إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

دم الإنسان طاهر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دم الإنسان طاهر

    دم الإنسان طاهر
    أيها الأحبة:- أي مسألة فقهية لا بد عند طرحها وبيان حكمها؛من أن توزن في ميزان الشريعة وتمرر على أصولها العظيمة الثابتة فأن تسلكت في مسالكها وقبلتها ضوابطها على ضوء الكتاب العزيز والسنة الصحيحة الشريفة ؛ فلايخشى من طرقها وبحثها ثم طرحها وتبنيها.
    ومن هذه المسائل مسألة (( حكم دم الإنسان هل هو طاهر أم نجس؟؟؟)).
    فكما تعلمون أيها الأحبة أن مذهب جمهور الفقهاء على أن الدم الخارج من الإنسان بجميع أنواعه نجس!!! ،وقد حكوا الإجماع على ذلك.
    فنقول في بيان هذا والله اعلم:
    أولاً:- هذا المذهب فيه نظر؛
    لأن البراءة الأصلية مستصحبة حتى يأتي الدليل الخاص الخالي من المعارضة الراجحة أو المساوية،وهنا فأن أدلة القائلين بالنجاسة كلها مُعَارَضَة بما هو أقوى منها دلالةً؛لأنها أما ضعيفة أو مرجوحة،ثم أنه لم يصح شيء في السنة في كون الدم نجساً،ف((أنه لا يوجد دليل صريح على نجاسة الدم))قاله القرطبي في(أحكام القرآن)(6\187).
    فأن القول بطهارة الدم مدعوم بالأصل،وهو أن الأصل في الأعيان الطهارة،((أعلم أن كون الأصل الطهارة معلوم من كليات الشريعة المطهرة وجزئياتها،ولا ريب أن الحكم بنجاسة شيء يستلزم تكليف العباد بحكم؛والأصل البراءة من ذلك))،قاله الشوكاني في(الدراري المضية)(1\27).
    ثم أنه ثبت بالدليل الصحيح طهارة دم النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذا ليس من خصوصياته فوجب تعميم الحكم،والله أعلم.
    ثانياً:- الإجماع منقوض بما سترى أن شاء الله من الأدلة الطيبة التي تثبت أن الدم غير نجس ألا دم الحيض،وأن استقر الرأي عند أكثر الفقهاء على كون الدم نجساً.
    فأن الإجماع المحكي في هذه المسألة لم يستوفِ الشروط؛لأنهُم لم يستثنوا منه مثلاً دم الشهيد،ولا دم السمك والجراد،ولا دم البعوض وما شاكلهُ،
    ثم أن بعض الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين لم يقولوا بنجاسة الدم،وقد نصر هذا المذهب كلاً من الإمام الشوكاني رحمه الله،والإمام صديق خان رحمه الله،والعلامة الألباني رحمه الله،والعلامة العثيمبن رحمه الله وقد استثنى الدم الخارج من (السبيلين)،أما الإمام البخاري رحمه الله فانه كان يرى أن خروج الدم في الصلاة لا يبطلها.
    بأقوال هؤلاء الجهابذة الأثبات العدول تضطرب حكاية الإجماع مما يجعلها غير فعالة.
    أخي الحبيب بعد ذلك إذا تبين لك وجه الحق والصواب في هذه المسألة فلا يصدنك صاد عن أتباعها وتبنيها والعمل فيها،ولا يرهبنك حكاية الإجماع فيها فأنه منقوض كما رأيت.
    ولم يبقى ألا أن نَذْكُرَ لك أدلة ما ذهبنا إليه من أن حكم (( دم الإنسان طاهر )) والتعليق عليها:
    الأول:حديث جابر رضي الله عنه كما عند أبي داود(1\90)حسنه الألباني رحمه الله
    ((خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في غزوة ذات الرقاع فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين فحلف أن لا انتهي حتى أهريق دما في أصحاب محمد فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا فقال من رجل يكلؤنا فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار فقال كونا بفم الشعب قال فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري وقام الأنصاري يصلي وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة للقوم فرماه بسهم فوضعه فيه فنزعه حتى رماه بثلاثة اسهم ثم ركع وسجد ثم انتبه صاحبه فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدم (وفي رواية:الدماء)قال سبحان الله ألا انبهتني أول ما رمى قال كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها)).
    فها هو الأنصاري يموج في دمه ولم يقطع صلاته،ثم لما علم النبي صلى الله عليه وسلم بالواقعة لم يأمره بشيء ولا قال له أن الدم نجس وصلاتك بطلت،أو غير ذلك.
    الثاني: حديث جابر رضي الله عنه كما في (أحكام الجنائز)(32).
    ((قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ادفنوهم في دمائهم ) - يعني يوم أحد - ولم يغسلهم . ( وفي رواية ) فقال : ( أنا شهيد على هؤلاء لفوهم في دمائهم فإنه ليس جريح يجرح [ في الله ] إلا جاء وجرحه يوم القيامة يدمى لونه لون الدم وريحه ريح المسك ) . وفي رواية : ( صحيح ) ( لا تغسلوهم فإن كل جرح يفوح مسكا يوم القيامة ولم يصل عليهم ) )).
    فالدم طاهر ولو كان نجساً لطهرهم ونزههم منه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدفنهم بدمائهم ولم يغسلهم منها.
    الثالث: حديث عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين
    ((أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم فربما وضعت الطست تحتها من الدم)).
    وفي رواية للبخاري:
    ((فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي)).
    الرابع: حديث عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين
    في قصة سعد بن معاذ رضي الله عنه عندم أصيب يوم الخندق ضرب له النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب ففيه((فانفجرت من لبته فلم يرعهم وفي المسجد خيمة من بني غفار إلا الدم يسيل إليهم،فقالوا:يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم؟ فإذا سعد يغذو جرحه دماً،فمات منها رضي الله عنه )).
    وفي رواية: (( فانفجر من ليلته فما زال يسيل حتى مات ))
    ففي هذين الحديثين (الثالث والرابع) النبي صلى الله عليه وسلم لم يَرِدْ عنه أنه أمر بتنظيف المسجد كم في حادثة بول الأعرابي؛لأن الدم طاهر وليس بنجس وألا لنزه النبي صلى الله عليه وسلم المسجد منه.
    الخامس:قول الحسن البصري رحمه الله(ذكره البخاري تعليقاً في الوضوء)وصحح أسناده بن حجر في (الفتح)(1\281).
    قال: ((لا يزال المسلمون يصلون في جراحاتهم )).
    قال صاحب الطراز من المالكية،كما نقل كلامه الحطاب في(مواهب الجليل)(1\217):
    (( ونحن نقطع بأن الصحابة كانت تلحقهم الجراح ويصلون بحالهم،ولا يعرف أن أحداً طهر جرحه لمكان وضوئه أو غسله )).
    الخلاصة
    أيها الأحبة:- أن الدم الخارج من الإنسان طاهر،ولو كان نجساً لبينه النبي صلى الله عليه وسلم؛لأنه مما تعم به البلوى وهو ليس بأقل من جهة البلوى من ولوغ الكلب في آنية المسلم،ولو كان نجساً لأمر المسلم بغسل كل شيء أصابه الدم منه،ولحرم عليه الصلاة معه.
    ومثل هذا الحكم يحتاج إلى بيان شافي من النبي صلى الله عليه وسلم يحصل به معرفة الحكم الشرعي فيه،ولم ينقل مثل هذا،بل سكت عنه الشارع مما يدل على أنه مما عفا عنه.
    ثم أن الإنسان طاهر حياً وميتاً كالسمك لهذا قال الفقهاء: ((إن دم السمك طاهر؛لأن ميتته طاهرة))،وكذلك قولهم: ((ما أبين من حي فهو كميتته طهارةً ونجاسةً))،والدم المنفصل من الإنسان الذي هو ميتته طاهرة كحياته،أقتضى الحال أن يكون طاهراً.
    والله أعلم.

  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
    أولاً أريد أن أعبر عن اشتياقي لهذه المنتديات السلفية والتي ما يغيب عنها المرء إلا ويجدها قد ازدادت حسنا على ما كانت عليه ولعلي أكتب مقالا مستقلا عن هذا المنتدى المبارك بإذن الله عز وجل.
    ثانيا أخي الكريم جزاك الله خيرا على ما كتبت ولكن لو كنت زيّنت البحث بنقل أسماء مَن نقل إجماع العلماء على نجاسة الدم، وكذا لو ناقشت هذا الإجماع لكنت أتممت النظر في المسألة ولكن كل وجهة نظر..وأنا بإذن الله أذكر بعض اللفتات التي قد تُنبه القاريء إلى وجهة نظر أخرى فأقول:
    أ- أهم ناقل للإجماع هو الإمام أحمد -رحمه الله- الذي يُعرف بتدقيقه في باب الإجماع والتشديد على من يتساهل في نقله دون تثبت.
    فهو -بارك الله فيك- ممن نقل عدم علمه بالمخالف مع سعة علمه فإذا كان الأمر هكذا فينبغي حينها التأني في نقضه بما ذكرت.
    ب- أما قول القرطبي رحمه الله ((أنه لا يوجد دليل صريح على نجاسة الدم))(أحكام القرآن)(6\187). فأقول الذي أدين الله به أنّ إجماع السلف حجة ومن الأدلة المعتمدة في باب العقائد والأحكام، فهذا الإطلاق من القرطبي فيه نظر .
    جـ- وأما قول الشوكاني رحمه الله "لا ريب أنّ الحكم بنجاسة شيء يستلزم تكليف العباد بحكم؛والأصل البراءة من ذلك"
    فهذا كلام صحيح جيد لكن كما هو مقرر عند علماء الأصول من أهل السنة أنّ دلالة البراءة الأصلية من أضعف الدلالات، فأيّ ناقل عنها من الأدلة -سواء كانت دلالته قطعية أو ظنية كغالب أنواع القياس- يكفينا للتحول عنها وهذا الإجماع يفيدنا الظن بإذن الله
    د- فإن قلت أنا لم أرد اجماع السلف لكن قد ورد عنهم ما يدل على أن الإجماع المنقول في نظر.
    قلت: ننظر هل الإجماع وما نقلت من الأدلة والآثار يتواردان في محل واحد فحينها نسلم بما ذكرت أم أنّ الإجماع المنقول في محل والآثار المنقولة تصب في محل آخر تكتنفها حيثيات أخر.
    وأُمثِّل بشكل سريع فكما قلت إنما هي لمحات تفتح للقاريء وجهة نظر أخرى:
    ا- حديث جابر رضي الله عنه في السنن إنما يدل على من كان في حال ضرورة- هذا عند من يصحح الحديث وأما الشيخ مقبل رحمه الله فإنّه يضعفه-، ومثله حديث عمر -رضي الله عنه- فإنما كلام أهل العلم في القادر المختار لا فيمن طُعن أو لم يستطع الصلاة إلا كذلك.
    2- حديث المستحاضة كذلك إنما يدل على من كانت في حال ضرورة وابتلاء ، ويشبهها من كان في حال سلسل بول، فهل نقول حينها البول ليس بنجس لأنّه يدخل إلى المسجد ويعتكف؟! ..ألخ.
    3- حديث سعد بن معاذ- رضي الله عنه- غاية ما يدل عليه أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر بأن يصبوا ذنوبا من ماء في المسجد ..والدلالة من الحديث ضعيفة ويظهر هذا من عدة أوجه منها:
    أ- أنّ الحديث لم يسقه الراوي لبيان نجاسة الدم أو طهارته بل لحكاية قصة سعد وما دار حولها، فغاية ما دل عليه الحديث سكوت النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه ، فلا ندري هل أمرهم بعد ذلك أو حين ذاك ولم يذكره الراوي؟ هل سكت النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنّه علم بأنّ الصحابة سوف يطهرونه؟ ..الخ ، فإذا أتانا دليل آخر دل على نجاسته أو طهارته فلا يعارض بمثل هذا.
    ب- أنّه قد ورد أثر آخر في صحيح البخاري قريب من هذا بل أصرح منه فأريد أن أرى هل ستلتزم به أم لا..
    أتى في البخاري : كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله، فلم يكونوا يرشّون شيئاً من ذلك" ا.هـ
    فهل بول الكلب من النجاسات عندك أم من الطاهرات، فإن قلت: بل نجس والحديث يوجه بكذا وكذا.
    قلت: وكذا يوجه حديث سعد من باب أولى فهذا فيه التصريح بعدم الأمر بالرش، ومع هذا رأيت من الجائز توجيهه فما بالك تتثاقل في توجيه ذاك الحديث الذي لم يسق لبيان حال دم الإنسان.؟!!

    تنبيه: وهذا الأثر فيه بحث حديثي من حيث ثبوته في نسخ صحيح البخاري تجد البحث في الفتح فقد بين هناك اختلاف النسخ والله أعلم.
    4- قولك " أن بعض الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين لم يقولوا بنجاسة الدم" ا.هــ
    قلت يا ليت تتحفنا بأسماء بعضهم أما أثر الحسن فلا يشكل على القائلين بالنجاسة أيضا فإنّ باب الجراحات وما يصحابها من الدماء تدخل في باب دفع المشقة والحرج فليس الحديث حولها بل قد تدخل في باب يسير الدم وهو من المعفو عنه عند كثير من أهل المذاهب.
    ومثله الآثار الأخرى التي تذكر من أنّ ابن عمر -رضي الله عنهما- أدخل أصابعه العشر في منخره فأخرجها ملطخة بالدم ومثله أثر البثرة..وغيرها من الآثار تدخل جميعها إما في اليسير المعفو عنه أو في الكثير المصحوب بضرورة ومشقة وبعضها لا يصح.
    فإذا الإجماع المنقول إنما هو في الدم الخارج الكثير مع القدرة والاختيار على إزالته دون مشقة أو حرج فهل هناك من نقل عنه من السلف التصريح بطهارة الدم في هذه الصورة أم هناك أدلة مصرحة بطهارته؟، فإن لم يكن فالبقاء مع الإجماع المنقول له وجه خاصة أنّه على شهرة المسألة وكثرة من نقل الإجماع لا أعلم- بحسب علمي القاصر- أحدا بعينه من السلف نُقل عنه القول بطهارة دم الإنسان والله أعلم
    التعديل الأخير تم بواسطة أبوصهيب عاصم الأغبري اليمني; الساعة 20-Nov-2011, 09:47 PM.

    تعليق


    • #3
      المسألة فيها شيء من التفصيل و فيها أيضا أخد ورد، الحاصل مثل هده المسائل فيها سعة، فمن قائل بنجاسة الدم و من قائل بطهرتها مطلقا كالشيخ الألباني رحمه الله رحمة واسعة، أما من قال بنجاستها ففصل و لم يطلق كالشيخ ابن باز و كدا اللجنة الدائمة و الشيخ السعدي و الشيخ الفوزان رحمهم الله تعالى و غيرهم إلا أنهم قالوا يعفى عن الدم اليسير و كدا دم الحيوان المأكول الدي يبقى بين اللحم و العروق فقالوا بطهرته، و للشيخ ناصر الدين الألباني تفصيل ماتع في الصحيحة أسوقه لكم هنا للفائدة:

      قال الشيخ تصحيحه لحديث " يكفيك الماء و لا يضرك أثره " . قال :

      الثالث : أن دم الحيض نجس للأمر بغسله , و عليه الإجماع كما ذكره الشوكاني ( 1 / 35 ) عن النووي , و أما سائر الدماء فلا أعلم نجاستها اللهم إلا ما ذكره القرطبي في " تفسيره " ( 2 / 221 ) من " اتفقا العلماء على نجاسة الدم " . هكذا قال " الدم " فأطلقه , و فيه نظر من وجهين :

      الأول : أن ابن رشد ذكر ذلك مقيدا , فقال في " البداية " ( 1 / 62 ) : " اتفق العلماء على أن دم الحيوان البري نجس " و اختلفوا في دم السمك .. " .

      و الثاني : أنه قد ثبت عن بعض السلف ما ينافي الإطلاق المذكور , بل إن بعض ذلك في حكم المرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .

      1 - قصة ذلك الصحابي الأنصاري الذي رماه المشرك بثلاثة أسهم و هو قائم يصلى فاستمر في صلاته و الدماء تسيل منه . و ذلك في غزوة ذات الرقاع , كما أخرجه أبو داود و غيره من حديث جابر بسند حسن كما بينته في " صحيح أبي داود " ( 192 ) و من الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بها , لأنه يبعد أن لا يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على مثل هذه الواقعة العظيمة . و لم ينقل أنه أخبره بأن صلاته بطلت كما قال الشوكاني ( 1 / 165 ) .

      2 - عن محمد بن سيرين عن يحيى الجزار قال : صلى ابن مسعود و على بطنه فرث و دم من جزور نحرها , و لم يتوضأ . أخرجه عبد الرزاق في " الأمالي " ( 2 / 51 / 1 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 151 / 1 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 28 / 2 ) و إسناده صحيح أخرجوه من طرق عن ابن سيرين و يحيى ابن الجزار قال ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 133 ) : " و قال أبي و أبو زرعة : ثقة " .

      3 - ذكر ابن رشد اختلاف العلماء في دم السمك , و ذكر أن السبب في اختلافهم هو إختلافهم في ميتته , فمن جعل ميتتة داخلة تحت عموم التحرير جعل دمه كذلك , و من أخرج ميتتة أخرج دمه قياسا على الميتة " .

      فهذا يشعر بأمرين :

      أحدهما : أن إطلاق الاتفاق على نجاسة الدم ليس بصواب لأن هناك بعض الدماء اختلف في نجاستها كدم السمك مثلا , فما دام أن الاتفاق على إطلاقه لم يثبت , لم يصح الاستدلال به على موارد النزاع , بل وجب الرجوع فيه إلى النص , و النص إنما دل على نجاسة دم الحيض , و ما سوى ذلك فهو على الأصل المتفق عليه بين المتنازعين و هو الطهارة فلا يخرج منه إلا بنص تقوم به الحجة .

      الأمر الآخر : أن القائلين بنجاسة الدماء ليس عندهم حجة إلا أنه محرم بنص القرآن فاستلزموا من التحريم التنجيس كما فعلوا تماما في الخمر و لا يخفى أنه لا يلزم من التحريم التنجيس بخلاف العكس كما بينه الصنعاني في " سبل السلام " ثم الشوكاني و غيرهما , و لذلك قال المحقق صديق حسن خان في " الروضة الندية " ( 1 / 18 ) بعد أن ذكر حديث أسماء المتقدم و حديث أم قيس الثالث : " فالأمر بغسل دم الحيض و حكه بضلع يفيد ثبوت نجاسته , و إن اختلف وجه تطهيره , فذلك لا يخرجه عن كونه نجسا , و أما سائر الدماء فالأدلة مختلفة , مضطربة و البراءة الأصلية مستصحبة , حتى يأتي الدليل الخالص عن المعارضة الراجحة أو المساوية , و لو قام الدليل على رجوع الضمير في قوله تعالى ( فإنه رجس ) إلى جميع ما تقدم في الآية الكريمة من الميتة و الدم المسفوح و لحم الخنزير , لكان ذلك مفيدا لنجاسة الدم المسفوح و الميتة , و لكن لم يرد ما يفيد ذلك , بل النزاع كائن في رجوعه إلى الكل أو إلى الأقرب , و الظاهر الرجوع إلى الأقرب و هو لحم الخنزير , لإفراد الضمير و لهذا جزمنا هنا بنجاسة لحم الخنزير دون الدم الذي ليس بدم حيض . و من رام تحقيق الكلام في الخلاف الواقع في مثل هذا الضمير المذكور في الآية , فليرجع إلى ما ذكره أهل الأصول في الكلام على القيد الواقع بعد جملة مشتملة على أمور متعددة " . و لهذا لم يذكر الشوكانى في النجاسات من " الدرر البهية " الدم على عمومه , و إنما دم الحيض فقط , و تبعه على ذلك صديق حسن خان كما رأيت فيما نقلته عنه آنفا . و أما تعقب العلامة أحمد شاكر في تعليقه على " الروضة " بقوله : " هذا خطأ من المؤلف و الشارح , فإن نجاسة دم الحيض ليست لأنه دم حيض بل لمطلق الدم , و المتتبع للأحاديث يجد أنه كان مفهوما أن الدم نجس , و لو لم يأت لفظ صريح بذلك , و قد كانوا يعرفون ما هو قذر نجس بالفطرة الطاهرة " .

      قلت : فهذا تعقب لا طائل تحته , لأنه ليس فيه إلا مجرد الدعوى , و إلا فأين الدليل على نجاسة دم الحيض ليس لأنه دم حيض بل لمطلق الدم ؟ و لو كان هناك دليل على هذا لذكره هو نفسه و لما خفي إن شاء الله تعالى على الشوكاني و صديق خان و غيرهما . و مما يؤيد ما ذكرته أن ابن حزم على سعة اطلاعه لم يجد دليلا على نجاسة الدم مطلقا , إلا حديثا واحدا و هو إنما يدل على نجاسة دم الحيض فقط كما سيأتي بيانه , فلو كان عنده غيره لأورده , كما هي عادته في استقصاء الأدلة لا سيما ما كان منها مؤيدا لمذهبه .

      و أما قول الشيخ أحمد شاكر : " و المتتبع للأحاديث يجد أنه كان مفهموما أن الدم نجس " . فهو مجرد دعوى أيضا , وشيء لم أشعر به البتة فيما وقفت عليه من الأحاديث بل وجدت فيها ما يبطل هذه الدعوى كما سبق في حديث الأنصاري و حديث ابن مسعود .

      و مثل ذلك قوله : " و قد كانوا يعرفون ما هو قذر نجس بالفطرة الطاهرة " . فما علمنا أن للفطرة مدخلا في معرفة النجاسات في عرف الشارع , ألا ترى أن الشارع حكم بطهارة المني , و نجاسة المذي , فهل هذا مما يمكن معرفته بالفطرة , و كذلك ذهب الجمهور إلى نجاسة الخمر , و إنها تطهر إذا تخللت , فهل هذا مما يمكن معرفته بالفطرة ؟ اللهم لا . فلو أنه قال " ما هو قذر " و لم يزد لكان مسلما . و الله تعالى ولي الهداية و التوفيق .

      تعليق

      يعمل...
      X