العلم وأشرفه هو العلم بالتوحيد بما دلت عليه كلمة التوحيد ولذا قال تبارك وتعالى ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولي العلم قائما بالقسط لا اله إلا هو العزيز الحكيم )
    *انتقل إلى نقطة أخرى وهي ما يضاد التوحيد ألا وهو الشرك ,
    فالشرك كما لا يخفى عليكم هو تسوية المخلوق بالخالق في ماهو من خصائص الله أي ما لا يجوز صرفه لغير الله ولذا قال تبارك وتعالى عن بعض المشركين قال تبارك وتعالى عنهم ( قالوا تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ) إذن الشرك وأعني الشرك الأكبر هذا كما سيأتي ضرره أعظم من ضرر أي معصية أخرى من المعاصي كما سيأتي بيانه وتفصيله.

    - الثاني بيان أضرار الشرك بالله :
    أولا : أن الله لا يغفر الشرك إلا بالتوبة النصوح قال تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء )

    - ما الفرق بينه وبين بقية المعاصي ؟
    بقية المعاصي إذا مات الإنسان مصر عليها فان عقيدة أهل السنة والجماعة أن أمره إلى الله إن شاء عذبه وان شاء غفر له , أما من مات على الشرك فإنه لا يغفر ذنبه ومآله إلى النار عياذ بالله من النار .
    الثاني: انه لا يجوز الاستغفار للمشرك بعـد موته قال سبحانه ( ما كان للنبي والذين امنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ماتبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) وقال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم ( استأذنت ربي أن ازور قبر أمي فأذن لي واستأذنته أن استغفر لها فلم يأذن لي ).
    الثالث : أن الشرك سبب دخول النار ابد الآبدين وعدم دخول الجنة قال تعالى ( انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )
    الرابع : أن الشرك يحبط العمل قال تعالى ( ولوا أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ) .
    الخامس : أن الله ضرب للمشرك مثلا موبقا هادما فقال تعالى ( حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله كأنما خر من السماء فتخطفه الطيراو تهوي به الريح في مكان سحيق )
    السادس : أن الشرك رجس وان المشرك نجس قال سبحانه وتعالى ( يأيها الذين امنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) .
    السابع : أن الشرك ظلم عظيم قال الله عز وجل عن عبده لقمان وهو يوصي ابنه : ( يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) .
    الثامن : أن الشرك اكبر ذنب على الإطلاق فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أبو بكرة رضي الله عنه ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالها ثلاثا قالوا بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين .... الحديث ) .
    انتقل إلى المسالة الثالثة وهي المهمة التي يحتاج إلى معرفتها كل وحد منا ألا وهي ,
    طريقة الشارع في حماية حمى التوحيد :
    المسالة الأولى : أن الشارع حذر من الغلو فقال تبارك وتعالى ( يأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إياكم والغلو في الدين فان الغلو في الدين اهلك من كان قبلكم ).
    المسالة الثانية : النهي الشديد عن صورة ذي الروح ولا سيما صور المعظمين وقد ورد التغليظ في المصورين فيما لا يخفى عليكم وانه يؤمر يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ .
    المسألة الثالثة : التحذير البالغ من بناء القبب والمساجد على القبور وأنها هذا سبب مباشر للإشراك بالله تعالى فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصور فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله ).
    المسألة الرابعة : المنع الشديد والنهي البالغ عن تعظيم القبور بما لم يأذن به الشرع كالصلاة إليها أو عليها أو بينها أو فيها وتجصيصها وتزيينها والكتابة عليها أو مضاهاتها فعن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها ) .
    المسالة الخامسة : الأمر بهدم بناء القبب والمساجد على القبور والأمر بتسويتها فقد قال ثمامة بن شفي كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوي ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يأمر بتسويتها يعني تسوية القبور ).
    المسألة السادسة : التحذير الشديد من زيارة القبور للصلاة في المساجد عليها أو الدعاء عندها على ظن أن هذا أسرع إجابة أو للتبرك بها أو جعلها عيدا أو للحج إليها يشد إليها الرحال أو زيارتها لعبادة الله عندها في أي نوع كان من أنواع العبادة من ذبح أو نذر أو إعتكاف أو قراءة القران أو غير ذلك فان كل هذا من اعظم أسباب الوثنية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ...... الحديث ).
    المسألة السابعة : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور مطلقا ثم إذنه بالزيارة وذلك للتزهيد بالدنيا وتذكير الآخرة والدعاء لأهل القبور بالمغفرة فقط هذا هو الغرض من الأذن في زيارة القبور لا لغرض أخر وبدون شد الرحال والحج والسعي إليها فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) إذن العلة في نهيه عن زيارة القبور هو سد لباب من الأبواب التي قد تفضي إلى الشرك فلما تمكن العلم من قلوب الصحابة وعرفوا التوحيد وعرفوا الشرك علما وعرفوه معرفة تامة أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور .
    المسألة الثامنة : الوعيد الشديد في تعظيم الإنسان في مالم يأذن به الشرع فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    ( من سره أن يتمثل له الرجال قياما فلتبؤ مقعده من النار ) .
    المسألة التاسعة : التحذير من طاعة المخلوق في معصية الخالق لأن عواقبها وخيمة ومنها التقليد الأعمى والتعصب الحزبي المذهبي ورد النصوص لأجل أقوال الأئمة فهذا من عبادة غير الله قال تعالى ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ).
    المسألة العاشرة : الاحتراز عن التمائم والاحتياط في الرقى لتأكد من الرقية الشركية من الرقية السنية ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ) وإنما كان النهي عن تعليق التمائم لأن هذا من تعلق القلب بغير الله وقد سمعتم قبل قليل أن غاية الشرك هو التعلق بغير الله .
    المسألة الحادية عشر : النهي عن الذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله أو في معبد للمشركين أو وثن لهم أو عيد من أعيادهم فقد قال ثابت بن الضحاك نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر ابل ببوانه فأت النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني نذرت أن انحر ابل ببوانه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( هل كان فيها وثن من أوثانهم فقالوا لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان فيها عيد من أعيادهم قالوا لا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك فانه لا وفاء بنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم ).
    المسألة الثانية عشر : التحذير الشديد من كل مافيه وسيلة إلى الشرك بحجر أو شجر سد لذريعة الشرك فقد قال عمر بن الخطاب الفاروق حين قبل الحجر الأسود ( إني اعلم انك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك )
    المسألة الثالثة عشر : المنع عن تتبع أثار الأنبياء والمرسلين فضلا عن الأولياء والصالحين لتقبلها واستلامها والالتزام بها وإجلالها أو التبرك بها أو الصلاة فيها أو الدعاء فيها وعندها من مساجدهم أو بيوتهم أو مجالسهم أو مقاماتهم ونحوها فيما لم يرد في الشرع الترغيب في تتبعها ولذا قال روى المعرور بن سويط قال خرجنا مع عمر في حجة حجها فقرأ بنا في صلاة الفجر ( الم ترى كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) ( ولإيلاف قريش) فلما قضى حجه ورجع والناس يبتدرون فقال ما هذا فقالوا مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر ( هكذا هلك أهل الكتاب اتخذوا أثار أنبيائهم بيعا من عرضت له منكم صلاة فيه فليصل ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة فلا يصلي ) ولذا قال الصنعاني في الثناء على دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .

    سـلام عـلى نجـــد ومـن حل في نـــجـد وان كان تسليمي على البعد لا يجدي
    إلى أن قال في الثناء عليه :
    ويعـمر أركان الشريعة هادما مشاهـد ضل النـاس فيـها عـــن الــــــرشدي
    أعادوا إليها معنى سواع ومثله يغوث وودا وبئــــــــــس ذلــك مــــــن ودي
    وقد هتـفـوا عند الشدائد باسـمــهـــــــا كما يهـتف المضطر بالصمد الفردي
    وكم عقروا في ســــواحها من عـقيـدة أهـلت لغير الله جهلا علـــى عـمـدي
    وكم طائف حــــــــــــول القــبور مقـبلا وملتـمس الأركــان منهـن بالأيـــدي

    أقف إلى هذا الحد وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن وفقه الله إلى تحقيق التوحيد فإن تحقيق التوحيد هو أعظم عمل يتقرب بها المسلم إلى ربه ولذا جاء في الصحيح من حديث سعيد بن جبير يرويه عن ابن عباس انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن سبعين ألف من هذه الأمة يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ) قال فخاض الناس في هؤلاء السبعين ألف منهم فـقيل هم الذين صحبوا النبي وقيل هم الذين ولدوا في الإسلام فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال ( هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون ) يعني أنهم متعلقون بالله لم ينظروا إلى غيره تبارك وتعالى وهذا تحقيق التوحيد وتحقيق التوحيد هو أمر فوق ماهية التوحيد وإنما يكون تحقيق التوحيد بأمور ثلاث:
    الأمر الأول : تحقيقه يعني تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدعة والمعصية فالشرك ينافي التوحيد بالكلية والبدعة تنافي كماله الواجب والمعصية تقدح فيه وتنقص ثوابه فمن أراد أن يحقق التوحيد فعليه أن يسلم توحيده من هذه الأمور الثلاثة , والمعصية لا يراد بها صغائر الذنوب فإن صغائر الذنوب تكفرها الصلاة والصيام وإنما المراد بالمعصية هي كبائر الذنوب وإلا قد قضى الله تبارك وتعالى أن من ترك واجتنب كبائر الذنوب فإن الله يكفر عنه سيئاته في قوله تبارك و تعالى
    ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) وبالله التوفيق وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين ...............



    نص المحاضرة :

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له واشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله.
    أما بعد :
    فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
    في هذه الليلة المباركة ليلة الثلاثاء السابع عشر من شهر ذي القعدة من العام ألف وأربعمائة وستة وعشرون من الهجرة النبوية.
    حديثي هذه الليلة إنما هو في أمر عظيم أمر فرق الله عز وجل بسببه ولأجله بين العباد (ولذلك خلقهم) ألا وهو التوحيد كما سيأتي بيانه هو اعظم أمر أمر الله به العباد فإذا صلح توحيد الإنسان فان مادون التوحيد أمره هين ولم يميزنا الله تبارك وتعالى عن غيرنا من الأمم اليهود والنصارى والهندوس والبوذيين وغيرهم من الوثنيين إلا بالتوحيد .
    ومحور هذه المحاضرة يتضمن أموراً ثلاثة :
    1- ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مما يدل على عظم أمر التوحيد وأهميته وانه الغاية في كل ما
    يفعله المسلم وما يدعه .
    2- الكلام عن الشرك ومضار الشرك .
    3- الكلام على طريقة الشارع في حمايته لحمى التوحيد .

    فأقول وبالله التوفيق :

    الوجه الأول : التوحيد هو غاية الخلق فان الله تبارك وتعالى إنما خلق الجن والأنس ليوحدوه , ولذا قال تبارك وتعالى
    ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فقوله يعبدون أي يوحدون فان المرء لاتنفعه صلاة ولا صيام ولا حج ولا إحسان ولا بر مالم يكن موحدا
    وماهو التوحيد ؟
    التوحيد هو إفراد الله بالعبادة ؛ إفراده بالتعلق ولذلك غاية التوحيد من حيث المعنى انه إفراد الله بالتعلق بالعبادة وأما الشرك فغايته التعلق بغير الله .
    والتوحيد يقوم على ركنين أساسيين قل من يجمع بينهما من الخلق وهذان الركنان دلت عليها كلمة التوحيد لا اله إلا الله ودل عليهما قوله تبارك وتعالى ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ) ما معنى يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله ؟
    هو معنى لا اله إلا الله فإنها جمعت بين أمرين :
    الأول : نفي العبادة عما سوى الله .
    الثاني : إثبات العبادة لله .
    ولذا كان معنى لا اله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله تبارك وتعالى , ومن هنا فانه يخطئ من يظن أن معنى لا اله إلا الله أي لا خالق ولا رازق ولا مالك ولا مدبر إلا الله فهذا وان كان حق وهو نوع من أنواع التوحيد لكنه ليس التوحيد الذي ينجوا به العبد من عذاب الله ولذا لما قيل لكفار قريش ( وإذا قيل لهم لا اله إلا الله يستكبرون ويقولون أإنا لتاركوا ألهتنا لشاعر مجنون ) ويقولون ( اجعل الآلهة إله واحد ) وهم في نفس الوقت يقول الله عنهم ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ) ولذلك إذا أردت أن تعرف أن هذا ليس هو التوحيد الذي دعا إليه أنبياء الله أقوامهم من نوح إلى محمد فلو سئلت يهودي أو نصراني من خلق السموات ؟ ليقول لك الله , بل إن هذا الأمر لا يكاد ينكره إلا مستكبر وإلا فقد قال الله تعالى ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ).. (إن في صدورهم إلا كبرا ماهم ببالغيه ).
    إذن لتعلم أخي المسلم أن العبادة إذا لم تكن خالصة لله فإنها لا تنفع صاحبها كما سيأتي بيانه إن شاء الله ,
    ولذا قال تعالى ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) فسرها ابن عباس وغيره إن الإيمان المذكور في الآية هو الإيمان بربوبية الله أي توحيد الربوبية . فهم يؤمنون بان الله هو الخالق الرازق ومع ذلك يشركون مع الله غيره في العبادة . إذن الوجه الأول الذي يدل على عظم أمر التوحيد انه الغاية من خلق الجن والإنس .

    الوجه الثاني : أن توحيد العبادة هو الغاية من إنزال الكتب السماوية ولذا قال تعالى ( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير ) .

    الوجه الثالث : أن توحيد الألوهية هو الغاية من إرسال الرسل قال سبحانه وتعالى ( ولقد بعثنا في كل امة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )

    الوجه الرابع : أن توحيد الألوهية هو الغاية من تطهير بيت الله كما قال تعالى ( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود )

    الوجه الخامس : أن توحيد العبادة غاية الجهاد وقتال الكفار فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها) .

    الوجه السادس : أن توحيد الألوهية هو دعوة جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام فكانوا يدعون أقوامهم إلى عبادة الله تعالى وحده ويقولون لأقوامهم ( اعبدوا الله مالكم من اله غيره ).

    الوجه السابع : أن توحيد العبادة أول دعوة الرسل كما يظهر ذلك من آيات القران الكريم وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا اله إلا الله ) .

    الوجه الثامن : أن توحيد العبادة كما أنه أول دعوة الرسل وكذلك هو آخر دعوة الرسل أيضا , فهو أول الأمر وآخر الأمر فقد وصى بها يعقوب عليه الصلاة والسلام بنيه فقال ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ماتعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك واله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إله واحد ونحن له مسلمون ) وقالت عائشة كما في الصحيحين لما حضرت النبي صلى الله عليه وسلم الوفاة جعل يطرح طرف خميصة على وجهة وكل ما اغتم كشفها وهو يقول ( لعنت الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) فهذه كانت آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لمن لقدوة الناس بعده لأصحابه رضي الله عنهم.

    الوجه التاسع : أن توحيد الألوهية أول واجب وأخر واجب وأول ما يدخل به المرء في الإسلام أما بالنسبة للأولية فقد تقدم وأما بالنسبة لكونه أخر واجب وأنه يجب خروج المرء به من الدنيا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان أخر كلامه من الدنيا لا اله إلا الله دخل الجنة ) وقال أيضا في الصحيح ( من مات وهو يعلم أن لا اله إلا الله دخل الجنة ) .

    الوجه العاشر : أن المرء لا يدخل في الإسلام ولا يصير موحد بمجرد إيمانه واعترافه بتوحيد الربوبية ولو أفنا عمره في ذلك حتى يؤمن ويقر بتوحيد الألوهية ولذا قال تبارك وتعالى ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ).

    الوجه الحادي عشر : أن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى عمل احد ولا يقبله إلا بعد أن يأتي بالتوحيد ولذا بوب البخاري من قوله تعالى : ( فاعلم انه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ) بوب قال : باب العلم قبل القول والعمل وأعظم العلم وأشرفه هو العلم بالتوحيد بما دلت عليه كلمة التوحيد ولذا قال تبارك وتعالى ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولي العلم قائما بالقسط لا اله إلا هو العزيز الحكيم )
    *انتقل إلى نقطة أخرى وهي ما يضاد التوحيد ألا وهو الشرك ,
    فالشرك كما لا يخفى عليكم هو تسوية المخلوق بالخالق في ماهو من خصائص الله أي ما لا يجوز صرفه لغير الله ولذا قال تبارك وتعالى عن بعض المشركين قال تبارك وتعالى عنهم ( قالوا تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ) إذن الشرك وأعني الشرك الأكبر هذا كما سيأتي ضرره أعظم من ضرر أي معصية أخرى من المعاصي كما سيأتي بيانه وتفصيله.

    - الثاني بيان أضرار الشرك بالله :
    أولا : أن الله لا يغفر الشرك إلا بالتوبة النصوح قال تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء )

    - ما الفرق بينه وبين بقية المعاصي ؟
    بقية المعاصي إذا مات الإنسان مصر عليها فان عقيدة أهل السنة والجماعة أن أمره إلى الله إن شاء عذبه وان شاء غفر له , أما من مات على الشرك فإنه لا يغفر ذنبه ومآله إلى النار عياذ بالله من النار .
    الثاني: انه لا يجوز الاستغفار للمشرك بعـد موته قال سبحانه ( ما كان للنبي والذين امنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ماتبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) وقال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم ( استأذنت ربي أن ازور قبر أمي فأذن لي واستأذنته أن استغفر لها فلم يأذن لي ).
    الثالث : أن الشرك سبب دخول النار ابد الآبدين وعدم دخول الجنة قال تعالى ( انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )
    الرابع : أن الشرك يحبط العمل قال تعالى ( ولوا أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ) .
    الخامس : أن الله ضرب للمشرك مثلا موبقا هادما فقال تعالى ( حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله كأنما خر من السماء فتخطفه الطيراو تهوي به الريح في مكان سحيق )
    السادس : أن الشرك رجس وان المشرك نجس قال سبحانه وتعالى ( يأيها الذين امنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) .
    السابع : أن الشرك ظلم عظيم قال الله عز وجل عن عبده لقمان وهو يوصي ابنه : ( يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) .
    الثامن : أن الشرك اكبر ذنب على الإطلاق فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أبو بكرة رضي الله عنه ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالها ثلاثا قالوا بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين .... الحديث ) .
    انتقل إلى المسالة الثالثة وهي المهمة التي يحتاج إلى معرفتها كل وحد منا ألا وهي ,
    طريقة الشارع في حماية حمى التوحيد :
    المسالة الأولى : أن الشارع حذر من الغلو فقال تبارك وتعالى ( يأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إياكم والغلو في الدين فان الغلو في الدين اهلك من كان قبلكم ).
    المسالة الثانية : النهي الشديد عن صورة ذي الروح ولا سيما صور المعظمين وقد ورد التغليظ في المصورين فيما لا يخفى عليكم وانه يؤمر يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ .
    المسألة الثالثة : التحذير البالغ من بناء القبب والمساجد على القبور وأنها هذا سبب مباشر للإشراك بالله تعالى فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصور فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله ).
    المسألة الرابعة : المنع الشديد والنهي البالغ عن تعظيم القبور بما لم يأذن به الشرع كالصلاة إليها أو عليها أو بينها أو فيها وتجصيصها وتزيينها والكتابة عليها أو مضاهاتها فعن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها ) .
    المسالة الخامسة : الأمر بهدم بناء القبب والمساجد على القبور والأمر بتسويتها فقد قال ثمامة بن شفي كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوي ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يأمر بتسويتها يعني تسوية القبور ).
    المسألة السادسة : التحذير الشديد من زيارة القبور للصلاة في المساجد عليها أو الدعاء عندها على ظن أن هذا أسرع إجابة أو للتبرك بها أو جعلها عيدا أو للحج إليها يشد إليها الرحال أو زيارتها لعبادة الله عندها في أي نوع كان من أنواع العبادة من ذبح أو نذر أو إعتكاف أو قراءة القران أو غير ذلك فان كل هذا من اعظم أسباب الوثنية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ...... الحديث ).
    المسألة السابعة : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور مطلقا ثم إذنه بالزيارة وذلك للتزهيد بالدنيا وتذكير الآخرة والدعاء لأهل القبور بالمغفرة فقط هذا هو الغرض من الأذن في زيارة القبور لا لغرض أخر وبدون شد الرحال والحج والسعي إليها فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) إذن العلة في نهيه عن زيارة القبور هو سد لباب من الأبواب التي قد تفضي إلى الشرك فلما تمكن العلم من قلوب الصحابة وعرفوا التوحيد وعرفوا الشرك علما وعرفوه معرفة تامة أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور .
    المسألة الثامنة : الوعيد الشديد في تعظيم الإنسان في مالم يأذن به الشرع فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    ( من سره أن يتمثل له الرجال قياما فلتبؤ مقعده من النار ) .
    المسألة التاسعة : التحذير من طاعة المخلوق في معصية الخالق لأن عواقبها وخيمة ومنها التقليد الأعمى والتعصب الحزبي المذهبي ورد النصوص لأجل أقوال الأئمة فهذا من عبادة غير الله قال تعالى ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ).
    المسألة العاشرة : الاحتراز عن التمائم والاحتياط في الرقى لتأكد من الرقية الشركية من الرقية السنية ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ) وإنما كان النهي عن تعليق التمائم لأن هذا من تعلق القلب بغير الله وقد سمعتم قبل قليل أن غاية الشرك هو التعلق بغير الله .
    المسألة الحادية عشر : النهي عن الذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله أو في معبد للمشركين أو وثن لهم أو عيد من أعيادهم فقد قال ثابت بن الضحاك نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر ابل ببوانه فأت النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني نذرت أن انحر ابل ببوانه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( هل كان فيها وثن من أوثانهم فقالوا لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان فيها عيد من أعيادهم قالوا لا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك فانه لا وفاء بنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم ).
    المسألة الثانية عشر : التحذير الشديد من كل مافيه وسيلة إلى الشرك بحجر أو شجر سد لذريعة الشرك فقد قال عمر بن الخطاب الفاروق حين قبل الحجر الأسود ( إني اعلم انك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك )
    المسألة الثالثة عشر : المنع عن تتبع أثار الأنبياء والمرسلين فضلا عن الأولياء والصالحين لتقبلها واستلامها والالتزام بها وإجلالها أو التبرك بها أو الصلاة فيها أو الدعاء فيها وعندها من مساجدهم أو بيوتهم أو مجالسهم أو مقاماتهم ونحوها فيما لم يرد في الشرع الترغيب في تتبعها ولذا قال روى المعرور بن سويط قال خرجنا مع عمر في حجة حجها فقرأ بنا في صلاة الفجر ( الم ترى كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) ( ولإيلاف قريش) فلما قضى حجه ورجع والناس يبتدرون فقال ما هذا فقالوا مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر ( هكذا هلك أهل الكتاب اتخذوا أثار أنبيائهم بيعا من عرضت له منكم صلاة فيه فليصل ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة فلا يصلي ) ولذا قال الصنعاني في الثناء على دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .

    سـلام عـلى نجـــد ومـن حل في نـــجـد وان كان تسليمي على البعد لا يجدي
    إلى أن قال في الثناء عليه :
    ويعـمر أركان الشريعة هادما مشاهـد ضل النـاس فيـها عـــن الــــــرشدي
    أعادوا إليها معنى سواع ومثله يغوث وودا وبئــــــــــس ذلــك مــــــن ودي
    وقد هتـفـوا عند الشدائد باسـمــهـــــــا كما يهـتف المضطر بالصمد الفردي
    وكم عقروا في ســــواحها من عـقيـدة أهـلت لغير الله جهلا علـــى عـمـدي
    وكم طائف حــــــــــــول القــبور مقـبلا وملتـمس الأركــان منهـن بالأيـــدي

    أقف إلى هذا الحد وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن وفقه الله إلى تحقيق التوحيد فإن تحقيق التوحيد هو أعظم عمل يتقرب بها المسلم إلى ربه ولذا جاء في الصحيح من حديث سعيد بن جبير يرويه عن ابن عباس انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن سبعين ألف من هذه الأمة يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ) قال فخاض الناس في هؤلاء السبعين ألف منهم فـقيل هم الذين صحبوا النبي وقيل هم الذين ولدوا في الإسلام فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال ( هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون ) يعني أنهم متعلقون بالله لم ينظروا إلى غيره تبارك وتعالى وهذا تحقيق التوحيد وتحقيق التوحيد هو أمر فوق ماهية التوحيد وإنما يكون تحقيق التوحيد بأمور ثلاث:
    الأمر الأول : تحقيقه يعني تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدعة والمعصية فالشرك ينافي التوحيد بالكلية والبدعة تنافي كماله الواجب والمعصية تقدح فيه وتنقص ثوابه فمن أراد أن يحقق التوحيد فعليه أن يسلم توحيده من هذه الأمور الثلاثة , والمعصية لا يراد بها صغائر الذنوب فإن صغائر الذنوب تكفرها الصلاة والصيام وإنما المراد بالمعصية هي كبائر الذنوب وإلا قد قضى الله تبارك وتعالى أن من ترك واجتنب كبائر الذنوب فإن الله يكفر عنه سيئاته في قوله تبارك و تعالى
    ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) وبالله التوفيق وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين ...............

  • #2
    شكر ابو احمد
    و هذا تفريغ آخر للشيخ ربيع حفظه الله

    التــوحيد أولاً
    للشيخ : ربيع بن هادي المدخلي


    محاضرة ألقيت في ذي القعدة من عام 1423هـ







    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (الأحزاب:70) (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:71) ، ألا وإن أصدق الكلام كلام الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد :
    فموضوع هذا اللقاء في هذه الليلة المباركة – كما سمعتم – هو : ( التوحيد أولاً ) ، لماذا التوحيد أولاً ؟ لأن هذا هو منهج الله الذي شرعه لجميع الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام - ، فما من رسول دعا أمته إلا وبدأ بالتوحيد ، وإن كانت دعوات الأنبياء تشمل كل خير للبشر ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ ) (1) ، فالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – يحملون كل السعادة إلى البشرية وكل ما يسعدهم ، ولكن يبدأون بالأهم فالأهم ، والذي يتأمل القرآن يرى أن دعوات الأنبياء اشتركت في أصول عظيمة جداً منها : التوحيد ، ومنها تقرير النبوات ، ومنها تقرير البعث والجزاء ، ولكن المحور الأساسي لدعواتهم والتي دار حولها الصراع بينهم وبين أممهم ؛ إنما هو التوحيد ، وتوحيد العبادة بالذات ، لأن توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات لا ترى في القرآن خلافاً بين نبي وبين أمته في شيء من هذا ، يكذبون بالبعث لا شك وينكرونه ، ولكن أشد ما يكذبون فيه هو : الدعوة إلى إخلاص الدين لله تبارك وتعالى ، فترى دعوات الأنبياء جميعاً
    كما بين الله ذلك في كتابه ؛ أول شيء يبدأون به : إصلاح العقيدة ، إصلاح ما أخلُّوا به في باب توحيد العبادة ، إذ الشيطان دبَّر أول مكيدة لبني آدم – بعد تدبيره لأبيهم آدم حيث أوقعه في أكل الشجرة – المكيدة الكبيرة التي كاد بها البشر كانت في توحيد العبادة ، إذ زيَّن لقوم نوح – عليه الصلاة والسلام – أن يتعلقوا بأشخاص صالحين ، وأن يصوروا لهم تماثيل ، فصوروا لهم تماثيل ، فلما فَنِيَ الجيل الذي يعرف هؤلاء الأشخاص ؛ جاءهم الشيطان مرة أخرى وقال : ما نُصبت هذه التماثيل لهؤلاء الصالحين إلا لتُعبَد ، واستمر نوح - عليه الصلاة والسلام - يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، كما قص الله ذلك في كتابه العزيز ، وكان شرَّ قوم هم قومُ نوح وأظلمَ قوم هم قوم نوح وأطغى قوم هم قوم نوح ، ولهذا دعاهم ألف سنة فما آمن معه إلا قليل ، كم من الأجيال ، كم من القرون قضاها نوح ، ألف سنة إلا خمسين عاماً وهم ما ازدادوا إلا عناداً وكبراً حتى دعا عليهم فأهلكهم الله تبارك وتعالى ، وأخرج الله من نوح ذرية مسلمة ، ولكن سرعان ما التف عليهم الشيطان وأركسهم في حمأة الشرك بالله عز وجل ، وهكذا كلما يأتي نبي ينقذ الله به من ينقذ من بني آدم فلا تمر فترات قصيرة إلا ويأتي الشيطان ويكيدهم نفس المكيدة التي كاد بها قوم نوح ، واستمر على هذه المكايد وسيستمر إلى يوم القيامة ، فينبغي لكل من يتصدى للدعوة إلى الله عز وجل أن يجعل هذه الدعوة دعوة الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – في مواجهة هذه المكايد التي يكيد بها الشيطان بني آدم على طريقة الرسل ، واجهْ هذه المكايد ، أول شيء تريد أن تبدأ به في إصلاح شعب من الشعوب هو البدء بالتوحيد ، سواء الشعوب الإسلامية أو غير الإسلامية عندها انحراف شديد في هذا الباب ، فالداعي المخلص الذي يريد أن يترسم خطى الأنبياء ويريد أن يصلح إصلاحاً صحيحاً فأول ما يبدأ به معالجة هذا الانحراف ، فإذا رأيت داعية يسير على خطى الأنبياء ويبدأ بما بدأوا به من الإصلاح؛ فثق أنه على هدى وعلى رشاد ، وإذا رأيته حاد يميناً ويساراً إلى السياسة وغيرها ؛ فهذا يكون موضع ريبة ولا شك ، كيف يحيد عن دعوة شرعها الله للأنبياء والتزمها الأنبياء من أولهم إلى آخرهم ، قال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )(النحل: من الآية36)، ما هو الطاغوت هنا ؟ لأن فيه الآن إطلاق الطاغوت على غير الطاغوت الذي يقصده القرآن ، (وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) : عبادة الأوثان والشرك بالله عز وجل ، فأصلح حطِّم هذه الطواغيت في نفوس أصحابها ، وبعد ذلك إذا صلحت عقائد الناس ؛ صلحت سائر شؤون حياتهم ، فإذا رضي المسلم بالله رباً ومعبوداً لا معبود بحق سواه ؛ سوف لا يخضع لقوانين شرق ولا غرب أبداً لأنه رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً فسيرفض القوانين والتشريعات البشرية ، أما أن تبدأ بالانحراف السياسي – فقط – وتشغل الشباب بهذه الأشياء وتسدل الستار على دعوة الأنبياء ؛ هذا خطأ فادح أول ما يصاب به الدعاة أنفسهم ، أول ما ينالهم شر هذه الدعوة ، فلست - والله - أعلم من الله ، ولست أرحم من الله ، ولست - والله - أغير من الله ، ولا أغير من رسل الله - عليهم الصلاة والسلام – مهما ادعيت .
    طريق الإصلاح واضح ، الأمة في كل زمان ، والأمة الإسلامية من قرون تحتاج إلى الإصلاح العقائدي لأن الفساد العقائدي دبَّ إلى المسلمين من قرون ، سواء في الأسماء والصفات التي أظن ما انحرفت فيها الأمم السابقة ، وفي توحيد العبادة ، إذا رحت تجوب بلاد العالم في أي بلد شئت ترى من الانحراف في عقائد المسلمين وأعمالهم حول القبور ما يخجل منه اليهود والنصارى والوثنيون ، كيف نتجاهل كل هذه الأشياء ونذهب نربي الشباب تربية سياسية فقط ، والشرك أمامهم ، الشرك الذي حاربه الأنبياء وأفنوا حياتهم في محاربته وأهلك الله الأمم لمخالفتهم للأنبياء في هذه المسألة بالذات ، ليست من أجل سياسة ولا غيرها ، أهلكهم من أجل مخالفة الأنبياء في هذا الباب ، فيا شباب الإسلام لا يخدعنكم بريق السياسة ومطامعها ومغرياتها ، عليكم بنهج الأنبياء ، ولهذا ترى أيَّ مصلح صادق مخلص عَرَفَ الإسلام حق المعرفة أول ما يبدأ بمعالجة هذه الأشياء ، ابن تيمية – رحمه الله – جاء وقد جثمت كوابيس الخرافات والبدع على الأمة الإسلامية شعوباً وحكومات ، فبدأ يعالج هذه الأمور ، الانحرافات الشركية والانحرافات في باب أسماء الله وصفاته ، بدأ بهذه الأمور .
    وجاء الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – الرجل الثاني والمجدد الثاني حق التجديد بعد ابن تيمية ، وانطلق من حيث انطلق الرسل ومن حيث انطلق المصلحون ، الذين يحملون رايات هذه الدعوات ولا يلتزمون هذا الباب ؛ ما عرفوا هذا الباب ولا عرفوا قيمته ولا عرفوا خطورة الشرك ، بكل صراحة ما عرفوا هذه الأشياء ، تربوا في بيئات لا تحفل بالعقائد ، وجدوا صراعات سياسية بين الأحزاب فأخرجوا أحزاباً تحمل شعارات إسلامية لا يعرفون دعوة الأنبياء فجاءوا وأطبقوا بسياستهم على شباب بلاد التوحيد ، وهم ما عرفوا التوحيد ولا عرفوا الشرك ولا أدركوا مكانة التوحيد ولا خطورة الشرك فمع الأسف انتشرت دعواتهم في بلاد التوحيد على خلاف منهج الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام - ، وهذا والله غزو فكري مركز على أبناء التوحيد ، ونحن نكافح من سنين لتعود الأمور إلى نصابها ، ولكن الشباب مخدوعون – مع الأسف الشديد – وينقادون لمن يركض بهم في ميادين بعيدة عن ميادين الرسل – عليهم الصلاة والسلام -، وعن ميادين المصلحين ، فيجب على الشباب أن يفيق وأن يدرك أهمية التوحيد .
