إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

إتحاف الراغب بحكم قراءة الحزب الراتب . أو إتحاف المؤمنين بحكم قراءة القرآن مجتمعين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] إتحاف الراغب بحكم قراءة الحزب الراتب . أو إتحاف المؤمنين بحكم قراءة القرآن مجتمعين

    قراءة الحزب الراتب :
    وآخر مسألة في هذه الرسالة المباركة – إن شاء الله- هي:حكم قراءة القرآن مجتمعين بصوات واحد بما يسمى عندنا الحزب.فأقول وبالله التوفيق .
    لقد اختلف العلماء في هذه المسألة كما اختلفوا في غيرها من المسائل ،وتنازع الناس فيها كثيرا، فمنهم من عدها من المحدثات في الدين،ومنهم من أجازها .
    فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - هذا السؤال :(1).فقراء يجتمعون يذكرون ويقرءون شيئا من القرآن ، ثم يدعون ويكشفون رؤوسهم ويتضرعون وليس قصدهم بذلك رياء ولا سمعة ، بل يفعلونه على وجه التقرب إلى الله ، فهل يجوز ذلك أم لا؟.
    فأجاب : الحمد لله رب العالمين . الاجتماع على القراءة والذكر والدعاء حسن مستحب إذا لم يتخذ ذلك عادة راتبة ، كالاجتماعات المشروعة ، ولا اقترن به بدعة منكرة .وقد وصل سؤال شبيه بهذا الذي ألقي على شيخ الإسلام إلى شيخ من
    أشياخ غرناطة بالأندلس المفقود –رده الله على المسلمين -،وانتقد جوابه الشاطبي . ونص السؤال هو(2): ما يقول الشيخ فلان في جماعة من المسلمين ؛ يجتمعون في رباط على ضفة البحر في الليالي الفاضلة، يقرءون جزءا من القرآن، ويستمعون من كتب الوعظ والرقائق ما أمكن في الوقت..فهل يجوز اجتماعهم على ما ذكر؟ أم يمنعون وينكر عليهم؟.
    فأجاب ذلك الشيخ بقوله : مجالس تلاوة القرآن وذكر الله هي رياض الجنة ، ثم أتى بالشواهد على طلب ذكر الله (3).
    قال الشاطبي رحمه الله :(4) فكان مما ظهر لي في هذا الجواب : أن ما ذكره من مجالس الذكر صحيح إذا كان على حسب ما اجتمع عليه السلف الصالح فإنهم كانوا يجتمعون لتدارس القرآن فيما بينهم ، حتى يتعلم بعضهم من بعض ويأخذ بعضهم من بعض ، فهو مجلس من مجالس الذكر التي جاء في مثلها من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : << ..ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم .. >> الحديث(5).
    وكذلك الاجتماع على الذكر ، فإنه اجتماع على ذكر الله ففي رواية أخرى :أنه قال: << لا يقعد قوم يذكرون الله ؛ إلا حفتهم الملائكة .. >> (6) ، لا الاجتماع للذكر على صوت واحد .
    إذا فالشاطبي يعد قراءة القرآن مجتمعين بصوت واحد مما لم يكن من هدي السلف الصالح ، وإذا لم يكن من هديهم فهو من المحدثات .
    وممن كره هذه الكيفية والطريقة وعدها من المحدثات الإمام مالك ، كما نقله عنه الطرطوشي في كتابه الفذ" الحوادث والبدع" (ص312 - 322) وفيه بحث نفيس في المسألة، وكذلك نقل عن الباجي في المنتقى نسبته إلى مالك .
    ونقل الونشريسي(7) عن المازري أنه قال :في شرحه حديث أبي هريرة : << ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم .. >> الحديث. ظاهره يبيح الاجتماع لقراءة القرآن في المساجد، وإن كان مالك قد كره ذلك في المدونة ولعله إنما قال ذلك لأنه لم ير السلف يفعلونه، مع حرصهم على الخير.
    وأما الإمام النووي فقد جعلها مستحبة فقال (: فصل: في استحباب قراءة الجماعة مجتمعين ، وفضل القارئين من الجماعة والسامعين، وبيان فضيلة من جمعهم عليها وحرضهم وندبهم إليها .
    اعلم أن قراءة الجماعة مجتمعين ، مستحبة بالدلائل الظاهرة ، وأفعال السلف والخلف المتظاهرة ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنه قال : <<..ما من قوم يـذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده ..>> (9) .
    وعن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : << .. ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده >>(10).وعن معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال :<< ما يجلسكم ؟>> قالوا: جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده لما هدانا للإسلام، ومن علينا به.قال:<< آلله ما أجلسكم إلا ذاك ؟>>.
    قالوا : والله ما أجلسنا إلا ذاك.قال :<< أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكنه أتاني جبريل فأخبرني؛ أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة >>(11).
    وروى ابن أبي داود:أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان يدرس القرآن معه نفر يقرءون جميعا.وروى ابن أبي داود فعل الدراسة مجتمعين عن جماعات ، من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين(12).
    وعن حسان بن عطية والأوزاعي ، أنهما قالا : أول من أحدث الدراسة في مسجد دمشق ، هشام بن إسماعيل في قدمته على عبد الملك . وأما ما روي ابن أبي داود عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عزرب : أنه أنكر هذه الدراسة.وقال ما رأيت ولا سمعت ، وقد أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : يعني ما رأيت أحدا فعلها.
    وعن وهب قال : قلت لمالك أرأيت القوم يجتمعون فيقرءون جميعا سورة واحدة حتى يختموها؟ فأنكر ذلك وعابه، وقال: ليس هكذا تصنع الناس إنما كان يقرأ الرجل على الآخر يعرضه.
