فوائد جليلة
في تفسير {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْــــطَـــــانُ إِلَّا غُرُورًا } سورة النساء 120
في تفسير {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْــــطَـــــانُ إِلَّا غُرُورًا } سورة النساء 120
يَعِدُهُمْ :ما لا ينجزه..
يُمَنِّيهِمْ:مالا ينالون.
وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ،و هو إظهار النفع فيما فيه الضرر،
و هذا الوعد أما بالخواطر الفاسدة أو بلسان أوليائه .
قوله مالاينجزه و مالا ينالون:
إشارة الى أن المفعول الثانى للوعد ، و التمنية محذوف للعلم به و هو مالا ينجزه ،
نحو طول العمر ، و العاقبة ،و نيل لذائذُ الدنيا من الجاه و المال و قضاء شهوات النفس .
و ما لا ينالون نحو لا بعث، و لا حساب، و لا جزآء و نيل المثوبات الأخروية من غير عمل.
قولهو هو إظهار النفع فيما فيه الضرر :
يعنى أن الغرور مصدر غر .
يغرّ: بمعنى خدعة، فيكون معناه إظهار ما يستحسن ظاهره و يحصل الندم عند انكشاف حقيقة الحال فيه .
و غرورا في الآية:
منصوب على أنه مفعول له، أي ما يعدهم لشئ ، إلا لإجل أن يغرهم بوعده .فإن الشيطان يزين لهم المعاصي ،و اتباع الشهوات ، و يوهمهم التمكن من التوبة ؛ بناء على طول العمر ،و العاقبة لمن أغتر بوعده ،و فتح باب إتباع الحظوظ العاجلة ،و اللذائذ الفانية. أستحكم فيه خصلتان -الحرص و طول الأمل -و من أشتد حرصه على الشئ ،لم يأت له أن يصل إليه الا بمعصية الله ، و إيذاء خلق الله ، و لا يبالى بشئ منهما ، و لا يتركهما طوعاً، و رغبة ؛
و من أطال أمله نسى الآخرة ، و أستغرق في طلب الدنيا ، و تحصيل طيباتها فلا يكاد يؤثر فيه الزواجر ، و المواعظ فيصير قلبه كالحجارة أو اشدّ قسوة .
و من فطره الله تعالى مستعداً لإدراك الحق، و قبوله، و إتباعه فاغتر بوعد الشيطان ،و من أطاعه ..فقد غير فطرة قلبه ،و استحق سخط ربه الأليم عذابه ، فظهر أن ما ،
وعده الشيطان ،و ألقاه إليه، و إن كان ظاهره مستحسنا لذيذاً ..الا أن عاقبته ضرر عظيم و هذا معنى : ( الغرور)".
و أعلم أن العمدة في آغواء الشيطان ،أن يزين له زخارف الدنيا ، و يلقى الأمانى في قلب الانسان، مثل أن يلقى في قلبه ،أنه سيطول عمره، و ينال من الدنيا أمله ، و مقصوده،
و يستولى على أعدآئه ،و سيحصل له ما تيسر لأرباب المناصب، و الأموال ،و كل ذلك "غرور"لأنه ، ربما لا يطول عمره ، و إن طال، فربما لا ينال أمله ،و مطلوبه، و إن طال عمره، و وجد مطلوبه على أحسن الوجوه .فلابد أن يفارقه بالموت... فيقع في أعظم أنواع الغم و الحسرة. فإن تعلق القلب بالمحبوب كلما كان أشد ،و أقوى، و كانت مفارقته اعظم تأثيرا في حصول الغم، و الحسرة .فنبه سبحانه و تعالى على أن الشيطان إنما يعد ،و يمنى لأجل أن يغتر الإنسان و يخدعه ،و يفوّت عنه أعز المطالب ،و أنفع المآرب. فالعاقل من لا يتبع وساوس الشيطان، و لا يبتغى الا رضى الرحمن بالتمسك بكتابه العظيم، و سنة رسوله الكريم ،و العمل بهما.. ليفوز فوزا عظيما .وكفى بذلك نصيحة .
المصدر كتاب :
المصدر كتاب :
(حاشية محي الدين شيخ زاده على تفسير القاضي البيضاوي)
ملحوظة: الكتاب بحواشيه لا يسلم من ملحوظات عقدية فلينتبه لها ، ثم إن البيضاوي يورد الأحاديث الموضوعة في فضائل السور ولا ينبه على وضعها

اترك تعليق: