إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

۞ اللقاء الثالث من اللقاءات السلفية بالمدينة النبوية ۞ بمشاركة الشيخين محمد المدخلي وعبد الله البخاري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية وتفريغها] ۞ اللقاء الثالث من اللقاءات السلفية بالمدينة النبوية ۞ بمشاركة الشيخين محمد المدخلي وعبد الله البخاري

    يسر موقع ميراث الأنبياء أن يقدم لكم مادة صوتية بعنوان:


    شارك فيه:

    حفظهما الله تعالى ورعاهما، وثبتهما على الإسلام والسنة، وجزاهما عنا خير الجزاء


    عقد هذا اللقاء في مكتبة الشيخ يوسف الدخيل -رحمه الله- بالمدينة النبوية
    ليلة الثلاثاء 19 صفر عام 1434هـ
    وتفضل الشيخان بإلقاء جملة من النصائح والوصايا والتوجيهات القيمة لطلبة العلم
    نسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع به الجميع


    يمكنكم تحميل هذه المادة القيمة من موقع:



    للانتقال إلى صفحة التحميل انقر على شعار الموقع
    ويرجى التكرم بعدم وضع روابط مباشرة أو إلى مواقع أخرى وشكراً



    التّفريغ:

    بسم الله الرّحمن الرّحيم


    يسُرُّ موقع ميراث الأنبياء أن يُقدِّم لكُم تسجيلاً للِّقاء الثّالث ضمن اللِّقاءات السّلفيّة بالمدينة النّبويّة، والذي شارَك فيه كُلٌّ من:

    فضيلة الشّيخ: مُحمّد بن هادي المدخلي
    وفضيلة الشّيخ: عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
    -حفظهما الله تعالى-.
    عُقِد هذا اللِّقاء بمكتبة الشّيخ: يوسف الدّخيل –رحمه الله تعالى- ليلة: الثّلاثاء 19 / صفر / 1434هـ .
    نسأل الله سُبحانه وتعالى أن ينفعَ بهِ الجميع.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    كلمة الشّيخ مُحمّد بن هادي المدخلي -حفظه الله-:

    الحمدُ لله ربِّ العالَمِين، والعاقبة للمُتّقين، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريكَ لهُ وليّ الصّالحين وقيّوم السّماوات والأرض، وأشهد أنّ مُحمّدًا عبدُهُ ورسوله صلّى الله عليه وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، رضي الله عن الصّحابة والتّابعين ومن تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

    أمّا بعد:

    فإنَّها لفُرصَةٌ طيِّبة ومُناسبَة سعيدَة –إن شاء الله- أن نلتقي في هذه اللّيلة ليلة الثّلاثاء المُوافق لـ: 19 / صفر / 1434هـ من هجرة المُصطفَى –صلّى الله عليه وسلّم- بمدينتِهِ –عليه الصّلاة والسّلام-، وفي مكتبةِ أخينَا الشّيخ: يُوسف الدّخيل –رحمه الله وأسكنَهُ فسيحَ جنّاتِهِ-؛ هذه المكتبة العامرة التي ترَوْنَها هِي قد عَمُرَت بِكُتُب العلم –أسأل الله جلّ وعلا أن يرزُقَنا وإيَّاكُم العلمَ النّافع والعمل الصّالِح-.

    أيُّها الإخوة والأبناء: لا شكَّ أنّ حياةَ الإنسان محدُودَة؛ وأنفاسُهُ فيها معدودة، والعاقِل من صرف النّفيس في النّفيس، وضدُّه من بذَل النّفيس في الخَسيس، والوقت هو العُمر وهُوَ أنفس ما يجب على الإنسان أن يعتنِيَ بِهِ ولأهمِّيّتِهِ أقسم الله بهِ في كتابِهِ وأقسمَ بأجزاءٍ منه وأقسمَ بعلاماتِهِ؛ قال جلّ وعلا:﴿وَالْعَصْرِإِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍإِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، وأقسم بالفجر قال:﴿وَالفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ، وأقسم بالضّحى قال:﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، وأقسم باللّيل قال:﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، أقسم بعلامات اللّيل والنّهار قال:﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا، أقسم بعلامات اللّيل قال:﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى إلى غير ذلك من الآيات، ولهُ جلّ وعلا أن يُقسِم بما شاء؛ وليسَ لنا معاشرَ المخلوقين أن نُقسِم إلاّ به سُبحَانه وتعالى (من كان حالفًا منكُم فَلْيَحلف بالله أو لِيَصْمُت).

    وما إقسامُهُ سُبحَانه وتعالى بأنواع الأقسام هذه إلاّ تنويهًا لمكانةِ الزّمن وأنّه ينبغي الاعتناء بهذا، وإذا كان كذلكَ فعلى العاقل أن يتأمَّل ﴿وَالْعَصْرِإِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍإِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾؛ قال الإمام الشّافعي –رضي الله عنه-:(لو تفكَّر النّاس في هذه السّورة لَكَفَتْهُم) إذِ انتظمت الأمور المُهمّة التِي يجبُ على المُسلِم والمُسلمة أن يعتنِي بها:

    الأُولَى: العِلم ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُو... ؛ ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ، الإيمان بالله جلّ وعلا وما يجبُ له سُبحانه وتعالى من الحقِّ علينَا نحن معاشر المخلوقين، وأعظم ما يجب له: إخلاص التّوحيد له سُبحانَه كما قال جلّ وعلا:﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُّطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ فهُوَ ليس بحاجةٍ إلى أحدٍ من خلقِهِ، فما خَلَقهم ليتقوّى بهم من ضَعْف ولا لِيستكثر بهم من قِلّة ولا لِيَسْتغنيَ بهم من عَيْلَة سُبحانه وتعالى؛ وإنّما خلقهم لعبادتِهِ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ.

    فيجبُ على العَبْدِ أن يُحقِّق العبادة لله تبارك وتعالى لِيَلْقَى الله سبحانه وتعالى اللِّقاء الحَسَن ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكُ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا، يُحقِّق هذا التّوحيد فيُفرِد الله بأفعالِهِ هُوَ سُبحانه وهذا هُو توحيد الرّبوبيّة أنّ الله هُو الخالِق الرّازِق المُبدِئ المُعيد المُحيِي المُميت المُدبِّر جميعَ خلقِهِ وشؤونهم سُبحانه وتعالى، فيُفرِد الله بأفعالِهِ هُوَ جلّ جلاله؛ فلا خالِق إلاّ هُو ولا رازقَ إلاّ هُو ولا مُحْيِيَ إلاّ هُو سبحانه وتعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَن يَّخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَّسْلَبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَّ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالمَطْلُوبُ.

    يقولون في العلم الحديث اكتشفوا أسرار الحيوان والحشرات كُلّ ما استطاعوا الوصول إليه اكتشفوا أسرارَه إلاّ الذّباب فإنّهم قد عجزوا أن يكتشفوا أسرارَه إلى الآن! فإنّ الله سبحانه وتعالى تحدّاهُم بهِ، إذا كان هُناكَ من يُشرَك به مع الله فَلْيَخلق ذُبابًا أصغر هذه المخلوقات، لاَ؛ بل إذا أخذ منه الذّباب شيئًا فَلْيُحاول استرجاعه، ضعف الطّالب ولو كان ملِكًا جنوده ملئ الأرض؛ والمطلوب هذا الضّعيف وهُو الذُّبَاب لا يستطيع أن يستخلصَهُ منه.

    ويقولون: إنّه لو شُرِّحت حيوانات وأنواع الحشرات لحُصِل على ما استلهمته في بطنها سريعًا يُوجَد كما هُو إلاّ الذّباب فإنّه إذا استلهمَ شيئًا لو شُرِّح في حينه ما يُوجَد! ما يُرَى! هكذا يقولون في علمهم المُعاصِر، وما علمهم جميعًا في علمِ الله إلاّ أقلّ ممّا يضع الطّائر منقاره في البحر ثُمّ يخرج منه؛ فبماذا يخرج؟! البحر كما هُو!

    فلابُدَّ من تحقيق التّوحيد بعد تحقيقِهِ في هذا الجانب تحقيقه في الجانب الآخر وهُو إفراد الله بأفعالِنا نحنُ، إذا كان هُو المعبود سُبحانَه وتعالى بهذه الصِّفَة فلا يستحِقُّ العبادة أحدٌ مَعَهُ فيُخْلَص له في عبادتنا نحن في أفعالِنا نحنُ توحيده بأفعالِ العباد وهذا هُو توحيد الإلهية وهُوَ الذِي حصلت الخصومة فيه بين الأنبياء وأقوامِهِم؛ ولأجله أرسِلت الرّسل وأُنزِلت الكُتب وانقسم النّاس إلى مُسلِمين وكُفَّار وشُرِع الجهاد وانقسمت الآخرة إلى جنّةٍ ونار فهذه لأوليائه الجنّة وهذه لأعدائه النّار –عياذًا بالله من ذلك-، فلا يُصلّى إلاّ له، ولا يُدْعَى إلاّ هُوَ، ولا يُرْجَى إلاّ هُوَ، ولا يُتوكّل إلاّ عليهِ، ولا يُرغَب إلاّ إليه، ولا يُخْشَى إلاّ هُوَ، ولا يُحْلَف إلاّ به، ولا يُنذَر إلاّ له، ولا يُطاف إلاّ بِبَيْتِهِ المُعظَّم وهكذا جميع أنواع العبادة.

    ثُمّ يُوحَّد في أسمائِهِ وصفاته ويُثبَت ما له من الأسماء الحُسنَى والصِّفات العُلَى على حدِّ قولِهِ جلّ وعلا:﴿ليسَ كمثله شيءٌ وهُوَ السّميعُ البصيرُ، فتُثبَت له الأسماء والصِّفات ويُنفَى عنه مشابهة المخلوقين؛ استثباتٌ بلا تمثيل ونفيٌ بلا تعطيل.

    فأهل السُّنّة والجماعة أهل السُّنّة والحديث والأثر –جعلنا الله وإيَّاكُم منهم- ورثة النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه هُمْ على هذِهِ الطّريقة يُثبِتُون لله ما أثبَتَهُ لنفسِه في كتابه وأثْبَتَهُ له رسوله –صلّى الله عليه وسلّم- في صحيح سُنّتِهِ؛ وينفُون مشابهة المخلوقين جلّ وعلا؛ قال سبحانه:﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فأمرنا سُبحانه وتعالى بذلك في مُحكمِ التّنزيل والقرآن مليءٌ بوصفِهِ جلّ وعلا لِنفسِهِ بالسّمع والبصر واليَدَيْن والكلام والنّزول والمجيء والغضب والرِّضا والرّحمة والمشيئة والإرادة والمحبّة والبغض والكره إلى غير ذلك..كُلّ ذلك يُثبَت لله على الوجهِ اللاّئقِ به سُبحانَه وتعالى، كلّ ما جاء في الوَحْيَيْن نُثْبِته لله جلّ وعلا على الوجه اللاّئق


    وكلّ ما جاء في الوَحْيَيْن من صفةٍ *** لله نُثبِتها والنّصّ نعتمدُ
    صفات ذاتٍ وأفعال نُمرّ ولا *** نقول كيفَ ولا ننفي كمن جحدُوا
    لكن على ما بمولانا يليق كما *** أراده وعناه الله نعتقدُ


    إثبات بلا تمثيل ونفي بلا تعطيل ﴿ليسَ كمثله شيءٌ وهُوَ السّميعُ البصيرُ، هذه هي أنواع التّوحيد؛ هذا هُو العِلم النّافع، وما عداه من الفروع مُندرِجٌ تحته، والعبد لو لَقِيَ الله بكُلِّ ذنبٍ مع الإيمان الخالِص لله جلّ وعلا وتحقيق التّوحيد فَهُو تحت مشيئة الإله النّافذة إن شاء عفا عنه وإن شاء أخذَهُ؛ يُرجَى له أن يُغفَر، وإن لم يُغفَر وأُخذ بالعدل عُذِّب بقدر ذنبِهِ لكن مآله إلى جنّاتِ النّعيم، ولا يخفاكُم جميعًا قصّة الرّجل صاحب التّسعة وتسعين سِجلّة والبطاقة الصّغيرة التي قد كُتِب عليها:(لا إله إلاّ الله...) الحديث رجحت بالتّسعة والتّسعين سِجلّ.

    فضل التّوحيد عظيم وهُوَ رأس العِلم؛ قال جلّ وعلا:﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ يجبُ الاعتناء بهذا التّوحيد وتحقيقه ومعرفة أهلِهِ ومحبّتهم ومُوالاتِهِم ومعرفة أعدائِهِ وبُغضهم وهجرِهم ومُفاصلتهم ومُجافاتِهِم بُغضًا في الله وحُبًّا في الله،


    فيه نُوالِي أولي التّقوى وننصرهم *** وكلّ أعدائه إنّا لهُم لعَدُوّ


    هذا من شروط لا إله إلاّ الله لا بُدَّ من ذلك.

    ثُمّ بعد ذلك العَمَل بهذا العلم الذي نوّر الله به البصائر تَعْمَل ﴿اُدْخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لابُدّ من العمَل ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.

    فإنّ الإيمان: اعتقادٌ بالجَنان؛ ونُطقٌ باللِّسان؛ وعملٌ بالجوارح والأركان؛ يزداد بالطّاعة وينقص بالعصيان وأهله فيه مُتفاضلون


    فالدِّين قولٌ بقلب واللِّسانِ وأعمالٌ *** بقلبٍ وبالأركان مُعتمَدُ
    يزدادُ بالذِّكرِ والطّاعات ثُمّ له *** بالذّنب والغفلة النّقصان مُطّردُ
    وأهلُهُ فيه مفضولٌ وفاضلهم *** منهم ظَلُوم وسبّاق ومُقتصدُ
    وهاك ما سأل الرّوح الأمين رسول *** الله عن شرحِهِ والصّحب قد شهدُوا
    فكان ذاك الجواب الدِّين أجمعه *** فافهمه عقدًا صفا ما شابه عَقَدُ


    وهُوَ اعتقادٌ بالجَنان ونُطقٌ باللِّسان وعملٌ بالجوارح؛ يزداد بالطاّعة وينقص بالعصيان وأهلُهُ مُتفاوِتُونَ فيه متفاضلون؛ منهُمُ الظّالِم لنفسه؛ ومنهم المُقتصِد؛ ومنهم السّابق بالخَيْرَات ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَّدْخُلُونَهَا... الآية.

    هذا التّوحيد وهذه الأعمال لابُدّ منهَا، لا كما قالتِ المُرجئة: إنّ الدِّين إنّما هُو اعتقادُ القلبِ وإقرار اللِّسان وأهلُهُ في أصلِهِ سواء؛ هؤُلاء مُرجئة الفقهاء عُرفُوا فيما بعد تمييزًا لهُم لمَّا جاء بعدَ ذلك صنوف من المرجئة كإرجاء الجهميّة وإرجاء الكرّاميّة وغيرهم وإلاّ سلفُنَا الصّالح ما كانُوا يُطلِقون الإرجاء إلاّ عليهم على مُرجئة الفقهاء؛ أمّا إرجاء الجهميّة حدَث بعده وإرجاء الكرّاميّة حَدَث بعده، ولذلك كلام السّلف الأوّلين قبل حُدوث الجهميّة وقبل حدوث ابن كرّام فإنّه بعد الإمام أحمد إنّما يُراد بِهِ مرجئة الفقهاء شاء ذلِكَ من شاءَهُ وأباه من أباه وهذِهِ كُتب السّلف بينَ أيدينا "هذا الفَرَس وذلك الميدان" يتفضّل من أراد البحث هذِه الكتب موجودة، وكلام السّلف فيهَا أوضح من الشّمس في كبد السّماء ليس دونها غيايَة وليس دونها قتر، لكن المُتأخّرون لمّا أدركوا الإرجاء بصنوفه التي حدثت بعد احتاجوا إلى أن يقولوا: مُرجئة الفقهاء تمييزًا لهم عن الجهميّة ما بعد أحمَد؛ وإلاّ قبل كان الإرجاء كان يُطلَق على مرجئة الفقهاء مرجئة الحنفيّة الذينَ يقولون: إنّ الدِّينَ اعتقادٌ بالجَنان وإقرارٌ باللِّسان وأهله فيه أصلِهِ سواء.

    والذّنب الأوّل من الصّدر الأوّل للإرجاء لهؤلاء، وبعد ذلك جاء إرجاء الجهميّة وإرجاء ابن كرّام ومن جدَّ من بعدهم.

    فالدِّين: اعتقاد وقول وعمل يزيد وينقص وأهله فيه مُتفاضلون مُتفاوِتون منهُم ومنهُم ومنهُم على حَسب ما سمعتم، فيَنْبَغِي للمُسلِم أن يعتني بالعمل فإنّ هذه الأعمال لابُدّ منهَا في الإيمان، وَلْيَحْذَر في هذا الجانِب من التّفريط والتّساهُل والإهمال والغفلة وَلْيَعْلَم أنّ المرء يُنزَّل عند الله يوم القيامة بهذه الأعمَال على قدرِ عملِهِ يُنزَّل.

    فالله الله في الاعتناء بأمر التّوحيد ومُذاكرتِهِ فيما بينَنا ونشره في مجالسنا، والاعتناء بالكتب التي اعتنت به تقريرًا وتوضيحًا وردًّا على المُخالِفين فيه بأنواعِهِ من هذه الكُتُب: القواعد الأربع ثُمّ الأصول الثّلاثة ثُمّ كتاب التّوحيد ثمّ كشف الشّبهات ثُمّ الواسطيّة ثُمّ الحمويّة ثمّ التّدمريّة؛ الإنسان إذا أتقَن هذه الكُتُب لا يَضُرُّه –إن شاء الله- بعدَ ذلك شيء؛ إذا أتقَن هذه الكُتُب لا يَضُرُّه بعدَ ذلك –بإذنِ الله- شيء، يستطيع أن يقرأ بعد ذلك في مُطوّلات كتب أهل السُّنّة وفي رُدود أهل السُّنّة على أهل الأهواء والبدعة ويكون ثابث الجَنان بإذن الله تبارك وتعالى في هذا الباب؛ فلابُدّ من الاعتناء بهذه الكُتُب.

    والاعتناء بها تدريسًا وحفظًا ومُذاكرةً هذا يجبُ أن يكونَ مع الإنسان طيلةَ حياتِهِ؛ فإنّه كلّما قرأ ازدادَ؛ إن كان حافظًا ازدادَ ترسيخًا لمحفوظِهِ؛ وإن كانَ غير حافظٍ فإنّه يكاد يحصُل على ما يُقارِب الحفظ وهُو الاستظهار بكثرة التّكرار والقراءة في هذه الكُتُب، لأنّنا في هذا العصر نجِد مُحارَبة أهل الباطل لأهل التّوحيد بشتّى أنواع المُحاربة.

    وقد جاءتني قبل ليالٍ ثلاث تقريبًا رسالة عن طريق الجوّال يقول صاحبها: أنا حينما كنت سروريّ كنت عندي عبادة وعندي قيام في اللّيل وأصوم وعندي خُشوع وأبكي ولكن لمّا ذهبت إلى السّلفيِّين وعاشرتُهُم ضَعُفَ عندي ذلك بَلْ يقول عن نفسه أنّه انتكس! طبعًا معروف المقصود من هذه الرِّسالة؛ أنا سأقرؤها عليكُم حتّى تَرَوْا أنّ التّلبيس باقٍ وحزبُ إبليس باقٍ!–نسألُ اللهَ العافيةَ والسّلامة-؛ سأقرؤها عليكُمْ حتّى يعلمَ من ينتهي إليه مثل حديثنا هذا يقول: "يا شيخ أنا حينَما كُنت سُروريًّا مُحترقًا" طبعًا كتَب سُروريّ مُحترقٌ ما يضرّ هذا نقرؤه كما هُوَ "قبل أربع سنوات كنت عابدًا زاهدًا صوّامًا قوّامًا كثير الذِّكر والتِّلاوة أبكِي من خشية الله وكنت أُلقَّب بإبراهيم بن أدهَم" تمَام؛ أقراها عليكُم كما هُو! "ثُمّ لمّا اهتديتُ للسّلفيّة وأتيتُ للمدينة لإتمام التّحصيل رأيتُ أحوالِي تغيّرت رأسًا على عقل" يعنِي: على عقب؛ أخطأ في الإملاء! "خصوصًا باختلاطِي بالسّلفيِّين لم أرَ التّعبّد والتّذكير عليهم فقَسَا قلبي وجمدت عينِي وأصبحت أفعل بعض المعاصي كالغيبة وغيرها" هذا المقصود! الغيبة لأهلِ الأهواء والبِدع! هذا هُوَ الذي أحرَقَ قلوبهم من أهل السُّنّة ﴿قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ "ولا أستطيع غضّ بصري وأشياء في الخلوة يندَى لها الجَبِين ممّا يُسْتَحْيَى أن يُقَال؛ هذا حال أحد طُلاّبِك يا ابن هادِي"

    أنا دعوتُهُ إلى هذَا؟! اُنظرُوا؛ أنا دعوتُهُ إلى هذا؟! أنا أدعُوهُ إلى مَا؟! إلى هذا الذِي سمعتُم!! فإذا كُنتَ أنتَ زِغتَ فالله جلّ وعلا يقول:﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ والقلوب يا ولدِي بين إصبعين من أصابع الرّحمن يُقلِّبُها كيف شاء؛ لهذا كان النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- يقُولُ:(يا مُقلِّب القلوب...).

    فأنتُم انظُرُا إلى هذا! يعنِي: كأنّنا نُعلِّم طُلاّبنا الفِسْقَ والفجور!! إجْرام ليس بعدهُ إجرام، إذا فعل الإنسان شيئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ الله ما أن يتبجّح به ولو كان غير هذا لَسَتَرْتنَا عليه؛ لكن أن يَنْسُبَ هذا إلى المنهج السّلفي! هذا لا يجوز نسبته إلى دين الإسلام! فكيفَ بطريقة رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- التِي هِي الطّريقة الصّحيحة!! هذا زائغٌ هُو في نفسِهِ، وأنا سأذكُرُ له بَسْ مثالا واحِدًا لن أستطرد معه وإنّما ذكرتُهُ لبيان مُحارَبة أهل الباطل لأهل السُّنّة:

    النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- لمّا جيء إليه بالرّجل قد شرِبَ الخمر عدّة مرّات -في البخاري- فجلده فلعنه عُمَر –رضي الله عنه-؛ قال: (لا تَلْعَنْهُ إنّه يُحبّ الله وَرَسُولَه)، وقال عن الخوارج إيش؟ يقول لأصحابِهِ –رضي الله عنهم-: (يَحْقِرُ أحدُكُم صلاتَهُ عند صلاتِهِم وقراءته عندَ قراءتِهِم..) اُنظُر اُنظُر! قراءة الصّحابة ليست بشيء! وقد جاء أيضًا هذا في بعض الرِّوايات (لَيْسَت قراءتُكم إلى قراءتِهِم بشيء) يعنِي: قراءتكم قليلة وقراءتُهُم كثيرة للقرآن؛ هآه؛ لكن قال عنهُم إيش؟ (يمرُقُونَ من الدِّين كما يمرُقُ السّهم من الرّميّة) ؛ (شرّ قتلَى تحتَ أديم السّماء طُوبَى لمن قَتَلَهُم أو قَتَلُوه) ؛ (خيرُ قتيلٍ من قتلوه) ؛ (لئن أدركتهم لأقتُلنّهم قتلَ عادٍ) اُنظروا! إذا كان عبادة الصّحابة ليست إلى عبادة هؤلاء بشيء إذا قارَنُوهَا؛ فهل العِبْرَة بكثرة العمَل أم أنّها بِصحّة العمَل؟!! بِصحّة العَمَل والدّليل:﴿لِيَبْلُوَكم أيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ؛ ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ فما قال: ليبلوكم أيّكم أكثر! وإنّما قال:﴿أَحْسَنُ عَمَلاً.

    قيل لأبي الفضيل: (ما أحسن عمل يا أبا عليّ؟ قال: أخلَصُهُ وأصْوَبُه، إنّ العمل إذا كان خالصًا ولم يكُن صوابًا لم يُقبَل؛ وإذا كان صوابًا ولم يكُن خالصًا لم يُقبَل حتّى يكون خالصًا صوابًا).

    ويقول الله جلّ وعلا:﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةًتُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾ الآيات. فهُنا أخبر عن هذه الوجوه الخاشعة الذّليلة العاملة النّاصبة بأنّها تصلَى نارًا حامية.

    وهؤلاء الخوارج جاءهم ابن عبّاس –رضي الله تعالى عنهما- لمّا جاء لمناظرتهم فانقسموا فريقَيْن قالوا: قد جاءكم هذا ابن عبّاس وإنّه من قُرَيش وقد قال الله فيهم:﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ فلا تُجادلوه! انقسموا فريقَيْن؛ أُناس قالوا: ما نُجادله؛ وأُناس قالوا: لا؛ نسمع منه لئن قال حقًّا لنقبلنّ منهُ؛ فالذينَ قالوا هذا وسمعوا منهُ فَلَجهُم –رضي الله عنه- بالحُجّة فكتَبَ الله لهُمُ الخير وعادُوا، والذينَ أدبروا –نسأل الله العافية والسّلامة- سبق لهم من الله ما سبَق قاتَلهُم أمير المؤمنين عليّ –رضي الله عنه- وهُو الذِي بشّره رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- بهذا فقال:(إنّ منكُم...) يقول لأصحابه (...من يُقاتِل على تأويلِ هذا القرآن كما قاتلت على تنزيلِهِ) فاشرأبَّ القوم فقال النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم-:(ليس ذلكَ إليكُم إنّما ذلك إلى خاصف النّعل) وكان ذلك هُو عليّ –رضي الله عنه- فقد انقطعت نعله وكان يخصفها بيده فتحقّقت نبوءة النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- فيه.

    والسّروريّة خوارج فلا عِبْرَة بعبادتهم وكثرة عبادتهم وهُم يُكفِّرون المُسلِمين حُكّامًا ومحكومين، الحُكّام أمرهُم قد ظهر عندهُم في التّكفير والمحكُومِين وهُم عوامّ المُسلِمين كفروا بالتّبعيّة لأنّهم كما يقولون: قد أعطوا أخصّ خصائص صفات الألوهيّة لهؤلاء الطّغاة فمِن هذا الباب كفروا! ومن ذلك تكفير شيخهم وإمامهم وقُدْوَتهم ومُقدّمهم سيّد قُطب لمجتمعات المُسلِمين! بَل أوّل من كفّر المُؤذِّن الذي يُردِّد الأذان على المنابر المُؤذِّنين كفّرهم! فهذا لا عِبْرَة به، فإذا زغتَ أنتَ فهل يُنسَب هذا إلى الإسلام؟!! يُنسَب إليكَ أنتَ؛ ولكن لبّس عليه إبليس فظنّ أنّ هذه الحُجّة تمشي! لكنّها ولله الحمد عندَ أهل السُّنّة ما تمشي، يُعيدونَه إلى سلفِهِ إلى الخوارِج جاءهم ابن عبّاس فرأى قومًا شثنى الوجوه ُثنى الجباه والأيدي ورُكَبَهُم كذلك من كثرة السّجود وُجوهم شثنى أيدهم شثنى من كثرة السّجود كأنّها أخفاف الإبل؛ لكن قال لهم: جئتكم من عندِ أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- وما أرى فيكُم واحدًا منهُم! ما شاء الله هذا النّعت! إذا ما كان معهم أحد من الصّحابة دلّ على مَا؟! على أنّهم على باطلٍ لأنّهم تركوا أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-.

    وهكذا أهل البدع تركوا ورثة النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وهُمُ العلماء؛ العُلماء بِسُنّة الرّسول –صلّى الله عليه وسلّم- تركوا طريق الصّحابة –رضي الله عنهم- (إنّ الأنبياء لم يُورِّثوا دينَارًا ولا درهمًا وإنّما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ) من الذي أخذه؟ العُلماء الذينَ قال فيهم:(العُلَماء ورثة الأنبياء) قال ابن حبّان:(قول النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- في هذا الحديث فيه إشادَة بأصحاب الحديث) أهل السُّنّة معرفة حديث رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- قال:(فمن تعرّى من معرفة حديث رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- معرفة صحيحه وسقيمه فليس من وُرّاث النّبيّ –صلى الله عليه وسلّم-).

    وفِعلاً الذينَ قاومُوا البِدَع وأهلها هُم أئمّة الحديث: مالِك والشّافعيّ وأحمَد وقبلهُم الأوزاعيّ ومالِك والثّوريّ هؤلاء ثلاثة واللّيث في مصر فهؤلاء الأربعة قبلَ مجيء الأربعة في زمن أتباع التّابعين كانُوا هُم أئمّة الدّنيا، وإذا نظرت إلى البقيّة كابن عُيَيْنَة والزّهري شيخه وشيخ مالِك الحمّادين رأيتَ عجبًا، إذا جئت إلى من هُم بعدهم: البُخارِي مُسلِم أبو داود وهكذا أئمّة السُّنّة والحديث هُم الذينَ قاموا هؤلاء وردُّوا على أهلِ البدع بكُتُبِ الاعتقاد كُتب السُّنّة المُسنَدة الذي اختُزلِت منها ومُتِنَت كتب العقيدة المُجرّدة، وبعد ذلك يأتِي الآتِي ويقول: فُلان ما هُو مختصّ في العقيدة!! يتبجّح ويتشدّق بملء فيه؛ كأنّ العقيدة إنّما هِيَ أن تدرُسَ أقوال أهل البدع هذه هي العقيدة!! ولابُدّ أن تعرف علم الكلام! أو تعرف البدع كلّها وتفاصيلها!

    العقيدة: أن تعرف الاعتقاد الصّحيح وتتمكّن منه بمعرفة أصولِهِ وإتقانِهِ وأدلّته؛ وإذا عرفتَ ذلك وتمكّنت منه سَهُل عليك بعد ذلك ردّ البِدع والمُحدَثات أيًّا كانَتْ، وما مِن إنسانٍ إلاّ ويحصُل عنده من النّقص، لكن الأصل ينبغي الاعتناء بِهِ، فهؤلاء هُم حملة العقيدة أئمّة الحديث هُم حُمَاة العقيدة وهُم أنصارُهَا في قديمِ الدّهر وحديثه ولا يُبغِضُهُم إلاّ من كان من أهل البِدَع والكذب والفُجُور كما قال عبد الله بن الإمام محمّد بن عبد الوّهاب –رحمه الله تعالى-، لا شكَّ في هذا ولا رَيْبَ فأهل السُّنّة هُمُ القائمون بها والقاعدون بها والرّافعون رؤوسهم بها والذّابُّونَ عنهَا.

    فالله الله معشر الإخوة والأبناء في تحقيق هذا الباب والاعتناء به لاسيّما في مثل هذه الأزمان وقد تكالبت على أهل السُّنّة والحديث أهل السُّنّة والجماعة تَكَالَبَتْ عليهم الفتن وتكاثر أهل الأهواء، فعليكُم بتحقيق الاعتقاد والعَمَل به وعليكُم أيضًا بعد ذلك بهذه الأعمال إتقان الإسلام لابُدّ منهَا لابُدّ من القيام بذلك ثُمّ المُكمِّلات لهذا؛ مسابقة إلى النّوافل فإنّ الله جلّ وعلا يقول في الحديث القدسي الذي تعلمونه:(ما تقرّب إليّ عبدي بشيءٍ أحبّ إليّ ممّا افترضته عليه، ولا يزال يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أُحبّه، فإذا أحْبَبْتُهُ كنت سمعه الذي يَسْمَع به وبَصره الذي يُبصِر بِهِ وَيده التي يبطِشُ بها ورجلَهُ التِي يَمْشي بها، ولئن سألنِي لَاُعطِينّهُ، ولئن استعاذَنِي لَاُعِيذنّه).

    هذا يبغانا نُخبره أنّنا نُصلِّي نحن في اللّيل ونبكي ونتهجّد وكذا، هذه الأعمال بيننا وبين الله جلّ وعلا، يبغى السّلفيّين يُخبرونَه بذلك! الأعمال بينهم وبين الله جلّ وعلا، لابُدّ من الإخلاص ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ فالأمر بالإخلاص ضروريّ من شُروط لا إله إلاّ الله، على العبد أن يبتعد عن الرِّياء فإنّه كان أخوف ما خافه –صلّى الله عليه وسلّم- على أُمّتِهِ (أخوَفُ ما أخافُ عليكُم...) إيش؟ (...الشِّرك الأصغر) سُئل عنه فقال:(يسير الرِّياء)


    والشِّرك منهُ أصغرٌ وهُو الرِّيَاء *** فسّره به ختام الأنبياء


    لا شكَّ المُسلِم الصّادق يحرص كلّ الحرص على الابتعاد عن المراءاة فإنّه من راءى راء اللهُ به ومن سمّع سمّع الله به.

