أحسن الله إليكِ
أما بعد
فلا يصلح الهَمُّ أن يكون بمعنى النشاط؛ وذلك أن الهَمَّ أول العزيمة وهو يكون قبل الفعل، قال الفيومي في المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 641): "وَهَمَمْتُ بِالشَّيْءِ هَمًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ إذَا أَرَدْتَهُ وَلَمْ تَفْعَلْهُ" فكيف يكون عدم الفعل بمعنى اشتداد الفعل؟! أظن أن هذا غير صحيح ولو على سبيل الاستعارة.
وبيت شوقي هذا من الأبيات الصعبة ذات المعنى الخبيء الذي يدل على مقدرة فائقة في البيان لشوقي وقد استشكل بعض الإخوة أيضا هنا
التعبير بـ (همَّتْ) واستظهر أن الصواب (هَمَتْ) بتخفيف الميم، وجواب ما هناك هو جواب ما هنا إذ المعنى فيه غموض شديد وقد حاولت إظهاره جدا وكان جوابي هناك هو
وأما (همَّت الفلك) بالتشديد فينقل إليك الصورة التي كانت عليها الفلك وقت بدء الطوفان وكيف أنها كانت على اليابسة لا تتحرك فلما بدأ الطوفان بدأ الماء يسري تحتها شيئا فشيئا فبدأت تتمايل وتتحرك وترتفع فوق الماء شيئا فشيئا، وتهتز كأنها تهُمُّ بالحركة كفعل الإنسان أو البعير مثلا حين ينهض فتراه يتمايل تمايلا بطيئا ويهتز كي ينهض ويتحرك من موضعه وهذا هو الهمُّ بالحركة وإرادتها. وكلُّ مَنْ يرى إنسانا أو بعيرا مثلا على هذه الهيئة يعلم أنه يهم بالحركة وأنه يريد أن ينهض ويتحرك من موضعه.وهذا هو ما أراد شوقي أن ينقله إلى مستمعيه هنا؛ صورة بدء الطوفان والسفينة على اليابسة واهتزازها وتمايلها لما بدأ الماء يحركها. وكل هذا كما ترى مخزون في هذه الشدة (همَّت) وبدونها يصير المعنى ساذجا لا فضل له.
ومثل هذه المواطن لا يحسنها إلا شاعر فحل كشوقي وهي التي يمتاز بها شاعر عن غيره.
فهذا ما يظهر لي، فتأمل
والله أعلم
ومثل هذه المواطن لا يحسنها إلا شاعر فحل كشوقي وهي التي يمتاز بها شاعر عن غيره.
فهذا ما يظهر لي، فتأمل
والله أعلم
كما أرجو إخباري بأي تنبيهات سواء لغوية أو عقدية أو غير ذلك لِأُصْلِحَ الخطأَ وأُغَيَّرَ المُشْكِلَ
والله الموفق
اترك تعليق: