فوائد جمة في عظم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].
قال السفاريني: " ؟كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ قيل: اتفق المفسرون أن ذلك في الصحابة، لكن الخلاف في التفاسير مشهور ورجح كثير عمومها في أمة محمد صلى الله عليه وسلم"
لوامع الأنوار البهية للسفاريني (2/377)
قال أبو هريرة رضي الله عنه في قوله: ´؟كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ قال: (خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام)
أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن باب كنتم خير أمة أخرجت للناس (4557
قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} [آل عمران: 104].
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (( والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة، كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بُعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، كما قال في الآية الأخرى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } أي: خياراً، { لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } .
وقد لُعن من لعن من بني إسرائيل على ألسنة أنبيائهم لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال عزَّ وجلَّ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون} [المائدة: 78 ـ 79].
أمر الله عزَّ وجلَّ في هذه الآية بأن يكون في بلاد المسلمين طوائف منهم يدعون إلى الخير ويبصرون بطريق الحق والهدى، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وهذا التصدي من هذه الطوائف للقيام بالدعوة إلى الخير هو من فروض الكفايات، وعلى كل مسلم القيام بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب قدرته وطاقته، كما جاء ذلك مبيناً في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقول: (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان )) رواه مسلم (177)
المصدر سحاب
قال القرطبي في تفسيره :
" إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانا واجبين في الأمم المتقدمة وهما فائدة الرسالة وخلافة النبوة ".
ـ فهما ـ أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ من أجل العبادات ، فلم يهتم بهما العوام لعدم معرفتهم بهما ، بل ضعف الاهتمام بهما من قبل طلبة العلم ، ولو علم العوام بحكمهما وأنهما من العبادات لحصل خير كثير ، حيث تجد بعضهم التمسك الشديد ببعض السنن ودعوتهم للعمل بها واعتزازهم بالقيام بها مع ترك الناس لها ، وذلك بسبب قناعتهم ومعرفتهم بحكمها الشرعي وأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ـ وذلك كعبادة صيام النفل كل اثنين وخميس ـ
فما بالك لو علموا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بفروض الكفاية وأنها واجبة بدلالة الكتاب والسنة ، وأن المسلمين إذا تركوا القيام بها أثموا ؟!
ـ إنكار المنكر بالقلب واجب عيني لا عذر لمن تركه:
فيجب الانكار بالقلب ، فلا يتصور عجزه ، والحديث يدل على وجوبه بالقلب مطلقا .. ويجب الانكار باللسان بالنصح والبيان والتعليم وسائر ما يتعلق به ..
ـ قيل لابن مسعود : من ميت الأحياء؟ قال: الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا.
قال ابن تيمية رحمه الله :
وولي الأمر إنما نُصِّبَ ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وهذا هو مقصود الولاية.
ـ والمحتسب المتطوع هو الذي يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لله بلا أجر ( أي وظيفة).
ـ وعلى منكر المنكر أن يضبط نفسه ويتحكم في هواه :
فقد يبدأ المحتسب مخلصا لله ، ثم يرد صاحب المنكر بما يثير ويحرك شيطان المحتسب ، فيتشدد بالانكار انتصارا لنفسه ...
وكذلك أن يقدّر أن المنكِر عليه استهزأ به وسبّه وشتمه ، فجاء إنسان فقام مقامه في ذلك وزال ذلك المنكر ... هل كان ذلك يسرّه أم لا بد أنه هو الذي يزيله ؟
ـ قال ابن تيمية- رحمه الله -:
وهذه حال كثير من المتدينين ; يتركون ما يجب عليهم من أمر ونهي وجهاد يكون به الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا ; وإنما الواجب عليهم القيام بالواجب من الأمر والنهي وترك المحظور ، والاستعانة بالله على الأمرين ..ا. هـ .
ـ وكل من ارتكب منكرا فهو في حكم المتعدي على أمن المجتمع بأسره لأنه خارق للسفينة ، ولهم الحق في منعه ..
ـ والناهي عن المنكر يقوم بفعله تعبدا لله رب العالمين ويطلب الثواب من الله سبحانه وتعالى .
ـ قال النووي رحمه الله :
فإن كان من الواجبات الظاهرة ، والمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها ، فكل المسلمين علماء بها ،
وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخل فيه ، ولا لهم إنكاره ، بل ذلك للعلماء . ا . هـ .
ـ والعلماء لم يخطر ببالهم أنه سيأتي زمان ترتكب فيه المنكرات والموبقات ، ويترك المعلوم من الدين بالضرورة ... فتكلموا على زمانهم حيث كانت المنكرات يسيرة ... وماذا سيقولون لو رأوا ما عليه أهل زماننا ؟
ـ قال الشوكاني رحمه الله :
" لا إنكار في مسائل الخلاف - قد صارت أعظم ذريعة إلى سدّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد وجب بإيجاب الله عز وجل، وبإيجاب رسوله صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة، الأمر بما هو معروف من معروفات الشرع، والنهي عما هو منكر من منكراته:
ومعيار ذلك الكتاب والسنة، فعلى كل مسلم أن يأمر بما وجده فيهما أو في أحدهما معروفاً، وينهى عما هو فيهما أو في أحدهما منكراً.
وإن قال قائل من أهل العلم بما يخالف ذلك، فقوله منكر يجب إنكاره عليه أولاً، ثم على العامل به ثانياً.
وهذه الشريعة الشريفة التي أُمِرْنا بالأمر بمعروفها، والنهي عن منكرها، هي هذه الموجودة في الكتاب والسنة"
قال السفاريني: " ؟كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ قيل: اتفق المفسرون أن ذلك في الصحابة، لكن الخلاف في التفاسير مشهور ورجح كثير عمومها في أمة محمد صلى الله عليه وسلم"
لوامع الأنوار البهية للسفاريني (2/377)
قال أبو هريرة رضي الله عنه في قوله: ´؟كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ قال: (خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام)
أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن باب كنتم خير أمة أخرجت للناس (4557
قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} [آل عمران: 104].
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (( والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة، كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بُعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، كما قال في الآية الأخرى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } أي: خياراً، { لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } .
وقد لُعن من لعن من بني إسرائيل على ألسنة أنبيائهم لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال عزَّ وجلَّ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون} [المائدة: 78 ـ 79].
أمر الله عزَّ وجلَّ في هذه الآية بأن يكون في بلاد المسلمين طوائف منهم يدعون إلى الخير ويبصرون بطريق الحق والهدى، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وهذا التصدي من هذه الطوائف للقيام بالدعوة إلى الخير هو من فروض الكفايات، وعلى كل مسلم القيام بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب قدرته وطاقته، كما جاء ذلك مبيناً في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقول: (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان )) رواه مسلم (177)
المصدر سحاب
قال القرطبي في تفسيره :
" إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانا واجبين في الأمم المتقدمة وهما فائدة الرسالة وخلافة النبوة ".
ـ فهما ـ أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ من أجل العبادات ، فلم يهتم بهما العوام لعدم معرفتهم بهما ، بل ضعف الاهتمام بهما من قبل طلبة العلم ، ولو علم العوام بحكمهما وأنهما من العبادات لحصل خير كثير ، حيث تجد بعضهم التمسك الشديد ببعض السنن ودعوتهم للعمل بها واعتزازهم بالقيام بها مع ترك الناس لها ، وذلك بسبب قناعتهم ومعرفتهم بحكمها الشرعي وأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ـ وذلك كعبادة صيام النفل كل اثنين وخميس ـ
فما بالك لو علموا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بفروض الكفاية وأنها واجبة بدلالة الكتاب والسنة ، وأن المسلمين إذا تركوا القيام بها أثموا ؟!
ـ إنكار المنكر بالقلب واجب عيني لا عذر لمن تركه:
فيجب الانكار بالقلب ، فلا يتصور عجزه ، والحديث يدل على وجوبه بالقلب مطلقا .. ويجب الانكار باللسان بالنصح والبيان والتعليم وسائر ما يتعلق به ..
ـ قيل لابن مسعود : من ميت الأحياء؟ قال: الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا.
قال ابن تيمية رحمه الله :
وولي الأمر إنما نُصِّبَ ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وهذا هو مقصود الولاية.
ـ والمحتسب المتطوع هو الذي يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لله بلا أجر ( أي وظيفة).
ـ وعلى منكر المنكر أن يضبط نفسه ويتحكم في هواه :
فقد يبدأ المحتسب مخلصا لله ، ثم يرد صاحب المنكر بما يثير ويحرك شيطان المحتسب ، فيتشدد بالانكار انتصارا لنفسه ...
وكذلك أن يقدّر أن المنكِر عليه استهزأ به وسبّه وشتمه ، فجاء إنسان فقام مقامه في ذلك وزال ذلك المنكر ... هل كان ذلك يسرّه أم لا بد أنه هو الذي يزيله ؟
ـ قال ابن تيمية- رحمه الله -:
وهذه حال كثير من المتدينين ; يتركون ما يجب عليهم من أمر ونهي وجهاد يكون به الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا ; وإنما الواجب عليهم القيام بالواجب من الأمر والنهي وترك المحظور ، والاستعانة بالله على الأمرين ..ا. هـ .
ـ وكل من ارتكب منكرا فهو في حكم المتعدي على أمن المجتمع بأسره لأنه خارق للسفينة ، ولهم الحق في منعه ..
ـ والناهي عن المنكر يقوم بفعله تعبدا لله رب العالمين ويطلب الثواب من الله سبحانه وتعالى .
ـ قال النووي رحمه الله :
فإن كان من الواجبات الظاهرة ، والمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها ، فكل المسلمين علماء بها ،
وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخل فيه ، ولا لهم إنكاره ، بل ذلك للعلماء . ا . هـ .
ـ والعلماء لم يخطر ببالهم أنه سيأتي زمان ترتكب فيه المنكرات والموبقات ، ويترك المعلوم من الدين بالضرورة ... فتكلموا على زمانهم حيث كانت المنكرات يسيرة ... وماذا سيقولون لو رأوا ما عليه أهل زماننا ؟
ـ قال الشوكاني رحمه الله :
" لا إنكار في مسائل الخلاف - قد صارت أعظم ذريعة إلى سدّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد وجب بإيجاب الله عز وجل، وبإيجاب رسوله صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة، الأمر بما هو معروف من معروفات الشرع، والنهي عما هو منكر من منكراته:
ومعيار ذلك الكتاب والسنة، فعلى كل مسلم أن يأمر بما وجده فيهما أو في أحدهما معروفاً، وينهى عما هو فيهما أو في أحدهما منكراً.
وإن قال قائل من أهل العلم بما يخالف ذلك، فقوله منكر يجب إنكاره عليه أولاً، ثم على العامل به ثانياً.
وهذه الشريعة الشريفة التي أُمِرْنا بالأمر بمعروفها، والنهي عن منكرها، هي هذه الموجودة في الكتاب والسنة"
اترك تعليق: