بسم الله الرحمن الرحيم
هذه قصيدة
لأبي الحسن بن الأنباري
ت 380هـ
رحمه الله تعالى
علو في الحياة وفي الممات
يرثي فيها أبا طاهر بن بقية وزير عز الدولة لما قتل وصلب.
وهي من أعظم المراثي ولم يسمع بمثلها في مصلوب، حتى إن عضد الدولة الذي صلبه؛ تمنى لو كان هو المصلوب وقيلت فيه.


عُلوٌّ في الحياة وفي المماتِ .. لَحَقٌّ أنت إحدى المُعجزاتِ
كأنَّ الناسَ حولَك حينَ قاموا .. وُفودُ نَداكَ أيام الصِّلاتِ
كأنَّك قائمٌ فيهم خَطيبًا .. وكُلُّهمُ قيامٌ للصلاةِ
مَددتَ يديك نَحْوهم احتفاءً .. كمَدِّهما إليهم بالهِباتِ
ولَمَّا ضاقَ بطنُ الأرضِ عن أنْ .. يَضُمَّ عُلاكَ من بعدِ الوفاةِ
أصارُوا الجوَّ قَبرَكَ واستعاضُوا .. عن الأكفانِ ثوبَ السَّافِياتِ
لعُظْمِكَ في النفوسِ تَبيتُ تُرعى .. بحُرَّاسٍ وحُفَّاظٍ ثِقاتِ
وتُوقَدُ حَولَك النيرانُ ليلاً .. كذلكَ كُنتَ أيامَ الحياةِ
رَكِبتَ مَطيَّةً مِن قبلُ زيدٌ .. عَلاها في السِّنين الماضياتِ
وتِلكَ قضيَّةٌ فيها تَأَسٍّ .. تُباعِدُ عنْك تَعييرَ العُداةِ
ولَم أَرَ قبلَ جِذْعَكَ قَطُّ جِذْعًا .. تَمكَّنَ من عِناقِ المَكْرُماتِ
أسَأْتَ إلى النوائبِ فاستَثارَتْ .. فأنتَ قتيلُ ثأْرِ النائباتِ
وكنتَ تُجيرنا مِن صَرْفِ دَهْرٍ .. فعادَ مُطالبًا لكَ بالتِّراتِ
وَصَيَّر دَهْرُكَ الإحسانَ فيه .. إلينا من عظيمِ السَّيئاتِ
وَكُنتَ لِمَعْشَرٍ سَعدًا فلمَّا .. مَضيتَ تفرَّقوا بالمُنْحِساتِ
غَليلٌ بَاطِنٌ لكَ في فؤادي .. يُخَفَّفُ بالدموعِ الجَارياتِ
وَلَو أني قَدَرْتُ على قِيامٍ .. بِفَرْضِكَ والحُقوقِ والوَاجباتِ
مَلأْتُ الأرضَ من نَظْمِ القوافي .. وَنُحْتُ بها خِلافَ النَّائِحاتِ
وَلكنِّي أُصَبِّرُ عنكَ نفسي .. مَخافةَ أن أُعَدَّ من الجُناةِ
ومَا لكَ تُربةٌ فأقولُ تُسقَى .. لأنَّك نُصْبَ هَطْلِ الهَاطلاتِ
عَليكَ تَحيَّةُ الرحمن تَتْرَى .. بِرَحْمَاتٍ غَوادٍ رائِحاتِ


مدة التسجيل الصوتي: ثلاث دقائق.
مشاهدة :

استماع :

تحميل :
MP3 (الحجم 3.3 مب)
رابط القصيدة في مدونة الشيظمي:
https://shaydzmi.wordpress.com/2018/01/31/olow/