إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

فوائد هامة فيما يخص اختيارات الإمام الشاطبي في رواية قالون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] فوائد هامة فيما يخص اختيارات الإمام الشاطبي في رواية قالون

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أما بعد:
    فإن من المباحث الهامة في علم القراءات: مبحث الاختيار عند القُرَّاء([1]). وإنَّ لهذا الاختيارِ شروطًا وضوابطَ, ومِن شروطه: أن يكون المُخْتَارُ أهلاً للاختيار.
    وإنّ ممن توافرت فيه شروط الاختيار: الإمام أبو محمد القاسم بن فِيرُّه بن خَلَف الشاطبي الرُّعَيْنِي الأندلسي (ت590هـ) صاحب "الشاطبية" - رحمه الله -.
    الإمام الشاطبي كان غرضُه الرئيسي مِن تأليفِه لـ"الشاطبية" هو اختصار كتاب "التيسير في القراءات السبع", إلا أنه لم يختصر "التيسير" اختصارًا محضًا؛ أي أنه لم يقتصِرْ فيها على ما جاء في "التيسير" دون زيادة أو نقصان؛ وإنما زاد فيها أشياء مِن اختياراته, وتَرَكَ أشياء مِما في "التيسير" لم يُضَمِّنْها إيَّاها.
    والدليل على أنه زاد في "الشاطبية" أشياءَ مِن اختياراته - قوُله في خُطبتها([2]):
    "وأَلْفَـافُهــا زادت بِنَشْـرِ فـوائــدٍ فَـلَفَّتْ حيـاءً وَجْهَها أن تُفَضَّلا"
    قال أبو شامة: "...فتلك الألفافُ نَشَرَتْ فوائدَ زيادةً على ما في كتاب "التيسير"؛ مِن زيادة وجوهٍ أو إشارةٍ إلى تعليلٍ وزيادةِ أحكامٍ وغير ذلك مما يذكره في مواضعه... " ([3]) اهـ.
    والدليل على أنه ترك أشياء مِن "التيسير" لم يُضَمِّنْها "الشاطبيةَ" - التتبُّعُ والاستقراءُ؛ فإن مَن قارنَ بين "الشاطبية" و"التيسير" يَجِدُ أن الشاطبي يترك أحيانًا بعضَ الأشياء مِن "التيسير" فلا يُضَمِّنُها "الشاطبيةَ" ([4]).
    والأوجُهُ التي زادها الشاطبي على ما في "التيسير" ([5]) يُطلَق عليها: "زيادات القصيد", وهي مما زاده الشاطبي مِن مرويَّاتِه الواسعة المسنَدة.

    بعد هذه التوطئة أدخل في صلب الموضوع:
    ظَهَرَتْ نابتةٌ جديدةٌ في الآونة الأخيرة يمنعون القراءة بكل ما خرج به الشاطبي عن طريق "التيسير", وأيضًا إلى يلزمونه بكل ما في "التيسير"؛ وذلك بحجة تحرير الطُّرُق!
    وهذا شيء عجيب!
    يا سبحان الله! أفهؤلاء أعلمُ مِن كُلِّ العلماء الذين تَلَقَّوْا هذه القصيدة بالقبول وقرؤوا بها وأقرؤوا طيلة هذه القرون المتعددة؟!
    وقد انبرى للرد على هذا المذهب عددٌ من علماء القراءات, منهم من رَدَّ بإجمال ومنهم مَن رد بتفصيل. ومن أجمل ما وقفتُ عليه من هذه الردود - مكتوبًا -: كتابات الشيخ إيهاب فكري (مدرِّس القرآن والقراءات بالمسجد النبوي الشريف), والتي منها: "تأصيل التحرير", وكتاب: "إنصاف الإمام الشاطبي", وما ضَمَّنَه كتابَه: "تقريب الشاطبية", وما سطَّرَه في مقدمة تحقيقه لكتاب: "شرح مقرب التحرير للنشر والتحبير". ولشيخي د. إبراهيم محمد كُشَيْدان (المقرئ بالقراءات العشر الكبرى والصغرى) ردود عليهم - أيضًا -, أتحَفَني بها حينما عرضتُ عليه عددًا مِن مباحث كتابي: "قرة العيون بتلخيص أصول رواية قالون".
    ومشاركةً مِنِّي في رد ذاك المذهب الغريب أكتُبَ هذا الموضوع, لاسيما وأنه قد تأثر بذاك المذهب عدد من طلبة القراءات.
    وخُطَّتي في هذا الموضوع هي إيراد ما يتيسر لي من الأوجه التي يمنعون مَن يقرأ برواية قالون مِن طريق "الشاطبية" - مِن القراءةِ بها أو يلزمونه بالقراءة بها, ثم إيراد كلام الشاطبي في "الشاطبية", ثم إيراد كلام الأئمة المحققين مِن شراح "الشاطبية" وغيرهم.
    وبما أن هذا البحثَ طويلٌ بعض الشيء والوقتَ ضيق؛ فإنني – إن شاء الله - سأجزئه إلى عدة مشاركات في كل مشاركة أتكلم على وجه, ثم بعد الانتهاء أقوم بدمج المشاركات كلها مع بعضها.
    وسأقتصر على رواية قالون فحسب, ثم إذا انتهيتُ منها ربما أنتقل إلى غيرها إن وجدتُ مَن يساعدني في ذلك – إن شاء الله -.
    أسأل الله التوفيق والإعانة والسداد, وأن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم, وأن ينفع به أهل القرآن, إنه – سبحانه وتعالى – ولي ذلك والقادر عليه.
    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    كتبه
    علي بن أمير المالكي








    ([1]) أفضلُ ما وقفتُ عليه من الكتب المتعلقة بهذا الموضوع: رسالة ماجستير عنوانها: "الاختيار عند القراء .. مفهومه, مراحله, وأثره في القراءات" لأمين بن إدريس بن عبد الرحمن فلاته, قدمها لجامعة أم القرى بمكة المكرمة (وهو موجود في موضوع على شبكة الإمام الآجري).

