بسم الله والحمد لله أما بعد :
فقد طُرحت أمس بيني وبين بعض الإخوة مسألة ودار النقاش فيها وهي هل خلع الخف أو الجورب أو النعل مبطل للمسح ؟
فأجبتهم بعدم نقض الوضوء وعدم بطلان المسح إن رجع ولبسهما قبل أن ينقض الوضوء ؛ وذلك لأن مجرد الخلع للخف لا ينقض الوضوء - على الراجح - ، فما دام أنه لم ينتقض وضوءه وعاد إلى لبسهما ثانية فيصدق عليه أنه لبسهما على طهارة ، ومن لبسهما على طهارة جاز له المسح ولكن يكمل حساب وقت المسح ( يوم وليلة للمقيم وثلاثة للمسافر ) ولا يعيده من جديد ، قمن مضى علي مسحه يومان - وهو مسافر - فيمسح بعد اللبس الأخير يوم فقط وهكذا .
وكنت قد كتبت بحثاً قبل ست سنوات تقريباً ذكرت بعض أحكام المسح على الخفين وأنقل هنا ما كتبته حينها في مسألة عدم انتقاض الوضوء بمجرد الخلع - مع تصرف يسير - لتعم به الفائدة ، قلت :
تنبيه : بطلان المسح لا يعني انتقاض الوضوء
من كان يمسح على خفيه , ثمّ خلعهما ولم يُحدث فللعلماء في حكمه أربعة أقوال :
1 – عليه إعادة الوضوء ؛لأنّ المسح أُقيم مقام الغسل , فلمّا زال الممسوح عليه سرى الحدث إلى القدمين وبطلت الطهارة , وهذا مذهب النخعي , والأوزاعي , وأحمد , وإسحاق , والشافعي – في القديم - (1 ) .
2 – عليه أن يغسل قدميه فقط , ثمّ يصلّي بذلك الطهر ما لم يُحدث , وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه , والثوري , وأبي ثور , والشافعي – في الجديد - (2) .
3 - عليه أن يغسل قدميه فور خلعه للخف , فإن تأخر أعاد الوضوء , وهذا مذهب مالك , والليث ابن سعد (3) .
4 – ليس عليه وضوء ولا غسل قدمين , بل تبقى له طهارته ما لم يُحدث , وهذا مذهب داود وابن حزم وهو رواية عن النخعي , وبه قال الحسن وعطاء , واختاره ابن المنذر والنووي من الشافعية , وابن تيمية من الحنابلة (4) .
والقول الراجح هو الرابع ؛ ( لأنّه ليس في شيء من الأخبار أنّ الطهارة تنتقض عن أعضاء الوضوء , ولا عن بعضها بانقضاء وقت المسح، وإنّما نهى (عليه السلام) عن أن يمسح أحد أكثر من ثلاث للمسافر أو يوم وليلة للمقيم )(5) , فإذا كان الخف عليه فهو كامل الطهارة بالسنة الثابتة , ولا يجوز نقض ذلك إذا خلع خُفّه إلاّ بحجة من سُنّة أو إجماع , ويقوي هذا القول ؛ ما ثبت عن أبي الظبيان ( أنّه رأى علياً رضي الله عنه بال قائماً , ثمّ دعا بماءٍ فتوضّأ , ومسح على نعليه , ثمّ دخل المسجد , فخلع نعليه , ثمّ صلّى ) زاد البيهقي ( فأمّ الناس )(6) .
والله أعلى وأعلم وأجل وأكرم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتبه
أبو تيمية حسن بن عيسى الناصري
ليلة السبت
25 ربيع الأول 1438
24 / 12 / 2016
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ينظر : الأوسط ,1/ 457 , والمجموع , 1؟523 , والمغني , 1/ 215 .
(2) ينظر : الهداية , 1/243 , والمجموع , 1/ 523 .
(3) ينظر : المدونة , 1/143 .
(4) ينظر : المحلى , 2/94 – 95 , والأوسط , 1/460 , والمجموع , 1/252 والاختيارات , 24 , وصحيح فقه السنة , 1 / 155 – 156.
(5) المحلى , 2/94 .
(6) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى , كتاب الطهارة / باب ما ورد في المسح على النعلين 1/ 288 /1275, والطحاوي في شرح معاني الآثار , كتاب الطهارة / باب المسح على النعلين , 1 / 97 / 615 , وصححه الألباني في صحيح أبي داود , 1/ 292 , وينظر : تمام المنّة , 115 .