    والله لا نرى ولاء ولا براء في كثير من الشباب على توحيد الله ، وتجد كثيراً من الشباب يوالي عباد القبور وأعداء التوحيد ، ويحارب حملة راية التوحيد ، هذا موجود ، وما سببه إلا تلاعب هؤلاء الجهلة بعقول شباب التوحيد وأبناء التوحيد ، جهلة ما عرفوا توحيد الله ولا عرفوا دعوة الأنبياء ، ولا عرفوا مكانة هذه الدعوة ، ما عرفوها ، وجاءوا في وقتٍ أقام الإنجليز في الدول الغربية وفي بلاد المسلمين أحزاباً ، هذا بعثي ، وهذا شيوعي ، وهذا علماني ، وهذا كذا ، فقال السياسيون الإسلاميون : نقيم أحزاباً سياسية ، ويدخلون في صراعات مع الأحزاب هذه ومع الحكومات ، كله صراع سياسي ، والإسلام ، والإسلام ، والإسلام ، شعارات فقط ، وجدوا العلمانية ، الشيوعية ، البعثية ، منبوذة في بلاد المسلمين ، قالوا : نرفع شعارات إسلامية ، فرفعوا شعارات إسلامية لكنها جوفاء ، والله جوفاء ميتة ، لأنها خالية من الاهتمام بالتوحيد ومحاربة الشرك ، ولهذا ترى منابع هذه الدعوات التي غزت هذه البلاد ملوثة بالشرك ، ولم يغيروا في بلدانهم شيئاً ، وإلى يومك هذا يموت كبار أساطين هذه الدعوات يموتون على الخرافات والبدع ، بل ويذهبون إلى القبور ويقدمون لها النذور ويقدمون لها الزهور ويركعون لهذه القبور ، الشرك عندهم لا خطورة فيه أبداً ، والتوحيد هذا لا قيمة له عندهم ، بل يرون أنه يُفرِّق الأمة ، كيف ما يعقل أبناء التوحيد هذه المكايد وهذه البلايا التي دهمتهم وفرَّقتهم ومزقتهم لأجل دعوات جوفاء ، (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الانبياء:25)، لا إله إلا الله ، هذه ( لا إله إلا الله ) : لا حاكم إلا الله – عندهم ، أخص خصائص الألوهية (لا حاكم إلا الله ) ، هذا التفسير يجعلك ترى الشرك أمامك كأنك لم ترَ شيئاً ، الشرك الذي يحاربه الأنبياء لا تراه شيئاً ، هذا التفسير تحريف لمعنى ( لا إله إلا الله ) ، ثم جعلوه نوعاً رابعاً من أقسام التوحيد ، حيلة ، ثم بعد أيام يُسَرِِّبون المعاني الأساسية للا إله إلا الله وتبقى الحاكمية ، افهموا المكايد السياسية .
    ( لا إله إلا الله ) معناها : لا معبود بحق إلا الله ، ما هي العبادة ؟ الصلاة ، الصوم ، الزكاة ، الحج ، الذبح ، النذر ، التوكل ، الرجاء ، الرغبة ، الرهبة ، هذه تُصرَف لله وحده لا تصرف لأحد ، أما ( لا حاكم إلا الله ) فلا تدخل في معنى ( لا إله إلا الله ) أبداً ، لأن ما معنى ( لا إله إلا الله ) ؟ لا معبود بحق إلا الله ، عابد ومعبود ، الله معبود ، والمخلوقون عابدون ، فالعبادة : فعل المخلوقين ، افهموا هذا ، العبادة فعل المخلوقين يتقربون بها إلى الله ، يركع ، يسجد ، يخضع ، يبكي ، يتوكل ، يرجو ، يخاف ، هذه كلها صفات وأفعال المخلوقين ، ليست صفات الخالق ، تعالى الله عن ذلك ، فإذا قلنا ( لا حاكم إلا الله ) معناها : لا عابد إلا الله ، تعالى الله وتنزَّه عن ذلك ، افهموا هذا التفسير باطل ، الذي نَكَب المسلمين هو التفسيرات الفاسدة للا إله إلا الله ، والله نُكِب المسلمون بالتفاسير الباطلة من المتكلمين والفلاسفة وغيرهم ، قالوا: ( لا إله إلا الله ) معناها : لا خالق لا رازق ، لا محيي ، لا مميت إلا الله ، تراه يعبد القبر ، يذبح ، ينذر ، يسجد ، يقول لك : يا أخي ! أنا لا أعبده ، أنا لا اعتقد فيه أنه يضر أو ينفع ، لأن الضار النافع هو الله ، أنا لا أقول : إنه خالق ، لأني أعتقد أن الخالق هو الله ، لكن لا يفهم أن أعماله هذه التي يتقرب بها إلى الأموات وغيرهم هي العبادة التي تنافي ( لا إله إلا الله ) ، فهموا ( لا إله إلا الله ) فهماً سيئاً خاطئاً بعيداً كل البعد عن المعنى الأساسي للا إله إلا الله ، والذي جاء به جميع الأنبياء ، فراحوا يذبحون لغير الله ، وينذرون لغير الله ، ويستغيثون بغير الله ، وصنوف الشرك وقعوا فيها ، لماذا ؟ لجهلهم بمعنى ( لا إله إلا الله ) ، فلما تأتي السياسة – في هذا العصر – وتُضيف معنى جديداً إلى هذه التفسيرات الفاسدة ؛ زاد الناس هلاكاً .
    والله لو لا بقايا قوة دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب والمنهج السلفي – في هذا البلد – لرأيتَ الآن أهل هذا البلد يسجدون للقبور ، لكن هذه حمتهم ، ولكنها إلى حين – إن لم يُتدارك الأمر ، الأمر خطير والمسألة ليست بالسهلة حتى ننام عنها وندغدغ عواطف من يعبثون بعقول الشباب ونتملقهم ونسكت عنهم بل نؤيدهم ونشجعهم على هذا الانحراف السياسي الذي دهموا به هذه البلاد ، بلاد التوحيد .
    محمد بن عبد الوهاب وإخوانه وأبناؤه وأنصاره قد بذلوا جماجمهم لتصحيح معنى ( لا إله إلا الله ) ، فتأتي هذه السياسة الجاهلية فتُحبِط هذه الجهود العظيمة وتضع بديلاً لها معانٍ سياسية من أناس ما عرفوا دعوة الأنبياء ، بل يحاربونها ويهوِّنون من شأنها ، ويَصرفون الناس عنها ، لأن أكثر هؤلاء السياسيين خرافيون قبوريون ، السياسيون الذين وضعوا هذه الأشياء أكثرهم قبوريون خرافيون أعداء لدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ، ولهذا خططوا الخطط الخطيرة لنسف هذه الدعوة ، والله ركَّزوا على أبناء هذه البلاد ، وبذلوا من الجهود والمكايد ما لم يُبذَل مثله في الدنيا كلها ، فتجد كثيراً من أبناء هذه البلاد يُصدِّر هذه الدعوات الفاسدة إلى العالم ، ويرصد لها من الأموال ما لو سخَّره في سبيل الله لغيَّر واقع كثير وكثير من الخرافيين .
    والله لولا هذا الغزو الماكر لرأيتَ العالم الإسلامي على غير الحال التي يعيشها الآن من الذل والهوان ، لأن الناس بدأوا يعرفون دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب .
    محمد بن عبد الوهاب كاد له الصوفية والروافض وأهل الضلال كلهم ، ودول الغرب والشرق ، كادوا لدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ، وأنا لا أستبعد أن هؤلاء الذين غزوا هذه البلاد أن بينهم اتفاقيات لحرب هذه الدعوة ، اتفاقيات سياسية ، بريطانيا أكبر عدو لدعوة التوحيد ، وحاربتها في الهند أكثر من مائة سنة وفي باكستان ، وتحاربها ولا تحارب أي دعوة مثل هذه الدعوة ، ولهذا ترى رؤوس الدعوات السياسية ليس لهم مأوى إلا عند بريطانيا ، يخدمونها بمحاربة هذه البلاد ، بلاد التوحيد ، وتؤويهم لهذه الأهداف السياسية ويضحكون على أبنائنا ، ويروجون لهذه الدعوات المجرمة المحاربة لدعوة التوحيد ، والتي خططت الخطط وكادت المكايد لسحق دعوة التوحيد .
    والله الذي لا إله إلا هو ، لقد زرت اليمن قبل ثلاثة عشر أو أربعة عشر سنة ، ونُقِل لي عن أحد هؤلاء الغزاة أنه قال : ( لقد سحقنا الدعوة السلفية في عقر دارها ) ، هكذا جاءوا لسحق الدعوة السلفية في عقر دارها ، ويرى أنهم قد نجحوا في تنفيذ خططهم .
    فيا أبناء التوحيد ! لا يضحك عليكم هؤلاء الخرافيون القبوريون ، والله لو آمنوا بالتوحيد وآمنوا بدعوة الأنبياء ، وعرفوها حق المعرفة ؛ لما بدأوا إلا بها ، ولبدأوا بإصلاح شعوبهم ، كثير وكثير من شعوبهم غارقون في الشركيات والبدع ، وهم يساهمون في تأكيد وترسيخ هذه الخرافات .
    اذهب إلى مصر منشأ دعوة الإخوان المسلمين ، اذهب لمناسبة عيد ميلاد البدوي ، سترى رؤوس الإخوان يشاركون في هذه الأعياد الشركية التي يخجل منها اليهود ، واذهب لباكستان حيث دعوة المودودي ، سترى البلاء وترى الشرك بأصنافه من الوثنيين ومن الخرافيين القبوريين ، ومن غيرهم ، ولا ترى دعوة المودودي تحرك أي ساكن تجاه هذا الكفر والشرك ، وإنما – بارك الله فيك – تشغل الناس بالسياسة .
    ثم إن هذه السياسة تجعلهم يتحالفون مع الشيوعيين ، وتجعلهم يؤاخون الروافض ، ويؤاخون أصناف أهل الشرك للوصول إلى أهدافهم السياسية ، ونحن ما أفقنا ، ومرت علينا الصيحات ومرت علينا الدعوات ومرت علينا التنبيهات ، فما يزيد كثير منا إلا كبراً ونفوراً ، مغتبطاً بما عند هؤلاء من الخرافات والأباطيل .
    اقرأ تفسيرات هؤلاء للا إله إلا الله ، لا خالق لا رازق لا موجود ، لا مهيمن لا مسيطر ، زيادة على ذلك : لا حاكم إلا الله ، فزادوا الناس بُعداً عن توحيد الله وعن دعوة الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام - ، ولهذا يهونون من التوحيد ، ونصف ساعة تكفي للتوحيد ، وعشر دقائق تكفي للتوحيد ، كل هذا من صرف الناس عن التوحيد وللتقليل من أهميته بل لإهانته ، ما هذا اللعب ؟ وأكبر داعية إلى هذا الضلال والتحريف السياسي لدعوات الأنبياء ، والله مقدسين ، ودعاة التوحيد عملاء وجواسيس ، سبحان الله ! ، دعاة التوحيد علماء وجواسيس ؟!
    الاتهامات الشيوعية والعلمانية التي وُجدت في البلدان الأخرى أيام الاستعمار البريطاني نقلوها إلى بلاد التوحيد ، وإلى علماء التوحيد ، فعلماء التوحيد جواسيس وعملاء ، الدولة كافرة ، دولة مسلمة تطبق كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم جعلوها كافرة ، حرب عليها من كل مكان ، لو يأتي صدام ، لو يأتي الخميني ، لو يأتي أي عدو لهذه البلاد يقفون إلى جانبه ، كيف ؟ لأنهم جهلوا التوحيد ، مساكين ! وما عرفوا قيمة التوحيد ، يا أخي ! التوحيد في مدارسك في الابتدائي في المتوسط في الثانوي في الجامعة في الدراسات العليا ، نعمة عظيمة يا أخي ، لا يوجد هذا في هذا الوقت في الدنيا كلها ، تكريم علماء التوحيد ، ما ذا تريد يا أخي ؟ يا أخي يوجد أخطاء والله ، صحح بلطف ، أما أن تجعلهم كفاراً وتحاربهم ، والذي ينصحهم ويتصل بهم تجعله عميل وجاسوس ، يا الله ! هذا الدمار ورب السماء ، وهذه والله مكايد الأعداء ، أخذوا أطفالاً مساكين ، أخذوهم أطفالاً من أحضان أمهاتهم وغرسوا فيهم هذه الأفكار السيئة القبيحة المشوهة للتوحيد وأهله ، والله إننا نعرف أن هؤلاء الغزاة يأتي المسكين من روسيا أول ما يعلمونه الطعن في العلماء وتكفير حكام هذه البلاد ، يأتي لا يعرف توحيداً ولا أصول الإسلام ولا فروعه ، أول ما يغرسون فيه بغض هذه العقيدة وأهلها ، كيد ، من يعقل الآن هذا الكلام ، هناك أناس لا يعقلون هذا الكلام يا إخوة ، ادرسوا ، تأملوا ، ادرسوا دعوة الأنبياء ، ادرسوا القرآن .
    أنا أكتفي بهذا القدر في توحيد العبادة ، وأريدكم أن تقرأوا القرآن ، القرآن مليء بتعظيم الله جل جلاله سبحانه وتعالى ، وهذا التعظيم كله يقودك إلى أن لا تعبد إلا الله ، ويقودك إلى أن تعرف معنى ( لا إله إلا الله ) حق المعرفة ، وتحترمه .
    هذه الآيات التي يسوقها الله في بيان جلال الله وعظمته وآياته في الكون ، كل ذلك يريد منك أن تعبده بتوحيد العبادة ، كل هذه الأدلة لإقناع من يحيد عن توحيد العبادة بهذه الأدلة والبراهين ، إن توحيد العبادة لا بد منه وهذه أدلته وبراهينه ، فاقرأ قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21) ، ثم ساق الأدلة لبيان أن الله هو المعبود الحق وحده ، ويجب أن تعبده وحده وساق الأدلة وبيَّن لك النعم التي أفاضها عليك وأسبغها على البشر .
    (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) هو الذي خلقك ، من نطفة ثم من علقة ثم أعطاك السمع والبصر والعقل ، (الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً ) ، يا الله! (وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:22)، والله إن عرضت عليهم – على الكفار – يقولون لك : إن الله هو الخالق الرازق ، وهذا الكلام كله يعرفونه ، لكن كثيراً منهم عاندوا وأبوا أن يلتزموا توحيد العبادة الذي بُعث به جميع الأنبياء ، ( وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ ) ، كم من النعم تترب على إنزال المطر ، حبوب ، وثمار ، فواكه ، تعيش فيها تسرح وتمرح ، ثم تذهب تعبد غيره .
    الآن المسلم يعيش في هذه النعم ويذهب يخضع للبدوي ويجعل منه نداً لله ، وللرفاعي وعبد القادر وفلان وفلان ، تلاقيه يضيف إلى الشرك في العبادة ؛ الشرك في الربوبية ، فيعتقدون في الأولياء أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون ، هذه العقيدة ما دارت في ذهن أبي لهب وأبي جهل ، كيف دخلت على المسلمين ؟ أدخلها الزنادقة ، لأنه لا يوجد دين أهان اليهودية وأهان النصرانية وأهان المجوسية وأهان الوثنية كلها مثل الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، فما حقدوا على ديانة كما حقدوا على الديانة الإسلامية ، فشرع المجوس واليهود والزنادقة من اليهود، والزنادقة من النصارى ، وغيرهم ، يكيدون للإسلام ، وأتوا للمسلمين بعقائد وثنية – نعوذ بالله – قد تكون زادت على ما عند الوثنيين ، يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون .
    وإذا قرأت في ترجمة عبد القادر – عند هؤلاء الضُّلاَّل - ؛ تجد أنه أكبر من الله عز وجل ، وإذا قرأت في ترجمة البدوي والرفاعي ؛ تجد أنهما أكبر من الله عز وجل – تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً - ، من أين جاء هذا ؟ من دسِّ الزنادقة ، زنادقة اليهود والنصارى ، ولصرف أهل الكلام والفلسفات المسلمين عن معنى ( لا إله إلا الله ) ، وعن معاني التوحيد ، راجت هذه الأساطير التي قد يستخف بها اليهود والنصارى ، راجت والله في أوساط الخرافيين ، ثم إن مثل هذه الآيات قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران:190)(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(آل عمران:191) ، آيات كثيرة في عظمة الله وأنه وحده المستحق للعبادة ، لأن كل ما تراه فوقك وتحتك وعن يمينك وعن يسارك ، الجبال والسماء والنجوم والكواكب كلها خلْقُ اللهِ وتدبيره ، وسخر كل هذه الأشياء لخدمتك لتقوم بهذه العبادة التي خلقك من أجلها ، كل هذه النعم ، (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (ابراهيم:34) ، الله تعالى يسوق لك هذه الآيات وهذه الدلائل وهذه البراهين وتبقى تتخبط في ظلمات الجهل ، ويأتي أي ملحد أو زنديق أو أي سياسي ماكر يصرفك عن دعوة التوحيد فتركض وراءه.
    تأملوا القرآن يا إخوة ! وتدبروه ، القرآن ينمي الإيمان ، والقرآن ينمي التوحيد ، والقرآن – إذا فهمته – صرت من أتباع الرسل في دينهم وعقيدتهم ومنهجهم ، قال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )(الشورى: من الآية13) ، الدين : التوحيد ، أقيموا هذا التوحيد ، إذا أقمت التوحيد ؛ استقام لك كل شيء ، وإذا احترمت التوحيد وواليت عليه وعاديت عليه ؛ استقام لك كل شيء ، لا تضعه في سلة المهملات وتوالي وتعادي على غيره ، أنا أعرف أن كثيراً من الناس عرفوا التوحيد لكن معرفة هامشية ، يضعه في سلة المهملات ويذهب يوالي ويعادي على غيره ، لا ، الولاء والبراء على التوحيد ، ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) (الممتحنة:4) ، ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22) ، لا يحصل هذا الشيء لمن يستهين بالتوحيد ويحتقره ويوالي ويعادي على أفكار سياسية منحرفة ، هذا الوصف ليس لهؤلاء ، الذي يؤمن بالتوحيد حق الإيمان ، ويحترم التوحيد ، ومن أجل احترامه يوالي ويعادي من أجل هذا التوحيد ، والله الولاء والبراء – الآن – ليس على التوحيد عند كثير من الناس ، الولاء والبراء ليس من أجل العقيدة ، الولاء والبراء من أجل فلان وفلان ، فلان وفلان من أضل الناس في دين الله وفي معنى (لا إله إلا الله ) ، يوالون من أجل فلان وعلاَّن ، ليس من أجل الله ، ليس من أجل توحيد الله ، ليس من أجل منهج الرسل ، ليس من أجل القرآن ، ولكن من أجل فلان وفلان ، هذا بلاء ، هذه داهية دهت الأمة .
    يا شباب هذه البلاد ويا شباب المسلمين في كل مكان اعرفوا دعوة الرسل ومنهج الرسل ، اعرفوا منهج الرسل ، واعلموا أن المسألة ليست اختيارية ، واجب حتمي على كل من يدعو إلى الله بصدق أن يبدأ بالدعوة إلى التوحيد ، والدليل : أن الله شرع هذا المنهج لجميع الأنبياء وسار عليه الأنبياء من أولهم إلى آخرهم ومحمد صلى الله عليه وسلم بدأ بالتوحيد ، ثلاثة عشرة سنة لم يدع إلى التشريعات الأخرى ، لم تشرع الصلاة – أهم أركان الإسلام – قبيل الهجرة ، ولم تُشرع الزكاة إلا في العهد المدني لأهمية التوحيد ولأنه الأصل ، والرسول صلى الله عليه وسلم ما تزحزح عنه شعرة واحدة ، ويأتون ويطلبون منه أي مطلب ، يريد ملكاً يعطوه ، يريد أفضل فتاة في قريش يزوجوه ، يريد المال يعطوه ؛ وهو يقول : لا أريد منكم إلا هذا ، ويبايع الناس على هذا ويجاهد على هذا – أي : التوحيد - ، رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ) ، ليس معنى (لا إله إلا الله ) : لا حاكم إلا الله ؟! بل لا معبود بحق إلا الله ، بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركز على شهادة إن لا إله إلا الله، حتى لما جاءت فتنة الردة ، ما وجد عمر ما يستشهد به في صرْف أبي بكر عن قتالهم إلا قوله : كيف نقاتل قوماً يقولون ( لا إله إلا الله ) ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) ، كان أبو بكر ما يحفظ إلا هذا من كثرة ترداده عليه الصلاة والسلام ، وتركيزه على دعوة التوحيد ، ثم سمع عمر وسمع أبو هريرة وسمع جابر رضي الله عنهم تكملة الحديث ، الصلاة والزكاة وغيرها ، أما أبو بكر وعمر فما سمعاها ، والله لو سمعاها لما اعترض عمر على أبي بكر ، ولأجابه أبو بكر ببقية الحديث – رضي الله عنهم جميعاً - ، وهذا من الأدلة على أن الفاضل العالم الكبير قد يفوته ما يعلمه من هو دونه بمراحل ، هذا موجود – بارك الله فيكم .
    من الآيات التي تدل على تعظيم الله تبارك وتعالى ، كل شيء يعظم الله ، قال تعالى : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه)(الإسراء: من الآية44) ، وقال : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (الحج:1 ، كل شيء خاضع لله ، كل شيء يسبح الله راضياً أو غير راض ، الكافر رغم أنفه خاضع لله تبارك وتعالى ، يخلقه كما يشاء ، يجعله فقيراً ، يجعله غنياً ، يمرضه ، يشفيه ، يهلكه ، يفعل به ما يشاء ، فهو من هذه الناحية خاضع لله مصدق لله عز وجل شاء أم أبى ، الجمادات ، الأشجار ، الدواب ، هذا يدل على عظمة الله تبارك وتعالى ، فكل شيء يعظم الله .
    يا أخي عظِّم الله ، وتعظيمه بتوحيده وإخلاص الدين لله الذي بعث به جميع الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام .
    مما يرسخ عقيدة التوحيد أن نعرف أسماء الله وصفاته ، قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )(لأعراف: من الآية180) ، وقال : (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الحشر:23) (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الحشر:24) ، هذه الأمور من الأسماء والصفات؛ مما نُكب فيه كثير من الناس ، لمكايد الفلاسفة، ومكايد من تأثر بهم من الجهمية وغيرهم من المعتزلة وغيرهم ، نُكبوا في هذا الباب ، فأنكروا أن الله استوى على العرش ، وأنكروا أسماء الله ، والجهمية أنكروا هذه الأسماء ، والمعتزلة أنكروا الصفات ، وإنكار علو الله ، واستوائه على عرشه ؛ أدى بهم إلى عقيدة الحلول ووحدة الوجود ، لأنهم ينـزهون الله عن أن يكون فوق الكون فوق المخلوقات ، ويقولون : إنه في كل مكان ، ويقولون : لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ، ولا داخل العالم ولا خارجه ولا ، ولا ، فإما يجعلونه معدوماً ، وإما يجعلونه حالاً في كل شيء ، وهذا نهاية التنقص لله رب العالمين ، فيزعمون للناس وللببغاوات من أتباعهم أنهم ينزهون الله ، لماذا ؟ يقولون : لأننا إذا أثبتنا أنه فوق العرش ؛ أثبتنا له الجسمية ، ويقولون : لأن الاستواء يلزم أن يكون لله جسماً ، ويستلزم – عندهم - أن الله تعالى إما أن يكون أكبر من العرش أو دونه أو فوقه ... الخ ، كلام فارغ ، يعني ينفون عن الله التجسيم فيقعون في التعطيل .
    أهل السنة يقولون: استواء يليق بجلاله ليس كاستواء المخلوقين ، كما قال الله تبارك وتعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11) ، وهذه الآية أخذ منها أهل السنة الذين هداهم الله لما اختلف فيه الناس ، أخذوا منها ومثيلاتها قاعدة في الإيمان بأسماء الله وصفاته وأفعاله عز وجل ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ، لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ، فنزَّهوه عن مشابهة المخلوقات ، وأثبتوا له ما أثبته لنفسه جل وعلا من الأسماء والصفات والأفعال مع تنـزيه الله عن مشابهة المخلوقات ، فالآية تقول : أثبتوا الأسماء لله عز وجل والصفات مثل قوله : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ، وانفوا عنه التشبيه بناءً على قوله: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ، فضَلَّت المشبهة وقالوا: إن الله له أسماء كأسمائنا ، وبصر كأبصارنا ، واستواء كاستوائنا ... الخ ، وجاءت المعطلة ونفوا عن الله تبارك وتعالى مماثلة المخلوقين ، وأغرقوا في ذلك حتى أدى بهم هذا الإغراق إلى نفي أسماء الله وصفاته .
    وبعضهم ينفي الصفات ، ولا ينفي الأسماء ، وبعضهم يثبت الأسماء ويثبت بعض الصفات وينفي الباقي كالأشعرية .
    والمهم أن الغزو الفكري جاء مبكِّراً من أعداء الإسلام ، الآن الناس يتصورون أن الغزو الفكري جاءنا في هذا العصر ، لماذا ؟ لأنهم لم يستنكروا الخرافات والبدع وتعطيل الصفات ، لا يرونها منكراً لأن هذه عقائدهم فتصوروا أن الغزو الفكري بدأ في هذا العصر ، مساكين ! ، وجاءوا يغزون بلاد التوحيد بخرافاتهم وبدعهم ، والغزو الفكري بدأ من قبل أيام المأمون ، أيام الجهم بن صفوان ، من ذلك الوقت بدأت المكايد للإسلام ، واتجه الكيد إلى صميم الإسلام ، أولاً إلى تعطيل الأسماء والصفات وإنكار بعض العقائد ... الخ ، وأخيراً على أيدي الصوفية إلى توحيد العبادة ، فهذه الأمور أدت إلى تعطيل أسماء الله وصفاته وكثير من العقائد ثم أدى في النهاية كلام المتكلمين وتحريفاتهم للا إله إلا الله ، وتأثر الصوفية بذلك ؛ أدى إلى فساد عريض وهو الوقوع في الشرك ، والله نذهب إلى بعض البلدان ترى مدناً تشاد على القبور ما كان الجاهليون يعرفونها ، مدن تشاد على القبور ، وتذهب بعض البلدان ؛ فترى مدناً ، وترى الأشجار تعلق فيها الخرق يعتقدون فيها البركات ، وترى قبور الكلاب والحمير والحيوانات تعبد من دون الله ، جناية عظيمة ، والدعوات السياسية – والله – ترى هذه الأشياء وتقرها ، فتذهب بعيداً بعيداً عن دعوة الأنبياء ومنهجهم ، وعن دعوة التوحيد الذي هو محور الرسالات كلها ، يذهبون بعيداً بعيداً إلى صراعات سياسية باسم الإسلام .
    نحن نقول هذا لا نطعن في الناس ، نريد أن نبصِّر المخدوعين بهذه الشعارات التي تهلك المسلمين ، ولا تغني عنهم شيئاً ، والله إن هذه الشعارات لا تزيد المسلمين إلا بلايا ، ولا تزيدهم عند الله إلا ذلاً وهواناً ، حتى يعودوا إلى منهج الأنبياء ، وإلى عقيدة التوحيد فيصححونها في مدارسهم وجامعاتهم وفي بيوتهم وفي عقولهم وقلوبهم ، إذا صححوا هذه العقائد ، وصححوا الأعمال القائمة عليها ؛ فليبشروا بالنصر ، وليبشروا بالسعادة في الدنيا والآخرة ، وإذا أبوا إلا التمسك بهذه الشعارات الفاسدة ؛ والله ما تزداد الأمة إلا ذلاً وهواناً .
    انظروا هذا التصرف مع أعداء الإسلام ، وانظروا إلى مواقف المسلمين ، لا حول لهم ولا قوة ، هم الآن يتجاوزون المليار لكن غثاء كغثاء السيل – إلا من وفَّق الله - لماذا ؟ لأنهم ضيعوا والله التوحيد ، فلا يبال الله في أي وادٍ هلكوا ، سلط عليهم أذل الناس : اليهود والهنادك وأمثالهم من النصارى ، اليهود ضُربت عليهم الذلة والمسكنة أينما ثُقِفوا ، الآن يطأون بأقدامهم على رؤوس المسلمين ، والهندوك أذل منهم ، والله يهينون المسلمين ، إيش الخلاص ؟ الرجوع إلى التوحيد .
    كيف ينصركم الله ؛ والأوثان عندكم أكثر من الأوثان عند النصارى واليهود ؟!
    كيف ينصركم الله ؛ وكثير منكم يعتقدون في الأولياء أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون ؟!
    وتخضعون للضعفاء الفقراء الذين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، والله لا يملكون لأنفسهم شيئاً .
    وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله له : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ)(لأعراف: من الآية18 ، ماذا تريد بعد هذا ؟ هذا الكلام حق أو باطل ؟ لسان حال هؤلاء القبوريين يقول : لا ، هذا الكلام ليس بصحيح – وإن كانوا لا يكذبونه لفظاً – لكن واقعهم أنهم لا يقبلون هذا الكلام ، لا بل يقولون : الأولياء يضرون وينفعون ، والرسول يضر وينفع ، إذاً يا أخي أنت تعاند القرآن إذا كانت هذه عقيدتك ، إذا كنت تعتقد هذا ؛ والله كفر هذا ، قال تعالى : ( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً) (الجـن:21) ، ماذا تريد ؟ لا يملك لنفسه ولا يملك لغيره وبنته وغيرها قال لهم : لا أُغني عنكم من الله شيئاً ،قال : (يا بني عبد مناف يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ) (1) ، ماذا تريد بعد هذا ؟ أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول : (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(لأعراف: من الآية18 ويقول: (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (الشعراء:115) ، هذه مهمتي ، الله أوحى إلي القرآن وبلَّغته ، أُبشِّر المؤمنين بالجنة وأحذِّر الكافرين من النار ، هذا الذي أملكه والذي أقدر عليه ، أما ضُر ونفع وإسعاد وإشقاء وهداية وإضلال فكلها لله رب العالمين ، أما إني أعلم الغيب ، لا ، ( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْر)(لأعراف: من الآية18 ، ( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ)(الأنعام: من الآية50) ، ماذا تريد بعد هذا البيان ؟ ما فائدة هذا البيان للمسلمين ؟ اليوم يأتي دعاة السوء ودعاة الفتن يضربون صفحاً عن هذا التوحيد وأدلته ، يضربون صفحاً والله ، التوحيد يُفرِّق – في نظرهم - ، يقولون بلسان حالهم أو مقالهم : إذا نادينا إلى التوحيد من يأتي معنا ؟ نحن نريد أن نصل إلى الكراسي بسرعة ، فإذا قلنا التوحيد التوحيد ؛ ذهب الناس عنا ، ما نَصِل ، نريد أن نُجمِّع الناس ، الرافضي أخونا ، النصراني أخونا ، والخرافي القبوري أخونا ، كلهم إخواننا حتى نصل بسرعة ، طيب وصلوا بسرعة ماذا فعلوا ؟ وحدة أديان ، ومؤتمر وحدة أديان ، وغيرها ، هذا يكفيكم ، أنه لما وصل جماعة من أهل هذه الدعوات إلى الكراسي ؛ أداروا ظهورهم لما كانوا يُمَنُّون به الناس ، لا يعطونك شريعة ، ولا عقيدة ، بل تشاد الكنائس ، وتشاد القبور ، وعقد مؤتمرات وحدة الأديان ، وهؤلاء السياسيون يتجمعون من العالم ومن كل الدنيا ، ويشاركون في مؤتمرات وحدة الأديان ، هذا دليل على أن الدعوات هذه فاسدة من أساسها ومقاصدها وأهدافها كلها سيئة ، فإذا وصلت إلى ما تريد أدارت ظهورها للشعارات الإسلامية التي ينادون بها .
    هذه أمثلة مشاهدة ملموسة ، والله أبناء التوحيد عندنا لا ينكرون هذه الأشياء ، لماذا ؟ لأنهم غيروا عقولهم ، أنا لم أسمع كلمة إنكار لمثل هذه الأوضاع ، تكررت مثل هذه المهازل في عدد من البلدان ولا تسمع نكيراً من هؤلاء السياسيين الذين مُنوا أصيبوا في دينهم ، أصيبوا في مقاتلهم على أيدي هذه الدعوات السياسية ، فأصبحوا لا ينكرون على هذه الدعوات السياسية شيئاً ، ولو دعتْ إلى وحدة الأديان ، ولو شادت الكنائس ، ولو شادت القبور ، ولو ، ولو ، فهذه عبرة ، الصادق المخلص في دينه إذا انخدع ثم تبين له أن الذي يقوده يقوده إلى المهالك ؛ يرفضه ويمشي في طريق الإسلام ، أما أنك تستمر تصفق له وتـتستر عليه وتدافع عنه هذا غلط .
    فهذه الدعوات - غير دعوات الأنبياء - التي لا تقول : التوحيد أولاً ، بل تقول : السياسة أولاً ، الاقتصاد أولاً ، التصوف أولاً ، الخرافات أولاً ، هذه لا قيمة لها ولا ينال المسلمون ولا يجنون من هذه الدعوات إلا الموت والهلاك والضياع ، فالحياة الطيبة والحياة السعيدة في الدنيا والآخرة متوقفة على التوحيد ، على تحقيق معنى ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) ، والله ينصرنا الله ويُعزنا ويكرمنا في الدنيا والآخرة ، وإن أبينا إلا المضي في طريق رسمه لنا منجرفون قبوريون خرافيون ؛ فوالله ما ننتظر من الله إلا الهوان والذل ، ( وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)(الحج: من الآية1 .
    أكتفي بهذا القدر ، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يهيئ للمسلمين دعاة صادقين مخلصين يحترمون دعوة الأنبياء ويدعون إليها ويبذلون النفس والنفيس والغالي والرخيص في رفع كلمة ( لا إله إلا الله ) إلى درجة القتال دونها ، أسأل الله أن يهيئ دعاة يعرفون منهج الأنبياء ويعرفون معنى ( لا إله إلا الله ) لينفع الله بهم المسلمين ، ويرفع بهم شأن المسلمين ، ويعيد يهم المسلمين إلى سابق مجدهم الذي أعزهم الله وأكرمهم ورفعهم وجعلهم سادة الدنيا وسادة الأمم وخير أمة أخرجت للناس ، وما نالوا ذلك إلا بتحقيق ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله ، أسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

    تعليق

    يعمل...
    X