بسم الله الرّحمن الرّحيم

شرحُ أسْباب شرْح الصّدر

مِن كتاب "زاد المَعاد في هَدْيِّ خيْر العِباد"
للإمام ابن القيِّم رحمه الله


شرح الشّيخ العلاّمة
محمّد أمان الجاميّ
رحمه الله


اعتنى به وعلّق عليه
أبو همّام محمّد بن عليّ الصّومعيّ البيْضانيّ



التّحميل مِن المُرفقات

ـــــــــــــ

فصل في أسباب شرح الصّدور
وحصولها على الكمال له صلّى الله عليه وسلّم


" فأعظم أسباب شرح الصّدر: التَّوحيدُ، وعلى حسب كماله، وقُوّته، وزيادته؛ يكونُ انشراحُ صدر صاحبه، قال اللَّه تعالى:﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّنْ رَبِّه [الزمر: 22]. وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلاَمِ، وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّمَاءِ [الأنعام: 125].

فالهُدى والتّوحيدٌُ مِن أعظم أسبابِ شرح الصَّدر، والشِّركُ والضَّلال مِن أعظم أسبابِ ضِيقِ الصَّدرِ وانحراجِه، ومنها: النُّورُ الّذي يقذِفُه اللَّه فى قلب العبد، وهو نورُ الإيمان، فإنّه يشرَحُ الصَّدر ويُوسِّعه، ويُفْرِحُ القلبَ، فإذا فُقِدَ هذا النُّور من قلب العبد؛ ضاقَ، وحَرِجَ، وصار فى أضيق سجنٍ، وأصعبه.

وقد روى التِّرمذيُّ فى جامعه(1) عن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال:
"إذا دَخَلَ النُّورُ القلبَ، انْفَسَحَ وانْشرحَ". قالوا: وما عَلاَمَةُ ذَلِكَ يَا رسُولَ اللَّهِ؟ قال: "الإنَابَةُ إلى دارِ الخُلُودِ، والتَّجَافِي عَنْ دَارِ الغُرُورِ، والاسْتِعْدادُ للمَوْتِ قَبْلَ نُزوله". فيُصيب العبد من انشراح صدره بحسب نصيبه مِن هذا النُّور، وكذلك النُّورُ الحِسيّ، والظُّلمةُ الحِسِّيَّة، هذه تشرحُ الصَّدر، وهذه تُضيِّقه.
" ... إلى آخر كلامه رحمه الله [مِن كتاب "زاد المَعاد في هَدْيِّ خيْر العِباد" للإمام ابن القيِّم رحمه الله].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الحديث لم يروه التِّرمذيّ، وإنّما رواه ابن جرير (541/9) وابن المبارك في الزّهد ص(106) وابن أبي حاتم (1348/4) وغيرهم...[ انظر حاشية صفحة35]


الملفات المرفقة