إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

بِماذَا يفرَحُ الأسخياءُ ؟ وعلامَ يبكُونَ ؟! قصَّةُ عجيبَةٌ للمُبارَكْفوريِّ رحمه الله تعالى [ الثَّـالثَـةُ منْ : فائدةٌ منْ مكتبتي ]

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [فوائد مستخلصة] بِماذَا يفرَحُ الأسخياءُ ؟ وعلامَ يبكُونَ ؟! قصَّةُ عجيبَةٌ للمُبارَكْفوريِّ رحمه الله تعالى [ الثَّـالثَـةُ منْ : فائدةٌ منْ مكتبتي ]

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

    [منَ الرَّجزِ ]
    أقُولُ منْ بعدِ افْتِـتَـاحِ القَـوْلِ ............ بِحَمْدِ ذِي الطَّوْلِ شَدِيدِ الحوْلِ
    وبَـعْـدَه فَـأَفْـضَــلُ السَّــلامِ
    ............ عَـلَى الـنَّـبِـيِّ سَـيِّــدِ الأنَــامِ
    وآلِـــهِ الأَطْــهَـارِ خَـــيْرِ آلِ
    ............ فافْـهَمْ كَلامي واسْتَمِـعْ مَقالي
    يا سَائِلي عنِ الكلامِ الـمُنتَـظِمْ
    ............ حَـدًّا ونَوْعًا وإلى كَمْ يـَنْـقَسِمْ
    اسْمَعْ هُـدِيتَ الرُّشْدَ ما أَقُـولُ
    ............ و افْهَمْـهُ فَهْمَ مَنْ لَـهُ مَعْـقُولُ
    حدُّ الكَـلامِ ما أفادَ الـمُسْتَمِـعْ
    ............ ( نَحْو اسْتَمِـعْ فائِدةً ثُمَّ اتَّبِـعْ )

    أيِ : اتَّبِعْها بِالعَملِ بِها ، نَعمْ ؛ فإذَا كانتْ فائِدةُ الفائدةِ ـ كما قُلتُ في الحلقةِ الثَّانيةِ ـ أن نَستفيدَ منَ الفائدةِ ؛ فالاسْتِفادةُ أنْ نَعملَ بما اسْتَفدْناه منَ الفائِدةِ !
    نَسألُ اللهَ جلَّ وعلَا أنْ يَجْعلَ ما نُسْمِعُكمْ كلامًا منتَظِمًـا داخِلًا في حدِّ الحريِريِّ مُوفِـيًا لِشَرْطِه ؛ مُفيدًا لِـمُستَمِعِه وقائِـلِه ، وكاتِبِـهِ وقارِئِـهِ .

    نبقَى معَ فائدةِ الحلْقةِ :

    حدَّثَ العلَّامةُ المحدِّثُ الأديبُ المتفَـنِّنُ الدُّكتورُ ( محمَّد تَقيّ الدِّين الهلاليُّ ) رحمَه اللهُ تعالى عنْ شَيخِه العلَّامةِ المحدِّثِ الفقيهِ الطَّبيبِ ( عبدِ الرَّحْمٰنِ المباركْفُورِيِّ ) صاحبِ ( تحفةِ الأحوَذِيِّ ) رحمَه اللهُ تعالى قالَ :
    (
    وفي مُدَّةِ إقامتِي بِمُبارَكْفُور ألْزَمني بإلْحاحٍ شَدِيدٍ أنْ أكونَ ضَيْفًا عِندَه ، فلَمْ أدْخُلْ قَطُّ مَطْعَـمًا ، ولا اشْتَرَيْتُ طعامًا ، ولـمَّا حانَ وَقتُ سَفَرِي عزَمْتُ أنْ أُسافِرَ بِطَريقِ سِكَّـةِ الحديدِ الضَّيِّـقَةِ الَّتي تَمتدُّ مِن ( مُبارَكْفُور ) إلى ( أعْظَمْ كرهْ
    ) ـ وهيَ قَصَبةُ تِلكَ النَّاحيَـةِ ـ فقالَ لي رحمَه اللهُ تعالى : ( لا تُسافِرْ في القِطارِ إلى ( أعظمْ كره ) ؛ فإنَّ رجُلَيْنِ مِنْ أَصْحابِنا يُريدانِ أنْ يُسافِرا إليها على عربةٍ يجُرُّها فَرَسٌ ، فسافِرْ معَهُما ؛ فإنَّ ذٰلِكَ أَسْهلُ علَيْكَ ) .
    وكانَ الرَّجُلانِ قدْ عَزما على السَّفَرِ في مُنتَصَفِ اللَّيْلِ ، فأردتُ أنْ أُودِّعَه بَعدَ فراغِنا منَ العَشَاءِ فأَبَى ، وقالَ لي : ( لا بُدَّ أنْ أَخْرُجَ لِوداعِكَ ) ، قُلْتُ لَه : ( إنَّ ذٰلِكَ يَشُقُّ علَيْكَ ، ويمنَعُكَ مِن النَّومِ ) ، فقالَ : ( لا بُدَّ مِن ذٰلِكَ ) .
    فلمَّا حانَ الوَقْتُ أخَذْتُ حقيبَتي وخرَجْتُ منَ المسجِدِ منَ المقْصُورةِ الَّتي كُنْتُ أسْكُنُ فيها فوَجَدتُه قَدْ خرَجَ مِنْ بَـيْـتِه ، وسِرْنا معًا ـ نتحدَّثُ ـ إلى المكانِ الَّذي ينتظِرُنا فيه ذانِكَ الرَّجُلانِ بِعَرَبَتِهما .
    وحينئِذٍ وَضَعَ يدَه في يَدي ، وقالَ : ( أسْتَوْدِعُ اللهَ دينَكَ وأمانتَكَ وخواتيمَ عملِكَ ، زوَّدَكَ اللهُ التَّقْوى ، ويسَّرَ لكَ الخيْرَ أينَما توجَّهْتَ ) ، و دَسَّ في يَدِي ورقَةً ظنَنْتُها نقْدِيَّـةً ؛ فرَدَدْتُها علَيْه ، وقُلْتُ لَه : ( جزاكَ اللهُ خَيْرًا ؛ لَقَدْ بالَغْتَ في الحفاوةِ بي وإكرامي ، فلا حاجةَ لي بِهٰذَا ) ، فأخَذَ بيَدِي وسارَ بي بَعيدًا منَ الرَّجُلَيْنِ ثُمَّ أَجْهَشَ بِالبُكاءِ ! بُكاءً شَدِيدًا جِدًّا ، وصَارَ يَقُولُ ـ والعَبْرةُ تَخنُقُه ـ : ( اقْبَلْ مِنِّي ! اقْبَلْ مِنِّي ! ) .
    فاختَطَفْتُ الوَرَقَةَ ، وقَدِ اشْعَرَّ جِلْدِي ممَّا رأيْتُ مِنْ بُكائِه ، ونَدِمْتُ ندامةَ الكُسَعِيِّ على رَدِّي علَيْه تِلْكَ الورقَةَ ، الَّذي سبَّبَ لَه ذٰلِكَ البُكاءَ الشَّديدَ ، وسألتُه العَفْوَ والمغْفِرةَ ، فعفا عنِّي ، ومسَحَ دُمُوعَه ، وبَقيَ هُنَيْهةً حتَّى رَجَعَ إلى حالِه المعتادةِ ، فأخَذَ بِيَدِي ، وتوجَّهْنا إلى العَربةِ ، فودَّعْتُه ، ورَكِبْتُها .
    ولَـمْ تُفارِقْني تِلْكَ القُشَعْرِيرَةُ والتَّأثُّـرُ بِذٰلِكَ المشْهدِ حتَّى طلَعَ الفَجْرُ ، ونَزَلْنا لِلصَّلاةِ ، فتقدَّمْتُ فَصَلَّيْتُ إمامًا بِالرَّجُلَيْنِ ، فلمَّا بدأْتُ القِراءَةَ غلَبَ علَيَّ البُكاءُ ، بِسَبَبِ ذٰلِكَ المشْهدِ الَّذي لمْ يَزُلْ مِنْ خَيالي
    ) انتَهى النَّقْلُ .

    فانظُرُوا ـ يا رعاكمُ اللهُ ـ ما بلغَ هٰذا الشَّيخُ منَ السَّخاءِ ، وما بلغَ بِه السَّخاءُ !
    رأينا منْ وصَلَ منَ السَّخاءِ والجودِ والكرمِ أنْ يفْرحَ بِالبَذْلِ والإنفاقِ فرحَ المعْطَى الممنُوحِ ؛ يُشْرِقُ وجهُهُ ويسْتَنيرُ إذا رأى طالِبَ حاجةٍ مُقْبِلًا عليْه ، فإذا وصلَه هشَّ لَه وبشَّ ، وحيَّاه ورحَّبَ ، بما يكفي عنِ العطاءِ الجزيلِ ، فما ظنُّكَ بِعطائِه بعدُ ؟!

    [ من الطَّويلِ ]
    تَــرَاهُ إذا مَـا جِـئْــتَـهُ مُتَـهَـلِّـلًا..........كأنَّـكَ تُعطِـيـهِ الَّذي أنتَ سائِـلُهْ
    إذا مَـا أتَـوْا أبْـوابَـه قَـالَ مَرْحَـبًا
    ..........لِـجُوا البابَ حتَّى يأتيَ الجوعَ قاتِلُهْ
    فلوْ لَـمْ يَكُنْ في كَـفِّـهِ غيرُ نَـفْسِه
    ..........لَـجَـادَ بِـها فَـلْـيَـتَّـقِ اللهَ سائِـلُـهْ

    بلْ إنَّكَ ترَى السَّخيَّ بِالطَّبْعِ يبادِرُ ضَيفَه بالمحادثَةِ والملاطفةِ قبلَ أنْ يَسْتَـقِـرَّ عندَه ؛ يُطْمَئِنُه إلى أنَّ حقَّه موفًى ، وقَصْدَه متَمَّمٌ ، فيُبْدي لَه مِنْ فرَحِه بِه وحُبُورِه قبلَ أنْ يَسْعَى في تَيْسيرِ أمُورِه ما يملأُ قلبَه قبلَ أن يملأَ عِيَـبَـه .

    [ من الطَّويلِ ]
    أُضَاحِـكُ ضَيْـفِـي قَبلَ إنْـزالِ رَحْلِـهِ ......ويُخْصِـبُ عِنـدِي والـمَحَـلُّ جَـدِيبُ
    وما الخِصْبُ لِلأَضْيافِ أنْ يَكثُرَ القِرَى.......ولٰـكِـنَّـمَـا وَجْـهُ الكَـرِيـمِ خَصِـيبُ

    فَمَنْ هٰذَا حالُه قبلَ العَطاءِ تراهُ في العَطاءِ مُقَصِّرًا ؟! أمْ تحسِبُه بَعدَ العَطاءِ نادِمًا مُتحسِّرًا ؟! أمْ تجِدُه مانًّا بِعطائِه ، مُدِلًّا بِسَخائِه ؟!
    ما أراهُ بِحالِه هٰذِه إلَّا يقُولُ لطالِـبِـهِ إنَّـه هوَ في الواقِـعِ صاحِبُ المنّ ؛ لإحسانِه بِه الظَّنّ ، وأنَّ الفَضْلَ على الحقيقةِ لَـه ؛ إذْ رآه أهْـلًا لِـما بِه أنزَلَـه.
    فإذَا لَـمْ يكُنْ لَديْهِ ما يسُدُّ بِه حاجةَ قاصِدِه ، وكانَ المحلُّ ـ كما قالَ ـ جديبًا ردَّه ردًّا جَمِـيلًا ، قالَ تعالَى :
    (( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ )) .

    [ من البسيطِ ]
    لا خَيْـلَ عِنْـدَكَ تُهدِيهـا ولا مالُ ......... فلْيُسْعِدِ النُّطْقُ إِنْ لَمْ يُسْعِدِ الحالُ

    فللَّهِ ما أرْحَبَ ه
    ٰذه النَّـفْسَ ، وما أوْسَعَ هٰذا القَـلْبَ !
    [ من الطَّويلِ ]
    هُوَ البَحْـرُ منْ أيِّ النَّواحِي أتَـيْـتَه .........فلُجَّتُـهُ الـمَعْرُوفُ والـجُودُ ساحِلُهْ

    ولَا تسَلْ بَعْدَ ذٰلِكَ عنْ راحَةِ البالِ ، وسَعادةِ العَيْشِ ، وجمالِ الحياةِ !
    فهٰذَا ـ إذَنْ ـ جَوابُ سُؤالِنا الأوَّلِ : ( بماذَا يفْرَحُ الأسْخِياءُ ؟ ) ، وقَدْ عرَفْناهُ ، أنَّهمْ يفْرَحونَ بِالعَطاءِ فرحَ الممنُوحِ ، وأمَّا جوابُ السُّؤالِ الآخَرِ ( وعلى ماذَا يبكُونَ ؟ ) فأنْ يبكِي الإنسانُ لِيُقْـبَلَ منهُ عطاؤُه ولا يُرَدَّ علَيْه بُكاءَ الممنُوعِ فلمْ أرهُ إلَّا في قِصَّةِ الشَّيْخِ رحمَه اللهُ تعالَى !
    فإِذَا كانَ أولٰئِكَ الممدوحونَ بِحارًا فما البَحْرُ إلَّا منْ رُواةِ كرَمِ الشَّيْخِ رحمةُ الله علَيْه ، وهُو ـ لَعَمْرُ اللهِ ـ أَخْلَقُ بِقَوْلِ مَادِحِ ( تميمٍ ) :

    [ من الطَّويلِ ]
    أصَحُّ وأعلَى ما سَمِعْنـاهُ في النَّـدَى .........منَ الـخبَرِ الْـمَرْوِيِّ مُنْـذُ قَـدِيـمِ
    أحادِيثُ تَرْوِيها السُّيُولُ عنِ الـحَيا .........عنِ البَحْـرِ عنْ كفِّ الأمِـيرِ تَميـمِ

    ولا تَعْجَبْ ؛ فالشَّيْءُ منْ مَعدِنِه لا يُسْتَغْرَبُ ، فقدْ حكَى صَاحِبُ الكِتابِ المنقُولِ منهُ القِصَّةُ منْ حالِ الشَّيْخِ قبلَ هٰذَا بِقليلٍ فقالَ : ( وكانَ يَسْكُنُ في بَيْتٍ منَ الطِّينِ ، ذَا أَبْوابٍ خَشَبِيَّـةٍ ، ولَـمْ يَكُنْ يأكُلُ إلَّا مِنْ كَسْبِ يَدِه ، حيثُ كانَ يُتْقِنُ فنَّ الطِّبِّ ، يُطَبِّبُ بَعدَ صلاةِ العَصْرِ إلى صَلاةِ المغْرِبِ ، فإذَا جاءَه الفُقَراءُ صَرَفَ لَهمُ الدَّواءَ بِلا عِوضٍ ، وأمَّا الاغْنِياءُ فيأخُذُ مِنهُمْ دُونَ اشْتِراطٍ ) اهـ .
    فحقَّ له ما قالَ فيه الهلاليُّ رحمَهُما اللهُ تعالى :
    [ من الطَّويلِ ]
    لَـئِنْ كُـنْتُ قَدْ جُبْتُ الأقالِـيمَ راحِلًا...........منَ الغَرْبِ حتَّى الهِندِ أَطْوِي المراحِلَا
    و أتْعَـبَـني التَّطْوافُ في أَرْضِ غُرْبَتِـي...........فَإِنِّـي لَـقِـيتُ اليَـوْمَ بَـرًّا حُـلاحِـلَا
    إمَـامًـا هُـمَـامًـا ماجِــدًا مُـتَـبَـتِّـلًا...........خِضَـمَّ عُـلُومٍ لَا تَـرَى لَـهُ سَـاحِــلَا
    لَـهُ الفَضْلُ و التَّـبْرِيزُ في الهِنـدِ شَائِـعٌ...........علَى كُلِّ أهْلِ الفَضْلِ عِلْـمًـا ونائِـلَا
    تَـآلِـيفُهُ شَاعَتْ وذَاعَتْ وأَشْـرَقَـتْ...........علَى أهْلِ هٰذَا العَصْرِ تَحوِي الفَضَائِـلَا
    وسارَتْ مَسِيرَ الشَّمْسِ في كُلِّ بَـلْدَةٍ...........و عَمَّتْ بِنَـفْـعٍ كالغُـيُـوثِ هَواطِـلَا
    بِعَـبْـدٍ [ إلى ] الرَّحْمٰـنِ نَـالَ إضَافَــةً...........بِـذَا الإسْمِ مَشْهُـورٌ وما كانَ خَامِـلَا
    خَـلائِـقُـهُ مِسْــكٌ أَرِيــجٌ وكَــفُّـهُ...........هِيَ الوَبْلُ لا يَنْـفَـكُّ بِالـخَيْرِ هاطِـلَا
    فَسَلْ عنهُ أَهْلَ الفَضْلِ والعِلْمِ والحِجا..........لِـتَعْرِفَـهُ إنْ كُـنْتَ بِالشَّيْـخِ جاهِـلَا
    أَلَا يَـا مُبَـارَكْـبُورُ قَدْ حُزْتِ مَفْخَـرًا..........عَظِيـمًا بِـحَبْرٍ صَارَ في الـمَجْدِ رافِـلَا

    وكأنِّي بِالشَّيْخِ معَ ما سبقَ منْ حالِه اسْتَحْضَرَ كونَ الشَّيخِ الهلالِيِّ رحمهُ اللهُ تعالى منَ الأشْرافِ ، منْ آلِ بيتِ النُّبُوَّةِ ، يتَّصِلُ نَسبُهُ برسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلى آلِه وسلَّمَ ، فبكَى محبَّـةً لرسُولِ اللهِ ، ولآلِ بيتِ رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلى آلِه وسلَّمَ ، وإكرامًا لهمْ وإعظامًا ، وبَكَى لأجْلِ أَنْ رُدَّ عنْ ذٰلِكُمُ الشَّرفِ ، شَرفِ خِدمةِ أشْرفِ بَيْتٍ ، وهٰذِه فضِيلَـةٌ أخْرَى
    .

    واللهُ أعلَمُ
    وصَلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه

  • #2
    رد: بِماذَا يفرَحُ الأسخياءُ ؟ وعلامَ يبكُونَ ؟! قصَّةُ عجيبَةٌ للمُبارَكْفوريِّ رحمه الله تعالى [ الثَّـالثَـةُ منْ : فائدةٌ منْ مكتبتي ]

    باسمِ اللهِ ..

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	تحفة.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	125.0 كيلوبايت 
الهوية:	172900


    مَصْدرُ هٰذه القِصَّةِ :
    كِتابُ : ( العَلَّامةُ الـمُحَدِّثُ المبارَكْفُورِيُّ ومَنْهَجُهُ في كِتابِه ( تُحفَـةِ الأَحْوَذِيِّ بِشَرْحِ جامعِ التِّرْمِذِيِّ ) ، وفي آخِرِه نُصُوصٌ وَثائِقِيَّـةٌ حوْلَ الـمُبارَكْفُورِيِّ ، وفيها : إجازاتهُ لِلشَّيْخِ محمَّدِ بْنِ إبراهيمَ آلِ الشَّيْخِ ) ، رسالةُ ماجستير لأحدِ طُلَّابِ جامعةِ أمِّ القُرَى بِمكَّةَ المكرَّمةِ .
    ومضْمُونُه واضِحٌ ، وقَوْلُه في العُنوانِ : ( وفي آخِرِه نُصُوصٌ وثائِقيَّـةٌ
    حَوْلَ المبارَكفُورِيِّ ) الأَوْلَى أنْ يُعبِّرَ بـ ( عنْ ) مكانَ ( حَوْلَ ) .
    وقدْ نقَلَ القِصَّةَ عنْ ( مجلَّةِ صَوْتِ الجامِعةِ ، العدَد الأوَّلِ ، شعبانَ 1393 ) .
    اسْتِطْرادٌ مُفيدٌ :
    يَحكِي مُعِدُّ الرِّسالةِ عنْ رِحلَتِه إلى الهندِ لِـجَمْعِ مادَّةِ الرِّسالةِ فيقُولُ في ضِمْنِ ما واجَهَ منْ عقباتٍ ص ( 20 ـ 21 ) :
    (
    الخامسَةُ : عدَمُ وُجُودِ ترجمةٍ للمبارَكْفُورِيِّ مُطَمْئِنَـةٍ وكافِيَـةٍ ، بَعيدةٍ عنِ المبالغةِ والإطراءِ ، وما وُجِدَ مِن ذٰلِكَ فهُو في بُحوثٍ صَغيرَةٍ ، أوْ مُذَكِّراتٍ لَـمْ تُطْبَعْ ، أوْ بِاللُّغةِ الأُرْدِيَّـةِ ؛ ممَّا سبَّبَ لي إشْكالًا وحرَجًا ، حتَّى أشارَ عليَّ شَيْخِي ومُشْرِفي ـ حفِظهُ اللهُ ـ بِالسَّفَرِ إلى أُسْرةِ المبارَكْفُورِيِّ والأخْذِ عنهُمْ مُباشَرةً ، والاطِّلاعِ على الكُتُبِ الَّتي تَرْجَمَتْ لَه والصُّحُفِ الَّتي تحدَّثَتْ عنْهُ بِاللُّغةِ الأُرْدِيَّـةِ .
    كما أشارَ علَـيَّ بِمُقابلةِ شَيْخِنا الدُّكتورِ ( وَصِيِّ الله محمَّد عبَّاس ) سلَّمَه اللهُ ؛ لمساعدَتي في السَّفَرِ ، فاقْتَنَعْتُ بِرأيِه ، وامتَثَلْتُ أمْرَهُ ، وقابلْتُ الشَّيخَ ( وَصِيَّ اللهِ ) فكتبَ لي رِسالتَيْنِ لِشَيْخَيْنِ فاضِلَيْنِ مِنْ أَصْحابِه هُناكَ ، يُوصِيهمْ فيهِما بِتَوْفِيرِ سُبُلِ الرَّاحةِ لي ، ومُسَاعدتي فيما أَقْصِدُه ، كما اتَّصَلَ بِهمْ هاتِفِيًّـا لِلتَّأكيدِ علَيْهمْ .
    وقَدْ يَسَّرَ اللهُ و وَفَّقَ فسافرْتُ إلى ( دِلْهي ) ، وبَقيتُ فيها يَوْمَيْنِ ، إلى أنْ توفَّرَ لي إمكانُ السَّفرِ إلى ( بنارَسْ ) ، فسافَرْتُ إلَيْها بِطريقٍ غيْرِ مُباشِرٍ ، فَمنْ ( دِلهي ) إلى ( لَكْهْنَوُ ) ، ومِنها إلى ( بنارَسْ ) ، وهُناكَ قابلْتُ بَعْضَ الأساتِذَةِ في ( الجامِعةِ السَّلَفِيَّـةِ ) ، فأحْسَنوا اسْتِقْبالي ، وأنْزَلُوني قُلُوبَهمُ الدَّافِئَـةَ قَبلَ منازِلِهمْ ، وبَقِيتُ في الجامعةِ لَيْلَةً واحِدَةً أدَرْتُ فيها حِوارًا معَ عدَدٍ مِنْ أساتِذَتِها حَوْلَ حياةِ المبارَكْفُورِيِّ ومَنهَجِه في كِتابِه ( التُّحْفَةِ ) .
    ثُمَّ انْطَلَقْتُ صَباحًا بِاتِّجاهِ ( مُبارَكْفُورَ ) بِرِفْقةِ الدُّكْتورِ ( رِضاءِ اللهِ محمَّد إِدْرِيسَ ) ، وأخَذْنا في السَّيْرِ أَزْيَدَ مِنْ ثلاثِ سَاعاتٍ مُتَواصِلَةٍ ، وَصَلْنا بَعْدَها لِلْقَرْيَـةِ ، ومَكَثْنا في مَنزِلِ الدُّكْتُورِ ( رِضَاءِ الله ) إلى وَقْتِ صَلاةِ الـجُمُعةِ ، وهُناكَ صَلَّيْنا الجمُعةَ في مَسْجِدِ ( المبارَكْفُورِيِّ ) اللَّصِيقِ بِمَنْزِلِه .
    دَخَلْنا بَعْدَها بيْتَ ( المبارَكْفُورِيِّ ) ، وتجوَّلْتُ فيه ، و رأَيْتُ مَكتَبَـتَه ، وَصَوَّرْتُ مِنها ما رأيْتُـه مُهِمًّـا منْ رسائِلَ ومخْطُوطاتِ كُتُبِه ، وسألْتُ أحْفادَه عنْ بَعْضِ جوانِبِ حياتِه ، ثُمَّ تناوَلْنا طعامَ الغَداءِ ، وانطَلَقْنا إلى بَيْتِ الشَّيْخِ ( عُبَيْدِ اللهِ الرَّحمانِيِّ ) ـ رحمَه اللهُ ـ تِلْمِيذِ المبارَكْفُورِيِّ ، فَوَجَدْنا أبْناءَه ، وجَلَسْنا مَعَهمْ جَلْسَةً ماتِعةً ، إلَّا أنِّي لمْ أجِدْ لَـدَيْهمْ شَيْـئًا مِنْ بُغْيَـتِي !
    ثُمَّ صَلَّيْنا مَعَهُمْ صَلاةَ العَصْرِ ، فتوجَّهْنا إلى قَرْيَـةِ الدُّكْتورِ ( صَفيِّ الرَّحْمٰنِ المبارَكْفُورِيِّ ) صَاحِبِ ( الرَّحيقِ المخْتُومِ ) ، وأخَذْتُ عنهُ بَعْضَ الفَوائِدِ المتعلِّقَةِ بِمَنْهَجِ ( المبارَكْفُورِيِّ ) في كِتابِه ، رَجَعْنا بَعْدَها إلى الجامعةِ في ( بنارَسْ ) .
    أمَّا بقِيَّـةَ أيَّامِ رِحْلَتي فقَدْ عكَفْتُ فيها على مُطالَعةِ كُتُبِ مكتَـبَـةِ الجامِعةِ ، فتَرْجَمْتُ ما يهمُّني مِنها ، وصَوَّرْتُ عنها ما احْتَجْتُ إلَيْه ، فلَمَّـا أَرْوَيْتُ غَليلي ، وأَشْبَعْتُ نَهَمي سافَرْتُ إلى ( لَكْهْنَوُ ) ، ومِنها إلى ( دِلْـهِي ) ، وبَقِيتُ فيها حتَّى يَسَّرَ اللهُ ليَ العَوْدةَ إلى المملَكةِ
    ) اهـ .
    ما شاءَ اللهُ !
    أقُولُ : قارِنْ هٰذَا بِبَعْضِ إخوانِنا جاءَني برِسالةٍ عِلْميَّـةٍ ( ماجِسْتير ) لأحدِ أصْدِقائِه ، يُريدُ منِّي أنْ أُراجِعَها لَه ، فلمَّـا تصَفَّحْتُها فإذَا هِيَّ كُلُّها منَ ( الشَّامِلَةِ ) ، قَصٌّ ولَصْقٌ ، وهُو جالِسٌ في بَيْـتِه تحتَ المكيِّفِ ، بيْنَ أهلِه وعِيالِه ! أَضِفْ إلى ذٰلِكَ أنَّ مَوْضُوعَ الرِّسالةِ لا يَصْلُحُ لِلْبَحْثِ ، لٰكِنَّه التَّكلُّفُ ، وتسنُّمُ المرْءِ ما لا يحْسِنُ ولا يَعْرِفُ ، فقُلْتُ لِصَاحِبِي هٰذَا ـ الوَسِيطِ ـ : (
    أَشْهِدْ على هٰذَا غَيْرِي ؛ فإنِّي لا أَشْهَدُ على جَوْرٍ ) ، فغضِبَ مِنِّي غَضَبًا شَدِيدًا في موْضِعٍ لا يَحْسُنُ فيه الغَضَبُ ؛ فإنَّ العلْمَ أمانةٌ .
    معَ أنِّي أَرَيْتُه موْضِعًا فتحْتُ علَيْه دُونَ بَحْثٍ أوْ تحرٍّ ، ولا تتبُّعٍ أوْ تَصَيُّـدٍ ، وفيه نقْلُ هٰذَا الباحِثِ فَصْلًا طويلًا عنْ شَيْخِ الإسْلامِ رحمَه اللهُ في ( مجمُوعِ الفَتاوِي ) ، ساقَه في غَيْرِ سِياقِه ، و وظَّفَه لغَيْرِ ما هُو لَه !
    فلِمِثْلِ هٰذَا العِلْمُ في ذُبُولٍ ، ونَجْمُه في أُفُولٍ ، ولا نملِكُ إلَّا أنْ نَقُولَ : ( لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا بِالله ) ، بِها نَصُولُ ، وبِها نَجولُ ، وأحْسَنَ اللهُ عزاءَنا وعزاءَكُمْ .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد فريد القبائلي; الساعة 27-Jan-2014, 10:40 PM.

    تعليق


    • #3
      رد: بِماذَا يفرَحُ الأسخياءُ ؟ وعلامَ يبكُونَ ؟! قصَّةُ عجيبَةٌ للمُبارَكْفوريِّ رحمه الله تعالى [ الثَّـالثَـةُ منْ : فائدةٌ منْ مكتبتي ]

      قال الفرزدق:
      ندمت ندامة الـــكـُسَعيِّ لمَّــا *** غدت مني مطلقـةً نوارُ
      هو / رجل من كسع ،اسمه غامد بن الحارث ، وكان اتخذ قوسا وخمسة أسهم وكمن في طريق قطيع ؛ فرمى حمارا منه ، فنفذ فيه السهم وصدم الجبل ، فأرى نارا فظن أنه أخطأ ، فرمى ثانيا وثالثا إلى آخرها وهو يظن خطأه، فعمد إلى قوسه فكسرها ، ثم بات ، فلما أصبح نظر فإذا الحمر مطرحة مصرعة ، وأسهمه بالدم مضرجة ، فندم وقطع إبهامه ، وأنشد:
      ندمت ندامة لو أن نفسي *** تطاوعني إذا لقطعت خمسي
      تبين لي سفاه الرأي مني *** لعمرُ أبيك حين كسرت قوسي


      منقول

      تعليق


      • #4
        رد: بِماذَا يفرَحُ الأسخياءُ ؟ وعلامَ يبكُونَ ؟! قصَّةُ عجيبَةٌ للمُبارَكْفوريِّ رحمه الله تعالى [ الثَّـالثَـةُ منْ : فائدةٌ منْ مكتبتي ]

        أحسَنَ أبو عبدِ المحسنِ يومَ كفاني مؤونة هٰذه الفائـدةِ ، وقد كانتْ ممَّا زوَّرْتُ في نَفْسِي أنّي أقِفُ عنـدَه .
        والحِكايةُ ـ حكايةُ عمِّنا الكُسَعيِّ ـ طويلَةٌ ، ولَه فيها غيرُ هٰذَا منَ الشِّعْرِ ، تُطلَبُ في نحْوِ مجمَعِ الأَمثالِ للميدانيِّ (2/348ـ349 ط محمَّد محيي الدِّين عبد الحميد) تحتَ المثلِ رقم (4291) ، والقائِلِ : (
        أنْـدَمُ مِنَ الكُسَعِـيِّ ) .
        لٰكِنِّي أُضِيفُ فيما تُـمُثِّـلَ فيه بندامةِ الكُسَعيِّ منَ الشِّعْرِ ، وهيَ نحْوُ بيْتِ الفرَزْدَقِ ، منَ الوافِرِ ، وتجتمِعُ على الشَّطْرِ الأوَّلِ بِحرْفِه ، فمنها قولُ الحطيئَـةِ :

        نَـدِمْتُ نَـدامَـةَ الكُسَـعِـيِّ لَـمَّـا........... شَرِبتُ وصَابَني سَهْمُ ابْنُ عَمْرِو

        وقَوْلُ عدِيِّ بْنِ أَوْسٍ :
        نَـدِمْتُ نَـدَامةَ الـكُسَـعِـيِّ لَـمَّـا...........رأتْ عَـيْـنَـاهُ مَـا فَـعَـلَتْ يَـداهُ

        وهٰذَا أشْهرُ الأبياتِ ، وأَصْلَحُها للاسْتِشْهادِ في الوَقائِـعِ المختلِفةِ ، واللهُ أعلَمُ .

        .................................................. ............................................

        رأينا الفائدةَ والتَّعليقَ علَيْها ، ومَصْدَرَها ، ونبقى الآنَ معَ ( فائِـدةِ الفائـدةِ ) كالعادةِ ، فممَّـا نَسْتَفيـدُه مِنْ هٰذِه الفائِـدةِ :

        أنَّ أحسنَ السَّخاءِ ما كانَ عنْ طَبْعٍ ، وأفْضَلَ الجودِ ما كانَ عنْ جِبلَّةٍ ، وأجملَ العطاءِ ما كانَ ناشِئًا منْ قلبِ الإنسانِ ، نابِعًا مِنْ جُوَّانِيَّـتِه ! ، لا يستدْعيه بالزُّورِ ، ولا يطلبُهُ بِالقَهْرِ والمغالبَـةِ ، ولا يُنْـفِذُه بِشِقِّ النَّفْسِ .
        بلْ هيَ ملَـكةٌ في نَفْسِه راسِخةٌ ، تُحرِّكُهُ ولا يُحرِّكُها ، ينقادُ لَها ولا تنقادُ لَه ، أمْرٌ ثابِتٌ في واعيَـتِه الباطنةِ ، يُحرِّكُه نحْوَ البَذْلِ والكرَمِ دُونَ أنْ يَشْعُرَ أوْ يُفَـكِّرَ ، ولَيْسَ هٰذا فحسبُ ؛ بلْ إنَّ أهلَ الجودِ الجبِـلِّيِّ يَبْلُغُونَ منْ سلْطانِ هٰذا الخلُقِ عليهمْ إلى أنْ لَوْ تكلَّفُـوا مخالفتَـهُ ما اسْتَطاعوا ، أوْ تعنَّوا مُضَادَّتَه ما قَدِرُوا ! :

        [ منَ الطَّويلِ ]
        تَعَـوَّدَ بَسْطَ الكَـفِّ حتَّى لَـوَ انَّـهُ.............دعاها لِقَـبْضٍ لَـمْ تُطِعْـهُ أنامِلُـهْ

        ولَيْسَ هٰذَا مِنْ مُبالغاتِ الشُّعَراءِ ، أو مُجازَفاتِ الـمُدَّاحِ ، بلْ هُو واقِـعٌ مُشَاهَـدٌ .
        وأكرَمُ الـخَلْقِ كرمًا وأجودُهُمْ جُودًا وأسْخاهُمْ سخاءً هُو رَسُولُنا صَلَّى اللهُ علَيْه وعلى آلِه وسلَّمَ ، الَّذي كانَ يُعْطي عطاءَ مَنْ لا يَخْشَى الفَقْرَ ، وهو أَوْلَى بِكُلِّ ما سبقَ منَ الشِّعْرِ وسِواهُ في هٰذَا الشَّأنِ ، وفي كُلِّ خُلُقٍ كَريمٍ ، وخُذْها قاعِدةً قَعَّدَها صَحابةُ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ علَيْه وعلى آلِه وسَلَّمَ ، كانُوا يقُولونَ إذَا سَمِعُوا مديحًا و وصْفًا بِخُلُقٍ كريمٍ : إنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلى آلِه وسلَّمَ أوْلى بِه ، وأَصْدَقُ ما يكُونُ فيه علَيْه الصَّلاةُ والسَّلامُ ، ((
        وإنَّكَ لعلَى خُلُقٍ عظيمٍ )) .

        وخُلُقُ الجودِ والكرمِ والسَّخاءِ كغَيْرِه منَ الأخلاقِ ، منهُ :
        * جِبِلِّـيِّ طبعيٌّ سليقِيٌّ .
        * ومنهُ : مُكتَسَبٌ عنْ طريقِ التَّطَـبُّعِ والتَّخَلُّقِ ، ثُمَّ هو يَؤولُ معَ المجاهَدَةِ وصَبْرِ النَّفْسِ وتـمْرِيـنِها وتأدِيبِها طبعًا وسجِيَّـةً بِعَوْنِ اللهِ وفَضْلِه .
        أخرجَ مُسْلِمٌ رحمه اللهُ (ح17) في حديثِ وَفْدِ عبدِ القَيْسِ ـ وأصْلُه مُتَّفَقٌ علَيْه ـ قَوْلَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلى آلِه وسَلَّمَ لأَشَجِّ عبدِ القَيْسِ : ((
        إنَّ فيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهما اللهُ و رَسُولُه : الـحِلْمُ والاناةُ )) ، زادَ في رِوايةِ أبي دَاود رحمَه اللهُ (ح5225) : ( قالَ : يا رسُولَ اللهِ ، أنا أتخلَّقُ بِهما أمِ اللهُ جبلَني علَيْهما ؟ قالَ : (( بلِ اللهُ جبَلَكَ علَيْهِما )) ، قالَ : الحمدُ للهِ الَّذي جبلَني على خلَّتَيْنِ يُحِبُّهُما اللهُ و رَسُولُه ) .
        فَمَهْما وَجدْتَ منْ نَفْسِكَ نَشَاطًا إلى خَيْرٍ و راحةً في عَملِ خَيْرٍ فاحْمَدِ اللهَ ، وما لمستَ منْ طَبْعِكَ منْ خُلُقٍ حسَنٍ يَصْدُرُ منْ غيرِ عناءٍ مِنكَ فاشْكُرْ مَوْلاكَ الَّذي أوْلاكَ ، فإنَّ الأَخلاقَ أرْزاقٌ ، ((
        نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْـنَـهُم مَّعِيشَتَـهُمْ فِى الْـحَيَوٰةِ الدُّنْيَـا وَ رَفَعْـنَا بَعْضَـهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـٰتٍ )) .
        وما وَجَدْتَ منْ نَقْصٍ في أخلاقِكَ فأتِـمَّهُ بِالتَّخلُّقِ ، وما أصَبْـتَه منها منْ خُلُقِ سُوءٍ فحارِبْهُ ، وجاهِدْ نَفْسَكَ على تَرْكِه ، واستَبْدِلْ بِه ما يُقابِلُه ، وكيفَ يبعُدُ ذٰلِكَ وقدْ أقَـرَّ صَلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ الأشَجَّ على تَصْنيفه ، وقدْ جاءَ [ في حديثٍ مختلَفٍ في رَفْعِه و وَقْفِه ، وحسَّنه الشَّيخُ الألبانيُّ رحمه الله في السِّلسلةِ الصَّحيحةِ ] : ((
        إنَّما العِلْمُ بِالتَّعلُّمِ ، وإنَّما الحِلْمُ بِالتَّحلُّمِ )) ، وأصْلُ النَّقْصِ أنْ لَا تسْعَى في إزالةِ النَّقْصِ ، و رأسُ الخللِ أنْ تجْحدَ الخللَ !

        [ منَ الوافِرِ ]
        ولَـمْ أرَ في عُيُـوبِ النَّـاسِ عَيْـبًـا ............كَـنَقْصِ القَـادِرِينَ عَـلَى التَّـمَـامِ

        وما كانَ للهِ وفي اللهِ فأبْشِرْ فيـهِ بِعَوْنِ اللهِ ؛ (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَـنَهْدِيَنَّـهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَـمَعَ الْـمُحْسِنِينَ )) .

        ونبقى في الآتي مع النظرة النقدية على هذا النصِّ .

        واللهُ أعلَمُ
        وصَلَّى اللهُ وسلَّمَ على نَبِيِّـنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه

        تعليق


        • #5
          رد: بِماذَا يفرَحُ الأسخياءُ ؟ وعلامَ يبكُونَ ؟! قصَّةُ عجيبَةٌ للمُبارَكْفوريِّ رحمه الله تعالى [ الثَّـالثَـةُ منْ : فائدةٌ منْ مكتبتي ]

          قرأنا الفائدةَ ، وما اسْتفَدْناهُ منها معَ اسْتِطراداتٍ غيرِ بعيدةٍ ، والآنَ نقِفُ معَ النَّصِّ وقفاتٍ نقديَّـةٍ :

          الأولَى : في اسْمِ الشَّيْخِ المبارَكْفورِيِّ رحمَه اللهُ تعالى :

          قالَ الهِلاليُّ رحمَه اللهُ تعالى :

          بِعَـبْـدٍ [ إلى ] الرَّحْمٰـنِ نَـالَ إضَافَــةً .......... بِـذَا الإِسْمِ مَشْهُورٌ وما كانَ خامِـلَا

          ونَلْحَظُ هُنا ـ قبلَ الدُّخُولِ في الموضُوعِ ـ : أنَّ البَيْتَ كانَ في المصْدرِ المنقُولِ مِنه هٰكذَا : (
          بِـعَـبْدِ الرَّحْمٰـنِ نَـالَ إضافَـةً ) ، وهٰذَا مكسُورٌ ؛ سقَطَ منهُ الوتدُ ( //o ) من ( مَفَاعيلُنْ ) الأُولَى ، وتَصْوِيبُه بزيادتِه ، إمَّا بحرفِ الجرِّ ( إلَى ) : ( إلَ رْ = //o ) كما فعلْتُ ، أوْ بِنَحْوِه في الميزانِ .
          و قَطْعُ الهمزةِ في ( الإسم = الاسْمِ ) لضَرُورةِ الوزْنِ .
          وحذْفُ التَّنوينِ في ( خامِلَا ) وسائِرِ الأبياتِ للقافيـةِ ، فإنَّ القافيةَ لا تنوَّنُ .

          نرجعُ إلى موضُوعِنا :
          فاسْمُ الشَّيْخِ رحمَه اللهُ تعالى : ( عبدُ الرَّحمٰنِ بْنُ عبدِ الرَّحيمِ ) ، ولعلَّكَ ترى علَى ظُهُورِ بعضِ مُصَنَّفاتِ الشَّيْخِ أوْ حينَ يُذْكرُ في بَعضِ الكُتُبِ زيادةَ ( محمَّدٍ ) قبلَ اسْمِه ، فيقُولونَ : ( محمَّد عبد الرَّحمٰنِ بْنُ عبدِ الرَّحيمِ ) ؛ فاعلَمْ أنَّه على ما درَجَ علَيْه أهلُ تلْكَ البِلادِ منْ زيادةِ اسمِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلى آلِه وسَلَّمَ قبلَ أسمائهمْ تيمُّنًا وتبرُّكًا ، وكذٰلِكَ الحالُ في زيادةِ اسمِ عليٍّ والحسَنِ والحسَيْن رضِيَ اللهُ عنهُمْ ، قبلَ أوْ بعدَ الاسْمِ ، كقولِهمْ : أكبر علي ، أحمد حُسَيْن ، و محمود الحسن .
          و وُجِدَ بخطِّ الشَّيخِ اسْمُه هٰكذَا وهٰكذَا ، أيْ : معَ التَّحميـدِ وبدونِه .
          والَّذي يظهرُ لي أنَّه ينبغي تركُ هٰذَا والاكتفاءُ بِاسْمِ الشَّخْصِ منْ غيرِ قبلٍ ولا بعدٍ ؛ لأُمورٍ ، منها :
          1)
          أنَّ هٰذا التَّبرُّكَ لَيْسَ علَيْه أثارةٌ مِنْ علْمٍ ، ولا تَثْبُتُ البركةُ ولا التبرُّكُ إلَّا بدليلٍ منَ الشَّرْعِ ، ورُبَّما كانَ مصدَرُه منْ أهلِ الغُلُوِّ ، منَ التَّصَوُّفِ والتَّشَيُّعِ .
          2)
          أنَّ هٰذَا لَيْسَ على نَهجِ العربِ في التَّسْميَـةِ ولَوْ كانَ لمجرَّدِ التَّحليةِ ولم يكنْ للتَّيمُّنِ .
          3)
          أنَّه يُسَبِّبُ لَبْسًا فيظُنُّ بعضُ النَّاسِ أنَّ الاسمَ ( محمَّد ) واسمَ الوالِدِ ما بعدَه ، وإذَا زِيدَ بعدَ الاسْمِ ظُنَّ اسمَ الأبِ وظنَّ الأَبُ جدًّا ! وهذَا رأيناهُ حتَّى في الأوراقِ الرَّسميَّـةِ المحدَّدةِ الخاناتِ ، فيصِلُونَ إلى خانةِ الجدِّ ولَـمَّا يُكمِلُوا الاسْمَ !
          وهٰذَا شاهِدٌ على ما أقُولُ ، وهُو في اسْمِ الشَّيخِ المباركْفُورِيِّ نفْسِه ! ، على غلافِ كتابِه ( تَحقيقُ الكلامِ في وُجوبِ القراءةِ خلْفَ الإمامِ ) :



          وأنا أظنُّ هٰذا منَ القائِمينَ على الطَّبْعِ ؛ وإلَّا فإنَّ مترجِمَ الكتابِ ومحقِّـقَهُ الشَّيخَ ( وصِيَّ الله ) رجُلٌ ذُو تحقيقٍ ونظرٍ دقيقٍ ، وقدْ سردَ اسمَ الشَّيخِ في مقدِّمةِ التَّحقيقِ حينَ ترجمَ لَه هٰكذَا : ( الشَّيخُ العلَّامةُ عبدُ الرَّحْمٰنِ بْنُ الشَّيْخِ العلَّامةِ عبدِ الرَّحيمِ بْنِ الشَّيخِ الحاجِّ بهادر ) ، و ( بهادر ) هٰذِه كلمةٌ فارسيَّـةٌ تعني : الشُّجاع .
          وعُنوانُ الكِتابِ لوْ أنَّه أضيفَ فيه ذكرُ الفاتحةِ فقيلَ : ( في وُجُوبِ قراءةِ الفاتِحةِ خلْفَ الإمامِ ) لكانَ أدقَّ ؛ لأنَّهمْ قالُوا : ( المكتوب يقرأ منْ عُنوانِه ) .
          نعودُ إلى الموضُوعِ :
          ويزيدُ الإشكالُ عندَ إضافةِ أسماءِ التَّبرُّكِ إذا حُذِفَ ( ابن ) بينَ اسْمِ الشَّخصِ واسْمِ أبيه وسُرِدَ سَرْدَ الأعاجمِ فقيلَ : ( محمَّد عبد الرَّحمن عبد الرَّحيم بهادر ) فكيفَ تعرفُ في هٰذا الابْنَ منَ الأبِ منَ الجدِّ ؟! فأضْعفُ الإيمانِ في هٰذه الحالِ إضافة ( ابن ) بعد الاسْمِ المثنَّى ـ ولا أقُول المركَّب ؛ فليسَ ثمَّ تركيبٌ ! ـ ، كما أنَّ الاسْمَ الأوَّلَ عندَ ذٰلِكَ يُسَكَّنُ كحالِ المعدَّدِ : ( محمَّدْ عبدُ الرَّحْمٰنِ بْنُ عبدِ الرَّحيمِ ) .



          ..........................

          وكنتُ أظنُّ مثلَ هٰذَا في اسمِ الشَّيْخِ ( محمَّد تقيِّ الدِّينِ ) ، لٰكنْ حينَ رجعتُ إلى ترجمتِه وجدتُهُمْ يذكرونَ في الأمرِ قِصَّةً طريفةً ، يقُولُونَ :
          إنَّ اسْمَه كانَ في الأَصْلِ ( محمَّـدٌ التَّقيُّ بْنُ عبدِ القادِرِ ) وهٰذِه طريقَـةٌ معرُوفةٌ لدَى أهلِ المغْرِبِ ، وأنَّه لـمَّا سافرَ إلى الهندِ استَغْرَبَ أهلُها هٰذَا التَّركيبَ وقالُوا له : لا بُدَّ منْ إضافةِ التَّـقيِّ إلى شَيْءٍ ! وقالَ له بعضُهمْ : ( لا تَقْوَى بِلا دينِ ؛ فأنتَ : محمَّد تقيُّ الدِّينِ ) ؛ فجعلُوه على نَهجِ أسمائِهمْ ، فالاسْمُ عندَهمْ ( تقيّ الدِّين ) و ( محمَّدٌ ) زيادةٌ ، على ما سبقَ بيانُه منْ صَنيعِهمْ .
          ويظهرُ لي أنَّ الخللَ لديهمْ جاءَ منْ عدمِ وُجُودِ ( ال ) التَّعريفِ في لُغتِهمْ ، فحتَّى لَو أنَّكَ قُلْتَ لِلهندِيِّ : اسمِي ( محمَّد التَّـقيّ ) ؛ لقالَ لك : ( آ ، محمَّـدْ تَـقِـيْ ! أچہا نامْ ہے ) ! يعني : اسْمٌ جميلٌ ، هٰذِه طريقتُهمْ ، فلذٰلكَ قالوا : لا يَصْلُح ( تقي ) منْ غيرِ إضافة : ( تقيُّ الدِّين ) ، ( تقيُّ الإسلامِ ! ) ، ( تقيُّ العالَـمِ ! ) أو ( تقيُّ الزَّمانِ ! ) ، واللهُ أعلَمُ بِما كانَ .
          معَ أنَّ منْ مشاهيرِ شُعرائِهمْ رجُلٌ يُسَمَّى ( مِيرْ تَـقِـيْ مِيرْ ) هٰكذَا دُونَ إضافةِ ؛ فلماذَا استنكرُوهُ في اسمِ الشَّيخِ ؟ لا ندرِي !


          [ منَ الخفيفِ ]
          أحَــرَامٌ علَى بَــلابِـلِـهِ الــدَّوْ.............حُ حَلالٌ لِلطَّـيْرِ منْ كُلِّ جِـنْسِ

          والشَّيخُ وإنْ كانَ ( محمَّدٌ ) هو اسْمه في الواقِـعِ ، إلَّا أنَّه اشْتهرَ بالتَّقيِّ أوْ تقيِّ الدِينِ ، فحذْفُه كما في غلافِ هٰذَا الكتابِ :





          مشْكِلٌ ؛ فلا يُدْرَى منْ هُو ( محمَّد بنُ عبد القادِرِ الهلاليِّ ) ؟! وسَببُ اخْتِيارِ محقِّقِ الكِتابِ هٰذَا فيما يبِينُ منْ مُقَـدِّمتِه :
          أنَّه ـ إذَا لَـمْ يكُنْ تابِعًا ـ اجْتَـهَدَ في اسْمِ الشَّيخِ ( محمَّد تقيِّ الدِّينِ بْنِ عبدِ القادِرِ ) فقدَّمَ ( تقيَّ الدِّينِ ) وجعلَه لقبًا ، وجعلَ الاسْمَ ( محمَّدًا ) وحسبُ ، ثمَّ اكتَفَى في الغِلافِ به دونَ اللَّقبِ ، والشَّيخُ أشْهرُ بِالَّذِي جعلَه لقَـبًا ( تقيِّ الدِّينِ ) فلوِ اكْتَفَى ـ إِذْ كانَ مُكْتَفِيًـا ـ باللَّقبِ ( تقيِّ الدِّينِ الهلاليِّ ) لكانَ أوْضَحَ ، معَ أنَّه ـ إذَا صَحَّ ما سبقَ ذِكْرُه ـ إمَّا جُزْءُ اسْمِه أوْ لقبٌ إذَا كانَ بالتَّعريفِ دونَ إضافة ( التَّقيُّ ) ، أوْ هُو ـ على مذْهبِ أهلِ الهِندِ ـ الاسْمُ ، وليْسَ اللَّقبَ المشهُورَ ( تقيَّ الدِّين فُلان بْنُ فُلان ) .



          واللهُ أعلَمُ
          وصَلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّـنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه

          الملفات المرفقة
          التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد فريد القبائلي; الساعة 30-Jan-2014, 07:05 PM.

          تعليق


          • #6
            رد: بِماذَا يفرَحُ الأسخياءُ ؟ وعلامَ يبكُونَ ؟! قصَّةُ عجيبَةٌ للمُبارَكْفوريِّ رحمه الله تعالى [ الثَّـالثَـةُ منْ : فائدةٌ منْ مكتبتي ]

            الثَّانِـيةُ : في نِسْبَـةِ ( الـمُبارَكْفُورِيِّ )


            نبَّـهَ صَاحبُ البَحْثِ إلى أنَّها نِسْبَةٌ إلى بلْدةٍ يُقالُ لها : ( مُبارَكْفُور ) ولَيْسَ إلى أُسْرةٍ كما يظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ ؛ فيحْسِبُ أنَّ صَاحبَ ( التُّحْفةِ ) و صَاحبَ ( الـمِرْعاةِ ) وصَاحبَ ( الرَّحيقِ ) مِنْ أُسْرةٍ واحدةٍ !
            والنَّظرُ هُنا في اسْمِ هٰذِه البَلْدةِ ؛ فقدْ مرَّنا في النَّقْلِ قَوْلُ الهِلاليِّ رحمَه اللهُ : ( وفي مُدَّةِ إقامتي بِـمُبارَكْفُور ) ، ثُمَّ قالَ في البيْتِ الأخيرِ منْ قَصِيدتِه ( ألا يا مُبارَكْبُورُ قدْ حُزْتِ مفْخَرًا ) ! فأيُّهما هُو الصَّوابُ ، فالجوابُ أنَّ كلَيْهما صَوابٌ ومعَ ذٰلِكَ فليْسَ هُو الأَصْلَ ، كيفَ ؟!
            الأمرُ أنَّ هٰذَا الاسْمَ يتكوَّنُ منْ كلمتَيْنِ :
            * الأولَى : عربِيَّـةٌ ، وهي : ( مُبارك ) .
            * والثَّانيَـةُ : ( بُور ) أوْ ( فُور ) وهيَ كلمةٌ أعجميَّـةٌ مُعرَّبَـةٌ ، وأَصْلُها بِالباءِ الأعْجَميَّـةِ المثلَّـثَـةِ : ( پُور ) ، وهٰذَا الحرْفُ تَحتَملُ صُورتُه المعْجَمَةُ أوْجُهًا سِتَّـةً لا سابعَ لها :
            1) فَوْقيَّـةً موَحَّدَةً ، فيكونُ نُونًـا ( نـ ) .
            2) تَحتِيَّـةً موحَّدةً ؛ فيكونُ بَـاءً ( بـ ) .
            3) فوْقِيَّـةً مُثَنَّـاةً ؛ فيكونُ تَـاءً ( تـ ) .
            4) تَحتيَّـةً مُثَـنَّاةً ؛ فيكونُ يَـاءً ( يـ ) .
            5) فَوْقِيَّـةً مُثَلَّـثَةً ؛ فيكونُ ثـاءً ( ثـ ) .
            وهٰذِه الخمسَةُ في العرَبِيَّـةِ ، ولم تبقَ إلَّا صُورةٌ واحدةٌ ، وهيَ :
            6) المثَـلَّـثَـةُ التَّحْتِـيَّـةُ ( پـ ) ، ولا تُوجدُ في العربِيَّـةِ ، بلْ في بعْضِ اللُّغاتِ ـ أوْ لعلَّها في أكثرِ اللُّغاتِ ـ الأعْجميَّـةِ ، فهيَ بِنُطْقِها الأعْجميِّ وبرَسْمِها العربيِّ في الفارسِيَّـةِ والأُرْدِيَّـةِ ونحوَهما منَ اللُّغاتِ هٰكذَا : ( پ ) ، وبنُطْقِها فقطْ في اللُّغاتِ الَّتي لا تَسْتخدِمُ الحروفَ العربيَّـةِ في كتابتِها ، كالـ :
            ( p ) في الإنجليزِيَّـةِ .
            و ( प ) في الهنديَّـةِ .
            و ( প ) في البنجاليَّـةِ !
            ولاحظْ أنَّ الـ ( p ) الإنجليزية مقلوبُ ( प ) الهندِيَّـةِ ، و الـ ( po = প ) البنغاليَّـةِ .
            وحيثُ إنَّ نُطْقَها بَيْنَ الباءِ الخالِصَةِ والفاءِ الخالِصَةِ قُرِّبتْ حالَ التَّعريبِ إلى هٰذِه تارةً وإلى هٰذِه تارةً ؛ فصحَّ الأمْرانِ ، وبقيَ الأَصْلُ غَيْرَهما.
            اسْتِطْراد :
            كما نقُولُ في تعريبِ ( بنجلاديش ) و ( بنغلاديش ) و ( بنكلاديش ) ، وهي في الأصْلِ بالكافِ الأعجميَّـةِ الَّتي توافِقُ في نُطْقِها القافَ في بعْضِ لهجاتِ العربيَّـةِ والجيمَ في بَعْضِها ، والـ ( g ) في الإنجليزيةِ ، و رسْمُها في اللغاتِ الأعجميَّـةِ المستخدِمةِ للحرُوفِ العربيَّـةِ هٰكذَا ( گ ) كافٌ فَوْقَها شَرْطةٌ ، كما في اسمِ مدينةِ ( أعْظَمْ گره ) الَّتي ذُكرتْ في النَّقْلِ وأنَّ ( مباركفور ) تابعةٌ لها ، والرَّاءُ في ( أعظمْ گره ) أعجميَّـةٌ كذٰلِكَ ، و رَسْمُها في تِلْكَ اللُّغاتِ هٰكذَا ( ڑ ) راءٌ فَوْقَها طاءٌ صَغيرةٌ !
            نرجِعُ إلى ( پُور ) :
            فمعنَى ( پُور ) على حدِّ ما وصَلْتُ إليْه بعدَ بَحْثٍ : مدينَـة ، أوْ قريَـة ، أوْ بلْدة ، ونحْوَها مما يدُلُّ على معنى المكان والموْضِعِ .
            ــ ككلمةِ ( استان ) الفارسِيَّـةِ المستعملةِ في نَحْوِ :
            * ( پاكِسْتان ) : ( پاك ) أيْ : طاهر ، و ( اسْتان ) أيْ : بلد ، فيصِيرُ معناها : البلَدُ الطَّاهِر ، وذٰلِكَ أنَّها قامَتْ على أساسِ اسْتِقلالِ المسْلِمينَ بالحكمِ بعدَ أنْ كانُوا تحتَ حكمِ الهندوسِ إبَّانَ خُرُوجِ الإنجليز .
            * و : ( أفغانِسْتان ) : بلادُ الأفغانِ .
            * و : ( بُسْتان = بوستان ) أيْ : حديقَـة ، فارسِيَّـةٌ أصْلُها ( بُو ) يعني : رائحة ، و ( اسْتان ) يعني : موضِع ، فالحديقةُ محلُّ الرَّوائِحِ الطَّيِّـبةِ أوْ هٰكذَا ينبغي أنْ تكونَ !
            ويقالُ لها : ( گـُلِسْتان ) ، و ( گل ) تعني : ورْد .
            وأمَّا ( فُسْتان ) فليْسَتْ منْ هٰذَا طبعًا !
            ــ ومثْلُ ( استان ) أيْضًا كلمةُ ( آباد ) المسْتخدمةُ في أسماءِ البلادِ ، كـ : ( إسْلامْ آباد ) و ( حيدَرْ آباد ) و ( عظيمْ آباد ) ، و ( آباد ) تعني : العَمار ، أوِ المكانَ المأهُولَ المعْمور كما أنَّ ( بَـرْبادْ ) تعني : الخرابَ .
            ومثلُهما كذلكَ :
            ( گره ) في ( أعظَمْ گره ) ، و :
            ( نَـگرْ ) في نحْوِ : ( سْرِيـنَـگر ) المعْرُوفةُ في ( كشمير ) ، و ( محبُوبْ نَـگر ) ، و ( شانتي نَـگر ) ... الخ ، و :
            ( شَهَرْ ) في نحوِ ( بُو شَهر ) المشْهُورةُ بالمفاعلِ النَّوَوِيِّ الإيرانيِّ ... الخ .

            فهيَ جادَّةٌ مَعْرُوفةٌ في تَسْميَـةِ البلادِ عندَهمْ ، وكما رأيتَ في ( اسْتان ) و ( آباد ) و ( نَـگر ) .... الخ كلمتُنا ( پُور ) ، فمنْ أسْماءِ البِلادِ المنتهِيَـةِ بِـ ( پُور ) : ( غازيـپُور ) بلدةُ غازِي ، و ( صادِقْـپُور ) بلْدةُ صَادِقْ ، و ( سِنْـگاپُور ) وهيَ الَّتي يُقالُ لها ( سِنغافُورة ) .
            بانَ بهٰذَا أنَّ الكلِمتينِ ( مباركْ ) و ( پُور ) صَارَتا كالكلِمةِ الواحدَةِ تُـكتَبانِ معًا ( مبارَكْـپُور ) أيْ : بلدةٌ مباركةٌ ، وتجوزُ كتابتُها منفصِلةً ، إلَّا أنَّ النِّسْبَـةَ إليها كلِّها فتقُولُ : ( مباركْپُوريّ ) ، أوْ إلى الكلمةِ الأُولى فقطْ .
            وأجازُوا في المنتهي بـ ( سْتان ) وجهًا ثالثًـا ، فقالُوا في ( طبَرِسْتان ) : ( طبَرِسْتانِيّ ) و ( طبَرِيِّ ) و ( طبْرَسِيّ ) ، و في ( نُورِسْتان ) : ( نُورِسْتانيّ ) و ( نُورِيّ ) و ( نُورْسِيّ ) كما في اسْمِ شَيْخِ الصُّوفيَّـةِ النُّورْسِيَّـة ( سَعيد النُّورْسِيِّ ) ويتوهَّمُ بعْضُ النَّاسِ أنَّها نِسْبةٌ إلى طائرِ ( النَّوْرَسِ ) !
            أمَّا النِّسْبةُ إلى الكلمةِ الثَّانيَـةِ فحسْبُ فلا يَصِحُّ ، لا على إبقاءِ الاسْمِ على أعجميَّـتِه ولا على تعريبِه ؛ أنبِّـهُ إلى هٰذَا لأنِّي رأيْتُ بَعْضَهمْ نَسَبَ الشَّيخَ ( شَمْسَ الحقِّ العَظيمْ آبادِي ) إلى ( آباد ) فقالَ ( شمس الحقِّ الآباديِّ ) ! ؛ فلمْ نعْرِفْ إلى أيِّ ( آبادِ ) ؟ إلى ( حيدرْ آباد ) أمْ ( إسلام آباد ) أمْ ( مُرادْ آباد ) ... الخ ! و ( آباد ) و ( اسْتان ) و ( پُور ) ليْسَ الاسْمَ المميِّزَ للمدينةِ أوِ البلَدِ ، بلْ هُو جُزءٌ منَ الاسْمِ لَه معْنًى معْرُوفٌ كما سبقَ .
            وإذَنْ فالتَّنْبِيهَ الَّذي نقَلْتُه منْ صَاحِبِ البَحْثِ في توهُّمِ بَعْضِ النَّاسِ أنَّ ( مباركْفُوري ) نسبةٌ إلى أُسْرةٍ هُو خاصٌّ بالعَرَبِ ممَّن لا يَعْرِفُ هٰذَا التَّفْصِيلَ الَّذي مرَّ ، وأمَّا العجمُ العارفونَ بهٰذه الطَّريقةِ في التَّسْميَـةِ المعتادونَ علَيْها فلا يتوهَّمونَ ذٰلِكَ ، بلْ يَرَوْنَه ممَّا يُسْتَطْرَفُ !
            والسُّكونُ في الكافِ حكايةٌ لنُطْقِ الأعاجِمِ ( مُباركْفُور ) ، وسَمِعْتُ بَعْضَهمْ ـ وهو منْ محقِّقي الكتُبِ المعرُوفِينَ جدًّا ـ يَنْطِقُها هٰكذَا ( مُبارْكَفُورِيّ ) ، كأنَّه ظنَّ لِكَوْنِه شَاميًّـا أنَّها الـ ( كفُوري ) المعْرُوفةُ في بعْضِ بلادِ الشَّامِ !
            ومنَ الطَّرائِفِ أنِّي وأنا أبْحثُ عنْ معلُوماتٍ عنْ مدينةِ ( مبارَكْـپُور ) وجدْتُ مقالًا عنْ مدينةٍ في مِصْرَ يقُولُ صَاحبُه عنها : ( زارَها
            مبارك فور عودتِه من كذَا ... ) ، يعني : أنَّ حسني مبارك زار هٰذِه المدينة الَّتي يكتُبُ عنها .
            و أخيرًا : اسْمُ مدينةِ ( نيسابور ) ليسَ منْ هٰذَا ؛ لأنَّه مكوَّنٌ مِنْ ( ني ) و ( سابور ) أو ( شابور ) في الأَصْلِ الفارِسِيِّ ، وهو رجُلٌ اسمهُ ( شابور ) تنسبُ إليه المدينةُ ، واللهُ أعلَمُ .

            قَدْ طالَ الكلامُ فأختصِرُ الباقي :


            الثَّـالِثَـةُ : كلِماتٌ :
            * قَوْلي : ( الحلْقَـةُ ) بإسْكانِ اللَّامِ ، ويَجُوزُ فتحُها في لغَةٍ ضَعيفةٍ .
            * قَوْلُه عنْ ( أعظَمْ كره ) : ( وهي قَصَبةُ تِلْكَ النَّاحيَـةِ ) ، القَصَبةُ : المدينة ، وهيَ كلمةٌ عربيَّـةٌ إلَّا أنَّها لم تعُدْ تُسْتَعْملُ بٰهذَا المعنى ، وهيَ معرُوفةٌ في الهنديَّـةِ والأرديَّـةِ ، ما تزالُ مُسْتَعْملةً إلى الآنِ إلَّا أنَّها تنطَقُ بإسْكانِ الصَّادِ ( قَصْبَـة ) ، ولعلَّ الشَّيخَ يحْكي ممَّا علِقَ في ذِهْنِه منْ حياتِه هُناكَ وسماعِه منهم هذِه الكلِمةَ .
            ويقُولُونَ للمدينةِ أيْضًا ( زِلَا ) وأصْلُها عربيٌّ : ( ضِلْع ) .
            * قَوْلُه ( فلمْ أدْخُلْ قَطُّ مطْعمًا ) : هٰكذَا تُسْتَعْملُ ( قَطْ ) في الدَّالِّ على الماضِي فقطْ سَواءٌ كانَ لفظُهُ مُضَارِعًا ( لَـمْ أفْعَلْ ) أو ماضِيًا ( ما فعَلْتُ ) ، ولا يَصِحُّ اسْتِعْمالُها في الدَّالِّ على المستَقْبلِ ( لَنْ أفْعلَ قطُّ ) بلْ : ( لنْ أفْعلَ عَوْضُ ) .


            الرَّابِعَةُ : قِصَّةُ ( ندَامةِ الكُسَعيِّ ) وقدْ سبقَتْ .

            الخامِسَةُ : وقْفةٌ فِقْهِيَّـةٌ معَ حكايةِ الشَّيخِ الهلاليِّ رحمَه اللهُ عنْ بُكائِه في الصَّلاةِ

            تعليق


            • #7
              رد: بِماذَا يفرَحُ الأسخياءُ ؟ وعلامَ يبكُونَ ؟! قصَّةُ عجيبَةٌ للمُبارَكْفوريِّ رحمه الله تعالى [ الثَّـالثَـةُ منْ : فائدةٌ منْ مكتبتي ]

              السلام عليكم ورحمة الله
              جزاكم الله خيرا

              تعليق

              يعمل...
              X