إعـــــــلان

تقليص
1 من 4 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 4 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 4 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
4 من 4 < >

تم مراقبة منبر المسائل المنهجية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

تعلم إدارة شبكة الإمام الآجري جميع الأعضاء الكرام أنه قد تمت مراقبة منبر المسائل المنهجية - أي أن المواضيع الخاصة بهذا المنبر لن تظهر إلا بعد موافقة الإدارة عليها - بخلاف بقية المنابر ، وهذا حتى إشعار آخر .

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

عن إدارة شبكة الإمام الآجري
15 رمضان 1432 هـ
شاهد أكثر
شاهد أقل

[خطبة جمعة] ولتستبين سبيل المجرمين (الرد على محمد عبد المقصود) - الشيخ محمد سعيد رسلان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية وتفريغها] [خطبة جمعة] ولتستبين سبيل المجرمين (الرد على محمد عبد المقصود) - الشيخ محمد سعيد رسلان




    تاريخ إلقاء هذه المحاضرة: الجمعة 29 من رجب 1432هـ الموافق 1-7-2011م

    مكان إلقاء هذه المحاضرة: بالمسجد الشرقي - سبك الأحد - أشمون - محافظة المنوفية - مصر



    ===================
    لحفظ المحاضرة: MP3 & RM
    ===================



    الفقيرُ إلى رَبِّ العالمين
    أبو عبد الله هيثم آل فايد

  • #2
    رد: ولتستبين سبيل المجرمين (الرد على محمد عبد المقصود) - الشيخ محمد سعيد رسلان

    بعض النقاط في الخطبة:


    * الرد على حسن أبي الأشبال حينما قال: أنَّ حجة الله في هذا الزمان هو محمد بن عبد المقصود!

    ومما قاله الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله تعالى- خلال الرد على المومى إليه آنفاً:

    - والصواب أن يقال لمن قال ذلك: إنَّ فلاناً هذا حجة الله على كذبك وحماقتك.

    * الرد على محمد بن عبد المقصود:

    ومما قاله الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله تعالى- خلال الرد على رأس التكفير في بلدنا مصر -حرسها الله تعالى-:

    - لقد بدأ مكفراتي, وانتهى مبرارتي, وهو بين هذا وهذا لم يكن على الجادة يوماً.

    وأيضاً الرد على القائل الذي قال: هؤلاء الذين يقولون إن هذا خروج قلوبهم مليسة!.
    وكذلك: الجماعة بتوع ولي الأمر بتوع الدين السعودي!.

    وأيضاً الرد على القائل الذي قال: وجدنا تدافعاً في عرفات ولم نجد تدافعاً في الميدان!.
    وكذلك: لم نرى منكراً في الميدان!.

    وأيضاً الرد على القائل الذي قال: إن الله تجلى في الميدان ثلاث مرات!.

    وفي الحقيقة أنا لا أدري مَنْ هُم أصحاب العبارات الأخيرة التي لم أنسبها لشخص, وسأعرف في القريب العاجل -إن شاء الله-, والله المستعان, وعليه التكلان, وهو الرحيم الرحمن.

    وصلِّ اللهم على محمدٍ وعلى آله وسلِّم.

    تعليق


    • #3
      رد: ولتستبين سبيل المجرمين (الرد على محمد عبد المقصود) - الشيخ محمد سعيد رسلان


      جزاك الله خيرا ..

      الذي قال بأن الله تجلى في الميدان هو: عمرو خالد ..

      فقد قال: لقد رأيت الله في الميدان ،، وهناك فيديو له سمعته يقول ذلك ..

      وحاشا لله ،، لا أعرف حقيقة كيف نطق هذا بمثل هذا الكلام ..
      أعوذ بالله ،، الحمد لله الذي عافانا ..

      ولا أعرف الاثنتين الأخريين .. بارك الله فيك

      وجزا الله الشيخ عنا خيرا ... وبارك الله فيه وفي علمه ..
      والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      تعليق


      • #4
        رد: ولتستبين سبيل المجرمين (الرد على محمد عبد المقصود) - الشيخ محمد سعيد رسلان

        المشاركة الأصلية بواسطة أبو عمر محمد السبكي مشاهدة المشاركة
        جزاك الله خيرا ..

        الذي قال بأن الله تجلى في الميدان هو: عمرو خالد ..

        فقد قال: لقد رأيت الله في الميدان ،، وهناك فيديو له سمعته يقول ذلك ..

        وحاشا لله ،، لا أعرف حقيقة كيف نطق هذا بمثل هذا الكلام ..
        أعوذ بالله ،، الحمد لله الذي عافانا ..

        ولا أعرف الاثنتين الأخريين .. بارك الله فيك

        وجزا الله الشيخ عنا خيرا ... وبارك الله فيه وفي علمه ..
        والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
        وجزاك الله بمثله, وفيك بارك الله
        وأما القائل بأنَّ الله تجلى ثلاث مرات في الميدان هو صفوت حجازي.
        وأما القائل بأنَّ الذين يقولون أنَّ هذا خروج قلوبهم مليسة هو فوزي السعيد.
        وأما القائل بأنَّ الجماعة بتوع ولي الأمر وبتوع الدين السعودي هو محمد عبد المقصود.
        وأما القائل بأنَّ التدافع في عرفات لم يره في الميدان فلا أذكره حقيقة؛ لأن اسمه من الأسماء الجديدة عليَّ.
        وصلِّ اللهم على محمدٍ وعلى آله وسلِّم.

        تعليق


        • #5
          خطبة: شبهات حول دخول البرلمانات_لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان_كاملة ومنسقة

          بسم الله الرحمن الرحيم.
          السلام عليكم ورحمة الله.
          الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه... وبعد:



          لقد استهل الشيخ الحديث في هذه الخطبة عن الخوف من إحباط العمل وألا يركن المسلم إلى الدنيا ويغتر بعمله.
          فقد يحبط الله عز وجل عمله من دون أن يشعر!
          وكأن الشيخ يُرسل رسالةً لأدعياء السلفية عندنا في مصر ولغيرِهم كذلك بألا يغتروا بأعمالهم وازدحام الناس من حولهم.
          ويحضرني آثر يوضح هذا المعنى:
          عن الربيع بن المنذرعن أبيه قال: قال الربيع بن خثيم: يامنذر! قلت لبيك قال: لا يغرنك كثرة ثناء الناس من نفسك فإنه خالص إليك عملك ( الحلية 2/112)

          ثم عرّج الشيخ على الهداية وأنها نوعان: هداية دلالة وهداية إرشاد
          وقال: ليس علينا هُدى الناس فإن ذلك بيد الله الواحد القهار.
          وكأن الشيخ يشير إلى أن تمضي في دعوتك للناس ولا تلفت إلى قلة مَن قد يشرح الله قلبه فليس هذا من شأنك.


          ثم عرّج الشيخ على تعريف الإيمان وأنه قول وعمل يزيد بالطاعات وينقص بالمعصيات وأن الأعمال من حقيقة الإيمان.

          ثم تحدث الشيخ عن ثلاث شبه:
          الأولى: قصة أحمد بن نصر الخزاعي حيث يقولون بأنه قُتل لأجل خروجه على الحاكم!!

          الثانية: شبهة ما الفرقُ بين الأحزاب السياسية والجمعيات الخيرية؟!!
          الأخيرة: شبهة "يوسف -عليه السلام-" في أنه تولى الوزارة تحت حاكم كافر فيجوز الدخول في الانتخابات!!

          ثم تحدث الشيخ عن الثبات وأنه من أخص خصائص أهل السنة والجماعة، والثبات في عوام أهل السنة والجماعة أعظم مما هو عند أئمة أهل البدع وضرب الشيخ عدة أمثلة على ذلك .

          وأخيراً ختم الشيخ الخطبة بنصيحةٍ ذهبية:
          ((هذه ردودٌ باطلةٌ وشبهاتٌ داحضة وعلى إخواننا من أهل السنة أن يصبروا، استعينوا بالله واصبروا، استعينوا بالله واصبروا، سيجعل اللهُ فرجاً ومخرجاً؛ فإن الحقَّ ممتحنٌ ومنصور فلا تَأْسَوْا ولا تتألموا لما فاه به بعض أهل الزيغ والضلال ممَن ارتبك في عقله ولم يستقرّ في منهاجه؛ فإنهم من أطول الناس لساناً في باطل ومن أقصر الناس لساناً في حق، استعينوا بالله واصبروا واحتسبوا أجوركم عند الله وادعوا إلى الله على بصيرةٍ وعلِّموا المسلمين ولا تضيعوا الأوقات ولا تنشغلوا بالردود على هذا وهذا دعوهم في غَيِّهِم سادرين وعلِّموا المسلمين واستنقذوهم من الضلال الذي يدعوهم إليه أولئك واتقوا الله رب العالمين في دينكم، اتقوا الله في أوقاتكم، اتقوا الله رب العالمين في إخوانكم والمسلمين من حولكم والمسلمين في الأرض كلها وحافظوا على نَخَاءِ الدين وعلِّموا المسلمين حقيقةَ الإسلام العظيم.))
          وبالجملة فالخطبة مليئة بالفوائد الزوائد.

          لتحميل الخطبة كاملة مُنسقة جاهزة للطبع (بصيغة pdf )
          اضغط هنـــــــــا .
          أو
          اضغط هنـــــــــا .

          أو
          حمله من المرفقات اضغط : هنا

          وهذه صورة توضح التنسيق:


          ولمَن أراد الخطبة (بصيغة doc القابلة للتعديل)
          اضغط هنـــــــــا
          أو
          حمله من المرفقات اضغط : هنا

          تنبيه: الخط مختلف عن صيغة pdf
          فالخط المستخدم في صيغة الـ pdf هو خط جولدن لوتس بينما الخط المستخدم في صيغة الـ doc هو خط تراديشنال أرابك لعلمي بأنه مُتاح عند الجميع_إن شاء الله

          معلومات عن الخطبة:
          تاريخ إلقاء هذه المحاضرة: الجمعة 22 من رجب 1432هـ الموافق 24-6-2011م
          مكان إلقاء هذه المحاضرة: بالمسجد الشرقي - سبك الأحد - أشمون - محافظة المنوفية - مصر
          ===================
          لحفظ المحاضرة: MP3 & RM

          ولقراءة الخطبة مباشرةً دون الحاجة لتحميلها:

          إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا. مَن يهده اللهُ فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم.
          ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].
          ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].
          ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70].
          أما بعدُ: فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلّم، وشرّ الأمور محدثاتها وكلَ محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
          أما بعدُ: فقد أخرج الإمام أحمد وكذا البخاريّ ومسلم عن ابن عباسٍ –رضي الله عنهما- أن رسولَ الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يقول: ( اللهم لكَ أسلمتُ وبكَ آمنتُ وعليك توكلتُ وإليك أنبتُ وبك خاصمتُ. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون).
          قول النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- :"وإليك أنبتُ" أي أقبلتُ بهمتي وطاعتي وأعرضتُ عن وعما سواك.
          وتأمل في قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم – وقد عصمه الله –تبارك وتعالى- من الضلال والإضلال: اللهم إني أعوذ بعزّتك لا إله إلا أنت أن تضلني فإذا كان الرسولُ - صلى الله عليه وآله وسلم – يستعيذ بالله –تبارك وتعالى- من ذلك فكيف بنا نحنُ؟! اللهم إنا نعوذُ بعزّتك لا إله إلا أنت أن تضلنا.
          وأخرج مسلمٌ عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – يقول: ( إن قلوبَ بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلبٍ واحدٍ يصرّفه حيثُ يشاء) ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – :(اللهم مُصرّفَ القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك).
          وأخرج الترمذي عن أم سلمة –رضي الله عنها- قالت:(كان دعاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك).
          وأخرج ابن ماجة عن النواس بن سمعان –رضي الله عنه- بلفظ (يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك)؛ فهذا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – وقد عصمه الله –تبارك وتعالى- من ذلك كله وثبّت الله -رب العالمين- على اليقين قلبه ومع ذلك هو يضرع إلى ربه -تبارك وتعالى- هذه الضراعة المُنِيبَة المُخْبِتَة أن يثبت الله –تبارك وتعالى- على الحقِ قلبَه، وأن يسدد على القول المستقيم لسانه.
          أخرج أصحابُ السنن عن أم سلمة –رضي الله عنها- قالت: ما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من بيتي إلا رفع طَرْفَه إلى السماء فقال: (اللهم أعوذُ بك أن أَضِلَّ أو أُضَل أو أَذِلَّ أو أُذَل أو أَظلم أو أُظلم أو أجهل أو يُجهل علي).
          فتأمل في هذه الأمور التي استعاذ ربه –تبارك وتعالى- منها، تأمل كيف رتبها؟ وكيف بدأ بأهمها وأولاها؟ (اللهم أعوذ بك أن أَضِل أو أُضَل) وهو رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-.
          وأخرج البخاري ومسلم عن أنسٍ –رضي الله عنه- قال: كان ثابت بن قَيس خطيب الأنصار فلما نزلت ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات:2].
          تأمل في قول الله –تبارك وتعالى- ﴿ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ وإحباط العمل عند الله يصير حابطاً وباطلاً ولا يقبله الله –رب العالمين- والمرء لا يشعر، وكان ثابتٌ –رضي الله عنه- يعاني وَقْرَاً في أذنيه فكان رفيعَ الصوت يرفع صوته عند رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- فلما نزلت الآية جلس ثابت في بيته فافتقده النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- فأتاه رجلٌ فوجده جالساً في بيته مُنكِّساً رأسَه فقال له: ما شأنُك؟! قال: شر؛ كان يرفع صوته فوق صوت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- فقد حَبِط عملُه وهو مِن أهل النار، يعني نفسَه –رضي الله تبارك وتعالى عنه-.
          ورفعُ الصوتِ هاهنا رفعٌ حِسيّ لأنه ما كان يقدّم بين يدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- وفي الآية تأويلٌ آخر وهو أن يقدِّم قوله على قول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- فلما نزلت الآية نزّلها على نفسه إذ كان يرفع صوته من غير ما قصد منه عند رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- فظن أن عمله قد حَبِطَ وهو مِن أهل النار، فأتى الرجلُ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- فأخبره أن ثابتاً قال كذا وكذا فقال - صلى الله عليه وسلم:(اذهب إليه فقل له: لستَ مِن أهل النار ولكنك مِن أهل الجنة).
          فيبقى هنا أن الإنسانَ ينبغي عليه أن يحرصَ على عمله الصالح –هذا إذا كان صالحاً- ؛ لأن العملَ لا يكون مقبولاً عند الله إلا إذا كان خالصاً صواباً: أن يكونَ لله على وَفق ما جاء به رسولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم- فإذا كان كذلك كان مقبولاً عند الله ولكنه لابدّ من رعايته وحفظه فقد يحبطه المرءُ من حيثُ لا يشعر كما قال الله –تبارك وتعالى- ﴿ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ فيخاف المرء على عمله لأن الأمرَ ليس في كثرة العمل وإنما الأمرُ –كلُ الأمرِ- في حفظ العمل مما يحبطه ويبطله.
          فتأمل في حال هؤلاء الذين جعلهم الله –تبارك وتعالى- في المَحَل الأسمى وثبت على الصراط المستقيم أقدامهم وهم يخافون على أعمالهم ويراعون قلوبهم ويتّهمون أنفسهم لأنهم لم يذوقوا طعمَ أنفسهم قطُّ، وإنما هم من الإخلاصِ في المحل الأعلى –رضي الله تبارك وتعالى عنهم-.
          وهذا حديث مسلمٍ عن حَنْظَلَةَ الأسيدي لما لقيه الصِّديق فقال له: كيف حالُك؟ وكيف أصبحت؟ وما شأنُك؟ فقال له: -أي قال حنظلة للصديق رضي الله عنهما- شرُّ حال؛ أصبحتُ قد نافَقْتُ. قال: سبحان الله، انظر ما تقول.
