إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

التعارض ومسالك أهل العلم تجاهه !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [بحث] التعارض ومسالك أهل العلم تجاهه !

    الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وأشرف المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    الحمد لله الذي ختم الرسل بهذا النبي الكريم عليه من الله الصلاة والتسليم, كما ختم الكتب السماوية بهذا القرآن العظيم, وهدى الناس بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم, فأخباره كلها صدق, وأحكامه كلها عدل, وبعضه يشهد بصدق بعض ولا ينافيه, لأن آياته فصلت من لدن حكيم خبير. {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}.
    أما بعد :
    فقد نصحني بعض إخواني بعد أن كتبت موضوع ((
    الترجيح تعريفه وشروطه وأركانه وطرقه )) ان أكتب في تعريف التعارض وشروطه ثم مسالك أهل العلم مرتبة فلم أجد مما سئلت بدا خاصة وقد اصاب فيما قال ونصح
    فهذا بحث كتبته قديما تمهيدا لرسالة
    ( البرهان على جواز استقبال واستدبار القبلة ببول أو غائط في البنيان ) كنت قد كتبته أنا واخي أبو حاتم أحمد العدوي من باب المناقشة والمدارسة مع شيخنا الحبيب أبي عمر حسن عبد الستير النعماني حفظه الله ورعاه ولكننا لم نتمه لانشغالنا نسأل الله أن ييسر لنا تمامه إنه ولي ذلك والقادر عليه

    أخوكم
    أبو زياد النوبي

    تعريف التعارض :

    التعارض لغة : هو التقابل ، وهذا قد يكون على سبيل المماثلة ومنه قولهم : ( عارضت فلانا في السير ) إذ سرت حياله [1]

    وهو مصدر تعارض يقتضي فاعلين فأكثر ، فإذا قلنا تعارض الدليلان ، كان المعنى : تشارك الدليلان في التعارض الذي وقع بينهما .

    وهو يطلق في اللغة ويستعمل لعدة معاني من أهمها :

    المنع : قال الأزهري : " والاصل فيه أن الطريق إذا اعترض فيه بناء أو غيره فمنع السابلة من سلوكه ... وكل ما يمنعك من شغل وغيره من الأمراض فهو عارض ، وقد عارض عارض أي : حال حائل ومنع مانع " أهـ ومنه قوله تعالى :
    ( وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )

    أي لا تجعلوا الحلف بالله معترضا مانعا لكم ، أي بينكم وبين ما يقربكم إلى الله [2]

    المقابلة : قال في لسان العرب عارض الشئ بالشئ معارضة : قابله ، وعارضت كتابي بكتابه أي : قابلته ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي ) [3]

    التعارض إصطلاحا : أكثر من تناول تعريف التعارض بهذا الإسم الأصوليون أما المحدثون فإنهم لم يتناوله بهذا الإسم ، إنما تناوله تحت إسم مختلف الحديث .

    وسوف تنعرض هنا لتعريف الأصوليون لأن مبحثنا أصولي .

    وقد تعددت تعريفات الأصولين للتعارض وأختلفت عبارتهم فيها ، ولكن هذا الإختلاف لا ينبني عليه إختلاف في حقيقة التعارض عندهم ، لأن هذه التعريفات متقاربة والإختلاف بينها إنما هو في الصياغة اللفظية غالبا [4] .

    التعارض إصطلاحا هو : تقابل الدليلين على سبيل الممانعة .

    بيان التعريف :

    لفظ (تقابل ) : عام يشمل كل تقابل ، فيدخل التقابل الواقع بين حكمين مختلفين كالوجوب والتحريم ، ويدخل التقابل الواقع بين أقوال المجتهدين ، ويدخل التقابل الواقع بين الدليلين .

    لفظ ( تقابل الدليلين ) : أخرجت ما سبق إلا تقابل الدليلين .

    عبارة (على سبيل الممانعة ) : أتي بها لبيان أنه يشترط في الدليلين التعارض : أن يدل أحد الدليلين على غير ما يدل عليه الاخر كان يدل أحدهما على الجواز والاخر يدل على التحريم ، فدليل الجواز يمنع التحريم ، ودليل التحريم يمنع الجواز ، فكل منهما مقابل للأخر ، ومعارض له ، ومانع منه . [5]

    وقيل التعارض هو : تقابل حديثين نبويين على وجه يمنع كل منهما مقتضى الأخر تقابلا ظاهرا .

    بيان التعريف :

    قولنا : ( التقابل ) : جنس في التعريف يشمل كل تقابل سواء كان بين حديثين أو غيرهما .

    قولنا ( بين حديثين ) : قيد في التعريف يخرج به التقابل بين غير الحديثين كتقابل بين آية وحديث أو بين حديث وأي دليل أخر غير الحديث مما هو ليس موضوع درستنا .

    قولنا : ( نبويين ) : قيد يخرج الأحاديث الموقوفة على الصحابة والأحاديث المقطوعة على التابعين .

    قولنا : ( على وجه يمنع كل منهما مقتضى الاخر ) : وصف للتقابل ويقصد به : أن يدل كل من الحديثين على نفس ما يدل عليه الأخر .

    قولنا : ( تقابلا ظاهرا ) : يقصد به أن التقابل والتعارض بين الأحاديث إنما يكون بحسب الظاهر لا في الواقع ونفس الأمر ، فهو تعارض يتبادر إلى ذهن المجتهد ، وليس له وجود بين الأحاديث ، فإذا ما اعمل المجتهد مسالك دفع التعارض بين ما يراه متعارضا من الاحاديث إندفع عن ذهنه التعارض . [6]


    مسألة : بيان أنه لا تعارض في النصوص وإنما هو في ذهن المجتهد .

    مر معنا في تعريف التعارض أنه تقابل الدليلين على سبيل الممانعة ، وتقابل الدليلين على سبيل الممانعة إنما منشؤه فهم الفقهاء ، وإدراك المجتهدين لها ، اما التعارض في الشريعة غير واقع .

    يقول الإمام الشاطبي : الشريعة كلها ترجع إلى قول واحد في فروعها ، وإن كثر الخلاف ، كما انها في أصولها كذلك ولا يصح فيها غير ذلك .[7]

    وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يوجود تعارض حقيقي بين النصوص الصحيحة ، وان التعارض الذي يمكن أن يكون بين الأدلة يكون في الظاهر ويكون في ذهن المجتهد ، وأما في الحقيقة فليس هناك ثمة تعارض .

    وهذا هو الحق الذي لا مرية فيه ، إذ أن التعارض في نفس الأمر وحقيقته – وذلك بأن يصدر عن الشارع دليلان متعارضان يقتضي أحدهما نقيض ما يقتضيه الاخر ، ولا يكون بينهما تناسخ ولا يجمعهما جامع ، أو يؤلف بينهما رابط – لا يكون بحال ، بل هو سفه وتيه يتنزه عنه الرجل العاقل فضلا عن الشارع الحكيم .

    فرع : أقوال بعض أهل العلم :

    قال الإمام الشافعي – رحمه الله – في الرسالة : لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أبدا حديثان صحيحان متضادان ينفي أحدهما ما يثبته الآخر من غير جهة الخصوص والعموم، والإجمال والتفصيل إلا على وجه النسخ وإن لم يجده . أ هـ

    قال الإمام ابن خزيمة –رحمه الله - : لا اعرف أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادان ، فمن كان عنده فليأت به حتى أؤلف بينهما . أهـ [8]

    قال القاضي أبو بكر الباقلاني – رحمه الله - : وكل خبيرين علم ان النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بهما ، فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه ، وإن كان ظاهرهما التعارض . أهـ

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : لا يجوز أن يوجد في الشرع خبران متعارضان من جميع الوجوه وليس مع أحدهما ترجيح يقدم به . أهـ

    قال الإمام ابن القيم – رحمه الله - : وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان من كل وجه ليس أحدهما ناسخا للأخر فهذا لا يوجد أصلا ، ومعاذ الله أن يوجد في كلام الصادق المصدوق الذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق ، والآفة من التقصير في معرفة المنقول ، والتميز بين صحيحه ومعلوله ، أو القصور في فهم مراده صلى الله عليه وسلم ، وحمل كلامه على غير ما عناه به ، أو منهما معاً ، ومن هنا وقع من الإختلاف والفساد ما وقع . أهـ [9]

    قال الإمام الشاطبي – رحمه الله – في الموفقات[10] : لا تجد البته دليلين أجمع المسلمون على تعارضهما بحيث وجب عليهم الوقوف ، لكن لما كان أفراد المجدتهدين غير معصومين من الخطأ أمنكن التعارض بين الأدلة عندهم . أهـ

    ويظهر من كلام أهل العلم السابق ذكره وغيرهم أنهم متفقون على أنه لا يوجد ثمة تعارض بين الأدلة في الشريعة وأنه يكون في الظاهر إن وجد ويكون في فهم المجدتهد وذلك يرجع عندهم لعدة أمور :

    الاول : القصور في فهم مراد النبي صلى الله عليه وسلم .

    الثاني : القصور في معرفة الصحيح من المعلول من الأحاديث .

    الثالث : عدم معرفة الناسخ من المنسوخ .

    الرابع : أن افاضل المجتهدين غير معصومين فيجوز في حقهم الخطأ .

    وأما الادلة على عدم وجود تعارض حقيقي بين النصوص هي كما يلي :

    الدليل الاول : قول الله تعالى :( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )
    حيث أمر الله تعالى في هذه الآية – عند الإختلاف والتنازع – بالرجوع إلى كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولو كان فيهما تناقض أو إختلاف لما كان في الرجوع إليهما فائدة ، بل كان الرجوع إليهما مما يزيد التنازع و الإختلاف .

    الدليل الثاني : ان الأحاديث النبوية وحي من الله تعالى كام قال عز وجل :( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )
    وما كان وحيا من الله فهو منزه عن الإختلاف والتناقض لقوه تعالى : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )

    فنفى الله تعالى أن يقع في كلامه إختلاف البتة ، ولو كان فيه ما يقتضي ذلك لم يصدق عليه هذا الكلام بحال .

    الدليل الرابع : ان الأصولين قد إتفقوا على إثبات الترجيح بين الأدلة المتعارضة ظاهرا - إذا لم يمكن الجمع ولم يعلم التاريخ بين النصين فيقال بالنسخ - وأنه لا يصح إعمال أحد الدليلين المتعارضين جذافا من غير نظر وبحث عن مرجح لها ، فلو كان التعارض الحقيقي جائزا لأدى ذلك إلى رفع باب الترجيح وعدم العمل به والبحث عنه لأن البحث عنه – لدفع التعارض – ليس له فائدة ولا إليه حاجة ، وذلك لجواز وقوع التعارض الحقيقي ، ولكن هذا أمر باطل لا يصح ، لأن الأصولين قد اتفقوا على القول بإثبات الترجيح ، وعلى هذا فما ترتب على عدم إثباته – وهو القول بوجود التعارض الحقيقي – باطل أيضا . [11]

    مسألة : أسباب وقوع التعارض الظاهري بين الأدلة .

    أولا : أن يكون أحد الحديثين ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد غلط فيه بعض الرواة مع كونه ثقةً ثبتا ً ، فالثقة يغلط .

    ثاينا : أن يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن شئ فيأتي أحد الرواة بهذا الخبر كاملا ، ويأتي به أخر مختصرا ، ويأتي ثالث ببعض معناه دون بعض ، فيظن بسبب ذلك التعارض والإختلاف بين هذه الاخبار

    ثالثا : ان ارجل قد يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بذكر الجواب دون السؤال الذي بمعرفته يزول الإشكال وينتفي التعارض والختلاف .

    رابعا : أن يكون احخد الحديثين ناسخا للآخر فيجهل البعض لالتناسخ بينهما فيظن ويتوهم ان بيهما تعارضا وختلاف ، بينما الامر على خلاف ذلك ، فإذا عرف ان أحدهما ناسخ للآخر زال التعارض وانتفى الإشكال .

    خماسا : أن يكون التعارض في فهم السامع ونظر المجتهد لا في كلامه صلى الله عليه وسلم وذلك أن النبي عربي اللسان والدار ، فقد يقول القول عما يرد به العام ، وعاما يرد به الخاص ، ومطلق قد قيده في موضع آخر .

    سادسا : الجهل بسعة لسان العرب فإن العرب تسمي الشئ الواحد بالأسماء الكثيرة ، وتسمي بالإسم الواحد المعاني الكثيرة ، وبلسانها نزل القرآن وجائت السنة ، فمن جهل ذلك اختلف عنده العلم بالكتاب والسنة .[12]

    مسألة : شروط التعارض .

    ليس كل تعارض بين دليلين صحيح ، بل أن للتعارض الصحيح شروطا هي كما يلي :

    الاول : التضاد :

    أن يكون الدليلان متضادان تمام التضاد بأن يكون أحدهما يجوز والآخر يمنع ، لأن الدليلين إذا اتفقا في الحكم فلا تعارض كما بينا . [13]

    الثاني : الحجية في المتعارضين :

    وصورة هذا الشرط هي أن يكون كل من الأدلة المتعارضة حجة مقبولة يصح التمسك بها ، ويستساغ الاخذ بها ، فإذا فات وصف الحجية بين الطرفين المتحالفين فإنه ينتفي التعارض .

    فإن ادعى التعارض بين حديثين مثلا فإنه لابد أن يكونا من الأحاديث المقبولة التي تقوم بها الحجة لا من الأحاديث المردوده بسبب وضع أو ضعف .

    فإذا كان احد الحديثين المختلفين مقبولا والآخر مردودا فلا يجرى عليهما حكم التعارض لفقدان الحجية في أحدهما .

    ويدخل في ذلك معارضة النصوص الشرعية بالأهوآء والارآء التي ليست حجة على مثلها فضلا أن تقابل حجةَ النصوصِ الشرعيةِ . [14]

    الثالث : المساوة بين الدليلين :

    وهو أن يتساوى الدليلين في القوة ، ومن أقسام التساوي بين الأدلة : التساوي في الثبوت ، والتساوي في الدلالة .

    فلا تعارض بين دليلين تختلف قوتهما من ناحية الدليل نفسه ، ولا بد أن يكون التساوي من جميع الوجوه ، فلا بد من التساوي في الثبوت ، فلا تغارض بين القطعي والظني ؛ وتعارض القعيين محال .

    قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : إتفقوا على انه لا يجوز تعادل الأدلة القطعية لوجوب وجود مدلولاتها ، وهو محال . أهـ

    فنخرج من هذا الشرط بأنه لا يوجود تعارض حقيقي بين الأدلة وإنما هو في نظر المجتهد .

    الرابع : الإتحاد في الوقت والمحل :

    في هذا الشرط أمران :

    الأول : الإتحاد في الوقت أو الزمان : ويقصد به إتحاد زمان ورود النصين الشرعيين ، فلو ورد نص يأمر بشئ ، ثم ورد بعد بعده نص آخر ينهى عن ذلك الشئ أو ينفيه فلا يعتبر هذا تعارضا ؛ لأن أحد النصين سيكون ناسخا للآخر إذا عرف التاريخ ، ويعمل بأحد النصين كل في وقته .

    فهذا الاتحاد منتف في هذه الصورة ، وقد يطلق على الناسخ والمنسوخ أنهما متعارضان ظاهراً لأن وجود الاتحاد في الزمان لا يكون معه نسخ ويؤدي إلى إبطال النصين وإهمالهما ، كما يؤدي إلى التناقض ، وهذامحال على نصوص الشريعة لأنه تعارض حقيقي واوقع الامر ، وهو ممتنع .

    الثاني : الإتحاد في المحل :

    وقد يقصد بهذا أن يكون النصان المتنافيان واردين على محل واحد كأن يكون الشخص ( وهو المحل ) الذي يحل له شئ معين ، هو الشخص نفسه الذي يحرم عليه ذلك الشئ في الوقت ذاته ، أما اختلاف ذلك بالنسبة إلى شخصين مختلفين فلا إشكال فيه ، فالزوجة حلال بالنسبة إلى زوجها وحرام بالنسبة إلى من عداه ، وهنا لا تعارض ، والذي يكون تعارضاً حقيقيا هو الصورة الأولى ، وهي غير متصورة ولا ممكنة ، لأن التعارض الحقيقي بين الأدلة الشرعية غير موجود .

    مسألة : مسالك العلماء عند التعارض الظاهري بين النصوص .

    ولأهل العلم - رحمه الله تعالى - في هذه المسألة مسالك وطرق اتخذوها للتعامل مع هذا التعارض الظاهري في النصوص .

    وقد ذهب جمهور اهل العلم إلى وجوب دفع التعارض بين الأحاديث على الترتيب التالي :

    أولا : الجمع .

    وهو لغة : تأليف المتفرق ، يقال : جمع الشئ عن تفرقه يجمعه جمعا فاجتمع ، وتجمع القوم إذا التفوا حول بعض

    أما إصطلاحا فهو : الإتلاف بين الأدلة الشرعية وتوافقها ، وبينا أن الإختلاف بينهما غير موجود حقيقةً .

    فيجب على المجتهد أن يحاول الجمع بين الحديثين المتعارضين ظاهرا ، لأن إعمال الإدلة كلها أولى من إهمالها أوإهمال بعضها ، فيحاول المجتهد أن يحمل كل واحد من الحديثين على وجه يختلف عن الوجه الذي حمل عليه الحديث الأخر ، فقد يكون بينهما عموم وخصوص او إطلاق وتقيد ...إلخ .[15]

    قال الإمام الخطابي – رحمه الله - : وسبيل الحديثين إذا اختلفا في الظاهر وأمكن التوفيق بينهما وترتيب أحدهما على الاخر : ألا يحملا على المنافة ولا يضرب بعضهما ببعض ، ولكن يستعمل كل واحد منهما في موضعه ، وبهذا جرت قضية العلماء .[16]

    مسألة : شروط الجمع بين الأدلة المتعارضة .

    ليس كل جمع بين دليلين متعارضين يصح ، بل أن للجمع الصحيح شروطا هي كما يلي :

    الأول : أن يكون كل دليلٍ من الدليلين المتعارضين ثابت الحجية ، فل يجوز الجمع بين دليلين ضعيفين .

    الثاني : لا يجوز الجمع بين دليلين قوي ودليل ضعيف ، بل يصار هنا إلى ترجيح الأقوى .

    الثالث : أن يكون الجامع من اهل الإجتهاد والنظر الدقيق في الشريعة .

    الرابع : ألا يخالف المجتهد بحمع وتأويله الأحكام الشرعية المتفق عليها أو ما علم من الدين بالضرورة .[17]

    ثانيا النسخ :

    والنسخ في اللغة إبطال الشئ وإقامو غيره مكانه ، ونسخ الشئ بالشئ ينسخه وانتسخه : أزاله به وأبدله .

    والعرب تقول : نسخت الشمس الظل وانتسخته ازالته ، والمعنى اذهبت الظل وحلت محله .[18]

    وفي الاصطلاح : رفع الحكم السابق بخطاب متقدم بخطاب مُتَراخٍ عنه .[19]

    فإن تعذر الجمع – وكان الحديثان يقبلان النسخ – نظر في التاريخ لمعرفة المتقدم من المتأخر فيكون المتأخر ناسخا للمتقدم .

    فائدة : وجدير بالتنبيه هنا أنه إذا قام الدليل صريحا على بيان النسخ بين الحديثين فإنه حين إذ يعمل به ولا يلجأ إلى الجمع .

    ثالثا الترجيح :

    الترجيح لغة هو : التميل والتغليب ، يقال : " رجح الميزان " إذا مال .

    إصطلاحا هو : تقديم المجتهد لأحد الدليلين المتعارضين ، لما فيه من مزية معتبرة تجعل العمل به اولى من الآخر . [20]

    وإذا تعذر الجمع ولم يقم دليل على النسخ فوزع حينئذٍ إلى الترجيح فيعمل بالراجح ويترك المرجوح .

    والعمل بالراجح وترك المرجوح هو محل إجماع بين أهل العلم ، قال الإمام الشوكاني – ر حمه الله - : إنه متفق عليه ولم يخالف في ذلك إلا من لا يعتد به ، ومن نظر في أحوال الصحابة والتابعين وتابيعهم ومن بعدهم ، وجدهم متفقين على العلم بالراجح وترك المرجوح . أهـ [21]

    وطرق الترجيح كثيرة مذكورة في كتب الأصول وغيرها ، وقد ذكر الحازمي ، منها – في كتابه الإعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار – خمسين وجها وزاد عليها بعض أهل العلم فأوصلها إلى مائة وعشرة أوجه . [22]

    وقد قسم بعض اهل العلم هذه الأوجه إلى ثلاثة أقسام :

    أولا : باعتبار الإسناد .

    ثانيا : باعتبار المتن .

    ثالثا : باعتبار أمر خارجي .

    أركان الترجيح :

    لقد اتضح من تعريف الترجيح أركان الترجيح وهي باختصار :

    الاول : وجود دليلين : راجح ، ومرجوح .

    الثاني : وجود المزية في أحد الدليلين المتعارضين ، وهو الـمُرجح به .

    الثالث : وجود المجتهد الذي يرجح أحدهما على الآخر .

    الرابع : بيان المجتهد فضل ومزية الدليلي الذي يريد ترجيحه على الآخر .

    شروط الترجيح :

    ليس كل ترجيح بين دليلين متعارضين يصح ، بلأ إن للترجيح الصحيح شروطا هي كما يلي :

    الشرط الأول : أن يتعذر الجمع بين الدليلين المتعارضين ، فإن أمكن الجمع فلا يصح ترجيح أحدهما على الآخر الشرط الثاني : أن يكون الدليلين ظنيين ، حيث أنه لا تعارض أصلا بين دليلين قطعيين ، وبين دليل قطعي ودليل ظني ، وبالتالي لا ترجيح هنا ، بل لا بد ان يكون بين ظنيين ؛ لأنهما قابلان للتفاوت .

    الشرط الثالث : أن يكون الدليلين متساويان في الحجية ؛ فلا يصح ترجيح ما كان حجة على ما ليس بحجة ، بل لا يسمى ذلك ترجيحا أصلا .

    الشرط الرابع : أن يعلم المجتهد تحقق شروط المعارضة بين الدليلين .

    الشرط الخامس : أن يكون المرجح قويا ، بحيث يجعل المجتهد يغلب على ظنه ان احد الدليلين أقوى من الآخر رابعا التوقف[23] :

    إذا تعذر الجمع والنسخ والترجيح فإنه يجب التوقف عن العمل بأحد النصين حتى يتبين وجه الحق فيهما .

    قال الإمام الشاطبي – رحمه الله - : أما ترك العمل بهما معا مجتمعين أو متفرقين فهو التوقف عن القول بمقتضى أحدهما ، وهو الواجب إذا لم يقع الترجيح . أهـ [24]

    لكن هذا التوقف ليس إلى الأبد ، وإنما هو إلى أمد ن أي ان التوقف مؤقت ، لأن التوقف إلى غير غاية يفضي إلى تعطيل الأحكام الشرعية ، وقد يكون الحكم مما لا يقبل التأخير ، وعلى هذا فإن المتوقف عليه أن يبحث وينظر ويتأمل حتى يتبين له وجه الحق في المسألة , والله أعلم . [25]

    مسألة : إذا ثبت التعارض بين الدليلين فهل يقدم الجمع أم الترجيح ؟

    لقد اختلف أهل العلم في ذلك على مذاهب من أهمها مذهبان هما :

    المذهب الأول : أنه يقدم الجمع بين المتعارضين بأي نوع من أنواع الجمع فإن تعذر الجمع فإنه يرجح أحد الدليلين على الأخر .

    وهذا مذهب الجمهور وهو الحق لما يلي من الادلة :

    الدليل الأول : أن الدليلين المتعارضين دليلان قد ثبتا ، ويمكن إستعمالهما معاً ، وبناء أحدهما على الأخر ، فلا يمكن إلغاؤهما ، أ, إلغاء واحدا منهما إذا أمكن العمل بكل واحد منهما من وجه .

    الدليل الثاني : أنه قد ورد تقديم الجمع بين الدليلين عن ابن عباس رضي الله عنهما حيث أنه لما قرأ قول الله تعالى :( فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ) ، وقوله تعالى :( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ )
    قال أي ابن عباس - : يسألون في موضع ، ولا يسألون في موضع آخر ، فقال جمعا بينهما - : " لا يسألهم ربهم هل عملتم كذا وكذا ، لأنه اعلم بذلك منهم ، ولكن يسألهم لِمَ عملتم كذا وكذا ؟ " فهنا قدم الجمع على غيره .

    الدليل الثالث : أن الجمع بيبن الأدلة المتعارضة فيه تنزيههما عن النقص ؛ لأن الدليلين المتعارضين بالجمع يتوافقان ، ويزال الإختلاف المؤدي إلى النقص والعجز ، بخلاف الترجيح فإنه يؤدي إلى إلغاء أحدهما وتركه ، لأنه يوجب العلم بالراجح دون المرجوح وكذلك النسخ والتخير ، حيث أنه يترتب عليه ترك أحد الدليلين ، وكذلك إسقاط الدليلين معا يتربت عليه ترك العمل بهما معا .

    المذهب الثاني : أنه يقدم الترجيح على الجمع فقال أصحاب هذا المذهب في تفصيل ذلك : إنه يقدم النظر في تاريخ ورودهما ،فإن علم أن أحدهما متقدم على الاخر ، فإنه يحكم بأن المتأخر ناسخ لمتقدم ، وإن تعذر معرفة تاريخ وردهما : فإنه يرجح أحدهما على الأخر بأي وجه من وجوه الترجيح ، ، فإن تعذر التاريخ والترجيح : جمع بينهما إن أمكن لأن إعمال الدليلين اللذين لا مرجح لأحدهما أولى من إهدارهما ، فإن تعذر الجمع ترك العمل بهما ، وعدل إلى الاستدلال إلى ما دونهما في الرتبة .

    وهذا مذهب الحنفية .

    أدلة هذا المذهب :

    الدليل الاول : أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا إذا أشكل عليهم حديثان ، فإنهم يلجأون إلى الترجيح ، وقد ثبت ذلك في وقائع منها : أنهم رجحوا حديث عائشة رضي الله عنها : " إذا إلتقى الختانان فقد وجب الغسل " على حديث : " إنما الماء من الماء " .

    جوابه :

    هذا يدل على وجوب الترجيح بين الدليلين المتعارضين ، وهذا لا نزاع فيه ، ولكن النزاع في تقديم الجمع على الترجيح ، أو العكس ، وهذا الدليل لا يدل على تقديم أحدهما على الأخر ، ونحن نقول : إنه إذا تعذر الجمع لجأنا إلى الترجيح ، فلما لم يكن الجمع بين الحديثين السابقين لجأوا إلى الترجيح .

    الدليل الثاني : أن العقلاء قد اتفقوا على أنه عند التعارض يقدم الراجح على المرجوح ، واتفقوا أيضا على امتناع ترجيح المرجوح أو مساواته بالراجح .

    جوابه :

    أن النظر إلى الراجح من الادلة والمرجوح منها ، إنما يكون لدفع التعارض بإسقاط أحدهما عن العمل ، والأدلة بعد الجمع تكون متوافقة فلا تحتاج إلى ترجيح أصلا .

    بيان نوع الخلاف :
    الخلاف معناوي ، وهو ظاهر .


    وبهذا تم البحث بحمد الله ومنه وفضله فما كان فيه من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ فمنا ومن الشيطان
    والله المستعان وعليه التكلان
    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد


    وكتبه :
    أبو زياد محمد آل يعقوب النوبي .... وابو حاتم أحمد العدوي


    [1] المهذب للشيخ النملة (5/2411 ).
    [2] أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعرض في الصحيحين (23-24 ).
    [3] متفق عليه من حديث عائشة البخاري (3426) مسلم (2450) .
    [4] أحديث العقيدة (25) .
    [5] المهذب في علم اصول الفقه ( 5/ 2411) .
    [6] أحاديث العقيدة ( 26 ) .
    [7] القواعد الأصولية المتسخرجه من كتاب المغني ( 601 ) .
    [8] الكفاية في علوم الرواية – للخطيب البغدادي (606 ) نقلا عن أحاديث العقيدة .
    [9] زاد المعاد ( 4/ 149 ) وانظر شفاء العليل (1/ 67 ) نقلا عن أحاديث العقيدة (43) .
    [10] ( 4/ 217 ) .
    [11] ومن أراد مزيد من الأدلة فليراجع الموافقات للشاطبي ( 4/ 85-89 ) والتعارض والترجيح بين الادلة الشرعية للبرزنجي ( 46 – 49 ) وأحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين للدبيخي ( 44-46 ) .
    [12] أحديث العقيدة ( 46-47 ) بتصرف .
    [13] المهذب في علم أصول الفقه ( 5 / 2412 ) .
    [14] مسالك اهل السنة فيما إشكل من نصوص العقيدة ( 1 / 38 ) .
    [15] أحاديث العقيدة ( 48 ) .
    [16] معالم السنن ( 3/ 68 ) .
    [17] انظر المهذب في علم أصول الفثقه للشيخ عبد الكريم النملة ( 5/ 2420 ) .
    [18] لسان العرب مادة ( نسخ ) .
    [19] انظر المستصفى للغزالي ( 1/ 207 -208 ) ، وإرشاد الفحوا للشوكاني ( 312 – 313 ) انظر مسالك اهل السنة فيما أشكل من نصوص العقيدة للدكتور عبد الرزاق معاش ( 2/ 395-396 ) .
    [20] المهذب ( 5/ 2423 ) .
    [21] إرشاد الفحول ( 407 ) .
    [22] أنظر إرشاد الفحول ( 407 ) وما بعدها ، الباعث الحثيث لأحمد شاكر ( 171 ) .
    [23] التعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط كما في كتب أصول الفقه ، قال ابن حجر – رحمه الله - : والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط لأن خفاء ترجيح أحدهما على الآخر إنما هو بالنسبة للمعتبر في حالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفي عليه . أهـ نزهة النظر (35 ) ، أحاديث العقيدة ( 51 ) .
    [24] الموافقات (4/111) بتصرف يسير .
    [25] أحداديث العقيدة ( 52 ) .
يعمل...
X