بسم الله الرحمن الرحيم

سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- عن حكم الثناء على الله جل وعلا بهذه العبارة: "بيده الخير والشر"؟

فأجاب -رحمه الله-: أفضل ما يثني به العبد على ربه هو ما أثنى به سبحانه على نفسه أو أثنى به عليه أعلم الناس به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل لم يثن على نفسه وهو يتحدث عم عموم ملكه وتمام سلطانه وتصرفه أن بيده الشر كما في قوله تعالى : " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" .
فأثنى سبحانه على نفسه بأن بيده الخير في هذا المقام الذي قد يكون شراً بالنسبة لمحله وهو الإنسان المقدر عليه الذل، ولكنه خير بالنسبة إلى فعل الله، لصدوره عن حكمة بالغة، ولذلك أعقبه بقوله: "بِيَدِكَ الخير" وهكذا كلما يقدره الله من شرور في مخلوقاته هي شرور بالنسبة لمحالها، أما بالنسبة لفعل الله تعالى لها وإيجاده فهي خير لصدورها عن حكمة بالغة.
فهناك فرق بين فعل الله تعالى الذي هو فعله كله خير.
وبين مفعولاته ومخلوقاته البائنة عنه ففيها الخير والشر.
ويزيد الأمر وضوحاً أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه تبارك وتعالى بأن الخير بيده ونفى نسبة الشر إليه كما في حديث علي رضي الله عنه الذي رواه مسلم وغيره مطولاً وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام إلى الصلاة: "وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض" إلى أن قال: "لبيك وسعديك, الخير كله في يديك، ولا شر ليس إليك ". فنفى صلى الله عليه وسلم أن يكون الشر إلى الله تعالى؛ لأن أفعاله وإن كانت شرا بالنسبة إلى محالها ومن قامت به, فليست شراً بالنسبة إليه تعالى لصدورها عن حكمة بالغة تتضمن الخير.
وبهذا تبين أن الأولى بل الأوجب في الثناء على الله أن نقتصر على ما أثنى به على نفسه وأثنى به عليه رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه تعالى أعلم بنفسه، ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق به فنقول: بيده الخير ونقتصر على ذلك كما هو في القرآن والسنة.