    ([2]) (ص6/ البيت 69).

    ([3]) انظر «إبراز المعاني» (ص51).

    ([4]) انظرها في «تقريب الشاطبية» (ص564-565).

    ([5]) انظرها في «تقريب الشاطبية» (ص554-564).

  • #2
    رد: فوائد هامة فيما يخص اختيارات الإمام الشاطبي في رواية قالون

    1- مبحث ميم الجمع:
    إذا وقعَتْ ميمُ الجمعِ قبلَ متحركٍ فيجوز لنا إذا قرأنا برواية قالون من طريق "الشاطبية" - أن نَصِلَها بأحد الوجهين التاليين:
    - الإسكان.
    - الضم مع الصلة.

    قال الشاطبي:

    وَصِلْ ضَمَّ ميمِ الجمعِ قبل مُحَرَّكٍ *** دِراكًا وقالونٌ بتخييره جَلَا
    قال أبو شامة في "إبراز المعاني" (ص 74) : "... "جلا" أي: كشف؛ وذلك لأنه نبه بتخييره بين مثل قراءة ابن كثير وقراءة الجماعة - على صحة القراءتين وثبوتهما, أي: يروى عن قالون الوجهان: الوصلُ, وتَرْكُه" اهـ.
    وقال ابن القاصح في "سراج القارئ" (ص 32) : "... "وقالون بتخييره جلا" يعني: أن قالون روى عنه في ضم ميم الجمع وجهان خيّرَ فيهما القارئ إن شاء ضمَّها ووصَلَها بواو كابن كثير, وإن شاء قرأ بإسكانها كالجماعة.
    وحكى مكيٌّ الخلافَ مرتِّبا الإسكان لأبي نشيط والصلة للحلواني, وليست جيم "جلا" رمزا لتصريحه بالاسم, ومعناه: كشف؛ لأنه نبه بالتخيير على ثبوت القراءتين" اهـ.
    وقال ابن الجزري في "النشر" (1/ 273) : "....وَأَطْلَقَ التَّخْيِيرَ لَهُ فِي "الشَّاطِبِيَّةِ"..." اهـ.

    فهاأنت ترى أنه يجوز لك أن تقرأ من طريق "الشاطبية" بأيِّ الوجهَيْنِ شئتَ
    خلافًا لِمَا يدَّعيه أولئك المشايخ مِن أنه ليس يُقرَأُ مِن طريق "الشاطبية" إلا بوجه الضم(1).

    واعلم أن الشاطبي قد أطلق جواز الوجهين, ولم يُفَضِّلْ أحدَهما على الآخر كما فعل - على سبيل المثال لا الحصر - في "عين" في فاتحتي مريم والشورى حين قال:
    .................... **** وفي عينٍ الوجهان والطولُ فُضِّلَا
    وأيضًا لم يَذكُرْ أحدٌ عنه - فيما أعلم - أنه كان يفضِّلُ أحد الوجهين على الآخر.
    وقد سألتُ شيخَ شيوخي محمد عبد الحميد عبد الله خليل (شيخ قراء الإسكندرية, وتلميذ الشيخ عبد الرحمن الخليجي المحرِّر المعروف) - عن الوجه الأقوى من حيث الرواية أَهُوَ وجه الإسكان أم وجه الضم؟ فقال لي: هما متساويان في القوة.


    والله - تعالى - أعلم.


    ______________________
    (1) وحجتُهم في ذلك هي قولهم: أن وجه الضم هو الذي قرأ به الداني على أبي الفتح؛ فهو إذَن طريقُ "التيسير", وأن وجه الإسكان هو الذي قرأ به الداني على أبي الحسن؛ فهو إذَن ليس من طريق "التيسير".
    ونرد عليهم مِن عدة أوجُه, مِنها:
    الوجه الأول - أن طريق "التيسير" لرواية قالون ليست هي فقط رواية الداني عن أبي الفتح؛ فإن الداني لم يقتصر عليها هي فقط؛ وإنما اختارَ أوجُهًا أخرى من مرويَّاتِه المُسنَدَة مِن غيرِ طريقِ أبي الفتح, وهو أهلٌ للاختيار - بلا شك -. وقد بينتُ ذلك في هذا الموضوع: http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=31266
    الوجه الثاني -هَبْ أنَّ الداني اقتصر في "التيسير" على ما قرأه على أبي الفتح فقط وَمِن ثَمَّ أخطأَ عندما زادَ وجهَ الإسكان؛ لِمَ لَمْ يَستدرِكِ العلماءُ عليه ذلك وفي مقدمتهم الشاطبي - مُخْتَصِرُ "التيسير" - وابن الجزري - مُحَبِّرُه -؟! هل أنتم أرسخ في هذا العلم مِن كل هؤلاء؟!
    الوجه الثالث - أيضًا على الفرضية السابقة؛ أوَلَيْسَ الشاطبي اختار ذلك - وهو أهلٌ للاختيار -؟!
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن علي المالكي; الساعة 06-Jan-2013, 11:33 PM.

    تعليق


    • #3
      رد: فوائد هامة فيما يخص اختيارات الإمام الشاطبي في رواية قالون

      2- كلمة {يأته} بسورة طه:
      يجوز لنا - إذا قرأنا برواية قالون من طريق "الشاطبية" - أن نَصِلَ الهاءَ في هذه الكلمة بأحد الوجهين التاليين:
      - القصر (ويُرادُ به في هذا الباب: تركُ الصلة), ويطلق عليه البعضُ: الاختلاس
      - الصلة

      قال الشاطبي:

