مُقَدِّمةُ النَّـاظِمِ :
أَحْمَـدُ رَبِّي اللهَ جَلَّ مُنْـعِمَـا........أَخْرَجَ مِنْ جَهْلٍ وَجَلَّى مِنْ عَمَى (1)
فَعَـلَّـمَ الْبَـيَانَ وَ الْإِعْـرَابَـا........وَأَلْـهَمَ الْـحِكْـمَـةَ وَالصَّوَابَـا
فَلَاحَ لَلْأَذْهَانِ مَعْنَى مَا خَفَى .......مِنَ الْكِتَابِ وَحَدِيثِ المصْطَفَى (2)
صَلَّى عَلَى مُـحَمَّدٍ وَشِيعَـتِـهْ .........مَنْ أَسَّسَ الْإِعْرَابَ فِي شَرِيعَتِهْ (3)
وَقَـدْ حَصَرْتُ بِطَرِيقِ الرَّجَزِ........قَوَاعِدَ الْإِعْرَابِ حَصْرَ مُوجَـزِ (4)
لِيَسْهُلَ الْحِفْظُ عَلَى الطُّـلَّابِ .........فِي تِلْـكُمُ الْأَرْبَـعَـةِ الْأَبْـوَابِ
(6) أبياتٍ .أَحْمَـدُ رَبِّي اللهَ جَلَّ مُنْـعِمَـا........أَخْرَجَ مِنْ جَهْلٍ وَجَلَّى مِنْ عَمَى (1)
فَعَـلَّـمَ الْبَـيَانَ وَ الْإِعْـرَابَـا........وَأَلْـهَمَ الْـحِكْـمَـةَ وَالصَّوَابَـا
فَلَاحَ لَلْأَذْهَانِ مَعْنَى مَا خَفَى .......مِنَ الْكِتَابِ وَحَدِيثِ المصْطَفَى (2)
صَلَّى عَلَى مُـحَمَّدٍ وَشِيعَـتِـهْ .........مَنْ أَسَّسَ الْإِعْرَابَ فِي شَرِيعَتِهْ (3)
وَقَـدْ حَصَرْتُ بِطَرِيقِ الرَّجَزِ........قَوَاعِدَ الْإِعْرَابِ حَصْرَ مُوجَـزِ (4)
لِيَسْهُلَ الْحِفْظُ عَلَى الطُّـلَّابِ .........فِي تِلْـكُمُ الْأَرْبَـعَـةِ الْأَبْـوَابِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قوْلُه : ( وجلَّى منْ عَمَى ) :
( جلَّى ) أيْ : أظهرَ ، ومعْناهُ : أخرجَ منْ عَمى الجهلِ وظُلْمةِ الضَّلالةِ مَنْ شاءَ مِنْ عِبادِه ، وعلى هذَا فهُو تَوْكيدٌ لقَوْلِه : ( أخْرجَ مِنْ جَهْلٍ ) .
وذكرَ بعضُ الشُّرَّاحِ أنَّ في بَعْضِ النُّسَخِ : ( وجلَّ مِنْ عَمَى ) أيْ : جلَّ اللهُ سُبْحانَه منَ صِفةِ النَّقْصِ ( العَمَى ) وتعالَى وتَنزَّه وتقدَّسَ ، واختارَ هذا اللَّفْظَ بعضُهمْ للبُعْدِ عنِ التَّكرارِ في قولِه ( أخرَجَ مِنْ جَهْلٍ ) و ( جلَّى مِنْ عَمى ) .
يقُولُ أبُو العَوَّامِ : والحقُّ اخْتيارُ الأولَى ؛ لأمرَيْنِ :
* أنَّ فِعلَ ( جلَّ ) يتعدَّى بـ ( عنْ ) ولَيْسَ بـ ( مِنْ ) ، هذَا هُو المعرُوفُ ، قالَه الضَّابِطُ .
* أنَّه لَيْسَ منَ المدحِ نَفْيُ صِفاتِ النَّقْصِ على وَجْهِ التَّفْصِيلِ ، إلَّا أنْ تكونَ مُناسبَـةٌ كدَفْعِ توهُّمٍ أوْ ردِّ شُبْهةٍ وقَوْلٍ باطِلٍ آثِمٍ .
وأمَّا التَّكرارُ فليْسَ خاليًا منْ فائدةٍ ؛ فإذَا فسَّرْتَ الـ ( عَمى ) بعمَى الجهْلِ فهُو توكيدٌ لِقَوْلِه ( أخرجَ منْ جهْلٍ ) كما سبقَ ، وإنْ فسَّرْتَه بما هُو أعمُّ منْ ذلِكَ منْ عَمى الغِوايةِ والـهَوى فَفيهِ معْنًى زائِدٌ على الأوَّلِ ، واللهُ أعلَمُ .
(2) قوْلُه ( فلاحَ لِلْأَذْهانِ معْنَى ما خَفَى ) :
( خَفَى ) : جعلَه بعْضُهمْ واويًّـا ، منْ خَفَا يَخْفُو بِمعنى : ظَهَرَ ، فقالَ : أيْ : لاحَ وبانَ وظهرَ لِلأذْهانِ معنى ما ظهرَ ! منَ الكتابِ ومنْ حديثِ المصْطَفى صَلَّى اللهُ علَيْه وعلى آلِه وسلَّمَ .
يقُولُ أبُو العَوَّامِ : والصَّوابُ أنَّه يائيٌّ ، منْ خَفِيَ يَخْفَى بِمعْنى : اسْتَتَـرَ ، لما قالَه صَاحبُ الضَّبْطِ ردًّا على هذَا القائِلِ :
( الَّذي يناسب المقامَ ـ يا أخي ـ أن يكون الفعل يائيًّا : خفِي ، ثمَّ أبدلت الكسرةُ فتحةً لتقلب الياء ألفا لمجانسة ( المصطفى ) حتى لا نقع في عيوب القافية ، وبهذا يكون المعنى : ظهر ما خفي واستترَ من معاني الكتاب والسنة بفضل الله أوَّلًا ، ثمَّ بفضل ما علمنا ربُّنا من البيان والإعرابِ .
وأيُّ جمال لو كانَ المعنى : ظهر ما ظهر ؟!
ثم لو كان الفعلُ واويًّا لكتبَ بالألف لا بالياءِ !؛ لأنها ثالثة ) .
يقُولُ أبُو العَوَّامِ : فهما مُرَجِّحانِ :
* مرجِّحٌ خطِّيٌّ إملائيٌّ .
* وآخرُ معْنَوِيٌّ .
(3) قَولُه : ( صَلَّى عَلَى مُـحَمَّدٍ وَشِيعَـتِـهْ.........مَنْ أَسَّسَ الْإِعْرَابَ فِي شَرِيعَتِهْ ) :
جعلَ بَعْضُهمْ ( مَنْ ) فاعلًا لِلفِعْلِ ( صَلَّى ) ، أيِ : اللهُ سُبْحانَه ، فقالَ الضَّابِطُ :
( واعلم ـ يا أخي ـ أنَّ في نفسي مِنْ جَعْلِ ( مَنْ ) في قولِه : ( مَنْ أسَّس الإعرابَ في شريعتِه ) فاعلًا للفعلِ ( صلَّى ) شيئًا ) .
يقُولُ أبُو العَوَّامِ : والظَّاهِرُ أنَّه بدلٌ منْ ( محمَّدٍ ) ، واللهُ أعلَمُ .
(4) قَولُه : ( حصْرَ موجَزِ ) :
قالَ بعْضُهمْ : ( موجز بفتح الجيم : اسم مصدر ، بمعنى : الإيجاز ، وهو : الاختصارُ ، أي : حصرته حصر إيجاز ، قلت : ويمكن أن يكون ( موجِز ) بكسر الجيم اسم فاعلٍ ، أي : حصرَ مختصِرٍ والله أعلم ) .
وأجابَه الضَّابِطُ بِقَوْلِه :
( فقد قلتَ ـ يا أخي ـ أنَّ كلمةَ : ( مُوجَز ) بفتحِ الجيم اسمُ مصدرٍ ، ثم ذكرتَ أنها بالكسرِ اسمُ فاعلٍ ، والسُّؤال : لم لا تكونُ بالفتح اسمَ مفعولٍ من أوجز، وتكون الإضافة من بابِ إضافة الصفة إلى الموصوف ، والأصل : حصرته حصرًا موجَزًا ، كقول ابنِ مالكٍ :
تقرِّبُ الأقصى بلفْظٍ مُوجَزِ .......... وتبسطُ البذل بوعدٍ مُنجزِ
غيرَ أنَّ الضرورةَ ألجأتْ ناظمَنا الزواوي إلى الإضافةِ ، حتَّى لا يقعَ في عيبِ الإصرافِ ؟ ) .يقُولُ أبُو العَوَّامِ : تمَّ ما أردتُ نَقْلَه منْ مُذَاكرةِ الإخوةِ لهذِه القِطعةِ منَ النَّظْمِ ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه .
اترك تعليق: