بسم الله الرحمن الرحيم
استحلال الحرام وتحريم الحلال سنة شيطانية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فقد جاء التحذير من الأئمة المضلين، فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين)).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وأبو داود في ((السنن)) والترمذي في ((جامعه)) وصححه الألباني في الصحيحة.


ومما يتعمده أئمة الضلال تحريم الحلال وتحليل الحرام، ومثلهم مثل الشياطين.
أخرج مسلم عن عياض بن حمار المجاشعي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ذات يوم في خطبته: ((ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم، مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا)).
قال العلامة أبو العبَّاس أحمد بن عمر القرطبي في ((المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)): ((قوله: (وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم) يعني: شياطين الإنس من الآباء والمعلمين بتعليمهم، وتدريبهم، وشياطين الجن بوساوسهم. ومعنى اجتالتهم: أجالتهم، أي: صرفتهم عن مقتضى الفطرة الأصلية، كما قال: حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه. وفي الرواية الأخرى: حتى يعبر عنه لسانه يعني بما يلقي إليه الشيطان من الباطل والفساد المناقض لفطرة الإسلام)) اهـ.


وكذلك في قصة عبد القادر الجيلاني رحمه الله مع أحد الشياطين في محاولة إضلاله بتحليل ما حرم الله، وفي هذا ما يشهد على أن أئمة الضلال يسلكون مسلك الشياطين في تحليل الحرم.
قال ابن عماد رحمه الله في ((شذرات الذهب في أخبار من ذهب)): ((وصنّف الشّطنوفي المصري في أخبار عبد القادر ومناقبه ثلاث مجلدات، ذكر فيه بإسناده إلى موسى ابن الشيخ عبد القادر قال: سمعت والدي يقول: خرجت في بعض سياحاتي إلى البرّيّة ومكثت أياما لا أجد ماء فاشتد بي العطش، فأظلّتني سحابة ونزل عليّ منها شيء يشبه النّدى فرويت، ثم رأيت نورا أضاء به الأفق، وبدت لي صورة، ونوديت منها يا عبد القادر أنا ربّك وقد حللّت لك المحرمات - أو قال: ما حرّمت على غيرك -.
فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، اخسأ يا لعين، فإذا ذلك النور ظلام وتلك الصورة دخان.
ثم خاطبني وقال: يا عبد القادر نجوت مني بعلمك بحكم ربّك وقوتك في أحوال منازلاتك، ولقد أضللت بهذه الواقعة سبعين من أهل الطريق.
فقلت: لربّي الفضل والمنّة.
قال: فقيل له: كيف علمت أنه شيطان؟
قال: بقوله: قد حلّلت لك المحرمات)
) اهـ.


هكذا هم شياطين الإنس على خطى جند إبليس سائرون وبهم مقتدون ولإضلال بني آدم ساعون، فبئس الخلف لبئس السلف.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
حجار ولاية عنابة الجزائر: يوم الأربعاء 29 شوال سنة 1440 هـ
الموافق لـ: 3 يوليو سنة 2019 ف