          وتأمل في الحال الداعية له على رمي نفسه بالنفاق وما هي إلا تفاوتُ في حال كونه عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وحال كونه بين أهله وأولاده وضَيْعَتِه –أي عملِه وحرفته- لابد أن يتفاوت الأمر بين الحالين -لا محالة- فقال: شرُّ حال. كيف حالك يا حنظلة؟ قال: شرُّ حال؛ أصبحتُ منافقاً. قال: سبحان الله. انظر ما تقول؟! قال: نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- يحدثنا عن الجنةِ والنار كأن الرأي رأيُ عينٍ، فإذا انصرفنا فَعَافَسْنا الزوجاتِ والضَيْعاتِ والأولاد نسينا كثيراً تغيرتْ حالنُا عما كانت عليه بين يدي نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم-.
          قال الصديق –على مقتضى فقهه ويقينه وإيمانه- :إني لأجد في نفسي ما تقول، ولكن لم يرمِ نفسه بالنفاق. فذهبا إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- فلما أخبراه قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- واضعاً الأمرَ في نِصابه :(والذي نفسي بيده لو تدومون على الذي تكونون عليه عندي لصافحتكم الملائكةُ في الطُّرقات وعلى فُرِشِكُم، ولكن يا حنظلةُ ساعةً وساعةً، ساعةً وساعةً، ساعةً وساعةً).
          أهل السنة يقولون: الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص بالمعصيات ويتفاضل أهلُه فيه وهو قولٌ وعمل.
          يقول بعضُهم: قولٌ وعملٌ ونية؛ قولٌ وعملٌ: قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح.
          والأعمال مِن حقيقة الإيمان؛ وقد سمّى الله –تبارك وتعالى- الصلاةَ إيماناً، فذكر الله -رب العالمين- أن صلاتهم إلى بيت المقدس قبل تحويل القِبلة ما كان اللهُ -رب العالمين- ليضيِّع ثوابهَا ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾[البقرة:143] أي صلاتكم إلى بيت المقدس قبل تحويل القبلة؛ لأنه لما نزل الأمر بتحويلها قال أقوامٌ: فما بالُ صلاةِ إخواننا الذين صلوا إلى بيت المقدس ولم يدركوا زمنَ التحويل ثم ماتوا ولم يصلوا إلى البيت الحرام؟!
          فأخبر اللهُ -رب العالمين- أن صلاتهم وسماها إيماناً ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ ]البقرة:143[ أي صلاتكم إلى بيت المقدس قبل التحويل. وسمّى الله -رب العالمين- الصلاةَ إيماناً وسمّى الرسول -صلى الله عليه وآله وسلّم- كثيراً من الأعمال إيماناً بل جعل الإيمان أصلاً ذا شُعَب، وقال -صلى الله عليه وآله وسلّم- :(الإيمان بِضع وستون أو بضع وسبعون شُعْبَة؛ أعلاها لا إله إلا الله -ذروتها قولُ لا إلهَ إلا الله- وأدناها -وما فيها دنيّ- إماطة الأذى عن الطريق والحياءُ شُعْبَة مِن الإيمان).
          كان السلفُ -رحمةُ الله عليهم- يخافون على أعمالهم ويحيطون قلوبَهم بسِياجٍ من الحِياطَة المتينة فلا يتطرق إليها ما يفسدها وما يُبطل الأعمال الصادرة عنها وكانوا يُراعون ما جدّ من الأعمال وما قَدُمَ منها فكانوا لا يُبطلون أعمالهم ﴿لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾ [البقرة:264]
          فكانوا يُمسكون ألسنتهم عن الَمنِّ وأذية المسلمين. (ومَن قال في مسلمٍ ما ليس فيه سقاه الله مِن رَدْغَةِ الخَبالِ)؛ لأن الله -رب العالمين- لا يقبل أذيةَ المسلمِ بحال، وكيف يقبل ذلك وحُرمة المسلم عند الله أعظم من حرمة الكعبة ولأن يأخذ المرء مِعْوَلاً فيستقبلَ الكعبةَ فينقُضها حجراً حجراً أهون عند الله من أن ينقض بنيان مسلم وأن يزهق روحه.
          قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يطوف بالكعبة: (ما أطيبَ ريحَكِ وما أعظم حرمتكِ عند الله! ولحرمة المسلم عند الله أعظم من حرمتك). فمَن قال في مسلمٍ ما ليس فيه سقاه الله من ردغة الخبال.
          كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- مع عصمته من النفاق ومع عصمته من الكفر يستعيذ بالله -تبارك وتعالى- من النفاق والرّياء والكفر ويستعيذ بالله -رب العالمين- من الضلال والإضلال -فصلى الله وسلم وبارك عليه-.
          وكان الصحابة أشد الناس بعده خشية من الله ورعايةً لأعمالهم وقلوبهم ثم جاء التابعون من بعدهم فصاروا على نهجهم وكذلك أهل الخير مِن بعدهم كلهم يحافظون على قلوبهم ويراقبون نياتهم ويجتهدون في حفظ أعمالهم الصالحة التي وفقهم الله -رب العالمين- إليها أن يُحبطوها بعد أن أَتَوْها -وهو أمرٌ شديد.
          أخرج البخاريُّ في صحيحه -مُعَلَّقَاً مجزوماً به- ووصله غيرُه. قال: قال ابن أبي مُلَيْكَةَ: "أدركتُ ثلاثين مِن أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كلهم يخاف النِّفاق على نفسه".
          ولو أدرك ثلاثمائة ولو أدرك ثلاثين ألفاً ولو أدركهم كلهم لوجدهم كما وصف مَن أدركهم حَذْو القُذَّةِ بالقُذَّةِ. أدركتُ ثلاثين من أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كلهم يخاف النفاق على نفسه. بوّب البخاري بهذا الأثر بقوله: "باب خوف المؤمن أن يحبط عمله ولا يشعر".
          الصحابة يخافون النفاق وعمر الفاروق المُبشَّر بالشهادة والجنة وهو ثاني الوزيرين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما سَمَّى إلا جاء مع أبي بكرٍ وعمر وذهب مع أبي بكرٍ وعمر يخشى على نفسه نفاق العمل بل يخشى على نفسه نفاق الاعتقاد وهو الفاروق -رضي الله عنه-
          وكان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد أخبر صاحبَ السرِّ حُذَيْفَة -رضي الله عنه- بأسماءِ مَن أعلمه الله بأسمائهم مِن المنافقين فجعل ذلك بينه وبينه، فقال عمرُ -رضي الله عنه- لحذيفة -رضي الله عنه- : "ناشدْتُك الله هل ذكرني النبي -صلى الله عليه وسلم- فيمَن ذكر؟"، قال: "اللهم لا، ولا أزكي أحداً بعدك"
          فعمر يخشى على نفسه هذا! والذين ذكرهم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كانوا مَغْمُوطِينَ بنفاق الاعتقاد لا بنفاق العمل، كانوا منافقين نفاقاً أكبر فذكر مَن أعلمه اللهُ بأسمائهم لحذيفةَ فقال عمر -مقسماً على حذيفة- : "ناشدتك الله، أقسمتُ عليكَ بالله هل ذكرني رسول الله فيمَن ذكر لكَ من المنافقين؟"، قال: "اللهم لا، ولا أزكي أحداً بعدك".
          أخرج أحمدُ والفِريابِيُّ بسندٍ صحيحٍ أن الحسن -رحمه الله- هو البصري كان يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما مضى مؤمنٌ قط ولا بقي إلا وهو مِن النفاقِ مُشْفِقٌ، ولا مضى مُنافق قط ولا بقي إلا وهو مِن النفاقِ آمِن. وكان يقول: مَن لم يخف النفاقَ فهو منافق.
          ليس علينا هُدى الناس لأن ذلك لم يكن على رسول الله بمعنى هداية القلوب فهذه الهداية منفية عنه، ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص:56].
          هدايةُ القلبِ لله -علام الغيوب وسِتِّير العيوب- هو يهدي القلبَ وحده لا يقوى على ذلك غيرُه، وأما هداية الدلالة والإرشاد فهذه مُثْبَتةٌ لرسول الله وهذه مُكلّفٌ بها مَن أتاه الله علماً بل كلُ آمرٍ بمعروف وناهٍ عن منكرٍ هو هادٍ إلى صراط الله ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [القصص:52].
          هداية الدلالة والإرشاد، وليس عليك هداهم، علينا أن نوضحَ الدين وأن نزيلَ الشبهةَ وأن نترفقَ حيثُ ينبغي أن نترفقَ وأن نشتد حيث ينبغي أن نشتد فليس الأمرُ سواء. ولابدّ أن نلبسَ لكل حالٍ لَبُوسَها وأن نتقي الله ربنا وأن نخشى على قلوبنا لأن الله -تبارك وتعالى- لم يكلفنا إلا بما هو في مقدورنا لم يكلفنا الله -تبارك وتعالى- بما لا نستطيع والله ربُ العالمين كتب علينا أشياءً والله ربُ العالمين طلب منا أشياءً فلا ينبغي أن نُشغَل بما كتب الله -تبارك وتعالى- علينا عما طلب منا.
          إن الله قدّر علينا أشياءً وأراد منا أشياءً فلا ينبغي أن نُشغَل بما قدّر علينا عما أراد منا: أراد بنا أشياءً -سبحانه وتعالى- وأراد منا أشياءً فلا ينبغي أن نُشغَل بما أراد بنا عما أراد منا.
          كلفنا الله -تبارك وتعالى- بالشرع وقدّر الله -رب العالمين- المقادير: فقَدْرٌ وشرعٌ، حذارِ أن تخلطَ بين وظيفتكَ إزاء كلٍ؛ فعند القدر تسليم وعند الشرع امتثالٌ وطاعةٌ.
          ينبغي علينا ألا نذكر القدرَ محتجين به على المعاصي وإنما يُذكر القدرُ عند وقوع المصيبة فيطمئن القلب وتستقر الروح ويهدأ الخاطِر وتستقيم الخُطَى على الصراط المستقيم﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر:49].
          فيُذكر القدر عند المصيبة لا عند الذنب، عند الذنب توبةٌ واستغفارٌ، ليس عليكَ هداهم، نوضحُ الدينَ ولا نخلطُ الأمورَ ونلزمُ جادَةَ سلفنا الصالحين مِن الصحابة ومَن تبعهم بإحسان في تلقي العلم وأدائه في تحمله وفي أدائه على السواء حتى نكونَ مُتَّبِعين بحق لا نَتَقَمَّمُ لأنه من قواعد أهل السنة أنهم لا يستغنون بالضعيف والساقط عن الصحيح والحَسَن المقبول، لا يستغنون بل إنهم لا يلجئون إلى ذلك فقواعدهم مقرّرة ومضبوطة.
          ومعلومٌ أنه لا يجوز لنا بحال أن ننظر إلى حال القلب عند مواقعة أمر يكون مخالفاً للشريعة ثم نستدلُ بذلك على صحته، هذا خطأ.
          الصحابي الذي كان كلما صلّى بإخوانه ختم القراءة بسورة الإخلاص وكان أميراً عليهم في سَرِّية فلما رجعوا أخبروا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (سلوه لما صنع ذلك؟) فسألوه فقال: "لأنها صفةُ الرحمنِ وأنا أحبها" فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- : (أخبروه أن الله يحبه لحبه إياها)
          كان رسولُ الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وكذا علماء الصحابة مِن الخلفاء ومَن تحتهم مِن طبقتهم كانوا يحبون صفة الرحمن أكثر مِن هذا الصحابيّ ومع ذلك لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يختم القراءةَ بسورة الإخلاص وأعظمُ قدْراً وأعلمُ علماً وأثبتُ قدماً -صلى الله عليه وآله وسلم-.
          أهل البدع يقولون: هذه الأمور التي نأتي بها ترققُ القلوبَ وتَزِيدُها خَشْيَة والرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- قد أقرّ الرجل فيما أتى به مِن عند نفسه في الإتيان بسورة الإخلاص بعقب القراءة في الصلاة وهي صفة الرحمن وهو يحبها فيجد قلبَه عند تلاوتها فلمَ تَحْجُرون علينا وتُحَجِّرُون الواسعَ؟!
          والجواب: إن شهدتم لنا بالرسالةِ أجزنا لكم الفعل؛ فإن الذي أجازه هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك فغايةُ ما في المسألة أن ما أجازه هاهنا جائزٌ وليس بمشروعٍ، يعني هذا لا يُلتزم أما مَن فعله فقد فعل جائزاً وأما أن يكونَ مِن سُننِ رسولِ الله فلا، ففرقٌ كبيرٌ.
          فالزموا الجادة وخيرُ الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
          لا يمكنُ لنا ولا لغيرنا مهما لَجَّت الخصومة بيننا أن نطعنَ في نية أحد ولا في قصده ومُراده فهذا إلى الله، النياتُ مردّها إلى الله وأما الحكمُ فعلى الفعل والقول
          وهذا الأمر العظيمُ أصلٌ مِن أصول الإسلام -أعني الردَّ على المخالف- على كل مخالف بمخالفته مِن معصيةٍ وبدعةٍ وتشويهٍ ومَسْخٍ لدين الله أما النية فلا عَلاقة لنا بها.
          وتأمل الآن في قصةٍ يُدندن حولها القومُ يريدون أن يمرروا بها أمراً لا عَلاقةَ لنا بالنيةِ الباعثة وإنما نحن في فحصِ وبحثِ وفَتْشِ ما أتوْا به قصة "أحمد بن نصر الخُزاعِيّ" قالوا: كوّن جماعة وشكّل فِرقة واتخذ موعداً مِن أجل أن يخرجَ بهؤلاء الدهماء والغوغاء ومَن كان معه ممن هو فوق هؤلاء إلى آخِر ما قالوا وأنه قُتل لأجل ذلك فمدحه "أحمد بن حَنْبَل" وقال: جاد بنفسه، ووصفه "ابن مَعِين" بالشهادة!
          هذا مَعِيب أن يُؤتى به على هذا النحو؛ فهذا تدليسٌ وهذا كذِب.
          قصةُ "أحمد بن نصر الخزاعي" أخرجها "الخطيب" في تاريخ بغداد بسنده عن "محمد بن يحيى الصُّوليّ" السند لا يُحتج به ومعلومٌ عند كل مَن شمَّ رائحة علم الحديث هذه القاعدة:(ثَبِّتْ العَرشَ ثم انقُش) يعني أثبت النص أولاً ثم استخرج منه ما شئت واستدل به على ما يدل عليه.
          فلننظر في هذه القصة، إسنادُها ثابتٌ أو لا؟ ومَتْنُها هل هو غير مُنكرٍ أو لا؟
          القصة مرويةٌ عن "محمد بن يحيى الصولي" وهو لم يدرك زمن هذه الواقعة وليس له روايةٌ عن "أحمد بن نصر الخزاعي"؛ قُتل "أحمد بن نصر الخزاعي" سنةَ إحدى وثلاثين ومائتين فبين قتل "أحمد بن نصر" ووفاة "الصولي" خمسُ سنواتٍ ومائةُ سنة! فمِن المؤكّد أنه لم يسمع منه ولم يدرك هذه القصةَ أصلاً.
          و"الصولي" مِن جملة مشايخه "أبو داود" و"أبو داودَ" نفسه لم يسمع مِن "الخزاعي" وإنما روى "أبو داودَ" عن "الخزاعي" بواسطة فما ظنك بتلميذ "أبي داود" هذا مِن جهة الإسناد.
          وأما من جهة المتن ففيه نكارة؛ لأن المعروف عن السلف في زمن الخزاعي أنهم لا يخرجون على أمراء الجَوْرِ بل يصبرون على آذاهم وينصحون لهم قياماً بواجب النصح ودرءاً للفتنة والفساد والفوضى فكيف يمدحه "أحمد بن حنبل" في الخروج على الأئمة و"أحمد" نفسه -أعني ابن حنبل- يعد الخروج من الفتن!
          وقد حذّر من ذلك أيما تحذيرٍ كما هو ثابتٌ من كلامه مع الفقهاء الذين أرادوا الخروج على "الواثق" وما زال بهم حتى عَدَلُوا عن مرادهم ورجعوا عن قصدهم.
          ولماذا لا يُحمل مدحُ "أحمد" للخزاعي -رحمهما الله تعالى- ووصفُ "ابن معين" له بالشهادة على ثبات "الخزاعي" في فتنة القول بخلق القرآن؟! لا فتنة الخروج على الولاة. فتأمل كيف يستشهد القومُ بالمتشابه من القول وكيف يحاولون إقامة أمرٍ وإن هدموا به أموراً فإنا لله وإنا إليه راجعون.
          أضف إلى ذلك أن القصة -لو صحت- فيها ما يدل على أن الواثق قتل الخزاعي لقوله: "القرآنُ كلامُ اللهِ غيرُ مخلوقٍ" لا لخروجه عليه. فإنه قال له: دع ما أُخذتَ له. ما تقولُ في القرآن؟ هذا في القصة التي لم يثبت إسنادها ولكن على فرض صحة الإسناد. قال له: دع ما أُخذتَ له ما تقول في القرآن؟ إلى أن قال: وقد طُلب منه العفوَ عنه ما أُراه إلى مؤدياً لكفره قائماً بما يعتقده منه. هذا كله له صحّت القصة! وهو يدل على أن قتله له إنما كان لذلك لقوله: أن القرآن كلام الله غير مخلوق. وأحمد إنما مدحه لذلك وقد كان أحمد مقاتلاً دون ذلك داعياً إلى اعتقاده مجاهداً مِن أجل ألا يُحرّف، وكذلك يُنظر إلى مذهب أحمد بن حنبل فيما يتعلق بالخروج على أمراء الجور وسلاطين الظلم لا أنه مدحه من أجل ما قام به مما ذكرت القصة التي لم تثبت.
          هذا نموذج من نماذج كثيرة فيها تحريفٌ للقول عن مواضعه ووضع للأمور على غير منازلها.
          مِن ذلك أيضاً، شبهةٌ هي أن القومَ يدعون المسلمين لا للإقبال على تعلم الدين ومعرفة توحيد رب العالمين واتِّباع سيد المرسلين؛ لأن ذلك كله هو الذي يؤدي في النهايةِ إلى تطبيق حكم الله واستقرارِ شرعه في كونه، لا بالتَّحيلِ باتخاذ الوسائل الباطلة الشركية الكفرية من أجل إقرار حكم الشريعة الربانية الإلهية! هذا لا يستقيم.
          فيُؤتى بهذه الشبهة مِن أجل صرف المسلمين إلى التقاتل حول الحزبيات البغيضة القليلة النتنة حتى يصيروا بعد حين متقاتلين على مبادئ الحزب والانتماء إليه؛ لأن الانتماء الحزبي أمرٌ ثابتُ مقرر ومَن خرج عنه فكأنما خرج على الشريعة إن كان مؤمناً.
          يدعون الناسَ إلى ذلك ويتوسلون بأمورٍ عجيبة، بعضُهم يقول مِن غير وعي لما يخرج مِن رأسه: ما الفرقُ بين الأحزاب والجمعيات الخيرية؟! سبحان الله! لن ندلل على الفرق ولن نذكره لوضوحه لكل جاهل فهل يتوقف في ذلك مَن شمّ رائحةَ العلمِ؛ ما الفرقُ بين الأحزاب السياسية والجمعيات الخيرية؟! الله المستعان! وعليه التُّكْلان ولا حول ولا قوةَ إلا بالله العليّ العظيم!
          ثم شبهةٌ هي عندهم مِن الشبهات الكبيرة هي أنهم يقولون: يدخلوا المسلمون في أمثال هذه الأمور وفيها يشاركون لأن يُوسف - عليه السلام- قد شارك فيما كان فيه عند الملك وكان الملكُ كافراً وكأنها من أعظم شبهتاهم. وإلى الله المُشتكى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
          الخطبة الثانية
          الحمدُ لله رب العالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له هو يتولى الصالحين، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
          أما بعدُ:
          فهذه الشبهة وهي عملُ يُوسف - عليه السلام- عند ملِك مصر وكان كافراً يتعلقُ بها بعضُ مَن أفلسَ مِن الأدلة يقولون: ألم يتولّى يُوسف -عليه السلام- مَنصِبَ الوَزارةِ عند ملكٍ كافرٍ لا يحكم بما أنزل الله -تعالى- إذاً يجوز المشاركةُ في مثلِ ذلك والولوجُ في المجالس التي تشرّعُ للبشرِ مِن دون ربِّ البشرِ ونحوِها.
          والاحتجاجُ بهذه الشبهة على الولوغ في المجالس التشريعية والاحتجاج بها على تسويغها باطلٌ وفاسدٌ؛ لأن هذه البرلمانات قائمةٌ على دينٍ غير دين الله رب العالمين ألا وهو دين الديمقراطية التي تكون إلهية التشريع فيه وألوهيته ويكون التحليل والتشريع فيه للشعب لا لله خالق البشر وخالق الكون وقد قال ربنا: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران:85].
          فهل يجرُؤ زاعمٌ أن يزعمَ أن يُوسف -عليه السلام- اتّبع ديناً غير دين الإسلام أو مِلَّةً غير مِلَّة آبائه الموحدين أو أقسم على احترامها؟! ﴿نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأنعام:143].
          وهل شرّع يوسف وفقاً لها كما هو حال المفتونين بتلك المجالس؟! كيف وهو يعلنها بِمِلْء فِيه -عليه السلام- في وقت الاستضعاف فيقول: ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [يوسف:37-38]. ويقول: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف:39-40].
          أفيعلنها ويصدع بها ويدعو إليها وهو مستضعفٌ ثم يفتيها أو ينقضها أو يهملها بعد التمكين؟! أجيبونا يا أصحاب الاستصلاحات، ثم ألا تعلمون يا مَن صرتم مِن دهاطين السياسة أن الوزارة سلطةٌ تنفيذية وأن البرلمان سلطة تشريعية.
          وشَتَّان فهذا القياسُ حينئذٍ مع الفارق ولا ينطبق. كيف يُقاسُ ما يدعون إليه اليومَ على ما كان عليه يوسف -عليه السلام- والجهة مُنْفَكَّة لقد كان يوسف -عليه السلام- على رأس الوزارة كان وزيراً كان على خزائن الأرض، الوزارة سلطةٌ تنفيذية وأما المجالس التشريعية فمجالسٌ وسلطةٌ تشريعية أفهذا كهذا؟! أفلا تعقلون؟! وبين هذه وهذه فروق؛ فالقياسُ هنا لا يصحُّ عند القائلين به.
          ومنه تعلم أن الاستدلال بقصة يوسف -عليه السلام- على تسويغ الدخول في تلك المجالس لا يصح أبداً ولا مانع من مواصلة الاستدلال على أن الفوارق عظيمةٌ جداً بين المَقِيسِ والمَقِيسِ عليه كما هو الواقع في زماننا؛ لأنه فيه مخالفةٌ أصليةٌ، فيه مخالفةٌ أصليةٌ!
          مقايسةٌ تولِّي كثيرٍ من المفتونين على تولِّي يوسف الوزارة قياسٌ فاسدٌ وباطلٌ من وجوه:
          أن متولِّي الوزارة في ظل تلك التشريعات التي تحكم بغير ما أنزل الله لابدّ أن يحترمَ الدستورَ وأن يُقْسِمَ على احترامه وهو وضعيّ يدين أيضاً له بالولاء والبراء إذا قال: "أقسم بالله أن أحترم القرآنَ والسّنةَ وألا أصدرَ إلا منهما وعنهما وألا يرجعَ لي حكمٌ إلا إليهما" طُرد، استُبعد، خالَف!
          إذا أقسم على الولاء والبراء للدستور ولقانون المجلس ولقانون الأحزاب واحترم ذلك ثُبِّت!
          واللهُ ربُ العالمين أمرنا أن نكفر بكل ما يُعبد من دون الله، عند هؤلاء القَسَمُ على هذه المخالفة الأصلية قبل تولّي المنصب مباشرةً وهو نفس الحال بالنسبة لكل عضو في المجالس التي تُشَرَّع، لابد من أن يُقسم على احترام الدستور، احترام القانون وألا يٌقدِّمَ عليه شيئاً لا شرعاً ولا غيرَه.
          يُوسُف الصِّديق هل كان كذلك؟! الذين يقيسون على ما كان من يوسف -عليه السلام- هل كان يوسف كذلك؟! واللهُ ربُ العالمين زكاه فقال: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ [يوسف:24].
          هل يكون مَن يُقْسِمُ على أمثال هذه الأمور كيوسف -عليه السلام- الذي يُقسِم، يَبْرَأُ، ويوسف -عليه السلام- على الحقِ ثابتٌ وفيه راسخٌ.
          والذي يقيس حاله على حال يوسف يأتي بشرٍ مما جاء به إبليسُ اللعين ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص:82]. ويوسف لا سلطانَ للشيطانِ عليه وهؤلاء يجعلون للشيطان عليه سلطاناً!
          يوسف -عليه السلام- يقيناً وبنصِ كلام الله مِن عباد الله المخلَصين بل مِن ساداتهم وأيضاً الذي يتولّى الوزارة الذي يكون مشرّعاً يُقسِمُ اليمين أو لا يقسم لابد له أن يدين بالقانون الوضعيّ وألا يخرج عنه وألا يخالفه فما هو إلا خادمٌ مطيعٌ لمَن وضعوه في الحق والباطل والفِسق والظلم. هل كان الصِّديقُ كذلك؟! -عليه السلام- حتى يصلُح الاحتجاجُ بفعله لتسويغ تلك المناصب اليوم!
          إن مَن يرمي نبيَّ الله ابن نبيِّ الله ابن نبيِّ الله ابن خليل الله بشيءٍ من ذلك لا يُشك في مُروقِه؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل:36].
          فهذا أصلُ الأصولِ وأعظمُ مصلحةٍ في الوجود عند يوسف -عليه السلام- وعند سائر رُسل ربِّ العالمين، فهل يُعقل أن يدعوَ الناسَ إليه في السراء والضراء وفي الاستضعاف والتمكين ثم هو يناقضه حتى يكونَ من المشركين كيف والله قد وصفه بأن من عباد الله المخلَصين؟!
          ولقد ذكر بعضُ أهلِ التفسيرِ أن قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾ [يوسف:76]. دليلٌ على أن يوسف -عليه السلام- لم يكن مُطبِّقاً لنظام الملِك وقانونه ولا مُنقَاداً له، ولا مُلزَماً بالأخذ به، فهل يُوجد أحد في مكانٍ من تلك الأماكن التي يُراد لهم أن يكونوا فيها، يكون مطلقاً في تصرّفه؟! أن يكون قولُه نافذاً ما دام مطابقاً للكتاب والسّنة ولو كان مخالفاً لما أقسم على احترامه وعدم الخروج عليه وهل يٌقبل ذلك منه؟!
          لماذا نُدخل المسلمين آتُّون المعركة؟! لماذا نُدخل المسلمين في حمل السلاح؟! تقاتلاً على أمورٍ لم يشرعها الله والطريق واضح والإصلاح بيِّن وطريقه طريقُ المرسلين كما جاء به النبي الكريم ومَن سبقه مِن إخوانه من الأنبياءِ والمرسلين.
          طريقٌ واضح تقرير الدينونة لله ربِّ العالمين بغير خداع، وهل يستطيع أحدٌ اليوم أن يقول: إنه إنما يأخذ بما يأخذ به من الحيل السياسية كوسيلة غير مشروعة من أجل أن يصل إلى وسيلة مشروعة؟! وهل يُرضى عنه حينئذٍ؟! هل له أن يقول: إنما نفعلُ هذا كله حتى نصلَ فنتمكّن فإذا تمكنا فعلنا وفعلنا.
          وهل إذا كان ذلك كذلك كما وقع قَبْلُ في الجزائر وفي غيرها من أرضِ الله والمسلمون في حال استضعاف -كما هو معلوم- هل إذا وقع ذلك فكانوا منه قاب قوسين أو أدنى هل سيتُركون حتى يمكنوا؟! أم يقع القتال حينئذ وتُراق الدماء أنهاراً وهو أمرٌ لا نقول نستقرؤه من التاريخ بل نراه بالأعين في التاريخ المعاصر والشريعة إنما يطبقها مَن التزم بها وامتثلها.
          إذا كان المجتمع في جملته جاهلاً فكان غير قابلٍ أفهو تغيير نظامٍ بنظام؟! هذا غير مقبولٍ شرعاً، إنما هو دين الله يدين له البشرُ بالطاعة ويقرُّون له بالانقياد ولا يخرجون عنه لأنهم بشرٌ مقهورون مُسَخَّرون والله ربهم وحاكمهم كما أنه مَلِيكُهم ورازقهم وهو إلههم وهو الذي يشرّع لهم وهو الذي أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب وهو على كل شيءٍ قديرٍ.
          دين الله دينه لم يتبدّل ولم يتغير والطريق واضح لم يَشْتَبِه ولم يَغْمُض على أحدٍ جعل الكتاب والسنة بفهم الصحابة ومَن تبعهم بإحسان رائده وقائده وهاديه إلى صراطٍ مستقيم، وإنما يزيغ عن ذلك مَن يزيغ لأنه يجعل بينه وبين الكِتاب والسّنة السياسة.
          والأصلُ أن تجعل بينك وبين السياسة الكتابَ والسّنة فما أقرَّاه فهو المُقَرّ وما رفضاه فهو المرفوض لا أن تجعل السياسة بينك وبين الدين فما مرّرته السياسة تتقمم له حينئذٍ أدلةً في الكتابِ والسّنة كأمثال هذه الشبهات الباطلة الساقطة التي لا يقولها مَن شمَّ رائحةَ العِلم وعَرَفَ مَقاصِد الشريعة ولكنها تَرُوج عند جماهيرٍ من المتعصبين.
          إن كثيراً من أتباع المتكلِّمين لم يحرروا أصلاً مواطِن النزاع؛ هم ينكرون على الناس من أهل السنة أنهم يأخذون بما يُقال له التصنيف وهم الذين يصنِّفون!
          أولاً: هو يعطيك حُكْماً ثم بعد ذلك يُنَزِّلُ عليكَ صورةً ذهنيةً متخيلةً عنده فيعطيكَ وصفاً ويَنْبِذُكَ بلقَب ثم جمع قماماتٍ مِن هاهنا وهنالك مما لا يدري معناه ولا مغزاه ولا مأتاه إذاً فأنتَ كذلك!
          لم يحرروا مواطن النزاع ولذلك إذا قيل لهم: ما الخلافُ بيننا وبينكم؟! ليَحِيرُون جواباً! أأل خلافُ بيننا وبينكم في الرد على المخالف؟!
          إن أنكرتموه فأحسنُ أحوالكم أنكم جهلة بدين الله؛ لأن الرد على المخالف أصلٌ من أصول الإسلام، أأل خلافُ بينكم في التحذير من البدعة والمبتدعين؟! هذا من أعظم أصول دين ربّ العالمين.
          ما الخلافُ بيننا وبينهم؟ أنهم يتَّبعون أهواءَهم في الجملة ووراءهم من المتعصبين مَن لم يَنْفُذ إلى عقولهم بَصِيصٌ من نور العلم ولا الهدى فيتَّبعون أهواءهم.
          لم يخف أولئك يوماً من الضلال! كان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من بيته يقول: (اللهم إني أعوذُ بكَ أن أضِلَّ أو أُضَلَّ) يستعيذُ بالله من الكفر -صلى الله عليه وآله وسلم-.
          ألم يخشى هؤلاء يوماً على أنفسهم؟! إن خشوا فليتوقفوا وليراجعوا ولينظروا حتى تصفوَ القلوبُ وحتى تجتمع الوجهات التي تبددت والاتجاهاتُ التي تنافرت فلو رجع القومُ إلى الأصل لاتحدوا ولكن يريدون أن يعودوا إلى أصلٍ موهوم إنما قرروه هم وادَّعوه هم ووضعوا لأنفسهم قواعد وهذه القواعد ليس عليها أثارةٌ من علم؛ يعُين بعضنا بعضاً فيما اتفقنا فيه ويعذُر بعضُنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.
          لو اتفقنا على الباطل نعين بعضنا بعضاً عليه، لو اختلفنا في التوحيد لو اختلفنا في الأصول يعذر بعضنا بعضاً في ذلك! ما هذا الضلال؟! هذه قاعدةٌ رافضيةٌ ليست من دين خير البرية -صلى الله وسلم وبارك عليه-.
          يوسف لما تولّى ما تولّى مما يُقاس عليه اليوم، تولاه بتمكين من الله -عز وجل- ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ [يوسف:21]. فهو إذاً تمكينٌ من الله فليس للملك ولا لغيره أن يضره أو أن يعزله؛ لأنه ممكّن من الله بنص كلام الله فلا يمكن للملك حينئذٍ أن يعزله ولا أن يضره حتى وإن خالف أمره حتى ولو خالف حكمه وقضاه فهل الذين يريدون أن يصلوا إلى ما يقيسونه اليوم على ما كان عليه يوسف-عليه السلام- سيكونون كيوسف -عليه السلام- ؟!
          يوسف -عليه السلام- تولّى ما تولّى بحصانةٍ حقيقةٍ كاملةٍ من الملك. قال -سبحانه وتعالى:﴿فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ﴾ [يوسف:54]. فأطلق له حريةَ التصرفِ كاملةً لا نقصَ فيها:﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ﴾ [يوسف:56]. لا مُعترضَ عليه ولا محاسبَ له ولا رقيبَ على تصرفاته مهما كانت فهل مثلُ ذلك يكون كذلك؟! -:﴿ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأنعام:143].
          لماذا تضيعون الأوقات وتبددون الطاقات وتَحْرِفُون المسلمين عن الصراط المستقيم اجمعوهم على الحق المبين وعلى سنة خير المرسلين وعلّموهم حقيقة الدين.
          وتجد هؤلاء من غير أن يكونَ مطلوباً منهم شيء يتنازلون يوماً بعد يوم! ما كان كفراً بالأمس صار اليوم من حقيقة الإيمان، ما كان شركاً بالأمس صار اليوم من حقيقة اليقين.
          تبدلت أمور وتغيرت وهي طبيعة أهل البدع؛ لأن الثبات من أخص خصائص أهل السنة والجماعة، والثبات في عوام أهل السنة والجماعة أعظم مما هو عند أئمة أهل البدع! فتجد الرجل من عوام أهل السنة كما ذكر الشيخ الصالح محمد بن صالح عن عاميّ لم يَدْرُسْ ولم يتلقَ العلمَ في مجلسٍ أنه كان في مَوسِم من مواسم الحَج في يوم عرفة ثم تكلم رجل وكان أشعرياً ماتُورِيدِيَّاً انحرف في صفات الرب -تبارك وتعالى- عن الجادِة فتكلم الرجلُ في محضر العاميّ عن (الاستواء) فقال: (استوى: استولّى).
          قال الشيخُ -رحمه الله-: فهاجَ العاميّ وقال له أما تستحي من نفسك؟! أين هذا في كتاب الله؟! وكيف تقول على الله -رب العالمين- ما لم يقله؟!
          الثباتُ في عوام أهل السنة والجماعة من أصحاب مِنْهَاج النبوة أعظمُ عظمةً مما هو عند رؤوس أهل البدع ولو راجعتَ التاريخَ عرفتَ بل قالوه بأنفسهم أئمة أهل البدع قديماً وإن كانوا قد تابوا غفر الله لهم قالوا ذلك عند توبتهم كما قال الجُوَيْنِيُّ -بعد أن طوَّف ما طوَّف وقال ما قال واعتقد ما اعتقد- قال: وأنا اليوم على عقيدة عجائز نَيْسَابُور، على عقيدة العوام من أهل السنة.
          وهذا إمامٌ من أئمتهم أبو الحسن الأشعريّ -رحمه الله- لما انخلع مما كان عليه من أمر الاعتزال وقف على المنبر فوضعَ عنه ثوبه وقال: خرجتُ من الاعتزال كما أخرج من ثوبي هذا وأنا اليوم على عقيدة الإمام المُبَجَّل أحمد بن محمد بن حنبل -رحمه الله رحمةً واسعةً-.
          فيوسف -عليه السلام- تولّى ومعه حَصَانةٌ كاملةٌ وتمكينٌ مُطْلَق -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم- فلا مجالَ للقياس؛ هذه ردودٌ باطلةٌ وشبهاتٌ داحضة وعلى إخواننا من أهل السنة أن يصبروا، استعينوا بالله واصبروا، استعينوا بالله واصبروا، سيجعل اللهُ فرجاً ومخرجاً؛ فإن الحقَّ ممتحنٌ ومنصور فلا تَأْسَوْا ولا تتألموا لما فاه به بعض أهل الزيغ والضلال ممَن ارتبك في عقله ولم يستقرّ في منهاجه؛ فإنهم من أطول الناس لساناً في باطل ومن أقصر الناس لساناً في حق، استعينوا بالله واصبروا واحتسبوا أجوركم عند الله وادعوا إلى الله على بصيرةٍ وعلِّموا المسلمين ولا تضيعوا الأوقات ولا تنشغلوا بالردود على هذا وهذا دعوهم في غَيِّهِم سائرين وعلِّموا المسلمين واستنقذوهم من الضلال الذي يدعوهم إليه أولئك واتقوا الله رب العالمين في دينكم، اتقوا الله في أوقاتكم، اتقوا الله رب العالمين في إخوانكم والمسلمين من حولكم والمسلمين في الأرض كلها وحافظوا على نَخَاءِ الدين وعلِّموا المسلمين حقيقةَ الإسلام العظيم.
          نسألُ الله رب العالمين أن يسددَ ألسنتنا، وأن يثبتَ أقدامنا، وأن يهدي قلوبنا، وأن يُحسنَ ختامنا، وأن يُحسن ختامنا، وأن يُحسن ختامنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين. اهـ

          فرغه/
          أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد المصري
          26 رجب 1432هـ الموافق 28/6/2011م.
          الملفات المرفقة
          التعديل الأخير تم بواسطة أبوصهيب عاصم الأغبري اليمني; الساعة 05-Jul-2011, 05:32 AM.

          تعليق


          • #6
            رد: خطبة: شبهات حول دخول البرلمانات_لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان_كاملة ومنسقة

            وفقك الله !
            واحرص دائما على رفع ملفاتك في المرفقات في الآجري لعدد من الأسباب منها: بقاء الرابط ولو بعد أشهر فيستمر الخير.

            تعليق

            يعمل...
            X