    فعقبه بقوله :هذا الإنكار منهما مخالف لما عليه السلف والخلف ،ولما يقتضيه الدليل، فهو متروك.والاعتماد على ما تقدم من استحبابها، لكن القراءة في حال الاجتماع لها شروط قدمناها ينبغي أن يعتنى بها ، والله أعلم (13).
    وسئل القابسي :(14) عن المجتمعين بعد صلاة الصبح يقرؤون الحزب من القرآن متفقين فيه هل يجوز أم لا ؟ .
    فأجاب : إن كان لما يجدون في ذلك من القوة والنشاط في الحفظ والدراسة فلا بأس ، ولو قدر على الدراسة خاليا كان أفضل وأسلم ، وربما ترك الناس شيئا في الوقت إذ هو أسلم من غيره .
    وسئل الأستاذ سعيد ابن لب نفس السؤال ،فأجاب بنفس الجواب تقريبا (15).ونقل عن ابن رشد أنه كرهه.
    وخلاصة القول في المسألة :أنها ليست من هدي السلف وإليك البيان .
    1 – لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام ، ولو كان خيرا لسبقونا إليه ، وخير الهدي هدي محمد وخير سبيل ، سبيل أصحابه.
    2 – أن الحديث الذي استشهدوا بهو هو قوله صلى الله عليه وسلم : << ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله .. >> وهذا عام من وجه خاص من وجه كما قال الطرطوشي ، فلم يبين الكفية التي كانوا يتلون بها ويتدارسون بها كتاب الله بينهم ، قال رحمه الله مبينا تلك الكفية:(16) والجواب أن هذه الآثار تقتضي جواز الاجتماع لقراءة القرآن على معنى الدرس له والتعلم ، والمذاكرة ؛وذلك يكون بأن يقرأ المعلم على المتعلم ، ويقرأ المتعلم على المعلم ، إذ يتساويان في العلم فيقرأ أحدهما على الآخر على وجه المذاكرة والمدارسة، هكذا يكون التعليم والتعلّم دون القراءة معا.
    وجملة الأمر أن هذه الآثار عامة في قراءة الجماعة معا على مذهب الإدارة ، وفي قراءة الجماعة على المقرئ ، وقوله تعالى :{{ وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا }} خاص في وجوب الإنصات عند القراءة .فإن قيل : الآية خاصة في وجوب الإنصات عند القراءة عامة في المحل فنخص عمومها ونحمله على صلاة الجهر وعلى الخطبة بدليل حديثنا الخاص المذكور آنفا ..
    قلنا : وحديثكم أيضا خاص من وجه عام من وجه ، فخصوصه في تدارس القرآن ، وعمومه في وجه التدارس إذ لم يبين على أي وجه يتلونه ويتدارسونه لأن التدارس يحتمل ما قلتم وما قلنا ، فأما التلاوة والتدارس فعام في نفسه على ما ذكرنا فيقضي عليه خصوص آيتنا .والسر فيه أن قوله صلى الله عليه وسلم : << يتلونه ويتدارسونه >> خطاب عربي.ومعلوم من لـسان الـعرب أنهم لو رأوا جماعة قد اجتمعوا لقراءة القرآن على أستاذهم ورجل واحد يقرأ القرآن لجاز أن يقولوا : هؤلاء جماعة يقرؤون القرآن أو يتدارسونه ، وإن كانوا كلهم سكوتا ، وكذلك لو مر عربي بجماعة قد اجتمعوا لتدريس العلم والتفقه فيه أو لسماع حديث رسول الله لجاز أن يقول: هذه جماعة يدرسون العلم ويقرءون العلم؛ والحديث وإن كان القارئ واحد .
    وقال الشاطبي في الاعتصام (1/ 341): وهو ينتقد جواب ذلك الشيخ الغرناطي: وهذا الاجتماع كالذي نراه معمولا به في المساجد من اجتماع الطلبة على المعلم يقرئهم
    القرآن ، أو علما من العلوم الشرعية ، أو يجتمع إليه العامة فيعلمهم أمر دينهم ، ويذكرهم بالله ، ويبين لهم سنة نبيهم ليعملوا بها ، ويبين لهم المحدثات التي هي ضلالة ليحذروا منها ، ويجتنبوا مواطنها والعمل بها .
    3 – الأمر بالاستماع والإنصات للقراءة ، لقوله تعالى : :{{ وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا }}وهذا يمنع قراءة اثنين معا ، ويؤكد هذا أن الله نهى نبيه أن يقرأ مع جبريل،ويحرك به لسانه يتعجل به خوفا أن ينفلت منه بل أمره أن يستمع له ففي صحيح مسلم باب الاستماع للقراءة،ثم ساق إلى ابن عباس قال: في قوله عز وجل :{{ لا تحرك به لسانك لتعجل به }}قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي وكان مما يحرك به لسانه؛ وشفتيه فيشتد عليه ؛وكان يُعرف منه، فأنزل الله الآية التي في القيامة:{{ لاتحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه }} قال: علينا أن نجمعه في صدرك، وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، فإذا أنزلناه فاستمع (17).وهكذا كان جبريل يعرضه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستمع، أو يعرضه النبي وجبريل يستمع، في كل عام مرة، وفي العام الذي توفي فيه مرتين (1.
    وربما طلب النبي صلى الله عليه وسلم من بعض أصحابه أن يقرأ عليه كما طلب من ابن مسعود.( متفـق عليه ح463) أو عرض هو على بعض أصحابه.كما قال لأبي: << أن الله أمرني أن أعرض عليك القرآن >>(19).
    5 - إن القراءة مجتمعين فيها من الإخلال بشروط وآداب القراءة ، من قراءته هذا كالشعر ، وعدم مراعاة أحكام الترتيل ، والوقف ، والوقوع في اللحن ، وغير ذلك .. فأصحاب هذه الكيفية يقرءونه هذا كهذ الشعر ، بألحان مطربة ، أو ينثرونه نثر الدقل ، ولا يراعون فيه وقفا ولا رؤوس الآي ، فواحد يتوقف والآخر يواصل ، واحد يمد والآخر يقصر ، واحد يرفع والآخر يخفض ، وربما انقطع نفس أحدهم ، فترك بعض الآيات ، حتى يلحق بهم ، واختلاط العامة بهم ، وتكريرهم معهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
    6- وفيه من التشويش على من في المسجد ممن يصلي أو يذكر الله ، أو يتعلم ، ويتدارس القرآن ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجهر بعضهم على بعض بالقراءة فقد روى أبو داود في سننه عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- قال :
    اعتكف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة ، فكشف الستر ، وقال : " ألا إن كلكم مناج ربه ، فلا يؤذين بعضكم بعضاً ، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة - أو قال : " في الصلاة " (20)
    قال صلى الله عليه وسلم : << إن المصلي يناجي ربه فلينظر بم يناجيه و لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن >> رواه مالك في الموطأ عن أبي هريرة وعائشة.(21).
    7- ما فيها من تخصيص الوقت والمكان ، فإنهم يخصونه بأوقات الصلوات في المساجد، أو المقابر ، أو المآتم ، وتخصيص عبادة بوقت أو مكان هذا من خصائص الشارع ، ولم ثبت عنه ذلك ، وخاصة بعد أو قبل صلاة الجماعة كما يفعله الكثير ممن لا يريدون الانقياد لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا إنما يتبعون أهواءهم .
    قال العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله في كتابه الحسام الماحق :
    اعلم أنَّ الاجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نَزَلت عليهم السكينة و غَشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" . رواه مسلم من حديث أبي هريرة . لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة و يسمى ( عبد الله الهبطي ) وَقْفاً محدثاً ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة وهي بدعة قبيحة . هـ
    وصلي اللهم وسلم على وبارك على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ،اللهم أحينا على سنته وامتنا على سنته واحشرنا في زمرته ، وأوردنا حوضه ، ولا تجعلنا ممن بدل بعده ، واسقنا بيده الشريفتين شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا ونحن بحضرته .آمين .
    اللهم إنا نسألك بكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ، وشفاء أبصارنا وهمومنا وأحزاننا ، وأن تعلمنا منه ما جهلنا ، وتذكرنا مما أنسينا برحمتك يا أرحم الراحمين .وان تجعلنا ممن يقتي آثاره ويقف عند حدوده ، واجعلنا من أتباع نبيك فيه.
    تمت بفضل الله وحمده ، وكان الفراغ منها 19/جمادي الثانية 1432هـ الموافق ل/22/5/2011م
    ورحم الله أخا غيورا إن وجد شيئا من الخطأ مما لا يسلم منه بشر أن يقومه لي، ويكتب لي به .
    وكتب: محب العلم والإنصاف على طريقة صالح الأسلاف
    أبو بكر يوسف لعويسي
    الدويرة : الجزائر العاصمة
    1- الـفتـاوى الكـبرى المصرية لابن تيمية (1/53) تحـقيق وتـعليـق محمد عبد القادر عـطا وأخوه مصطفى عبد القادر عطا.
    2- في كتابه الاعتصام (1/338 - 340) .تحقيق سليم بن عيد الهلالي.
    3- قلت: السـؤال والجواب وكذلك الانتقاد للشاطبي في كلام طويل، وأخذت منه ما يناسب المقام .
    4- نفس المصدر.
    5- أخرجه مسلم مع زيادة في أوله وآخره من حديث سليمان الأعمش عن أبي صالح ذكوان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:<< من نفس عن مولى كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة ً من كرب يوم القيامة ...>> فذكره بطوله .
    6- أخرجاه عن الأغر أبي مسلم أنه قال أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا يقعد قومٌ يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم للحميدي (3/20(ح 2620).
    7- في كتابه " المعيار المـعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب" (11/60)..
    8- في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن (49-51).
    9- سبق تخريجه أخرجه مسلم (ح 2700- 2701 )والترمذي (3618-361وقال حديث حسن صحيح.
    10- سبق تخريجه ،رواه مسلم (ح2699)وقال النووي في التبيان في آداب حملة القرآن رواه مسلم وأبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم.
    11- رواه مسـلم (ح2701).والنسائي والترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
    وهو في كتاب الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم الحميدي(3/311)(ح 2903 )وقال هذا من أفراد مسلم . وأخرجه أبو بكر البرقاني في كتابه من رواية أبي بكر بن أبي شيبة الذي أخرجه عنه مسلم . تحقيق علي حسين البواب .
    12- لقـد رجعت إلى كتاب "المصاحف " لابن أبي داود المطبوع ،و الموجود بالشاملة ولم أجد ما نسبه النووي إليه.
    13- قلت : الشـروط التي يقصدها هي الآداب التي ذكرها في كتابه هذا .
    14-كما في المعيـار المعرب للونشرسي (11/ 169)وأنظر منه (8/249).
    15- المعيـار(1/149 – 155).
    16- في كتابه الحوادث والبدع (ص320- 321).
    17- متفـق عليه ، اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (1/101/ح 257).
    18- رواه الإمام أحمد في المسند(1/362- 230) وأبو نعيم في الحلية (3/280).
    19- ابن أبي شيبة في مصنفه (10/564/ح10355)وفي الرواية المتفق عليها( ح462) من اللؤلؤ والمرجان بلفظ<< أمرني أن أقرأ عليك >>بدل أعرض عليك.
    20 قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة ( 4/133) أخرجه أبو داود (1/209) و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين .
    21- قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1951 في صحيح الجامع .

  • #2
    رد: إتحاف الراغب بحكم قراءة الحزب الراتب . أو إتحاف المؤمنين بحكم قراءة القرآن مجتمعين

    ألا ترى أخي أنَّ هناك فرقٌ بين :
    - الاجتماع لقراءة القرآن.
    - الاجتماع لقراءة القرآن بصوت واحد.
    فابن تيمية إنَّما ظاهر كلامه على مجرد الاجتماع ولم يتعرض لمسألة القراءة بصوت واحد أقلها في هذا النقل الذي اقتبسته في الأعلى، والشاطبي ذكر الصورتين ثم جوز الأولى ومنع الثانية، وهذه الثانية تكثر عند معلمي الصبيان ومدرسي التجويد والقراءات، بأن يقرأ الشيخ ثم يقرأ التلاميذ بصوت واحدة.
    وللشيخ محمد تقي الدين الهلالي-رحمه الله- رسالة في إنكار هذه الطريقة ورماها بالبدعة ولعلك اطلعت عليها فإن لم فلعلك تبحث عنها وهي في "جامع الرسائل" له .ط.دار الكتاب والسنة.
    والذي يظهر لي من كلام مالك ونحوه كراهة الصورة الأولى بأن يجلس جماعة يقرأون وردهم بالدور الأول فالثاني..لأنَّه كما تأول بعضهم له بأنَّه لم يعرفه من فعل السلف، ومعلوم حرص الإمام مالك على الاقتداء بمن مضى، وإنما كان المعهود أن يعرض التلميذ قراءته على غيره للفائدة لا أن يقرأ كل واحد منهم وهكذا دواليك، ويحتاج تأمل كلامه وغيره بصورة أطول، فكما قلت لم يتيسر لي تمعن كل المقال.
    ولست أقصد التعليق على كل ما تكتب لكن أنا حريص على قراءة ما تكتب لما أعلم من حرصك على العلم النافع، فربما أرى ما يستوجب التنبيه أو ربما الاستفسار، فوفقك الله لكل خير والله أعلم.

    تعليق


    • #3
      رد: إتحاف الراغب بحكم قراءة الحزب الراتب . أو إتحاف المؤمنين بحكم قراءة القرآن مجتمعين

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله
      أما بعد :
      أولا : أشكرك جزيل الشكر ، على ملاحظاتك الدقيقة ، كما أشكرك على حرصك على المرور على أنقله من كلام أهل العلم ، واعلم –بارك الله فيك – أني أحب كثيرا من يقرأ ويلاحظ وينتقد حتى لو دعت الحاجة إلى بعض الشدة أحيانا للانتقاد ، فصدري منشرح وقلبي مفتوح ، وأحب من ينتقدني فضلا عمن يرشدني ويتعاون معي فيصلح لي بعض تقصيري ، فجزاك الله خيرا وبارك فيك .
      ثانيا : أنبهك أخي إلى موضوع مهم وهو ابتداء المخاطب بالسلام ،وافتتاح الكلام بالحمد الله والثناء الله ، فهذا ليس مجرد كلمة تعليق بشكر ، أو ثناء فإنما هو انتقاد ، وكتاب يحتاج إلى ذلك ، ويرتاح المُخاطَب للمخاطِب والمنتقد ، ويبارك الله في انتقاده وتصويبه .
      ثالثا : قولك : هناك فرق بين
      - الاجتماع لقراءة القرآن.
      - الاجتماع لقراءة القرآن بصوت واحد.
      هذا لاشك فيه ، ولكن لا إخالك تجهل أن طريقة القوم الذين وصفوا في السؤال هم الصوفية ولا يخفى على مثلك طريقة ذكرهم ، فهي الاجتماع على للقراءة والذكر بصوت واحد ، هذا الذي سئل عنه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-، لما عُلم من حالهم ذلك، ولم يسأل عن مجرد الاجتماع للقراءة ، إذا كان أحدهم يقرأ والبقية تستمع ، فهذا لا خلاف فيه ولا ينكره أحد بارك الله فيك .
      وجاء الشاطبي – رحمه الله – قبله وفصل في المسألة تفصيلا جيدا ، على ما في الموضوع وأما رسالة ، الشيخ محمد تقي الدين الهلالي-رحمه الله- رسالة في إنكار هذه الطريقة ورميها بالبدعة فقد اطلعت عليها واستفدت منها ، وكنت احتفظت بها عندي في ملف على الجهاز حتى ارجع إليها عند الحاجة ، إلا أنها ضاعت مني لما هيئت الجهاز من جديد ، فلما أنزلت هذا المقال في سحاب قام أبو الفداء السلفي وفقه الله ، فعلق بكلام مقتبس من تلك الرسالة ، ثم جاء الأخ جمال الذين الجزائري وجمع أقوال أهل العلم المعاصرين، في تعليقات طويلة منها فتاوى الشيخين ابن باز والعثيمين ، وفتاوى اللجنة الدائمة ، وغيرهم ثم عقبها برسالة الهلالي رحم الله الأموات منهم وحفظ لنا الأحياء فلك أن تراجعها فإنها مفيدة .
      أما قولك :والذي يظهر لي من كلام مالك ونحوه كراهة الصورة الأولى بأن يجلس جماعة يقرءون وردهم بالدور الأول فالثاني..لأنَّه كما تأول بعضهم له بأنَّه لم يعرفه من فعل السلف.. فهذا غير صحيح ، فلو تأملت كلامه جيدا لبان لك أنه لم يعرف القراءة الجماعية بصوت واحد وخاصة في كلام الطرطوشي الذي فصلها ، فهذا الذي لم يكن عليه عمل السلف ، ثم إذا رجعت إلى كلام العلماء الذي أشرت إليه في تعليق الأخ جمال تبين لك بوضوح ذلك
      وفقك الله وسدد خطاك على الحق ، والفهم الصحيح. والسلام عليكم ورحمة الله .

      تعليق


      • #4
        رد: إتحاف الراغب بحكم قراءة الحزب الراتب . أو إتحاف المؤمنين بحكم قراءة القرآن مجتمعين

        وعليك السلام ورحمة الله أخي الكريم أبا بكر
        أنا متى ما وجدت فرصة لقراءة المقال وتتبع كلام مالك وابن تيمية سأضع ما ظهر لي هنا، وإن كنت حقيقة حتى بعد كلامك عن فتوى ابن تيمية ما زلت أرى ما قلته.
        أما بالنسبة لكلام الإمام مالك -رحمه الله- وغيره ممن هو قريب منه فلعل مما يُساعد في معرفة مقصودهم ملاحظة متى نشأت هذه البدعة، فإن كانت متأخرة تيقنا إرادته الصورة الأولى ولا أستطيع أن أقول شيئا حتى أنظر في ما ورد وجزاك الله خيرًا.

        تعليق


        • #5
          رد: إتحاف الراغب بحكم قراءة الحزب الراتب . أو إتحاف المؤمنين بحكم قراءة القرآن مجتمعين

          السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
          الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
          و بعد
          أحببت أن أضيف للموضوع صورة بدعية مشابهة في الاجتماع لتلاوة كتاب الله للتحذير من انتشارها
          و لقد استفدها من فتوى للعلامة الشيخ بن باز رحمه الله من موقعه الرسمي وأضاف رحمة الله عليه العلة من النهي و الكراهة لهذه الكيفية في الاجتماع وهي غياب التدبر و التعقل في ايات الله اذ الاستماع و الانصاف يزيد من تدبر المسلم للسور و الايات
          و أنقل لكم السؤال و الفتوى

          الاجتماع على قراءة (يس) عدة مرات ثم الدعاء
          يوجد بالسجن بعض الأشخاص يجتمعون ويقرؤون سورة يس، ثم يتقدم أحدهم ويدعو، والباقي يرفعون أيديهم ويؤمنون على دعائه، وتكون القراءة بعدد معين مرة أو أكثر. فهل جاء في القرآن أو السنة ما يؤيد هذا؟ أفيدونا أفادكم الله؟


          بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

          أما بعد: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتمع بأصحابه ويقرأ القرآن في مجالسه عليه الصلاة والسلام، ويذكر أصحابه ويعلمهم ويوجههم إلى الخير عليه الصلاة والسلام، وربما مر بالسجدة في القرآن فيسجد ويسجدون معه، وربما أمر بعض أصحابه أن يقرأ وهو يستمع، كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذات يوم: ((يا عبد الله اقرأ علي القرآن))، فقال: يا رسول الله كيف أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((إني أحب أن أسمعه من غيري)) عليه الصلاة والسلام، قال عبد الله: فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا[1]، قال: ((حسبك))، قال عبد الله: فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام، يعني يبكي لما تذكر هذا الموقف العظيم يوم القيامة عليه الصلاة والسلام.

          فإذا اجتمع السجناء أو الإخوان في مجلس، أو في أي مكان، وقرؤوا ما تيسر من القرآن وتدبروا وتعقلوا وتذكروا فهذا خير عظيم، وفيه فضل كبير ويستحب لمن يسمع القرآن أن ينصت، حتى يستفيد ويتدبر، وإذا دعوا بعد القراءة بما شاءوا من الدعاء فلا حرج في ذلك.

          لكن كونهم يعتادون تكرار (يس) أو غيرها عدداً معيناً فهذا ما لا نعلم له أصلاً ولكن يقرؤون ما تيسر من (يس) أو من البقرة أو من غير ذلك، أو يتدارسون من أول القرآن إلى آخره، هذا يقرأ ثم يقرأ الآخر وهكذا، أو يقرأ هذا ثم يعيد القراءة هذا، حتى يستفيدوا جميعاً ويتدبروا.

          أما تخصيص عدد معين من السور وتكرار السورة فهذا ما لا أعلم له أصلاً، وكذلك رفع الأيدي لا أعلم أنه وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في اجتماعاته مع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فالأولى أن يكون الدعاء بما تيسر من غير رفع أيدٍ، ومن غير دعاء جماعي، بل كل يدعو لنفسه بما تيسر بينه وبين نفسه، هذا هو الذي نعلمه من السنة، ولكن ينبغي على كل جالس التدبر والتعقل، وأن تكون القراءة مقصودة ليس لمجرد القراءة فقط، ولكن يعتني المؤمن بما يقرأ وبما يسمع ويتدبر; لقوله عز وجل: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ[2]، فالمقصود من القراءة: التدبر والتعقل والعمل والفائدة، نسأل الله التوفيق والهداية.

          [1] النساء: 41.

          [2] ص: 29.
          و جزاكم الله خيرا شيخنا على الموضوع فنحن في مساجدنا في تونس منتشرة عندنا هذه الظاهرة بشكل كبير و انا في امس الحاجة لمثل هذه المقالات و الرسائل و لما لا في شكل مطويات ليسهل الدعوة بها للعامة

          تعليق


          • #6
            رد: إتحاف الراغب بحكم قراءة الحزب الراتب . أو إتحاف المؤمنين بحكم قراءة القرآن مجتمعين

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            : الشيخ تقي الدين الهلالي
            الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، و بعد: قال العلامة الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله في كتابه " الحسام الماحق" :
            " اعلم أنَّ الاجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نَزَلت عليهم السكينة و غَشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" . رواه مسلم من حديث أبي هريرة . لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة و يسمى ( عبد الله الهبطي ) وَقْفاً محدثاً ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة وهي بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة :
            الأولى: أنـها محدثة و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: " و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ".
            الثانية: عدم الإنصات فلا ينصت أحد منهم إلى الآخر، بل يجهر بعضهم على بعض بالقرآن، و قد نـهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: " كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن، و لا يؤذ بعضكم بعضاً ".
            الثالثة: أن اضطرار القارئ إلى التنفس و استمرار رفقائه في القراءة يجعله يقطع القرآن و يترك فقرات كثيرة فتفوته كلمات في لحظات تنفسه، و ذلك محرم بلا ريب .
            الرابعة : أنه يتنفس في المد المتصل مثل : جاء ، و شاء ، و أنبياء ، و آمنوا ، و ما أشبه ذلك فيقطع الكلمة الواحدة نصفين ، و لا شك في أن ذلك محرم و خارج عن آداب القراءة ، و قد نص أئمة القراءة على تحريم ما هو دون ذلك ، و هو الجمع بين الوقف و الوصل ، كتسكين باء ( لا ريب ) و وصلها بقوله تعالى :"فيه هدى" قال الشيخ التهامي بن الطيب في نصوصه : الجمع بين الوصل و الوقف حرام * نص علـيه غير عـالم هـمام.
            الخامسة: أن في ذلك تشبهاً بأهل الكتاب في صلواتـهم في كنائسهم. فواحدة من هذه المفاسد تكفي لتحريم ذلك، و الطامة الكبرى أنه يستحيل التدبر في مثل تلك القراءة و قد زجر الله عن ذلك بقوله في سورة محمد :" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" و نحن نشاهد معظم من يقرأ على تلك القراءة لا يتدبر القرآن و لا ينتفع به، و تالله لقد شاهدت قُراء القرآن على القبر فلم يتعظوا بمشاهدته و لا برؤية القبور و لا بما يقرؤونه من القرآن، فقبح الله قوماً هذا حالهم (و بعداً للقوم الظالمين) . قال أبو إسحاق الشاطبي في (الاعتصام): ( و اعلموا أنه حيث قلنا: إن العمل الزائد على المشروع يصير وصفاً له أو كالوصف فإنما يعتبر بأحد أمور ثلاثة: إما بالقصد، وإما بالعبادة، و إما بالزيادة أو بالنقصان . إما بالعبادة كالجهر و الإجتماع في الذكر المشهور بين متصوفة الزمان، فإن بينه و بين الذكر المشروع بوناً بعيداً إذ هما كالمضادين عادة، وكالذين حكى عنهم ابن وضاح عن الأعمش عن بعض أصحابه قال :( مَرَّ عبد الله برجل يقص في المسجد على أصحابه وهو يقول: سبحُوا عَشرَا و هللوا عشرَا، فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم أو أضل؟ بل هذا "يعني أضل" ). و في رواية عنه : أن رجلاً كان يجمع الناس فيقول: رحم الله من قال كذا و كذا مرة "الحمد لله"، قال فمر بـهم عبد الله بن مسعود فقال لهم: ( هُديتم لما لم يُهدَ نبيكم، وإنكم لتمسكون بذنب ضلالة ) ، وذكر لهم أن ناساً بالكوفة يسبحون بالحصى في المسجد فأتاهم و قد كوم كل رجل بين يديه كوماً من حصى قال: فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد و يقول : " لقد أحدثتم بدعة و ظلماً و كأنكم فقتم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم علمًا ").انتهى تعليق: و قد روي هذا الحديث عن ابن مسعود من طرق كثيرة بعبارات مختلفة لفظاً و متفقة معنى، بعض الروايات مطول و بعضها مختصر و فيه فوائد :
            الأولى: هذا الحديث موقوف و لكنه في حكم المرفوع، لأن ابن مسعود صرح بأن ذلك مخالف لسنة النبي صلى الله عليه و سلم ففي بعض الروايات " : وَيْحَكُم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هذه ثيابه لم تبل، و أوانيه لم تكسر، و نساؤه شواب، و قد أحدثتم ما أحدثتم" ، و في رواية أخرى أن عبد الله بن مسعود لما طردهم من مسجد الكوفة و رماهم بالحصباء، خرجوا إلى ظاهر الكوفة و بنوا مسجداً و أخذوا يعملون ذلك العمل، فأمر عبد الله بن مسعود بـهدمه فهدم .
            الثانية: أن البدعة و إن كانت إضافية شَرٌ من المعاصي كما حققه أبو إسحاق الشاطبي فهي حرام، إنما كانت شراً من المعاصي لأن المعصية يفعلها صاحبها وهو معترف بذنبه فيرجى له أن يتوب منها.
            الثالثة: أن المبتدع يستحق العقاب و الطرد من المسجد إن كان الابتداع فيه .
            الرابعة: أن كل مسجد بني على قبر أو بني لارتكاب البدع فيه يجب هدمه؛ لأنه مثل مسجد الضرار الذي أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بـهدمه و إحراقه، فهدمه أصحابه و جعل كناسة ترمي فيه الجيف، و قد نقل غير واحد عن ابن حجر الهيثمي أنه قال: ( إن هذه المساجد المبنية على القبور هي أحق بالهدم من مسجد الضرار )، وابن حجر هذا كان مبتدعاً ضالاً و لكنه في هذه المسألة قال الحق، والحكمة ضالة المؤمن، يأخذها حيث وجدها. أما الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني فهو إمام محقق لم يشرح أحد صحيح البخاري مثل شرحه المسمى بـ (فتح الباري) ولذلك قال العلماء: (لا هجرة بعد الفتح). أي لا شرح للبخاري يستحق الاعتبار بعد فتح الباري، ثم قال أبو إسحاق عاطفاً على البدع المنكرة: ( و من أمثلة ذلك أيضاً: قراءة القرآن على صوت واحد، فإن تلك الهيئة زائدة على مشروعية القراءة، و كذلك الجهر الذي اعتاده أرباب الرواية).

            قال محمد تقي الدين : و العجب من هؤلاء المشركين المبتدعين الضلال ، فإنـهم يتلونون تلون الحرباء لا يستقرون على حال أبداً ، فتارة يدعون أنـهم مقلدون لمالك ، و يرون من خالف مذهبه كمن خالف القرآن و السنة الثابتة المحكمة ، و يغلون في ذلك إلى أن يجعلوا البسملة و التعوذ و قراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية و الجهر بالتأمين و وضع اليمنى على اليسرى و رفع اليدين عند الركوع و الرفع منه و بعد القيام من التشهد الأول ، و السلام تسليمتين ( السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ) و ما أشبه ذلك من السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه و سلم التي يراها من له أدنى إلمام بالفقه في الدين كالشمس في رابعة النهار كأنه يشاهد النبي صلى الله عليه و سلم يفعلها لا يشك في ذلك و لا يرتاب فيه ، يجعلون ذلك من المنكرات التي يجب أن تغير ، و يكتب فيها من بلد إلى بلد مع أن مالكاً في الحقيقة قائل ببعضها تفصيلاً و بسائرها إجمالاً ، ثم يخالفون فيما ينهى عنه و يكرهه كراهة تحريم من البدع التي لا تسند إلى أي دليل كعبادة القبور و زيارتـها زيارة بدعية ، و قراءة القرآن على الميت بعد موته و على قبره ، و قراءة القرآن جماعة بصوت واحد ، و قراءة الأذكار و الأوراد كذلك ، و قد صرح بذلك خليل الذي يعدون مختصره قرآناً يتلى غلواً منهم و ضلالاً . قال في مختصره عاطفاً على المكروهات : ( و جهر بـها في مسجد كجماعة ) ، و لا يبالون بخلافه فيما اعتادوه من البدع ، فيحلونه عاماً و يحرمونه عاماً ، و ما أحسن قوله تعالى في سورة القصص يخاطب رسوله صلى الله عليه و سلم : ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم . و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدىً من الله . إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) ".
            انتهى ما قال رحمه الله.

            تعليق

            يعمل...
            X