الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد سمعت كلاما وقرأت مقالا انتشر حتى بلغ الآفاق لأخينا عبد الهادي العميري المدرس بمعهد الحرم المكي فتضمّن كلامه هذا منكرا من القول وزورا في الطعن في أهل العلم من مشايخنا الفضلاء الذين نحسبهم والله حسيبهم أنهم بقية السلف من أمثال العلامة ربيع بن هادي وعبيد الجابري وعبد الله البخاري حفظهم الله ،وتضمّن أيضا الدفاع عن محمد الإمام ، كما تضمن مقاله هذا أيضا بعض القواعد الفاسدة -لعلّنا نفردها في حلقات مستقلّة-.
وقد نصحته مرارا وتكرارا ليتوب إلى الله مما صدر منه ولا يتدخّل في مسائل هي أكبر حجما منه وأن يعطي القوس باريها ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه، فأبى إلا العناد والخصومة بالباطل، فأحببت أن أبيّن بعض كلامه الذي جانب الصواب فيه لعّل الله أن يكتب لنا المثوبة بذلك ، هو الولي على ذلك والقادر عليه سبحانه ،فأقول مستعينا بالله تعالى:

قال هداه الله :وأما سلفه –أي:محمد الإمام- في هذا فهو ماوقع في صلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم وكفار قريش".

1 ـ أقول : إن الوثيقة التي وقّع عليها النبي صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي من ربه سبحانه تُعدّ نصرا مبينا بشهادة ربّ العالمين جلّ جلاله، والوثيقة التي وقّع عليها محمد الإمام اشتملت على كفر شنيع ،وضلال مبين ، وكذب مكشوف.
ودليل ذلك ما جاء في تلك الوثيقة الفاجرة الآثمة مع الرافضة الزنادقة :" نحن مسلون جميعا ،ربنا واحد،وكتابنا واحد ،ونبينا واحد ،وعدونا واحد ، وإن اختلفنا في التفاصيل الفرعية".اهـ
أبعد هذا الكفر البواح الذي في هذا الوثيقة تُقرّر أن سلفه في ذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ،والله إن هذا لأمر عظيم وخطأ جسيم ويخشى على قائل ذلك من الخسران المبين ،فارحم نفسك ولا تهلكها.
وقد بين مافي هذه الوثيقة من الكفر والضلال مشايخنا الأفاضل كالشيخ ربيع بن هادي وعبيد الجابري وعبد الله البخاري وغيرهم.
2 ـ من الكذب الواضح تشبيه مافي هذه الوثيقة بالصلح الذي تمّ بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش، ذلكم الصلح النزيه مما تضمّنته الوثيقة الرافضية ،فلم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نحن جميعا مسلمون"، و"ربنا واحد"، وكتابنا واحد"، وعدّونا واحد".
هذا وليعلم القارئ أن المشايخ لم يعترضوا على الصلح ، وإنما أنكروا ماتضمّنته الوثيقة من الضلال المبين.

قال هداه الله: ولست أوافق فيها على ماورد فيها من أمور هي من أصول الخلاف بيننا وبينهم......فماننتظر من الشيخ-أي:محمد الإمام- أن يفعل الذي يده في النار ليس كمن يده في الماء...ولكن مكرها أخاك لا بطل".

1 ـ أقول: أنت متخبّط حقّا وحقيقة ، تقرّر أن سلفه في ذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم جرّاء ماحصل في صلح الحديبية، ثم تتناقض وتقرّ أن الوثيقة التي وقّع عليها محمد الإمام فيها أمور هي من أصول الخلاف، لكن لم تبين شيئا من ذلك للقرّاء ؟ -لا أدري جهلا أم تجاهلا-.
2 ـ وإذا كنت غير موافق على ماورد في الوثيقة ، فلماذا تعترض على استنكار المشايخ لها ؟
ولماذا رضيت هذا الصلح الذي سميته بالصلح الرشيد [1]؟
لقد دافعت على محمد الإمام دفاعا مستميتا على أنه مكره في ذلك ، والذي يكذّبك في دعواك هذه هو نفسه –محمد الإمام-حيث بيّن أنه ليس مكرها على التوقيع على تلك الوثيقة الكافرة الظالمة الجائرة لا من قريب ولا من بعيد وأنه مستعد أن يلغي ماوقّع عليه في أيّ وقت شاء حيث قال:"ألا وإن الأمر لا يزال بيدي بحمد الله ، فليس لأحد عليّ سبيل إلا بالحق، فمتى ماجاء الحق فكلنا من تحت الحق ،كلنا من تحت الحق، كلنا عبيد لله ، لسنا عبيدا لأحد ،لسنا عبيدا لأحد".اهـ
أرأيت مربط الفرس الذي غفلت عنه أو تغافلت عنه في تحذير أهل العلم منه ، ألا وهو العناد والإصرار على الباطل.

قال هداه الله:"أرجوا من المشايخ الذين تكلّموا على الشيخ محمد الإمام أن ينظروا حالته،ومن الغريب أن ماجاء في وثيقة الحديبية وما شرحه العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله يوافق تماما على حال أهل السنة في اليمن ،فلماذا لا يعذرونهم .
أم قالوه على تسرّع ؟
أرجوا منهم إذا رأوا كلامي هذا مخالفة لما قاله العلامة الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله فبينوا لي.
وأنا أخوّف بالله كل إنسان يتكلّم في كلّ إنسان بدون رويّة وتحقّق للأمور ،واللسان عاقبته الوخيمة لدى العلماء.
أما طلبة العلم فأنا أنصحهم أن يعذروا الشيخ محمد بن عبد الله الإمام ولا يحرموا أنفسهم الخير الجاري في معبر ويمضوا في الطلب والتحصيل ولا يدخلوا في هذه المسألة لكلام بعض العلماء".

أقول : من الأصول المقرّرة -عند أهل السنة- أن الطعن في أهل العلم الذابين عنها من علامات أهل البدع والضلال ، بل كان السلف رحمة الله عليهم يعدّون الرّجل من أهل البدع بمجرد طعنه عليهم،والأخبار في ذلك لا تعدّ ولا تحصى منها ماقاله أبو حاتم رحمه الله: "علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر" .[2]
وقال الإمام أبو عثمان الصابوني: "وعلامات البدع على أهلها بادية ظاهرة، وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم واحتقارهم واستخفافهم بهم .[3]
وقال السفاريني: "ولسنا بصدد ذكر مناقب أهل الحديث فإنَّ مناقبهم شهيرة ومآثرهم كثيرة وفضائلهم غزيرة، فمن انتقصهم فهو خسيس ناقص، ومن أبغضهم فهو من حزب إبليس ناكص".[4]
فترمي المشايخ الفضلاء الشيخ ربيع وعبيد الجابري وعبد الله البخاري بالتسرّع ،وبأن الأمور عندهم غير منضبطة وذلك لأنهم لم ينظروا إلى بعض تزكيات أهل العلم له ، وبأنهم لم ينظروا إلى جهوده العلمية والله المستعان ولا حول ولا قول إلا بالله العلي العظيم، بل تحذّر طلبة العلم من فتاويهم في محمد الإمام المخذول بقولك :"ولا يدخلوا في هذه المسألة لكلام بعض العلماء". كما سنبينه من كلامك.
وإذا قلت هذا ليس طعنا فتلك مصيبة وإن كنت تعدّه طعنا فالمصيبة أعظم، وهاهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يعرّفك معنى الطعن حيث قال رحمه الله : السَّبُّ ... هو الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف، وهو ما يُفهم منه السب في عقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم، كاللعن، والتقبيح، ونحوه[5].

قال هداه الله :"السكوت عند العلماء في باب الجرح والتعديل في مسألة واحدة كلام الأقران ، يقول فيه العلماء يطوى ولا يروى، إذا تكلم الأقران في بعض فنعم....أما يطوى ولا يروى-أي: تحذير الشيخ عبيد من محمد الإمام- لَأْ مانقبل ، نريد ردّ كلام الشيخ عبيد مصرّح من العلماء بالحجة والبرهان".

أقول :
1 ـ هذا الكلام ليس بصحيحٍ البتة ،أهل العلم لا يسكتون في جرح الأقران بعضهم في بعض ،فالجارج لقرينة بالحجج والبراهين يجب قبول قوله، وعلى هذا مضى سلفنا الكرام ممن يقتدى بهم سلفا وخلفا، وكلام الأقران بعضهم في بعض مقدّم على غيرهم ممن جاء بعدهم، وهذه كتب الجرح والتعديل فاقرأها وتصفّحها وانظر مافيها من كلام القرين لقرينه المعاصر ، بل أغلبها من هذا القبيل.
والعلماء لما تكلموا في قاعدة:"كلام الأقران يطوى ولا يروى" قيّدوها بقيد مهم تجاهلته وهو :إذا كان الجارح بدون حجج وبراهين أو كان لعصبية أوقبلية أومذهبية أونحو ذلك.
وأما إذا كان الجرح مبنيا بحجج وبراهين فإن قبول جرحه من أوجب الواجبات،ولا يجوز العدول عنه ،لأن الأقران هم أعرف الناس بعضهم ببعض ولأن القرين هو أعلم الناس بقرينه ومن المرجّحات التي يذكرها العلماء أن كلام المعاصر أولى من كلام المتأخر عن عصر الراوي لأن المعاصر أعرف بالراوي و"بلديّ الرجل أعرف ببلديّه".
قال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله: جرح الأقران أثبت من غيرهم، لأنّهم أعرف بقرنائهم، فهي مقبولة إلا إذا علم أن بينهما تنافسًا وعداوةً سواء لأجل دنيا، أو مناصب، أو خطأ في فهم، ويريد أن يلزم الآخر بخطأ فهمه.
فينبغي أن تعلم هذا ولا تصغ لقول المبتدعة والحزبيين والديمقراطيين: أن كلام الأقران ليس مقبولاً على الإطلاق.إهـ
2 ـ يلزم من كلامك أن أئمة الجرح والتعديل الذين حذّروا من أقرانهم بجرح مبيّن ومفسّر لا نقبل كلامهم لأنه يجب أن يطوى ولا يروى ، وكتب السلف طافحة بذلك ،ففي تراجم الضعفاء والمتروكين والمجروحين ومن ضعفه المحدثون من قِبل أقرانهم يصعب حصرهم وذلك لكثرتهم، انظر: "الضعفاء الكبير" للعقيلي ، و "الكامل"لابن عدي ،و"المجروحون"لابن حبان،و"الضعفاء الصغير"للبخاري ،و"الضعفاء والمتروكين"للنسائي وللذهبي وللدارقطني ولابن الجوزي،و"تهذيب الكمال"للمزي ،و"الميزان" و"السير"للذهبي ،و"تقريب التهذيب"لابن حجر،وغير ذلك من كتب المصنفة في هذا الباب.
ثانيا : قولك " تحذير الشيخ عبيد من محمد الإمام- لأ مانقبل ، نريد ردّ كلام الشيخ عبيد مصرّح[6] من العلماء بالحجة والبرهان ".
أقول: ماذا يخرج من رأسك يارجل؟ فإذا كنت سلفيا حقا فلا تناطح الجبل فأشفق على نفسك، ويجب عليك قبول كلامه لا لأنه قاله ، وإنما بما بينه من حجج وبراهين ، وبما بيّنه من الأدلّة الدالة الدامغة للباطل.
وأهل العلم الذين تريد منهم أن يردّوا على شيخنا الفاضل عبيد الجابري حفظه الله لما حذّر من محمد الإمام الأولى بهم أن يردوا عليك طعنك فيه وفي الشيخين ربيع بن هادي وعبد الله البخاري حفظهما الله.

قال هداه الله :الشيخ عبيد الجابري تكلّم على محمد الإمام ووصفه بأنه مبتدع ضال كلام شديد، فماذا كان؟ انتشر هذا الكلام، حذّر من الشيخ الإمام لم يراعوا تزكية العلماء في الشيخ، ولم يراعوا جهود الشيخ العلمية ، ولم يراعوا كلام الشيخ عبيد هل هو مبني على أسباب أو لا ، إنما مجرد كلام الشيخ محمد الإمام أذاعوه وانتشر بينهم،حتى بعضهم كان يقول إني تبت إلى الله من قراءة كتب الشيخ محمد الإمام ...لماذا لم ينظروا إلى تزكية العلماء له".

أقول : قولك: " لم يراعوا تزكية العلماء في الشيخ".
فمن المقرر شرعا أن أهل العلم إذا اختلفوا في الرجل جرحا وتعديلا وكان مشهورا بالسنة، فينظر إلى جرح الجارح فإذا كان مفسرا مبينا معتبرا -كحال محمد الإمام-فلا يجوز العدول عنه ولا عبرة بقول المعدلين ولو كانوا أئمة في الدين، وهذا يعرفه حتى أطفال أهل الحديث فضلا عن طلبة علم فضلا عن علماء أجلاء، فالذي علم حجة على من لا يعلم،وقد جمعت جملة من أقوال أهل العلم السابقين واللاحقين في وجوب تقديم الجرح المفسر المبين على التعديل في مقال عنونته بــــ"الشهب السلفية في نقض الشبهات الحلبية -الحلقة الثامنة-".
قولك :" ولم يراعوا جهود الشيخ العلمية ".
أقول : هذا من التلبيس والتدليس على إخواننا السلفيين، فأهل السنة ينظرون إلى المخالف وإلى المخالفة -وبيان ذلك ليس هذا موضعه-، فإن كانت المخالفة بدعة تقام عليه الحجة فإن أصرّ وعاند يحكم عليه بها قولا واحدا ولا يُنظر إلى ماقدّمه للإسلام والمسلمين.
ومحمد الإمام خلط بين الرفض الكفري والإسلام ، فهل يجب على العلماء تأييد هذا الخلط ؟
أو يجب عليهم إنكاره وإدانة من ارتكب هذا الخلط الفظيع ، لقد جئت بمنهج مضاد للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح.
إن إنكار هذا المنكر الكبّار لمن أوجب الواجبات في شرعة الإسلام.
وإن كان أدخل في الإسلام ماليس منه من المحدثات والبدع يُنصح صاحبها ويُبين له،فإن عاند وأصر على باطله يبدّع ولا كرامة له ولا نعمى، وإن ارتكب فسقا يفسّق وهكذا.
وهاهو نبينا صلى الله عليه وسلم يحذّر من الخوارج المارقين أيّما تحذير بل حذّر منهم أشدّ من تحذيره من أهل الكفر والطوائف والنحل، والخوارج لهم قُرب يتقرّبون بها إلى الله من الصلاة وقراءة للقرآن والتنسّك ونحو ذلك، مع ذلك وصفهم صلى الله عليه وسلم بشرّ الخلق والخليقة، والأدلة على بطلان قولك هذا كثيرة جدا.
وكلامك هذا أشبه مايكون بـــ"منهج الموازنات" الذي طالما خونة المسلمين ناضلوا عنه وحاربوا من أبطله من علماء السنة السلفيين.
قولك : "ولم يراعوا كلام الشيخ عبيد هل هو مبني على أسباب أو لا".
كلام شيخنا العلامة عبيد الجابري حفظه الله مبني على حجج وبراهين ساطعة نيّرة مثل الشمس في رابعة النهار، وأنت أقررت بهذا بقولك :" ولست أوافق فيها على ماورد فيها من أمور هي من أصول الخلاف بيننا وبينهم ".
وأنت لشدّة تعصّبك للباطل ترى أن كلام الشيخ ليس له أسباب ، وهذا من السفسطة والمكابرة في واقع واضح وضوح الشمس.

قال هداه الله :"فلماذا لا يقال الآن محمد الإمام تزكّيه أعماله ،لماذا لم نسمع شخص واحد قام وقال :لا الشخص تزكّيه أعماله،فانظروا إلى أعمال الشيخ محمد الإمام ،لماذا لم ينظر في تزكية العلماء للشيخ محمد الإمام ، إذا هذه الأشياء الآن نراها ياإخوان تجعل الشخص في حيرة ،في حيرة حقيقة في حيرة ، هذا يدلّ على إيش ؟ إن دلّ والله مايدل على أن الأمور ليست منضبطة".

أقول : لقد أسرفت في دعاوي التزكيات ، فهل هذه التزكيات صدرت من العلماء بعد الاتفاقية الفاجرة التي لا نظير لها في تاريخ أهل السنة ؟
وأنت أصبحت في حيرة من أمرك لا تعرف الحقّ من الباطل وسبب ذلك أنك رددت الحق الذي مع المشايخ لأنه مدعم بالأدلة ومن كان هذا حاله ابتلي بالباطل ، ولم تلزم بغرز العلماء ونصائحهم وتوجيهاتهم ، بل حاربتهم وطعنت فيهم.
فأخشى على محمد الإمام وعليك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ».[7]

قال هداه الله :" قال: الشيخ عبيد محمد الإمام مبتدع إخواني نقول: جزاك الله خيرا ،لكن نقبل ؟، مانقبل ، لماذا ؟، لأن القاصي والداني يعرف أن الشيخ محمد الإمام حفظه الله حرب على الإخوان، هل كتب الإخوان عنده في المركز تدرّس ؟ لا ، هل جلساءه من الإخوان ؟ لا ، هل متبني أصول الإخوان ؟ لا ،طيب من فين جاء إخواني وكتب ردودا على الإخوان ،هو حرب عليهم ، فنقول جزاك الله خيرا يا شيخ عبيد مانقبل منك ، حقيقة وليس نقصا فيه".اهـ

أولا :
أقول : الهوى يعمي ويصمّ ، لماذا ماتقبل ؟ هل سمعت العلامة عبيد الجابري حفظه الله يقول : حذّرنا من محمد الإمام لأنه لا يلبس قلنسوة في الشارع؟ ، أو سمعنا عنه أنه يأكل وهو يمشي؟ أو نحو ذلك ، أو أنه حفظه الله بيّن هو وإخوانه العلماء أن محمدا الإمام وقّع على وثيقة جائرة ظالمة بل فيها الكفر البواح،ولما نوصح في ذلك عاند وأصرّ على باطله وركب طريقة أهل الضلال.
ثانيا : لا عبرة بالمسمّيات عند أهل السنة السلفيين ،وإنما العبرة بالحقائق ،هو يحارب الإخوان ويمشي على طريقتهم نقول عنه إخواني شاء أم أبى ، أنت لو وافقت أهل السنة في كل الأبواب من الأسماء والصفات والقدر ونحو ذلك ، ثم خالفتهم في جزئية معينة مثلا في باب الإمامة ترى الخروج على أئمة الجور والظلم من المسلمين ، نقول عنك أنك خارجي ولو حاربت الخوارج وكتبت وحاضرت في التحذير منهم وادّعيت السلفية صباحا ومساء، ولمن أراد معرفة إخوانية محمد الإمام فليقرأ ماكتبه الشيخ علي الحذيفي حفظه الله المعنون بــــــ"وقفات مع البرعي والإمام"فقد أجاد وأفاد فجزاه الله خيرا.
ولقد بيّن منهج محمد الإمام من هو أعرف به مني ومنك ، وأنه متأثر بمنهج الإخوان، وأنه يزور الإخوان ويزورونه، وراجع مقال الشيخ علي الحذيفي اليمني حفظه الله ، وراجع "الإبانة" لمحمد الإمام.
ثالثا : إن معارضة العلماء الكبار في فتاويهم وجرحهم لمن يستحقون الجرح بالحجج والبراهين بهذه الأساليب الماكرة والتقدّم بين أيديهم في تقعيد القواعد الباطلة الفاسدة التي ما أنزل الله بها من سلطان لمن سوء الأدب معهم ومن قلّة الفهم في دين الله تعالى ومن علامات الحرمان والعياذ بالله، وأين دعواك في دروسك و محاضراتك باحترام أهل العلم وتوقيرهم وعدم التقدّم عليهم التي تقولها قولا وتخالفها قولا وعملا ،نعم من المسلمات أن الله جلّ وعلا افترض علينا طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فالعلماء يحتج لهم ولا يحتج بهم و إنما الحجة في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وما يبنى عليهما من أقوال أهل العلم والتسليم لها ولا يجوز معارضتها.
فالعالم إذا قال قولا مدعما بالحجج والبراهين ولم يخالف الكتاب ولا السنة ولا الإجماع فحينئذ لا يجوز ردّ كلامه ، فالناس يثقون في علمائهم في مسائل المعتقد والفقه وما فيه من مسائل النكاح والطلاق والبيع والشراء ونحو ذلك وهل ترى أنهم لا يثقون فيهم إذا حذروا من أهل الأهواء والبدع كحال محمد الإمام ؟
وإذا كان كذلك فلا يجوز لك أن تعدل عنه ،فضلا أن تجادل بالباطل لتدحض به الحق.
رابعا : لعل السبب الذي جعلك تشنّ الغارة على رد المشايخ ربيع بن هادي وعبيد الجابري وعبد الله البخاري في خدينك محمد الإمام هو أنك انطلقت من قاعدة فاسدة قعدتها وهي قولك :" أن يكون المتكلم –أي: الجارح-على علم ومعرفة تامة في المتكلم فيه من جهة أقواله وعقيدته "، ولعلّ الله ييسر أن نبين بطلانها في مقال مستقل.
خامسا : لم نر منك مواقف سلفية ضد من يحاربون المنهج السلفي وأهله كالفرقة الحدادية .
ولم نر منك موقفا سلفيا ممن طعن في العلماء كالشيخ صالح اللحيدان والشيخ صالح الفوزان والشيخ ربيع بن هادي والشيخ عبيد حفظهم الله الذين طعن فيهم محمد الإمام وغيره بأنهم عملاء وجواسيس وأهل مؤامرات ، وذلك لأنهم أفتوا بجهاد الروافض البغاة المعتدين على الشعب اليمني ، يزهقون دماءهم ويستولون على أموالهم.
فهل هذا الطعن عندك حقّ حتى لا تحرّك ساكنا ضده ؟
أليس هذا من الأدلة على هواك ولتعصّبك للباطل وأهله على أهل العلم والحقّ والهدى.
وأخيرا وليس آخرا نصيحتي لك يا أخي عبد الهادي وفقك الله أن تترك المسائل الكبار للكبار، وأن لا تتدخّل في شيء لا يعنيك وهو أكبر حجما منك.
قال هداه الله :"إذا كان الشخص يجرح بشيء واحد وبالأمر الواحد فلا يتعدّى ويجرح بأمرين وهذا كله احتياط وورع وخوف"

وقال هداه الله:" فإذا كان المجروح مشهوراً بالضعف ، متروكاً بين النقاد فالمحدثون لا يحوجون الجارح إلى تفسير الجرح ، بل طلب التفسير منه والحالة هذه طلب لغيبة لا حاجة إليها .
[8]
أقول : تنزيلك هذه القاعدة بهذه الصورة من علامات أهل البدع ، وفيها مافيها من التهوين في الرد على أهل البدع الذي هو أصل من أصول هذه الشريعة الغرّاء ، فلو عدّدنا عليك مخالفات أهل الأهواء والبدع كالحلبي والمأربي ومن حذا حذوهما ،أتُرانا ظلمناهم واغتبناهم ؟
وهذه كتب أهل العلم في الردّ على أهل البدع لا تخفى عليك ، فاقرأها وتصفّحها وانظر مافيها ، يأتون بالبدعة تلوى الأخرى ويفنّدونها في مصنف واحد هل هذا كله من الغيبة المحرمّة ؟
ومما يحسن التنبيه عليه أن فيه فرقا بين حفظ الرواية وحفظ الديانة فلا تخلط بينهما فتتخبط تخبّط العشواء، كما قعّدت في أحد كتبك قواعد كثيرة وخفي عليك هذا الأمر العظيم ،وبيّنت لك ذلك نصحتك ولكن لا تحبّ الناصحين، من ذلك اشتراطك في الجارح شروطا تعجيزية من معرفة الناسخ والمنسوخ والعلم بأحكام القرآن والمحكم ، والمتشابه ,والعلم بمدلولات الألفاظ وأن لا يتكلّم فيه-أي:الجرح- إلا الجهابذة ونحو ذلك.
فهل أنت ومن تدافع عنهم من هذا النوع ؟
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه : عبد الحميد الهضابي.
02 / 02 / 1436هـ

الحواشي : ــــــــــــــ
[1] ـ كتب مقالا عنونه بــ" العذر السديد للشيخ محمد الإمام في الصلح الرشيد".
[2] ـ "شرح أصول الإعتقاد" للالكائي (1/179)].
[3] ـ "عقيدة السلف" (101)].
[4] ـ " لوائح الأنوار" (2/355)] .
[5] ـ "الصارم المسلول"( ص: 563)
[6] ـ كذا قال.
[7] ـ أخرجه البخاري (6477) ،ومسلم (298
[8] ـ نقلت بعض هذه النقولات من كتابه " إرشاد الخليل الى آداب من يتكلم في الجرح والتعديل".