    نسألُ الله جلّ وعلا أن يرزُقَنا وإيّاكم جميعًا الإخلاص له في القولِ والعمل.




    ثمّ أختِم هذا الكلام معشر الإخوة والأبناء بالصّبر والاحتساب في الدّعوة إلى هذه العِلم الذي منّ الله به عليكُم بعدما علمتم وعملتم ادعُوا كما قال جلّ وعلا:﴿اُدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ هذا أمرٌ لرسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-، وأمر رسوله –صلّى الله عليه وسلّم- أن يقول:﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي فيجبُ على المُسلِم والمُسلِمة أن يقومَ بهذا بحسب استطاعتِهِ، من عَلِمَ يدعُو إلى ما عَلِمَ، وَلْيَعْلَم أنّ النّاس لن يكونوا كلّهم على بابٍ واحدٍ مُوافقين له فيما يقول؛ فلابُدّ وأن يجدَ المُخالِف له لأنّ النّفوس تهوَى وتتمنّى والذي يدعُوها إلى شرع الله لابُدّ أن يَصطَدِم بها فسيجد الأعداء والمُخالِفين والخصوم فعليه أن يصبر ويحتسب في تعليمِ النّاس الخير وفي دعوتِهِ للنّاس إلى الخير، فلابُدّ من الاحتساب لابُدّ من الصّبر (لأن يهدِيَ اللهُ بكَ رجلاً واحدًا خيرٌ لكَ من حُمرِ النّعم).


    واصبِر على لاحِقٍ من فتنةٍ وأذى *** فيه وفي الرّسل ذكرى فاقتدِ بِهِمِ
    لواحدًا بك يهديه الإله يكُنْ *** خير غدًا لك من حُمر من النّعمِ


    فلابُدّ من الصّبر ولابُدّ من الاحتساب، ونحنُ في هذا الزّمن خاصّة بحاجةٍ إلى دعوةٍ حثيثة من أهل السُّنّة لعموم المُسلِمين عوامّ كِبار صغار أطفال ونساء؛ نساء فيما بينَهُنّ، وأيضًا: الرّجل يُوجِّه دعوته للنِّساء في خُطَبِه في دُروسِه في المساجِد التِي يحضُرها النّساء أو تُنقَل والنِّساء بحاجةٍ إلى تذكير لأنّ النِّساء هُنّ أصل الأُسَر؛ فإذا ربَّتِ المرأةُ أولادَهَا على الخَيْرِ نشأت المُجتمعات الخيِّرَة الفاضلة بإذن الله تبارك وتعالى-.

    وهكذا يجبُ علينَا جميعًا أن نتكاتف في هذا الباب كلٌّ بحسبِ استطاعته، إذ المقصود من التّعلّم العَمَل والحِرص على هداية النّاس ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ يحذرون عذابَ الله جلّ وعلا.

    أسألُ الله سبحانه وتعالى بأسمائِهِ الحُسنَى وصفاتِهِ العُلَى أن يرزُقَنا وإيَّاكُم جميعًا العلمَ النّافِع والعمَلَ الصّالِح والفقهَ في الدِّين والبصيرة فيه والثّبات على الحقِّ والهُدَى حتّى نلقاهُ إنّه جوادٌ كريمٌ.

    وصلّى الله وسلّم وبارك على عبدِهِ ورسولِهِ نبيِّنا مُحمّد وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأتباعِهِ بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.



    كلمة الشّيخ عبد الله البُخاري -حفظه الله-:



    بسم الله الرّحمن الرّحيم
    الحمدُ لله ربِّ العالَمين، وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيِّنا مُحمّد وآلِهِ وصحبِهِ وسلَّم.

    أقول فيما سمعنا من كلمةِ الشّيخ: أبي أنس –حفظه الله ورحمه حيًّا وميِّتًا-.


    أقول: فيما حدّث وذكّر بِهِ كِفايَة وغُنْيَة –جزاه الله خيرًا ونفع به-، ورحِمَ الله الشّيخ الدّكتور: يُوسف الدّخيل وأسكنه فسيحَ جنّاته؛ ونسأل الله جلّ وعلا أن يجعَلَ هذا في موازين حسناتِهِ.

    وإن كان مِن تذكيرٍ في مثل هذه المقامات أو في مثل هذا المقام هُو تذكيرٌ للنّفسِ أوّلاً ثُمَّ للإخوة الطّلبة وللحاضرين عمومًا والسّامعين، نسألُ اللهَ جلّ وعلا أن ينفعَ بهذا الجميع وَ
    ﴿الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ.

    فإنّ الشّيخ –وفّقه الله- قد استعرض جُملةً من النّصائح والتّوجيهات وبدأها بالتّذكير في مسألة حفظ الوقت وأهميّة الوقت وما ورد في ذلك من قَسَمِ الله جلّ وعلا بالوقت وبعض علاماتِهِ والله جلّ وعلا يُقسِم بما شاء من مخلوقاته جلّ في عُلاه.

    والنّاظر في سيرة النّبيّ –صلّى الله عليه وآلهِ وسلّم- وأصحابه وسلف الأمّة الصّالح وأئمّة الهُدَى يجدُ حرصهم الشّديد والأكيد على الوقت تطبيقًا للأمر الإلهيّ والتّوجيهات الواردة في ذلك، ولا يخفى عليكُم الحديث الصّحيح الذي قال في النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وهُو عندَ الطّبرانيّ وغيره:(لن تزولَ قدم عبدٍ يوم القيامة حتّى يُسأل عن أربع...) ومنها سؤالان عن الوقت (عَنْ عُمرهِ فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه؟) فأمرُ الوقت والحفاظ عليهِ مُهمٌّ وخيرُ ما تُفنى به الأعمار وتُقضَى فيه الأوقات وأيضًا ما ذكّر به الشّيخ –وفّقه الله- من تعلُّمِ العلم الصّحيح وتحقيقه وأُسُّ ذلكَ وأساسه: العناية بالعقيدة والتّوحيد لله جلّ وعزّ.

    فالحفاظ على الوقت أيّها الإخوة من أهمِّ المُهمّات


    والوقت أنفس ما عُنِيتَ بِحِفْظِهِ *** وأُرَاه أسهل ما عليكَ يضيعُ


    قال الإمام ابن القيِّم –رحمه الله- كما في الفوائد:(ضياعُ الوقتِ أشدّ من الموتِ؛ فإنّ الموتَ يقطعك عن النّاس وأمّا ضياع الوقت فإنّه يقطعك عن الله والدّار الآخرة).

    فالمُحافظة على الوقت فيما يعود عليكَ بالنّفع في الدّنيا والآخرة هُوَ ما يجب أن تلتفتَ إليه وأن تُشغِل أوقاتك كلّها في هذا الباب، ومن صَدَقَ الله صَدَقَهُ الله، ومن حرِص على تحصيل العلم النّافع المُثْمِر للعمل الصّالح وفّقه الله وهداه وسدّده وأعانَهُ.

    يقول الإمام ابن القيِّم –رحمه الله-:(العبدُ يتقلَّبُ بين أحكامِ الأوامر وأحكام النّوازِل، فعلى قدر قيامه بأحكام الأوامر يكون اللّطف به في أحكام النّوازِل).

    وقال الإمام ابن رجب –رحمه الله- كما في "جامع العلوم والحِكَم":(مَنْ عامَلَ الله بالتّقوى في حالِ رخائه عامله الله باللُّطفِ في حال شدّته).

    فالمرءُ مُحتاجٌ بل مُضطرٌّ إليه جلّ وعلا أن يُعينَهُ للقيام بأحكام الأوامِر وأن يَلْطُفَ به جلّ وعلا إذا ما نزلت به النّوازِل.

    فالله الله أيُّهَا الإخوة من الحرص على هذا الوقت فيما يعود عليكَ -كما قُلت- بالنّفع في الأولى والآخرة؛ وهُو شَغْلُه في العلم الصّحيح المُثْمِر العمل الصّالِح، ومن صَدَق الله صَدَقَه الله.

    جاء عند الإمام ابن أبي حاتم في "تقدمة الجرح والتّعديل" وفي "معرفة علوم الحديث" للحاكم وفي "فضل التّهليل وثوابه الجزيل" لابن البنّاء بسندٍ حسن أنّ أبا زُرعة الرّازي –رحمه الله- حضرته الوفاة –يعني: النّزع- وقال أبو حاتم وكان معه المُنذِر بن شاذان وجماعة: (تعالَوْا نتذاكر حديث –يعنِي: حديث النّزع- لعلّه يذكُرُ ذلكَ فيقول به) اجتمعوا عندَهُ –رحمه الله- فقالَ المُنذِر بن شاذان:(حدّثنا أبو عاصم النّبيل؛ قال: حدّثنا عبد الحميد عن صالح؛ فارتجّ عليّ الحديث فكأنِّي ما سمعتُهُ ولا قرأتُهُ...) هيبةً للإمام أبي زُرْعَة؛ فقال أبو حاتِم:(حدّثنا أبو عاصم النّبيل عن عبد الحميد عن صالح فارتجّ عليّ الحديث فكأنِّي ما سمعتُهُ ولا قرأتُهُ...) ففطن إليهم أبو زرعة –رحمه الله- أنّهم أرادوا تلقينَهُ حديثَ الشّهادة فقال وهُو في فراش النّزع: حدّثنا أبو عاصمٍ النّبيل عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي عريب عن كثير بن مُرّة ن مُعاذ بن جبل –رضي الله عنه- عن رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال:(من كان آخر كلامِهِ من الدّنيا لا إله إلاّ الله دخَل الجنّة)؛ قال:(فخرجت روحُهُ مَعَ الهاء –رضي الله عنه-) صَدَقَ الله فصَدَقَهُ الله، أفْنَوا أعمارهم في تحصيل العِلم النّافع والعمل الصّالح والذّبّ عن السُّنّة وعن حياضها وحراستها من الدّخيل وتنقيتها فصَدَقَهُمُ الله جلّ وعلا فلَطَف الله جلّ وعزّ به في مثل هذه المقامات.

    وجاء أيضًا في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- كما ذكر هذا الإمام ابن كثير في "البداية والنّهاية" أنّهم في السّجنة الأخيرة يقول أخوه:(ختمتُ القرآن أنا وأخي شيخ الإسلام -في السّجنة الأخير يعني- ثمانِينَ ختمة حتّى شرعنا في الواحد والثّمانِين إلى أن وصل عند قولِهِ تعالى:﴿إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ قال: فخرجت روحه عندها –رضي الله عنه-).

    وفي الصّحيح عند البُخاريّ قوله –صلّى الله عليه وسلّم-:(من ماتَ على شيءٍ بُعِثَ عليه).

    وَ (الأعمال بالخواتِيم) كما قال –صلّى الله عليه وعلى آلِهِ وسلّم-.

    فاحرِصوا يا إخوتاه على هذا، وعلى تحقيقِ العلم الصّحيح المُثْمِر العمل الصّالِح.

    في هذه الرّسالة التي أُرسِلَت إلى الشّيخ –حفظه الله- من هذا الشّابّ وأنّه يحكِي ما يحكيه عن نفسِهِ وما كان عليهِ! ما صَدَقَ الله في انتسابِهِ إلى السّلفيّة والسُّنّة أبدًا، إذ إنّ السّلفيّة هِي منهجُ النّبوّة وسُلوك منهج النّبيّ –صلّى الله عليه وآلهِ وسلّم- وأصحابه من بعده وهذا هُو الصِّراط المُستقيم الذي تدعو الله جلّ وعلا في كُلِّ ركعةٍ من ركعاتك نفلاً كان أم فرضًا أن يهدِيَك الله إلى الصِّراط المُستَقِيم فتقول:﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ﴾.

    جاء عند الإمام ابن جرير –رحمه الله- في التّفسير بسندٍ حسنٍ أنّ رجُلاً جاء إلى الإمام أبي العالية الرّياحيّ قال له: ما الصِّراطُ المُستقيم في قوله تعالى:﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ﴾؟ قال:(الصِّراط المُستقيم هُوَ رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- وصاحباه من بعده أبو بكرِ وعُمَر)؛ قال: فذهب الرّجل إلى الحسن يسألُهُ عن قول أبي العالية فقال:(صَدَقَ وَنَصَحَ) أي: صدقَك القول ونصحَ لكَ.
    هذا هُو الصِّراط المُستقيم، من زاغ عنه ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزاَغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ –نسألُ الله العافيةَ والسّلامة-.

    ومن حصّل العلمَ النّافِع بصدقٍ وإخلاصٍ أثمَرَ له العمل الصّالِح الذي يُزكِّيه ويُنمِّيه ويُقرِّبه من الله جلّ وعلا، ولكَ في رسول الله –عليه الصّلاة والسّلام- الأُسْوَة والقدوة؛ فكان يقوم من اللّيل حتّى تتفطّر قدماه –عليه الصّلاة والسّلام-.

    هذا مسروق بن الأجدَع في التّابعين –رحمه الله- جاء في ترجمته وجاء أيضًا في ابن أبي شيبة في المُصنّف أنّه كان يقوم من اللّيل حتّى إنّ امرأته كانَت تقعد خلفه تبكي شفقةً عليه من طول قيامِهِ.

    وجاء أيضًا في ترجمته أنّه حجّ فما نام إلاّ ساجدًا كان يغفُو في سجودِهِ.

    وهكذا صفوان بن سُليمَة المدني –رحمه الله- جاء في ترجمته أنّه لو قيلَ لكَ: إنّكَ تموت غدًا ما استطاع أن يزيد على ما كان يعمل من شيءٍ.

    وجاء هذا في ترجمةِ منصور بن المعتمر، وجاء هذا في ترجمةِ كثيرٍ من أئمّة السُّنّة.


    فالسُّنّة والتِزامُها بحقٍّ وحقيقة إنّما هُوَ يُقرِّبك من الله جلّ وعلا، فمن صَدَقَ الله صَدَقه الله جلّ وعزّ.

    وأيضًا: أُنبِّه أيّها الإخوة إلى أمرٍ مُهمّ وثانٍ وأختمُ به؛ وقد نبّه الشّيخ –وفّقه الله- إليهِ من أنّ المرء يجبُ أن يعتَنِيَ بمعرفة الاعتقاد الصّحيح بأدلّتِهِ وأنّ ردّ الباطل يأتِي ويظهَر إذا ما أتقَنَ العبدُ هذا الاعتقاد الصّحيح.

    الإشكال: أنّ كثيرًا من الطّلبة خرّاج ولاّجٌ في الفِتَن ولمّا يضبط ما أشار إليه الشّيخ ومن الاعتقاد الصّحيح.

    بل الأدهَى من هذا: أنّ كثيرًا من الطّلبة –أصلحهم الله- يعنِي: همّه ينقُلُ شُبَه أهل البدع بالمجّان؛ همّه: كيفَ الجواب؟ كيفَ كذا؟ لم يُتْقِن لم يضبِط العلمَ الصّحيح وبالتّالي يتلقّف من هذا ويتلقّف من هذا ويأخُذ من ذاك.

    وقد نبّهتُ إذا ما تذكرون في لقاءٍ مضى في مسجد ذي النّورَيْن وذكّرت بجملةٍ من طرائق أهل الأهواء والبدع في صرفِ طلبة العلم والسُّنّة عن ماذا؟ عن طريق الحقِّ، وذكّرت بجملة ومن ذلك: نبّهتُ عن هذه المسألة.

    فالشُّبَه خطّافة والقلوب ضعيفة، قال شيخ الإسلام –رحمه الله-:(في المؤمنين من يستجيبُ للمنافقِينَ)، قال الله جلّ وعلا:﴿وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ.

    فيَجِبُ الحذَر وضبطُ العلمِ على أشياخِ السُّنّة، فهذا السّمعُ أمانَة لا يجوز أن تُعيرَه كلّ أحدٍ، السّمع أمانة كما أنّ النظّر أمانة كما...إلخ لا يجوز لكَ أن تنظُرَ في ما لا يجوز لك ولا يحلّ، ولا يجوز لكَ أن تتكلّم في ما لا يجوز لكَ أن تتكلَّم، ولا أن تمشي إلى ما لا يجوز لكَ أن تمشي إليهِ، وهكذا كذلك لا يجوز لكَ أن تُعِيرَ السّمع –هآه- كما أنّه يحرُم عليكَ سماع الأغاني وو...إلى آخره، كذاك سماع كلام أهل الأهواء وشيوخ الباطل.

    فيَجِبُ أن تُعيرَ هذا السّمع أهلَ العلمِ المعروف المشهود لهم بالاستقامة والسّلامةِ، بِعِبارَةٍ أخرى: أهل السُّنّة المحضة، فإنّ هذا من نعمةِ الله على العبدِ –هآه- والشّابّ إذا تمسّك أن يُهدَى إلى إيش؟ صاحب سُنّة.

    نسأل الله جلّ وعلا أن يُبارَك لنا ولكُم في الأعمال والأعمار والأوقات، وأن ينفعنا بما سمعنا من الشّيخ –وفّقه الله-.

    وصلّى الله وسلّم وباركَ على رسول الله وآلِهِ وصحبِهِ وسلّم.

    وللاستماع إلى الدّروس المباشرة والمُسجّلة والمزيد من الصّوتيّات يُرْجَى زيارة موقع ميراث الأنبياء على الرّابط:
    miraath.net وجزاكُمُ الله خيرًا.




    وفرّغه:/ أبو عبد الرحمن أسامة
    20 / صفر / 1434هـ



    ولمن أراد الاطّلاع على تفريغ اللِّقاء الأوّل من اللِّقاءات السّلفيّة بالمدينة النّبويّة فَلْيَتفضّل على هذا الرّابط:
    http://www.sahab.net...howtopic=129986


    وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


  • #2
    رد: ۞ اللقاء الثالث من اللقاءات السلفية بالمدينة النبوية ۞ بمشاركة الشيخين محمد المدخلي وعبد الله البخاري

    لتحميل تفريغ منسقا من المرفقات
    الملفات المرفقة

    تعليق


    • #3
      رد: ۞ اللقاء الثالث من اللقاءات السلفية بالمدينة النبوية ۞ بمشاركة الشيخين محمد المدخلي وعبد الله البخاري

      جزاكما الله خيرا

      إذا كان بوسعك أخي أسامة أن تضيف اللقاءات الأخرى وفق النسق الذي قدمت به موضوعك هذا بارك الله فيك.

      بارك الله فيك.

      تعليق


      • #4
        رد: ۞ اللقاء الثالث من اللقاءات السلفية بالمدينة النبوية ۞ بمشاركة الشيخين محمد المدخلي وعبد الله البخاري

        المشاركة الأصلية بواسطة أبو عائشة عبد الرحمن المغربي مشاهدة المشاركة
        جزاكما الله خيرا

        إذا كان بوسعك أخي أسامة أن تضيف اللقاءات الأخرى وفق النسق الذي قدمت به موضوعك هذا بارك الله فيك.

        بارك الله فيك.
        وقد أحسنت أخي أسامة ـ جزاك الله خيرا ـ وضع النص المفرغ لفائدة القراء و الباحثين.
        تم نشره في تويتر ـ وفقك الله ورعاك ـ
        كتبه أخوكم شـرف الدين بن امحمد بن بـوزيان تيـغزة

        يقول الشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله في رسالته - عوائق الطلب -(فـيا من آنس من نفسه علامة النبوغ والذكاء لا تبغ عن العلم بدلا ، ولا تشتغل بسواه أبدا ، فإن أبيت فأجبر الله عزاءك في نفسك،وأعظم أجر المسلمين فـيك،مــا أشد خسارتك،وأعظم مصيبتك)

        تعليق

        يعمل...
        X