      وفي الكلِّ قَصْرُ الهاءِ بَانَ لِسَانُه ... بِخُلْفٍ وفي طه بوجهين بُجِّلَا
      قال السخاوي في "فتح الوصيد" (1 / 265): "ومعنى قوله : "بوجهين بجِّلا" أي : وُقِّرَا فلم يُطْعنْ فيهما. وقد ذكر الحافظ أبو عمرٍو عن قالون اختلاسَ حركةِ الهاءِ في الوصل، وقال: "أقرأني ذلك أبو الفتح، وأقرأني أبو الحسن بالصلة"(1)، وهو معنى "بوجهين بجلا"" اهـ
      وقال أبو شامة في "إبراز المعاني" (ص 109): "وأما حرفُ طه فـ...لقالون وجهان: القصر, والصلة". اهـ
      وقال ابن القاصح في "سراج القارئ" (ص 46): "أخبر أن قالونًا - وهو المشار إليه بالباء من قوله: بُجِّلا" - عنه في {يأته مؤمنا} وجهان, وقد تقدم أن السوسي وحده قرأ بالإسكان, فعلمنا أن الوجهين هما: الاختلاس, والصلة.
      وتعين للباقين القراءة بالصلة.
      ومعنى "بجلا" أي: وقر, وهو عائد على الوجهين". اهـ

      وقال ابن الجزري في "النشر" (1/ 310): "وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ عَنْهُ صَاحِبُ "التَّيْسِيرِ"، وَالشَّاطِبِيُّ، وَمَنْ تَبِعَهُمَا" اهـ

      فهاأنت ترى أنه يجوز لك أن تقرأ من طريق "الشاطبية" بأي الوجهين شئت
      خلافا لما يدعيه أولئك المشايخ من أنه ليس يُقرَأُ مِن طريق "الشاطبية" إلا بوجه الصلة؛ محتجين على ذلك بأنها هي فقط قراءة الداني على أبي الفتح


      ___________________________
      (1) كذا قال, ولعله سبقُ قلَمٍ منه - رحمه الله -؛ فإن الداني قال - كما في "جامع البيان" (3/ 974) -: "وبكسر الهاء قرأت في الباب كله من غير صلة لقالون من جميع الطرق ما خلا قوله: {ومن يأته مؤمنا} في طه؛ فإني قرأت على أبي الفتح بالصّلة، وعلى أبي الحسن بالاختلاس من غير صلة" اهـ, ويؤيدُ هذا قولُ أبي الحسن ابن غلبون في "التذكرة" (2/ 432): "وقرأ قالون: {ومن يأته مؤمنا} بوصل الهاء بكسرة مختلَسة" اهـ.
      التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن علي المالكي; الساعة 25-Jan-2013, 04:48 AM.

      تعليق


      • #4
        رد: فوائد هامة فيما يخص اختيارات الإمام الشاطبي في رواية قالون

        3- المد المتصل والمد المنفصل:

        يجوز لنا - إن قرأنا برواية قالون من طريق "الشاطبية" - أن نمد المد المتصل بمقدار أربع حركات, وأن نمد المد المنفصل بمقدار حركتين أو أربع حركات.

        قال الشاطبي:
        إذا أَلِفٌ أو ياؤها بعد كسرةٍ **** أوِ الواوُ عن ضمٍّ لَقِي الهمزَ طُوِّلا
        فإن ينفصل فالقصرَ بادِرْهُ طالبًا **** بخُلْفِهما يُرْويكَ دَرًّا ومُخْضَلا

        قال ابن القاصح في "سراج القارئ" (ص 50- 52): "...وعلم أن كلامه في [البيت الثاني] على المد المتصل من قوله بعد: "فإن ينفصل", ولم يخص أحدا من القراء؛ فحمل على العموم, وسمي هذا النوع من المد: "المتصل"؛ لاتصال الهمزة بكلمة حرف المد, وله محل اتفاق ومحل اختلاف؛ فمحل الاتفاق هو أن السبعة الأشياخ اتفقوا على المد قبل الهمز, ومحل الخلاف هو تفاوت الزيادة في المراتب, ونصوص النقلة فيها مختلفة, وعبارة بعضهم توهم التسوية, وأما عبارة الناظم - رضي الله عنه - فمطلقة تحتمل التفاوت والتسوية, وقال السخاوي عنه (أي عن الشاطبي - رحمه الله -): "إنه كان يروي في هذا النوع مرتبتين: طولى لورش وحمزة, ووسطى للباقين, ويعلل عدوله عن المراتب الأربع التي ذكرها صاحب "التيسير" وغيره(1) بأنها لا تتحقق ولا يمكن الإتيان بها في كل مرة على قدر السابقة"(2), وقال صاحب "النكت": "لم يتعرض في القصيد لذكر التفاضل في المد, فكان رأيه - يعني الناظم - أنه يمد في المتصل مدتين: طولى لورش وحمزة, ووسطى لمن بقي, وفي المنفصل:
        * أن يمد لورش وحمزة مدة طولى
        * ويمد لقالون والدوري - على رواية من يروي لهما المد - وابن عامر والكسائي وعاصم مدة وسطى
        * ويقصر لابن كثير والسوسي بلا خلاف, ولقالون والدوري - في رواية من يروي لهما القصر –
        وقيل: الأولى لمن قرأ من هذه القصيدة أن يسلك طريقة الناظم - رحمه الله –(3), ولعله استأثر بنقله.
        قلت: وكذلك قرأت على الشيخ علاء الدين - رحمه الله -.
        ثم ذكر المنفصل فقال:
        فإن ينفصل فالقصر بادره طالبا ... بخلفهما يرويك درّا ومخضلا
        أي: فإن ينفصل حرف المد واللين من الهمز (مثل: أن يكون حرف المد آخر كلمة, والهمز أول الكلمة الأخرى)؛ فالقصر بادره (أي: سارع إليه). أمر بمبادرة القصر للمشار إليهما بالباء والطاء من قوله: "بادرة طالبا"؛ وهما: قالون, والدوري عن أبي عمرو. ثم قال: "بخلفهما"؛ أي: بخلاف عنهما (أي: بوجهين: القصر, والمد). وأشار بالياء والدال من قوله: "يرويك درّا" إلى السوسي وابن كثير؛ يعني أنهما قَرَءَا بالقصر بلا خلاف, فتعين للباقين المد لا غير.
        وتفاضل المد في هذا الضرب – أيضا - على حسب ما ذكر عن الناظم من كونه على مرتبتين, ولم يذكر صاحب التيسير القصر عن الدوري, فهو من زيادات القصيد. وحدّ القصر أن يقتصر على ما في حرف المد من المد الطبيعي الذي فيه كما إذا لم يصادف همزة. وإنما أَمَرَ بمبادرة القصر لأصالته, ولأن المد فرعه". اهـ.

        قال ابن الجزري في "النشر" (1/ 333) - بعدما سرد ما تيسر له مِن أقوال أئمة القراءة في مقادير المدود -: "فَهَذَا مَا حَضَرَنِي مِنْ نُصُوصِهِمْ, وَلَا يَخْفَى مَا فِيهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الشَّدِيدِ فِي تَفَاوُتِ الْمَرَاتِبِ, وَأَنَّهُ مَا مِنْ مَرْتَبَةٍ ذُكِرَتْ لِشَخْصٍ مِنَ الْقُرَّاءِ إِلَّا وَذُكِرَ لَهُ مَا يَلِيهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ قُرْبِ كُلِّ مَرْتَبَةٍ مِمَّا يَلِيهَا، وَإِنَّ مِثْلَ هَذَا التَّفَاوُتِ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ، وَالْمُنْضَبِطُ مِنْ ذَلِكَ - غَالِبًا - هُوَ: الْقَصْرُ الْمَحْضُ, وَالْمَدُّ الْمُشْبَعُ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ عُرْفًا، وَالتَّوَسُّطُ بَيْنَ ذَلِكَ. وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ تَجْرِي فِي الْمُنْفَصِلِ، وَيَجْرِي مِنْهَا فِي الْمُتَّصِلِ الِاثْنَانِ الْأَخِيرَانِ (وَهُمَا: الْإِشْبَاعُ, وَالتَّوَسُّطُ)، يَسْتَوِي فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَيَشْتَرِكُ فِي ضَبْطِهِ غَالِبُهُمْ، وَتَحْكُمُ الْمُشَافَهَةُ حَقِيقَتَهُ، وَيُبَيِّنُ الْأَدَاءُ كَيْفِيَّتَهُ، وَلَا يَكَادُ تَخْفَى مَعْرِفَتُهُ عَلَى أَحَدٍ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَئِمَّتِنَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ, وَأَبُو الْقَاسِمِ الطَّرَسُوسِيُّ، وَصَاحِبُهُ أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ خَلَفٍ، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ; وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ فِي قَصِيدَتِهِ فِي الضَّرْبَيْنِ تَفَاوُتًا، وَلَا نَبَّهَ عَلَيْهِ، بَلْ جَعَلَ ذَلِكَ مِمَّا تَحْكُمُهُ الْمُشَافَهَةُ فِي الْأَدَاءِ...". اهـ

        فهذا هو مذهب الإمام الشاطبي في مراتب المد. خلافًا لما يفعله البعضُ مِن إلزامِ الإمام الشاطبي بالأوجه التي لم يختَرْها؛ بدعوى أنها طريق "التيسير"!

        _______________________

        (1) وهي: فويق القصر (ومقدارها ألِفٌ ونصف), والتوسط (ومقدارها ألِفَان), وفويق التوسط (ومقدارها ألفان ونصف), والطول (ومقدارها ثلاث ألفات).
        فأخذ الشاطبي مِن هذه المراتب الأربع بمرتبتين فقط؛ هما: التوسط, والإشباع. (على ما سيأتي بيانه في الأعلى), وترك فويق القصر وفويق التوسط.
        (2) في "فتح الوصيد (1/ 271)؛ ونص عبارته: "وكان شيخنا(أ) - رحمه الله - يرى في هذا الضرب(ب) بمدتين: طولى لورش وحمزة, ووسطى لمن بقي. ويقول: "هذه الرتب في المد لا تتحقق؛ لأن ذلك يؤدي إلى ما لا يجوز من الطول أو القِصَر, ولأن المد لكل فريق ممن ذُكِر لا يُعلَمُ عينُه وحده(جـ) فيأتي به القارئ لمن نُسِبَ إليه في كل مرة من غير زيادة ولا نقصان. وإذا امتنع عِلْمُ ذلك ثبت أن ذِكْرَ ذلك تنبيهٌ على ما يؤثِر القراء في مذاهبهم مِنْ حَدْرٍ أو تحقيقٍ - كما ذكر أبو عمرٍو -" ". اهـ
        (3) وهذا ما جرى عليه جَمْعٌ مِن المشايخ المعاصرين, وقد سألتُ شيخ شيوخنا محمد عبد الحميد عبد الله: هل يصح أن نقرأ من "طريق الشاطبية" بفويق القصر أو فويق التوسط؟ فأجابني أنْ لا.

        .......................................
        (أ) يعني الشاطبي.
        (ب) يعني: المتصل (انظر "تقريب الشاطبية" (ص67)).
        (جـ) أظُنُّها: وَحَدُّه. هي غير مشكولة في المتن المحقق (ط دار العاصمة, بتحقيق الإدريسي).

        تعليق


        • #5
          رد: فوائد هامة فيما يخص اختيارات الإمام الشاطبي في رواية قالون

          4- "أئمة"
          إذا قرأنا برواية قالون من طريق الشاطبية فإن لنا في الهمزة الثانية مِن لفظِ: "أئمة" التسهيل فقط.

          قال الشاطبي:
          وآئمّةً بالخُلْفِ قَدْ مَدَّ وَحْدَهُ(1) *** وسَهِّلْ سَمَا وصْفًا وفي النحو أُبدِلا

          قال ابن القاصح في "سراج القارئ" (ص 6:
          "وقوله: وسهل سما وصفا" أمر بتسهيل الهمزة الثانية للمشار إليهما بـ:"سما" -وهم: نافع, وابن كثير, وأبو عمرو-, فتعين للباقين التحقيق.
          ونبه بسموّ وصف التسهيل على حسنه واشتهاره.
          وقوله: "وفي النحو أبدلا" إخبارٌ بمذهب بعض النحويين في هذه الهمزة؛ فإنهم يبدلونها ياءً, نص على ذلك أبو علي في "الحجة", والزمخشري في "مفصله", ووافقهم بعض القراء وقرؤوا بياء مكسورة ونصوا عليه في كتبهم, واختار الزمخشري مذهب القراء ونص عليه في "تفسيره"؛ فحصل من الكتابين مجموع الأمرين, وقال الداني: "بهمزة وياء مختلسةِ الكسر". قلت: يريد التسهيل, وأما البدل فمن الزيادات". اهـ.

          وقال ابن الجزري في "النشر" (1/ 378-381):"حَقَّقَ الْهَمْزَتَيْنِ جَمِيعًا ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَرَوْحٌ, وَسَهَّلَ الثَّانِيَةَ فِيهَا الْبَاقُونَ، وَهُمْ: نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَرُوَيْسٌ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ عَنْ رَوْحٍ بِتَسْهِيلِهَا مَعَ مَنْ سَهَّلَ، فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ عَنْهُ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُمْ فِي كَيْفِيَّةِ تَسْهِيلِهَا؛ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ إِلَى أَنَّهَا تُجْعَلُ بَيْنَ بَيْنَ -كَمَا هِيَ فِي سَائِرِ بَابِ الْهَمْزَتَيْنِ مِنْ كَلِمَةٍ-، وَبِهَذَا وَرَدَ النَّصُّ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ أَصْحَابِ وَرْشٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: " "أَئِمَّةَ" بِنَبْرَةٍ وَاحِدَةٍ وَبَعْدَهَا إِشْمَامُ الْيَاءِ"، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَصَّ طَاهِرُ بْنُ سَوَّارٍ, وَالْهُذَلِيُّ, وَأَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ, وَابْنُ الْفَحَّامِ الصَّقَلِّيُّ, وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ, وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ, وَابْنُ سُفْيَانَ, وَأَبُو الْعِزِّ فِي "كِفَايَتِهِ", وَمَكِّيٌّ فِي "تَبْصِرَتِهِ", وَأَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ, وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ صَاحِبِ "التَّيْسِيرِ" وَ"التَّذْكِرَةِ" وَغَيْرِهِمَا: "بِيَاءٍ مُخْتَلَسَةِ الْكَسْرَةِ", وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ مِهْرَانَ: "بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مَمْدُودَةٍ". وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهَا تُجْعَلُ يَاءً خَالِصَةً، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ فِي "كَافِيهِ"، وَأَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ فِي "إِرْشَادِهِ"، وَسَائِرُ الْوَاسِطِيِّينَ، وَبِهِ قَرَأْتُ مِنْ طَرِيقِهِمْ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ مُؤْمِنٍ فِي "كَنْزِهِ": "إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمُحَقِّقِينَ يَجْعَلُونَهَا يَاءً خَالِصَةً، وَأَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ، وَالدَّانِيُّ فِي "جَامِعِ الْبَيَانِ"، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَالشَّاطِبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ - أَنَّهُ مَذْهَبُ النُّحَاةِ.
          قُلْتُ: وَقَدِ اخْتَلَفَ النُّحَاةُ أَيْضًا فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْيَاءِ أَيْضًا وَكَيْفِيَّةِ تَسْهِيلِهَا؛ فَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ -فِي بَابِ شَوَاذِّ الْهَمْزِ مِنْ كِتَابِ: "الْخَصَائِصِ" لَهُ-: "وَمِنْ شَاذِّ الْهَمْزِ عِنْدَنَا: قِرَاءَةُ الْكِسَائِيِّ "أَئِمَّةَ" بِالتَّحْقِيقِ فِيهَا؛ فَالْهَمْزَتَانِ لَا تَلْتَقِيَانِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَا عَيْنَيْنِ -نَحْوُ: سَالَ, وَسَارَ, وَجَار-, فَأَمَّا الْتِقَاؤُهُمَا عَلَى التَّحْقِيقِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ فَضَعِيفٌ عِنْدَنَا, وَلَيْسَ لَحْنًا"... ثُمَّ قَالَ: "لَكِنِ الْتِقَاؤُهُمَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرَ عَيْنَيْنِ لَحْنٌ، إِلَّا مَا شَذَّ مِمَّا حَكَيْنَاهُ فِي "خَطَّاءٍ" وَبَابِهِ".
          قُلْتُ: وَلَمَّا ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ التَّحْقِيقَ قَالَ: "وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ التَّحْقِيقَ فِي: "آدَمَ, وَآخَرَ, وَنَحْوِ ذَلِكَ, فَكَذَا يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ "أَئِمَّةَ" ".
          قُلْتُ: يُشِيرُ إِلَى أَنَّ أَصْلَهَا: "أَأْيِمَة" عَلَى وَزْنِ: "أَفْعِلَةٍ", جَمْعُ إِمَامٍ، فَنَقَلَ حَرَكَةَ الْمِيمِ إِلَى الْهَمْزَةِ السَّاكِنَةِ قَبْلَهَا مِنْ أَجْلِ الْإِدْغَامِ؛ لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ، فَكَانَ الْأَصْلُ الْإِبْدَالَ مِنْ أَجْلِ السُّكُونِ, وَلِذَلِكَ نَصَّ أَكْثَرُ النُّحَاةِ عَلَى إِبْدَالِ الْيَاءِ -كَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي "الْمُفَصَّلِ"-. قَالَ أَبُو شَامَةَ: "وَوَجْهُهُ النَّظَرُ إِلَى أَصْلِ الْهَمْزَةِ -وَهُوَ السُّكُونُ-، وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْإِبْدَالَ مُطْلَقًا". قَالَ: "وَتَعَيَّنَتِ الْيَاءُ لِانْكِسَارِهَا الْآنَ؛ فَأُبْدِلَتْ يَاءً مَكْسُورَةً، وَمَنَعَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ تَسْهِيلَهَا بَيْنَ بَيْنَ، قَالُوا: لِأَنَّهَا تَكُونُ بِذَلِكَ فِي حُكْمِ الْهَمْزَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَ الْعَرَبِ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ "جَاء": "جَائِيٌّ" فَقَلَبُوا الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ يَاءً مَحْضَةً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا؟ ثُمَّ إِنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ خَالَفَ النُّحَاةَ فِي ذَلِكَ وَاخْتَارَ تَسْهِيلَهَا بَيْنَ بَيْنَ؛ عَمَلًا بِقَوْلِ مَنْ حَقَّقَهَا كَذَلِكَ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ، فَقَالَ فِي "الْكَشَّافِ" -مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ عِنْدَ ذِكْرِ "أَئِمَّةً"-: "فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ لَفْظُ "أَئِمَّة"؟ قُلْتُ: هَمْزَةٌ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ بَيْنَ بَيْنَ (أَيْ: بَيْنَ مَخْرَجِ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ). قَالَ: "وَتَحْقِيقُ الْهَمْزَتَيْنِ قِرَاءَةٌ مَشْهُورَةٌ -وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِمَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ-". قَالَ: "وَأَمَّا التَّصْرِيحُ بِالْيَاءِ فَلَيْسَ بِقِرَاءَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ، وَمَنْ صَرَّحَ بِهِ فَهُوَ لَاحِنٌ مُحَرِّفٌ".
          قُلْتُ: وَهَذَا مُبَالَغَةٌ مِنْهُ، وَالصَّحِيحُ ثُبُوتُ كُلِّ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ -أَعْنِي: التَّحْقِيقَ, وَبَيْنَ بَيْنَ, وَالْيَاءَ الْمَحْضَةَ- عَنِ الْعَرَبِ، وَصِحَّتُهُ فِي الرِّوَايَةِ -كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَمَّنْ تَقَدَّمَ-، وَلِكُلٍّ وَجْهٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ سَائِغٌ قَبُولُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ". اهـ.

          فبان بهذا أن قول بعضهم أنه يجوز كلٌّ مِن الإبدال والتسهيل من طريق "الشاطبية" - قول غير صحيح.

          ____________________
          (1) يعني هشامًا.
          التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن علي المالكي; الساعة 15-Nov-2013, 03:47 AM.

          تعليق


          • #6
            رد: فوائد هامة فيما يخص اختيارات الإمام الشاطبي في رواية قالون

            5- حرف المد الواقع قبل الهمز المغيَّر
            إذا قرأنا برواية قالون من طريق "الشاطبية" فإن لنا في حرف المد الواقع قبل همزٍ مغيَّرٍ بالتسهيل أو بالإسقاط - وجهان: القصر, والمد. ووجه المَدِّ أرجَحُ مِن وجهِ القصرِ –بكل حال-.
            قال الشاطبي:
            وإنْ حَرْفُ مَدٍّ قَبْلَ هَمْزٍ مُغَيَّرٍ *** يَجُزْ قَصْرُه, والمدُّ ما زال أَعْدَلَا
            قال إيهاب فكري في: "تقريب الشاطبية" (ص79): "ذكر –رحمه الله- في هذا البيت قاعدة كلية لكل القراء, فأخبر أن المد إذا وقع قبل همز مغير قد غُير بالتسهيل أو الحذف ففيه وجهان: أحدهما القصر, والثاني المد, ورجح [المد] بقوله: "والمد ما زال أعدلا" أي: أرجح مِن القصر...". اهـ
            وقال أبو شامة في "إبراز المعاني" (ص143-144): "هذا الخلاف يجيء على مذهب أبي عمرو وقالون والبزي؛ لأنهم يغيرون الأولى إسقاطا أو تسهيلا.
            ووجْهُ القصرِ زوالُ الهمز أو تَغَيُّرُه عن لفظه المستثقَل، والمدُّ إنما كان لأجله.
            ووجه المد النظرُ إلى الأصل -وهو الهمز- وتَرْكُ الاعتدادِ بما عَرَضَ مِن زواله.
            ونَبَّه على ترجيح وجه المد بقوله: "والمد ما زال أعدلا"؛ لقول صاحب التيسير: "إنه أَوْجَهُ", فإنه قال: "ومتى سُهِّلت الهمزة الأولى من المتفقتين أو أُسقِطَت فالألف التي قبلها مُمَكَّنَةٌ على حالها مع تخفيفها اعتدادًا بها، ويجوز أن يقصر الألف؛ لعدم الهمزة لفظا, والأول أوجه".
            ثم اعلم أن هذين الوجهين على قراءة الإسقاط إنما هما في مذهب من يقصر في المنفصل؛ كالبزي, والسوسي, وقالون والدوري في أحد الروايتين عنهما؛ فإنهم يمدون المتصل -نحو: {جاء}، {السماء}، {أولياء}-, فلما تغيرت الهمزة في قراءتهم اتجه الخلاف المذكور, وأمّا في قراءة من يمد المتصل والمنفصل جميعا فكل ذلك ممدود له بلا خلاف -كالرواية الأخرى عن قالون والدوري-؛ لأنه كيف ما فُرِضَ الأمر فهو إما متصل أو منفصل, فليس لهم إلا المد. وكذا على قولِ من زعم أن الهمزة الساقطة هي الثانيةُ ليس له إلا المد في قراءته؛ لأن الكلمة التي فيها المد المتصل بحالها. ويجري الوجهان لحمزة في وقفه على نحو: {الملائكة} و{إسرائيل}.
            وكل هذه تنبيهات حسنة.
            والله أعلم.
            ومضى وجه قوله: "وإن حرف مد بغير فعل" مفسرًا في شرح قوله: "وإن همز وصل" في الباب السابق". اهـ.
            وانظر كلام الإمام ابن الجزري في "النشر" (1/ 354-وما بعدها)؛ فقد فصَّل الكلام على هذه المسألة تفصيلًا طويلًا, وذَكَرَ في كلامِه أن المدَّ أولى بكلِّ حالٍ في مذهب الداني والشاطبي.
            قال إيهاب فكري في "تقريب الشاطبية" (ص570): "فما في "الشاطبية" –إذَن- هو مذهب الشاطبي, وله دليل عليه, ولَمْ يفُت الشاطبيَّ تقييدُ مذهَبِه بما يُلزِمُه به جمهورُ المتأخرين –وسيأتي الكلام على قولِهم- فيحتاجَ إلى إصلاحِ الخَرْقِ ممن بعدَه.
            وجمهورُ المتأخرين يرَون أن قولَ الشاطبيِّ المذكورَ يجب تقييدُه بما يبقى فيه أثَرُ الهمزِ فقط, وأما إذا حُذِفَ الهمزُ فالقصرُ أولى مِن المد.
            ولذا زاد بعضُ المحررين على "الشاطبية" على بيتِ الشاطبيِّ السابقِ البيتَ التاليَ:
            إذا أثَرُ الهمزِ المغيرِ قد بقي *** ومع حذفِه فالقصرُ كان مفضَّلا
            وحجتُهم في ذلك أن ابنَ الجزري اختار هذا المذهب.
            ولكن لا ينبغي أن يُعتَبَرَ مذهبُ ابنِ الجزري تحريرًا يُلغى به مذهبُ الشاطبي, وإنما هو اختيارٌ لِمَن بعدَ الشاطبي, ولا يُلغى اختيارُ الشاطبي باختيارِ مَن بعدَه". اهـ بتصرُّفٍ.

