بسم الله الرحمن الرحيم
ورد لفظ "الجار" في القرآن على أَربعة أَوجه:
الأَوّل: بمعنى المجير والمعين {وإِنِّي جارٌ لَكُمْ} أَي معين.
الثَّانى: بمعنى طلب الجِوار {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المشركين استجارك فَأَجِرْهُ} .
الثالث: بمعنى القضاءِ {وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ} أَي يقضي ولا يقضَى عليه.
الرّابع: بمعنى القريب الدّار {والجار الجنب} أَي القريب الأَجنبيّ، وفي الحديث "الجار أَحقّ بصَقَبه" وفيه "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرِم جاره" وقيل: مكتوب في التَّوراة: حُسْن الجوار، يَعْمُرُ الدّيار، ويطوّل الأَعمار، ويؤبّد الآثار. والجَوْر على الجار، يخرّب الدّيار، وينقص الأَعمار ويمحو الآثار. قال الشاعر:

إِنِّي لأَحسد جاركم لجوراكم ... طوبى لمن أَمسى لدارك جارا

يا ليت جاركَ باعني من داره ... شِبْراً فأُعطيَه بشِبرٍ داراً
والجار من الأَسماءِ المتضايفة؛ فإِن الجار لا يكون جاراً لغيره إِلاَّ وذلك الغير جار له كالأَخ والصديق.
ولمّا استُعظم حقّ الجار عقلاً وشرعاً عُبّر عن كلّ من يعظم حقُّه أَو يستعظم حقّ غيره بالجار كقوله {والجار ذِي القربى والجار الجنب} وباعتبار القُرب قيل: جار عن الطَّريق. ثمّ جُعل ذلك أَصلا فى كلّ عدولٍ عن الحقّ فبنى منه الجَوْر. قال تعالى: {وَمِنْهَا جَآئِرٌ} أَي عادل عن المَحَجّة. وقيل: الجائر من الناس: الممتنع من التزام ما أَمَر به الشَّرع.
هذا وقد ذكرت اللجنة الدائمة معنى قوله تعالى (وهو يجير ولا يجار عليه):
السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 4395 ) :
س: ما معنى قوله تعالى: { وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ }؟
ج: معناه: أن الله سبحانه يغيث من استغاث به ممن أراده بشر من المخلوقات، ويمنعه ممن أراده بسوء إذا شاء، ولا أحد من الخلق يستطيع أن يمنع أحدا أرادهالله بسوء فينجيه من بأس الله وعقابه، ونظيره قوله تعالى: { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز