إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

[حِوَارٌ مَعَ إِعْلاَمِيٍّ (نَاقِمٍ)!] حَوْلَ الاِنْتِقَاد عَلَى: تحقيقِ صَحَفِيِّ جريدة"الشروق"؛ في فضائح:"وَعْدَةِ سيدي الحسني بوهران":

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [حِوَارٌ مَعَ إِعْلاَمِيٍّ (نَاقِمٍ)!] حَوْلَ الاِنْتِقَاد عَلَى: تحقيقِ صَحَفِيِّ جريدة"الشروق"؛ في فضائح:"وَعْدَةِ سيدي الحسني بوهران":



    حَوْلَ الاِنْتِقَاد عَلَى: تحقيقِ صَحَفِيِّ جريدة"الشروق"؛ في فضائح:"وَعْدَةِ سيدي الحسني بوهران":
    حِوَارٌ مَعَ إِعْلاَمِيٍّ (نَاقِمٍ)!


    كتب هذا المقال الأخ الفاضل : سمير سمراد


    ـ الحلقة الأولى:

    * مدخلٌ: إعلاميٌّ(ناقمٌ)! وسببُ(نقمتِهِ):
    * مثالٌ للاِعتبار: الصحافةُ ومفترياتُ التجانيَّةُ:
    * الصَّحَافَةُ الصادقة!:
    * ما هو الخلافُ السَّائغ؟:
    * هيَ السَّلفيَّة؟:

    ـ الحلقة الثانية:

    * مثالٌ معاصر:الوَلِيُّ المَجْنُون!
    * هل حقًّا هُمْ مُحَايِدُون؟!:
    * عقيدةُ العامة في "رجال الغيب"!:
    * بدعُ الطرقية, والعلماء!:
    * اعتمادُ الطرقيين على الخرافات:

    ـ الحلقة الثالثة:

    * ماذا ينقمون على رجال"جمعية العلماء"؟!:
    * مظاهرُ لانحطاط العقول!:
    * العلماءُ المصلحون, وتحريرُ العقول:
    * المصلحون الجزائريون, وتُهْمَةُ(الوهابيَّة)!:
    * (الْعَامَّةُ) بين المصلحين والمُخَرِّفِين!:
    * شهادةُ التاريخ, على أنَّ الشعب الجزائري, كان مع العلماء المصلحين:
    * مظاهرُ قَبُول الإصلاح (السَّلَفيّ) في المجتمع الجزائري:

    ـ الحلقة الرابعة:

    * ماذا لَوْ عاش الشيخ حماني, ليرى ويَسْمَعَ مَا يَبُثُّهُ (الإعلامُ)المُحَايِد؟!, وينصُرُهُ(الإعلاميُّ النَّاقم)؟!:
    * لماذا الاستدلالُ بـ:(الكوثريّ)؟:
    * خاتمة:
    [ الحلقة الأولى]

    مدخلٌ: إعلاميٌّ(ناقمٌ)! وسببُ(نقمتِهِ):
    نشرت جريدة"المحقق"الأسبوعية, في (أوراق)ـها, لعدد(130)[من السبت06إلى الجمعة12سبتمبر2008م][ص:19], للكاتب(سعيد جاب الخير) مقالةً؛ هي عبارة عن (نقاط على الحروف) كما سمَّاهَا صاحِبُهَا, جعلها في نَقْدِ مَا وَرَدَ في (التحقيق) أو(الملف) الذي أعدَّهُ ونشره زميلُهُ(الصحفي: صالح فلاق شبرة) في جريدة"الشروق" اليومي بتاريخ[25أوت2008م], لم يَرْتَضِ(جاب الخير) طريقةَ مُعَالجَةِ زميلِهِ الصّحفي, لموضوع(الممارسات الشعبية في بعض الزوايا بمنطقة وهران ومن بينها زاوية سيدي الحسني), كما لم يَرْتَضِ تلك العناوين البارزة, أو أسماء الفصول الظاهرة, التي أرادها الصحفي لمقالِهِ أو أرادها(صاحبُ الجريدة؛ أو رئيسُ التحرير) لها-على رَأْيِ(جاب الخير)!-...
    عَتَبَ الزَّمِيلُ على زَمِيلِهِ؛ وحَمَّلَهُ مسؤوليةَ مَضْمُونِ (التَّحقيق) و(عناوينِهِ) كذلك!, وعَدَّهَا مِنَ الأمور المرفوضات, بلْ وخُرُوجًا عن مِهْنَةِ الصَّحَافة, ومُهِمَّةِ الصحفي!!

    1 ـ نَعَى عليه استعمال مصطلح أو لفظة"الشعوذة", في وصف بعض السلوكات التي تقع في الزاوية,
    2 ـ ونعى عليه (وصف زيارة الأضرحة والتبرك بها بأنها"شرك" ),
    لم يَرْتَضِ هذا الصحفيُّ والإعلاميُّ(النَّاقِدُ)بل(النَّاقِمُ): أن يكون هذان المصطلحان في واجهة الجريدة, وفي الصفحة الأولى منها, وذلك لأنها عنده (جريدة يومية)؛ ولأنها(إخباريةٌ بالدرجة الأولى).

    وقد أوضح مقصودَهُ أكثر بقوله بعد سطور: مُعَقِّبًا على زَميله في وصفه تلك السلوكات (بالشرك) بأن ذلك(تصدير لحكمٍ قِيمِي أخلاقيّ ديني ضدَّ سُلُوك ثقافي روحاني شعبي ينطلق من موقع عفوي ذي مقاصد خَيِّرَة, فكيف يمكن لنا كإعلاميين أن نعطي الحق لأنفسنا في تصدير الأحكام الدينية القيميّة والأخلاقية حول سلوك الناس أفرادًا وجماعات, في الوقت الذي يعرف الجميع أن مهمة الإعلام هي نقلُ الخبر أو نقل ما يجري وليس تصدير الأحكام القِيمِيَّة والأخلاقية والفتاوى, الأمر الذي يعتبر من شأن الهيئات الدينية), ثم قال: (من حق الإعلامي أن ينقل ما يحدث, كل ما يحدث, لكن ليس من حقه إطلاقا أن يحكم على ما يجري قِيمِيًّا أو أخلاقيا أو دينيا بالسلب أو بالإيجاب. كان من واجب المحقق أن رؤيته وأحكامه الشخصية جانبا ثم يستطلع آراء المختصين والمسؤولين في هذا الجانب ومن جميع الاتجاهات, لا أن يكتفي برأي واحد فقط لأن ذلك يدخل في باب التضليل الإعلامي)انتهـىكلامه حول هذه النقطة من (نقاطه).

    أقول:
    ـ عَجَبًا لهذا (الإعلامي)(الناقم)!؛ لَوْ كان مُحَايِدًا حِيَادَ الإعلاميين-كما وصفهم وحَدَّدَ مهامَّهُمْ-, لَقُلْنَا إِنَّهُ مِنَ الصِّنْفِ الذين أشرتُ إليهم في مقالتي التي بَنَيْتُهَا على (تحقيقِ) زميله الصحفي؛ الذي لم يُعْجِبْهُ صنيعُهُ, وخَطَّأَهُ في خُرُوجه عن مُهِمَّتِهِ الإعلامية(المحايدة)! إلى نوعٍ! من (التضليل الإعلامي) للناس, بِتَلَبُّسِهِ بِمُهِمَّةٍ هِيَ لغيرِهِ مِنْ أهلِ الاختصاص وأصحاب الفتوى وإِبْدَاءِ الرأي, ليست له؛ فهو(إعلاميٌّ) تَقِفُ مُهمَّتُهُ وتَنْتَهِي عندَ النَّقْلِ, وحكايةِ الواقع, وليس الحكم!.
    أقول: أَعْنِي مَنْ ذَكَرْتُهُمْ تحت عنوان: (أَإِنْكَارٌ على المُنْكِرِ وسُكُوتٌ عَلَى المُبْطِلِ؟!), ولكنَّهُ هُنَا: ليسَ مُنكرًا على المنكِرِ فحَسْبُ, بلْ وَمُتَهَجِّمًا على المُحِقّ, مُدَافِعًا ومُحَامِيًا عن الباطل والمُبْطِلِ كِلَيْهِمَا!

    ـ أَلاَ لقد كان من حَقِّ الإعلاميِّ والصحفي(فلاق شبرة) أن يُشْكَرَ صنيعُهُ, ويُستحْسن فعلُهُ, لا أن يُعاب ويُخَطَّأَ ويُلام على (شذوذه) كإعلاميّ! حَادَ عن الطريقة الإعلامية-التي حَصَرَ (النَّاقِمُ) نِطاقها, وضيَّقَ مجالها-, أمَّا نحنُ فشكرناه وحَمِدْنَا صنيعَهُ, ورَجَوْنَا زملاءَهُ أن يَحْتَذُو حَذْوَهُ في إنارة الحقيقة, وكشف المستور والخبيئة, والمشاركة في(تنوير الرأي العام) وإيقاظ(النِّيَام) وإنقاذ(الجهلة الطّغَام), أَوَ لَيْسَ مِنْ مُهمة الصحافة ورجالها أن يُسهمُوا في كُلِّ ذلك, وأن يُبَيِّنُوا لأقوامهم وبَنِي وَطَنهم هاتيك المهالك, وزَيْفَ تلكم المَسَالِك, التي هِيَ عندَ كثيرين ومنهم للأسف الإعلاميُّ(الناقم): ارتقاءٌ روحي, وسلوكٌ إيماني أخلاقي, مُتَجَذِّرٌ في أُمَّتِنَا! ومِنْ صَمِيمِ أصالتنا!!
    إذا كان مِنْ مهامِّ الصحافة والإعلام, ومن أولوياتها-كما نفهم-أن تُطَهِّرَ أخلاق المجتمع من السلوكات المُعْوَجَّة, والتَّصرفات الضَّارَّة, التي تَسْلِبُ عقله, وتَضُرُّ بجسده, وتَهْوِي إلى أسفل الحضيضِ بِرُوحِهِ ونَفْسِهِ,
    إذا كان من مهامِّ (الصحفيّ) أن يرتقيَ بأخلاق بني وطنه إلى معالي الأمور, ويَسْتَصْلِحَ ما فَسَدَ منها, ويُقَوِّمَ ما اعْوَجَّ وما اخْتَلَّ,
    إذا كان من مهامه أن يُنبِّهَهُمْ إلى مصادرِ تلك الشرور, ومنابعِ تلكم الآثام, ويحذرهم غوائلها, ونتائجها الخطيرة, وثمارها المريرة,
    وهو في كلِّ ذلك يُحمد ويُشكر, ويُعَدُّ عملُهُ إسهامًا في(رُقِيِّ) الأمة, ودفعًا لها إلى النهوض, بتشييد الأُسُسِ الصالحةِ وتَمْتِينِهَا, وبحمايتها مما يُوَهِّنُهَا, أو يُخِلُّ بانْتِظَامِهَا,
    إذا كانَ كُلُّ ذَلِك,
    أفلا كان مِنَ الأَجْدَرِ أن يُسْهِمَ أهل الصحافة والإعلام في رُقِيِّ الأمة والنهوض بأبنائها بتنوير عقولهم, وإِجْلاَء ظُلمات الشرك والخرافة والانحطاط العقلي والانتكاس التفكيري عن بصائرهم!

    أفلا كان من أولى أَوْلَوِيَّاتِ مُنَوِّرِي (الرأي), وأهلِ الصدق في النصح, والدَّلاَلَةِ على مواضع الدَّاء, والإرشاد إلى أماكن البلاء, أن يُسهموا في تطهير عقائِدِ بني وطنهم, وتصحيح أفكارهم, ونَفْيِ السُّمُومِ التي تفتك بعقولهم وبدينهم, وسَيُنَازِعُنَا مثلُ الإعلامي(الناقم)في هذه الأخيرة, بأنَّ ذلك من اختصاص علماء الدين, وأهل الشريعة والحقيقة!, فليكن إذن: ما يَفْتِكُ بالعقول.

    أَلَيْسَ مِنْ حَقِّ الصحفي والإعلامي, بل وحتى مَنْ لاَ مِهْنَةَ له, وحتى العامِّيّ, أليس من حقهم أن يَحْذَروا ويُحَذِّرُوا-كُلٌّ بما هيئ له من أبواب التبليغ-مِمَّا يُصادم القطعيات, ويتعارض مع البديهيَّات,
    ألا يحقُّ له, أن يَكشف ويَفضح مَنْ يَلعبون بعُقُولِ الناس!, ويَسلبون منهم الأموال بعد سَلْبِ عقولهم,
    أتريد منهم أيها(الناقم)!, أن يسكتوا على فضائح وألاعيب, ودَجَلٍ و(تخاريف), وعَبَثٍ بالحُرُمات, ودَوْسٍ على المُرُوءَات!, بِدَعْوَى(الحِياد), وبزعم (عدَمِ الاختصاص)!
    فهلاَّ نَكَرْتُمْ على كُلِّ صحفي, وكُلِّ إعلاميّ, فَضَحَ سلوكات أخلاقية, انتشر وباؤُهَا, وَعَمَّ فسادُها, فسَمَّاهَا باسْمِهَا, ونَعَتَهَا بنُعُوتِهَا, مُنَفِّرًا منها, مُخْطِرًا بضررها على الفرد والمجتمع, سيقولون: هذه أجمعت الإنسانية بأسرها على ضررها, وقام العقلاء من بني الإنسان, بالعالمِ كُلِّهِ على إدانتها ومحاربتها, ليس منهم مَنْ يُخالف في ذلك, أو يماري فيه, إلاَّ السفهاء والمجانين, و(الشُّذَّاذُ) مِمَّنْ لا يُعْتَدُّ بخلافهم, ولا يُؤْبَهُ لاعتراضاتهم,
    ومن عجائب الزمان, أنه: حتَّى هذه! التي ضربنا المَثَلَ بها, لم تَعُدْ من المسلَّمَات, ولا من المحرمات, ولا من ينتهكها ممن انتهك الحُرمات, بلْ هي(حُرِّيَّةُ التصرفات), وعدَمُ التَّحْجِيرِ والكَتْمِ على(الإرادات والرغبات)! فإياك أيها (الإعلامي)!, وأنت أيها (الصحفي)! أن تُجَرِّمَ سلوكًا من هذه السلوكات, أو تجعله في مصافِّ الأمراض والأوبئة والقاذورات, لا عن طريق التصريحات أو التلويحات, فذلك اعتداءٌ على الحريات وممارسةٌ للضغط في المباحات, وإنما هي اختلاف في الرؤى والنظرات! فإياك أن تُحَرِّمَ التصرفات الأخلاقية من زنا وفاحشة ولواط وشذوذ, واتخاذ أخدان, وشرب المسكرات... , لأنها حرامٌ محظورٌ عند قوم, حلالٌ مباحٌ عند آخرين,
    فما عاد يُجْدِي بَعْدَ هذا! الحديثُ عن إجماع بني الإنسان, واتفاقِ كلمة نُظُمِ العالم وأفراده ومجتمعاته, لاختلاف الأهواء والمآرب!! و النَّزَعَاتِ والمَشَارِب!!

    أقول: فإذا جاز النُّكْرُ على فسادِ الأخلاق, والنكيرُ على العاملين على إفسادها, لأن فسادها يُدركُ بالفِطَرِ السويّة, التي لم يُصِبْها المرض!, جَازَ النُّكْرُ-بلْ هو أوجبُ- على الفساد الطارئ على العقول والتفكير والقَطْعِيِّ مِنَ الدين, الذي هو كذلك فسادٌ ظاهرٌ تُدركهُ النفوسُ التي لم تبتلَ بأوهام, ولم يمسَّها مرضٌ ولا سِقام!, وليس تطهيرُ الأخلاق وحمايتُهَا بأَوْلَى مِنْ تطهيرِ العقول وحمايةِ أصولِ العقائدِ والأديان.
    وإذا جاز للإعلاميِّ العملُ والمشاركةُ في الميدان الأول, جاز-بلْ وَجَبَ عليه, وهو أَجْدَرُ بِهِ- أن يعملَ ويُشاركَ في الميدان الآخر-وهو أَوْلَى وَأَهَمُّ-.

    مثالٌللاِعتبار: الصحافةُ ومفترياتُ التجانيَّةُ:
    ـ كَتَبَ(موحد) (من المغرب الأقصى), في"الشهاب"[(744), (ص:7-12)](حول مقالة "الجراري")؛ وهو يَرُدُّ عليه تمجيده للتجانية! والشيخ التجاني!؛ فكان مما قال: (وقد تصفحنا بعض الكتب التي ألفها أصحابه, وأيدها أتباعه, فإذا كلها تحض على التمسك بأقوال شيخهم والإعراض عمَّا عداها؛ وممن أَلَّفَ وألقى نفسه للهدف؛ محمد بن عبد الواحد النظيفي المراكشي أَلَّفَ كتابا سماه (الطيب الفائح في صلاة الفاتح) ويعلم الله ما فيه من الزيغ والهذيان, الحَرِيِّ بالهجران؛ ولو أُحْرِقَ لنال المتسبب في إحراقه الغفران, غير أن شرر الضلال ينمو في هذه الأزمان....)(ص:9), وقال في(ص:11): (...وقال في"الطيب الفائح"(ص:25): إنَّ الله صلَّى على النبي بصيغة صلاةِ الفاتح...), هذا وقد قال الإبراهيمي: (وإن انتشار هذه الدفاتر في هذه الأمة المسلمة يفوق انتشار الأوبئة والطواعين فيها, وإن الواجب على علماء هذه الأمة أن يحموها من تلك الكتب كما يحمى المريض من بعض الأطعمة وبعض المياه التي تمدّ المرض وتزيده إعضالاً, وإن أيسر ما تستحقُّه تلك الكتب هو الإحراق)["الآثار" (1/123)]وقد ثارت حول هذا الكتاب ضَجَّةٌ!

    ـ فكان أَنْ كتب الشيخ المولود الحافظي الأزهري في"المنتقد"(العدد:4), مقالةً بعنوان:(في عالم الصحافة)؛ أشاد فيها بمنزلة الصحافة, وبقيمة(الجرائد والصحف الكبرى[التي] تخدم الأمة والوطن في هذه الظروف وغيرها خدمة لا تقدر وكيف لا وهي لسان الشعب تعبر عن الفكر العام وتكشف الغطاء عن الخفايا وتبين الحقائق بإيضاح وترفع اللثام عن الحوادث المتحدة وتنبه الجمهور إلى الواجبات الوطنية في الداخل والخارج.),ثم تكلم عن تأخر الجزائر في (ميدان الصحافة), وبعد أن وجه نصيحة للأفراد من الأمة, وجه نصيحة للكتاب؛ فقال: (وهناك واجب آخر أيضا لا يسوغ إهماله وهو أن قلم الكاتب يتحتم عليه أن يتجافى عن الأغراض الشخصية وعن الموضوعات القليلة الجدوى وعن القضايا المشهورة كقضية النظيفي في صفة صلاة الفاتح للشيخ التيجاني التي نقل"النجاح" حكايتها ثم تلاها الرد وبيان حقيقة. بل الذي ينبغي أن يهتم به الكتاب هي الموضوعات العامّة الجديرة بالالتفات فإن في ذلك مجالاَ واسعا لمن أراد أن يلفت أنظار الجمهور إلى الصالح العام في الحقوق المقدسة والواجبات القومية والتربية النفسية حتى أنه لو كان لنا مئات من الجرائد اليومية لما استطاعت أن توفي بالحاجيات الضرورية من تلك الأغراض الصحيحة التي تمتد ما دام الميدان ميدانًا والقلم قلمًا)اهـ.
    ـ ثم أعقبه الشيخُ ابن باديس بالردِّ في العددِ نفسِهِ؛ بقوله:(ملاحظاتي: كره الأستاذ الحافظي للصحف أن تشتغل بمثل مسألة الشيخ النظيفي لتتفرغ لما هو أهم منها. ونلاحظ لحضرته أن هذه المسألة وأمثالها مما يمس بالعقائد التي هي مبنى الأخلاق والأعمال وحاجة العقائد إلى تطهير ليس دون حاجة الأخلاق إلى التقويم والأعمال إلى تسديد, ولا سيما إذا قام من يدافع عنها على ما فيها بمثل المقالين المنشورين في جريدة النجاح الغراء مع تصدير صاحبها لأولهما بما يدل على استحسانه له وإعجابه بإحكام أدلته! وأنتم يا سيدي من أعرف الناس بمنزلة المقالين في العلم والاستدلال لهذا نرى من واجب أهل العلم أمثالكم أن يتصدّوا لمثل هاته المسائل فيمحصوها بالعلم الصحيح والعلم النظيف وفي ذلك رضى الله ورسوله وصالحي المؤمنين.)اهـ.

    الصَّحَافَةُ الصادقة!:
    ـ كتب صحفيٌّ وطنيٌّ غيورٌ على دينه ووطنه؛ هو: (مصطفى بن شعبان التونسي), قال في مقالةٍ له بعنوان: (الصحافة الصادقة: واجباتها نحو قرائها, وواجباتهم نحوها)-نشرت في جريدة"البرق", التي كانت تصدر ببسكرة, سنة(1927م)-: (إن الصحافة الصادقة هي لسان الأمة وترجمان الشعور وصدى الحقيقة وصدى الشعب وعنوان النهوض وسلم الرقي وعامل معتبر من عوامل الترقي والتقدم وساعد أيمن في السير إلى الأمام....ومن واجباتها النصح والإرشاد وكشف الغطاء عن الحقيقة وتهذيب ذوي النفوس الشريرة والأجسام المريضة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبث الأخلاق الكريمة التي جاء بها الإسلام ومقاومة فساد الأخلاق بكل ما لديها من قوة والتحريض على التمسك بأهداب الفضيلة والتنفير من الرذيلة فإنها بذلك تخدم أمتها وتنصر دينها وترفع شرفها وتذب عن كرامتها....), ثم تكلم عن: (الصحافة الساقطة), ليقول: (فإذا انتهجت الصحافة مسلك الصدق والإخلاص نحو دينها وقومها ووطنها, والصراحة فيما تنشر وتقول واتبعت طريق العمل في دائرة الدين والوطن والدفاع بالحجة والبرهان على أبناء الإسلام وخطت الخطوات الشاسعة في ظل الفضيلة ومحاربة الرذيلة ومقاومة البدع الضالة التي ما أنزل الله بها من سلطان. فإن قامت بذا فإنها تسمى صحافة صادقة وإلاَّ فأوراقُ الخريفِ كثيرة...!إذن فالواجبُ الأكيد على الصحافة هو رد كيد أصحاب الضلال في نحورهم وهذا فيما نرى ونعتقد آكد واجب ديني ووطني وإنساني والعمل في هذا السبيل المستقيم وترك النابحين يصرخون وراء المارين في طريقهم المضيء الموصل إلى السعادة الأبدية والنعيم السرمدي-هو ما جاء به الدين والله شهيد على ما نقول. هذا بعض الواجب على الصحافة الصادقة نحو قرائها وأمتها ودينها...)اهـ ["البرق", العدد(5), 1شوال1345هـ/4أفريل1927م/(ص:1-2)]

    ـ وقد أشار الشيخ مبارك الميلي [تحت إمضاء:"بيضاوي"] في جريدة:"البرق" إلى ما كان مِنَ الشيخ الحافظي-الذي تقدَّم نقله قريبًا!-, بقوله عن إرادة شبيبة الإصلاح: (يريدون أن يكونوا فكرًا عاما في الشعب غير الفكر القديم, وهذا الكاتب الممضي مقالاته من مكانين يريد احترام فكر العوام وتركهم في سباتهم يتخيلون ما شاءوا من غير أن نزعجهم في هذا الحلم اللذيذ..! فنحن نريد أن يكون الفكرُ العامي تابعا لفكر العلماء الأحرار, ونعلم ما في هذا من مصلحة للشعب ولذلك لا نبالي بالعراقيل الكثيرة في سبيل تحقيق غايتنا, وهذا المخلوق يريد منا-كما أراد لنفسه-أن يكون فكر العلماء الأحرار تابعًا لفكر العوام, وكفى بهذا الفكر ضررًا على الحياة الاجتماعية...)["البرق", العدد(9), 30شوال1345هـ/2ماي1927م/(ص:2), مقال: (حي على الصلاح, حي على الحرب والكفاح)]

    ما هو الخلافُ السَّائغ؟:
    ـ لا نقصد بحديثنا ما قد يكون فيه خلافٌ سائغ, أو اجتهادٌ مقبول, أو آراءُ تتجاذبها أدلةٌ ونصوص؛ هي محطُّ أنظار, وميدانٌ رَحْبٌ لاجتهادٍ وإعمالِ أفكار!
    ـ وإنما نريدُ بحديثنا: ما يُصَادِمُ القطعيات-والتي للأسف صار يُجادلُ فيها من يجادل, ويعملُ على دفعها أو رفعها بطريقة أو بأخرى!-, وما تُنكره العقول التي سلمت مِنْ وَبَاءِ الطرقية, ولم تَذِلَّ لسُلْطَانِ(الْمْرَابْطِيَّة), والتي نُسِجَتْ حَوْلَهَا تهاويل, وأُحيطت بسياجاتٍ من التقديس والتدجيل!, غَلَّفُوهَا بغِلاَفِ(الحقيقة)الخادع, وما هيَ إلاَّ وساوسُ وتخاييل!!

    هيَ السَّلفيَّة؟:
    ـ نريدُ بحديثنا: ما لم يقُمْ عليه حُجَّةٌ من كتاب ولا سنة, ولم يَجْرِ عليه عملُ سلف الأمة-نعني بهم الصحابة والتابعين وأتباع التابعين؛ الذين شهد لهم رسول البرية, بالفضل والخيرية, أما الخلْف, فيتبجَّحُون باتباع السلف!, ويريدون بهم الذين أحدثوا ما أَحْدَثُوهُ لهم, فهم سلفُهُمْ في تلكم المحدثات!, ومنهم من يريدُ بالسَّلف: جَدَّهُ القريب أو البعيد!![أخذت المعنى من الإبراهيمي, انظر:"آثاره"(1/176)]- فالحجةُ الدينية: ما قام في زمان أهل القرون الثلاثة المفضلة, وعُرف على عهدهم, وتَعَبَّدُوا اللهَ بِهِ, فما لا, فليس من الدين, بل هو مرفوضٌ بالنص؛
    ـ يقولُ ابن باديس رحمه الله : "الإسلام إنما هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله
    وسلم وما كان عليه سلفها من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية على لسان الصادق المصدوق".

    وليس كُلُّ خلافٍ يُعْتَدُّ بِهِ, ولا كُلُّ رَأْيٍ ممَّا يُقْبَلُ ويُعْتَبَر, فإذا كان مصادمًا للنصوص القطعية, والأصول التي انبنى عليها دينُ الإسلام, وقامت عليها المِلَّةُ التوحيديَّة, كان مرفوضًا بالقطع.

    فإذا لم يَسْتَبِنْ (لمن عَمِيَتْ بصيرتُهُ, وغطَّتْ الغشاوةُ بَصَرِهِ) مُصادَمَة ما هُوَ عَلَيْهِ للقطعيات من الدين؛ إِذْ خَفِيَتْ عليه من شدَّةِ التلبيس! فلا أقَلَّ مِنْ أن يُدرك بعقله-إنْ سلم له من تأثير خارجي,-فسادَ هذا الرأي, وتساقطَ هذا الفكر.
    ....يتبع

    ـ يمكنك تحميل النسخة الكاملة مع جميع الحلقات من المرفقات (انظر الأسفل):
    رابط التحميل: http://www.ajurry.com/vb/attachment....1&d=1266670764





    كتب هذا المقال الأخ الفاضل : سمير سمراد ـ وفقه الله ـ
    الملفات المرفقة

  • #2
    (الحلقة الثانية):تابع لما قبله

    مثالٌ معاصر:الوَلِيُّ المَجْنُون!
    هل حقًّا هُمْ مُحَايِدُون؟!:
    عقيدةُ العامة في "رجال الغيب"!:
    بدعُ الطرقية, والعلماء!:
    اعتمادُ الطرقيين على الخرافات:
    ـ ونُخاطب(الإعلامي)(الناقم)الذي مَنَعَ كُلَّ صحفي وإعلامي من إبداء رأيه في مثل هذه القضايا, والإدلاء بدلوه في مثل هذه المظاهر والسلوكات(الدينية), والحكمِ عليها بمثل تلكم الأحكام والأوصاف(الدينية)[علَّق صاحبنا الألمعي: أبو إبراهيم, بقوله: (العتاب على الصحفي ليس في محله؛ إذ كونه صحفيا لا يمنع من وصف الأمور الواقعة من منظار ديني باعتبار أنّ ما هو واقع فيه من يصف أحواله, أحوال دينية, فاحتاج الموقف إلى وصف ديني إزاء ما كان يرى, وليس صوابًا أبدًا أن يكتفي في وصف ما رأى عند حدّ السلوك الأخلاقي)], التي اشمأزَّ منها, وضاق عَطَنُهُ بها من الوصف بالشرك, والخرافة, والشعوذة,....الخ الخ.
    واحتج على ذلك زيادةً على (مهمة الصحفي الحيادية), (وعدم اختصاصه للبثِّ في القضايا الدينية)؛ بأنها ليست مِنْ قَبِيلِ المُجْمَعِ عَلَيْهِ, والمُتَّفَقِ على كلمةٍ مُوَحَّدَةٍ أو حُكْمٍ واحدٍ فِيهِ, وبَثُّ أيِّ صحفيٍّ أو إعلاميٍّ فيها بحكمٍ-و(الناقمُ) لا يريدُ إلاَّ حُكْمَ مَنْ يَصِفُهَا بالشرك!!فَتَنَبَّهْ-هو مِنْ قبيل (التضليل الإعلامي), والانسياق وراءَ فكرةٍ دخيلةٍ!, تغلغلت على حينِ غفلةٍ أو تساهل !! بتأثيراتٍ خارجية وعواملَ داخلية, ذكرها فيما بَعْدُ[وهذا الأخيرُ هو بيتُ القَصِيد, وهو الهدفُ المنصوب, وكلُّ ما قبله وما بعده, ليس إلاَّ توطئة بين يديه, وحَاشِيَةً بين رجليه!!]

    ـ نخاطبه: أيَّ شيءٍ يحتاجُه الصحفيُّ أيُّ صحفي؟!...ماذا ينقصُ الإعلاميَّ أيَّ إعلامي؟!, حتَّى يَسْتَنْكِرَ على الناس فاسدَ أعمالهم؟؟؟...وهو صاحبُ الفكر المستقيم, وصاحب العقل السَّوِيّ, الذي لم يتأثر بفكرة معينة, ولم تسيطر عليه مؤثراتٌ لا من سلفية أو وهابية![هيَ عند الناقم: دخيلة!] ولا من خَلَفية صوفية[هي عند (الناقم) على مَنْ ينتقدُهَا[أي: الصوفية]: أصيلة!], وإنما هو العقل السليم, والفطرة النَّقِيَّةُ, والفكر والنظرُ(بعفويَّة), لا كالعفوية التي من ورائها المخَلَّفَاتُ الطرقية تَسُوقُهَا, ووراثةُ البِيئَةِ (المْرَابْطِيَّة) هيَ التي تَقُودُهَا, وتُسَيْطِرُ على عقلها, ليستْ التي يُدندن حولها(الإعلامي الناقم)!, إنما هي(العفويَّة) التي لم تتلطَّخ في يومٍ من الأيام بذلكم الوباءِ العامّ, الذي عمَّ وانتشر منذ أزمان!! فَحَسِبَهُ الناس ومنهم (الناقم), أصالةً ثابتة, وفطرةً مرتكزةً, وما هو عند إِعْمَالِ الفكر والنظر إلاَّ أوهامٌ وتخيلات, طال أَمَدُهَا, حَسِبَهَا هوَ ومَنْ يَلُفُّ لَفَّهُ: أساسًا متينًا, وأصلاً أصيلاً, وما هي - لو استنارت العقول - : إلاَّ بنيانٌ قد شُيِّدَ عَلى شفا جُرُفٍ هَارٍ, لا يكادُ يَصْمُدُ أمامَ نَقْدَةٍ فِكْرية, ويتساقطُ وينجرفُ, عندَ أَوَّلِ صرخةٍ للعقل مُدَوِّيَة, يشتكي فيها (أي:العقلُ) أَسْرَ المألوفات, وثقلَ أغلالٍ معهودات!!, فما بالُكَ إذا شُفِعَتْ بصرخاتِ الدليل, ومدلولات النصوص الصحيحة, التي مَنْ سمعها أو أُسْمِعَهَا, أذعنَ لها, فأَنْطَقَتْهُ, وأَجْرَتْ لسانَهُ: ﴿أُفٍّ لكم ولما تعبدون من دون الله, أفلا تعقلون﴾؟!!
    مثالٌ معاصر:الوَلِيُّ المَجْنُون!
    فأَيَّ شيءٍ يحتاجُهُ ذاكَ الإعلامي، حتَّى ينقُدَ الباطلَ الصريح؟!... أليسَ يرى من الرجال العقلاء! من يُلْقِي بنفسه إلى رجلٍ مجنونٍ مَعْتُوه, اتَّخَذَ مِنَ الوسخ والعفونة لباسًا, قد سال لُعَابُهُ, واخْتَلَّ صوابُهُ, يَتَمَسَّحُ بِهِ يَلْتَمِسُ بركته!, ويأخذ شيئًا من سِرْبَالِهِ العَفِن, أو مسحةً لامستْ ريحَهُ النَّتِنْ, يرجو منها نجاحًا وتوفيقًا, وإصلاحًا لحاله, وقضاءً لحاجته, ببركة الوليِّ الصالح(أعني: الوليَّ المجنون)!
    أَيُصَدِّقُ بهذا ذُو عَقْل؟!, أيؤمنُ بهذا مَنْ أبقى اللهُ لَهُ عقلَهُ؟!, أيفعلُ هذا أحدٌ ِمْن تِلْقَاءِ نفسه, وبداعٍ مِنْ فِطْرَتِهِ, أو يُقْدِمُ عَلَيْهِ بعفويته؟!
    أم أنه سلطانُ الطرقية الذي استولى على عقله, وسلبَهُ منه, ومنعَهُ أن يُعْمِلَ تفكيرًا أو يُقَلِّبَ نظرًا في هذا الذي تَسْتَحِي العقولُ الراجحةُ أن تعمله, بلْ أن يخطر على بالها!! أم أنها خرافة (الْمْرَابْطِيَّة) والافتتانُ بالولاية المزعومة, التي بَثَّهَا أقوامٌ في هذه النفوس الخاوية من الإيمان الصحيح, الخالية من العقيدة المتينة, وما سَاقَتْهُمْ بِهِ من رهبة ورغبة جعلتهم يعتقدون في مَنْ؟ ...نعم!...في المجنون!!, ويخضعون لمن؟!...نعم!..لمسلوبِ العقل والإرادة,
    إنها كتبُ الطرقية, وعقائدها المزيَّفَة, وأكاذيبُها وتلفيقاتها المختلَقَة, إنهُ ميراثُ القوم؛ أهلِ الله, الواصلين, السالكين,....الخ الخ, الذي ورّثوهُ لنا, هي التي انحَرَفَتْ بالناس فأفسدت عقولهم, وشَوَّشَتْ عليهم أفكارهم؛ والتي لولاها لقَادَتْهُمْ فطرهم إلى الهداية الحقة, لولاها, لكانت (عَفْوِيَّةُ) الناس سائقةً إلى رشاد؛ إلى استنكارِ أن يخضع مخلوقٌ لمخلوقٍ مثلِهِ, ممن يساويه في مرتبة الإنسانية التي شُرِّفَتْ بالعقل, فضلاً عن استنكار الخنوع لمسلوبِ العقل وناقص الإنسانية![لكنَّ كتب القوم ترفع أولئك من مقام الإنسانية والبشرية, إلى مقاماتٍ, هيَ إلى الكفر أقربُ منها للإيمان!-]

    يحدُثُ هذا في زماننا, إلى يومنا هذا, وقد حَدَّثَنِي قبلَ أيام, أحدُ إخواننا-وهو أستاذٌ جامعي بإحدى المعاهد (العلمية التقنية الحديثة)؛ في إحدى مدن الصحراء- زار بلدة(أفلو)[وهذه وما حواليها معقلٌ من معاقل الطريقة التجانيَّة!؛ التي نقلنا قبلُ ما افتراهُ أحدُ الهائمين بها وهو "النظيفي"؛ مِنْ أنَّ الله صلَّى على النبي بصيغة الفاتح!, ما أسفهَ عُقُولاً تَسْتَسْلِمُ لهذا الباطل المفترَى!], فرأى بأُمِّ عَيْنِهِ, منظرًا قَفَّ لَهُ شعرُهُ, وانخلع له فؤاده, لم يَنْقَدِحْ في فِكْرِهِ في يومٍ من الأيام أن يشاهد مثلَهُ في عصر المدنية والعلم والنور, والانفجار (التقني) و(المعلوماتي)؛ رأى رجالاً! يُرَاوِدُونَ مجنونًا, ويتهافتون على قلع شعرة أو شعرتين من جسده, أو الفوز والظفر بعد عناءِ الْمُرَاوَدَةِ بلمسةٍ يلامسونه بها لتحصل لهم البركة, ويكونَ لهم بها الفوزُ الإيماني, و(الإرتقاءُ الروحاني)؛ أهذه هي الروحانية التي تُمَجِّدُهَا أيها الإعلاميُّ المُتَنَوِّر! والمثقَّفُ الوَاعِي!, والمفكِّرُ الذي يُسهم بكتاباتهِ في البناء والإعمار؛ إعمارِ القلوب والعقول بالعلوم والمعارف, لنرتقي إلى مصافِّ الأمم المتمدنة!
    ـ فأيَّ إجماعٍ تريدُهُ, حتى يَبُثَّ الإعلاميُّ أيُّ إعلاميٍّ في هذه القضية المأسوية؟! ومأساتها هي أعظم, لَوْ تدري-ولعلَّكَ تُكْبِرُ هذا-من مأساةِ تقتيل المسلمين وهدم منازلهم على رؤوسهم, وفجعهم في أولادهم ونسائهم؟!!, وهو عند الله, وعند المؤمنين عظيم, وكما نبكي لحالهم هذه! ويشاركنا فيه الجميعُ, فإننا نبكي للحال الأخرى التي ضربناها مثلاً.... ولكن لا يُشاركنا في هذه المصيبة إلاَّ أقلُّ القليل!
    أيَّ شرعيةٍ سَتَجْلِبُهَا لِتُضْفِيهَا على هذه العملية(المضْحِكَةِ الْمُبْكِيَة) التي تَسْتَخِفُّ بالعُقُول, وتجعلنا سُخْرَيةً لذوي الألباب والعقول؟!
    أيَّ روحانية تريدنا أن نؤمن لك بها؟!
    أيَّ (عفويةٍ) هذه أَوْهَمْتَنَا بها, وجَعَلْتَ تُردِّدُهَا حينًا بعد حين؟!
    لقد عَمِلَت الطرقية التي تُمَجِّدُهَا, وكُتُبُهَا التي وَرَّثَتْهَا لنا ولقدماءِ أجدادنا على مَرِّ القرون على إفساد عقليات المسلمين, بل سَلَبَتْهَا منهم بالكلية, وسَرَتْ في نفوسهم, وجَرَتْ في دمائهم منذ النشأة الأولى هذه السُّمُومُ, فلم تُنكرها قلوبهم, إذْ أُشْرِبَتْهَا للوهلة الأولى, وكان هذا (الفكرُ) لا أقولُ مسيطرًا, بلْ هو وحده في الميدان, يصولُ ويجولُ, وقَدْ باض وفرَّخ, وعاث تخريبًا وهدمًا في العقول والقلوب, التي كانت بعفويتها! ونيتها الصالحة!!تُصَدِّقُ ذلك, وتنساقُ له, وزاد في محنتها, أنه قد وقع كثيرٌ من العلماء والفقهاء ضحايًا, سقطوا هم أيضًا في شَرَكِ هذه الاعتقادات, وخَدَعَهُمْ سرابُ هذه الأوضاع والسلوكات!, فما منهم إلاَّ من انخرط في سلكها, أو رآها وأقرَّها!!وخضع لسلطانها, وسلَّمَ لها أحوالها!!, فزادوا الأمة ضلالاً, بل زادوها (قرحًا على قرح وكانوا ضِغْثًا على إِبَّالَة)["آثار الإبراهيمي"(1/182)]-كما يقال-.

    ° يقول ابن باديس: [أما العلماء فـ](ـكان الذين يَتَسَمَّوْنَ بالعلم – إلاَّ قليلاً – بين جامد خرافي تستخدمه الطرقية وما يحرك الطرقية في التخدير والتضليل, وقد لا يدري المسكين ما يُدَسُّ به للأمة من كيد , وحاذق دنيوي قد غلبه الوظيف, واستولى على قلبه فأنساه نفسه وأنساه ذكر الله. وكان العلماء الأحرار المفكرون – على قلتهم – مغمورين مشتتين, فلما برز (المنتقد) الشهيد فـ(الشهاب) هبَّ أولئك العلماءُ الأحرار المفكرون للعمل, وتكونت النواة الأولى لجمعية العلماء) ["آثار ابن باديس" ].
    ° ويقول وهو يتكلم عن (الطرقية):(كان الناس كأنهم لا يرون الإسلام إلا الطرقية، وقد زاد ضلالهم ما كانوا يرون من الجامدين والمغرورين من المنتسبين للعلم من التمسك بها والتأييد لشيوخها)["الآثار"(5/ 587)].
    وقد كانت العامة قبلُ بفطرتها وصفاءِ فِكْرِهَا الذي لم يَتَلَوَّثْ بَعْدُ, لا تعتقدُ إلاَّ في الله,
    وبذلك صِرْنَا أُضحوكةً للأُمم المتمدنة, وسخريةَ الأجانبِ الغزاةِ, فَطَمِعُوا فِينَا, وهم يروننا صرعى الخرافات! عميان البصائر!![انظر كلماتٍ عظيمةً للدكتور تقي الدين الهلالي؛ أثبتُّهَا في كتابي:"الطرائق الصوفية وآثارها على بلاد الحجاز والمغرب"- الذي ضمَّ مقالاتٍ عدَّة في هذا الموضوع-, وجعلتُ لها العنوان الآتي:"لهذا استعبدوهم"]

    ـ وأخاطبك أيها الإعلامي(الناقم)!: وأنتَ تسمعُ الخبر الذي عاينهُ وشاهدهُ مواطنُك الجزائريُّ في أيامك هذه التي تعيشها!:

    ـ هلْ إذَا مَرَّ بِكَ أيها الإعلاميُّ وأنت أيها الصحفيُّ مَنْ يعتقد هذه العقيدة, التي يقطعُ ببطلانها حتى العاميُّ(بعفويته)؛ التي لم تتلَطَّخْ بحمإِ الطرقية, هلْ ترى من المسؤولية عليك, ومِنَ الحِمْلِ المُلْقَى على عاتِقَيْكَ, تجاه دينِك وأمتك ووطنك, أن تنقلَ هذه الواقعة, تبكي بها الأمة, وترثي حالها, على(انحطاطها)؛ أنْ خَفَّتْ, بل(فَسَدَتْ) عقولُ أبنائها؟!, فهلْ ترجى لها على هذه الحالِ نهضة, أو يُطْمَعُ أنْ تكون لها سيادة؟!
    أَإِذَا قام إعلاميٌّ, أو انبرى(صحفيٌّ) للتنفير مِنْ هذه الأحوال, والتسفيه لهذه الأحلام, والدعوة إلى نَبْذِ هذه الاعتقادات, المصادِمَاتِ لأصولِ الديانة, والقطعيِّ من الإيمان, أيكونُ بهذا خرج عن مهمَّتِهِ, وحادَ عن طريقته, وارتكب ما يوجب عتابه ولَوْمَهُ, وكان بذلك قد عَمَدَ إلى(التضليل الإعلامي)! لا لشيءٍ إلاَّ لأنه: ليس مفتيًا ولا عالماً مختصًّا, ولا هيئةً دينية, ولا مرجعيةً فقهية, لا لشيءٍ إلاَّ لأنه: وُجد ما يؤيِّدُهُ في بعض رُكام الكتب الصفراء القديمة, وبالي الاعتقادات السقيمة, مما خَطَّتْهُ شمالُ الفقيه فلان, والمتصوف عِلاَّن, مِنْ أَهْلِ القرونِ البالية, التي ما عَرَفَت الأُمَّةُ على عهد سيادتهم, وزمانَ ولايتهم, إلاَّ الانتكاسات, والارتكاسات, مما أبان عنه الدكتور الهلالي في مقالاته المومى إليها.
    فهل بأمثالِ هذه الحجة تُصَادَرُ العقول, وتصادم القطعيات من الدين, أبهذا ينقضُ الإجماع؟!

    هل حقًّا هُمْ مُحايِدون؟!:
    أبهذا تُصادَرُ كلمةُ الصحفيِّ الصادق, وتُطْفَأُ غيرتُهُ الدينية؟!, لو قيل هذا للحُرِّ الأبي ؛ قيل له كن صحفيا, إعلاميا, لأنك ستخدم أمتك, وترتقي بأبناء ملتك ووطنك, و, و, و, و.. مما يُرَغِّبُهُ في هذه المهنة الشريفة, و, و, و, وقيل له مع ذلك: أنت انْقُلْ, فحسبُ!... احْكِ وانسحب!, لفضَّل أن يتركها, ليرفع صوته وينقلَ كلمتهُ وصائب نظرته, على أن يكون في هذه المهنة, التي هي منقصةٌ له, لا منقبة!!, فما بالُك إذا وجد من يمتهنون مهنته, ويعملون عمله, ينقلون هذه السلوكات الدينية, تمدُّحًا بها وإقرارا, وإشادةً بها وافتخارًا, ودعوةً إليها, فرحًا بها وانتصارًا؛ بعودةِ تُرَاثِ الأجداد, وحياةِ مَيِّتِ العادات!!, فإذا نطق, قيل له: اسكت, أنت صحفيٌّ إعلاميّ!
    ثم أنت بعدُ لست متخصِّصًا!!, لا نظن بهذا الحرّ الأبيّ إلاَّ أن يطلق هذه المهنة, ويعتزلها, ليكون حرا طليقًا, لا يسكتُ عن باطل, ولا يقر منكرًا, بل حتى لا يكون متناقضًا؛ يتحدَّثُ-كما يتحدث الإعلاميون- عن نهضة الأمة وارتقاءِ أفرادها, وهو يراها(أي: أمته) تعملُ ما يُرْكِسُهَا ويَقْعُدُ بها, ويراهم(أي: الإعلاميون)ينقلون تلكم الفضائح والنقائص والأوزار, ويظهرونها -أو يعينون من أظهرها بالإعلان والإشهار, مع عبارات الرضا والإقرار!- بلباس الدين, وحسن العادات![والعادةُ أنهم يدرجونها في باب(الثقافة) و(الفنون)!, ومعلومٌ أن هذين الاسمين, عنوانان عند أهل العصر على المفخرة, ومثالان للنهضة!!],مسايرةً منهم لما عليه الجماهير, ولا أحد ينكرُ ذلك عليهم(أي: على الإعلاميين), لأنهم نقلوا الحدث فقط-هذا فيما خلا من عبارات صريحة في الإقرار!-, ولكن أليس في تلكم الإذاعة وفي (باطن) ذلكم النقل, ما هو دعوةٌ, وتشجيعٌ؛ مغلَّفَان!وترجيحٌ لكفَّة الكثرةِ المغترين, والجاهلين الغافلين!!, لهذا لا يريدُ(الحرُّ الأبيُّ) أن ينقل ما في طياته الإقرار, ويُشَهِّرَ بالمنكرات والأوزار, ويَفهمَ عنه القراءُ والمطَّلِعون, ما لا يريده, وما لا يمكنُ لهُ البَوْحُ بهِ؛ لأنه (إعلاميٌّ): ينقلُ ولا يحكم!, وإذا أرادوه أن ينقل, فليشفع النقل بصريح البيان, دون غشٍّ ولا كتمان, لأنه من إظهار الحقيقة, التي هي من صميم مهنته!, وهذا هو الذي حصل بعينه من صحفي جريدة"الشروق"؛ فقد شذَّ عن طريقة الكثيرين ممن يمتهنون مهنته, فمزج بين النقل والحكاية لما يجري, بعبارات فيها الصريح وأخرى لم تخل من الإشارة والتلويح, وقد فهمنا منه وعقلنا عنه-كما فهم وعقل عامة القراء فيما نحسب- أنها فضائح لا مدائح, وأنها مساوئ ومفاسد لا محامد ومصالح!!هذا الذي أغضب عليه من غضب ومنهم (الناقم)!

    اسمعْ للعجب العُجاب, والخبر المُسْتَرَاب, الذي تحارُ منه الألباب!
    عقيدةُ العامة في "رجال الغيب"!:
    ـ يعتقد العامة في(الأولياء),أنهم(حماةٌ للأشخاص وللقرى والمدن, كبيرها, وصغيرها, حاضرها وباديها. فما من قرية بلغت ما بلغت في البداوة أو الحضارة, إلا ولها ولي تنسب إليه, فيقال سيدي فلان هو مولى البلد الفلاني...),ذكره الشيخ مبارك الميلي في"رسالة الشرك"(ص:115), ثم قال تحت فصل:(حكم الولاية العامية)(ص:117):(إن الولاية العامية التي صورناها, ولاية بدعية شركية نهى الله عن اتخاذها بمثل قوله: ﴿ولا تتبعوا من دونه أولياء﴾...)اهـ,ومن ذلك أنهم ينسبون إليهم(التصرف في الكون)!, (إذ يعتقدون أن الأولياء أعزاء على الله, وقد فوض إليهم التصرف وأنابهم عنه فيه, فما قضوه للناس وافقهم الله عليه)["رسالة الشرك"(ص:125)], ومن تسميات العامة لهؤلاء الأولياء: (رجال البلاد), ومنها تسمية: (القطب)و(الغوث)!؛ لا تخرج عن معاني ما قبلها!, وقد كانت هذه العقائد سائدة في المجتمع الجزائري!؛بسبب ما نزل بالعقول من الجهالة, وما ران على القلوب من الضلالة["رسالة الشرك"(ص:103)],
    لذلك, قام المصلحون بالنصح لهذه الأمة المسكينة, شفقة عليها وعلى حالها الذي بلغت إليه!, فكتب الشيخ مبارك الميلي:(العقل الجزائري في خطر!)؛ جاء فيه: (أما أَشْفَقْتَ أَيُّهَا الجزائريُّ...على ذهاب عَقْلِكَ وزَوَالِ لُبِّكَ....ولكنَّا نراك تُعَظِّمُ من الناس مَنْ ذهب بعقله الوسواس ولا ترى في الوجود إلا حكومة لم تقف ولن تقف أمامها في أيِّ خصومة, حكومة فرضها الجهل بالدين, فأوجدها ضعف اليقين, تضع لها أعضاءً وتجعل لهم أسماءً: غوثًا وقطبًا, في ألفاظ لا أرى لسردها أربًا, كل ذلك على حساب الدين وهو منه براء, براء, براء...أناشدكم الله الذي أوجب علينا النصيحة أن...تجعلوا غاية كلامنا النصيحة لا الفضيحة....لولا الغيرة على أنفس جوهر خلقه الله وهو العقل فلنطهر العقول بقراح العلم وننوره بهدي القرآن...)اهـ["المنتقد", العدد(6)/16محرم1344هـ/6أوت1925م.]
    [وسأفرد قريبًا-إن شاء الله – مقالةً في اعتقادات الجهلة في "رجال البلاد"؛ لمناسبة إقامة : "وَعْدَات" باسمهم!, فلا أطيلُ في هذا الموضع].
    ـ فأيَّ(نصوص قرآنية وحديثية)!!, أو مئاتٍ منها!!, سَنُلْوِي أعناقَهَا, لنُؤَيِّدَ هذه (الخرافات), ونحامِيَ عن تلكم(السَّفَاهَات)؟!
    ـ أيَّ شرعية دينية أو فقهية, يتحدَّثُ عنها:(الإعلامي الناقم), لما سمَّاها(الممارسات الصوفية)؟!
    إذا لم تكن إلاَّ التأويل الباطني, والتحريف الفلسفي, لنصوص القرآن والأحاديث الصحيحة, أو حَشْرَ كَمٍّ من الأحاديث الموضوعة المكذوبة والتي لا أصل لها, ممَّا اخْتَلَقَهُ أو رَوَّجَهُ أسلافُ المتصوفين, ومَتْبُوعُوهُم من المبتدعين؟!
    ـ أيَّ شرعيةٍ, سيأتي بها هؤلاء: غَيْر التمسك بالمتشابهات, وترك المحكمات والأصول الواضحات؟!

    بدعُ الطرقية, والعلماء!:
    هذا وإنهم في الغالب ليتَمَسَّحُونَ بأنَّ الطرقية وممارساتها وطقوسَ نُسُكِهَا, وُجدت منذ قرون, ولم ينكرها العلماء وفيهم المحدثون والفقهاء, وووو...وجعلوا يُعَدِّدُونَ ما وَقَفُوا أو أُوقِفُوا عَلَيْهِ من أسماء هؤلاء, ممن انخرطوا فيها, وأَقَرُّوهَا وشاركوا في ممارساتها إما بالفعل, أو دَعْمًا بكتابةٍ أَوْ سَوْقِ استدلال!!!
    ° يقول ابن باديس: (وكانت – لا كانت – شبهةً لبس بها الشيطان كثيرًا، وأضلَّ بها العوام ،
    وأشباه العوام ...) ["الآثار"(5/130).]
    ° والجواب: ما قاله الإمام الإبراهيمي: (ونحن إِذْ نُنْكِر إنما ننكر الفاسد من الأعمال, والباطل من العقائد سواء علينا أصدرت من سابق أم من لاحق, ومن حي أم من ميت, لأن الحكم على الأعمال لا على العاملين, وليس صدور العمل الفاسد من سابق بالذي يحدث له حرمة أو يصيره حجة على اللاَّحِقِين, بل الحجةُ لكتاب الله ولسنة رسوله, فلا حق في الإسلام إلا ما قام دليله منهما واتضح سبيله من عمل الصحابة والتابعين بهما, أو إجماعِ العلماء بشرطه على ما يستند عليهما. وبهذا الميزان فأعمال الناس إما حق فيقبل أو باطل فيرد).

    اعتمادُ الطرقيين على الخرافات:
    ـ ويقول الشيخ مبارك الميلي في"رسالة الشرك ومظاهره"(ص:280), تحت فصل: (اعتماد الطرقيين على الخرافات): (النقطة الخامسة الاعتماد في دينهم على الخرافات والمنامات وما يربي هيبتهم في قلوب مريديهم من حكايات, ولا يتصلون بالعلماء إلا بمن أعانهم على استعباد الدهماء والرد على المرشدين النصحاء بتأويلِ ما هو حجة عليهم وتصحيحِ الحديث الموضوع إذا كان فيه حجة لهم. قال أبو بكر بن العربي في "العواصم":"إن غلاة الصوفية ودعاة الباطنية يتشبهون بالمبتدعة في تعلقهم بمشتبهات الآيات والآثار على محكماتها, فيخترعون أحاديث أو تُخترع لهم على قالب أغراضهم ينسبونها إلى النبي(صلى الله عليه وسلم) ويتعلقون بها علينا".)اهـ,
    وقال في(ص:184) تحت فصل(إعراض المبتدعين عن محكم الكتاب وصحيح السنة): (وتلك عادة المبتدعين من قديم[أي أنهم لا يرجعون في تمحيص(العقيدة): (إلى الكتاب والسنة, فإن اضطروا إليهما تمسكوا بمتشابه الكتاب ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله, وبضعيف الحديث المتداعي والموضوع الذي لا تحلُّ روايته إلاَّ للتحذير منه), ثم قال:] وتلك عادة المبتدعين من قديم لا يُعْنَوْنَ بَمُحْكَمِ الذكر وصحيح الأثر, ولكن بالحكايات المختلَقات والأضاليل الملفَّقَات)اهـ.


    تعليق


    • #3
      (الحلقة الثالثة):تابع لما قبله

      ماذا ينقمون على رجال"جمعية العلماء"؟!:
      مظاهرُ لانحطاط العقول!:
      العلماءُ المصلحون, وتحريرُ العقول:
      المصلحون الجزائريون, وتُهْمَةُ(الوهابيَّة)!:
      (الْعَامَّةُ) بين المصلحين والمُخَرِّفِين!:
      شهادةُ التاريخ, على أنَّ الشعب الجزائري, كان مع العلماء المصلحين:
      مظاهرُ قَبُول الإصلاح (السَّلَفيّ) في المجتمع الجزائري:
      ماذا ينقمون على رجال"جمعية العلماء"؟!:
      ـ وها هُوَ (الإعلاميُّ النَّاقِم), ينقل (نِقْمَتَهُ) إلى (رجال جمعية العلماء) وإلى (الباديسية)[؛ دعوة الإمام ابن باديس] التي كان لها الفضلُ بعد الله في إرساء النظرة"الإصلاحية" تجاه هذه الممارسات الصوفية!
      يقول: (المشكلة(!) عندنا هي أن انتشار الرؤية"الإصلاحية" لهذا الجانب بفعل سيطرة بعض رموز جمعية العلماء على المدرسة الجزائرية وصبغها بالصبغة"الباديسية" في مرحلة من المراحل...كلُّ ذلك أسهم في تجذير انطباع خاطئ لدى أجيال كثيرة ومتتابعة, بأن زيارة الأضرحة والمقامات والتبرك بها وغير ذلك من الممارسات الصوفية, ليس له أي نصيب من المشروعية الدينية والفقهية...)انتهـى المقصود من (نقاط) كلامه.

      ـ والجوابُ:
      1ـ الإمامُ ابن باديس والإمامُ الإبراهيمي وإخوانهما وتلاميذهما من رجال (الإصلاح السَّلَفِيّ), إنما انطلقوا في دعوتهم وفي إصلاحهم, إلى تطهير العقائد والأفكار, وحماية العقول, بعد أن رأوا فسادها واختلالها ومُصَابَ الأمة الأعظم فيها وبها!؛ فكتبوا في صحائفهم الأولى, ودَوَّتْ حناجرُهُمْ في الهَزَّةِ الأولى, التي هَزُّوا بها النَّائِمِين والمُخَدَّرِينَ مِنْ بَنِي وَطَنِهِمْ, فكان من أَوَّلِيَّاتِ تلْكُمُ الكِتابات: (العَقْلُ الجزائري في خطر!),
      مظاهرُ لانحطاط العقول!:
      ـ وقد قدمنا قبلُ, مظهرًا من مظاهر انحطاط العقول!, وهو الاعتقادُ في الأولياء أنهم يتصرفون في الكون, ويملكون زمام الأمور!, فهم(الأقطاب)!و(الأغواث)!, ونأتي الآن على مظهر آخر من انحطاط العقول!, وهو اعتقادُ الولاية! في المجانين!!,
      ـ يقول الشيخ مبارك الميلي في مقالته:(العقل الجزائري في خطر!):(أما أَشْفَقْتَ أَيُّهَا الجزائريُّ...على ذهاب عَقْلِكَ وزَوَالِ لُبِّكَ...ماذا تكون عاقبة الجزائري المغبون الذي يرى الفضل عليه لكل مجنون ويودُّ لو أنَّ الله أكرمه بِسَلْبِ عقله كما أكرم وَسخي الأبدان والثياب وجعلهم من أهله....أناشدكم الله الذي أوجب علينا النصيحة أن...تجعلوا غاية كلامنا النصيحة لا الفضيحة....لولا الغيرة على أنفس جوهر خلقه الله وهو العقل فلنطهر العقول بقراح العلم وننوره بهدي القرآن...)اهـ["المنتقد", العدد(6)/16محرم1344هـ/6أوت1925م.]

      وفي قوله هذا: إشارةٌ لما كان سائداً (في شمال إفريقية[عموماً؛حيثُ] يعتقد الجهلة [ بل وممَّن يُسَمَّوْن علماء!] أن المجنون من أولياء الله ويُسَمُّونه (مجذوباً) ويزعمون أن الله جَذَبَ عقله إليه وترك جسمه في الأرض حتى يستوفي أجله. فإن كان لا يضرب الناس ولا يضرُّهم أذن له في التجوُّل حرًّا طليقاً ليطعمه الملتمسون للبركة ويعتنون به ملتمسين بذلك قضاء الحاجات),
      هذا وإنَّ (هؤلاء القوم يزعمون أن علومهم خارجة عن دائرة العقل؛ فمن شاء أن يعرف كلامهم فَلْيَتْرُكْ عَقْلَهُ؛ ومن أراد أن يُصدِّقهم فلينبذ كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) فنعوذ بالله من الخذلان.)[انظر:كتابي"الطرائق الصوفية وآثارها في بلاد الحجاز والمغرب"؛ مجموع فيه من مقالات الدكتور تقي الدين الهلالي المغربي].
      العلماءُ المصلحون, وتحريرُ العقول:
      ـ كتب المصلحون؛ فدَعَوْا إلى تحريرِ العقول, وهَزُّوا النفوس بصَرَخَاتِهِمْ المُدَوِّيَّة,
      • يقول ابن باديس في "دعوة الجمعية وأصولها": (سادسًا : يُمَجِّدُ[أي: الإسلام] العقل ويدعو إلى بناء الحياة كلها على التفكير).
      • ويقول الشيخ:"عمر بن البسكري": (إن جميع أمراض المسلمين محصورة في شيءٍ واحد وهو : عدم التفكير والنظر والجمود على حالة واحدة الذي هو صفة الجمادات لا صفة الحيوانات المقتضية للحركة والتوليد والنمو وقد ذكر الله العقل في القرآن نحو الخمسين مرة, والتدبر أربع مرات وأما النظر والفكر فهو كثير لا علم لي بحصره وأعظم آية فيه قول الله تعالى :﴿ قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى و فرادى ثم تتفكروا﴾ اللهم وفقنا للتفكر وأخذ العلم بالدليل, ولا تجعلنا من الذين يعملون على هدم عقولهم التي هي أشرف حاسة أوتيها البشر بالتحجير والتعطيل , فأنت حسبنا ونعم الوكيل), ثم إنَّ (هذه البدع التي ينسبها البدعيون إلى الدين الإسلامي "مخدر" يخدرون بها عقول الجماهير, وإذا تخدرت العقول
      وأصبحت تروج عليها الأوهام وجدت الأجواء التي يرجوها غلاة المستعمرين للأمم المصابة برؤساء دينيين أو دنيويين يغشون أممهم يتاجرون فيها) ["تقرير" الشيخ العربي التبسي لـ"رسالة الشرك ومظاهره"(ص: 29)]
      ـ لهذا كان ابنُ باديس يوصي طلبةَ العلم خاصَّةً بـ (التفكير والإستقلال فيه),
      ويوصي المسلمين عمومًا بتكريم عقولهم؛ يقول تحت فصل(معرفة العبد لقدر نفسه: فلنكرم أنفسنا): (قد استودعنا خالقنا خلقة كريمة, فعلينا أن نعرف قيمتها, وأن نقدرها, وحق على من كرمه ربه أن يكرم نفسه:- فعلينا أن نكرم أنفسنا بتكريم أرواحنا...وتكريم عقولنا, بتنزيهها عن الأوهام, والشكوك, والخرافات, والضلالات, وربطها على العلوم والمعارف وصحيح الاعتقادات.)اهـ["تفسير ابن باديس"(ص:206)/إعداد:د.توفيق شاهين/ومحمد الصالح رمضان/دار الفكر].
      المصلحون الجزائريون, وتُهْمَةُ(الوهابيَّة)!:
      مَضَى المصلحونَ يُرْجِعُونَ بَنِي وَطَنِهِمْ إلى القرآن وهدايته, وإلى السنة الصحيحة وحِكْمَتِهَا, يَهْدُونَ بِهِمَا الناس ويرشدونهم ويُصلحون بهما ما فَسَدَ مِنْ دينهم ودنياهم وآخرتهم,
      وهم في ذلك كله قد دعوا إلى ما دعا إليه علماء الإسلام قاطبة, وهذه الدعوة ليست كم يشاع من صنع محمد بن عبد الوهاب, ولا من تأسيسه, أو بنات أفكاره؟! والإمام ابن باديس لم يأخذها منه, ولم يكن تابعا له فيها, فإنه من درس القرآن وتفقه فيه, ووقف على إرشاداته وهداياته, ولم يجعل لأحد سلطانا على عقله وتفكيره!, فإنه سيدعو بهذه الدعوة التي هي(دعوة الحق).
      ـ يقول ابن باديس: (وأصبحت الجماعة الداعية إلى الله يُدْعَوْنَ من الداعين إلى أنفسهم
      "الوهابيين" , ولا والله ما كنت أملك يومئذ كتابا واحدًا لابن عبد الوهاب , ولا أعرف من ترجمة حياته إلاَّ القليل , ووَالله ما اشتريت كتابًا من كتبه إلى اليوم ...) [جريدة"السُّنَّة": ذي الحجة 1351 هـ ].
      ـ ويقول ردًّا على افتراء النائب العمالي المالي ابن غراب: (ثم يرمي الجمعية بأنها تنشر المذهب الوهابي , أَفَتَعُدُّ الدعوة إلى الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة وطرح البدع والضلالات
      واجتناب الْمُرْدِيَات والمهلكات نشرًا للوهابية , أم نشر العلم والتهذيب وحرية الضمير وإجلال العقل واستعمال الفكر واستخدام الجوارح – نشر للوهابية؟- إذًا , فالعالم المتمدِّنُ كله وهابي . فأئمة الإسلام كلهم وهابيون؟ ما ضرنا إذا دعونا إلى ما دعا إليه جميع أئمة الإسلام ....) ["الصراط السوي" : جمادى الثانية 1352هـ – سبتمبر 1933م].
      ـ ويقول الشيخ مبارك الميلي في"رسالة الشرك"(ص:54), تحت فصل(الجواب على المطاعن): (وأما ابن تيمية فلم يبتدع ضلالة, وإنما أحيا السنّة, ودعا إلى الهدى, واجتهد في النصح. وليست الدعوة إلى التوحيد بمذهب خاص, ولكنه دين الله العام.)اهـ.

      ـ فهذه هي دعوة الإسلام النقيِّ الصافي من كلِّ شائبةٍ ودِخْلَةٍ مَدْسُوسَةٍ,
      فإذا توافقت دعوتهم مع دعوة ابن عبد الوهاب في إنكار ما يُنكره علماءُ الإسلام قاطبةً, ينسبونهم إليه تحقيرًا وتنفيرًا,
      • يقول الإبراهيمي: (أإذا وافقنا طائفة من المسلمين في شيءٍ معلوم من الدين بالضرورة وفي تغيير المنكرات الفاشية عندنا وعندهم – والمنكر لا يختلف حكمه بحكم الأوطان – تنسبوننا إليهم تحقيرا لنا ولهم وازدراءً بنا وبهم, وإن فرقت بيننا وبينهم الإعتبارات, فنحن مالكيون برغم أنوفكم, وهم حنبليون برغم أنوفكم , ونحن في الجزائر وهم في الجزيرة)["الآثار"(1/ 123–124).]
      • ويقول ابن باديس تحت عنوان :(الدعوة الإصلاحية.هنا وهنالك): (الكتاب واحد, والسنة واحدة, والغاية – وهي الرجوع إليها- واحدة فبالضرورة تكون الدعوة واحدة . بلا حاجة إلى تعارف ولا ارتباط ما إن تباعدت الأعصار والأمصار. هذه الحقيقة يتعامى المبدعون ذوو الأغراض عنها, فَيُصَوِّرُونَ مِنْ خَيَالاَتِهِمْ أشباحًا وَهْمِيَّةً للدعوة الإصلاحية الدينية المحضة التي نقوم بها فيقولون عنها...(وهابية) ويقولون ويقولون.. وهم في الجميع مُتَقَوِّلُونَ ...) ["الشهاب": العدد 164, (ص: 302)]
      ـ وكان من أسرار نجاح دعوة ابن باديس وإخوانه من المصلحين: أن (الدعوة إلى القرآن والسنة وعمل السلف؛ هي الدعوة الأصيلة في هذه الديار).

      ـ حصل الاصطدام بين المصلحين وبين شيوخ الطرق, يُبَيِّنُ ذلك ابن باديس بقوله, وهو يكشفُ سبب محاربته للطرقيين ومحاربتهم لهُ: (قد كانت وجهتنا الأولى في النقد الديني هي الإعتقادات, ولقد كان همنا الأول تطهير عقيدة التوحيد من أوضار الشرك القولي والفعلي والإعتقادي , فإن التوحيد هو أساس السلوك, ولذلك ابتدىء بـ:﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾قبل﴿اهْدِنَا﴾في فاتحة القرآن العظيم . هنا اصطدمنا بزعماء الطرق وشيوخ الزوايا الإصطدام المعروف, لأنه إذا خلص التوحيد توجه الناس إلى ربهم الذي خلقهم وتركوهم , واعتقدوا فيهم أنهم مخلوقون مثلهم لا يضرون ولا ينفعون , إلى غير هذا مما يُنتجه التوحيد الصحيح من تحرير العقول والأرواح والقلوب والأبدان)
      ["الشهاب":11 ذي الحجة 1344هـ, 24جوان 1926 م .]
      ضّجَّ الطرقيون لبدعهم, وثاروا وثَأَرُوا لطُرُقهم المنهزمة, بشَتَّى الطرق الماكرة والأساليب الخاسرة!-وهم يستعينون في ذلك كُلِّهِ أو جُلِّهِ بالحكومة-ومَوَّهُوا وكذبوا ودَلَّسُوا وقَلَّبُوا الأُمور....
      (الْعَامَّةُ) بين المصلحين والمُخَرِّفِين!:
      ـ يُبَيِّنُ الإبراهيمي موطنَ الخلاف بينهم وبين المتمصوفة والطرقيين: (الشعب الجزائريُّ المسلم بفطرته, الكريم في عنصره, الجاهل بحقائق دينه-في أكثريته-واقع اليوم بين قوتين تتجاذبانه:قوّة العلماء المصلحين الداعين إلى الله وإلى الإسلام كما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يبغون على ذلك جزاء ولا شكورا, وقوة الشيوخ الطرقيين الذين وقفوا-إلا أقلهم- سدًا حائلاً بين العلماء وبين أتباعهم من عامّة الأمة....)["آثار الإبراهيمي"(1/113)], وقال: (تعالوا أيها القوم نصارحكم, فقارضونا صراحة بصراحة أليس هذا العامي المسكين هو محل النزاع بيننا وبينكم؟
      دعونا من الكذب على السنة والتلبيس باسم السنة ودعونا مما ترموننا به من الوهابية ودعوى الاجتهاد, فقد علمنا وعلم العقلاء أن ذلك كله منكم تحامل وتداهٍ تريدون أن تبعدوا به عن محل النزاع....نقول لكم: دعوا هذا (العامي) على فطرته ليتلقّى الهداية الدينية على يد أهلها سليمة كفطرته, بيضاء كقلبه, نقية كصدره, ونحاكمكم في هذا إلى كتاب الله وسنّة نبيّه وهدي السلف الصالح من أمته, فلا تسلمون ولا تجادلون بالحسنى بل كلما قرعتكم الحجة وعضكم الدليل, رجعتم بنا إلى أصول من طباعكم هي المباهتة والمغالطة والقول بغير علم, وهو شرّ ما يتخلّق به متخلّق, وأوهن ما يعتمد عليه مجادل.....إن محلّ النزاع بيننا وبينكم هو هذا العامي. نريد أن نحرّره من استعبادكم ونطلقه من أسركم,....نريد لهذا العامي أن يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبالكعبة قبلة وبالقرآن إماما وبمحمد رسولاً, وأن لا يرجو النفع إلا من ربّه ولا يستدفع الضرّ إلا به, وأن لا يستعين بعد الأسباب الكسبية إلا بقوته, وتريدون منه أن يؤمن مع ذلك أو قبل ذلك أو بعد ذلك بأنكم أولياء الله وإن استبحتم الحرمات وركبتم المحرمات, وأن يشرككم مع الله في الدعاء أو يدعوكم من دونه وأن يلتجئ إليكم حتى فيما هو من خصائص الألوهية, وأن يشدّ الرحال لبيوتكم كما يشدّها لبيت الله-فاجبهونا بالتكذيب إن استطعتم....)الخ[(1/115-116)], (...أليس فيكم من يقول في صراحة إنه يتصرّف في الوجود ويعطي من يشاء, ويمنع من يشاء....)[(1/117)], (...أيها الناس, إن نقطة النزاع بيننا وبين هؤلاء هو ما علمتم: هو هذه العامة التي أضلّوها وأذلّوها وغاية الشيطان أن يضلّ, وأرادوا أن تعبدهم من دون الله وهو ما يئس منه الشيطان بنصّ الحديث,...)[ (1/121)].

      شهادةُ التاريخ, على أنَّ الشعب الجزائري, كان مع العلماء المصلحين:
      ـ ثم اسمع هذا الذي ادَّعَاهُ وزَعَمَهُ مِنْ غير دليلٍ, هذا (الإعلاميُّ النَّاقم)؛ إِذْ قال: (أثبتت التجربة أن الشعب الجزائري لم يغير ثقافته الدينية الروحية ولم يتخل عنها على رغم المحاولات المختلفة والمستمرة, لإلصاق كليشيهات"الشرك" وغيره بتلك الثقافة التي تصدر من أعماق الشعب البسيط وبعفوية كاملة لا تخفي وراءها مصلحة أو غرض غير سليم)اهـ.
      والجواب والتعليق:
      1ـ بل أثبتت التجارب والتاريخ شاهدٌ لا ينكره إلاَّ مُكابر, أو مُدَلِّسٌ مَاكِر!: أن الشعب الجزائري رَفَضَ هذه الطرقية, ونَفَضَ يَدَيْهِ منها وتَخَلَّى عَنْهَا وعن ممارساتها, لما رآها تتآمر على مصالحه, وتبتني مجدها وسلطانها على أنقاض جهله وأميته, وتَعْتَلِي مراتب العظمة والجبروت على خُنُوعه واستعباده وإذلاله!, فما أَبْصَرَ الحياة وما أدرك معناها وغايته فيها إلا بظهور العلماء المصلحين والمرشدين السَّلَفِيِّين, الذين هَدَوْهُ بهداية القرآن, ورفعوا عنه الجهل بحِكْمَةِ السُّنَّة, فصارت له المدارسُ تُعَلِّمُه, والمساجدُ الحُرَّةُ تُرْشِدُهُ, والنَّوَادِي تُثَقِّفُهُ,.... وطُهِّرَ عَقْلُهُ, وسَمَا فِكْرُهُ, يأخذ بالقرآن ويجعله لها هاديًا وإمامًا,
      ° يقول الإبراهيمي: (ونجحت الجمعية – كذلك – نجاحًا جَلِيًّا مَشهودًا ظهرت آثاره للعيان
      ولمسه الموافق والمخالف والمعتدل والمتجانف, في تصحيح عقائد الأمة الجزائرية وتطهيرها من شوائب الشرك القولي والعملي التي شابتها, فَصَحَّتْ العقائد وصَحَّتْ لصحتها الإرادات
      والعزائم ,...أصبح المنتسبون إلى الإصلاح ولَوْ من العامة يخلصون لله في عباداتهم وأَيْمَانِهِمْ
      ونذورهم وأدعيتهم, ونبذوا كل ما كانوا عليه من عَقْدٍ فاسد أو قول مفترى أو عمل مبتدع في هذه الأبواب كلها, وأصبحوا يفرقون بين السنة والبدعة والمشروع وغير المشروع ...) ["آثار الإبراهيمي"(1/283 -284)].
      ° ويقول عن معرفة العامة بقيمة الدليل:
      ( ومن غرائب تأثير الحق في نفوس المستعدين له أن هذه النزعة الإستدلالية قد تجاوزت آفاق الطلبة المزاولين للعلم إلى الطبقات التي تليهم، فأصبحت نفوسهم نزاعة إلى طلب الدليل في أمور دينهم، وأصبحت أبصارهم تخشع وأعناقهم تخضع إذا أقيم لهم دليل من آية قرآنية أو حديث نبوي ممن يعتقدون أمانته وصدقه, وإذا كان قصور أفهامهم قد قعد بهم عن فهم ما بين الدليل والحكم من صلة , فقد كان من ثمرات هذه النزعة الجديدة فيهم أنهم صاروا عارفين بقيمة الدليل, ولا يقبلون الباطل حين يلقى إليهم بالسهولة التي كانوا يقبلونه بها، بل يترددون ويتوقفون وقد يفتق ذلك التردد والتوقف عن المخرج إلى الحق. وكم ألقموا المبطلين حجرًا وأَعَضُّوهُمْ بريقهم حينما يُلْقُونَ إليهم بباطلهم فيقولون لهم: وأين الدليل ؟ )["الآثار"(1/ 148-149)].

      مظاهرُ قَبُول الإصلاح (السَّلَفيّ) في المجتمع الجزائري:
      ° يقول الشيخ العيد بن أحمد مطروح أحد التلاميذ البارزين للشيخ العربي التبسي، وكان قد لازمه وصار من بطانته, يؤازره في جهاده؛ قال الشيخ العيد: (كان الشيخ العربي رحمه الله يهاجم البدع والطرقية، لقد كانت في تبسة كل البدع المنتشرة في الوطن الجزائري كانت فيها الزردة , والوعدة وكان الخوف الشديد من شيخ الطريقة, والدعاء للشيخ, والتبرع باسم الشيخ, وكان بعض العوام يقدسون بعض الأشجار وبعض الأحجار ويقدمون إليها القرابين , فأبطل الشيخ بدروسه هذه العادات الفاسدة, فلم يبق منها قبل الثورة إلا الشيء التافه القليل, واليوم (في عام 1386هـ) قد تنظفت تبسة فلم يبق منها شيء والحمد لله )["أعلام الإصلاح في الجزائر..."لمحمد علي دبوز(2/44)].
      أما الطقوس الطرقية والممارسات الصوفية فبقيت منها بَقِيَّة, كادَتْ تَنْدَثِر, ويُقْضَى عَلَيْهَا القضاء الأخير, بعد أن زالت هَيْبَتُهَا مِنَ النفوس, وطُوِّحَ سُلْطَانُهَا, وسُلِبَ عَرْشُهَا!, لولا قيام ثورة التحرير المظفرة.

      تعليق


      • #4
        (الحلقة الرابعة وهي الأخيرة):تابع لما قبله
        ماذا لَوْ عاش الشيخ حماني, ليرى ويَسْمَعَ مَا يَبُثُّهُ (الإعلامُ)المُحَايِد؟!, وينصُرُهُ(الإعلاميُّ النَّاقم)؟!:
        لماذا الاستدلالُ بـ:(الكوثريّ)؟:
        خاتمة:
        ماذا لَوْ عاش الشيخ حماني, ليرى ويَسْمَعَ مَا يَبُثُّهُ (الإعلامُ)المُحَايِد؟!, وينصُرُهُ(الإعلاميُّ النَّاقم)؟!:
        يقول الشيخ أحمد حماني: في مقاله المعنون بـ: (أيكتب لنا مستشرقون أم مسلمون؟/الزردات, وطقوس الشرك)["فتاوى الشيخ أحمد حماني"(3/312-314/منشورات قصر الكتاب/ترتيب: الربيع ميمون]: (تساءلتُ مثل هذا السؤال بعدما أدرتُ مفتاح الإذاعة الوطنية ذات صباح في يوم من الأيام الماضية[تاريخُ كتابة هذا المقال:27فيفري1993م]على الساعة7و45دقيقة فسمعت المذيع النشيط يقول: "عادة موروثة كانت منتشرة فينا ورثناها عن الأجداد وهي إقامة حفلات الزردة يتهيأ لها الناس بجمع التبرعات والطعام والشراب والحيوانات, ثم يجتمعون في أيام بمكان ولي فينحرون البقر ويذبحون الشياه ويصنع الطعام الوفير اللذيذ وتقام الاحتفالات بالحضرة والآلات والتهوال والجذب ويتضرع إلى الأولياء والصالحين فيمدونهم بالبركات والخيرات, ثم انقطعت هذه العادة أيام الثورة من 1954إلى1962 ولكنها عادت بعدها وكان الناس فيها قسمين: أنكرت ذلك جمعية العلماء وحرمته وأباح ذلك الطرقيون وقال الشعب هي عادة لنا ورثناها عن آبائنا وأجدادنا, فلماذا نتركها مع أنها تُتِيحُ لنا أيامًا بهيجة وترضي عنا الأولياء والصالحين؟ وتجيئنا منها بالخيرات والبركات بفضل دعائهم ورضاهم" وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح المفيد للأمة وجمهور السامعينأمَّا المذيع فاكتفى بالحياد والحكاية.
        أفلا يحق لنا بعد سماع هذا الكلام أن نقول: هل يؤلفه مستشرق لنا؟ أم يقدمه مسلم ناصح لأمتهودينهثم نتساءل هل نحن أمة همجية ساذجة متأخرة لا نستوحي أعمالنا إلا من العادات المنحدرة من آبائنا وأجدادنا ولو كانت تعاويذ وشعوذات باطلة...إن إقامة هذه الزردات كانت من أثر التخلف والانحطاط والغفلة والجهل في أثناء العصور الأخيرة...فَلَوْ كان المذيعُ مِنَّا لاحترم نفسه كصحافيٍّ صادق يقدم لأمته الحقائق لتتمسك بما يفيدها وتهجر القبيح مما لا يفيدها ويضر بها ولا ينفعها. أما عندما يكون مستشرقًا فإنه قد يغشها ويقدم ما لا ينفعها ويدل على جهلها وتأخرها وانحطاطها وغفلتها ولا يهمه إن كان واقعًا حقًا أم هو من الخيال, وأحسن حالاته أن يلزَمَ الحِيَاد..27فيفري1993م)اهـ.

        التعليقُ:
        ماذا لو عاش الشيخ أحمد حماني(رحمه الله) إلى هذه الأيام!, ورأى وسمع ما تُذيعه وتدعو له وتُزَيِّنُهُ وتُحَسِّنُهُ وسائلُ الإعلام, من إذاعة وتلفزة وطنية, ومن صحف وجرائد يومية وأسبوعيَّة!!, ماذا لو قرأ لِمِثْلِ (الإعلاميّ النَّاقم)!!...والجوابُ: لأذاقهُ مُرَّ التأنيب, ولأسمعهُ لاذع الكلام!!, ولجلَدَهُ بسِيَاطِ الحُجَّةِ والإِفْحَام!, ولأنكر أشدَّ الإنكار, هذا الذي يُسَمُّونَهُ صحافةً صادقةً ناصحةً, وإعلامًا مُحَايِدًا!!, ولعلَّ القارئ تأمَّل معي, في صنيعِ الصحافي الذي أنكرَ عليهِ الشيخُ, وعدَّ عملهُ لأجل ذاكَ: من عملِ المستشرقين(وأقول: وكذا المُعَمّرِين"الكُلُون")؛ الذين ما فَتِئُوا يَدْعُونَ الشَّعْبَ النَّائم!للتمسك بعادات أجدادهم!لِيَزِيدُوا في سُبَاتِهِمْ, ويُمِدُّوا في عُمْرِ غَفْلَتِهِمْ!!...إنَّ ذاك الصحفيّ, كان أقرب إلى الحياد! من صَحَفِيِّي زماننا!!, إذْ ذكر الفئة المخالفة, وهم العلماء, ولكنَّ صَدْرَ حديثِهِ وخاتمَتَهُ, كانَ في ترجيحِ كِفَّةِ الشعب!الجاهل بدينه وبعقيدتهِ!!؛ ولا نُشَكِّكُ في (نِيَّة)الشعب الصالحة!!, فعدَّ الشيخُ -ومعهُ كلُّ منصفٍ صادقٍ في النصح لأمته, والنهوضِ بها, وإصلاحِ حالتها, مِنْ صحفيين إعلاميين وغيرهم- ذلك خيانةً, لا تختلِفُ عن خيانةِ أكثر المستشرقين لأُمَّةِ الإسلام!, فهذا -إن كان ثمَّ إنصافٌ-, هو: (التضليل الإعلاميّ)!, لكنَّ (الإعلاميَّ الناقم), لا يرى(التضليل الإعلاميّ), إلاَّ في الجهة المعكوسة, وفي الاتجاه الذي لا يوافقُ الجماهير, فلو كان هناك(حيادٌ)!: لأبانوا أنها كذلك محلُّ سخط عندَ فئةٍ(ليست بالقليلة!, ولا يزالُ رجالٌ من جمعية العلماء الأوائل وأنصارها القُدامى ومن الآخِرِين, أحياءً بين أظهرنا) كما هي محلُّ رضا وفرح وبهجة عند هذا الجمّ الغفير!, فيذكرون القولين والموقفين, ولا يُقْصُونَ واحدًا من الجماعتين!!, لَوْ كانوا مُحَايِدِينَ! لَنَقَلُوا واقع هؤلاء الناس المجتمعين(المُزْدَرِدِينَ)(المُوَعِّدِينَ)! وذكروا مواقف وملاحظات آخرين منها؛ من شيوخ وأئمةٍ ومعلمين ومثقفين...لكن هؤلاء: يُرِيدُونَ أَنْ يُسْكِتُوا القول الآخر وَيُعْدِمُوهُ(وهم أهلُ الرأي والرأي الآخر!), وهُمْ في ذلك: يَرَوْنَ الفئة الأُخْرَى لا تُمَثِّلُ (الشعب)!, ولا تُنْبِئُ عن (قناعاته)! ولا تَتَمَشَّى مع مَا يُريده من إِحياء(موروثاته)!, ويزيدون على ذلك: أن مواقف هذه الفئة(وليست قليلة!) دخيلةٌ عليه!, بل هي(ضدَّهُ), و(ضدَّ) مصالحه, وضدَّ(أصالته), وضدَّ(جذوره), وضدَّ (وطنه)! وضدَّ(ثورته التحريرية)!...إلى آخر القائمة السوداء, لأجل التَّشْوِيهِ والتَّنْفِير والتَّشْهِيرِ السَّيِّء, بكُلِّ(مُوَحِّدٍ), (يَسْتَنْكِرُ)ما يعملون, واللهُ المستعان.

        ـ أمَّا محاولةُ(الإعلامي) الفاشلة, في التَّعْمِيَةِ على كُلِّ هذه الحوادث, والكَتْمِ على هذه الحقائق, التي هي جزءٌ لا يُمْحَى مِنْ تاريخنا المعاصر, وقطعةٌ مِنْ الجهاد والنضال من أجل استرجاعِ هَوِيَّتِنَا الحَقَّة, تُبْطِلُ ما نَسَجَهُ مِنْ خُيُوطٍ وَاهِيَةٍ وَاهِنَةٍ, فهذا العامِّيُّ الذي وصفه(الإعلاميُّ الناقم) بالعفوية, وعدم إخفاء أيةِ مصلحة أو غرضٍ غير سليم, قد نُسَلِّمُهُ لَهُ, لكن مع إضافةِ ما لم يُضِفْهُ, أو قُلْ: مَا جَحَدَهُ! لأنه ينقضُ ويَنْكُثُ غَزْلَهُ الواهي, وهو أنَّ هذا العامي الذي يتحرك بتلكم العفوية, فَيُصَدِّقُ مَا لاَ يُصَدَّقُ, ويُؤمنُ بما يجب الكفران بِهِ والبراءةُ مِنْهُ, ما وَجَدَ إلاَّ أولئك الذين تسلَّطُوا عليه, وأَرْهَقُوهُ وأَوْعَدُوهُ, أكثر ممَّا مَنَّوْهُ ووَعَدُوهُ!, فلمَّا بلغَ سَمْعَهُ صيحةُ المُوَحِّدِين السَّلَفِيِّين, انكشفَ عَنْهُ ذلك الحجاب الكثيف, الذي أعماه زمانًا طويلاً, وتمثلت الحقائق المحجوبة أمام عينيه؛ فانضمَّ إلى مَنْ أَخْلَصُوا له الدعاء(أي الدعوة), ولم يبتغوا منه أجرًا ولا خدمة, لذلك لم يكن للإمام ابن باديس وإخوانه المصلحين أَيَّةُ مشكلة مع عامة الناس, ولم يجدوا أيَّةَ صُعوبة مع الشعب الجزائري, حتى (المنتمين إلى التصوف)؛ لأنه عَرَفَ(عفويته), و(نيته الصالحة) و(غرضه السليم), يوضح ذلك ابن باديس في تنقلاته ورحلاته, إذ بيَّن أن هذا الشعب ما كان ينقصه إلا العالم الذي يهديه, والمرشد الذي يدعوه بعلم وحكمة[ومن جميل عبارات ابن باديس أنه عقَّب على بعض المخلصين؛ وهو يَنْزِعُ بقول القائل:"لا حياة لمن تنادي"!, فقال له:بل, قل: "لا مُناديَ يُنادي"/ذكره الأستاذ باعزيز بن عمر في"ذكرياتي عن الإمامين ابن باديس والإبراهيمي"(ص:1], فإذا وجده انقاد له, وقد وجده فعلاً في الإمام ابن باديس وإخوانه وتلاميذه: الذين بثهم في أرجاء الوطن؛ معلمين ومرشدين, وموجهين وواعظين!
        ـ يقول ابن باديس تحت عنوان(للتعارف والتذكير):(عرفتني تنقلاتي في بضع القرى, ما في قلوب عامة المسلمين الجزائريين من تعظيمٍ للعلم وانقيادٍ لأهله إذا ذَكَّرُوهُمْ بحكمة وإخلاصما حَلَلْتُ بقعة إلا الْتَفَّ أهلها حولي يسألون ويستمعون في هدوء وسكون, وكلُّهم أو جُلُّهُمْ مُنْتَمُونَ للطرق من مقدم وشاوش وخوني).[ أقول : إن ابن باديس أدرك أنه يستطيع الوصول إلى قلوب عامة الناس الذين يسيطر عليهم شيوخ الطرق, إذا ذكَّرَهُمْ بحكمة وإخلاص, وعرفَ أنَّ لديهم الإستعداد والقابلية للخضوع للعلم والحق والإنقياد لأهل العلم إذا سلك أهلُ العلم الحكمة في تذكيرهم, وهذا ما لمسه هو بنفسه في تنقلاته.... فكان يتكلم ويخاطب الناس ويُعَرِّفُهُمْ بالحق برفق وبحكمة ,خصوصًا أن غالب من يخاطبهم: هم طرقيون أو منقادون للطرقية معظمون مقدسون لها ولشيوخها, فكان ابن باديس يُذَكِّرُهُمْ ويُعلمهم دون أن يُعَنِّفَهُمْ أو يهاجمهم لأنهم (ضحايا تآمُر!), و(صَرْعَى تخدير)!]ثم قال: (وما كنت أدعوهم في مجالسي إلاَّ لتوحيد الله, والتفقه في الدين, والرجوع إلى كتاب اللهوسنة رسوله ورفع الأمية).

        وإنما الصعوبةُ والعَقَبَةُ الكَأْدَاءُ التي اعْتَرَضَتْهُمْ(أي: المصلحين) هُمُ الرؤوس والأسياد والمالكون لرقاب العامة, المتسلطون عليهم, والأرهاط ومرضى القلوب الذين يَؤُزُّهُمْ أسيادُهُمْ لاعتراض دعوة الإصلاح وإِسكاتِ نداء اليقظة!
        لذلك قال ابن باديس يخاطب هؤلاء:
        (احتجاجنا لدى الأمة:أيتها الأمة الجزائرية المسلمة!
        قد دعاك العلماء إلى العلم واحترام العلم واتباع العلم
        لمَاَّ دعاك أضدادُهُمْ إلى الجهل وما يجر إليه الجهل,
        قد دعاك العلماء إلى التفكير في الدنيا والآخرة,
        لمَاَّ دعاك أضدادُهُمْ إلى الجمود والخمول في الدنيا والدين,
        ...قد دعاك العلماء إلى الله وعبادته وحده
        لمَاَّ دعاك أضدادُهُمْ إلى أنفسهم وتقديسهم,
        قد دعاك العلماء إلى كتاب الله,
        لَمَّا دعاك أضدادُهُمْ إلى خرافاتهم,
        قد دعاك العلماء إلى اتباع رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- والسلف الصالح-رضي الله عنهم-,
        لَمَّا دعاك أضدادُهُمْ إلى اتباع أسلافهم وبدعهم وقبيح عاداتهم,
        قد دعاك العلماء إلى البذل في سبيل الخير العام..
        لَمَّا دعاك أضدادُهُمْ إلى البذل لهم وملء خزائنهم.
        هؤلاء العلماء-أيتها الأمة الكريمة- الذين دعوك دعوة الحق لا يريدون منك جزاء ولا شكورا, وهم يتحملون في سبيلك ما تعلمين وما لا تعلمين.)["الشريعة", العدد: (6), 29 ربيع الثاني1352هـ/21أوت1933م/"آثار ابن باديس" ].

        وأخيرًا:
        تَكَلَّمَ(الإعلامي الناقم) عَمَّا لاحظه زميلُهُ الإعلاميُّ صاحبُ التحقيق حول "وعدة سيدي الحسني" من (وجود تجاوزات في السلوك الأخلاقي لبعض الزوار), بقوله: (وهذا أمر وارد في جميع الحالات والمواقع التي يتجمهر فيها الناس مثل الملاعب وقاعات السينما وغيرها), ثم ليقفز مباشرةً إلى تحميل الدولة مسؤوليةَ تنظيم هذه التظاهرة[فَعَرَفَ بحيلةٍ وذكاءٍ! كيف يستثمر هذه (الإدانة) لصالحه وصالحِ من نصَّبَ نفسه للدفاع عنهم, وإبقاء مكانتهم المَوْهُومَة في نفوس المُتَوَهِّمِينَ من الناس!] و(الإلتفات إلى ملف السياحة الدينية والتهيئة الحقيقية لا السطحية أو التجميلية, لهذه الأضرحة والمقامات...)اهـ.

        والتعليق:
        ـ لم يُعَلِّقْ (الإعلاميُّ الناقم) إلاَّ على: افتراش الزوار للأرصفة المحيطة بالزاوية للبيات عندها, ولم يُعَلِّقْ على اختلاط النساء بالرجال في (هذه السياحة الدينية)! وعلى اجتماع الأخدان(من العشاق والعشيقات)!! والمخمورين....ولم يتحدث عن البنادر والمزامر عند قبر الولي الصالح!...

        هلْ قال أو يقول بهذا أحدٌ من علماء الإسلام الذين يُعْتَدُّ بِهِمْ, ويُعْتَبَرُ بكلامهم؟!
        أم أنها عند(الإعلامي الناقم) من جملة القضايا التي هي محلُّ خلاف! لا محلَّ إجماع!!, فَلْنَتْرُكْ إذن هؤلاء الناس و(عَفْوِيَّتَهُمْ), و(أغراضهم السليمة), و(نواياهم الحسنة)!
        ـ قال الشيخ محمد بن قدور(البليدي) من معلمي مدارس جمعية العلماء-التي هِيَ، وَهُمْ عند (الناقم)!:الذينَ أَفْسَدُوا العقليات, وعَبَثُوا بالأصيل والتُّرَاث!, فَهِيَ، وَهُمْ مَحَلُّ السَّخَط والنِّقْمة!-: (وهل يصحُّ في الأذهان شيءٌ إذا احتجنا لإقامة البرهان على تحريم هذه الزردات؟ بحيثُ تصير المقابر عبارة عن مقهى و مطعم ومركز للبيع والشراء! والعاقلُ تكفيه الإشارة...دَعْنَا من هذا
        ولنتكلَّمْ على النذور التي تقدم إلى الأضرحة في قطرنا وزماننا, لا يخفى عن جنابك المحترم أنَّ جميع الحيوانات التي تُقَدَّمُ بصفة هدايا أو نذور لأضرحة الأولياء –قدَّسَ اللهُ سِرَّهُمْ- فيها أمور تَسُوءُ من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر وكان مفتوح البصر والبصيرة مُحَكِّمًا الدين لا الهوى فَمِنْ ذلك أنَّ الثيران والشياه التي تُقَدَّمُ لتلك الأضرحة يطوفون بها في الأَزِقَّةِ مُزَيَّنَةً (بالحَوَاشِ) المُلَوَّنَة وأَرْدِيَةِ الحرير على ظهورها والمُزَمِّرُ يُزَمِّرُ عليها والعَامَّةُ تَتْبَعُهَا حَيْثُ مَا سَرَتْ كأنه ألعوبة"سِرْكْ عَمَّارْ" باسم "زيارة" أو "زردة" هَلْ هذا يفعله عاقل وهل هو من التقرب إلى الله في شيء؟ سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. إنَّ هذا واللهِ لَمُزْرٍ و مُزْرٍ جِدّاً بأُمَّةٍ تزعمُ أنها تدين بالإسلام الحنيف...
        والله يا أخي المحترم إنْ حَقَّقْتَ النَّظَرَ وَرَجَّعْتَ البصر في هذا الأمر لا تجدُ من يعمل هذه الزردات أو الزيارات إلاَّ من لا يُعْتَدُّ بِعِلْمِهِ ولا برأيه وعلى كلِّ حالٍ تَمَعَّنْ في هذه العجالة وتذكَّرْ يومَ لا ينفع مال ولا بنون إلاَّ من أتى الله بقلب سليم.)اهـ.
        لماذا الاستدلالُ بـ:(الكوثريّ)؟:
        ـ أمَّا الكوثري الذي لقبه بـ(المحدث الشهير), وهَوَّلَ أَمْرَهُ؛ بأَنَّهُ استدل(بالمئات من النصوص القرآنية والحديثية)!![هكذا], فلا نعجبُ مِنْ ذِكْرِهِ لَهُ, إذْ كان ولا يزالُ عند مُرِيدِي القبور, وراجي بركتها, ومُرَاوِدِي المجانين! ومُؤَلِّهِي البَشَر!! رائدًا ومَرْجِعًا, فهو بِحَقٍّ: (شيخُ القبورية في هذا العصر)(وحاملُ لِوَاءِ الجَهْمِيَّة- مُعَطِّلَةِ الصفات الإلهية ومُحَرِّفِيهَا باسم "عَقْدِ الأَشْعَرِي", أو"عقد الماتريدي"-في هذا الزمان).
        ـ وسَأَكْتُبُ قريبًا-إنْ شاءَ الله- ما أَذْكُرُ فِيهِ شيئًا من حقيقة هذا الرجل لـ(هذا الإعلامي الناقم) ولمن يَغُرُّهُ بَهْرَجُهُ, ويُغْوِيهِ زُخْرُفُ قَوْلِهِ!, في تهجماته على (الوهابية), وادعائه النسبة إلى الإمام مالك, وأتباعه من السادة المالكية!, فهل يَسْلَمُ للإعلامي (الناقم) تمسكُهُ بأمثال الكوثري في نفي الإجماع على ما هو من القطعيات, لينقله إلى قسم الخلافيات, ثم لِيَتَسَنَّى لَهُ بعد ذلك أن يَدَّعِيَ أنَّ لهذه الأمة ولهذا الشعب الجزائري مِنَ الخصوصيات, ما يجعلُهُ يرفضُ الوهابية الحنبلية, التي أَتَتْهُ من المشرق, وهو مالكيٌّ سُنِّيّ, وما يجعله يَصْمُدُ أمام محاولات غزوه واحتلاله؟[كتب (الإعلامي الناقم) مقالةً عنونها بـ:(حتى لا يحتلَّنَا الوهابيون), سَنَنْقُضُُ بَعْضَ مَا وَرَدَ فيها, في مقالةٍ أخرى إن شاء الله], وزحزحته عن أصالته[المزعومة], ومسخِ أو تغييرِ هَوِيَّتِهِ(الصوفية الأشعرية)[التي ندري إن كان هو يدري أو لا يدري, متى ومَنْ أحدثها لأهل المغرب, بل وللمسلمين عامَّة!!]
        خاتمة:
        ـ ذكر أن هذه (الأيدلوجية)! أو الرؤية التي اكتسحت الشعب الجزائري في مرحلة من المراحل [عَيَّنَهَا وسَمَّاهَا], سَادَتْ (لدى قطاعات واسعة) منه, (هي التي ما يزال الإعلام أو بعضه مع الأسف, يستغلها للمتاجرة من خلال الشحن الأيديولوجي والعاطفي, في ظل غياب نقاش أو حوار ديني وثقافي حقيقي في هذا الجانب الحساس والجوهري في ثقافتنا)اهـ

        ـ كُلُّ هذا(التحرق) من (الإعلامي الناقم) لأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ بعض الإعلاميين-وهذا(البعضُ) لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة في العَدِّ, إن لم يكن واحدًا وحيدًا- مَنْ يَسْتَنْكِرُ هذه الممارسات, ويَنْعَتُهَا بِنَعْتِهَا الحقيقي وهيَ أولى به, وهو"الشرك", و"التدجيل", مع أنَّ الإعلام قد أكثر في هذه الأيام من الدعاية لهذه الممارسات, مع التَّحْبيذِ والتَّحْسِين!! والتَّمْجِيدِ لها ولأعلامها وراياتها[من شخصيات, ومِنْ قِطَعِ قُمَاشَات, ملونات!!]-على اختلاف أساليب, منها ما ذكرناهُ في سطورٍ تقدمت, في مهمة الإعلامي وحياده المزعوم!-, فلماذا كلُّ هذا التأسف, والكُرَةُ في مَلْعَبِكُمْ-كما يقال-, والجَوْلَةُ والدَّوْلَةُ لكم!!
        فهل أَحْرَجَكُمْ حتَّى هذا الصوتُ الخافت الضعيف, وهذه الصرخة في واد! فأَرَدْتُمْ وَأْدَهَا, وكَتْمَ أنفاسها, وإِعْدَامَ قائلها, بالتهويلِ عليه, والإشارة بأصابع الاتهام إليه, فَرُحْتُمْ تُرْهبونه, وتَنْسِبُونَهُ إلى (التضليل الإعلامي) تارة, وبِتَخَطِّي حُدُودِ المهنة تارةً أخرى,
        فماذا تُسَمُّونَ ما تفعلونه الآن ويفعله الكثيرون من أمثالكم وحاملي فكرتكم, ومَنْ على شاكلتكم, في الترويج لبضاعة التصوف الفاسدة, والتَّنْفِيقِ لِسِلْعَتِهَا الكاسدة, والتي أحياها داعي الشيطان بعد أن عفا عليها الزمان, وفَضَحَتْهَا شواهدُ الأيام, فَجَعَلْتُمْ تُزَيِّنُونَهَا وتُجَمِّلُونَ قَبِيحَ أوصافها, لتُظْهِرُوهَا كما يُحاولُ أهلُ العروس القبيحة الشَّمْطَاء إظهارَها لِتَنَالَ اسْتِحْسَانَ الناظرين إليها!!

        ثم بعد هذا كله: أَأَنْتَ هنا(إعلامي) و(صحفي) مُحَايِد؟!, أم (مجادلٌ)و(محارب), و(مناضلٌ) عن البدع والشركيات, والسَّخفِ والتَّخْرِيفَات, التي تَدَّعِي أَنَّهَا مِنْ صَمِيمِ هَوِيَّتِنَا وثقافتنا الروحية, فاسمع يا هذا: (إن الدعوةَ إلى الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح؛ هي الدعوة الأصيلة في هذه الديار), وهي الغالبةُ المُنتصرةُ, ولوْ بعدَ حين.
        لكاتب هذه السطور, عودةٌ أخرى, لكشفِ ادِّعاءاتِ(الإعلاميِّ الناقم)!, الذي لا زالت مقالاتُهُ, المملوءةُ بالمغالطات, تُنْشَرُ علينَا وعلى النَّاس, حينًا بعدَ حين, فإلى الموعِدِ قريبًا إن شاء الله تعالى.


        تعليق

        يعمل...
        X