            هذا, واعلم أن مذهب الشاطبي في الهمزتين من كلمتين إذا كانتا مفتوحتين هو أن المحذوفة هي الهمزة الأولى لا الثانية, فإنه قال:
            وأسقَطَ الُاولى في اتفاقهما معًا *** إذا كانتا مِن كِلْمَتَيْنِ فَتَى العَلَا
            ثم قال:
            وقالونُ والبَزّيُّ في الفتحِ وافَقَا *** ...................................
            فأنت تلاحِظُ أنه يذهب إلى أن الساقطة هي الأولى.

            تعليق


            • #7
              رد: فوائد هامة فيما يخص اختيارات الإمام الشاطبي في رواية قالون

              6- أأُشهدوا
              قال الشاطبي:
              وَسَكِّنْ وَزِدْ هَمْزًا كَوَاوٍ أَؤُشْهِدوا ... أَمِينًا وَفِيهِ الْمَدُّ بِالْخُلْفِ بَـلَّلا


              قال أبو شامة في "إبراز المعاني" (ص 679):
              "(أشهدوا) مفعولُ (وسكن)؛ يعني: سكن الشين المفتوحة من قوله تعالى: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} وزد بعد همزة الاستفهام همزة مسهلة كالواو؛ أي: همزة مضمومة مسهلة بين بين، كما يُقرأ: "أَؤُنَبِّئُكُمْ"، فيكون أصله: أُشْهِدُوا؛ أي: حضروا، ثم دخلت عليه همزة الاستفهام التي بمعنى الإنكار، فهو من معنى قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ... الآية، وعن قالون خلاف في المد بين هاتين الهمزتين، وهو يمد بلا خلاف بين الهمزتين من كلمة مطلقا، ومعنى (بلل) قلل. وقراءة الباقين من (شَهِدُوا) بمعنى حضروا، ثم دخلت على الفعل همزة الإنكار، وفي معنى هذه الآية قوله سبحانه في سورة والصافات منكرا عليهم: {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ}". اهـ.


              وقال ابن الجزري في "النشر" (1/ 376 - 377):
              "قرأ نافعٌ {أَأُشْهِدُوا خَلْقَهُمْ} فِي الزُّخْرُفِ بهمزتين: الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ، وَالثَّانِيَةُ مَضْمُومَةٌ، مَعَ إِسْكَانِ الشِّينِ، وَسَهَّلَ الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ بَيْنَ بَيْنَ -عَلَى أَصْلِهِ-، وَاخْتُلِفَ عَنْ قَالُونَ؛ فَرَوَاهُ بِالْمَدِّ مِمَّنْ رَوَى الْمَدَّ فِي أَخَوَاتِهِ: الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَقَطَعَ بِهِ سِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي "الْمُبْهِجِ" لِأَبِي نَشِيطٍ، وَكَذَلِكَ الْهُذَلِيُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْعِزِّ وَابْنُ سَوَّارٍ لِلْحُلْوَانِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْحَمَّامِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ الْقَصْرَ كُلُّ مَنْ رَوَى عَنْهُ الْقَصْرَ فِي أَخَوَاتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي "الْهِدَايَةِ"، وَ"الْهَادِي"، وَ"التَّبْصِرَةِ"، وَ"الْكَافِي"، وَ"التَّلْخِيصِ"، وَ"غَايَةِ الِاخْتِصَارِ"، وَ"التَّذْكِرَةِ"، وَأَكْثَرُ الْمُؤَلِّفِينَ سِوَاهُ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ، وَهُوَ فِي "الْمُبْهِجِ"، وَ"الْمُسْتَنِيرِ"، وَ"الْكِفَايَةِ"، وَغَيْرِهَا عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، وَقَطَعَ بِهِ سِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي "كِفَايَتِهِ" مِنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي نَشِيطٍ فِي "التَّيْسِيرِ"، وَ"الشَّاطِبِيَّةِ"، وَ"الْإِعْلَانِ"، وَغَيْرِهَا". اهـ باختصار وتصرف.
              فبان مما سبق أن لقالون الوجهان جميعا، لا كما يدّعي هؤلاء مِن أن وجهَ القصر لا يُقرأ به من طريق الشاطبية.

