إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

إنتقاءات من كتب متعلقة بالقرآن الكريم [ فوائد: فقهية عقدية آداب بدع ...]

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    ص 33 - 34

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مدخل.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	144.8 كيلوبايت  الهوية:	254600

    - "أنوار الفجر المنير" وهو تفسير كبير جدا لابن العربي المالكي أبي بكر بن العربي (543) رحمه الله: غير كتابه "أحكام القرآن" الموجود بين الأيدي، وغير كتابه الآخر المسمى: "قانون التأويل" المطبوع، الذي يمثل رحلة علمية له سرد شيء من علوم القرآن، ويقال: إن هذا التفسير يقع في ثمانين مجلدا، ويقول الذهبي [سير أعلام النبلاء(199/20)]: "أتى فيه بكل بديع"؛ يعني: أتى في هذا التفسير بكل رائق ومستحسن.

    تعليق


    • #17
      ص 35 - 36
      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مدخل.jpg 
مشاهدات:	64 
الحجم:	144.8 كيلوبايت 
الهوية:	254602

      - من اللطائف أيضاً في هذا الجانب -هذه النماذج أذكرها لبيان هذه من العنايات، وتنوع هذه الجهود في خدمة هذا الكتاب العظيم-
      تفسيران أيضاً تفاسير القرآن الكريم كلاهما فسر القرآن الكريم بالحروف المهملة؛ بمعنى:
      أنه ليس فيهما مثلاً حرف (ج)، ولا حرف (خ)، ولا حرف (غ)؛ أي: ليس فيهما حرف منقوط يذكر في أثناء التفسير، إنما فيهما حروف مهملة، مثل حرف الحاء، والعين، والصاد، ونحوها.
      فهذا أمر فيه غرابة كبيرة جداً،

      فأول هذين التفسيرين: "سواطع الإلهام" لأحد العلماء الهنود اسمه: فيض الله بن مبارك الأكبرابادي (1004)، وتفسيره مطبوع، وإن كان الرجل فيه انحرافاً عقدياً، لكن نحا في تفسيره هذا المسلك.

      والتفسير الثاني: لعالم من علماء دمشق المتأخرين وهو: ابن حمزة الدمشقي : محمود بن محمد نَسِيب الحَمْزاوي (1305)، له كتاب اسمه: "در الأسرار" طبع منه مجلد، فسَّر فيه القرآن بالحروف المهملة، إذ لم يذكر حروفاً منقوطة في تفسيره، ولم يُفد من تفسير الهندي شيئاً.

      وتاريخ علم التفسير حافل طويل، وقد حاول السيوطي الله ( 911) أن يذكر شيئاً من تاريخ التأليف في هذا الجانب وعناية الأمة به في مقدمة حاشيته على تفسير البيضاوي، التي سمَّاها : "نواهد الأبكار وشوارد الأفكار"، والتي رصد في مقدمتها تاريخ التأليف في علم التفسير وعناية العلماء به.

      ثم جاء العالم التركي الحاج خليفة (1067) -وهو مشهور بين العرب بحاجي خليفة، ومعروف عند الأتراك بكاتب جلبي- وألف كتاباً سماه: "كشف الظنون"، جمع فيه أسماء الكتب المؤلفة في العلوم الإسلامية والعربية ونبذة عن محتوياتها وأخذ ما قاله السيوطي في مقدمة حاشيته على تفسير البيضاوي كاملاً ثم زاد عليه، مع إفادته كذلك من مقدمة تفسير الثعلبي​،الذي وصف عدد من التفاسير وكتب غريب القرآن ومشكله.

      تعليق


      • #18
        ص 37

        اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مدخل.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	144.8 كيلوبايت  الهوية:	254604


        من أجمع هذه الكتب [علم القراءة]، وأكثرها حشدا لذكر قراءات القرآن الكريم كتاب "الكامل" لأبي القاسم يوسف بن جُبَارة الهذلي (465) -طبع قريبا1- وأصل المؤلف من الجزائر، من مدينة اسمها: بسكرة، معروفة بهذا الإسم إلى الآن، يقال له: الهذلي شهرة، نسبة إلى قبيلة هذيل، ونسبة البسكري في بعض الكتب تكتب اليشكري بالياء، وهذا خطأ وتصحيف أصاب هذا العَلَم، إنما هو البِسكري نسبة إلى مدينة بِسكرة بالجزائر بكسر الباء، كما في كتب المعاجم وضبط البلدان، ويجوز فتح بائها2.
        فكتاب "الكامل" حوى القراءات العشر المشهورة، وأضاف إليها أربعين قراءة أخرة من قراءات الصحابة ومَن بعدهم.


        ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
        1 - بتحقيق: جمال ابن السيد رفاعي الشايب، مؤسسة سما للنشر والتوزيع، ط1، 1438.
        رابط تحميل تحقيق جمال الشايب:
        ت جمال الشايب.pdf
        اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	ت جمال الشايب.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	45.9 كيلوبايت  الهوية:	254611

        وللكتاب طبعات أخرى:
        رابط تحميل تحقيق عمرو عبد الله طبعة سما:
        ط سما 2 تحقيق عمرو بن عبد الله.pdf
        اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	ط سما 2 تحقيق عمرو بن عبد الله.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	52.5 كيلوبايت  الهوية:	254612
        رابط تحميل طبعة كرسي الشيخ يوسف للقراءات:
        01.pdf
        02.pdf
        03.pdf
        04.pdf
        05.pdf
        06.pdf
        07.pdf
        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	photo_2024-03-26_20-38-32.jpg 
مشاهدات:	44 
الحجم:	205.3 كيلوبايت 
الهوية:	254622

        رابط تحميل دراسة بعنوان:
        الامام الهذلي ومنهجة في كتابه الكامل في القراءات الخمسين.pdf
        اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	الامام الهذلي ومنهجة في كتابه الكامل في القراءات الخمسين.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	64.4 كيلوبايت  الهوية:	254613

        صورة تحقيق خالد أبو الجود:
        اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	دار البشير تحقيق أبو الجود.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	146.2 كيلوبايت  الهوية:	254609 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	دار البشير تحقيق أبو الجود 0.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	149.3 كيلوبايت  الهوية:	254608

        كتاب آخر للإمام الهذلي:
        اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	كتاب العدد عدد اي القران الكريم ابي القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	141.8 كيلوبايت  الهوية:	254606


        2 - أنظر: الإكمال لابن ماكولا (458/1)، ومعجم البلدان (422/1).
        الملفات المرفقة
        التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي; الساعة 27-Mar-2024, 01:27 AM.

        تعليق


        • #19
          ص 38 - 39
          اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مدخل.jpg  مشاهدات:	13  الحجم:	144.8 كيلوبايت  الهوية:	254624

          ومن مظاهر هذه العناية في هذا الجانب جهود الحافظ ابن الجزري رحمه الله في علم القراءات، وكأن الله سبحانه وتعالى اصطفاه لضبط هذا العلم، وتأطيره بإطار معين، بحيث أصبح هذا الإطار الذي حدده ابن الجزري معيناً ثَراً يغرف منه كل من جاء بعده؛ إذ نظر رحمه الله إلى كتب القراءات التي في تلك الحقبة؛ أي: في القرنين الثامن والتاسع الهجريين؛ لأنه عاش بين سنة (751) -إذ كانت ولادته سنة وفاة ابن القيم نعم رحمه الله- إلى عام (833)، ففى هذه الفترة الرحبة من حياته وقف على أهم كتب القراءات في زمنه، فسبر ما يقارب (57) كتاباً كتب القراءات فمخضها، ودقق في أسانيدها، واشترط شرطاً عالياً -لم يشترطه أحد قبله ممَّن صنَّف في علم القراءة- وهو أن يكون كلُّ راوِِ عن الآخر في سند القراءة ثبت لقيُّه له وصحت معاصرته له، فضلاً أن يكون هذا الراوي عَدْلاً ثقة فيما يقول ويروي في باب في علم القراءات1.
          فهذا شرط لم يلتزمه أحد قبل ابن الجزري رحمه الله، فجمع كتاباً عظيماً في القراءات هو كتاب "النشر في القراءات العشر"، الذي ألفه في نحو عشرة أشهر في تركيا في مدينة بورصة سنة (799)2 -التي كانت دار مُلك السلطان العثماني الرابع المعروف ببايزيد3- وهي مدينة جميلة وهادئة معروفة إلى الآن بهذا الاسم، وغدا هذا المصنف أهم كتاب من كتب القراءات، من التاريخ الذي ألفه غيه ابن الجزري إلى عصرنا الحاضر، فكلُّ من اعتنى بعلوم القراءات لا بدَّ أن يعود إلى هذا الكتاب وينتفع منه ويستفيد.


          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

          1 - انظر: النشر في القراءات العشر (1/ 192 - 193).

          2 - لكتاب النشر عدة طبعات منها:

          - تحقيق محمد أحمد الدهمان في مجلدين مطبعة التوفيق بدمشق سنة 1345 وهي من أقدم النسخ ومن أحسنها وقد يغفل عليها كثير من المهتمين.
          وقد رفعت لكم نسخة معالجة لأول مرة ترفع على النت.

          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	النشر تحقيق الدهمان.jpg 
مشاهدات:	35 
الحجم:	103.0 كيلوبايت 
الهوية:	254633
          - تحقيق السالم محمد محمود الشنقيطي في 04 مجلدات طباعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	ط المجمع تحقيق السالم الشنقيطي.jpg 
مشاهدات:	33 
الحجم:	178.0 كيلوبايت 
الهوية:	254637
          - تحقيق خالد حسن أبو الجود طباعة ابن حزم - دار المحسن في 05 مجلدات.
          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	ط ابن حزم ت أبو الجود.png 
مشاهدات:	33 
الحجم:	926.3 كيلوبايت 
الهوية:	254636
          - تحقيق أيمن رشدي سويد بدار الغوثاني للدراسات القرآنية في خمس مجلدات.
          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	ت أيمن رشدي سويد.jpg 
مشاهدات:	33 
الحجم:	212.0 كيلوبايت 
الهوية:	254634 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	ت- أيمن رشدي سويد.jpg 
مشاهدات:	33 
الحجم:	246.6 كيلوبايت 
الهوية:	254635

          وللأسف ما زال الكتاب يحتاج لمزيد من العناية التدقيق.

          3 - انظر: النشر في القراءات العشر (469/2).

          4 - انظر: جامع أسانيد ابن الجزري (53).​
          التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي; الساعة 28-Mar-2024, 05:55 PM.

          تعليق


          • #20
            ص 45
            اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مدخل.jpg 
مشاهدات:	51 
الحجم:	144.8 كيلوبايت 
الهوية:	254641
            تعريف الوحي:

            تدلُّ كلمة الوحي في اللغة العربية على الإعلام الخَفِيّ، وسُمِّيَ نزولُ جبريلَ بالقرآنِ على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وَحْياً؛ لأنه أَسَرَّهُ عن الناس وخص به النبي صلى الله عليه وسلم.
            ولا ريب أن موضوع الوحي أمرٌ غَيْبي، لا يمكن البشرَ أن يدركوا حقيقته بحواسهم، أو أن يكشفوا عن طبيعته بعقولهم المجردة، ولهذا فإن المصدر الوحيد الصحيح لمعرفة حقيقة الوحي هو القرآن المُنَزَّلُ من عند الله، ورسولُ الله [صلى الله عليه وسلم] الذي نزل عليه الوحي، وقد تحدث القرآن عن الوحي، وبين أنه ليس من شأن البشر التلقي عن الله تعالى مباشرة، حين قال : {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53​)} [سورة الشورى: 51- 53].
            ولما كانت النفس البشرية تتطلع إلى معرفة أسرار هذه الظاهرة العجيبة الخارقة للعادة، سأل بعضُ الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عنها ، فبَيَّنَ لهم ما يتعلق بالجانب الخفي منها وشاهد الصحابة آثارها المحسوسة ووصفوها، وحَفِظَتْ كُتُبُ السُّنَّةِ هذا الوصف وذلك البيان.
            فمن ذلك سؤال الصحابي الجليل الحارث بن هشام رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوحي، فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أَحْيَانًا يَأْتِينِى مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَىَّ فَيَفْصِمُ1 عَنِّى وَقَدْ وَعَيْتُ [عَنْهُ] مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِىَ الْمَلَكُ رَجُلاً فَيُكَلِّمُنِى فَأَعِي مَا يَقُولُ".2
            والوحيُ في لسان العربِ له معانِِ متعدِّدةٌ، يجمعُها الإعلامُ3.

            أما الوحي من حيث الاصطلاح الشرعي: فهو إعلامُ اللهِ تعالى لأنبيائه صلواتُ الله وسلامه عليهم بما يريدُ إبلاغَه لهم من شرعِِ (أي: من التشريع) أو كتابِِ، بالكيفيةِ التي يريدُها الله سبحانه وتعالى.
            فالوحيُ الذي أُنزِلَ على النبي صلى الله عليه وسلم هو القرآن الكريم إذا أُطلق، ونزل به جبريل عليه السلام، باعتبار أنه الألفاظُ الحقيقية المعجزةُ، من أول سورة الفاتحةِ إلى آخر سورة الناس.

            وتلك الألفاظ هي كلام الله سبحانه وتعالى وحده، ليس لجبريلَ عليه السلام فيها دخلٌ ولا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، لا من حيثُ إنشاؤها، ولا من حيث ترتيبُها، بل الذي رتَّبها أولاً هو الله سبحانه وتعالى، ولذلك تُنسَبُ له دون سواه، وإن نطق بها جبريلُ أو محمدٌ صلى الله عليه وسلم، فالكلام البشريُّ يُنسَبُ إلى من أنشأه ورتَّبه في نفسه أولاً؛ فيقال: كلام الطبري، وكلام الشافعي، وإن تردَّد بعد ذلك على ألسنة كثير من الناس، إلى أن يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومَن عليها.

            وكان الصحابة إذا جاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخفى حاله عليهم، فكانت تغشاه حينئذ السكينة، فإذا انجلى عنه الوحي قرأ على الصحابة ما نزل عليه من القرآن وأمَرَ كَتَبَةَ الوحي بكتابته، فعن عثمان رضي الله عنه قال: "كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَنْزِلُ عَلَيْهِ الآيَاتُ، فَيَدْعُو بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ لَهُ، وَيَقُولُ لَهُ: ضَعْ هَذِهِ الآيَةَ فِى السُّورَةِ الَّتِى يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَتَنْزِلُ عَلَيْهِ الآيَةُ وَالآيَتَانِ فَيَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ"4.


            وتكرر نزول جبريل عليه السلام بالقرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة، وكانت نتيجة ذلك النزول هذا القرآن العظيم، فقد كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يحفظه حين ينزل عليه، ثم يأمر بكتابته، ويُعَلِّمُهُ أصحابه، فكان منهم مَن يحفظه كُلَّه5، ومنهم من يحفظ بعضه، ثم كتبوه في المصاحف، وجمعوا بين في الصدور، وتدوينه في السطور.​

            ----------------------

            1 - أي: يُقلع. انظر النهاية في غريب الحديث والأثر (452/3 - مادة "فصم").​

            2 - أخرجه البخاري في صحيحه ح(2) ، ومسلم في صحيحه ح (2333).

            3 - انظر: مادة (و ح ي) في مقاييس اللغة (93/6)، ولسان العرب (379/15).

            4 - رواه أبو داود ح(786)، والترمذي ح(3086)، والنسائي في كتابه فضائل القرآن ح (32)، وغيرهم.

            5 - كعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم.

            تعليق


            • #21
              ص 48 - 51

              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مدخل.jpg 
مشاهدات:	45 
الحجم:	144.8 كيلوبايت 
الهوية:	254646
              أنواع الوحي

              أما أنواعُ الوحيِ التي حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم ولغيره من الأنبياء فيجمعُها قوله تعالى في آخر سورة الشورى [الآية: 51]: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}، فهذه الأنواع الثلاثة لعموم الوحي:

              النوع الأول: الوحي القلبي، وهو المذكور في قوله تعالى: ﴿إِلَّا وَحْيََا}:
              ويشمل النَّفْثَ
              في الرُّوْع؛ وهو القلبُ، والمقصود هنا: إلقاء المعنى المراد القاؤه في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث: "إِنَّ رُوحَ القُدُسِ (أي: جبريل) نَفَثَ في رُوعي أنَّ نفساً لن تموتَ حتى تستكمل أجلها وتستوعِبَ رزقها، فأجمِلوا في الطَّلَب، ولا يحملَنَّ أحدكم استبطاءُ الرِّزْقِ أن يطلبَه بمعصيةِِ، فإنَّ اللهَ لا يُنالُ ما عنده إلا بطاعته"1، فهذا من الوحي القلبي، فقوله تعالى: ﴿إِلَّا وَحْيًًا} يَشْمَلُ النَّفْثَ في الرُّوع.
              ويَشْمَلُ كذلك الرؤيا الصادقة؛ كما قالت عائشة رضي الله عنها: "أولُ ما بُدِئَ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثلَ فَلَقِ الصُّبْح"2.
              والرؤيا الصالحةُ جزءٌ من ستة وأربعين جزءاً من النبوة3.
              فهذا النوع الأول: ﴿
              إلَّا وَحْيًًا} يشمل حالتين من الوحي، هما: النَّفثُ في الرُّوع، والرؤيا الصادقة.

              النوع الثاني: الوحي التكليمي، وهو المذكور في قوله تعالى: ﴿أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}:
              وقد حدث لموسى عليه السلام إذ كلمه الله سبحانه وتعالى بقوله: ﴿قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [سورة الأعراف: 144].

              وكما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء، إذ كلّمه الله وفرض عليه وعلى أمَّتِه الصلاة، كما جاء في حديث الإسراء: "فنودي: إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، وأجزي الحسنةَ عشراً".4

              النوع الثالث: إرسال الملك:
              وهو المذكور في قوله تعالى: ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِي بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} وإرسال الملَكِ يكون على ثلاث صور:
              الصورة الأولى: مجيء الملَكِ في صورةِِ بشريةٍ، كما كان جبريل عليه السلام يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة رجل من العربِ؛ هو دِحْيَة الكلبي، فيُعلِّم الرسولَ صلى الله عليه وسلم، ويَعلَم الرسولُ صلى الله عليه وسلم أنه جبريل عليه السلام، ويراه الصحابةُ ومن حضر مجلسَ النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث سؤالِ جبريلَ عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان، وعن الساعة5.
              الصورة الثانية: مجيءُ الملَكِ على صورته الملائكيَّةِ الحقيقيَّة، وهذا حدث للنبي صلى الله عليه وسلم مرَّتَين6:
              مرّة في بداية الوحي بعد حادثة غار حِرَاء من ناحية المشرق في مكة من جهة الطائف، وهي الواردة في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [سورة التكوير: 23]،
              والمرَّة الثانية: في ليلة المعراج، وهي المنصوص عليها في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ(13)عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَىٰ
              } [سورة النجم: 13-14].
              الصورة الثالثة: من صور مجيء الملَكِ إلى الأنبياء: هي مجيء الملَكِ على حالةِِ غير مرئيّة، تصحبُها علاماتٌ دالَّةٌ عليها، وقد كان جبريلُ عليه السلام يأتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم كثيراً بحالته المستَتِرةِ هذه، وقد وصف صلى الله عليه وسلم الوحيَ وبَدْأَه حين سأله الحارثُ بن هشام رضي الله عنه بقوله: كيف يأتيك الوحيُ؟، فقال صلى الله عليه وسلم: "أحياناً يأتيني مثلَ صَلْصَلَةِ الجَرَس، وهو أشدُّه عَلَيَّ، فيَفصِمُ7 عني وقد وعيتُ عنه ما قال"8.
              وكما وصفت السيدة عائشة رضي الله عنها من هذه الحالةَ: "ولقد رأيتُه ينزلُ عليه الوحيُ في اليومِ الشديدِ البردِ، فيَفصِمُ عنه وإنَّ جبينَه لِيَتَفَصَّدُ9 عَرَقاً"10.

              وهذه الحالةُ هي غالبُ ما كان ينزلُ على النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي.
              أما بالنسبة للوحي القلبي -وهو ما كان مناماً أو نَفْثاً في الرُّوع- فلم ينزل شيءٌ من القرآن في هذه الحالة، وما قيل: إنَّ من القرآن ما نزل مناماً، فهذا محمول على أنَّ النبيَّ الله حدثت له إغفاءةٌ خفيفةٌ11، وهي الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي -ويقال لها: "بُرَحاء الوحي"-، فقد كان يُؤخذ عن الدنيا، فظَنَّ مَن ظَنَّ أَنَّ القرآن ما نزل مناماً .

              فهذه هي أنواعُ الوحيِ أنواع الوحي الموجودة في الجملة، وفق آية الشورى التي قد ذكرتها قبل قليل.
              فالقرآن الكريم وحي الله سبحانه وتعالى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وقد علم الناس أجمعونَ علماً لا يخالطه شكٌّ أنَّ هذا الكتاب العزيز جاء إلى رجل عربي أُمِّي، وُلِدَ بمكة في القرن السادس الميلادي، اسمه: محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المُطَّلب، صلوات الله وسلامه عليه.
              هذا القَدْرُ لا خلاف فيه بين مؤمن وملحدٍ؛ لأنَّ شهادة التاريخ المتواتر شهدت به، ولا يماثلها ولا يُدانيها شهادة لكتاب غيره، ولا لحدث غير هذا الحدث، وهي ظاهرةُ الوحي على وجه البسيطةِ.
              فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم بعد أن جاء بهذا الوحي قَبِلَه مَن قَبِلَه، واستنارت به سريرتُه، واطمأنَّ به قلبه، واهتدى بهدى الله سبحانه وتعالى.
              ومنهم من استكبر وتعالى، فأعرض عما أنزله الله سبحانه وتعالى، ورفض هُدى الله الذي بعث به نبيه صلى الله وعليه وسلم، وإن كان في قلبه موقناً بأنه من عند الله.​


              --------------------------------

              1 - أخرجه بهذا اللفظ أبو نعيم في الحلية (27/10) [والطبراني في الكبير (2013/6) ح7694] من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
              والحديث مروي عن جماعة من الصحابة [أبو ذر وأبي هريرة وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وحذيفة بن اليمان وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود] بألفاظ متقاربة يرقى بمجموعها إلى الحسن. [الذي يهمنا نحن الآن الشاهد وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي" والحقيقة أن هذه الزيادة لا توجد في جميع الطرق فهي مذكورة في:
              1 - حديث عبد الله بن مسعود رواه الحاكم في المستندرك (162/3) ط التأصيل بسند ضعيف فيه راويان لا يعرفان، والقضاعي في مسند الشهاب(185/2) ح1151 وفي سنده من أبهم، ورواه أبو بكر الشافعي كما في الجزء الثالث عشر من الفوائد المنتقاة إنتقاء أبي حفص المصري برقم 18، وفي الزهد لهناد (281/1) ح493 بسند مرسل كذلك.
              2 - حديث حذيفة بن اليمان رواه البزار في مسنده وفيه قدامة بن زائدة مجهول.
              3 - وفي حديث مرسل رواه الشافعي كما في مسنده وهو حسن إلى من أرسله،
              وفي حديث آخر مرسل [حسن] عن المطلب عند إسماعيل بن جعفر المدني (ت180) في حديث علي بن حجر السعدي ص427 ح368
              ]

              انظر: السلسلة الصحيحة (865/6) برقم (2866) .

              2 - رواه البخاري في صحيحه ح(3) ، ومسلم في صحيحه ح (160) .​

              3 - ثبت ذلك في الحديث الذي أخرجه البخاري (6989) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً : الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة».
              وأخرج مسلم مثله من حديث أبي هريرة به برقم (2263).

              4 - أخرجه البخاري في صحیحه ح (3207) .

              5 - أخرجه البخاري في صحيحه ح (50) من حديث أبي هريرة الله، ومسلم في صحيـحه ح (8 من حديث عمررضي الله عنه، وهو أشهر .​

              6 - ثبت ذلك في حديث مسروق عن عائشة الذي أخرجه مسلم في صحيحه ح(177)، قال مسروق: ألم يقل الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} ﴿
              وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ} فقالت (عائشة): أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "إنما هو جبريلُ، لم أرَهُ على صورته التي خُلِقَ عليها غير هاتين المرَّتَينِ، رأيتُه مُنهَبِطاً من السماء، ساداً عِظَم خلقه ما بين السماء إلى الأرض".

              7 - أي: يُقلع انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (452/3 - مادة فصم) .

              8 - أخرجه البخاري في صحيحه ح(2) ، ومسلم في صحيحه ح (2333).

              9 - أي: يسيل ويتصبب عرقاً. انظر : مشارق الأنوار (2/ 160- مادة (فصد).

              10 - أخرجه البخاري في صحيحه ح(2).

              11 - كما في حديث أنس الله الله في صحيح مسلم ح (400).​

              تعليق


              • #22
                ص 59 - 61

                اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مدخل.jpg 
مشاهدات:	45 
الحجم:	144.8 كيلوبايت 
الهوية:	254651
                نزول القرآن على سبعة أحرف

                نزل القرآن الكريم في بيئة معروفة بكثرة قبائلها ولهجاتها، وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : "أقرأني جبريل على حرف، فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف"1 ، وفي حديث مسلم: "إن الله يأمرك أن تقرأ أمتُك القرآن على سبعة أحرف، فأي حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا"2.
                ولو نزل القرآن على حرف واحد لشقَّ ذلك على هذه الأمة ذات اللغات واللهجات، فإنَّ ما يَسْهُل النطق به على بعض العرب قد يصعب على آخرين منهم، قال ابن قتيبة: "ولو أنَّ كلَّ فريق من هؤلاء أُمِرَ أن يزول عن لغته، وما جرى عليه اعتيادُه طفلاً وناشئاً وكهلاً؛ لاشتدَّ ذلك عليه، وعظُمت المحنة فيه، ولم يمكنه إلا بعد رياضة للنفس طويلة، وتذليل للسان، وقطع للعادة"3.


                فكان من رحمة الله بهذه الأمة نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف؛ رفعاً للحرج وتيسيراً لقراءته وحفظه، وقد كانت هذه التوسعة في حدود ما نزل به جبريل عليه السلام، وما سمعه الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يُعَقِّب على قراءة الصحابي بقوله: "هكذا أنزلت"4، وعلى قراءة الصحابي الثاني الذي يقرأ بوجه آخر: "هكذا أنزلت"5.

                ولذلك فليس لكل أحد أن يقرأ بما يسهل عليه من غير أن يكون ما يقرؤه مسموعاً
                من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مضت الأمة على هذه التوسعة.

                وقد اختلفت أفهام العلماء في معنى نزول القرآن على سبعة أحرف، وليس منها قول يَلْزَمُ المصير إليه؛ لذلك قال ابن العربي المالكي: "لم يأت في معنى السبع نص ولا أثر"6.
                وتنحصر أقاويل أهل العلم في معنى الأحرف السبعة التي نزل القرآن عليها في أربعة مسارات:

                المسار الأول:
                من يرى أنها من المشكل الذي لا يُدْرى معناه؛ لأن الحرف يَصْدُق لغة على حرف الهجاء، وعلى الكلمة، وعلى المعنى، وعلى الجهة.
                وهو قول ابن سَعْدان النحوي7، ومن تبعه كالسيوطي في شرحه على سنن النسائي8، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي9.

                المسار الثاني:
                من يرى أنَّ الأحرف السبعة والقراءة بها كانت في أول الأمر خاصة للضرورة؛ لاختلاف لغة العرب ومشقة أخذ جميع القبائل بلغة
                واحدة، فلما كثر الناس والكُتّاب ارتفعت الضرورة فكانت قراءة واحدة، وترجع إلى حرف واحد.
                وهو قول الطبري، والطحاوي، وابن عبد البر10.

                المسار الثالث:
                من يرى أن حقيقة العدد غير مقصودة، بل المراد بالحديث التوسعة على قارئ التنزيل من دون حصر.
                وذهب لهذا القاضي عياض11، ومن المتأخرين جمال الدين القاسمي12​.

                المسار الرابع:
                من قال بمفهوم العدد، وأن المراد سبع على الحقيقة، وإن اختلفوا في تفسير هذه السبع، بين كون الأحرف سبعةَ معانٍ أو سبعة ألفاظ، وهو مذهبُ كلِّ من حاول أن يفسِّر المراد بالأحرف السبعة من السلف والخلف.

                والمراد بالأحرف السبعة التي نزل بها القرآن -في رأي كثير من العلماء13- لهجات من لهجات العرب في كلمات القرآن الكريم، وليس معنى هذا أن كل كلمة كانت تقرأ بسبعة لهجات، بل المراد أن ذلك أقصى ما ينتهي إليه الاختلاف في تأدية المعنى المراد في بعض ألفاظ القرآن الكريم.​

                ----------------------


                1 - رواه البخاري في صحيحه ح(219)، ومسلم في صحيحه ح(819)، والإمام أحمد في المسند ح(2375)، وغيرهم.

                2 - صحیح مسلم ح (821).

                3 - تأويل مشكل القرآن (39 - 40).

                4 - كما قال لهشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنه.

                5 - كما قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وحديثهما رواه البخاري في صحيحه ح(4992)، ومسلم في صحيحه ح (81، وغيرهما.​

                6 - القبس في شرح موطأ مالك بن أنس (400/1).

                7 - انظر: المرشد الوجيز لأبي شامة (93).

                8 - زهر الربى على المجتبى (152/2).

                9 - انظر: حديث الأحرف السبعة للقاري (5).

                10 - انظر: جامع البيان (25/1 - 2، وشرح مشكل الآثار (191/4 - 192)، والتمهيد (290/8 -294).

                11 - انظر: كتابه إكمال المعلم بفوائد مسلم (187/2).

                12 - انظر محاسن التأويل (287/1)​.

                13 - كأبي عُبَيد القاسم بن سلام، وثَعلب، وأبي حاتم السِّجستاني، وأبي منصور الأزهري، ومكي بن أبي طالب القَيْسي، والبيهقي، وابن عطية، وابن الجوزي، وأبي السعادات بن الأثير، وعدد من المتأخرين.
                انظر: الإتقان للسيوطي (320/1) ، وعلوم القرآن بين البرهان والإتقان (408-409) .​

                تعليق


                • #23
                  ص 64

                  اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مدخل.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	144.8 كيلوبايت  الهوية:	254655

                  جمع القرآن على معنيين:

                  الأول:
                  حفظ القرآن في الصدر؛ أي: حفظه في الذاكرة الحافظة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [سورة القيامة: 17]؛ أي: جمعه في صدرك، ثم قراءته بلسانك متى شئت1.
                  وورد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: "قَالَ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُهُ كُلَّهُ فِى لَيْلَةٍ"2؛ أي: حفظته، ثم قرأته كله في صلاة الليل.

                  الثاني:
                  الجمع بمعنى الكتابة، ومنه قول أبي بكر الصديق لزيد بن ثابت: "فتتبع القرآن واجمعه"3؛ أي: أكتبه.

                  ص65:

                  والحديث عن موضوع جمع القرآن الكريم يراد منه غالبََا جمع القرآن الكريم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جمعه في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثم جمعه في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه4.


                  -------------------------


                  1 - أنظر: تفسير القرآن للسمعاني (106/6).

                  2 - رواه ابن ماجه في سننه ح(1346). [ورواه أحمد في مسنده مرتين وعبد الرزاق في مصنفه والطبراني في الكبير وعنه أبو نعيم في الحلية وأصل الحديث في الصحيحين في القصة المشهورة "كَيْفَ تَصُومُ قَالَ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ وَكَيْفَ تَخْتِمُ قَالَ كُلَّ لَيْلَةً" البخاري كتاب فضائل القرآن باب كم يقرأ القرآن ومسلم في كتاب الصيام].

                  3 - رواه البخاري في صحيحه ح(4986)، والإمام أحمد في المسند ح(21644)، وغيرهما [والترمذي في جامعه كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة التوبة​].

                  4 - قال الحاكم في المستدرك (249/2) - بعد أن ذكرحديث زيد بن ثابت: "كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع"-: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وفيه البيان الواضح: أن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة، فقد جمع بعضه بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر، والجمع الثالث هو في ترتيب السورة كان خلافة أمير المؤمنين ثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين.
                  [والحديث أخرجه الترمذي في جامعه [وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ] وأحمد في مسنده وفضائل الصحابة وابن أبي شيبة في المصنف والمسند والطبراني في الكبير والحاكم في مستدركه ومن طريقه البيهقي في الشعب كلهم من طريق يحيى بن أيوب،
                  وتابع يحيى بن أيوب 1 - ابن لهيعة [ضعيف] روى حديثه أحمد في مسنده من ددون الشاهد والطبراين في الكبير بالشاهد، 2 - عمرو بن الحارث روى حديثه الطبراني في الكبير وابن حبان في صحيحه وليس فيهما محل الشاهد
                  ].

                  التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي; الساعة 17-Apr-2024, 06:25 PM.

                  تعليق


                  • #24
                    ص 66 - 67

                    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مدخل.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	144.8 كيلوبايت  الهوية:	254659

                    وكان نفر من الصحابة يكتب القرآن الكريم، عُرفوا بكُتاَّب الوحي، واشتهر منهم رضي الله عنهم بكتابته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
                    عثمان بن عفان،
                    وعلي بن أبي طالب،
                    وأبي بن كعب،
                    والزبير بن العَوَّام،
                    ومعاوية بن أبي سفيان،
                    وعبد الله بن سعد بن أبي السَّرْح،
                    وزيد بن ثابت الذي يقول: "كنت جار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا نزل الوحي أرسل إليَّ، فكتبتُ الوحي"1.
                    وهذا يدلُّ على حرصه صلى الله عليه وسلم على كتابته وتقييد حفظه بالكتابة، وهو مظهرٌ من مظاهر حفظ الوحي الكريم.
                    وتأكيداً لهذا الحرص فقد منع صحابته أول العهد النبوي أن يكتبوا شيئا عنه غير القرآن، خشية أن يختلط حديثه بآيات القرآن2، فقال لصحابته: "لا تكتبوا عني، فمن كتب عني غير القرآن فلَيمْحُه"3.
                    وعندما استقرت أمور كتابة القرآن، وعُرِف أسلوبه، وميَّز الصحابة بين آياته وحديث النبي صلى الله عليه وسلم أذِن لهم بكتابة السُّنَّة.

                    ...

                    وبدأت الكتاب تزدهر في عهده صلى الله عليه وسلم، وبدأ الخط ينتشر بين الناس، وقد حرَص رسول الله صلى الله عليه وسلم على نشر الكتابة بين أصحابه، وجعل فدية مَنْ يكتب من أسرى قريش يوم غزوة بدر تعليم الكتابة عشرة من أولاد الأنصار4.

                    ---------------------


                    1 - رواه ابن أبي داود في المصاحف (158/1) ح5، والطبراني في المعجم الكبير (140/5) ح4882. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (17/9): رواه الطبراني وإسناده حسن.
                    [أخرج الحديث كذلك الترمذي في الشمائل والحارث في مسنده وابن سعد في الطبقات وأبو نعيم في الدلائل وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى اله عليه وسلم وما قاله الهثمي ليس بصحيح ففي الإسناد سليمان بن خارجة مجهول تفرد ابن حبان في ذكره في ثقاته والبخاري في التاريخ الكبير وقال روى عن أبيه]

                    2 - قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (81/3): والظاهر أن النهي كان أولاً لتتوفر هممهم على القرآن وحده، وليمتاز القرآن بالكتابة عما سواه من السنن النبوية، فيُؤْمَنُ اللَّبس، فلما زال المحذور واللبس، ووضح أن القرآن لا يشبه بكلام الناس أَذِن في كتابة العلم. والله أعلم.

                    3 - رواه مسلم في صحيحه ح3004 واللفظ له، والإمام أحمد في المسند ح11085، وغيرهما [كالترمذي في جامعه والدارمي في مسنده
                    ].

                    4 - رواه الإمام أحمد في المسند ح2216، وسنده حسن[أما سند الإمام أحمد فضعيف لضعف علي بن عاصم لكن تابعه خالد الطحان روى حديثه الحاكم في المستدرك [وعنه البيهقي في السنن الكبير] بسند حسن رواته رواة الصحيحين إلا راوي روى له مسلم وأخرج له البخاري تعليقا وليس في طريق الحاكم أن الفدية تعليم عشرة أولاد
                    ]. أنظر: البداية والنهاية لابن كثير (256/5).

                    تعليق


                    • #25
                      ص 68

                      اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مدخل.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	144.8 كيلوبايت  الهوية:	254661

                      عدم جمع القرآن الكريم في مصحف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم له ثلاث اعتبارات1:

                      الاعتبار الأول:
                      اهتمام الصحابة رضي الله عنهم كان منصبا على حفظ القرآن الكريم واستظهاره، لا كتابته وتسجيله، فحفظوه حفظا متقنا.

                      الاعتبار الثاني:
                      لم تكن هنالك دواع قائمة لتسجيل القرآن الكريم بشكل مكتوب.
                      فلم يكن سبب مباشر ومهم يدعوهم لكتابته، فهو محفوظ في الصدور، ومسجل على وسائل متاحة في ذلك العصر، ومتوافر بينهم.

                      الاعتبار الثالث:
                      ما كان يترقبه صلى الله عليه وسلم من نزول المزيد من الوحي في حياته، أو ورود ناسخ لبعض الآيات القرآنية، إما تلاوة أو حكما.

                      فهذه أسباب ثلاثة توضح لماذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم في حياته بجمع القرآن كله في مصحف واحد.

                      ص69

                      وانقضى عهد النبوة والقرآن كلُّه مكتوب في الصحائف والوسائل التي تيسرت في ذلك العهد، ولكنه لم يكن مجموعاً كله في مكان واحد، وإنما كان موزعا لدى مَن كان يكتب من الصحب الكرام، ومحفوظاً في صدورهم، مرتَّبَ الآيات، فكل آية في مكانها الذي عيَّنه صلى الله عليه وسلم لأصحابه في سورتها2.

                      -------------


                      1 - انظر: أعلام الحديث للخطابي (1856/3 - 185، والبرهان للزركشي.

                      2 - كما روى أبو داود ح786، والترمذي ح3086، والنسائي [الكبرى] في كتابه فضائل القرآن ح32، وغيرهم[أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وابن حبان في صحيحه والبزار في مسنده [وقال:وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلا نَعْلَمُ رَوَاهُ أَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلا عُثْمَانُ، وَلا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عُثْمَانَ إِلا هَذَا الْحَدِيثَ] والطبراني في الأوسط والطحاوي في شرح معاني الآثار ومشكل الآثار والطبراني في تفسيره وابن أبي داود في المصاحف وأبو عبيد في فضائل القرآن،
                      ومدار الحديث على عوف بن أبي جميلة [
                      صدوق رمي بالتشيع] عن
                      يزيد الفارسي [
                      اختلف فيه هل هو:
                      - يزيد بن هرمز المدني وهو ثقة، وممن قال بذلك ابن مهدي ,احمد وابن المثنى والترمذي وابن حبان وظاهر صنيع البخاري وابن سعد،
                      ومن فرق بينهما وقال هما اثنان:
                      - وحتى لو كانا اثنان [وممن قال بذلك: يحيى القطان وابن معين وأبو حاتم وعمرو الفلاس] فيزيد الفارسي على قلة ما روى -قال فيه أبو حاتم- على تشدده في الرجال: "لا بأس به"، مما يقتضي تعديله وقبول روايته.
                      والذي يظهر لي -والله أعلم- أنه واحد لأنه قول الأكثر وجاء في رواية عون بن ربيعة عن يزيد الفارسي أنه كان كاتبا لابن عباس وكذا قال محمد بن المثنى. وقد صححه ابن حبان والحاكم والضياء
                      مختصر من فتح الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (490/5 - 495) ح787
                      ورجح البعض ضعف الحديث مع نكارة المتن منهم عبد الرحمن الوكيل محقق آخر طبعة من تفسير الطبري حيث قال:


                      الإسناد ضعيف. والمتن منكر مخالف المنقول بالتواتر في ترتيب سور القرآن. وآفته من "يزيد الفارسي" هو البصري.
                      وقيل : "ابن هرمز الليثي مولاهم المدني"، ولا يصح.
                      له عن ابن عباس هذا الحديث وآخر. مجهول الحال.
                      قال الحافظ: مقبول يعني حين المتابعة. ولم يتابع عليه.
                      قال ابن الجنيد كما في سؤالاته (ص185): فإنهم يزعمون أن يزيد بن هرمز، هو يزيد الفارسي، الذي روى عنه الزهري وقيس بن سعد "حديث نجدة". فقال: باطل، كذب، شيء وضعوه، ليس هو ذاك. اه.

                      وتوارد عن العلماء إعلاله. فقال الترمذي : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس. اه.
                      وقال البزار : وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عثمان ولا روى ابن عباس عن عثمان إلا هذا الحديث. اه.
                      وقال أبو نعيم: هذا حديث غريب تفرد به عوف عن يزيد. اه.
                      وقال الشيخ أبو الأشبال في تحقيق «المسند» (332/1 -333): فلا يقبل من يزيد الفارسي مثل هذا الحديث ينفرد به وفيه تشكيك في معرفة سور القرآن الثابتة بالتواتر القطعي، قراءة وسماعا وكتابة في المصاحف. وفيه تشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور؛ كأن عثمان كان يثبتها برأيه وينفيها برأيه وحاشاه من ذلك. فلا علينا إذا قلنا إنه "حديث لا أصل له" تطبيقا للقواعد الصحيحة التي لا خلاف فيها بين أئمة الحديث .. ثم نقل عن السيوطي في التدريب والحافظ في شرح النخبة أمارات الحديث الموضوع؛ وعن الخطيب في الكفاية: نفي قبول خبر الواحد المنافي لحكم العقل وحكم القرآن الثابت المحكم والسنة المعلومة والفعل الجاري مجرى السنة وكل دليل مقطوع به. ثم قال: وكثيرا ما يضعف أئمة الحديث راويا لانفراده برواية حديث منكر يخالف المعلوم من الدين بالضرورة، أو يخالف المشهور من الروايات فأولى أن نضعف يزيد الفارسي هذا بروايته هذا الحديث منفردا به. اه.
                      لكن صححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وفيه نظر كبير، فلم يخرج الشيخان ليزيد الفارسي حرفا كيف وقد رأيت حاله من الجهالة
                      والله أعلى وأعلم
                      وقد سألت أحد المشايخ [ولعلمي أنه يكره أن يذكر اسمه فلن أذكره]
                      المبرزين في علم الحديث فقال:
                      "لا تطمئن النفس إلى ثبوت الحديث،
                      وفيه نكارة في السند والمتن،
                      ولا يُعرف الحديث من رواية أصحاب ابن عباس العارفين بحديثه المجتهدين في بثّه ونشره

                      ولم تصح دعوى موافقة الذهبي الحاكمَ على تصحيحه

                      ".
                      ]].
                      التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي; الساعة 03-Apr-2024, 09:43 PM.

                      تعليق


                      • #26
                        ص 70 - 71


                        عندما تولى الصديق الخلافة ارتدَّت بعض القبائل العربية الحديثة العهد بالإسلام، وفي السنة الحادية عشرة وقعت معركة اليمامة بين المرتدين بقيادة مسيلمة الكذاب، والمسلمين بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه، واستشهد في المعركة عدد كبير من قراء المسلمين قدر عددهم بسبعين قارئاً1، ففزع عمر بن الخطاب رضي الله عنه من هذا الـمُصاب؛ لأنه خاف ذهاب القرآن الكريم بسبب كثرة القتل في القراء، فأسرع إلى الخليفة الصدِّيق وأشار عليه بجمع القرآن الكريم في مصحف واحد.

                        بَـيْدَ أن الصديق تردد ورفض الفكرة من الوهلة الأولى، وخاف أن يضعَ نفسه في منزلة من يزيدُ احتياطه للدين على احتياط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يزل عمر يحاوره حتى شرح الله صدره، وكلّف زيد بن ثابت [رضي الله عنه] الذي شهد العرضة الأخيرة، وكان شاباً ثقةً مأموناً عاقلاً، وكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة وقال له: "إنك رجل شاب عاقل لا نَـتَّهمك، وقد كنت تكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه"2.
                        ولكن زيداً تردد قائلاً [وهو تتمة الحديث السابق]: "فوالله لو كلَّفوني نَـقْلَ جبل من الجبال، ما كان أثقل عليَّ مما أمرني به من جمع القرآن"، ولكن الله شرح صدره، ومضى يتتبع القرآن آية آية وسورة سورة، وجمعه من العُسُب واللّخاف والرقاع [القطعة من الجلد يكتب عليها]، وغير ذلك من الأدوات التي كان الصحابة يكتبون القرآن عليها أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، كما​ كان يجمعه من صدور الرجال، فقال رضي الله عنه: "فتتبعتُ القرآن أجمعه من العُسُب واللّخاف وصدور الرجال".
                        [العسب: الجريدة من النخل، وهي السعفة مما لا ينبت عليه الخوص

                        [اللّخاف: حجارة بيض رقاق]​.
                        وكان لا يكتب شيئاً حتى يشهد شاهدان فأكثر على كتابته وسماعه من الرسول صلى الله عليه وسلم3؛ مما يدلُّ على حرصه رضي الله عنه على الجمع بين الحفظ والكتابة زيادة في التوثيق والاحتياط، ورتَّبه على وَفق العرضة الأخيرة التي سمعها من الرسول صلى الله عليه وسلم.

                        وقد راعى زيد في كتابة الصحف أن تكون مشتملة على ما ثبتت قرآنيته بطريق التواتر، وما استقر في العرضة الأخيرة ولم تُـنْسخ تلاوته بإجماع الصحابة، وحَرَصَ على ترتيب السور والآيات جميعاً4؛ لذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "أعظم الناس أجراً في المصاحف أبو بكر؛ فإنه أول من جمع بين اللوحين"5.

                        وبقيت صحف القرآن6 المجموعة في رعاية أبي بكر، ثم عمر، ثم انتقلت إلى حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها7.

                        -------------------


                        1 - وقيل: كانوا خمسمئة. انظر: فضائل القرآن لابن كثير (26).

                        2 - رواه البخاري في صحيحه ح (4986)، [والترمذي في جامعه] والإمام أحمد في المسند ح(21644)، وغيرهما.​

                        3 - أخرجه ابن أبي داود في المصاحف (168/1 -169). وانظر: جمال القراء للسخاوي (86/1) ، والمرشد الوجيز (55).
                        [قال ابن أبي داود: حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان قال: حدثنا محمد [بن سعيد بن سابق] قال: حدثنا أبو جعفر [عيسى بن ماهان الرازي]، عن ربيع [بن أنس البكري البصري]، عن أبي العالية [رفيع بن مهران الرباحي البصري]، أنهم ‌جمعوا ‌القرآن ‌في ‌مصحف في خلافة أبي بكر الصديق، فكان رجال يكتبون ويملي عليهم أبي بن كعب، فلما انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة: {نْصَرَفُوا ۚ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [سورة التوبة: 127]، فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن فقال أبيٌّ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأني بعدهن آيتين: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (12​ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)}[سورة التوبة: 128-129] "
                        قال: فهذا آخر ما أنزل من القرآن، فختم الأمر بما فتح به، لقول الله جل ثناؤه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء: 25].،
                        ومدار الحديث على على أبي جعفر عيسى بن ماهان الرازي وهو صدوق سيء الحفظ والربيع بن أنس البكري صدوق له أوهام يتقون ما كان من رواية أبي جعفر فالحديث ضعيف لا يصح،
                        ومن طريق أبي جعفر عيسى الرازي رواه ثلاث رواة:
                        * عمر بن أسماء الجرمي أخرج حديثه عبد الله بن أحمد بن حنبل [ومن طريقه الضياء في المختارة] في زوائد المسند ...
                        * محمد بن سعيد بن سابق أخرج حديثه ابن أبي داود في المصاحق وابن ضريس في فضائل القرآن.
                        * عبد الله بن عيسى الرازي ابنه وأخرج حديثه ابن أبي حاتم في تفسيره والضياء في المختارة [من طريق ابن مردويه] والخطيب في تالي تلخيص المتشابه في الرسم وابن أبي داود في المصاحف.]


                        4 - انظر رأياً في تحديد المدة الزمنية التي استغرقها هذا العمل الجليل في كتاب: أضواء على سلامة المصحف الشريف من النقص والتحريف (71-72).

                        5 - أخرجه [عبد الله بن أحمد في زوائد فضائل الصحابة وأبي عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن والآجري في الشريعة والسلفي في المشيخة البغدادية] ابن أبي داود في المصاحف [ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق] (165/1)، وابن أبي شيبة في المصنف (148/6)، [وأورده] وابن كثير في فضائل القرآن (165)، وقال: هذا إسناد صحيح.
                        وقال رحمه الله: وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق رضي الله عنه، فإنه أقامه الله بعد النبي صلى الله عليه وسلم مُقاماً لا ينبغي لأحد بعده؛ قاتل الأعداء من مانعي الزكاة، والمرتدين، والفرس والروم، ونفّذ الجيوش، وبعث البعوث والسرايا، ورد الأمر إلى نصابه بعد الخوف من تفرقه وذهابه، وجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن حفظه كله، وكان هذا من سر قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ} [سورة الحجر: 9] فجمع الصديق الخير وكفَّ الشرور رضي الله عنه.

                        6 - فكتابة القرآن الكريم وقعت في هذا الجمع على الصحف، بخلاف جمعه في عهد النبوة.
                        قال الحافظ ابن حجر: إنما كان في الأديـم والعسب أولاً قبل أن يجمع في عهد أبي بكر، ثم جمع في الصحف في عهد أبي بكر، كما دلت عليه الأخبار الصحيحة المترادفة. فتح الباري (633/8​ .

                        7 - انظر صحيح البخاري ح (4982)، والمصاحف لابن أبي داود (177/1 - 179)​.

                        تعليق


                        • #27
                          ص 72 - 76

                          اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مدخل.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	144.8 كيلوبايت  الهوية:	254760

                          [لما انتشر الإسلام، وبدأ المسلمون في التفقه في الدين وتعلم القرآن، وانتشرت نسخ القرآن في الأمصار فقرأ كل كما تلقاه في بلده، ولما التقوا استمع بعضهم قراءة بعض، فانتبهوا للاختلاف في وجوه القراءة بينهم، وكل تمسك بقراءته التي بلغته من الصحابة، فنشب الخلاف.
                          قال البخاري في صحيحه: حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِى أَهْلَ الشَّأْمِ فِى فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ فِى الْقِرَاءَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِى الْكِتَابِ اخْتِلاَفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِى إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِى الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِى الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِى شَىْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِى الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِى كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ.1

                          وبذلك أدرك الصحابة -وفي مقدمتهم الخليفة عثمان بن عفان- خطورة الوضع، والأمر يتعلق بأهم مصدر للمسلمين وأنهم إن لم يعالجوا الأمر بحكمة وسرعة تفرقت الأمة،
                          فقام الخليفة عثمان بن عفان في أواخر سنة 24 وأوائل سنة 25 بمشاورة إخوانه من الصحابة رضي الله عنهم، واتخذ الخطوات التالية:]*

                          1 - دعوة الصحابة إلى كتابة مصحف إمام يجتمع المسلمون في بلدانهم على القراءة فيه، فخاطبهم بقوله: "اجتمعوا يا أصحاب محمد واكتبوا للناس إماماً"2.

                          ۲ - اختيار أربعة3 من أجلاء الصحابة الاولى لكتابة المصحف، وهم:
                          زید بن ثابت من الأنصار، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام من قريش،
                          وكانوا على قدر كبير من العلم والفصاحة؛ ومن تأمل سيرتهم، وما تحلَّوا به من قدرات علمية وأخلاق عالية أدرك أن اختيارهم صاحبته عناية الله الذي تعهَّد بحفظ كتابه ثم الحرص الشديد من الخليفة الراشد عثمانَ وإخوانه الصحابة رضي عنهم أجمعين.

                          3 - تحديد منهج دقيق للكتابة:
                          إذ رسم الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه لهؤلاء النفر المختارين منهجاً علمياً يسيرون عليه في كتابة المصحف، وهيَّأ لهم الأسباب الكفيلة لتنفيذ عملهم بدقة، وإخراجه على أتم وجه:
                          فقد أحضر لهم الصُّحُف التي جمعها أبو بكر رضي الله عنه، من عند أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها؛ لتكون الأساس الذي يعتمدون عليه في كتابة المصحف1.

                          وفي الوقت ذاته وجّه هؤلاء الأئمة كيف يتعاملون عند وقوع اختلاف بينهم، فقال للرَّهْط القرشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم"1، ففعلوا.

                          وكان يتعاهدهم ويتابع سير عملهم، وكان من حرصهم واحتياطهم رضي لله عنهم أنهم كانوا يهتمون بملاحظة العَرْضة الأخيرة وهي:
                          عَرْضُ الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم على جبريل مرتين في عام وفاة النبي صلى الله عليه وسلم4.
                          وكان زيد بن ثابت رضي الله عنه قد شهد هذه العرضة، وهذا ما أهله ليختاره أبو بكر وعمر في الجمع الأول للقرآن، وعثمان في الجمع الثاني.
                          وكان من منهجهم رضي الله عنهم في نسخهم للمصاحف كتابة اللفظ المحتمل لأكثر من قراءة برسم واحد دون نَقْط أو شَكْل؛ ليحتمل رسمها القراءات التي فيها، نحو: (نُنشِزُهَا) و(نُنشُرُهَا)، و(فَتَبَيَّنُوا) و(فَتَثبَّتوا)، وما لا يمكن كتابته بصورة تحتمل أكثر من قراءة فإنهم عمدوا إلى توزيع كتابة تلك الألفاظ على المصاحف نحو: (تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) و(تَجْرِى تَحتَهَا الأَنْهَرُ).
                          وكان هذا الجمع مرتَّبَ الآيات والسور على الوجه المعروف، الذي عليه المصاحف الآن، وعلى اللفظ الذي استقر عليه في العرضة الأخيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم5.
                          وهكذا جُمِعَ المصحف في عهد الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه في غاية من الدقة والضبط، وبقي نصُّة محفوظاً من التحريف، ولم يتطرق إليه شك من الزيادة فيه أو النقص منه.

                          ولا ريب أن انتساخ المصحف قد استغرق وقتاً ليس بالقليل، كما أن الصحابة قد تضافرت جهودهم مع إخوانهم المختارين لهذه المهمة في إنجاز هذا العمل العظيم على أتم صورة، وحظي بإجماع الصحابة كلهم على قبوله، فرضي الله عنهم وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

                          وأرسل عثمان رضي الله عنه مصحفاً إلى كل مصر من الأمصار الإسلامية آنذاك.
                          والصحيح أنها سنة مصاحف أرسلت إلى مكة، والشام، والكوفة، والبصرة، وبقي واحد منها بالمدينة ويسمى المدني العام، وأمسك عثمان واحداً منها لنفسه ويسمى المدني الخاص، أو مصحف الإمام، وقد كان في حجره رضي الله عنه وأرضاء حين قُتل، وانتشر دمه الزكي عليه6.

                          واشتملت هذه المصاحف على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة، جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام.
                          وهو قول جمهور العلماء من السلف والأئمة، والأحاديث والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه7.

                          وزيادة في الاحتياط، ولكي يحقق هذا الجمع أهدافه أرسل عثمان رضي الله عنه مع كل مصحف قارئاً فأمر زيد بن ثابت أن يُقرئ بالمصحف المدني، وبعث عبد الله السائب مع المكي، والمغيرة بن أبي شهاب المخزومي مع الشامي، وأبا عبد الرحمن السلمي مع الكوفي، وعامر بن عبد قَـيْس مع البصري، ثم تناقل المسلمون هذا التلقي خلفاً عن سلف إلى اليوم.

                          ومن حرص عثمان رضي الله عنه على وَحْدة المسلمين حول القرآن الكريم، وكي لا يحدث أي خلاف يتنافى مع الجهد العظيم الذي بذله الصحابة رضي الله عنهم في جمع المصحف بالطريقة التي سبقت الإشارة إليها، وليحقق هذا العمل مقاصده العامة اتخذ عثمان رضي الله عنه قراراً حازماً -بعد أن أتمَّ نسخ المصاحف، وأعاد الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل مصر مصحفاً وقارناً- إذ أمر بما سواء من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يُحَرَّق1، وقد كان هذا القرار بمشاورة الصحابة وموافقتهم، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لا تقولوا في عثمان، إلا خيراً، فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا جميعاً"8.
                          ومن هنا جاء عمل عثمان رضي الله عنه امتداداً للمقاصد النبيلة التي سعى إليها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
                          إذ حفظ جَمْعُ أبي بكر رضي الله عنه القرآن الكريم من أن يذهب منه شيء بذهاب حملته، وذلك بجمعه القرآن في صحف، مرتب الآيات وفق ما أخذوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء عثمان رضي الله عنه فنقل ما في الصحف التي أمر بجمعها أبو بكر رضي الله عنه، وجعلها في مصاحف، مع ترتيب سور القرآن وآياته؛ إطفاء لفتنة الاختلاف في القراءة، وجمعاً لشمل المسلمين، وحفاظاً على كتاب الله من أن يطرأ عليه تحريف أو تبديل.​


                          ----------------------

                          1 - رواه البخاري في صحيحه ح(4987)، والترمذي في جامعه ح(3104)، وابن أبي داود في كتاب المصاحف (204/1 - 205)، وغيرهم [النسائي في الكبرى وابن حبان في صحيحه وأبي يعلى في المسند والطبراني في مسند الشاميين].

                          * بتصرف.

                          2 - أخرجه ابن أبي داود في المصاحف (211/1 - 212)، والداني في المقنع (6 - 7) .

                          3 - روى الداني عن ابن شهاب أنهم خمسة، بزيادة عبد الله بن عباس. انظر: المقنع (4) .
                          وروى ابن أبي داود أنهم كانوا اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار، فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت. انظر: المصاحف (221/1).
                          ورواية البخاري وغيره على أنهم الأربعة المذكورون.

                          4 - رواه البخاري في صحيحه ح(6285،6286).
                          وقد أرفقت لكم ثلاث بحوث متنوعة عن الأعرضة الأخيرة:
                          الأحاديث والآثار الواردة في العرضة الأخيرة رواية ودراية محمد بازمول.
                          العرضة الأخيرة دلالتها وأثرها ناصر القثامي.
                          العَرضة الأخيرة للقرآن الكريم والأحاديث والآثار الواردة فيها أسامة الحياني.

                          5 - صرح بذلك غير واحد من أئمة السلف؛ كمحمد بن سيرين، وعبيدة السلماني، وعامر الشعبي. انظر: المرشد الوجيز (170-171)، والنشر (8/1)​.

                          6 - انظر: الوسيلة للسخاوي (74-81) ، وفتح الباري (637/، والإتقان (393/2) ومقدمة شريفة كاشفة للمخللاتي (68.

                          7 - انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (395/13)، والنشر (31/1)​.

                          8 - أخرجه ابن أبي داود في المصاحف (214/1)، والبيهقي في السنن الكبرى (42/2)، وصحح إسناده كل من ابن حجر في فتح الباري (18/9)، والسيوطي في الإتقان (390/2)، والقسطلاني في لطائف الإشارات (61/1).
                          الملفات المرفقة

                          تعليق


                          • #28
                            ص89

                            اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مدخل.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	144.8 كيلوبايت  الهوية:	254776

                            وكلمة المحرر أقدم الكلمات التي أطلقت على الخطاطين المُجيدين ذوي الأسلوب المتميز قبل القرن السادس الهجري، وبعد ذلك حَلَّت كلمة الخطاط مكان هذه الكلمة، وقطبة¹ أول من عرف بلقب المحرر.

                            -----------------------

                            1 - قال ص 88:
                            وفي آخر عهد الأمويين ذاع صيت كاتب اشتَهر بجمال الخط يسمى "قطبة المحرر" (ت154)، وكان أكتب أهل زمانه، إذ مثَّل مرحلة كبيرة من مراحل تاريخ الخط العربي، بدأت في تحويل الخط من الشكل الكوفي اليابس إلى الشكل اللين. (الفهرست للنديم (10)، وتاريخ الخط العربي وآدابه (349)).​

                            تعليق


                            • #29
                              ص 88

                              اهتمام المسلمين بالخط وكتابة المصاحف



                              اهتم المسلمون بالخط وكتابة المصاحف اهتماماً عظيماً، ومَهَرَ جماعة من الخطاطين على مرِّ العصور في هذا الجانب، وكان بعضُهم خطه بارع وجميل جداً، وممَّن اشتهر من المبكرين في كتابة الخط رجل يسمى: خالد بن أبي الهياج، الذي ذاعت شهرته، وكان كاتباً للوليد بن عبد الملك يكتب له المصاحف والأخبار والأشعار، وكتب على جدار قبلة المسجد النبوي بالذهب أربعاً وعشرين سورة، تحوي ثلاثاً وتسعين آية من القرآن الكريم تبدأ من سورة "الشمس" إلى آخر القرآن الكريم1​.

                              ثم جاء بعد خالدِِ أبو يحى مالك بن دينار الوراق (۱۳۱)، واشتهر بتجويد الخط، وكان يكتب المصاحف مقابل أجر2.

                              وفي آخر عهد الأمويين ذاع صيت كاتب اشتهر بجمال الخط يسمى "قطبة المحرّر" (١٥٤)، وكان أكتب أهل زمانه، إذ مثَّل مرحلة كبيرة من مراحل تاريخ الخط العربي، بدأت في تحويل الخط من الشكل الكوفي اليابس إلى الشكل اللين3.

                              ص89 - 90
                              وكان من الخطاطين المشهورين رجل من علماء العربية البارعين، معروف بــأبي عمرو الشيباني (206)، له معجم مطبوع بين الأيدي، يسمى كتاب "الجيم"، -شبيه بالديباج، وهو نوع من ثياب الحرير؛ لحسنه- طبع في مصر4، فهذا العالم كان خطاطاً يكتب المصاحف، ويقال: إنه كتب بخطه البديع أكثر من ثمانين مصحفاً5.

                              وظلَّ الخط العربي يتطور قليلاً قليلاً، ومع بزوغ فجر القرن الثالث الهجري انتهت رئاسة الخط إلى الوزير أبي علي محمد بن علي بن مُقْلة (328​، الذي طوّر الخط العربي، وأضاف إليه بعض التحسينات، ويقال: إنه أوصل أنواع الخط إلى ستة خطوط، هي: الثلث، والنَّسْخ، والتوقيع، والرَّيحان (نسبة إلى أعواد الرَّيحان؛ لتداخل حروفه)، والمحقَّق (خط الورَّاقين)، والرّقاع (وهو قريب من الثُّـلُث واستعمل في ديوان الإنشاء)، وأكمل ما بدأه قطبة المحرّر من تحويل الخط الكوفي إلى ما يقارب الشكل الذي هو عليه الآن، وهو أول من قدر مقاييس النُّقط وأبعادها، وأحكم ضبطها وهندسها، وكتب آنذاك مصحفين، أحدهما ظلَّ في إشبيلية زمناً، والآخر كان محفوظاً في مكتبة بهاء الدولة البويهي (379 - 403) في شيراز، وقد قام ابن البواب بإكمال الجزء الذي فُقد من هذا المصحف، بحيث لا يشعر الإنسان بأن هنالك اختلافاً بين الخطين6.

                              وعلى الرغم من خُلو المكتبات من وثائق أكيدة من النماذج التي تنسب لابن مقلة، إلا أنه يمكن القول بوجود مَنْ حاكَوْه وجروا على طريقته، والمؤكد أن النماذج الخطية الناضجة من القرن الرابع الهجري، والتي كتبت بالخط المستدير خاصة، تحمل طابع مدرسة ابن مقلة7.

                              ص91 - 93

                              وبعد ذلك حدث تطور في الخط العربي، على يد أبي الحسن علي بن هلال البغدادي المعروف بــابن البواب (413) الذي لَـقَّبه الحافظ الذهبي بــ "مَلِك الكتابة"8.

                              وكان ابن البواب حافظاََ للقرآن خطاطاََ وعالماََ بالخط، وله منظومة رائية في ثلاثة وعشرون بيتا، ومطلعها9:

                              ‌يـــا ‌مـــن ‌يـــريـــد ‌إجـــادة ‌التّـــحـــريـــــر … ويروم حسن الخطّ والتّصويـر
                              [إن كان عزمك في الكتابة صادقا … فارغب إلى مولاك في التّيسير
                              أعــدد مــن الأقــلام كــلّ مــثــقّــــف … صلب يصوغ صناعة التحبيـر
                              وإذا عــمــدت لـــبـــريــــة فـــتـــوخّــــــه … عند القياس بأوسـط التّـقــديــر
                              انـظـر إلى طـرفـيـه فـاجــعــل بــريـــــه … من جانب التّدقيق والتّحضير
                              واجــعــل لــجــلــفــتــه قــواما عــادلا … خلوا عن التّطويل والـتّـقـصـيـر
                              والشّــــق وســـطـــه لــيـــبــقــى بــريـــــه … مـن جـانـبـيـه مـشـاكـل الـتـقـديـر
                              حــتّى إذا أيـقـنــــت ذلــــــك كــــلـــــه … فــالــقــطّ فــيــه جــمــلــة الـــتـدبـيـر
                              لا تــطمــعــن فــي أن أبـوح بســرّه … إنـــي أضـــنّ بــســـرّه الــمــســـتــــور
                              لـكـنّ جـمـلـــة مـــــا أقـــــــول بــــأنّــــه … مـــا بـــيـــن تـــحـــريــف إلى تـدويـــر
                              وألـــق دواتـــك بـــالـــدّخـــان مدبّرا … بــالـخــلّ أو بـالــحــرم الـمـعصــور
                              وأضف إليه قـــــفـرة قــد صــوّلــت … مـع أصــغــر الــزّرنــيــخ والكـافــور
                              حــتّى إذا مــا خــمـرت فاعمد إلى … الــورق الــنّــقــيّ الناعم الـمخبور
                              فاكسبه بعد القطع بالمعصار كي … يــنــأى عـن الــتّشـعـيـث والــتّغيــير
                              ثـمّ اجــعـل التــمثيـل دأبك صابرا … مــا أدرك الـمأمــول مــثـل صـبــور
                              ابــدأ بــه فــي الــلّــوح مــنــتــفــيا لــه … غــرمــا تــجــرّده عــــن الــتــشــــميــــر
                              لا تـخـجـلـنّ مــن الــردى تـخـتطّه … فـــي أوّل التــمـــثـــيــــل والشـــطـــيـــر
                              فـالأمـر يـصـعـب ثـمّ يـرجـع هـيّـنا … ولـــربّ ســهــل جــــاء بــعــد عـسيــر
                              حــتّــى إذا أدركـــــت مــــــا أمّــلــتـــه … أضــحــيــت ربّ مـــســــرّة وحـــبـــــور
                              فــاشــكــر إلــهك واتّبع رضــوانــــه … إنّ الإلــــه يــــجــــيــــب كــــلّ شــكـور
                              وارغب لكفّك أن تـخطّ بــنــانهــا … خـــــيّـــــرا يـــــخـــــلّـــــفـــه بـــــدار غـــــرور
                              فـجـمـيـع فـعـل الـمـرء يـلـقـاه غـدا … عند الشّقـــاء كــــتــابـــــه الـمنــــشـــــور
                              ]


                              يذكر فيها الآداب المرعية التي ينبغي أن يأخذ الخطاط أو الكاتب نفسه بها، وهي موجودة مشهورة، ولها عدة شروح10.

                              وقد نسخ ابن البواب أربعة وستين مصحفا*، بقي منها -فيما يعلم- مصحف واحد في مكتبة جستربيتي في دِبْلن بإيرلندا.

                              ص 94


                              وظهر في القرن السابع الهجري أبرزُ الخطاطين أبو المجد جمال الدين ياقوت بن عبد الله المستعصمي (698، وكان أديباً شاعراً خازناً بدار الكتب المستنصرية. وكان لطريقته في تغيير شكل قطع رأس القلم تأثير واضح في أنواع الخطوط الستة التي اخترعها ابن مقلة، وقد برزت الخدمة التي قام بها في تجويده للخط المحقق والرَّيحاني بصورة خاصة.
                              وكثير من الأعمال التي بقيت حتى اليوم بخط ياقوت هي المصاحف.​

                              ص95 - 103


                              واهتم أهل بغداد بالخط العربي اهتماماً كبيراً، إذ بلغ الخطاطون البغداديون منذ العصر العباسي إلى زماننا الحاضر ما يقارب نحو 500 خطاط، وهذا عدد عالٍ في مدينة واحدة، لذلك جاء أحد المعاصرين وهو خطاط المجمع العلمي العراقي الشاعر وليد عبد الكريم الأعظمي (1425)، وألف كتاباً من مجلدين سماه: "جمهرة الخطاطين البغداديين"11، جمع فيه كلَّ من اعتنى بالخط من أهل بغداد، بمن فيهم خطاطي المصاحف.

                              وانتشر الخط المغربي في شمال إفريقيا ووسطها وغربها وفي الأندلس،
                              ويبدو أن ظهور هذا الخط كان أولا في القيروان التي أنشئت عام (50)، وهو خط طوِّر عن الخط الكوفي الذي خُصص لكتابة المصاحف في تلك المنطقة، وغدا هذا الطراز معروفا بخط القيروان؛ نسبة إلى المكان الذي تطور فيه12.

                              وبرع جماعة من أهل الأندلس بكتابة المصاحف ونقطها، كان من أشهرهم محمد بن عبد الله بن سهل الأنصاري المعروف بـ ابن غَطُّوس (610)، خطاط بَلَنسية، ويُروى أنه كتب ألف مصحف، وعاهد نفسه ألا يكتب إلا المصاحف.
                              وكان يضع علامات الشدِّ والجزم باللَّازَوَرْدِ (اللون الأزرق)، وحركات الحروق الأخرى باللون الأحمر، وخصص الهمزة باللون البرتقالي13.


                              واهتمت الدولة العثمانية بالخطوط اهتماماً عالياً، ومهر جماعة كبيرة من الخطاطين العثمانيين والأتراك، وآل الاهتمام بالخط العربي بعد الخلافة العباسية إلى الدولة العثمانية فاعتنت به عناية بالغة، ونبغ جماعة من الخطاطين الأتراك في كتابة المصاحف، مثل الخطاط الحافظ عثمان (1110) الذي كتب خمسة وعشرين مصحفاً14.
                              وانقطع جماعة منهم لكتابة المصاحف، مثل الخطاط شَمْشير حافظ صالح (1236) الذي كتب 454 مصحفاً15.
                              وكان للسلاطين العثمانيين اهتمام عظيم بالخط العربي، وكتب بعضهم المصاحف، مثل السلطان أحمد الثالث (1114 - 1143)، الذي كتب أربعة مصاحف16.

                              وما زالت خطوط جماعة منهم -وحتى المتأخرين- محفوظةً في مكتبة الملك عبد العزيز في المدينة شاهدة على براعتهم بالخط وأنواعه إلى الآن.

                              وفي مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة مكتبة متكاملة تسمى بـ"المكتبة المصحف الشريف"، تضم ألفاً وثمانمئة وثمانية وسبعين مصحفاً خطياً، وجلُّها من المصاحف التي كتبت أيام الدولة العثمانية، وأقدم المصاحف فيها مكتوب عام (549)، وآخرها كتب عام (1405).

                              وفيها 84 رَبْعةً من أجزاء متفرقة من القرآن الكريم17.
                              ويُعَدُّ الخطّاط الشيخ حَمْد الله الأماسي (926) المؤسس الذي جعل خط النسخ الوسيلة للطريقة العثمانية في كتابة المصحف الشريف.
                              وقد أسهم العديد من الخطاطين العُثمانيين من بعده، وبخاصة الخطاط الحافظ عثمان في تهذيب أشكال حروف خط المصاحف العثمانية وصورها المحدودة، لكن أول من حاول من الخطاطين العثمانيين استثمار خصائص خط النسخ في ابتكار المزيد من القواعد العلمية والأساليب الفنية التي تعزز هذه الطريقة العثمانية هو العلامة: الـمُلا علي القاري المكي (1014).
                              والعلامة القاري علي بن سلطان محمد الهروي من علماء القراءات القرآنية، وله شرح على الشاطبية وتقييد عليها سماه "الضابطية على الشاطبية"، وشرح على المقدمة الجزرية18. وكان من المجاورين بالحرم المكي الشريف، وكذلك كان خطاطاً بارعاً، ربما يكون قد درس الخط على الشيخ حمد الله الأماسي؛ إذ يرى بعض المؤرخين أن خط الـمُلا علي القاري مشابها تماما للكتابات الأولى للشيخ الأماسي.
                              ويعد العلامة الفقيه القاري الخطاط أولَ من وضع القواعد العلمية والفنية للطريقة العثمانية في كتابة المصحف الشريف، فالقواعد العلمية التي اقترحها في (رسم المصحف) توازن بين (علم الرسم) و(علم النحو) و(فن الخط) في كتابة المصحف الشريف.
                              وقد عرفت هذه القواعد عند مؤرخي هذا الفن وعند الخطاطين العثمانيين بـ (إملاء علي القاري)19.​


                              أما القواعد الفنية لكتابة المصحف الشريف فقد افتتحها هذا الخطاط على سبيل المثال لا الحصر بقاعدة أن تبدأ صفحة المصحف ببداية الآية من القرآن وتنتهي بنهاية آية، حتى لا تنقسم الآية على صفحتين من المصحف20؛ لتسهيل القراءة والحفظ.

                              وربما نشأت من هنا فكرة (مصحف الحفاظ)، ولا سيما وأن الخطاط علي القاري كتب مصاحف كثيرةً جداً21؛ إذ كان الخطاط علي القاري يكتب في كل عام مصحفاً، ويشرح بعض أوجه القراءات ومعاني التفسير في حواشيه؛ ليبيعه ويكفيه وارده طوال السنة كلها22.

                              ولم يزل الأتراك ممسكين بزمام التفوق في تطور الخط العربي حتى سنة (1342) عندما استُبدل بالحرف العربي الحرفُ اللاتيني، حيث انتقل قياد التفوق الخطي إلى مصر، إذ استقطبت عدداً من الخطاطين الأتراك، نحو: عبد الله بك زهدي (1296) خطاط المسجد النبوي الشريف، الذي ما زالت كتاباته للآيات القرآنية بخط الثلث الجلي في قبلة المسجد النبوي وقبابه شاهدة على براعته في الخط23.

                              والشيخ محمد عبد العزيز الرفاعي (1353) أشهر الخطاطين الأتراك في وقته، والذي كتب اثني عشر مصحفا24، وكاتب المصحف الخاص للملك فؤاد (1335 - 1355) بغاية الإتقان والضبط25.

                              وقد كتبت المصاحف بمعظم الخطوط المعروفة؛ كالرَّيحاني، والمحقَّق، والثلث والنَّسْتعليق لكن كان الغالب في كتابتها الخط الكوفي، إذ بقيت كتابة المصاحف بهذا الخط إلى القرن الخامس، ومنه إلى القرن العاشر كتب المصحف غالباً بخط الثلث، وبعد القرن العاشر إلى زماننا الحالي اشتهرت كتابة المصاحف بالخط النسخي؛ لما يتميز به من الوضوح والجمال، والسلاسة، وندرة التركيب والتداخل بين حروفه، وسهولة قراءته، حتى لَقَّبه الطيبي: محمد بن الحسن (908 "بقلم المصاحف"26، ولقبه الخطاطون العثمانيون بخادم القرآن27، وهذا الخط الآن مكتوب به معظم المصاحف المطبوعة، التي استقرت كتابتها عليه.



                              -----------------

                              1 - الفهرست للنديم (9)، وإنباه الرواة (43/1) ، وتاريخ الخط العربي وآدابه (325).

                              2 - المعارف لابن قتيبة (577،470)، والفهرست (10) ، والأعلام (134/6).

                              3 - الفهرست للنديم (10)، وتاريخ الخط العربي وآدابه (349).​

                              4 - انظر: معجم المعاجم (243 - 244) .
                              [تحميل كتاب الجيم: كتاب الجيم الشيباني ت الإبياري وغيره ط الأميرية.rar]

                              5 - جمهرة الخطاطين البغداديين (14/1).

                              6 - وفيات الأعيان (115/5)، وتاريخ الخط العربي للكردي (70)، وتحقيقات وتعليقات على كتاب الخطاط البغدادي ابن البواب لبهجة الأثري (51).

                              7 - فن الخط: تاريخه ونماذج من روائعه على مر العصور (22).​​

                              8 - تذكرة الحفاظ (1055/3).

                              9 - أوردها كاملة ابن خلدون في مقدمته (508/2 -509)، ومن تبعه.
                              ومنها أكملتها.

                              10 - كشرح شرف الدين محمد بن الوحيد (711)، نشر الأستاذ هلال نجي في تونس سنة 1967م، وشرح برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري (732).
                              انظر: ابن البواب عبقري الخط العربي عبر العصور.​
                              وهذا رابط تحميل: شرح ابن الوحيد على رائية ابن البواب.pdf

                              * رابط تحميل مصحف ابن البواب: مصحف_ابن_البواب.pdf .

                              11 - صدر عن دار الشؤون الثقافية ببغداد سنة (1989م).​

                              12 - أنظر: فن الخط: تاريخه ونماذج من روائعه على مر العصور (25)، معجم مصطلحات الخط العربي (123).

                              13 - الوافي بالوفايات (451/13)، والأعلام (231/6).

                              14 - فن الخط: تاريخه ونماذج من روائعه (195).

                              15 - المصدر نفسه (35).​

                              16 - المصدر نفسه (197).​

                              17 - من تقرير لي عن مكتبة المصحف الشريف. وانظر: مكتبة الملك عبد العزيز بين الماضي والحاضر للدكتور عبد الرحمن المزيني (53 - 54).

                              18 - ثلاثتها مطبوعة.

                              19 - طبقات الخطاطين (76).

                              20 - فن الخط (193).

                              21 - الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط المصاحف المخطوطة ومخطوطات رسم المصاحف (49 - 50).

                              22 - الأعلام (12/5)، وتاريخ الخط العربي وآدابه (292).

                              23 - فن الخط (206).​​

                              24 - فن الخط (215).​​

                              25 - وهذا المصحف اختص به الملك فؤاد نفسه، ولم يطبع.
                              أما المصحف الذي وضع أصول كتابته وفق قواعد الرسم العثماني وضبطه الشيخ محمد خلف الحسيني الشهير بالحدَّاد، وكتب حروفه الخطاط محمد جعفر بك فقد طبع، واشتهر باسم "مصحف الملك فؤاد"، أو "المصحف الأميري".
                              الملفات المرفقة
                              التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي; الساعة 24-Apr-2024, 09:29 PM.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X