              تعليق


              • #8
                رد: فوائد هامة فيما يخص اختيارات الإمام الشاطبي في رواية قالون

                7- نخلقكم

                لم يذكر الشاطبي اختيارَه في هذه الكلمة، وعليه فقد اختُلف؛ هل عدمُ ذكره ذلك يعني أنه يُطلق الوجهين، أم يعني أنه وافق فيها مذهب الداني في التيسير –الذي هو أصل كتابه- في الاقتصار على وجه الإدغام الكامل؟
                الذي يظهر هو القول الثاني، لأنه بناءٌ على الأصل؛ فإن الأصل في الشاطبية أنها مختصر للتيسير، فلو كان الشاطبي قد زاد وجه الإدغام الناقص لبيَّنَه؛ لوجود الداعي إلى ذلك؛ فإن وجهَ الإدغام الناقص ليس في أصل كتابه، والخلافَ في المسألة معتبَر، والجمهورَ على الإدغام الكامل، فهذه كلها من الدواعي إلى البيان. فالاقتصار على الإدغام الكامل من طريقه أحوط؛ لأن زيادة الوجه الآخر تحتاج إلى دليل، ولم أقف على هذا الدليل فيما اطلعت عليه من مصادر، والذين زادوا الإدغام الناقص لم يذكروا دليلا يلزم المصير إليه، فمن أدلتهم:
                أن الشاطبي لم يذكر أي شيء بخصوص هذه المسألة، وهذا سبق الإجابة عنه.
                ومن أدلتهم أيضا قولُ ابن الجزري: (والخلف بنخلقكم وقع)، والاستدلال بهذا الكلام ليس في محله؛ فإن ابنَ الجزري إنما يحكي وقوع الخلاف في هذه الكلمة بين أهل الأداء، وليس يعني أن الوجهين جائزان لكل القراء من كل الطرق، ويدل على ذلك كلامه في النشر عن هذه الكلمة، فإنه قال: «فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ القاف سَاكِنَةً قَبْلَ الْكَافِ -كَمَا هِيَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ}؛ فَلَا خِلَافَ فِي إِدْغَامِهَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي إِبْقَاءِ صِفَةِ الِاسْتِعْلَاءِ مَعَ ذَلِكَ، فَذَهَبَ مَكِّيٌّ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ مَعَ الْإِدْغَامِ، وَذَهَبَ الدَّانِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى إِدْغَامِهِ مَحْضًا، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ أَصَحُّ قِيَاسًا عَلَى مَا أَجْمَعُوا فِي بَابِ الْمُحَرَّكِ لِلْمُدْغِمِ مِنْ: {خَلَقَكُمْ} وَ{رَزَقَكُمْ} وَ{خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ}» اهـ.
                أيضا من الأدلة على بطلان استدلالهم بكلام ابن الجزري السابق: أنه قال في الجزرية: (وفي ضنين الخلاف سامي)، وهذه العبارة أبلغ من العبارة السابقة، ومع ذلك لم يقل أحد بأن كلَّ القراء من كلِّ الطرق يجوز لهم في (ضنين) الوجهان.

                تعليق


                • #9
                  رد: فوائد هامة فيما يخص اختيارات الإمام الشاطبي في رواية قالون

                  8- التوراة

                  نعلم أن لقالون من طريق الشاطبية في هذه الكلمة وجهان: الفتح، والتقليل
                  قال:
                  وَإِضْجَاعُكَ التَّوْرَاةَ مَا رُدَّ حُسْنُهُ ... وَقُلِّلَ فِي جَوْدٍ وَبِالْخُلْفِ بَلَّلَا
                  الشاهد هو قوله: (وبالخلف بللا)، فالمشار إليه بالباء من (بللا) هو قالون، فذكر الشاطبي أنه اختلف عنه فيها؛ فله الفتح والتقليل.
                  ما أريد النبيه عليه هو أنه ليس بين هذين الوجهين وجهٌ مقدمٌ روايةً –كما يتوهم البعض-؛ فإن الشاطبي في البيت السابق لم يفضل أحد الوجهين على الآخر –كما هو ظاهر-، وأيضا لم يُنقل عنه ذلك-فيما اطلعت عليه من مصادر-.
                  التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن علي المالكي; الساعة 22-Apr-2016, 12:02 AM.

                  تعليق


                  • #10
                    رد: فوائد هامة فيما يخص اختيارات الإمام الشاطبي في رواية قالون

                    9- (ها) و(يا) من فاتحة سورة مريم

                    قال الشاطبي:
                    وَذو الرَّا لِوَرْشٍ بَيْنَ بَيْنَ وَناَفِعٌ ... لَدى مَرْيَمٍ هَايَا وَحَا جِيدُهُ حَلَا
                    قال السخاوي في «فتح الوصيد» (ص970):
                    «(ذو الرا) أراد ما فيه الراء نحو: {الر} و{المر} وكذلك {حم} أماله ورش مع أبي عمرو بين بين، وأمال قالون معه الهاء والياء في {كهيعص}» اهـ.
                    قال أبو شامة في «إبراز المعاني» (ص 504):
                    «جمع في هذا البيت ذِكْرَ من أمال شيئا من ذلك بين بين، فورشٌ فعل ذلك في (را) مِن: {الر} و{المر}، ونافع بكماله في (ها) [و] (يا) أولَ مريم...» اهـ.
                    وقال ابن القاصح في «سراج القارئ» (ص242):
                    «[في] قوله: (ونافع لدى مريم) أخبر أن نافعا قرأ في سورة مريم بإمالة الهاء والياء بين اللفظين» اهـ.
                    وقال شعلة في «كنز المعاني» (2/ 296):
                    «يعني: أمال ورش ما فيه الراء، يريد: {الر} و{المر} بين بين، وكذلك نافع في (ها) و(يا) في فاتحة مريم...» اهـ.

                    وذكر ابنُ الجزري في «النشر» (2/ 67-69) أنه قد اختُلف عن قالون في هذا الموضع، وأن صَاحِبا «التَّيْسِيرِ» وَ«الشَّاطِبِيَّةِ» رويا له بين بين.
                    ولم ينتقد الشاطبيَّ أيُّ واحدٍ من هؤلاء الذين نقلتُ عنهم، وكذا مِن غيرهم شراح «الشاطبية»، حتى جاءنا أصحابُ التحريرات المُحْدَثُون بعد كل هذه القرون فألزموا الشاطبيَّ والدانيَّ في هذا الموضع بالفتح، بحجة أن اختيارهما لوجه التقليل خروج منهما عن طريق أبي الفتح!
                    فأي الفريقين أحق بأن يُؤخذ بقوله؟

                    تعليق

                    يعمل...
                    X